إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

جانب من خطبة الجمعة بتاريخ 12 صفر 1436، 5 12 2014 (من عرف نفسه فقد عرف ربه - قانون معرفة الحجه والمعجزه 2 )

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • hmdq8
    عضو نشيط
    • 10-08-2011
    • 450

    جانب من خطبة الجمعة بتاريخ 12 صفر 1436، 5 12 2014 (من عرف نفسه فقد عرف ربه - قانون معرفة الحجه والمعجزه 2 )

    الخطبة الاولى
    اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمدلله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
    رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انصار الله
    باذن الله سوف تكون الخطبه الاولى تحت عنوان من عرف نفسه فقد عرف ربه والثانية في قانون معرفة الحجه والمعجزه
    اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها. اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق.

    الجواب المنير ج4 [ السؤال/ 323: بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم سادتي ورحمة الله وبركاته .. إخوتي الكرام:
    بقصر المقال لدي سؤال أرجوا ممّن لديه الخبرة إجابتي بوضوح وبصريح العبارة وهو
    انطلاقاً من قولهم (ع): (من عرف نفسه فقد عرف ربّه)، وقولهم (ع): (أعرفكم بنفسه أعرفكم بربّه)، وغيرها من المأثورات الواردة عن الآل المحمّدي والتي تحث على معرفة النفس، فإنّ المنهجيّة المسطورة في كتب العرفان الموجودة على الساحة لم تبرّد الغليل ولم توصل إلى ساحل اليقين، وهي لا تطرح سوى تلك الروايات التي ذكرتها آنفاً وتدعوا إلى الحث على معرفة النفس من دون أي منهجيّة أو تنظير لبيان آليّة معرفة النفس، وبشكل دقيق صعوداً للدخول إلى عالم الملكوت .. فما هي الآليّة الّتي تطرحونها في معرفة النفس بالشكل العملي والتي يترتّب عليها الأثر الواضح في معرفة الرب ؟ ولكم جزيل الشكر.
    المرسل: محمد - العراق
    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
    الإنسان هو تجلي اللاهوت سبحانه في عالم الخلق، ففطرة الإنسان تؤهله إلى أن يكون الله في الخلق، أي صورة الله أو وجه الله أو يد الله. عن أبى الصلت الهروي، عن الإمام الرضا (ع)، قال: (قال النبي (ص): من زارني في حياتي أو بعد موتى فقد زار الله تعالى، ودرجه النبي (ص) في الجنة أرفع الدرجات، فمن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى. قال: فقلت له: يا بن رسول الله (ص)، فما معنى الخبر الذي رووه: إن ثواب لا اله إلا الله النظر إلى وجه الله تعالى ؟ فقال (ع): يا أبا الصلت، من وصف الله تعالى بوجه كالوجوه فقد كفر، ولكن وجه الله تعالى أنبياؤه ورسله وحججه صلوات الله عليهم، هم الذين بهم يتوجه إلى الله (عز وجل) والى دينه ومعرفته، وقال الله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾، وقال (عز وجل): ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾.
    وسعي الإنسان لمعرفة نفسه يمر في كل حركة بمعرفة الرب بمرتبة ما ومن ثم التخلق بأخلاق الرب سبحانه والتحلي بصفاته حتى يصل الإنسان - إن كان مخلصاً متجرداً عن الأنا - إلى أن يكون الله في الخلق، أي صورة اللاهوت ووجه اللاهوت، وفي هذه المرحلة وهذا المقام سيكون الإنسان عارفاً بنفسه، ومعرفته بنفسه هي معرفته بربه؛ لأنه وجه الله، والرب يعرف بوجهه الذي يواجه به، وكل إنسان يسير إلى الله بإخلاص يكون وجه الله بمرتبة ما بحسب سعيه وإخلاصه، أي إنه يكون وجه الله بحسب ما تحمل نفسه من صفات الله كماً وكيفاً وبالتالي فوجه الله في الخلق ليس مرتبة واحدة، فمحمد (ص) وجه الله، وعلي (ع) وجه الله، وفاطمة (ع) وجه الله، والحسن وجه الله، والحسين وجه الله، والأئمة (ع) وجه الله، والمهديون وجه الله، والأنبياء والرسل (ع) وجه الله، وسلمان الفارسي وجه الله ولكن كلٌ منهم بحسبه. فوجه الله الحقيقي في الخلق هو محمد (ص) وبالتالي ستكون معرفته بربه سبحانه هي الأكمل في الخلق؛ لأنها عبارة عن معرفته بنفسه، ولا أحد من الخلق أعرف منه (ص) بنفسه التي عكست صورة اللاهوت بالصورة الأكمل في الخلق وكانت هي الأكمل في الخلق.
    ولو فرضنا أن النفس الإنسانية مرآة ومودعة فيها القدرة على عكس صورة اللاهوت فإن صورة اللاهوت في هذه المرآة ستكون أكمل وأوضح بقدر توجيه هذه المرآة إلى اللاهوت، فمن يوجهها بشكل كلي سيعكس صورة كاملة للّاهوت، ومن يقصر في التوجيه الكلي لمرآته سيكون هناك قصور في صورة اللاهوت المنعكسة في مرآة وجوده بقدر تقصيره.
    ومعرفته للّاهوت ولربه ستكون بقدر تلك الصورة المنعكسة في مرآة وجوده، وبالتالي فمن يعرف حقيقة نفسه بالفعل، وأؤكد بالفعل (فليست المسألة معرفة ألفاظ أو معاني) سيكون قد عرف ربه بقدر معرفته بنفسه.
    وأضرب لك مثالاً ليقرب لك تصور مراحل هذه المعرفة:
    أفرض أن ناراً مشتعلة أمامك وأنت تراها بعينك وتحس حرارتها التي تلفح وجهك، ولكنك لا تعرف أثرها فيك حتى تمسها بيدك مثلاً فتحترق يدك، عندها ستعرف أن النار محرقة، ولكن معرفتك هذه بحقيقة النار كانت من خلال نفسك (يدك التي احترقت)، فمعرفتك بالاحتراق الذي حصل ليدك مرَّ أولاً بمعرفة النار الأولية وهي أنك تراها بعينك وتحس حرارتها ولكنك لا تعرف أثرها لتعرف شيئاً من حقيقتها، أما بعد أن مسستها فقد عرفت شيئاً من حقيقتها ولكن هذه المعرفة مرَّت بنفسك أي عرفتها من خلال ما حصل ليدك.
    الآن نكمل المثال ونقول: إنك بقدر الاحتراق الحاصل لك من النار تعرف أثرها فيك وتعرف حقيقتها من خلال أثرها فيك، حتى إذا احترقتَ كلك في النار أصبحت أنت ناراً ومعرفتك بالنار ستكون هي معرفتك بنفسك، والآن لو فرضنا أن هذه النار هي أكمل صورة للنار كأن تكون ناراً بيضاء مثلاً وأنت احترقت وأصبحت ناراً ولكن بصورة أدنى من النار البيضاء ولنقل ناراً حمراء فستكون معرفتك لهذه النار البيضاء - التي هي معرفتك بنفسك - دون من احترق وأصبح ناراً بدرجة أعلى منك (أي في درجة بين الحمراء والبيضاء).
    أما إن كنت تسأل عن منهج عملي فالله وضع منهجاً عملياً وأنزله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، وكمثال اذهب واقرأ سورة الإسراء وتدبرها لتجد أن هذا المنهج قد أوضحه الله سبحانه.
    ورسول الله محمد (ص) حصر علة بعثه بقوله: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
    وإن كنت تريد مني أن اختصر لك هذا المنهج بكلمة واحدة، فأقول لك: (اقتل نفسك تعرف ربك)، فالنفس الإنسانية نور وظلمة، وبقدر سيطرة النور واندحار الظلمة في نفس الإنسان تكون معرفته بربه، ولو سميت لك الأسماء بمسمياتها فالنور: هو، والظلمة: الأنا، فكلما قلت (أنا) مقابل (هو)؛ ستجد أن الظلمة قد اتسعت في نفسك وابتعدت عن المعرفة واقتربت أكثر من الجهل والعمى، وكلما قلت (هو) مقابل (أنا) ستجد أن النور قد هيمن على صفحة وجودك حتى يعرف الإنسان أن وجوده ذنب؛ لأن ما يجعله موجوداً متميزاً هو تشوبه بالظلمة والتي مصدرها أنا وطلبه للوجود والبقاء مقابل هو سبحانه، ولهذا قال علي (ع): (اِلهي قَدْ جُرْتُ عَلى نَفْسي في النَّظَرِ لَها، فَلَها الْوَيْلُ اِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَها) .
    وقد هلك إبليس بقول (أنا): ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ فاحذرها.
    أحمد الحسن
    شعبان الخير/ 1430 هـ ق ]
    والحمد لله ربِّ العالمين. { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ( 1 ) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ( 2 ) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ( 3 ).}

    ***

    الخطبة الثانية:
    اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمدلله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انصار الله

    الجهاد باب الجنه ص(41-50) [ كيف يعرف خليفة الله في أرضه في كل زمان ؟
    أهم طريق لمعرفة خليفة الله في أرضه هو:
    الطريق الأول: الذي عرفت به الملائكة آدم (ع) وهو النص، فقد نص الله سبحانه وتعالى على آدم (ع) ، وإنه خليفته في أرضه:
    ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾.
    وبعد آدم (ع) كان أيضاً النص هو الطريق لمعرفة خليفة الله في أرضه، ولكن هذه المرّة النص الإلهي يعرف عن طريق الخليفة السابق، فهو ينص بوصية لأمته على الخليفة الذي بعده بأمر الله سبحانه وتعالى، فليس هو الذي يعين الذي بعده، بل الله سبحانه وتعالى هو الذي يعين خليفته في أرضه في كل زمان، فقط يكون دور الخليفة السابق هو إيصال هذا النص الإلهي بالوصية؛ ولذا سمي خلفاء الله في أرضه من الأنبياء والمرسلين بالأوصياء؛ لأنّ السابق يوصي باللاحق ولا يوجد نبي من الأنبياء (ع) أو الأئمة (ع) إلاّ وقد نصّ عليه الذي قبله، فإبراهيم (ع) وإسحاق ويعقوب عليهما السلام والأنبياء من بني إسرائيل (ع) نصّوا على موسى وأوصوا به وموسى والأنبياء (ع) أوصوا بعيسى (ع) ، وعيسى أوصى بمحمد (ص) ، ومحمد (ص) أوصى بعلي (ع) والأئمة (ع) والمهديين من ولده، فلا يوجد فراغ ليملأه غيرهم (ع). ولكن الأمم انحرفت عنهم فظهر فيها علماء عاملون يرشدون الناس إلى الرجوع إلى طريق الأوصياء (ع) وضرورة إتباعهم والأخذ عنهم فقط، وظهر أيضاً علماء غير عاملين يحاولون تقمص دور الأوصياء (ع) ، كما تقمصها ابن أبي قحافة.
    قال أمير المؤمنين (ع): (أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير، فسدلت دونها ثوباً وطويت عنها كشحاً، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا ...).
    أمّا الطريق الثاني لمعرفة خليفة الله في أرضه فهو: سلاح الأنبياء والأوصياء وهو العلم والحكمة، وهذا يُعرف من كلامهم ومعالجتهم للمشاكل والأمور الواقعة.
    ولابد للإنسان أن يتجرّد عن الهوى والأنا ليتبيّن حكمتهم وعلمهم (ع)، وبه احتج الله سبحانه على الملائكة:
    ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ). فهو خير دليل على خليفة الله في أرضه .
    أمّا الطريق الثالث لمعرفة خليفة الله في أرضه فهو: الراية (البيعة لله) أو الملك لله وطالب به الله سبحانه لخليفته الأول آدم (ع).
    ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِـي فَقَعُوا لَهُ سَـاجِدِينَ﴾.
    أي أطيعوه وأتمروا بأمره لأنه خليفتي.
    وقال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِـي الْمُلْكَ مَنْ تَشَـاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَـاءُ﴾.
    وقال تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾.
    وفي تلبية الحج: (الملك لك لا شريك لك).
    فهم لا يداهنون أحداً على حساب هذه الحقيقة وإن كانوا يُتّهمون بسبب حملها، فقديماً قالوا عن عيسى (ع): إنه طامع بملك بني إسرائيل الذي ضيعه العلماء غير العاملين بمداهنتهم الرومان، وقيل عن دعوة محمد (ص): (أنه لا جنة ولا نار ولكنه الملك)، أي إنّ محمداً (ص) جاء ليطلب الملك له ولولده، وقيل عن علي (ع) : (إنه حريص على الملك) مع أنهم يسمعونه يقول: (ما لِعلي وملك لا يبقى) ، ويرون زهده وإعراضه عن الدنيا وزخرفها ، وهذا حال عيسى الذي لا يخفى وحال محمد (ص).
    والأنبياء والأوصياء لا يحسبون لاتهام الناس أي حساب كما هو حال العلماء غير العاملين الذين يطلبون رضا الناس بسخط الخالق؛ ولذا فالناس يتبعون العلماء غير العاملين ويحاربون الأنبياء والأوصياء الذين يطالبون بحاكمية الله في أرضه سواء على مستوى التشريع أو التنفيذ أي (الدستور والحاكم)، فلابد أن يكون الدستور إلهياً والحاكم معيناً من قبل الله سبحانه وتعالى، وهذا لا يناسب أكثر الناس الذين يتبعون الشهوات ويرغبون بعافية الدنيا على حساب عافية الآخرة.
    وقد أخبرنا العليم الخبير بحال الأكثرية بما لا مزيد عليه:
    ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه﴾.
    ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ﴾.
    ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾.
    ﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ﴾.
    ﴿مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾.
    ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾.
    ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾.
    ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾.
    ولا يحتاج الناس إلى أكثر من هذه الآليات الثلاث لمعرفة خليفة الله في أرضه فاجتماعها لا يكون إلاّ في خليفة الله في أرضه، ولكنهم انقسموا كما انقسم الملأ الأول الذي امتحنه الله فآمن الملائكة وسجدوا، وكفر إبليس واستكبر ولم يرض أن يكون بينه وبين الله واسطة (خليفة الله في أرضه)، وهذه الآليات الثلاث حجة تامة من الله سبحانه للدلالة على خليفته في أرضه.
    ومع ذلك فإنّ الله سبحانه وتعالى - ولرحمته الواسعة - أيّد الأنبياء والأوصياء بآيات كثيرة منها المعجزات والرؤى التي يراها المؤمنون وغيرها مما لست بصدد استقصائه أو مناقشته، فراجع ما كتبه الإخوة أنصار الإمام المهدي (ع) حفظهم الله ووفقهم لكل خير في الدنيا والآخرة.
    ولكن فقط سأناقش جزئية في المعجزات التي أُؤيّد بها الأنبياء لأهميتها وغفلة الناس عنـها وهي: مسألة اللبس في المعجزة والهدف منه.
    فالناس يعرفون أنّ من معجزات موسى (ع) العصا التي تحولت أفعى، وقد كانت في زمن انتشر فيه السحر، ومن معجزات عيسى (ع) شفاء المرضى في زمن انتشر فيه الطب، ومن معجزات محمد (ص) القرآن في زمن انتشرت فيه البلاغة، وهنا يعلل من يجهل الحقيقة سبب مشابهة المعجزة لما انتشر في ذلك الزمان أنه فقط لتتفوق على السحرة والأطباء والبلغاء ويثبت الإعجاز، ولكن الحقيقة الخافية على الناس مع أنها مذكورة في القرآن هي أنّ المعجزة المادية جاءت كذلك للّبس على من لا يعرفون إلاّ المادة، فالله سبحانه لا يرضى أن يكون الإيمان مادياً بل لابد أن يكون إيماناً بالغيب ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾.
    ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كرِيمٍ﴾.
    ﴿مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ﴾.
    ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيـزٌ﴾.
    فالإيمان بالغيب هو المطلوب والذي يريده الله سبحانه، والمعجزة التي يُرسلها سبحانه لابد أن تُبقي شيئاً للإيمان بالغيب، ولهذا يكون فيها شيء من اللبس؛ ولهذا كانت في كثير من الأحيان مشابهة لما انتشر في زمان إرسالها ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾.
    ولهذا وُجد أهل المادة والذين لا يعرفون إلاّ المادة في التشابه عذراً لسقطتهم:
    ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ﴾.
    فالتشابه أمسى عذراً لهم ليقولوا ﴿سِحْرَانِ تَظَاهَرَا﴾ و ﴿إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ﴾، وقال أمير المؤمنين (ع) وهو يصف أحد المنافقين: (..جعل الشبهات عاذراً لسقطاته).
    أمّا إذا كانت المعجزة قاهرة ولا تشابه فيها فعندها لا يبقى للإيمان بالغيب أي مساحة ويكون الأمر عندها إلجاء للإيمان وقهراً عليه، وهذا لا يكون إيماناً ولا يكون إسلاماً بل إستسلام وهو غير مرضي ولا يريده الله ولا يقبله ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾، ففرعون يؤمن ويسلم أو قل يستسلم وقبل أن يموت ولكن الله لا يرضى ولا يقبل هذا الإيمان وهذا الإسلام ويجيبه الله سبحانه بهذا الجواب ﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾.
    هذا لأنه إيمان جاء بسبب معجزة قاهرة لا مجال لمن لا يعرفون إلاّ هذا العالم المادي إلى تأويلها أو إدخال الشبهة على من آمن بها، وبهذا لم يبق مجال للغيب الذي يريد الله الإيمان به ومن خلاله، فعند هذا الحد لا يُقبل الإيمان؛ لأنه يكون إلجاء وقهراً وليس إيماناً ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِـرُوا إِنَّا مُنْتَظِـرُونَ﴾، ﴿قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾.
    ولو كان الله يريد إلجاء وقهر الناس على الإيمان لأرسل مع أنبيائه معجزات قاهرة لا مجال معها لأحد أن يقول ﴿سِحْرَانِ تَظَاهَرَا﴾ أو ﴿أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ﴾، قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾.
    فالحمد لله الذي رضي بالإيمان بالغيب وجعل الإيمان بالغيب ومن خلال الغيب ولم يرض بالإيمان بالمادة ولم يجعله بالمادة ومن خلال المادة ليتميز أهل القلوب الحية والبصائر النافذة من عمي البصائر ومختومي القلوب.
    والحق أنّه وإن بقي الكثير ليناقش في هذا الموضوع ولكني أكتفي بالقليل وبفتح الباب، وأترك الباقي للمؤمنين ليتوسعوا فيه وأعود إلى أصل الموضوع فأقول: مما تقدم تبيّن أنّ الجهاد مع خليفة الله في أرضه وبأمره هو الحق وما سواه زخرف باطل.
    عن أبان بن تغلب قال: كان أبو عبد الله (ع) إذا ذكر هؤلاء الذين يقتلون في الثغور يقول: (ويلهم ما يصنعون بهذا يتعجلون قتلة في الدنيا وقتلة في الآخرة، والله ما الشهداء إلا شيعتنا وإن ماتوا على فراشهم). ]
    واستغفر الله لي ولكم والحمدلله رب العالمين
    [ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر (1) فصل لربك وانحر (2) إن شانئك هو الابتر(3) ]
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎