إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

جانب من خطبة الجمعة المباركة في قضاء بلد 5 صفر 1436

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • مفيد المؤمن
    عضو جديد
    • 25-02-2013
    • 20

    جانب من خطبة الجمعة المباركة في قضاء بلد 5 صفر 1436

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
    أشهد أن لا اله الا الله
    واشهد ان محمداً عبده ورسوله
    واشهد ان علياً والأئمة من ولده حجج الله
    واشهد ان المهدي والمهديين من ولده حجج الله
    بسم الله الرحمن الرحيم
    قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً احد

    السلام عليكم أنصار الله ورحمة الله وبركاته


    عرفت الهوى منذ عرفت هواك.... وأغلقت قلبي عمن سواك
    وبت أناديك يامن ترى ..
    خفايا القلوب ولسنا نراك
    أحبك حبين حب الهوى..
    وحــبــــا لأنـك أهل لـذاك
    فأما الذى هو حب الهوى..
    فشغلي بذكرك عمن سواك
    وأما الذى أنت أهل له ..
    فكشفك لي الحجب حتي أراك
    فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي ..
    ولكن لك الحمد في ذا وذاك
    (لا محبوب حقيقة إلا الله)
    اعلموا إخوتي الأنصار انه لا مستحق للحب غير الله سبحانه ـ، ولا محبوب بالحقيقة عند ذوي البصائر إلا هو، ولو كان غيره ـ تعالى ـ قابلا للحب وموضعا له فانما هو من حيث نسبته إليه ـ تعالى ـ، فمن احب غيره ـ تعالى ـ لا من حيث نسبته إليه، فذلك لجهله وقصوره في معرفة الله، وكيف يكون غيره ـ سبحانه ـ من حيث هو، لا من جهة انتسابه إليه، مستحقا للحب، وهو في نفسه مع قطع النظر عنه ـ تعالى ـ وعن انتسابه إليه ليس إلا العدم، والعدم كيف يصلح للحب، فينبغي ان يكون حبه لعموم الخلق بعموم النسبة، أي من حيث انها منه ـ تعالى ـ، وآثاره، ومعلولاته، واضوائه واظلاله، ولخصوص بعض الخواص الذين لهم خصوصية نسبة إليه ـ تعالى ـ، كالحب، والإنس، والمعرفة، والاطاعة لخصوص النسبة أيضا.

    (فقد تطرق سيدنا ومولانا يماني ال محمد ع لهذا الجانب اذ قال في بعض كلامه ع : (لا تكونوا أنصار أحمد الحسن العبد الذي يموت، والذي لا يقدر على شيء، بل كونوا أنصار الحي الذي لا يموت والذي يقدر على كل شيء)، أي: لا تشغلكم القبلة عن الحقيقة التي تقصدون، فلتكن قلوبكم متعلقة به سبحانه وتعالى لا بعبد من عباده وإن كان هذا العبد هو خليفة الله في أرضه فأطيعوا خليفة الله؛ لأنّ الله أمركم بهذا، ولتكن تضحياتكم مع خليفة الله؛ لأنّ الله أمركم بهذا، لا لأنكم تحبّون هذا الإنسان الذي جعله الله خليفته في أرضه، فهذا من الشرك الذي يمنع الإنسان المؤمن الصالح من الارتقاء في طرق السماوات: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ﴾([1][1]).
    واعلموا إنّ الله قد جعل لنا في قلوب الذين آمنوا ودّاً وحبّاً ترق قلوبهم لذكرنا وتسيل دموعهم شوقاً إلينا، وأنتم ممتحنون بهذا أيضاً فلا يشغلكم هذا عن الله، لا تكونوا كمن شغلته المرآة عن الصورة التي فيها وإنما هي وجدت لتوصلك إلى الصورة، فأعلموا يرحمكم الله إنّ خلفاء الله في أرضه ما هم إلاّ أدلة يعرفهم من عرفهم وبهم يُعرف الله، فغايتكم الله وغرضكم معرفته سبحانه وتعالى فإياكم ثم إياكم أن تنشغلوا بالأدلة (سلام الله عليهم أجمعين) عن هدفكم الذي أشاروا ويشيرون إليه.
    واختصر كلامي بكلمتين ضعوها في أعناقكم: (إياكم والانشغال عن القبلة، فهي قبلة أُمرتم بالتوجّه من خلالها، وإياكم والانشغال بالقبلة فهي قبلة يُراد ما بعدها).
    أحذركم أن تهملوا شيئاً من خليفة الله في أرضه فهو قبلتكم إلى الله، وأحذركم أن تنشغلوا بخليفة الله عن ذكر الله سبحانه فخليفة الله ما هو إلاّ قبلة إلى الله.
    ثم ليكن شغلكم في إصلاح ذات بينكم وكونوا رحماء بالمؤمنين يرحمكم الله، فأنتم إن شاء الله ليس فيكم من يعتقد أنّ لله سبحانه شريك، وليس فيكم من يعتقد أنّ الله سبحانه وتعالى وهو نور لا ظلمة فيه ،يحل في عالم من عوالم الخلق وهي ظلمة مختلطة بالنور، بل هي قائمة بنوره سبحانه وتعالى الله علواً كبيراً، كما أظن إنّكم تعلمون أنّ الله يخاطب من أخلص له - من خلقه - أنا حي لا أموت وقد جعلتك حياً لا تموت، أنا أقول للشيء كن فيكون وقد جعلتك تقول للشيء كن فيكون) انتهى كلام الامام

    ومما يوضح المطلوب: ان جميع أسباب الحب مجتمعة في حق الله ـ تعالى ـ، ولا توجد في غيره حقيقة، ووجودها في حق غيره وهم تخيل ومجاز محض لا حقيقة له. اما السبب في محبة النفس: فمعلوم ان وجود كل أحد فرع لوجود ربه وظل له، ولا وجود له من ذاته، بل هو من حيث ذاته ليس محض وعدم صرف، فوجوده ودوام وجوده وكمال وجوده من الله وبالله وإلى الله، فهو الموجد المخترع له، وهو المبقي له، وهو المكمل لوجوده بايجاد صفات الكمال فيه، فهو صرف العدم لولا فضل الله عليه بالايجاد، وهالك بعد وجوده لولا فضله عليه بالابقاء، وناقص بعد بقائه لولا فضله عليه بالتكميل، فليس في الوجود شيء له قوام بنفسه إلا القيوم المطلق الذي هو قائم بذاته ومقوم لغيره. وحينئذ، فمحبة كل شيء لنفسه ترجع إلى محبة ربه، وان لم يشعر المحب به، وكيف يتصور ان يحب الإنسان نفسه ولا يحب ربه الذي به قوام نفسه؟ مع ان من احب الظل احب بالتأكيد الاشجار التي بها قوام الظل، ومن احب النور احب الشمس التي بها قوام النور، وكل ما في الوجود بالاضافة إلى قدرة الله ـ تعالى ـ كالظل بالاضافة إلى الشجر والنور بالاضافة إلى الشمس، إذا الكل من آثار قدرته، ووجوده تابع لوجوده،
    اما سبب حب الالتذاذ والإحسان، سواء كان متعدياً إلى المحب ام لا: فمعلوم انه لا لذة ولا احسان إلا من الله ـ تعالى ـ، ولا محسن سوى الله، فانه خالق الاحسان وذويه، وفاعل اسبابه ودواعيه، وكل محسن فهو حسنة من حسنات قدرته وحسن فعاله، وقطرة من بحار كماله وافضاله جل وعلا.
    واما حب الحسن والجمال والكمال: فلا ريب في انه ـ تعالى ـ هو الجميل بذاته والكامل بذاته، وهو الجمال الخالص، والكمال المطلق، وحقيقتهما منحصورة به ـ تعالى ـ، وما يوجد في غيره ـ تعالى ـ من الجمال والكمال لا يخلو عن شوائب الخلل والنقصان، إذ النقص شامل لجميع الممكنات وانما تتفاوت في درجات النقص. وإذ نعرف ان الجمال المعنوي اقوى من الجمال الصوري، ومن كان من أهل البصيرة وكمال يكون حبه للجمال الباطن المعنوي اكثر واقوى من حبه للجمال الصوري، وحقيقة الجمال المعنوي الذي هو وجوب الوجود، وكمال العلم والقدرة، والاستيلاء على الكل، واستناد الجميع إليه، منحصر بالله ـ تعالى ـ، فإذا كان الجمال المشوب بالنقص محبوباً، فكيف لا يكون الجمال الخالص البحت الذي لا يتصور جمال فوقه محبوبا، بل المحبوب حقيقة ليس إلا هو.
    فكل جميل بالجمال الظاهر، أو بالجمال الباطن، رشحة من رشحات جماله، وكل كامل فكماله فرع كماله، فكل من احب جميلا احب خالقه وما احب احداً غير الله ـ تعالى ـ، لكنه احتجب عنه تحت وجوه الأحباب واستار الأسباب، هذا مع ان عمدة جمال المخلوقين انما هو علمهم بالله وبصفاته وافعاله، وقدرتهم على اصلاح نفوسهم بازالة الرذائل والخبائث الشهوية المانعة عن التقرب إلى الله ـ تعالى ـ، وباتصافهم بمعالي الصفات وشرائفها المقربة إلى الله، وعلى اصلاح عباد الله بالارشاد والسياسة، وهذه الأمور اضافات إلى الله ـ سبحانه ـ، فحبها يرجع إلى حبه ـ تعالى ـ.
    أما حب المناسبة الخفية والمجانسة المعنوية: فلا شك ان للنفس الناطقة الإنسانية مناسبة مجهولة خفية مع باريها وموجدها، إذ هي شعلة من شعلات جلاله، وبارقة من بوارق جماله، ولذا قال الله ـ سبحانه ـ:
    " قل الروح من أمر ربي "[2][5]. وقال: " إني جاعل في الأرض خليفة "[3][6].
    إذ لم يستحق آدم خلافة الله لا بتلك المناسبة، وبهذه المناسبة ينقطع العبد إلى ربه، ويعرفه عند ابتلائه بمصيبة وبلية، وهذه المناسبة لا تظهر ظهوراً تاماً إلا بالمواظبة على النوافل بعد أحكام الفرائض، كما قال الله ـ تعالى ـ: " لا يزال العبد يتقرب الي بالنوافل حتى أحبه، فإذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به ". وهذا موضع تزل فيه الاقدام،
    ، فهو سبحانه المستحق لاصل المحبة وكمالها، ولا متعلق للمحبة إلا هو، إلا انه لا يعرف ذلك إلا العارفون من اوليائه واحبائه، كما قال سيد الشهداء (ع) في دعاء عرفة بقوله: " وانت الذي ازلت الاغيار عن قلوب احبائك، حتى لم يحبوا سواك، ولم يلجأوا إلى غيرك ".


Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎