إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

جانب من خطبة الجمعة المهدوية المباركة في قضاء بلد بتاريخ 10 ربيع الاول 1436 هـ

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • مفيد المؤمن
    عضو جديد
    • 25-02-2013
    • 20

    جانب من خطبة الجمعة المهدوية المباركة في قضاء بلد بتاريخ 10 ربيع الاول 1436 هـ

    بسم الله الرحمن الرحيم
    قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً احد

    أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له
    واشهد ان محمداً عبده ورسوله
    واشهد ان علياً والأئمة من ولده حجج الله
    واشهد ان المهدي والمهديين من ولده حجج الله
    السلام عليكم اخوتي انصار الله ورحمة الله وبركاته
    الحمد لله رب العالمين وصلي اللهم على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
    الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
    الحمد لله الذي هدانا لبيعة قائم ال محمد ويمانيهم الموعود الامام احمد الحسن ع وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله

    الإخلاص وحقيقته
    اعلموا إخوتي أنصار الله إن الإخلاص، هو تجريد القصد عن الشوائب كلها. فمن عمل طاعة رياء فهو مراء مطلق، ومن عملها وانضم إلى قصد القربة قصد غرض دنيوي انضماما غير مستقل فعمله مشوب غير خالص، كقصد الانتفاع بالحمية من الصوم، وقصد التخلص من مؤنة العبد أو سوء خلقه من عتقه، وقصد صحة المزاج أو التخلص من بعض الأحزان من الحج، وقصد العزة بين الناس أو سهولة طلب المال من تعلم العلم، وقصد النظافة والتبرد وطيب الرائحة من الوضوء والغسل، والتخلص عن إبرام السائل من التصدق عليه، وهكذا. فمتى كان باعث الطاعة هو التقرب ولكن إنضافت إليه خطرة من هذه الخطرات، خرج عمله من الإخلاص فالإخلاص تخليص العمل عن هذه الشوائب كلها، كثيرها وقليلها والمخلص من يكون عمله لمحض التقرب إلى الله سبحانه، من دون قصد شيء آخر أصلا.
    ثم أعلى مراتب الإخلاص ـ وهو الإخلاص المطلق وإخلاص الصديقين ـ إرادة محض وجه الله سبحانه من العمل، دون توقع غرض في الدارين ولا يتحقق إلا لمحب لله تعالى مستهتراً به، مستغرق الهم بعظمته وجلاله بحيث لم يكن ملتفتاً إلى الدنيا مطلقاً. وأدناها ـ وهو الإخلاص الإضافي قصد الثواب والاستخلاص من العذاب، وقد أشار سيد الرسل (ص) إلى حقيقة الإخلاص بقوله: " هو أن تقول ربي الله ثم تستقيم كما أمرت تعمل لله، لا تحب أن تحمد عليه! أي لا تعبد هواك ونفسك، ولا تعبد إلا ربك، وتستقيم في عبادتك كما أمرت ". وهذا إشارة إلى قطع ما سوى الله سبحانه عن مجرى النظر، وهو الإخلاص حقاً. ويتوقف تحصيله على كسر حظوظ النفس وقطع الطمع عن الدنيا والتجرد في الآخرة، بحيث ما يغلب ذلك على القلب والتفكر في صفات الله تعالى وافعاله والاشتغال بمناجاته حتى يغلب على قلبه نور جلاله وعظمته ويستولي عليه حبه وأنسه، وكم من أعمال يتعب الإنسان فيها ويظن انها خالصة لوجه الله تعالى، ويكون فيها مغروراً لعدم عثوره على وجه الآفة فيها، كما حكى عن بعضهم أنه قال: " قضيت صلاة ثلاثين سنة كنت صليتها في المسجد جماعة في الصف الأول، لأني تأخرت يوماً لعذر وصليت في الصف الثاني، فاعترتني خجلة من الناس حيث رأوني في الصف الثاني فعرفت أن نظر الناس إلي في الصف الأول كان يسرني، وكان سبب استراحة قلبي من ذلك من حيث لا اشعر ". وهذا دقيق غامض، وقلما تسلم الأعمال من أمثاله، وقل من يتنبه له، والغافلون عنه يرون حسناتهم في الآخرة كلها سيئات، وهم المرادون بقوله تعالى:
    " وبدا لهم سيئات ما عملوا "
    " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " وبقوله: " قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا.ً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً "
    فالإخلاص منزل من منازل الدين، ومقام من مقامات الموقنين. وهو الكبريت الأحمر، وتوفيق الوصول إليه من الله الاكبر، ولذا ورد في فضيلته ما ورد من الآيات والأخبار، قال الله تعالى:
    " وما أمروا ألا ليعبدوا الله مخلصين له الدين "قال: " ألا لله الدين الخالص "وقال " إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله " وقال: " فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربّه أحداً "
    نزل فيمن يعمل لله يوجب أن يحمد عليه.
    وقال رسول الله (ص): " اخلص العمل يجزك منه القليل ". وقال (ص): " ما من عبد يخلص العمل لله تعالى أربعين يوماً إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ". وقال (ص): " ثلاث لا يغل عليهن ". وعد منها قلب رجل مسلم أخلص العمل لله عز وجل. وقال أمير المؤمنين (ع): " لا تهتموا لقلة العمل، واهتموا للقبول ". وقال أمير المؤمنين (ع): " طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء، ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه، ولم ينس ذكر الله بما تسمع اذناه، ولم يحزن صدره بما اعطى غيره! ". وقال الباقر (ع): ما اخلص عبد الإيمان بالله أربعين يوماً ـ أو قال: ما أجمل عبد ذكر الله أربعين يوماً ـ إلا زهده الله تعالى في الدنيا وبصره داءها ودواءها، وأثبت الحكمة في قلبه وانطق بها لسانه ". وقال الصادق (ع) في قول الله عز وجل.
    " ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ":
    " ليس يعني اكثركم عملا، ولكن اصوبكم عملا. وانما الاصابة خشية الله والنية الصادقة "... ثم قال: " الايفاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل، والعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عز وجل، والنية أفضل من العمل، ألا وان النية هي العمل "... ثم تلا قوله عز وجل " قل كل يعمل على شاكلته ": يعني على نيته ".
    وقال الصادق (ع): " الإخلاص يجمع فواضل الاعمال وهو معنى مفتاحه القبول وتوفيقه الرضا، فمن تقبل الله منه ورضى عنه فهو المخلص وان قل عمله، ومن لا يتقبل الله منه فليس بمخلص وان كثر عمله، اعتباراً بآدم (ع) وابليس. وعلامة القبول وجود الاستقامة ببذل كل المحاب مع اصابة علم كل حركة وسكون، والمخلص ذائب روحه باذل مهجته في تقويم ما به العلم والاعمال والعامل والمعمول بالعمل، لأنه إذا ادرك ذلك فقد أدرك ذلك الكل، وإذا فاته ذلك فاته الكل، وهو تصفية معاني التنزيه في التوحيد كما قال الأول: هلك العاملون إلا العابدون، وهلك العابدون إلا العالمون وهلك العالمون إلا الصادقون، وهلك الصادقون إلا المخلصون، وهلك المخلصون، إلا المتقون وهلك المتقون إلا الموقنون، وأن الموقنين لعلى خطر عظيم! قال الله لنبيه (ص): واعبد ربك حتى يأتيك اليقين. وأدنى حد الإخلاص بذل العبد طاقته، ثم لا يجعل لعمله عند الله قدراً فيوجب به على ربه مكافاة بعمله، لعلمه أنه لو طالبه بوفاء حق العبودية لعجز، وادنى مقام المخلص في الدنيا السلامة من جميع الآثام، وفي الآخرة النجاة من النار والفوز بالجنة "
    قال السيد احمد الحسن (ع):
    ارجو منك ان تتوكل على الله توكل حقيقي بكل قلبك ولا تعتمد على فهمك بل اخلص لله سبحانه وتعالى حتى لا ترى نفسك بل تراه هو سبحانه، هو فقط ، عندها تجعل الله ينطق على لسانك ويقول ما يريد بك ويظهر حقه من خلالك ..

    ومن تأمل في هذه الأحاديث وفي غيرها مما لم يذكر، يعلم أن الإخلاص رأس الفضائل ورئيسها، وهو المناط في قبول الاعمال وصحتها، ولا عبرة بعمل لا اخلاص معه، ولا خلاص من الشيطان إلا بالإخلاص، لقوله:
    " إلا عبادك منهم المخلصين "

    آفات الإخلاص
    الآفات التي تكدر الإخلاص وتشوشه لها درجات في الظهور والخفاء اجلاها الرياء الظاهر، وهو ظاهر. ثم تحسين العبادة والسعي في الخشوع فيها في الملأ دون الخلوة ليتأسى به الناس، ولو كان عمله هذا خالصاً لله لم يتركه في الخلوة، فمن يرى الخشوع وحسن العبادة خيراً لا يرتضي لغيره تركه، فكيف يرتضي ذلك لنفسه في الخلوة، ثم تحسينها في الخلوة أيضاً بقصد التسوية بين الخلوة والملأ، وهذا من الرياء الغامض، لأنه حسن عبادته في الخلوة ليحسنها في الملأ، فلا يكون فرق بينهما في التفاته فيهما إلى الخلق، إذ الإخلاص الواقعي أن تكون مشاهدة الخلق لعبادته كمشاهدة البهائم لها، من دون تفاوت اصلا، فكأن نفسه لا تسمح باساءة العبادة بين اظهر الناس، ثم يستحي من نفسه أن يكون في صورة المرائين ويظن أن ذلك يزول باستواء عبادته في الخلوة والملأ، وليس كما ظنه، فزوال ذلك موقوف على عدم التفاته إلى الخلق في الملأ والخلوة كما لا يلتفت إلى الجمادات فيهما مع أن مشغول الهم بالخلق فيهما جميعاً. واخفاها أن يقول له الشيطان ـ وهو في العبادة في الملأ بعد يأسه عن المكائد السابقة ـ:
    " أنت واقف بين يدي الله سبحانه، فتفكر في جلاله وعظمته، واستحي من أن ينظر إلى قلبك وهو غافل عنه! فيحضر بذلك قلبه وتخشع جوارحه " وهذا أخفى مكائد الشيطان وخداعه، ولو كانت هذه الخطرة ناشئة عن الإخلاص لما انفكت عنا في الخلوة ولم يخص خطورها بحالة حضور غيره وعلامة الأمن من هذه الآفة: أن يكون هذا الخاطر مما يألفه في الخلوة كما يألفه في الملأ، ولا يكون حضور الغير سببا لحضوره كما لا يكون حضور بهيمة سبباً له، فما دام العبد يفرق في أحواله وأعماله بين مشاهدة إنسان ومشاهدة بهيمة، فهو بعد خارج عن صفو الإخلاص مدنس الباطن بالشرك الخفي من الرياء، وهذا الشرك أخفى في قلب ابن آدم من دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، كما ورد به الخبر ولا يسلم منه إلا من عصمه الله بخفي لطفه، إذ الشيطان ملازم للمتشمرين لعبادة الله، لا يغفل عنهم لحظة ليحملهم على الرياء في كل واحد من أفعالهم وأعمالهم.
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎