إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

قانون معرفة الحجة... كما بينه يماني آل محمد (ص)

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • hmdq8
    عضو نشيط
    • 10-08-2011
    • 450

    قانون معرفة الحجة... كما بينه يماني آل محمد (ص)

    قانون معرفة الحجة والمعجزة...

    [ إضـــــــاءة
    ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾([1]).
    ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ﴾([2]).
    الآيات التي رافقت يوسف (ع) بإذن الله لم تكن عصا تتحول أفعى، ولم تكن يداً تشع نوراً ولم تكن بحراً ينشق، بل كانت قميصاً أظهر حق يوسف (ع) وكانت توفيقاً وتسديداً إلهياً لمسيرة يوسف (ع)، فمن هم وكم هم الذين يرون أن القميص الذي تمزق بل تمزقه بالذات كان آية ؟ وأين هم الذين يرون توفيق وتسديد الله ليوسف (ع) ليعرفوا انه مرسل من الله سبحانه ؟ تلك الآيات رافقت يوسف ورآها أولئك الذين رافقوا مسيرة يوسف (ع)، ولكنهم لم يروها كآيات، وكان أن قرروا ﴿مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾.
    عن أبي جعفر (ع) في قوله: ﴿ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾، (فالآيات شهادة الصبي والقميص المخرق من دبر واستباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إياه على الباب فلما عصاها فلم تزل ملحة بزوجها حتى حبسه، ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ﴾([3])، يقول: عبدان للملك احدهما خباز والآخر صاحب الشراب والذي كذب ولم ير المنام هو الخباز) ([4]).
    لم تكن هذه الآيات هي كل ما رافق دعوة ومسيرة يوسف (ع)، بل ما جاء به كل الأنبياء المرسلين كدليل على الدعوة الإلهية التي كلفوا بها، جاء به يوسف (ع)، فهو (ع) لم يكن شاذاً عن المرسلين وعن طريقهم الواحد للدلالة على رسالاتهم، ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ﴾([5]) طريقهم المبين ( الوصية أو النص، العلم والحكمة، راية البيعة لله أو الملك لله أو حاكمية الله)، هذه الآيات الثلاث البينة جاء بها يوسف (ع) ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ﴾.
    وقبل أن نعرف كيف ومتى وأين جاء بها يوسف (ع)، نحتاج إلى معرفة ما تمثله هذه الأمور الثلاثة في خط الدعوة الإلهية عموماً.
    قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ * وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾([6]).
    دعوة الحق لا يمكن أن تكون وحدها، دون وجود دعوات باطلة تعارضها، فمنذ اليوم الأول الذي كان فيه نبياً يوصي لمن بعده بأمر الله سبحانه، وجدنا مدعياً مبطلاً يعارض دعوة الحق، فآدم (ع) أول أنبياء الله مبعثاً يوصي لهابيل (ع)، ويقوم قابيل بمعارضة دعوة الحق، وادعاء حق الخلافة، وحتى القربان الذي كان الفيصل في تحديد وصي آدم (ع)، لم يقبل به قابيل كآية دالة على هابيل وصي آدم، وأقدم قابيل على تهديد هابيل الوصي، ثم قتله دون تردد أو خوف من الله سبحانه: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾([7]).
    وهذا حصل مع يوسف (ع) لما حسده إخوته.
    بل وجرى مع كل الأوصياء ، فكما أن الله سبحانه وتعالى يصطفي رسله، كذا فإن إبليس (لعنه الله) يختار من جنده من يعارض دعوة الحق.
    فالله سبحانه وتعالى يختار هابيل (ع)، وإبليس (لعنه الله) يختار قابيل ليعارض داعي الله، والله يختار محمداً ، وإبليس يختار مسيلمة وسجاح والأسود وغيرهم ليعارضوا داعي الحق محمداً .
    وهنا أوجه السؤال: هل يُعْذَر من ترك اتباع محمد بحجة وجود أكثر من دعوة في الساحة، وأنه لا يستطيع تمييز المحق من المبطل؟!!!
    والحق، إنه لا يعذر ويكون مصيره إلى جهنم تماماً كأولئك الذين اتبعوا من ادعوا النبوة أو الرسالة كذباً وزوراً.
    ثم هل ان الله سبحانه وتعالى وضع قانوناً يعرف به داعي الحق في كل زمان وهو حجة الله على عباده وخليفة الله في أرضه وطاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله، والإيمان به والتسليم له هو الإيمان بالله والتسليم لله والكفر به والالتواء عليه، هو الكفر بالله والالتواء على الله.
    أم أن الله ترك الحبل على الغارب (حاشاه سبحانه وتعالى) وهو الحكيم المطلق وقدر كل شيء فأحسن تقديره، ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾([8])، وهو﴿عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾([9]).
    فالنتيجة، أنّ مقتضى الحكمة الإلهية هو وضع قانون لمعرفة خليفة الله في أرضه في كل زمان، ولابد أن يكون هذا القانون وضع منذ اليوم الأول الذي جعل فيه الله سبحانه خليفة له في أرضه، فلا يمكن أن يكون هذا القانون طارئاً في إحدى رسالات السماء المتأخرة عن اليوم الأول، لوجود مكلفين منذ اليوم الأول، ولا أقل أن القدر المتيقن للجميع هو وجود إبليس كمكلف منذ اليوم الأول، والمكلف يحتاج هذا القانون لمعرفة صاحب الحق الإلهي، وإلا فإنه سيعتذر عن اتباع صاحب الحق الإلهي بأنه لم يكن يستطيع التمييز، ولا يوجد لديه قانون إلهي لمعرفة هذا الخليفة المنصب من قبل الله سبحانه وتعالى.
    والقدر المتيقن للجميع حول تاريخ اليوم الأول الذي جعل فيه الله خليفة له في أرضه هو:
    1. إن الله نص على آدم وانه خليفته في أرضه بمحضر الملائكة (ع) وإبليس.
    2. بعد أن خلق الله آدم (ع) علَّمه الأسماء كلها.
    3. ثم أمر الله من كان يعبده في ذلك الوقت الملائكة وإبليس بالسجود لآدم.
    قال تعالى:﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾([10])، ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾([11])، ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾([12])، ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً﴾([13]).
    هذه الأمور الثلاثة هي قانون الله سبحانه وتعالى لمعرفة الحجة على الناس وخليفة الله في أرضه وهذه الأمور الثلاثة قانون سَنَّه الله سبحانه وتعالى لمعرفة خليفته منذ اليوم الأول، وستمضي هذه السنة الإلهية إلى انقضاء الدنيا وقيام الساعة.
    ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾([14]).
    ﴿سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾([15]).
    كما أنه وببساطة: أي إنسان يملك مصنعاً أو مزرعة أو سفينة أو أي شيء فيه عمال يعملون له فيه، لابد أن يُعيِّن لهم شخصاً منهم يرأسهم، ولابد أن ينص عليه بالاسم وإلا ستعمّ الفوضى، كما لابد أن يكون أعلمهم وأفضلهم، ولابد أن يأمرهم بطاعته ليحقق ما يرجو، وإلا فإن قَصَّر هذا الإنسان في أيٍ من هذه الأمور الثلاثة فسيجانب الحكمة إلى السفه، فكيف يُجِّوز الناس على الله ترك أيٍ من هذه الأمور الثلاثة وهو الحكيم المطلق ؟!!
    وإذا تعرضنا إلى هذا القانون الإلهي بشيء من التفصيل نجد أن النص الإلهي على آدم (ع) تحول إلى الوصية لعلة وجود الخليفة السابق، فهو ينص على من بعده بأمر الله سبحانه وتعالى، وهذا من ضمن واجبه كخليفة لله في أرضه قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾([16]).
    أما تعليم الله سبحانه لآدم الأسماء فالمراد منه معرفته بحقيقة الأسماء الإلهية، وتحليه بها وتجليها فيه، ليكون خليفة الله في أرضه. وهو (ع) أنبأ الملائكة بأسمائهم أي عرَّفهم بحقيقة الأسماء الإلهية التي خُلقوا منها، فالله سبحانه عرَّف آدم كل الأسماء الإلهية وبحسب مقامه (ع)، أما الملائكة فلم يكن كل منهم يعرف إلا الاسم أو الأسماء التي خُلق منها، وبهذا ثبتت حجية آدم (ع) عليهم بالعلم والحكمة.
    والأمر الثالث في هذا القانون الإلهي هو أمر الله سبحانه وتعالى للملائكة وإبليس بالسجود لآدم، وهذا الأمر هو بمثابة ممارسة عملية للخليفة ليقوم بدوره كمستخلف، وممارسة عملية لعمال الله سبحانه (الملائكة) ليقوموا بدورهم كعمال ومتعلمين عند هذا الخليفة (آدم (ع)).
    وهذا الأمر ثبّت أن حاكمية الله وملك الله في أرضه يتحقق من خلال طاعة خليفة الله في أرضه.
    وهكذا فإن جميع المرسلين ومنهم محمد كانوا يحملون هذه الراية: (البيعة لله، أو حاكمية الله، أو الملك لله)، ويواجهون الذين يقرون حاكمية الناس ولا يقبلون بحاكمية الله وملكه سبحانه وتعالى. وهم دائماً متهمون بسبب هذه المطالبة وهذه المواجهة، فعيسى (ع) قيل عنه إنه جاء ليطلب ملك بني إسرائيل ليس إلا، وقيل عن محمد : (لا جنة ولا نار ولكنه الملك) أي أنّ محمداً جاء ليطلب الملك له ولأهل بيته، وقيل عن علي (ع) إنه حريص على الملك.
    والحقيقة، أنه من تابع أحوال عيسى أو محمد أو علي (ع) يجد أنهم معرضون عن الدنيا وزخرفها وما فيها من مال أو جاه، لكن هذا هو أمر الله لهم بأن يطالبوا بملكه سبحانه وتعالى، ثم هم يعلمون أن الناس لن يسلموهم الملك بل سيتعرضون لهم بالسخرية والاستهزاء والهتك ومحاولة القتل أو السجن، فهذا شبيه عيسى (ع) يلبسونه تاجاً من الشوك وهم يسخرون منه قبل صلبه، وعلي (ع) يُكسَر باب داره ويُكسَر ضلع زوجته الزهراء ويُجر من داره والسيوف مشرعة بوجهه، وموسى بن جعفر (ع) الذي حدد فدكاً بأنها الملك وخلافة الله في أرضه يسجن حتى الموت، ومع هذا فانّ كثيراً من الجهلة جعلوا ما تشابه عليهم من مطالبة صاحب الحق بملك الله سبحانه وتعالى عاذراً لسقطتهم، وهم يصرخون بوجه صاحب الحق الإلهي إنه جاء ليطلب الملك ليس إلا، والحق إنه لو كان خليفة الله في أرضه طالباً للدنيا أو الملك لما طالب به أصلاً وهو يعلم أن هذه المطالبة ستكون حتماً سبباً لانتهاك حرمته والاستهزاء والتعريض به على أنه طالب دنيا.
    ثم لسلك طريقاً آخر يعرفه كل الناس ولكنهم يتغافلون، وهو طريق كل أولئك الذين وصلوا إلى الملك الدنيوي بالخداع والتزوير أو القتل والترويع، فعلي (ع) يطالب بالملك ويقول أنا وصي محمد وأنا خليفة الله في أرضه، وفي المقابل ذاك الذي وصل إلى الملك الدنيوي أبو بكر بن أبي قحافة يقول: أقيلوني فلست بخيركم.
    فهل أن علياً طالب دنيا أو أن ابن أبي قحافة زاهد بالملك الدنيوي وهو الذي أنكر حق الوصي (ع) وتنكر لوصية رسول الله لأجل الملك الدنيوي ؟! ما لكم كيف تحكمون؟!.
    والوصية بالخصوص جاء بها كل الأوصياء وأكدوا عليها، بل وفي أصعب الظروف نجد الحسين (ع) في كربلاء يقول لهم ابحثوا في الأرض لا تجدون من هو أقرب إلى محمد مني (أنا سبط محمد الوحيد على هذه الأرض)، هنا أكد (ع) على الوصية والنص الإلهي ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾([17])، فالذين يفهمون هذه الآية يعرفون أن الحسين (ع) أراد أن الوصاية محصورة به (ع) لأنه الوحيد من هذه الذرية المستخلفة.
    والآن، نعود إلى يوسف لنجد:
    1- الوصـية:
    في قول يعقوب (ع) ليوسف (ع): ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾([18]).
    فيعقوب يبين أن يوسف (ع) وصيه وأنه امتداد لدعوة إبراهيم (ع) وبكل وضوح.
    وفي قول يوسف (ع): ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ﴾([19])، فيوسف (ع) يؤكد انتسابه إلى الأنبياء وأنه الخط الطبيعي لاستمرار دعوتهم .
    2- العلـم:
    في قوله: ﴿قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾([20]).
    وفي قوله: ﴿... تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾([21]).
    وفي قوله: ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾([22]).
    3- البيعـة لله:
    في قوله ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾([23]).
    ]
    اضاءات من دعوات المرسلين ج3 ق2 ص(10-17)

    --------------------------------------------------------------------------------

    ([1]) يوسف: 35.
    ([2]) غافر: 34.
    ([3]) يوسف: 36.
    ([4]) تفسير القمي: ج2 ص344.
    ([5]) الأحقاف: 9.
    ([6]) لقمان: 20 - 22.
    ([7]) المائدة: 27 - 30.
    ([8]) الرعد: 8.
    ([9]) سـبأ: 3 .
    ([10]) البقرة: 30 .
    ([11]) البقرة: 31.
    ([12]) الحجر: 29.
    ([13]) الكهف: 50.
    ([14]) الأحزاب: 62.
    ([15]) الفتح: 23.
    ([16]) النساء: 58.
    ([17]) آل عمران: 34.
    ([18]) يوسف: 6.
    ([19]) يوسف: 38.
    ([20]) يوسف: 37.
    ([21]) يوسف: 47 - 49.
    ([22]) يوسف: 55.
    ([23]) يوسف: 39 - 40.
  • hmdq8
    عضو نشيط
    • 10-08-2011
    • 450

    #2
    رد: قانون معرفة الحجة... كما بينه يماني آل محمد (ص)

    قانون معرفة الحجة والمعجزة 2 ...

    [ إضــــاءة
    بعد أن عرفنا وجود قانون إلهي لمعرفة خليفة الله في أرضه، وهو مذكور في القرآن الكريم، بل وجاء به كل الأنبياء والمرسلين ، ويوسف (ع) أيضاً جاء به، نحتاج أن ننتفع ونعمل بهذا القانون الإلهي في زمن الظهور المقدس (زمن يوسف آل محمد )؛ لأن من لا يعمل بهذا القانون يكون من أتباع إبليس (لعنه الله) كما تبين.
    وأنت تجد حتى في الإنجيل أن عيسى (ع) يؤكد على أن الأنبياء السابقين من بني إسرائيل قد ذكروه وبشروا به وأوصوا به، وكذا جاء بالعلم والحكمة، وأيضاً رفع راية البيعة لله وطالب بملك الله وحاكميته. ومحمد أيضاً أكد هذا الأمر وبيَّن أن الأنبياء السابقين ذكروه وبشروا به وأوصوا به، وأنه مذكور في التوراة والإنجيل، وجاء ليُعلِّم الكتاب والحكمة، ورفع راية البيعة لله، وطالب بملك الله وحاكميته سبحانه وتعالى في أرضه.
    وكذا آل محمد ، وتوجد أكثر من رواية عنهم أكدوا بها هذا القانون الإلهي، لكي لا يضل شيعتهم([1]). ولكن للأسف مَنْ يدَّعون أنهم شيعتهم اختاروا في آخر الزمان الكفر بروايتهم والإعراض عنها وعن القرآن الكريم، واتباع العلماء غير العاملين، فأضلوهم وخلطوا عليهم الحق بالباطل، فلم يعد عندهم قانون لمعرفة الحجة من الله وخليفة الله، مع أن هذا القانون الإلهي لمعرفة الحجة من الله وخليفة الله والوصي الذي يمتحن به الناس موجود في القرآن الكريم، وقد بينته بوضوح لعل من يدعون أنهم شيعة آل محمد، وعامة أصحاب الأديان الإلهية، يلتفتون إلى هذا القانون فينقذون أنفسهم من النار.
    إذن، فصاحب الحق الإلهي الوصي المعزي([2]) لأنبياء الله ورسله، الذي يأتي في آخر الزمان إذا جاء بهذه الأمور الثلاثة، وهي:
    الوصية: أي أن الماضين أوصوا به ونصوا عليه بالاسم والصفة والمسكن، كما كانت الوصية بالرسول محمد من الأنبياء الماضين باسمه، وبصفته أنه راكب الجمل، وبمسكنه فاران أي مكة وما حولها (عرفات)، والروايات الدالة على الوصي في آخر الزمان باسمه وصفته ومسكنه كثيرة.
    وجاء أيضاً بالعلم والحكمة كما جاء رسول الله محمد بالعلم والحكمة، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾([3])، وهذا الرسول هو محمد بن عبد الله المرسل في الأوليين من هذه الأمة.
    ثم يقول تعالى: ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾([4])، وهذا الرسول في الآخرين هو المهدي الأول من ولد الإمام المهدي (ع)، ومرسله هو الإمام المهدي (ع)، وأيضاً يعلمهم الكتاب والحكمة مما جاء به رسول الله محمد ، وكان اسمه في السماء أحمد، والمهدي الأول اسمه في الأرض أحمد وفي السماء محمد، فهو صورة لرسول الله محمد ويبعث كما بُعث محمد ، ويعاني كما عانى محمد ، فلابد من وجود قريش وحلفائها وأم القرى والهجرة والمدينة وكل ما رافق دعوة رسول الله محمد ، فقط المصاديق والوجوه تتبدل إنما هي وهم كتلك وأولئك.
    أما الأمر الثالث: وهو المطالبة بحاكمية الله والملك الإلهي، فلابد أن يتحقق في الواقع المعاش بشكل يتوضح فيه صاحب الحق الإلهي وحكمته وعلمه ومعرفته بعاقبة الأمور. والحمد لله تم هذا بفضل الله سبحانه وتعالى، فكل أولئك العلماء غير العاملين دعوا إلى حاكمية الناس والانتخابات وشورى وسقيفة آخر الزمان إلا الوصي بفضل من الله عليه لم يرضَ إلا حاكمية الله وملك الله سبحانه، ولم يحد عن الطريق الذي بيَّنه محمد وآل محمد ، أما العلماء غير العاملين فقد خرجوا وحادوا عن جادة الصواب، وتبيَّن بفضل خطة إلهية محكمة أن رافع راية رسول الله محمد (البيعة لله) هو فقط الوصي.
    أما مَنْ سواه فهم قد رفعوا راية الانتخابات وحاكمية الناس وهي بيعة في أعناقهم للطاغوت وبملئ إرادتهم، بل وهم قد دعوا الناس لها، وانخدع الناس بسبب جهلهم بالعقيدة التي يرضاها الله سبحانه وتعالى، مع ان أهل البيت قد بيَّنوا هذا الأمر بكل وضوح وجلاء، ودم الحسين في كربلاء خير شاهد على ذلك، وإن كانت فاطمة الزهراء لما نحى القوم الوصي علي (ع) خاطبتهم قائلة: (أما لعمر إلهك لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج، ثم احتلبوا طلاع القعب دماً عبيطاً وزعافاً ممقراً، هنالك يخسر المبطلون ويعرف التالون غب ما أسس الأولون، ثم طيبوا عن أنفسكم أنفساً، واطمأنوا للفتنة جأشاً وابشروا بسيف صارم وهرج شامل واستبداد من الظالمين، يدع فيئكم زهيداً وزرعكم حصيداً. فيا حسرتي لكم وأنى بكم وقد عميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) ([5]).
    فهم اليوم علموا بأنفسكم غُبَّ ما سَنّوا، واحتلبوا طلاع القعب دماً عبيطاً.
    فهل هذا الحال الذي أنتم فيه عذاب من الله سبحانه أم لا ؟!!!
    في قرارة أنفسكم تقرون أنه عذاب من الله، ولكن تخافون أن تقروا بألسنتكم لئّلا يقال لكم: فهذا أحمد الحسن مرسل من الإمام المهدي (ع) وهذه رسالة إلهية، والله يقول: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾([6]).
    أما المعجزة المادية فهي لا يمكن أن تكون وحدها طريقاً لإيمان الناس، بل الله لا يرضى بهكذا إيمان مادي محض، ولو كان يَقبل لقَبل إيمان فرعون بعد أن رأى معجزة مادية قاهرة لا تؤول، وهي انشقاق البحر، ورأى كل شق كالطود العظيم، ولمسه بيده فقال: ﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾([7]).
    ولكن الله لا يرضى هذا الإيمان: ﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾([8]).
    وقد ترك الله بدن فرعون آية للناس ليتفكروا: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾([9])، ولكن قليل من انتفعوا بهذه الآية و ﴿كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾.
    كما أن المعجزة لا يمكن أن تكون لكل من يطلبها، و إلا لآمن الناس جميعاً إيماناً قهرياً اجبروا عليه بما يرون من قدرة قاهرة لا طاقة لهم على مواجهتها، ولن يكون هذا إلا استسلاماً للأمر الواقع وليس إسلاماً وتسليماً للغيب، والله سبحانه هو الغيب، ولعل من تدبر في معجزات الأنبياء يجدها جميعاً جاءت مشابهة لما انتشر في زمانهم، فموسى يأتي بالعصا التي تصبح أفعى في زمن فيه عشرات يلقون عصيهم فإذا هي أفعى كما يخيل للناس، وكذا عيسى جاء ليشفي المرضى في زمن انتشر فيه الطب، ومحمد يأتي بالقرآن لقوم اشتهروا بالكلام والشعر، فالأمر وما فيه أنها جاءت كذلك للَّبس، قال تعالى: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾([10]).
    وما هذا اللبس والمشابهة إلا لتكون هناك مساحة لتأول المتأولين الذين لا يؤمنون بالغيب، ولتبقى مساحة للإيمان بالغيب، و إلا فالإيمان المادي المحض ليس إيماناً، ولا إسلاماً، ولا يقبله الله قال تعالى: ﴿قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾([11]).
    فالإيمان الكامل هو الإيمان بالغيب مائة بالمائة، وهو إيمان الأنبياء والأوصياء، وكلما كان الإيمان مشوباً بآية أو إشارة أو كرامة أو معجزة مادية، كان أدنى وأقل، حتى إذا كانت المعجزة قاهرة وتامة ولا يمكن تأويلها، عندها لا يقبل الإيمان والإسلام، كما لم يقبل إيمان وإسلام فرعون، لأن هكذا إيمان هو إيمان مادي مائة بالمائة.
    والله وصف المؤمنين بأنهم:
    ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾([12]).
    ﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ﴾([13]).
    ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾([14]).
    ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾([15]).
    ﴿مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ﴾([16]).
    ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾([17]).
    ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾([18]).
    والحمد لله ربِّ العالمين.
    ]
    اضاءات من دعوات المرسلين ج3 ق2 ص(18-22)

    --------------------------------------------------------------------------------

    ([1]) منها: عن عبد الأعلى، قال: (قلت لأبي عبد الله (ع): المتوثب على هذا الأمر، المدعي له، ما الحجة عليه ؟ قال: يُسأل عن الحلال والحرام، قال: ثم أقبل علي فقال: ثلاثة من الحجة لم تجتمع في أحد إلا كان صاحب هذا الأمر: أن يكون أولى الناس بمن كان قبله، ويكون عنده السلاح، ويكون صاحب الوصية الظاهرة ..) الكافي: ج1 ص284 ح2.
    وعن الحرث بن المغيرة، قال: (قلت لأبي عبد الله (ع) بم يعرف صاحب هذا الأمر ؟ قال: بالسكينة والوقار، والعلم والوصية) بصائر الدرجات: ص509.
    وعن أبي الجارود، قال: (سألت أبا جعفر الباقر (ع) بم يعرف الإمام ؟ قال: بخصال: أولها نص من الله تبارك وتعالى عليه، ونصبه علماً للناس حتى يكون عليهم حجة؛ لأن رسول الله نصب علياً وعرفه الناس باسمه وعينه، وكذلك الأئمة ينصب الأول الثاني، وأن يسأل فيجيب، وأن يسكت عنه فيبتدئ..) بحار الأنوار: ج25 ص141.
    ([2]) قال عيسى (ع): (وأما الآن فأنا ماضي للذي أرسلني، وليس أحد منكم يسألني أين تمضي، ولكن لأني قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم. لكن أقول لكم الحق: إنه خير لكم أن انطلق؛ لأنه إن لم انطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت أُرسله إليكم، ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطيئة، وعلى بر، وعلى دينونة. أما على خطيئة: فـ (لأنهم لا يؤمنون بي)، وأما على بر: فـ (لأني ذاهب إلى أبي ولا ترونني أيضاً)، وأما على دينونة: فـ (لأن رئيس هذا العالم) قد دين. إن لي أمور كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأما متى جاء ذاك (روح الحق) فهو يرشدكم إلى جميع الحق؛ لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به) إنجيل يوحنا - الإصحاح السادس عشر.
    ([3]) الجمعة: 2.
    ([4]) الجمعة: 3.
    ([5]) معاني الأخبار- الشيخ الصدوق: ص355 .
    ([6]) الإسراء: 15.
    ([7]) يونس: 90.
    ([8]) يونس: 91.
    ([9]) يونس: 92.
    ([10]) الأنعام: 9.
    ([11]) السجدة: 29.
    ([12]) البقرة: 3.
    ([13]) الأنبياء: 49.
    ([14]) فاطر: 18.
    ([15]) يّـس: 11.
    ([16]) قّ: 33.
    ([17]) الحديد: 25.
    ([18]) الملك: 12.

    Comment

    • hmdq8
      عضو نشيط
      • 10-08-2011
      • 450

      #3
      رد: قانون معرفة الحجة... كما بينه يماني آل محمد (ص)

      قانون معرفة الحجة والمعجزة 3 ...

      [ كيف يعرف خليفة الله في أرضه في كل زمان ؟
      أهم طريق لمعرفة خليفة الله في أرضه هو:
      الطريق الأول: الذي عرفت به الملائكة آدم (ع) وهو النص، فقد نص الله سبحانه وتعالى على آدم (ع) ، وإنه خليفته في أرضه:
      ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾([1]).
      وبعد آدم (ع) كان أيضاً النص هو الطريق لمعرفة خليفة الله في أرضه، ولكن هذه المرّة النص الإلهي يعرف عن طريق الخليفة السابق، فهو ينص بوصية لأمته على الخليفة الذي بعده بأمر الله سبحانه وتعالى، فليس هو الذي يعين الذي بعده، بل الله سبحانه وتعالى هو الذي يعين خليفته في أرضه في كل زمان، فقط يكون دور الخليفة السابق هو إيصال هذا النص الإلهي بالوصية؛ ولذا سمي خلفاء الله في أرضه من الأنبياء والمرسلين بالأوصياء؛ لأنّ السابق يوصي باللاحق ولا يوجد نبي من الأنبياء أو الأئمة إلاّ وقد نصّ عليه الذي قبله، فإبراهيم (ع) وإسحاق ويعقوب عليهما السلام والأنبياء من بني إسرائيل (ع) نصّوا على موسى وأوصوا به وموسى والأنبياء أوصوا بعيسى (ع) ، وعيسى أوصى بمحمد ، ومحمد أوصى بعلي (ع) والأئمة والمهديين من ولده، فلا يوجد فراغ ليملأه غيرهم . ولكن الأمم انحرفت عنهم فظهر فيها علماء عاملون يرشدون الناس إلى الرجوع إلى طريق الأوصياء وضرورة إتباعهم والأخذ عنهم فقط، وظهر أيضاً علماء غير عاملين يحاولون تقمص دور الأوصياء ، كما تقمصها ابن أبي قحافة.
      قال أمير المؤمنين (ع): (أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير، فسدلت دونها ثوباً وطويت عنها كشحاً، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهباً ...)([2]).
      أمّا الطريق الثاني لمعرفة خليفة الله في أرضه فهو: سلاح الأنبياء والأوصياء وهو العلم والحكمة، وهذا يُعرف من كلامهم ومعالجتهم للمشاكل والأمور الواقعة.
      ولابد للإنسان أن يتجرّد عن الهوى والأنا ليتبيّن حكمتهم وعلمهم ، وبه احتج الله سبحانه على الملائكة:
      ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾([3]). فهو خير دليل على خليفة الله في أرضه .
      أمّا الطريق الثالث لمعرفة خليفة الله في أرضه فهو: الراية (البيعة لله) أو الملك لله وطالب به الله سبحانه لخليفته الأول آدم (ع).
      ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِـي فَقَعُوا لَهُ سَـاجِدِينَ﴾([4]).
      أي أطيعوه وأتمروا بأمره لأنه خليفتي.
      وقال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِـي الْمُلْكَ مَنْ تَشَـاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَـاءُ﴾([5]).
      وقال تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾([6]).
      وفي تلبية الحج: (الملك لك لا شريك لك).
      فهم لا يداهنون أحداً على حساب هذه الحقيقة وإن كانوا يُتّهمون بسبب حملها، فقديماً قالوا عن عيسى (ع): إنه طامع بملك بني إسرائيل الذي ضيعه العلماء غير العاملين بمداهنتهم الرومان، وقيل عن دعوة محمد : (أنه لا جنة ولا نار ولكنه الملك)([7])، أي إنّ محمداً جاء ليطلب الملك له ولولده، وقيل عن علي (ع) : (إنه حريص على الملك) مع أنهم يسمعونه يقول: (ما لِعلي وملك لا يبقى) ، ويرون زهده وإعراضه عن الدنيا وزخرفها ، وهذا حال عيسى الذي لا يخفى وحال محمد .
      والأنبياء والأوصياء لا يحسبون لاتهام الناس أي حساب كما هو حال العلماء غير العاملين الذين يطلبون رضا الناس بسخط الخالق؛ ولذا فالناس يتبعون العلماء غير العاملين ويحاربون الأنبياء والأوصياء الذين يطالبون بحاكمية الله في أرضه سواء على مستوى التشريع أو التنفيذ أي (الدستور والحاكم)، فلابد أن يكون الدستور إلهياً والحاكم معيناً من قبل الله سبحانه وتعالى، وهذا لا يناسب أكثر الناس الذين يتبعون الشهوات ويرغبون بعافية الدنيا على حساب عافية الآخرة.
      وقد أخبرنا العليم الخبير بحال الأكثرية بما لا مزيد عليه:
      ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه﴾([8]).
      ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ﴾([9]).
      ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾([10]).
      ﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ﴾([11]).
      ﴿مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾([12]).
      ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾([13]).
      ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾([14]).
      ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾([15]).
      ولا يحتاج الناس إلى أكثر من هذه الآليات الثلاث لمعرفة خليفة الله في أرضه فاجتماعها لا يكون إلاّ في خليفة الله في أرضه، ولكنهم انقسموا كما انقسم الملأ الأول الذي امتحنه الله فآمن الملائكة وسجدوا، وكفر إبليس واستكبر ولم يرض أن يكون بينه وبين الله واسطة (خليفة الله في أرضه)، وهذه الآليات الثلاث حجة تامة من الله سبحانه للدلالة على خليفته في أرضه.
      ومع ذلك فإنّ الله سبحانه وتعالى - ولرحمته الواسعة - أيّد الأنبياء والأوصياء بآيات كثيرة منها المعجزات والرؤى التي يراها المؤمنون وغيرها مما لست بصدد استقصائه أو مناقشته، فراجع ما كتبه الإخوة أنصار الإمام المهدي (ع) حفظهم الله ووفقهم لكل خير في الدنيا والآخرة.
      ولكن فقط سأناقش جزئية في المعجزات التي أُؤيّد بها الأنبياء لأهميتها وغفلة الناس عنـها وهي: مسألة اللبس في المعجزة والهدف منه.
      فالناس يعرفون أنّ من معجزات موسى (ع) العصا التي تحولت أفعى، وقد كانت في زمن انتشر فيه السحر، ومن معجزات عيسى (ع) شفاء المرضى في زمن انتشر فيه الطب، ومن معجزات محمد القرآن في زمن انتشرت فيه البلاغة، وهنا يعلل من يجهل الحقيقة سبب مشابهة المعجزة لما انتشر في ذلك الزمان أنه فقط لتتفوق على السحرة والأطباء والبلغاء ويثبت الإعجاز، ولكن الحقيقة الخافية على الناس مع أنها مذكورة في القرآن هي أنّ المعجزة المادية جاءت كذلك للّبس على من لا يعرفون إلاّ المادة، فالله سبحانه لا يرضى أن يكون الإيمان مادياً بل لابد أن يكون إيماناً بالغيب ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾([16]).
      ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ َكرِيمٍ﴾([17]).
      ﴿مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ﴾([18]).
      ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيـزٌ﴾([19]).
      فالإيمان بالغيب هو المطلوب والذي يريده الله سبحانه، والمعجزة التي يُرسلها سبحانه لابد أن تُبقي شيئاً للإيمان بالغيب، ولهذا يكون فيها شيء من اللبس؛ ولهذا كانت في كثير من الأحيان مشابهة لما انتشر في زمان إرسالها ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾([20]).
      ولهذا وُجد أهل المادة والذين لا يعرفون إلاّ المادة في التشابه عذراً لسقطتهم:
      ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ﴾([21]).
      فالتشابه أمسى عذراً لهم ليقولوا ﴿سِحْرَانِ تَظَاهَرَا﴾ و ﴿إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ﴾، وقال أمير المؤمنين (ع) وهو يصف أحد المنافقين: (..جعل الشبهات عاذراً لسقطاته)([22]).
      أمّا إذا كانت المعجزة قاهرة ولا تشابه فيها فعندها لا يبقى للإيمان بالغيب أي مساحة ويكون الأمر عندها إلجاء للإيمان وقهراً عليه، وهذا لا يكون إيماناً ولا يكون إسلاماً بل إستسلام وهو غير مرضي ولا يريده الله ولا يقبله ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾([23])، ففرعون يؤمن ويسلم أو قل يستسلم وقبل أن يموت ولكن الله لا يرضى ولا يقبل هذا الإيمان وهذا الإسلام ويجيبه الله سبحانه بهذا الجواب ﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾([24]).
      هذا لأنه إيمان جاء بسبب معجزة قاهرة لا مجال لمن لا يعرفون إلاّ هذا العالم المادي إلى تأويلها أو إدخال الشبهة على من آمن بها، وبهذا لم يبق مجال للغيب الذي يريد الله الإيمان به ومن خلاله، فعند هذا الحد لا يُقبل الإيمان؛ لأنه يكون إلجاء وقهراً وليس إيماناً ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِـرُوا إِنَّا مُنْتَظِـرُونَ﴾([25])، ﴿قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾([26]).
      ولو كان الله يريد إلجاء وقهر الناس على الإيمان لأرسل مع أنبيائه معجزات قاهرة لا مجال معها لأحد أن يقول ﴿سِحْرَانِ تَظَاهَرَا﴾ أو ﴿أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ﴾([27])، قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾([28])، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾([29]).
      فالحمد لله الذي رضي بالإيمان بالغيب وجعل الإيمان بالغيب ومن خلال الغيب ولم يرض بالإيمان بالمادة ولم يجعله بالمادة ومن خلال المادة ليتميز أهل القلوب الحية والبصائر النافذة من عمي البصائر ومختومي القلوب.
      والحق أنّه وإن بقي الكثير ليناقش في هذا الموضوع ولكني أكتفي بالقليل وبفتح الباب، وأترك الباقي للمؤمنين ليتوسعوا فيه وأعود إلى أصل الموضوع فأقول: مما تقدم تبيّن أنّ الجهاد مع خليفة الله في أرضه وبأمره هو الحق وما سواه زخرف باطل.
      عن أبان بن تغلب قال: كان أبو عبد الله (ع) إذا ذكر هؤلاء الذين يقتلون في الثغور يقول: (ويلهم ما يصنعون بهذا يتعجلون قتلة في الدنيا وقتلة في الآخرة، والله ما الشهداء إلا شيعتنا وإن ماتوا على فراشهم)([30]).
      ]
      الجهاد باب الجنة ص(44-50)

      --------------------------------------------------------------------------------

      [1]- البقرة: 30.
      [2]- نهج البلاغة بشرح محمد عبده: ج1 ص30، الخطبة الشقشقية.
      [3]- البقرة: 31.
      [4]- الحجر : 29.
      [5]- ال عمران: 26.
      [6]- الفاتحة: 4.
      [7]- يقول أبو سفيان: يا بنى أمية، تلقفوها تلقف الكرة ، فوالذي يحلف به أبو سفيان ، ما من عذاب ولا حساب، ولا جنة ولا نار، ولا بعث ولا قيامة! شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج9 ص53.
      [8]- الانعام: 116.
      [9]- هود: 17.
      [10]- يوسف: 103.
      [11]- الصافات: 71.
      [12]- الدخان: 39.
      [13]- لقمان: 25.
      [14]- العنكبوت: 63.
      [15]- القصص: 57.
      [16]- البقرة: 3.
      [17]- يس: 11.
      [18]- ق: 33.
      [19]- الحديد: 25.
      [20]- الانعام: 9.
      [21]- القصص: 48.
      [22]- قال أمير المؤمنين (ع): لعمار بن ياسر - وقد سمعه يراجع المغيرة بن شعبة كلاماً - : (دعه يا عمار فإنه لم يأخذ من الدين إلاّ ما قاربه من الدنيا ، وعلى عمد لبس على نفسه ليجعل الشبهات عاذرا لسقطاته) نهج البلاغة بشرح محمد عبده: ج4 ص95.
      [23]- يونس: 90.
      [24]- يونس: 91.
      [25]- الانعام: 158.
      [26]- السجدة: 29.
      [27]- الانبياء: 5.
      [28]- يونس : 99.
      [29]- الانعام: 35.
      [30]- المحاسن: ج1 ص164.

      Comment

      • hmdq8
        عضو نشيط
        • 10-08-2011
        • 450

        #4
        رد: قانون معرفة الحجة... كما بينه يماني آل محمد (ص)

        قانون معرفة الحجة والشورى...

        [ ولكي لا تبقى خدعة الشورى قائمة اريد في هذا القليل بيان حق علي بن ابي طالب (ع) وانه وال محمد (ع) الائمة حجج الله على خلقه ، وان مبدأ الشورى في اختيار خليفة الله او الحاكم بامر الله باطل واظن يكفي في بطلانه قصة موسى مع قومه فقد اختار سبعين رجلا لميقات الله فكفروا باجمعهم ولم يكن في اختيار موسى (ع) صالحاً واحداً من بين سبعين اختيار فكيف يختار ( اهل الشورى ) وهم دون موسى (ع) شخصاً واحداً فيكون من الصالحين .
        تدبروا كلامي يا من تدعون طلب الحق
        أتيت لأشهد للحق وأبين الحق لم آتِ ليتبعني الناس غايتي أن أبين الحق وأميز الباطل ولهذا اقول لا يتوقع احد مني المداهنة هيهات منا ترك شيء من الحق او غض النظر عن شيء من الباطل طلبا لمودة هذا او رضا ذاك
        فما عند الله خير للابرار
        وفصل الخطاب في بيان حق علي (ع) والائمة والمهديين من ولده (ع) وباختصار شديد
        لو كان انسان يملك سفينة او مصنع او اي شيء يعمل فيه مجموعة من الناس
        اليس من المفروض ان يعين رباناً للسفينة او مديراً للمصنع او قائداً لهؤلاء الناس ثم ان ترك هذا وغرقت السفينة او تلف المصنع او حدث ضرر ما الا يوصف عمله هذا بالسفه او عدم الحكمة
        ثم ان عين رباناً للسفينة او مديراً للمصنع او قائداً لهؤلاء الناس ولكنه لم يكن اعلمهم في قيادة السفينة او ادارة المصنع او قيادة هؤلاء الناس وحصل نقص في انتاج المصنع اوحدث طارئ ما تسبب في ضرر معين كغرق السفينة بسبب جهل هذا القائد بقانون تشغيل المصنع او معالجة الطارئ الا يوصف عمله هذا بالسفه او مجانبة الحكمة اليس من المفروض ومقتضى الحكمة اختيار اعلم الموجودين او تزويد المختار بالعلم اللازم ليكون الاكفأ والاقدر على قيادة السفينة وايصالها الى بر الامان وادارة المصنع وتحقيق افضل انتاج .
        ولو فرضنا ان هذا الانسان عين رباناً للسفينة او مديراً للمصنع او قائداً لهؤلاء الناس وكان اعلمهم واقدرهم على قيادة السفينة وادارة المصنع ولكنه لم يأمر الناس بطاعة هذا الربان او المدير او القائد وتصرف الناس كل بحسب هواه ورغبته لانهم غير مأمورين بطاعة القائد المعين وحصلت فوضى او اضرار بسبب عدم أمره للناس بطاعة الربان او القائد الا يوصف بانه جانب الحكمة الى السفه ثم ما فائدة تعيينه للقائد الاقدر ان لم يأمر الناس بطاعته
        لا اظن ان عاقلاً حكيماً سيقول غير هذا ( يجب تعيين قائد ويجب ان يكون لديه او ان يزود بكل ما يحتاج من العلم ويجب ان يُأمر الذين يقودهم بطاعته )
        وهذا موجود في القرآن فمع اول خليفة لله سبحانه في ارضه وضع هذا القانون وهو قانون معرفة خليفة الله وحجته على عباده بل هو قانون معرفة الله لان بمعرفة خليفة الله يعرف الله
        فتعيين الامام والقائد وخليفة الله في قوله تعالى :
        (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:30)
        وكون هذا الخليفة هو الاعلم في قوله تعالى: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:31)
        والامر بطاعة هذا الخليفة في قوله تعالى : (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) (الحجر:29)
        بل ومن يرجع للتوراة والانجيل سيجد نصوصاً كثيرة تنطبق تماما مع النص القرآني في بيان ان قانون معرفة خليفة الله او قانون معرفة الله هو هذه الامور الثلاثة التي بينتها .
        فمن هو وصي رسول الله ومن هو اعلم الناس بعد رسول الله ومن الذي أمرَ رسول الله بأمرِ الله الناس بطاعته ، يجب ان يكون هناك شخصاً فيه هذه الامور الثلاثة والا فمن يقول بعدمه يتهم الله سبحانه وتعالى بمجانبة الحكمة
        اقول مَنْ ؟ وادع الجواب لمن أسألهم وعسى ان ينصف الناس انفسهم بالجواب الحق
        وجدير بنا الالتفات الى ان هناك ومنذ البداية من رفض الانصياع لأمر الله سبحانه وتعالى ورفض ان يكون بينه وبين الله واسطه ورفض ان يكون قبلته الى الله آدم (ع) وهذا الرافض الخبيث هو ابليس لعنه الله (طاووس الملائكة) نعم أؤكد هذا كان من رفض السجود لادم (ع) طاووس الملائكة في حينها ارجو ان يستحضر هذا المعنى كل من يريد الاجابة على السؤال المتقدم قال تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (الكهف:50).
        ولعل اشد من تابعوا ابليس في خطاه ورفضوا ان يكون بينهم وبين الله واسطة كما اراد الله ورفضوا ان يكون خليفة الله وحجته على عباده قبلتهم الى الله هم الوهابيون بل انهم تجاوزوا ابليس لعنه الله امامهم وقدوتهم في رفض السجود لخليفة الله حيث لم يكتفوا باقتفاء اثر ابليس بل زادوا عليه في بيان بغضهم وحقدهم على خلفاء الله في ارضه ال محمد (ع) فقاموا بهدم اضرحتهم في البقيع في المدينة المنورة ( وما نورها الا لان محمد وال محمد (ع) دفنوا فيها ) واتموا حقدهم في سامراء ويدعون بهذا انهم يريدون التوحيد ونبذ الشرك
        انظروا ايها المنصفون بعين الحق وليكن القرآن ميزانكم ستجدون ان الشرك الذي يدعي هؤلاء نبذه هو سجود الملائكة لآدم (ع) وستجدون ان التوحيد الذي يدعي هؤلاء طلبه هو رفض ابليس لعنه الله السجود لآدم (ع) .
        هكذا هم بحسب عقيدتهم ابليس لعنه الله سيد الموحدين لانه رفض السجود لغير الله ، بل وبحسب عقيدتهم الفاسدة فإن الملائكة مشركون لانهم سجدوا لغير الله
        ولكن ايضا ليس الوهابيون هم متفردون بهذا المنهج من الجهل وانكار حجة الله ونصب العداء والبغض لآل محمد (ع) فقد سبقهم في هذه الامة كثير كالامويين والعباسيين وغيرهم و قتلوا ال محمد (ع) باسمهم وبسيفهم، فيزيد لعنة الله يدعي انه خليفة الرسول محمد (ص) ويقتل الحسين(ع) باسم الرسول (ص) وهكذا فعل بنو العباس رغم ان الائمة (ع) حجج الله قد جاءوا بالامور الثلاثة المتقدمة التي مثلت قانوناً الهياً لمعرفة حجة الله .
        واليوم تعاد نفس الفصول وبأخبث السبل فمنهج الهدم والحرق والقتل والتمثيل وكل سبل النواصب الخبيثة قد مارسها ورثتهم اليوم من يسمون انفسهم جند المرجعية نعم المرجعية النائبة عن الامام المهدي (ع) تماما كخلافة يزيد لعنه الله للرسول محمد (ص) ، نفس الفصول ونفس الجرائم ونفس الادعاءات ونفس الطرق فالحسين ابن رسول الله (ص) كان بالامس عدو الاسلام عند اهل العراق وقد خرجوا بأجمعهم لقتاله نعم لانه في نظرهم خارج على خليفة الرسول محمد(ص) يزيد ابن معاوية لعنه الله
        واليوم نفس الشيء والله الذي لا اله الا هو لم يتغير شيء اللهم الا ان يكون اليوم الامر اوضح لان لهم سنة بمن سبقهم فكان المفروض ان ينتفع بها الناس ويعتبروا بها فلا يعيدوا نفس الكرة ولكن هيهات الا ان يعيدوا سنة ابائهم ويقتفوا اثارهم فيكونوا مصداقا لقول الامام (ع) ( لانهم رضوا بفعل ابائهم في قتلهم الحسين (ع)) .
        الحسين (ع) ليس اسماً قتل قبل اكثر من الف عام ليكون اولياءه وشيعته من يبكون ويلطمون على ما حدث له، هيهات فالحسين (ع) خرج لبيان حاكمية الله وان الاعتراف بها هو مايريده الله ونقضها لا يرضي الله فبالأمس واليوم وغدا قتلة الحسين هم من نقضوا وينقضون الهدف الذي ضحى من اجله الحسين (ع) ولا يمكن ان نرى مصداقاً اوضح من فقهاء اخر الزمان ومن تبعهم في العراق فهم لم ينقضوا هدف الحسين (ع) فحسب بل نقضوه لارضاء امريكا انهم قتلة الحسين (ع) في هذا الزمان فماذا يمكن ان ننتظر منهم ومن الذين يتبعونهم نعم لا ننتظر منهم الا ما فعلوا بنا قتل وهدم وحرق وتمثيل وجرائم فضحتهم وعرتهم على رؤوس الاشهاد انهم شرار خلق الله فلا ننتظر منهم الا هذا الشر الذي صدر ويصدر عنهم، اذا كان يزيد لعنه الله قتل رضيعا واحدا للحسين (ع) فإن هؤلاء قد قتلوا اكثر من رضيع وهم على استعداد لقتل المئات ان هؤلاء القتلة عملاء امريكا القابعون في الدهاليز المظلمة قد اتعبوا يزيد واشباهه عن اللحاق بهم في تسافلهم الى اسفل السافلين اللهم العن الاصنام الاربعة هبل وعزى ولاة ومناة في هذا الزمان ومن هم على شاكلتهم ومن يتبعهم اللهم العنهم لعنا وبيلا اللهم العنهم والعن ربهم الاعلى امريكا لعنا وبيلا .
        ايها المؤمنون لقد انتصرتم في العاشر من المحرم لقد هزمتم ابليس وجنده شر هزيمة لقد سودتم وجه ابليس لعنه الله بسجودكم وتسليمكم لله سبحانه، لم تثنكم قلة العدد والعدة وكثرة عدوكم وضخامة عدته لقد هزمتم المرجعية الشيطانية اليزيدية شر هزيمة، نعم والله لقد هزمتموهم حتى وقبل الاحداث بالعلم الذي تفضل الله به عليكم فبانت عورتهم العلمية وجهلهم امامكم حتى اضطررتموهم الى ان يستخدموا حيلة العاجز الجاهل وهي القتل والقتال في مواجهة العقيدة الحق تماما كما استخدمها اسلافهم من علماء الضلالة ضد دعوات الانبياء والاوصياء (ع)، وحتى عندما لجأوا الى القتل والقتال فمن هو المنتصر الذي خرج وضحى بدمه لاحياء مبدأ الحسين (ع) (حاكمية الله ) بعد ان منع ان ينشر مبدأ الحسين وهدفه بالكلمة ام اؤلئك القتلة جند المرجعية الشيطانية اليزيدية لعنهم الله الذين قاتلوا ضد مبدأ الحسين وهدفه (حاكمية الله) لقد انتصرت دمائكم ولازالت تحقق الانتصارات ، ولازالوا يتقهقرون ويتراجعون ويهزمون بفضل الله وبفضل دمائكم التي سالت فاصبحت حراب غرست وتغرس في قلب الشيطان وصواعق من نور هدمت وتهدم هيكل الباطل
        لقد والله ايها المؤمنون انتصرتم على الهوى والانا والشيطان والدنيا وزخرفها وإياكم والجزع والشكوى وترك الصبر فإن الصبر مفتاح الفرج وهو فرجكم ولقد صبرتم فيما مضى وصبركم الآن اولى واحجى فلم يبقَ الا القليل وإن تكونوا تألمون فإنهم يألمون وترجون من الله ما لا يرجون وستكون نهايتهم بعد حين كنهاية يزيد لعنه الله وجنده وللاخرة اشد عذابا واشد تنكيلا ولن تنفعهم معذرتهم يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين .
        بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
        قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ
        لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ
        وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ
        وَ لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ
        وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ
        لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ
        ]
        خطبة الجمعة الموحدة للإمام أحمد الحسن ع

        Comment

        • hmdq8
          عضو نشيط
          • 10-08-2011
          • 450

          #5
          رد: قانون معرفة الحجة... كما بينه يماني آل محمد (ص)

          قانون معرفة الحجة في العهدين...

          [ كيف تم التبشير بعيسى (عليه السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله):
          س4/ إنّ أنبياء العهد القديم بشَّروا بالمسيح (ع)، فأين التبشير بمحمد فيه إن كان هو صاحب الدين الأزلي ؟
          الجواب: هل المطلوب تبشير بالاسم الصريح أم بالرمز ؟! أعتقد أنّ مسألة خلوّ العهد القديم من اسم عيسى أو يسوع كمبشَّر به مسألة مفروغ منها، فلم يبقَ إلا الرمز. ونحن بيَّنا نصوصاً رمزية من العهد القديم تأويلها بالرسول محمد ، كما أنهم أوّلوا نصوصاً رمزية بعيسى (ع) ([1]).
          وقبل عرض بعض هذه النصوص، أقول:
          الدليل على الحجة أو خليفة الله في أرضه أو النبي المرسل بيَّناه واستدللنا عليه بالعقل والحكمة والنقل من التوراة والإنجيل والقرآن ([2]).
          فمن يطلب الحق من أهل الكتاب من اليهود والنصارى أو المسيحيين فلينظر إلى قانون معرفة الحجة الذي بيناه وفقراته الثلاث: (الوصية أو النص، والعلم والحكمة، والراية أو حاكمية الله)، ولينظر هل العقل والحكمة تقول بغيرها ([3]).
          وأيضاً: يُقلِّب التوراة وينظر هل أوصى الرسل لمن يخلفهم أم لم يوصوا ؟
          وهذه بعض النصوص كمثال على وصايا الأنبياء بمن يخلفهم ([4]):
          التثنية - الأصحاح الواحد والثلاثين:
          «وقال الرب لموسى هوذا أيامك قد قربت لكي تموت. أدع يشوع وقفا في خيمة الاجتماع لكي أوصيه. فانطلق موسى ويشوع ووقفا في خيمة الاجتماع 15 فتراءى الرب في الخيمة في عمود سحاب ووقف عمود السحاب على باب الخيمة».
          التثنية - الأصحاح الثالث والثلاثون:
          «1 وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته 2 فقال: جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبل فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم 3 فأحب الشعب. جميع قديسيه في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك» ([5]).
          الملوك الأول - الأصحاح الأول:
          «وقال الملك داود ادع لي صادوق الكاهن وناثان النبي وبناياهو بن يهوياداع. فدخلوا إلى أمام الملك. 33 فقال الملك لهم خذوا معكم عبيد سيدكم وأركبوا سليمان ابني على البغلة التي لي وانزلوا به إلى جيحون 34 وليمسحه هناك صادوق الكاهن وناثان النبي ملكاً على إسرائيل واضربوا بالبوق وقولوا ليجي الملك سليمان. 35 وتصعدون وراءه فيأتي ويجلس على كرسيي وهو يملك عوضا عني وإياه قد أوصيت أن يكون رئيساً على إسرائيل ويهوذا. 36 فأجاب بناياهو بن يهوياداع الملك وقال آمين. هكذا يقول الرب إله سيدي الملك. 37 كما كان الرب مع سيدي الملك كذلك ليكن مع سليمان ويجعل كرسيه أعظم من كرسي سيدي الملك داود».
          الملوك الأول - الأصحاح الثاني:
          «1 ولما قربت أيام وفاة داود أوصى سليمان ابنه قائلاً 2 أنا ذاهب في طريق الأرض كلها. فتشدد وكن رجلاً. 3 إحفظ شعائر الرب إلهك إذ تسير في طرقه وتحفظ فرائضه وصاياه وأحكامه وشهاداته كما هو مكتوب في شريعة موسى لكي تفلح في كل ما تفعل وحيثما توجهت. 4 لكي يقيم الرب كلامه الذي تكلم به عني قائلاً إذا حفظ بنوك طريقهم وسلكوا أمامي بالأمانة من كل قلوبهم وكل أنفسهم قال لا يعدم لك رجل عن كرسي إسرائيل» ([6]).
          ولينظروا أيضاً:
          هل استدل الأنبياء المرسلون بعلمهم وكونهم ينطقون بالحكمة، أم لا ([7]) ؟
          وهل طالب الأنبياء بحاكمية الله في التوراة، أم لا ([8]) ؟
          وينظروا إلى موسى ماذا فعل مع الذين آمنوا به وقبلوه غير أنه هاجر بهم من أرض الطاغوت ليطبّق فيهم حاكمية الله في أرض أخرى ([9]).
          إذن، المسألة محسومة لكل عاقل يطلب الحق، وهي لا تتعدى القانون الذي بيَّناه واستدللنا عليه من العقل والنقل من الأديان الإلهية الثلاثة.
          ومحمد جاء بالوصية والنص من الذين قبله كما في التوراة والانجيل، وجاء بالعلم والحكمة، وبراية البيعة لله أو حاكمية الله التي طالب بها وشاء الله له أن يطبقها في بقعة من هذه الأرض.
          وهذا مثال من النص على رسول الله محمد في العهد القديم:
          التكوين - الأصحاح الحادي والعشرون:
          «فبكر إبراهيم صباحاً وأخذ خبزاً وقربة ماء وأعطاهما لهاجر واضعاً إياهما على كتفها والولد وصرفها. فمضت وتاهت في برية بئر سبع. 15 ولما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت إحدى الأشجار. 16 ومضت وجلست مقابله بعيداً نحو رمية قوس. لأنها قالت لا أنظر موت الولد. فجلست مقابله ورفعت صوتها وبكت. 17 فسمع الله صوت الغلام. ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها مالك يا هاجر. لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. 18 قومي احملي الغلام وشدي يدك به. لأني سأجعله أمة عظيمة. 19 وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء. فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام. 20 وكان الله مع الغلام فكبر. وسكن في البرية وكان ينمو رامي قوس. 21 وسكن في برية فاران».
          ولا أعتقد أنّ عاقلاً يقول إنّ عند الله كفاراً ومشركين وعبدة أصنام أمة عظيمة، أو أنّ الله يعتبر كثرة العدد أمة عظيمة، فالمراد من الأمة العظيمة - والعظمة لله سبحانه - هم الأنبياء والأوصياء ، أي المقصود بالأمة العظيمة من إسماعيل (ع) هم أنبياء وأوصياء من ذريته، وهؤلاء هم محمد وآل محمد بالخصوص خلفاء الله في أرضه ([10]).
          وهذا مثال من النص على رسول الله محمد من العهدين القديم والجديد (التوراة والإنجيل):
          حبقوق - الأصحاح الثالث:
          «1 صلوة لحبقوق النبي على الشجوية 2 يا رب قد سمعت خبرك فجزعت. يا رب عملك في وسط السنين أحيه. في وسط السنين عرف. في الغضب أذكر الرحمة 3 الله جاء من تيمان والقدوس من جبل فاران. سلاه. جلاله غطى السموات والأرض امتلأت من تسبيحه. 4 وكان لمعان كالنور. له من يده شعاع وهناك استتار قدرته. 5 قدامه ذهب الوبأ وعند رجليه خرجت الحمى».
          المعنى:
          (الله جاء من تيمان): أي الله جاء من اليمن.
          و(القدوس من جبل فاران): أي القدوس جاء من مكة ([11]).
          وتعالى الله أن يوصف بالمجيء من السماء فكيف من الأرض ؟! لأنّ الإتيان والمجي تستلزم الحركة، وبالتالي الحدوث، وبالتالي نفي الألوهية المطلقة. فلا يمكن أن يعتبر أنّ الذي يجيء من تيمان أو اليمن هو الله سبحانه وتعالى، ولا الذي يجيء من فاران هو القدوس سبحانه وتعالى. هذا فضلاً عن الأوصاف الأخرى كاليد تعالى الله عنها علواً كبيراً «وكان لمعان كالنور. له من يده شعاع وهناك استتار قدرته. 5 قدامه ذهب الوبأ وعند رجليه خرجت الحمى».
          بل الذي يجيء هو عبد الله محمد ، وآله من بعده حيث إنهم من مكة ومحمد وآل محمد يمانيون أيضاً. فمجيء محمد هو مجيء الله؛ لأنّ محمداً هو الله في الخلق، ومحمد هو ظهور الله في فاران كما بيَّنته سابقاً في أكثر من موضع.
          وكون تيمان هي اليمن قد ورد حتى في الإنجيل على لسان عيسى (ع) عندما وصف ملكة اليمن بملكة التيمن (أو تيمان) ([12]).
          إنجيل متى - الأصحاح الثاني عشر:
          «ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه. لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان. وهوذا أعظم من سليمان ههنا».
          إنجيل لوقا - الأصحاح الحادي عشر:
          «ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم. لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان».
          والعلم والحكمة التي جاء بها محمد في القرآن لا يزال كل منصف يقول إنه حكمة بالغة لا يمكن أن تكون إلا منه سبحانه ([13]).
          وأيضاً محمد طالب بحاكمية الله، بل ولما سنحت له الفرصة طبّق حاكمية الله وبيَّن بوضوح أنّ الحق في حاكمية الله، وأنّ كلَّ فرق المسلمين التي ستخرج عن حاكمية الله هي فرق ضالة. وحديث الفرقة الناجية أشهر من نار على علم، ومشهور في كتب السنة (تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة قيل يا رسول الله ! ما هذه الفرقة ؟ قال: من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي) ([14]).
          إذن، صفة الفرقة الناجية هي أنها عبارة عن قائد منصّب من الله كما كان رسول الله ، ومؤمنين بهذه القيادة الإلهية كما كان أصحاب رسول الله .
          تبقى مسألة الإشكال والجدال، فهذا يقول لماذا محمد فعل كذا، ولماذا قال كذا، ولو كان رسول لما قال هذا ولما فعل ذاك، والقرآن مخالف لقواعد العربية، وإشكالات يمكن أن توجه نفسها إلى أيِّ رسول أو كتاب أو دين إلهي آخر، وهي مردودة ([15]).
          في حين أننا لابد أن نلتفت إلى أنّ من ينتقل إلى الإشكال قبل أن يرد الدليل وينقضه ويبيِّن أنه ليس دليلاً، فهو في الحقيقة قد أقرَّ الدليل والعقيدة التي يشكل عليها وأنفذها، وإنما هو بإشكاله في طور تجليتها وإظهارها؛ لأنّ الإشكالات لا تعدوا كونها إشكالات ترد ولا قيمة لها في الحقيقة، غير أنها أداة استخفاف طاغوتية يستعملها علماء الضلال والطواغيت لاستخفاف أتباعهم وإبقائهم على اتّباعهم وتقليدهم الأعمى ليحتفظوا بمناصبهم ودنياهم. وهم بعد أن تهدم عقيدتهم الباطلة وتسقط كل إشكالاتهم يعودون إلى أتفه إشكال هدفهم منه إثارة عواطف أتباعهم تجاه آبائهم وسلفهم، وهو إشكال فرعون على نبي الله موسى (ع) حيث كان قول فرعون: ﴿... فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى﴾ [طه: 51]، فكان جواب موسى (ع): ﴿...عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى﴾ [طه: 52] ([16]).
          ]
          الحواري الثالث عشر - تعليق علاء السالم ص(21-31)

          --------------------------------------------------------------------------------

          [1]. فمثلاً: من النصوص الأساسية التي يذكرها المسيحيون للتبشير بعيسى (ع) في العهد القديم، هو ما ورد في سفر اشعيا (7: 14)، ولكنه بالنهاية رمز ولا يتضمن تصريحاً بالاسم، قال المفسر د. وليم ماكدونالد في بيان اسم عيسى: (عندئذ أعلن الملاك جنس الطفل الذي سيولد، واسمه ومهمّته. ذلك أنّ مريم كانت ستلد ابنًا، وتدعو اسمه يسوع الذي يعني "يهوه (الربّ) هو الخلاص" أو "يهوه (الربّ) المخلص". فهو سيخلّص شعبه من خطاياهم تمامًا كما يُعلن اسمه). وعن نبوءة اشعيا يقول: (إنّ نبوّة إشعياء 7: 14 تضمّنت التنبؤ بميلاد فريد: «هوذا العذراء تحبل» وبجنس الطفل، «وتلد ابنًا»، وباسم الطفل، «وتدعو (هي) اسمه عمّانوئيل». وأضاف متّى قائلاً «عمّانوئيل الذي تفسيره الله معنا». هذا ولا يوجد أي دليل يشير إلى أنّ الرب يسوع دُعي عمّانوئيل أثناء وجوده على الأرض، فلقد كان دائمًا يُدعى يسوع ..) معهد عمواس للكتاب المقدس. فيتضح أن "عمانوئيل" رمز أوّلوه في"يسوع". وأما التصريح باسمه في العهد القديم فهو غير موجود، يقول قاموس الكتاب المقدس: (الصيغة العربية للاسم العبري "يشوع" لشخصين في العهد الجديد). وأما القديم فلا وجود له فيه.
          [2]. أوضح السيد أحمد الحسن (ع) قانون معرفة خلفاء الله في أرضه في الكثير من كتبه المنشورة، وفي هذا الكتاب أشار إلى بعض النصوص أيضاً من التوراة والإنجيل. وأما من القرآن فهذا قوله (ع) في بيانه: (.. مقتضى الحكمة الإلهية هو وضع قانون لمعرفة خليفة الله في أرضه في كل زمان، ولابد أن يكون هذا القانون وضع منذ اليوم الأول الذي جعل فيه الله سبحانه خليفة له في أرضه، فلا يمكن أن يكون هذا القانون طارئاً في إحدى رسالات السماء المتأخرة عن اليوم الأول؛ لوجود مكلفين منذ اليوم الأول، ولا أقل أن القدر المتيقن للجميع هو وجود إبليس كمكلف منذ اليوم الأول، والمكلف يحتاج هذا القانون لمعرفة صاحب الحق الإلهي، وإلا فإنه سيعتذر عن إتباع صاحب الحق الإلهي بأنه لم يكن يستطيع التمييز، ولا يوجد لديه قانون الهي لمعرفة هذا الخليفة المنصب من قبل الله سبحانه وتعالى. والقدر المتيقن للجميع حول تاريخ اليوم الأول الذي جعل فيه الله خليفة له في أرضه هو: 1/ إن الله نص على آدم وإنه خليفته في أرضه بمحضر الملائكة وإبليس. 2/ بعد أن خلق الله آدم (ع) علَّمه الأسماء كلها. 3/ ثم أمر الله من كان يعبده في ذلك الوقت الملائكة وإبليس بالسجود لآدم ..) ثم ذكر الآيات من سورة البقرة (آية 30 فما بعد) وهي توضح ذلك. انظر: اضاءات في دعوات المرسلين/ الجزء الثالث - السيد أحمد الحسن.
          [3]. يقول السيد أحمد الحسن (ع) في بيان قانون معرفة خليفة الله من جهة العقل والحكمة: (.. كما أنه وببساطة: أي إنسان يملك مصنعاً أو مزرعة أو سفينة أو أي شيء فيه عمال يعملون له فيه، لابد أن يُعيِّن لهم شخصاً منهم يرأسهم، ولابد أن ينص عليه بالاسم وإلا ستعمّ الفوضى، كما لابد أن يكون أعلمهم وأفضلهم، ولابد أن يأمرهم بطاعته ليحقق ما يرجو، وإلا فإن قَصَّر هذا الإنسان في أيٍ من هذه الأمور الثلاثة فسيجانب الحكمة إلى السفه، فكيف يُجِّوز الناس على الله ترك أيٍ من هذه الأمور الثلاثة وهو الحكيم المطلق) المصدر السابق.
          [4]. الملاحظ للنصوص المذكورة يراها تشمل نوعين من النصوص:
          الأول: النص المباشر من قبل خليفة الله على من يليه مباشرة كما في المثال الأول والثالث والرابع في نص موسى على وصيه يوشع ونص داود على خليفته سليمان. والثاني: النص غير المباشر، أي نص الخليفة الإلهي على من يأتي من بعده ولو بعد زمن كما في النص الثاني. وواضح أنّ كلا النوعين كافٍ في إثبات أحقية خليفة الله عند بيان حقه للناس، وقد رأينا تصريحات علماء الكنيسة بكفاية نص إشعيا وبشارته في المولود من العذراء في إثبات حق عيسى (ع). والقرآن يؤكد ذلك أيضاً، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ الصف: 6، مع أنّ أحمد ليس الخليفة المباشر بعد عيسى (ع).
          [5]. ذكر النص مجيء الرب وإشراقه وتلألؤه الحاصل في أماكن معينة (سيناء، ساعير، فاران). وتعالى الإله المطلق عن الإتيان والمجيء الملازم للحدوث، فلا يبقى إلا أن يكون ذلك بتجليه وظهوره بخاصة من خلقه. والآن، لو تجاوزنا سيناء التي كانت محل ظهور مجد الرب لموسى (ع)، لنعرف إشراقه وطلوعه في ساعير (وهي القدس وما حولها)، فالحقيقة أنه لم يحصل ذلك في زمن موسى (ع)، بل أنّ علماء الكنيسة يعتبرون النبوءة التي تذكر ساعير أمراً مستقبلياً ونصاً رمزياً في عيسى (ع).
          وأما فاران فهي (مكة وما حولها)، التي نشأ فيها إسماعيل (ع) وبنى فيها مع أبيه الكعبة المشرفة وكانت موضع سكناه وبنيه، ومنها كان ظهور رسول الله محمد ، وسيتضح هذا أكثر عند بيان النص الأخير.
          قال السيد أحمد الحسن (ع): (وردت هذه العبارة في دعاء السمات الوارد عن الأئمة : ".. وبمجدك الذي ظهر على طور سيناء، فكلّمت به عبدك ورسولك موسى بن عمران (ع)، وبطلعتك في ساعير، وظهورك في فاران ..". وطلعة الله في ساعير بعيسى (ع)، وظهور الله في فاران بمحمد . ولابد من الالتفات إلى أنّ عبارات الدعاء مرتّبة تصاعديّاً، فمن نبي "كلّمه الله" وهو موسى (ع)، إلى نبي مثّل "طلعة الله" وهو عيسى (ع)، إلى نبي مثّل "ظهور الله" وهو محمد ) كتاب النبوة الخاتمة - السيد أحمد الحسن.
          [6]. إنّ هذه السنة الإلهية (وصايا خلفاء الله بمن يأتي بعدهم) الواضحة في النصوص المذكورة التي يؤمن بها اليهود والمسيحيون، قد أكدها القرآن كذلك، قال تعالى: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ البقرة: 132، وقال: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ البقرة: 180، وعمل بها محمد إذ أوضح في وصيته عند وفاته خلفاء الله من بعده وحددهم بأسمائهم.
          [7]. نذكر هنا بعض الأمثلة من القرآن الكريم والعهدين القديم والجديد لإثبات ذلك:
          * استدلال يوسف (ع) بالعلم والحكمة في تأويله رؤيا فرعون مصر، إذ ورد في سفر التكوين - الأصحاح 41: «15 فقال فرعون ليوسف: حلمت حلماً وليس من يعبره. وأنا سمعت عنك قولاً، إنك تسمع أحلاماً لتعبرها 16 فأجاب يوسف فرعون قائلاً: ليس لي. الله يجيب بسلامة فرعون»، ثم عبّرها له وقال: «33 فالآن لينظر فرعون رجلاً بصيراً وحكيماً ويجعله على أرض مصر». ومثله كانت رؤيا نوبخذنصر التي عجز أدعياء العلم وغيرهم عن تعبيرها فانزعج جداً وغضب، وبعد أن عبّرها له دانيال (ع) قال له: «... الله العظيم قد عرف الملك ما سياتي بعد هذا الحلم حق وتعبيره يقين 46 حينئذ خر نبوخذنصر على وجهه وسجد لدانيال وأمر بأن يقدموا له تقدمة وروائح سرور» سفر دانيال - الأصحاح 2.
          * علم عيسى وحكمته، في إنجيل متى - الأصحاح 13: «54 ولما جاء إلى وطنه كان يعلمهم في مجمعهم حتى بهتوا وقالوا من أين لهذا هذه الحكمة والقوات 55 أليس هذا ابن النجار أليست أمه تدعى مريم ..».
          والنصوص في العهدين القديم والجديد كثيرة جداً. وأما القرآن فالآيات كثيرة أيضاً، فبالعلم والحكمة عُرف إبراهيم (ع): ﴿يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً﴾ مريم: 43. وموسى (ع): ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ القصص: 14. وعيسى (ع): ﴿وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ الزخرف: 63. ومحمد : ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ الجمعة: 2.
          [8]. حاكمية الله تعني بعبارة موجزة: أنّ الله سبحانه بيده أمر التشريع وكذلك تعيين المنفذ له، ولهذا كان خلفاء الله جميعاً كلهم معيّنون من الله ليس للناس في ذلك دخل أبداً، وواجبهم تجاههم هو الطاعة والتسليم، وهذه أمثلة من العهد القديم تشير إلى ذلك، فعن موسى (ع) ورد: «14 متى أتيت إلى الأرض التي يعطيك الرب إلهك وامتلكتها وسكنت فيها فان قلت اجعل علي ملكاً كجميع الأمم الذين حولي 15 فانك تجعل عليك ملكاً الذي يختاره الرب إلهك من وسط اخوتك تجعل عليك ملكاً لا يحل لك أن تجعل عليك رجلاً أجنبياً ليس هو أخاك»سفر التثنية - الأصحاح 17.
          وعن يشوع (ع) ورد: «1 وكان بعد موت موسى عبد الرب أن الرب كلم يشوع بن نون خادم موسى .... 10 فأمر يشوع عرفاء الشعب ...قائلاً 13 اذكروا الكلام الذي أمركم به موسى عبد الرب ... 16 فأجابوا يشوع قائلين كل ما أمرتنا به نعمله وحيثما ترسلنا نذهب 17 حسب كل ما سمعنا لموسى نسمع لك إنما الرب إلهك يكون معك كما كان مع موسى 18 كل إنسان يعصى قولك ولا يسمع كلامك في كل ما تأمره به يقتل إنما كن متشدداً وتشجع» سفر يشوع - الأصحاح 1.
          وبمثله صرح القرآن الكريم في آيات كثيرة، قال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ آل عمران: 26، وقال: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة﴾ البقرة: 30. ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً﴾ النساء: 54.
          [9]. ووعدهم أنهم إن أطاعوه كانوا أمة مقدسة: «5 فالآن إن سمعتم لصوتي وحفظتم عهدي تكونون لي خاصة من بين جميع الشعوب فإن لي كل الأرض 6 وأنتم تكونون لي مملكة كهنة وأمة مقدسة ..» سفر الخروج - الأصحاح 19. ولكنهم تمردوا عليه ورفضوا أوامره، فكان نتيجة هذا العصيان أن الله عاقبهم بالتيه أربعين سنة: «11 لن يرى الناس الذين صعدوا من مصر من ابن عشرين سنة فصاعداً الأرض التي أقسمت لإبراهيم واسحق ويعقوب لأنهم لم يتبعوني تماماً 12ما عدا كالب بن يفنة القنزي ويشوع بن نون لأنهما اتبعا الرب تماماً 13فحمي غضب الرب على إسرائيل واتاههم في البرية أربعين سنة حتى فني كل الجيل الذي فعل الشر في عيني الرب» سفر العدد - الأصحاح 32.
          يقول السيد أحمد الحسن (ع): (وكان نتيجة هذا التيه العقوبة الإصلاحية خروج أمة ربانية صالحة، وهم أبناء هؤلاء الفاسقين وأحفادهم، وقد حملوا كلمة لا إله إلّا الله مع يوشع بن نون وصي موسى (ع)، وقاتلوا الجبابرة والطواغيت ونصروا دين الله في أرضه) كتاب العجل - الجزء الأول.
          [10]. وليس بوسع أحد أن يصور أنّ كل بني إسرائيل هم المقصودون بالأمة العظيمة، إذ ورد في سفر العدد - الأصحاح 14: «11 وقال الرب لموسى حتى متى يهينني هذا الشعب وحتى متى لا يصدقونني بجميع الآيات التي عملت في وسطهم 12 إني أضربهم بالوبا وأبيدهم وأصيرك شعباً أبر وأعظم منهم». ومن الإنجيل نذكر مثالاً لمصداق العظمة عند الله سبحانه وتعالى: «30 فقال لها الملاك: لا تخافي يا مريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله 31 وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع 32 هذا يكون عظيماً، وابن العلي يدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه» إنجيل لوقا - الأصحاح1. ومثل هذه العظمة ذكرت ليوحنا المعمدان (يحيى (ع)) أيضاً، فهما عظيمان لأنهما خليفتان لله. فالأمة العظيمة من ذرية اسماعيل (ع) هم محمد وآل محمد ، قال تعالى: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً﴾ النساء: 54.
          [11]. ورد في سفر التكوين (21: 21) عن سكن إسماعيل (ع): «سكن في البرية وكان ينمو رامي قوس وسكن في برية فاران وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر». وفي (25: 18) منه ورد: «وسكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر». وحويلة كما في قاموس الكتاب المقدس: (مقاطعة في بلاد العرب .. والصلة بين حويلة وحضرموت وأماكن أخرى تشير إلى موقع في وسط البلاد العربية أو جنوبها). وكون حضرموت في اليمن لا شك فيه، وأما شور فهي جنوب فلسطين بمحاذاة مصر. فالمنطقة اذن محصورة بين حدود دولة اليمن الحالية وجنوب فلسطين. وهو ما كان يعرفه اليهود جيداً، لذا نجدهم استوطنوا تلك المنطقة وبنوا خيبر في المدينة المنورة شمال مكة التابعة يومذاك لليمن جغرافياً استقبالاً منهم للنبي المنتظر الموصوف بأنه يماني.
          تعلّق الترجمة اليسوعية الكاثوليكية للكتاب المقدس على سفر التكوين (25: 18) قائلة: (أحفاد إسماعيل هم عرب الصحراء وحياتهم حياة الترحال والاستقلال وهذا يذكرنا بالعصر الجاهلي وشعره) هامش صفحة 91 - الطبعة السادسة. وهذا هو حال شبه الجزيرة العربية التي منها ظهر وجاء الرسول الأكرم محمد وتلألأ نوره.
          ثم إنّ تحديد برية فاران أمر غير محسوم لدى مفسري العهدين، وعلى من يصر منهم أنها جنوب سيناء أن يخبرنا عن حدث مهم غيَّر وجه الإنسانية ظهر من هناك بعد موسى وعيسى عليهما السلام بحيث استحق صاحبه أن يكون ظهوره ومجيئه بمثابة ظهور الله ومجيئه، وعليه أن يجيب عما ورد في سفر التكوين (17: 20): «وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرا جدا. اثني عشر رئيسا يلد وأجعله أمة كبيرة»، فأين آثار تلك الأمة العظيمة في جنوب سيناء أو أنّ الله وحاشاه أخلف وعده بنظرهم ؟!!
          قال السيد اليماني أحمد الحسن (ع): (إنّ مسألة اليماني ليست جديدة، بل محمد أيضاً كان معروفاً عند أهل الكتاب ومبشراً به على أنه اليماني، لهذا ترك اليهود أرض الميعاد المهمة جداً عندهم واستوطن كثير منهم أرض اليمن، أي المسماة باليمن تاريخياً وليس حالياً فقط، والمدينة أيضاً من اليمن. ولا يزال اليهود في اليمن مستوطنين إلى اليوم؛ لأنهم أيضاً مبشرون باليماني وينتظرونه، أي بمحمد وباليماني من ذريته، تماماً كالبشارة بأحمد وأنها تنطبق على أكثر من مصداق في أزمان مختلفة. فاليماني الأول محمد بُعث في اليمن أي في مكة لأنها من اليمن، واليماني الثاني من ذرية اليماني الأول يُبعث في المشرق في مسيرة عودة الإبراهيمية إلى موطنها الأصلي العراق. ولذا كان أكثر قبور الأئمة في العراق مع أنهم لم يولدوا في العراق، هذه مشيئة الله، ليثبتوا عودة الدين الإبراهيمي إلى العراق باليماني الموعود به في الديانات الثلاث..) رسالة في إثبات وحدة شخصية المهدي الأول والقائم واليماني - علاء السالم.
          [12]. جاء في قاموس الكتاب المقدس: ("تِيمن": الصحراء الجنوبية، انظر تيمان) وفي شرح كلمة تيمان: (تَيْمان: اسم عبري معناه "اليميني أو الجنوبي").
          [13]. كمثال: يقول الكاتب الفرنسي (موريس بوكاي) في كتابه (التوراة والإنجيل والقرآن والعلم): «أما الوحي القرآني الذي نزل عقب ستة قرون من المسيح، فقد احتفظ بالعديد من تعاليم التوراة والإنجيل اللذين أكثر من ذكرهما، بل وفرض على كل مسلم الإيمان بالكتب السابقة (سورة 4 آية 136) كما أبرز المكانة المهمة التي شغلها في تاريخ الوحي رسل الله كنوح وإبراهيم وموسى؛ وعيسى الذي كان له من بينهم مقام مرموق؛ وقد أظهر القرآن ولادته - كما في الإنجيل - كحدث معجز، كما كرم والدته مريم تكريماً خاصاً وأطلق اسمها على السورة رقم "19". ولا مفر من الاعتراف بأن هذه التعاليم الإسلامية مجهولة على العموم في بلادنا الغربية، وقد يعجب البعض من هذا ! ولكن سرعان ما يزول ذلك إذا ذكرنا الطريقة التي لُقن بها العديد من الأجيال الغربية قضايا الإنسانية الدينية، والجهالة التي تُركوا فيها تجاه كل ما يخص الإسلام..».
          [14]. حديث الفرقة الناجية مشهور وصحيح عند كل المسلمين (شيعة وسنة)، وقد ورد في: سنن أبي داود، وابن ماجة، وسنن البهيقي، والترمذي، وصحيح ابن حبان، ومسند أحمد بن حنبل، وغيرها الكثير.
          [15]. وقد أجاب السيد أحمد الحسن وأنصاره الكثير من الشبهات في الكتب المنشورة في موقع الدعوة الرسمي، والإشكال مهما بلغ لا يمكن أن يواجه به دليل رسل الله، انظر: www.almahdyoon.org
          [16]. (ما بال القرون الأولى، أي هل كان آباؤنا على خطأ ؟!) السؤال الذي يتردد على ألسنة المعترضين على أنبياء الله ورسله دائماً، فبدل أن يذعن الكبراء وأتباعهم لأدلة المرسلين يحملون الناس على مواجهة الرسل بهذه الكلمات، في ذات الوقت الذي يعجزون فيه على مواجهة بينات الرسل وحججهم، أو إقامة الدليل على ما هم عليه سوى إرث الآباء والأجداد.

          Comment

          • راية اليماني
            مشرف
            • 05-04-2013
            • 3021

            #6
            رد: قانون معرفة الحجة... كما بينه يماني آل محمد (ص)

            أحسنتم اخي حمد بارك الله بعملكم !!!

            Comment

            • راية اليماني
              مشرف
              • 05-04-2013
              • 3021

              #7
              رد: قانون معرفة الحجة... كما بينه يماني آل محمد (ص)

              و أحب أن اضيف الى موضوعكم هذه المشاركة:

              قانون معرفة الحجة.. و الإنتخابات:


              بخصوص نظام الحكم الشرعي و المرضي عند الله. و باختصار شديد فان الدين الإلهي عموما و الإسلام دين إلهي كما تعلمون، قائم على الايمان بوجود إله. و هذا الإله- الله سبحانه- هو مالك الملك؛ فالله سبحانه هو مالك الأرض و من عليها، و له الحاكمية المطلقة في ملكه. و لتنتقل الحاكمية في ملكه لغيره لا بد من أن يستخلف شخصا بعينه يدل عليه، فمن تطفل و نصب نفسه أو نصب غيره يكون غاصبا لخلافة الله و ظالما معتديا على ملك الله سبحانه و دون إذنه. و نحن..نحن نجد ان سنة الله.. أنه قد نصب فيما مضى قبل الرسول محمد صلى الله عليه وآله خلفاء له في أرضه و نصب رسول الله محمد صلى الله عليه وآله، و حتما لم يترك الله الناس دون نصب خليفة لهم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله. كما نص سبحانه و تعالى: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} الرعد:7
              أما من يقول بتخلف السنة الالهية بعد الرسول محمد صلى الله عليه وآله فعليه نقض الاستدلال على ان الملك لله لا يجوز ركوبه الا باذنه و بنص تشخيصي، ثم الإتيان بالدليل القطعي على تخلف السنة الإلهية التي دامت طيلة مسيرة الدين الإلهي من آدم (ع ) الى محمد صلى الله عليه وآله.
              هذا هو ببساطة شديدة ما نقوله و هذا ما يقوله اي منطق سليم. فأنت لا تستطيع التصرف بارض او عقار يملكه غيرك دون ان يوكلك و يستخلفك ذلك الشخص المالك للعقار و الا فستكون غاصبا و ظالما. و في الإسلام هذا هو مذهب آل محمد صلوات الله عليهم فهم يقولون ان الولاية لله و لمن ولاه الله و كل من يحكم و يتحكم بالدماء بغير طريق الولاية الإلهية المباشرة فهو غاصب و قاتل، تعلق برقبته الدماء التي تسفك و سيحاسب يوم القيامة. و كما قلت، فهذه هي سنة الله منذ آدم الى محمد صلى الله عليه وآله، و القرآن ضمن قصصه ذكر آدم كخليفة الهي و منصب من الله و ذكر داوود كخليفة الهي و منصب من الله و ذكر غيرهم... و محمد صلى الله عليه وآله بالتأكيد خليفة إلهي و منصب من الله للحكم بين الناس. و هذا الأمر أي التنصيب الإلهي مذكور أيضا في التوراة و العهد القديم الذي يؤمن به اليهود و المسيحيون، بل هذا الأمر مذكور و مؤرخ له حتى في الرقم الطينية لآبائنا في سومر و آكاد منذ آلاف السنين قبل الميلاد، و قد بينت هذا الأمر في كتاب وهم الإلحاد؛ و من سومر جاء أنبياء الله كنوح و ابراهيم و نبع الدين الإلهي. فلا يسع أحد بعد هذا الذكر و التاريخ أن ينكر أو يتنكر لحاكمية الله الا عن جهل أو عناد فهي مسألة ذكرتها كل الأديان الإلهية في ما وصلنا منها، فما وصلنا من دين نوح و إبراهيم صلوات الله عليهم في ألواح سومر يذكرها، و التوراة و العهد القديم يذكرها، و الإنجيل أو العهد الجديد يذكرها، و القرآن يذكرها، و الأحاديث النبوية تذكرها. فماذا بقي اذا؟ في الحقيقة واضح أنها سنة إلهية ثابتة بالدليل العقلي و الدليل النقلي.
              طبعا المذهب السني في الإسلام يخالف هذا الأمر لأنه مذهب قام على طاعة الحاكم كيفما كان طالما أنه تسلط على الحكم ولكن مذهبهم و اعتقادهم هذا بدون دليل. يعني هم يعتقدون ان ملك الله خرج منه سبحانه و تعالى الى كل من هب و دب دون دليل و هم يعتقدون بتخلف السنة الإلهية. نحن نقول باختصار ان من يقول بتخلف السنة الإلهية بعد الرسول محمد صلى الله عليه وآله فعليه نقض الاستدلال بأن الولاية لله و لمن ولاه الله و بنص تشخيصي، ثم الإتيان بالدليل القطعي على تخلف السنة الإلهية التي دامت طيلة مسيرة الدين الإلهي من آدم الى محمد صلى الله عليه وآله كما قلت. بالحقيقة هذا مختصر لعقيدة أهل البيت بالحكم الشرعي و التي تقول بالتنصيب الإلهي و بطلان عقيدة المذهب السني في الحكم التي تقول ان الحكم لكل من هب و دب طالما انه تسلط على رقاب الناس سواء باختيارهم ام بالقوة. ايضا احب أن اشير الى مسألة مهمة و هي أن بعض الأشخاص يصور الحكم على أنه تبليط شوارع و بناء مدارس و مستشفيات و ماشابه و هذا غير صحيح! فالحكم متضمن لأمور خطيرة كالتصرف بدماء الناس الآخرين و هذا امر يدركه كل مبصر عاقل، فكل دولة فيها شرطة و أجهزة أمنية و جيش و ربما قوات مهام خاصة إلى آخره... و هذه أدوات قتل سواء في داخل (البلد التي؟) هي فيه أم حتى في خارجه -يعني خارج ذلك البلد- أحيانا--. و لهذا فعندما نتكلم عن
              نظام الحكم نحن نتكلم عن التصرف بدماء الناس و هذه مسألة يجب ألا نغفل عنها.
              الآن بعد هذا التوضيح لقضية الحاكمية الإلهية التي نؤمن بها و التي هي عمود و مرتكز مذهب آل محمد صلوات الله عليهم، أعود الى سؤالك حول آلية الإنتخابات؛ لأن إجابة سؤالك كان -- معتمدا ان اتكلم بهذا الأمر -- لتتوضح عقيدتنا و يتبين للناس ما هي عقيدتنا -- و من أين أتينا بها عقيدتنا في الحكم. الآن أعود الى سؤالك حول آلية الانتخابات.
              الإنتخابات بحد ذاتها كآلية اختيار شخص يمثل الناس لا اشكال فيها يعني يختارون شخصا يتحدث باسمهم أو يدير مشروعا يملكونه مثلا الى آخره... أيضا لا اشكال في الانتخابات تحت ظل نظام حاكمية الله أي ان تكون السلطة بالأصل و الأساس لخليفة إلهي و يكون هو المتصرف في القضايا التي تخص دماء الناس. الإشكال هو أن يقال أو يعمل بالانتخابات لاختيار الحاكم الأصل أي الذي يتصرف بالدماء و هذا هو ما حصل في العراق، و هذا هو ما جعلنا نقول أن هذا النظام باطل من الناحية الشرعية و الدينية بحسب اعتقادنا و معرفتنا بدين الله سبحانه و تعالى، مثله مثل غيره من الانظمة. و نعتقد أن من شرعه دينيا من الفقهاء و جعل بعض شيعة آل محمد صلوات الله عليهم يتصورون أنه نظام شرعي فإنه يتحمل الدماء التي سفكت ظلما تحت مظلة هذا النظام. و طبعا نحن نرى أن من شرعوه بالأمس يحاولون اليوم تبرئة أنفسهم من أفعاله و النتائج التي تمخض عنها. على كل حال، أنا أذكر عندما دعا فقهاء النجف الناس في العراق للتصويت على الدستور و من ثم للإنتخابات بل و لانتخاب جهات بعينها، و هي التي تسببت بحالة الدمار و البؤس الذي حل بالعراق و بشعب العراق اليوم، في حينها طلبت من المؤمنين عدم المشاركة و بينت أن هذا العمل خداع لشيعة اهل البيت (ع) بجعلهم يعتقدون أن الإنتخابات هي الطريق الشرعي لاختيار الحاكم الأصل الذي يتسلط على الدماء، و بالنتيجة تسلط فلان و علان و ظنوا أن من حقهم التصرف بدماء الناس وسفكوا الدماء. و ها نحن اليوم نعيش نتائج أفعالهم فالدماء تجلب الدماء.
              أقول، أذكر في حينها عندما تكلمت بهذا الكلام، و كان لدي براني في النجف يزورني فيه الناس و بعض طلبة الحوزة، في أحد الأيام تكلم معي سيد معمم و هو وكيل لمرجعية النجف فقال لي معترضا -يعني- معترض على ما أطرحه -- في وقتها-- : " إنت ليش... -- كلامه بالعراقي -- تقريبا هذا هو كلامه... إنت ليش تعترض علينا و على دعوتنا الناس للإنتخابات في العراق و ما تعترض على الإنتخابات في ايران، ما تشوف هذا تناقض؟" هذا هو -- تقريبا كلامه في وقتها، يعني هو يعتبر أن ما أفعله أو أقوله فيه تناقض، فقلت له أنتم تدعون الناس لإنتخاب الحاكم الأصل الذي يتسلط على دماء الناس و تجعلون شيعة آل محمد (ع ) يعتقدون أن هذا هو الطريق الشرعي لاختيار الحاكم الأصل الذي يتسلط على دماء الناس؛ أما في ايران فيقولون أن هناك ولاية للفقيه تمثل امتداد لولاية الإمام المعصوم و تحت ظلها تجري الانتخابات، أي أن الحاكم الأصل المتسلط على الدماء عندهم هو الفقيه الذي يدعون له الولاية فالكلام معهم مختلف.. الكلام معهم في موضوع آخر.. الكلام معهم في أصل ولايتهم المدعاة للفقيه و هل هناك دليل عليها أم أنها مجردة من أي دليل عقلي أو نقلي؟ و طبعا هذا هو ما نعتقده، و إن ما يدعونه من ولاية للفقيه فانه عقيدة بلا دليل. و قد بينت هذا الأمر في بحث آية إكمال الدين، بحث ألقي في معهد الدراسات، و يمكنكم سماعه و الاطلاع عليه و سماع ما قلته هناك بخصوص غيبة الإمام و ادعاء من يدعون انهم نواب عامون عنه يقومون بأمر الدين أو ما شابه يعني. فالبنسبة للسبب الرئيسي الذي اضطرني للتركيز على نقد ما حصل في العراق هو أنه مورست عملية تضليل لشيعة آل محمد (ع ) و جعلهم يعتقدون بأن الإنتخابات هي الطريق الشرعي لتعيين الحاكم الأصل الذي يتصرف بالدماء؛ حتى -يعني- وصلت الوقاحة ببعضهم أن يقول للناس أن خروج المرأة للإنتخابات كخروج زينب (ع) مع الحسين صلوات الله عليه.

              لقاء الإمام أحمد الحسن (ع) عبر إذاعة المنقذ العالمي/ديترويت/ولاية متشغن الأميريكية.
              19/1/2016

              Comment

              Working...
              X
              😀
              🥰
              🤢
              😎
              😡
              👍
              👎