إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

القولُ السديد في عُمر النبي نوح عليه السلام !

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • راية اليماني
    مشرف
    • 05-04-2013
    • 3021

    القولُ السديد في عُمر النبي نوح عليه السلام !

    Alaa Alsalem
    1/5/2017
    هل يعمّر أسلافنا 1000 عام !

    أقصد بالأسلاف هنا من كانوا يعيشون في زمن نبي الله نوح (ع) تحديداً.
    - يجيب علماء الجينات والأحياء التطورية جازمين بـ : "لا".
    ويستندون في ذلك - بعد القفزة العلمية الحاصلة في علم الجينات أخيراً - بإمكانية معرفة عمر الجينات في زمن نوح (ع) بل وقبل ذلك بدقة عالية، فالبشر اليوم يحملون نفس الحمض النووي الذي يمتلكه أسلافنا، ولم تتغير أجسامنا عنهم، ليس فقط على مستوى الآلاف الأخيرة من عمر الإنسان بل منذ ما يزيد على الـ 100 ألف عام الأخيرة، وبالتالي لا مجال أبداً لتصور انفصال نوعٍ ثانٍ انشق منّا بحيث إنّ بإمكانه أن يعمّر 1000 سنة ولا حتى أقل من ذلك بكثير.
    - في مقابل هذه الإجابة، يصرّ علماء الأديان على الإجابة بـ : "نعم". وحجّتهم في ذلك نصوص دينية.

    طيب، ربما النصوص الدينية المعتمدة في الموضوع متشابهة، بمعنى أنّ لها معنىً آخر - بنظر المتكلم بها - لا يتصادم مع الحقيقة العلمية المبرهن عليها ؟
    يجيب علماء الدين: كلا، لا يوجد تشابه في الموضوع، بل وهناك صراحة وإحكام في المسألة ما يصيّرها – بحسبهم طبعاً – حقيقية دينية لا مجال للتشكيك فيها، وبالتالي الحكم على منكرها بالزندقة والانحراف !

    وا ويلاه، حقيقة دينية (كما يراها علماء الدين) تتقاطع مع حقيقة علمية، ولا مجال للالتقاء بينهما مطلقاً ! ما جعل السؤال يتلجلج في أذهان الكثير من المتدينين: هل أصدّق الدين وأكذّب ما أراه بعيني، أم أصدّق ما أراه وأكذّب الدين !

    علماء الإلحاد - ومن يساندهم - بدورهم طبّلوا للمسألة واستفادوا من هذا الجدل "العلمي – الديني"، وبدل أن يزنوا الأمور بميزانها الصحيح حمّلوا الدين تبعات ما يقوله "رجال الدين"، مع أنهم مجرد مجتهدين متبرعين قد يصيبون وجهة النظر الدينية الحقيقية وقد يخطؤونها كما هم يعترفون بذلك.

    "وقع الفأس بالرأس" كما يقال، وصار المتدين في حرج شديد وحيرة من أمره، هل يستمع إلى علمائه ومراجعه ويترك ما درسه في الجامعة من نظريات علمية ثابتة سلّم بها وقبلها عقله ؟ أم يأخذ بها لكنه بالنهاية سيرى نفسه - والناس تراه أيضاً – قد خالف الدين وتزندق نتيجة مخالفته قول عالمه المقدس الذي فسّر له النص الديني !

    وليت علماء الدين فسّروا طول عمر نوح بالمعجزة وسكتوا، لكنهم يعتبرونها أمراً عادياً، فأن يعيش إنسان ألف عام يعدونه أمراً طبيعياً، ولا قيمة لأي هرطقة أخرى تصدر من علماء الطبيعة ولو كانت مستندة لتجارب قطعية النتائج !

    وهذا نموذج من أقوال كبار المفسرين المسلمين:
    يقول السيد الطباطبائي بعد طرحه لإشكال طول عمر نوح (ع): (( والحق أنه لم يقم حتى الآن دليل على امتناع أن يعمر الإنسان مثل هذه الأعمار بل الأقرب في الاعتبار أن يعمر البشر الأولى بأزيد من الأعمار الطبيعية اليوم بكثير لما كان لهم من بساطة العيش وقلة الهموم وقلة الأمراض المسلطة علينا اليوم وغير ذلك من الأسباب الهادمة للحياة ، ونحن كلما وجدنا معمرا عمر مائة وعشرين إلى مائة وستين وجدناه بسيط العيش قليل الهم ساذج الفهم فليس من البعيد أن يرتقى بعض الأعمار في السابقين إلى مئات من السنين )) تفسير الميزان: ج10 ص270.


    ومثله جميع علماء المسلمين شيعة وسنة بحسب الرأي الرسمي السائد عندهم.

    السيد أحمد الحسن بدوره، باعتباره ممثلاً حقيقياً لدين الله ويعرف قصد المتكلم بالنصوص حقيقة، لديه رأي آخر في الموضوع، لا يسمح به لعلماء الطبيعة التمادي أكثر في مشروعهم الإلحادي واعتبار تفسير علماء الأديان سبباً للطعن بدين الله كله، يقول:

    (( بما أننا أثبتنا ضرورة وجود إله وبالأدلة العلمية، وناقشنا الإلحاد العلمي ضمن نطاق العلم، فيلزم أي ملحد ألحد وكفر بوجود إله بناءً على استدلال علمي أن يرد على مناقشتي العلمية واستدلالي العلمي وبصورة علمية صحيحة ودقيقة، أو أن يقر بأنّ ما أثبته حق، وإلا فسيكون معانداً مجادلاً لا يطلب معرفة الحقيقة كما هي، وإنما هو شخص عبثي لا أكثر.
    أما عمر الإنسان في الماضي فمعروف علمياً وبدقة؛ حيث إنّ جينات الإنسان معروفة اليوم بتفصيل لا بأس به، والعلماء يعرفون السبب الجيني ولماذا ومتى تهرم الخلايا وينهار جسم الإنسان، وهم يجرون بحوثاً في محاولة لإحداث طفر جيني لإطالة عمر الإنسان، وهو أمر ممكن الوصول له يوماً ما. وبالتالي فهم أيضاً يعرفون بصورة قطعية أن الإنسان في زمن نوح وقبله لم يكن يعيش ألف عام ولا حتى أي رقم قريب من هذا الرقم، تماماً كما تعرف أنت طول المسطرة التي في يدك.
    لكن مسألة عمر نوح أو غيرها من المسائل التي تخالف الواقع العلمي لا تصلح للإشكال على ما أثبتناه وهو وجود إله؛ لأننا نستطيع أن نقول باختصار شديد: لا إشكال أن يجري الله المعجزات وإن كان بعضها يخالف الواقع العلمي، لأنها حالات فردية هدفها وضع الإنسانية الآدمية في بدايتها على طريق الإيمان بإله خالق للكون، هذا طبعاً مع أن بعضها ليست معجزات وإنما قضايا صعبة الفهم على من لا يعرف لغة المتكلم بها، فلغة القرآن لا يفهمها من لا يعرف العوالم العلوية التي نزل منها القرآن.
    ولتوضيح المسألة علمياً أقول باختصار: إن ما يراه المراقب الخارجي للمنظومة الفيزيائية يختلف عما يراه المراقب الداخلي. وبالتالي عند حصول تمدد أو تقلص مثلاً في المنظومة الفيزيائية ستكون قياسات المراقب الموجود داخل المنظومة مختلفة تماماً عن قياسات المراقب الخارجي، والسبب أن المراقب الداخلي هو جزء من المنظومة، وبالتالي فهو مشمول بتمدد وتقلص المنظومة، وكذا معدات قياسه مشمولة بتمدد وتقلص المنظومة. وهذا يجعله عاجزاً عن معرفة أو قياس أي تغير شامل لكل المنظومة.
    وهذا لا يمنع - إن كان لديه حياة نفسية كما هو حالنا - أن يحس إحساساً نفسياً أن هناك تغيراً في المنظومة، أو هناك تسارع أو تباطؤ، كإحساس كثير من الناس اليوم بتسارع الزمن مع أنهم عندما يقيسونه لا يجدونه قد تغير شيئاً.
    وكمثال لتوضيح هذا الكلام؛ لنفترض أن إنساناً يعيش في غرفة ولديه أداة قياس طول (مسطرة مثلاً)، وطلبنا منه قياس طول طاولة في الغرفة، ومقارنة طوله مع طول وارتفاع الطاولة. ثم بعد ذلك لو فرضنا أن الغرفة وما فيها حصل لها تمدد منتظم شمل الجميع بنفس النسبة. فالآن لو طلبنا منه قياس طول الطاولة فسيجد أن الطول لم يتغير. وإذا طلبنا منه أن يقارن طوله مع طول وارتفاع الطاولة فلن يلحظ أي تغير، والسبب أنه تمددَ وكذا مسطرة القياس بنفس نسبة تمددِ الطاولة.
    إذا توضح هذا؛ فيمكن فهم أن أي مراقب يمكنه القيام بالمراقبة من خارج المنظومة الكونية التي نعيش فيها ستكون قياساته مختلفة عن قياساتنا نحن الذين نعيش داخل المنظومة. فلو أن سلوك الكون المادي ككل تغير بصورة ما بحيث إن الزمن كبعد كوني رابع تمدد أو تقلص - أو بلغة بسيطة تباطأ أو تعجل - في المنظومة ككل، فلن نستطيع نحن قياسه ولا معرفة هذا التغير، لكن مراقباً يمكنه أن يراقب من خارج المنظومة الكونية التي نعيش فيها سيمكنه قياس هذا التغير، وعندما يتكلم سيعطينا أرقاماً تختلف عما قسناه نحن. وهذا باختصار يفسر لنا أن مراقباً من خارج المنظومة (الله سبحانه وتعالى أو الملائكة مثلاً) عندما تسأله أو يتكلم عن عمر نوح وقومه فسيعطيك رقماً يختلف عما تقيسه أنت الذي تعيش في داخل المنظومة، وعندما تطلب منه مقارنة عمر الإنسان اليوم وعمره قبل خمسة عشر ألف عام فسيعطيك أرقاماً مختلفة، مع أنك لا تجد أي اختلاف ملموس يمكن قياسه في الحدود المادية التي تعيش فيها ))

    عقائد الإسلام: ص31.

    والحمد لله وحده.

    رابط كتاب عقائد الاسلام:

    ________________________________
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎