إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • راية اليماني
    مشرف
    • 05-04-2013
    • 3021

    مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

    مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)




    بِسْمِ اْللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيِْمْ

    وَ الْحَمْدُللهْ

    أَسْأَلُ الله الَّذِي نُؤْمِنُ بِهِ وَ نَقْطَعُ بِوُجُودِهِ أَنْ يُنْقِذَ بهِذَا الكِتاْبِ خَلْقًا كثَيْراً بفِضْلِه وََ مَنِّه، فَالبرَكَةُ مِنْهُ سبُحاَنَهُ، و هُو سُبحاْنهُ يُكْثرُ اْلقَلِيلَ وَ يُقْلِلُ الْكثِيرَ و هُوَ علَى كُلِّ شيْءٍ قَدِيرْ، وَ غَيْرَ بعِيدٍ أَنْ يتَفَضَّلَ بجُودِه و إِحسَانِهِ وَ يُبارِكَ وَ يكْثِر عمَلَ هذََا اْلعَبدِ أحْمدُ الْقَليْلَ وَ يَهْديْ بِهِ خَلْقًا كَثيْرًا.
    Last edited by راية اليماني; 23-01-2016, 23:34.
  • اميري احمد
    عضو نشيط
    • 26-06-2009
    • 547

    #2
    رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

    أحسنتم النشر وفقكم الله للخير كله
    بِسْمِ اْللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيِْمْ

    وَ الْحَمْدُللهْ

    أَسْأَلُ الله الَّذِي نُؤْمِنُ بِهِ وَ نَقْطَعُ بِوُجُودِهِ أَنْ يُنْقِذَ بهِذَا الكِتاْبِ خَلْقًا كثَيْراً بفِضْلِه وََ مَنِّه، فَالبرَكَةُ مِنْهُ سبُحاَنَهُ، و هُو سُبحاْنهُ يُكْثرُ اْلقَلِيلَ وَ يُقْلِلُ الْكثِيرَ و هُوَ علَى كُلِّ شيْءٍ قَدِيرْ، وَ غَيْرَ بعِيدٍ أَنْ يتَفَضَّلَ بجُودِه و إِحسَانِهِ وَ يُبارِكَ وَ يكْثِر عمَلَ هذََا اْلعَبدِ أحْمدُ الْقَليْلَ وَ يَهْديْ بِهِ خَلْقًا كَثيْرًا.
    [flash=http://dc15.arabsh.com/i/02141/dvu6vsqbun6f.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]

    Comment

    • راية اليماني
      مشرف
      • 05-04-2013
      • 3021

      #3
      رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

      آلة الذكاء



      قلت: إن التطور يهدف الوصول الى آلة ذكاء؛ لأن آلة الذكاء هي آلة البقاء الأفضل على الإطلاق في منافسة البقاء المحتدمة بين الجينات. و مع أن وجود سبعة مليارات إنسان على الأرض اليوم كافٍ لإثبات هذه الحقيقة. و لكن لا بأس في مناقشة هذه الحقيقة باختصار للتوضيح. فنحن حتى لو فرضنا أن الطفر الجيني عشوائي منذ البداية سنقول إنه حتماً لا بد أن يوفر جينة مؤهلة لبناء آلة ذكاء. و ليس المقصود بآلة الذكاء هنا الدماغ الحالي للإنسان و الحيوانات بل مقصدنا أي شيء يمكن أن نتصوره كبداية للدماغ الحالي للإنسان مثل خلية عصبية واحدة، و أكيد أن من يمتلكون آلات الذكاء هم المفضلون في المنافسة و سيكون نصيبهم من البقاء أكبر و من ثم لو انتقلت المنافسة بين من يمتلكون آلات الذكاء فستكون الكائنات التي تمتلك آلة ذكاء توفر ذكاءً أكبر هي الفائزة في سباق البقاء للأفضل و هكذا، ففي التطور بداية آلة الذكاء حتمية و تحسين آلة الذكاء مع الزمن أيضاً أمر حتمي، و بهذا يمكننا أن نقول: إن آلة الذكاء هدفٌ حتمي للتطور أي يمكن أن نختصر و نقول التطور يهدف الوصول للذكاء.



      و أود التنبيه إلى أني لا أقول: إن أي منافسة تجري بين الأفراد ستكون نتيجتها لصالح الفرد الذكي بل حتى بين الأنواع ، و لكني أقول: إن جينة بناء آلة الذكاء هي المفضلة في المنافسة و هي الفائزة في السباق حتماً.
      فالفرد الأذكى أو الذي يمتلك آلة ذكاء أفضل ربما يخسر أمام فرد أقلّ ذكاء أو يمتلك آلة ذكاء أدنى أو حتى لا يمتلك آلة ذكاء نتيجة حيثيات المواجهة و ظروفها.
      و لكنّ جينة بناء آلة الذكاء متى ما وجدت و دخلت إلى مجموع الجينات التي تبني الكائنات الحية، فلا يمكن أن تخسر في المنافسة أمام الجينات الأخرى، و لا يمكن أن تخرج من مجموع الجينات العاملة على بناء الكائنات الحية بل ستتقدم و بتسارع ٍ ملحوظ يزداد مع الزمن؛ لأن الفرق بينها و بين الجينات الأخرى في المنافسة على البقاء أو التقدم و إحراز موقع الصدارة كبير.



      و المنافسة بين الجينات لا تتوقف عند المنافسة على البقاء، بل هناك منافسة بين الجينات على موقع الصدارة في المجموعة الجينية التي تبني أجسام الكائنات الحية، فهي تسعى لتكون الأكثر عدداً و إن كان تنافسها بصورة غير واعية و لا مدركة، بل هو تنافس يمر من خلال قانون التطور العام و خاضع له.

      وهم الإلحاد ص.198-199

      Comment

      • راية اليماني
        مشرف
        • 05-04-2013
        • 3021

        #4
        رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

        الخريطة الجينية



        يمكن تعريف الجين على أنه معلومةٌ معينة مكتوبةٌ بلغةٍ ذات نظام رباعيّ من النوكليوتيدات يمكن أن تنتقل بالنسخ عبر الأجيال كاملةً أو مجزأة.

        و كما أن نظام أو لغة الكمبيوتر ثنائية و هي عبارة عن لغة صفر واحد، كذا اللغة الجينية رباعية تتكون من أربعة أنواع من النوكليوتيدات و يرمز لها بالأحرف الأربعة (A_T_C_G) ، و هذه النوكليوتيدات تترتب بسطرين طويلين ملتفين و مترابطين لتكون الكروموسوم، فالكروموسوم عبارةٌ عن ملفٍ كبير يحوي معلومات كثيرة مكتوبة بلغة رباعية نوكليوتيدية. و هذه المعلومات تسمى الجينات، و الجينات هي التي تعطي لكلِّ كائنٍ حيّ شكله و نظام عمله و شكل و نظام عمل كلِّ جزءٍ فيه من الشعر و الجلد و شكل الأصابع و الأطراف و حتى القلب و الدماغ و الجهاز الهضمي و التنفسي و من الأوراق و الزهور و الثمار و حتى الجذور.



        فالجينات هي عبارةٌ عن لغة نقل لخريطة عندما يتمّ تنفيذها يتكوّن الكائن الحيّ و عندما يتم تنفيذ بعضها يتكون جزءٌ من الكائن الحيّ، فكلّ إنسانٍ مثلاً لديه في كلّ خلاياه خريطةٌ جينية موحّدة ولكنْ و هو جنينٌ في بطن أُمّه عندما كان يُراد تنفيذ الكبد يُعمل جزءٌ من هذه الخريطة و يُنفَّذ فيتكوّن الكبد و عندما يُراد تنفيذ القلب يُعمل جزءٌ آخر من هذه الخريطة الجينية و يُنفَّذ القلب وهكذا الأمر بالنسبة للغدد.

        و يمكن تصوّر أن يظهر جينٌ جديد في المجموعة الجينية المنتشرة على الأرض بطرق :

        أولاً: عندما يحصل طفر أثناء عملية نسخ الجين فيتمّ تبديل أحد النوكليوتيدات بآخر أو لِنَقُل أحد الاحرف الأربعة بآخر فيتغير الجين و يصبح أمراً آخر و كلمة جديدة. فمثلاً : لو كان عندنا جين تسلسلهُ التالي (AAAGCCCTGCCC) فتحصل طفرة و يتبدل أحد أحرف A بآخر و هو G فيصبح الجين الجديد (AAGGCCCTGCCC) ، و بعضهم يعلّل الطفر الذي يحصل هنا بأنه خطأٌ في النسخ.

        و ثانيًا : عندما يحصل طفر جيني نتيجة انفصال مقطعٍ جيني سواء كان يمثل جزءاً من جين أو جيناً كاملاً أو حتى أكثر من جين، و هذا المقطع الجيني الذي هو عبارةٌ عن مجموعة



        نوكليوتيدات إمّا ينقلب في مكانه، أو أنه ينتقل إلى موضعٍ آخر في نفس الكروموسوم، أو أنه ينتقل إلى كروموسوم آخر ويرتبط به، و بحسب الأمر الأخير يكون ما حصل كأنك أخذت صفحة أو مجموعة صفحات من كتاب الفيزياء و وضعته في كتابٍ آخر مثل التاريخ أو الرياضيات أو الكيمياء.

        ثالثاً : إنتاج جينات جديدة أثناء عملية التكاثر الجنسي نتيجة مقايضة الجينات الأصغر بين مجموعتي الأب و الأم الجينيتين.

        فمثلاً : أيّ طفل يأخذ من أبيه عن طريق الحيمن 23 كروموسوماً و من أُمه عن طريق البويضة 23 كروموسومًا، و هذه الكروموسومات الثلاث و العشرون في الحيمن هي عبارة عن خليط من كروموسومات الأب ال 46 التي حصل على نصفها من أُمه و نصفها من أبيه فلديه كروموسوم مكرّر من ناحية التخصص و العمل فيكون عنده كروموسوم 1م من الأم و كروموسوم 1ب من الأب يحملان معلومات مختلفة لكن عن الأجزاء نفسها



        فمثلاً : إذا كانت الجينة رقم 1 في الكروموسوم 1م مسؤولة عن تركيب الجلد فتكون أيضاً الجينة رقم 1 في الكروموسوم 1ب مسؤولة عن تركيب الجلد ولو كانت الجينة 1-1م مسؤولة عن لون الجلد فتكون الجينة 1-1ب مسؤولة عن لون الجلد أيضاً و كل منهما تعطي لونًا مختلفًا. و ما يحصل عندما ينتج الجسم الحيمن أنه لا يضع فيه كروموسومات الأب كاملةً (الكروموسومات ب) ولا كروموسومات الأُم كاملةً (الكروموسومات م)، بل كل كروموسوم في الحيمن يكون عبارة عن ملفٍ جديد تماماً يحمل بعض الصفحات من كروموسومات أُم الرجل (م) و بعض الصفحات من أبيه (ب) بحيث أن الكروموسوم الجديد لا يشبه أي كروموسوم للرجل بل هو كروموسوم جديد يحمل المعلومات بترتيب جديد وكل حيمن ينتجه الرجل يحمل مجموعة كروموسومات جديدة لا تشبه كروموسومات أبيه ولا جده لأبيه ولا جدته لأبيه، و كذا بالنسبة للبويضة فعندما تنتج المبايض البويضة تقوم بنفس الشيء فتأخذ نصف الـ 46 كروموسومًا التي ورثتها المرأة عن أُمها و أبيها ولكن كل كروموسوم من الـ23 التي ستحتويها البويضة لن يكون أحد كروموسومات أُم المرأة (م) ولا أحد كروموسومات أبيها (ب) التي ورثتها عنهما بل سيكون كروموسوم جديد عبارة عن خلطة من الاثنين المتماثلين القائمين بالمهمة من الـ 46 كروموسومًا أي أن الكروموسوم الجديد هو كتاب جديد يحوي صفحات من الكتابين القديمين لأب و أُم المرأة.

        و للتوضيح أكثر: لنعتبر الكروموسومات عبارة عن كتب مدرسية، فكلّ إنسان سواء كان رجلاً أم امرأة لديه 23 كتابًا من أبيه و 23 كتاباً من أمه في كلّ خليّة من خلايا جسمه، و كلّ كتابٍ حصل عليه من أبيه يوجد له نظير حصل عليه من أمه ولكن المحتوى مختلف، فمثلاً : لديه كتاب جغرافيا من الأب و كتاب جغرافيا من الأم ولكنّ محتواهما مختلف ولديه كتاب تاريخ من الأب و كتاب تاريخ من الأم مختلفان و كتاب فيزياء من الأب و كتاب فيزياء من الأم مختلفان وهكذا حتى نصل إلى 23 زوجا و عندما ينتج الرجل الحيمن فإنه يضع فيه فقط 23 كتاباً (كروموسوم) و بهذا فهو يأخذ كتاب الجغرافيا الذي حصل عليه من أبيه ولكنه لا يضعه كما هو في حيمنه بل يرفع منه بعض الصفحات و يأتي بصفحات من كتاب الجغرافيا الذي حصل عليه من أمه و يضعها بدل الصفحات المرفوعة في كتاب جغرافيا الأب، وبنفس الطريقة توضع صفحات الأب المرفوعة في كتاب جغرافيا الأم كتعويض عن الصفحات التي رُفعت وبهذا نحصل على حيامن تحمل فقط 23 كتاباً ولكنها ليست ككتب الأب و الأم ، بل هي شيءٌ جديد عبارة عن خلطة بين الاثنين.


        كتاب وهم الإلحاد ص.203-205
        Last edited by راية اليماني; 25-01-2016, 06:56.

        Comment

        • راية اليماني
          مشرف
          • 05-04-2013
          • 3021

          #5
          رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

          هل الطفر الجيني عشوائي مئة بالمئة؟



          مخالفنا أو من يريد إنكار وجود الله لا يمكنه أن يثبت بدليل قاطع أن الطفر الجيني أو التغيير المستمر في الجينات والذي يتمحور حوله التطور هو تغير أو طفر عشوائي دائماً كما يدعي، وغاية ما في الأمر أنه يعتبره عشوائيا؛ لأنه لم يثبت لاعشوائيته، وهذا يعني أن كلا الاحتمالين وارد علميا، فيمكن أن نقول: إنه عشوائي، ويمكن أن نقول : إنه لاعشوائي بل قانوني و منظم أو أنه خليط من عشوائي و لاعشوائي ضمن سلسلة الاحتمالات الكبيرة جداً التي تحتملها سلاسل الحوامض الأمينية.


          و لتتوضح هذه النقطة أكثر، أي ابتداء أن احتمالية لاعشوائية الطفرة الجينية يساوي احتمالية عشوائيتها.

          أقول: إن عدد احتمالات الطفرات الجينية المحتملة في الطبيعة هو عدد هائل حتى يمكننا أن نقول إنه عدد لا يسعه عمر الحياة إلى الآن بل عمر الكون أمامه ضئيل جدا، و لا أعتقد أن هناك ضرورة لإعادة الأرقام الفلكية و الهائلة المتعلقة بالجينات و التي بينت بعضها في الهيموجلوبين،



          و هذا العدد الهائل يجعل من المستحيل بالنسبة لنا نحن المحددين بهذا العمر تمييز النظام و اللاعشوائية لو كانت موجودة، فنحن إنما نعرف أن هناك لاعشوائية في الطفر أو التغير الجيني من خلال تكرر الطفر بانتظام بحيث يقرأ لنا هذا التكرار لاعشوائية النظام، و بما أن هذا التكرار المنتظم ليتحقق يحتاج فترة زمنية هائلة أكبر من حدود الزمن التي نعرفها فضلاً عن أن تقع في حدود الزمن التي يمكننا مراقبتها، إذن فيستحيل أن نحكم بقطع و جزم بلاعشوائية الطفر أو التغير الجيني الذي يتمحور حوله التطور، أو أن نحكم بعشوائيته كما فعل دكتور دوكنز؛ لأن إثبات العشوائية أيضاً يحتاج أن نفحص نفس الدورة الزمنية الهائلة لنثبت عدم التكرر و العشوائية، و لا يكفي وجود بعض الطفرات العشوائية للحكم، فقطع د. دوكنز و غيره من علماء الأحياء و الجينات بالعشوائية التامة هنا مجرد مجازفة لا دليل علمي عليها إلا وجود بعض الطفرات العشوائية نتيجة القصف الإشعاعي للحمض النووي مثلاً بينما وجود هذه الطفرات العشوائية ليس دليلا على أن كل الطفر الجيني عشوائي.



          إذن، فالأمر بالنسبة لنا و بحدود الحياة التي نعرفها مشكك بين العشوائية و اللاعشوائية ولا يوجد أي سبب علمي لترجيح العشوائية، وبما أن القطع بعشوائية الطفر أو التغير الجيني غير ممكن و غير صحيح فيثبت بالتبع أن القطع بأن التطور أعمى أو لا يرى الهدف النهائي مجرد حكم جزافي بلا دليل عليه.


          إذا انتهينا من هذا الأمر نقول : الآن وصلنا إلى أن الجزم بأن التطور غير هادف قد تبين أنه مجرد حكم جزافي بلا قيمة علمية حقيقية وإنما هو مبني على نفي إمكانية اثبات عكسه فقط، فهل من المعقول مثلاً عندما لا تتوفر لدي أدلة كافية لإثبات أن د. دوكنز ملحد نقوم بالحكم عليه بأنه مؤمن؟!

          في الحقيقة، إن هذا هو ما فعله د. دوكنز بالنسبة لتغير الخريطة الجينية أو الطفر الجيني الذي يمثل الركيزة الأساسية للتطور، والذي يمكن أن يشكل أحد أصول النزاع بيننا وبعض العلماء الملحدين حيث إن إثبات قانونية لاعشوائية التغير أو الطفر الجيني يعني أنه مقنن وهادف وبالنتيجة يعني وجود إله قننه و يريد تحقيق غاية معينة منه، والعكس أيضاً يحتاج إثباتا وهذا ما تجاوزه دوكنز وكرر مرات أن التغير الجيني أو الطفر الجيني عشوائي دون أي دليل علمي هكذا فقط لأنه يريد إنكار وجود إله فقد قرر الحكم بعشوائية الطفر أو التغير الجيني من ألفه إلى بائه بناءً على طفرات عشوائية يمكن أن تحدث بسبب الانقسام الجنسي لإنتاج خلايا جنسية أو بسبب خطأ في النسخ أو بسبب القصف الإشعاعي الكوني.



          إذن، الحكم بعشوائية ولاعشوائية التغير أو الطفر الجيني يجب أن يأتي من الخارج، و الموجود في الخارج وهو نتيجة التطور التي نعرفها و نراها، ترجح أن الطفر أو التغير الجيني حصل و يحصل ضمن قانون ولاعشوائي.

          فالخريطة الجينية الأولى مركبة وفق قانون قد أدى إلى نظام متكامل هو الحياة و الأيض و القدرة على إنتاج الطاقة و التكاثر و السير نحو التحسين و تسارع الطفر الجيني عند التنويع و سكونه أو بطئه في فترات أخرى أو أنواع أخرى و فوق هذا كله أنتج آلة الذكاء، فلا يمكن الحكم بأن الخريطة الجينية بلا مقنن رغم أنها مقننة، ولا يمكن أنها بلا منظم رغم أنها منظمة، ولا يمكن أنها بلا متكلم رغم أنها لغة تفهمها و تترجمها مصانع الحياة في الخلية إلى بروتينات مثلاً، و سيأتي التفصيل.


          《 فالاشياء الحية هي مجموعة من الجزيئات، مثل أي شيء آخر وما هو خاص هو أن الجزيئات توضع معا في أنماط على درجة من التعقيد أكبر كثيراً مما في الأشياء غير الحية، ووضعها معا هكذا يتم باتباع برامج، أي مجموعات من التعليمات عن كيفية النمو، تحملها الكائنات الحية معها من داخل انفسها، ولعلها بالفعل ترعش و تخفق و تنبض بالاستثارة و تتوهج بالدفء الحي ولكن هذه الخصائص كلها تنبثق اتفاقا أما ما يكمن في لب كل شيء حي فهو ليس باللهب، ولا بدفء الأنفاس، ولا بشرارة الحياة. إنه المعلومات. و الكلمات، و التعليمات. و إذا أردت استعارة من مجاز فلا تفكر في النيران و الشرر و الأنفاس. و إنما فكر بدلاً من ذلك في بليون من الأحرف المرقومة المحفورة في أقراص من البلور و إذا أردت أن تفهم الحياة فلا تفكر في هلاميات و نزات رعاشة خفاقة و إنما فكر في تكنولوجيا المعلومات.》(1)


          ___________________________
          (1) المصدر (دوكنز-صانع الساعات الأعمى ) : ص 161


          وهم الإلحاد ص.205-207
          Last edited by راية اليماني; 25-01-2016, 20:56.

          Comment

          • اميري احمد
            عضو نشيط
            • 26-06-2009
            • 547

            #6
            رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

            بسم الله الرحمن الرحيم
            والحمدلله والصلاة والسلام على محمد وال محمد الائمة والمهديين عليهم السلام
            أحسنتم النشر وفقكم الله للخير نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعل طفراتنا الجينية بعد الايمان بالامام احمد الحسن عليه السلام منه وبرحمته صلوات ربي عليه وننال تلك المسحة المباركة وتتم فيها عقولنا هو وليي وهو يتولى الصالحين
            والحمدلله
            [flash=http://dc15.arabsh.com/i/02141/dvu6vsqbun6f.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]

            Comment

            • راية اليماني
              مشرف
              • 05-04-2013
              • 3021

              #7
              رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

              المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اميري احمد مشاهدة المشاركة
              بسم الله الرحمن الرحيم
              والحمدلله والصلاة والسلام على محمد وال محمد الائمة والمهديين عليهم السلام
              أحسنتم النشر وفقكم الله للخير نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعل طفراتنا الجينية بعد الايمان بالامام احمد الحسن عليه السلام منه وبرحمته صلوات ربي عليه وننال تلك المسحة المباركة وتتم فيها عقولنا هو وليي وهو يتولى الصالحين
              والحمدلله

              أحسن الله اليكم اخي اميري احمد . امين رب العالمين. جزاكم الله خيرا على المرور و التعليق.!

              Comment

              • راية اليماني
                مشرف
                • 05-04-2013
                • 3021

                #8
                رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

                بحث في حمل مريم (عليها السلام ) بذكر (عيسى عليه السلام ) :

                و هنا عدة إشكالات يطرحها الملحدون على ولادة عيسى (عليه السلام ) من مريم من غير أب، و لعلّ أهمّها:



                كيف وجدت بويضة كاملة الكروموسومات (46) كروموسومًا، مع أن الطبيعي أن يكون فيها نصف عدد الكروموسومات؟!!!
                كيف تحفزت البويضة الكاملة الكروموسومات للانقسام، مع أننا في المختبر في جنين الاستنساخ فإن البويضة إذا بدلت نواتها بنواة مكتملة الكروموسومات فنحتاج لتحفيز خارجي لتبدأ بالانقسام و النمو؟!
                كيف نتج عنها ذكر مع أنها بيضة من أنثى، و الطبيعي أن تكون كروموسومات الجنس للأنثى هي (xx) و بالتالي لا يوجد فيها الكروموسوم (y) الذي يمكن أن ينتج عنه ذكر، أي أن الانثى لا يمكن أن تنتج ذكراً، والذي يحدد جنس الذكر هو الذكر؛ لأنه يحمل كروموسومات (xy) ؟



                قبل أن نبدأ بالكلام عن رد هذه الإشكالات هناك أمر لا بد من بيانه باختصار وهو جنس الجنين وكيف يُحدد، فالإنسان الطبيعي لديه (46) كروموسومًا، و إذا كان أنثى فلديه كروموسومَي الجنس (xx)،
                و إذا كان ذكرًا فلديه كروموسومَي الجنس (xy)،
                فالأُنثى العادية يكون رمزها عادةً (xx46). و الذكر العادي يكون رمزه عادةً (xy46).

                و انقسام الكروموسومات عند التكاثر بسبب توفر مجموعتين من الحيامن هما: نوع(x) و نوع(y)، و البويضة تكون نوعاً واحداً و هو(x)؛ لأن الأنثى ليس لديها كروموسوم(y). و عند الإخصاب يتكون الجنين من اجتماع حيمن و بويضة.
                فإذا اجتمع حيمن(y)و بويضة(x)يكون الناتج ذكراً.
                و إن اجتمع حيمن(x)و بويضة(x)يكون الناتج أنثى.
                هناك طفرة جينية تؤثر في مستقبلات الاندروجين أو كما تسمى متلازمة هرمون التذكير لدى الجنين(xy46) ،و هذه الطفرة تحجم أثر الجين الجنسي الذكري، و بهذا يتكون جهاز تناسلي انثوي و بحسب نوع الطفرة و مدى أثرها في مستقبلات الاندروجين تكون حالة المصاب بهذه المتلازمة ، فقد يكون بأعضاء ذكرية و أنثوية غير متكاملة و قد يكتفي باحدهما، و لكن عموماً تكون هناك مظاهر أنثوية.



                و إذا عانى الجنين الذي يحمل جينات ذكرية أي(xy46) من متلازمة حساسية الاندروجين مكتملة فإنه يكون أنثى من الخارج تماماً، و حتى يصعب تشخيص الحالة مبكراً دون فحص دقيق عادةً، فيكون لدى الجنين أعضاء أنثوية ظاهرية فهو أنثى عادةً و لكنها بدون رحم و مبايض أي أنها أنثى بجهاز تناسلي انثوي غير مكتمل، و أيضاً لديها جهاز تناسلي ذكري ضامر مدفون في البطن.
                ما يهمنا هنا هو أن هذه المتلازمة دليل واضح على امكان أن يكون هناك جنين(xy)،
                ولكن لا أثر لكروموسوم(y) فيه تماماً، بحيث إنه يصبح أنثى مكتملة بأعضاء تناسلية تامة، و بهذا فإن مسألة إنتاج ذكر من خلايا هذه الأنثى دون تدخل ذكر يكون أمر طبيعي و متوافق مع العلم لأنها تحمل كروموسومات(xy46).
                و بالنسبة لولادة عيسى (عليه السلام ) من مريم (عليها السلام ) نحن لا نقول: إنها مسألة طبيعية تماماً، و لكن كل الإشكالات المتقدمة ليست من المستحيلات العقلية أو العلمية و يمكن تفسير بعضها علمياً بسهولة.



                فمثلاً : كون الانثى لا تحمل كروموسوم(y)الذي يحدد جنس الجنين الذكر قضيةٌ صحيحة، ولكن هناك نوع من الشذوذ الجنسي أو ما يسمى متلازمة الاندروجين أو متلازمة الحساسية من الاندروجين او متلازمة مقاومة هرمون التذكير الاندروجين، و في هذه المتلازمة يكون الجنين يحمل الكروموسومات الجنسية(xy) و مظهره الخارجي أنثى، ونحن نقول: يمكن أن تحدث هذه المتلازمة بصورة متطرفة مع جنين معين بحيث تكون أنثى بأعضاء تناسلية مكتملة ومع هذا فهي(xy) .
                و بهذا يُحل إشكال أن الانثى لا تنتج لوحدها غير الأنثى.
                أما مسألة بويضة مكتملة الكروموسومات، فهذه مسألة يمكن أن تحصل نظرياً و يذهب عدد كروموسومات كامل لبويضة معينة خصوصاً بالنسبة لحالة شاذة هي أنثى بمجموعة كروموسومات (xy46) .
                و أما مسألة تحفيز البويضة على الإنقسام، فيمكن أن يتم بواسطة حزمة من الإشعاعات التي تحيطنا و تقصف أجسامنا من كل اتجاه و تسبب في بعض من الأحيان عندما تكون طاقتها كافيةً شذوذاً و طفراً جينيًا لخلايا بعض الناس فيصابون بمرض السرطان،



                و مسألة تحفيز البويضة على الإنقسام بسببٍ خارجيّ مستخدمة فعليا في المختبرات في عملية الاستنساخ حيث في الاستنساخ بعد استبدال نواة البويضة بنواة خليةٍ كاملةِ الكروموسومات يتمّ بعدها تحفيز البويضة على الإنقسام بصورةٍ صناعية و بسببٍ خارجيّ في المختبر.



                إذن، فهذه الإشكالات كلها مردودة، ويمكن أن تُعلَّل علمياً وبصورةٍ جيدة جداً.
                و هناك إضافة إلى ما تقدَّم، متلازمة كلاينفيلتر وهي عبارةٌ عن زيادةٍ في عدد الكروموسومات الجنسية الأنثوية(x) ،فيكون عادةً رمز المصاب(xxy47)أو(xxx47)، أي أن لديه كروموسوم(x)زائد وهناك حالات متطرفة من هذه المتلازمة حيث يكون عدد الكروموسومات(xxxxy49)حيث تكون الأم مصابة بتضاعف كروموسوم(x)، فلما يصاب ابنها يكون مصاباً بتضاعف مضاعف لكروموسوم(x)، و أيضاً هناك حالة يكون فيها خليط و فسيفساء كروموسومات فيكون حال المصاب بمتلازمة كلاينفلتر هو (xxy47/xx46)، و في كلا الحالتين الأخيرتين وخصوصاً الأخيرة نادرة الحدوث جداً يمكن أن نفرض أنها اجتمعت مع متلازمة حساسية الاندروجين وكان ناتج اجتماع المتلازمتين أنثى مكتملة الأعضاء التناسلية وفي نفس الوقت تحمل الكروموسوم(y) الذي لم يؤدي أي دور في التأثير على جنس الجنين.

                كتاب وهم الإلحاد ص.188-191

                Comment

                • راية اليماني
                  مشرف
                  • 05-04-2013
                  • 3021

                  #9
                  رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

                  فصل الخطاب "التطور هادف" :



                  لدينا جينات و طفر جيني و قانون البقاء للجينة الأفضل أو يمكن أن نقول: للكائن الأفضل، فالفرق بين الجينة و الكائن كالفرق بين خريطة بناء البيت و البيت نفسه و قانون البقاء للجينة المفضّلة يَصقُل هذه الجينات. ونحن نعلم الآن بشكل قَطْعي أنّ آلة البقاء الأفضل بالنسبة للحياة الأرضية على الإطلاق هي آلة الذكاء (الدماغ)، ورغم أنّ كلفة آلة الذكاء أو الدماغ الاقتصادية عالية جداً على الكائن الحي حيث أنه يحتاج كمية غذاء كبيرة ولكنّ التطوّر بالنتيجة مجبر على أن يسير بهذا الاتجاه أي أن يطوّر آلة الذكاء.

                  فطالما أنّّ الطفر الجيني موجود منذ البداية فلا بد أن تتوفر جينات بناء آلة الذكاء (الدماغ مثلاً) عاجلاً أم آجلاً حتى و إن كان الطفر الجيني عشوائيًا تماماً.

                  وبما أنّ قانون البقاء للجينات الأفضل أو للكائن الأفضل (1) هو الحاكم في عملية التطور، إذن فالنتيجة أننا الآن يمكننا الجزم بأن التطور منذ البداية متّجه وهادف لإنتاج آلة ذكاء أو كائن ذكي، فالتطور إذن هادف.



                  و أعتقد أنّ هذا الاستدلال التام كافٍ لنقض نظرية د. دوكنز الاِلحادية ضمن نطاق الحياة الأرضية القائمة على أن التطور غير هادف على المدى البعيد.

                  والحقيقة، إننا لو أردنا التوسّع في حكمنا المتقدم أكثر و نعمّم الحكم على أي نوع حياة يمكن أن نتخيله فيمكننا أن نجزم - بناءً على قانون التطور المعتمد على طفر المتضاعفات أو آلات النسخ و انتخاب الأفضل منها - أن أي حياة سواءْ كانت كحياتنا الأرضية - مبنية على الماء والكربون والنتروجين والمواد الكيميائية الأخرى - أم كانت في كوكبٍ آخر أو كونٍ آخر و مبنية على الأمونيا بدلَ الماء، أم على السليكون بدل الكربون - لأنه قادر على تكوين سلاسل طويلة كالكربون- فستكون نتيجتها الحتمية هو إنتاج آلة الذكاء، هذا هو الهدف الحتمي للتطور بحسب القانون الذي نعرفه الآن، ولا يمكن أنْ تحيد أيّ حياة أو متضاعفات أو آلات نسخ وتطور عن الوصول إليه عاجلاً أم آجلاً.



                  مع العلم أن المتوقع من أي حياة أخرى في كوننا الاعتماد على الماء والكربون؛ لأن الماء يعتبر حالة سائلة مثالية لاستضافة الحياة حيث تقلّ كثافته عند الانجماد و يطفو وبهذا يسمح الجليد للحياة أن تستمر في الماء السائل تحته وهذه العناصر الأربعة الهيدروجين و الاوكسجين و النتروجين و الكربون هي الأكثر وفرة في الكون والكربون دون غيره قادر على تشكيل سلاسل ضعيفة يمكن أن تُكسر بسهولة وهذا مناسب للأرض و الحياة بعكس سلاسل السليكون.

                  هكذا نكون قد وصلنا إلى فصل الخطاب وحسم الخلاف حول إمكان إثبات وجود ربّ أو إله بحسب نظريّة التطور، فقد أثبتنا للحياة صفة الهدف و أنها هادفة و التطوّر هادف، و حيث إن صفة الأثر دالة على صفة المؤثر فيثبت للمؤثر صفة أنه هادف و مدرك و عالم ، و بهذا أثبتنا وجود مؤثر هادف و مدرك و عالم، و بالنتيجة يَثبُت وجود ربّ أو إله سواء كان هو المؤثر المباشر أم كان المؤثر المباشر أثر من آثاره دالٌّ عليه بصفته أيضاً، أيْ صفة الهادف التي أثبتناها، وهذا بحدّ ذاته كافٍ لنقض النظرية الالحادية الحديثة المبنية على أساس أن التطور غير هادف على المدى البعيد.

                  وهم الإلحاد ص.196-197

                  Comment

                  • راية اليماني
                    مشرف
                    • 05-04-2013
                    • 3021

                    #10
                    رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

                    مقولة أن حواء خلقت من ضلع آدم...في مواجهة علمية :




                    علمياً معنى أن حواء خلقت من جزء من آدم ، أي أنها تمتلك خريطته الجينية كاملة و هذا يعني أنها ستكون ذكراً أيضاً. ولهذا نحتاج معجزة هنا لتغيير كروموسوم تحديد الجنس (y) إلى (x) ليكون الناتج أنثى (xx) و ليس ذكراً (xy).

                    ولكن القصة لا تنتهي هنا، فبما أنهم يقولون : إن الذرية محصورة بآدم و حواء فالمفروض أن يكون كل البشر متطابقين في كل شيء والفرق الوحيد بينهم هو فقط الجنس (إناث - ذكور) أي المفروض أن نكون جميعنا نسخة واحدة لا يفرق بيننا سوى تحديد نوع الجنس ، اللهم إلا أن يقروا الطفر الجيني و التطور و يقولوا: إن هناك تطورا أدى إلى تغير الخريطة الجينية، أي بعد آدم وحواء حصل طفر و تحول في صفات الذرية!


                    والحقيقة، إن اطروحتهم طريقها مسدود وهذا هو منفذهم الوحيد، ولكن هذا يعني أنهم يعترفون بنظرية التطور، وهذا ينقض غزلهم و اطروحتهم أن حواء خلقت من آدم، حيث لا يمكنهم أن يقولوا : إنهم يعترفون فقط بتطور بحدود الجسم الإنساني؛ لأن الانتواع أو التنويع تحصيل حاصل لتراكم الطفر و الإنتخاب مع الزمن، فمن يقر الطفر و تبدل الصفات لا يمكنه إنكار الانتواع كنتيجة حتمية يصل لها مع مرور الزمن، فلا سبيل لقبول ربع أو نصف التطور فإما قبوله كاملاً أو إنكاره جملة وتفصيلاً؛ حيث لا يوجد أي سبب منطقي للقول السفيه إن التطور بحدود النوع الواحد ممكن ولكن لا يمكن أن يؤدي إلى إيجاد نوع جديد، فالذي يقول هذا الكلام يقوله بسبب جهله بعلم الجينات و بعلم الأحياء التطوري.

                    يبقى أنه ربما يقول بعضهم: إن الجزء الذي أخذ من آدم بدلت كل خريطته الجينية ومن ثم خلقت منه حواء، وهذا يعني أنه لو أخذت المواد الكيميائية التي بنيت منها خريطة حواء الجينية من أي موضع آخر في الأرض فالأمر سواء، فما الداعي و ما الحكمة أن تأخذ من جسم آدم (عليه السلام) ثم تهدم و تبقى من جديد، أما كان الأولى أخذ المواد الأولية من أي مكان في الأرض و تبنى خريطة حواء الجينية دون الحاجة إلى الهدم!

                    الحقيقة، إنه لا يوجد حل منطقي لهذه المعضلة سوى ما بينته في تفسير الآية وهو أن القضية في السماء في جنة آدم (عليه السلام) و متعلقة بالنفس و ليس الجسد.


                    وهم الإلحاد ص.187

                    Comment

                    • راية اليماني
                      مشرف
                      • 05-04-2013
                      • 3021

                      #11
                      رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)




                      نظرية التطوّر و القرآن :

                      نظرية التطوّر عبارةٌ عن نظرية علمية، ولهذا فنحن عندما نورد نصوصًا دينية متوافقة معها فهذا لا يعني أننا نريد إثبات نظرية التطور من خلال النص الديني، بل غايةُ ما نريد هو إثبات توافق النص الديني مع هذا الاكتشاف العلمي، وربما أيضاً إثبات أحقية الدين من خلال إثبات المعارف الغيبية التي احتواها النص الديني، حيث يمكن أن يُقال مثلاً : إن القرآن ذكر التطوّر في قوله تعالى : ﴿ وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ) -نوح١٧- ، و في حين لم يتمكن الإنسان من اكتشاف هذه الحقيقة العلمية إلا حديثاً، وبهذا تثبت أحقية القرآن و أحقية الرسول محمّد (صلى الله عليه وآله) من خلال إخباره الغيبي عن حقيقة علمية قبل أن تُكتشف بأكثر من ألفِ عام ، و مِثْلُهُ يمكن أن يقال في إخبارات آل محمد (عليهم السلام)، حيث أخبروا قبل أكثر من ألف عام عن وجود النَّسْناس أو أشباهِ الناس قبل وجود الإنسان، وهذه حقيقة علمية اكتُشِفَتْ الآن، فبحسب البحوث الجينية ثَبَتَ وجود إنسان النِيانْدِرْتال المختلف جينياً عن الإنسان الحديث، كما اُكتشِفَت اُحفوريات الهُوموإرْكِتْس و الهُوموسابِيْنْس الأَفريقي.



                      قوله تعالى: ( وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقاً * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجا * وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً ﴾ (1).

                      (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً) : الطَّوْر: هو الحال المميزة المترقّية، وسُمِّيَ الجبل طَوْرًا لتميُّزه بالارتفاع و الارتقاء عن محيطه، و يُسمّى الطائر (و جمعه الطير)؛ لأنه يتميز بامتلاكه أدوات تمكنه من الارتفاع و الارتقاء نحو الأعلى عن محيطه عادةً و هي الأجنحة، و الأطوار : هي الحالات المتميزة المترقية و المرتفعة، وبهذا يكون معنى (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً) :إنَّ الله خلقكم في الماضي الذي تحقق و انتهى (2)
                      و مرَرْتم بأحوال متعددة و متميزة و مترقية، أيْ أطوار جسمانية مترقية تصاعدياً مررنا بها حتى وصلنا إلى جسم يمتلك آلة ذكاء فائق، و بالتالي أصبح مؤهلاً فاتصلت به نفس آدم (عليه السلام)،

                      _________________________________
                      1. القرآن الكريم -سورة نوح - الآيات 14-17
                      2. قد حرف تحقيق هنا أي إن خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً قد تحقق و انتهى فيما مضى، وبهذا يكون المُراد الأطوار هي أطوار الترقي و التطور الجسماني التي سبَقَتْ إنزالَ نفْسِ آدمَ (عليه السلام ) إلى هذا العالم و اتصالها بجسمِ آدم (عليه السلام ).



                      ولا يمنع أن تكون أطوار الترقي أُنجزت خلال مليارات السنين حتى وصل الأمر إلى الجسم المناسب لنزول نَفْسِ آدم (عليه السلام) و بثِّها في فرد منه وهو في الرحم.

                      (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقا) : أ لَمْ تَرَوْا كَيْف: أيْ إذا أردتم معرفة كيف خلقكم اطوارًا فهي مسألة تشبه مسألة السماوات. إذن، فالاطوار إذا لم تتضح لنا سابقاً فهي تماماً كحال السماوات السبع التي تتميز بأن بعضها فوق بعض وبعضها أرقى من بعض رتبةً، إذن هذه الآية اوصلتنا إلى نفس النتيجة السابقة وهي أن جسم آدم مرَّ بأطوار ترقي كما أنَّ السماوات تتدرَّج بأطوار إرتقاء و ترقي.



                      (واللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتا) : أظن أن هذه الآية لا تحتاج أيْ شرح لشدة وضوحها، فالآية تقول أنتم بذرةٌ بُذرت في هذه الأرض ونبتت و أنتجت.

                      كالنباتِ أنبتكم الله، والنباتُ لا يَنْتُج مباشرةً بلْ يمرّ بأطوار ويترقّى، فالبداية تكونُ بذرة صغيرة تُُبذر في الأرض وتُسقى الماء، ثمّ تَنبُتْ نبتةٌ صغيرة من البذرة والأرضِ والماء وتكبَر هذه النبتة وتترقى ومن طورٍ إلى طور حتى تكتمل وتبدأ بإنتاج الثمر، وهذا هو ما حصل معكم، خريطةُ الله الجينية بذرَتْ في هذه الأرض وترقّت حتى وصلت إلى منتهاها وحقّقت الغرض، وسيأتي إن شاء الله بيانُ كيف أنَّ هذه الخريطة هي دليلٌ واضح على وجود الله سبحانه وتعالى، وبهذا تكون نظرية التطور دليلٌ على وجود الله سبحانَهُ وتعالى وليس العكس.

                      قولُهُ تعالى: (و
                      لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِين* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (1)

                      (الَّذي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإنْسان منْ طين * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ منْ سُلالَةٍ منْ ماءٍ مَهينٍ) (2)

                      __________________________________
                      1. القرآن الكريم-سورة المؤمنون - الآيات 12-14
                      2. القرآن الكريم-سورة السجدة -الآيات 7-8




                      السُّلالة: هي المجموعة المُنتَقاة و المُستلّة من غيرها لتَمَيُزِها و أفضليتها على ذلك الغير الذّي استُلَّت منه، فمعنى قولِهِ تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ) أيْ أن الإنسان الأرضي الأول خُلِق من مجموعة مميزة و مفضّلة (سُلالة)، وتلك السُلالة تنتهي سِلسِلتها إلى الطين (ْسُلَالَةٍ مِنْ طِين).

                      قولُهُ تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) (1)

                      (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ) :بما أن آدم (عليه السلام) هو الإنسان الأول في السماء الأولى فلا يمكن أن يُقال: إنَّ نفسَه اصْطُفيت؛ لأن الاصطفاء لا بد أن يكون من مجموعة، فلا يمكن أن ينطبق هذا الاصطفاء إلا على الجسم الأرضي الذي اتصلت به نفس آدم (عليه السلام)، وهذا معناه أنّ هناك خلقاً ارضيين آخرين كانوا موجودين واصطفى الله جسمَ آدم من هؤلاء أشباه الناس، فالاصطفاء لا يكون إلّا من المماثل، وآدم كجسمْ يشبه من ولد بينهم وكنفس آدمية أولى بثت بينهم، يصدق عليه قول إنه اصطُفيَ منهم. أمّا القول إنَّ اصطفاء آدم من بقية المخلوقات فهذا كلام لا يستقيم، فما معنى أن تقول إنك اصطفيت فرداً إنسانياً من بين مجموعة من السباع و البقر و الحمير..الخ، هل هذا الكلام له معنى؟ أو حتى ينطق به حكيم؟!!





                      قولُهُ تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ )

                      لفظ الماء في هذه الآية بالنسبة للوجود ككل لا يُراد منهُ الماء (H2O) ألّذي نعرفه في الأرض، وقد بيّنت هذا الأمر سابقاً، ولكنْ بالنسبة للحياة الأرضية الجسمانية فقط سيكون معنى هذه الآية أن الحياة على الأرض بدأت من الماء الأرضي ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء)، وهذا يعني بوضوح أن بداية الحياة الأرضية كانت من الماء الأرضي، فالآية تبين أن البذرة الأولى للحياة كانت من البيئة المائية وما تحويه من مكونات ترابية (أو كيميائية)، وهذا موافقٌ تمامًا لنظرية التطوّر، أما استمرار الحياة على الأرض فهو ليس من الماء وما يحويه. نعم، يمكن أن يُقال: إنّ استمرار الحياة في الماء أو بواسطة الماء ولكن ليس من الماء، فالحياة المنتزَعَة من الماء و التراب الذي يحويه هي الحياة الأولى فقط.


                      ______________________
                      1. القرآن الكريم-سورة آل عمران -الآية :33
                      2. القرآن الكريم-سورة الأنبياء - الآية : 30



                      وهم الإلحاد ص.132-135
                      Last edited by راية اليماني; 01-02-2016, 23:31.

                      Comment

                      • راية اليماني
                        مشرف
                        • 05-04-2013
                        • 3021

                        #12
                        رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

                        نظريّة التطوّر و الروايات الإسلامية وحجية آدم على أشباه الناس في زمانه :




                        من المؤكد أن مسألة التطور بتفاصيلها لا يمكن أن تكون واردة في الروايات، ولكن هناك مؤشرات موجودة في الروايات تشير إلى مسألة التطور، وتبيّن بوضوح أن آدم (عليه السلام) لم يكن المخلوق الأول ذو الجسم الإنساني الحالي، بل سبقه خَلْق يشبهون الإنسان الآدمي في أجسامهم ولكنهم لم يكونوا من ولد آدم (عليه السلام)، أي إنهم سبقوا آدم (عليه السلام)، وقد سمّتْهم الروايات بالنسناس، وهو اسم قريب لتسميات مراحل التطور العلمية اليوم. مثل: الهوموإركتس، والهوموسابينس، و إنسان النياندرتال، وبعض علماء الأحياء يسميهُم أشباه الناس.



                        و ما يهمنا أنَّ هناك روايات كثيرة عن آل محمد عليهم السلام أكّدت على هذه الحقيقة العلمية التي ظهرت أخيراً نتيجة الأحفوريات والبحوث العلمية الجينية ، وهذا أمر يحسب لآل محمد (عليهم السلام) كدليل وحجّة على من يريد أن يعرف الحقيقة، فمن أين عرف آل محمد (عليهم السلام) أن هناك أشباه ناس سبقوا وجودنا على الأرض إن لم يكن آل محمد (عليهم السلام) متصلين بالله سبحانه، وبهذا تثبت حجّية آل محمد (عليهم السلام) لمن يطلب الحق ويثبت وجود الله الذي أخبروا عنه وبلّغوا عنه و نقلوا عنه هذه الحقائق، وسأقتصر على نقل بعض الروايات :



                        عن محمد بن علي الباقر صلوات الله عليه : [ لقد خلق الله عز و جلّ في الارض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم ، خلقهم من أديم الارض فأسكنهم فيها
                        واحدًا بعد واحد مع عالمه ، ثم خلق الله عز وجل أبا البشر وخلق ذريّته منه] (1).

                        و هذه الرواية تبين أن الله خَلَق قبل آدم (عليه السلام) على الأرض سبعة أنواع من أشباه الناس على الأقل، وهم ليسوا من وُلْدِ آدم، وسبقوا آدم عليه السلام على هذه الأرض.

                        عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : [إن الله تبارك وتعالى أراد أن يخلُق خلقاً بيده وذلك بعد ما مضى من الجنّ والنّسناس في الأرض سبعة آلاف سنة، وكان من شأنه خلق آدم كشط عن أطباق السماوات، قال للملائكة: أنظروا إلى أهل الأرض من خلْقي من الجنّ والنسناس، فلما رأوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدماء والفساد في الأرض بغير الحق عَظُم ذلك عليهم وغضِبوا وتأسفوا على أهل الأرض ولم يملكوا غضبهم، قالوا: ربنا إنك أنت العزيز القادر الجبار القاهر العظيم الشأن وهذا خلقك الضعيف الذليل يتقلبون في قبضتك ويعيشون برزقك ويستمتعون بعافيتك وهم يعصونك بمثل هذه الذنوب العظام لا تأسف عليهم ولا تغضب ولا تنتقم لنفسك لما تسمع منهم وترى وقد عظم ذلك علينا وأكبرناه فيك.



                        قال: فلما سمع ذلك من الملائكة ، قال (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) يكون حُجّةً لي في أرضي على خَلْقي، فقالت الملائكة: سبحانك (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) كما أفسد بنو الجانّ ويسفكون الدماء كما سفك بنو الجان ويتحاسدون و يتباغضون ، فاجعل ذلك الخليفة منا فإنا لا نتحاسد ولا نتباغض ولا نسفك الدماء ، ونسبح بحمدك ونقدس لك، قال جلّ وعزّ: (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) إني أريد أن أخلُق خلقاً بيدي وأجعل من ذريته أنبياء ومرسلين وعبادًا صالحين أئمةً مهتدين ، وأجعلهم خلفاء على خلقي في أرضي ، ينهونهم عن معصيتي ، وينذرونهم من عذابي ، ويهدونهم إلى طاعتي ، ويسلكون بهم طريق سبيلي ، وأجعلهم لي حجّةً عليهم، وأُبيد النّسناس من أرضي وأطهّرها منهم ......] (2).

                        ____________________

                        1. المصدر (الصدوق-الخصال) :ص359
                        2. المصدر (القمي-تفسير القمي) : ج1ص36 ؛ (الصدوق-علل الشرائع) : ج1ص104.



                        واضح في الرواية أن هناك أشباه ناس سبقوا وجود آدم على هذه الأرض، وهناك أمر مهمّ آخر في هذه الرواية وهي أن الرواية تنص على أن آدم عليه السلام سينزل إلى الأرض؛ ليكون
                        حجّةً على أشباه الناس قبل أن ينتهي وجودهم على الأرض، أو على الأقل لِنَقُلْ قبل أن يغلب عليهم الوجود الآدميّ الأخير المتمثّل بذرية آدم (عليه السلام) الذي نزل (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً يكون حجّةً لي في أرضي على خَلْقي..... وأُبيد النّسناس من أرضي وأطهرها منهم). ومن المؤكد أن أوّل نزول آدم (عليه السلام) إلى هذه الأرض لا يوجد خلق أرضيون مدركون ليكون حجّةً عليهم و يهديهم إلى عبادة الله إلا النّسناس (أشباه الناس)، وهذا يعني أن آدم نزل قبل أن ينتهي وجود النسناس (أشباه الناس) أو يغلب عليهم الوجود الآدمي الأخير، وهذا معناه أن آدم خُلِق كفردٍ منهم و ولد جسمه منهم واتصلت نفسه المخلوقة من الطين و النفخ (1) بهذا الجسم.
                        ولكنّه لم يكن بنفس مستواهم الوجودي، فهو مثل نقلةٍ جديدة للوجود المفكِّر والمدرِك والمكلَّف على الأرض. أمّا إنذاره لاشباه الناس و تبليغه لهم مع أن درجتهم الوجودية دونه فهو كإنبائه للملائكة بالأسماء و الملائكة درجتهم الوجودية و المعرفية قطعًا دون آدم (عليه السلام).

                        وهذه المسألة تؤكدها بعض الروايات التي تدلّ على وجود نبيٍّ وقومٍ متخلّفين من جهة المعرفة الدينية، بل وليس لديهم حتى ألف باء الدّين ويبلغهم هذا النبي بأوّليات الدين، ولا مانع أن يكون مصداقها آدم (عليه السلام) :





                        عن الحسن بن عبدالرحمن، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: [إن الأحلام لم تكن فيما مضى في أوّل الخَلْق وإنما حدثت، فقلتُ: وما العلّة في ذلك؟ فقال: إن الله عزّ ذكره بعث رسولاً إلى أهل زمانه فدعاهم إلى عبادة الله وطاعته، فقالوا: إن فعلنا ذلك فما لنا فوالله ما أنت بأكثرنا مالاً ولا بأعزّنا عشيرةً، فقال: إن أطعتموني أدخلكم الله الجنّة وإن عصيتموني أدخلكم الله النار. فقالوا: وما الجنّة والنار؟ فوصف لهم ذلك، فقالوا: متى نصير إلى ذلك؟ فقال: إذا مِتُّم. فقالوا: لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاماً ورفاتاً، فازدادوا له تكذيباً وبه استخفافاً، فأحدث الله عزّ وجلّ فيهم الأحلام، فأتوه فأخبروه بما رأوا وما أنكروا من ذلك، فقال: إنّ الله عزّ وجلّ أراد أن يحتجّ عليكم بهذا، هكذا تكون أرواحُكم إذا مِتُّم وإنْ بَلِيَت أبدانكم تصير الأرواح إلى عقابٍ حتى تُبعث الأبدان]. (2)

                        ___________________

                        1. سيأتي بيان المعنى في قصة خلق آدم عليه السلام
                        2. المصدر (الكليني- الكافي): ج8 ص90



                        و أولّ الخلق المذكور في الرواية ينطبق على آدم (عليه السلام)، وبالتالي فالقوم الذين رافقوه في هذه الرواية هم بعض أشباه الناس الذين سبقوا آدم (عليه السلام).

                        أيضاً الرؤيا في النّوم واليقظة هي طريق الوحي للأنبياء، فلا بد أن تكون الرؤيا قد بدأت مع أول الأنبياء عليهم السلام وهو آدم (عليه السلام).


                        وهم الإلحاد ص.135-138

                        Comment

                        • راية اليماني
                          مشرف
                          • 05-04-2013
                          • 3021

                          #13
                          رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

                          هل الإنسان أصله قرد؟!!


                          نحن سماويون، اصلنا سماوي، و خلقنا في السماء الأولى وكان امتحاننا الأول فيها وهو امتحان الذر الذي ذكر في القرآن، فنحن أنفس وليس اجسادا أرضية فقط، أبونا آدم عليه السلام خلق من طينة وقعت إلى السماء الأولى ووضعت في باب الجنة، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام، قال: [كانت الملائكة تمر بآدم عليه السلام أي بصورته وهو ملقى في الجنة من طين فتقول لأمر ما خلفت] (1)، و من ثم نفخت الروح في هذه الطينة المرفوعة و خلق آدم خلقت منه حواء، وسكن آدم وحواء في الجنة الدنيوية التي في السماء الأولى ( وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) (2)، (فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ) (3).

                          ثم نحن بنو آدم خلقنا الله في السماء الأولى في عالم الذر وامتحنا الامتحان الأول
                          (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ) (4).
                          __________________
                          1. المصدر (الراوندي-قصص الأنبياء) : ص41
                          2. القرآن الكريم-سورة البقرة- الآية : 35
                          3. القرآن الكريم-سورة طه-الآية: 117
                          4. القرآن الكريم-سورة الأعراف- الآية : 172



                          ووجودنا الأرضي وجود طارئ و مؤقت وليس دائماً ولا أبدياً ولا حتى ستكون لنا عودةٌ لنفس هذه الأرض للعيش بعد الموت إذا كنا ممّن يختار إنسانيته وينبذ الحيوانيّة الأرضية التي اتصلنا بها ليمتحننا الله سبحانه، فكيف يمكن والحال هذه أن يُنسب الإنسان السماوي إلى الحيوانية الأرضية التي اتصلت بها نَفْسُه لإجراء الإمتحان الثاني، فمسألة أصل أجسامنا وتطورها عن كائن آخر في الأرض لا تغير شيئاً في حقيقة أن اصلنا سماوي، هذا إضافة إلى أن نسبة جسم الإنسان في التطور إلى القرد الحالي مباشرةً أمرٌ خاطئ ومن يقوله مخطئ، فإذا كان جسم الإنسان متطوراً كغيره من الكائنات الحية فلا يمكن أن يُنسب إلّا إلى البذرة الأولى كما قال تعالى : (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا) -سورة نوح، آية:17- ،ولا يصحّ أن يُنسب إلى الحالات الوسطية في تطوّره مع بقية الكائنات.



                          نعم، يمكن أن يُنسب للحالة الأخيرة التي سبقت انتقاله إلى إنسانيته، وهذه الحالة جسمانيًا لا فرق بينها و بيننا، فهي حالةٌ جسمانية إنسانية تامّة فعلى مستوى (الهوموسابينس ) فهم يمتلكون اجساماً مكتملة و اشكالهم بشرية، بل (الهوموإركتس ) الذين ظهروا قبل مليوني عام تقريباً اشكالهم قريبة جداً منا، بل أن الآرديبيثيكوس (آردي) الذي يعود لما قبل 4،4 مليون سنة كان يمشي على قدمين وله أنياب صغيرة مثلنا تماماً و منه تطور الإنسان علمياً، فبحسب علماء الأحياء بما أننا الوحيدون من الثديات الذين نمشي على قدمين منتصبين فيكون آردي سلفنا بالخصوص، وبهذا فلا يمكن والحال هذه أن يُقال: إنّ جسم الإنسان تطور عن قرد يشبه هذه التي تدور حولنا الآن، وهو قولٌ غير صحيح ولا ملازمة بينه وبين نظرية التطور، فلماذا قرد مثلاً بالتحديد؟! إذا كان الأمر هو الإرجاع إلى الحالات الوسطية لماذا لا يُقال: إن الإنسان تطوّر من سمكة على اعتبار أنها حالة وسطية واقعة في طريق التطور، ولماذا لا يقال تطور عن (الهوموإركتس ) وهو حالة وسطية أيضاً في طريق تطور الإنسان، وهي أقرب بكثير من الحالة الشبيهة بالقرد؟ لماذا القرد بالتحديد هل هي محاولة للتنفير و الإزعاج فقط؟!!! وهل هي محاولة لإبعاد الناس عن العلم والمعرفة ومحاولة ابقائهم أبعد فترة ممكنة في غياهب الجهل؟!!! في حين أن الأبحاث العلمية في التطور الآن تنفي مسألة تطور الإنسان عن الشمبانزي بل تقول أن الإنسان وبقية القردة العليا تعود إلى أصول مشتركة.

                          وهم الإلحاد ص.138-139
                          Last edited by راية اليماني; 07-02-2016, 17:42.

                          Comment

                          • راية اليماني
                            مشرف
                            • 05-04-2013
                            • 3021

                            #14
                            رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

                            معنى رفع تراب الأرض إلى السماء الأولى :



                            الرفع: هو العودة خطوةً أو اكثر باتجاه المبدأ أو المصدر، وهذا يعني لو صوّرنا الإنسان، كما بقية الخَلْق أيضاً، على أنّه تجلي اللاهوت في العَدَم القابل للوجود، فسيكون لدينا مرتبةٌ معينة كلما ابتعدنا (معرفياً) عن مصدر التجلي، و ستكون هذه المرتبة المعينة أقلَّ نوراً و أكثرَ ظلمةً (العدم الذي يتخللها).
                            و لنفرض أنّ عالم المادة الذي فيه أجسامنا مكون من نسبة نور قدْرها 10% ونسبة ظلمة (عَدَم) قدْرها 90% و أنّ كلَّ خطوةٍ يتقدّمها النور باتجاه الظلمة المطلقة (العدم المطلق-انعدام المعرفة و الإدراك) تمثّل رقمًا واحداً صحيحاً، فيكون الرَفْع خطوةً واحدة لجسم مادي "كطينة آدم (عليه السلام)" هو عبارة عن نقله إلى العالم الموازي الذي نسبةُ النور فيه 11% ونسبة الظلمة (العدم) فيه 89% أي العالم الذي سبَقَه.



                            و العوالم لا بدّ أن تُقسم تقسيمًا مثالياً : لأن مُوجدَها مطلق فلا بدّ أن تكون أقرب ما يمكن للمطلق؛ لأنها تمثّل الصادر الأول منه (مُحمّد = كل العوالم). وهذا يعني رياضيًا (لتقريب الفهم) أنّ شريحة التقسيم هي أصغر ما يمكن تخيّله يعني يمكنك أن تتخيل أنّه يوجد رقم هو أقرب رقم للصفر، ولكن لا يمكنك معرفة هذا الرقم العُشْري (decimal number) ، فمثلاً لو قُلتَ إنه (0،0001) فإن (0،00001) أصغر منه وهكذا سيستمر الأمر إلى رقمٍ يمكن الجزم بأنه موجود و معرفة بعض صفاته ولكن لا يمكن معرفته ابداً، وهذا الرقم لو وضعته في مقام أي قسمة فسيكون ناتج القسمة هو أقرب ما يكون إلى ما لا نهاية له؛ لأنّ المقام في القسمة هو أقرب ما يمكن للصفر، وهذا يعني أننا لو قُدّر لنا أن نرى شخصاً يُرفع أمام أعيننا فيمكن أن نراه يختفي تدريجياً أي نرى جسمًا ثم شبحاً ثم يختفي، وهو في الحقيقة لم يختفي ابداً بل كل ما هناك انتقل إلى عالم موازي لعالمنا و أرقى منه مرتبةٌ باتجاه النور، أو يمكن أن نقول: إنه عاد باتجاه المبدأ أو المصدر خطوةً أو خطوات بحسب حالة الرفع لذلك الجسم المادي، وفي كل الأحوال فإنّ مجموع النور والظلمة أو الوجود وعدم الوجود خارج مصدر النور أو الوجود يساوي صفرًا أي لا يوجد شيء على نحوٍ حقيقي خارج المصدر.



                            مثال: لنتصور مصدراً للضوء، والضوء يتحرك منه باتجاه معين، وكلما تقدم الضوء خطوةً للأمام تكثّف بعضه مكونًا غشاءً ماديًا و يَرْشَح من هذا الغشاء بعض الضوء، وهكذا أصبح أمام مصدر الضوء عددًا من الأغشية التي كوَّنها الضوءُ نفسه، و يَرْشَح منها بعض الضوء، وعددُ الأغشية هو أقرب ما يمكن إلى ما لا نهاية له، وبين الأغشية فراغٌ مليءٌ بجسيمات مضادّة (عدم المادة) يساوي صفرًا أي يمكننا أن نقول: إنه لا يوجد شيءٌ على نحو الحقيقة خارج مصدر الضوء، وسيأتي نقاشٌ بتفصيل أكثر لهذه المسألة.


                            وهم الإلحاد ص.149-150

                            Comment

                            • راية اليماني
                              مشرف
                              • 05-04-2013
                              • 3021

                              #15
                              رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

                              نزول آدم إلى الأرض :




                              تبيّن لنا ممّا تَقدَّم، أنّ الإنسان دينيًا يمكن أن يكون قرداً بل وحتى خنزيراً (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ) (1)
                              و تَبيّنَ أنَّ خَلْق آدم بحسب النصّ الديني لم يبدأ على هذه الأرض.

                              __________________
                              1. القرآن الكريم-سورة المائدة - الآية : 60




                              و تبيّن لنا معنى الرفع، و أنّه متوافق مع العلم.
                              فالآن، وصلنا إلى الكلام في علاقة نظرية التطور بآدم (عليه السلام)، لأننا الآن سنتكلم عن جسد آدم وحواء الذي ستتصل به أنفسهما التي ستنزل إلى هذه الأرض للامتحان.
                              ولنضع فروضًا لهذا الجسم الماديّ الآدمي الأول :

                              1- أن تظهر نفْسُ آدم وتتجسد في هذه الأرض مباشرةً خصوصاً أنّه أصلاً خُلِق من طينةٍ وقعت منها. وهذا يرفضه عِلْم الأحياء قطعًا على اعتبار أن معطيات التحليلات الجينية الأخيرة أثبتت أصل الجسم الإنساني ومن أين جاء، هذا إضافةً إلى أدلة نظرية التطور نفسها المتراكمة من تحاليل جينية و من أحفوريات و من أبحاث نظرية.



                              2- أن يُخلق جسمًا لآدم (عليه السلام) من طينٍ وماء على هذه الأرض و تلجه الروح وتُبَثّ فيه الحياة الإنسانية، وهذا الفرض هو السائد عند أكثر رجال الدين، ولكنّه متعارض مع النصّ القرآني الواضح الدلالة على أنّ خلقَ آدم وحواء ابتداءً كان في السماء الأولى في الجنّة الدُنيوية وبعدها حصل هبوطٌ لآدم بأمر الله وقد فصّلتُ الأمر فيما سبق. كما أنّه فرْضٌ مرفوض قطعًا من الجانب العلمي ومتعارض مع علم الأحياء والتحليلات الجينية لنفس السبب السابق، ومن يتبنّى إحدى هاتين الاطروحتين عليه أن يُسقِط العلم و البحث العلمي والحقيقة من قاموسه ولن تكون أُطروحته إلا وهمًا يحلو له أن يُوهِم نفسه به، و إلّا فهي أطروحةٌ تتعارض مع العلم جملةً و تفصيلاً، فأجسامنا محددةُ الأصل الآن وبوسائل علمية دقيقة ولم تأتي أجسامنا في يومٍ ما من المجهول ليُفرَضَ أنّ جسم آدم جاء هكذا فجأةً قبل بضعة آلافٍ من السنين فقط.

                              3- أنْ تكون البداية هي القانون الذي نظّم نشوء الحياة من الخريطة الجينية و يكون هناك هدف من البذرة أو الخريطة الجينية الأولى، وهذا الهدف هو نحْت جسم حيواني خلال مسيرة طويلة من التطور حتى يصبح مناسباً لتتّصل به و تَبُثّ فيه -وهو في الرحم- نَفْس آدم وكذا الأمر بالنسبة لحواء عليهما السلام :
                              (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ) (1) ، فالآية

                              _________________
                              1. القرآن الكريم-سورة نوح- الآيات : 14-17



                              واضحة في أنّ هناك أطوارًا مررنا بها، وهذه الأطوار كما أن السماوات طباقًا أيْ بعضُها فوق بعض و بعضُها أرقى من بعض و بعضُها مهيمن على بعض، ثم تنتهي الآية ببيان خلْقِنا - نحن البشر- على أنه عبارةٌ عن عملية إنبات (زرع)، وهذه الكلمة واضحة فالأمر إذن استزراع و استنبات، ولا نحتاج أكثر من أن ننظر إلى نبات الأرض لنرى أنّه يبدأ ببذرة ساكنة فيها خريطة جينية ثم تبدأ البذرة بتنفيذ تلك الخريطة الجينية عندما تتوفر الظروف المناسبة لها فيتكوّن نباتٌ صغير الحجم وحتى ربّما تكوْن وَرَقَتَيْه الأوّليّتان مختلفتان عن أوراق الشجرة التي ستتطوّر عنه.
                              (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ) : أنْبَتَنا من الأرض وكلّ ما احتاجَه إنباتنا هو خريطةٌ جينية منتجة لتصل إلى المنتهى الذي يريده الله سبحانَهُ وتعالى.
                              وهذا الفرض مناسب جداً لإدخال آدم عليه السلام وحواء عليها السلام للامتحان في هذه الأرض دون أن يكونا مفضلين بشيء يجعلهما بمثابة معفيين من الامتحان الأرضي دون غيرهما.




                              (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) : أي أنّ النَفْس التي خُلِقت من الطين المرفوع إلى السماء الأولى اُهبِطت لتتصل بجسمٍ حيواني معينٍ مهيًا لاستقبالها و يتم امتحانها الأرضي كما أراد الله، وهذا لا يتعارض مع ما يُثبته علماء الأحياء من نظرية التطور وأصل النوع الإنساني بالخصوص، فهو متوافق مع نظرية التطور والارتقاء.

                              فلا إشكال أن يكون هناك كائن حيّ ترقّى من الطين والماء حتى وصل إلى تركيبٍ جسمانيٍّ حيواني له الأرواح الثلاثة الأولى (روح الحياة و القوة والشهوة)، ثم تُبثّ نفْس آدم (عليه السلام) فيه لتَحصُل نقلةٌ شاملةٌ لهذا الكائن من الحيوانيّة والبهيمية إلى الإنسانية النبَوِية الرّسالية و ثقافتها و قِيَمها الأخلاقية الرّاقية، وهذا يفسّر في نفس الوقت القفزة الحضارية و الثقافيّة التي بدأت في أرض سومر قبل آلاف السنين تفسيرًا معقولاً و مقبولاً علميًا.



                              واستمرَّ الأمر بعد آدم عليه السلام في ذريته، فتتجلى في نفوسهم روح الايمان و القُدُس، تماماً كأن نفوسهم هي مرآة تعكس روح الإيمان و القُدُس فتكوْن نفوسهم عبارة عن فطرةٍ إلهية تدعوهم إلى الترقّي، فإنْ استعمل الإنسان هذا المفتاح بصورةٍ صحيحة نجح في الامتحان وترقّى إلى أعلى الدرجات و أصبحت عنده روح الايمان ثم روح القدس حتى يصبح تجلّي الله في الأرض، وهذا الأمر يشمل الجميع حتى محمد (صلى الله عليه وآله) خير الخلق (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(1)، أمّا إن ألقى الإنسان هذا المفتاح واكتفى بالأرواح الحيوانية فقد أردى بنفسه وخسر حظّه ورجع إلى أصله و حيوانيته و بهيميته (ِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ).

                              إذن فهذه المرحلة هي مرحلةٌ ثانية متأخرة عن مرحلة خلق آدم (عليه السلام) في السماء الأولى والتي مثّلت خلق آدم الحقيقي، أمّا هذه المرحلة فهي مرحلة إنزال آدم أو نفس آدم (عليه السلام) إلى الأرض للامتحان، هي مرحلة اتصال نفس آدم بجسدٍ مادي في هذا العالم الجسماني ليتم امتحانه و امتحان ذريته من بعده، وهذا حصل بعد نزول نفس آدم (عليه السلام) إلى هذه الأرض و بقائها في الأرض فترةً من الزمن شاءها الله سبحانه وتعالى، فأقامت نفس آدم (عليه السلام) و نفس حواء (عليها السلام) بعض شعائر الله في هذه الأرض.



                              ثم شاء الله سبحانَهُ وتعالى أن يُوصلهما بجسدين ماديين ارضيين و يُغْفِلهما عن حالهما السابق ليتِمّ الامتحان(2)، فوُلِدا من أشباه الآدميين بعد أن تهيّأت أجسام هؤلاء الأقوام لاستقبال نفسٍ كنفس آدم (عليه السلام)، وأصبحت أيضاً لديهم القدرة على استقبال البلاغ الإلهي الذي سيصلهم عن طريق آدم (عليه السلام) الذي ولد فيهم وبُعِث فيهم.
                              ومن الغريب حقاً أن يقبل بعض الناس أن تكون بداية جسم آدم (عليه السلام) مباشرةً

                              __________________
                              1. القرآن الكريم-سورة الشورى -الآية : 52
                              2. "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُون" [سورة الواقعة الآية 62] أيْ أنكم كنتم في عالم سابق هو عالم الذرّ أو عالم الأنفُس الذي خُلق فيه آدم وخُلقتم أنتم فيه بعده، وعالم الأنفس أو عالم الذرّ مَثَّل بالنسبة لكم نشأتكم الأولى فلماذا لا تتذكرون ذلك العالم رغم أنكم كنتم فيه و علمتموه "وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُون" ، ولهذا فهو سبحانه يقول كما أنكم خُلقتم في عالمٍ سابقاً و علمتموه سابقاً ولكنّي أغفلتكم عنه عندما وصلت نفوسكم بالأجساد في هذه الأرض فحجبت نفوسكم عن العِلْم بحالها السابق فهو سبحانه قادرٌ أن يعيد الأمر مرةً أخرى ويخلقكم في عالمٍ آخر بحالٍ آخر ويتكرر معكم ما يحصل معكم اليوم
                              "نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ "
                              وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ" [الواقعة]



                              من الطين أو التراب ولا يقبل أن تكون بدايته من كائن حي مع أن الكائن الحي أرقى في الدرحة الوجودية الحياتية بكثير من الطين الجماد.


                              وهم الإلحاد ص.150-154
                              Last edited by راية اليماني; 09-02-2016, 03:18.

                              Comment

                              Working...
                              X
                              😀
                              🥰
                              🤢
                              😎
                              😡
                              👍
                              👎