إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

جانب من خطبة الجمعة المباركة في قضاء بلد 12 صفر 1436هـ

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • مفيد المؤمن
    عضو جديد
    • 25-02-2013
    • 20

    جانب من خطبة الجمعة المباركة في قضاء بلد 12 صفر 1436هـ

    بسم الله الرحمن الرحيم
    قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً احد

    أشهد أن لا اله الا الله
    واشهد ان محمداً عبده ورسوله
    واشهد ان علياً والأئمة من ولده حجج الله
    واشهد ان المهدي والمهديين من ولده حجج الله
    السلام عليكم اخوتي انصار الله ورحمة الله وبركاته
    الحمد لله رب العالمين وصلي اللهم علة محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما

    الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.


    اعلموا اخوتي الانصار ان العقل بمنزلة تاجر في طريق الآخرة، ورأس ماله العمر، إذ يستعين في تجارته هذه بالنفس، فهي بمنزلة شريكه الذي يتجر في ماله، وربح هذه التجارة تحصيل الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة الموصلة إلى نعيم الأبد وسعادة السرمد. وخسرانها المعاصي والسيئات المؤدية إلى العذاب المقيم، أو نقول: رأس مال العبد في دينه الفرائض، وربحه النوافل والفضائل، وخسرانه المعاصي،،، وكما ان التاجر يشارط شريكه اولاً، ويراقبه ثانياً، ويحاسبه ثالثاً، وإن قصر في التجارة ـ بالخيانة والخسران وتضييع رأس المال ـ يعاتبه ويعاقبه ويأخذ منه الغرامة، كذلك العقل يحتاج في مشاركة النفس إلى ان يؤدي هذه الأعمال، ومجموعها يسمى بـ(المحاسبة والمراقبة)، وقد يسمى (مرابطة) أيضاً.
    فأول الأعمال في المرابطة هي (المشارطة): وهي أن يشترط على النفس ويأخذ منها العهود والمواثيق في كل يوم وليلة ، ألا ترتكب المعاصي، ولا يصدر منها شيء يوجب سخط الله. ولا تقصر في شيء من الطاعات الواجبة، ولا تترك ما تيسر لها من الخيرات والنوافل. والأولى أن يكون ذلك بعد الفراغ عن فريضة الصبح وتعقيباتها،( بالخصوص الأعمال العبادية التي أوصى بها يماني ال محمد ع ) فالعقل يخاطب النفس ويقول لها: يا نفس! مالي بضاعة سوى. العمر، ومهما فنى منه ، فني رأس المال.فعلينا اخوتي الاطهار ان نجد ونجتهد في مرضاة الله وذلك بالعمل بين يدي خليفته والالتزام بكل ما يصدر عنه ع ... فقد جاء في بعض كلام يماني ال محمد ع ((يا أيّها الأحبة أيها المؤمنون والمؤمنات لنعمل جميعاً على أن نكون نحن الجيل الذي يخرج من التيه والصحراء التي وجدنا أنفسنا فيها، ولنبدأ بإصلاح أنفسنا ومجتمعنا الإسلامي، كل حسب مقدرته ووسعه، قال تعالى:
    ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ([1][1]).
    أيّها الأحبة إنّ الابتعاد عن الدين الإسلامي والمنهج الرباني جعل على القلوب أقفالاً وريناً، وعلى البصائر حُجباً لا تُزال إلاّ بالإخلاص لله وبالاندفاع بقوة من ذل معصية الله إلى عز طاعة الله، ومن ذل طاعة الطاغوت والخضوع له إلى عز طاعة الله والتسليم له؛ ليبزغ النور في القلوب وتنجلي الظلمة عن البصائر، قال تعالى:
    ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ۞ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى ۞ وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى([2][2]).
    أعاذني الله وإياكم من الشقاء وجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه لعـل الله يمن علينا بفرج مولانا محمد بن الحسن (ع) فنفوز بالحُسنيين الشهادة بعد النصر وقتل أعداء الدين والمنافقين
    ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ([3][3]).
    إنّ في طريق الخروج من التيه الصلاة والزكاة والصوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله والحب في الله والبغض في الله، وفي طريق الخروج من التيه الالتزام بالشريعة الإسلامية كلها والإخلاص لله والعمل له سبحانه، وفي طريق الخروج من التيه دماء تسيل وعرق ينضح.
    إنّ السير في طريق الخروج من التيه غير يسير، ولكن عاقبته الخير؛ لأنّ في نهاية هذا الطريق رضا الله سبحانه ورضا رسوله ، وفي نهاية هذا الطريق إقامة دولة الحق والعدل الإلهي على الأرض وبسط كلمة الله أكبر على كل بقعة في الأرض.
    ولطريق الخروج من التيه آيات وعلامات واضحة يستدل بها السائرون إلى الله على صراطه المستقيم، ولا ينبئك عن هذه العلامات مثل خبير بهذا الطريق وهو الله سبحانه ومثل العلماء وهم محمد وآل محمد ع)) ،
    أخوتي الأنصار ،على كل واحد منا أن يحدث نفسه ويقول لها :: ان هذا لعهد جديد ويوم، وقد أمهلني الله فيه بعظيم لطفه، ولو توفاني لكنت أتمنى أن يرجعني إلى الدنيا يوماً واحداً لأعمل صالحاً، فاحسبي أنك توفيت ثم رددت، فاياكِ أن تضيعي هذا اليوم، فان كل نَفَس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة لا عوض لها، يمكن أن يشترى بها كنزاً لا يتناهى نعيمه أبداً. ويقول: اجتهدي اليوم في أن تعمري خزائنك، ولا تدعيها فارغة عن كنوزك التي هي أسباب ملكك ولا تركني إلى الكسب والبطالة فيفوتك من درجات العليين ما يدركه غيرك فتدركك الحسرة والغبن يوم القيامة إن دخلت الجنة، إذ ألم الغبن والحسرة وانحطاط الدرجة مع وجود ما فوقها من الدرجات الغير المتناهية التي نال إليها أبناء نوعك مما لا يطاق، ثم يستأنف لها وصية في اعضائه السبعة: أعني العين، والأذن، واللسان، والفرج، والبطن، واليد، والرجل، ويسلمها إليها، لأنها رعايا خادمة لها في التجارة، ولا يتم أعمال هذه التجارة إلا بها، فيوصيها بحفظ هذه الاعضاء عن المعاصي التي تصدر عنها، وبأعمال كل منها فيما خلق لأجله، ثم يوصيها بالاشتغال بالطاعات في اليوم والليلة، وبالنوافل والخيرات التي تقدر عليها، ، وينبغي ان يوصيها بالتدبر في عاقبة كل أمر يرتكبه في هذا اليوم والليلة. وهذه الوصية عمدة الوصايا، وقد روى: " أن رجلاً أتى النبي (ص) وقال: يا رسول الله اوصني، فقال له: فهل أنت مستوص إن أنا اوصيتك؟ ـ حتى قال له ذلك ثلاثاً، وفي كلها يقول الرجل: نعم يا رسول الله! ـ فقال له رسول الله (ص): إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته، فان يك راشداً فامضه، وإن يك غياً فانته " وفي هذا يتبين لنا : أن التأمل في عاقبة كل أمر اعظم ما يحصل به النجاة فينبغي ان يؤكد العهد والميثاق في ذلك على النفس ويحذرها عن الاهمال، ويعظها كما يوعظ العبد المتمرد الآبق، فان النفس بالطبع متمردة عن الطاعات، مستعصية عن العبودية، ولكن الوعظ والتأديب يؤثر فيها، (وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين) فهذا وما يجري مجراه هو المشارطة، وهو اول مقامات المرابطة.
    وثانيها (المراقبة): وهو ان يراقب نفسه عند الخوض في الأعمال، فيلاحظها بالعين الكالئة، فانها إن تركت طغت وفسدت، ثم يراقب الله في كل حركة وسكون، بأن يعلم ان الله ـ تعالى ـ مطلع على الضمائر، عالم بالخفايا، رقيب على أعمال العباد، قائم على كل نفس بما كسبت، وان سر القلب في حقه مكشوف، كما ان ظاهر البشرة للخلق مكشوف، بل اشد من ذلك، قال الله ـ سبحانه ـ:
    " إن الله كان عليكم رقيباً "[4][1]. وقال: " ألم يعلم بأن الله يرى؟ "[5][2].
    وقال رسول الله (ص): " الاحسان ان تعبد الله كأنك تراه، فان لم تكن تراه فانه يراك ". وفي الحديث القدسي: " إنما يسكن جنات عدن، الذين إذا هموا بالمعاصي ذكروا عظمتي فراقبوني، والذين انحنت اصلابهم من خشيتي، وعزتي وجلالي! إني لأهم بعذاب أهل الأرض فإذا نظرت إلى أهل الجوع والعطش من مخافتي صرفت عنهم العذاب ". وحكى: " ان زليخا لما خلت بيوسف، فقامت وغطت وجه صنمها، قال يوسف. مالك؟ أتستحيين من مراقبة جماد ولا استحيي من مراقبة الملك الجبار؟! ". وهذه المعرفة ـ اعني معرفة اطلاع الله على العباد وأعمالهم وكونه رقيباً عليهم ـ إذا صارت يقيناً ـ أي خلت من الشك ـ ثم استولت على القلب سخرت القلب وقهرته على مراعاة جانب الرقيب وصرفت الهمة إليه،فقد جاء في جواب سيدي ومولاي احمد الحسن في كتاب مع العبد الصالح ((سألت العبد الصالح u يوماً، وقلت: كيف قهر الأولياء أنفسهم وطوعوها لما يرضي الله فقط.
    فأجابني u: (بالله، ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾([6][1]).
    إن كنت تطلب فاطلب ما بينه الحسين u: "ماذا فقد من وجدك"، اطلب أن تتعلق به سبحانه في كل آن، فمن أحب شيئاً أعشى بصره. لو أنك تعلقت به وأحببته في كل آن فلن ترى غيره ، ولن تعرف غيره، بل ستراه في كل شيء، وسترى كل شيء به سبحانه. ماذا فقد من وجدك ، وماذا وجد من فقدك.
    نعم، فمن وجد الله، ومن عرف الله لا ينقصه شيء، ولا يفقد شيئاً؛ لأنه عرف أنّ الله هو كل شيء. ومن فقد الله، ومن جهل الله تماماً لم يجد شيئاً، وهو فاقد لكل شيء، فلن تسد فقره كل الكرة الأرضية بما فيها؛ لأنه هو أمسى الفقر بعينه.
    وكل إنسان بحسب جهله بالله تجده يحس بنفس القدر بالفقر والنقص الدائم الذي لا يجد له ما يسده - بسبب جهله بالله - سوى المادة التي هي في الحقيقة كالماء المالح الذي يزيد عطش الشاربين ولا يرويهم أبداً.
    الغنى فقط بالله، من الله، ومن يعرض عن الله لن يجد الغنى الحقيقي، ويبقى يلهث خلف سراب حتى يهلك في قلب الصحراء.
    المعرفة هي كل شيء، لذا قال محمد لعلي u: "يا علي إن ساعة تفكر خير من عبادة ألف عام").
    فقلت: أطلب ما يرفع نقصي رغم جهلي ، حفظك الله ونصرك وأعانك على من هم مثلي، كلامك لو رآه الصخر لحن وعقل، ولكن لا حول ولا قوة إلا بالله.
    فقال u: (أنتم إن شاء الله خير مني، بل أسال الله أن يرحمني بفضلكم عنده، فأنتم نصرتم الحق وسمعتم كلمات الله وأطعتم الله وعملتم بما أمركم به سبحانه، أما أنا فقد شاء الله أن يجعلني طريقاً ليوصل لكم رسالته، وإلا فلا أرى نفسي خيراً من الأطهار الذين أطاعوا الله وصدقوا بكلماته، وفقكم الله جميعاً وجزاكم الله خيراً).))

    استغفر الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين
    سورة الكوثر - وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما.

    اخوكم وخادمكم
    مفيد المؤمن



Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎