إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

كتاب الحضارة - دكتور حسين مؤنس

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • نجمة الجدي
    مدير متابعة وتنشيط
    • 25-09-2008
    • 5278

    كتاب الحضارة - دكتور حسين مؤنس

    كتاب الحضارة - دكتور حسين مؤنس


    رايط الكتاب




    التحرك الحضاري:

    الحقيقة أن هناك أكثر من سبب لهذا التحرك في رأي مؤرخي الحضارة في العصور الحديثة من جيانباتيستافيكو إلى أوزفالد شبـنـجـلـر وآرنـولـد توينبي. فلكل واحدة من الحضارات الإنسانية الست الكبرى التي أخرجت الإنسان من البدائية إلى حالة الحضارة ومن الجمود إلى الحركة من حكم العادة إلى حكم الفكر سبب خاص بها أو تشترك فيه مع أخرى من بعض النواحيوهذه الحضارات هي المصرية والسومرية وحضارة ايا وحضارة الأنديز (في العالم الجديد) والحـضـارة الـصـيـنـيـة والحـضـارة ا>ـنـاويـة (أم الحضارت اليونانية والرومانية).

    فيما يتصل بقيام الحضارت المصريـة والـسـومـريـة.

    وهـمـا حـضـارتـان الحضارة متشابهتان في الطبيعة والأصول نجد الجواب عنـد جـوردون تـشـايـلـد فـي (٨ (كتابه (الشرق الأقدم) .

    وهو يقول إنه قبل أربعة ألف سنة على وجه التـقـريـب عـنـدمـا بـدأت نهاية العصر الثلجي الأخير كان شمال أوروبا ووسطها حتى جبال الهارتس والألب مغطيa بالثلوج وكانت جبال ألبرت-وهي البرانس-متوجة بالـثـلـوج إلى أنصاف ارتفاعاتها وكانت الثلاجات-أنهار الجليد-تنحدر على السفوح في بطء لكي تذوب مياهها الثلجة في قيـعـان الأوديـة.

    وكـانـت الـعـواصـف الثلجة التي تمر اليوم بأوروبا تثور بصورة مـسـتـمـرة فـوق الـبـحـر الأبـيـض المتوسط وكانت السحب المحملة با>اء تظلل أراضي أفريقيا وجزيرة العرب وهضبة إيران وتهطل أمطارا غزيرة على هذه النواحي طوال السنة.

    وكانت هذه الأراضي القاحلة اليوم أرض نبات غزير وأشجار وافرة. وفي حين كان الماموث ووحيد القرن والغزلان ترعـى فـي فـرنـسـا وجـنـوبـي إنجـلـتـرا كـان الشمال الأفريقي يعيش في جو يشبه جو حوض الزامبيزي في روديسـيـ وفي هذا الجو واتي كان الإنسان يعيش ويتكاثر وتتضح أمامه سبل التقدم أكثر ا كان عليه في الشمال حيث تسود الثلوج. ولكن بعد نهاية العصر الثلجي بدأ الجـو فـي نـواحـي أفـر وآسـيـا الـتـي نتحدث عنها يجف وبدأت تظهر في المنطقة حضارتان أو أكثر.

    فـي تـلـك المنطقة التي كان سكانها-إلى ذلك الحa-يعيشون جماعات بدائية (مثلهـا في ذلك مثل بقية نواحي العالم التي كانت تعيش فيها جماعات بدائية) في طور العصر الحجري.

    ويذهب جوردون تشايلد إلى أن هذه الظروف هي التي أطلعت الحضارات في بعض نواحي هذه المنطقة إذ كان على سكان هذه المـنـاطـق الـتـي أخـذ الجفاف يسودها أن يختاروا احتمالات شتى أو اختيارات شتى: إما أن ينسحبوا إلى الشمال نحو ا>ناطق التي كانت لا تزال وفيرة المـيـاه وحـيـوان الصيد أو ينسحبوا إلى الجنوب حيث الدفء والصيـد أو يـواجـهـوا ذلك التحدي ويحرروا أنفسهم من سيطرة البيئة ويدخلوا في حياة جديدة تقوم على استئناس الحيوان والاشتـغـال بـالـزراعـة وكـان عـلـيـهـم فـي هـذه الحالة أن يبحثوا عن أراض يتيسر ذلك فيها.


    وقد توزعت جماعاتهم بa هذه الاحتمالات أو الاختيارات فأما الذين التاريخ و الحضارة صعدوا منهم إلى الشمال متابـعـa مـنـاطـق الأمـطـار فـقـد تـعـرضـوا لـتـحـد جديد هو التعرض للعواصف والأمطار والجو البارد جنوبي مناطق الثلوج.

    وكان تعرضهم لذلك التحدي ودخولهم تجربة التغلب علـى صـعـاب الـبـيـئـة الجديدة في جو يشتد فيه البرد في الخريف والشتاء سببا في قيـام نـوع معa خلاق من الحضارة هو الذي نعرفه عند اليونان والرومان.

    وأما الذين انحدروا منهم إلى الجنوب ووصلوا إلى ا>ناطق الاستوائيـة فلم يلبثوا أن خضعوا لتأثير جوها الحار وأمطارها الغزيرة وحياتها السهلة وظلوا في مكانهم من سلم الحضارة في العصر الحجري.

    وأما الذين ظلوا في مكانهم واستـمـروا فـي الحـيـاة فـي أرض يـسـيـطـر عليها الجفاف شيئا فشيئا فـقـد دفـعـوا ثـمـن ذلـك وبـادوا أو بـاد أكـثـرهـم وبقيت بقاياهم متناثرة في الصحاري. وهؤلاء الذين بقوا في مواطنهم انقسموا قسمين :قسم لزموا مناطقهم وغيروا أسلوب حياتهم فتحولوا إلى الرعي وأصبحوا بدوا رعاة ينـتـقـلـون بقطعانهم بحثا عن مواطن العيون والكلأء وقسم منهم قبلوا تحدي الجفاف وواجهوه بتغيير مواطنهم وأسلوب حياتهم معا وهذا وقف من ناحـيـتـهـم أدى إلى انتقالهم من مرحلة الصيد إلى مرحلة الزراعة وتـربـيـة الحـيـوان.


    ولم تكن المسافة بعيدة بa البيئة :التي كانوا فيها وتلك التي انتقلوا إليها.

    ولكن الفرق بين طبيعة كل من البيئة كان عظيما.

    فقد كان الفرق شاسعا بa أراضي الحشائش التي كانوا يعيشون فيها-وكانت تتحول شيئا فشـيـئـا إلى صحارى مثل الصحراء الليبية وصحراء جزيرة العرب ودشتي لوط (أي صحراء لوط) في إيران-وبين أحواض الأنهار الـتـي تجـري فـي وسـط هـذه الصحاري ونعني بذلك حوض النيل وحوض الرافديـن ولـم يـكـن أحـد قـد غامر بدخول هذه الأحواض لأنها في تلك الأعصر كانت غياضا ومستنقعات حافلة بالبوص والغاب وكانت لتكاثفها تشبه الأجمات تعيش فيها أنواع لا حصر لها من الحيوانات والطيور والأسماك وكانت-مثلها مثل كل بيئة من هذا النوع-حافلة بالأخطار على الحياة. وكانت تشبـه فـي هـيـئـتـهـا وجـوهـا ونباتها ومياهها وطبيعتها مثل منطقة بحر الغزال وبحر الجبلQ وهي-كما وصفها وليام جارستa-حa وصف امتداد مياه ا>ستنقعات فيها إلى منتهى مدى البصر في كل ناحية والغاب يتكاثف فيها مكونا سدودا تجعل استمرار 76 الحضارة السير بالقوارب الصغيرة فيها أمرا بالغ العسر ومن حa لحa يلقى الإنسان بحيرات صغيرة لا يزيد عمق ا>اء فيها على مترين أو ثلاثة وقد يكون بضة سنتيمترات فحسب وهذه البحيرات في الغالب آسنة ا>ياه مغطاة بالطحالب الكثيفة ولا أثر فيها لحياة الإنسان. وا>نظر العام يبعث على اليأس والسأم والوحشة بشكل يصعب تصوره. هكذا كانت أحواض وادي النيل والرافدين عندما شرعت تلك الجماعات (٩ (الباسلة تغزوها قبل عشرة آلاف سنة . ويقول توينبي إن منطقة السد الواسعة في السـودان كـانـت خـالـيـة مـن السكان لأن الذين يعيشون على ضفافها من قبائل الشلوك والدنكا ومـن إليهمQ لم يواجهوا بالتحدي القاسي الذي واجهه ا>صريون القدماء عندما إشتد جفاف مواطنهم وكان عليـهـم أن يـحـسـمـوا الأمـر ويـقـرروا ا>ـغـامـرة بالدخول في منطقة سدهم بدلا من أن يظلوا يتكففون العيش في مواطنهم التي تحولت من جنة إلى بيداء.ولابد أن أجداد الشلوك والدنكا كانـوا فـي قدx الزمان يعيشون في الصحراء الليبية على حافة الواديQ شـأنـهـم فـي ذلك شأن أجداد ا>صريa القدماءQ وبيـنـمـا قـرر هـؤلاء الأخـيـرون الـقـيـام با>غامرة ودخول منطقة السد لتجفيف أرضها والتحكم في مـجـرى الـنـهـر فيها حتى لا تظل مياهه تفيض كل سنة وتجدد ا>ستنقعات والغياض فيهاQ إلى ما لا نهايةQ انسحب أجداد الشلوك والـدنـكـا إلـى الجـنـوب واسـتـقـروا حول منطقة السد الحالية مفضلa الاستمرار في حياتهم السهلة القدtة على مواجهة التحدي مواجهة إيجابيةQ بتسلق الجـبـل والـدخـول فـي حـالـة التحضر بدلا من البقاء إلى الأبد جماعة بدائية تحت الجبل. وفي هذا يقول جوردون تشايلد: «في أعالي النيـل مـازالـت تـعـيـش إلـى اليوم أقوام يشبهون أقدم ا>صريa في ا>ظهر والطول والعرض ومقاييـس الجمجمة واللغة وما يتخذون من لباس. هـؤلاء يـحـكـمـهـم الـسـاحـر صـانـع الأمطار وا>لوك القبائليون الذين كانوا إلى حa قريبQ يهلكون على أيـدي منافسيهم بصورة مستمرةQ وقبائلهم مقـسـمـة إلـى وحـدات طـوطـمـيـةQ كـل جماعة منهم تعبد طوطما من خشب أو حجر بشع ا>نظر. وإنه ليبـدو لـنـا في الواقع أن التطور الاجتماعي لهذه القبائل قد توقف عند ا>رحلة التـي حسمها ا>صريون الأقدمون عندما اتخذوا قرارهم وعـبـروا الحـواجـز فـي 77 التاريخ و الحضارة فجر تاريخهم وبدأوا بعد ذلك مسيرتهم مع التاريخ.هنا نجد متـحـفـا حـيـا تعرض فيه في صورة حية مراحل انتـقـال الإنـسـان ـا قـبـل الـتـاريـخ إلـى التاريخ». ففي حالتي الحضارتa ا>صرية والسومرية كانت مبارحة السهل أسفل الجبلQحيث كان الجفاف والجوع يسودان إلى سفح الجبل وا>غامرة بالتسلق إلى حيث ا>اء والزرع والطعام وفيرةQ كانت هذه ا>غامرة نتيجة رفض جماعة إنسانية قبول حكم الطبيعة القاسي وإباء العيش الشحيح وتصميمها على غزو الغياض والسيطرة عليها عن طريق السيطرة على مياه النهر نـفـسـه. ونحن عندما نقول إن ا>لك مينا حول مجرى النيل وبنى سورا ليحول بa ا>اء والإنسياح على الأرض الجافـة إن هـذا الـسـور هـو مـنـف أو مـنـفـيـس (ومعنى هذا اللفظ هو السور الأبيض) فإننا نرمز إلى ما فعلـه ا>ـصـريـون قبل مينا بزمن طويل وهو تحديـد مـجـرى الـنـهـر عـنـد رأس الـدلـتـا بـبـنـاء جسرين من التراب يحفان باجملرى الأصـلـي حـتـى تجـف الأرض خـلـفـهـمـا وtكن زرعها والعيش فيهاQ ولابد أن هذه الجماعات التي اقتحمت الوادي وقامت بذلك العمل قد رأت-أي رأى زعماؤها-إمكانية هذا العمل واستصغروا ا>تاعب التي لابد أن هذا العمل فرضها عليهم في سبيل الهرب من حياة المحل النكرة في صحراء تزداد جفافا يوما بعد يومQ ولابد أن هذه الـرؤيـة تيسرت لهم لأنهم كانوا قد وفقا أكثر من غيرهم إلى إنشاء جماعة مترابطة متعاونة بعضها مع بعض فالعمل الذي قامت به عمل جماعيQولا tكن أن يكون الداعي إليه رجلا واحدا لأن العملية كانت طويلة تتخطى حياة الفرد الواحدQ رnا احتاج الأمر إلى ألف سنة حتى تتحول الفكرة إلى قرار والقرار إلى عمل وألف سنة في تلك العصور السحيقة رnا كان مقدارها بـضـعـة أعوام في عصرنا هذاQ فالتغير الذي أدى إلى الحركة لم يكن تغيرا بدنيـا وإا تغير في روح الجماعة نفسهاQ انتهى بها إلى التصميم والعمل ا>شترك تحت قيادة رجال هم أنفسهم من صناع هذا التغير ا>عنوي. وإذا عدنا إلى تشبيه مسيرة الحضارة بالتسلق على سـفـح جـبـل كـانـت الرؤية شبيهة بإبصار مسلك يبدأ منه صعود السفحQ وما دامت الجـمـاعـة قد دخلت معركة الصعود فإن الطبيعي هو أن الأفكـار والآراء وا>ـبـتـكـرات تتوالى لحل ا>شاكل التي تنجم يوما بعد يومQ وا>هم في ذلك هـي الخـطـوة 78 الحضارة الأولى والتوفيق الأولQ والنجاح يستدعي النجاح والنفوس إذا طمحت إلى السمو هان عليها الكثير.
    قال يماني ال محمد الامام احمد الحسن (ع) ليرى أحدكم الله في كل شيء ، ومع كل شيء ، وبعد كل شيء ، وقبل كل شيء . حتى يعرف الله ، وينكشف عنه الغطاء ، فيرى الأشياء كلها بالله ، فلا تعد عندكم الآثار هي الدالة على المؤثر سبحانه ، بل هو الدال على الآثار
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎