إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

{ يسألونك عن الروح }

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • منى محمد
    عضو مميز
    • 09-10-2011
    • 3320

    { يسألونك عن الروح }

    ( يسألونك عن الروح )


    وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)الإسراء .
    هذا اللفظ ( روح ) يطلق على كل مخلوق حي في غير هذا العالم الجسماني .
    فأنفس الإنس والجن أرواح والملائكة كلها تسمى أرواحاً , وكما أنّ الريح في هذا العام تحرك الأشياء ؛ كذا الأرواح تحرك ما ولجت فيه واندمجت معه .
    وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۚ كَذَٰلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) الأعراف .
    وأول ما خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ( الرَّحْمَٰنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ* خَلَقَ الْإِنْسَان* ) ( الرحمن 1ـ3 ) , ثم خلق الخلق من الإنسان الأول , وهذا الإنسان الأول هو تجلي اللاهوت في الخلق وهو العقل والروح الأول المخلوق وهو روح الله (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) ) الشورى .

    عن الأحْول قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الروح التي في آدم (ع) قوله فإذا سويّته ونفختُ فيه من روحي قال هذه روحٌ مخلوقةٌ والروح التي في عيسى مخلوقةٌ .(1)
    ــــــــــــــــــــــــ
    1 ـ الكافي ــ الكليني : ج 1 ص 133 باب الروح .
    عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحجَّال عن ثعلبة عن حُمران قال سالتُ أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجلّ وروحٌ منه قال هي روح الله مخلوقةٌ خلقها الله في آدم وعيسى . (1) .

    فروح الله أو الروح التي سجد لها الملائكة لما نفخت في طينة آدم المرفوعة وتجلت في صلبه هو الروح الأعظم محمد (ص) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) الحجر . إنما هو للروح الأعظم أو محمد (ص) , فهو القبلة الأولى لمعرفة الله سبحانه وتعالى , فلم يكن سجود الملائكة لآدم (ع) إلا بعد أن نفخ في آدم من الروح الأول محمد (ص) , فالروح الذي يسألون عنه كان يواجههم ويواجهونه في هذا العالم بجسد محمد ( ص) ولم يكونوا يعلمون , وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)الإسراء .

    عن جابر بن يزيد قال لي أبو جعفر (ع) : يا جابر إنّ الله أوَّل ما خلق خلق محمداً (ص) وعترته الهداة المهتدين فكانوا أشباح نور بين يدي الله قلتُ وما الأشباح قال ظلّ النور (2) أبدان نورانية بلا أرواح وكان مؤَيَّداً بروح القُدس فبه (3) كان يعبد الله وعترته ولذلك خلقهم حُلماء علماء بررة أصفياء يعبدون الله بالصلاة والصوم والسجود والتسبيح والتهليل ويُصلّون الصلوات ويحجُّون ويصومون . (4) .
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 ـ الكافي ـ الكليني : ج1 ص 133 باب الروح
    2 ـ ظل النور هو أثره المظلم الدال عليه , وفي الحديث الشريف النور هو الله سبحانه وتعالى , فهو سبحانه نور لا ظلمة فيه , وظله هو تجليه في الخلق (ع) ظل النور أي أثر الله سبحانه وتعالى في الخلق , وبالأثر يعرف المؤثر فبهم عرف الله سبحانه .
    3ـ فروح القدس فيهم , بل هي روحهم في السماء السابعة الكلية ( سماء العقل ) .
    4ـ الكافي ـ الكليني : ج1 ص 442 .

    المصدر : كتاب عقائد الإسلام ويسألونك عن الروح للسيد احمد الحسن (ع) .

    يتبع



    ولم أنسى تلك الكلمات التي كان يرددها في أيام الدعوة اليمانية المباركة نقلاً عن الإمام المهدي (ع )
    أنا منسي منسي .. و القرآن مهجور مهجور مهجور ..
    كان يرددها بألم و حزن و لوعة .
    هكذا عرف الشيخ ناظم العقيلي الإمام احمد الحسن ( ع ).
  • منى محمد
    عضو مميز
    • 09-10-2011
    • 3320

    #2
    رد: { يسألونك عن الروح }

    ( خلق النفس الإنسانية )


    الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) السجدة .

    رُفعت طينة آدم من الأرض إلى السماء الأولى (1) ( عالم الذر ) , ثم بث روح الإيمان فيها فتكونت النفس الإنسانية الأولى , ثم بثت روح القدس فيه وأمر الملائكة بالسجود له , فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)الحجر و [ صّ 72 ] .

    وهكذا تكونت النفس الإنسانية الأولى من طينة آدم المرفوعة والروح التي بثت فيها , ثم أخذت من هذه النفس الإنسانية الأولى نفس أخرى شقت منها بقدرة الله سبحانه , وهذه هي النفس الإنسانية الثانية أو نفس حواء (ع) زوج آدم (ع)

    ـــــــــــــــــــــــ
    1ــ الرفع : هو العودة خطوة أو اكثر باتجاه المبدأ أو المصدر , وهذا يعني لو صورنا الإنسان ــ وكذلك بقية الخلق أيضاً ــ على أنه تجلي اللاهوت في العدم القابل للوجود , فسيكون لدينا مرتبة معينة كلما ابتعدنا (معرفياً ) عن مصدر التجلي , وستكون هذه المرتبة المعينة أقل نوراً وأكثر ظلمة ( العدم الذي يتخللها ) ولنفرض أن عالم المادة الذي فيه أجسامنا مكوّن من نسبة نور قدرها 10 % ونسبة ظلمة (عدم ) قدرها 90 % وأن كل خطوة يتقدمها النور باتجاه الظلمة المطلقة ( العدم المطلق ـ انعدام المعرفة والإدراك ) تمثل رقماً واحداً صحيحاً , فيكون الرفع خطوة واحدة لجسم مادي " كطينة آدم (ع) " هو عبارة عن نقله إلى العالم الموازي الذي نسبة النور فيه 11 % ونسبة الظلمة (العدم ) 89% أي العالم الذي سبقه .
    والعوالم لا بد أن تقسم تقسيماً مثالياً؛ لأن موجودها مطلق فلا بد أن تكون أقرب ما يمكن للمطلق ؛ لأنها تمثل الصادر الأول منه ( محمد = كل العوالم ) . وهذا يعني رياضياً ( لتقريب الفهم ) أن شريحة التقسيم هي أصغر ما يمكن تخيله يعني يمكنك أن تتخيل أنه يوجد رقم هو أقرب رقم للصفر , ولكن لا يمكنك معرفة هذا الرقم العشري , فمثلاً لو قلت إنه ( 0,0001 ) فإن ( 0,00001) أصغر منه وهكذا سيستمر الأمر إلى رقم يمكن الجزم بأنه موجود ومعرفة بعض صفاته ولكن لا يمكن معرفته أبداً , وهذا الرقم لو وضعته في مقام أي قسمة فسيكون ناتج القسمة هو أقرب ما يكون إلى ما لا نهاية له ؛ لأن المقام في القسمة هو أقرب ما يمكن الجزم للصفر , وهذا يعني أننا لو قدر لنا أن نرى شخصاً يُرفع أمام أعيننا فيمكن أن نراه يختفي تدريجياً أي نرى جسماً ثم شبحاً ثم يختفي , وهو في الحقيقة لم يختفي أبداً بل كل ما هناك انتقل إلى عالم موازي لعالمنا وأرقى منه مرتبة باتجاه النور , أو يمكن ان نقول : إنه عاد باتجاه المبدأ أو المصدر خطوة أو خطوات بحسب حالة الرفع لذلك الجسم المادي , وفي كل الأحوال فإن مجموع النور والظلمة أو الوجود وعدم الوجود خارج مصدر النور أو الوجود يساوي صفراً أي لا يوجد شيئ على نحو حقيقي خارج المصدر . مثال : لنتصور مصدراً للضوء , والضوء يتحرك باتجاه معين , وكلما تقدم الضوء خطوة للأمام تكثف بعضه مكوناً غشاء مادياً ويرشح منها بعض الضوء , وهكذا أصبح أمام مصدر الضوء عدداً من الأغشية التي كونها الضوء نفسه , ويرشح منها بعض الضوء , وعدد الأغشية هو أقرب ما يمكن إلى ما لا نهاية له , وبين الأغشية فراغ مليئ بجسيمات مضادة ( عدم المادة ) يساوي مجموع مادة الأغشية وطاقة الضوء , أي أن مجموع المادة والطاقة خارج مصدر الضوء يساوي صفراً أي يمكننا أن نقول : إنه لا يوجد شيئ على نحو الحقيقة خارج مصدر الضوء .

    قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) النساء . (1)

    وقال تعالى : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ۖ فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ ۖ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ(189) الأعراف .

    ثم أُخرجت أنفس الذرية من أنفس آدم وذريته وامتحنهم الله في ذلك العالم , وكان هذا هو الامتحان الأول الذي سبق الامتحان في هذا العالم الجسماني :
    وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ (172)الأعراف .

    وبهذا أصبحت كل نفس بني آدم مركبة من الطينة المرفوعة وتجلي لروح الإيمان وروح القدس أو قل صورة لروح الإيمان وروح القدس , وبهذا فيكون كل إنسان مفطور على معرفة الله , بل ولديه الآلة التي يرتقي بها وهي صورة روح الإيمان وروح القدس , فالمفروض أنه من الصورة المودعة فيه يعرف حقيقته ويصير إليها , ولكن للأسف بعض بني آدم بدل أن ينتفع من هذه الصورة المنعكسة في مرآته ؛ يقوم بطمسها ويزري بنفسه إلى أن لا يبقى فيه غير بهيمة الجسم التي يشاركه فيها البهائم والقردة والخنازير , قال تعالى :

    أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)الفرقان .

    وقال تعالى : قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ ۚ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)المائدة .

    ــــــــــــــــــــــ
    1ــ في مرتبة أعلى تكون الروح الأولى روح محمد (ص) ومنها خلقت مرتبة الروح التي دونها وهي روح علي وفاطمة (عليهما السلام ) .



    المصدر : كتاب عقائد الإسلام ويسألونك عن الروح للسيد احمد الحسن (ع) .

    يتبع


    ولم أنسى تلك الكلمات التي كان يرددها في أيام الدعوة اليمانية المباركة نقلاً عن الإمام المهدي (ع )
    أنا منسي منسي .. و القرآن مهجور مهجور مهجور ..
    كان يرددها بألم و حزن و لوعة .
    هكذا عرف الشيخ ناظم العقيلي الإمام احمد الحسن ( ع ).

    Comment

    • منى محمد
      عضو مميز
      • 09-10-2011
      • 3320

      #3
      رد: { يسألونك عن الروح }

      (خلق الإنسان وبث النفس في الجسم )


      الله سبحانه وتعالى بدأ خلق آدم في السماء الأولى ( سماء الأنفس ) , ولكن لكي يكون آدم وذريته مؤهّلين للنزول إلى الأرض والاتصال بالأجساد , فلا بد من رفع الطينة للسماء الأولى وخلق نفس آدم (ع) وبقية الناس منها , فهذا أمر ضروري ؛ حيث إن الروح بثت في هذه الطينة المرفوعة وأصبحت هذه الطينة المرفوعة هي آلة اتصال الروح بالجسد , فالروح لا يمكن أن تمس الجسد لأنهما في ــ ومن ــ عالمين مختلفين وبينهما عوالم , فكان لا بد من وجود آلة لها وجود في كل مراتب التدرج والعوالم بين السماء الجسمانية والسماء الأولى وعندما يُرفع الجسم يكون له هذه المراتب فله أن يتحرك ضمن حدودها .

      وهكذا , فالطينة التي رُفعت ( وهي تمثل كل ما في الأرض ) أصبح لها هذا المجال في الحركة بين عالمي الأجسام والأرواح , أو لنقل : بين عالم الأجسام عند بداية السماء الأولى وصولاً للتماس بالسماء الثانية , أو لنقل : عالم الأرواح عند بداية السماء الثانية ( سماء الروح , والجنة الملكوتية ) .
      أيضاً : كانت بداية خلق آدم من طين الأرض ومائها ؛ لتحمل نفسه التي ستخلق في السماء الأولى ما في الأرض من قوة وشهوة تؤهله للتكاثر وللعيش في كل بقعة على الأرض وتؤهله ليُهيمن على الأرض , فأخذت الملائكة بأمر من الله سبحانه شيئاً من تراب وماء الأرض الدنيوية , أي في نهاية السماء الأولى أي في باب السماء الملكوتية ( السماء الثانية ) , وهي أولى الجنان الملكوتية تمر عليها الملائكة .

      عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال : كانت الملائكة تمر بآدم (ع) أي بصورته وهو مُلقى في الجنة من طين فتقول : لأمر ما خُلقت . (1)
      ــــــــــــــــــ

      1ــ قصص الأنبياء ــ الراوندي : ص 41 .

      أي مُلقى في الجنة الموجودة في السماء الأولى .

      قال الباقر (ع) فخلق الله آدم فبقي مصوراً يمر به إبليس اللعين فيقول : لأمر ما خُلقت . (1)


      فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117)طه .
      ثم لما تهيأت الأرض لاستقبال آدم (ع) خليفة الله , نفخ الله روح الإيمان في جسد آدم المثالي الموجود في السماء الأولى , فتكونت النفس الإنسانية الأولى كما في قوله تعالى : ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ ...)
      وقوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ) وهي مرتبة عالم الأنفس أو السماء الأولى . ثم نفخ في آدم روح القدس كما في قوله تعالى : ( ..... وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ) وقوله تعالى : (ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ) أي صورناكم على صورة الله كما في التوراة :

      >>26 وقال الله نعمل الأنسان على صورتنا كشبهنا (2) , >> 27 فخلق الله الإنسان على صورته . على صورة الله خلقه ذكراً وأنثى خلقهم (3) .

      وفي الرواية :
      عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (ع ) عما يَرْوُون أن الله خلق آدم على صورته فقال : هي صورة محدثةٌ مخلوقةٌ واصطفاها الله واختارها على سائر الصور المختلفة فأضافها إلى نفسه كما أضاف الكعبة إلى نفسه والروح إلى نفسه فقال : " بَيْتِيَ " "ونفختُ فيه من روحي " . (4) .
      ــــــــــــــــــــــــ
      1ـ تفسير القمي : ج 1 ص 41 .
      2ـ العهد القديم ـ سفرالتكوين ـ الأصحاح 1 : 26 .
      3ـ العهد القديم ـ سفرالتكوين ـ الأصحاح 1 : 27 .
      4 ـ الكافي ـ الكليني : ج1 ص 134 ؛ التوحيد ـ الصدوق : ص 103 .

      فأمر الله الملائكة بالسجود له كما في قوله تعالى : ( فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) , وقوله تعالى : ( ثُمَّ
      قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ ) , فسجد من سجد وتكبر من تكبر فطرد .
      فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)الحجر
      لَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11)الأعراف .

      ومن ثم إن الله سبحانه وتعالى خلق نفس حواء (ع) من نفس آدم (ع) (1) , قال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) النساء . (2) .

      عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال : إن الله تعالى خلق آدم من الطين وخلق حواء من آدم . (3) ,

      ومن ثم أخرج ذريتهما وامتحنهم جميعاً الامتحان الأول في عالم الذر ( عالم الأنفس ) , وكان الامتحان بسؤال واحد : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ (172)الأعراف . والآية واضحة (وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ ) أي أنه كان عالم أنفس , فالمتقدم في الامتحان والفائز في السباق هو من يرى ويسمع أولاً ويجيب أولاً .

      ــــــــــــــــــــــــــــــ
      1 ـ لم يخلق الله نفس حواء باستقلال كما خلق نفس آدم (ع) وذلك ليكون بينهم مودة ورحمة فتكون المودة أو الحب والطاعة موجه من حواء إلى آدم والرحمة موجه من آدم إلى حواء " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)" .
      2 ـ في مرتبة أعلى يكون المراد الروح الأولى روح محمد (ص) ومنها خلقت مرتبة الروح التي دونها وهي روح علي وفاطمة
      (عليهما السلام ) .
      3 ـ قصص الأنبياء ـ الراوندي : ص 42.


      ولما انتهى هذا الامتحان , شاء الله أن يتم ما كان في علمه من انزال آدم (ع) إلى الأرض وامتحانه فيها , فحصل امتحان آدم (ع) في السماء الأولى ( الجنة الدنيوية ) وفشل في الامتحان كما كان مقدراً له , فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121)طه , فأنزل إلى الأرض هو وأمنا حواء (ع) ورزقنا الله شفاعتهما في الدنيا والآخرة .
      والنص القرآني واضح أن آدم وحواء خلقا وعاشا ابتداءً في الجنة الموجودة في السماء الأولى , وهي جنة دنيوية ولكنها ليست في الأرض بل في السماء الأولى أو عالم الأنفس :
      قال تعالى : وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) البقرة .
      وقال تعالى : فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَىٰ (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121)طه .
      فالآيات واضحة أن آدم (ع) لم يكن أرضياً , ولم يكن في الأرض ابتداءً بل في الجنة في السماء الأولى , وهي غير جنة الخلد (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ ) , وهذ الجنة ليست كالأرض التي يمكن ان يجوع فيها الإنسان ويعرى ويعطش ويضحى وتؤذيه الشمس والظروف الجوية إذا لم يعمل ويجمع الثمار أو يزرع ويصيد أو يربي الحيوانات ويتخذ احتياطاته لدفع الضرر , إذن هي شيئ آخر غير أرضي .

      ثم لننظر إلى حال أدم المميز في هذه الآيات , وهل يتناسب مع حال الأرض والأجسام فيها , فجسم الإنسان الأرضي إذا لم يغطَ جزءاً منه باللباس سيكون مكشوفاً وأكيداً يراه صاحبه ويراه غيره , ولو كان آدم وحواء في الأرض وكانا عاريين من البداية لانتبها إلى حالهما منذ البداية وليس عند المعصية , ولو كانا في الأرض ويلبسان ملابس فلا تختفي عنهما بمجرد المعصية .
      إذن , فالأمر ليس أرضياً والقصة ليست أرضية , فالأمر كما يذكره الله في القرآن لا يتناسب مع حال الأرض ومن فيها أبداً , بينما لو كان آدم وحواء عند المعصية في الجنة الدنيوية في السماء الأولى فمن الطبيعي أن تبدو لهما سوءاتهما عندما يعصيان وليس قبل ذلك ؛ لأن اللباس الذي يستر العورة هناك هو لباس التقوى وهو لباس تلبسه النفس كنتيجة طبيعية لطاعة الله ومخالفة الهوى والشيطان , ولباس التقوى أهم وأفضل من لباس الجسد ؛ لأن الله ينظر لنفس وروح الإنسان وما تلبس وليس إلى جسد الإنسان وما يغطيه ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)) الأعراف .

      وعند المعصية ينزع هذا اللباس وتنكشف عورة الإنسان أمام ربه (1) أي إن آدم وحواء (ع) كانا يلبسان لباساً منذ البداية في الجنة , كانا يلبسان لباس التقوى ثم نزع عنهما ؛ فهما لم يكونا عاريين في البداية وانكشف لهما حالهما الأولي , بل الذي انكشف لهما هو حالهما بعد المعصية ونزع لباس التقوى , (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) ) الأعراف .
      ـــــــــــــــــــــــ
      1ـ أي إنسان وليس آدم فقط فتراه الملائكة عار من التقوى وتعرف أنه عاصي , لهذا اهتم آدم وحواء بما حصل فهو على أقل تقدير أمر مخجل أن يصدر من آدم معلم الملائكة , ولهذا أخذ يستغفر ليرجع له لباس التقوى " فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ " .


      والآيات واضحة أن هبوط آدم (ع) وحواء من الجنة الدنيوية في السماء الأولى إلى الأرض لا يمكن أن يقال إنه هبوط من جنة في هذه الأرض إلى الأرض , (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)) البقرة . فهو هبوط من السماء الأولى إلى السماء الجسمانية وإلى الأرض بالخصوص , والإمام الصادق (ع) بيّن أنّ آدم طلب الرجوع إلى الجنة التي كان فيها وقد أجابه الله , وهذا يبين بوضوح أنها جنة سيدخلها بعد انفصال نفسه ـ بالموت ـ عن هذا الجسد مرة أخرى ويعود كما كان سابقاً .

      عن أبي عبد الله (ع) قال : لما طاف آدم (ع) بالبيت مائة عام ما ينظر إلى حواء , ولقد بكى على الجنة حتى صار على خديه مثل النهرين العجاجين العظمين من الدموع , ثم أتاه جبرائيل (ع) فقال : حياك الله وبياك , فلما أن قال : " حياك الله " تبلج وجهه فرحاً وعلم أن الله قد رضي عنه , ولما قال : " وبياك " ضحك ومعنى بياك أضحكك , قال : ولقد قام على باب الكعبة وثيابه جلود الإبل والبقر , فقال : اللهم أقلني عثرتي واغفر لي ذنبي وأعدني إلى الدار التي أخرجتني منها , فقال الله جل ثناؤه : قد أقلتك عثرتك وغفرت لك ذنبك وسأعيدك إلى الدار التي أخرجتك منها . (1) .
      ـــــــــــــــــــ
      1ـ معاني الأخبار ــ الصدوق : ص 269 .

      هذه قصة خلق آدم (ع) من الطين المرفوع إلى السماء الأولى ونفخ الروح فيه , فآدم خلق في الجنة الدنيوية الموجودة في السماء الأولى (1) , فنحن سماويون وقد خلقت أنفسنا من الروح المنفوخ في الطين المرفوع لكي يتم امتحاننا في هذه الأرض , وتتمكن الأنفس من التواصل مع الأجسام الأرضية التي ستكون حيّز امتحانها في هذا العالم الجسماني المادي .

      ــــــــــــــــ
      1ـ السماء الدنيا تتكون من جزئين أو مرتبتين وهما : السماء الجسمانية وهي هذه السماء المادية الجسمانية التي فيها المجرات والشموس والأقمار والأرض التي نعيش فيها , والسماء الأولى وهي سماء الأنفس , وفيها خلق آدم , وفيها الجنة الدنيوية التي وضع فيها آدم وحواء أول خلقهما قبل أن ينزلا إلى الأرض بعد المعصية , والسماء الأولى هي نفسها سماء عالم الذر .


      المصدر : كتاب عقائد الإسلام ويسألونك عن الروح للسيد احمد الحسن (ع) .

      يتبع











      ولم أنسى تلك الكلمات التي كان يرددها في أيام الدعوة اليمانية المباركة نقلاً عن الإمام المهدي (ع )
      أنا منسي منسي .. و القرآن مهجور مهجور مهجور ..
      كان يرددها بألم و حزن و لوعة .
      هكذا عرف الشيخ ناظم العقيلي الإمام احمد الحسن ( ع ).

      Comment

      • منى محمد
        عضو مميز
        • 09-10-2011
        • 3320

        #4
        رد: { يسألونك عن الروح }

        ( النفس والروح والعقل )

        قد تبيّن أنّ النفس خلقت من تركيب طينة مرفوعة وروح , وبهذا فهي تختلف عن الروح ولكن من جهة التسمية قد تسمى النفس بعض الأحيان روحاً ؛ لأنها خلقت من الروح , ولأنها تعكس صورة روح الإيمان وروح القدس . وأيضاً تسمى بعض الأحيان الروح نفساً , فالإنسان مركب من الجسد ومحرك الجسد الغائب عن الأبصار , فهذا المحرك من حيث إنه متصل بالجسد قد يسمى نفساً وإن كان مرتقياً وله روح القدس , ومن حيث إنه محرك للجسد ومن حيث إنه تجلي من الملكوت الأعلى ( أي من الروح الحقيقي ) قد يسمى روحاً , وإن كان غير مرتقي وليس له روح إيمان ولا روح قدس .
        والحق إنه ليكون للإنسان روح حقيقي لا بد أن يكون له حظ وجود في السماء الملكوتية الثانية على الأقل ؛ لأنها أول الجنات الملكوتية .
        وأيضاً : نفس هذا المحرك من حيث إنه تجلي العقل ( السماء السابعة ) يسمى عقلاً , والحق إنه ليكون للإنسان عقل حقيقي لا بد أن يكون له حظ و وجود في السماء السابعة .


        المصدر : كتاب عقائد الإسلام ويسألونك عن الروح للسيد احمد الحسن (ع) .

        يتبع



        ولم أنسى تلك الكلمات التي كان يرددها في أيام الدعوة اليمانية المباركة نقلاً عن الإمام المهدي (ع )
        أنا منسي منسي .. و القرآن مهجور مهجور مهجور ..
        كان يرددها بألم و حزن و لوعة .
        هكذا عرف الشيخ ناظم العقيلي الإمام احمد الحسن ( ع ).

        Comment

        • منى محمد
          عضو مميز
          • 09-10-2011
          • 3320

          #5
          رد: { يسألونك عن الروح }

          ( النفس )


          البداية كانت أن روح قدس وروح إيمان جمعت مع طينة مرفوعة فخلقت النفس الإنسانية الأولى , ثم جاءت الأنفس الإنسانية الأخرى من هذه النفس الأولى , فالأنفس الأخرى عبارة عن صورة للنفس الإنسانية الأولى , فيظهر فيها الطين وما فيه من شهوات وقوى مادية ,ويظهر فيها روح الإيمان وروح القدس (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)) الشمس .

          فلكل إنسان نفس وهذه النفس في هذا العالم المادي عبارة عن مرآة تنعكس فيها روح الإيمان وروح القدس , ولهذه النفس ثلاثة ارواح هي : ( روح الحياة والقوة والشهوة ) , وكل من هذه الأرواح هي النفس الإنسانية من حيث إنها متوجهة بهذا الاتجاه وعاملة لهذا العمل , فلو صورنا النفس على أنها معمل لكانت كل روح من هذه الأرواح شيئاً في هذا المعمل ويكمل بعضها بعضاً وبجميعها ينتج المعمل .
          فمثلاً تكون روح الحياة هي الطاقة الكهربائية في المعمل , وروح القوة هي المحركات التي تدار بواسطة الطاقة الكهربائية أو روح الحياة , أما روح الشهوة فتكون الآلآت التي تدار بواسطة المحركات .
          والنفس بحد ذاتها لا تعني أنّ للإنسان روحاً حقيقياً , فالروح الحقيقي يبدأ من السماء الثانية أي لا بد أن تكون النفس مرتقية إلى السماء الثانية حتى يكون لها روح حقيقي . نعم , هي يمكن أن تسمى روحاً حتى في السماء الأولى ؛ باعتبار تجليها من الملكوت الأعلى أو الروح الحقيقي , وباعتبار أنها وبأرواحها الثلاثة ( روح الحياة والقوة والشهوة ) محرك الجسد , كما أنّ ارتقاء الإنسان وعلو مقامه مهما كان لا يسلب محرك الجسد هذا الاسم ـ أي النفس ـ , فحتى لوكان للإنسان حظ في السموات الملكوتية بل وفي السابعة الكلية ( سماء العقل ) كالأنبياء والأوصياء (ع) ؛ يمكن أن نقول عن المحرك بأنه نفس الإنسان ؛ لأن هذا الاسم باعتبار حاله وأنه خلق من الطين المرفوع والروح .

          والنفس الإنسانية النازلة بمثابة مرآة منعكسة فيها روح الإيمان وروح القدس أو الحقيقة التي على الإنسان أن يصير إليها , وهذه هي الفطرة الإنسانية التي تحثه إلى أن يرتقي ليصل إلى أعلى مقام إنساني , فإن تعثر في طريقه وهو يطلب الارتقاء بإخلاص فهو يصل إلى المقام الذي يوفقه الله له فيعرف ربه بحسب حاله , فالمطلوب من الإنسان أن يرتقي بنفسه لمقام الروح الحقيقي والعقل , فمن لم يرتقِ إلى السماء الثانية فما عنده إنما هو ظل الروح , وكذا الأمر بالنسبة للعقل ؛ فما دام الإنسان لم يرتقِ إلى السماء السابعة الكلية فما عنده هو ظل العقل وليس عقلاً , أما تسميتها أحياناً ( روح وعقل ) فباعتبارأنها تعكس الروح والعقل الحقيقي .

          عن إبراهيم بن عمر اليماني عن جابر الجُعفي قال : قال أبو عبد الله (ع) : يا جابر إنّ الله تبارك وتعالى خلق الخلق ثلاثة أصناف وهو قول الله عزّ وجلّ وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ* , فالسابقون هم رسل الله (ع) وخاصةُ الله من خلقه جعل فيهم (1) خمسة أرواح أيّدهم بروح القدس فبه عَرَفوا الأشياء وأيّدهم بروح الإيمان فبه خافوا الله عز وجل وأيّدهم بروح القوة فبه قَدَروا على طاعة الله عز وجل وأيّدهم بروح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله عز وجل وكرهوا معصيته وجعل فيهم روح الْمَدْرَج الذي به يذهب الناس ويجيئُون وجعل في المؤمنين وأصحاب الميمنة روح الإيمان فبه خافوا الله وجعل فيهم روح القوة فبه قدروا على طاعة الله وجعل فيهم روح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله وجعل فيهم روح الْمَدْرَج الذي به يذهب الناس ويجيئون . (2) .
          ـــــــــــــــــــــ
          1 ـ أيضاً هذه الرواية والروايات التي تليها تبين إن روح القدس فيهم .
          2 ـ الكافي ـ الكليني : ج1 ص 271 .

          وعن جابر عن أبي جعفر (ع) : قال سألته عن علم العالم فقال لي يا جابر إنّ في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح روح القدس وروح الإيمان وروح الحياة وروح القوة وروح الشهوة فبروح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى ثم قال يا جابر إن هذه الأربعة أرواح يصيبها الحَدَثَان إلا روح القدس فإنها لا تلهو ولا تلعب (1) .

          وعن المُفضَّل بن عمر عن أبي عبد الله (ع) قال : سألته عن علم الإمام بما في أقطار الأرض وهو في بيته مُرْخىً عليه سِترُهُ فقال يا مُفضَّل إن الله تبارك وتعالى جعل في النبي (ص) خمسة أرواح روح الحياة فبه دَبَّ ودَرَج وروح القوة فبه نهض وجاهد وروح الشهوة فبه أكل وشرب واتى النساء من الحلال وروح الإيمان فبه آمن وعدل وروح القدس فبه حمل النبوة فإذا قُبِض النبي (ص) انتقل روح القدس فصار إلى الإمام وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو والأربعة الأرواح تنام وتغفل وتزهو وتلهو وروح القدس كان يرى ربه . (2) .
          ـــــــــــــــــــــــ
          1ـ الكافي ـ الكليني : ج 1 ص 272 .
          2ـ الكافي ـ الكليني : ج1 ص 272 .



          المصدر : كتاب عقائد الإسلام ويسألونك عن الروح للسيد احمد الحسن (ع) .


          يتبع
          ولم أنسى تلك الكلمات التي كان يرددها في أيام الدعوة اليمانية المباركة نقلاً عن الإمام المهدي (ع )
          أنا منسي منسي .. و القرآن مهجور مهجور مهجور ..
          كان يرددها بألم و حزن و لوعة .
          هكذا عرف الشيخ ناظم العقيلي الإمام احمد الحسن ( ع ).

          Comment

          • منى محمد
            عضو مميز
            • 09-10-2011
            • 3320

            #6
            رد: { يسألونك عن الروح }

            ( الروح )


            إنّ الله سبحانه وتعالى خلق الناس أول ما خلقهم في عالم الذر ( السماء الأولى أو سماء النفس ) , وفي هذه السماء كانت هذه الأنفس الإنسانية وبها هذه الأرواح الثلاثة ( روح الحياة وروح القوة وروح الشهوة ) أو المحركات الثلاثة , والحق إنها حيثيات للنفس الإنسانية , فإذا نظرنا إلى النفس الإنسانية سنجدها هي نفسها روح الحياة وروح القوة وروح الشهوة .

            أو بصورة أكثر وضوحاَ ؛ إنّ هذه الأسماء هي للنفس الإنسانية باعتبار أنها تتصف بصفة هذه الأسماء , وهذه الأرواح الثلاثة هي للنفس الإنسانية بغض النظر عما إذا كانت مؤمنة أم لا .

            أما روح الإيمان وروح القدس فهي متعلقة بالإيمان والرقي ( مستوى الإيمان ) .
            وفي عالم الذر ؛ الذين قالوا (بلى ) والذين لم يقولوا كلهم لهم الأرواح الثلاثة . والذين قالوا (بلا ) عن إيمان قلبي حقيقي فهم بحسب مقاماتهم وسرعة إجباتهم يتدرجون , فمنهم من له روح الإيمان فقط ومنهم من له روح القدس , والذين لهم روح القدس هم أيضاً يتدرجون , بحسب سبقهم في الإجابة , وكل منهم له روح قدس تناسب مقامه فروح القدس المقترن بعيسى (ع) غير مقترن بيونس ) وهكذا ....
            ويختص محمد وآل محمد (عليهم السلام ) باقترانهم بروح القدس الأعظم , ولكن أيضاً روح القدس الأعظم ليس مرتبة واحدة , فكل منهم بحسب مقامه يكون روح القدس الأعظم .

            المصدر : كتاب عقائد الإسلام ويسألونك عن الروح للسيد احمد الحسن (ع) .


            يتبع
            ولم أنسى تلك الكلمات التي كان يرددها في أيام الدعوة اليمانية المباركة نقلاً عن الإمام المهدي (ع )
            أنا منسي منسي .. و القرآن مهجور مهجور مهجور ..
            كان يرددها بألم و حزن و لوعة .
            هكذا عرف الشيخ ناظم العقيلي الإمام احمد الحسن ( ع ).

            Comment

            • منى محمد
              عضو مميز
              • 09-10-2011
              • 3320

              #7
              رد: { يسألونك عن الروح }

              ( روح الإيمان وروح القدس )


              السماء الدنيا تشمل :

              السماء الجسمانية ( وقد تسمى الأرض مقارنة بالسماوات الأخرى ) .
              والسماء الاولى وهي ملكوت السماء الجسمانية المرتبط بها ارتباطاً مباشراً وهو ارتباط تدبير وتسيير .

              وفي السماء الأولى مراتب كثيرة , ونفس أي إنسان موجودة فيها بحسب مقامها ومرتبتها , فالنفس المقتصر وجودها على أدنى مراتب هذه السماء حظها هو ادراك ظاهر ما في هذا العالم الجسماني في هذه الحياة الدنيا , يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) الروم .

              والنفس التي ترتقي إلى أعلى مرتبة في هذه السماء ؛ تكون قد تهيأت لترتقي إلى السماء الملكوتية الثانية , وهي أول الجنان الملكوتية , ومن كان له حظ فيها يكون من أهل الجنة في الآخرة .

              والنفس الإنسانية إذا ارتقت إلى أدنى مرتبة في السماء الملكوتية الثانية ؛ يقترن بها ويكون فيها روح الإيمان أي أنّ حقيقة هذه النفس تتبدل وتتغير بتجلي نور الإيمان فيها , وهكذا نفس يكون فيها أربع أرواح هي : ( روح الحياة , وروح القوة , وروح الشهوة , وروح الإيمان ) .

              وروح الإيمان مراتب كثيرة تمتد من اول السماء الثانية حتى نهاية السماء السادسة , وكل إنسان مؤمن بحسب عمله وإخلاصه يكون مقامه في هذه السماوات ويكون روح إيمانه .
              ثم إنّ النفس إذا ارتقت إلى أدنى مرتبة في السماء السابعة ؛ يقترن بها ويكون فيها روح القدس , وكلما ارتقت النفس أكثر كان روح القدس المقترن بها أعظم .

              وهذه السماء السابعة هي سماء العقل , فكلما كان روح القدس في النفس المرتقية إلى هذه السماء أعظم كان العقل أفضل واكبر , وكما بيّنت فيما مضى في " المتشابهات " ؛ أنّ أدنى مراتب العقل تبدأ من هذه السماء السابعة الكلية , أما ما دونها وحتى في السماء السادسة الملكوتية فهو ظل العقل وليس بعقل .

              وهكذا مع ارتقاء النفس تتغير وتتبدل حقيقتها , فمع دخولها السماء الملكوتية الثانية يقترن بها روح الإيمان ويبدأ ظل العقل يتوجه إلى نور العقل .
              ومع دخولها السماء السابعة يقترن بها روح القدس والعقل , ولا يبعث نبي من الأنبياء (ع) حتى يكون له مقام في السماء السابعة الكلية , وبهذا يكون قد استكمل العقل الذي هو سبب للعصمة , وأيضاّ اقترن بنفسه روح القدس .

              قال رسول الله (ص) : ما قسم الله للعباد شيئاً أفضل من العقل فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل وإقامة العاقل أفضل من شُخُوص الجاهل ولا بعث الله نبياً ولا رسولاً حتى يستكمل العقل ويكون عقله أفضل من جميع عقول أمّته وما يُضمِر النبي (ص) في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين وما أدّى العبد فرائض الله حتى عقَل عنه ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل والعقلاء هم أولو الألباب الذين قال الله تعالى : وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ . (1) .

              ـــــــــــــــــ
              1ـ الكافي ــ الكليني : ج1 ص 12 .

              المصدر : كتاب عقائد الإسلام ويسألونك عن الروح للسيد احمد الحسن (ع) .



              يتبع
              ولم أنسى تلك الكلمات التي كان يرددها في أيام الدعوة اليمانية المباركة نقلاً عن الإمام المهدي (ع )
              أنا منسي منسي .. و القرآن مهجور مهجور مهجور ..
              كان يرددها بألم و حزن و لوعة .
              هكذا عرف الشيخ ناظم العقيلي الإمام احمد الحسن ( ع ).

              Comment

              • منى محمد
                عضو مميز
                • 09-10-2011
                • 3320

                #8
                رد: { يسألونك عن الروح }

                ( أصحا ب اليمين والمقربون )


                الإنسان المؤمن ما دام في السماوات الملكوتية فهو يُعد من أصحاب اليمين , فإذا ارتقى إلى السماء السابعة أصبح من المقربين . وقد تبيّن ممّا تقدم أن السماوات الملكوتية فيها روح الإيمان , أما السماء السابعة ففيها روح القدس . إذن , فأصحاب اليمين يقترن بهم وفيهم روح الإيمان , أما المقربون فيقترن بهم وفيهم روح القدس .

                إذا عرفنا هذا يتبيّن لنا سبب النتيجة التي وصل لها المقربون عند الموت ؛ وهي أنهم لا يحاسبون حتى إنهم لا يتعذبون عند الموت , مع أنه اليوم ليس فيه شفاعة وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (123)البقرة ؛ وذلك لأنهم ولجوا في سماء العقل فأصبحوا عقلاء عصمهم العقل الكلي عن الوقوع في الخطيئة بمرتبة ارتقائهم (2) , وولجوا في سماء روح القدس فأصبحت أرواحهم مقدسة مطهرة طالما أنهم اختاروا البقاء حيث هم , ويتميز المعصوم المنصوص عليه منهم بأنه ثابت في مقامه ؛ لأنه لا يختار النجاسة على الطهارة أبداً , وبالتالي ضمن الله لمن يتبعونه البقاء على الحق دائماً .

                أما أصحاب اليمين فمع أنه اقترن بهم وفيهم روح الإيمان , ولكن ما داموا في السماوات الملكوتية ولم يلجوا سماء العقل السابعة الكلية فإن عقولهم لم تكمل وما عندهم هو ظل العقل , وكلما كان المقام أدنى كان الإنسان أبعد عن العصمة وأقرب إلى الخطيئة , وكلما كان ارتقاء المؤمن أعظم كان ظل العقل أكثر نوراً وكان أعظم محاكاة للعقل الكامل , وكان سبباً لاقتراب المؤمن من العصمة , ولكنه مع هذا يبقى صورة للعقل وتجلياً للعقل الكامل , ويبقى شبح وقوع المعصية موجوداً .
                ـــــــــــــــــــــــــــ
                2ـ فكل واحد منهم معصوم بحسي مقامه الذي وصل إليه , وعصمته حدودها مقامه , فلو حمل على مقام أعلى أكيد أنه سيقع ويخطأ ويعصي كما حصل مع آدم (ع) " فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121)" طه , وكما حصل مع موسى (ع) وقد مرّ تفصيل ما حصل معه .



                المصدر : كتاب عقائد الإسلام ويسألونك عن الروح للسيد احمد الحسن (ع) .




                ولم أنسى تلك الكلمات التي كان يرددها في أيام الدعوة اليمانية المباركة نقلاً عن الإمام المهدي (ع )
                أنا منسي منسي .. و القرآن مهجور مهجور مهجور ..
                كان يرددها بألم و حزن و لوعة .
                هكذا عرف الشيخ ناظم العقيلي الإمام احمد الحسن ( ع ).

                Comment

                Working...
                X
                😀
                🥰
                🤢
                😎
                😡
                👍
                👎