إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الصحبة و الصداقة :: بقلم الشيخ عبدالله المحمدي::

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • راية اليماني
    مشرف
    • 05-04-2013
    • 3021

    الصحبة و الصداقة :: بقلم الشيخ عبدالله المحمدي::






    الأخلاق الإلهية :: بقلم الشيخ عبدالله المحمدي::
    من على صفحته في الفيسبوك
    https://www.facebook.com/abdalaa.almohmadey.10313

    الحياة البشرية تتطلب منا ألألفة والمحبة والتعاون
    ( الحلقة ألأولى)

    بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمدلله رب العالمين، وصل اللهم على محمد وآل محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.
    الصحبة ألأولى
    ----------------
    منذ الطّفولة المُبكِّرة، وحتّى قبل أن يتعلّم الطِّفل النّطق، يبدأ بالميل للأطفال الّذين معه في البيت، فيلعب معهم، ويداعبهم، أو يتنازع معهم على اللّعب، أو قطعة الحلوى، أو الأشياء التي بأيديهم..
    إنّ هذه الميول المبكِّرة في الطبيعة الانسانية نحو الآخرين.. مصاحبتهم ومشاركتهم في اللّعب.. إنّ هذه الميول تكشف عن وجود غريزة الاجتماع في النفس البشرية..
    فالإنسان خُلِقَ وبحكمة إلهية ليعيش في مجتمع بشري.. لذا فإنّ الدوافع الغريزية، الإحساس النفسي بالحاجة إلى العيش مع الآخرين تدعوه إلى الألفة وتكوين العلاقة معهم.. ولذا أيضاً يشعر الانسان بالوحشة والكآبة، عندما يكون وحيداً منعزلاً.. وليس هذا فحسب، فالإنسان بحاجة إلى الآخرين كما أنّ الآخرين بحاجة إليه.. وبالألفة والتعارف والصّداقة والتعاون، وتبادل الأفكار والمنافع تتكامل إنسانية الانسان وجهوده وحاجاته النفسية والمادية والفكرية..
    والقرآن يشرح لنا هذه الحقيقة بقوله:
    (يا أيُّها النّاس إنّا خَلَقْناكُم مِن ذَكَر واُنثى وجَعلْناكُم شُعوباً وقبائِلَ لِتَعارَفوا إنّ أكرَمَكُم عندَ اللهِ أتقاكُم)(الحجرات/ 13).
    وهكذا فإنّ الحياة البشرية ألفة ومحبّة وتعاون.. ولا خير في مَن لا يألف الناس، ولا يألفونه، فمثل هذا السلوك الانطوائي والعزلة والابتعاد عن الناس يكشف في بعض جوانبه عن إحساس هذا الشخص بالنقص، وعدم الثقة بالنفس.. والمعاناة من عقد نفسية، تحول دون تكوين علاقات انسانية ناجحة مع الآخرين المؤهّلين لهذه العلاقات الطيِّبة..
    فالإنسان الإجتماعي المنفتح الذي يكوِّن علاقات انسانية مع الآخرين.. علاقات صداقة وروابط، ومشاركات اجتماعية، هو إنسان يملك الثقة بنفسه.. وذو سلوك صحِّي.. إنّه يشعر بالسعادة والارتياح في علاقات الصّداقة السّليمة، عندما يمنح الآخرين حبّه وثقته وإخلاصه، ويُبادله الآخرون مثل هذه المشاعر والأحاسيس الانسانية.. فيما تُولِّد العزلة والحالة الانطوائية في كثير من الأحيان، الكآبة، والتوتّر النفسي والقلق..
    إنّ الصّديق يدخل في علاقات وُدٍّ مع أصدقائه.. من الأحاديث المسرّة والمرح والمشاركة الرياضية، أو تبادل المعلومات، أو العون المادِّي، أو العمل الانتاجي المشترك، أو المساهمة في خدمات إنسانية أو اصلاحية مشتركة.. فيشعر بالرِّضا أمام نفسه، وأمام ربّه سبحانه، وأمام الآخرين.. ويستطيع عن طريق العلاقة بالأصدقاء الطيِّبي الخُلق والسلوك أن يُعبِّر عن طاقاته ومشاعره الأخوية، ويكوِّن جوّاً نفسياً مريحاً وسعيداً..
    والصّديق كما يكسب من أصدقائه بعض صفاتهم الطيِّبة، وكفاءاتهم الإبداعية، ولباقاتهم الحسنة، ومعلوماتهم الثقافية، فإنّهم يستفيدون منه أيضاً، فيستطيع عن طريق الصّداقة أن ينفع الآخرين، وينقل اليهم خبراته ومعارفه وحُسن خُلقه وأفكاره النافعة.. فيشعر بقيمة شخصيّته، وبالثقة بنفسه، فإنّه يكتشف ذاته وشخصيته من خلال العلاقة بالآخرين، وقدرته على التعامل معهم، والتأثير الحسن بهم.. فتتجسّد أمامه قدرته التي يحتاجها الآخرون.. وكلّ ذلك يبعث في نفسه الرِّضا والإرتياح والثقة..
    إنّ الشخصية المسلمة تنطلق في تقييم العمل والسلوك من مقياس الخير والنّفع الّذي أوضحه الهادي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله:
    «خيرُ النّاس مَنْ نَفعَ النّاس»[1].
    «مَنْ ساءَتهُ سَيِّئتهُ وسَرّتهُ حَسَنَتهُ فهوَ مُؤْمِن»[2].
    وجميل هو تشخيص الإمام عليّ (عليه السلام) لقيمة الشخصية الذي جاء بقوله:
    «قيمةُ المَرءِ ما يُحْسِن»[3].
    أحسن الله اعمالكم ووفقكم لطاعته ومرضاته واحسن سريرتنا مع بعضنا البعض . والحمدلله رب العالمين وصل يارب على محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.





    كيف نختار الأصدقاء؟
    (الحلقة الثانية)

    بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمدلله رب العالمين ،وصل اللهم على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما.
    إنّ صديقك يُعبِّر عن شخصيّتك، فعندما يعرف الناس شخصية صديقك يعرفوك، وعندما يعرفونك يعرفون شخصية صديقك.. والحكمة تقول: صديق المرأ شريكه في عقله.. فالإنسان يألف الناس الذين يماثلونه ويتقاربون معه في الأخلاق والسلوك والأفكار..
    لذلك جاء في الحديث النبوي الشريف:
    «المرأ على دين خليله، فلينظر أحدكم مَنْ يُخالِل»[4].
    فالصّداقة هي التقاء نفسي وفكري يربط بين الأشخاص، ويوحِّد المشاعر والعواطف بينهم..
    والقرآن يوضِّح أنّ الاُخوة والعلاقات الأخوية التي تكون بين الأشخاص على أساس الهدى والصّلاح هي ألفة ومحبّة بين القلوب، وترابط بين المشاعر والنفوس، واعتبر هذه الاُخوّة والمحبّة، نعمة كبيرة على الانسان..
    قال تعالى موضِّحاً هذه العلاقة:
    (واذكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُم إذْ كُنْتُم أعْداءً فأ لّف بَينَ قُلُوبِكُم فأصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخواناً)(آل عمران/ 103).
    وقال تعالى:
    (لَوْ أنْفَقْتَ ما في الأرْضِ جَميعاً ما ألّفتَ بينَ قُلوبِهِم ولكنّ الله ألّفَ بَيْنهم)(الأنفال/ 63).
    وهذا التحلـيل النفسي لعلاقة الاُخوّة والمحبّة التي تنشأ بين الأشخاص، على أساس الإيمان والإرتباط السّليم، هي اُخوّة صادقة ونزيهة، لايشوبها الغشّ أو المطامع.. والتجربة الاجتماعية والإحصاءات التي تسجِّلها دوائر إحصاء الجريمة توضِّح لنا أنّ أصدقاء السّوء ليسوا أصدقاء، بل أعداء.. فكم جرّت الصّداقات السيِّئة من كوارث ومآسي، وسمعة سيِّئة على الأشـخاص الذين كانوا أبرياء، ولكنّهم تلوّثوا بمخالطتهم لأصدقاء السّوء.. وأصبحوا مجرمين، أو شملتهم الجريمة، وسوء السمعة لعلاقتهم بأصدقاء السّوء.. ويحذِّرنا القرآن من أصدقاء السّوء، لينقذنا من النّدم بعد فوات الأوان.
    قال تعالى :
    (الأخلّاءُ يَومَئِذ بَعْضُهُم لِبَعْض عَدُوّ إلّا المتّقين)(الزّخرف/ 67).
    وعرض أمامنا قول الصّاحب النادم على صحبته، درساً وموعظة لنا.. عرض هذا المشهد من تحوّل الصّحبة إلى عداوة وكراهية، وتمنِّي البُعْد عن قرين السّوء، بعد أن كان يبتغي القرابة والعيش معه..
    (قالَ يا لَيْتَ بيني وبينكَ بُعد المشرقين فبِئْسَ القَرين)(الزّخرف/ 38).
    وإذاً فاختيار الصّديق هو في حقيقته اختيار لنوع شخصيّتنا وسمعتنا في المجتمع، وربّما لمصيرنا في المستقبل.. فكم من اناس أصبحوا صالحين وناجحين في حياتهم بسب أصدقائهم، وكم من أناس خسروا حياتهم، وتحمّلوا الأذى والمشاكل المعقّدة بسبب أصدقائهم..
    إنّ من الخطأ أن نكوِّن علاقات مع أشخاص لا نعرف طبيعتهم، وسلوكهم.. فقد نُخدَع بمظاهرهم الشكلية، وبأقوالهم المزخرفة، أو بهداياهم ومساعداتهم الخدّاعة، ثمّ نقع في الشراك، فيتعـذّر علينا الافلات منها..
    إنّ الشخص الذي نتّخذه صـديقاً وأخاً لنا في الحياة، يجب أن نختاره بعناية كبيرة، وبعد المعرفة لشخصيّته، من خلال علاقات الدراسة في المدرسة، أو في المسجد، أو عيشه معنا في المنطقة السكنية، أو في العمل، وربّما نصادف أشخاصاً في السّفر، واُناساً يعرِّفون أنفسهم بالمراسلة فتتكوّن بيننا وبينهم علاقات صداقة وروابط.. وهذا اللّون من العلاقات يجب أن نتأكّد منه، ونتعرّف عليه بشكل جيِّد.. فإنّ مثل هؤلاء الأشخاص غير واضحين لدينا في بداية العلاقة والتعارف.
    والحمدلله رب العالمين ، وصل يارب على محمد وال محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.



    كيف تكون صديقاً ناجحاً؟
    (الحلقة الثالثة)
    بسم الله الرحمن الرحيم، والحمدلله رب العالمين، وصل اللهم على محمد ألأئمةوالمهديين وسلم تسليما.

    العلاقة مع الآخرين فن من أهم الفنون الاجتماعيـة، وكثير من الناس لايحسن فن التعامل مع الآخرين.. لذا يفشل في كسب الأصدقاء، وتتحوّل عـلاقاته مع الآخرين إلى مشاكل وخلافات.. ذلك لأ نّه لا يعرف كيف يكسب الأصدقاء، وكيف يتعامل معهم.. وتزوِّدنا دراسات علم النفس، والتجارب اليومية، وما جاء من إرشادات عن الرسول الهادي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام).. كلّ تلك المصادر تزوِّدنا بإرشادات وتعليمات لكسب الأصدقاء والتعامل معهم..
    إنّ هذه التعليمات توضِّح أنّ الانسان الأناني لا يكسب الأصدقاء، وعندما تتكوّن له علاقة صداقة مع الآخرين فإنّه سرعان ما يخسرهم بأنانيّته، فهو لا يحبّ لهم ما يحبّ لنفسه، ولا يكره لهم ما يكره لها. بل يتصرّف بأنانية ومحاولة استغلال الأصدقاء لمصالحه الشخصية؛ لذا يبتعد عنه أصدقاؤه.. أمّا عندما يشعر الصّديق بأنّ صديقه يتعامل معه بإيثار ويحرص على مصلحته، كصديق له، يحترم هذا الشعور، وتزداد ثقته به وعلاقته معه..
    وإذاً لكي تكسب الأصدقاء، فلا تكن أنانيّاً مع أصدقائك.. بل تعامَل معهم بإيثار.. والإيثار هو أن تقدِّم مصلحة غيرك على مصلحة نفسك عندما تشعر أنّه بحاجة إليها..
    لقد عظّم القرآن صفة الإيثار التي مارسها المهاجرون والأنصار فيما بينهم كاُخوة.. عاشوا تجربة الاُخوّة الصّادقة.. فكان الأنصار يقدِّمون للمهاجرين ما يحتاجونه من سكن وطعام وتزويج ولباس ومعونة، حتّى ولو كان بعضهم بحاجة إلى ما يقدِّمه لأخيه الأنصاري؛ لذلك أثنى القرآن على هذا الإيثار، وامتدح الأنصار، لإيوائهم المهاجرين وتقديم العون لهم، مؤثرينهم على أنفسهم بحبٍّ وإخلاص صادق، يرجون بذلك وجه الله سبحانه..
    ولعظمة هذه الصِّفة خلّد القرآن تلك المواقف الأخلاقية الفريدة في سلوك الانسان بقوله:
    (والّذينَ تَبَوَّءوا الدّارَ والأيمانَ من قَبْلِهِم يحبّونَ مَن هاجرَ إليهم ولا يَجدونَ في صدورِهم حاجة ممّا اُوتوا ويُؤثِرونَ على أنفُسِهِم ولو كانَ بِهِم خَصاصة ومَن يوقَ شحّ نَفْسِهِ فاُولئكَ هُم المُفلِحون)(الحشر / 9)



    حُسن المعاشرة
    (الحلقة الرابعة)

    بسم الله الرحمن الرحيم، والحمدلله رب العالمين، وصل اللهم على محمد وال محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.

    ولكي يستطيع أحدنا أن يكسب الأصدقاء ويتفاعل معه الآخرون وتكون علاقته معهم علاقة قويّة راسخة، كأصدقاء.. يجب أن يكون حُسن المعاشرة والتعامل مع الآخرين.. ومن حسن المعاشرة أن يلقى الناس الذين يتعامل معهم بوجه طلق، يفيض بالبُشر، ترتسم عليه الابتسامة في الحديث وعند اللِّقاء.. فإنّ ذلك يجلب حبّ الآخرين وألفتهم، في حين يكون الوجه العبوس المتجهِّم سبباً لانقباض الناس وابتعادهم عنه، فلنتحاشى عبوس الوجه والتجهّم.
    إنّ البِشْر واطلاقه الوجه، وإشاعة الابتسامة هي تعبير عن المظاهر الصّادقة، ووسيلة لكسب وُدِّ الآخرين، وإشاعة الحبّ بين الناس.. وشعورهم بصفاء نفسك، وحبّك تجاههم.. والإبتسامة التي تطلقها بوجه البعض من الناس واستقباله بوجه طلق، وعبارة جميلة، تملك نفسه، وتفتح مغاليقها.. إنّ البعض من الناس يعيش حالة الحرمان العاطفي والجفوة من المحيط الاجتماعي، وعندما تتعامل معه بهذه الأخلاقية يشعر بأنّك توفِّر له الجوّ العاطفي الذي يبحث عنه بصورة شعورية أو لا شعورية..
    ويعطينا تحليلاً نفسيّاً لتلك الحالات، فعن أبي عبدالله الصّادق (عليه السلام)، قال:
    «تَبَسُّم المُؤمِن في وَجْهِ المُؤمِن حَسَنة»[5].
    وأرشدنا الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) بقوله:
    «البِشْر الحَسَن، وطلاقةُ الوجهِ مَكْسَبةٌ للمحبّة، وقُرْبَةٌ مِنَ الله عزّ وجلّ. وعَبَس الوجه، وسوء البِشْر مَكْسَبةٌ للمَقْت، وبُعْد مِنَ الله»[6].
    ويهدينا الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى كيفيّة التعامل مع الناس لكسبهم والنجاح في التعامل معهم بقوله:
    «إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطلاقة الوجه، وحُسن البِشْر»[7].
    ولكي يشيع حُسن التعامل مع الناس، وتنتشر المحبّة والسرور، يدعو الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) للناس الذين يظهر عليهم طلاقة الوجه، وسهولة التعامل فيقول: «رحمَ الله كلّ سهل طليق»[8].
    ومن أسباب النجاح في كسب الاُخوان والأصدقاء، وحُسن العلاقة مع الناس هو الكلمة الطيِّبة.. ويوضِّح لنا الرّسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) أهميّة الكلمة الطيِّبة في تكوين العلاقات الانسانية، يوضِّح ذلك بقوله: «الكلمة الطيِّبة صَدَقة».
    فللكلمة الطيِّبة أثرها النفسي الناجح في الآخرين. فصديقك حينما يسمع منك الكلمة الطيِّبة تعبِّر بها عن حبِّك له، أو حُسن أخلاقه، أو تثني على أعماله الحسنة، وتمتدح إنتاجه وجهوده الفنية والأدبية، أو ذكاءه وحُسن تصرّفه في موقف من المواقف، أو فعله للخير ومساعدة الآخرين، فإنّ تلك الكلمة تفتح أفقاً نفسيّاً بينك وبينه، وتشعره بقيمة شخصيّته في نفسك، واحترامك له.. وينبغي أن لا نُبالغ في مدح الآخرين فيصيبهم الغرور.. أو يتحوّل الشخص المدّاح إلى هزيل الشخصية يحاول كسب رضا الآخرين بامتداح أعمالهم وشخصيّاتهم.
    والحمدلله رب العالمين ، وصل يارب على محمد وال محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.
    --------------------------------------------
    [5]- الطبرسي/ مشكاة الأنوار/ ص180.
    [6]- المصدر السابق/ ص179.
    [7]- المصدر السابق/ ص180.
    [8]- المصدر السابق.



    التزاور بين الأصدقاء
    (الحلقة الخامسة)

    بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمدلله رب العالمين، وصل يارب على محمد وآل محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.

    من العادات الاجتماعية المألوفة لدى الإنسان هو الزيارة للأهل والأصدقاء والجيران في بيوتهم أو مقرّات عملهم..
    والزيارة تُشعِر مَن تزوره باهتمامك به، وحبّك واحترامك له.. إنّ الزيارة للصّديق، لا سيّما في مناسبات الأفراح، أو الأحزان، أو حالات المرض، أو التفقّد بعد الغياب والانقطاع، كالسّفر.. وحضورك في بيته تُعبِّر عن مشاركة وجدانية واتحاد في المشاعر والعواطف، وإشعار بأ نّك تقف معه في شدّته، عندما تزوره في الشدّة، وليس هو وحده.. وهو تعبير آخر عن الوفاء.. والصّديق عندما يُبادئ بالزيارة، أو يردّها على صديقه، إنّما يُعمِّق أواصر الاُخوّة والمحبّة..
    وقد تحدّث بعض الحالات التي تُكدِّر صفو العلاقة بين الأصدقاء.. فالزيارة إشعار بالإعتذار، وتعبير عن إلغاء ما في النفوس من عتاب أو عدم رضا..
    وكثيراً ما يشترك الأصدقاء في حالات الزيارة بتناول وجبة الطّعام، وللتناول المشترك للطّعام بين الأصدقاء دلالته الأخويّة الخاصّة من الحبّ والتكريم، وتكوين العلاقة الودِّيّة..
    إنّ الله سبحانه خالق الانسان حبّب لإنسانيّته العلاقة الطيِّبة مع الآخرين، ولذا جاء الحثّ في المبادئ الاسلامية والتأكيد على الاُخوّة والصّداقة والتزاور بين الاُخوة والأصدقاء..
    ويدعونا الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى زيارة الاُخوان ويعدنا الله سبحانه بالأجر والثواب الجزيل على ذلك.. جاء في الحديث النبويّ الشريف:
    «ما زارَ رَجلٌ أخاً في اللهِ، شَوقاً إلى لقائِهِ، إلّا ناداهُ مَلَكٌ من خَلْف: طِبْتَ، وطابَت لكَ الجنّة»[9].
    ويحثّنا الإمام جعفر بن محمّد الصّادق (عليه السلام) حفيد الرسول الأكرم على مواصلة الأخوان والأصدقاء فيقول:
    «التواصلُ بينَ الأخوانِ في الحضرِ التّزاور، وفي السّفرِ التكاتب»[10].
    وعن الصادق (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، أنّه قال: «لِقاءُ الإخوان مَغْنَمٌ جسيمٌ وإن قلّوا»[11].
    وهكذا تظهر لنا أهمية التزاور بين الأصدقاء من خلال الحثّ الكبير الذي تكشف عنه نصوص جمّة وردت عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عرضنا لبعض منها فيما سبق ونختمه بما ورد عن الامام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «الزيارةُ تُنْبِتُ المودّة»؛ ولكي لا تفقد الزيارةُ أثرها المطلوب، نجد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يشير الى أنّ الفترة الفاصلة بين زيارة وأخرى لا ينبغي أن تكون طويلة تشبه القطيعة، ولا قصيرة تؤدِّي إلى الملل، فيقول (صلى الله عليه وآله وسلم): «زُرْ غِبّاً تَزْدَد حُبّاً».
    والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على محمد وال محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.
    ---------------------------------------------
    [9]- مشكاة الأنوار/ 208.
    [10]- المصدر السابق.
    [11]- الكليني/ أصول الكافي/ ج2/ ص670.




    قرين السّوء ليس صديقاً
    (الحلقة السادسة)
    بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمدلله رب العالمين ، وصل يارب على محمد وال محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.

    وقد يخطئ الإنسان البريء والمستقيم السلوك فتتكوّن له علاقة صداقة مع اُناس سيِّئي السّمعة والسِّيرة والأخلاق، فتتلوّث شخصيّته، وسمعته بسبب علاقته بهم.. وكم من شاب وناشئ نظيف الشخصيّة تحوّل إلى مقترف للأعمال المشينة والسيِّئة متأثِّراً بقُرناء السّوء المنحرفين.. فصار مجرماً وشاذّاً يُطارده القضاء، ويحتقره الناس، أو متسكِّعاً في الشّوارع والطّرقات..
    لذا فقرين السّوء ليس صديقاً؛ لأنّ صديقك مَن صَدقَك، ومَن يجلب لكَ الخير بمصاحبته.. أمّا مَن يسيء إليك، ويجرّك إلى الإنحراف والجريمة، ويجني على مصيرك ومستقبلك، أو تكتسب منه العادات السيِّئة، فليس صديقاً.. لذلك سـمّاه القرآن عدوّاً، فقال:
    (الأَخِلّاءُ يَوْمَئِذ بَعْضُهُم لِبَعْض عَدُوّ إلّا المُتّقِين)(الزّخرف/ 67).
    ويصوِّر لنا القرآن حالة النّدم التي تصيب الانسان بعد أن يتورّط في الجرائم والانحراف بسبب علاقته بقرناء السّوء.. وتمنِّي هذا الانسان الذي أصبح ضحيّة لمصاحبة الأشرار، لو أنّه لم يلتق بذلك القرين الشرِّير، وأن تكون المسافة بينهما أبعد نقطة في الأرض.. قال الله تعالى يصف تلك الندامة بقوله:
    (يا لَيتَ بَيْني وبَيْنكَ بُعْدَ المَشْرِقَين فَبِئْسَ القَرِين)(الزّخرف/ 38).
    وكم هو جميل تصوير الرّسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) لمن تُخالطه من الأخيار والأشرار عندما يقول:
    «مَثَل الجليس الصّالح، وجليس السّوء، كحاملِ المِسْكِ، ونافخِ الكير، فحاملِ المسكِ إمّا أن يحذيكَ وإمّا أن تبتاع منه، أو تجد منه ريحاً طيِّبة. ونافخ الكير إمّا أن يحرق ثيابك، أو تجد منه ريحاً كريهة»[12].
    وهناك إحصائيات تنشرها المحاكم والسّجون، ودوائر مكافحة الإجرام والمعاهد المختصّة بدراسة الجريمة، وكلّ تلك الإحصاءات تؤكِّد أنّ نسبة عالية من الناشئين والشّباب، تعلّموا تناول المخدِّرات وارتكاب جرائم السّرقة والقتل والشّذوذ الجنسي والاعتداء، تعلّموها من مصاحبتهم لاُناس أشرار، فانتهت حياتهم إلى السّجن والسّقوط الاجتماعي، واحتقار المجتمع لهم؛ ولو أنّهم كانوا بعيدين عن اُولئك الأشرار، لما سقطوا في تلك الهاوية، ولكانوا شباباً صالحين.
    وأثبتت عمليّات التحقيق الجنائي أنّ 42 % من الناشـئين الذين تورّطوا في الاجرام والشّذوذ والإنحراف، اعترفوا بأنّ أصدقاءهم هم الّذين ساهموا بانحرافهم.
    وتفيد احصائية للأشخاص الّذين يتناولون المخدِّرات بأنّ 43 % منهم كان تناولهم لها بسبب مصاحبتهم لأشخاص يتناولون تلك المخدِّرات.
    إنّ مَن يحترم شخصيّته، ويحرص على مصيره ومكانته في المجتمع، لا يختلط بقرناء السّوء.. وكلّ ذلك يدعو الناشئين والشّباب من الذكور الذين يختارون أصدقاءهم، والاُناث اللّواتي يخترن صديقاتهنّ.. أن يكون الاختيار سليماً، ولأشخاص معروفين باستقامة سلوكهم، وحُسن أخلاقهم وسمعتهم.
    والحمدلله رب العالمين ، وصلى اللهم على محمد وآل محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.
    ---------------------------------
    [12]- السيوطي/ الجامع الصّغير/ ج2/ ص456/ رقم الحديث 8130/ ط. المكتبة التجارية الكُبرى/ القاهرة – مصر.


    احتفظ بسرِّك
    ( الحلقة السابعة)
    بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمدلله رب العالمين ، وصل يارب على محمد وال محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.

    كلّ إنسان له أسراره الخاصّة به، وعليه أن يحتفظ بسرِّه، فإنّه جزء من شخصيّته، فلا ينشره بين الناس، فيعرِّضها للخطر، وربّما للإهانة.. فيجني على نفسه أو اُسرته..
    وقد يثق البعض ببعض الناس فينقل اليه أسراره، والقضايا الخاصّة به، فيضع مصيره وسمعته بيد الآخرين..
    وكما يقول المثل: الكلمة مُلكك، فإن خرجت منك صرتَ ملكاً لها.
    إنّ الإنسان قد يحتاج إلى أن يستشير بعض أصدقائه أو معارفه في قضية خاصّة به، فيطلعهم عليها لمساعدته، أو ليحذِّرهم منها، وواجبهم الشرعي والأخلاقي الاحتفاظ بذلك السرّ فإنّه أمانة.. وتلك المسألة مسموح بها في حدود الثقة والمصلحة.. ولكن البعض من الناس يعيش حالة من السّذاجة والثرثرة، فيتحدّث بكل ما عنده لمن يصادقه ويصاحبه..
    إنّ بعض الناس يحتفظ بالسِّرّ ما زالت علاقته حسنة بك، فإن اختلف معك كشف سرِّك، أو قد يتحوّل بعض الناس من وضع حسن إلى وضع سيِّئ فيستخدم السِّرّ الذي اطّلع عليه بالأمس لابتزازك، وإرغامك على ما يريده منك، وإلاّ كشف سرّك..
    ومن الناس مَن لا يحتفظ بالسِّرّ، ولا يحرص على مصير الآخرين وسمعتهم، فعندما يستمع إلى حديث من صديقه يُسارِع بنقله والتحدّث به للآخرين..
    وكم من الناس ذهب ضحيّة إفشاء السِّرّ وكشفه، فسقط في المجتمع، أو عُرِّض للأذى والمشاكل.. والسرّ أحياناً يكون في شيء سيِّئ يصدر من الانسان بسبب جهله وخطأه.. والله سبحانه يستر على عباده ويعفو، ويغفر للتائبين، وحينما يكشف الانسان سرّه يُعرِّض شخصيّته وسمعته للإهانة والخطر، وربّما يقطع طريق الاصلاح والخلاص على نفسه، وذلك فعل محرّم، وجناية على النفس، وخيانة لها..
    وكم من الوصايا التي صدرت عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة (عليهم السلام) والحكماء ترشدنا إلى حفظ السرّ، نذكر من تلك الوصايا والحكم:
    «سِرُّك أسيرك، فإن أفشيته صرت أسيره»[13].
    «إفشاء السرّ سقوط»[14].
    «لا تطلع صديقك من سِرِّك، إلّا على ما لو أطلعت عليه عدوّك لم يضرّك، فإنّ الصّديق، قد يكون عدوّاً يوماً ما»[15].
    لنتعلّم من تلك التجارب والحكم، ولنحفظ ألسِـنَتنا من الثرثرة، والتحدّث بالسرّ الخاص بنا.. وكما نطلب من أصدقائنا أن يحفظوا سرّنا، إذا اطّلعوا عليه، فإنّ واجبنا أن نحفظ سرّ اخواننا وأصدقائنا، وأن نستر عليهم عيوبهم وأخطاءهم.. ويهدينا الرّسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى هذه الخُلق الكريمة بقوله:
    «مَنْ سَتَرَ أخاهُ المُسلِم في الدُّنيا فلم يفضحهُ، سرّهُ الله يوم القيامة»..
    فكما نعرف أنّ الانسان يخطئ وتصدر منه زلّات وعثرات، لو اطّلع عليها الآخرون لكانت مصدر أذى وإساءة لشخصيّته؛ لذلك أمرنا الله سبحانه أن نستر أخطاء الناس وزلّاتهم. ومن حقِّهم علينا النّصح والإرشاد، من غير أن نُطلِع أحداً على ذلك.
    والحمدلله رب العالمين وصلى اللهم على محمد وال محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.
    ------------------------------
    [13]- ميزان الحكمة/ ج4/ باب السِّرّ/ ص426/ رقم الحديث 8402، عن الإمام عليّ (ع).
    [14]- المصدر السابق/ رقم الحديث 8405، عن الإمام الصادق (ع).
    [15]- الجامع الصغير/ ج2/ ص526/ رقم الحديث 8741، عن الإمام الصادق (ع).


    الوفاء للصّديق
    (الحلقة الثامنة)

    بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمدلله رب العالمين وصل يارب على محمد وآل محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.

    الصّديق هو مَن يكون وفيّاً لأصدقائه في السرّاء والضرّاء، في الشدّة والرّخاء..
    إنّ من الأصدقاء مَن تخدعك علاقته بك.. فتشعر في حالة الرّفاه، أو عندما يحصل على مكاسب من علاقته بك.. تشعر بأ نّه صديق مخلص ومحبّ.. يتواصل معك في العلاقة والزيادة، ويلقاك بالتحيّة والابتسامة.. ولكنّه عندما يشعر أنّك في ضيق، أو بحاجة إلى مساعدته، تتغيّر أخلاقه ومواقفه منك، وكأن لم تكن بينك وبينه مودّة أو صداقة.. إنّ هذا الصنف من الأصدقاء لا يُعتبر صديقاً وفيّاً لك..
    فكم من الناس كان له أصدقاء كثيرون عندما كان وضعه المادِّي موسّعاً، أو كان له موقع اجتماعي مرموق. ثمّ تفرّقوا عنه عندما ذهب مالُه، أو فقد مركزه في الدولة أو المجتمع، أو أصبح بحاجة إلى مساعدتهم، أو لا يستطيع أن يقدِّم لهم مساعدة.
    يُحدِّثنا التأريخ عن نموذج من الوفاء والأخوّة، فيذكر أنّ بعض المسلمين الأوائل (مسروق) و (خيثمة) كان على كلٍّ منهما دَين ثقيل. فعلم كلّ منهما بدَين أخيه. فقام مسروق بقضاء دَين خيثمة، وهو لا يعلم بذلك، وقام خيثمة بقضاء دَين مسروق، وهو لا يعلم بذلك.
    إنّ هذا العمل يُعبِّر عن العلاقة الصّادقة، والمُشاركة في الشِّدّة والضِّيق..
    إنّ من الوفاء أن تكون وفيّاً ليس لصديقك فحسب، بل ولأصدقائه وأبنائه وأهله..
    ومن صور الوفاء الصادق وفاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد رُوي عنه أنّ زوجته خديجة (رض) كان لها صديقات يأتين إليها في حياتها، فلمّا توفِّيت خديجة كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يذكرهنّ، ويُقدِّم الهديّة لهنّ. فكان إذا ذبح شاة قال: «أرسِلوا إلى أصدقاء خديجة»، فتسأله عائشة عن ذلك فيقول: «إنِّي لأحبُّ حَبِيبها».
    إنّ الصديق مَن يفي لصـديقه، ولا يتركه عند الشِّدّة والحاجة، ولا ينساه عندما يكون في وضع اجتماعي متقدِّم.
    والحمدلله رب العالمين وصلى اللهم على محمد وال محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.



    ألأيثــــــــــــــــــــــار
    (الحلقة التاسعة)

    من كلام ألأمام احمد الحسن وصي ورسول ألأمام المهدي واليماني الموعود(عليهما السلام)
    بسم الله الرحمن الرحيم ،والحمدلله رب العالمين ،وصل اللهم على محمد وال محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.
    قال ألأمام احمد الحسن مكن الله له في الارض):-
    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    هكذا يُهدَم الانسان
    ---------------------
    سبب كتابتي لهذا الموضوع هو اني اليوم واثناء زيارتي أحد الأنصار حفظه الله أطلعت على خبر مفاده ان احدى الجهات التي تمثل المرجعية كما يسمونها قد رفعت شعارا انتخابيا في العراق مفاده : (محافظتي أولا)
    مؤخرا وفي اختبارات اجراها عالم ياباني من جامعة كيوتو تبين انه قد تكون آلة ذكاء الشمبانزي أفضل من آلة ذكاء الانسان في بعض الجوانب كالذاكرة قصيرة المدى.
    بقية الحيونات تشاركنا حتى في أنواع الايثار الأخرى كالايثار المتبادل الذي تشاركنا فيه الخفافيش مصاصة الدماء او ايثار الأهل والابناء والاقارب الذي تبنيه الجينات في الاجسام والذي تشاركنا فيه حتى الفئران في جحورها.
    ما يميزنا نحن البشر تمييزا حقيقيا عن بقية الحيونات المنتشرة على الأرض هو الايثار الحقيقي المحايد وللعلم فان الايثار الحقيقي المحايد عصي على التفسير العلمي المنطقي والمقبول له سواء من علم الاحياء التطوري او علم الاحياء الاجتماعي ولهذا فالايثار الحقيقي المحايد هو العقبة الواقفة بشموخ امام تكامل النظرية الالحادية علميا
    ما يميزنا نحن البشر هو اننا في حالات - وبخلاف كل بقية الحيونات - نتمرد على انانية الجينات الفردية وبناءها العتيد في اجسامنا، فقد قامت وعلى مدى مئات ملايين السنين ببناء الاجسام لتتصرف بصورة انانية تجلب للجينات المنفعة التي تتمثل بالبقاء والانتقال عبر الأجيال.
    الجينات يمكن ان تبني في الأجسام آليات – كالغدد - ومنتجات – كالانزيمات - تجبر الجسم على إيثار كاذب وغير حقيقي، ايثار يجلب لها المنفعة، كايثار الاهل لأبناءهم ولكن الجينات لايمكن ان تعمل بالضد من مصلحتها الانانية الفردية وتبني في الاجسام الايثار الحقيقي المحايد أو حتى ان تسمح له كثقافة ان يمر بسلاسة لان هذا - في الطبيعة - يعني إنقراض تلك الأجسام وفناء واندثار تلك المجموعة الجينية وعدم انتقالها عبر الأجيال.
    هويتنا نحن البشر التي تميزنا عن بقية الحيونات هي الايثار الحقيقي المحايد والذي يكون بدون توقع مقابل مستقبلي كما تتوقعه الخفافيش مصاصة الدماء عندما تجتر بعض الدم لجيرانها، وبدون غريزة بنتها فينا الجينات لتجبرنا على ايثار الأبناء مثلا لأنهم وسيلتها للانتقال الى الجيل اللاحق والبقاء.
    الايثار الحقيقي المحايد هو أشرف هوية يمكن ان يحملها كائن حي ليس في الأرض فقط بل على مستوى الكون المادي الجسماني ككل ومن المؤسف ان يتخلى عنها أكثر الناس وهم لا يعلمون انهم بتخليهم عنها يختارون ان تهيمن عليهم الحالة القردية ويكونون كأي نوع آخر من بقية القردة العليا الشمبانزي أو أو الغوريلا أو الاورونجوتان قال تعالى : ((وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ [البقرة : 65]))
    وقال تعالى : ((قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ [المائدة : 60] ))
    وقال تعالى : (فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ [الأعراف : 166])) : أي انهم القوا المفاتيح من ايديهم وخسروا الروح الانسانية التي بثها الله في ابيهم آدم ع وحثهم على تحصيلها ولم تبقى لهم الا الروح الحيوانية فعادوا الى اصولهم حيوانات وبهائم وأجساد تخدم انانية الجينات لا غير
    لهذا ففي مقابل من يدعونكم بأنا أولا أو اخي قبل ابن عمي أو ابن عمي قبل الغريب او مدينتي او محافظتي او بلدي أولا
    أدعوكم لشعار انسانيتي أولا
    وانسانيتكم رهن تميزكم عن بقية الحيونات ومايميزكم تمييزا حقيقيا ليس هو الدماغ فقط لأنه نتاج تطوري يمتلكه بقية الحيونات وإن بمستوى ادنى، مايميزكم هو الايثار الحقيقي المحايد الذي يمكن ان تتحلون به، وبه تُعدون بشرا،
    شرفك وانسانيتك تجدها ،
    عندما تتكفل فقيرا ويتيما لا تربطك بهما صلة قرابة ورغم حاجتك للمال،
    عندما تعطي دون ان تنتظر مقابلا مستقبليا ،
    أدعوكم لبناء الانسان في بواطنكم أدعوكم لقتل الانا، ولشعار جاري قبل نفسي والمدينة المجاورة قبل مدينتي كما أوصى رسول الله محمد ص والائمة ص والانبياء ص : الجار أولا، والفقير أولا، واليتيم أولا، والارملة أولا، وأدعوكم لنبذ ما يدعوكم له هؤلاء فإنهم يدعونكم وللأسف للاقتداء بالشيطان القائل أنا أولا وملحقاتها وتوابعها مثل مدينتي أولا ومحافظتي أولا هؤلاء يدعونكم لتكونوا مصداقا لقوله تعالى : (فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ)
    هؤلاء بجهلهم وبشعاراتهم يهدمون الانسان وإذا هدم الانسان فلا يمكن ان يكون منتجا وعنصرا نافعا وفاعلا في الحياة الاجتماعية السليمة بل سيكون قنبلة موقوتة تنتظر وقتها أو الفرصة المناسبة لتنفذ سمومها في الآخرين،
    وهذا هو الواقع الذي يعيشه الناس اليوم فللأسف ان كثيرا من اللصوص والموظفين الفاسدين هم ضحية هؤلاء وشعاراتهم وقدوتهم الطالحة.
    لابد ان يدرك العاقل انه حتى رفاه المجتمع الدنيوي لا يمكن تحصيله عن طريق هؤلاء فضلا عن خسارة الآخرة باتباعهم .[1]
    والحمد لله رب العالمين وصلى اللهم على محمد وال محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.
    --------------------------------------------
    [1]- من كتاب العصر وهم ألألحاد.



    حقّ النّصيحة
    (الحلقة العاشرة)

    بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين ، وصل الله على محمد وال محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.

    صديقُكَ مَن صَدَقَك.. حكمة خالدة يتعامل بها الأصدقاء العقلاء.. ذكوراً واُناثاً..
    فحقّ الصّديق على صديقه أن ينصحـه.. فكلّ إنسان يحتاج النصيحة من الآخرين، كما يحتاج إلى استعداد نفسي لقبول النصيحة..
    فإنّ بعض الناس لا يتقبّل النّصيحة، فيندم بعد فوات الأوان..
    إنّ خبرة الانسان ومعرفته محدودة.. وفي نفسه دوافع ونوازع تدفعه نحو الخير تارة.. ونحو الشرّ تارة أخرى.. وفي الحياة مُغريات وقرناء سوء تشجِّع الانسـان على فعل الشرّ، وممارسة الانحراف وعادات السّوء..
    وما لم يحصل الانسان على مَن ينصحه ويرشده، يتورّط في ارتكاب مُفارَقات خطيرة.. وغير ذلك، فإنّ الانسان الذي لم تكتمل تجربته يقع في أخطاء كثيرة في حياته العمليّة، فيحتاج إلى مَن يُقدِّم له النصيحة والمعلومات التي تساعده على النجاح في اختيار نوع العمل، أو المشاركة في نشاطات اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، أو في اختيار اختصاصه الدراسي، أو عندما يُفكِّر في الزّواج بفتاة، أو تفكِّر الفتاة بالزّواج من شاب..
    إنّ من حقّ الصّديق عليك أن تنصحه، وتُقدِّم لهُ ما لديك من معلومات أو خبرة تفيده بها؛ ليترك هذا الشيء إذا كان فيه ضرر، أو مشكلة لم يطّلع عليها، أو تشجِّعه على فعل شيء لوجود منفعة ومصلحة فيها، أو تزوِّده بالإرشادات والمعلومات الكافية في تلك القضيّة، ليستعين بها في عمله، أو في القضية التي يواجهها في حياته، كالدراسة، والزّواج، ونوع العمل، أو شراء شيء أو بيعه، أو الاشتراك مع جماعة في عمل وعلاقات معيّنة.
    إنّكَ إذا تركتَ صديقكَ، ولم تنصحه، وتركك صديقك، ولم ينصحك، فقد خنته وخانك.. والصّديق أمين على صديقه ووفي له..
    والنصيحة قد تنقذ الإنسان من الهلاك والانحراف، كما تُساهِم بعض النصائح في نجاح الانسان في حياته العلمية أو السياسية والعائلية والاقتصادية والاجتماعية..
    ولأهميّة النصيحة كانت واجبة علينا في بعض الأحيان، ويحاسبنا الله سبحانه ويعافينا إذا تركنا نصيحة إخواننا، وحدث ما يضرّهم.
    وديننـا العظيم يأمرنا بالنصـيحة لأخواننا وأصدقائنا؛ جاء ذلك في الحديث الشريف: «يجب للمؤمن على المؤمن النّصيحة في المشهد والمغيب»[16].
    والحمدلله رب العالمين ،وصل يارب على محمد وال محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.
    -------------------------------------

    [16]- الكافي ج1 92



    النّق والعِتاب بين الأصدقاء
    (الحلقة الحادي عشر)

    بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين ،وصل يارب على محمد وال محمد ألأئمةوالمهديين وسلم تسليما.

    تمتد العلاقة بين الأصدقاء أزمنة قد تطول سنيناً أو شهوراً، أو ربّما مدى الحياة.. وفي هذه المعايشة الزمنية الطويلة أو القصيرة تظهر طبائع الأصدقاء، ويتجسّد سلوكهم النافع أو الضّار.. والخطأ مسألة طبيعية في حياة الانسان، فليس فينا مَن لا يُخطِئ، والإنسان يُخطئ مع ربِّه، ويُخطئ مع نفسه، ويُخطئ مع الناس الذين يعيش معهم..
    ومَن يقع الخطأ عليه، لابدّ أن يكون له ردّ فعل على ذلك الخطأ.. ويختلف ردّ الفعل على الخطأ حسب حجم الخطأ ونوعه، وحسب شخصيّة الانسان الذي وقع عليه الخطأ، وقدرته العقلية والنفسية في التعامل مع أخطاء الآخرين، فالبعض يغضب ويُقاطع، وتصدر منه كلمات مؤذية، أو نقد جارِح، والبعض قد يسكت على الخطأ، ويغضّ الطّرف عنه، وكأنّه لم يسمع، ولم يرَ تلك الأخطاء، ويتعامل بهدوء، ويتسامح في كلّ الأحوال، ومهما يكن الخطأ صغيراً أو كبيراً.
    وللتعامل مع خطأ الأصدقاء اُصوله الأخلاقية.. فالصديق عندما يُخطئ تجاه صديقه، كأن تصدر منه كلمة مؤذية، أو يتصرّف تصرّفاً ماليّاً أو اجتماعيّاً... إلخ، ويُسيئ إلى صديقه.. فمن حقّ الصّديق أن يُعاتِب صديقه على خطئه، وطريقة تصرّفه، ولكن يجب أن يكون العتاب بالحُسنى، وإلفات نظره إلى خطئه، وتحمّل خطأ الأصدقاء الذي يصدر من الناس الطبيعيين مسألة أساسية في حياة الأصدقاء، فمَن لا يتحمّل خطأ الآخرين، لا يسـتطيع أن يتعايَش معهم، أمّا مَن يتجاوز حـدود الآداب، ويُحمِّل صديقـه الضّرر والإساءة بسـبب تصرُّفاته، فليسَ مِنَ الصحيح أن نتّخذ هذا الانسان صديقاً لنا. وعلينا أن نُحاسِبه ونكشف له خطأه، ولكن باُسلوب مُناسِب للموقف.
    إنّ القرآن الكريم يدعونا إلى العفو عن المخطئ، وأن ننقد الآخرين دون المسِّ بمشاعرهم وشخصيّتهم..
    قال تعالى:
    (والكاظِمِين الغيظ والعافينَ عَنِ النّاسِ واللهُ يُحِبّ الُمحْسِنين)(آل عمران/ 134).
    (وقُولُوا لِلْنّاسِ حُسْنا)(البقرة/ 83).
    (يا أيُّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللهَ وقُولوا قَوْلاً سَدِيداً)(الأحزاب/ 70).
    فإنّ نقد الصّديق ومعاتبته إذا أخطأ موقف صحيح، وضروري لتصحيح الخطأ، ولإدامة العلاقة بين الأصدقاء.. ولكن من الخطأ أن نُعاتِب الصّديق في كلِّ قضيّة مهما تكن صغيرة، أو أن يكون نقدك أو عتابك مُثيراً لمشاعر أصـدقائك، أو جارحاً لهم. لابدّ من احترام مشاعر الصّديق، وتوجيه النّقد والعتاب إليه بلغة مقبولة لديه، بعيدة عن الاستفزاز والإثارة.. وكم هو جميل قول الشاعر:
    إذا كُنتَ في كلِّ الاُمورِ مُعاتِباً صديقك لَم تلق الّذي لاتُعاتبه
    وإذا كنّا نطلب من الصّديق أن يتقبّل منّا العتاب والنّقد البنّاء، فعلينا أن نتقبّل منه العتاب والنّقد البنّاء. وأن تتّسع قلوبنا وعقولنا لقبول ذلك، فإنّ الانسـان يُخطئ، والنّقد البنّاء يُساهم في حذف الأخطاء، وتقويم الانسان.


    السخاء وحسن الخلق
    ( الحلقة الثانية عشر)

    بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى اللهم على محمد وآل محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما.

    لقد حثّ القرآن الكريم على حسن الخلق ورغب فيه ودعا إليه بأسلوب هو غاية في الروعة والأداء، فيه التشوق إلى العطاء الذي ما بعده من عطاء. ألا وهو قرض الله قرضاً حسناً وهل هناك أكرم وأعظم من هذا الذي نقرضه؟ إنه العلي القدير، الرحمان الرحيم رب العالمين فاطر السماوات والأرض صاحب العرش العظيم. قال تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (14).

    فأي تلطف من رب العالمين تبارك وتعالى في هذا التعبير الذي يجعل الإحسان بمثابة الأقراض وإنما يقترض المحتاج والله غني عن العالمين حيث له ملك السماوات والأرض ومن فيهن. ولقد جاء التعبير بمثل هذه الصورة نيابة عن الفقراء والمحتاجين ودفاعاً عنهم. وما قيمة امرئ يبخل بأقراض بعض المال لواهبه الذي سيرده بلا ريب أضعافاً مضاعفة!! والإمام الكاظم (عليه السلام) لهذا كله حث أصحابه على التحلي بالسخاء وحسن الخلق قال (عليه السلام):

    (السخي الحسن الخلق في كنف الله، لا يتخلى الله عنه، حتى يدخله الجنة، وما بعث الله نبياً إلا سخياً، وما زال أبي يوصيني بالسخاء وحسن الخلق..).

    وقد عمل (عليه السلام) بوصية أبيه (عليه السلام) ثم بوصية جده (صلّى الله عليه وآله) الرسول الأكرم الذي قال: (ألا أخبركم بأحبكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة؟ أحاسنكم أخلاقاً الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون...) (1).
    والحمدلله رب العالمين ، وصلى اللهم على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما.
    --------------------------
    [1]- المجازات النبوية للشريف الرضي، ج1، ص187. والكنف: الجانب. الموطئون: الذين يدوس الناس جانبهم فلا يؤذون ولا يزعجون




    حضور المجالس الحسينيه
    ( الحلقة الثالثة عشر)

    بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين، وصل يارب على محمد وال محمد ألأئمة والمهديين وسلم تسليما .

    ان حضور المجالس بصور عامة وخصوصا مجالس عزاء سيد الشهداء (ع) يمثل إقامة لشعيرة من شعائر الدين الحنيف هذا اولا وثانيا هي بحد ذاتها بناء لشخصية الانسان المؤمن وكذلك اعطاءه فرصة ثمينة للتعرف على اخوته المؤمنين .
    ومن هذا المنطلق احببنا التنويه الى ملاحظات مهمة في هذا المجال :

    1_ لابد لأصحاب المجالس من قصد القربة الخالصة لله تعالى.

    2_ ان مجالس ذكر الحسين (ع) إنما هي في واقعها ذكر لله تعالى، فلابد من توقير تلك المجالس بالدخول فيها بالتسمية والطهور، واستحضارها كجامعة من اعرق الجامعات الإسلامية.

    3_ لابد من الإستعداد النفسي قبل دخول المجلس ، فيستحسن الإستغفار وذكر الله كثيراُ ، والصلوات على النبي وآله الطاهرين ، ولا يفوتنا ان ننوه الى ان الأمام الرضا (ع) وعدنا بذلك من خلال قولهِ : ان البكاء عليه يحط الذنوب العظام.

    4_ اذا كان المجلس مقاماً في بيت من بيوت الله تعالى ، فلا تنسى تحية المسجد بركعتين مع التوجه ، بألأضافة الى مراعاة جميع آداب المسجد المعروفة في الفقه .

    5_ ليكن الهدف من استماع الخطب ، هو استخلاص النقاط العلمية التي يمكن ان تغير مسيرة الفرد في الحياة ، وعليه فأنظر الى ما يقال ، ولا تنظر الى من يقول ، وعلى المستمع ان يفترض نفسه انه هو المعني بالخطاب.

    6_ لنحاول ان نعيش بأنفسنا الأجواء التي يمكن ان تثير عندنا الدمعة ، وذلك بأستذكار ماجرى في واقعة الطف ، من دون الأعتماد على ما يذكره الخطيب فحسب..

    7_ اذا لم نوفق للبكاء ، فلنحاول ان نتباكى ونتظاهر بمظهر الحزن والتلهف على ما دهى سيد الشهداء (ع) مع عدم الأعتناء بالجالسين حولك ، فأن من تلبيس ابليس ان يمنعنا من ذلك بدعوى الرياء ..

    8_ اذا استمرت قسوة القلب طوال الموسم ، فلنبحث عن العوامل الموجبة لهذا الخذلان ، وكم من الجميل ان ينتهي موسم الولاية بخاتمة توحيدية بمعنى الإنابة الى الله تعالى .

    9_ لنستغل ساعة الدعاء بعد انتهاء المجلس ، فأنها من ساعات الأستجابة ، فأنه من الممكن ان يحقق العبد حاجاته الكبرى بعد الدموع التي جرت على احب الخلق الى الله تعالى في زمانه ..

    10_ لنحاول ان نبحث عن التنوع في مجالس العزاء ، اذ لكل مجلس هيئته الخاصة ، ولكل خطيب تأثيره الخاص.. وعلى المستمع ان يبحث عن المجلس الذي يثير فيه العَبرة والأعتبار ، تاركاً كل الجهات الباطلة الأخرى.

    11_ لنحاول أن نفرغ انفسنا ايام عاشوراء من مشاغل: العمل والدراسة والتجارة وذلك اقامة للحداد على سبط النبي الذي كان يؤذيه بكاؤه وهو صغير، والامر يعطي ثماره عندما يكون ذلك مقترناُ بشيء من المجاهدة في هذا المجال.

    12_ اذا كنت في بلدٍ خالٍ من مجالس الحسين (ع) فاستعن بالمسموعات والمرئيات والمواقع الهادفة .

    13_ ومن الراجح ان لايقتصر الامرعلى مجرد الشحن العاطفي بمعزل عن الشحن الفكري ، فإن من اهداف هذه الحركة المباركة هو تحريك العباد الى المنهج الرباني الذي كادت تضيع معالمه عندما اقصى الظالمون الامام عن الأمة .

    14_ إن علامة قبول العزاء : وعظا، واستماعا ، وبكاءا ، وابكاءا هو الخروج بالتوبة الصادقة بعد الموسم.

    15_ حاول ان تصطحب اهلك واولادك واصدقاءك لمجالس الإمام الحسين (ع) فإنها مكان التحول الجوهري حتى للنفوس العاصية.

    16_ يغلب على بعض المستمعين - مع الاسف- جو الاسترسال واللغو بعد انتهاء المجلس مباشرة ، وفي ذلك خسارة كبرى لما اكتسبه اثناء المجلس.

    17_ الهدف الأساسي من هذه المجالس هو التذكير بالله تعالى ، وبما اراده امراً ونهياً وهي الاهداف الّتي قدم الانسان نفسه من اجل تحقيقها ، وما قيمة بعض الحوائج المادية الفانية في مقابل النظرة الألهية للعبد التي تقلب كيانه رأساً على عقب..

    18_ ان المغزى في هذه المواسم بالدرجة الاولى هو بقية الماضين منهم ، ألا وهو صاحب الأمر(عج) ، فحاول استحضار درجة الالم الذي يعتصر قلبه الشريف..

    19_ ان البعض ينظر الى ماجرى في واقعة الطف وكأنه ملف فتح ليختم والحال اننا مأمورون بالتأسي بالنبي الأكرم وآله عليهم السلام ، ومنهم سيد الشهداء (ع) : رفضاً للظلم ،وذكرا لله تعالى على كل حال، وفناءا في العقيدة ، واستقامة في جهاد الأعداء ، وبصيرة في فهم حدود الشريعة ..

    20_ إن من الملفت حقاً تنوع العناصر التي شاركت في واقعة الطف .. فمنهم الشيخ الكبير ومنهم الطفل الرضيع ومنهم الشاب في ريعانة شبابه ومنهم العبد الأسود ومنهم النساء .... اليس في ذلك درسٌ للجميع وان التكليف لايختص بفئة دون فئة اخرى ، وان الله تعالى يريد من كل واحد منا ان يكون رافعا لواء التوحيد اينما كان ؟
    والحمد لله رب العالمين وصلى اللهم على محمد وال محمد ألأئمةوالمهديين وسلم تسليما.




  • Be Ahmad Ehtadait
    مشرف
    • 26-03-2009
    • 4471

    #2
    رد: الصحبة و الصداقة :: بقلم الشيخ عبدالله المحمدي::

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما كثيرا


    الله يوفقكم لكل خير و يحفظكم من كل سوء ممن يرى ولا يرى انه سميع مجيب

    والحمدلله رب العالمين



    متى يا غريب الحي عيني تراكم ...وأسمع من تلك الديار نداكم

    ويجمعنا الدهر الذي حال بيننا...ويحظى بكم قلبي وعيني تراكم

    أنا عبدكم بل عبد عبد لعبدكم ...ومملوككم من بيعكم وشراكم

    كتبت لكم نفسي وما ملكت يدي...وإن قلت الأموال روحي فداكم

    ولي مقلة بالدمع تجري صبابة...حرام عليها النوم حتى تراكم

    خذوني عظاما محملا أين سرتم ...وحيث حللتم فادفنوني حذاكم

    Comment

    • محمد الانصاري
      MyHumanity First
      • 22-11-2008
      • 5048

      #3
      رد: الصحبة و الصداقة :: بقلم الشيخ عبدالله المحمدي::

      اللهم صل على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
      احسنتم وبارك الله فيكم على النقل اختي راية اليماني
      وبارك الله بالشيخ الفاضل عبد الله المحمدي

      ---


      ---


      ---

      Comment

      Working...
      X
      😀
      🥰
      🤢
      😎
      😡
      👍
      👎