إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

بحث الإمام أحمد الحسن (ع) «سهو و نسيان المعصوم» ج1-2-3

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • راية اليماني
    مشرف
    • 05-04-2013
    • 3021

    بحث الإمام أحمد الحسن (ع) «سهو و نسيان المعصوم» ج1-2-3

    بحث الإمام بحث أحمد الحسن (ع) «سهو و نسيان المعصوم» في معهد الدراسات العليا الدينية و اللغوية بأجزائه الثلاثة صوتي و مرئي


    بحث الملتقى الأسبوعي الـ (٢٠) - "سهو و نسيان المعصوم" - الجزء الأول ج١- للإمام أحمد الحسن (ع)
    تحميل فيديو:
    4shared is a perfect place to store your pictures, documents, videos and files, so you can share them with friends, family, and the world. Claim your free 15GB now!

    تحميل صوتي:
    4shared is a perfect place to store your pictures, documents, videos and files, so you can share them with friends, family, and the world. Claim your free 15GB now!




    بحث الملتقى الأسبوعي الـ (٢٠) - "سهو و نسيان المعصوم" - الجزء الأول ج١- للإمام أحمد الحسن (ع) - كما بث على (قناة المنقذ العالمي الفضائية The Savior Channel)


    ……………………………………

    بحث الملتقى الأسبوعي الـ (٢١) - "سهو و نسيان المعصوم" - الجزء الثاني ج٢- للإمام أحمد الحسن (ع)
    تحميل فيديو:
    4shared is a perfect place to store your pictures, documents, videos and files, so you can share them with friends, family, and the world. Claim your free 15GB now!

    تحميل صوتي:
    4shared is a perfect place to store your pictures, documents, videos and files, so you can share them with friends, family, and the world. Claim your free 15GB now!




    بحث الملتقى الأسبوعي الـ (٢١) - "سهو و نسيان المعصوم" - الجزء الثاني ج٢- للإمام أحمد الحسن (ع) - كما بث على (قناة المنقذ العالمي الفضائية The Savior Channel)


    ………………………………………

    بحث الملتقى الأسبوعي الـ (٢٢) - "سهو و نسيان المعصوم" - الجزء الثالث ج٣- للإمام أحمد الحسن (ع)
    تحميل فيديو:
    4shared is a perfect place to store your pictures, documents, videos and files, so you can share them with friends, family, and the world. Claim your free 15GB now!

    تحميل صوتي:
    4shared is a perfect place to store your pictures, documents, videos and files, so you can share them with friends, family, and the world. Claim your free 15GB now!




    بحث الملتقى الأسبوعي الـ (٢٢) - "سهو و نسيان المعصوم" - الجزء الثالث ج٣- للإمام أحمد الحسن (ع) - كما بث على (قناة المنقذ العالمي الفضائية The Savior Channel)

    Last edited by راية اليماني; 01-06-2018, 14:43.
  • راية اليماني
    مشرف
    • 05-04-2013
    • 3021

    #2
    رد: بحث الإمام أحمد الحسن (ع) «سهو و نسيان المعصوم» ج1-2-3

    "سهو ونسيان المعصوم (ع)" - الجزء الأول
    بحث الإمام أحمد الحسن (ع)
    الملتقى الاسبوعي الـ 20 - لمعهد الدراسات العليا الدينية واللغوية - النجف الأشرف



    بسم الله الرحمن الرحيم ‏
    والحمد لله رب العالمين ‏
    وصلى الله على محمد وآله ‏

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ‏
    موضوع بحثنا في هذا الملتقى اليوم هو "سهو ونسيان المعصوم".

    السهو هو عدم التذكر الذي يؤدي إلى فعل أو ترك الشيء عن غفلة وبغير علم.
    والنسيان بالأصل هو عدم التذكر الذي يؤدي إلى ترك الشيء عن غير علم أو غفلة، وعدم تذكر المعلومة هو أيضاً ترك ‏شيء عن غفلة.‏

    ويستخدم أيضاً لفظ النسيان في وصف ترك وإهمال الشيء عن علم وعمد، ولكن هذا المعنى يحتاج قرينة تصرف اللفظ ‏إليه لأن الأصل في النسيان هو الترك عن غفلة، وليس الترك عن علم وإهمال – إهمال متعمد – وهذا المعنى الأخير هو ‏المنسوب إلى الله سبحانه وتعالى بقوله: {الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا ‏لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}. (‏1‏) ‏
    ‏"نَنْسَاهُم"ْ أي نتركهم ونهملهم.‏
    أيضاً قوله تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ‏نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. (2‏)
    فـ "نَسِيَهُمْ" أي أن الله تركهم وأهملهم.‏
    فهذا النسيان المنسوب إلى الله هنا ليس ترك فقط – كما توهم بعضهم – وإلا لقال الله "نتركهم" "فتركهم"، بل المراد هو ‏ترك مع الإهمال وعدم الاهتمام عن علم. ‏

    فالخلاصة هنا، هناك معنيين للنسيان: ‏
    الأول: هو الترك مع الغفلة، وهذا هو النسيان الذي نعرفه ويتبادر معناه إلى ذهن المتلقي مباشرة عندما يسمع لفظ ‏‏"نَسِيَ".
    وهناك معنى ثانٍ يحتاج قرينة تصرف المعنى إليه وهو الترك مع العلم وتقصّد الإهمال، ولا يصرف عادةً لفظ ‏‏"النسيان" لمعنى الترك المجرد، بل هذا المعنى له لفظ يستعمل له وهو لفظ "تَرَكَ". ‏

    وما نحن بصدد بحثه ومناقشته في هذا الموضوع وفي هذا الملتقى هو النسيان من النوع الأول أي الترك مع الغفلة. ‏

    في الحقيقة إن مسألة السهو والنسيان عند الإنسان عموماً مرتبطة من جهة بالنفس الإنسانية، ومن جهة أخرى بالدماغ ‏الذي هو آلة بيولوجية في جسم الإنسان — في جسم أي انسان مكتمل، وهذه الآلة البيولوجية لديها قدرات محدودة مثل ‏قدرة الدماغ على التركيز — الدماغ له قدرة محدودة على التركيز والتذكر، وطبيعي جداً أن لا يتمكن الدماغ من التركيز ‏ومتابعة عدة أمور في آن واحد بدقة متناهية.
    فالنسيان والسهو وخصوصاً في الأفعال المركبة أو المتراكبة أو المتتالية حالة ‏طبيعية لا يخلو منها إنسان لأنه ‏لازمة تلازم دماغنا المادي لا يمكن التخلص منها.
    ولهذا تجد كثير من الناس يحاولون أن ‏يعصموا أنفسهم من النسيان والسهو بتسجيل ملاحظات ‏في أوراق حول مواعيدهم والأعمال التي يجب أن يقوموا بها، بل تجد من لديهم أعمال مهمة ‏يضعون أشخاص آخرين لتسجيل مواعيدهم وأعمالهم ومتابعتها وتذكيرهم بها، وتجد مصنِّعي بعض المعدات التي ‏يستعملها الإنسان – أو يعمل عليها الإنسان – يضعون منبّهات ضوئية أو صورية أو صوتية، لأن فيها أكثر من جهة تحتاج ‏مراقبة، وهم يعلمون بالتجربة أن الإنسان ينسى ويسهو بمراقبة بعضها عن بعضها الآخر.

    الإنسان يذهب لجلب شيء يخصه ثم عندما يصل للمكان يجد نفسه قد نسي سبب مجيئه لهذا المكان، لأنه مرَّ بطريقه ‏بأشياء شغلت دماغه عن التركيز على الأمر الأول الذي جاء بطلبه.
    الإنسان يتكلم في أمر معين ثم ينتقل إلى فكرة أخرى ‏يركز عليها قليلاً ثم يريد أن يعود إلى صلب الموضوع الذي كان يتحدث فيه؛ فيجد نفسه قد نسي عن ماذا كان يتكلم ‏وربما يطلب من الذين معه تذكيره في ماذا كان يتكلم.
    أو أنه يريد أن يتحدث في موضوع بعض الأحيان فيبادره ‏الشخص المقابل بالحديث بموضوع آخر فيجد نفسه قد نسي الموضوع الذي أراد طرحه.‏

    والنسيان في كل تلك الحالات سببه أن قدرة الدماغ الإنساني على التركيز على عدة أمور في وقت معين محدودة، فهو ‏ينشغل بالتركيز على موضوع معين عن الآخر، وهذه مسألة طبيعية في الجسم الإنساني ولا تتعلق بروحه أو بنفسه ‏حتى يكون لارتقائه وعلو شأنه الروحي دخلٌ فيها.
    فكون طبيعة الإنسان أنه ينسى ويسهو مسألة تجريبية، الكل يراها ‏ويستطيع أن يلمسها بمراقبة حاله وحال بقية الناس، وهي مثبتة علمياً؛ والمعصوم إنسان، فالسهو حالة طبيعية تعرض ‏له كغيره من البشر، وبالتالي فافتراض عصمته من السهو سواء مطلقاً أم في العبادة يحتاج دليل قطعي وهو – أي الدليل ‏القطعي – هو آية محكمة أو رواية قطعية الصدور وقطعية الدلالة على المطلب أو دليل عقلي تام، وهذه كلها مفقودة لدى ‏القوم الذين يدّعون الاعتقاد بعصمة المعصوم من السهو والنسيان مطلقاً أو في العبادة.

    ومسألة نسيان وسهو المعصوم تجد أن متكلمي الشيعة وفقهاءهم أنفسهم لم يتفقوا على قولٍ فيها، فضلاً على أن يتفق عليها متكلمي وفقهاء الإسلام جميعاً، وإن شاء الله سيخرج المؤمن وطالب الحق من هذا الموضوع بحقيقة ونتيجة واضحة لا لبس فيها بالنسبة لمسألة السهو والنسيان، حقيقةً لا ‏تخالف محكم وصريح القرآن الكريم. ‏

    بالنسبة للعلاقة بين خليفة الله والتذكر والسهو والنسيان، هناك عدة فروض لهذه العلاقة: ‏
    • الفرض الأول: هو أن خليفة الله لا ينسى ولا يسهو مطلقاً بذاته، وهذا باطل وغلو حيث يلزم منه أن خليفة الله في أرضه ‏نور لا ظلمة فيه، أي كمال مطلق، وهذا القول باطل لأن النور اللا ظلمة فيه هو اللاهوت المطلق سبحانه لا غير، كما ‏أن القول بالعصمة الذاتية من السهو والنسيان لا يمكن أن يشمل جهة دون أخرى — فنقول أنه معصوم ذاتياً عن السهو ‏في التبليغ وفي العبادة وغير معصوم في الأمور الدنيوية؛ لأن معناها أن ذاته عاصمة فلو انتقضت هذه العصمة من ‏السهو والنسيان من جهة؛ لانتقض كون أن ذاته عاصمة، وبالتالي انتقضت أي عصمة ذاتية له من السهو والنسيان، ‏ولهذا لابد من الالتفات إلى أن كلمات بعضهم في كون انتقاض العصمة من السهو من جهة يعني انتقاضها من كل جهة ‏لا يصح إلا إن كان مبنياً على أن عصمة المعصوم ذاتية – يعني عصمته من السهو – وهو أمر باطل لأن المعصوم ‏عصمةً مطلقةً بذاته هو كامل مطلق بذاته وهو الله سبحانه لا غير. ‏

    • الفرض الثاني: وهو أن خليفة الله لا ينسى ولا يسهو مطلقاً لوجود مذّكر له يعصمه من السهو والنسيان مطلقاً، ومع أن ‏منكري السهو والنسيان لم أجدهم عادةً يفرقون بين القول الأول والثاني التي بينتها هنا، ولكن سأحمل قولهم على الثاني ‏حتى لا نضعهم في دائرة الاتهام بالغلو. فأقول بالنتيجة هو قول عقائدي وبالتالي يحتاج لإقامة الدليل القطعي اليقيني في ‏حين أن أقوالهم لا نجد فيها دليلاً عقلياً أو نقلياً تاماً يمكن الاعتماد عليه في العقائد وكل ما نجده أنهم يستشكلون على ‏قول المخالف لهم لإثبات عقيدتهم هذه، فيقومون عادةً باستعراض جملة إشكالات على الآيات التي ذكرت نسيان بعض ‏الأنبياء (عليهم السلام) وإشكالات على الروايات التي ذكرت سهو النبي (صلى الله عليه وآله) أو الأئمة (عليهم السلام)، ‏ويردفونها ببعض الإشكالات العقلية على مسألة سهو المعصوم في العبادة، وستأتي مناقشة هذه الإشكالات والتعرف ‏على عدم أهليتها ‏لإثبات ‏‏عقيدتهم.‏

    • الفرض الثالث: أن خليفة الله ينسى ويسهو كأي انسان آخر، ومعناه أنه يمكن أن ينسى أو يسهو عن تبليغ بعض الدين ‏الإلهي، أو أن ينسى ويسهو فيقوم بتبليغ شيء على أنه من الدين وهو ليس منه، أو يطلب تبليغ شيء على أنه من الدين ‏الإلهي وهو ساهٍ دون أن يكون هناك مذّكر له — وحي مباشر من الله أو بتوسط ملائكة أو ما يشاء الله توسطه لنقل الوحي.
    ‏وهذا القول مناقض للقرآن حيث صرح الله في القرآن بوضوح بوجود المذكر الإلهي الذي يضمن وصول الرسالة ‏الإلهية صحيحةً وكاملة إلى المكلفين، قوله تعالى: {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ‏‏* لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا}. (‏3) ‏
    وهذه العقيدة الفاسدة هي عقيدة بعض الوهابية السلفية، واتخذوها بالخصوص للدفاع عن عمر ومن تابعه في اتهام ‏رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالهجر، فهم أرادوا التعلل لعمر بالحجة، وإن كان بمخالفة صريح القرآن، وإن كان ‏بالطعن في الدين الإسلامي، وإن كان بالطعن في الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)، فقالوا لا إشكال أن محمد ‏‏(صلى الله عليه وآله) يهجر أو لا يدري ما يقول، حتى وهو يقول أنه (صلى الله عليه وآله) يريد تبليغ الأمة بوصيته ‏التي تمنع عنها الضلال إلى يوم القيامة، لأن محمد (صلى الله عليه وآله) عندهم يجوز عليه السهو والنسيان في كل ‏شيء حتى في تبليغ الدين — يعني حتى في تبليغ دين الله سبحانه وتعالى، فممكن أن يقول وهو على فراش الموت – بحسبهم – يعني ‏ممكن أن يقول: ائتوني بكتاب لأكتب لكم وصيتي التي تعصمكم من الضلال إلى يوم القيامة ومع هذا يكون ساهٍ ولا ‏يدري ما يقول ويخرّف ويهجر وغلب عليه الوجع كما قال عمر وجماعته.
    وأظن أن كثيرين مرَّ عليهم الحديث المشهور ‏عن ابن عباس "رزية الخميس"، حيث قال ... إحدى هذه الروايات أقرأها لكم: (يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم جعل تسيل ‏دموعه حتى رؤيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ائتوني بالكتف والدواة، أو اللوح ‏والدواة، أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً، فقالوا: إن رسول الله يهجر) (‏4‏).

    • الفرض الرابع: إن خليفة الله يمكن أن ينسى ويسهو في موارد كأي انسان آخر ولا يمكن أن ينسى أو يسهو في موارد ‏أخرى مطلقاً لوجود مذّكر خارجي ولحكمةٍ ما. ‏
    وهذا القول الرابع هو عقيدة آل محمد (صلوات الله عليهم)، ولكن هناك من أضاف أمور اعتبرها مما لا يصح أن يسهو ‏فيها المعصوم، كالسهو في بعض تفاصيل العبادة؛ كعدد الركعات الذي وردت فيه روايات عن طريق السنة والشيعة تذكر ‏سهو النبي (صلى الله عليه وآله) في عدد الركعات وسهو الأئمة (صلوات الله عليهم) في بعض العبادات كالطواف — ‏روايات سهو الأئمة ذكرت في كتب الشيعة طبعاً.

    طبعا يدَّعي بعضهم بجهل أن هناك إجماع من علماء الشيعة على هذه العقيدة وهي نفي السهو عن المعصوم، لكن ‏حقيقةً لا يوجد إجماع بل يوجد من كبار علماء الشيعة ممن لهم تصريح بجواز سهو النبي أو المعصوم في العبادة أو ‏عدم وجود دليل على نفيه، ومن هؤلاء الشيخ الصدوق وشيخه محمد بن الحسن (رحمهما الله)، أقرأ لكم بعض كلام ‏الشيخ الصدوق بهذا الخصوص، يقول: «إن الغلاة و المفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي (صلى الله عليه وآله) ‏ويقولون: "لو جاز أن يسهو (عليه السلام) في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ، لأن الصلاة عليه فريضة كما أن التبليغ ‏عليه فريضة"، وهذا لا يلزمنا وذلك لأن جميع الأحوال المشتركة يقع على النبي (صلى الله عليه وآله) فيها ما يقع ‏على غيره، وهو متعبد بالصلاة كغيره ممن ليس بنبي.» إلى هنا انتهى كلام الشيخ الصدوق في كتابه: من لا يحضره ‏الفقيه ج1 ص 359 إلى 360.‏

    أيضاً الشيخ الطوسي – طبعاً كلام الشيخ الصدوق لا يحتاج تفصيل يعني واضح كلامه.
    أيضاً الشيخ الطوسي (رحمه ‏الله) حيث قال — الشيخ الطوسي لديه تصريح وسأقرأ لكم التصريح حيث قال في معرض تفسير قوله تعالى: ‏{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ ‏الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (5)؛ قال الشيخ الطوسي (رحمه الله): «واستدل الجبائي أيضاً بالآية على أن ‏الأنبياء يجوز عليهم السهو والنسيان، قال بخلاف ما يقوله الرافضة بزعمهم من أنه لا يجوز عليهم شيء من ذلك، وهذا ‏ليس بصحيح أيضاً لأنا نقول إنما لا يجوز عليهم السهو والنسيان فيما يؤدونه عن الله، فأما غير ذلك فإنه يجوز أن ‏ينسوه أو يسهو عنه ما لم يؤدِ ذلك إلى الاخلال بكمال العقل، وكيف لا يجوز عليهم ذلك وهم ينامون ويمرضون ‏ويغشى عليهم، والنوم سهو وينسون كثيراً من متصرفاتهم أيضاً وما جرى لهم فيما مضى من الزمان، والذي ظنه ‏فاسد.»، ‏التبيان في تفسير القرآن للشيخ الطوسي ج4 ص165.
    وأعتقد كلام الشيخ أيضاً واضح.‏

    أيضاً ممن لهم تصريح بهذا الخصوص هو محمد بن الحسن بن الشهيد الثاني (رحمه الله) حيث قال في معرض كلامه ‏عن أحد الأحاديث في مبحث الزيادة في الصلاة: «وأمّا الخامس: فالذي أظن أنّ علامات الوضع فيه لائحة، لا من ‏حيث تضمنه سهو النبي (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌)، فإنّ نفي ذلك محل كلام بعد ورود معتبر الأخبار.» انتهى كلامه، ‏هذا المصدر: استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار لمحمد بن الحسن ج6 ص215.

    أيضاً – يعني كثيرون من هم يصرحون بهذا، وأنا أختم بالسيد الخوئي، السيد الخوئي (رحمه الله) حيث صرّح أنه لا يوجد ‏دليل يفيد القطع واليقين بنفي السهو عن المعصوم في الموضوعات الخارجية، يعني كأفعال الصلاة والحج ...إلخ وكعدد الركعات ‏المذكور في الروايات أو أيضًا عدد أشواط الطواف، السيد الخوئي يقول: «القدر المتيقّن من السهو الممنوع على ‏المعصوم هو السهو في غير الموضوعات الخارجية، والله العالم.» المصدر: صراط النجاة ج1 مسائل في العقيدة، للسيد الخوئي.

    انتهى كلام السيد الخوئي، والآن تعليقي عليه:
    ولا شك إن الاعتقاد يحتاج لليقين من المسألة المراد الاعتقاد بها، فتصريح السيد الخوئي بفقدان اليقين في مسألة نفي ‏السهو عن المعصوم في الموضوعات الخارجية معناه أن السيد الخوئي لا يعتقد بهذه العقيدة التي يعتقدها غيره، فالسيد ‏الخوئي يقول هنا إن نفي السهو عن المعصوم في الموضوعات الخارجية غير متيقّن؛ أي لا يوجد دليل عليه يفيد اليقين ‏والاعتقاد. ‏

    طبعاً يوجد غير هؤلاء من علماء الشيعة ممن لا يعتقدون بعصمة النبي أو الامام من السهو بالعبادة، ولكن فيما ذكرت ‏كفاية لبيان عدم صواب مدعي إجماع علماء الشيعة على هذه العقيدة. ‏

    والحمد لله رب العالمين وإن شاء الله سنستمر بإتمام البحث في هذا الموضوع في الملتقى القادم ومن الله العون والسداد. ‏
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ‏




    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 ‏- الأعراف: 51.‏
    2 ‏- التوبة: 67.‏
    3 ‏- الجن:27-28‏.
    4 - الراوي: سعيد بن جبير - المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1637 ، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
    5- الأنعام: 68.

    Comment

    • راية اليماني
      مشرف
      • 05-04-2013
      • 3021

      #3
      رد: بحث الإمام أحمد الحسن (ع) «سهو و نسيان المعصوم» ج1-2-3

      بحث "سهو ونسيان المعصوم ع " -ج2 - الامام احمد الحسن ع / الملتقى الاسبوعي 21 - معهد الدراسات العليا الدينية واللغوية - النجف

      بسم الله الرحمن الرحيم ‏
      والحمد لله رب العالمين ‏
      وصلى الله على محمد وآل محمد ‏
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ‏
      كل عام وانتم بخير وعافية وأسال الله ان يوفقكم للصيام والقيام والدعاء في هذا الشهر الكريم
      احب ان اتقدم بالشكر الجزيل لكل الاحبة الذين تكلفوا الحضور لمعهد الدراسات العليا لسماع البحث السابق. جزاكم الله ‏خيرا جميعا.‏
      توكلنا على الله ‏
      في هذا الملتقى المبارك اليوم سنكمل بحثنا السابق في السهو والنسيان وتعلقه بالمعصوم. في الملتقى السابق تكلمت عن ‏السهو والنسيان، تكلمت عن سهو ونسيان الانسان عموما وبينت ان هناك عقيدة يعتقدها بعضهم في ان المعصوم لا ‏ينسى ولا يسهو مطلقا أو في العبادة بالخصوص. وبينت انه لا يوجد اجماع لدى علماء الشيعة بخصوص هذه العقيدة. ‏بل بعض كبار علماء الشيعة لا يعتقدون بهذه العقيدة، وذكرت باختصار كلام الشيخ الصدوق وشيخه محمد بن الحسن، ‏وكلام الشيخ الطوسي، والسيد الخوئي بخصوص هذه العقيدة طبعا.‏
      اذن هل السهو والنسيان ممتنع بالنسبة للمعصوم مطلقا أو في العبادة؟ بعضهم يعتقد بهذا ولكنه اعتقاد بلا دليل. وهم ‏يعتمدون على طرح اشكالات على المقابل وسنعرض إن شاء الله هذه الاقوال أو الاشكالات على الميزان العلمي لنرى ‏ان كان لها وزنا علميا ام انها مجرد اشكالات مبنية على مغالطات أو مجرد استحسانات. هذا مع انهم يحتاجون للدليل ‏القطعي لإثبات عقيدتهم في نفي السهو والنسيان عن المعصوم سواء مطلقا أم في العبادة بالخصوص، وهذا مفقود، فهم ‏لا يمتلكون دليلا عقليا تاما ولا روايات قطعية الصدور والمعنى ولا آية قرآنية قطعية المعنى بل الموجود عكس ما ‏يعتقدون.‏
      فعقلا، المعصوم بشر (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ)، ولا يخرج عن حدود البشرية إلا بدليل قطعي والروايات كثيرة ‏وصحيحة في سهو المعصوم، والآيات كذلك بينت سهو المعصوم، وسنناقش إن شاء الله فيما تبقى من البحث المطروح ‏قرآنيا وروائيا وعقليا. ‏

      أولا – الآيات القرآنية ‏
      قال تعالى: (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً* فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن ‏سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً* قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ‏الْبَحْرِ عَجَباً) الآيات من سورة الكهف. والناسيان هنا هما خليفتان من خلفاء الله في ارضه اي معصومان، احدهما ‏موسى (عليه السلام)، موسى بن عمران والآخر يوشع بن نون وصيه. ولا يصح قول بعضهم ان معنى (نَسِيَا ‏حُوتَهُمَا) اي تركاه عن علم ومعرفة، حيث لو كان الامر كذلك لكان الكلام بعدها والسؤال عن الحوت لا معنى له، يعني ‏سفه لا معنى له أو انه سيكون نفس سبب السؤال عن الحوت نسيان وسهو لما فعلاه سابقا عن عمد وهو ترك الحوت ‏عند الصخرة. ‏
      أيضًا في الآية الأخرى، اكد النسيان يوشع بن نون وانه نسيان وترك عن غفلة وليس ترك عن علم، حيث انه بين ان ‏سبب نسيانه الحوت هو الشيطان، اي الظلمة أو النقص التي في صفحة وجوده،‏ [..‏]‏ ‏السابق قوله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ ‏الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ ‏الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، فالشيطان هنا هو الظلمة والنقص، فالنور الذي لا ظلمة فيه والكامل المطلق هو الله سبحانه وتعالى لا ‏غير. ‏
      قال تعالى: (قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً* وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً* قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً ‏وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً* قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً* فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ ‏خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً* قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً* قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ‏وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً) الآيات من سورة الكهف. في الآيات طلب العبد من نبي الله موسى (عليه السلام) ان لا ‏يسأله عن شيء حتى يبادر هو بإخباره عنه، وموسى تعهد ان يكون صابرا اي لا يسال العبد عن الامور التي ‏سيلاقونها في طريقهم، ولكن الذي حصل عكس ذلك فموسى لم يصبر كما وعد هو بذلك، وفي أول حادثة بادر بسؤال ‏العبد بل والاعتراض عليه وعلى فعله رغم ان موسى قال انه سيكون مطيع للعبد ولا يعصيه (وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً). ‏وهنا يتبادر امران وهما : ‏
      الأول: ان موسى ترك تنفيذ وعده للعبد عن علم وانتباه تام، وهذا يعني ان موسى وقع بالمحذور وخلف عن عمد وعده ‏وتعهده للعبد وخالف الله الذي وجهه للتعلم من العبد الذي وصفه بـ (عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا) وليس الاعتراض عليه ومجادلته ‏‏(فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً* قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ ‏رُشْداً)، وفي نهاية القصة صرح العبد بكل وضوح (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي)، فموسى يعلم جيدا ان علم العبد من الله وهو ‏طلب منه ان يتبعه ليعلمه مما علمه الله. اي ان موسى (عليه السلام) بحسب هذا الفرض كان يسال ويعترض على ‏العبد وهو يعلم انه يسال ويعترض على الله وأيضا وهو يعلم انه يخالف وعده وتعهده. في الحقيقة هذه هي النتيجة التي ‏يصل لها من يحاولون تنزيه موسى أو المعصوم عموما من السهو والنسيان كما يدعون. فقد اتهموا موسى (عليه ‏السلام) وهو امام ونبي من اولي العزم بتهم عظيمة لا يمكن اتهام موسى (عليه السلام) بها بأي حال من الاحوال. ‏
      الامر الثاني: ان موسى ترك وعده وتعهده عن غفلة، اي انه نسي أو غفل عن وعده وتعهده للعبد، وبالتالي فهو معذور ‏ولم يقع بالمحذور وهذا هو ما صرح به موسى بكل وضوح (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ) وموسى كان في عبادة ‏كالصلاة والصيام والحج، فمرافقته، مرافقة موسى للعبد كانت بأمر تعبدي الهي وأيضا الايفاء بالتعهد والوعد عبادة ‏بالنسبة لموسى في هذا الموقف. ‏
      ننتقل إلى آية أخرى في نفس هذا المطلب، قال تعالى : (سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى* إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى). ‏
      يفسر بعضهم الآية في ان المعصوم لا يسهو في اي شيء مطلقا، مع ان الآية لا تدل على ما ذهبوا اليه، فالآية واضحة ‏‏(سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى) اي لا تنسى ما نقرؤك فمن يعديها لغير ما (نقرؤك) أو الوحي الالهي سيحتاج دليل على ما يقول ‏فما (نقرؤك) تشمل القرآن والوحي الالهي، وبهذا فالآية لا تدل على اكثر من امتناع سهو المعصوم في التبليغ أو في ‏حفظ ما يقرؤه الله سبحانه وتعالى بعد نزول هذه الآية طبعا، وهذا لا يشمل العبادة ولا غيرها. وعدم سهو المعصوم في ‏التبليغ عن الله سبحانه ليس موضع الخلاف بل اكثر من هذا، قوله تعالى : (إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ) وهو استثناء يدل على ان ‏المعصوم كغيره من البشر مبتلى بالسهو والنسيان وإنما يعصمه الله من السهو والنسيان في مواضع للضرورة والحاجة ‏لذلك فيكون المعنى (إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ) إِلَّا مَا شَاء اللَّهُ ان تنساه من امور أخرى لا توجد حاجة وضرورة ان يعصمك الله ‏عن النسيان والسهو فيها كغيرك من البشر الذين يعرض لهم السهو والنسيان (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ).‏
      اكتفي بالآيات، بما طرحت. انتقل في النقطة الثانية وأقول ثانيا في الروايات التي وردت.‏

      الروايات ‏

      الاشكالات على الروايات التي ذكرت السهو والنسيان بلا قيمة لأنها لا تتعدى الاشكال على بعض الاسانيد أو التعذر بالتقية ‏في محاولة للرد أو لرد الروايات الكثيرة في هذا الباب والتي لا يوجد ما يعارضها ورغم ان الامر كما تبين محسوم قرآنيا ‏ونحن لن نتطرق لتلك الاشكالات هنا بغير انها لو انها تمت، وهي غير تامة، فغاية ما يستفاد هو منع الاعتماد على تلك ‏الروايات مستقلة لإثبات عقيدة، وهذا الامر لن يثبت عقيدتهم بحال لأنهم بالنتيجة يحتاجون الدليل لإثبات عقيدة عدم سهو ‏خليفة الله أو المعصوم سواء عموما أم في العبادة كما يعتقدون.
      فالأصل في هذا الامر ان المعصوم أو خليفة الله بشر مثل ‏غيره ولا يخرج عنهم بحد إلا بدليل. هذا مع العلم انه لا توجد لديهم روايات تقول بمنع سهو المعصوم في العبادة سوى ‏رواية واحدة يتاولونها في ذلك وسنبين ان دلالتها غير تامة ولا قطعية على المعنى الذي يذهبون إليه بل ولا يمكن ان ‏ترجح كفتها عند معارضتها مع عدد كبير من الروايات الصحيحة.‏
      امامي الآن عدد من الروايات بخصوص سهو ونسيان المعصوم واعتقد قراءتها ستأخذ وقت طويل، لهذا ساقرا بعضها ‏وأحيلكم إلى المصادر للإطلاع على المزيد، في الحقيقة هناك طائفتان من الروايات . ‏
      الاولى، هي الروايات التي ذكرت سهو النبي (صلى الله عليه وآله) ومنها ما ذكره الشيخ الطوسي في كتابه تهذيب الاحكام ‏وهي ست روايات في الجزء الثاني من كتاب تهذيب الاحكام في الصفحات 180، 345 و346 و349 و350 و352.‏
      أيضًا ما ذكره الشيخ الكليني في كتاب الكافي، هناك ثلاث روايات بهذا الخصوص في الجزء الثالث من الكافي في الصفحات ‏‏355، 356، 357‏
      أيضًا هناك رواية بنفس المعنى في كتاب المحاسن للبرقي الجزء الأول الصفحة 260 ‏
      وأيضا هناك رواية في كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق في الجزء الأول الصفحة 358 إلى 359‏
      عموما الروايات كثيرة بهذا الخصوص لمن يريد البحث والتدقيق ويمكنكم الرجوع للطائفة التي ذكرت بالمصدر والصفحة ‏ولا باس ان نقرا رواية وردت في عيون اخبار الرضا للشيخ الصدوق بسنده إلى ابي الصلت الهروي قال: (قلت للرضا ‏‏(عليه السلام) : يا بن رسول الله ان في سواد الكوفة قوما يزعمون أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يقع عليه السهو في ‏صلاته؟ فقال، كذبوا لعنهم الله ان الذي لا يسهو هو الله الذي لا اله هو). المصدر: عيون اخبار الرضا للشيخ الصدوق – ‏الجزء الثاني ص 219‏

      الآن ننتقل إلى الطائفة الثانية وهي الروايات التي ذكرت سهو الأئمة (عليهم السلام) ومنها : ‏
      ما ذكره الطوسي في الاستبصار وفي تهذيب الأحكام: عن زرارة عن ابي جعفر (عليه السلام) قال: (ان عليا (عليه السلام) ‏طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبني على واحد واضاف إليه ستا ثم صلى ركعتين خلف المقام، ثم خرج إلى ‏الصفا والمروة فلما فرغ من السعي بينهما رجع فصلى الركعتين التين ترك في المقام الأول). المصدر: الاستبصار – الشيخ ‏الطوسي الجزء الثاني ص 218 إلى 219، تهذيب الاحكام للشيخ الطوسي – الجزء الخامس ص 112.‏
      ولا باس ان نذكر من صرح بصحة رواية زرارة - هذه الرواية، من صرحوا بصحتها - ممن صرحوا بصحة رواية زرارة : ‏
      أولا، العلامة الحلي في منتهى المطلب – الجزء العاشر ص 379‏
      المحقق الاردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان – الجزء السابع ص 110‏
      محمد تقي المجلسي، الأول في روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه – الجزء الرابع ص 546‏
      المحقق السبزواري في ذخيرة المعاد – الجزء الأول ص 636‏
      السيد محمد العاملي في مدارك الاحكام – الجزء الثامن ص 168‏
      السيد أحمد ابن زين الدين العلوي العاملي في مناهج الاخيار في شرح الاستبصار ص 458‏
      الفاضل الهندي في كشف اللثام – الجزء الأول ص 336‏
      السيد علي الطبطبائي في رياض المسائل – الجزء السادس ص 554‏
      المحقق البحراني في الحدائق الناضرة – الجزء السادس عشر ص 201‏
      المحقق النراقي في مستند الشيعة – الجزء الثاني عشر ص 190‏
      هؤلاء عشرة، واكتفي بعشر اشخاص وعشر كتب، صرحوا عشر علماء بعشر كتب صرحوا بصحة الرواية المتقدمة حول ‏سهو امير المؤمنين (صلوات الله عليه) في طواف الحج أو طواف الفريضة. ‏

      رواية ثانية، – الرواية أيضًا في نفس المصدر، تهذيب الاحكام للشيخ الطوسي – عن معاوية بن وهب، عن ابي عبد الله ‏‏(عليه السلام) قال: (إن عليا (عليه السلام) طاف ثمانية فزاد ستة ثم ركع أربع ركعات). المصدر أيضًا تهذيب الاحكام – ‏الطوسي – الجزء الخامس ص 112.‏
      وممن صرح بصحة رواية معاوية بن وهب: ‏
      المحقق الاردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان – الجزء السابع ص 110‏
      محمد تقي المجلسي الأول في روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه – الجزء الرابع ص 546‏
      المحقق السبزواري في ذخيرة المعاد – الجزء الأول ص 636‏
      المحقق البحراني في الحدائق الناضرة – الجزء السادس عشر ص 201‏
      المحقق النراقي في مستند الشيعة – الجزء الثاني عشر ص 190‏
      رواية الثالثة، الرواية عن محمد بن ادريس في آخر السرائر بسنده عن الفضيل، طبعا – عفوا - محمد بن ادريس في آخر ‏السرائر نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب بسنده إلى الفضيل، قال : (ذكرت لأبي عبد الله (عليه السلام) السهو فقال: ‏وينفلت من ذلك أحد ؟ " يعني بتساؤل " ربما أقعدت الخادم خلفي يحفظ علي صلاتي). المصدر: وسائل الشيعة – المؤلف ‏الحر العاملي – الجزء الثامن ص 252‏
      أيضًا لا باس، ممن صرح بصحة رواية الفضيل ‏
      السيد عبد الاعلى السبزواري (رحمه الله) في كتاب مهذب الاحكام – الجزء الثامن ص 377‏
      الرواية الرابعة، الرواية أيضًا في تهذيب الاحكام للشيخ الطوسي : ‏
      بسنده عن عبيد الله الحلبي قال: (سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول في سجدتي السهو: بسم الله وبالله وصلى الله على ‏محمد وعلى آل محمد قال: وسمعته مرة أخرى يقول فيهم: بسم الله وبالله والسلام عليه ايها النبي ورحمة الله وبركاته). ‏المصدر: تهذيب الاحكام – الشيخ الطوسي – الجزء الثاني ص 196‏
      وممن صرح بصحة رواية الحلبي ‏
      العلامة الحلي في منتهى المطلب – الجزء السابع ص 78‏
      ابن العلامة محمد ابن الحسن ابن يوسف ابن مطهر الحلي في ايضاح الفوائد الجزء الأول ص 144‏
      السيد محمد العاملي في مدارك الاحكام – الجزء الرابع ص 284‏
      محمد تقي المجلسي الأول، في روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه – الجزء الثاني ص 412‏
      العلامة المجلسي، في ملاذ الاخيار الجزء الرابع ص 161‏
      المحقق البحراني، في الحدائق الناضرة – الجزء التاسع ص 334‏
      الميرزا القمي في مناهج الاحكام ص 587‏
      السيد عبد الاعلى السبزواري في مهذب الاحكام - الجزء الثامن ص 357‏
      كل هؤلاء صرحوا بصحة رواية الحلبي التي ذكرتها.‏
      أيضًا هناك رواية في عيون اخبار الرضا للصدوق ذكرت ان الامام ينسى ويسهو دون تفصيل والرواية تجدونها في عيون ‏اخبار الرضا للشيخ الصدوق – الجزء الأول ص 193، وأيضا في بحار الانوار – الشيخ المجلسي – الجزء الخامس ‏والعشرون ص 117.‏
      وهناك روايات أخرى، ولكن اعتقد طال بنا المقام في هذا الموضع وأنا اكتفي بهذه الروايات ومن صححها.‏
      يبقى في هذا الباب انه هل توجد روايات تنفي السهو والنسيان – يعني تؤيد عقيدتهم، العقيدة التي يعتقدونها – هل لديهم ‏روايات؟ الآن نحن طرحنا الروايات التي بالضد من عقيدتهم، الروايات كثيرة جدا وأنا قرأت عينة منها ولم اقراها كلها، انا ‏احلتكم إلى المصادر. الآن هل توجد لديهم روايات تنفي السهو والنسيان؟ في الحقيقة لا توجد روايات في السهو والنسيان ‏عن خليفة الله أو المعصوم لا مطلقا ولا في العبادة حتى يتم مناقشة هل انها تفيد اليقين والاعتقاد ام لا . فالأمر اصلا معدوم. ‏نعم هناك رواية واحدة تنفي ان رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) سجد سجدتي السهو ونفيهما لا يلزم بالضرورة نفي ‏السهو في العبادة.‏
      الرواية ذكرها الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام، الرواية أيضًا عن زرارة قال: (سالت ابا جعفر (عليه السلام): هل سجد ‏رسول الله (صلى الله عليه وآله) سجدتي السهو قط؟ فقال: لا ولا يسجدهما فقيه). المصدر : تهذيب الاحكام – الشيخ الطوسي ‏‏– الجزء الثاني ص 350 إلى 351‏
      ولا شك ان كلامنا ليس في هل ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يسجد سجدتي السهو، فلا اشكال ان كان رسول الله ‏‏(صلى الله عليه وآله) لم يسجد سجدتي السهو في أمر معين، مثل السهو في عدد الركعات، ليس كل سهو الصلاة أو في عدد ‏الركعات يتطلب سجدتي السهو دائمًا حتى يقال ان هناك ملازمة بين نفي سجدتي السهو عن النبي محمد (صلى الله عليه ‏وآله) في أمر ما وبين نفي السهو عن النبي في العبادة.‏
      ونفس الرواية اعلاه تنفي سجدتي السهو قط عن الفقيه وليس رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة فقط وهذا يعني ان ‏سجدتي السهو المنفيتان تتعلقان بفعل يمكن ان يعالجه المتفقه في دينه دون الحاجة لفعل آخر يوجد سجدتي السهو وكمثال ‏من شك بين الاثنين والأربع، بنى على الاربع وتشهد وسلم واتى بركعتين من قيام فلا حاجة لسجدتي السهو. ‏
      اضف ان هذه الرواية الواحدة غير كافية اليقين اللازم للاعتقاد فهي رواية آحاد ومن يستدلون بها يستدلون بفهمهم المغلوط ‏لها وهذا ربما حتى غير كاف لإثبات جزئية في الاحكام الفقهية، فما بالك والأمر عقائدي ويحتاج إلى دليل قطعي وهو مفقود ‏عندهم، فليس لديهم دليل عقلي تام ولا روايات متواترة أو مقطوع بصحتها ولا دليل قرآني محكم بل الموجود بالضد من ‏هذا الاعتقاد، ولم اجد رواية غير هذه الرواية لها علاقة بالموضوع المطروح هنا اي نفي السهو عن المعصوم في العبادة، ‏لكن هناك من يريد ان يثبتها عنزة ولو طارت، فذهب لروايات بعيدة عن موضوع نفي السهو عن خليفة الله أو المعصوم ‏في العبادة. ومع اني لم اجد شيء ذو قيمة علمية لارد عليه وإنما فقط تخبط عشوائي، وهذا رأيي بكلامهم، وتحميل الكلام ‏اكثر مما يحمل من معنى، وحقيقة من المخجل ان يصل الامر بالإنسان في اثبات الاعتقاد إلى هذا المستوى المتدني فيجعل ‏عصمة روح القدس من السهو دليلا على عصمة المعصوم من السهو في العبادة لان المعصوم مؤيد بروح القدس، في ‏الحقيقة هذا اسفاف لان المسالة ليست كلام في عصمة روح الامام المجردة أو روح القدس المجرد، أو المجرد من السهو ‏وإنما الكلام في حال الامام في هذه الحياة الدنيا، والإمام في هذه الحياة الدنيا لديه جسد كثيف ودماغ محدود القدرة كغيره من ‏البشر وهذا الجسد يحجبه عن العوالم الاخرى وهذا الجسد هو السبب الرئيسي لسهو ونسيان اي انسان وبالتالي فعصمة ‏الروح المجردة من السهو لأنها غير مشغولة بالشواغل المادية مثلا، لا يعني بحال عصمة الانسان المركب من الروح ‏والجسد في هذا العالم المادي.‏
      إلى هنا اكتفي من البحث في النقل وأحيل البحث في العقل والإشكالات العقلية إلى الملتقى القادم إن شاء الله تعالى. وأسال الله ‏لي ولكم التوفيق والسداد والعصمة هو وليي وهو يتولى الصالحين.‏

      والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ‏

      Comment

      • راية اليماني
        مشرف
        • 05-04-2013
        • 3021

        #4
        رد: بحث الإمام أحمد الحسن (ع) «سهو و نسيان المعصوم» ج1-2-3

        بحث "سهو ونسيان المعصوم ع " -ج3 - الامام احمد الحسن ع / الملتقى الاسبوعي 22 - معهد الدراسات العليا الدينية واللغوية - النجف

        بسم الله الرحمن الرحيم ‏
        والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله ‏
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ‏
        تطرقت في البحث السابق للنقل سواء كان قرآنيا أم روائيا ‏
        بقي لنا ان نتعرض لما يطرح من اشكالات واستحسانات عقلية.‏
        واعتقد فيما تقدم تبين انه لا توجد آيات ولا روايات تدل على ما يعتقدون، بل توجد آيات ‏وروايات تدل على عكس ذلك، ولهذا فهم في الحقيقة لجؤوا إلى الاشكال على القول بإمكان ‏وقوع السهو في العبادة من المعصوم. وان شاء الله سنذكر الاشكالات ونرد عليها حتى لا نبقي ‏اي مجال للتشويش وإلا ففاقد الدليل لا تنفعه الاشكالات والاستحسانات في اثبات عقيدة تحتاج ‏لإثباتها دليلا قطعيا. ‏
        أولا: اشكالات الشيخ المفيد (رحمه الله)‏
        قال الشيخ رحمه الله : « ولسنا ننكر بأن يغلب النوم الانبياء (عليهم السلام) في أوقات الصلاة ‏حتى تخرج فيقضوها بعد ذلك وليس عليهم في ذلك عيب ولا نقص، لأنه ليس ينفك بشر من ‏غلبة النوم ولان النائم لا عيب عليه، وليس كذلك السهو، لأنه نقص عن الكمال في الانسان، ‏وهو عيب يختص به من اعتراه، وقد يكون من فعل الساهي تارة كما يكون من فعل غيره، ‏والنوم لا يكون إلا من فعل الله تعالى، وليس من مقدور العباد على حالة، ولو كان من مقدورهم ‏لم يتعلق به نقص وعيب لصاحبه لعمومه جميع البشر، وليس كذلك السهو، لأنه يمكن التحرز ‏منه، ولانا وجدنا الحكماء يجتنبون أن يودعوا أموالهم وأسرارهم ذوي السهو والنسيان ولا ‏يمتنعون من إيداع ذلك من يغلبه النوم احيانا .. » إلى آخر كلام الشيخ المفيد (رحمه الله) في ‏كتابه "عدم سهو النبي".‏
        وأنا هنا اختصرت لكم كلام الشيخ المفيد في كتابه "عدم سهو النبي" في ثلاث اشكالات رئيسية ‏دار حولها كلام الشيخ المفيد. وسأذكر كل اشكال مع بيانه ثم سارد عليه.‏
        بيان اشكال الشيخ المفيد الأول: ‏
        ان السهو نقص عن الكمال في الانسان وهو عيب يختص به من اعتراه لأنه يمكن التحرز ‏منه، ومعنى الاشكال ان خليفة الله أول من يتحرز عن العيوب التي يمكن الانسان التحرز ‏منها. فكيف يمكن ان ننسب لخليفة الله أو الامام صدور عيب السهو الذي يمكن للإنسان ‏التحرز منه؟ ‏
        رد الاشكال: ‏
        كلام الشيخ المفيد غير صحيح، فالإنسان لا يمكنه التحرز من السهو مطلقا لعلة الدماغ ‏البيولوجي وقدرته المحدودة على التركيز والحفظ، والتي تنخفض كلما ازدادت الامور التي ‏يحتاج التركيز عليها، وبالنسبة للصلاة فقد يتسبب التركيز على ذكر الله والخشوع في الصلاة ‏بنسيان عدد الركعات. وبهذا فقد يكون من نسي عدد الركعات التي صلاها افضل ممن ضبط ‏عدد ركعات صلاته دون ذكر وخشوع. اذن فلا يمكن الحكم بان نسيان عدد الركعات عيب ‏يختص به من اعتراه لأنه يمكن التحرز منه كما هو الاشكال. وأيضا عقلا لا يمكن للإنسان ‏التحرز من السهو والنسيان مطلقا وإلا لكان نورا لا ظلمة فيه، اي كامل مطلق، ولكان لاهوتا ‏مطلقا – تعالى الله علوا كبيرا – ولتعدد اللاهوت المطلق، وبالتالي فكل ما بناه على ان السهو ‏أمر يمكن التحرز منه غير صحيح. اما تمثيله بان ذوي السهو لا يعتد بحديثهم ولا يودعهم ‏الحكماء الامانات فهو كلام مبني على من خرج عن الحد الطبيعي للسهو والنسيان، وهذا خلط ‏وخبط عشواء، فالكلام ليس فيه، انما في وقوع السهو والنسيان ولو مرة أو مرتين اي الحالة ‏الطبيعية التي تعتري اي انسان. فهذا أمر يقع لكثير من الناس ويعتمد غيرهم على حديثهم ‏ويودعونهم الامانات ولا يعتبر العقلاء ان من سهى في صلاته أو سهى في طوافه فدخل في ‏الشوط الثامن أو نسي شيئا خبأه ثم وجده انه ليس اهلا للأمانة أو لا يعتمد على حديثه.‏
        بيان اشكال المفيد الثاني: ‏
        ان خليفة الله قدوة يقتدي به المؤمنون. فلو جاز ان يسهو خليفة الله في الصلاة أو العبادة لانتفى ‏كونه قدوة، اي لو جاز على خليفة الله أو الامام السهو والنسيان لما صح ان يأمر الله الناس ‏الاقتداء به في جميع احواله.‏
        رد الاشكال: ‏
        هذا الاشكال غير دقيق، لان الله لم يأمر الناس الاقتداء بأفعال خليفته دون معرفة عللها، فهو قد ‏يترك الواجب وان حان وقته لعلة ما، كتركه الصلاة الواجبة التي حان وقتها لمروره في ارض ‏نزل بها عذاب من الله فيما مضى، وقد حصل هذا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومع ‏الامام علي (عليه السلام)، وقد يفعل ما لا يجوز لغيره فعله – يعني المحرم في الشريعة – ‏لاختصاصه به كإبقاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأكثر من اربع زوجات في ذمته، وقد ‏يفطر لمرض لا يراه غيره كالقرحة أو التسمم أو اي مرض طارئ مثلا. فهل على بقية ‏المؤمنين الافطار بحجة ان المعصوم قد افطر وهو قدوة؟ ام على المعصوم ان يضع لافتة ‏يكتب عليها "انا مريض اليوم واضطررت للإفطار"؟!‏
        النتيجة : المعصوم ليس قدوة مطلقا في جميع افعاله وأحواله دون فهم تلك الاحوال أو سؤاله ‏عن فعله، خصوصا إذا كان الفعل مشتبها على المشاهد.‏
        وبالنسبة للسهو والنسيان بالخصوص فلا بد ان يعرف المكلفون ان فعل المعصوم هذا نتيجة ‏سهو أو نسيان لكي يفترضوا عدم جواز الاقتداء به في هذا الفعل، والأصل في افعال الناس ‏انها صحيحة وليست سهوا ولا نسيانا حتى يتبين العكس وإلا لما صح محاسبة أحد من الناس ‏على فعله. ‏
        اذن لا يحمل اي فعل من افعال خليفة الله على انه سهو أو نسيان حتى يتبين بالدليل انه سهو أو ‏نسيان. وعقيدتنا في متابعة المعصوم ان متابعته يقين ينجي صاحبه، فلو ان رسول الله محمد ‏‏(صلى الله عليه وآله) صلى الصبح اربع ركعات أو الظهر ركعتين فمتابعته اصح واقرب ‏للهدى والرشاد والاعتراض عليه سفه وضعف في اليقين ممن فعل، فإنما الصلاة ركعة وسجدة ‏يذكر الله فيهما. ‏
        بيان اشكال الشيخ المفيد الثالث : ‏
        انه لو جاز ان يسهو خليفة الله في صلاته لجاز ان يسهو في كل طاعة وان يفعل كل محرم ‏سهوا.‏
        الرد: ومع ان هذا الاشكال مبني على مغالطة حيث انه مع السهو والنسيان لا يوجد شيء اسمه ‏معصية أو حرام، فالعصيان وارتكاب المحرمات ليتحقق يلزم توفر القصد والتعمد وهي غير ‏متوفرة في حال السهو والنسيان، وإضافة إلى ذلك فان هذا الاشكال غير صحيح لأنه مبني على ‏اساس ان خليفة الله ينسى ويسهو كأي انسان آخر وغير معصوم من المعاصي وهذا لا يقول به ‏أحد من اتباع محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) أو ان المستشكلين يعتقدون بالعصمة ‏الذاتية المطلقة للحجة، لحجة الله من السهو والنسيان وبالتالي يعتبرون ذهاب بعضها يكون في ‏كل الاتجاهات ويشمل كل الاشياء والقول بالعصمة الذاتية بينا بطلانه حيث يلزم منه تعدد ‏اللاهوت المطلق.‏
        اذن، العصمة من السهو ليست ذاتية، بل هي عصمة بعاصم خارجي ومذكر خارجي وهي ‏ليست عبثية بل وفق حكمة الهية، فلا حاجة ان يعصم خليفة الله من السهو إلا فيما يتعلق بتبليغ ‏دين الله سبحانه وتعالى، اما بقية الامور فلا يعصم بها خارجيا بل تبقى عصمته العامة، ‏عصمته العامة الذاتية من السهو، هي المانعة من وقوع السهو وقد بينت على اي الامور تعتمد ‏هذه العصمة العامة الذاتية من السهو، ويمكنكم الرجوع لكتاب "رحلة موسى". وبينت انها ‏ليست تامة بذاتها، اي انه مثلا يكون معصوما ذاتيا من السهو بنسبة 70 في المائة أو 80 في ‏المائة أو 90 في المائة، وهذه العصمة العامة الذاتية وان كانت بنسبة معينة ولكنها قد تكون ‏كافية في امور معينة لتمنع وقوع السهو فيها اي لا يحتاج معها – مع انها غير تامة – إلى ‏عاصم خارجي من السهو لتحقق العصمة التامة من السهو في ذلك المورد. وسبب ذلك يرجع ‏إلى درجة ظهور الامر بالنسبة للإنسان، ولبيان هذا الامر الأخير اكثر لننظر إلى موضوع عدد ‏الركعات في الصلاة الذي هو موضوع النزاع بينهم، فهو في الحقيقة مدسوس بين افعال ‏الصلاة وهي الأذان، الإقامة، التكبير، القراءة، الركوع، الذكر فيه، السجود، الذكر فيه، القنوت، ‏التشهد، وهذه الافعال كثيرة وبالتالي فظهور عدد الركعات بينها ليس كظهور الامتناع عن ‏الطعام والشراب بين افعال الصيام التي لا يتعدى المبتلى به عموما هذا الفعل وربما فعل آخر، ‏لهذا فعند عامة الناس يقع السهو في الصلاة كثيرا أو في عدد الركعات ولكن نادرا ان يقع ‏السهو فيأكل أو يشرب الصائم وهو ساه. بل في الصلاة، حتى طول الانشغال بفعل من افعال ‏الصلاة يؤثر على ظهور الفعل الآخر للمصلي، فطول السجود أو الخشوع في الذكر عند ‏شخص قد يؤدي إلى عدم تذكره لعدد الركعات التي صلاها، لان دماغه انشغل بالخشوع ‏والتفكير بالله عن التركيز على حساب عدد الركعات، فالخشوع والانشغال بذكر الله يرفع من ‏نسبة احتمالية نسيان عدد الركعات التي صلاها المصلي، وأكيد ان الافضل الانشغال بالذكر ‏والخشوع حتى وان ادى إلى ارتفاع احتمالية حدوث نسيان عدد الركعات، وأكيد انه لا خير في ‏صلاة لا خشوع فيها حتى وان ضبط المصلي عدد ركعاتها. أيضًا في الطواف مثلا، شخص ‏خاشع ومنشغل بذكر الله وبالبكاء أو يطوف ببطء شديد يمكن ان يغطي خشوعه وانشغاله بذكر ‏الله أو المدة الزمنية التي يقضيها في الطواف على تذكره عدد الاشواط التي طافها، فيسهو عن ‏التوقف عند الشوط السابع فيدخل في الثامن كما مر في الرواية التي ذكرت امير المؤمنين ‏‏(صلوات الله عليه) في الملتقى السابق. ‏
        إلى هنا اعتقد اتضح تماما ان مسالة السهو متشعبة ومرتبطة بعدة متغيرات، فلا يمكن ان ‏نحكم بان السهو يدل دائمًا على تقصير الساهي في تحصيل كمال ممكن للإنسان، ولا يمكن ‏مقارنة سهو معين بآخر أو القول ان من يسهو هنا لا بد ان يسهو هناك ولا يمكن القول ان ‏شخصا لم يسهو في أمر معين افضل من آخر لأنه سهى فيه. ولو اردنا تصور مدى تعقيد ‏المسالة فلنحسب عدد المتغيرات التي بينتها حتى الآن في مسالة السهو والنسيان. فكيف اذن ‏يمكن ان نقبل عقلا من شخص ان يشكل على مسالة السهو والنسيان دون ان تكون العلاقات ‏بين هذه المتغيرات وحلها حاضرة عنده. ‏
        في الحقيقة، هذا هو حال المشكلين، فلو انهم يعون وجود كل هذه العوامل المتغيرة في المسالة ‏لما ذهبوا للإشكال. ‏
        ‏ توجد اشكالات عقلية أخرى وأيضا سأذكر بعضها. ‏
        الاشكال الأول: ‏
        انه لو جاز السهو والنسيان على خليفة الله لجاز ان ينسى ويسهو في تبليغ الشرع وبهذا نقض ‏للغرض من بعثه. ‏
        الرد: الحقيقة، لا ملازمة بين الأمرين هنا، فالمسالة ان المعصوم يعصم عن السهو والنسيان ‏في امور ولا يعصم في أخرى، لأننا قد بينا انه يعصم بمذكر خارجي. نعم الملازمة تكون لو ‏كان خليفة الله لا يسهو ولا ينسى بذاته لا بعاصم خارجي في حين اننا قد بينا بطلان القول ‏بالعصمة الذاتية المطلقة من السهو والنسيان وأنها توافق قول الغلاة وأنها تعني بالنتيجة تعدد ‏اللاهوت المطلق وهذا باطل.‏
        الاشكال الثاني: انه لو جاز على خليفة الله السهو والنسيان لنفرت الناس عنه، وفي هذا نقض ‏للغرض من بعثه وهو هداية الناس.‏
        الرد: لا يصح ان يستدل مسلم فضلا عمن يدعي انه عالم بنفور الناس لجهلهم ويعتبره نقضا ‏للغرض، لأنه بحسب هذه القاعدة العبثية يمكن ان ينقض الإسلام، وكمثال على ذلك، فالله أمر ‏الرسول قبل الهجرة وهو في مكة ان تكون قبلة المسلمين بيت المقدس في الشام وهذا فيه تنفير ‏للأحناف حيث ان قبلتهم الكعبة، فكيف يأتيهم محمد (صلى الله عليه وآله) في قعر دارهم ‏ويقول لهم: اتركوا قبلتكم التي تسجدون وتحجون لها وتوجهوا في صلاتكم إلى قبلة اليهود. ‏اليس في هذا تنفير واضح وعلى حسب القاعدة التي وضعوها ان تنفير الناس عن دين الله ‏ينقض الغرض، فيكون الله قد نقض الغرض أو يكون الإسلام ليس دينا الهيا. بل الامر لم ‏يتوقف هنا، حيث ان الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) لما هاجر إلى المدينة وحيث اليهود ‏وقبلتهم بيت المقدس بدلت قبلة الإسلام وأصبحت الكعبة ليكون هذا أيضًا منفرا لليهود عن ‏دخول دين جديد يتخذ قبلة أخرى غير قبلتهم. وعلى القاعدة المتقدمة أيضًا يكون الله هنا قد نفر ‏الناس وصدهم عن الإيمان ونقض الغرض من بعث محمد (صلى الله عليه وآله). بينما الحقيقة ‏ان نفور الناس من الحق بسبب جهلهم به ليس نقضا للغرض بحال وهذا طبعا بغض النظر ‏عن ان نفس مسالة اتخاذ قبلتين وتبديل القبلة يمكن ان يعتبرها بعضهم أيضًا منفرة، بل وحتى ‏يطعن برسالة الرسول (صلى الله عليه وآله) ويعتبره مترددا ويجهل القبلة الصحيحة وهكذا ‏يمكن ان يذهب باستنتاجات واستحسانات ويدعي نقض رسالة الرسول محمد (صلى الله عليه ‏وآله).‏
        الاشكال الثالث: انه لو جاز على خليفة الله السهو والنسيان في الصلاة كما روي ان رسول الله ‏‏(صلى الله عليه وآله) سهى في صلاته، فنقص وزاد في الركعات، لكان غير خاشع في صلاته ‏وهذا أمر قبيح لا يصدر عن خليفة الله في ارضه أو الامام أو الرسول.‏
        الرد: وهذا الاشكال يفترض ان من يغفل عن عدد الركعات غير خاشع في صلاته وغير ‏متوجه إلى الله سبحانه وتعالى لا غير، وهذا غير صحيح على اطلاقه، حيث ان العبد لو توجه ‏إلى الله بخشوع وانقطاع يمكن ان يغفل بالله وبخشوع بين يدي الله سبحانه وتعالى عن حساب ‏عدد ركعات صلاته، فكما انه يمكن ان يغفل بالتفكير بأمور الدنيا عن عدد ركعات صلاته، ‏كذلك يمكن للبكاء بين يدي الله ان يجعله يغفل عن حساب عدد ركعات صلاته. فالأمر اذن لا ‏يمكن حصره بعدم الخشوع وعدم التوجه إلى الله ليكون السهو والنسيان في الصلاة دليل عدم ‏الخشوع، وبالتالي نفي السهو عن خليفة الله بهذه الحجة الواهية.‏
        الخلاصة: تقدمت آيات دلت على سهو المعصوم في مسيرته في الحياة وأحاديث وروايات ‏كثيرة نصت على سهو المعصوم في العبادات والأصل ان المعصوم أو خليفة الله انسان ولا ‏يستثنى مما يعرض للإنسان الطبيعي إلا بدليل قطعي ومن الصفات الانسانية السهو والنسيان. ‏اذن فالأصل امكان سهو المعصوم ونسيانه كأي انسان إلا ما خرج بدليل، كامتناع نسيانه ‏وسهوه في التبليغ عن الله حيث يلزم منه نقض الغرض من ارساله فلا بد ان يذكره الله في هذا ‏الموضع ويعصمه من النسيان والسهو فيه حتى يبلغ رسالة الله سبحانه وتعالى: {إِلَّا مَنِ ‏ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا* لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ ‏وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} ‏[‏1]‏ ومر أيضًا انه لا توجد آية تدل ‏على عدم سهو المعصوم ولا توجد روايات كذلك ولا يوجد دليل عقلي تام سوى استحسانات ‏وإشكالات تعتمد على مفهوم المغالطة وقد تم ردها والحمد لله.‏
        اذن فالخلاصة التي يمكن ان يتوصل لها اي عاقل، انه إذا لم تكن كل تلك الأدلة كافية ‏للاستدلال على امكان سهو المعصوم في الامور الحياتية والعبادة فان عدم دلالة اللاشيء الذي ‏يتوهمونه على عدم سهو المعصوم مطلقا أو في العبادة اوجب. فهم يعتقدون هذه العقيدة بلا ‏دليل من آية محكمة ولا رواية قطعية الصدور والدلالة ولا دليل عقلي تام.‏
        إلى هنا وصلت إلى ختام هذا البحث، ومن يريد الاستزادة يمكنه الرجوع إلى كتاب عقائد ‏الإسلام الذي سيصدر إن شاء الله في نهاية هذا الشهر الكريم ‏[‏2‏]‏ والحمد لله رب العالمين وصلى ‏الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين. ارجو منكم ان لا تنسوني من دعائكم في هذه ‏الليلة المباركة ‏[‏3‏]‏ وأسال الله ان يكتبنا بفضله ومنه وعطائه الابتداء من الصائمين القائمين ‏الذاكرين. هو وليي وهو يتولى الصالحين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ‏والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ‏



        ----------------------------------------------
        ‏[‏1‏]‏- الجن – 27، 28
        ‏[‏2‏]‏- شهر رمضان 1437
        ‏[‏3‏]‏- ليلة القدر - ليلة الثالث والعشرين من رمضان

        Comment

        Working...
        X
        😀
        🥰
        🤢
        😎
        😡
        👍
        👎