إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

Collapse
This topic is closed.
X
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • محمد الانصاري
    MyHumanity First
    • 22-11-2008
    • 5048

    الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

    عندما يرمقني الأعور بنظره

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وآله الطاهرين الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
    سنين وقائم آل محمد المهدي الأول السيد أحمد الحسن (عليه السلام) يوجه نداءه عبر بيانات صوتية وكتابية لأهل الأرض جميعاً لإقامة الحجة عليهم بكتبهم التي يعتقدون بها، وأعوام خلت على دعوته لكبار علماء المسلمين لمناظرتهم بكتاب الله إن كانوا يفقهون من دين الله شيئاً، ولكنه - روحي فداه - كأنه يكلم موتى وجثثاً هامدة، لها أفئدة ولكن لا تعقل بها وآذان لا تسمع بها وعيون لا تبصر بها.
    وبعد إحجام الجميع عن قبول دعوته تلك، باشر بالكتابة في أهم ما يتصل بالعقيدة والدين ليس آخرها كتابه (التوحيد) الذي يمثل العقيدة التوحيدية الحقة إضافة إلى إجابته على مئات المتشابهات في القرآن ودين الله وبيانه لسير الأنبياء والمرسلين والمفاهيم الإلهية المرتبطة بالإسلام، دين جده رسول الله (صلى الله عليه وآله).
    وبدل الإصغاء إلى دليله الذي أتى به الناس محتجاً - كما هو المطلوب، قال تعالى: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) - أعلن مراجع الشيعة وأشياعهم حربهم عليه بلا هوادة ففعلوا ما فعلوا من جرائم لست بصدد بيانها الآن. نعم، رضخوا أخيراً أمام انتشار دعوته الإلهية فاستخدموا مكراً آخر إذ راحوا يرسلون مرتزقتهم من أنصاف المتعلمين للطعن والتجريح واستعمال الأساليب الرخيصة في ميدان البحث العلمي والمناظرات المحترمة.
    من الجانب الآخر، لا تكاد الصورة تختلف من قبل الوهابيين تحديداً، فبعد رفض الكبار قبول المنازلة العلمية وجهاً لوجه، صارت الأنصاف المستحمرة مطية الاختبار والرد ولو برعونة مخجلة وأساليب تندى لها البشر.
    واليوم، استوقفني رد قام به أحد الوهابيين - التابعين لعثمان الخميس - أخيراً على كتاب استصدره أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) ضمن كتب الدعوة اليمانية المباركة، أعني (مع العبد الصالح)، وكان الكتاب المبارك عبارة عن حوار أجراه أحد أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) مع الإمام أحمد الحسن (عليه السلام) في معارف إلهية شتى ترتبط بالقرآن وروايات أهل البيت (عليهم السلام) وغير ذلك.
    ولأنّ فيه من إحكام ما تشابه على الكثير ممن يدعي علماً ومعرفة فضلاً عن أتباعهم فقد أذِن (عليه السلام) لمن كان طرفاً في الحوار أن يستجمعه للإصدار لأجل تعميم الفائدة، ورأى المحاور ضرورة التقديم على أجوبته أو التعقيب بعدها لأجل استكمال إيضاح الفكرة حسب وجهة نظره، فكان الكتاب بقلم (أبو حسن)، وكان الرجل حريصاً على فصل السؤال عن الإجابة وإفراد التصدير والتعليق الواقع قبل وبعد الأجوبة، ولم يكن الفصل على مستوى وضوح العبارة فقط بل حتى على مستوى لون خط أجوبة الإمام (عليه السلام) فكان الأخضر وما للكاتب وكان باللون الأسود، ويبدو لي أن "عوران الوهابية" باتوا فاقدين للتمييز في الألوان فضلاً عن تمحيص المفاهيم الدينية لتمييز الحقيقي منها عن الدخيل المبتدع.
    (الرد الشافي على احمد الحسن اليماني لكتابه "مع العبد الصالح") لكاتبه: (ما يهزك ريح)، هذا هو عنوان الرد لمشرف قسم اليماني الموعود بدعة المسلمين في موقع (المنهج) العائد للشيخ الوهابي عثمان الخميس. وهذا رابط الرد بالكامل:
    وسيكون لي بإذن الله وقفة علمية مع فقرات الرد المزعوم، خصوصاً وهو منشور في موقع عثمان الرسمي، فيبدو لي أنه مقتنع بفعل تلميذه ومشرف موقعه، ومضارباً في بضاعته الفاسدة.
    وبرغم سفاهة ما أتى به الراد وابتعاده عن الموضوعية في الطرح، ولست مجازفاً إن قلت إن شيوخه ورطوه بما لا علم له - ولا هم حتى - فيه، ولكنه في نهاية الأمر باب فتحه الله لأنصاره - جعلنا الله منهم - لفضح الباطل والدفاع عن الحق وأهله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين. والحمد لله رب العالمين.
    أبو حسن - 2 ربيع الثاني / 1432



    ---


    ---


    ---

  • محمد الانصاري
    MyHumanity First
    • 22-11-2008
    • 5048

    #2
    رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

    1. عقدة (الرفض) ومخالفة شريعة محمد (صلى الله عليه وآله)
    قال صاحب الرد في تقديمه لبحثه:
    (إن القلب ليتقطع أسفا عل ما حال به الروافض (كذا ورد، والعبارة لا شك أنها عوراء كصاحبها) من التفرق والتشتيت واللعان فيما بينهم).
    أقول: يبدو أن (الرفض) سبَّب لهم عقدة كبيرة، لم يكن آخرها مخالفة سنة وسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصحيحة - باعترافهم - في التختم وتسطيح القبور وكيفية لبس العمة والصلاة على غير النبي وغيرها، الشاهدة على استرخاص الابتداع في دين الله فراراً من التشبه بالروافض المستنين بسنة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ؟!!
    أخرج مسلم في صحيحه: (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لبس خاتم فضة في يمينه فيه فص حبشي كان يجعل فصه مما يلي كفه) صحيح مسلم: ج2 ص152. وقد صح ذلك عندهم بعشرات الأحاديث. إلا أن الكثير من سلفهم تختموا بالشمال كابن عمر، بل أورد بعض علمائهم أنّ أول من تختم بها هو ابن هند معاوية ابن أبي سفيان. ذكر ذلك الزمخشري في ربيع الأبرار: باب 75.
    وبرغم أنهم حاولوا تبرير سيرة سلفهم ممن تختموا بالشمال بروايات، لكنها في حقيقة الأمر لم تكن داعيهم لذلك، فلنعرض إذن بعض كلمات كبار علمائهم في هذه المسألة لاستجلاء الحقيقة:
    قال محمد ناصر الألباني تعقيباً على من نقل أنّ (المحفوظ أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يختتم في يساره)، قال: (وأنا أظن أن هذا قاله في خصوص حديث معين. وإلا فالحديث تختمه (صلى الله عليه وسلم) في يمينه أصح وأكثر، وبعضها في الصحيحين كما يأتي .. والراجح عندي جواز الأمرين، والأفضل التختم باليمين. والله أعلم) إرواء الغليل: ج3 ص299.
    وهو رغم اعترافه بأنّ التختم باليمين هو الأصح والأكثر، لكن الألباني هذا كان يفتقد الجرأة للإفصاح عن سبب عدول سلفه وأكثر من هم على طريقته عن هذا (الأفضل)، في حين أن غيره أعلن عن السبب صريحاً.
    قال النووي في المجموع: (الصحيح المشهور أنه في اليمين أفضل؛ لأنه زينة، واليمين أشرف، وقال صاحب الإبانة: في اليسار أفضل؛ لأنّ اليمين صار شعار الروافض، فربما نسب إليهم - هذا كلامه - ، وتابعه عليه صاحبا التتمة والبيان) المجموع: ج4 ص462.
    وقال الحافظ ابن عبد البر: (.. قد كان التختم في اليمين مباحاً حسناً لأنه قد تختم به جماعة من السلف في اليمين كما تختم منهم جماعة في الشمال، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم الوجهان جميعاً، فلما غلبت الروافض على التختم في اليمين ولم يخلطوا به غيره كرهه العلماء منابذة لهم وكراهية للتشبه بهم لا أنه حرام ولا أنه مكروه وبالله التوفيق) التمهيد: ج6 ص80.
    وعن تسطيح القبور وتسويتها أخرج مسلم في صحيحه عن أبي الهياج الأسدي، قال: (قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سوّيته) صحيح مسلم: ج3 ص61. هذه سنة النبي الأكرم، ولكن:
    قال الغزالي: (إن تسطيح القبور هو المشروع، ولكن لما جعلته الرافضة شعاراً لها، عدلنا عنه إلى التسنيم).
    وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن الدمشقي في كتاب (رحمة الأمة في اختلاف الأئمة): (السنة في القبر التسطيح، وهو أولى على الراجح من مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: التسنيم أولى؛ لأن التسطيح صار شعاراً للشيعة) هامش الميزان – الشعراني: ج1 ص88.
    وعن إسدال العمة، قال الحافظ العراقي في بيان كيفيتها: (فهل المشروع إرخاؤه من الجانب الأيسر كما هو المعتاد أو الأيمن لشرفه ؟ لم أر ما يدل على تعيين الأيمن إلا في حديث ضعيف عند الطبراني، وبتقدير ثبوته فلعله كان يرخيها من الجانب الأيمن ثم يردها إلى الجانب الأيسر كما يفعله بعضهم، إلا أنه صار شعاراً للإمامية فينبغي تجنبه لترك التشبه به) شرح المواهب – الزرقاني: ج5 ص13.
    وعن السلام على غير النبي، قال ابن حجر في فتح الباري: (اختلف في السلام على غير الأنبياء بعد الاتفاق على مشروعيته في تحية الحي، فقيل: يشرع مطلقاً، وقيل: بل تبعاً، ولا يفرد لواحد لكونه صار شعاراً للرافضة) فتح الباري: ج11 ص142.
    وقال الزمخشري في الكشاف: (القياس جواز الصلاة على كل مؤمن لقوله تعالى (هو الذي يصلي عليكم) وقوله تعالى (وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم) وقوله صلى الله عليه وسلم: اللهم صل على آل أبي أوفى. ولكن للعلماء تفصيلاً في ذلك، وهو أنها إن كانت على سبيل التبع كقولك: (صلى الله على النبي وآله) فلا كلام فيها، وأما إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة كما يفرد هو فمكروه، لأن ذلك صار شعاراً لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنه يؤدي إلى الاتهام بالرفض) الكشاف: ج3 ص246.
    وبعضهم ترك التكبير على الميت خمساً لأن الرافضة - بزعمه - تفعل ذلك !!! قال عبد الله المغربي المالكي في كتابه (المعلم بفوائد مسلم): (إن زيداً كبر خمساً على جنازة، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها. وهذا المذهب الآن متروك، لأنه صار علماً على القول بالرفض).
    بقي عليهم فقط التصريح باختيار غير الإسلام ديناً لأنه مدعاة للتشبه بالرافضة أيضاً !!
    ولا أعتقد إني بحاجة إلى الإكثار من النقل في هذا الموضوع بعد تصريح ابن تيمية الآتي، إذ يوجز القضية فيقول: (ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعاراً لهم، فإنه وإن لم يكن الترك واجباً لذلك لكن في إظهار ذلك مشابهة لهم فلا تميز السني من الرافضي) منهاج السنة: ج2 ص143.
    والنصوص الأخيرة واضحة في أن التشريع عند هؤلاء ملاكه عقدة الحنق والحقد على (الرافضة)، وصف أهل الحق المستنين بسنة محمد (صلى الله عليه وآله) الحقيقية. وإذا كان التشريع عندهم يستند إلى هكذا ملاكات من (الأهواء والعقد الرخيصة) فليس غريباً بعده - خصوصاً إذا ما ضممنا له اجتهاد فقهاء من يدعي التشيع بالعقول والآراء والتخرصات - رؤية غربة الإسلام المحمدي الأصيل كما أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله).
    يتبع ...

    ---


    ---


    ---

    Comment

    • محمد الانصاري
      MyHumanity First
      • 22-11-2008
      • 5048

      #3
      رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

      2. لو كان (من الله سبحانه) لما وجدنا فيه اختلافاً :

      قال تعالى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا)، هذه حقيقة تعكس بكل وضوح أنّ كل اختلاف في دين الناس ليس من الدين الإلهي بالضرورة، فالحق واحد ولا يتعدد مهما راوغ رجال الدين من أي طائفة كانوا إخفاء هذه الحقيقة.
      إنّ من غير الخفي على الجميع ما يعاني منه المسلمون من تشرذم وتمزق وفرقة، ومن يدعي التشيع منهم والتسنن في ذلك سواء، والحال واضح للجميع؛ قريب الأمة وبعيدها، صحيح العين وأعورها، ولا يجادل في ذلك إلا مكابر.
      ولست بمتفاجئ من هذه النتيجة المرة التي انتهى لها المسلمون اليوم بل منذ زمن خلا، والتي تعني تغريب إسلام محمد (صلى الله عليه واله) عن واقع حياة المسلم، كيف وهو روحي فداه القائل: (إن الإسلام بدا غريباً وسيعود غريباً كما بدا فطوبى للغرباء) بحار الأنوار: ج8 ص12، مسند أحمد: ج1 ص398.
      فتغريب الأمة لإسلام نبيها وعد قطعه (صلى الله عليه وآله)، تماماً كوعده بامتلاء الأرض ظلماً وجوراً وفساداً ومجيء ولده المهدي (عليه السلام) الذي يصلح ما أفسده الظالمون الجائرون المفسدون أياً كانت هوية انتمائهم.
      ولست الآن بصدد استقصاء عوامل الانتهاء إلى هذه النتيجة المخزية لمن يدعي الإسلام، فبكل تأكيد كان لمرجعيات السوء التي أُريد لها الإمساك بزمام الدين - عند الطرفين - الدور الأساس في الانحراف والتفرق والضياع.
      إنّ حال الطرفين - بنظري - هو حال امرأتين مجنونتين تم وضعهما في حلبة للسباق ليغزلا غزلاً، ومن حولهما جمهور مخدَّر يميل حسب ليله وليلاه، ورغم أنه يصفق بحرارة أحياناً عند الإفاقة إلا أنه سرعان ما يعود لسباته العميق، وعند اقتراب انتهاء اللعبة بعد وقت طويل صارت تهمش إحداهما غزل الأخرى وتنقضه في معرض مسرحي مخجل !!
      هذا هو الحال باختصار ولم يشذ منه أحد من المقلدين لفقهاء السوء، وعليه:
      فقول صاحب الرد "الوهابي": (إن الروافض اليوم تفرقوا إلى فرق لا تحصى! وهذا إن دل فإنما يدل على أن هذا الدين ليس من عند الله: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا سورة النساء: 82).
      نلاحظ عليه:
      1- إن ما ذكره من تفرق في غيره (أقصد شيعة المراجع) أمر صحيح، رغم كذبه أو شططه في دعواه بعدم إحصاء عدد الفرق، فمن المعلوم أنّ الاتزان في النقد أمر مطلوب والخفة صفة الطائش. كما أنّ الحد الأوسط الذي أقامه دليلاً على إثبات أنه من عند غير الله صحيح أيضاً، ولكن غفل هذا "الوهابي" أنّ حاله ليس بأفضل ممن رام التنشيع عليهم، فهو كما هم - أعني شيعة المراجع - في الضلال سواء، بعد ابتعادهم جميعاً عن الصراط السوي وانتهاجهم أخذ الدين من أفواه رجال لم ينصبهم الله أئمة على خلقه، وقد جعلوهم طرائق قدداً، بل صيروهم نهبة الطالب وطعمة الناهب.
      2- إنّ تعدد مذاهب أهل السنة وفرقهم الفقهية منها والعقائدية ليس بخاف على أقلّ متتبع باحث فمن حنبلية ومالكية وشافعية وحنفية في الفقه وأضيف لها أخيراً الوهابية (السلفية)، إلى أشاعرة ومعتزلة وصوفية وماتريدية ومجسمة (أعني سلفية وهابية) وغيرها في العقيدة، وهكذا. أما كثرة مرجعياتهم القائمة حالياً واختلافاتها في مستويات عدة فهو ما تصرخ به المدونات في وسائل الإعلام المختلفة المقروءة منها والمسموعة والمكتوبة.
      بل إن من ينتسب إليهم صاحب الرد (أعني الوهابية) لا تعدو أن تكون فرقة مبتدعة وطالما كانت عرضة للنقد اللاذع، ودونك قائمة بأسماء بعض من تعرضوا لها من السنة:
      1. سليمان بن عبد الوهاب الحنبلي أخو محمد بن عبد الوهاب في كتابه "الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية".
      2. أحمد زيني دحلان مفتي الشافعية في مكة في كتبه "فتنة الوهابية" و"الدرر السنية في الرد على الوهابية"، يقول: (وألّف لهم - ابن عبد الوهاب - في ذلك رسائل حتى اعتقدوا كفر أكثر أهل التوحيد) فتنة الوهابية: ص4.
      3. ابن عابدين الحنفي في "ردّ المحتار رد المحتار على الدر المختار" حيث يقول في كتاب البغاة ما نصّه: (مطلب "في أتباع ابن عبد الوهاب الخوارج في زماننا": قوله: "ويكفرون أصحاب نبينا (صلّى الله عليه وسلّم)" علمت أن هذا غير شرط في مسمى الخوارج، بل هو بيان لمن خرجوا على سيدنا علي رضي الله تعالى عنه، وإلا فيكفي فيهم اعتقادهم كفر من خرجوا عليه، كما وقع في زماننا في أتباع محمد بن عبد الوهاب الذين خرجوا من نجد وتغلّبوا على الحرمين، وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة، لكنهم اعتقدوا أنهم هم المسلمون وأن من خالف اعتقادهم مشركون، واستباحوا بذلك قتل أهل السنّة قتل علمائهم حتى كسر الله شوكتهم وخرب بلادهم وظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث وثلاثين ومائتين وألف) ج4 ص262.
      4. الصاوي المالكي (ت: 1241 هـ) صاحب الحاشية على تفسير الجلالين، إذ يقول: (وقيل هذه الآية نزلت في الخوارج الذين يحرفون تأويل الكتاب والسنة ويستحلون بذلك دماء المسلمين وأموالهم كما هو مشاهد الآن في نظائرهم، وهم فرقة بأرض الحجاز يقال لهم "الوهابية" يحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون, استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون, نسأل الله أن يقطع دابرهم) حاشية الصاوي على تفسير الجلالين: ج5 ص78.
      وقد قام الوهابيون بحذف ما تحته خط من طبعات الكتاب الجديدة سعياً منهم لطمس حقيقة الوليد اللقيط (أعني الفرقة الوهابية)، وإليكم الرابط التالي لتتضح لكم حقيقة التزوير:

      http://www.al-mehdyoon.org/vb/t7744.html
      وكذا البوطي في كتابه "السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي"، وغيرهم الكثير من علماء الأزهر والجوامع الإسلامية الأخرى.

      أما ما قالوه هم - أي الوهابيون - في أكابر علماء أهل السنة ممن سواهم فهذا بعضه:

      1. قال ابن باز في مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد الثامن والعشرون: (ابن حجر والنووي وجماعة آخرون، لهم أشياء غلطوا فيها، ليسوا فيها من أهل السنة، وهم من أهل السنة فيما سلموا فيه ولم يحرفوه هم وأمثالهم ممن غلط). انظر قوله على الرابط التالي: http://www.binbaz.org.sa/mat/4087

      2. وقال محمد بن عبد العزيز الشايع: (يعد - ابن حجر الهيتمي- من حاملي لواء بعض البدع العملية وداعياً إليها) آراء ابن حجر الهيتمي الاعتقادية عرض وتقويم في ضوء عقيدة السلف: ص9.

      3. وقال عبد العزيز بن عبد الله الراجحي على موقع شبكة الإسلام عندما سئل عن عقيدة بعض الشراح الذي يذكرهم ابن حجر فكان الجواب: (هؤلاء ليسوا على مذهب أهل السنة والجماعة؛ لأنهم يؤولون الصفات في الغالب، فمسألة العقيدة إذا تكلموا فيها أو في الصفات فلا يؤخذ عنهم، لكن يستفاد من شرحهم للحديث، كذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله فهو يفسر الصفات على طريقة الأشاعرة في الغالب .. فهؤلاء العلماء لم يوفقوا لمشايخ من أهل السنة والجماعة ينشئونهم على معتقد أهل السنة والجماعة، فاجتهدوا وظنوا أن هذا هو الحق. فلا يؤخذ عن هؤلاء الشراح العقيدة كابن حجر وابن بطال وابن التين وغيرهم).


      4. وقال سفر الحوالي في حديثه عن العقيدة الطحاوية في موقعه الرسمي: (وممن فسرها تفسيراً أشعرياً ابن السبكي في طبقات الشافعية، وهو كتاب عظيم في التراجم وتاريخ العلماء ومؤلفاتهم، ولكنه أشعري متعصب غفر الله لنا وله فهو شديد التعصب).
      أنظره على هذا الرابط: http://alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentID=5113

      5. وقال عبد الله بن عبد الرحمن السعد في مقدمة شرحه للموقظة في ترجمة الذهبي: (وفيما يتعلق أيضاً بالتغليظ على من وقع في الشرك والكفر فكان عنده - أي الذهبي - لين في ذلك كان يجوّز التمسح بالقبر، ولا شك أن هذا باطل ولا يجوز بل هذا من الشرك عافانا الله وإياكم من ذلك).

      6. وقال الوهابي أبو معاذ السلفي في موقع صيد الفوائد عن أحد كبار علماء المالكية: (بالنسبة لمحمد بن علوي فقد كان يخفي الكثير من معتقداته الباطلة حتى اغتر به كثيراً من أهل العلم، حتى فضحه الله والحمد لله).
      أنظره على هذا الرابط: http://saaid.net/feraq/sufyah/sh/1.htm


      وإذا كان حال هذه الزمرة مع علماء أهل السنة ما سمعناه من الوصف بالابتداع والخروج عن مذهب السنة والشرك وبطلان المعتقد، فما بالك بموقفهم من بقية المسلمين من الطوائف الأخرى؟!!

      لذا لم يتورع كبارهم من تكفير كل من سواهم، وهذا مثال من نصوصهم الكثيرة:

      قال ابن تيمية: (وأما المعتزلة فإنهم ينفون الصفات مطلقاً ويثبتون أحكامها وهي ترجع عند أكثرهم إلى أنه عليم قدير، وأما كونه مريداً متكلماً فعندهم أنها صفات حادثة أو إضافية أو عدمية وهم أقرب الناس إلى الصابئين الفلاسفة من الروم ومن سلك سبيلهم من العرب والفرس حيث زعموا أن الصفات كلها ترجع إلى سلب أو إضافة أو مركب من سلب وإضافة، فهؤلاء كلهم ضلال مكذبون للرسل ومن رزقه الله معرفة ما جاءت به الرسل وبصراً نافذاً وعرف حقيقة مأخذ هؤلاء علم قطعاً أنهم يلحدون في أسمائه وآياته وأنهم كذبوا بالرسل وبالكتاب وبما أرسل به رسله، ولهذا كانوا يقولون إن البدع مشتقة من الكفر وآيلة إليه ويقولون إن المعتزلة مخانيث الفلاسفة والاشعرية مخانيث المعتزلة. وكان يحيى بن عمار يقول المعتزلة الجهمية الذكور والاشعرية الجهمية الاناث ومرادهم الاشعرية الذين ينفون الصفات الخبرية، وأما من قال منهم بكتاب الإبانة الذي صنفه الاشعري في آخر عمره ولم يظهر مقالة تناقض ذلك فهذا يعد من أهل السنة لكن مجرد الانتساب إلى الاشعري بدعة لا سيما وأنه بذلك يوهم حسناً بكل من انتسب هذه النسبة وينفتح بذلك أبواب شر والكلام مع هؤلاء الذين ينفون ظاهرها بهذا التفسير) مجموع الفتاوي: ج6 ص359.

      وقال عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: (وهذه الطائفة التي تنتسب إلى أبي الحسن الأشعري وصفوا رب العالمين بصفات المعدوم والجماد؛ فلقد أعظموا الفرية على الله، وخالفوا أهل الحق من السلف والأئمة وأتباعهم؛ وخالفوا من ينتسبون إليه، فإن أبا الحسن الأشعري صرح في كتابه الإبانة والمقالات بإثبات الصفات؛ فهذه الطائفة المنحرفة عن الحق قد تجردت شياطينهم لصد الناس عن سبيل الله، فجحدوا توحيد الله في الإلَهية، وأجازوا الشرك الذي لا يغفره الله، فجوزوا أن يعبد غيره من دونه، وجحدوا توحيد صفاته بالتعطيل. فالأئمة من أهل السنة وأتباعهم لهم المصنفات المعروفة، في الرد على هذه الطائفة الكافرة المعاندة كشفوا فيها كل شبهة لهم، وبينوا فيها الحق الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله وما عليه سلف الأمة، وأئمتها من كل إمام رواية ودراية) الدرر السنية: ج3 ص210 – 211. واليك هذا الرابط أيضاً: http://aljazeeratalk.net/forum/showthread.php?t=285840

      ولذا فليس غريباً أن (يؤكد علماء الأزهر والخبراء المتخصصون في دراسة الحركات الإسلامية أن الوهابية فكراً وحركة تمثل العدو الأخطر على المسلمين والعالم، وأنها لا تقل سوءاً عن الكيان الصهيوني، لما تبثه من أفكار وسلوكيات تحض على العنف والإرهاب والكراهية وسهولة التكفير ضد كل من يخالفهم في الرأي).
      انظر الندوة على هذا الرابط: http://watan.com/10/news.html//35-news-extra/21652-2010-04-26-20-24-39.html.
      بل لمفتي الأزهر (الشيخ علي جمعة) كلام هام في هذا الصدد وبيان حقيقية نشوء الحركة الوهابية ومنهجها المعتمد، أرى من الفائدة نسخ الرابط لسهولة الاستماع إليه:


      (رمتني بدائها وانسلت) .. هذا هو خلاصة حال الوهابي في قوله المتقدم.
      يتبع ...
      Last edited by محمد الانصاري; 14-03-2011, 00:01.

      ---


      ---


      ---

      Comment

      • محمد الانصاري
        MyHumanity First
        • 22-11-2008
        • 5048

        #4
        رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

        3. أما آن الأوان لتستمعوا إلى دعوة المهدي (أحمد) عليه السلام:

        (المهدي عليه السلام) حقيقة إسلامية أصيلة لا مجال لإنكارها أبداً، ورغم الاختلاف الحاصل بين المسلمين في تشخيص مصداق تلك الحقيقة، إلا أنّ ذلك لا يعني - بأيّ حال من الأحوال - الرفض أو التمرد عليها ما دام لم يختر غير الإسلام ديناً.
        والحقيقة التي أضحت جلية اليوم بعد مجيء المهدي أحمد (عليه السلام) أنّ طرفي النزاع كل منهم يؤمن ببعض ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) ويترك البعض الآخر، فما تؤمن به الشيعة هو مهدي ولد في عام (255 هـ) في سامراء / العراق، وهو ما يرفضه الرأي الرسمي السني. وما تؤمن به السنة هو مهدي يولد في آخر الزمان وهو ما تنكره الشيعة المرجعية. في حين أنّ كلتا الشخصيتين حقيقتين ويجب الإيمان بهما وتصديق النبي - جدهما - فيهما.
        وعلى الرغم من أنّ لكل طرف دليله الذي بنى اعتقاده عليه، إلا أنّ كلا الطرفين - أيضاً - غفل أو تغافل بعمد النصوص الواردة عنده والتي تثبت الشخصيتين معاً.
        فأحاديث (الاثني عشر خليفة من قريش) الذائعة الصيت والانتشار عند كل المسلمين لم يجد من يدعي العلم فيهم مصداقاً إلا (آل محمد) عترة النبي وذريته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. كما أنّ الاعتراف بولادة الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) مذهب الكثير من علماء أهل السنة، وهذه بعض أسماء الذاكرين له:
        1- الذهبي - سير أعلام النبلاء: ج13 ص119 ترجمة 60.
        2- السبط إبن الجوزي - تذكرة الخواص: ص204.
        3- القندوزي الحنفي - ينابيع المودة: ج3 ص306.
        4- الحافظ جلال الدين السيوطي - إحياء الميت.
        5- إبن صباغ المالكي - الفصول المهمة: ص274.
        6- إبن حجر الهيثمي - الصواعق المحرقة: ص124، طبعة مصر.
        7- إبن الأثير - الكامل في التاريخ: ج7 ص174 في حوادث سنة 260.
        8- إبن خلكان - وفيات الأعيان: ج4 ص176، طبعة بولاق بمصر.
        9- العلامة كمال الدين الشامي الشافعي - مطالب السؤول: ص89.
        10- العلامة الشبلنجي - نور الأبصار: ص168، طبعة الشعبية.
        11- خير الدين الزركلي - الأعلام: ج6 ص80 ترجمة الإمام المهدي.
        12- عبد الوهاب الشعراني - اليواقيت والجواهر: ج2 ص143.
        13- علي بن محمد العلوي - المجدي في أنساب الطالبيين: ص130. وغيرهم الكثير.
        ولما لم يكن الغرض بحث هذه الجزئية وكان الهدف مناقشة من يعتقد بولادة المهدي في آخر الزمان أنحو بالكلام إذن على معتقده، لأقول:
        1. إن منكر هذا المهدي (عليه السلام) كافر.
        فعن سؤال وجه إلى ابن باز مفاده: (يوجد لدينا رجل ينكر المسيح الدجال والمهدي ونزول عيسى عليه السلام ويأجوج ومأجوج ولا يعتقد في شيء منها .. فما حكمه) ؟
        أجاب: (مثل هذا الرجل يكون كافراً والعياذ بالله؛ لأنه أنكر شيئاً ثابتاً عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ...).
        انظر الفتوى على الرابط التالي: http://www.binbaz.org.sa/mat/21563
        2. والمهدي (عليه السلام) خليفة الله في أرضه، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله: (يقتتل عند كنزكم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم. ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم. ثم ذكر شيئاً لا أحفظه. فقال: فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي) سنن ابن ماجة : ج2 ص1367 ح4084. وممن حكم بصحة الحديث: ابن كثير في النهاية في الفتن والملاحم ج1 ص31، وأحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري المتوفي سنة 840 هـ، في كتابه (مصباح الزجاجة)، والحاكم في المستدرك بسند آخر إلى سفيان الثوري، والذهبي في (تلخيص المستدرك) وقد وافق الحاكم على أن الحديث صحيح على شرط الشيخين، وغيرهم.
        3. وإمام بل يصلي عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه، إذ أخرج البخاري ومسلم عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله: (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم) صحيح البخاري: ج4 ص143 كتاب بدء الخلق، صحيح مسلم: ج1 ص94 باب نزول عيسى بن مريم.
        4. ومن ولد فاطمة (عليها السلام)، وهو أمر واضح للجميع.
        5. ومبدأ حركته (عليه السلام) الشرق، وفي ذلك أحاديث كثيرة.
        قال السيوطي في الحاوي عن المهدي: (.. أنه خليفة يقوم في آخر الزمان, وأنه من ولد فاطمة, وقد ثبت في أحاديث أنه يخرج من قبل المشرق, وأنه يبايع له بمكة بين الركن والمقام, وأنه يدخل بيت المقدس, وأنه يملأ الأرض عدلاً) الحاوي للفتاوي: ج2 ص6.

        واليك الرابط أيضاً: http://islamport.com/d/1/ajz/1/160/529.html.
        وقال ابن كثير: (والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل خروجه وظهوره ناحية المشرق ويبايع له عند البيت,كما دل على ذلك نص الحديث ..).
        انظر قوله على الرابط التالي: http://islamport.com/d/1/ajz/1/160/527.html
        6. ومؤيداً من الله (يصلح الله أمره في ليلة) كما لا يخفى أيضاً.
        7. وعشرات الروايات الأخرى التي بينت اسمه، وصفته الجسدية، وعلامات خروجه، والزمان الذي يبعث فيه، وتعداد أصحابه، وكل ما يسهم في الاهتداء إليه ونصرته.
        والسؤال الخطير:
        كيف يعرف السنة - وتحديداً الوهابية - هذا المهدي إذا ظهر وباشر دعوة الناس إليه خصوصاً وأن بعضهم يرى اقتراب أيام المهدي ؟؟
        يقول ابن عثيمين: (إن الفتن بدأت تشرئب أعناقها، وبدأت تظهر، ولعل هذا - والله أعلم - توطئة لخروج المهدي فإنه يخرج إذا ملئت الأرض ظلماً وجوراً، وكون الفتن تتكاثر بهذه الكثرة العظيمة من حروب وسخافات وغيرها، لعله ينذر بذلك والله أعلم).
        انظر الرابط التالي: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/archive/index.php/t-158658.html
        في الحقيقة لم أعثر على من أجاب على هذا السؤال سوى الألباني، حيث ذكر بعض ما يتعلق بمعرفة المهدي ضمن بحث له (بالصوت والكتابة) منشور على الرابط التالي: http://ahl-alsonah.com/vb/t1448.html
        وقد حدد خمس علامات للتعرف على المهدي:
        أولاها: أن يكون من أهل البيت عليهم السلام.
        وثانيتها: أن يكون اسمه محمد بن عبد الله، قال: (لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (لا تنقضي الدنيا - وفي رواية: لا تذهب الدنيا - حتى يبعث الله رجلاً يوافق اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلِئت جوراً وظلماً) فإذاً هو محمد بن عبد الله، ويجب أن يكون هذا اسمه منذ ولد، وليس يكون مخترعاً من جديد).
        وقد فتشت في كل كتب المسلمين عن حديث الألباني هذا فلم أجد له عيناً ولا أثراً، وحسبنا الله ونعم الوكيل. فهلا أتعب صاحب الرد الشافي نفسه (أقصد أبو الريح) ليرشدنا إلى مصدر الحديث الذي أتى به إمامه الألباني ويزيح عني التهمة التي أنوي رمي الألباني بها ؟!
        نعم، قد يكون نظر الألباني إلى حديث آخر ذكره في سلسلته الصحيحة (ج4 ص38)، ولفظه: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض).
        ولكن - لو تنزلت جدلاً معه على اتحاد معنى المواطئة والموافقة - من سوّغ له التلاعب بألفاظ حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد كونه حكيماً وقاصداً لكل ما يقول، خصوصاً والألباني قد رتّب نتيجة خطيرة جداً على ما نقل من حديث، مفادها: أنّ المهدي اسمه (محمد بن عبد الله)؟!
        وهل الألباني مستعد للحساب أمام الله القهار لو كان كلامه هذا مؤدياً إلى أن يقاتل جمهور عريض - ممن يستمع إليه - من المسلمين مهدي أمة محمد الحق لمجرد كون اسمه (احمد) واسم أبيه يشابه اسم أب النبي كما هو مقتضى المواطئة (أي المشابهة) التي أشار لها النبي (صلى الله عليه وآله)، ولم يكن اسمه (محمد بن عبد الله) كما هو مقتضى ما نقله الألباني ؟!!
        كذلك قد يكون نظر الألباني إلى ما أورده الطبراني في معجمه (ج10 ص131) عن عبد الله بن مسعود قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يوافق اسمه اسمي).
        ولكن مرة أخرى لا وجود للموافقة في اسم الأب أيضاً. على أنه لا يشك أحد في أنّ "أحمد" أحد أسماء النبي (صلى الله عليه وآله)، قال تعالى على لسان عيسى (عليه السلام): (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) الصف: 6.
        وأما ثالث الصفات التي جعلها الألباني سبيلاً للتعرف على المهدي فهي: ما شار لها حديث (يصلحه الله في ليلة).
        قال في بيان معنى الحديث: (هذا يمكن أن يفسر في الواقع على وجه من وجهين؛ الوجه الأول: أنه لا يكون صالحاً لقيادة الأمة، يكون منطلقاً في دينه وفي استقامته، لكن ليس يخطر في بال أحد أنه يصلح أن يكون قائداً للأمة، فيصلحه الله في ليلة، يلهمه أن يقوم لقيادة المسلمين الذين يلتقون حوله إلى تحقيق الحلم الذي ينشده المسلمون اليوم، وهو الحكم بما أنزل الله، هذا هو التفسير الأول. الوجه الآخر: يكون الرجل غير صالح في نفسه، يعيش ما شاء الله من سنين وهو مفرط على نفسه، مضيع في شيء من دينه، فالله عز وجل يلهمه في ليلة واحدة أن يعود إلى الله تائباً مهتدياً فيصلحه الله في ليلة، هذه صفة ثالثة).
        أقول: لا يختلف اثنان في إمامة المهدي (عليه السلام) وخلافته الإلهية، قال (صلى الله عليه وآله): (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم)، (.. فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي)، والله تعالى يقول عن أئمة الهدى وخلفائه الإلهيين: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)، فهل موقن بآيات الله أو صابر على طاعته وعن معصيته من كان غير صالح في نفسه ومضيع لدينه ؟! وهل بين الله وبين أحد قرابة ليجتبي الله إماماً مفرطاً في نفسه مضيعاً لها - وحاشاه - ليلهمه التوبة من الموبقات في ليلة ؟؟ وهل بعقيدة الألباني أنّ مثل هذا الشخص يستحق أن يخصص له النبي مئات الأحاديث التي بلغت التواتر والتي تؤكد أهمية القضية، ويحثنا على إتيانه ولو حبواً على الثلج، ثم يكون حاله كما يصفه ؟! بل كيف ينتظر الألباني من شخص نعته بكل ما تقدم أن يملأ الأرض قسطاً وعدلاً والحكم بما أنزل الله والحال أنه لم يملأ نفسه خيراً ؟؟ وعلى أي أساس تم اختياره من بين بقية البشر خصوصاً وهو غير متحلي - بنظر الألباني - بصفات القيادة حتى فضلاً عن إمامة الناس وإقامة حكم الله ؟! ثم مَنْ من خلفاء الله السابقين لم يكن بمؤهل لقيادة أمته ليخطر في بال الألباني عدم صلاحية خليفة الله المهدي للقيادة ؟!
        في الحقيقة إن مهدي الألباني الذي يحدث المسلمين عن طريق التعرف عليه عند ظهوره لا يعدو أن يكون خيالاً في ذهنه وشبحاً في وهمه البائس ليس إلا، وكلامه - كغيره ممن فسر الحديث بتفسيره - فيه من الجرأة على الله وخلفائه ودينه ما الله جازيهم به وهو حسبنا ونعم الوكيل.
        إن صلاح المهدي (عليه السلام) الذي يتحدث عنه النبي (صلى الله عليه واله) هو تماماً ما مر به خلفاء الله السابقين الذين لم يكونوا يعلمون أنهم لهم هذه المنزلة الإلهية الرفيعة ثم أعلمهم الله، فموسى (عليه السلام) الذي خرج ليقتبس لأهله ناراً رجع إليهم وهو رسول نبي، فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيه موسى (عليه السلام) في ليلة، وهكذا يكون صلاح أمر المهدي (عليه السلام) رغم طهارتهم وقدسهم قبل ذلك، قال تعالى عن نبيه: (مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) الشورى: 52.
        وأما رابع الصفات - وهي هامة جداً كما يقول الألباني - هي خروجه من الشام، يقول: (أنه يخرج في دمشق، وهي عاصمة بلاد الشام قديماً وسوريا حديثاً، وهذا مصرح به في الحديث الصحيح).
        أقول: أين حديث خروج المهدي من دمشق الذي هو صحيح في نظر الألباني ؟!! أو يقصد نزول عيسى (عليه السلام)، ولا يخفى أن عيسى لا ينزل في بداية أمر المهدي بدليل أنه ينزل للصلاة خلف إمام المسلمين الذي التفَّ حوله أنصاره وفتحت له بلاد الشرق إلى الشام، فقد مرَّ بنا أنّ بداية حركة أمر المهدي هو الشرق كما هو صريح كثير من روايات أهل السنة وأقوال كبار علمائهم. فهل يطلب الألباني من المسلمين أن يبقوا في بيوتهم إلى حين نزول عيسى واجتماعه بالمهدي في الشام بعد أن يكون المهدي قد خاض المعارك وفتح الشرق إلى الشام ؟؟! ومن سيقاتل معه إذن ؟؟ هل اليهود أم النصارى يا مسلمين وأنتم تدعون أنكم امة جد المهدي (صلى الله عليه وآله) الذي أمركم بإتيانه ولو حبوا على الثلج ؟؟ سبحان الله.
        ثم ذكر خامس الصفات وهي لقاء المهدي بعيسى عليهما السلام، ثم قال: (هذه علامات يجب أن تبقى في أذهاننا؛ حتى لا نغتر بدعوى بعض الناس أنه المهدي).
        إن خارطة طريق الألباني هذه التي حث على إبقائها في أذهان من يدعي التسنن تذكرني بخارطة طريق الكوراني التي وضعها لمن يدعي التشيع، مع فارق في اختصار خارطة الأخير بتنفيذ صاحب راية الهدى طلبه في تحويل لحيته البيضاء إلى سوداء.
        ولا ينقضي عجبني لمن يسلّم أمر أخرته بأيدي هؤلاء - الذين أقل ما يقال فيهم أنهم خطاؤون وليسوا بمعصومين فيما قالوه - ليقرروا عنه مصيره الأبدي، وترك سبيل الاهتداء لخلفاء الله الذي بينه الله تعالى في كتابه الكريم وأوضحه حبيبه (صلى الله عليه وآله) غاية الإيضاح، فلينظر المؤمن بالله كيف عرّف الله خلفاءه في كتابه الكريم ليتعرف على خليفته المهدي اليوم بنفس الطريق، فسنّته سبحانه واحدة لا تتغير أو تتبدل أبداً.
        وهل عرّف الله خلفاءه في كتابه بغير النص عليه من قبله سبحانه أو الوصية به ممن تقدمه من الحجج الإلهيين الذين يؤمن بهم القوم عند احتجاجه عليهم، وعلمهم الإلهي الذي يحجون به كل من هو دونهم، ورفعهم لراية البيعة لله ودعوتهم الناس لحاكميته سبحانه وترك حاكمية الناس بكل صورها.
        فعن النص أو الوصية، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ البقرة: 30، ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ﴾ ص: 26، ﴿وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ الصف: 6.
        وعن العلم قال تعالى عن موسى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ القصص: 14، وقال عن عيسى: ﴿وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ الزخرف: 63، وقال عن حبيبه: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ الجمعة: 2.
        وأما الدعوة إلى الله وحاكميته فهو شعار كل خلفاء الله في أرضه، وأمام الجميع كتاب الله لينظروا دعوتهم وأقوالهم.
        فهل فعلاً عرفتم هذا من كتاب الله عز وجل لتعرفوا أن أحمد الحسن (عليه السلام) في احتاجه اليوم عليكم - أيها المسلمون - لم تكن سوى هذه الثلاث ؟!
        ويضاف لها تأييد الله على الصدق بمئات بل آلاف الرؤى الصادقة برسول الله وآله الطاهرين والأنبياء والمرسلين الدالة على أحقيته وأنه المهدي الذي بشر به جده (صلى الله عليه وآله) في آخر الزمان، وقد صح عند كل المسلمين أن الشيطان لا يتمثل بمحمد (صلى الله عليه وآله). أفلا يكون ذلك كافياً لكم لنصرته أو لا أقل البحث الجدي في قضيته وأمره ورادعاً لكم عن تكذيبه بلا دليل، ديدن المعترضين على الدعوات الإلهية كما يحدثنا القرآن الكريم ؟!
        نصيحة لكل القراء:
        ها وقد اقترب الوعد الحق، يشاهد الجميع فوران الأرض بأهلها بعد انهيارات عدة شهدها العالم على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وكثرة الكوارث التي تنذر بأزمة عالمية على أكثر من صعيد، ولا أعتقد أن مؤمناً بالله واليوم الآخر لا يشعر بنذر العذاب التي بدأ أهل الأرض يتحسسونها كما أخبر رسول الله وآله الطاهرين، بما في ذلك ما تفعله العرب اليوم من خلع أعنتها وأنظمتها السياسية الجائرة. فيا قوم ها هو مهدي آل محمد بين أظهركم كما أخبركم جده المصطفى، وقد أتاكم بكل الذي قاله فيه بعد شهادة الله له فآمنوا به وانجوا بأنفسكم من عذاب الله وهوانه يوم لا ينفعكم الندم.


        يتبع ...

        ---


        ---


        ---

        Comment

        • محمد الانصاري
          MyHumanity First
          • 22-11-2008
          • 5048

          #5
          رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

          4. وهابي يفيق من سبات عميق:
          لا أعرف لماذا يحاول صاحب الرد أن ينأى بنفسه عن كل سوءة تلحظ في بشرية اليوم، إذ يقول بعد تكراره لتفرق الرافضة حسب تعبيره:
          (وآن لنا أن نفتح ملف مدعي المهدوية (أحمد الحسن اليماني الموعود)).
          طيب، إذا آن لك الآن فتح ملف الدعوة المباركة بعد أن مضى على انطلاقتها إلى الناس ما يقرب من العشر سنين ربما كنتَ خلالها - كالكثير ممن هم على شاكلتك - تغط في شخير عميق، ولو كان الله يعلم فيك خيراً لأسمعك قبل ذلك، قال تعالى: (وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ) الأنفال: 23، فلنرى إذن بعد سماعك ما يُفرِّقك عن بقية مخلوقات الله الأخرى التي تسمع أيضاً ولكنها بهائم سائبة لا تعي ما تقول وما يقال لها، تاركين التكهن في تحديد الفوارق بينك وبينها إلى كيفية تفاعلك مع ما سمعت والذي تظهره كلماتك القادمة.

          5. كذبة السرداب:

          السرداب !! أول مفردة يتفوه بها هذا الوهابي في فتحه لملف دعوة المهدي أحمد (عليه السلام) بعد تعريفه له بأنه ابن الإمام المهدي - أي من ذريته - إذ يقول:
          (وباختصار هذا الرجل يقول بأنه أبن المهدي (الأب) محمد بن الحسن العسكري ساكن السرداب - كم قيل وأنكروا أنه في السرداب - وليس ابنه المباشر وإنما من ذريته).
          ولم يخب ظني في الوهابي هذا في عدم الفرق بينه وبين بقية المخلوقات التي لها آذان - أقصد الأرضية منها وتحديداً السائبة - إن لم يكن أسوأ حالاً منها بعد تنازله عما خص الله به الإنسان من عقل يتدارك به ما يجعله أضل من الحمار سبيلاً.
          (ساكن السرداب - كم قيل وأنكروا أنه في السرداب-) من القائل بربك ؟؟ وعلى أي أساس استندت في كلامك ؟؟ هلا ذكرت لي من علمكم أسلوب النقد العلمي هذا، والذي تخيل لكم أنفسكم أنكم تتمكنون به من إبطال دعوة داعي الله وخليفته؟!
          سمعت مفتي الأزهر (الشيخ علي جمعة) وهو يصف الوهابيين بالهلوسة كما تقدم، والآن وجدت أحدهم مثالاً لما حكم به الشيخ السني.
          ليس عندنا مهدي ساكن في سرداب يا هذا، وهذه إحدى كذبات بعض شيوخكم كابن تيمية وغيره وقد طبل لها المستحمرون من أتباعهم الناعقين وراء كل ناعق.
          يقول ابن تيمية في حديثه عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): (قال الرافضي: وولده مولانا المهدي محمد عليه السلام .. فيقال قد ذكر محمد بن جرير الطبري وعبد الباقي بن قانع وغيرهما من أهل العلم بالأنساب والتواريخ أن الحسن بن علي العسكري لم يكن له نسل ولا عقب والإمامية الذين يزعمون أنه كان له ولد يدعون أنه دخل السرداب بسامرا وهو صغير منهم من قال عمره سنتان ومنهم من قال ثلاث ومنهم من قال خمس سنين) منهاج السنة: ج4 ص41.

          وانظر الرابط التالي:
          http://islamport.com/w/tym/Web/3420/1098.htm

          ولست بحاجة إلى استعراض روايات أهل البيت (عليهم السلام) لإثبات وجود العقب للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وبيان كذب هذا الناصبي، إذ يكفي في الرد عليه ما تقدم نقله من أقوال أهل السنة ممن اعترف بولادة الإمام محمد بن الحسن (عليه السلام).

          قال الزركلي: (المهدي المنتظر: 256 - 275 ه‍ = 870 - 888 م. محمد بن الحسن العسكري (الخالص) بن علي الهادي، أبو القاسم: آخر الأئمة الاثني عشر عند الإمامية. وهو المعروف عندهم بالمهدي، وصاحب الزمان، والمنتظر، والحجة، وصاحب السرداب. ولد في سامراء. ومات أبوه وله من العمر نحو خمس سنين).

          ثم قال - وهو يذكر ما نقله ابن تيمية -: (وفي المؤرخين - كما في منهاج السنة - من يرى أن الحسن بن علي العسكري لم يكن له نسل) الأعلام: ج6 ص80.
          أما من أين جاء ذكر السرداب ؟
          لا يخفى حجم السعي الحثيث لحكام بني العباس الجائرين في القضاء على الإمام المهدي (عليه السلام) وترقبهم له قبل ولادته، وازداد الأمر بعد وفاة الإمام العسكري (عليه السلام) مباشرة في زمن المعتمد والمعتضد العباسيين.
          يقول السيد محمد الصدر (رحمه الله): (وقد جردت السلطات ثلاث حملات للقبض عليه، إحداها قام بها المعتمد في الفترة القليلة المتأخرة عن وفاة الإمام العسكري "عليه السلام" والأخريان قام بهما المعتضد الذي تولى الحكم بعده) تاريخ الغيبة الصغرى:‌ج2 ص549.
          وقد وردت رواية تتحدث عن إحدى الحملات الغاشمة على بيت الإمام العسكري (عليه السلام) بعد فشل ما سبقها من حملات للقضاء على الإمام محمد بن الحسن (عليه السلام): (ثم بعثوا عسكراً أكثر، فلما دخلوا الدار سمعوا من السرداب قراءة القرآن فاجتمعوا على بابه وحفظوه حتى لا يصعد ولا يخرج. وأميرهم - يعني قائد الحملة - قائم حتى يصل العسكر كلهم، فخرج من السكة التي على باب السرداب، ومرّ عليهم، فلما غاب، قال الأمير: انزلوا عليه. فقال: أليس هو مر عليك. فقال: ما رأيت. قال: ولم تركتموه؟ قالوا: إنا حسبنا أنك تراه) بحار الانوار: ج13 ص118.
          انّ هذا السرداب الذي كان جزءاً من بيت آل النبوة الطاهر، شأنه شأن باقي بيوت سامراء أو غيرها من مناطق العراق التي تستوجب بناء كهذا، والنص يتضمن خروج الإمام (عليه السلام) أمام أعينهم في لحظة هي غاية في الدقة والحكمة وهي لحظة انشغال قائد الحملة بوصول المدد. ثم اختفائه عن أنظارهم.
          فمن أين إذن علم الوهابيون والنواصب بأنّ الإمام في السرداب وغاب فيه، وأنه ساكن فيه طيلة هذه السنين، وأنه نزل فيه وأمه تنظر إليه، و .. و .. من الخزعبلات التي تدل على قلة ورع قائلها وعدم حيائه وخجله، حتى زعم بعضهم - كابن خلدون - أنّ السرداب في الحلة لا في سامراء !!!
          وإن اعترض أحد بورود ذكر السرداب في رواياتنا التي تتحدث عن أعمال عبادية معينة تؤدى فيه، فجوابه واضح إذ شأن هذه البقعة الطيبة المباركة شأن باقي البقاع الطاهرة التي تضمنت أجساد وأنفاس أولياء الله الطاهرين، والتبرك بآثار الأولياء والتقرب بها إلى الله أمر لا ينكره إلا من فسد قلبه وعقله كحال عوران الوهابية في أيامنا هذه.
          أخرج البخاري في كتاب اللباس باب القبة الحمراء من أدم: (عن ابن أبي جحيفة عن أبيه قال: أتيت النبي (صلى الله عليه وآله) وهو في قبة حمراء من أدم ورأيت بلالاً أخذ وضوء النبي (صلى الله عليه وآله) والناس يبتدرون الوضوء فمن أصاب منه شيئا تمسح به، ومن لم يصب منه شيئا أخذ من بلل يد صاحبه) صحيح البخاري: ج7 ص154.
          وفي صحيح مسلم في كتاب الفضائل: (عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيها فربما جاءه في الغداة الباردة فيغمس يده فيها) صحيح مسلم: ج7 ص79، باب قرب النبي من الناس وتبركهم به.
          فهل يرى الوهابيون إن النبي (صلى الله عليه وآله) - وحاشاه - قبل بأمر ينقض التوحيد؛ الهدف الذي بُعث لنشره بين الناس ؟؟
          وإذا كان ذلك التبرك من ضمن حقائق التوحيد التي رسخها رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) فما بالهم إذن يستكثرون تبرك أمته الحقيقية بآله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ؟! لا أعرف متى يعي المنكوسون القول فيتبعونه ويرفعوا عقيدة إبليس من صدورهم الخاوية من ذكر الله وتوحيده !!







          يتبع ...

          ---


          ---


          ---

          Comment

          • محمد الانصاري
            MyHumanity First
            • 22-11-2008
            • 5048

            #6
            رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

            6. هل يتعرف مجسِّم على حقائق توحيدية كالرفع ؟!

            قال صاحب الرد:
            (وشاهدتم التناقض الكبير الذي جرى بين عبد العال سليمة وصفاء العوادي في برنامج "كلمة سواء"حيث قال عبد العال أن المهدي الأب في الأرض وقال العوادي أنه رفع إلى السماء !!!).
            يشير بذلك إلى المناظرة التي جرت بين أنصار الإمام المهدي (عليه السلام) وبين الوهابيين بزعامة شيخهم عدنان العرعور، في مسائل عقائدية متعددة، عرضت على قناة صفا الفضائية في شهر رمضان لعام (1431 هـ). وبعد أن كان حضور الأنصار بطلب من القائمين على القناة نفسها إلا أنّ الوهابيين - وهي عادتهم دائماً - قابلوهم بالغدر فأوشوا بهم إلى السلطات المصرية بتهم ما أنزل الله بها من سلطان وأرسلوهم إلى سجون القاهرة، فكانت ضيافة سخية على الطريقة الوهابية.
            وليس غرضي استعراض ما جرى في حلقات المناظرة والإجحاف الذي قوبل به أنصار الله - والصورة واضحة لكل من شاهدها -، ولا ما وفق إليه الإخوة الكرام من استعراض دين الله الحق والدفاع عن مبدأ حاكمية الله (أس الدين وأساسه)، ليس غرضي كل هذا بقدر ما يهمني الآن وهو استعراض مفردة أشار لها صاحب الرد وتوهم أنها تناقض بين ما قاله الأخوان وقتذاك والمرتبط بقضية الرفع وبيانها.
            فأقول: حسب الفرض أنّ صاحب الرد لما قرّر - أو قُرِّر له - الرد على ما جاء في كتاب (مع العبد الصالح) يكون قد قرأ الكتاب، أليس كذلك، أو أنه ليس بقارئ له وتورط بالرد !! يبدو لي أنّ المسكين لم يقرأه أو قرأه بحالة تشبه حال حمار يسوقه مالكه، (فالظلمة لا يروق لها رؤية النور الماحي لوجودها)؛ والدافع لي على هذا الميل أنه لو كان قد قرأ الكتاب فعلاً لكان مرّ قطعاً على موضوع الرفع الذي أخذ مساحة واسعة من صفحات الكتاب ولوجد أنّ ما زعمه تناقض ليس كذلك، فالرفع لا هو موت تنقطع به حالة المرفوع عن هذا العالم تماماً، ولا أن حاله كحال باقي الناس العاديين أيضاً.
            سنين طويلة والمسلمون يقرؤون قوله تعالى عن عيسى: (إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) آل عمران: 55، فهل استطاع أحدهم أن يصور حال رفع عيسى التي يعبر عنها القرآن أنها وفاة ولكنها في ذات الوقت ليست موتاً، قال تعالى: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ) النساء: 157، فكيف يكون المرفوع متوفياً ولكنه حي أيضاً ؟
            ما هو الرفع ؟ كيف يتم تصويره ؟ وما فرقه عن الموت ؟ وأين يكون جسد المرفوع المادي عند رفعه ؟ هل ينافي كون فلان مرفوع - كعيسى عليه السلام - أن تكون له أعمال على هذه الأرض ينجزها متى ما أذن الله له بذلك ؟ وهل انقطع عيسى - مثلاً - عن هذا العالم بعد رفعه ؟ ماذا تقول نصوص المسلمين والنصارى في ذلك ؟ وغيرها من الأسئلة التي كان بيان الإمام أحمد الحسن (عليه السلام) وافياً بالإجابة عنها، فهل يستطيع هذا الوهابي الجاهل أن يجيبني على واحد منها لأعرف أنه فعلاً قد قرأ الكتاب وواعي لما يقول، أم أن هلوسة الوهابيين في البحوث العلمية - كما حدثنا عنها مفتي الأزهر - تلاحقنا أينما ولّينا وجوهنا !!
            ثم يقول بعد قوله السابق مباشرة:
            (وحاصلة أن المهدي عندهم أداة يستغل بها الغني الفقير فتارة يقولون هو موجود بروحه وجسده وتارة يقولون هو موجود بروحة لا بجسده !!).
            حاصل ماذا يا هذا ؟! أنت وبعد زعمك بتناقض قول الأخوين - المرتبط بالرفع كما أوضحت - تريد أن ترتب عليه استغلال الناس، فهلّا أوضحت - لي ولكل القراء - كيفية ترتب فكرة الاستغلال على القول برفع الإمام المهدي كرفع عيسى عليهما السلام ؟؟
            هذا أولاً.
            وثانياً: أما تصور وجود المهدي (عليه السلام) بروحه وجسده فواضح، ولكن ما هو غير واضح هو قولك بوجوده روحاً لا جسداً ؟؟ فمن قال ذلك ؟؟ وهل يمكن أن يُكتب لروح إنسان التواجد في هذا العالم الجسماني بنحوٍ تؤثر فيه وتتأثر أيضاً دون أن ترتبط بجسد ؟؟ لماذا التفوّه بكلمات أجزم أنك غير واعي لها، وكأنكم خلقتم لتكونوا أضل من الأنعام سبيلاً ؟؟
            أخيراً، وقبل الانتقال إلى مقطع آخر من كلمات صاحب الرد أود إلفات نظر الجميع إلى إن من حاله الإيمان بما سأنقله الآن هل بوسعه التعرف على معارف إلهية رفيعة كالرفع وما شابه ؟!
            يبين الإمام أحمد الحسن (عليه السلام) ملحقاً برقم (3) في كتابه التوحيد، وفيه ما يلي:
            (((بعض الأمثلة مما في كتب الوهابية من كلمات كلها تجسيم وحد لله تعالى الله علواً كبيراً، وللإختصار أقتصر على نقل القليل من كتاب (لمعة الاعتقاد) لابن قدامة المقدسي وتعليق ابن جبرين وبعض فتاوى ابن جبرين الملحقة بهذا الكتاب، وأيضاً بعض فتاوى ابن عثيمين في هذا الباب:
            قال ابن قدامة في كتاب (لمعة الاعتقاد): (فَصْلٌ رُؤْيَةُ الْمُؤْمِنِينَ لِرَبِّهِمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ بِأَبْصَارِهِمْ وَيَزُورُونَهُ، وَيُكَلِّمُهُمْ، وَيُكَلِّمُونَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾، فَلَمَّا حَجَبَ أُولَئِكَ فِي حَالِ السُّخْطِ، دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ فِي حَالِ الرِّضَى، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ)، حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا تَشْبِيهٌ لِلرُّؤْيَةِ، لَا لِلْمَرْئِيِّ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا شَبِيهَ لَهُ، وَلَا نَظِيرَ) لمعة الاعتقاد لأبن قدامة المقدسي.
            وعلق ابن جبرين عليه فقال: (وأما الرؤية في الآخرة فأثبتها أهل السنة رؤية صريحة، أن المؤمنين في الجنة يرون الله "تعالى" ويزورونه، ويكلمهم ويكلمونه ............. عرفنا بذلك مذهب أهل السنة، وهل نقول: إنهم يرونه في جهة؟ لا شك أنهم يرونه من فوقهم، وأنهم يرونه رؤية حقيقية ورؤية مقابلة كما يشاءون، وأن الأدلة واضحة، ومن أصحها حديث جرير لقوله: (كما ترون القمر ليلة البدر) أو: (كما ترون هذا القمر).
            والتشبيه هنا للرؤية، شبه الرؤية بالرؤية، وليس المراد تشبيه الرب - تعالى - بالقمر، وإنما تشبيه رؤيتكم بأنها رؤية حقيقية كرؤيتكم لهذا القمر).
            وقال ابن جبرين في تعليقه على قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾: (أثبت الله أن الأبصار لا تحيط به - يعني: متى رأته الأبصار لم تحط به إذا حصلت الرؤية يوم القيامة، فإن الأبصار لا تحيط به - أي: لا تدرك ماهيته، ولا تدرك كنهه، ولا تدرك كيفية ذاته، وذلك لعظمته التي لا يحيط علماً أحد من الخلق بها، ولا يحيطون به علماً، إذن فصارت الآية دليلاً على إثبات الرؤية لا على نفيها، ولكنهم قوم يجهلون).
            وأنكر ابن جبرين على الأشاعرة الذين هم معظم السنة في العالم الإسلامي قولهم بأن الرؤية هنا قلبية فقال: (أما الأشاعرة يتظاهرون بأنهم من أهل السنة، وبأنهم من أتباع الأئمة الأربعة: منهم شافعية، ومنهم مالكية، ومنهم حنفية، ومنهم حنابلة كثيرون، ولا يقدرون على أن يصرحوا بالإنكار، أكثرهم الشافعية قد اشتهر عن إمامهم أنه أثبت الرؤية فلا يقدرون على الإنكار. يثبتون الرؤية ولكن ما المراد بالرؤية عندهم؟ ليس الرؤية التي هي رؤية الأبصار، إنما يفسرونها بالتجليات التي تتجلى للقلوب، ومن المكاشفات التي تنكشف لهم، ويظهر لهم منها يقين وعلم بما كانوا جاهلين به، تمحلوا وهذا بلا شك قول باطل، وإنكار للحقائق، فتجدهم يثبتون الرؤية ويقررونها في كتب تفاسيرهم حتى أكابر الأشاعرة: كالرازي، وأبي السعود، والبيضاوي، ونحوهم. ولكن عندما تكلموا عن هذه الآية: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ﴾، قالوا: (يُرى نفي الجهة) كيف يرى بلا جهة، يرى بلا مقابلة! ما هي الرؤية بلا مقابلة؟ الرؤية تجليات، الرؤية مكاشفات، فأثبتوا الاسم ولكن لم يثبتوا الحقيقة).
            قال ابن قدامة: (إثبات صفتي النفس والمجيء لله تعالى، وقوله تعالى إخباراً عن عيسى عليه السلام، أنه قال: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾، وقوله سبحانه: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾ وقوله: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ ﴾).
            وعلق عليه ابن جبرين، فقال: (فإثبات صفة المجيء ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾ وكذلك: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ﴾ ومثلها قوله - تعالى- في سورة الأنعام: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ ...... ونحن نقول: لا يلزم من إتيان أمر الله في آيات امتناع إتيان الله - تعالى- في آية أخرى، وإذا أثبتنا لله الإتيان قلنا: يجيء كما يشاء).
            وهذه بعض الأسئلة وإجابة ابن جبرين عليها وهي ملحقة بتعليقه على نفس الكتاب:
            (س: وهذا يقول: يوجد حديث ورد فيه ما نصه لمسلم عن ابن عمر مرفوعاً: (يطوي الله السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأراضين السبع، ثم يأخذهن بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟
            ج: التساؤل في إثبات لفظ الشمال لله كيف يمكن الجمع بينه وبين الراوية وبين حديث: (المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين)، يعني أن في هذا الحديث: (كلتا يديه يمين)، وفي الحديث الثاني: (يطويهن بشماله).
            يظهر لي الجمع بينهما أن المراد بالشمال ما تقابل اليمين، فإن ما يقابل اليمين اسمه شمال، ويظهر من قوله: (وكلتا يديه يمين) أن المراد أنها يمين في البركة، وفي الخير، فإن اليُمن أصله كثرة الخير أصله البركة والخير، فعلى هذا لا مخالفة بينهما (كلتا يديه يمين) مباركة في كثرة الخير، ولله شمال تقابل اليمين، وليس في ذلك نقص).
            (س: هذا السائل يقول: هل يصح أن يقال إن العينين في الوجه لله - تعالى - وأن الأصابع في اليد، وهكذا أم هذا من التشبيه ؟
            ج: لم يرد في ذلك ما يعتمد عليه، ولكن بالنسبة للأصابع ورد الحديث الذي فيه أن ذلك اليهودي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأشار بيده، أشار بأصابعه، وقال: (إنا وجدنا في كتبنا أن الله يضع السماوات على ذه والأراضين على ذه والجبال على ذه والمياه والبحار على ذه والمخلوقات على ذه وكل ذلك يشير إلى أصابعه، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ بعد ذلك الآية: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ وضحك تصديقاً لقول الحبر) فإذا أقره على ذلك أفاد بأن الأصابع في اليد، ولكن مع ذلك لا يلزم أن تكون مثل أصابع المخلوقين في أناملها وفي طولها وفي كذا وكذا، بل إنما فيه إثبات اليد وفيه إثبات الأصابع فيها).
            (س: يقول: كيف نوفق بين ما نقل عن ابن تيمية في الفتاوى في آية البقرة ﴿فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ وأنها لا تدل على صفة الوجه وما ذكر هو في بيان تلبيس الجهمية من أنها تدل على صفة الوجه، وما ذكره ابن القيم كذلك من أنها تدل على الوجه في "مختصر الصواعق" فهل يصح أن يقال: إن الوجه جزء من ذات الله ؟
            ج: سؤاله الأول: يعني المشهور أن آية البقرة: ﴿فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾، قد أخذها بعض أهل الوحدة والاتحاد دليل على أن الله في كل مكان؛ لأنهم قالوا إذا توجه الإنسان فوجه الله هنا، ووجه الله هنا، ووجه الله هنا، فقال ابن تيمية: في مواضع من "المجموع" إن هذه الآية ليست من آيات الصفات، وإنما المراد وجه الله يعني: الجهة التي يوجه العبد إليها أو يأمل في توجهه إليها، هكذا الذي نفهم، أما في تلبيس الجهمية ما أذكر أنه قال ذلك، وإن كان قال ذلك فيمكن إنه قال: إنها دالة على إثبات صفة الوجه باللزوم، ولكن يكون معناها أنها دالة على صفة الوجه وعلى صفة الجهات الأخرى، والوجه لا شك انه جزء من الذات في حق الإنسان، وكذلك في حق الله - تعالى- أنه من ذاته، وجه الله من ذاته).
            (س: هذا يقول: ما تفسير السلف الصالح رضوان الله عليهم لقوله: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ فإن بعض الطوائف من أهل هذه البلاد تقول: إن كل صفاته هالكة إلا الوجه، ومن ثم يستدلون أن صفاته مخلوقة فهي تبلى كما تبلى كل المخلوقات.
            ج: لا يلزم ذلك ولا يجوز، بل وجه الله - تعالى- صفة من صفاته وجزء من ذاته وكل صفاته لا يأتي عليها التغير، فلا يقال إنها تفنى، - تعالى- الله عن ذلك، فإذا كان وجهه باقياً ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾ فكذلك بقية صفاته التي هي من ذاته، ونقف عند هذا، والله أعلم وصلى الله على محمد).
            وهذه بعض الأسئلة وإجابة ابن عثيمين عليها:
            السؤال: بارك الله فيكم فضيلة الشيخ من الجزائر أبو بسام يقول فضيلة الشيخ ما قول أهل السنة والجماعة في رؤية المسلم لربه عز وجل يوم القيامة.
            الجواب: الشيخ: قول أهل السنة والجماعة في رؤية الله سبحانه وتعالى يوم القيامة ما قاله الله عن نفسه وقاله عنه رسوله صلى الله عليه واله وسلم، فالله تعالى قال في كتابه: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذ﴾، يعني يوم القيامة ﴿نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ ناضرة الأولى: بمعنى حسنة، الثانية: من النظر بالعين؛ لأنه أضاف النظر إلى الوجوه، فالوجوه محل العينين التي يكون بهما النظر وهذا يدل على أن المراد نظر العين ولو كان المراد نظر القلب وقوة اليقين لقال: (قلوب يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) ولكنه قال: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) من كلام ابن عثيمين في (فتاوى نور على الدرب) الشريط رقم : 249.
            (السؤال: السائل م ن، من المدينة النبوية يقول: أسأل عن هذا الدعاء هل هو وارد: (اللهم يا من لا تراه العيون ولا يصفه الواصفون؟
            الجواب: الشيخ: لا هذا غلط هذا غلط عظيم؛ لأنه إذا قال: اللهم يا من لا تراه العيون وأطلق صار في هذا إنكار لرؤية الله تعالى في الآخرة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المؤمنون يرون ربهم يوم القيامة عياناً بأبصارهم كما يرون الشمس صحواً ليس دونها سحاب، وكما يرون القمر ليلة البدر ..........) من كلام ابن عثيمين في (فتاوى نور على الدرب) الشريط رقم : 341.
            السؤال: .......... السائل يسأل: أين الله؟ فأجيب بأنه في السماء، واستشهد المجيب على ذلك بآيات من القرآن الكريم منها قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾، ولكن يبدو أن هذا الأخ قد استشكل هذه الإجابة ولم تطابق مفهومه الذي كان يعتقده فأرسل يستفسر حول ذلك أليس توضحون له الحقيقة حول هذا الموضوع ؟
            الجواب: (الشيخ: الحقيقة حول هذا الموضوع أنه يجب على المؤمن أن يعتقد أن الله تعالى في السماء كما ذكر الله ذلك عن نفسه في كتابه حيث قال سبحانه وتعالى: (أمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير .........) من كلام ابن عثيمين في (فتاوى نور على الدرب)))).
            انتهى ما نقله الإمام (عليه السلام) من كلمات كبارهم، وهي واضحة جداً في إثبات رؤية الله رؤية حقيقية وبنحو المقابلة والجهة وهي الفوقية، بل صريح كلماتهم انه تعالى في السماء. وكذا إمكان زيارته ومجيئه، وان له يدين حقيقيتين شمال ويمين بل فيهما أصابع، وان له وجه وهو جزء من ذاته.
            وأعتقد أنّ الكلمات واضحة وليست بحاجة إلى تعليق عليها، وإذا لم تكن هذه العبارات كاشفة عن اعتقاد الوهابية بالتجسيم والتركيب الملازم للاحتياج، فكيف يكون إذن ؟!! سبحانه وتعالى عما يقول هؤلاء علواً كبيراً.
            وأكيد ان صاحب الرد يؤمن بكل ما نقلته .. أليس كذلك ؟؟ اذن اعذرك لما تقرأ موضوع الرفع في الكتاب الذي سولت لك نفسك الرد عليه ولا تفقه منه حرفاً ؟!!
            يتبع ...
            Last edited by محمد الانصاري; 15-03-2011, 15:20.

            ---


            ---


            ---

            Comment

            • محمد الانصاري
              MyHumanity First
              • 22-11-2008
              • 5048

              #7
              رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

              7. إذا كان الطباعُ طباعَ سوءٍ .. فلا أدبٌ يفيد ولا أديبُ:

              من كان طبعه الكذب يستثقل كلمة صدق، فما بالكم بدائم الكذب ولا يستحي منه !! هذا هو حال الوهابيين وصاحب الرد نموذج لتربيتهم، وإلا لخجل أنّ هناك من سيراجع بعده واستحى من قوله:
              (واليوم بإذن الله تعالى سوف نسلط الضوء على كتاب من كتب مدعي المهدوية وهو (مع العبد الصالح).
              إذ أوضحت سابقاً أنّ الكتاب ليس بقلم الإمام أحمد الحسن (عليه السلام)، إنما هو حوار بقلم أبي حسن (أحد أنصاره)، وهو شاهد آخر يضاف على أن "صاحب الرد" لا يعدو أن يكون بمثابة (الشاهد الذي لم ير شيئاً)، وإلا لميز في نقده بين كلام أبي حسن وبين أجوبة الإمام (عليه السلام) ليعلم منه القارئ - والله سبحانه قبل كل شيء - الصدق واستهداف الحق لا شيء آخر كالحسد الذي يبتلى به الطاهرون من الأنجاس والأراذل.
              وبعد أن أحس بفضيحته المخجلة، رأيته يتعلل بأنه نسبة القول منه إلى الإمام أحمد الحسن (عليه السلام) في حين أنه ليس له، لم يكن إلا بسبب عدم ظهور ألوان الخطوط عنده وتحديداً اللون الأخضر الذي انفرد به جواب الإمام (عليه السلام) في الكتاب.
              يقول في اعتذار على الرابط التالي:
              (ملاحظة حول من أراد الدفاع عن كتاب مع العبد الصالح أنا قمت بالرد على الكتاب من الموقع ولم أحمل الكتاب عندي بل فتحته من الموقع والموقع لا تظهر الألوان فيه وسبب أني لم أحمله هو أن الخطوط لا تظهر لدي).
              http://www.al-mehdyoon.org/vb/t7728.html
              وقد دعته كبوته على وجهه في خطوته الأولى أخيراً – وبعد الالتفات إلى فضيحته – إلى إبدال قوله في رده (قال اليماني) إلى (جاء في الكتاب)، وبإمكان الجميع الرجوع إلى رابط رده البائس مرة ثانية لقراءة التصحيح الذي أجراه:
              http://www.almanhaj.com/vb/showthread.php?t=20419&page=1
              ولكنه في الحقيقة عذر أقبح من فعله؛ لأنه يؤكد - إن أحسنت الظن به - أنه قد تعمد الرد بتصفح أوراق الكتاب بالجملة (على طريقة بيع الجملة في أسواق هرج في العراق) لينتخب ما يجد فيه بنظره الخائب مغمزاً أو مطعناً، أقول ذلك لأنه لو كان قرأ الكتاب بإنصاف وأمانة فعلاً لوجد في أول صفحات الكتاب وبعد "الإهداء" مباشرة ما يؤكد أن صاحب القلم هو (أبو حسن) فالمقدمة بقلمه وقد أوضح فيها قصة الكتاب وما عرضه فيه من عمل، بل لوجد في صفحة الغلاف ما قلته أيضاً؛ إذ أن هناك تعريفاً موجزاً تحت عنوان "مع العبد الصالح" مفاده أنه (أجوبة نيرة ... عبر حوار مباشر مع قائم آل محمد السيد أحمد الحسن عليه السلام نضعها بين يدي السائرين إلى الله)، وتحت التعريف (إعداد وقلم أبو حسن). وهذا بالتأكيد ليس لوناً لا يظهر في الكتاب الذي قرأه الباحث الوهابي في موقعنا ليعتذر بالذي اعتذر به، ثم يدعي أنه لا يعرف أن الكتاب حواري ؟! إذن رددت على ماذا بربك ؟! فعلاً إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
              ثم كيف سمحت لنفسك أن تنسب كلاماً لشخصٍ يقول لكم إنه المهدي الموعود المبشر به من قبل رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) وتحمل عليه بسيفك الخشبي الأعوج دون أن تتأكد من أنّ قائله هل هو المحاور (أي أبو حسن) أو المجيب (اعني الإمام عليه السلام)، خصوصاً وأنّ الكتاب حواري ؟!! هل كل الوهابيين مثلك ؟؟ إذن يكفيكم هذا الأسلوب هلوسة وعاراً. وأدعو الجميع لرؤية اعتذارك هذا وتعديلك الذي أجريته على ردك، فضلاً عن ردك البائس.
              ولا أعرف إلى متى تبقون تكذبون، وحتى متى تصرّون على طريقتكم التي عهدناكم بها في الحوارات والمناظرات دائماً من انعدام الصدق والحياء والأمانة ؟!! جل حلمك يا رب العالمين.
              يتبع...
              Last edited by محمد الانصاري; 16-03-2011, 16:25.

              ---


              ---


              ---

              Comment

              • محمد الانصاري
                MyHumanity First
                • 22-11-2008
                • 5048

                #8
                رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

                8. ما فعله عثمان بابن مسعود:


                قال: (وقد قسمت هذا الموضوع إلى عدة محطات والله الموفق.
                المحطة الأولى
                يقول اليماني: ((فمما روي عن طرق السنة أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (من سرّه أن يقرأ القرآن غضاً كما نزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد).
                وعلى هذا يكون ابن مسعود من خير الصحابة الذين حفظوا القرآن، ثم إنهم يروون عن ابن مالك أنه قال: (أمر بالمصاحف أن تغير، قال: قال ابن مسعود: من استطاع منكم أن يغلّ مصحفه - أي يخفيه - فليغله فانّ من غلّ شيئاً جاء به يوم القيامة، قال: ثم قال - ابن مسعود - قرأت من فم رسول الله صلى الله عليه وآله سبعين سورة، أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وآله ).
                ومعنى الحديث واضح وهو أنّ ابن مسعود يرى أن القرآن الذي كتبه عثمان ناقص، أو حدث فيه بعض التغير على الأقل، قال ابن حجر: (وكان ابن مسعود لما حضر مصحف عثمان إلى الكوفة لم يوافق على الرجوع عن قراءته ولا على إعدام مصحفه، فكان تأليف مصحفه مغايراً لتأليف مصحف عثمان)).
                أقول: الحمد لله وبعد.
                إن ما ذكره أحمد الحسن هو جملة من الخبث الذي يظهره لنا والتدليس على العوام
                وتفاسيره المعوجة دائما ما تنطلي على العوام وهذا أمر لابد منه فكيف له أن يظهر دينه !!
                يقول الشيخ عطيه ولعل المقصد والله أعلم أن يقرأه على الصفة التي قرأ بها عبد الله بن مسعود من حسن الصوت وجودة الترتيل ودقة الأداء غاية المريد في علم التجويد: ص16. وليس كما تطرق به احمد الحسن وذهب به إلى طريق مسدود وقوله: أن القرآن الذي كتبه عثمان ناقص.
                أقول:
                1. الكلام الذي نقله في هذه المحطة - حسب تعبيره - هو للكاتب أبي حسن وليس للإمام اليماني أحمد الحسن (عليه السلام)، وبوسع الجميع الرجوع إلى الكتاب المنشور ورؤية الحقيقة، وهذا إنصاف على طريقة النقد الوهابي، فمن المدلس والمعوج والخبيث !!
                2. ليس بوسع هذا المعوج التعليق على سند الحديث لثبوته بما لا يقبل الشك فيه، فلجأ إلى تأويل مضمونه بما نقله عن عطية في غاية المريد، مغمضاً عينه عما نقلته عن ابن حجر (فكان تأليف مصحفه مغايراً لتأليف مصحف عثمان)، الدال في أقل مداليله على التغيير الذي قلته.
                وأما النقص الذي رددت معنى الحديث بينه وبين التغيير، إذ قلت: (ومعنى الحديث واضح وهو أنّ ابن مسعود يرى أن القرآن الذي كتبه عثمان ناقص، أو حدث فيه بعض التغير على الأقل)، فهو مقتضى الحديث الصحيح الذي نقلته، وأزعم أنّ هذا أمر واضح، وأما ما زعمه عطية - ونقله هذا الوهابي - فهو بعيد كل البعد؛ إذ أين قول ابن مسعود: (قرأت من فم رسول الله صلى الله عليه وآله سبعين سورة) من تأويله بحسن الصوت وجودة الترتيل ودقة الأداء، وهل من يقرأ سورة الكهف - مثلاً - بصورة أدق من غيره يقال عنده سورة ليست عند ذاك ؟؟ أوليس هذا فهماً أعور.
                ثم قوله: (أفأترك ما أخذت من في رسول الله) ما معناه ؟ أوليس يدل على أن مصحف عثمان خالٍ منها، ولذا عبر بتركها لو أخذ بما في مصحف إمامك ؟
                3. وإليك سبب آخر لحنق ابن مسعود على فعل عثمان يوضحه الذهبي في النص التالي: (إبراهيم بن سعد: عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن ابن مسعود كره لزيد بن ثابت نسخ المصاحف، وقال: يا معشر المسلمين ! أعزل عن نسخ المصاحف، ويولاها رجل والله لقد أسلمت وإنه لفي صلب أبيه كافر، يريد زيد بن ثابت، - وفي نص آخر: وإن زيد بن ثابت ليهودي له ذؤابتان (تاريخ المدينة المنورة: ج3 ص1008) - ولذاك يقول عبد الله: يا أهل الكوفة! اكتموا المصاحف التي عندكم وغلوها، فإن الله قال: (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) فالقوا الله بالمصاحف) سير أعلام النبلاء: ج1 ص87.
                أعتقد وصلتك الإشارات التي يحتويها ما نقله الذهبي لو كنت حراً، وإلا فيكفيني أن أضع يدي على قول ابن مسعود (فالقوا الله بالمصاحف) لألفت نظرك الأعور إلى أنّ في فعل عثمان هنات لم يستطع ابن مسعود الصبر والسكوت عليها، وإلا فماذا يعني قوله الأخير لو كان يرى أنّ ما جمعه عثمان في مصحفه حق ولم ينقص منه أو يغير فيه شيئاً ؟!
                على أني - لا هنا ولا في كتاب "مع العبد الصالح" - كنت قد صرحت بمعتقدي في هذه المسألة (أقصد نقص القرآن)، بل كل ما فعلته هو استعراض بعض ما صح عندكم أنتم لأثبت للجميع أنّ من كان بيته أوهن من بيوت العنكبوت فليحترم نفسه قبل الإقدام على أي شيء آخر.
                ثم يقول:
                (اختصرت حديثي هناك حتى أصل إلى هذه النقطة لأن غايتي فيها هي تبيان للناس بأن أحمد الحسن مدلس. قال: (في الوقت الذي يروون فيه قول النبي صلى الله عليه وآله في حق مصحف ابن مسعود ويصححونه، يروون أيضاً ما فعله عثمان بابن مسعود لما قرر إحراق المصاحف كلها عدا نسخته التي زودته بها حفصة كما سيتضح، وراح ابن مسعود ضحية القرار الجائر فقتل بعد أن لاقى ما لاقى (5)).
                ثم جاء في الهامش: (5- قال اليعقوبي في تاريخه: ج2 ص170: وكان ابن مسعود بالكوفة فامتنع أن يدفع مصحفه إلى عبد الله بن عامر وكتب إليه عثمان أن أشخصه إن لم يكن هذا الدين خبالاً وهذه الأمة فساداً فدخل المسجد وعثمان يخطب، فقال عثمان: إنه قد قدمت عليكم دابة سوء فكلم ابن مسعود بكلام غليظ فأمر به عثمان فجر برجله حتى كسر له ضلعان فتكلمت عائشة وقالت قولاً كثيراً ). انتهى قوله.
                أقول: كان هذا كلامي تعليقاً على ما نقلته من حديث ابن مسعود عن غلّ المصاحف المتقدم، فانتبه يا أعور قبل أن ترمي إماماً من آل محمد (عليهم السلام) بالتدليس وأنت لم تنقي نفسك الخبيثة من الكذب المقيت وتتقي الله خالقك في كبائر الذنوب. هذا أولاً.
                وثانياً: إني بانتظار تحقيق غايتك بإثبات وقوع التدليس مني بحق القراء، والحقيقة أني لم أر شيئاً تنقله لإثبات ذلك سوى أني وضعت هامشاً برقم (5) لما نقلته من حقيقة على مظلومية ابن مسعود من كتاب "تاريخ اليعقوبي" الذي تعتبره أنت مصدراً شيعياً.
                وبعد التنزل معك في قبول تشيع الرجل، فما هو العيب في ذلك يا فهيم دهرك ؟! الكتاب الذي ترد عليه أنت كُتب لكل من يريد الاطلاع على علم آل محمد (عليهم السلام) وأنصارهم ولم أخصصه للعوران من أمثالك لتتهمني بالتدليس، فحتى على القول بتشيع اليعقوبي لمجرد أنه لم يترض على أئمتك - كما هو صريح إحدى محاولاتك في ردك "الشافي" لإثبات تشيعه - فلا يعني ذلك أني متصف بما اتهمتني به؛ لأن الكتاب - كما قلت - لم يكن مخصصاً للنواصب الذين يصفون كل من كان لديه شيئاً من الإنصاف لآل محمد (عليهم السلام) في بيان فضائلهم أو مثالب عدوهم بالرفض والزندقة كما فعلوا مع النسائي والكنجي الشافعي والقندوزي والحسكاني والحمويني وغيرهم مما يكثر التهريج عليهم هذه الأيام في منتديات الوهابية لمجرد نقلهم لفضائل أهل البيت (عليهم السلام) وبيان بعض ما يتعلق بحقهم.
                وثالثاً: إنّ ما لاقاه عبد الله ابن مسعود من ظلم عثمان له ليست حادثة انفرد بنقلها اليعقوبي فقط ليصح تكذيب الوهابي لها برمي ناقلها بالتشيع كعادة أسلافه لما تعييهم الحيل، وإنما نقلها غيره ممن لا يرميهم أحد بذلك، وهذه بعض نقولاتهم:
                أخرج البلاذري في أنساب الأشراف تحت عنوان: (أمر عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه)، قال: (حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن أبي مخنف وعوانة في إسنادهما أن عبد الله بن مسعود حين ألقى مفاتيح بيت المال إلى الوليد بن عقبة قال: من غيَّرَ غيَّرَ الله عليه، وما أرى صاحبكم إلا وقد غير وبدل، أيعزل مثل سعد بن أبي وقاص ويولى الوليد. وكان يتكلم بكلام لا يدعه وهو: إن أصدق القول كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل مُحدث بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
                فكتب الوليد إلى عثمان بذلك وقال: إنه يعيبك ويطعن عليك، فكتب إليه عثمان يأمره بإشخاصه، وشيعه أهل الكوفة، فأوصاهم بتقوى الله ولزوم القرآن، فقالوا له: جُزيت خيراً، فلقد علمت جاهلنا وثبتَّ عالمنا، وأقرأتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، فنعم أخو الإسلام أنت، ونعم الخليل، ثم ودعوه وانصرفوا وقدم ابن مسعود المدينة وعثمان يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال: ألا أنه قدمت عليكم دويبة سوءٍ من تمشِ على طعامه يقيء ويسلح، فقال ابن مسعود: لست كذلك، ولكني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، ويوم بيعة الرضوان، ونادت عائشة، أي عثمان، أتقول هذا لصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم أمر عثمان به فأخرج من المسجد إخراجاً عنيفاً، وضرب به عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي الأرض، ويقال بل احتمله يحموم غلام عثمان ورجلاه تختلفان على عنقه حتى ضرب به الأرض فدق ضلعه، فقال علي: يا عثمان أتفعل هذا بصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول الوليد بن عقبة؟ فقال: ما يقول الوليد فعلت هذا، ولكن وجهت زُبيد بن الصلت الكندي إلى الكوفة فقال له ابن مسعود: إن دم عثمان حلال، فقال عليّ أحلت من زبيد على غير ثقة، وقال ابن الكلبي: زُبيد بن الصلت أخو كثير بن الصلت الكندي.
                وقام عليّ بأمر ابن مسعود حتى أتى به منزله، فأقام ابن مسعود بالمدينة لا يأذن له عثمان في الخروج منها إلى ناحية من النواحي، وأراد حين برىء الغزو فمنعه من ذلك؛ وقال له مروان: إن ابن مسعود أفسد عليك العراق أفتريد أن يفسد عليك الشام؟ فلم يبرح المدينة حتى توفي قبل مقتل عثمان بسنتين، وكان مقيماً بالمدينة ثلاث سنين؛ وقال قوم إنه كان نازلاً على سعد بن أبي وقاص.
                ولما مرض ابن مسعود مرضه الذي مات فيه أتاه عثمان عائداً فقال: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي، قال: ألا أدعو لك طبيباً؟ قال: الطبيب أمرضني، قال: أفلا آمر لك بعطائك؟ قال: منعتنيه وأنا محتاج إليه وتعطينيه وأنا مستغنٍ عنه؟ قال: يكون لولدك، قال: رزقهم على الله قال: استغفر لي يا أبا عبد الرحمن، قال: أسأل الله أن يأخذ لي منك بحقي، وأوصى أن لا يصلي عليه عثمان، فدفن بالبقيع وعثمان لا يعلم، فلما علم غضب وقال: سبقتموني به، فقال له عمار بن ياسر: إنه أوصى أن لا تصلي عليه؛ وقال الزبير: لأعرفنك بعد الموت تندُبني ... وفي حياتي ما زودتني زادي).
                وإليكم رابط الكتاب قبل تزوير الوهابية له وحذف المقطع المنقول من طبعاته الحديثة:
                http://ebooks.roro44.com/Download-2128-أنساب-الأشراف.html
                وقد سمعتم فيما سبق مفتي الأزهر (الشيخ علي جمعة) وهو يتحدث عن تقطيع الوهابية للنصوص وحذفها من الكتب في طبعتها الحديثة، ليخفوا به بعض الجرائم المخجلة أو يؤكدوا به عقيدتهم المنحرفة.
                وفي ذات الوقت الذي تفتقد الطبعات الوهابية الحديثة ما نقلته لكم من الكتاب، فات الوهابيون المحترفون في تزوير الحقائق الواضحة - بلا خجل من الله والتاريخ - أن يعملوا مسحاً لكل مصادر السنة الأساسية لإخفاء وثيقة الإدانة للخليفة وظلمه لصحابي جليل من كل متون الكتب الأخرى أو هوامش التحقيق فيها، وهذا مثال منها:
                في تعليقه على ما نقل ابن شبة في تاريخه (عن زيد بن وهب قال: بعث عثمان رضي الله عنه إلى عبد الله: إما أن تدع هؤلاء الكلمات ..) تاريخ المدينة المنورة: ج3 ص1049، علّق محقق الكتاب "فهيم محمد شلتوت" السني عن معنى كلمات ابن مسعود في الهامش بالتالي: (2- هذه الكلمات هي "إن أصدق القول كتاب الله، وأحسن الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" وكان يقولها رضي الله عنه كل جمعة بالكوفة جاهراً معلناً معرضاً بعثمان. شرح نهج البلاغة 3: 42 - وأنساب الأشراف 5: 36) وتفسيره الكلمات بذلك جعل مصدرها أنساب الأشراف للبلاذري كما نشاهد، وهي موجودة في النسخة التي نقلت لكم النص منها سابقاً وأرفقت لكم رابطها، في حين أن طبعة الوهابية الحديثة ليس فيها المقطع، فهل استخرجه المحقق من خياله أو أنه صار رافضياً بنقله الحقيقة ؟!! وهذه النسخة الأصلية التي نقلت لكم منها يعرفها المحققون من الطرفين، فمن الجانب الشيعي نرى السيد مرتضى العسكري صاحب كتاب أحاديث أم المؤمنين عائشة (ج1 ص115)، وكذلك العلامة الاميني صاحب كتاب الغدير (ج9 ص3) قد ذكرا ما فعله عثمان بابن مسعود نقلاً عن البلاذري في أنسابه (ج5 ص36)، وهي نفس النسخة التي اعتمدها شلتوت محقق كتاب تاريخ ابن شبة.
                بل إن بعض منتدياتهم اعترفت بوقوع النقص في طبعات الكتاب الجديدة، ويمكن ملاحظة الرابط التالي كمثال:
                http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=228069

                للموضوع تتمة
                يتبع...

                ---


                ---


                ---

                Comment

                • محمد الانصاري
                  MyHumanity First
                  • 22-11-2008
                  • 5048

                  #9
                  رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

                  وممن أشار إلى ظلم عثمان لابن مسعود أيضاً ابن شبة النميري (ت: 262هـ)، فقد أخرج في تاريخه: (أن الوليد بن عقبة كتب إلى عثمان رضي الله عنه يبغضه على ابن مسعود، وأن عثمان رضي الله عنه سيّره من الكوفة إلى المدينة وحرمه عطاءه ثلاث سنين) تاريخ المدينة المنورة: ج3 ص1049.
                  وروى ابن الأثير في أسد الغابة - وكذا ابن كثير في البداية والنهاية - عن عيادة عثمان له في مرضه، فقال: (مرض عبد الله فعاده عثمان بن عفان فقال: ما تشتكي، قال: ذنوبي، قال: فما تشتهي، قال: رحمة ربي، قال: ألا آمر لك بطبيب، قال: الطبيب أمرضني، قال: ألا آمر لك بعطاء، قال: لا حاجة لي فيه .. وإنما قال له عثمان ألا آمر لك بعطائك لأنه كان قد حبسه عنه سنتين) أسد الغابة: ج3 ص259، البداية والنهاية: ج7 ص183.
                  وإليكم أيضاً نص يحتوي بعض أفعال الخليفة، أنقله بجملته رجاء الفائدة، وهو لصاحب السيرة الحلبية علي بن برهان الدين الحلبي الشافعي (975 - 1044 ه‍)، إذ يقول: (وكان من جملة ما انتقم به على عثمان رضى الله تعالى عنه أنه أعطى ابن عمه مروان بن الحكم مائة ألف وخمسين أوقية، وأعطى الحارث عشر ما يباع في السوق أي سوق المدينة، وأنه جاء إليه أبو موسى بكيلة ذهب وفضة فقسمها بين نسائه وبناته، وأنه انفق أكثر بيت المال في عمارة ضياعه ودوره، وأنه حمى لنفسه دون إبل الصدقة، وانه حبس عبد الله بن مسعود وهجره، وحبس عطاء وأبي بن كعب، ونفى أبا ذر إلى الربدة، وأشخص عبادة بن الصامت من الشام لما شكاه معاوية، وضرب عمار بن ياسر وكعب بن عبدة ضربه عشرين سوطاً ونفاه إلى بعض الجبال، وقال لعبد الرحمن بن عوف إنك منافق، وإنه أقطع أكثر أراضي بيت المال، وأن لا يشترى أحد قبل وكيله، وأن لا تسير سفينة في البحر إلا في تجارته) السيرة الحلبية: ج2 ص272 – 273.
                  وذكر الديار بكري في تاريخ الخميس بعض ما فعله عثمان بابن مسعود وغيره وأدت إلى النقمة عليه، إذ يقول: (ما نقموا على عثمان لما عزل من أصحابه أبا موسى من البصرة وولاها عبد الله بن عامر. ومنهم: عمرو بن العاص عزله عن مصر وولي عبد الله بن أبي سرح وكان قد ارتد في زمن النبي (ص) ولحق بالمشركين فهدر النبي (ص) دمه بعد الفتح إلى أن أخذ له عثمان الأمان، ثم أسلم .. وأنه وهب لمروان إفريقية، ومنها: ما قالوا حبس عن عبد الله بن مسعود وأبي ذر عطاءهما، وأخرج أبا ذر إلى (الربذة) وكان بها إلى أن مات، وأوصى إلى الزبير وأوصاه أن يصلي عليه ولا يستأذن لعثمان لئلا يصلي عليه، وقد نفى كثيراً من أعلام الصحابة. ومنها: أنه ضرب عمار بن ياسر وذلك أن أصحاب رسول الله (ص) اجتمع منهم خمسون رجلاً من المهاجرين والأنصار فكتبوا أحداث عثمان، وما نقموا عليه في كتاب، وقالوا لعمار أوصل هذا الكتاب إلى عثمان ليقرأه فلعله أن يرجع عن هذا الذي ننكره، وخوفوه فيه إن لم يرجع خلعوه واستبدلوا غيره، قالوا فلما قرأ عثمان الكتاب طرحه، فقال عمار لا ترم بالكتاب، وأنظر فيه فإنه كتاب أصحاب رسول الله (ص)، وأنا والله ناصح لك وخائف عليك، فقال كذبت يا بن سمية، وأمر غلمانه فضربوه حتى وقع لجنبه، وأغمي عليه. وزعموا أنه قام بنفسه فوطأ بطنه ومذاكيره حتى أصابه الفتق، وأغمي عليه أربع صلوات فقضاها بعد الإفاقة فغضب لذلك بنو مخزوم، وقالوا والله لئن مات عمار من هذا لنقتلن من بني أمية شيخا عظيما (يعنون عثمان)، ثم أن عمار ألزم بيته إلى أن كان أمر الفتنة ما كان) تاريخ الخميس: ج2 ص268.
                  وممن أشار إلى ما جرى على ابن مسعود من قبل عثمان أيضاً: السيوطي في (تاريخ الخلفاء: ص157 باختصار)، وابن أبي الحديد المعتزلي في (شرح نهج البلاغة: ج1 ص236)، وغيرهم.
                  وأخيراً أقول: كان الله سبحانه لكسر ضلع ابن مسعود بالمرصاد في الاقتصاص له من عثمان في هذه الدنيا "وما ربك بظلام للعبيد"، فقد أخرج الطبري في تاريخه: (قال محمد وحدثني عبدالله بن موسى المخزومي قال لما قتل عثمان رضى الله عنه أرادوا حز رأسه فوقعت عليه نائلة وأم البنين فمنعنهم وصحن وضربن الوجوه وخرقن ثيابهن فقال ابن عديس اتركوه فأخرج عثمان ولم يغسل إلى البقيع وأرادوا أن يصلوا عليه في موضع الجنائز فأبت الانصار وأقبل عمير بن ضابئ وعثمان موضوع على باب فنزا عليه فكسر ضلعا من أضلاعه) تاريخ الطبري: ج3 ص440.
                  الآن، وقد بان للجميع باختصار ما جرى لابن مسعود - بسبب عدم انصياعه لعثمان وتسليم مصحفه له للحرق - من حرمانه وأهل بيته من العطاء وتعرضه للإهانة والأذى، بل وتشبيهه بـ (دويبة سوءٍ من تمشِ على طعامه يقيء ويسلح) أي يتغوط، وغير ذلك مما تقدم ذكره، والذي تركه حنقاً غاضباً على عثمان حتى مات وهو يتوعده بأخذ حقه منه (أسأل الله أن يأخذ لي منك بحقي)، بان لكم ذلك بما نقلته من نصوص واضحة عن "البلاذري" و"ابن شبة النميري" و"ابن كثير" و"ابن الأثير" و"الديار بكري" و"الحلبي" و"السيوطي"، وغيرهم مما يخرجني استقاؤهم عن قصدي في البحث.
                  أقول: بعد كل ما تقدم بيانه، هل يبقى للوهابي عذر في قوله - وهو يعلّق على تخريجي لمظلومية ابن مسعود من تاريخ اليعقوبي - التالي:
                  (إذاً تبين للقارئ المنصف أن اليماني ينقل من كتب قومه وينسبها لنا وهذا من الخيانة العلمية. والحمد لله الذي أزال القناع عن هذا الدعيّ).
                  أزال الله القناع عن مَنْ يا مسكين ؟! وهل تعتقد أن لك عند الله كرامة وأنت تفتضح أمام الملأ بكذبك وقلة ورعك وتقواك ؟! لا والله، فانّ حرمة المؤمن لهي أشد عنده سبحانه من أن يُترك في مثل موقفك الذي لا تحسد عليه ؟! وأرجو الله أن يكون لك فيما أذكرك به صفعة تعيدك إلى رشدك قبل أن ترد الهاوية مخزياً.
                  ثم أي "علمية" تتحدث عن خيانتها وأنت تنسب النقل للسيد اليماني (عليه السلام)، والحال أنّ صاحب التخريج تلميذه في الحوار، فماذا تسمي هذه إذن، هل هي "أمانة بنكهة وهابية" ؟! ثم - بربك - ألا ترى أنك أكثرت في ردك من ذكر الإمام أحمد الحسن (عليه السلام) ونسبة القول إليه ؟! فبماذا تعلل ذلك برأيك ؟
                  ما أراه - والله أعلم - هو أنك قد امتطاك إبليس (لعنه الله) للرد على خلفاء الله في أرضه، فألفاك تلميذاً له طيعاً، تفعل نفس فعلته التي فعلها في يوم الخليقة الأول، أعني مع خليفة الله ادم (عليه السلام)، ولما فعلتها فضحك الله وأخزاك، فصرت تكثر من ذكر خليفة الله المهدي أحمد (عليه السلام) لأكون مضطراً في كل مرة إلى تنبيه القراء على كذبة جديدة لك، فأين هي كرامتك عند الله سبحانه بعد هذا لو كنت مؤمناً ؟!
                  وأخيراً أقول: لست بحاجة بعد ذلك إلى عرض باقي أقوالك وسعيك لإثبات تشيع اليعقوبي؛ فلم يعد الأمر بذي بال بعد كل الذي أوضحت، على أنها مبررات كانت في أغلبها استحسانية وتخرصات لا قيمة له في ميزان النقد العلمي، ولا تؤثر على الحقيقة التي أوضحتها سابقاً قيد أنملة.

                  ---


                  ---


                  ---

                  Comment

                  • محمد الانصاري
                    MyHumanity First
                    • 22-11-2008
                    • 5048

                    #10
                    رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

                    9. هل يصلح (نسخ التلاوة) حلاً لمعضلة روايات نقص القرآن:

                    من طالع كتب الصحاح والمسانيد لدى أهل السنة وجدها مشحونة بعشرات الأحاديث التي تتحدث عن نقص القرآن وضياع الكثير من آياته، بل تتحدث عن آيات ليس لها رسم في المصحف اليوم، وهذا بعض ما ورد عندهم:
                    1- أخرج الطبراني بسند موثق (عن طريق محمد بن‏عبيد بن‏آدم عن عمر بن ‏الخطاب، أنّه قال: القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابراً محتسباً كان له بكلّ حرف زوجة من الحور العين) المعجم الأوسط: ج6 ص361، الإتقان في علوم القرآن للسيوطي: ج1 ص198. بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار، وعليه فقد سقط من القرآن أكثر من ثلثيه بنظر عمر.
                    2- روى السيوطي: (قال حدثنا ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي مائتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن) الإتقان في علوم القرآن: ج3 ص66.
                    3- روى البخاري: (عن ابن عباس قال: قال عمر لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ..) صحيح البخاري: ج8 ص25 كتاب المحاربين من أهل الكفر.
                    وجاء فيه أيضاً: (.. قال عمر: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي ..) صحيح البخاري: ج8 ص113كتاب الأحكام.
                    4- روى البخاري في صحيحه: (ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله "أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم" أو إنّ كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم) صحيح البخاري: ج8 ص26 كتاب المحاربين من أهل الكفر.
                    5- أخرج مسلم في صحيحه عن عائشة أنها قالت: (كان فيما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو فيما يقرأ من القرآن) صحيح مسلم: ج4 ص167 باب التحريم بخمس رضعات، الموطأ: ج2 ص609.
                    6- روى البيهقي والسيوطي: (عن أبي موسى الأشعري: كنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها: "يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقهم فتسألون عنها يوم القيامة") دلائل النبوة: ج7 ص156، الإتقان في علوم القرآن: ج3 ص67.
                    7- روى الهيثمي: (عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى عمر رحمه الله يسأله فجعل عمر ينظر إلى رأسه مرة والى رجليه أخرى هل يرى عليه من البؤس، ثم قال له عمر: كم مالك؟ قال: أربعون من الإبل، قال ابن عباس: قلت صدق الله ورسوله لو كان لا بن آدم واديان من ذهب لابتغى ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب، فقال عمر: ما هذا ؟ قلت: هكذا أقرأنيها أبي، قال: فمر بنا إليه، قال: فجاء إلى أبي فقال: ما يقول هذا ؟ قال أبي: هكذا أقرأنيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال: أفأثبتها في المصحف ؟ قال: نعم. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح) مجمع الزوائد: ج7 ص141. والكثير غيرها، وفيما ذكرت كفاية.
                    وعوران الوهابية - بالرغم من ورود هذا عندهم - يتهمون غيرهم بالقول بتحريف القرآن ونقصانه، ويرتبون عليه تكفير ذلك الغير وإباحة دمه وماله وهدر كرامته.
                    طيب، ما أنتم بفاعلين تجاه عشرات الروايات الصحيحة التي نقلت بعضها، وبالذات الواردة في الصحاح عندكم ؟؟
                    أجابوا ببدعة (نسخ التلاوة) التي لا مستند لها سوى تبرير المعتقد الفاسد ومحاولة التوفيق بينه وبين النصوص التي ليس بالإمكان حذفها أو تقطيعها هذه المرة كما فعلوه بنصوص نقلت بعضها فيما تقدم.
                    وقبل بيان مزعومة نسخ التلاوة دعونا نستعرض كلام الوهابي في رده المرتبط بعائشة في روايتها آية إرضاع الكبير، إذ يقول:
                    (المحطة الأولى / (2)
                    يقول اليماني:(وتفاجئنا عائشة أيضاً بآية رضاع الكبير، فتقول: "لقد نزلت آية الرجم ورضاع الكبير، وكانتا في رقعة تحت سريري .. وشغلنا بشكاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت داجن فأكلته". ومن الواضح أن لا وجود لآية الرجم أو الرضاع أو ما أتحفنا به الأشعري في الكتاب اليوم).
                    أقول: والرد على هذا الفهم السقيم نقول:
                    * إن التشريع الإسلامي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم مر بمراحل عدة حتى وفاته صلى الله عليه وسلم، وانتقاله إلى الرفيق الأعلى، ومن ذلك وقوع النسخ لبعض الأحكام والآيات، والنسخ عرفه العلماء بأنه: رفع الشارع حكماً منه متقدماً بحكم منه متأخر.
                    * والنسخ ثلاثة أقسام:
                    الأول: نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، ومثاله آية الرجم وهي الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة.. فهذا مما نسخ لفظه، وبقي حكمه.
                    الثاني: نسخ الحكم والتلاوة معاً: ومثاله قول عائشة رضي الله عنها: كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخ بخمس معلومات يحرمن فالجملة الأولى منسوخة في التلاوة والحكم، أما الجملة الثانية فهي منسوخة في التلاوة فقط، وحكمها باق عند الشافعية).
                    وفي التعليق عليه أقول:
                    أولاً: إترك عنك فهمي السقيم الآن، وأجبني أنت: هل وجدت في طبعة أميرك فهد آية عائشة التي حدثتكم عنها ؟!! زودنا بها إن عثرت عليها. خصوصاً وأنها تقول أن النبي (صلى الله عليه وآله) مات وهي بعدُ لا زالت مما يُقرأ من القرآن.
                    إذ كنتُ قد نقلت في هامش كتاب (مع العبد الصالح) في تصدير آية عائشة ما يلي:
                    ((محاضرات الأدباء للراغب الأصفهاني: ج2 ص420. وكذا رواه الطحاوي فقال: (روى مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فيما يقرأ من القرآن . . وقد روى القاسم بن محمد ويحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت نزل من القرآن لا يحرم إلا عشر رضعات ثم نزل بعد أو خمس رضعات) اختلاف العلماء للطحاوي: ج2 ص317. ورواه البغوي في تفسيره: (عن عائشة قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن)).
                    والآن زدتك وضوحاً بما أضفته من صحيح مسلم في قولها: (كان فيما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو فيما يقرأ من القرآن)، فدعني أعيد طرح السؤال عليك إذن: هل وجدت ما أخبرتك به عائشة من الآية التي توفى رسول الله وهي مما يتلى في القرآن ؟!!
                    ثانياً: إذا كان النبي (صلى الله عليه واله) توفّى والآية بعدُ من القرآن ولا زالت تُقرأ، فمن تجرأ إذن على محوها من القرآن ؟! فهلّا زودتني هذه المرة باسم الجاني الماحي للآية، خصوصاً وأنها بمستوى من الأهمية، كيف وهي تتعرض إلى مسألة حساسة ولها تبعات أخلاقية ليس آخرها انتشار العهر والدعارة باسم الدين، وحسبي الله ونعم الوكيل، أعني قضية إلتقام الكبير لثدي امرأة أجنبية ورضاعه منها، كما أفتى بذلك العبيكان - مستشار ولي أمر الوهابيين عبد الله بن عبد العزيز - ومن قبله شيخكم ابن تيمية وربيبه ابن القيم وبعض عوران الوهابية اليوم، فمرحا للأمير ولمستشاره ولشيوخ إسلامكم ؟!!
                    ثالثاً: إن الوهابي في رده زعم أن هناك ثلاثة أقسام للنسخ، ولست بمناقش غفلته عن القسم الثالث وذكره لقسمين فقط، ولكني أطالبه ببيان الدليل على ما زعمه من أقسام، إذ أنّ نسخ الحكم وبقاء النص الدال عليه قبل نسخه - وهو القسم الثالث الذي أغفله - وكذا نسخ الحكم والنص الدال عليه أمرهما واضح، ولكن أن ينسخ النص الدال على الحكم مع بقاء الحكم - كما يريد الوهابي أن يبرر به آية عائشة وغيرها - فهذا مما لابد أن يقيم عليه الدليل، وأقصد بالدليل آية من كتاب الله أو رواية صحيحة من محمد (صلى الله عليه وآله) أو عترته الطاهرة (عليهم السلام) ليحجني بها، ولا أقبل أيّ كلام آخر مهما عظم صاحبه في نظر الوهابي فانه ما لم يكن مستنداً إلى (الكتاب وعدله) فلا يعدل في نظري - كمؤمن بالله - جناح بعوضة.
                    ولأنّ نسخ التلاوة ربما يخفى على البعض لذا أقوم بتوضيحه مختصراً لأجل الفائدة.
                    للموضوع تتمة ..
                    يتبع ...

                    ---


                    ---


                    ---

                    Comment

                    • محمد الانصاري
                      MyHumanity First
                      • 22-11-2008
                      • 5048

                      #11
                      رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

                      مزعومة نسخ التلاوة والإجابة عنها:
                      لهج الكثير بهذه المعزوفة التي حاولوا من خلالها معالجة ما صحّ لديهم من روايات تقدم بيان بعضها، فحاولوا توجيهها بأسلوب مختلق، قالوا: إنّها كانت آيات تتلى في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) لكنّها رفعت فيما بعد ونسيت عن الصدور ونسخت تلاوتها وإن كان حكمها باقياً.
                      قال السرخسي: (وأمّا نسخ التلاوة مع بقاء الحكم فبيانه - فيما قال علماؤنا - إنّ صوم كفّارة اليمين ثلاثة أيّام متتابعة بقراءة ابن ‏مسعود: "فصيام ثلاثة أيّام متتابعات"، وقد كانت هذه قراءة مشهورة إلى زمن أبي حنيفة، ولكن لم يوجد فيه النقل المتواتر الذي يثبت بمثله القرآن، وابن ‏مسعود لا يشكّ في عدالته وإتقانه. فلا وجه لذلك إلاّ أن نقول: كان ذلك ممّا يتلى في القرآن كما حفظه ابن ‏مسعود، ثمّ انتسخت تلاوته في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) بصرف اللّه‏ القلوب عن حفظها إلاّ قلب ابن ‏مسعود ليكون الحكم باقياً بنقله، فإنّ خبر الواحد موجب للعمل به، وقراءته لا تكون دون روايته، فكان بقاء هذا الحكم بعد نسخ التلاوة بهذا الطريق) الأصول : ج2 ص80.
                      وقال ابن‏ حزم الأندلسي عن آية الرجم: (ولكنّها نسخ لفظها وبقي حكمها، قال: وقد توهّم قوم أنّ سقوط آية الرجم إنّما كان لغير هذا، وظنّوا أنّها تلفت بغير نسخ لما روي عن عائشة، قالت: لقد نزلت آية الرجم والرضاعة فكانتا في صحيفة تحت سريري، فلمّا مات رسول اللّه‏ (صلى الله عليه وسلم) تشاغلنا بموته فدخل داجن فأكلها. وهذا حديث صحيح وليس على ما ظنّوا؛ لأنّ آية الرجم إذ نزلت حفظت وعرفت وعمل بها رسول اللّه‏، إلاّ أنّه لم يكتبها نسّاخ القرآن في المصاحف ولا أثبتوا لفظها في القرآن، وقد سأله عمر بن ‏الخطاب ذلك فلم يجبه. فصحّ نسخ لفظها وبقيت الصحيفة التي كتبت فيها كما قالت عائشة فأكلها الداجن ولا حاجة بأحد إليها. قال: فصحّ أنّ الآيات التي ذهبت لو أمر رسول اللّه‏ (صلى الله عليه وسلم) بتبليغها لبلّغها، ولو بلّغها لحفظت وما ضرّها موته، كما لم يضرّ موته كلّ ما بلّغ من القرآن. وإن كان لم يبلّغ أو بلّغه فاُنسيه هو والناس أو لم ينسوه لكن لم يأمر أن يكتب في القرآن، فهو منسوخ بيقين من عند اللّه‏ تعالى، لا يحلّ أن يضاف إلى القرآن) المحلى: ج11 ص235 – 236.
                      وفي مقام المناقشة أقول:
                      إنّ النسخ المتفق عليه هو نسخ الحكم، بمعنى أن يأتي حكم بدلالة آية عليه، ثم يرتفع حكم الآية بآية أخرى ثانية تنسخ حكمها مع بقاء الآية الأولى، مثل آية عدة المتوفى عنها زوجها فقد كان سنة، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) البقرة: 240، ونسختها آية أن العدة أربعة أشهر وعشرة أيام، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) البقرة: 234، ولكن الآيتين موجودتين في القرآن، وواضح بعد هذا أنّ النسخ يكون في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)، فكل من الناسخ والمنسوخ يكون قرآناً. أما ما يدعونه هم من نسخ التلاوة وبقاء الحكم فهذا يحتاج إلى دليل.
                      ولا يصح استدلالهم بآية: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا) البقرة: 106، لأن النسخ عرفناه، وأما الإنساء فأكيد أنه خاص برسول الله (صلى الله عليه وآله) أيضاً، فلو قلنا إن الله أنساه الآية فأكيد لم ترد قراءته لها على المسلمين، ولا يوجد إذاً أحد من المسلمين يعرفها غيره هو (صلى الله عليه وآله)، ومثل هذه ليست موضع بحثنا ولا من الآيات التي يقولون إن المسلمين قرؤوها ونقلوها ولم تنقل في المصحف؛ لأنّ موضوع البحث هو الآيات التي قرأها هو (صلى الله عليه وآله) عليهم وقرؤوها ولم تنقل في المصحف.
                      فاعتراضنا نحن ليس على النسخ، ولكن على المعنى الذي يستعملونه هم، فلا يوجد شيء اسمه نسخ تلاوة، فكل آية نزلت وقرأها الرسول (صلى الله عليه وآله) على المسلمين يجب علينا أن نعتقد أنها من القرآن حتى يأتينا دليل منه (صلى الله عليه وآله) يقول: هذه لا تقرؤوها فقد نسخت تلاوتها، وهذا الدليل ليس عندهم. فهم في كل آية يقولون نسخت يحتاجون أن يأتوا بدليل مَن الذي أنزل عليه القرآن ليقول هذه الآية نسخت فلا تقرؤوها أو نسخت تلاوتها لكي لا تكتب في القرآن، فهل هذا موجود عندهم ؟!!
                      وبخصوص ما ذكره السرخسي عن ابن مسعود فهو لا يعدو أن يكون تحليلاً استحسانياً منه لم يقدم عليه دليلاً، وكذلك هو حال ابن حزم مع آية عائشة وغيرها.
                      وقد تنبّه لضحالة هذا التبرير (نسخ التلاوة) بعض كتّاب العصر، وهو الشيخ (علي حسن العريض) مفتش الوعظ في الأزهر، ناقماً وناقداً له نقداً لاذعاً، قال: (وذهبت طائفة من العلماء إلى إنكار هذا النوع من النسخ وعدم وقوعه في كتاب اللّه‏ عزّ وجلّ، لأنّه عيب لا يليق بالشارع الحكيم، لأنّه من التصرّفات التي لا تعقل لها فائدة، ولا حاجة إليها، وتنافي حكمة الحكيم).
                      وقال: (والحقّ يقال إنّ هذا النوع من النسخ وإن كان جائزا عقلاً، ولكنّه لم يقع في كتاب اللّه‏ عزّ وجلّ، لأنّ هذه الروايات روايات آحاد، والقرآن الكريم لا يثبت بروايات الآحاد مهما كانت مكانة قائلها ... وأيضاً فإنّ الحكم لا يثبت إلاّ من طريق النصّ، فزوال النصّ مقتضٍ لزوال الحكم، ولم يظهر لزوال النصّ وحده حكمة من عمل الحكيم لأنّ الحكم ما زال قائماً لم ينسخ، فأيّ فائدة في نسخ تلاوته؟) فتح المنان في نسخ القرآن: ص224 – 226.
                      وإليك تصريحات بعض علمائهم في إنكار هذا النوع من النسخ:
                      قال ابن ‏الخطيب الأزهري: (ومن أعجب العجاب ادّعاؤهم أنّ بعض الآيات قد نسخت تلاوتها وبقي حكمها، وهو قول لا يقول به عاقل إطلاقاً؛ وذلك لأنّ نسخ أحكام بعض الآيات مع بقاء تلاوتها أمر معقول مقبول، حيث إنّ بعض الأحكام لم ينزل دفعةً واحدةً، بل نزل تدريجيّا ... أمّا ما يدّعونه من نسخ تلاوة بعض الآيات مع بقاء حكمها فأمر لا يقبله إنسان يحترم نفسه، ويقدّر ما وهبه اللّه‏ تعالى من نعمة العقل، إذ ما هي الحكمة في نسخ تلاوة آية مع بقاء حكمها ؟! ما الحكمة في صدور قانون واجب التنفيذ، ورفع ألفاظ هذا القانون مع بقاء العمل بأحكامه؟!) الفرقان: ص156 – 157.
                      وقد نقل الشيخ علي حسن العريض في (فتح المنان في نسخ القران: ص223 – 230) عن بعض علمائه ممن أنكر نسخ التلاوة، وهم:
                      1- صدر الشريعة في كتابه "التوضيح"، اذ قال: (منع بعض العلماء وجود المنسوخ تلاوة، لأنّ النسخ حكم والحكم بالنصّ، فلا انفكاك بينهما).
                      2- أبو إسحاق الشيرازي في كتاب "اللمع" في اُصول الفقه، قال: (وقالت طائفة: لا يجوز نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، لأنّ الحكم تابع للتلاوة، فلا يجوز أن يرفع الأصل ويبقى التابع).
                      3- الشيخ محمد الخضري في كتابه "تاريخ التشريع الإسلامي"، قال: (لا يجوز أن يرد النسخ على التلاوة دون الحكم. وقد منعه بعض المعتزلة وأجازه الجمهور محتجّين بأخبار آحاد لا يمكن أن تقوم برهاناً على حصوله. وأنا لا أفهم معنى لآية أنزلها اللّه‏ تعالى لتفيد حكماً ثمّ يرفعها مع بقاء حكمها؛ لأنّ القرآن يقصد منه إفادة الحكم والإعجاز بنظمه معا، فما هي المصلحة في رفع آية منه مع بقاء حكمها. إنّ ذلك غير مفهوم، وقد أرى أنّه ليس هناك ما يدعو إلى القول به).
                      4- الدكتور مصطفى زيد في كتابه "النسخ في القرآن الكريم"، قال: (ومن ثمّ يبقى "منسوخ التلاوة باقي الحكم" مجرّد فرض لم يتحقّق في واقعة واحدة، ولهذا نرفضه ونرى أنّه غير معقول ولا مقبول).
                      5- الآلوسي في تفسيره، قال: (والقول بأنّ ما ذكر إنّما يلزم منه نسخ التلاوة، فيجوز أن تكون التلاوة منسوخة مع بقاء الحكم - كآية الشيخ والشيخة - ليس بشيء؛ لأنّ بقاء الحكم بعد نسخ لفظه يحتاج إلى دليل، وإلاّ فالأفضل أنّ نسخ الدالّ يرفع حكمه).
                      6- ونقل العريض عن بعضهم: (إنّ الحقّ أنّ هذا النوع من النسخ غير جائز، لأنّ الآثار التي اعتمدوا عليها لا تنهض دليلاً لهم، والآيتان (الرجم والرضاع) لا تسمحان بوجوده إلاّ على تكلّف، ولأنّه يخالف المعقول والمنطق، ولأنّ مدلول النسخ وشروطه التي اشترطها العلماء فيه لا تتوفّر، ولأنّه يفتح ثغرة للطاعنين في كتاب اللّه‏ تعالى من أعداء الإسلام الّذين يتربّصون به الدوائر وينتهزون الفرصة لهدمه وتشكيك الناس فيه. والعجيب أنّه قد وردت رواية عن عمر: ولولا أن يقال زاد عمر في المصحف لكتبتها. فهذا الكلام يدلّ على أنّ لفظها موجود لم ينسخ، فكيف يقال إنّها ممّا نسخ لفظه وبقي حكمه ! وهي موجودة ومسطّرة ومحفوظة على قولهم، ولو كانت آية من القرآن وتحقّق منها عمر لأثبتها من غير تردّد ولا وجل).
                      وبعد أن نقل العريض هذه الكلمات قال أخيراً: (وأميل إلى هذا الرأي لأنّ الصواب في جانبه، فالمنسوخ تلاوة الثابت حكماً غير موجود في كتاب اللّه‏ تعالى، فالحقّ عدم جوازه).
                      أرجو أن يكون فيما أوضحت فائدة لمن يقرأ وليس غرضي الوهابي نفسه لأني غير مطمئن في أنه هل يفقه حرفاً مما يقال له أم لا.
                      نعود إليه لنرى ماذا يقول بعد:
                      يقول: (وقولها رضي الله عنها: ولقد كان……….. أي ذلك القرآن بعد أن نسخ تلاوة في صحيفة تحت سريري والداجن: الشاة يعلفها الناس من منازلهم، وقد يقع على غير الشاة من كل ما يألف البيوت من الطير وغيرها).
                      أقول: ما شرحتَ به قول عائشة أقصد قولك: (أي ذلك القرآن بعد أن نسخ تلاوة) هذا فهمك أنت الذي استقيته من المعوجّين، وليتك بينت دليله. وأما هي فقولها واضح في أن الآية التي زعمتها كانت مما يقرأ من القرآن بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) وقد سبق مني بيانه، فمن عندكم ينزل عليه الوحي بعد النبي روحي فداه ليتحقق النسخ على يديه ؟!!
                      وبعد نقله لكلام ابن حزم المتقدم، قال: (وقال ابن قتيبة: فإن كان العجب من الصحيفة فإن الصحف في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلى ما كتب به القرآن، لأنهم كانوا يكتبونه في الجريد والحجارة والخزف وأشباه هذا. وإن كان العجب من وضعه تحت السرير فإن القوم لم يكونوا ملوكاً فتكون لهم الخزائن والأقفال والصناديق، ...) إلى آخر قوله.
                      وهو يعلم أنّ هذا لا دخل له بالموضوع أصلاً، فليس العجب يرتفع بما نقله عن ابن قتيبة، لكن العجب من آية تتحدث عنها عائشة وأنها من القرآن إلى ما بعد رحيل النبي (صلى الله عليه وآله) وأنتم ترقعون الفتوق بالضحك على الذقون وبالبدع التي لا دليل عليها إطلاقاً.
                      وليت الفتق وقف عند هذا، ولكن أُضيف إلى آية عائشة أحاديث لها أيضاً تنسبها إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) وردت في صحاحهم، لتكتمل البطولة في مسلسل إرضاع الكبير المنسوب زوراً وبهتاناً إلى دين الله تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
                      وأنوي الوقوف هذه المرة على قصة إرضاع الكبير المبتدعة والتي رجع التطبيل لها من جديد هذه الأيام بعد أن قفلت برهة من الزمن.

                      يتبع ...

                      ---


                      ---


                      ---

                      Comment

                      • محمد الانصاري
                        MyHumanity First
                        • 22-11-2008
                        • 5048

                        #12
                        رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

                        10. إرضاع الكبير:

                        قال تعالى: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور: 31.
                        وأكد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في روايات كثيرة على ما يرتبط بعفة المرأة وسترها وخدرها وعدم إبداء زينتها إلا لمن ذكرتهم الآية الكريمة وبنحوٍ بينته شريعة الله التي حدد معالمها محمد وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
                        ولكن، ما يثير الاستغراب فعلاً صدور فتاوى تبيح هذا المنكر الواضح والدعارة المخجلة، وإليكم الحكاية من البداية.
                        أخرج مسلم في صحيحه، قال: (حدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم (وهو حليفه) فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارضعيه قالت وكيف أرضعه وهو رجل كبير فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قد علمت انه رجل كبير زاد عمرو في حديثه وكان قد شهد بدرا وفى رواية ابن أبي عمر فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم) صحيح مسلم: ج4 ص168 – 169.
                        وأخرج مالك في الموطأ: (عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاع الكبير فقال: أخبرني عروة بن الزبير أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة وكان من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان قد شهد بدرا - إلى أن قال - فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال، فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال وأبى سائر أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس وقلن لا والله) الموطأ: ج2 ص605، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
                        ويحكم الألباني - شيخ الحديث عند الوهابيين - على الحديثين كما غيرهما بالصحة (انظر: إرواء الغليل: ج7 ص218). وليس غريباً منه ذلك وقد أفتى هو بجواز إرضاع الكبير من حلمة ثدي الأجنبية مباشرة فالحلمة السوداء لا تثير الشهوة بزعمه !!! وإليكم قوله بالصوت والصورة على الرابط التالي:

                        وأطرب شيخ إسلام الوهابيين (ابن تيمية) لفتوى عائشة المتقدمة، فنقل عنه محمد رشيد رضا تعليقه على ما أخرجه مسلم: (ليس حديث سهلة بمنسوخ ولا مخصوص بسالم ولا عام في حق كل أحد وإنما هو رخصة لمن كان حاله مثل حال سالم مع أبي حذيفة وأهله في عدم الاستغناء عن دخوله على أهله مع انتفاء الريبة ومثل هذه الحاجة تعرض للناس في كل زمان. فكم من بيت كريم يثق ربه برجل من أهله أو من خدمه قد جرب أمانته وعفته وصدقه معه فيحتاج إلى إدخاله على امرأته وإلى جعله معها في سفر، فإذا أمكن صلته به وبها بجعله ولداً لهما في الرضاعة بشرب شيء من لبنها مراعاة لظاهر أحكام الشرع مع عدم الإخلال بحكمتها ألا يكون أولى ؟! بلى وان هذا اللبن ليحدث في كل منهما عاطفة جديدة).
                        راجع تفسير المنار: ج4 ص476 تفسير آية (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم و أخواتكم من الرضاعة).
                        وقال العبيكان - مبرراً فتواه أخيراً بجواز إرضاع الكبير - ناقلاً قول شيخه ابن تيمية وتلميذه ابن القيم: (ابن تيمية قال "في الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية: ص408- دار العاصمة": «ورضاع الكبير تنتشر به الحرمة بحيث لا يحتشمون منه للحاجة لقصة سالم مولى أبي حذيفة وهو بعض مذهب عائشة وعطاء والليث وداود ممن يرى أنه ينشر الحرمة مطلقاً». وقال ابن القيم: «فبذلك كانت عائشة رضي الله عنها تأمر بنات إخوتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت عائشة رضي الله عنها أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيراً خمس رضعات ثم يدخل عليها» زاد المعاد: ج5 ص555).
                        انظر الرابط التالي: http://www.al-madina.com/node/250248

                        بماذا اُعلّق على هذه الدعارة - وباسم الدين - يا مسلمين ؟!! وهل يشك أحد في مدى الانحلال والتفسخ الأخلاقي الذي يصيب المجتمع لو عمل بما أفتى به هؤلاء الأدعياء للعلم ؟!!
                        أما إذا ما أردنا أن نضم له ما أفتى به من يسمون أنفسهم بالمراجع لدى الشيعة في إباحة الزنا - باسم الدين أيضاً - فماذا بقي من دين الإسلام بربكم ؟!! وهل يشك أحد في أنه لم يبق منه إلا الاسم فقط كما أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟!!
                        إن مصيبة إرضاع الكبير - كعشرات غيرها - في الدين وتحليل ما حرمه الله أو تحريم ما أحله، ما كانت لتحصل لو عمل الناس بما أراده الله سبحانه منهم واعتصموا بما أوصاهم به رسوله (صلى الله عليه وآله) بالتمسك والأخذ بالثقلين والخليفتين اللذين تركهما لأمته.
                        وعلى سؤال وجهته إحدى المسلمات قال الإمام أحمد الحسن (عليه السلام) في الجواب: (حاشاه سبحانه وتعالى من أن يُضيّع عباده، فلماذا يضع لهم من يرجعون إليه عند تنازعهم في زمن ثم يهملهم في آخر، وهل هذا هو العدل الإلهي في نظرهم ؟!! وإن قالوا نرجع إلى القرآن وسنّة الرسول (صلى الله عليه وآله) من بعده، فقد لجّوا في العناد والمكابرة، أولم يكن قبل نزول هذه الآية قرآن منزل وسنّة للرسول (صلى الله عليه وآله)، فلماذا لم يأمر سبحانه بالاكتفاء بها، بل إنّ لكل حادث حديثاً، ولكل مستجد حكماً من الله يعلمه رسول الله وأُولو الأمر آل محمد (عليهم السلام) الأئمة والمهديون الذين أمر الله بطاعتهم ؟
                        وإن قالوا إنّ بعد محمد (صلى الله عليه وآله) تمّ الدين بالقرآن والسنّة النبوية التي عندهم ولا تنازع بعده (صلى الله عليه وآله)، فأنا لا أنقلهم إلى تنازعهم في الأحكام منذ مئات السنين، فهذا يحلل وذاك يحرّم نفس الشيء، بل كفّر أئمتهم بعضهم بعضاً في مسألة خلق القرآن المعروفة. لكن أريد طرح مصيبة اليوم التي هم فيها مختلفون، وهي مصيبة تحليل إرضاع الكبير الذي افترت عائشة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه جوزه، وحاشاه صلوات الله عليه وعلى آله من هذا الفساد الذي افترته عائشة بنت أبي بكر ولم تعمل به معها إلاّ حفصة بنت عمر، ولم يرتدعا عندما ضرب الله لهما مثلاً امرأتي نوح (عليه السلام) ولوط (عليه السلام)، ولم يزدهما هذا المثل إلاّ طغياناً ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾ التحريم: 10. والطامة الكبرى أنّهم يعتبرون هذا الحديث صحيحاً ورواه البخاري ومسلم.
                        وإليك نص هذه المصيبة، فقد أفتى رئيس قسم الحديث في جامعة الأزهر بجواز إرضاع الكبير: (حيث أفتى د. عزّت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أنّه يجوز للمرأة العاملة أن تقوم بإرضاع زميلها في العمل منعاً للخلوة المحرّمة، إذا كان وجودهما في غرفة مغلقة لا يفتح بابها إلاّ بواسطة أحدهما).
                        (وأكد عطية لـ «العربية. نت» أن إرضاع الكبير يكون خمس رضعات وهو يبيح الخلوة ولا يحرّم الزواج، وإن المرأة في العمل يمكنها أن تخلع الحجاب أو تكشف شعرها أمام من أرضعته، مطالباً توثيق هذا الإرضاع كتابة ورسميًا ويكتب في العقد أنّ فلانة أرضعت فلاناً.
                        وفي تصريحات لـ «العربية. نت» قال عضو مجلس الشعب خلف الله: إن الخطأ في هذا الموضوع أنّه لم يتم تناوله بطريقة علمية أو أكاديمية، فلو حدث ذلك لاختلفت المسألة، لكنّها أثيرت إعلامياً بطريقة ساخرة كأنّ هناك من يحبون أن تشيع الفاحشة.
                        إلاّ إنّ الشيخ السيد عسكر الوكيل الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية، وهي أعلى هيئة فقهية بالأزهر، والنائب عن جماعة الإخوان المسلمين بالبرلمان، رفض هذا الرأي مؤكداً إنّه خروج على إجماع علماء الأمة ولا يجوز القياس على حالة خاصة، ومطالباً بالتصدي لذلك؛ لأنّه يسهم في نشر الرذيلة بين المسلمين.
                        وكان د. عزّت عطية صرّح لجريدة «الوطني اليوم» الناطقة باسم الحزب الحاكم الذي يهيمن أعضاؤه على مجلس الشعب، إنّ إرضاع الكبير «يضع حلّاً لمشكلة الخلوة؛ لأن حماية الأعراض من المقاصد الأصيلة للشريعة، ويبني عليها كثير من الأحكام. مطالباً بتوثيق الإرضاع كتابة ورسمياً، ويكتب في العقد أنّ فلانة أرضعت فلاناً ونشهد الله على ذلك ونحن من الشاهدين». ثم كرّر ذلك في لقاء مع قناة النيل الثقافية التابعة للدولة.
                        وأضاف أنّ السيدة حفصة التي بعثت ابن أخيها سالم بن عبد الله بن عمر يرضع من أخت السيدة عائشة حتى يدخل عليها، فرضع ثلاث مرّات وتعبت ولم يتم خمس رضعات فلم تدخله السيدة عائشة وماتت قبل أن يحدث ذلك).
                        هذا بعض ما ورد في وسائل الإعلام حول هذه الفتوى في شهر (5/ 2007) ويستطيع أي أحد الاطلاع على الفتوى والجدل حولها في وسائل الإعلام وفي شبكة الإنترنت.
                        وانظري إلى ما يقول الشيخ السيد عسكر الوكيل الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية: (... ومطالباً بالتصدي لذلك؛ لأنّه يسهم في نشر الرذيلة بين المسلمين)، وكأنّه لم يلتفت إلى أنّ هذا الذي يسهم في نشر الرذيلة بين المسلمين، ورد في البخاري ومسلم ومن افترته على الرسول (صلى الله عليه وآله) هي عائشة، ولكنّه هل يستطيع أن يقول إنّ ما قامت به عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر كما هو مروي في البخاري ومسلم (يسهم في نشر الرذيلة بين المسلمين)) الجواب المنير: ج2 س75.
                        وأما تبرير الشيخ عبد المحسن العبيكان - المستشار في حكومة آل سعود - لفتواه التي طرحها أخيراً بجواز إرضاع الكبير، فهو ما أبرزه بقوله: (إذا احتاج أهل بيت (ما) إلى رجل أجنبي يدخل عليهم بشكل متكرر وهو أيضاً ليس له سوى أهل ذلك البيت ودخوله فيه صعوبة عليهم ويسبب لهم إحراجاً وبالأخص إذا كان في ذلك البيت نساء أو زوجة، فإن للزوجة حق إرضاعه).
                        انظر قوله على الرابط:
                        http://www.alarabiya.net/articles/2010/05/21/109228.html


                        يبقى أن أشير إلى أنّ العبيكان الوهابي خالف شيخه الألباني - بعد اتفاقهما على جواز الإرضاع - في كيفيته، فأفتى الألباني بإمكان الرضاع من ثدي الأجنبية مباشرة، وأما العبيكان فيقول: (ومما يفهمه البعض خطأ أن الرضاع يحصل مباشرة من ثدي المرأة والحقيقة أنه لا يفعل ذلك وإنما تحلب المرأة في إناء ثم يشربه بعد ذلك، كما نص عليه أهل العلم).
                        ولأن الموضوع بات مسرح للسخرية للكثيرين، قال العبيكان في جوابهم: (وهناك من فهم أن هذه الفتوى تشمل السائقين والخدم وغيرهم وهذا غير صحيح فلا تشملهم أبداً وإنما هي في حالات نادرة وكما ذكرت بالأمس الحالتين اللتين تعتبر مثل قصة سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه وما يشبه هاتين الحالتين كما أنني أنبه إلى خطورة القدح في السنن الصحيحة .. وأعظم من ذلك السخرية فإن مثل هذا يقدح في دين من يفعل ذلك، وقد يؤثر على عقيدته فالحذر كل الحذر من التعرض للعلماء وفتواهم وما جاءت به النصوص الشرعية).
                        السخرية من فتواه بإرضاع الكبير يؤثر على العقيدة !!
                        وهذه بعض التعليقات وجدتها في بعض المنتديات تعقيباً على الفتوى:
                        1- يا شيخ لا تجعل المسألة قدحا في السنة! جماهير من محققي علماء الشريعة ردوا مسألة إرضاع الكبير وجعلوها مسألة عين (فتوى خاصة) بل أصبح اليوم شبه مجمع عليه بينهم فهل نتهمهم بالقدح في السنة!! المسألة أن تنقل قولا شاذا في مسألة لا حاجة لها ومخالفة لأصول الشريعة والفقه. د/ حسن هاشم
                        2- يا شيخ وقصة سالم ليه ما تشمل السواق البنقالي والخادمة إيش الفرق ؟ أحنا أحوج من مرأة أبي حذيفة لسالم هو يدخل عليها وهذولا يعيشون وسط البيت أنا عزمت أرضعهم عشان يكونون إخوان سوى وإخوان للبنات والعيال. عارفة إني أرضعهم بكاسات لكن كم كاس يكفي يكونون محارم. نورة
                        3- ارجو ان تجتهد يا شيخ و تتأمل وضعي كحالة خاصة جزاك الله خيرا انا عندي سائق له 18 سنة بعمل عندي ويقوم بايصال المدام للمدرسة واحضارها وطبيعة عملي تتطلب السفر باستمرار ويؤنبني ضميري دائما ارجو ان تدرس معانتي وتستثنيني جعلها الله في ميزان حسناتك. احمد العنزي
                        4- متى بتريحنا ياشيخ العبيكان من هذى الفتاوى وش الفائدة من رضع او شرب الكبير من حليب المرأة ياشيخ خاف الله في أمة محمد وأهتموا بشئ يفيد الآمه بدل البروز الاعلامي انا ماني فاهم الى الان ايش الفايده. تركي الشهراني
                        وغيرها الكثير .. انظر على سبيل المثال هذا الرابط:
                        http://www.alwatan.com.sa/Nation/News_Detail.aspx?ArticleID=3933&CategoryID=3
                        قال الإمام علي (عليه السلام) في ذم اختلاف العلماء في الفتيا: (ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعاً وإلههم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد. أفأمرهم الله تعالى بالاختلاف فأطاعوه. أم نهاهم عنه فعصوه. أم أنزل الله ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه. أم كانوا شركاء له. فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى أم أنزل الله سبحانه ديناً تاماً فقصر الرسول صلى الله عليه وآله عن تبليغه وأدائه والله سبحانه يقول "ما فرطنا في الكتاب من شئ" فيه تبيان كل شئ وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا") نهج البلاغة: خطبة رقم 18.
                        يتبع ...

                        ---


                        ---


                        ---

                        Comment

                        • محمد الانصاري
                          MyHumanity First
                          • 22-11-2008
                          • 5048

                          #13
                          رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

                          11. عمر يريد إضافة آية الرجم إلى القرآن لولا قول الناس !!

                          ليس هذا تقوّل مني على الرجل بقدر ما هو قول علمائهم؛ حيث أخرج عنه البخاري: (.. قال عمر: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي) صحيح البخاري: ج8 ص113، كتاب الأحكام.
                          أين يريد عمر كتابتها ؟! أكيد في القرآن وباعترافه هو (زاد عمر في كتاب الله)، وقول عمر هذا يضرب بدعة نسخ التلاوة - التي أرادوا بها تبرير بعض ما رواه الصحابة من آيات ليست بموجودة في المصحف اليوم - عرض الجدار؛ لأن الإضافة زندقة وكفر باعترافهم، وهو ما لا يعتقدونه في خليفتهم. وأما عدم إضافته لها فيمكنهم أن يعتذروا له - مثلاً - بعدم استطاعته لذلك خصوصاً إذا ما افترض عدم وجود شاهد آخر معه عليها، فالبينة منهج اعتمده من جمع القرآن عندهم - في أحسن الأحوال - في إثبات الآية أو نفيها، وقد تم إيضاح قضية جمع القرآن والمنهج الذي اعتمده الجامعون في كتاب يصدر قريباً إذا شاء الله.
                          ثم إني عرضت لآية الرجم وغيرها لأني كنت بصدد التقديم لبيان مسألة تتعلق بقراءة آل محمد (عليهم السلام)، بعد أن كثر المهرجون - من يدعي التشيع منهم أو التسنن - على الإمام أحمد الحسن (عليه السلام) لمجرد قراءته لكتاب الله بقراءة آل محمد الثابتة في رواياتهم الشريفة، فأردت بالتمهيد الذي قدمته في الكتاب في محطته الأولى أن أبين للمسلمين أنّ كتبهم قد روت واعترفت بأحاديث صحيحة بما هو أعظم من القول بالقراءة.
                          فلا أعرف وجهاً لتهريج الوهابي في رده، إذ ينقل أولاً كلامي الذي ينسبه للسيد اليماني (عليه السلام) كذباً منه، فيقول:
                          ثم يقول اليماني: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة. وهي آية عمر المفضلة كما هو معروف والتي طالما قال عنها: لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها يعني آية الرجم ..، وقال أيضاً: لا تشكوا في الرجم فإنه حق).
                          هكذا هي منهجية اليماني ينكر علينا بل يشنع على الفاروق رضي الله عنه بأن آية الرجم مفضلة لديه !!! أقول: بأن هذا من السفه أولاً.
                          أقول: لماذا يكون ما نقلته عن عمر "سفه" بربك وقد روته صحاحكم وكتبكم ؟! ثم واحدة من علامات السفيه انه لا يعلم ما يقول وما يقال له ولا يزن الأمور بموازينها الصحيحة، ولا اعتقد أن عاقلاً يخالفني في اتصاف الوهابي بذلك.
                          نقلت في كتاب (مع العبد الصالح) بعض المصادر التي نقلت آية الرجم عن عمر، فقلت في الهامش: (وممن روى آية عمر في الرجم هذه: البخاري في صحيحه: ج8 ص25 و113 و152، ومسلم في صحيحه: ج5 ص116. وأحمد بن حنبل في مسنده: ج1 ص23 وص29، وص36، وص40، وص43، وص47 و50 و55، وج5 ص132، وج6 ص269. وكذلك: ابن ماجة في سننه: ج2 ص853، والدارقطني في سننه: ج4 ص179، والكاندهلوي في حياة الصحابة: ج3 ص454. والعيني في عمدة القاري: ج23 ص9، والعسقلاني في فتح الباري بشرح صحيح البخاري: ج12 ص120 وج13 ص135، والشوكاني في فتح القدير: ج4 ص354، والراغب الأصفهاني في محاضرات الأدباء: ج2 ص420، وابن منظور في مختصر تاريخ دمشق: ج12 ص201، والبرقي في مسند ابن عوف: ص43، والهيثمي في موارد الظمآن: ص435، ومالك في الموطأ: ج2 ص179).
                          وأغفلت غيرها الكثير، لذا حسبتها آيته المفضلة بعد أقواله التي نقلتها عن الرجم وآيته، وبعد كل الذين رووها وأخرجوها عنه، فهل تقصد بالتشنيع الذي مارسته بنظرك إخراجي لقول عمر من مصادركم ؟! إذن ما ذنبي أنا والكلام لكبار علمائك وعلى رأسهم البخاري، فليكن المشنعين هم لأني نقلته عنهم، أليس كذلك ؟؟
                          وقال:
                          ثانياً: من باب الدفاع عن القرآن الكريم وعن الرسول والصحابة رضوان الله عليهم وما حصل في المناظرة التي جرت في رمضان بأن هناك تحريف في القرآن عند السنة ونقول بأنها نسخت ونعجب من الروافض وهم يكررون هذه المسألة !!
                          أقول: الناسخ والمنسوخ يعرف بالنص الدال عليه وبدلالة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)، فأين هي الآية المنسوخة وأين هو ناسخها واين قول النبي الكريم في نسخها ؟؟ هلا أبرزت ذلك لنا ؟؟ أو أنك تقصد نسخت تلاوتها فقط ؟؟ إذن ما بال عمر يريد كتابة المنسوخ تلاوته - بحسب زعمك - في كتاب الله ؟! وهل يتجرأ على ذلك مسلم يؤمن بيوم الحساب ويخاف عذاب الله ؟! ثم أطالبك بدليل نسخ تلاوتها أيضاً؛ وكفى بالمرء جهلاً أن يحدث بكل ما يسمع أو ما يلقن فيكون مطية غيره الى جنهم والعياذ بالله. والتفت أنك بقولك في ردك: (نُسخت)، تهين عمر وتشنع عليه أيما تشنيع وتتهمه بما يخرجه من الملة، وكل هذا لم أتفوه به أنا بل هو لازم كلامك لو كنت تعي القول.
                          ثم قال:
                          لكن ما أردت أن أصل إليه هو أن آية الرجم ذكرت في كتب الشيعة وفي تفاسيرهم
                          جاء في التبيان (ما نسخ لفظه دون حكمة، كآية الرجم فان وجوب الرجم على المحصنة لا خلاف فيه، والآية التي كانت متضمنة له منسوخة بلا خلاف وهي قوله: والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البته، فانهما قضيا الشهوة جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم ) التبيان في تفسير القرآن: ج1 ص394.
                          وهل كان الكلام في وجودها في المصادر أم عدمه لتجهد نفسك باستخراجها من كتب الشيعة ؟!! فقد بينت غايتي من نقل قول عمر وكذلك باقي الآيات الأخرى التي عرضتها، وهي بعيدة كل البعد عما يرومه صاحب الرد، وباختصار هي: تهيئة قلوب المسلمين لقبول قراءة آل محمد (عليهم السلام) بعد أن قبلوا قراءة كل من هب ودب، فهم كلهم ينقلون في مصادرهم ما هو أعظم من القراءة وكانت آية الرجم واحدة من الأمثلة.
                          لذا قوله أخيراً: (الآن تبين للمنصف أن آية الرجم موجودة في كتب الروافض فما بال أحمد الحسن يشنع على أهل السنة والجماعة ؟) لا معنى له أطلاقاً كما هو واضح، بل يؤكد أن صاحب الرد لا يعرف شيء بخصوص موضوع البحث، وهو شاهد آخر يضاف على أن هذا الوهابي التائه لم يقرأ شيء أو أنه لا يفهم ما يقرأ، والحمد لله على كل حال.
                          يتبع ...

                          ---


                          ---


                          ---

                          Comment

                          • محمد الانصاري
                            MyHumanity First
                            • 22-11-2008
                            • 5048

                            #14
                            رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

                            12. هل نص النبي (صلى الله عليه وآله) على علي (عليه السلام) في وصيته ؟؟

                            قال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) البقرة: 180. ولا يشك مسلم في أن الكتابة في الآية الكريمة المحكمة تدل على الوجوب، كما أن حضور الشاهدين حين الوصية أمر أشار له قوله تعالى: (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) المائدة: 106. بل جعل الله سبحانه إحدى علامات ميتة أهل النار عدم استطاعتهم الوصية عند الموت، قال تعالى: (فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) يس: 50.
                            وأخرجوا عن ابن عمر قوله: (ما حق امرئ مسلم ببيت ليلتين وله شئ يريد أن يوصى فيه إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه) المجموع للنووي: ج15 ص408، فتح الباري: ج5 ص264، نيل الاوطار للشوكاني: ج6 ص143.
                            قال الشوكاني: (وقد استدل بهذا الحديث مع قوله تعالى: "كتب عليكم .." الآية، على وجوب الوصية، وبه قال جماعة من السلف منهم عطاء والزهري وأبو مجلز وطلحة بن مصرف في آخرين، وحكاه البيهقي عن الشافعي في القديم، وبه قال إسحاق وداود وأبو عوانة الأسفراييني وابن جرير) نيل الاوطار: ج6 ص143.
                            والسؤال: هل أوصى رسول الله عند وفاته ؟؟ المفروض أن لا يتردد مؤمن بالله بالإجابة بـ"نعم"؛ ذلك أن النفي يعني اتهام النبي (صلى الله عليه وآله) بمخالفة محكم القرآن، وحاشاه من ذلك.
                            ولكنهم - وبرغم هذا اللازم الفاسد الموجب للقدح في الإسلام فضلاً عن الإيمان - نراهم يتخبطون، فمرة يستدلون على عدم الوصية بحديث عائشة، إذ أخرج البخاري: (عن إبراهيم عن الأسود قال ذكروا عند عائشة أن علياً رضي الله عنهما كان وصياً فقالت متى أوصى إليه وقد كنت مسندته إلى صدري أو قالت حجري فدعا بالطست فلقد انخنث في حجري فما شعرت انه قد مات فمتى أوصى إليه) صحيح البخاري: ج3 ص186، كتاب الوصايا.
                            وهي – كما لا يخفى – تتساءل عن زمن حصولها منه (صلى الله عليه وآله)، لا أنها تنفي أصل كون النبي أوصى، وكتاب الله لا يشترط حضور أكثر من الشاهدين حين الوصية ولا يشترط علم كل أحد بما فيهم عائشة لتدور الوصية ثبوتاً وعدماً على علمها أو عدمه.
                            على أن ما زعمته عائشة معارض بصحاح متواترة من طريق العترة الطاهرة، وحسب مخالفهم ما أخرجه ابن سعد بالإسناد إلى علي، (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله، في مرضه: "ادعوا لي أخي، فأتيته، فقال: ادن مني، فدنوت منه، فاستند إلي فلم يزل مستندا إلي، وإنه ليكلمني حتى أن بعض ريقه ليصيبني، ثم نزل برسول الله صلى الله عليه وآله ..) الطبقات الكبرى: ج2 ص51.
                            بل كان عمر بن الخطاب إذا سئل عن شيء يتعلق ببعض هذه الشؤون لا يقول غير: "سلوا علياً" لكونه هو القائم بها، فعن جابر بن عبد الله الأنصاري: (أن كعب الأحبار سأل عمر، فقال: ما كان آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال عمر: سل علياً، فسأله كعب، فقال علي: أسندت رسول الله صلى الله عليه وآله إلى صدري، فوضع رأسه على منكبي، فقال: الصلاة الصلاة، قال كعب: كذلك آخر عهد الأنبياء، وبه أمروا وعليه يبعثون، قال كعب فمن غسله يا أمير المؤمنين ؟ فقال عمر: سل علياً، فسأله فقال: كنت أنا أغسله . . الحديث) الطبقات الكبرى: ج2 ص51، كنز العمال: ج4 ص55 ح1106.
                            وسأل أبو غطفان ابن عباس: (أرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله، توفي ورأسه في حجر أحد ؟ قال: نعم توفي وإنه لمستند إلى صدر علي، قلت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري، فقال بن عباس: أتعقل؟ والله لتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه لمستند إلى صدر علي وهو الذي غسله وأخي الفضل بن عباس وأبى أبي أن يحضر) الطبقات الكبرى: ج2 ص51، كنز العمال: ج4 ص55 ح1108.
                            وأخرى يستدلون على أنه (صلى الله عليه وآله) أوصى بكتاب الله، أخرج البخاري عن (طلحة بن مصرف قال سألت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما هل كان النبي صلى الله عليه وسلم أوصى فقال لا فقلت كيف كتب على الناس الوصية أو أمروا بالوصية قال أوصى بكتاب الله) صحيح البخاري: ج3 ص186، كتاب الوصايا.
                            (النبي لم يوص .. النبي أوصى بكتاب الله) كلا القولين لابن أبي أوفى، وأكيد أنّ هناك شنشنة دعته إلى النفي المطلق أولاً ثم التدارك أخيراً، وما دعا طلحة لسؤاله عن وصية النبي (صلى الله عليه وآله) هو ذاته الداعي لمن سألوا عائشة عن وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الرواية السابقة، وهو ما يثير علامة سؤال عند الباحث المنصف عن مصدر هذه الأسئلة ؟؟
                            ربما تلا المسلمون قوله تعالى: (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة: 133.
                            يعقوب (عليه السلام) إذن يوصي عند حضور الوفاة، فهل شذ محمد روحي فداه – وحاشاه – عن الأنبياء، خصوصاً والله سبحانه يقول: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ) الشورى: 13.
                            ألا يكفي هذا ليكون داعياً لتساؤل المسلمين عن وصية نبيهم عندما حضرته الوفاة !!
                            أخيراً اعترفوا أنه (صلى الله عليه وآله) أوصى عند موته بثلاث .. الحمد لله. ما هي هذه الثلاث، فالمسلم على أشد الشوق لسماعها والتزامها، كيف وهي آخر ما تكلم به النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وهل النجاة إلا بالأخذ بها ؟! ولكن سرعان ما يصاب المسلم بالدهشة لما يسمع أنّ واحدة من هذه الثلاث يدعي الراوي نسيانها !!
                            أخرج البخاري: (حدثنا ابن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء فقال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس فقال ائتوني بكتاب اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه. وأوصى عند موته بثلاث اخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ونسيت الثالثة) صحيح البخاري: ج4 ص31، باب دعاء النبي إلى الإسلام ...
                            لماذا النزاع والمفروض أنهم مسلمون ومؤمنون بالنبي (صلى الله عليه وآله) الذي يريد أن يكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده أبداً ؟! هل يكره مؤمن بالله الهداية ويحب الضلال ؟!
                            لست الآن بصدد الوقوف على هذه الرزية وغرضي فقط الإشارة إلى أن الحديث يثبت أنه (صلى الله عليه وآله) أوصاهم مشافهة بأمور ثلاثة بعد تنازعهم في الإتيان بصحيفة يكتب فيها ما أوصاهم به مشافهة (وأوصى عند موته بثلاث ..).
                            والسؤال: هل بوسعنا معرفة الشيء الثالث الذي زعم الراوي نسيانه - حتى كأن النبي أوصاهم بأمور صعب على ذاكرة الراوي البائسة استحضارها - وهل سبق للنبي (صلى الله عليه وآله) أن تحدث عن شيء واعتبر التمسك والأخذ به من بعده عاصماً من الضلال في مواطن تقدمت على يوم الرزية ليكشف هذا المنسي ؟؟
                            أعتقد أنّ حديث الثقلين كافٍ للإجابة على هذا السؤال، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي) الراوي: أبو سعيد الخدري وجابر بن عبد الله، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 7877، خلاصة الدرجة: صحيح.
                            وعبر النبي (صلى الله عليه وآله) عن الكتاب والعترة في أحاديث أخرى بالخليفتين، قال: (إني تارك فيكم الخليفتين من بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض) الراوي: زيد بن ثابت المحدث: الألباني، المصدر: كتاب السنة، الصفحة أو الرقم: 754، خلاصة الدرجة: صحيح.
                            ولو قارنّا بين حديث رزية الخميس والثقلين لوجدناهما يشتركان في عدم الضلال عند الأخذ بالمأمور به (كتاباً لن تضلوا بعده أبداً = ما أن أخذتم به لن تضلوا)، وقد ذكر حديث الثقلين شيئين (الكتاب + العترة) في حين قال عمر في رزية الخميس: (حسبنا كتاب الله)، وإذا كان العاصم من الضلال شيئين بنظر محمد (صلى الله عليه وآله) فما يحسبه عمر كافياً ليس بكافٍ عند الله بكل تأكيد، وإلا لما قرن الرسول إليه شيئاً في حديث الثقلين والخليفتين.
                            والكتاب قد أوصى به النبي (صلى الله عليه وآله) بنظرهم ورووا عن ابن أبي أوفى أن النبي أوصى بكتاب الله، فماذا بقي لم يذكره رواتهم وادعى أحدهم نسيانه مما يمكن له أن يسطّر في الكتاب العاصم - وكان السبب لرفض من رفض الإتيان بالصحيفة يوم الخميس، ولما حصل ذلك أوصاهم النبي (صلى الله عليه وآله) به مشافهة - غير عترته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً وقرنهم رسوله الكريم بكتاب الله وضمن عدم ضلال الأمة فيما لو تمسكت وأخذت بهما ؟!!
                            وقد أورد أحمد في مسنده قول النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام)، عنه: (يا علي، إن أنت وليت الأمر بعدي فأخرج أهل نجران من جزيرة العرب) مسند احمد: ج1 ص87 ح661. قال الهيثمي في (مجمع الزوائد: ج5 ص185): رواه أحمد وفيه قيس غير منسوب، والظاهر أنه قيس بن الربيع وهو ضعيف؛ وقد وثقه شعبة والثورى وبقية رجاله ثقات.
                            وواضح أن إخراج المشركين من جزيرة العرب هو نفسه الأمر الثاني الذي ذكرته الرواية - محل البحث - وادعى راويها نسيان الثالث، وبيّن الإمام علي (عليه السلام) أنّ المكلف بإخراج المشركين هو (عليه السلام) (يا علي، إن أنت وليت الأمر بعدي ..)، وإلا هل يأمر النبي القوم كلهم بإخراج المشركين وإجازة الوفد، هكذا كلهم بلا أمير لهم يطيعوه في تنفيذ ما أمرهم به ؟!! بل حتى "إن" الشرطية في قوله (يا علي إن أنت ..) إشارة إلى علمه بما سيجري على وصيه ومحاولة زحزحتها عنه - وقد حصل فعلاً - من قبل شيوخ قريش وعربانها.
                            هذا، وقد انتفض الوهابي لسماعه المهدي أحمد (عليه السلام) وهو يحدد "الثالثة" التي تناساها الراوي، إذ يقول:
                            (المحطة الثانية .. يقول اليماني: (سيقولون لكم الآتي: أنهم خرجوا عنه وقد أوصاهم بكذا، مثل: أخرجوا المشركين، فأخرجوا النص من كتب السنة ستجدونه أيضاً وصاهم قبل خروجهم بثلاث، وهم يعدون اثنتين والثالثة يقول الراوي عنها: نسيتها، وهي ولاية علي عليه السلام وخلافته لرسول الله صلى الله عليه وآله ، فهم لما رفضوا كتاباً يكون فيه هداهم إلى يوم القيامة أوصاهم مشافهة بما فيه هداهم من بعده مباشرة).
                            أقول: يقول اليماني بأن الثالثة هي الولاية أو ولاية علي رضي الله عنه !!! نقول أولا بصفتك من أنت حتى تستنطق النصوص بما لم تنطق ؟ وكيف عرفت أنها ولاية علي رضي الله عنه ؟ ونطالب منك أن تثبت بنص يقول بأن الوصية الثالثة هي ولاية علي رضي الله عنه).
                            أقول: أكيد أنها ولاية علي (عليه السلام)، وهل غير علي وأبنائه الطاهرين من عترة محمد (صلى الله عليه وآله) قرنهم رسول الله بكتاب الله وجعلهما ضماناً لأمته من الضلال بسبب عدم افتراق أحدهما عن الآخر حتى يردا عليه الحوض ؟!! وقد ذكرتم أنّ النبي أوصى عند وفاته بكتاب الله فأين العترة في وصيته عند الوفاة غير الثالثة المنسية من قبل الحاسدين آل محمد (عليهم السلام)؟؟
                            بلى، نطقت النصوص بل العشرات والمئات في كتبكم وكتب غيركم في فضل آل محمد ومقامهم وولايتهم في كتاب الله وسنة رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله)، ويكفيكم حديث الثقلين شاهداً لو كنتم مسلمين، ولكن (قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ) البقرة: 93.
                            قال ابن حجر: (وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة، كما أن الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض كما يأتي، ويشهد لذلك الخبر السابق: في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ... إلى آخره) الصواعق المحرقة: ص181.
                            فهلّا سألتم أنفسكم من المتأهل للتمسك به من أهل بيت نبيكم – ويكون للقرآن قريناً – بعد النبي (صلى الله عليه وآله) ويكون أماناً لكم باعتراف كباركم غير علي (عليه السلام) ؟!!
                            أخرج أحمد في مسنده عن قوم وقعوا في علي (عليه السلام)، فقال ابن عباس: (أف وتف وقعوا في رجل له عشر: وقعوا في رجل قال له النبي صلى الله عليه وسلم لأبعثن رجلاً لا يخزيه الله أبداً يحب الله ورسوله قال فاستشرف لها من استشرف قال أين على قالوا هو في الرحل يطحن قال وما كان أحدكم ليطحن قال فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر قال فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثاً فأعطاها إياه فجاء بصفية بنت حيى. قال: ثم بعث فلاناً بسورة التوبة فبعث علياً خلفه فأخذها منه قال لا يذهب بها إلا رجل مني وأنا منه. قال: وقال لبني عمه أيكم يواليني في الدنيا والآخرة قال وعلي معه جالس فأبوا فقال علي أنا أواليك في الدنيا والآخرة قال أنت وليي في الدنيا والآخرة قال فتركه ثم أقبل على رجل منهم فقال أيكم يواليني في الدنيا والآخرة فأبوا قال فقال علي أنا أواليك في الدنيا والآخرة فقال أنت وليي في الدنيا والآخرة. قال: وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة. قال: وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين فقال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً. قال وشرى علي نفسه لبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه. قال: وكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو بكر وعلي نائم قال وأبو بكر يحسب أنه نبي الله قال فقال يا نبي الله قال فقال له علي أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه قال فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار قال وجعل علي يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبي الله .. قال: وخرج بالناس في غزوة تبوك قال فقال له علي أخرج معك قال فقال له نبي الله لا فبكى علي فقال له أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي انه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي. قال وقال له رسول الله أنت وليي في كل مؤمن بعدي. وقال سدوا أبواب المسجد غير باب علي ..) مسند أحمد: ج1 ص331. قال الهيثمي: (رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط باختصار ورجال أحمد رجال الصحيح غير أبي بلج الفزاري وهو ثقة وفيه لين) مجمع الزوائد: ج9ص119. وقال ناصر الدين الألباني في ظلال الجنة بعد أن رواه مختصراً بنفس السند في تخريج السنة رقم 1188: إسناده حسن.
                            ولو كان هذا الحديث فقط في الإمام علي (عليه السلام) لكفى لطالب الحق كما يلاحظ كل منصف مؤمن بيوم الحساب.
                            ومما يثير العجب حقاً أن يطالب الوهابي (صاحب الرد) المهدي أحمد (عليه السلام) المبشر به من قبل جده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يطالبه بتعريف نفسه لكي يستنطق النصوص الدينية، والمفروض أنه قد سمع بدعوته المباركة التي أعلنها للناس أجمعين، وكان الأولى به - لو كان يعي القول - أن يركز بحثه في أدلة الدعوة المباركة ليعلم خليفة الله المهدي كما عرفه الله ورسوله، ولعلم بعدها أن من لديه الإذن بالخوض في دين الله وبيان الحقائق هم خلفاء الله وليس كل من هب ودب من العوران الضالين كالوهابيين وغيرهم.
                            للموضوع تتمة ..
                            يتبع ...

                            ---


                            ---


                            ---

                            Comment

                            • محمد الانصاري
                              MyHumanity First
                              • 22-11-2008
                              • 5048

                              #15
                              رد: الرد على الوهابي في طعنه على كتاب مع العبد الصالح (ع)

                              عود على بدء:
                              كتب الله سبحانه الوصية عند حضور الوفاة على الجميع، وهي حق على المتقين، ورسول الله (صلى الله عليه واله) سيدهم، فأين هي وصيته المكتوبة يا مسلمين، والتي عبر عنها أنها كتاب عاصم من الضلال، وهل يمتنع النبي - وهو الرحمة المهداة للعالمين - بمجرد الضجة وقلة الأدب التي أصدرها البعض عند إرادة كتابتها خصوصاً إذا ما علمنا أنّ هذه الواقعة حصلت يوم الخميس ويوم وفاته كان الاثنين، أي كان لديه أربعة أيام يمكنه فيها كتابة الكتاب ؟؟ ومن يتصور خلاف هذا في حبيب الله محمد (صلى الله عليه وآله) فعليه أن يتوب إلى الله من عقيدته.
                              والحقيقة التي اتضحت لنا اليوم بعد مجيء المهدي أحمد (عليه السلام) أنها كتبت ورواها لنا أبناؤه الطاهرون صلوات الله عليهم أجمعين، إذ نقل الطوسي بسنده عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه الباقر عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين عن أبيه الحسين الزكي الشهيد عن أبيه أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: (قال رسول الله في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (عليه السلام) يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة فأملا رسول الله (عليه السلام) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال: يا علي انه سيكون بعدي إثنا عشر إماماً ومن بعدهم إثنا عشر مهدياً فأنت يا علي أول الإثني عشر إمام سمّاك الله تعالى في سمائه علياً المرتضى وأمير المؤمنين والصديق الأكبر والفاروق الأعظم والمأمون والمهدي فلا تصح هذه الأسماء لأحد غيرك يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيّهم وميتهم وعلى نسائي فمن ثبتها لقيتني غداًً ومن طلقتها فأنا برئ منها لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة وأنت خليفتي على أمتي من بعدي فإذا حضرتك الوفاة فسلّمها إلى ابني الحسن البر الوصول فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الباقر فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه جعفر الصادق فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه موسى الكاظم فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الرضا فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الثقة التقي فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الناصح فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه الحسن الفاضل فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد، فذلك اثنا عشر إماماً ثم يكون من بعده إثنا عشر مهدياً فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أول المقربين (المهديين)، له ثلاثة أسامي أسم كاسمي وأسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث المهدي، وهو أول المؤمنين) الغيبة – الطوسي: ص107 – 108.
                              هذه هي وصية رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله)، وقد نص فيها على ولاة الأمر من بعده إلى قيام الساعة وهم اثنا عشر إماماً واثنا عشر مهدياً، وهم عترته الطاهرة التي طالما قرنها بكتاب الله في حديث الثقلين الذي فهم منه ابن حجر وغيره ضرورة وجود رجل من أهل البيت متأهل للتمسك به كما القرآن، قال: (وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة، كما أن الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض) الصواعق المحرقة: ص181.
                              وقال المناوي: (قال الشريف: هذا الخبر يفهم وجود من يكون أهلا للتمسك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كل زمن إلى قيام الساعة حتى يتوجه الحث المذكور إلى التمسك بهم كما أن الكتاب كذلك، فلذلك كانوا أماناً لأهل الأرض فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض) فيض القدير: ج3 ص15.
                              وما في الوصية أكيد أنه ليس بغريب على قلوب وأذهان المسلمين، فأحاديث الاثني عشر خليفة وأمير من قريش ليست بخافية عنهم، روى البخاري في صحيحه في باب الاستخلاف من كتاب الأحكام عن جابر بن سمرة قال: (سعمت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يكون اثنا عشر أميراً. فقال كلمة لم أسمعها. فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش). والحديث رواه مسلم والترمذي وأبو داود، ولفظ مسلم: (إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة). وفي لفظ له: (لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً). وفي لفظ له أيضاً: (لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة).
                              بل أن (الاثني عشر + الاثني عشر) ذكرهم كعب الأحبار كما أخرجه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره، أي نفس مضمون وصية النبي المباركة، يقول: (ذكر - أي علي بن الحسين الذي في سند الرواية التي قبلها - عن يحيى بن أبي الخطيب، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد، عن عمرو البكالي، عن كعب الأحبار، قال: هم اثنا عشر، فإذا كان عند انقضائهم فيجعل مكان اثني عشر اثنا عشر مثلهم وكذلك وعد الله هذه الأمة، فقرأ: "وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم" وكذلك فعل ببني إسرائيل ..) تفسير ابن أبي حاتم الرازي: ج8 ص2628.
                              يبقى بالنسبة إلى الوصية المقدسة قد يعتذر من يريد التخلّف عن ركب خلفاء الله بأنها واردة في أصول الشيعة وليست في كتب السنة، والجواب:
                              أولاً: من روى الوصية هم أبناء النبي وعترته الطاهرة (عليهم السلام)، والجميع مطالب بالأخذ عنهم بلا فرق في ذلك بين من يدعي التسنن ومن يدعي التشيع.
                              ثانياً: إن الوصية عند حضور الوفاة مما كتبها الله على عباده في محكم كتابه الكريم، وحاشى نبي الله (صلى الله عليه وآله) من مخالفة محكم الكتاب، والرواية اليتيمة التي وردت في جميع كتب المسلمين التي تبين وصيته المكتوبة ليلة وفاته هي ما نقلته أعلاه، فيجب على الجميع الأخذ بها؛ لأن تركها يعني اتهام رسول الله بمخالفته محكم الكتاب، وحاشاه من ذلك.
                              ثالثاً: إنّ علماء السنة قد أخذوا بروايات كثيرة وقع في أسانيدها رجال من الشيعة وقد أحصى منهم السيد شرف الدين في كتاب المراجعات مائة شخص، منهم:
                              1. إسماعيل بن أبان الوراق الكوفي، ذكره الذهبي في ميزانه وأوضح أنه شيخ البخاري الذي قال بصدقه، وهو ممن احتج به في صحيحه.
                              2. إسماعيل بن زكريا، ترجم له الذهبي ونص على تشيعه وصدقه، وهو ممن أخرج له أصحاب الصحاح الستة.
                              3. جابر بن يزيد الجعفي، نص الذهبي وغيره على تشيعه ونقل عن شعبة وسفيان ورعه وصدقه، وقد أخرج له أبو داود والنسائي، ونقل مسلم عن ابن الجراح عنه في صحيحه.
                              4. حبيب بن أبي ثابت الأسدي، عدّه ابن قتيبة في معارفه والشهرستاني في ملله من رجالات الشيعة، وذكره الذهبي في ميزانه، وهو ممن احتج به أصحاب الصحاح الستة.
                              5. الحكم بن عتيبة، نص على تشيعه ابن قتيبة في معارفه، واحتج به البخاري ومسلم.
                              6. خالد بن مخلد شيخ البخاري، نص على تشيعه وصدقه ابن سعد في طبقاته والذهبي وغيرهم، وهو ممن أخرج له البخاري ومسلم في صحيحيهما.
                              7. زيد بن الحباب التميمي، عدّه ابن قتيبة من رجال الشيعة ونقل صدقه وتوثيقه الكثير منهم الذهبي في ميزان الاعتدال، وهو ممن احتج بحديثه مسلم في صحيحه.
                              8. سليمان بن صرد الخزاعي، وتشيعه والاعتراف بورعه وعبادته ذكرها ابن سعد في طبقاته وابن حجر في إصابته وغيرهم، وهو ممن أخرج له البخاري ومسلم في صحيحيهما.
                              9. شريك بن الأعور الكوفي، ذكر ابن قتيبة في المعارف أنه من رجال الشيعة، وهو ممن روى حديث النبي (صلى الله عليه وآله): (لكل نبي وصي ووارث، وعلي وصيي ووراثي)، وقال ابن خلكان في وفياته بصدقه، وهو ممن احتج بحديثه مسلم في صحيحه وأصحاب السنن الأربعة.
                              10. شعبة بن الحجاج، عده ابن قتيبة والشهرستاني وغيرهم من رجال الشيعة، واحتج به أصحاب الصحاح الستة.
                              وغيرهم الكثير. فهؤلاء كلهم من رجالات الشيعة ونص علماء أهل السنة كالذهبي وابن سعد وابن قتيبة والشهرستاني وغيرهم على صدقهم ووثاقتهم ورواية أصحاب الصحاح والسنن عنهم. فلماذا إذن يردوا رواية الوصية لمجرد كون راويها شيعي !! بل أن ما بين أيدي المسلمين من مصحف يتلونه إنما هو برواية حفص عن عاصم بن أبي النجود، وحفص - كما يقولون - شيعي ويأخذون منه ما نقله من قراءة، في ذات الوقت الذي يتهمونه بالكذب فيما عدا ذلك من روايات الفقه وغيرها. وليتهم أبرزوا الأساس الذي يعتمدونه في الأخذ مرة برواية فيها رجل من الشيعة والترك أخرى ؟؟
                              وفي مقابل ذلك نجد أنّ بعض رواة أهل السنة وثقهم كبار علماء الجرح والتعديل، ولكن يقذف الوهابيون - وأشباههم من الحاسدين خيرة خلق الله - رواياتهم عرض الجدار لمجرد أنها بينت أمراً لا يروق لهم سماعه، ولم يكن حالهم حال "سليمان الأحول" الذي بقي على اعتباره عندهم بادعائه نسيان "الثالثة" في رزية الخميس !! ومنهم:
                              1. خالد بن عبيد العتكي، أبو عاصم البصري، فمع اعتراف كبارهم بجلالته ووقاره ونبله وتعظيمه من قبل العلماء حتى إن ابن المبارك كان يسوّي عليه ثيابه إذا ركب، وقد اخرج له مسلم في صحيحه وابن ماجة، ومع هذا ذكره ابن حبان في الضعفاء وقال: (روى عن أنس نسخة موضوعة مالها أصول .. منها: عن أنس عن سلمان، قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لعلي: هذا وصيي وموضع سري وخير من أترك بعدي) انظر: لسان الميزان: ج4 ص42 رقم 123، تهذيب التهذيب: ج3 ص91 رقم 194.
                              2. علي بن هاشم بن البريد، وصفه الذهبي: بالإمام الحافظ الصدوق، ووثّقه ابن معين، وعلي بن المديني وطائفة. وقال أبو زرعة: صدوق، وجعله ابن حبان في الثقات. وأخرج له مسلم في صحيحه والأربعة في سننهم، والبخاري في الأدب المفرد، وذكره في تاريخه الكبير. وقال أحمد بن حنبل والنسائي: ليس به بأس (سير أعلام النبلاء: ج8 ص342 رقم92، تهذيب التهذيب: ج7 ص342 رقم634، ضعفاء العقيلي: ج3 ص255 الهامش). ومع ذلك فقد جعله العقيلي في الضعفاء، ونقل عن عيسى بن يونس قوله إنه: (روى عن سلمان: إن أفضل الأنبياء نبينا وإن أفضل الأوصياء وصينا وإن أفضل الأسباط سبطانا) ضعفاء العقيلي: ج3 ص255 رقم 1260.
                              3. محمّد بن الحسين الأزدي، قال ابن حجر: (محلّة الصدق). ونقل الخطيب عن محمّد بن جعفر بن علان أنه ذكره بالحفظ وحسن المعرفة بالحديث وأثنى عليه. ورموه بالضعف لما نُقِل في تاريخ حلب لابن النديم أنه قدم على سيف الدولة ابن حمدان، فأهدى له كتاباً في مناقب أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)، ونقل عن ابن النجار أنه كان يقول: (.. ويوشع وصي موسى وعلي وصى محمد ومحمد أفضل من موسى فوصيه أفضل من وصيه) انظر: لسان الميزان – ابن حجر: ج5 ص140 رقم465.
                              4. ناصح بن عبد الله الكوفي، قال الذهبي: وكان من العابدين، ذكره الحسن بن صالح فقال: رجل صالح، نعم الرجل. وأخرج حديثه الترمذي وابن ماجة. وقد وصفوه بالضعف وعدم الثقة وتركوا حديثه لما رواه عن سماك بن حرب عن أبي سعيد الخدري عن سلمان، قال: (قلت: يا رسول اللّه لكل نبي وصيّ، فمن وصيك؟ فسكت عنّي، فلما كان بعدُ قال: يا سلمان، إنّ وصيي وموضع سرّي وخير من أترك بعدي ينجز موعدي ويقتضي ديني علي ابن أبي طالب) انظر: ميزان الاعتدال: ج4 ص240 رقم8988، تهذيب التهذيب: ج10 ص258 رقم721.
                              5. الحاكم النيسابوري صاحب (المستدرك)، وصفه علماء الجرح والتعديل بشيخ المحدثين وصاحب التصانيف، وأنه إمام صدوق، ثقة في الحديث (انظر: سير أعلام النبلاء: ج17 ص162). ومع ذلك فقد اتّهموه بالتشيّع والرفض نتيجة تصحيحه أحاديث في فضل أهل البيت (عليهم السلام) وإمامتهم. قال الذهبي: (ومن شقاشقه ... قوله: إن عليّاً وصي) ميزان الاعتدال: ج4 ص240 رقم8988، تهذيب التهذيب: ج10 ص258 رقم721.
                              وهناك الكثير غيرهم. وليس بخفي أن ردهم لهذه الروايات واتهام أصحابها بالضعف - رغم الإذعان بصلاحهم وصدقهم - لم يكن لولا ذكرهم لسيد الأوصياء الإمام علي (عليه السلام)، والقضية باتت واضحة جلية لكل منصف وطالب حق.
                              يفعلون هذا، برغم أن إطلاق الوصي على علي (عليه السلام) أمر يعرفه الكثير، وقد تناقله بالإضافة إلى الرواة الكثير من الصحابة والتابعين واللغويين وغيرهم، وهذا بعض من ذكر علياً (عليه السلام) بصفة "الوصي" مما سطرته المدونات:
                              1. أخرج الحاكم في مستدركه والمقريزي في إمتاعه وغيرهم خطبة الإمام أبي محمد الحسن السبط (عليه السلام) بعد شهادة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فكان منها: (أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، أنا ابن النبي، وأنا ابن البشير، وأنا ابن الوصي، وأنا النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير ..) انظر: إمتاع الإسماع للمقريزي: ج11 ص179، المستدرك: ج3 ص172.
                              2. أخرج الهيثمي: (عن سلمان قال قلت يا رسول الله إن لكل نبي وصيا فمن وصيك فسكت عني فلما كان بعد رآني فقال يا سلمان فأسرعت إليه قلت لبيك قال تعلم من وصي موسى قال نعم يوشع بن نون قال لم قلت لأنه كان أعلمهم يومئذ قال فان وصيي وموضع سري وخير من أترك بعدي وينجز عدتي ويقضى ديني علي بن أبي طالب. رواه الطبراني وقال وصيي أنه أوصاه بأهله لا بالخلافة وقوله وخير من أترك بعدي من أهل بيته صلى الله عليه وسلم، وفى إسناده ناصح بن عبد الله وهو متروك) مجمع الزوائد: ج9 ص114. وقد مر الحديث عن ناصح فراجع.
                              3. قال الذهبي في ترجمة جابر الجفعي: (كان جابر ابن يزيد الجعفي إذا حدث عن الإمام الباقر يقول: حدثني وصي الأوصياء) ميزان الاعتدال: ج1 ص383.
                              4. خطبت أم الخير بنت الحريش البارقية في صفين تحرض أهل الكوفة على قتال معاوية خطبتها العصماء، فكان مما قالت فيها: (هلموا رحمكم الله إلى الإمام العادل، والوصي الوفي، والصديق الأكبر ..) انظر: بلاغات النساء لابن طيفور: ص38، جواهر المطالب لابن الدمشقي: ج2 ص246.
                              5. قال الزبيدي في تاج العروس: (والوصي، كغني: لقب علي رضي الله تعالى عنه، سمي به لاتصال سببه ونسبه وسمته بنسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسببه وسمته) تاج العروس: ج20 ص297.
                              6. هذا بعض ما جاء في ذكر "الوصي" وصفاً للإمام علي (عليه السلام) في الشعر:
                              أ- عبد الله بن عباس، قال:
                              وصي رسول الله من دون أهله * وفارسه إن قيل هل من منازل
                              راجع: وقعة صفين لابن مزاحم: ص417، الفتوح لابن اعثم: ج3 ص154.
                              ب- المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب، قال في صفين:
                              هذا وصي رسول الله قائدكم * وصهره وكتاب الله قد نشرا
                              راجع: وقعة صفين لابن مزاحم: ص385، الفتوح لابن اعثم: ج3 ص161.
                              ج- عبد الله بن أبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب، قال:
                              ومنا علي ذاك صاحب خيبر * وصاحب بدر يوم سالت كتائبه
                              وصي النبي المصطفى وابن عمه * فمن ذا يدانيه ومن ذا يقاربه
                              راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج1 ص143.
                              د- أبو الهيثم بن التيهان، وكان بدرياً، قال من أبيات أنشأها يوم الجمل:
                              إن الوصي إمامنا وولينا * برح الخفاء وباحت الأسرار
                              راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج1 ص144.
                              هـ- خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وهو بدري، قال يوم الجمل أيضاً:
                              أعائش خلي عن علي وعيبه * بما ليس فيه إنما أنت والده
                              وصي رسول الله من دون أهله * وأنت على ما كان من ذاك شاهده
                              راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج1 ص146.
                              و- جرير بن عبد الله البجلي، قال:
                              وصي رسول الله من دون أهله وفارسه الأولى به يضرب المثل
                              راجع: وقعة صفين لابن مزاحم: ص49، شرح نهج البلاغة للمعتزلي: ج1 ص149.
                              والكثير من الصحابة والتابعين ممن كانت له أشعار في ذلك، منهم: عبد الله بن بديل الخزاعي، وزياد بن لبيد الأنصاري، وسعيد بن قيس الهمداني، وعمر بن حارثة الأنصاري، والأشعث بن قيس الكندي، وغيرهم.
                              ختاماً أقول: هل بقي شيء للباحث عن الحق لكي يعرف أنّ علياً (عليه السلام) وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهل لا زالت الثالثة المنسية بزعم سليمان الأحول لم تتضح لمن يخاف الله سبحانه، أو يريد الوهابي أن أسطر له فضل علي (عليه السلام) وما خصه الله ورسوله الكريم به مما صح عنده ليعرف مقامه الذي لا يدانيه - بعد حبيب الله محمد روحي فداه - أحد، ولولا خوف الإطالة لذكرت للقراء حديث الدار والمنزلة والمؤاخاة والثقلين والغدير والسفينة وعشرات بل مئات مما ورد في أمير المؤمنين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين الإمام أبي الحسن أسد الله الغالب علي بن أبي طالب مما كان بين ولادته في بيت الله وشهادته في بيت الله وقد كان ما بين هذا وذاك كله لله، فلله درك سيدي وهل ولدت حرة مثلك روحي فداك، ولكنها قيلت قديماً وإلى اليوم:
                              إن يحسدوك على علاك فإنما ... متسافل الدرجات يحسد من علا
                              يا رب إليك أتوسل وأمد يداً خالية وأنت الكريم أن تكتبني من شيعته وشيعة أبنائه الغر الميامين (صلوات ربي عليهم أجمعين) وفي سجل أنصارهم لعلمي بأنه وشيعته هم الفائزون كما قال حبيبك وصفيك (صلى الله عليه وآله)، والحمد لله رب العالمين.

                              يتبع ...

                              ---


                              ---


                              ---

                              Comment

                              Working...
                              X
                              😀
                              🥰
                              🤢
                              😎
                              😡
                              👍
                              👎