إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

مواضيع ¬¬للنشر¬¬ من كتاب «عقائد الإسلام -ويسألونك عن الروح» الإمام أحمد الحسن (ع)

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • راية اليماني
    مشرف
    • 05-04-2013
    • 3021

    مواضيع ¬¬للنشر¬¬ من كتاب «عقائد الإسلام -ويسألونك عن الروح» الإمام أحمد الحسن (ع)

    مواضيع ¬¬للنشر¬¬ من كتاب «عقائد الإسلام -ويسألونك عن الروح» الإمام أحمد الحسن (ع)


    بسم الله الرحمن الرحيم
    و الحمدلله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما

    +فقرة أصلُ الدينِ:

    أصلُ الدينِ أو العقيدةِ الإلهيةِ في هذهِ الأرضِ هو الاستخلافُ، فمنذُ أنْ خلقَ اللهُ أولَ إنسانٍ أرضي، وهو آدم (عليه السلام) جعلهُ خليفتَهُ في أرضِهِ.

    ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾[البقرة: 30].

    ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾[البقرة: 31].

    ﴿قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾[البقرة: 32].

    ﴿قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ﴾[البقرة: 33].

    هذا ما كانَ بينَ آدمَ (عليه السلام) والملائكةِ والجن،ِ لأنَّ الملائكةَ والجنَ غيرُ قادرين على تحصيلِ المعرفةِ التي يُحصلها آدمُ (عليه السلام) ذاتياً، فكانَ حتمياً أنْ يكونَ آدمُ هو الخليفةَ، لأنهُ القادرُ على تعريفِهِم ما يجهلون. فقد عملَ ببعضِ ما أودعَ فيهِ منْ قابليةٍ وإمكانٍ حيثُ إنَّهُ إنسانٌ، والإنسانُ هو القابلُ الأوسعُ والأعظمُ، فهو مخلوقٌ على صورةِ اللهِ، أي انهُ مفطورٌ على معرفةِ أسماءِ اللهِ، ومودعةٌ فيهِ قابليةَ إظهارِ أسماءِ اللهِ للخلقِ «اللهُ خلقَ آدمَ على صورتِهِ»([1]).

    أما بينَ الناسِ أو بني آدمَ أنفسِهِم، فحتماً أنهم غيرُ متساوين في العملِ والإخلاص، فضلاً عن غفلةِ أكثرِهِم عنِ العملِ. فأصبحَ أيضاً مِن الحتمي أنْ يُستَخلَفَ العالمُ العارفُ باللهِ على الجاهلِ نسبةً إليه، فكانَ الخليفةُ الأولُ الحقيقي - وفي العوالمِ العلويةِ - هو محمداً (صلى الله عليه وآله) ثُمَّ آلَ محمدٍ (عليهم السلام) ثُمَّ الأمثلَ فالأمثلَ من الناسِ، وأما في هذا العالمِ الجسماني فهو أعلمُ الخلقِ وأعرفُهُم باللهِ سبحانه في كلِ زمانٍ.

    فهنا مُستَخلِفٌ ومُسَتخلَفٌ وعلمٌ يودعُ عندَ المُستَخلَفِ، وباعتبارِ صفاتِ الخليفةِ وحيثياتِ عَمَلِهِ أو تكليفِهِ من المستخلِفِ يمكنُ أنْ نصفَهُ وما يحمِلَهُ ونصفَ مُستخلِفَهُ، فنقولُ باعتبارِ أنهُ يتلقى أنباءَ الغيبِ فهو نبيٌ يحملُ أنباءً ويُنبِئُهُ من يوحي إليهِ بالأصلِ، وباعتبارِ أنهُ حاملُ رسالةٍ فهو رسولٌ يحملُ رسالةً من مُرسلٍ، فأصلُ الدينِ وهو الاستخلافُ يتضمّنُ أصولاً ثلاثة هيَ: المُستخلِفُ والخليفةُ والعلمُ، أو مُنْبِئٌ ونبيٌ وأنباءٌ، أو مُرسِلٌ ورسولٌ ورسالةٌ. ويمكنُ أنْ نصفَ الخليفةَ بأنهُ إمامٌ إذا كانَ لهُ مقامُ الإمامةِ.

    وهذا الأصلُ (الاستخلافُ) : هو أصلُ الدينِ وعمودُهُ وركيزتُهُ. فمَنْ يَنْقُضْهُ فقد نقضَ الدينَ الإلهي ولم يُبقِ منهُ شيئاً. ولهذا أكدَ الأئمةُ (عليهم السلام) والإمامُ الصادقُ (عليه السلام) على أنَّ مَنِ اغتصبوا حقَ أميرِ المؤمنين (عليه السلام) كانوا أصحابَ الحظِ الأوفرِ في نقضِ الإسلامِ، ليس لاغتصابِهِم حقَ أميرِ المؤمنين (عليه السلام) فقط، بل لأنَّ هذا الاغتصابَ هو عبارةٌ عن نقضِ الأصلِ الذي يَرتكزُ عليهِ الدينُ الإلهي وهو الاستخلافُ، ومِنْ ثَمَّ جعلوا الناسَ ينحرفونَ عنْ هذا الأصلِ الذي هو الدينُ الإلهي من ألفِهِ إلى يائِهِ.

    قالَ الإمامُ جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) :

    «إنَّ الدينَ وأصلَ الدينِ هو رجلٌ وذلكَ الرجلُ هو اليقينُ وهو الإيمانُ وهو إمامُ أمتِهِ وأهلِ زمانِهِ فمَنْ عرفهُ عرفَ اللهَ ومَنْ أنكرهُ أنكرَ اللهَ ودينَهُ ومَنْ جَهِلَهُ جَهِلَ اللهَ ودينَهُ ولا يعرف الله ودينه وشرايعَهُ بغيرِ ذلكَ الإمام كذلك جرى بأنَّ معرفةَ الرجالِ دينُ اللهِ، والمعرفةُ على وجهه ([2])معرفةٌ ثابتةٌ على بصيرةٍ يعرف بها دين اللهِ ويوصل بها إلى معرفةِ اللهِ»([3]).

    وأكدَ الرسولُ (صلى الله عليه وآله) على هذا الأمرِ في حديثِ الفرقةِ الناجيةِ المشهور في كتبِ السُّنةِ:

    «تفترقُ هذهِ الأمةُ على ثلاثٍ وسبعينَ فرقةً كُلُها في النارِ إلا فرقةً واحدةً. قيلَ يا رسولَ اللهِ! ما هذهِ الفرقة؟ قال: من كانَ على ما أنا عليهِ اليومَ وأصحابي».

    «تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إلَّا وَاحِدَةً قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ هِيَ ؟ قَالَ: مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي»([4]).

    إذن، الرسولُ (صلى الله عليه وآله) قد حدّدَ صفةَ الفرقةِ الناجيةِ بأنها الفرقةُ التي يكونُ فيها قائدٌ منصبٌ مِنَ اللهِ، كما كانَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) ومؤمنون بهذهِ القيادةِ الإلهيةِ المُعرِّفةِ باللهِ وبأمرِ اللهِ، كما كانَ أصحابُ رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله).

    فالحقُ إذن كما حددَهُ ووصفَهُ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) بدقةٍ، هو الفرقةُ التي فيها العلاقةُ الموافقةُ للعلاقةِ التي بينَهُ وبينَ أصحابِهِ، أي الإيمان بالاستخلافِ، فهناكَ خليفةٌ إلهي منصب من الله، وهناكَ مؤمنون بهذا الخليفةِ و بهذا الأصلِ الذي هو أصلُ الدينِ الإلهي.

    وروى قريباً منهُ الشيخُ الصدوقُ رحمهُ اللهُ قالَ:

    «حدثنا أبو نصر محمد بن أحمد بن تميم السرخسي قال: حدثنا أبو لبيد محمد بن إدريس الشامي قال: حدثنا إسحاق بن إسرائيل قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي قال: حدثنا الأفريقي، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمر قال: قالَ رسولُ اللهِ (صلى اللهُ عليهِ والهِ) : سيأتي على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثلٌ بمثلٍ وإنهم تفرقوا على اثنين وسبعين ملةً وستفرق أمتي على ثلاثٍ وسبعين ملةً تزيدُ عليهم واحدةً كلها في النارِ غير واحدةٍ. قال: قيل: يا رسولَ اللهِ وما تلك الواحدةُ ؟ قالَ هوَ: ما نحنُ عليهِ اليومَ أنا وأصحابي»([5]).


    [1]. الكافي - الكليني: ج1 ص134؛ التوحيد - الصدوق: ص103.
    [2]. هذا اللفظ مختلف فيه بين المصادر، فهنا (وجهه)، وفي خاتمة المستدرك: ج4 ص118 (وجهتها)، وفي البحار: ج24 ص290 نقلاً عن البصائر (وجهين)، وكذلك في مرآة العقول، وفي بعض المصادر: (ضربين).
    [3]. بصائر الدرجات - محمد بن الحسن الصفار: ص549؛ مختصر بصائر الدرجات- الحسن بن سليمان الحلي: ص82؛ خاتمة المستدرك - الميرزا النوري: ج4 ص118؛ بحار الأنوار - المجلسي: ج42 ص290.
    [4]. وهذا اللفظ ذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ج24 ص171 - 172 ووصفه بالمشهور.
    [5].معاني الأخبار- الصدوق: ص323.
    الملفات المرفقة
    Last edited by راية اليماني; 21-04-2018, 07:18.
  • راية اليماني
    مشرف
    • 05-04-2013
    • 3021

    #2
    رد: مواضيع ¬¬للنشر¬¬ كتاب «عقائد الإسلام -ويسألونك عن الروح» الإمام أحمد الحسن (ع)

    +فقرة طريق الوحي والطريق العقلي

    هناك طريقان للتصديق بوجود الحقيقة الغائبة الشاهدة الموجدة لهذا العالم:
    الأول: طريق الوحي

    ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾[الكهف: 110].

    يجب أن يعي أي إنسان أنه من غير المنطقي أن يقوم هو بغلق أذنيه عن سماع ما وراء الجدار، ثم يقول - عناداً وتعنتاً - لمن سمعوا: لا يوجد شيء خلف الجدار. فالمفروض أولاً أن أفتح أذني وأحاول السماع، وعندها إذا لم أسمع كما سمعوا، يمكنني أن أحكم أنه لا يوجد شيء خلف الجدار.

    الحق، إنّ طريق الوحي هو الطريق الأصل والأشرف، وأوله التصديق بوجود الحقيقة (أو الله سبحانه)، ولكنه يمتد إلى ما بعد التصديق وهو المعرفة وهي علة الخلق([6])، ويكون ابتداءً بالاستعداد للسماع من الحقيقة، ومن ثم بالتجرد والإخلاص للحقيقة الموجدة لهذا الكون، حتى تسمع روح الإنسان من الحقيقة الحكيمة، ويثبت له الوجود والحكمة، ومن ثم تبدأ رحلته إلى المعرفة، فيسمع من الله ومن رسله بالوحي في الرؤيا والكشف، بل حتى يصل الأمر إلى أن يسمع الإنسان حتى الجمادات ([7])، وهو طريق الأنبياء والأولياء، والمفروض أنه طريق كل ولد آدم، ولكنهم يعرضون عن ربهم وهو يناديهم، وينشغلون في الدنيا فيغفلون. وربما كانت أفعالهم خبيثة كمعاداة أولياء الله حتى يغشى قلوبهم الرين فلا يسمعون ولا يعون، ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾[المطففين: 14].

    وبما أن هذا الطريق كما بيّنت يمتد إلى ما بعد التصديق، فلا بأس أن نتوسع قليلاً في مسألة المعرفة التي هي علة خلق الإنسان.

    المعرفة: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات: 56].

    الإنسان بالأساس مفطور على معرفة الله، لأنه خلق على صورته، أي أن الإنسان هو تجلي الله في عوالم الخلق. فالصورة كما نعرف تحكي الحقيقة بقدر ما، ولكن لمـَّا أعرض عامة الناس عن سبيل الله وانشغلوا بالدنيا وغفلوا عن ربهم وكان المتذكرون منهم خاصة وقليل فقط، كالنجوم المضيئة في ظلمة السماء؛ كانت مشيئة الله - ولرحمته - أن اختار رسلاً من هؤلاء الخاصة الذين تذكروا وسمعوا، وأرسلهم ليذكروا الغافلين المشغولين بالدنيا ويعرفونهم الطريق ويسيرون بهم إلى الله، لينجوا بعض هؤلاء الغافلين ويتذكروا ويعرفوا بفضل الله وبفضل هؤلاء الناجين الأوائل. إذن، الأصل أن الناس كلهم يتذكرون ولا يحتاجون من يذكرهم. فلو كان هناك رسول فالمفروض أن يعرفوه حتى دون إعلانه عن نفسه.

    ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[البقرة: 282].

    ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾[الكهف: 110].

    ولو أنهم غفلوا، فالمفروض أن المتذكر (الرسول) - الذي أرسله الله لهم ليسلك بهم الطريق الذي أضاعوه بغفلتهم - لا يحتاج إلى الكثير ليذكرهم.

    بل المفروض أن خليفة الله لا يحتاج أكثر من الإعلان عن نفسه. والمفروض أن الناس قادرون على التعرف على خليفة ربهم وإلههم الذي يمكنهم الاتصال به ومعه دائماً وسؤاله عن رسوله، هذا هو الأصل إن كانوا أناساً محافظين على فطرتهم وإنسانيتهم وإن كانوا غافلين، ولهذا بيّن القرآن أن الأنبياء وإبراهيم لم يكونوا يحتاجون أكثر من إعلان دعواتهم، أي الأذان: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾[الحج: 27]. فالآية واضحة؛ أذن يا إبراهيم، والناس يأتوك على عجلة بمجرد أن يعلموا بإعلانك عن دعوة الله التي تحملها ([8])، لأنهم سيتذكرون ويتصلون بربهم ويعلمون منه أمر رسوله وأحقيته، بل المفروض أنهم متذكرون مثلك، ويعرفونك قبل أن تؤذن، ولكنهم للأسف انشغلوا بالدنيا حتى ذكرتهم أنت فانتبهوا.

    إذن، فالناس يأتوك بمجرد أن تعلن، أما غير الناس أو الذين نكسوا فطرتهم حتى لم يعد من اللائق أن يسموا ناس، فهؤلاء أكيد لا ينفعهم لا أذان ولا أي شيء آخر. وبين الناس وبين من نكسوا فطرتهم هناك كثير ممن لوثوا فطرتهم وأنفسهم بقدر ما، فهم يحتاجون لأشياء أخرى غير الإعلان والأذان، وهي ما نسميها بالأدلة لمعرفة خليفة الله أو قانون معرفة الحجة.

    ولرحمته سبحانه وتعالى لم يكتف بإرسال الرسل مع أنه فضْل منه سبحانه، بل أمر رسله بالإعلان عن دعواتهم، رغم ما سيتحمله رسله وأحباؤه سبحانه من أعدائه بسبب هذا الإعلان. بل ولسعة رحمته سبحانه وتعالى لم يكتفِ بكل هذا حتى أرسل مع رسله الآيات والبينات (الأدلة الواضحة الجلية لكل طالب حق)، حتى لا يبقى عذر لمعتذر ولا حجة لمحتج مهما كان هذا العذر واهناً وهذه الحجة داحضة، ﴿رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾[النساء: 165]. فمع أنه - كما بيَّنا - لا حجة حقيقية لهم، ولكنه الكريم الرحيم اعتبرها حجة لهم لعظم كرمه. فأرسل الرسل بالآيات وبالبينات ليقطع دابر هذه الحجة الموهومة. ومع هذا - وللأسف - فهؤلاء المتمردون عديمو الحياء الذين أعطاهم الله الفرصة بعد الأخرى من غير استحقاق، سيطلبون فرصة أخرى، ﴿قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ﴾[غافر: 11].

    ولكي نتصور المسألة أكثر أضرب هذا المثال: لو كان لديك عمل ما وكلفتَ به شخصاً معيناً، وهو لا يؤديه بسبب إهماله وكسله، وعندما تسأله لِمَ لمْ تؤدي العمل ؟ سيأتيك بأعذار واهية غير حقيقية. فيقول لك مثلاً: أحتاج كذا وكذا لأداء العمل. فأنت لتقطع عليه أعذاره وحججه الواهية - مع علمك بأنها أعذار واهية كاذبة - تحقق له مطالبه، وهكذا كأنك اعتبرتها أعذار وحجج حقيقية، وكما يقول المثل المعروف: اتبع الكذاب إلى عتبة الباب، ﴿وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى﴾ [طه: 134]. فالمسألة من هذا الباب ولا يتصور أحد أن للناس حجة حقيقية على الله، سواء أرسل رسل أم لم يرسل، سواء كان مع الرسل آيات وبينات وأدلة، أو كانت أيديهم خالية إلا من ذكر الله.

    إذن، فالمطلوب من كل إنسان أن يتذكر ويخلص ليكون نبياً يوحى إليه ويعرف الحقيقة وما يريده منه بارئه سبحانه، فقد فطره الله على هذا وخلقه لهذا وهو ممتحن ليكون هكذا، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات: 56]. ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[البقرة: 282].

    ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾[الكهف: 110].

    ولكن للأسف أكثر الناس يركنون إلى ظلمة هذا العالم الجسماني ويغفلون عن ربهم. فلا يسلك هذا الطريق وهو طريق الوحي إلا قليل، كأنبياء الله ورسله وأوليائه سبحانه. ففتح الله لبقية بني آدم طريق الواسطة أو الخليفة الذي يوصلهم ويعرفهم، وهكذا ظهر مع فتح طريق الواسطة أصلان آخران مرتبطان بالمستخلف الواجب معرفته سبحانه، وهما الخليفة والرسالة التي يحملها للتعريف.
    الثاني: الطريق العقلي

    وهو طريق يتحرّى إثبات وجود الله أو الحقيقة وإثبات الصفات، ولكنه لا يحقق المعرفة الحقيقية التي هي علة الخلق.

    تعرّض القرآن لبعض الأدلة العقلية، كدليل النظام والحكمة التي يراها الإنسان في الكون، ودليل أن العدم غير منتج. وسنتعرض لبعض الأدلة العقلية لعلها تكون حجة على من يلتزمون العقل ([9]) في الاستدلال كما يدّعون.

    وهنا لابد من تشخيص وتحديد أمر مهم لابد أن يرافقنا في أي موضع نريد إقحام العقل فيه، وهو أن العقل ميزان وليس أوزان. فالعقل يقايس المعلومات التي تعطى له ويبين ما فيها، وثقله وخفته أو حتى عدمه وعدم قيمته. ولهذا ولكي تتحقق مهمة العقل بصورة صحيحة، لابد من وجود أوزان قياسية حقيقية ثابتة يقينية، لكي تكون المرجع في الموازنة. وإلا فسيكون ما يوضع في إحدى كفتي الميزان أو العقل مجرد وهم لا يمت للحقيقة بصلة، فتكون النتيجة الخلوص إلى نتائج خاطئة. وللأسف هذا أمر واقع ومنتشر بشكل واسع سواء على مستوى العقيدة أم التشريع.

    وبما أن الكلام هنا في إثبات وجود الحقيقة الموجدة للعالم أو المُستَخلِف (الله)، فلا يمكن أن تكون أوزاننا في ميزان العقل شرعية دينية، لأننا هنا في صدد إثبات الأصل الذي يرجع إليه الدين. إذن، لابد أن تكون أوزاننا من الثوابت والبديهيات التي لا تحتاج إلى نظر، مثل: استحالة أن يكون الشيء معدوماً وموجوداً معاً، واستحالة أن تتسلسل الموجودات المتناهية العدد في سلسة لا متناهية من كل حيثية وجهة، واستحالة أن يكون العدم منتجاً، وأمثال هذه الثوابت.

    [6]. "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" [الذاريات: 56] أي ليعرفون.
    [7].الجمادات أو المواد عموماً هي مصدر الحياة البكتيرية والنباتية والحيوانية وأيضاً كل مظاهر الحياة من نسخ ونمو وحركة ماهي إلا عمليات كيميائية اذا نظر لها في حدود هذا العالم المادي، وبالتالي فلا يوجد فرق حقيقي بين نبات وحيوان وبكتريا وجماد، وإنما الفرق فقط في تركيب هذه المواد بصورة جعلتها مؤهلة لعملية النسخ الذاتي وما نتج عنه خلال عملية التطور.
    [8]. وهذا ما قاله ورثة إبراهيم )عليه السلام( وهم الخاصة المخلصون لله من ذرية إبراهيم )عليه السلام ( حيث أسكنهم إبراهيم (عليه السلام) بأمر الله قرب البيت الحرام ليكونوا هم أئمة الناس الذين يؤذنون بالحج ويقيمون الصلاة أي يقومون بدين الله سبحانه بعد أبيهم إبراهيم (عليه السلام) فيجب على الناس أن يأتوهم كما وجب على الناس إتيان أبيهم إبراهيم (عليه السلام) من قبل، "رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ" [إبراهيم:37].
    في الكافي - الكليني: ج1 ص392 - 393:
    - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة، فقال: هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، إنما أمروا أن يطوفوا بها، ثم ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم ومودتهم ويعرضوا علينا نصرتهم، ثم قرأ هذه الآية " واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم.
    - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط، عن داود بن النعمان عن أبي عبيدة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) - ورأي الناس بمكة وما يعملون - قال فقال: فعال كفعال الجاهلية أما والله ما أمروا بهذا وما أمروا إلا أن يقضوا تفثهم و ليوفوا نذورهم فيمروا بنا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرتهم.
    - علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال جميعا، عن أبي جميلة، عن خالد بن عمار، عن سدير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) وهو داخل وأنا خارج وأخذ بيدي، ثم استقبل البيت فقال: يا سدير إنما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا وهو قول الله: "وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ثم أومأ بيده إلى صدره - إلى ولايتنا - ثم قال: يا سدير فأريك الصادين عن دين الله، ثم نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوري في ذلك الزمان وهم حلق في المسجد، فقال: هؤلاء الصادون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتاب مبين، إن هؤلاء.. لو جلسوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله (صلى الله عليه واله) حتى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله (صلى الله عليه واله).
    [9]. ولابد من لفت الانتباه أننا هنا مجاراة للاستخدام اللفظي نسمي ظل العقل عند الإنسان بالعقل، باعتبار أنه صورته ويصح أن نسميه به، وإلا فالعقل الحقيقي هو ما في السماء السابعة الكلية.
    Last edited by راية اليماني; 21-04-2018, 07:29.

    Comment

    • راية اليماني
      مشرف
      • 05-04-2013
      • 3021

      #3
      رد: مقتطفات من كتاب «عقائد الإسلام -ويسألونك عن الروح» الإمام أحمد الحسن (ع)


      توضيح بخصوص زيد بن علي (عليه السلام)

      الرواية التي استشهدت بها بيّنت أنّ زين العابدين والباقر تركا زيداً مرجواً لأمر الله ولهما فيه الشفاعة، ولكن هذا لا يعني أنه مات على هذا؛ لأنّ زيداً لم يمت في هذه الحال وفي حياة أبيه أو أخيه الباقر )عليه السلام(، بل عرف الحق وأقرّه وقاتل عليه واستشهد عليه، وهذه رواية واضحة في معرفة زيد (عليه السلام( للحق في زمن ابن أخيه الإمام الصادق )عليه السلام(وإقراره بالحق:

      «عن معتب قال: قرع باب مولاي الإمام الصادق (عليه السلام) فخرجت فإذا زيد بن علي (عليه السلام) فقال الصادق (عليه السلام) لجلسائه: أدخلوا هذا البيت وردوا الباب ولا يتكلم منكم احد، فلما دخل قام إليه فاعتنقا وجلسا طويلاً يتشاوران ثم علا الكلام بينهما، فقال زيد: دع ذا عنك يا جعفر، فوالله لئن لم تمد يدك أبايعك أو هذه يدي فبايعني لأتعبنك ولأكلفنك ما لا تطيق، فقد تركت الجهاد وأخلدت إلى الخفض وأرخيت الستر، واحتويت على مال المشرق والمغرب، فقال الصادق (عليه السلام) : يرحمك الله يا عم يغفر لك الله يا عم. وزيد يسمعه ويقول: موعدنا الصبح أليس الصبح بقريب؟ ومضى فتكلم الناس في ذلك فقال الصادق (عليه السلام) : مه لا تقولوا لعمي زيد إلا خيراً رحم الله عمي زيداً فلو ظهر لوفى، فلما كان في السحر قرع الباب ففتحت له الباب فدخل يتشهق ويبكي، ويقول: ارحمني يا جعفر رحمك الله، ارض عني يا جعفر رضي الله عنك، اغفر لي يا جعفر غفر الله لك، فقال الصادق (عليه السلام) : غفر الله لك ورحمك ورضي عنك، فما الخبر يا عم؟ قال: نمت فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) داخلاً علي، وعن يمينه الحسن وعن يساره الحسين (عليهما السلام)، وفاطمة (عليها السلام) خلفه، وعلي (عليه السلام) أمامه، وبيده حربة تلتهب التهاباً كأنها نار، وهو يقول: يا زيد آذيت رسول الله في جعفر، والله لئن لم يرحمك ويغفر لك ويرضى عنك لأطعنك بهذه الحربة فلأضعنها بين كتفيك، ثم لأخرجها من صدرك، فانتبهت فزعاً مرعوباً فصرت إليك، فارحمني يرحمك الله. فقال (عليه السلام) : رضي الله عنك وغفر الله لك، أوصيني فإنك مقتول مصلوب محرق بالنار، فوصى زيد بعياله وأولاده وقضاء الدين عنه» ([310]).

      وزيد بن علي عالم يقر علمه المخالف والمؤالف، وقد ابتلي وامتحن بابن أخيه وأقر بإمامته، واقتحم العقبة ولم يعثر بالصادق (عليه السلام)، رغم إنّ الامتحان لم يكن هيناً بالنسبة له، فهذا فضل عظيم لزيد (عليه السلام)، فلو كان ابتلاء زيد بأخيه الباقر فقط لهان، ولو كان ابتلاءه بأبيه لكان أهون، ولكنه امتحن وابتلي بعقبة أعظم واجتازها، ولهذا فقد ذكر زيداً رسول الله وعلي (عليه السلام) وبكيا عليه )عليه السلام(، وهذا هو الفضل العظيم.

      ولعل من الضروري نقل ما قال الأئمة (عليهم السلام) في فضل هذا العالم الفاضل زيد بن علي (عليه السلام)، لكي لا يظن أحد بزيد (عليه السلام) سوءاً:

      الكافي - الشيخ الكليني ج8 ص264: «عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيه عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيصِ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه (عليه السلام) يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّه وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَه وانْظُرُوا لأَنْفُسِكُمْ فَوَاللَّه إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ لَه الْغَنَمُ فِيهَا الرَّاعِي فَإِذَا وَجَدَ رَجُلاً هُوَ أَعْلَمُ بِغَنَمِه مِنَ الَّذِي هُوَ فِيهَا يُخْرِجُه ويَجِيءُ بِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي هُوَ أَعْلَمُ بِغَنَمِه مِنَ الَّذِي كَانَ فِيهَا واللَّه لَوْ كَانَتْ لأَحَدِكُمْ نَفْسَانِ يُقَاتِلُ بِوَاحِدَةٍ يُجَرِّبُ بِهَا ثُمَّ كَانَتِ الأُخْرَى بَاقِيَةً فَعَمِلَ عَلَى مَا قَدِ اسْتَبَانَ لَهَا ولَكِنْ لَه نَفْسٌ وَاحِدَةٌ إِذَا ذَهَبَتْ فَقَدْ واللَّه ذَهَبَتِ التَّوْبَةُ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ أَنْ تَخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ آتٍ مِنَّا فَانْظُرُوا عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تَخْرُجُونَ ولَا تَقُولُوا خَرَجَ زَيْدٌ فَإِنَّ زَيْداً كَانَ عَالِماً وكَانَ صَدُوقاً ولَمْ يَدْعُكُمْ إِلَى نَفْسِه إِنَّمَا دَعَاكُمْ إِلَى الرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (عليهم السلام) ولَوْ ظَهَرَ لَوَفَى بِمَا دَعَاكُمْ إِلَيْه إِنَّمَا خَرَجَ إِلَى سُلْطَانٍ مُجْتَمِعٍ لِيَنْقُضَه فَالْخَارِجُ مِنَّا الْيَوْمَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَدْعُوكُمْ إِلَى الرِّضَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (عليهم السلام) فَنَحْنُ نُشْهِدُكُمْ أَنَّا لَسْنَا نَرْضَى بِه وهُوَ يَعْصِينَا الْيَوْمَ ولَيْسَ مَعَه أَحَدٌ وهُوَ إِذَا كَانَتِ الرَّايَاتُ والأَلْوِيَةُ أَجْدَرُ أَنْ لَا يَسْمَعَ مِنَّا إِلَّا مَعَ مَنِ اجْتَمَعَتْ بَنُو فَاطِمَةَ مَعَه فَوَاللَّه مَا صَاحِبُكُمْ إِلَّا مَنِ اجْتَمَعُوا عَلَيْه إِذَا كَانَ رَجَبٌ فَأَقْبِلُوا عَلَى اسْمِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ وإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَتَأَخَّرُوا إِلَى شَعْبَانَ فَلَا ضَيْرَ وإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَصُومُوا فِي أَهَالِيكُمْ فَلَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى لَكُمْ وكَفَاكُمْ بِالسُّفْيَانِيِّ عَلَامَةً».

      عيون أخبار الرضا (عليه السلام) - الشيخ الصدوق ج2 ص225: «حدثنا أحمد بن يحيى المكتب قال: اخبرنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال: حدثني ابن أبي عبدون عن أبيه قال: لما حمل زيد بن موسى بن جعفر إلى المأمون وقد كان خرج بالبصرة واحرق دور ولد العباس وهب المأمون جرمه لأخيه علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) وقال له: يا أبا الحسن لئن خرج أخوك وفعل ما فعل لقد خرج قبله زيد بن علي فقتل ولولا مكانك مني لقتلته فليس ما أتاه بصغير فقال الرضا (عليه السلام) : يا أمير المؤمنين لا تقس أخي زيداً إلى زيد بن علي فانه كان من علماء آل محمد غضب لله عز وجل فجاهد أعداءه حتى قتل في سبيله ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر (عليهما السلام) انه سمع أباه جعفر بن محمد بن علي (عليهم السلام) يقول: رحم الله عمي زيدا انه دعا إلى الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفى بما دعا إليه ولقد استشارني في خروجه فقلت له: يا عم إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشانك فلما ولى قال جعفر بن محمد: ويل لمن سمع واعيته فلم يجبه فقال المأمون: يا أبا الحسن أليس قد جاء فيمن ادعى الإمامة بغير حقها ما جاء؟ فقال الرضا (عليه السلام) : إن زيد بن علي لم يدع ما ليس له بحق وانه كان اتقى لله من ذلك انه قال: ادعوكم إلى الرضا من آل محمد (عليهم السلام) وإنما جاء ما جاء فيمن يدعى أن الله تعالى نص عليه ثم يدعو إلى غير دين الله ويضل عن سبيله بغير علم وكان زيد والله ممن خوطب بهذه الآية: "وجاهدوا في الله حق جهاده هو أجتبيكم"«.

      عيون أخبار الرضا (عليه السلام) - الشيخ الصدوق ج2 ص228: «حدثنا أحمد بن الحسين القطان قال: حدثنا الحسن بن على السكرى قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهرى عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن عمرو بن خالد قال: حدثني عبد الله بن سيابة قال: خرجنا ونحن سبعه نفر فأتينا المدينة فدخلنا على أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) فقال لنا: أعندكم خبر عمي زيد؟ فقلنا: قد خرج أو هو خارج قال: فإن أتاكم خبر فاخبروني فمكثنا أياماً فأتى رسول بسام الصيرفي بكتاب فيه: أما بعد فإن زيد بن علي (عليه السلام) قد خرج يوم الأربعاء غرة صفر فمكث الأربعاء والخميس وقتل يوم الجمعة وقتل معه فلان وفلان فدخلنا على الصادق (عليه السلام) فدفعنا إليه الكتابة فقرأه وبكى ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون عند الله احتسب عمي انه كان نعم العم إن عمي كان رجلا لدنيانا وآخرتنا مضى والله عمي شهيداً كشهداء استشهدوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن والحسين (صلوات الله عليهم)".

      من ملاحق كتاب عقائد الاسلام للسيد احمد الحسن ع

      Comment

      • راية اليماني
        مشرف
        • 05-04-2013
        • 3021

        #4
        رد: مقتطفات من كتاب «عقائد الإسلام -ويسألونك عن الروح» الإمام أحمد الحسن (ع)


        إشكال: الرحيم المطلق لماذا يعذب بالنار؟!

        [ قبل كل شيء يجب الالتفات إلى أن المالك الحقيقي لا يمكن أن يكون ظالماً عندما يتصرف في ملكه وممتلكاته، وبالتالي فالعذاب أو نار جهنم لا تتعارض مع مفهوم العدل. نعم يمكن الإشكال - بسبب فهم خاطئ لمعنى العذاب والنار - على أنها تتعارض مع مفهوم الرحمة، أو الإشكال بأن الأمر عبثي أو عبارة عن لعب؛ حيث لا رحمة ولا حكمة في أن يقوم الله بخلقهم ثم يعذبهم، فكان الأولى به أن لا يخلقهم من البداية.

        رد الإشكال:
        العذاب أو نار جهنم ما هو إلا كشف الحقائق الدنيوية لمن اختاروا هذه الحياة الدنيا وتعلقوا بها، فالأمر لا يتعدى إعطاء شخص ما أراد هو لنفسه من بقاء وخلود في هذه الحياة الدنيا، ولكن مع كشف حقيقة اختياره له، وبالتالي فهو عدل ورحمة وإحسان، فهو اختار الحياة الدنيا وأعطاه الله ما أراد، فأين الظلم أو القسوة في هذا؟!

        قال تعالى:
        ﴿لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾[الأنبياء: 13].

        ﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾[العنكبوت: 54].

        [﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ﴾.
        هذه هي الحقيقة، الله أعطى كل إنسان المفتاح الرئيس الذي يفتح كل الأبواب والذي يثبت إنسانيته، فيمكنه أن يفتح الأبواب واحداً بعد الآخر لينتقل من نور إلى نور أعظم منه حتى يصل إلى مواجهة النور الذي لا ظلمة فيه، ويمكنه أيضاً بكل بساطة أن يلقي المفتاح إلى الأرض ويعود إلى حيوانيته وبهيميته والتي بها يمسي يساوي القرد كما في النص القرآني ﴿وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ﴾ !

        لا ظلم في ساحة الله، فالنار هي الدنيا لمن اختاروها وطلبوا الخلود فيها، فقط سيكشف الغطاء عنهم ليجدوها مشتعلة بأعمالهم وظلمهم وفسادهم، وملأتها عقارب حسدهم ووحوش أفكارهم وجرائمهم وحقائقهم الحيوانية البهيمية التي ستظهر لهم جلية فيعذب بعضهم بعضاً بتلك الحقائق الخبيثة عندما يكشف الغطاء. لا ظلم في ساحة الله، من طلب الخلود الدنيوي سيعطى أمنيته ويبقى حيث أراد، فقط سيكشف عنه الغطاء ليرى الحقائق كما هي ﴿لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾.

        الله عادل في كل شيء، بل هو محسن وكريم إلى درجة لا يمكننا أن نفهمها وليس عادلاً فقط، لهذا فهو لا يؤذي أحداً بل أشد عقوبته هي أن يعطي الإنسان اختياره الذي عادة يكون فيه هلاكه الأبدي، لهذا فمعنى قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾، وقوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ﴾ وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾:

        أي أنهم ألقوا المفاتيح من أيديهم وخسروا الروح الإنسانية التي بثها الله في أبيهم آدم (عليه السلام) وحثهم على تحصيلها، ولم تبقَ لهم إلا الروح الحيوانية، فعادوا إلى أصولهم حيوانات وبهائم لا يكادون يفقهون قولاً].

        وهنا ربما يطرح إشكال مفاده: إن هذا الإنسان يجهل حقيقة اختياره، وبالتالي فهو تعرض لعملية خداع فهو لا يعرف أن هناك حقيقة مخفية خلف الصور التي يراها في هذه الحياة الدنيا، ولا يعلم أن هذه الحقائق بشعة وأن العيش فيها مع رؤيتها والإحساس بها تمثل عذاباً عظيماً لا يحتمل، فهو لو كان يعلم بهذه النتيجة لما أقدم على هذا الاختيار.

        وهذا الإشكال مبني على أساس أن الإنسان ليس لديه أي علم بنتائج اختياره، ولهذا فهو غير صحيح، نعم، لو كان الله لم يخبره بحقيقة اختياره ربما يكون للإشكال وجه، ولكنه أخبره وحذره ].

        أحمد الحسن (ع)
        كتاب عقائد الإسلام

        Comment

        • almawood24
          يماني
          • 04-01-2010
          • 2174

          #5
          رد: مقتطفات من كتاب «عقائد الإسلام -ويسألونك عن الروح» الإمام أحمد الحسن (ع)

          جزاكم الله خيرا
          من اقوال الامام احمد الحسن عليه السلام في خطبة الغدير
          ولهذا أقول أيها الأحبة المؤمنون والمؤمنات كلكم اليوم تملكون الفطرة والاستعداد لتكونوا مثل محمد (ص) وعلي (ص) وآل محمد (ص) فلا تضيعوا حظكم، واحذروا فكلكم تحملون النكتة السوداء التي يمكن أن ترديكم وتجعلكم أسوء من إبليس لعنه الله إمام المتكبرين على خلفاء الله في أرضه، أسأل الله أن يتفضل عليكم بخير الآخرة والدنيا.

          Comment

          • راية اليماني
            مشرف
            • 05-04-2013
            • 3021

            #6
            رد: مقتطفات من كتاب «عقائد الإسلام -ويسألونك عن الروح» الإمام أحمد الحسن (ع)

            المشاركة الأصلية كتبت بواسطة almawood24 مشاهدة المشاركة
            جزاكم الله خيرا
            اشكر مروركم المشرّف
            بارك الله بكم

            Comment

            • حسام الانصاري
              عضو جديد
              • 15-11-2015
              • 2

              #7
              رد: مقتطفات من كتاب «عقائد الإسلام -ويسألونك عن الروح» الإمام أحمد الحسن (ع)

              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              هل من الممكن إضافة كتاب عقائد الاسلام كله
              وليس مقتطفات للفائدة والنسخ
              جزاكم الله خيرا

              Comment

              Working...
              X
              😀
              🥰
              🤢
              😎
              😡
              👍
              👎