إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

كتب تفسير القرآن_ تفسير "القمي" ج 1-2 [قرائة ]

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • راية اليماني
    مشرف
    • 05-04-2013
    • 3021

    #46
    رد: كتب تفسير القرآن_ تفسير "القمي" ج 1-2 [قرائة ]

    سورة محمد (صلى الله عليه وآله)


    مدنية آياتها ثمان وثلاثون


    (بسم الله الرحمن الرحيم الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم) نزلت في الذين ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وغصبوا أهل بيته حقهم وصدوا عن أمير المؤمنين عليه السلام وعن ولاية الائمة عليهم السلام أضل اعمالهم أي ابطل ما كان تقدم منهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله من الجهاد والنصرة.


    [301]


    أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسن بن العباس الحريشي عن أبي جعفر عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد والناس مجتمعون بصوت عال " الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم " فقال له ابن عباس: يا أبا الحسن لم قلت ما قلت؟ قال قرأت شيئا من القرآن، قال لقد قلته لامر، قال نعم ان الله يقول في كتابه " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " أفتشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله انه استخلف فلانا؟ قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى إلا اليك، قال: فهلا بايعتني؟ قال: اجتمع الناس عليه فكنت منهم، فقال أمير المؤمنين عليه السلام كما اجتمع أهل العجل على العجل ها هنا فتنتم ومثلكم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاء‌ت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون.
    أخبرنا الحسين (الحسن ط) بن محمد عن العلا (معلى ط) بن محمد باسناده عن اسحاق بن عمار قال قال ابوعبدالله عليه السلام: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد - في علي - وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم) هكذا نزلت، وقال علي بن ابراهيم في قوله " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " نزلت في ابي ذر وسلمان وعمار ومقداد لم ينقضوا العهد وآمنوا بما نزل على محمد أي ثبتوا على الولاية التي انزلها الله وهو الحق يعني امير المؤمنين عليه السلام من ربهم كفر عنهم سيئاتهم واصلح بالهم أي حالهم ثم ذكر اعمالهم فقال: (ذلك بان الذين كفروا اتبعوا الباطل) وهم الذين اتبعوا اعداء رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام (وان الذين اتبعوا الحق من ربهم) قال: وحدثني ابي عن بعض اصحابنا عن ابي عبدالله عليه السلام قال قال رسول الله ص في سورة محمد آية فينا وآية في اعدائنا والدليل على ذلك قوله كذلك يضرب الله للناس امثالهم قوله (فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب - إلى قوله - لانتصر منهم) فهذا السيف الذي على مشركي العجم


    [302]


    من الزنادقة ومن ليس معه كتاب من عبدة النيران والكواكب وقوله (فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب) والمخاطبة للجماعة والمعنى لرسول الله صلى الله عليه وآله والامام بعده وقوله (والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل اعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم) أي وعدها إياهم وادخرها لهم (ليبلو بعضكم ببعض) أي يختبر.
    ثم خاطب امير المؤمنين عليه السلام فقال: (يا ايها الذين آمنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) فقال (والذين كفروا فتعسا لهم وأضل اعمالهم ذلك بانهم كرهوا ما انزل الله - في علي - فاحبط اعمالهم) حدثنا جعفر بن احمد قال حدثنا عبدالكريم بن عبدالرحيم عن محمد بن علي بن محمد بن الفضيل عن ابي حمزة عن ابي جعفر (ع) قال نزل جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا ذلك بانهم كرهوا ما انزل الله في على - الا انه كشط الاسم - فاحبط اعمالهم، قال على بن ابراهيم في قوله (أفلم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) أي او لم ينظروا في أخبار الامم الماضية قوله (دمر الله عليهم) اي اهلكهم وعذبهم ثم قال (وللكافرين) يعني الذين كفروا وكرهوا ما انزل الله في علي (امثالها) اي لهم مثل ما كان للامم الماضية من العذاب والهلاك، ثم ذكر المؤمنين الذين ثبتوا على إمامة امير المؤمنين (ع) فقال (ذلك بان الله مولى الذين آمنوا وان للكافرين لا مولى لهم) ثم ذكر المؤمنين فقال: (ذلك بان الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات) يعني بولاية علي (ع) (جنات تجري من تحتها الانهار والذين كفروا) من اعدائه (يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام) يعنى اكلا كثيرا (والنار مثوى لهم) قال (وكأين من قرية هي اشد قوة من قريتك التي اخرجتك اهلكناهم فلا ناصر لهم) قال: إن الذين اهلكناهم من الامم السالفة كانوا اشد قوة من قريتك يعني اهل مكة الذين اخرجوك منها فلم يكن لهم ناصر (أفمن كان على بيتة من ربه) يعني امير المؤمنين (ع) (كمن زين له سوء عمله) يعنى الذين غصبوه (واتبعوا اهواء‌هم).


    [303]


    ثم ضرب لاوليائه واعدائه مثلا فقال لاوليائه (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها انهار من ماء غيرء‌اسن - إلى قوله - من خمر لذة للشاربين) ومعنى الخمر أي خمرة إذا تناولها ولي الله وجد رائحة المسك فيها (وانهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم) ثم ضرب لاعدائه مثلا فقال (كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع امعاء‌هم) فقال لنبيه: أفمن هو في هذه الجنة الموصوفة كمن هو في هذه النار كما ان ليس عدو الله كوليه وقوله: (ومنهم من يستمع اليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا الذين اوتوا العلم ماذا قال آنفا) فانها نزلت في المنافقين من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ومن كان إذا سمع شيئا منه لم يؤمن به ولم يعه، فاذا خرجوا قالوا للمؤمنين ماذا قال محمد آنفا فقال الله (اولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا اهواء‌هم) حدثنا محمد بن احمد بن ثابت قال حدثنا الحسن بن محمد عن سماعة عن وهب بن حفص عن ابي بصير عن ابي جعفر (ع) قال سمعته يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يدعو اصحابه فمن اراد الله به خير سمع وعرف ما يدعوه اليه ومن اراد الله به شرا طبع على قلبه لا يسمع ولا يعقل وهو قول الله تعالى (حتى إذا خرجوا من عندك - إلى قوله - ماذا قال آنفا) قال على بن ابراهيم ثم ذكر المهتدين فقال (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم) وهو رد على من زعم ان الايمان لا يزيد ولا ينقص ثم قال (فهل ينظرون إلا الساعة) يعنى القيامة (ان تأتيهم بغتة فقد جاء اشراطها) فانه حدثنى ابي عن سليمان بن مسلم الخشاب عن عبدالله ابن جريح المكي عن عطا بن ابي رياح عن عبدالله بن عباس قال حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله حجة الوداع فأخذ بحلقة باب الكعبة ثم أقبل علينا بوجهه فقال: ألا اخبركم باشراط الساعة؟ وكان أدنى الناس منه يومئذ سلمان رحمة الله


    [304]


    عليه، فقال بلى يا رسول الله ! فقال صلى الله عليه وآله: إن من اشراط القيامة إضاعة الصلوات واتباع الشهوات، والميل إلى الاهواء وتعظيم أصحاب المال، وبيع الدين بالدنيا، فعندها يذوب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح في الماء مما يرى من المنكر فلا يستطيع ان يغيره، قال سلمان وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال إي والذي نفسي بيده يا سلمان ! ان عندها يليهم أمراء جورة ووزراء فسقة، وعرفاء ظلمة، وأمناء خونة، فقال سلمان وان هذا لكائن يا رسول الله ! قال صلى الله عليه وآله إي والذي نفسي بيده يا سلمان ان عندها يكون المنكر معروفا والمعروف منكرا ويؤتمن الخائن ويخون الامين ويصدق الكاذب ويكذب الصادق، قال سلمان وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وآله: إي والذي نفسي بيده.
    يا سلمان ! فعندها تكون امارة النساء ومشاورة الاماء وقعود الصبيان على المنابر ويكون الكذب طرفا والزكاة مغرما والفئ مغنما ويجفو الرجل والديه ويبر صديقه، ويطلع الكوكب المذنب، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسي بيده يا سلمان وعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة(1) ويكون المطر قيظا ويغيظ الكرام غيظا ويحتقر الرجل المعسر فعندها تقارب الاسواق إذ فان هذا لم أبع شيئا وقال هذا لم أربح شيئا فلا ترى إلا ذاما لله، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسي بيده.



    ___________________________________
    (1) يمكن ان تكون الاشارة منه إلى ما هو متعارف في هذا الزمان من بيع وشراء الحصص من الشركات التجارية فيشتري الرجل من تلك الحصص لنفسه ولعياله كذا تشارك المرأة زوجها في التجارة، او يكون المراد منه جلوس المرأة المتزينة لبيع السلعة في المغازات مع الرجال جنبا لجنب كما هو رائج في البلاد الاسلامية " المتمدنة ".ج.ز.


    [305]


    يا سلمان ! فعندها يليهم أقوام ان تكلموا قتلوهم وان سكتوا استباحوا حقهم ليستأثرون انفسهم بفيئهم وليطؤن حرمتهم وليسفكن دماء‌هم وليملان قلوبهم دغلا ورعبا، فلا تراهم إلا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسي بيده، يا سلمان ! ان عندها يؤتى بشئ من المشرق وشئ من المغرب يلون أمتي، فالويل لضعفاء امتي منهم والويل لهم من الله، لا يرحمون صغيرا ولا يوقرون كبيرا ولا يتجاوزون من مسئ جثتهم جثة الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين، قال سلمان وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسى بيده، يا سلمان ! وعندها يكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال ولتركبن ذوات الفروج(1) السروج فعليهن من أمتي لعنة الله، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ فقال: إي والذي نفسي بيده يا سلمان ! ان عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البيع والكنائس وتحلى المصاحف، وتطول المنارات وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة وألسن مختلفة.
    قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسي بيده وعندها تحلى ذكور امتي بالذهب ويلبسون الحرير والديباج ويتخذون جلود النمور صفافا(2) قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله ! قال: إي والذي



    ___________________________________
    (1) ليس " السروج " مختصا بالخيل فقط، فقد اطلق هذا اللفظ على مطلق الدابة، فينطبق تماما على النساء المكشفات اللواتي يسقن سياراتهن إظهارا للمال والجمال، الذي هو في الحقيقة وبال لهن ولجميع من مال.
    (2) أي فرشا ج.ز


    [306]


    نفسي بيده يا سلمان ! وعندها يظهر الربا ويتعاملون بالعينة(1) والرشى ويوضع الدين وترفع الدنيا، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسي بيده يا سلمان ! وعندها يكثر الطلاق، فلا يقام لله حد ولن يضروا الله شيئا.
    قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال: إي والذي نفسي بيده يا سلمان ! وعندها تظهر القينات والعازف(2) ويليهم أشرار امتي، قال سلمان وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وآله: إي والذي نفسي بيده يا سلمان ! وعندها تحج أغنياء امتي للنزهة وتحج اوساطها للتجارة وتحج فقراؤهم للرياء والسمعة فعندها يكون أقوام يتعلمون القرآن لغير الله ويتخذونه مزامير، ويكون أقوام يتفقهون لغير الله وتكثر أولاد الزنا، ويتغنون بالقرآن، ويتهافتون



    ___________________________________
    (1) قال في مجمع البحرين: العينة بالكسر السلعة، وقد جاء ذكرها في الحديث واختلف في تفسيرها فقال ابن ادريس في السرائر: العينة معناها في الشريعة هو ان يشتري سلعه بثمن مؤجل ثم يبيعها بدون ذلك الثمن نقدا ليقضي دينا عليه لمن قد حل له عليه، ويكون الدين الثاني وهو العينة من صاحب الدين الاول مأخوذا ذلك العين وهو النقد الحاضر، وقال بعض الفقهاء: هي ان يشتري السلعة ثم إذا جاء الاجل باعها على بايعها بثمن المثل او ازيد (انتهى).
    أقول: لعل المراد هنا بالمعاملة بالعينة (وهي السلعه) المعاملات التي هي رائجة الوقت بين التجار والبنوك، فانهم يستوردون السلعة بواسطة البنوك وتبقى في البنك رهينة إلى ان يدفع ثمنها ثم يبيعونها وهي في البنك دفعة او تدريجا، وبهذا الثمن يؤدون دين البنك مع الربا.
    (2) القينة: المغنية، المعازف.الملاهي كالعود والطنبور ويصدق على الراديو للغناء في هذا الزمان.ج.ز.


    [307]


    بالدنيا قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وآله: إي والذي نفسي بيده.
    يا سلمان ذاك إذا انتهكت المحارم، واكتسبت المآثم، وتسلط الاشرار على الاخيار، ويفشو الكذب وتظهر اللجاجة، وتغشو الفاقة ويتباهون في اللباس ويمطرون في غير أوان المطر، ويستحسنون الكوبة(1) والمعازف وينكرون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذل من الامة ويظهر قراؤهم وعبادهم فيما بينهم التلاوم، فاولئك يدعون في ملكوت السماوات والارجاس والانجاس، قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ فقال: إي والذي نفسي بيده، يا سلمان ! فعندها لا يحض الغنى على الفقير حتى ان السائل يسأل فيما بين الجمعتين لا يصيب أحدا يضع في كفه شيئا قال سلمان: وان هذا لكائن يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وآله: إي والذي نفسي بيده يا سلمان ! عندها يتكلم الروبيضة، فقال: وما الروبيضة يا رسول الله؟ فداك أبي وأمي؟ قال صلى الله عليه وآله: يتكلم في أمر العامة من لم يكن يتكلم فلم يلبثوا إلا قليلا حتى تخور(2) الارض خورة فلا يظن كل قوم إلا انها خارت في ناحيتهم فيمكثون ما شاء الله ثم ينكتون في مكثهم فتلقى لهم الارض أفلاذ كبدها ذهبا وفضة ثم أومأ بيده إلى الاساطين فقال مثل هذا فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضة، فهذا معنى قوله فقد جاء اشراطها.
    وقوله (ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة - إلى قوله - فاولى لهم)



    ___________________________________
    (1) وفي الخبر ان الله حرم الخمر والكوبة واختلف في معناها فقيل: هي النرد وقيل: الطبل وقيل: الشطرنج.
    (2) خار الرجل: أي ضعف وانكسر، لعل المراد منه الخسف.ج.ز.


    [308]


    فهم المنافقون ثم قال (فاذا عزم الامر) يعنى الحرب (فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم) نزلت في بني امية، حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا عبدالله بن محمد بن خالد عن الحسن بن علي الخزاز عن أبان بن عثمان عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله عن أبي العباس المكي قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن عمر لقى عليا عليه السلام فقال: انت الذي تقرأ هذه الآية " بأيكم المفتون " تعرض بى وبصاحبي؟ قال: أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أمية " فهل عسيتم ان توليتم - إلى قوله - وتقطعوا أرحامكم " فقال عمر بنو أمية أوصل للرحم منك ولكنك أثبت العداوة لبني أمية وبني عدي وبني تيم حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد الكندي قال حدثنا عبدالله بن عبد الفارس عن محمد بن علي عن ابي عبدالله عليه السلام في قوله (ان الذين ارتدوا على أدبارهم) عن الايمان بتركهم ولاية علي أمير المؤمنين عليه السلام (الشيطان - يعنى فلانا - سول لهم) يعني بني فلان وبني فلان وبني أمية قوله (ذلك بانهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله) هو ما افترض الله على خلقه من ولاية أمير المؤمنين عليه السلام (سنطيعكم في بعض الامر) قال دعوا بنى أمية إلى ميثاقهم ألا يصيرون لنا الامر بعد النبي صلى الله عليه وآله ولا يعطونا من الخمس شيئا وقالوا ان اعطيناهم الخمس استغن‍؟ ا به فقال سنطيعكم في بعض لامر اى لا تعطوهم من الخمس شيئا فانزل الله على نبيه " أم أبرموا أمرا فانا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون " وقال علي بن ابراهيم في قوله (ان الذين ارتدوا على أدبارهم من بعدما تبين لهم الهدى) نزلت في الذين نقضوا عهد الله في أمير المؤمنين (الشيطان سول لهم) أي هين لهم وهو فلان (وأملى لهم) أي بسط لهم أن لا يكون مما قال محمد شيئا (ذلك بانهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله) في أمير المؤمنين (سنطيعكم في بعض الامر) يعني في الخمس ان لا يردوه في بني هاشم (والله يعلم إسرارهم) قال الله (فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون


    [309]


    وجوههم وأدبارهم) بنكثهم وبغيهم وامساكهم الامر من بعد ان ابرم عليهم ابراما يقول إذا ماتوا ساقتهم الملائكة إلى النار فيضربونهم من خلفهم ومن قدامهم (ذلك بانهم اتبعوا ما اسخط الله) يعني موالاة فلان وفلان ظالمي امير المؤمنين (فأحبط اعمالهم) يعني التي عملوها من الخيرات (ان الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) قال عن امير المؤمنين عليه السلام (وشاقوا الرسول) أي قاطعوه في اهل بيته بعد اخذه الميثاق عليهم له (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وانتم الاعلون والله معكم ولن يتركم اعمالكم) اي لم ينقصكم (ولا يسألكم اموالكم إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا) أي يجدكم تبخلوا (ويخرج اضغانكم) قال: العداوة التي في صدوركم ثم قال (ها انتم هؤلاء) معناه انتم يا هؤلاء (تدعون لتنفقوا في سبيل الله - إلى قوله - وان تتولوا) عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام (يستبدل قوما غيركم) قال: يدخلهم في هذا الامر (ثم لا يكونوا أمثالكم) في معاداتكم وخلافكم وظلمكم لآل محمد صلى الله عليه وآله، حدثني محمد بن عبدالله عن ابيه عبدالله بن جعفر عن السندي بن محمد عن يونس بن يعقوب عن يعقوب بن قيس قال قال ابوعبدالله عليه السلام: يا بن قيس وان تتولوا يستبدل قوما غيركم لا يكونوا امثالكم عنى ابناء الموالي المعتقين.



    سورة الفتح


    مدنية آياتها تسع وعشرون


    (بسم الله الرحمن الرحيم إنا فتحنا لك فتحا مبينا) قال: فانه حدثني أبي عن ابن ابي عمير عن ابن سنان (سياد ط) عن ابي عبدالله (ع) قال: كان سبب نزول هذه السورة وهذا الفتح العظيم ان الله عزوجل أمر رسول الله صلى الله عليه وآله في النوم أن يدخل المسجد الحرام ويطوف ويحلق مع المحلقين، فأخبر اصحابه وامرهم بالخروج


    [310]


    فخرجوا فلما نزل ذا الحليفة أحرموا بالعمرة وساقوا البدن وساق رسول الله صلى الله عليه وآله ستا وستين بدنة وأشعرها عند إحرامه، وأحرموا من ذي الحليفة ملبين بالعمرة قد ساق من ساق منهم الهدي مشعرات مجللات، فلما بلغ قريشا ذلك بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس كمينا ليستقبل رسول الله صلى الله عليه وآله، فكان يعارضه على الجبال فلما كان في بعض الطريق حضرت صلاة الظهر فأذن بلال وصلى رسول الله صلى الله عليه وآله بالناس، فقال خالد بن الوليد: لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة لاصبناهم فانهم لا يقطعون صلاتهم ولكن تجئ لهم الآن صلاة أخرى أحب اليهم من ضياء أبصارهم فاذا دخلوا في الصلاة أغرنا عليهم، فنزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله بصلاة الخوف بقوله: " وإذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلوة " الآية، وهذه الآية في سورة النساء وقد مضى ذكر خبر صلاة الخوف فيها.
    فلما كان في اليوم الثاني نزل رسول الله صلى الله عليه وآله الحديبية وهي على طرف الحرم وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يستنفر بالاعراب في طريقه معه فلم يتبعه أحد ويقولون: أيطمع محمد وأصحابه ان يدخلوا الحرم وقد غزتهم قريش في عقر ديارهم فقتلوهم انه لا يرجع محمد وأصحابه إلى المدينة أبدا فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله الحديبية خرجت قريش يحلفون باللات والعزى لا يدعون محمدا يدخل مكة وفيهم عين تطرف، فبعث اليهم رسول الله صلى الله عليه وآله اني لم آت لحرب وإنما جئت لاقضي نسكي وأنحر بدني وأخلي بينكم وبين لحماتها، فبعثوا عروة بن مسعود الثقفي وكان عاقلا لبيبا وهو الذي انزل الله فيه " وقالوا لولا انزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " فلما أقبل على رسول الله صلى الله عليه وآله عظم ذلك وقال:


    [311]


    يا محمد تركت قومك وقد ضربوا الابنية وأخرجوا العود المطافيل(1) يحلفون باللات والعزى لا يدعوك تدخل مكة فان مكة حرمهم وفيها عين تطرف أفتريد ان تبيد أهلك وقومك يا محمد ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما جئت لحرب وإنما جئت لاقضي نسكي فانحر بدني وأخلي بينكم وبين لحماتها، فقال عروة: بالله ما رأيت كاليوم أحدا صد كما صددت، فرجع إلى قريش وأخبرهم فقالت قريش والله لئن دخل محمد مكة وتسامعت به العرب لنذلن ولتجترين علينا العرب.
    فبعثوا حفص بن الاحنف وسهيل بن عمرو فلما نظر اليهما رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ويح قريش قد نهكتهم الحرب ألا خلوا بينى وبين العرب فان أك صادقا فانما أجر الملك اليهم مع النبوة وان أك كاذبا كفتهم ذؤبان العرب لا يسألني اليوم امرؤ من قريش خطة ليس لله فيها سخط إلا أجبتهم اليه، قال: فوافوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: يا محمد ألا ترجع عنا عامك هذا إلى ان ننظر إلى ماذا يصير أمرك وأمر العرب فان العرب قد تسامعت بمسيرك فان دخلت بلادنا وحرمنا استذلتنا العرب واجترأت علينا ونخلي لك البيت في العام القابل في هذا الشهر ثلاثة أيام حتى تقضي نسكك وتنصرف عنا فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذلك وقالوا له وترد الينا كل من جاء‌ك من رجالنا ونرد اليك كل من جاء‌نا من رجالك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من جاء‌كم من رجالنا فلا حاجة لنا فيه ولكن على أن المسلمين بمكة لا يؤذون في إظهارهم الاسلام ولا يكرهون ولا ينكر عليهم شئ يفعلونه من شرائع الاسلام، فقبلوا ذلك فلما أجابهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الصلح أنكر عامة اصحابه وأشد ما كان إنكارا فلان فقال: يا رسول الله ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ فقال: نعم، قال: فنعطى الذلة (الدنية ح) في ديننا !



    ___________________________________
    (1) عود كطود المسن.
    مطافيل ذوات أطفال.ج.ز.


    [312]


    قال: إن الله قد وعدني ولن يخلفني قال: لو ان معي اربعين رجلا لخالفته.
    ورجع سهيل بن عمرو وحفص بن الاحنف إلى قريش فأخبرهم بالصلح فقال عمر يا رسول الله ألم تقل لنا ان ندخل المسجد الحرام ونحلق مع المحلقين؟ فقال أمن عامنا هذا وعدتك؟ وقلت لك: إن الله عزوجل قد وعدني ان افتح مكة وأطوف وأسعى مع المحلقين، فلما اكثروا عليه صلى الله عليه وآله قال لهم: إن لم تقبلوا الصلح فحاربوهم، فمروا نحو قريش وهم مستعدون للحرب وحملوا عليهم فانهزم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله هزيمة قبيحة ومروا برسول الله صلى الله عليه وآله فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: يا علي ! خذ السيف واستقبل قريشا، فاخذ امير المؤمنين عليه السلام سيفه وحمل على قريش فلما نظروا إلى أمير المؤمنين عليه السلام تراجعوا وقالوا: يا علي بدا لمحمد فيما اعطانا فقال: لا وتراجع اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله مستحيين وأقبلوا يعتذرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: ألستم أصحابي يوم بدر إذ أنزل الله فيكم إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم إني ممدكم بألف من الملائكة مردفين، ألستم اصحابي يوم احد إذ تصعدون ولا تلوون على احد والرسول يدعوكم في اخراكم، ألستم اصحابي يوم كذا؟ ألستم اصحابي يوم كذا فاعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وندموا على ما كان منهم وقالوا: الله أعلم ورسوله فاصنع ما بدا لك.
    ورجع حفص بن الاحنف وسهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقالا: يا محمد قد أجابت قريش إلى ما اشترطت عليهم من إظهار الاسلام وان لا يكره أحد على دينه فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بالكتب ودعا أمير المؤمنين عليه السلام وقال له اكتب، فكتب أمير المؤمنين عليه السلام: " بسم الله الرحمن الرحيم " فقال سهيل بن عمرو: لا نعرف الرحمن اكتب كما كان يكتب آباؤك باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اكتب باسمك اللهم


    [313]


    فانه اسم من اسماء الله، ثم كتب: " هذا ما تقاضى عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وآله والملا من قريش، فقال سهيل بن عمرو: لو علمنا أنك رسول الله ما حاربناك اكتب هذا ما تقاضى عليه محمد بن عبدالله أتأنف من نسبك يا محمد ! فقال رسول الله أنا رسول الله وان لم تقروا، ثم قال امح يا علي ! واكتب محمد بن عبدالله، فقال أمير المؤمنين عليه السلام، ما أمحو اسمك من النبوة ابدا، فمحاه رسول الله صلى الله عليه وآله بيده، ثم كتب: " هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبدالله والملا من قريش وسهيل بن عمرو واصطلحوا على وضع الحرب بينهم عشر سنين على ان يكف بعض عن بعض وعلى انه لا إسلال ولا إغلال(1) وان بيننا وبينهم غيبة مكفوفة، وانه من احب ان يدخل في عهد محمد وعقده فعل، وان من أحب ان يدخل في عهد قريش وعقدها فعل، وانه من أتى من قريش إلى اصحاب محمد بغير إذن وليه يرده اليه وانه من اتى قريشا من اصحاب محمد لم يرده اليه، وان يكون الاسلام ظاهرا بمكة لا يكره احد على دينه، ولا يؤذى ولا يعير، وأن محمدا يرجع عنهم عامه هذا واصحابه ثم يدخل علينا في العام القابل مكة فيقيم فيها ثلاثة ايام، ولا يدخل عليها بسلاح إلا سلاح المسافر السيوف في القراب " وكتب علي بن ابي طالب وشهد على الكتاب المهاجرون والانصار.
    ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي ! انك ابيت ان تمحو اسمي من النبوة فو الذي بعثني بالحق نبيا لنجيبن ابناء‌هم إلى مثلها وانت مضيض مضطهد(2) فلما كان يوم صفين ورضوا بالحكمين كتب: هذا ما اصطلح عليه امير المؤمنين علي ابن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان، فقال عمرو بن العاص: لو علمنا انك



    ___________________________________
    (1) إسلال: سل السيف إغلال: الاسارة.
    (2) مض مضيضا: ألم من وجع المصيبة، مضطهد: المقهور المظلوم.ج.ز.


    [314]


    امير المؤمنين ما حاربناك ولكن اكتب: هذا ما اصطلح عليه علي بن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان، فقال امير المؤمنين عليه السلام: صدق الله وصدق رسوله صلى الله عليه وآله أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك، ثم كتب الكتاب قال: فلما كتبوا الكتاب قامت خزاعة فقالت: نحن في عهد محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وعقده، وقامت بنو بكر فقالت: نحن في عهد قريش وعقدها، وكتبوا نسختين نسخة عند رسول الله ونسخة عند سهيل بن عمرو ورجع سهيل بن عمرو وحفص بن الاحنف إلى قريش فأخبراهم وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لاصحابه: انحروا بدنكم واحلقوا رؤسكم فامتنعوا وقالوا كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت ولم نسع بين الصفا والمروة، فاغتم رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك وشكا ذلك إلى أم سلمة، فقالت يا رسول الله انحر انت واحلق فنحر رسول الله صلى الله عليه وآله وحلق ونحر القوم على حيث يقين وشك وارتياب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله تعظيما للبدن رحم الله المحلقين وقال قوم لم يسوقوا البدن: يا رسول الله والمقصرين؟ لان من لم يسق هديا لم يجب عليه الحلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ثانيا رحم الله المحلقين الذين لم يسوقوا الهدي، فقالوا يا رسول الله والمقصرين فقال رحم الله المقصرين، ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وآله نحو المدينة فرجع إلى التنعيم ونزل تحت الشجرة، فجاء أصحابه الذين انكروا عليه الصلح واعتذروا وأظهروا الندامة على ما كان منهم وسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله أن يستغفر لهم فنزلت آية الرضوان نزل (بسم الله الرحمن الرحيم إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر).
    حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن احمد عن محمد بن الحسين عن علي ابن النعمان عن علي بن أيوب عن عمر بن يزيد بياع السابري، قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام قول الله في كتابه " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " قال: ما كان له من ذنب ولا هم بذنب ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له.


    [315]


    وقال علي بن ابراهيم في قوله (هو الذي انزل السكينة - إلى قوله - ولله جنود السموات والارض) فهم الذين لم يخالفوا رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ينكروا عليه الصلح ثم قال (ليدخل المؤمنين والمؤمنات - إلى قوله - الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء) وهم الذين أنكروا الصلح واتهموا رسول الله صلى الله عليه وآله (وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساء‌ت مصيرا ولله جنود السموات والارض وكان الله عزيزا حكيما إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا) ثم عطف بالمخاطبة على أصحابه فقال (ليؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه) ثم عطف على نفسه عزوجل فقال: (وتسبحوه بكرة وأصيلا) معطوفا على قوله لتؤمنوا بالله، ونزلت في بيعة الرضوان (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) واشترط عليهم ان لا ينكروا بعد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا يفعله ولا يخالفوه في شئ يأمرهم به، فقال الله عزوجل بعد نزول آية الرضوان (ان الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) وإنما رضي عنهم بهذا الشرط أن يفوا بعد ذلك بعهد الله وميثاقه ولا ينقضوا عهده وعقده فبهذا العهد رضي الله عنهم فقد قدموا في التأليف آية الشرط على بيعة الرضوان وإنما نزلت أولا بيعة الرضوان ثم آية الشرط عليهم فيها، ثم ذكر الاعراب الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: (سيقول لك المخلفون من الاعراب شغلتنا أموالنا - إلى قوله - وكنتم قوما بورا) أي قوم سوء وهم الذين استنفرهم في الحديبية.
    ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة من الحديبية غزا خيبرا فاستأذنوه المخلفون من الاعراب أن يخرجوا معه، فقال الله عزوجل (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها - إلى قوله - لا يفقهون إلا قليلا) ثم قال: (قل للمخلفين من الاعراب ستدعون إلى قوم اولي بأس شديد - إلى قوله - وان تتولوا


    [316]


    كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما) ثم رخص عزوجل في الجهاد فقال (ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار) ثم قال: (ومن يتول يعذبه عذابا أليما) ثم قال: (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف ايدي الناس عنكم يعني فتح خيبر (ولتكون آية للمؤمنين) ثم قال (واخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شئ قديرا) ثم قال: (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد ان أظفركم عليهم) أي من بعد ان أممتم من المدينة إلى الحرم وطلبوا منكم الصلح بعد ان كانوا يغزونكم بالمدينة صاروا يطلبون الصلح بعد إذ كنتم أنتم تطلبون الصلح منهم ثم اخبر الله عزوجل نبيه بعلة الصلح وما اجاز الله لنبيه صلى الله عليه وآله فقال: (هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا ان يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) يعني بمكة (لم تعلموهم ان تطؤهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم) فأخبر الله نبيه ان علة الصلح إنما كان للمؤمنين والمؤمنات الذين كانوا بمكة ولو لم يكن صلح وكانت الحرب لقتلوا، فلما كان الصلح آمنوا واظهروا الاسلام، ويقال ان ذلك الصلح كان أعظم فتحا على المسلمين من غلبهم ثم قال: (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما) يعني هؤلاء الذين كانوا بمكة من المؤمنين والمؤمنات يعني لو زالوا عنهم وخرجوا من بينهم (لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما).
    حدثنا احمد بن علي قال: حدثنا الحسين بن عبدالله السعدي قال: حدثنا الحسن بن موسى الخشاب عن عبدالله بن الحسين عن بعض اصحابه عن فلان الكرخي قال: قال رجل لابي عبدالله عليه السلام ألم يكن علي قويا في بدنه قويا في أمر الله؟ قال له ابوعبدالله عليه السلام: بلى ! قال له: فما منعه أن يدفع او يمتنع؟ قال: قد سألت فافهم الجواب، منع عليا من ذلك آية من كتاب الله، فقال:


    [317]


    وأي آية؟ فقرأ " لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما " انه كان لله ودايع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن علي عليه السلام ليقتل الآباء حتى يخرج الودايع فلما خرج ظهر على من ظهر وقتله، وكذلك قائمنا أهل البيت لم يظهر أبدا حتى تخرج ودايع الله فاذا خرجت يظهر على من يظهر فيقتله، قال علي بن ابراهيم ثم قال (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية) يعني قريشا وسهيل بن عمرو حين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وآله لا نعرف الرحمن والرحيم وقولهم لو علمنا انك رسول الله ما حاربناك فاكتب محمد بن عبدالله (فانزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين والزمهم كلمة التقوى وكانوا حق بها واهلها وكان الله بكل شئ عليما) وأنزل في تطير (تطهير ك) الرؤيا التي رآها رسول الله صلى الله عليه وآله (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا) يعني فتح خيبر لان رسول الله صلى الله عليه وآله لما رجع من الحديبية غزا خيبر وقوله (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله) وهو الامام(1) الذي يظهره الله على الدين كله فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا وهذا مما ذكرنا ان تأويله بعد تنزيله، وأعلم الله ان صفة نبيه وأصحابه المؤمنين في التوراة والانجيل مكتوب فقال (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم) يعني يقتلون الكفار وهم أشداء عليهم وفيما بينهم رحماء.



    ___________________________________
    (1) بتأويل أن فعل الامام هو فعل الرسول.ج.ز.


    سورة الحجرات


    مدنية آياتها ثمان عشرة


    (بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله ان الله سميع عليم) نزلت في وفد بني تميم كانوا إذا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وقفوا على باب حجرته فنادوا يا محمد ! اخرج الينا، وكانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وآله تقدموه في المشي، وكانوا إذا تكلموا رفعوا أصواتهم فوق صوته ويقولون يا محمد يا محمد ! ما تقول في كذا وكذا كما يكلمون بعضهم بعضا فانزل الله (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) الآية (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون - إلى قوله - ان الذين ينادونك من وراء الحجرات) وهم بنو تميم (اكثرهم لا يعقلون) ثم قال: (ولو انهم صبروا حتى تخرج اليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم).
    وقوله: (يا أيها الذين آمنوا ان جاء‌كم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) فانها نزلت في مارية القبطية أم ابراهيم عليه السلام وكان سبب ذلك ان عايشة قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله ان ابراهيم ليس هو منك وانما هو من جريح القبطي فانه يدخل اليها في كل يوم، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وقال لامير المؤمنين عليه السلام: خذ السيف واتني برأس جريح فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام السيف ثم قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله انك إذا بعثتني في أمر اكون فيه كالسفود(1) المحماة في الوبر فكيف تأمرني أثبت فيه او امض على ذلك؟ فقال له



    ___________________________________
    (1) سفود كيهود: حديدة يشوى عليها اللحم ج.ز


    [319]


    رسول الله صلى الله عليه وآله: بل تثبت، فجاء أمير المؤمنين عليه السلام إلى مشربة(1) ام ابراهيم فتسلق عليها فلما نظر اليه جريح هرب منه وصعد النخلة فدنا منه أمير المؤمنين عليه السلام وقال له انزل، فقال له يا علي ! اتق الله ما ها هنا أناس، اني مجبوب ثم كشف عن عورته، فاذا هو مجبوب، فاتي به إلى رسول صلى الله عليه وآله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ما شأنك يا جريح ! فقال: يا رسول الله ان القبط يجبون حشمهم(2) ومن يدخل إلى أهليهم والقبطيون لا يأنسون إلا بالقبطيين فبعثني أبوها لادخل اليها وأخدمها وأؤنسها فانزل الله عزوجل " يا أيها الذين آمنوا ان جاء‌كم فاسق بنبأ " الآية، وفي رواية عبدالله (عبيد الله ط) بن موسى عن احمد بن رشيد (راشد ط) عن مروان بن مسلم عن عبدالله بن بكير قال قلت لابي عبدالله عليه السلام: جعلت فداك كان رسول الله صلى الله عليه وآله امر بقتل القبطي وقد علم انها قد كذبت عليه، أو لم يعلم وإنما دفع الله عن القبطي القتل بتثبت علي عليه السلام؟ فقال بلى قد كان والله اعلم ولو كانت عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وآله القتل ما رجع علي عليه السلام حتى يقتله، ولكن إنما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله لترجع عن ذنبها، فما رجعت ولا اشتد عليها قتل رجل مسلم بكذبها.
    حدثنا محمد بن جعفر عن يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عبدالرحمن ابن كثير عن ابي عبدالله عليه السلام في قوله (حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم) يعني أمير المؤمنين (وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان) فلان وفلان وفلان واما قوله: (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فان فاء‌ت فأصلحوا



    ___________________________________
    (1) أرض دائمة النبات.
    (2) حشم كخدم لفظا ومعنى.ج.ز.


    [320]


    بينهما بالعدل وأقسطوا ان الله يحب المقسطين) فانه سيف على أهل البغي والتأويل قال حدثني ابي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن ابي عبدالله عليه السلام قال سأل رجل عن حروب أمير المؤمنين عليه السلام وكان السائل من محبينا فقال أبوجعفر عليه السلام: بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله بخمسة اسياف، ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى ان تضع الحرب أوزارها ولن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها فاذا طلعت الشمس من مغربها آمن الناس كلهم في ذلك اليوم، فيومئذ لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا، وسيف منها ملفوف وسيف منها مغمود سله إلى غيرنا وحكمه الينا، فاما السيوف الثلاثة الشاهرة.
    فسيف على مشركي العرب قال الله تعالى: " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا - يعني آمنوا - فاخوانكم في الدين " فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل او الدخول في الاسلام وأموالهم وذراريهم سبي على ما سبى رسول الله صلى الله عليه وآله فانه سبى وعفا وقبل الفداء صلى الله عليه وآله.
    والسيف الثاني على اهل الذمة قال الله جل ثناؤه: " وقولوا للناس حسنا " نزلت في أهل الذمة فنسخها قوله: " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " فمن كان منهم في دار الاسلام فلن يقبل منهم إلا الجزية او القتل وما لهم وذراريهم سبي فاذا قبلوا الجزية حرم علينا سبيهم وأموالهم وحلت مناكحتهم ولا يقبل منها إلا الجزية او القتل.
    والسيف الثالث على مشركي العجم يعني الترك والديلم والخزرج قال الله جل ثناؤه في أول السورة التي يذكر فيها الذين كفروا فقص قصتهم فقال: " فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فاما منا بعد


    [321]


    - يعني بعد السبي منهم - وما فداء " يعنى المفاداة بينهم وبين أهل الاسلام فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل او الدخول في الاسلام ولا يحل لنا نكاحهم ما داموا في الحرب.
    واما السيف الملفوف فسيف على أهل البغي والتأويل قال الله عزوجل: " وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله " فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل صلى الله عليه وآله من هو؟ قال: هو خاصف النعل؟ - يعني أمير المؤمنين عليه السلام - وقال عمار بن ياسر قاتلت بهذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا وهذه الرابعة والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق وانهم على الباطل، فكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين عليه السلام على ما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل مكة يوم فتح مكة فانه لم يسب لهم ذرية، فقال: من أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، وكذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام فيهم: لا تسبوا لهم ذرية ولا تجهزوا على جريح، ولا تتبعوا مدبرا، ومن أغلق بابه فهو آمن.
    واما السيف المغمود فالسيف الذي يقام به القصاص قال الله تعالى " النفس بالنفس والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له " فسلمه إلى أولياء المقتول وحكمه الينا، فهذه السيوف بعث الله بها نبيه صلى الله عليه وآله فمن جحدها او جحد واحدا منها او شيئا من سيرتها وأحكامها فقد كفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وآله.
    واما قوله (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خير منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن) فانها نزلت في صفية بنت حي بن اخطب، وكانت زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وذلك ان عائشة وحفصة


    [322]


    كانتا تؤذيانها وتشتمانها وتقولان لها يا بنت اليهودية: فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لها: ألا تجيبنهما؟ فقالت بماذا يا رسول الله؟ قال قولي ابي هارون نبي الله وعمي موسى كليم الله وزوجي محمد رسول الله فما تنكران مني؟ فقالت لهما فقالتا هذا علمك رسول الله صلى الله عليه وآله فانزل الله في ذلك (يا ايها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم - إلى قوله - ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان) وقوله: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) قال الشعوب العجم والقبائل العرب وقوله (إن اكرمكم عند الله أتقاكم) وهو رد على من يفتخر بالاحساب والانساب، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة: يا أيها الناس ان الله قد اذهب عنكم بالاسلام نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها ان العربية ليست بأب ووالدة وإنما هو لسان ناطق، فمن تكلم به فهو عربي، ألا انكم من آدم وآدم من تراب واكرمكم عند الله اتقاكم قوله (قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) أي استسلمتم بالسيف (ولما يدخل الايمان في قلوبكم وقوله (لا يلتكم من اعمالكم شيئا) أي لا ينقصكم قوله (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) أي لم يشكوا (وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله) الآية، قال نزلت في امير المؤمنين عليه السلام وقوله (قل أتعلمون الله بدينكم) أي أتعلمون الله دينكم وقوله (يمنون عليك أن اسلموا) نزلت في عثكن يوم الخندق وذلك انه مر بعمار بن ياسر وهو يحفر الخندق وقد ارتفع الغبار من الحفر فوضع كمه على أنفه ومر، فقال عمار: لا يستوي من يبني المساجد فيصلي فيها راكعا وساجدا كمن يمر بالغبار حائدا يعرض عنه جاحدا معاندا، فالتفت اليه عثكن فقال: يا بن السوداء إياي تعنى، ثم اتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له لم ندخل معك لتسب أعراضنا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله.
    قد أقلتك إسلامك فاذهب فانزل الله (يمنون عليك أن اسلموا قل


    [323]


    لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان إن كنتم صادقين) أي لستم صادقين (إن الله يعل غيب السموات والارض والله بصير بما تعلمون).


    سورة ق


    مكية آياتها خمس واربعون


    (بسم الله الرحمن الرحيم ق والقرآن المجيد) قال: ق جبل محيط بالدنيا من وراء يأجوج ومأجوج وهو قسم (بل عجبوا) يعنى قريشا (ان جاء‌هم منذر منهم) يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله (فقال الكافرون هذا شئ عجيب‌ء‌إذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد) قال نزلت في ابي بن خلف، قال لابي جهل تعال إلي لاعجبك من محمد، ثم اخذ عظما ففته ثم قال يزعم محمد ان هذا يحيى فقال الله: (بل كذبوا بالحق لما جاء‌هم فهم في أمر مريج) يعنى مختلفا، ثم احتج عليهم وضرب للبعث والنشور مثلا فقال (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج والارض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج) اي حسن (فأنبتنا به جنات وحب الحصيد) قال كل حب يحصد (والنخل باسقات) اي مرتفعات (لها طلع نضيد) يعنى بعضه على بعض رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج) جوابا لقولهم: ء‌إذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد، فقال الله: كما ان الماء انزلناه من السماء فتخرج النبات من الارض كذلك انتم تخرجون من الارض.
    ثم ذكر عزوجل ما فسرناه من هلاك الامم فقال (كذبت قبلهم قوم نوح واصحاب الرس) وهم الذين هلكوا لانهم استغنوا الرجال بالرجال والنساء بالنساء والرس نهر بناحية آذربيجان (أفعيينا بالخلق الاول) أي لم نعي بالخلق الاول قوله (ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب اليه


    [324]


    من حبل الوريد) قال حبل العنق قوله (واصحاب الايكة) قال اصحاب الغيضة(1) (وجاء‌ت سكرة الموت بالحق) قال نزلت جاء‌ت سكرة الحق بالموت (ذلك ما كنت منه تحيد) قال نزلت في زريق وقوله (وجاء‌ت كل نفس معها سائق وشهيد) يشهد عليها قال سائق يسوقها قوله (وقال قرينه) اي شيطانه وهو حبتر (هذا ما لدي عتيد) وقوله (ألقيا في جهنم كل كفار عنيد) مخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام، وذلك قول الصادق عليه السلام: علي قسيم الجنة والنار.
    حدثنا ابوالقاسم الحسينى (الحسنى ط) قال حدثنا فرات بن ابراهيم قال حدثنا محمد بن احمد بن حسان قال حدثنا محمد بن مروان عن عبيد بن يحيى عن محمد بن الحسين ابن علي بن الحسين عن ابيه عن جده عن علي بن ابي طالب عليه وعليهم السلام في قوله " ألقيا في جهنم كل كفار عنيد " قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد كنت انا وانت يومئذ عن يمين العرش، ثم يقول الله تبارك وتعالى لي ولك قوما فألقيا من ابغضكما وكذبكما في النار(2).
    قال علي بن ابراهيم: حدثنى ابي عن عبدالله بن المغيرة الخزاز (الجزار ط) عن ابن سنان عن ابي عبدالله (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا سألتم الله فاسألوه الوسيلة فسألنا النبي صلى الله عليه وآله عن الوسيلة، فقال هي درجتي في الجنة وهي الف مرقاة جوهرة إلى مرقاة زبرجد إلى مرقاة لؤلؤ إلى مرقاة ذهب إلى مرقاة فضة، فيؤتى بها يوم القيامة حتى تنصب مع درجة النبيين وهي في درجة النبيين كالقمر بين الكواكب، فلا يبقى يومئذ نبي ولا شهيد ولا صديق إلا قال طوبى



    ___________________________________
    (1) مجتمع الشجر في مغيض الماء.
    (2) كذا ورد في مسند احمد بن حنبل فراجع.ج.ز.


    [325]


    لمن كانت هذه درجته، فينادي المنادي ويسمع النداء جميع النبيين والصديقين والشهداء والمؤمنين " هذه درجة محمد صلى الله عليه وآله " فقال لرسول الله: فأقبل يومئذ متزرا بريطة من نور على رأسي تاج الملك، مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله المفلحون هم الفائزون بالله، وإذا مررنا بالنبيين قالوا: هذان ملكان مقربان وإذا مررنا بالملائكة قالوا هذان ملكان لم نعرفهما ولم نرهما او قال هذان نبيان مرسلان حتى اعلو الدرجة وعلي يتبعنى، حتى إذا صرت في اعلى الدرجة منها وعلي اسفل منى وبيده لوائي فلا يبقى يومئذ نبي ولا مؤمن إلا رفعوا رؤسهم إلي يقولون: طوبى لهذين العبدين ما اكرمهما على الله فينادي المنادي يسمع النبيين وجميع الخلائق: هذا حبيبي محمد وهذا وليي علي بن ابي طالب طوبى لمن احبه وويل لمن ابغضه وكذب عليه.
    ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي فلا يبقى يومئذ في مشهد القيامة أحد يحبك إلا استروح(1) إلى هذا الكلام وابيض وجهه وفرح قلبه ولا يبقى أحد ممن عاداك ونصب لك حربا او جحد لك حقا إلا اسود وجهه واضطربت قدماه، فبينا أنا كذلك إذا بملكين قد اقبلا إلي اما أحدهما فرضوان خازن الجنة، واما الآخر فمالك خازن النار فيدنوا إلي رضوان ويسلم علي ويقول: السلام عليك يا رسول الله؟ فأرد عليه السلام فاقول: ايها الملك الطيب الريح الحسن الوجه الكريم على ربه من انت؟ فيقول: أنا رضوان خازن الجنة امرني ربي ان آتيك بمفاتيح الجنة فخذها يا محمد ! فاقول قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما أنعم به علي، إدفعها إلى اخي علي بن ابي طالب، فيدفعها إلى علي ويرجع رضوان.



    ___________________________________
    (1) أي وجد الراحة واللذة.ج.ز.


    [326]


    ثم بدنو مالك خازن النار فيسلم علي ويقول: السلام عليك يا حبيب الله ! فاقول له: عليك السلام ايها الملك ما أنكر رؤيتك وأقبح وجهك من انت؟ فيقول: أنا مالك خازن النار أمرني ربي أن آتيك بمفاتيح النار، فاقول: قد قبلت ذلك من ربي فله الحمد على ما أنعم به علي وفضلني به إدفعها إلى أخي علي ابن ابي طالب، فيدفعها اليه، ثم يرجع مالك فيقبل علي عليه السلام ومعه مفاتيح الجنة ومقاليد النار حتى يقف على شفير جهنم ويأخذ زمامها بيده وقد علا زفيرها واشتد حرها وكثر شررها، فتنادي جهنم يا علي ! جزني قد أطفأ نورك لهبي، فيقول لها علي ع قرى يا جهنم ذري هذا وليي وخذي هذا عدوي، فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه، فان شاء يذهب به يمنة وإن شاء يذهب به يسرة، ولجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق، وذلك ان عليا عليه السلام يومئذ قسيم الجنة والنار واما قوله (مناع للخير) قال المناع الثانى والخير ولاية امير المؤمنين وحقوق آل محمد ولما كتب الاول كتاب فدك يردها على فاطمة شقه الثانى (فهو معتد مريب الذي جعل مع الله إلها آخر) قال هو ما قالوا نحن كافرون بمن جعل لكم الامامة والخمس واما قوله (قال قرينه) أي شيطانه وهو حبتر (ربنا ما أطغيته) يعني زريقا (ولكن كان في ضلال بعيد) فيقول الله لهما (لا تختصموا لدي وقد قدمت اليكم بالوعيد ما يبدل القول لدي) أي ما فعلتم لا يبدل حسنات، ما وعدته لا اخلفه وقوله (يوم نقول لجهنم هل امتلات وتقول هل من مزيد) قال هو استفهام لان الله وعد النار أن يملاها فتمتلي النار فيقول لها هل امتلات؟ وتقول هل من مزيد؟ على حد الاستفهام أي ليس في مزيد، قال فتقول الجنة يا رب وعدت النار ان تملاها ووعدتني ان تملاني فلم لم تملاني وقد ملات النار، قال فيخلق الله خلقا يومئذ يملا بهم الجنة قال ابوعبدالله عليه السلام: طوبى لهم انهم لم يروا غموم الدنيا وهمومها قوله


    [327]


    (وأزلفت الجنة للمتقين) أي زينت (غير بعيد) قال بسرعة وقوله (لهم ما يشاؤن فيها ولدينا مزيد) قال النظر إلى رحمة الله وقوله (فنقبوا في البلاد) أي مروا وقوله (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) أي ذاكر قوله (او ألقى السمع وهو شهيد) أي سمع وأطاع قوله (واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب) قال ينادي المنادي باسم القائم عليه السلام واسم ابيه (ع) (يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج) قال صيحة القائم من السماء، ذلك يوم الخروج قال هي الرجعة، حدثنا احمد بن إدريس قال حدثنا محمد بن احمد عن عمر بن عبدالعزيز عن جميل عن أبي عبدالله (ع) في قوله (يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج " قال هي الرجعة.
    قال علي بن ابراهيم في قوله (يوم تشقق الارض عنهم سراعا) قال في الرجعة، أخبرنا احمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن أبي بصير قال سألت الرضا (ع) عن قول الله (ومن الليل فسبحه وأدبار السجود) قال اربع ركعات بعد المغرب، وقال علي بن ابراهيم في قوله (فذكر بالقرآن من يخاف وعيد) قال ذكر يا محمد ما وعدناه من العذاب


    Comment

    • راية اليماني
      مشرف
      • 05-04-2013
      • 3021

      #47
      رد: كتب تفسير القرآن_ تفسير "القمي" ج 1-2 [قرائة ]

      سورة الذاريات


      مكية آياتها ستون


      (بسم الله الرحمن الرحيم والذاريات ذروا) قال حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبدالله (ع) في قوله " والذاريات ذروا " فقال: إن ابن الكوا سأل أمير المؤمنين (ع) عن الذاريات ذروا قال الريح وعن الحاملات وقرا فقال هي السحاب وعن الجاريات يسرا قال هي السفن وعن المقسمات أمرا فقال الملائكة وهو قسم كله وخبره (إنما توعدون لصادق وان الدين لواقع) يعني


      [328]


      المجازاة والمكافاة واما قوله (والسماء ذات الحبك) قال فانه حدثني أبي عن الحسين ابن خالد عن أبي الحسن الرضا (ع) قال قلت له: أخبرني عن قول الله والسماء ذات الحبك، فقال: هي محبوكة(1) إلى الارض وشبك بين اصابعه.
      فقلت: كيف يكون محبوكة إلى الارض والله يقول رفع السماء بغير عمد ترونها فقال: سبحان الله ! أليس الله يقول بغير عمد ترونها فقلت بلى فقال ثم عمد ولكن لا ترونها قلت كيف ذلك جعلني الله فداك فبسط كفه اليسرى ثم



      ___________________________________
      (1) معنى الحبك لغة شد شئ بشئ ومنه " الحبكة " وهي ما يشد به الوسط، و " الحباك " وهي الحظيرة التي تشد بقصبات، فالمقصود من الآية الشريفة كما بينه الامام عليه السلام ان العرش وما بعده من السماوات إلى أرضنا هذه كلمة مشدود بالقوة الجاذبة، بحيث لولاها لتصادمت السماوات والارضون فيما بينهن وهذه القوة كالاسطوانة لكننا لا نراها كما قال عز اسمه: ورفع السماء بغير عمد ترونها.
      وقبل مدة، كان من مذهب الفلاسفة خلو الجو بين السماء والارض من كل شئ وجودي وعبروه ب‍ " الخلاء " ولكن لما حان عصر الصاروخ أبطلت هذه الفكرة عمليا، لان صعود الصاروخ لا يمكن بدون شئ موجود في الجو إذ هو يرمي مادة نارية إلى تحته ومن أجل اصطكاكها بالفضاء توجد اهتزازات في الصاروخ فتتصاعد إلى فوق وهذا دليل عملي على أن هناك اتصالات مادية من كل السماء إلى الارض ولا وجود للخلاء المحض كما فرضوه سابقا فهو مما نطق به الامام الرضا عليه السلام قبل الاستكشافات الجديدة بألف عام او ازيد بقوله " فهي محبوكة إلى الارض " ثم لمزيد إيضاح هذا المعنى شبك بين اصابعه كما في الخبر.ج.ز.


      [329]


      وضع اليمنى عليها فقال: هذه أرض الدنيا والسماء الدنيا عليها فوقها قبة والارض الثانية فوق السماء الدنيا والسماء الثانية فوقها قبة والارض الثالثة فوق السماء الثانية والسماء الثالثة فوقها قبة والارض الرابعة فوق السماء الثالثة والسماء الرابعة فوقها قبة الارض الخامسة فوق السماء الرابعة والسماء الخامسة فوقها قبة الارض السادسة فوق السماء الخامسة والسماء السادسة فوقها قبة والارض السابعة فوق السماء السادسة والسماء السابعة فوقها قبة وعرش الرحمن تبارك الله فوق السماء السابعة وهو قول الله " الذي خلق سبع سموات طباقا ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن ".
      فاما صاحب الامر فهو رسول الله صلى الله عليه وآله والوصي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله قائم هو على وجه الارض فانما يتنزل الامر اليه من فوق السماء من بين السماوات والارضين قلت: فما تحتنا إلا أرض واحدة فقال: ما تحتنا إلا أرض واحدة وان الست لهن فوقنا.
      حدثنا جعفر بن احمد قال: حدثنا عبدالكريم بن عبدالرحيم عن محمد ابن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قول الله عزوجل (إنما توعدون لصادق) يعني في علي عليه السلام (وان الدين لواقع) يعني عليا وعلي هو الدين وقوله (والسماء ذات الحبك) قال: السماء رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي (ع) ذات الحبك وقوله (إنكم لفي قول مختلف) يعني مختلف في علي يعني اختلفت هذه الامة في ولايته فمن استقام على ولاية علي (ع) دخل الجنة ومن خالف ولاية علي دخل النار وقوله (يؤفك عنه من أفك) فانه يعني عليا عليه السلام من أفك عن ولايته افك عن الجنة، وقال علي بن ابراهيم في قوله: (قتل الخراصون) الذين يخرصون الدين بآرائهم من غير علم ولا يقين (الذين هم في غمرة ساهون) أي في ضلال، والساهي الذي لا يذكر الله وقوله (يسئلون


      [330]


      - يا محمد - أيان يوم الدين) أي متى تكون المجازاة قال الله (يوم هم على النار يفتنون) أي يعذبون (ذوقوا فتنتكم) أي عذابكم (هذا الذي كنتم به تستعجلون).
      ثم ذكر المتقين (ان المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم - إلى قوله - ما يهجعون) أي ما ينامون (وبالاسحار هم يستغفرون وفي اموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) قال السائل الذي يسأل والمحروم الذي قد منع كده قوله (وفي الارض آيات للمؤمنين) قال في كل شئ خلقه الله آية قال الشاعر: وفي كل شئ له آية * تدل على انه واحد وقوله (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) قال خلقك سميعا بصيرا تغضب مرة وترضى مرة وتجوع وتشبع وذلك كله من آيات الله وقوله (وفي السماء رزقكم وما توعدون) قال المطر ينزل من السماء فيخرج به أقوات العالم من الارض، وما توعدون، من أخبار الرجعة والقيامة والاخبار التي في السماء، ثم أقسم عزوجل بنفسه فقال: (فورب السماء والارض انه لحق مثل ما انكم تنطقون) يعني ما وعدتكم.
      ثم حكى الله عزوجل خبر ابراهيم (ع) وقد كتبناه في سورة هود وقوله (وأقبلت امرأته في صرة) أي في جماعة (فصكت وجهها) اي غطته بما بشرها جبرئيل (ع) باسحاق (ع) (وقالت عجوز عقيم) وهي التي لا تلد وقوله (وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم) وهي التي لا تلقح الشجر ولا تنبت النبات وقوله (وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين) قال قال: الحين ها هنا ثلاثة أيام وقوله (والسماء بنيناها بأيد) قال بقوة وقوله: (ففروا إلى الله) قال حجوا وقوله: (كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به) يعني قريشا بأسمائهم حتى قالوا لرسول الله ساحر او مجنون وقوله: (فتول عنهم - يا محمد - فما أنت بملوم) قال هم الله جل ذكره بهلاك اهل الارض فانزل الله


      [331]


      على رسوله (فتول عنهم - يا محمد - فما انت بملوم) ثم بدا لله في ذلك فانزل عليه (وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين) وهذا رد على من انكر ان لله البدا والمشية وقوله (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) قال خلقهم للامر والنهي والتكليف وليست خلقتهم جبرا أن يعبدوه ولكن خلقتهم اختيارا ليختبرهم بالامر والنهي ومن يطيع ومن يعصي، وفي حديث آخر قال: هي منسوخة بقوله ولا يزالون مختلفين وقوله: (ما اريد منهم من رزق) واني لم اخلقهم لحاجة بي اليهم قوله (فان للذين ظلموا - آل محمد حقهم - ذنوبا مثل ذنوب اصحابهم فلا يستعجلون) ثم قال: (فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون).



      سورة الطور


      مكية آياتها تسع واربعون


      (بسم الله الرحمن الرحيم والطور وكتاب مسطور) قال: الطور جبل بطور سينا (وكتاب مسطور) أي مكتوب (في رق منشور والبيت المعمور) قال: هو في السماء الرابعة وهو الضراح(1) يدخله كل يوم سبعون الف ملك ثم لا يعودون اليه أبدا (والسقف المرفوع) قال: السماء (والبحر المسجور) قال: يسجر(2) يوم القيامة وهذا قسم كله وجوابه (ان عذاب ربك لواقع ماله



      ___________________________________
      (1) وفي الحديث ان الله أمر ملكا من الملائكة ان يجعل له بيتا في السماء يسمى " الضراح " وهو بالضم، قيل البيت المعمور في السماء الرابعة من المضارحة وهي المقابلة، ومن رواها بالصاد فقد صحف.مجمع
      (2) سجرت التنور: حميته وإذا البحار سجرت اي يقذف بالكواكب فيها ثم تضرم فتصير نارا لتعذيب الفجار.ج.ز.


      [332]


      من دافع) وقوله: (يوم تمور السماء مورا) تنفس (وتسير الجبال سيرا) أي تسير مثل الريح إلى قوله (في خوض يلعبون) قال: يخوضون في المعاصي وقوله (يوم يدعون إلى نار جهنم دعا) قال: يدفعون في النار، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لما مر بعمرو بن العاص وعقبة بن أبي معيط وهما في حائط يشربان ويغنيان بهذا البيت في حمزة بن عبدالمطلب حين قتل.
      كم من حواري تلوح عظامه * وراء الحرب أن يجر فيقبرا فقال النبي صلى الله عليه وآله: اللهم العنهما واركسهما في الفتنة ركسا ودعهما في النار دعا قوله: (اصلوها فاصبروا اولا تصبروا) اي اجترؤا أو لا تجترؤا لان أحدا لا يصبر على النار والدليل على ذلك فما أصبرهم على النار يعني ما أجرأهم وقوله: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم) فانه حدثني ابي عن سليمان الديلمي عن ابي بصير عن ابي عبدالله (ع) قال: إن اطفال شيعتنا من المؤمنين تربيهم فاطمة عليها السلام وقوله: (ألحقنا بهم ذريتهم) قال: يهدون إلى آبائهم يوم القيامة حدثنا ابوالعباس قال: حدثنا يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عبدالرحمن بن كثير عن ابي عبدالله (ع) في قوله: " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم " قال الذين آمنوا بالنبي وامير المؤمنين والذرية الائمة والاوصياء عليهم السلام ألحقنا بهم ذريتهم ولم ننقص ذريتهم من الحجة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وآله في علي وحجتهم واحدة وطاعتهم واحدة.
      وقال علي بن ابراهيم في قوله: (وما التناهم من عملهم من شئ) اي ما أنقصناهم وقوله: (لا لغو فيها ولا تأثيم) قال: ليس في الجنة غناء ولا فحش ويشرب المؤمن ولا يأثم ثم حكى الله عزوجل قول اهل الجنة فقال: (وأقبل بعضهم على بعض يتساء‌لون) قال في الجنة (قالوا إنا كنا قبل في اهلنا مشفقين) اي خائفين من العذاب (فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) قال: السموم الحر


      [333]


      الشديد وقوله يحكي قول قريش (أم يقولون شاعر) يعنون رسول الله صلى الله عليه وآله (نتربص به ريب المنون) فقال الله: قل لهم يا محمد (تربصوا فاني معكم من المتربصين أم تأمرهم احلامهم بهذا) قال: لم يكن في الدنيا احلم من قريش، ثم عطف على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: (أم يقولون - يا محمد - تقوله) يعني امير المؤمنين (ع)(1) (بل لا يؤمنون) انه لم يتقوله ولم يقمه برأيه ثم قال: (فليأتوا بحديث مثله) اي برجل مثله من عند الله (إن كانوا صادقين) وقوله: (أم له البنات ولكم البنون) قال: هو ما قالت قريش إن الملائكة بنات الله ثم قال: (أم تسئلهم - يا محمد - أجرا) فيما أتيتهم به (فهم من مغرم مثقلون) أي يقع عليهم الغرم الثقيل وقوله (وان للذين ظلموا - آل محمد حقهم - عذابا دون ذلك) قال عذاب الرجعة بالسيف وقوله: (فاصبر لحكم ربك فانك باعيننا) أي بحفظنا وحرزنا ونعمتنا (وسبح بحمد ربك حين تقوم) قال: صلاة الليل (فسبحه) قال قبل صلاة الليل (وإدبار النجوم) أخبرنا احمد بن إدريس عن احمد ابن محمد عن ابن ابي نصر (بصير ط) عن الرضا عليه السلام قال ادبار السجود قال: اربع ركعات بعد المغرب وادبار النجوم ركعتان قبل صلاة الصبح.



      ___________________________________
      (1) يعني أقام رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام خليفة له برأيه.


      سورة النجم


      مكية آياتها اثنتان وستون


      (بسم الله الرحمن الرحيم والنجم إذا هوى) قال: النجم رسول الله صلى الله عليه وآله إذا هوى(2) لما أسري به إلى السماء وهو في الهواء وهذا رد على ما أنكر



      ___________________________________
      (2) هوى الجبل: صعده وارتفع فهو من لغات الاضداد وقيل " الهوي " بفتح الهاء للارتفاع و " الهوي " بضم الهاء للانحدار.ج.ز.


      [334]


      المعراج وهو قسم برسول الله صلى الله عليه وآله وهو فضل له على الانبياء وجواب القسم (ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى) أي لا يتكلم بالهوى (إن هو) يعني القرآن (إلا وحي يوحى علمه شديد القوى) يعني الله عزوجل (ذو مرة فاستوى) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: وحدثني ياسر عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال ما بعث الله نبيا إلا صاحب مرة سوداء صافية وقوله (وهو بالافق الاعلى) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله (ثم دنا) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله من ربه عزوجل (فتدلى) قال إنما نزلت هذه ثم دنا فتدانى (فكان قاب قوسين او أدنى) قال كان من الله كما بين مقبض القوس إلى رأس السية(1) (او أدنى) أي من نعمته ورحمته قال بل أدنى من ذلك (فاوحى إلى عبده ما اوحى) قال وحي مشافهة.
      أخبرنا احمد بن إدريس عن احمد بن محمد عن الحسين بن العباس عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (ما ضل صاحبكم وما غوى) يقول ما ضل في علي عليه السلام وما غوى وما ينطق فيه عن الهوى، وما كان ما قال فيه إلا بالوحي الذي اوحى اليه ثم قال: (علمه شديد القوى) ثم أذن له فوفد إلى السماء فقال (ذو مرة فاستوى وهو بالافق الاعلى.
      ثم دنا فتدلى (فتدانى ط) فكان قاب قوسين او ادنى) كان بين لفظه وبين سماع محمد كما بين وتر القوس وعودها (فاوحى إلى عبده ما اوحى) فسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك الوحي، فقال اوحى إلي ان عليا سيد الوصيين (المومنين ط) وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين وأول خليفة يستخلفه خاتم النبيين، فدخل القوم في الكلام فقالوا: أمن الله ومن رسوله فقال الله جل ذكره لرسول الله صلى الله عليه وآله قل لهم (ما كذب الفؤاد ما رأى) ثم رد عليهم فقال (أفتمارونه على ما يرى) ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله قد أمرت فيه بغير هذا أمرت ان انصبه للناس واقول



      ___________________________________
      (1) سية القوس: ما عطف من طرفيها.ج.ز.


      [335]


      لهم هذا وليكم من بعدي وهو بمنزلة السفينة يوم الغرق من دخل فيها نجا ومن خرج منها غرق ثم قال (ولقد رآه نزلة اخرى) يقول: رأيت الوحي مرة اخرى (عند سدرة المنتهى) التي يتحدث تحتها الشيعة في الجنان ثم قال الله قل لهم: (إذ يغشى السدرة ما يغشى) يقول: إذ يغشى السدرة ما يغشى من حجب النور (وما زاغ البصر) يقول: ما عمي البصر عن تلك الحجب (وما طغى) يقول: وما طغى القلب بزيادة فيما اوحى اليه ولا نقصان (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) يقول: لقد سمع كلاما لولا انه قوي ما قوي.
      وقال علي بن ابراهيم في قوله (ولقد رآه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى) قال في السماء السابعة، واما الرد على من انكر خلق الجنة والنار فقوله (عندها جنة المأوى) اي عند سدرة المنتهى فسدرة المنتهى في السماء السابعة وجنة المأوى عندها، قال: وحدثني ابي عن ابراهيم بن محمد الثقفي عن ابان بن عثمان عن ابي داود عن أبي بردة الاسلمي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام: يا علي ! ان الله أشهدك معي في سبعة مواطن: (اما أول ذلك) فليلة اسري بي إلى السماء قال لي جبرئيل أين اخوك؟ فقلت خلفته ورائي قال ادع الله فليأتك به فدعوت الله وإذا مثالك معي، وإذ الملائكة وقوف صفوف، فقلت: يا جبرئيل من هؤلاء؟ قال: هم الذين يباهيهم الله بك يوم القيامة، فدنوت فنطقت بما كان وبما يكون إلى يوم القيامة (والثاني) حين أسري بي في المرة الثانية فقال لي جبرئيل أين اخوك؟ قلت خلفته ورائي ! قال: ادع الله فليأتك به فدعوت فاذا مثالك معي فكشط لي عن سبع سموات حتى رأيت سكانها وعمارها وموضع كل ملك منها (والثالث) حين بعثت إلى الجن فقال لي جبرئيل: أين اخوك؟ قلت خلفته ورائي فقال ادع الله فليأتك به فدعوت الله فاذا انت معي فما قلت لهم شيئا ولا ردوا علي شيئا إلا سمعته (والرابع) خصصنا بليلة القدر وليست لاحد غيرنا


      [336]


      (والخامس) دعوت الله فيك واعطاني فيك كل شئ إلا النبوة فانه قال خصصتك يا محمد بها وختمتها بك (واما السادس) لما اسري بي إلى السماء جمع الله لي النبيين فصليت بهم ومثالك خلفي (معى ط) (السابع) هلاك الاحزاب بأيدينا، فهذا رد على من أنكر المعراج.
      ومن الرد على من أنكر خلق الجنة والنار ايضا ما حدثني أبي عن بعض اصحابه رفعه قال كانت فاطمة عليها السلام لا يذكرها احد لرسول الله صلى الله عليه وآله إلا أعرض عنه حتى أيس الناس منها، فلما اراد ان يزوجها من علي اسر اليها، فقالت يا رسول الله انت اولى بما ترى غير ان نساء قريش تحدثني عنه انه رجل دحداح البطن طويل الذراعين ضخم الكراديس انزع عظيم العينين لمنكبيه مشاشا كمشاش البعير ضاحك السن لا مال له، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: يا فاطمة ! أما علمت ان الله اشرف على الدنيا فاختارني على رجال العالمين نبيا ثم اطلع اخرى فاختار عليا على رجال العالمين وصيا ثم اطلع فاختارك على نساء العالمين، يا فاطمة ! انه لما اسري بي إلى السماء وجدت مكتوبا على صخرة بيت المقدس " لا إله إلا الله محمد رسول الله ايدته بوزيره ونصرته بوزيره " فقلت لجبرئيل ومن وزيري؟ فقال علي بن ابي طالب، فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها " إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي محمد (حبيبى ط) صفوتي من خلقي ايدته بوزيره ونصرته بوزيره " فقلت لجبرئيل ومن وزيري؟ قال علي بن ابي طالب.
      فلما جاوزت سدرة المنتهى انتهيت إلى عرش رب العالمين فوجدت مكتوبا على كل قائمة من قوائم العرش " أنا الله لا إله إلا أنا محمد حبيبي ايدته بوزيره ونصرته بوزيره " فلما دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى اصلها في دار


      [337]


      علي وما في الجنة قصر ولا منزل إلا وفيها فرع منها اعلاها اسفاط(1) حلل من سندس واستبرق يكون للعبد المؤمن الف الف سفط، في كل سفط مائة الف حلة ما فرها حلة تشبه الاخرى على ألوان مختلفة، وهو ثياب اهل الجنة وسطها ظل ممدود كعرض السماء والارض اعدت للذين آمنوا بالله ورسوله يسير الراكب في ذلك الظل مسيرة مائة عام فلا يقطعه وذلك قوله (وظل ممدود) اسفلها ثمار اهل الجنة وطعامهم متدلل في بيوتهم يكون في القضيب منها مائة لون من الفاكهة مما رأيتم في دار الدنيا ومما لم تروه وما سمعتم به وما لم تسمعوا مثلها، وكلما يجتنى منها شئ نبت مكانها اخرى لا مقطوعة ولا ممنوعة ويجري نهر في اصل تلك الشجرة ينفجر منها الانهار الاربعة، نهر من ماء غير آسن ونهر من لبن لم يتغير طعمه ونهر من خمر لذة للشاربين ونهر من عسل مصفى.
      يا فاطمة ان الله اعطاني في علي سبع خصال: هو أول من ينشق عنه القبر معي، وأول من يقف معي على الصراط فيقول للنار خذي ذا وذري ذا، وأول من يكسى إذا كسيت، وأول من يقف معي على يمين العرش وأول من يقرع معي باب الجنة، وأول من يسكن معي عليين، وأول من يشرب معي من الرحيق المختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
      يا فاطمة هذا ما اعطاه الله عليا في الآخرة وأعد له في الجنة إذا كان في الدنيا لا مال له، فاما ما قلت انه بطين، فانه مملو من العلم خصه الله به واكرمه من بين امتى، واما ما قلت انه انزع عظيم العينين، فان الله خلقه بصفة آدم عليه السلام، واما طول يديه، فان الله طولهما ليقتل بهما اعداء‌ه واعداء رسوله وبه يظهر الله



      ___________________________________
      (1) جمع سفط وهو ظرف يعبأ فيه الطيب وما أشبهه من ادوات النساء.ج.ز.


      [338]


      الدين ولو كره المشركون، وبه يفتح الله الفتوح ويقاتل المشركين على تنزيل القرآن والمنافقين من اهل البغي والنكث والفسوق على تأويله ويخرج الله من صلبه سيدي شباب اهل الجنة ويزين بها عرشه.
      يا فاطمة ما بعث الله نبيا إلا جعل له ذريته من صلبه وجعل ذريتي من صلب علي، ولولا علي ما كانت لي ذرية، فقالت فاطمة يا رسول الله ما اختار عليه احدا من اهل الارض، فزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال ابن عباس عند ذلك: والله ما كان لفاطمة كفؤ غير علي عليه السلام.
      قوله: (إذ يغشى السدرة ما يغشى) قال: لما رفع الحجاب بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله غشى نوره السدرة وقوله (ما زاغ البصر وما طغى) أي لم ينكر (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) قال رأى جبرئيل على ساقه الدر مثل القطر على البقل له ستمائة جناح قد ملا ما بين السماء والارض وقوله (أفرأيتم (اللات والعزى) قال اللات رجل والعزى امرأة وقوله (ومناة الثالثة الاخرى) قال كان صنم بالمسلك (الشلل ط) خارج من المحرم على ستة اميال يسمى المناة قوله (ألكم الذكر وله الانثى) قال هو ما قالت قريش ان الملائكة هم بنات الرحمن فرد الله عليهم فقال (ألكم الذكر وله الانثى تلك إذا قسمة ضيزى) أي ناقصة ثم قال (إن هي) يعني اللات والعزى ومناة (إلا اسماء سميتموها انتم وآباؤكم ما انزل الله بها من سلطان) اي من حجة وقوله (الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم) وهو ما يلم به العبد من ذنوب صغار بجهالة ثم يندم ويستغفر الله ويتوب فيغفر الله له وقوله: (وإذا انتم أجنة في بطون امهاتكم) اي مستقرين قوله: (وابراهيم الذي وفى) قال وفى بما امره الله من الامر والنهي وذبح ابنه قوله: (وان إلى ربك المنتهى) قال إذا انتهى الكلام إلى الله فامسكوا، وتكلموا فيما دون العرش ولا تكلموا فيما فوق العرش فان قوما تكلموا فيما فوق العرش فتاهت عقولهم


      [339]


      حتى كان الرجل ينادى من بين يديه فيجيب من خلفه وينادى من خلفه فيجيب من بين يديه وهذا رد على من وصف الله وقوله (وانه هو أضحك وأبكى) قال أبكى السماء بالمطر وأضحك الارض بالنبات قال الشاعر: كل يوم باقحوان جديد * تضحك الارض من بكاء السماء قوله (من نطفة إذا تمنى) قال تتحول النطفة إلى الدم فتكون أولا دما ثم تصير النطفة وتكون في الدماغ في عرق يقال له الوريد وتمر في فقار الظهر فلا تزال تجوز فقرا فقرا حتى تصير في الحالبين(1) فتصير ابيض واما نطفة المرأة فانها تنزل من صدرها.
      حدثنا ابوالعباس قال حدثنا محمد بن احمد قال حدثنا ابراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن ابيه عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في قول الله (وانه هو أغنى وأقنى) قال أغنى كل إنسان بمعيشته وأرضاه بكسب يده، وقال علي بن ابراهيم في قوله: (وانه هو رب الشعرى) قال نجم في السماء يسمى الشعرى كانت قريش وقوم من العرب يعبدونه وهو نجم يطلع في آخر الليل وقوله: (والمؤتفكة اهوى) قال المؤتفكة البصرة والدليل على ذلك قول امير المؤمنين عليه السلام: يا أهل البصرة، ويا أهل المؤتفكة يا جند المرأة وأتباع البهيمة، رغا فأجبتم، وعقر فهربتم، ماؤكم زعاق(2)، وأحلامكم (اخلاقكم ط) رقاق، وفيكم ختم النفاق، ولعنتم على لسان سبعين نبيا، ان رسول الله



      ___________________________________
      (1) حالبان: قناتان بين الكليتين والمثانة.
      (2) ائتفك البلد بأهله انقلب، المؤتفكات: الرياح تختلف مهابها، رغا البعير: صوت، زعاق: مالح وهذه حال البصرة في ذاك العصر وان كانت آثارها الطبعية عامة في كل زمان.ج.ز.


      [340]


      صلى الله عليه وآله أخبرني ان جبرئيل عليه السلام أخبره انه طوى له الارض فرأى البصرة أقرب الارضين من الماء وأبعدها من السماء وفيها تسعة اعشار الشر والداء العضال، المقيم فيها مذنب، والخارج منها (متدارك) برحمة، وقد ائنفكت بأهلها مرتين، وعلى الله تمام الثالثة وتمام الثالثة في الرجعة.
      وقوله (فبأي آلاء ربك تتمارى) اي بأي سلطان تخاصم (هذا نذير) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله (من النذر الاولى) حدثنا علي بن الحسين عن احمد بن ابي عبدالله عن محمد بن علي عن علي بن اسباط عن علي بن معمر عن ابيه قال: سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله " هذا نذير من النذر الاولى " قال ان الله تبارك وتعالى لما ذرأ الخلق في الذر الاول فأقامهم صفوفا " وبعث الله محمدا فآمن به قوم وأنكره قوم، فقال الله هذا نذير من النذر الاولى، يعني به محمدا صلى الله عليه وآله حيث دعاهم إلى الله عزوجل في الذر الاول، قال علي بن ابراهيم في قوله: (ازفت الآزفة) قال قربت القيامة (ليس لها من دون الله كاشفة) أي لا يكشفها إلا الله (أفمن هذا الحديث تعجبون) يعني بما قد تقدم ذكره من الاخبار (وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون) اي لاهون ساهون.


      Comment

      • راية اليماني
        مشرف
        • 05-04-2013
        • 3021

        #48
        رد: كتب تفسير القرآن_ تفسير "القمي" ج 1-2 [قرائة ]

        سورة القمر


        مكية آياتها خمس وخمسون


        (بسم الله الرحمن الرحيم إقتربت الساعة) قال قربت القيامة فلا يكون بعد رسول الله صلى الله عليه وآله إلا القيامة وقد انقضت النبوة والرسالة وقوله (وانشق القمر) فان قريشا سألت رسول الله صلى الله عليه وآله ان يريهم آية، فدعا الله فانشق القمر بنصفين حتى نظروا اليه ثم التأم فقالوا هذا سحر مستمر أي صحيح وروي ايضا في قوله (إقتربت الساعة) قال خروج القائم عليه السلام، حدثنا


        [341]


        حبيب بن الحسن بن ابان الاجري قال حدثني محمد بن هشام عن محمد قال حدثني يونس قال قال لي ابوعبدالله عليه السلام: اجتمعوا اربعة عشر رجلا اصحاب العقبة ليلة اربعة عشر من ذي الحجة، فقالوا للنبي صلى الله عليه وآله: ما من نبي إلا وله آية فما آيتك في ليلتك هذه؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله ما الذي تريدون؟ فقالوا ان يكن لك عند ربك قدر فامر القمر أن ينقطع قطعتين، فهبط جبرئيل عليه السلام وقال يا محمد ان الله يقرؤك السلام ويقول لك: إني قد امرت كل شئ بطاعتك، فرفع رأسه فأمر القمر أن ينقطع قطعتين، فانقطع قطعتين فسجد النبي صلى الله عليه وآله شكرا لله وسجد شيعتنا، رفع النبي صلى الله عليه وآله رأسه ورفعوا رؤسهم، ثم قالوا يعود كما كان فعاد كما كان، ثم قالوا ينشق رأسه فأمره فانشق فسجد النبي صلى الله عليه وآله شكرا لله وسجد شيعتنا، فقالوا يا محمد حين تقدم سفارنا من الشام واليمن فنسألهم ما رأوا في هذه الليلة فان يكونوا رأوا مثل ما رأينا علمنا انه من ربك وإن لم يروا مثل ما رأينا علمنا انه سحر سحرتنا به، فأنزل الله اقتربت الساعة إلى آخر السورة.
        قال علي بن ابراهيم قوله (وكذبوا واتبعوا أهواء‌هم) اي كانوا يعملون برأيهم ويكذبون انبياء‌هم قوله (ولقد جاء‌هم من الانباء ما فيه مزدجر) اي متعظ وقوله (فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شئ نكر) قال الامام إذا خرج يدعوهم إلى ما ينكرون قوله (مهطعين(1) إلى الداع) إذا رجع فيقول ارجعوا (يقول الكافرون هذا يوم عسر) ثم حكى الله عزوجل هلاك الامم الماضية فقال (كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر) اي آذوه وأرادوا رجمه وقوله (ففتحنا ابواب السماء بماء منهمر) قال صب بلا قطر (وفجرنا الارض عيونا فالتقى الماء) قال ماء السماء وماء الارض (على امر قد قدر وحملناه) يعني نوحا



        ___________________________________
        (1) اهطع في السير: اقبل مسرعا خائفا.ج.ز.


        [342]


        (على ذات ألواح ودسر) قال ذات ألواح السفينة والدسر المسامير، وقيل الدسر ضرب من الحشيش شد به السفينة (تجري بأعيننا) أي بأمرنا وحفظنا قوله: (ولقد يسرنا القرآن للذكر) اي يسرناه لمن تذكره وقوله (إنا ارسلنا عليهم ريحا صرصرا) اي باردة وقوله (إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم) اي اختبارا وقوله (فنادوا صاحبهم) قال قدار الذي عقر الناقة وقوله (كهشيم المحتضر) قال الحشيش النبات وقوله (أكفاركم) مخاطبة لقريش (خير من اولئكم) يعني هذه الامم الهالكة (أم لكم براء‌ة في الزبر) اي في الكتب لكم براء‌ة ان لا تهلكوا كما هلكوا، فقالوا قريش قد اجتمعنا لننتصر ونقتلك يا محمد ! فأنزل الله (أم يقولون - يا محمد - نحن جميع منتصر سيهزم الجمع ويولون الدبر) يعني يوم بدر حين هزموا واسروا وقتلوا ثم (قال بل الساعة موعدهم) يعني القيامة (والساعة أدهى وأمر) اي اشد واغلظ وامر وقوله (إن المجرمين في ضلال وسعر) اي في عذاب، وسعر واد في جهنم عظيم.
        وقوله (إنا كل شئ خلقناه بقدر) قال له وقت وأجل ومدة حدثنا محمد ابن ابي عبدالله قال حدثنا موسى بن عمران عن الحسين بن يزيد عن اسماعيل بن مسلم قال قال ابوعبدالله عليه السلام: وجدت لاهل القدر اسما في كتاب الله قوله: " ان المجرمين في ضلال وسعر - إلى قوله - خلقناه بقدر " فهم المجرمون (وما امرنا إلا واحدة كلمح بالبصر) يعني نقول كن فيكون وقوله (ولقد أهلكنا اشياعكم) اي اتباعكم وعباد الاصنام وقوله (وكل شئ فعلوه في الزبر) اي مكتوب في الكتب (وكل صغير وكبير) يعنى من ذنب (مستطر) اي مكتوب ثم ذكر ما اعده للمتقين فقال (إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر).


        سورة الرحمن


        مدنية(1) آياتها ثمان وسبعون آية


        (بسم الله الرحمن الرحيم علم القرآن خلق الانسان علمه البيان) قال حدثنى ابي عن الحسين بن خالد عن ابي الحسن الرضا عليه السلام في قوله: الرحمن علم القرآن قال عليه السلام: الله علم محمدا القرآن، قلت خلق الانسان؟ قال ذلك امير المؤمنين عليه السلام قلت علمه البيان؟ قال علمه تبيان كل شئ يحتاج الناس اليه، قلت الشمس والقمر بحسبان؟ قال هما يعذبان، قلت الشمس والقمر يعذبان؟ قال سألت عن شئ فأتقنه، إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له، ضوؤهما من نور عرشه وحرهما من جهنم فاذا كانت القيامة عاد إلى العرش نورهما وعاد إلى النار حرهما فلا يكون شمس ولا قمر، وإنما عناهما لعنهما الله او ليس قد روى الناس ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الشمس والقمر نوران في النار؟ قلت بلى قال أما سمعت قول الناس فلان وفلان شمسا هذه الامة ونورها فهما في النار والله ما عنى غيرهما.
        قلت: والنجم والشجر يسجدان؟ قال النجم رسول الله صلى الله عليه وآله وقد سماه الله في غير موضع فقال: والنجم إذا هوى، وقال: وعلامات وبالنجم هم يهتدون فالعلامات الاوصياء والنجم رسول الله، قلت يسجدان؟ قال يعبدان قوله: (والسماء رفعها ووضع الميزان) قال السماء رسول الله صلى الله عليه وآله رفعه الله اليه والميزان امير المؤمنين عليه السلام نصبه لخلقه، قلت: ألا تطغوا في الميزان؟ قال: لا تعصوا الامام، قلت وأقيموا الوزن بالقسط؟ قال أقيموا الامام بالعدل قلت: ولا تخسروا الميزان؟ قال: لا تبخسوا الامام حقه ولا تظلموه وقوله (والارض وضعها للانام) قال للناس (فيها فاكهة والنخل ذات الاكمام) قال يكبر ثمر النخل



        ___________________________________
        (1) وفى ط انها مكية.ج - ز


        [344]


        في القمع ثم يطلع منه وقوله (والحب ذو العصف والريحان) قال الحب الحنطة والشعير والحبوب والعصف التين والريحان ما يؤكل منه وقوله (فبأي آلاء ربكما تكذبان) قال: في الظاهر مخاطبة الجن والانس وفي الباطن فلان وفلان، حدثنا احمد بن علي قال حدثنا محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن اسلم عن علي بن ابي حمزة عن ابي بصير قال سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله: فبأي آلاء ربكما تكذبان، قال قال الله تبارك وتعالى وتقدس فبأي النعمتين تكفران بمحمد صلى الله عليه وآله أم بعلي عليه السلام.
        قال علي بن ابراهيم في قوله (رب المشرقين ورب المغربين) قال مشرق الشتاء ومشرق الصيف ومغرب الشتاء ومغرب الصيف، وفي رواية سيف بن عميرة عن اسحاق بن عمار عن ابي بصير قال سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله: رب المشرقين ورب المغربين، قال المشرقين رسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين عليه السلام والمغربين الحسن والحسين وفي أمثالهما تجري (فبأي آلاء ربكما تكذبان) قال محمد وعلي عليهما السلام، حدثنا محمد بن عبدالله قال: حدثنا سعيد بن عبدالله عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن يحيى بن سعيد القطان (العطار خ ل) قال: سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول في قول الله تبارك وتعالى (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) قال علي وفاطمة بحران عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) قال الحسن والحسين عليهما السلام، وقال علي بن ابراهيم في قوله: (مرج البحرين يلتقيان) امير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) الحسن والحسين عليهما السلام وقوله: (وله الجوار المنشئات في البحر كالاعلام) قال كما قالت الخنساء ترثي أخاها صخرا: وإن صخرا لمولانا وسيدنا * وإن صخرا إذا يستوقد النار


        [345]


        وإن صخرا لتأتم الهداة به * كأنه علم في رأسه نار وقوله (كل من عليها فان) قال من على وجه الارض (ويبقى وجه ربك) قال دين ربك، وقال علي بن الحسين عليه السلام: نحن الوجه الذي يؤتى الله منه وقوله (يسئله من في السموات والارض كل يوم هو في شان) قال يحيي ويميت ويرزق ويزيد وينقص قوله (سنفرغ لكم ايها الثقلان) قال نحن وكتاب الله والدليل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي وقوله (يا معشر الجن والانس ان استطعتم أن تنفذوا من اقطار السموات والارض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) فاذا كان يوم القيامة احاطت سماء الدنيا بالارض واحاطت السماء الثانية بسماء الدنيا واحاطت السماء الثالثة بالسماء الثانية واحاطت كل سماء بالتي تليها ثم ينادى يا معشر الجن والانس - إلى قوله - بسلطان اي بحجة وقوله (فيومئذ لا يسئل عن ذنبه) قال منكم يعني من الشيعة (انس ولا جان) قال: معناه انه من تولى أمير المؤمنين وتبرأ من أعدائه عليهم لعائن الله وأحل حلاله وحرم حرامه ثم دخل في الذنوب ولم يتب في الدنيا عذب لها في البرزخ ويخرج يوم القيامة وليس له ذنب يسئل عنه يوم القيامة، وقرأ ابوعبدالله عليه السلام " هذه جهنم التي كنتما بها تكذبان تصليانها ولا تموتان فيها ولا تحييان " يعني زريقا وحبتر قوله (يطوفون بينها وبين حميم آن) قال لها انين من شدة حرها قوله (هل جزاء الاحسان إلا الاحسان) قال ما جزاء من أنعمت عليه بالمعرفة إلا الجنة.
        أخبرنا احمد بن إدريس قال حدثنا احمد بن محمد عن الحسين بن غالب عن عثمان بن محمد بن عمران قال: سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله جل ثناؤه: (ومن دونهما جنتان) قال خضراوتان في الدنيا يأكل المؤمنون منها حتى يفرغوا من الحساب وعنه عن محمد بن احمد عن يعقوب بن يزيد عن علي بن حماد الخزاز (الجزار ط)


        [346]


        عن الحسين بن احمد المنقري عن يونس بن ظبيان عن ابي عبدالله عليه السلام في قوله (مدهامتان) قال يتصل ما بين مكة والمدينة نخلا، وقال علي بن ابراهيم في قوله (فيهن قاصرات الطرف) قال الحور العين يقصر الطوف عنها من ضوء نورها وقوله (لم يطمثهن) أي لم يمسسهن أحد وقوله (فيهما عينان نضاختان) أي تفوران وقوله (فيهن خيرات حسان) قال جوار نابتات على شط الكوثر كلما أخذ منهم واحدة نبت بمكانها الاخرى وقوله (حور مقصورات في الخيام) قال يقصر الطرف عنها، حدثنا علي بن الحسين عن احمد بن ابي عبدالله (ابى عبيد ط) عن احمد بن محمد بن ابي نصر (بصير) عن هشام بن سالم عن سعد بن ظريف عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى (تبارك اسم ربك ذي الجلال والاكرام) فقال نحن جلال الله وكرامته التي اكرم الله العباد بطاعتنا.


        سورة الواقعة


        مكية آياتها ستة وتسعون


        (بسم الله الرحمن الرحيم إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة) قال القيامة هي حق (خافضة) قال لاعداء الله (رافعة) قال لاولياء الله (إذا رجت الارض رجا) قال يدق بعضها على بعض (وبست الجبال بسا) قال قلعت الجبال قلعا (فكانت هباء منبثا) قال: الهباء الذي يدخل في الكوة من شعاع الشمس قوله (وكنتم ازواجا ثلاثة) قال يوم القيامة (فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة) وهم المؤمنون من أصحاب التبعات يوقفون للحساب (وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون) الذين قد سبقوا إلى الجنة بلا حساب.
        أخبرنا الحسن بن علي عن ابيه عن الحسن بن سعيد عن الحسين بن علوان الكلبي عن علي بن الحسين العبدي عن أبي هارون العبدي عن ربيعة السعدي عن


        [347]


        حذيفة بن اليمان: ان رسول الله صلى الله عليه وآله أرسل إلى بلال فأمره فنادى بالصلاة قبل وقت كل يوم في رجب لثلاث عشر خلت منه، قال: فلما نادى بلال بالصلاة فزع الناس من ذلك فزعا شديدا وذعروا وقالوا رسول الله صلى الله عليه وآله بين أظهرنا لم يغب عنا ولم يمت، فاجتمعوا وحشدوا فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله يمشي حتى انتهى إلى باب من أبواب المسجد فأخذ بعضادته، في المسجد مكان يسمى السدة فسلم ثم قال: هل تسمعون يا أهل السدة؟ فقالوا: سمعنا وأطعنا فقال هل تبلغون؟ قالوا: ضمنا ذلك لك يا رسول الله ! قال اخبركم إن الله خلق الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما وذلك قوله أصحاب اليمين وأصحاب الشمال فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها أثلاثا وذلك قوله: وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون فأنا من السابقين وأنا خير السابقين.
        ثم جعل الاثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله: يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله أتقاكم فقبيلتي خير القبائل وأنا سيد ولد آدم واكرمكم على الله ولا فخر، ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا وذلك قوله: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا، ألا وان إلهي اختارني في ثلاثة من اهل بيتي وأنا سيد الثلاثة وأتفاهم لله ولا فخر، اختارني وعليا وجعفرا ابنى ابي طالب وحمزة بن عبدالمطلب كنا رقودا بالابطح ليس منا إلا مسجى بثوبه على وجهه علي بن ابي طالب عن يمينى وجعفر بن ابي طالب عن يساري وحمزة بن عبدالمطلب عند رجلي فما نبهنى عن رقدتي غير خفيق أجنحة الملائكة وبرد ذراع علي بن ابي طالب في صدري فانتبهت من رقدتي وجبرئيل في ثلاثة أملاك يقول له أحد الاملاك الثلاثة إلى أي هؤلاء الاربعة أرسلت؟ فرفسنى برجله فقال إلى هذا،


        [348]


        قال: ومن هذا؟ يستفهمه فقال: هذا محمد سيد النبيين صلى الله عليه وآله وهذا علي بن ابي طالب سيد الوصيين وهذا جعفر بن ابى طالب له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة وهذا حمزة بن عبدالمطلب سيد الشهداء، أخبرنا احمد بن إدريس قال حدثنا احمد بن محمد عن الحسن بن علي عن اسباط عن سالم بياع الزطي قال: سمعت أبا سعيد المدائنى يسأل ابا عبدالله عليه السلام عن قوله عزوجل (ثلة من الاولين وثلة من الآخرين) قال ثلة من الاولين حزقيل مؤمن آل فرعون وثلة من الآخرين علي بن ابي طالب عليه السلام.
        وقال علي بن ابراهيم في قوله (ثلة من الاولين) هم أتباع الانبياء (وقليل من الآخرين) هم اتباع النبي صلى الله عليه وآله (على سرر موضونة) اي منصوبة (يطوف عليهم ولدان مخلدون) اي مسرورون(1) (لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما) قال: الفحش والكذب والغناء قوله (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين) قال اليمين علي امير المؤمنين (ع) وأصحابه شيعته وقوله (في سدر مخضود) قال شجر لا يكون له ورق ولا شوك فيه، وقرأ ابوعبدالله (ع) (وطلع منضود) قال بعضه إلى بعض وقوله (وظل ممدود) قال ظل ممدود وسط الجنة في عرض الجنة وعرض الجنة كعرض السماء والارض يسير الراكب في ذلك الظل مسيرة مائة عام فلا يقطعه وقوله (وماء مسكوب) اي مرشوش قوله (لا مقطوعة ولا ممنوعة) اي لا ينقطع ولا يمنع أحد من اخذها وقوله (إنا انشأناهن إنشاء) قال الحور العين في الجنة (فجلعناهن ابكارا عربا) قال: لا يتكلمون إلا بالعربية وقوله: (اترابا) يعني مستويات السن (لاصحاب اليمين) أصحاب امير المؤمنين (ع)



        ___________________________________
        (1) هذا لازم المعنى وإلا فالمخلد لغة هو من أبطأ عنه المشيب او من خلق ليخلد شابا.ج.ز.


        [349]


        (ثلة من الاولين) قال من الطبقة الاولى التي كانت مع النبي صلى الله عليه وآله (وثلة من الآخرين) قال بعد النبي صلى الله عليه وآله من هذه الامة (واصحاب الشمال ما اصحاب الشمال) قال: اصحاب الشمال اعداء محمد واصحابهم الذين والوهم (في سموم وحميم) قال: السموم اسم النار والحميم ماء قد حمي (وظل من يحموم) قال: ظل (ظلمة ط) شديد الحر (لا بارد ولا كريم) قال ليس بطيب (فشاربون شرب الهيم) قال من الزقوم والهيم الابل، وقوله: (هذا نزلهم يوم الدين) قال هذا ثوابهم يوم المجازاة وقوله: (أفرأيتم ما تمنون) يعني النطفة وقوله: (أفرأيتم النار التي تورون) اي تورونها وتوقدونها وتنتفعون بها (ء‌أنتم انشاء‌تم شجرتها أم نحن المنشؤن نحن جعلناها تذكرة) لنار يوم القيامة (ومتاعا للمقوين) قال: المحتاجين.
        وقوله: (فلا أقسم بمواقع النجوم) قال: معناه فأقسم بمواقع النجوم حدثنا محمد بن احمد بن ثابت قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة واحمد بن الحسن القزاز جميعا عن صالح بن خالد عن ثابت بن شريح قال: حدثني ابان بن تغلب عن عبدالاعلى الثعلبي (التغلبى ط) ولا اراني قد سمعته الا من عبدالاعلى قال: حدثني ابو عبدالرحمن السلمي ان عليا (ع) قرأ بهم الواقعة " وتجعلون شكركم انكم تكذبون " فلما انصر قال: إني قد عرفت انه سيقول قائل لم قرأ هكذا قرأتها لاني قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقرأها كذلك، وكانوا إذا أمطروا قالوا أمطرنا بنوء(1) كذا وكذا فانزل الله " وتجعلون شكركم انكم تكذبون "(2) حدثنا علي بن الحسين عن احمد بن ابي عبدالله عن ابيه عن ابن ابي عمير عن ابي بصير عن ابي عبدالله (ع) في قوله: (وتجعلون رزقكم انكم تكذبون) قال



        ___________________________________
        (1) اسم نجمة زعموا ان الامطار من سببها، ج الانوار.ج.ز.(2) اى مجردا بدون الشدة.ج.ز.


        [350]


        بل هي وتجعلون شكركم أنكم تكذبون.
        وقال علي بن ابراهيم في قوله: (فلولا إذا بلغت الحلقوم) يعني النفس قال: معناه فاذا بلغت الحلقوم (فلولا ان كنتم غير مدينين) قال: معناه فلو كنتم غير مجازين على افعالكم (ترجعونها) يعني به الروح إذا بلغت الحلقوم تردونها في البدن (إن كنتم صادقين) وقوله: (فأما إن كان من اصحاب اليمين) يعني من كان من اصحاب امير المؤمنين (ع) (فسلام لك) يا محمد (من اصحاب اليمين) ان لا يعذبوا (اما ان كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصليه جحيم) في اعداء آل محمد صلى الله عليه وآله (إن هذا لهو الحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم) اخبرنا احمد بن إدريس قد حدثنا احمد بن محمد عن محمد بن ابي عمير عن اسحاق ابن عبدالعزيز عن ابي بصير قال: سمعت ابا عبدالله (ع) يقول: " فاما ان كان من المقربين فروح وريحان " قال: في قبره وجنة نعيم قال: في الآخرة (واما ان كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم) في قبره (وتصلية جحيم) في الآخرة.


        سورة الحديد


        مدنية آياتها تسع وعشرون


        (بسم الله الرحمن الرحيم سبح لله ما في السموات والارض وهو العزيز الحكيم) قال: هو قوله أعطيت جوامع الكلم وقوله: (هو الاول) قال قبل كل شئ (والآخر) قال يبقى بعد كل شئ (وهو عليم بذات الصدور) قال بالضمائر وقوله (هو الذي خلق السموات والارض في ستة ايام) اي في ستة اوقات (ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الارض) الآية، والآية الثانية إلى قوله (اجر كبير) فانه محكم وقال الصادق عليه السلام على باب الجنة مكتوب القرض بثمانية عشر والصدقة بعشرة، وذلك ان القرض لا يكون إلا لمحتاج والصدقة ربما وضعت


        [351]


        في يد غير محتاج وقوله (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين ايديهم وبأيمانهم) قال يقسم النور بين الناس يوم القيامة على قدر ايمانهم يقسم للمنافق فيكون نوره في ابهام رجله اليسرى فينظر نوره ثم يقول للمؤمنين مكانكم حتى اقتبس من نوركم فيقول المؤمنون لهم (ارجعوا وراء‌كم فالتمسوا نورا) فيرجعون ويضرب بينهم بسور له باب فينادون من وراء السور المؤمنين (ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم انفسكم) قال: بالمعاصي (وارتبتم) قال: اي شككتم (وتربصتم) وقوله (فاليوم لا يؤخذ منكم فدية) قال: والله ما عنى بذلك اليهود ولا النصارى وإنما عنى بذلك اهل القبلة ثم قال (ماواكم النار هي مولاكم) قال هي أولى بكم وقوله (ألم يأن للذين آمنوا) يعني ألم يجب (أن تخشع قلوبهم) يعني الرهب (لذكر الله) أخبرنا احمد بن إدريس قال: حدثنا احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن ابي المعزا عن اسحاق بن عمار عن ابي ابراهيم عليه السلام قال: سألته عن قول الله (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله اجر كريم) قال: نزلت في صلة الارحام ك (الامام ط).
        حدثنا محمد بن ابي عبدالله قال: حدثنا سهل بن زياد عن الحسن بن العباس ابن الحريش عن ابي جعفر الثاني عليه السلام في قوله: لكيلا تأسوا على ما فاتكم (قال قال ابوعبدالله عليه السلام سأل رجل أبي عن ذلك فقال نزلت في...الخ كما سيجي ك) وحدثنا محمد بن جعفر الرزاز عن يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عبدالرحمن ابن كثير عن ابي عبدالله عليه السلام في قوله (ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم إلا في كتاب من قبل ان نبرأها) صدق الله وبلغت رسله، كتابه في السماء علمه بها وكتابه في الارض علومنا في ليلة القدر وفي غيرها وقال ابوجعفر الثاني عليه السلام في قوله (لكيلا تأسوا على ما فاتكم) قال قال أبوعبدالله عليه السلام سأل الرجل أبي عليه السلام عن ذلك قال نزلت في زريق وأصحابه واحدة مقدمة وواحده


        [352]


        مؤخرة " لا تأسوا على ما فاتكم " مما خص به علي بن ابي طالب عليه السلام ولا تفرحوا بما أتاكم من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال الرجل أشهد انكم أصحاب الحكم الذي لا اختلاف فيه، ثم قال الرجل فذهب فلم أره.
        وقال علي بن ابراهيم في قوله: (ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب) الآية، فانه قال الصادق عليه السلام: لما أدخل رأس الحسين بن علي عليهما السلام على يزيد لعنه الله وأدخل عليه علي بن الحسين وبنات امير المؤمنين عليه السلام وكان علي بن الحسين عليه السلام مقيدا مغلولا، فقال يزيد: يا علي بن الحسين ! الحمد لله الذي قتل أباك، فقال علي بن الحسين: لعن الله من قتل أبي، قال فغضب يزيد وأمر بضرب عنقه (ع)، فقال علي بن الحسين فاذا قتلتني فبنات رسول الله صلى الله عليه وآله من يردهم إلى منازلهم وليس لهم محرم غيري، فقال أنت تردهم إلى منازلهم ثم دعا بمبرد فأقبل يبرد الجامعة من عنقه بيده ثم قال: يا علي بن الحسين أتدري ما الذي اريد بذلك؟ قال بلى تريد أن لا يكون لاحد علي منة غيرك، فقال يزيد هذا والله ما أردت أفعله ثم قال يزيد يا علي بن الحسين " ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم " فقال علي بن الحسين (ع) كلا، ما هذه فينا نزلت، إنما نزلت فينا " ما أصاب من مصيبة في الارض - إلى قوله - لا تفرحوا بما أتاكم " فنحن الذين لا نأسا على ما فاتنا ولا نفرح بما أتانا منها قوله: (ولقد ارسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان) قال الميزان الامام وقوله (يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته) قال نصيبين من رحمته أحدهما أن لا يدخله النار والثانية ان يدخله الجنة وقوله: (ويجعل لكم نورا تمشون به) يعني الايمان، اخبرنا الحسين بن علي عن ابيه عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن سماعة بن مهران عن ابي عبدالله (ع) في قوله (يؤتكم كفلين من رحمته) قال الحسن والحسين عليهما السلام (ويجعل


        [353]


        لكم نورا تمشون به) قال إمام تأتمون به وقوله: (لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شئ من فضل الله وان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم).


        Comment

        • راية اليماني
          مشرف
          • 05-04-2013
          • 3021

          #49
          رد: كتب تفسير القرآن_ تفسير "القمي" ج 1-2 [قرائة ]

          سورة المجادلة


          مدنية آياتها اثنتان وعشرون


          (بسم الله الرحمن الرحيم قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما ان الله سميع بصير) قال كان سبب نزول هذه السورة انه أول من ظاهر في الاسلام كان رجلا يقال له اوس بن الصامت من الانصار وكان شيخا كبيرا فغضب على اهله يوما فقال لها ! انت علي كظهر امي، ثم ندم على ذلك، قال وكان الرجل في الجاهلية إذا قال لاهله انت علي كظهر امي حرمت عليه آخر الابد، وقال اوس لاهله يا خولة ! إنا كنا نحرم هذا في الجاهلية وقد آتانا الله الاسلام فاذهبي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسليه عن ذلك، فأتت خولة رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: بأبي انت وامي يا رسول الله ان اوس بن الصامت هو زوجي وابوولدي وابن عمي فقال لي انت علي كظهر امي وكنا نحرم ذلك في الجاهلية وقد أتانا الله بالاسلام بك.
          حدثنا علي بن الحسين قال حدثنا محمد بن ابي عبدالله عن الحسن بن محبوب عن ابي ولاد عن حمران عن ابي جعفر (ع) قال ان امرأة من المسلمات أتت النبي صلى الله عليه وآله، فقالت يا رسول الله ! ان فلانا زوجي وقد نثرت له بطني وأعنته على دنياه وآخرته ولم ير مني مكروها أشكوه اليك، فقال: فيم تشكينه؟ قالت انه قال انت علي حرام كظهر امي وقد أخرجني من منزلي فانظر في أمري، فقال لها رسول الله صلى الله عليه آله ما انزل الله تبارك وتعالى علي كتابا اقضي فيه بينك وبين


          [354]

          زوجك وأنا اكره ان اكون من المتكلفين، فجعلت تبكي وتشتكي ما بها إلى الله عزوجل وإلى رسول الله صلى الله عليه وآله وانصرفت، قال فسمع الله تبارك وتعالى مجادلتها لرسول الله صلى الله عليه وآله في زوجها وما شكت اليه وانزل الله في ذلك قرآنا (بسم الله الرحمن الرحيم قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما - إلى قوله - وان الله لعفو غفور) قال: فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المرأة فأتته فقال لها جئني بزوجك، فأتت به فقال له أقلت لامرأتك هذه انت علي حرام كظهر امى؟ فقال قد قلت لها ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: قد أنزل الله تبارك وتعالى فيك وفي امرأتك قرآنا وقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم قد سمع الله قول التي تجادلك - إلى قوله - وإن الله لعفو غفور) فضم اليك امرأتك فانك قد قلت منكرا من القول وزورا وقد عفا الله عنك وغفر لك ولا تعد قال: فانصرف الرجل وهو نادم على ما قال لامرأته وكره الله عزوجل ذلك للمؤمنين بعد وأنزل الله (الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا) يعني (لما قال الرجل لامرأته انت علي كظهر امي، قال: فمن قالها بعدما عفا الله وغفر للرجل الاول فان ط) عليه (تحرير رقبة من قبل ان يتماسا) يعني مجامعتهما (ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين) يعني من قبل ان يتماسا (فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا) قال: فجعل الله عقوبة من ظاهر بعد النهي هذا قال (ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله) قال هذا حد الظهار، قال حمران قال ابوجعفر (ع): ولا يكون ظهار في يمين ولا في اضرار ولا في غضب ولا يكون ظهار إلا على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين مسلمين.
          وقال علي بن ابراهيم في قوله: (ألم تر إلى الذين نهو عن النجوى ثم يعودون لما نهو عنه) قال كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يأتون رسول الله


          [355]

          صلى الله عليه وآله فيسألونه ان يسأل الله لهم، وكانوا يسألون مالا يحل لهم، فانزل الله (ويتناجون بالاثم والعدوان ومعصية الرسول) وقولهم له إذا اتوه انعم صباحا وانعم مساء‌ا وهي تحية اهل الجاهلية فانزل الله (فاذا جاؤك حيوك بما لم يحيك به الله) فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أبدلنا الله بخير من ذلك تحية اهل الجنة " السلام عليكم " ثم قال عزوجل (يا ايها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالاثم والعدوان ومعصية الرسول - إلى قوله - اليه تحشرون) وقوله: (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا باذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) قال فانه حدثني أبي عن محمد بن ابي عمير عن ابي بصير عن ابي عبدالله (ع) قال كان سبب نزول هذه الآية ان فاطمة عليها السلام رأت في منامها ان رسول الله صلى الله عليه وآله هم ان يخرج هو وفاطمة وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم من المدينة فخرجوا حتى جاوزوا من حيطان المدينة فعرض لهم طريقان فاخذ رسول الله صلى الله عليه وآله ذات اليمين حتى انتهى بهم إلى موضع فيه نخل وماء فاشترى رسول الله صلى الله عليه وآله شاة كبراء(1) وهي التي في أحد أذنيها نقط بيض فأمر بذبحها فلما اكلوا منها ماتوا في مكانهم، فانتبهت فاطمة باكية ذعرة فلم تخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك، فلما أصبحت جاء رسول الله صلى الله عليه وآله بحمار فاركب عليه فاطمة وامر أن يخرج امير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام من المدينة، كما رأت فاطمة في نومها فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض لهم طريقان فاخذ رسول الله صلى الله عليه وآله ذات اليمين كما رأت فاطمة عليها السلام حتى انتهوا إلى موضع فيه نخل وماء فاشترى رسول الله صلى الله عليه وآله شاة ذراء كما رأت فاطمة (ع) فامر بذبحها فذبحت وشويت فلما ارادوا اكلها قامت فاطمة وتنحت ناحية منهم



          ___________________________________
          (1) وفي تفسير الصافي " ذراء " مكان كبراء ج.ز


          [356]

          تبكي مخافة ان يموتوا، فطلبها رسول الله صلى الله عليه وآله حتى وقف عليها وهي تبكي فقال ما شأنك يا بنية؟ قالت: يا رسول الله رأيت البارحة كذا وكذا في نومي وقد فعلت انت كما رأيته في نومي فتنحيت عنكم لان لا اراكم تموتون، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى ركعتين ثم ناجى ربه فنزل عليه جبرئيل (ع) فقال: يا محمد هذا شيطان يقال له الزها (الرها ط)، وهو الذي ارى فاطمة هذه الرؤيا ويؤذي المؤمنين في نومهم ما يغتمون به فامر جبرئيل (ع) ان يأتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: أنت أريت فاطمة هذه الرؤيا؟ فقال: نعم يا محمد ! فبزق عليه ثلاث بزقات فشجه في ثلاث مواضع ثم قال جبرئيل لمحمد صلى الله عليه وآله قل يا محمد إذا رأيت في منامك شيئا تكرهه او رأى أحد من المؤمنين فليقل: أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقربون وانبياء الله المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت من رؤياي، ويقرأ الحمد والمعوذتين وقل هو الله أحد ويتفل عن يساره ثلاث تفلات، فانه لا يضره ما رأى فانزل الله على رسوله (انما النجوى من الشيطان) الآية، اخبرنا احمد بن إدريس عن احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن ابي بكر الحضرمي وبكر بن ابي بكر قال قالا حدثنا سليمان بن خالد قال سألت ابا جعفر (ع) عن قول الله: (إنما النجوى من الشيطان) قال فلان قوله (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) فلان وفلان وابن فلان أمينهم حين اجتمعوا فدخلوا الكعبة فكتبوا بينهم كتابا ان مات محمد ان لا يرجع الامر فيهم ابدا.
          قال علي بن ابراهيم في قوله (يا ايها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل المسجد يقوم له الناس فنهاهم الله ان يقوموا له فقال تفسحوا اي وسعوا له في المجلس (وإذا قيل انشزوا فانشزوا) يعني إذا قال قوموا فقوموا وقوله: (يا ايها الذين آمنوا


          [357]

          إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) قال: إذا سألتم رسول الله ص حاجة فتصدقوا بين يدي حاجتكم ليكون اقضى لحوائجكم، فلم يفعل ذلك أحد إلا امير المؤمنين (ع) فانه تصدق بدينار وناجى رسول الله صلى الله عليه وآله عشر نجوات حدثنا احمد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن صفوان عن ابن مسكان عن ابي بصير عن ابي عبدالله ع (ابى جعفر ط) قال: سألته عن قول الله عزوجل: (إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) قال: قدم علي بن ابي طالب (ع) بين يدي نجواه صدقة ثم نسخها قوله: (ء‌أشفقتم ان تقدموا بين يدي نجواكم صدقات) حدثنا عبدالرحمن بن محمد الحسيني (الحسنى ط) قال: حدثنا الحسين بن سعيد قال: حدثنا محمد بن مروان قال حدثنا عبيد بن خنيس قال: حدثنا صباح عن ليث بن ابي سليم عن مجاهد قال قال علي (ع): إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي وهي آية النجوى كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم، فجعلت اقدم بين يدي كل نجوى أناجيها النبي صلى الله عليه وآله درهما، قال: فنسخها قوله: ء‌أشفقتم ان تقدموا بين يدي نجواكم صدقات - إلى قوله - والله خبير بما تعملون، وقال علي بن ابراهيم في قوله: (ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم) قال: نزلت في الثانى لانه مر به رسول الله صلى الله عليه وآله وهو جالس عند رجل من اليهود ويكتب خبر رسول الله صلى الله عليه وآله فانزل الله جل ثناؤه (ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم) فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له النبي صلى الله عليه وآله رأيتك تكتب عن اليهود وقد نهى الله عن ذلك ! فقال يا رسول الله كتبت عنه ما في التوراة من صفتك وأقبل يقرأ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو غضبان، فقال له رجل من الانصار ويلك أما ترى غضب النبي صلى الله عليه وآله عليك؟ فقال أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله اني إنما كتبت ذلك لما وجدت فيه من خبرك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله يا فلان ! لو ان موسى بن عمران فيهم قائما


          [358]

          ثم أتيته رغبة عما جئت به لكنت كافرا بما جئت به وهو قوله (اتخذوا أيمانهم جنة) أي حجابا بينهم وبين الكفار وايمانهم إقرار باللسان وخوفا من السيف ورفع الجزية وقوله (يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم) قال إذا كان يوم القيامة جمع الله الذين غصبوا آل محمد حقهم فيعرض عليهم أعمالهم فيحلفون له انهم لم يعملوا منها شيئا كما حلفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله في الدنيا حين حلفوا أن لا يردوا الولاية في بني هاشم، وحين هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وآله في العقبة، فلما أطلع الله نبيه وأخبره حلفوا له انهم لم يقولوا ذلك ولم يهموا به حتى انزل الله على رسوله " يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا ان اغناهم الله ورسوله من فضله فان يتوبوا يك خيرا لهم " قوله: (لا تجد قوما يؤمنون بالله - إلى قوله - واخوانهم او عشيرتهم) الآية، اي من يؤمن بالله واليوم الآخر لا يؤاخى من حاد الله ورسوله إلى قوله (اولئك كتب في قلوبهم الايمان) وهم الائمة عليهم السلام (وأيدهم بروح منه) قال: الروح ملك اعظم من جبرئيل وميكائيل وكان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مع الائمة عليهم السلام وقوله (اولئك حزب الله) يعني الائمة عليهم السلام اعوان الله (إلا ان حزب الله هم المفلحون).

          سورة الحشر


          مدنية آياتها اربع وعشرون


          (بسم الله الرحمن الرحيم سبح لله ما في السموات وما في الارض وهو العزيز الحكيم هو الذي اخرج الذين كفروا من اهل الكتاب من ديارهم لاول الحشر ما ظننتم ان يخرجوا) قال: سبب نزول ذلك انه كان بالمدينة ثلاثة ابطن من اليهود بنو النضير وقريظة وقينقاع، وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله عهد


          [359]

          ومدة فنقضوا عهدهم وكان سبب ذلك من بني النضير في نقض عهدهم انه أتاهم رسول الله صلى الله عليه وآله يستسلفهم دية رجلين قتلهما رجل من اصحابه غيلة يعني يستقرض، وكان قصد كعب بن الاشرف، فلما دخل على كعب قال: مرحبا يا ابا القاسم وأهلا ! وقام كأنه يضع له الطعام وحدث نفسه ان يقتل رسول الله صلى الله عليه وآله ويتبع اصحابه، فنزل جبرئيل عليه السلام فاخبره بذلك، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة وقال لمحمد بن مسلمة الانصاري اذهب إلى بني النضير فاخبرهم ان الله عزوجل قد اخبرني بما هممتم به من الغدر فاما ان تخرجوا من بلدنا واما ان تأذنوا بحرب، فقالوا نخرج من بلادك فبعث اليهم عبدالله بن أبي ألا تخرجوا وتقيموا وتنابذوا محمدا الحرب فاني أنصركم أنا وقومي وحلفاي، فان خرجتم خرجت معكم وان قاتلتم قاتلت معكم، فأقاموا وأصلحوا حصونهم وتهيؤا للقتال وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إنا لا نخرج فاصنع ما انت صانع.
          فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وكبر وكبر اصحابه وقال لامير المؤمنين عليه السلام تقدم إلى بني النضير فاخذ أمير المؤمنين عليه السلام الراية وتقدم، وجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وأحاط بحصنهم، وغدر بهم عبدالله بن ابي وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ظهر بمقدم بيوتهم حصنوا ما يليهم وخربوا ما يليه وكان الرجل منهم ممن كان له بيت حسن خربه وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك وقالوا يا محمد ان الله يأمرك بالفساد؟ إن كان لك هذا فخذه وإن كان لنا فلا تقطعه، فلما كان بعد ذلك قالوا يا محمد نخرج من بلادك واعطنا ما لنا، فقال لا، ولكن تخرجون ولكم ما حملت الابل، فلم يقبلوا ذلك فبقوا أياما، ثم قالوا نخرج ولنا ما حملت الابل، فقال لا ولكن تخرجون ولا يحمل أحد منكم شيئا فمن وجدنا معه شيئا من ذلك قتلناه، فخرجوا على ذلك ووقع قوم منهم إلى فدك ووادي القرى وخرج منهم قوم إلى الشام فانزل الله فيهم (هو الذي اخرج الذين كفروا


          [360]

          من اهل الكتاب من ديارهم لاول الحشر ما ظننتم ان يخرجوا وظنوا انهم مانعتهم حصونهم من الله فاتاهم الله من حيث لم يحتسبوا - إلى قوله - فان الله شديد العقاب) وانزل الله عليه فيما عابوه من قطع النخل (ما قطعتم من لينة او تركتموها قائمة على اصولها فباذن الله وليخزي الفاسقين - إلى قوله - ربنا انك رؤف رحيم) وانزل الله عليه في عبدالله بن أبي وأصحابه (ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لاخوانهم الذين كفروا من اهل الكتاب لئن اخرجتم لنخرجن معكم - إلى قوله - ثم لا ينصرون) ثم قال: (كمثل الذين من قبلهم) يعني بني قينقاع (قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب اليم) ثم ضرب في عبدالله بن أبي وبني النضير مثلا فقال (كمثل الشيطان إذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال اني برئ منك اني اخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما انهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين) فيه زيادة احرف لم تكن في رواية علي بن ابراهيم، حدثنا به محمد بن احمد بن ثابت عن .......احمد بن ميثم عن الحسن بن علي بن ابي حمزة عن ابان بن عثمان عن ابي بصير في غزوة بني النضير وزاد فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للانصار: ان شئتم دفعت اليكم فئ المهاجرين منها وان شئتم قسمتها بينكم وبينهم وتركتهم معكم؟ قالوا: قد شئنا ان تقسمها فيهم، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وآله بين المهاجرين ودفعها عن الانصار ولم يعط من الانصار إلا رجلين سهيل بن حنيف وابودجانة فانهما ذكرا حاجة وقال علي بن ابراهيم في قوله (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس) قال: القدوس هو البرئ من شوائب الآفات الموجبات للجهل قوله: (السلام المؤمن) قال: يؤمن اولياء‌ه من العذاب قوله (المهيمن) أي الشاهد قوله: (هو الله الخالق البارئ البارئ هو الذي يخلق الشئ لا من شئ (له الاسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والارض وهو العزيز الحكيم) حدثنا محمد


          [361]

          ابن ابي عبدالله قال: حدثنا محمد بن اسماعيل عن علي بن العباس عن جعفر بن محمد عن الحسن بن اسد (راشدك) عن يعقوب بن جعفر قال: سمعت موسى بن جعفر عليه السلام يقول: إن الله تبارك وتعالى انزل على عبده محمد صلى الله عليه وآله انه لا إله إلا هو الحي القيوم وسمى بهذه الاسماء الرحمن الرحيم العزيز الجبار العلي العظيم، فتاهت هنالك عقولهم واستخف حلومهم فضربوا له الامثال وجعلوا له أندادا وشبهوه بالامثال ومثلوه اشباها وجعلوه يزول ويحول فتاهوا في بحر عميق لا يدرون ما غوره ولا يدركون كنه بعده.
          سورة الممتحنة


          مدنية آياتها ثلاث عشرة


          (بسم الله الرحمن الرحيم يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء تلقون اليهم بالمودة) نزلت في حاطب بن ابي بلتعة، ولفظ الآية عام ومعناه خاص، وكان سبب ذلك ان خاطب بن ابي بلتعة كان قد اسلم وهاجر إلى المدينة وكان عياله بمكة وكانت قريش تخاف ان يغزوهم رسول الله صلى الله عليه وآله، فصاروا إلى عيال خاطب وسألوهم ان يكتبوا إلى خاطب يسألوه عن خبر محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وهل يريد ان يغزو مكة؟ فكتبوا إلى خاطب يسألونه عن ذلك فكتب اليهم خاطب ان رسول الله صلى الله عليه وآله يريد ذلك، ودفع الكتاب إلى امرأة تسمى صفية، فوضعته في قرنها ومرت، فنزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله فاخبره بذلك فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام والزبير بن العوام في طلبها فلحقوها، فقال لها امير المؤمنين عليه السلام: أين الكتاب؟ فقالت: ما معي، ففتشوها فلم يجدوا معها شيئا، فقال الزبير: ما نرى معها شيئا فقال امير المؤمنين: والله ما كذبنا رسول الله صلى الله عليه وآله ولا كذب رسول الله صلى الله عليه وآله على جبرئيل عليه السلام ولا


          [362]


          كذب جبرئيل على الله جل ثناؤه والله لتظهرن لي الكتاب او لاوردن رأسك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالت تنحيا حتى أخرجه فاخرجت الكتاب من قرنها فاخذه امير المؤمنين عليه السلام وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا حاطب ! ما هذا؟ فقال حاطب: والله يا رسول الله ما نافقت ولا غيرت ولا بدلت واني أشهد أن لا إله إلا الله وانك رسول الله صلى الله عليه وآله حقا ولكن أهلي وعيالي كتبوا إلى بحسن صنيع قريش اليهم، فأحببت ان اجازي قريشا بحسن معاشرتهم فانزل الله جل ثناؤه على رسول الله صلى الله عليه وآله (يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون اليهم بالمودة - إلى قوله - لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة).
          وفي رواية أبي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله: (عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم) فان الله أمر نبيه صلى الله عليه وآله والمؤمنين بالبراء‌ة من قومهم ما داموا كفارا فقال: (قد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله - إلى قوله - والله قدير والله غفور رحيم) الآية، قطع الله عزوجل ولاية المؤمنين منهم وأظهروا لهم العداوة فقال (عسى الله ان يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة) فلما أسلم اهل مكة خالطهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وناكحوهم وتزوج رسول الله صلى الله عليه وآله أم حبيب بنت ابي سفيان بن حرب ثم قال " لا ينهاكم الله " إلى آخر الآيتين وقال علي بن ابراهيم في قوله (يا ايها الذين آمنوا إذا جاء‌كم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله اعلم بايمانهن فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار) قال: إذا لحقت المرأة من المشركين بالمسلمين تمتحن بان تحلف بالله انه لم يحملها على اللحوق بالمسلمين بغضها لزوجها الكافر ولا حبها لاحد من المسلمين وإنما حملها على ذلك الاسلام، وإذا حلفت على ذلك قبل إسلامها.


          [363]


          ثم قال الله عزوجل: (فان علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهن ما انفقوا) يعني يرد المسلم على زوجها الكافر صداقها ثم يتزوجها المسلم وهو قوله: (ولا جناح عليكم ان تنكحوهن إذا آتيتموهن اجورهن) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) يقول: من كانت عنده امرأة كافرة يعني على غير ملة الاسلام وهو على ملة الاسلام فليعرض عليها الاسلام فان قبلت فهي امرأته، وإلا فهي بريئة منه فنهى الله ان يمسك بعصمتها(1) وقال علي بن ابراهيم في قوله: (واسألوا ما أنفقتم) يعني إذا لحقت امرأة من المسلمين بالكفار فعلى الكافر أن يرد على المسلم صداقها، فان لم يفعل الكافر وغنم المسلمون غنيمة اخذ منها قبل القسمة صداق المرأة اللاحقة بالكفار وفى رواية ابى الجارود عن ابى جعفر ع قال في قوله: (وان فاتكم شئ من ازواجكم إلى الكفار فعاقبتم) يعني من يلحقن بالكفار من اهل عهدكم فسألوهم صداقها وان لحقن بكم من نسائهم شئ فاعطوهم صداقها واما قوله: (وان فاتكم شئ من ازواجكم) يقول وان لحقن بالكفار الذين لا عهد بينكم وبينهم فاصبتم غنيمة (فآتوا الذين ذهبت ازواجهم مثل ما انفقوا واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون) قال: وكان سبب نزول ذلك ان عمر بن الخطاب كانت عنده فاطمه بنت أبي امية بن المغيرة فكرهت الهجرة معه، وأقامت مع المشركين فنكحها معاوية بن ابي سفيان فامر الله رسوله ان يعطي عمر مثل صداقها.
          وفي رواية أبي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (وان فاتكم شئ من ازواجكم) فلحقن بالكفار من اهل عهدكم فسألوهم صداقها وان لحقن بكم من نسائهم شئ فاعطوهم صداقها (ذلكم حكم الله يحكم بينكم) وقال علي بن ابراهيم



          ___________________________________
          (1) العصمة: ما يعتصم به من عقد وسبب.مجمع


          [364]


          في قوله: (يا ايها النبي إذا جاء‌ك المؤمنات يبايعنك على ان لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين ايديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله ان الله غفور رحيم) فانها نزلت يوم فتح مكة وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وآله قعد في المسجد يبايع الرجال إلى صلاة الظهر والعصر ثم قعد لبيعة النساء وأخذ قدحا من ماء فادخل يده فيه ثم قال للنساء: من اراد ان يبايع فليدخل يدها في القدح فاني لا اصافح النساء ثم قرأ عليهن ما انزل الله من شروط البيعة عليهن فقال: على ان لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن اولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن، فقامت ام حكيم ابنة الحارث ابن عبدالمطلب فقالت يا رسول الله ما هذا المعروف الذي امرنا الله به ان لا نعصيك فيه؟ فقال: ان لا تخمشن وجها ولا تلطمن خدا ولا تنتفن شعرا ولا تمزقن جيبا ولا تسودن ثوبا ولا تدعون بالويل والثبور ولا تقيمن عند قبر، فبايعهن رسول الله صلى الله عليه وآله على هذه الشروط، أخبرنا احمد بن إدريس قال: حدثنا احمد بن محمد عن على عن عبدالله بن سنان قال: سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله ولا يعصينك في معروف، قال: هو ما فرض الله عليهن من الصلاة والزكاة وما امرهن به من خير، وقال علي بن ابراهيم في قوله (يا ايها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم) معطوف على قوله " يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء ".


          سورة الصف


          مدنية آياتها اربع وعشرة


          (بسم الله الرحمن الرحيم سبح لله ما في السموات وما في الارض وهو العزيز الحكيم يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) مخاطبة لاصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله الذين وعدوه ان ينصروه ولا يخالفوا امره ولا ينقضوا عهده في امير المؤمنين عليه السلام، فعلم الله انهم لا يوفون بما يقولون فقال: (لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله) الآية، وقد سماهم الله مؤمنين باقرارهم وإن لم يصدقوا ثم ذكر المؤمنين الذين جاهدوا وقاتلوا في سبيل الله فقال: (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) قال: يصطفون كالبنيان الذي لا يزول قوله (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) أي شكك الله قلوبهم ثم حكى قول عيسى عليه السلام لبنى إسرائيل (انى رسول الله اليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدي اسمه احمد فلما جاء‌هم بالبينات قالوا هذا سحر مبين) قال: وسأل بعض اليهود رسول الله صلى الله عليه وآله لم سميت محمدا واحمد وبشيرا ونذيرا؟ قال: اما محمد فانى في الارض محمود واما احمد فانى في السماء احمد منه، واما البشير فابشر من أطاع الله بالجنة واما النذير فانذر من عصى الله بالنار وقوله (يريدون ليطفؤا نور الله بأفواهم والله متم نوره) قال بالقائم من ال محمد عليهم السلام حتى إذا خرج يظهره الله على الدين كله حتى لا يعبد غير الله وهو قوله " يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا " وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه السلام في قوله (يا ايها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم) فقالوا: لو نعلم ما هي لبذلنا فيها الاموال والانفس والاولاد فقال الله: (تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله


          [366]


          بأموالكم وأنفسكم - إلى قوله - ذلك الفوز العظيم، واخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب) يعنى في الدنيا بفتح القائم وايضا قال فتح مكة قوله: (يا ايها الذين آمنوا كونوا انصار الله - إلى قوله - فآمنت طائفة من بنى إسرائيل وكفرت طائفة) قال: التي كفرت هي التي قتلت شبيه عيسى (ع) وصلبته والتي آمنت هي التي قلبت شبيه عيسى حتى لا يقتل (فقتلت الطائفة التي قتلته وصلبته وهو قوله: فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ط).


          Comment

          • راية اليماني
            مشرف
            • 05-04-2013
            • 3021

            #50
            رد: كتب تفسير القرآن_ تفسير "القمي" ج 1-2 [قرائة ]

            سورة الجمعة


            مدنية(1) آياتها احدى عشر


            (بسم الله الرحمن الرحيم يسبح لله ما في السموات وما في الارض الملك القدوس) القدوس البرئ من الآفات الموجبات للجهل قوله: (هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم) قال: الاميون الذين ليس معهم كتاب، قال: فحدثنى أبى عن ابن أبى عمير عن معاوية بن عمار عن ابى عبدالله (ع) في قوله " هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم " قال: كانوا يكتبون ولكن لم يكن معهم كتاب من عند الله ولا بعث اليهم رسولا فنسبهم الله إلى الاميين، وقوله: (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) قال: دخلوا في الاسلام بعدهم، ثم ضرب مثلا في بنى إسرائيل فقال: (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) قال: الحمار يحمل الكتب ولا يعلم ما فيها ولا يعمل بها كذلك بنو إسرائيل قد حملوا مثل الحمار لا يعلمون ما فيه ولا يعلمون به قوله: (يا أيها الذين هادوا ان زعمتم انكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين) قال: إن في التوراة مكتوب أولياء الله يتمنون الموت ثم قال: (قل إن الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيكم) وقال أمير المؤمنين (ع): يا ايها الناس



            ___________________________________
            (1) وفى ط أنها مكية.ج.ز.


            [367]


            كل امرئ ملاق في فراره ما منه يفر، والاجل مساق النفس اليه، والهرب منه موافاته قوله: (فاسمعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) السعي هو الاسراع في المشي.
            وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر (ع) في قوله: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) قال: اسعوا أي امضوا، ويقال اسعوا اعملوا لها، وهو قص الشارب ونتف الابط وتقليم الاظفار والغسل ولبس أفضل ثيابك وتطيب للجمعة فهو السعي، ويقول الله ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن، حدثنا جعفر بن احمد قال حدثنا عبدالكريم بن عبدالرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن (ابى حمزة عن ط) أبي جعفر (ع) في قوله: (وذروا البيع ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون) قال علي بن ابراهيم في قوله (فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض) قال: يوم السبت قوله (وإذا رأوا تجارة او لهوا انفضوا اليها) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي بالناس يوم الجمعة ودخلت ميرة(1) وبين يديها قوم يضربون بالدفوف والملاهي فترك الناس الصلاة ومروا ينظرون اليهم فانزل الله (وإذا رأوا تجارة او لهوا انفضوا اليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين) اخبرنا احمد بن إدريس قال: حدثنا محمد بن احمد (احمد بن محمد ط) عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن مسكان عن ابي بصير انه سئل عن الجمعة كيف يخطب الامام؟ قال: يخطب قائما فان الله يقول وتركوك قائما وعنه عن احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن ابي ايوب عن ابن ابي يعفور عن ابي عبدالله عليه السلام قال نزلت وإذا رأوا تجارة او لهوا انصرفوا اليها وتركوك قائما (قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة) يعني للذين اتقوا (والله خير الرازقين)



            ___________________________________
            (1) الميرة بالكسر: طعام يجلب من بلد إلى بلد.ج ز


            سورة المنافقون


            مدنية احدى عشر آية


            (بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاء‌ك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون) قال: نزلت في غزوة المريسع (المتسع ك) وهي غزوة بني المصطلق في سنة خمس من الهجرة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج اليها فلما رجع منها نزل على بئر، وكان الماء قليلا فيها وكان أنس بن سيار حليف الانصار، وكان جهجاه بن سعيد الغفاري أجيرا لعمر بن الخطاب فاجتمعوا على البئر فتعلق دلو ابن سيار بدلو جهجاه، فقال سيار دلوي وقال جهجاه دلوي، فضرب جهجاه يده على وجه ابن سيار فسال منه الدم، فنادى سيار بالخزرج ونادى جهجاه بقريش وأخذ الناس السلام وكاد ان تقع الفتنة، فسمع عبدالله بن ابي النداء فقال: ما هذا؟ فأخبروه بالخبر فغضب غضبا شديدا ثم قال قد كنت كارها لهذا المسير اني لاذل العرب، ما ظننت انى ابقى إلى ان اسمع مثل هذا فلا يكن عندي تعيير، ثم أقبل على أصحابه فقال: هذا عملكم أنزلتموهم منازلكم وواسيتموهم بأموالكم ووقيتموهم بأنفسكم وأبرزتم نحوركم للقتل فأرمل نساء‌كم وأيتم صبيانكم ولو أخرجتموهم لكانوا عيالا على غيركم، ثم قال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل وكان في قوم زيد بن ارقم وكان غلاما قد راهق وكان رسول الله صلى الله عليه وآله في ظل شجرة في وقت الهاجرة وعنده قوم من أصحابه من المهاجرين والانصار فجاء زيد فأخبره بما قال عبدالله ابن أبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلك وهمت يا غلام فقال: لا والله ما وهمت فقال لعلك غضبت عليه قال لا ما غضبت عليه قال فلعله سفه عليك، فقال لا والله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لشقران مولاه اخرج فأخرج (احدج فأحدج ك) راحلته


            [369]


            وركب، وتسامع الناس بذلك فقالوا ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله ليرحل في مثل هذا الوقت فرحل الناس ولحقه سعد بن عبادة فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ! فقال وعليك السلام ! فقال ما كنت لترحل في هذا الوقت؟ فقال أوما سمعت قولا قال صاحبكم، قالوا وأي صاحب لنا غيرك يا رسول الله؟ قال عبدالله بن أبي زعم انه ان رجع إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل، فقال يا رسول الله ! فأنت وأصحابك الاعز وهو وأصحابه الاذل، فسار رسول الله صلى الله عليه وآله يومه كله لا يكلمه أحد، فأقبلت الخزرج على عبدالله بن أبي يعذلونه، فحلف عبدالله انه لم يقل شيئا من ذلك، فقالوا فقم بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى نعتذر اليه، فلوى عنقه.
            فلما جن الليل سار رسول الله صلى الله عليه وآله ليله كله والنهار فلم ينزلوا إلا للصلاة فلما كان من الغد نزل رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل أصحابه، وقد أمهدهم الارض من السهر الذي أصابهم فجاء عبدالله بن أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فحلف عبدالله انه لم يقل ذلك وانه ليشهد انه لا إله إلا الله وانك لرسول الله وان زيدا قد كذب علي، فقبل رسول الله صلى الله عليه وآله منه، وأقبلت الخزرج على زيد بن ارقم يشتمونه ويقولون له كذبت على عبدالله سيدنا، فلما رحل رسول الله صلى الله عليه وآله كان زيد معه يقول اللهم انك لتعلم اني لم اكذب على عبدالله بن أبي فما سار إلا قليلا حتى أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان يأخذه من البرحاء(1) عند نزول الوحي عليه فثقل حتى كادت ناقته ان تبرك من ثقل الوحي، فسري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يسكب العرق عن جبهته ثم أخذ باذن زيد بن ارقم فرفعه من الرحل ثم قال: يا غلام صدق قولك ووعى قلبك وأنزل الله فيما قلت قرآنا، فلما نزل



            ___________________________________
            (1) برحاء كعلماء: الشدة.


            [370]


            جمع أصحابه وقرأ عليهم سورة المنافقين (بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاء‌ك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله - إلى قوله - ولكن المنافقين لا يعلمون) ففضح الله عبدالله بن أبي.
            حدثنا محمد بن احمد بن ثابت قال: حدثنا احمد بن ميثم عن الحسن بن علي ابن أبي حمزة عن ابان بن عثمان قال: سار رسول الله صلى الله عليه وآله يوما وليلة ومن الغد حتى ارتفع الضحى فنزل ونزل الناس فرموا بأنفسهم نياما وإنما اراد رسول الله صلى الله عليه وآله ان يكف الناس عن الكلام: قال: وان ولد عبدالله بن أبي اتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله إن كنت عزمت على قتله فمرني اكون أنا الذي أحمل اليك رأسه، فو الله لقد علمت الاوس والخزرج اني أبرهم ولدا بوالدى فاني أخاف أن تأمر غيري فيقتله فلا تطيب نفسي أن أنظر إلى قاتل عبدالله، فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار.
            فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بل يحسن الله صحابته مادام معنا وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (كأنهم خشب مسندة) يقول لا يسمعون ولا يعقلون قوله (يحسبون كل صيحة عليهم) يعني كل صوت (هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون) فلما نعتهم الله لرسوله وعرفه مساء‌تهم اليهم وإلى عشائرهم فقالوا لهم قد افتضحتم ويلكم ! فأتوا نبي الله يستغفر لكم فلووا رؤسهم وزهدوا في الاستغفار يقول الله: (وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤسهم) وقال علي بن ابراهيم في قوله (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل ان يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق) يعني بقوله أصدق أي احج (واكن من الصالحين) يعني عند الموت فرد الله عليهم فقال (ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون) اخبرنا احمد ابن إدريس قال: حدثنا احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة عن ابي بصير عن ابي جعفر عليه السلام في قول


            [371]


            الله ولن يؤخر الله نفسا إذا أجلها، قال ان عند الله كتبا مرقومة يقدم منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء فاذا كان ليلة القدر انزل الله فيها كل شئ يكون إلى ليلة مثلها فذلك قوله " ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها " إذا انزله وكتبه كتاب السماوات وهو الذي لا يؤخره.



            سورة التغابن


            مدنية آياتها ثمانى عشرة


            (بسم الله الرحمن الرحيم يسبح لله ما في السموات وما في الارض له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) قال هذه الآية خاصة في المؤمنين والكافرين، حدثنا علي بن الحسين عن احمد عن ابي عبدالله عن ابن محبوب عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: سألت الصادق عليه السلام عن قوله: فمنكم كافر ومنكم مؤمن، فقال عرف الله ايمانهم بولايتنا وكفرهم بتركها يوم اخذ عليهم الميثاق وهم في عالم الذر وفي صلب آدم عليه السلام.
            قال علي بن ابراهيم ثم حكى الله سبحانه قول الدهرية فقال (زعم الذين كفروا ان لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا) والنور أمير المؤمنين عليه السلام.
            حدثنا علي بن الحسين عن جعفر بن ابي عبدالله (احمد بن عبدالله ط) عن الحسن بن محبوب عن أبي ايوب عن أبي خالد الكابلي قال: سالت أبا جعفر عليه السلام عن قوله: فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا، فقال يا ابا خالد: النور والله الائمة من آل محمد صلوات الله عليهم إلى يوم القيامة، وهم والله نور الله الذي انزل وهم والله نور الله في السماوات والارض، يا ابا خالد ! لنور الامام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم والله ينورون قلوب المؤمنين ويحجب الله نورهم عمن



            ___________________________________
            (1) وفى ط انها مكية.ج.ز.


            [372]


            يشاء فتظلم قلوبهم، والله يا ابا خالد ! لا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلما لنا فاذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الاكبر.
            وقال علي بن ابراهيم في قوله (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) أي يصدق الله في قلبه فاذا بين الله له اختار الهدى ويزيده الله كما قال (والذين اهتدوا زادهم هدى) وقوله (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) أي حب، اخبرنا احمد بن إدريس قال: حدثنا احمد بن محمد عن الحسين بن سيعد عن بعض أصحابه عن حمزة بن ربيع عن علي بن سويد الشيباني قال: سألت العبد الصالح عليه السلام عن قول الله عزوجل (ذلك بانه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات) قال البينات هم الائمة عليهم السلام وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (ان من ازواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) وذلك ان الرجل كان إذا اراد الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تعلق به ابنه وامرأته وقالوا ننشدك الله ان تذهب عنا وتدعنا فنضبع(1) بعدك فمنهم من يطيع اهله فيقيم فحذرهم الله ابناء‌هم ونساء‌هم ونهاهم عن طاعتهم ومنهم من يمضي ويذرهم ويقول: أما والله لئن لم تهاجروا معي ثم يجمع الله بيني وبينكم في دار الهجرة لا انفعكم بشئ ابدا، فلما جمع الله بينه وبينهم أمره الله ان يوفي ويحسن ويصلهم فقال (وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا فان الله غفور رحيم) وقال علي بن ابراهيم في قوله: (فاتقوا الله ما استطعتم) ناسخة لقوله اتقوا الله حق تقاته وقال في قوله (ومن يوق شح نفسه) قال يوق الشح إذا اختار النفقة في طاعة الله، قال وحدثني أبي عن الفضل بن أبي قرة (مرة) قال: رأيت ابا عبدالله عليه السلام يطوف من اول الليل إلى الصباح وهو يقول: اللهم قني شح



            ___________________________________
            (1) ضبع الرجل: جبن ويمكن ان يكون اللفظ " نضيع ".ج.ز.


            [373]




            نفسي، فقلت جعلت فداك ما سمعتك تدعو بغير هذا الدعاء، قال وأي شئ اشد من شح النفس ان الله يقول ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون.

            سورة الطلاق


            مدنية آياتها اثنتا عشرة


            (بسم الله الرحمن الرحيم يا ايها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة) قال: المخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله والمعنى للناس، وهو ما قال الصادق عليه السلام ان الله بعث نبيه باياك اعني واسمعي يا جارة، وفي رواية أبى الجارود عن ابى جعفر عليه السلام في قوله (فطلقوهن لعدتهن) والعدة الطهر من الحيض (واحصوا العدة) وذلك ان تدعها حتى تحيض فاذا حاضت ثم طهرت واغتسلت طلقها تطليقة من غير أن يجامعها ويشهد على طلاقها إذا طلقها ثم إذا شاء راجعها ويشهد على رجعتها إذا راجعها، فاذا أراد طلاقها الثانية فاذا حاضت وطهرت واغتسلت طلقها الثانية، وأشهد على طلاقها من غير ان يجامعها ثم إن شاء راجعها (غير انه ان راجعها وأشهد على رجعتها ط) ويشهد على رجعتها ثم يدعها حتى تحيض ثم تطهر فاذا اغتسلت طلقها الثالثة وهو فيما بين ذلك قبل ان يطلق الثالثة املك بها إن شاء راجعها غير انه ان راجعها ثم بدا له ان يطلقها اعتدت بما طلق قبل ذلك وهكذا السنة في الطلاق لا يكون الطلاق إلا عند طهرها من حيضها من غير جماع كما وصفت وكلما راجع فليشهد فان طلقها ثم راجعها حبسها ما بدا له ثم إن طلقها الثانية ثم راجعها حبسها بواحدة ما بدا له ثم ان طلقها تلك الواحدة الباقية بعدما كان راجعها اعتدت ثلاثة قروء وهي ثلاث حيضات وان لم تكن تحيض فثلاثة اشهر وان كان بها حمل فاذا وضعت انقضى احلها وهو قوله: (واللائى يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائى لم يحضن) فعدتهن أيضا ثلاثة اشهر


            [374]


            (واولات الاحمال أجلهن ان يضعن حملهن) واما قوله (وان كن اولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فان أرضعن لكم فآتوهن اجورهن وان تعاسرتم) يقول إن ترضى المرأة فترضع الولد، وان لم يرض الرجل ان يكون ولدها عندها يقول (فسترضع له اخرى لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله) وقال علي بن ابراهيم في قوله (واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا ان يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله) قال: لا يحل لرجل ان يخرج امرأته إذا طلقها وكان له عليها رجعة من بيته وهي أيضا لا يحل لها ان تخرج من بيته إلا ان يأتين بفاحشة مبينة ومعنى الفاحشة ان تزنى أو تشرف على الرجال ومن الفاحشة أيضا السلاطة(1) على زوجها فان فعلت شيئا من ذلك حل له ان يخرجها قوله (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) قال لعله ان يبدو لزوجها في الطلاق فيراجعها قوله: (فاذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف او فارقوهن بمعروف) يعني إذا انقضت عدتها اما ان يراجعها(2) واما ان يفارقها يطلقها ويمتعها على الموسع قدره وعلى المقتر قدره قوله: (وأشهدوا ذوى عدل منكم) معطوف على قوله: إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأشهدوا ذوى عدل منكم قوله: (وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن) قال: المطلقة الحامل أجلها ان تضع ما في بطنها ان وضعت يوم طلقها تتزوج إذا طهرت وإن لم تضع ما في بطنها إلى تسعة اشهر لم تبرأ إلى ان تضع قوله: (اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) قال: المطلقة التي للزوج عليها رجعة لها عليه سكنى ونفقة ما دامت في العدة، فان كانت حاملا ينفق عليها حتى تضع حملها.



            ___________________________________
            (1) طول اللسان.
            (2) أي بعد انقضاء اكثر أيامها وقبل انتهاء العدة.ج.ز.


            [375]


            حدثنا محمد بن احمد بن ثابت قال: حدثنا الحسن بن محمد عن محمد بن زياد عن ابي ايوب عن محمد بن مسلم قال: سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) قال في دنياه، اخبرنا احمد ابن إدريس عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم ابن حميد عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل (ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله) قال إذا أنفق الرجل على امرأته ما يقيم ظهرها مع الكسوة وإلا فرق بينهما، وقال علي بن ابراهيم في قوله (وكأين من قرية) قال أهل القرية (عتت عن أمر ربها) قوله (قد أنزل الله اليكم ذكرا رسولا) قال ذكر اسم رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا نحن اهل الذكر قوله (الله الذي خلق سبع سموات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن) دليل على ان تحت كل سماء ارض (لتعلموا ان الله على كل شئ قدير وان الله قد أحاط بكل شئ علما).



            سورة التحريم


            مدنية آياتها اثنتا عشرة


            (بسم الله الرحمن الرحيم يا ايها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم) اخبرنا احمد بن إدريس قال حدثنا احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن ابن سيار عن ابي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى يا ايها النبي لم تحرم ما احل الله لك الآية، قال اطلعت عائشة وحفصة على النبي صلى الله عليه وآله وهو مع مارية، فقال النبي صلى الله عليه وآله والله ما أقربها، فامره الله ان يكفر يمينه.
            قال علي بن ابراهيم كان سبب نزولها ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان في بعض بيوت نسائه وكانت مارية القبطية تكون معه تخدمه وكان ذات يوم في بيت


            [376]


            حفصة فذهبت حفصة في حاجة لها فتناول رسول الله مارية، فعلمت حفصة بذلك فغضبت وأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وقالت يا رسول الله هذا في يومي وفي داري وعلى فراشي فاستحيا رسول الله منها، فقال كفى فقد حرمت مارية على نفسي ولا أطأها بعد هذا ابدا وأنا افضي اليك سرا فان انت اخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والناس اجمعين فقالت نعم ما هو؟ فقال إن ابا بكر يلى الخلافة بعدي ثم من بعده ابوك(1) فقالت من اخبرك بهذا قال الله اخبرني فاخبرت حفصة عائشة من يومها ذلك واخبرت عائشة ابا بكر، فجاء ابوبكر إلى عمر فقال له ان عائشة اخبرتني عن حفصة بشئ ولا أثق بقولها فاسأل انت حفصة، فجاء عمر إلى حفصة، فقال لها ما هذا الذي اخبرت عنك عائشة، فانكرت ذلك قالت ما قلت لها من ذلك شيئا، فقال لها عمر ان كان هذا حقا فاخبرينا حتى نتقدم فيه، فقالت نعم قد قال رسول الله ذلك فاجتمع.....
            على ان يسموا رسول الله فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله بهذه السورة (يا ايها النبي لم تحرم ما احل الله لك - إلى قوله - تحلة ايمانكم) يعني قد اباح الله لك ان تكفر عن يمينك (والله مولاكم وهو العليم الحكيم وإذا أسر النبي إلى بعض ازواجه حديثا فلما نبأت به) اي اخبرت به (واظهره الله) يعني اظهر الله نبيه على ما اخبرت به وما هموا به (عرف بعضه) اي اخبرها وقال لم اخبرت بما اخبرتك وقوله (وأعرض عن بعض) قال لم يخبرهم بما علم مما هموا به(2) (قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير ان تنويا إلى الله فقد صغت قلوبكما وان تظاهرا عليه فان الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) يعني امير المؤمنين عليه السلام (والملائكة بعد ذلك ظهير) يعني لامير المؤمنين عليه السلام.



            ___________________________________
            (1) ذكره الكشاف
            (2) هكذا الخبر من اوله إلى آخره في كلتا نسختى تفسير القمى المطبوعتين في ايران المشار اليهما في اول الكتاب.ج.ز.


            [377]


            ثم خاطبها فقال: (عسى ربه أن طلقكن ان يبدله ازواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وابكارا) عرض عائشة لانه لم يتزوج ببكر غير عائشة، حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن عبدالله (عبدالله بن محمد ط) عن ابن ابي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي بصير قال: سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما - إلى قوله - وصالح المؤمنين، قال صالح المؤمنين علي بن ابى طالب عليه السلام، اخبرنى الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن احمد بن محمد بن عبدالله عن يعقوب بن يزيد (زيد ط) عن سليمان الكاتب عن بعض اصحابه عن ابي عبدالله عليه السلام في قوله (يا ايها النبي جاهد الكفار والمنافقين) قال هكذا نزلت فجاهد رسول الله صلى الله عليه وآله الكفار وجاهد علي عليه السلام المنافقين فجاهد على عليه السلام جهاد رسول الله صلى الله عليه وآله اخبرنا احمد بن إدريس عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن زرعة بن محمد عن ابي بصير قال سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله (قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) قلت: هذه نفسي أقيها فكيف أقي اهلي؟ قال: تأمرهم بما أمرهم الله وتنهاهم عما نهاهم الله عنه فان اطاعوك كنت قد وقيتهم وان عصوك فكنت قد قضيت ما عليك، قال الحسين وحدثني محمد بن الفضيل عن ابي الحسن عليه السلام في قوله (يا ايها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا) قال عليه السلام: يتوب العبد ثم لا يرجع فيه وان أحب عباد الله إلى الله المتقي التائب قال علي بن ابراهيم في قوله (ضرب الله مثلا) ثم ضرب الله فيهما مثلا فقال: (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما) فقال والله ما عنى بقوله فخانتاهما إلا الفاحشة وليقيمن الحد على فلانة فيما اتت في طريق وكان فلان يحبها فلما أرادت ان تخرج إلى...قال لها فلان لا يحل لك ان تخرجي من غير محرم فزوجت نفسها من فلان قوله (ثم ضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون


            [378]


            - إلى قوله - ومريم ابنت عمران التي احصنت فرجها) قال لم ينظر اليها (فنفخنا فيه من روحنا) أي روح مخلوقة (وكانت من القانتين) أي من الداعين، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنو معه نورهم يسعى بين ايديهم وبأيمانهم) فمن كان له نور يومئذ نجا وكل مؤمن له نور، حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال حدثنا محمد بن الحسين الصائغ عن الحسن بن علي بن ابي عثمان عن صالح بن سهل عن ابي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى: نورهم يسعى بين ايديهم وبأيمانهم، قال أئمة المؤمنين نورهم يسعى بين ايديهم وبأيمانهم حتى ينزلوا منازلهم.


            Comment

            • راية اليماني
              مشرف
              • 05-04-2013
              • 3021

              #51
              رد: كتب تفسير القرآن_ تفسير "القمي" ج 1-2 [قرائة ]

              سورة الملك


              مكية آياتها ثلاثون


              (بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير الذي خلق الموت والحيوة) قال: قدرهما ومعناه قدر الحياة ثم الموت (ليبلوكم أيكم احسن عملا) أي يختبركم بالامر والنهي ايكم احسن عملا (وهو العزيز الغفور الذي خلق سبع سموات طباقا) قال بعضها طبق لبعض (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) قال يعني من فساد (فارجع البصر هل ترى من فطور) أي من عيب (ثم ارجع البصر) قال انظر في ملكوت السماوات والارض (ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير) أي يقصر وهو حسير أي منقطع قوله (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) قال بالنجوم قوله (إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا) أي وقعا (وهي تفور) أي ترتفع (تكاد تميز من الغيظ) قال على اعداء الله (كلما ألقي منها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير) وهم الملائكة الذين يعذبونهم بالنار وقوله (لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير) قال قد سمعوا


              [379]


              وعقلوا ولكنهم لم يطيعوا ولم يقبلوا والدليل على انهم قد سمعوا وعقلوا ولم يقبلوا قوله (فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير) قوله (هو الذي جعل لكم الارض ذلولا) أي فراشا (فامشوا في مناكبها) أي في اطرافها قوله (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا) قال إذا كان يوم القيامة ونظر اعداء أمير المؤمنين ما اعطاه الله من المنزلة الشريفة العظيمة وبيده لواء الحمد وهو على الحوض يسقي ويمنع تسود وجوه اعدائه فيقال لهم (هذا الذي كنتم به تدعون) أي هذا الذي كنتم به تدعون منزلته وموضعه واسمه قوله (أرأيتم ان اصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين) قال أرأيتم ان اصبح إمامكم غائبا فمن يأتيكم بامام مثله.
              حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن احمد عن القاسم بن محمد (علا ط) قال حدثنا اسماعيل بن علي الفزاري عن محمد بن جمهور عن فضالة بن ايوب قال سئل الرضا عليه السلام عن قول الله عزوجل: قل أرأيتم ان اصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين، فقال عليه السلام: ماؤكم ابوابكم أي الائمة عليهم السلام والائمة ابواب الله بينه وبين خلقه فمن يأتيكم بماء معين يعني بعلم الامام.


              سورة القلم


              مكية آياتها اثنتان وخمسون


              (بسم الله الرحمن الرحيم ن والقلم وما يسطرون ما انت بنعمة ربك بمجنون) قال فحدثني ابي عن ابن ابي عمير عن عبدالرحمن (عبدالرحيم ط) القصير عن ابي عبدالله عليه السلام قال سألته عن ن والقلم، قال: إن الله خلق القلم من شجرة في الجنة يقال لها الخلد ثم قال لنهر في الجنة كن مدادا فجمد النهر وكان أشد بياضا من الثلج وأحلى من الشهد ثم قال للقلم اكتب قال وما اكتب يا رب قال اكتب ما كان وما هو كأين إلى يوم القيامة، فكتب القلم في رق أشد بياضا من الفضة وأصفى من الياقوت ثم


              [380]


              طواه فجعله في ركن العرش ثم ختم على فم القلم فلم ينطق بعد ولا ينطق ابدا، فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلها، أو لستم عربا فكيف لا تعرفون معنى الكلام، وأحدكم يقول لصاحبه انسخ ذلك الكتاب أو ليس إنما ينسخ من كتاب اخذ من الاصل وهو قوله: إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون قوله (وما يسطرون) أي ما يكتبون وهو قسم وجوابه (ما انت بنعمة ربك بمجنون) قوله (ان لك لاجرا غير ممنون) أي لا نمن عليك فيما نعطيك من عظيم الثواب قوله (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) بأيكم تفتنون هكذا نزلت في بني امية بأيكم أي حبتر وزفر وعلي.
              وقال الصادق عليه السلام: لقي فلان امير المؤمنين (ع) فقال يا علي بلغني انك تتأول هذه الآية في وفي صاحبي " فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون " قال: امير المؤمنين (ع) أفلا اخبرك يا ابا فلان ! ما نزل في بني امية " والشجرة الملعونة في القرآن " قال: كذبت يا علي ! بنو امية خير منك وأوصل للرحم وقوله: (فلا تطع المكذبين) قال في علي (ع) (ودوالو تدهن فيدهنون) أي احبوا ان تغش في علي فيغشون معك (ولا تطع كل حلاف مهين) قال الحلاف فلان حلف لرسول الله صلى الله عليه وآله انه لا ينكث عهدا (هماز مشاء بنميم) قال كان ينم على رسول الله صلى الله عليه وآله وينم بين اصحابه قوله (مناع للخير معتد أثيم) قال: الخير امير المؤمنين (ع)، معتد أي اعتدى عليه وقوله (عتل بعد ذلك زنيم) قال: العتل عظيم الكفر والزنيم الدعي وقال الشاعر: زنيم تداعاه الرجال تداعيا * كما زيد في عرض الاديم الاكارع(1)



              ___________________________________
              (1) الاديم الارض، اكارع: جمع كرع وهو الماء الذي يكرع فيه الدواب ج.ز


              [381]


              قوله: (وإذا تتلى عليه آياتنا) قال: كنى عن فلان (قال اساطير الاولين) أي اكاذيب الاولين (سنسمه على الخرطوم) قال في الرجعة إذا رجع امير المؤمنين عليه السلام ورجع اعداؤه فيسمهم بميسم معه كما توسم البهائم على الخرطوم والانف والشفتين قوله (إنا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة إذ أقسموا) أي حلفوا (ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون) فانه كان سببها ما حدثني ابي عن اسحاق بن الهيثم عن علي بن الحسين العبدي عن سليمان الاعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس انه قيل له ان قوما من هذه الامة يزعمون ان العبد قد يذنب فيحرم به الرزق، فقال ابن عباس: فو الذي لا إله غيره لهذا انور في كتاب الله من الشمس الضاحية ذكره الله في سورة ن والقلم، انه كان شيخ كانت له جنة وكان لا يدخل بيته ثمرة منها ولا إلى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه، فلما قبض الشيخ وورثه بنوه وكان له خمسة من البنين فحملت جنتهم في تلك السنة التي هلك فيها ابوهم حملا لم يكن حملته قبل ذلك فراحوا الفتية إلى جنتهم بعد صلاة العصر، فاشرفوا على ثمرة ورزق فاضل لم يعاينوا مثله في حياة ابيهم فلما نظروا إلى الفضل طغوا وبغوا وقال بعضهم لبعض ان ابانا كان شيخا كبيرا قد ذهب عقله وخرف فهلموا نتعاهد ونتعاقد فيما بيننا ان لا نعطي احدا من فقراء المسلمين في عامنا هذا شيئا حتى نستغني وتكثر اموالنا ثم نستأنف الصنعة فيما يستقبل من السنين المقبلة، فرضي بذلك منهم اربعة وسخط الخامس وهو الذي قال الله تعالى: " قال اوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون ".
              فقال الرجل: يا بن عباس كان اوسطهم في السن؟ فقال: لا بل كان اصغر القوم سنا وكان اكبرهم عقلا واوسط القوم خير القوم، والدليل عليه في القرآن انكم يا امة محمد اصغر الامم وخير الامم قال الله: " وكذلك جعلناكم امة وسطا " فقال لهم اوسطهم اتقوا الله وكونوا على منهاج ابيكم تسلموا وتغنموا، فبطشوا


              [382]


              به فضربوه ضربا مبرحا فلما ايقن الاخ انهم يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارها لامرهم غير طائع فراحوا إلى منازلهم ثم حلفوا بالله ان يصرموه إذا اصبحوا ولو يقولوا إن شاء الله، فابتلاهم الله بذلك الذنب وحال بينهم وبين ذلك الرزق الذي كانوا اشرفوا عليه فاخبر عنهم في الكتاب فقال: (إنا بلوناهم - إلى قوله - فأصبحت كالصريم) قال كالمحترق، فقال الرجل: يا بن عباس ما الصريم؟ قال: الليل المظلم ثم قال: لا ضوء له ولا نور فلما اصبح القوم (تنادوا مصبحين ان اغدوا على حرثكم ان كنتم صارمين) قال: (فانطلقوا وهم يتخافتون) قال الرجل وما التخافت يا بن عباس؟ قال: يتسارون بعضهم بعضا لكي لا يسمع احد غيرهم فقالوا (لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا عى حرد قادرين) وفي انفسهم ان يصرموها ولا يعلمون ما قد حل بهم من سطوات الله ونقمته (فلما رأوها) وعاينوا ما قد حل بهم (قالواء‌إنا لضالون بل نحن محرومون) فحرمهم الله ذلك الرزق بذنب كان منهم ولم يظلمهم شيئا فقال اوسطهم: (ألم أقل لكم لولا تسبحون قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون) قال: يلومون انفسهم فيما عزموا عليه (قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين عسى ربنا ان يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون) فقال الله: (كذلك العذاب ولعذاب الآخرة اكبر لو كانوا يعلمون) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (ع) في قوله (وانك لعلى خلق عظيم) يقول على دين عظيم (إنا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة) ان اهل مكة ابتلوا بالجوع كما ابتلى اصحاب الجنة وهي الجنة التي كانت في الدنيا وكانت في اليمن يقال لها الرضوان على تسعة اميال من صنعاء قوله: (فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون) وهو العذاب قوله: (إنا لضالون) قال: اخطأوا الطريق قوله: (لولا تسبحون) يقول لولا تستغفرون.
              وقال علي بن ابراهيم في قوله (سلهم أيهم بذلك زعيم) أي كفيل قوله


              [383]


              (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود) قال: يوم يكشف عن الامور التي خفيت وما غصبوا آل محمد حقهم ويدعون إلى السجود قال يكشف لامير المؤمنين (ع) فتصير اعناقهم مثل صياصي البقر يعني قرونه (فلا يستطيعون) ان يسجدوا وهي عقوبة لانهم لم يطيعوا الله في الدنيا في امره وهو قوله: وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون قال إلى ولايته في الدنيا وهم يستطيعون قوله (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) قال تجديدا لهم عند المعاصي ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله (فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت) يعني يونس (ع) لما دعا على قومه ثم ذهب مغاضبا لله وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (ع) في قوله: (إذ نادى وهو مكظوم) أي مغموم وقال علي بن ابراهيم في قوله (لولا ان تداركه نعمة من ربه) قال: النعمة الرحمة (لنبذ بالعراء) قال: العراء الموضع الذي لا سقف له قوله (وان يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر) قال: لما اخبرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بفضل امير المؤمنين (ع) قالوا هو مجنون فقال الله سبحانه (وما هو) يعني امير المؤمنين (ع) (إلا ذكر للعالمين).


              سورة الحاقة


              مكية آياتها اثنتان وخمسون


              (بسم الله الرحمن الرحيم الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة) قال الحاقة الحذر لنزول العذاب والدليل على ذلك قوله: " وحاق بآل فرعون سوء العذاب (كذبت ثمود وعاد بالقارعة) قال: قرعهم بالعذاب قوله: (واما ثمود فاهلكوا بالطاغية واما عاد فاهلكوا بريح صرصر) أي باردة (عاتية) قال خرجت اكثر مما امرت به وقوله (سخرها عليهم سبع ليال وثمانية ايام حسوما) قال كان القمر منحوسا بزحل سبع ليال وثمانية ايام حتى هلكوا وقوله (وجاء فرعون من


              [384]


              قبله والمؤتفكات بالخاطئة) المؤتفكات البصرة والخاطئة فلانة (إنا لما طغا الماء حملناكم في الجارية) يعني امير المؤمنين (ع) واصحابه وقوله وحملت الارض والجبال قال وقعت فدك بعضها على بعض وقوله (فهى يومئذ واهية) قال باطلة قوله: (والملك على ارجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) قال: حملة العرش ثمانية اربعة من الاولين واربعة من الآخرين فاما الاربعة من الاولين فنوح وابراهيم وموسى وعيسى، والاربعة من الآخرين محمد وعلي والحسن والحسين عليهم السلام، ومعنى يحملون العرش يعني العلم، واما قوله (فاما من اوتي كتابه بيمينه) فانه قال الصادق (ع): كل امة يحاسبها إمام زمانها ويعرف الائمة أولياء‌هم وأعداء‌هم بسيماهم وهو قوله تعالى: " وعلى الاعراف رجال " وهم الائمة " يعرفون كلا بسيماهم " فيعطون أولياء‌هم كتابهم بيمينهم فيمرون إلى الجنة بلا حساب، ويعطون أعداء‌هم كتابهم بشمالهم فيمرون إلى النار بلا حساب فاذا نظر اولياؤهم في كتابهم يقولون لاخوانهم (هاؤم اقرؤا كتابيه اني ظننت أني ملاق حسابيه فهو في عيشة راضية) أي مرضية فوضع الفاعل مكان المفعول قوله: (واما من اوتي كتابه بشماله) قال نزلت في معاوية فيقول: (يا ليتني لم اوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية) يعني الموت (ما اغنى عني ماليه) يعني ماله الذي جمعه (هلك عني سلطانيه) أي حجته فيقال (خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه) أي اسكنوه (ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه) قال معنى السلسلة السبعين ذراعا في الباطن هم الجبابرة السبعون وقوله (انه كان لا يومن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين) حقوق آل محمد التى غصبوها قال الله (فليس له اليوم ههنا حميم) أي قرابة.
              (ولا طعام إلا من غسلين) قال عرق الكفار وقوله: (ولو تقول علينا بعض الاقاويل) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله (لاخذنا منه باليمين) قال: انتقمنا منه بقوة (ثم لقطعنا منه الوتين) قال: عرق في الظهر يكون منه الولد قال: (فما منكم من


              [385]


              أحد عنه حاجزين) يعنى لا يحجز عن الله أحد ولا يمنعه من رسول الله أحد قوله (وانه لحسرة على الكافرين وانه لحق اليقين) يعنى أمير المؤمنين (ع) (فسبح باسم ربك العظيم).
              وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (ع) في قوله: (فأخذهم أخذة رابية) والرابية التي أربت(1) على ما صنعوا وقوله: (قطوفها دانية) يقول مدلية ينالها القائم والقاعد، حدثنا جعفر بن احمد قال: حدثنا عبدالكريم بن عبدالرحيم قال: إنى لاعرف ما في كتاب أصحاب اليمين وكتاب أصحاب الشمال واما كتاب أصحاب اليمين بسم الله الرحمن الرحيم.



              ___________________________________
              (1) من الربا وهو الزيادة، قال في المجمعين: أخذة رابية أي شديدة زائدة في الشدة على الاخذات كما زادت قبائحهم في القبح.ج ز


              سورة المعارج


              مكية آياتها اربع واربعون


              (بسم الله الرحمن الرحيم سأل سائل بعذاب واقع) قال: سئل ابوجعفر عليه السلام عن معنى هذا، فقال: نار تخرج من المغرب وملك يسوقها من خلفها حتى تأتى دار بني سعد بن همام عند مسجدهم فلا تدع دارا لبنى امية إلا احرقتها وأهلها ولا تدع دارا فيها وتر لآل محمد إلا أحرقتها، وذلك المهدي (ع)، وفي حديث آخر لما اصطفت الخيلان يوم بدر رفع ابوجهل يده وقال: اللهم انه قطعنا الرحم وآتانا بما لا نعرفه فاجئه بالعذاب، فانزل الله سأل سائل بعذاب واقع اخبرنا احمد بن إدريس عن محمد بن عبدالله عن محمد بن علي عن علي بن حسان عن عبدالرحمن بن كثير عن ابى الحسن (ع) في قوله: سأل سائل بعذاب واقع قال: سأل رجل عن الاوصياء وعن شأن ليلة القدر وما يلهمون فيها، فقال النبي


              [386]


              صلى الله عليه وآله: سألت عن عذاب واقع ثم كفر بان ذلك لا يكون، فاذا وقع ف‍ (ليس له من دافع من الله ذي المعارج) قال: (تعرج الملائكة والروح) في صبح ليلة القدر اليه من عند النبي صلى الله عليه وآله والوصي قوله: (فاصبر صبرا جميلا) أي لتكذيب من كذب ان ذلك لا يكون.
              وقال علي بن ابراهيم في قوله: (في يوم كان مقداره خمسين الف سنة) قال: في يوم القيامة خمسون موقفا كل موقف الف سنة قوله: (يوم تكون السماء كالمهل) قال: الرصاص الذائب والنحاس كذلك تذوب السماء وقوله: (ولا يسئل حميم حميما) أي لا ينفع، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (يبصرونهم) يقول: يعرفونهم ثم لا يتساء‌لون قوله (يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤيه) وهي امه التي ولدته، وقال علي بن ابراهيم في قوله (كلا انها لظى) قال: تلتهب عليهم النار قوله: (نزاعة للشوى) قال تنزع عينيه وتسود وجهه (تدعو من أدبر وتولى) قال: تجره اليها قوله (فجمع فاوعى) أي جمع مالا ودفنه ووعاه ولم ينفقه في سبيل الله وقوله (ان الانسان خلق هلوعا) أي حريصا (إذا مسه الشر جزوعا) قال: الشر هو الفقر والفاقة (وإذا مسه الخير منوعا) قال الغناء والسعة، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام قال ثم استثنى فقال (إلا المصلين) فوصفهم باحسن اعمالهم (الذين هم على صلاتهم دائمون) يقول إذا فرض على نفسه شيئا من النوافل دام عليه، وقال علي بن ابراهيم في قوله (للسائل والمحروم) قال السائل الذي يسأل والمحروم الذي قد منع كديده قوله (مهطعين) أي أذلاء قوله (عن اليمين وعن الشمال عزين) أي قعود قوله (كلا إنا خلقناهم مما يعلمون) قال من نطفة ثم من علقة قوله (فلا أقسم) أي أقسم (برب المشارق والمغارب) قال مشارق الشتاء ومغارب الصيف ومغارب الشتاء ومشارق الصيف وهو قسم


              [387]


              وجوابه (إنا لقادرون على ان نبدل خيرا منهم) قوله (يوم يخرجون من الاجداث سراعا) قال من القبور (كأنهم إلى نصب يوفضون) قال إلى الداعي ينادون قوله (ترهقهم ذلة) قال تصيبهم ذلة (ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون).


              سورة نوح


              مكية آياتها ثمان وعشرون


              (بسم الله الرحمن الرحيم إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب اليم) وقد كتبنا خبر نوح قوله (واني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا اصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم) قال: استتروا بها (واصروا واستكبروا استكبارا) اي عزموا على ان لا يسمعوا شيئا قوله (ثم اني اعلنت لهم وأسررت لهم اسرارا) قال دعوتهم سرا وعلانية، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (لا ترجون لله وقارا) قال لا تخافون لله عظمة، قال علي بن ابراهيم في قوله (وقد خلقكم اطوارا) قال على اختلاف الاهواء والارادات والمشيات قوله (والله أنبتكم من الارض نباتا) أي على الارض نباتا قوله (رب انهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا) قال اتبعوا الاغنياء (ومكروا مكرا كبارا) أي كبيرا قوله (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) قال: كان قوم مؤمنين قبل نوح فماتوا فحزن عليهم الناس فجاء إبليس فاتخذ لهم صورهم ليأنسوا بها فانسوا بها فلما جاء‌هم الشتاء ادخلوها البيوت، فمضى ذلك القرن وجاء القرن الآخر فجاء‌هم إبليس فقال لهم ان هؤلاء آلهة كانوا آباؤكم يعبدونها فعبدوهم وضل منهم بشر كثير فدعا عليهم نوح حتى اهلكهم الله وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (سبع سموات طباقا) يقول بعضها فوق بعض وقوله (ولا تذرن ودا


              [388]


              ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) قال: كانت ود صنما لكلب وكانت سواع لهذيل وكانت يغوث لمراد وكانت يعوق لهمدان وكانت نسر لحصين.
              وقال علي بن ابراهيم في قوله (ولا تزد الظالمين إلا ضلالا) قال: هلاكا وتدميرا (إنك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) فاهلكهم الله حدثنا احمد بن محمد بن موسى قال حدثنا محمد بن حماد عن علي بن اسماعيل التيمي عن فضيل الرسام (التوسان ط) عن صالح بن ميثم قال: قلت لابي جعفر عليه السلام ما كان علم نوح حين دعا قومه انهم لا يلدون إلا فاجرا كفارا؟ فقال: أما سمعت قول الله لنوح " انه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن " اخبرنا احمد بن إدريس قال حدثنا احمد بن محمد عن الحسن بن علي بن فضال عن المفضل بن صالح عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله: (رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا) إنما يعني الولاية من دخل فيها دخل في بيوت الانبياء، وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (ولا تزد الظالمين إلا تبارا) أي خسارا.


              سورة الجن


              مكية آياتها ثمان وعشرون


              (بسم الله الرحمن الرحيم قل - يا محمد لقريش - أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد) وقد كتبنا خبرهم في سورة الاحقاف قوله (وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبه ولا ولدا) قال: هو شئ قالته الجن بجهالة فلم يرضه الله منهم ومعنى جد ربنا أي بخت ربنا وقوله (وانه كان يقول سفيهنا على الله شططا) أي ظلما، حدثنا علي بن الحسين عن احمد بن أبي عبدالله عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبدالله بن سنان (سيار ط) عن ابي عبدالله عليه السلام في قول الجن: وانه تعالى جد ربنا، فقال شئ كذبه الجن


              [389]


              فقصه الله كما قال، وعنه عن احمد بن الحسين عن ابن فضال عن ابان عن زرارة قال: سألت ابا جعفر (ع) عن قول الله: (انه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا) قال: الرجل ينطلق إلى الكاهن الذي كان يوحي اليه الشيطان فيقول قل لشيطانك ان فلانا فقد عاذ بك.
              وقال علي بن ابراهيم في قوله (وانه كان رجال من الانس...الخ) قال كان الجن ينزلون على قوم من الانس ويخبرونهم بالاخبار التي سمعوها في السماء من قبل مولد رسول الله صلى الله عليه وآله وكان الناس يكهنون بما أخبروهم الجن، قوله (فزادوهم رهقا) أي خسرانا قوله: (فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا) قال: البخس النقصان والرهق العذاب وقوله: (وكنا طرائق قددا) أي على مذاهب مختلفة، حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثنا جعفر بن عبدالله قال: حدثنا محمد بن عمر عن عباد بن صهيب عن جعفر ابن محمد عن أبيه عليهم السلام في قول الله عزوجل (فمن أسلم فاولئك تحروا رشدا) الذين أقروا بولايتنا فاولئك تحروا رشدا (واما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا) معاوية وأصحابه (وان لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا) الطريقة الولاية لعلي (ع) (لنفتنهم فيه) قتل الحسين (ع) (فلا تدعوا مع الله احدا) إلى الاحد مع آل محمد فلا تتخذوا من غيرهم وليا ط (وانه لما قام عبدالله يدعوه) يعني محمدا صلى الله عليه وآله يدعوهم إلى ولاية علي (ع) (كادوا) قريش (يكونون عليه لبدا) أي يتعادون عليه قال (قل إنما أدعوا ربي) قال: إنما امرني ربي (فلا أملك لكم ضرا ولا رشدا) ان توليتم عن ولايته (قل اني لن يجيرني من الله أحد) ان كتمت ما امرت به (ولن أجد من دونه ملتحدا) يعنى مأوى (إلا بلاغا من الله ابلغكم) ما امرني الله به من ولاية علي بن ابي طالب عليه السلام (ومن يعص الله ورسوله) في ولاية علي عليه السلام (فان له نار جهنم خالدين فيها ابدا) قال النبي صلى الله عليه وآله يا علي انت قسيم النار تقول هذا لي وهذا لك


              [390]


              قالت قريش فمتى يكون ما تعدنا يا محمد من أمر علي والنار فانزل الله (حتى إذا رأوا ما يوعدون) يعني الموت والقيامة (فسيعلمون) يعني فلانا وفلانا وفلانا ومعاوية وعمرو بن العاص واصحاب الضغائن من قريش (من أضعف ناصرا وأقل عددا) قالوا فمتى يكون هذا يا محمد؟ قال الله لمحمد: (قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي امدا) قال أجلا (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول) يعني عليا المرتضى من الرسول صلى الله عليه وآله وهو منه قال الله (فانه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا) قال في قلبه العلم ومن خلفه الرصد يعلمه علمه ويزقه العلم زقا ويعلمه الله إلهاما، والرصد التعليم من النبي صلى الله عليه وآله (ليعلم) النبي (ان قد ابلغوا رسالات ربهم وأحاط) علي ع بما لدى الرسول من العلم (واحصى كل شئ عددا) ما كان وما يكون منذ يوم خلق الله آدم إلى ان تقوم الساعة من فتنة او زلزلة او خسف او قذف او امة هلكت فيما مضى او تهلك فيما بقي، وكم من إمام جائر او عادل يعرفه باسمه ونسبه ومن يموت موتا او يقتل قتلا، وكم من إمام مخذول لا يضره خذلان من خذله، وكم من إمام منصور لا ينفعه نصرة من نصره.
              وعنه عن جعفر قال: حدثني احمد بن محمد بن احمد المدائني قال: حدثني هارون بن مسلم عن الحسين بن علوان عن علي بن عزاب عن الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس في قوله (ومن يعرض عن ذكر ربه) قال ذكر ربه ولاية على بن ابى طالب وقوله (فمن اسلم فاولئك تحروا رشدا) أي طلبوا الحق (واما القاسطون) الآية، قال القاسط الحائد عن الطريق قوله (وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) قال المساجد السبعة التي يسجد عليها الكفان والركبتان (وعينا الركبتين ط) والابهامان والجبهة، قال وحدثني ابي عن الحسين بن خالد عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال المساجد الائمة عليهم السلام قوله (وانه لما قام عبدالله) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله


              [391]


              (يدعوه) كناية عن الله (كادوا) يعني قريشا (يكونون عليه لبدا) أي ايدا قوله (حتى إذا رأوا ما يوعدون) قال القائم وأمير المؤمنين عليهم السلام في الرجعة (فسيعلمون من اضعف ناصرا وأقل عددا) قال هو قول امير المؤمنين لزفر: والله يا بن صهاك ! لولا عهد من رسول الله وكتاب من الله سبق لعلمت أينا اضعف ناصرا وأقل عددا، قال فلما اخبرهم رسول الله صلى الله عليه وآله ما يكون من الرجعة قالوا متى يكون هذا قال الله (قل - يا محمد - ان ادري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي امدا).
              وقوله (عالم الغيب فلا يظهر على غبيه أحدا...الخ) قال يخبر الله رسوله الذي يرتضيه بما كان قبله من الاخبار وما يكون بعده من اخبار القائم عليه السلام والرجعة والقيامة، حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن عيسى عن زياد عن الحسن بن علي بن فضال عن ابن بكير عن الحسين بن زياد قال سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول في قوله (وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الارض أم أراد بهم ربهم رشدا) فقال لا بل والله شر أريد بهم حين بايعوا معاوية وتركوا الحسن بن علي صلوات الله عليهما، اخبرنا احمد بن إدريس قال حدثنا احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جابر قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول في هذه الآية (وأن لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا) يعنى من جرى فيه شئ من شرك الشيطان، على الطريقة يعنى على الولاية في الاصل عند الاظلة حين اخذ الله ميثاق ذرية آدم، أسقيناهم ماء غدقا لكنا وضعنا أظلتهم في ماء الفرات العذب(1).



              ___________________________________
              (1) كذا في ط وك وفي الصافي عن الباقر عليه السلام: يعنى لو استقاموا على ولاية امير المؤمنين والاوصياء من ولده عليهم السلام وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم لاسقيناهم ماء غدقا ج ز


              Comment

              • راية اليماني
                مشرف
                • 05-04-2013
                • 3021

                #52
                رد: كتب تفسير القرآن_ تفسير "القمي" ج 1-2 [قرائة ]

                سورة المزمل


                مكية آياتها عشرون


                (بسم الله الرحمن الرحيم يا ايها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه او انقص) قال: هو النبي صلى الله عليه وآله كان يتزمل بثوبه وينام، فقال الله: يا ايها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه او انقص منه (قليلا) قال انقص من القليل (او زد عليه) أي على القليل قليلا (ورتل القرآن ترتيلا) قال بينه تبيانا ولا تنثره نثر الرمل ولا تهزه هز الشعر ولكن أفزع به القلوب القاسية قوله (إنا سنلقي عليك قولا ثتيلا) قال قيام الليل وهو قوله (إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقول قيلا) قال اصدق القول قوله (وتبتل اليه تبتيلا) قال رفع اليدين وتحريك السبابتين.
                وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله: (إن لك في النهار سبحا طويلا) يقول فراغا طويلا لنومك ولحاجتك (وتبتل اليه تبتيلا) يقول اخلص اليه إخلاصا، وقال علي بن ابراهيم في قوله (وطعاما ذا غصة) أي لا يقدر ان يبلغه قوله (يوم ترجف الارض والجبال) اي تخسف وقوله (وكانت الجبال كثيبا مهيلا) قال مثل الرمل ينحدر وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه السلام في قوله (ان ربك يعلم انك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه) ففعل النبي صلى الله عليه وآله ذلك وبشر الناس به فاشتد ذلك عليهم وقوله (علم أن لن تحصوه) وكان الرجل يقوم ولا يدري متى ينتصف الليل ومتى يكون الثلثان وكان الرجل يقوم حتى يصبح مخافة ان لا يحفظه، فانزل الله (ان ربك يعلم انك تقوم ادنى من ثلثي الليل - إلى قوله - علم ان لن تحصوه) يقول متى يكون النصف والثلث نسخت هذه الآية (فاقرؤا ما تيسر من القرآن) واعلموا انه لم يأت نبي قط إلا خلا بصلاة الليل ولا جاء نبي قط بصلاة الليل في أول الليل قوله (فكيف تتقون


                [393]


                ان كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا) يقول كيف ان كفرتم تتقون ذلك اليوم الذي يجعل الولدان شيبا، وقال علي بن ابراهيم في قوله: فكيف تتقون الآية قال تشيب الولدان من الفزع حيث يسمعون الصيحة، أخبرنا الحسن بن علي عن أبيه عن الحسين بن سعيد عن زرعة عن سماعة قال: سألته عن قول الله (واقرضوا الله قرضا حسنا) قال: هو غير الزكاة.


                سورة المدثر


                مكية آياتها ست وخمسون


                (بسم الله الرحمن الرحيم يا ايها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر) قال: أنذر الرسول صلى الله عليه وآله، فالمدثر يعني المدثر بثوبه، " قم فأنذر " قال: هو قيامه في الرجعة ينذر فيها قوله " وثيابك فطهر " قال: تطهيرها تقصيرها وقال: شيعتنا يطهرون قوله (والرجز فاهجر) الرجز الخبيث قوله (ولا تمنن تستكثر) وفي رواية أبي الجارود يقول لا تعطي العطية تلتمس اكثر منها، وقال علي بن ابراهيم في قوله (فاذا نقر في الناقور - إلى قوله - ذرني ومن خلقت وحيدا) فانها نزلت في الوليد بن المغيرة وكان شيخا كبيرا مجربا من دهاة العرب، وكان من المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وآله، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقعد في الحجرة ويقرأ القرآن فاجتمعت قريش إلى الوليد بن المغيرة، فقالوا: يا أبا عبد الشمس ما هذا الذي يقول محمد أشعر هو أم كهانة أم خطب؟ ! فقال دعوني أسمع كلامه، فدنا من رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد أنشدني من شعرك، قال: ما هو شعر ولكنه كلام الله الذي ارتضاه لملائكته وأنبيائه، فقال: اتل على منه شيئا، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وآله حم السجدة فلما بلغ قوله فان اعرضوا - يا محمد - اعني قريشا - فقل لهم أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود، قال: فاقشعر الوليد وقامت كل شعرة


                [394]


                في رأسه ولحيته ومر إلى بيته ولم يرجع إلى قريش من ذلك، فمشوا إلى أبي جهل فقالوا: يا أبا الحكم ان أبا عبد الشمس صبا إلى دين محمد أما تراه لم يرجع الينا، فغدا أبوجهل فقال له: يا عم نكست رؤسنا وفضحتنا وأشمت بنا عدونا وصبوت إلى دين محمد، فقال ما صبوت إلى دينه ولكني سمعت منه كلاما صعبا تقشعر منه الجلود، فقال له ابوجهل: أخطب هو؟ قال: لا ان الخطب كلام متصل وهذا كلام منثور ولا يشبه بعضه بعضا قال أفشعر هو قال لا، اما اني قد سمعت أشعار العرب بسيطها ومديدها ورملها ورجزها وما هو بشعر، قال فما هو؟ قال دعني أفكر فيه فلما كان من الغد قالوا يا ابا عبد شمس ما تقول فيما قلناه؟ قال: قولوا هو سحر فانه أخذ بقلوب الناس، فانزل الله على رسوله في ذلك " ذرني ومن خلقت وحيدا " وإنما سمي وحيدا(1) لانه قال لقريش أنا اتوحد بكسوة البيت سنة وعليكم في جماعتكم سنة، وكان له مال كثير وحدائق وكان له عشر بنين بمكة وكان له عشرة عبيد عند كل عبد الف دينار يتجر بها وتلك القنطار في ذلك الزمان ويقال ان القنطار جلد ثور مملو ذهبا، فانزل الله (ذرنى ومن خلقت - إلى قوله - صعودا) قال: جبل يسمى صعودا (ثم نظر ثم عبس وبسر) قال عبس وجهه، وبسر قال ألقى شدقه (ثم أدبر واستكبر فقال ان هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر - إلى قوله - ما سقر) واد في النار (لا تبقي ولا تذر) أي لا تبقيه ولا تذره (لواحة للبشر عليها تسعة عشر) قال تلوح عليه فتحرقه، عليها تسعة عشر قال ملائكة يعذبونهم وهو قوله (وما جعلنا اصحاب النار إلا ملائكة) وهم ملائكة في النار يعذبون الناس (وما جعلنا عدتهم إلا فتنة



                ___________________________________
                (1) أي الوليد بن المغير وفي مجمع البيان ان الوحيد، الذي لم يعلم ابوه ج.ز


                [395]


                للذين كفروا) قال لكل رجل تسعة عشر من الملائكة يعذبونهم.
                قال حدثنا ابوالعباس قال حدثنا يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عمه عبدالرحمن بن كثير عن ابي عبدالله عليه السلام في قوله (ذرني ومن خلقت وحيدا) قال الوحيد ولد الزنا وهو زفر (وجعلت له مالا ممدودا) قال أجلا إلى مدة (وبنين شهودا) قال اصحابه الذين شهدوا ان رسول الله لا يورث (ومهدت له تمهيدا) ملكه الذي ملكه مهده له (ثم يطمع ان ازيد كلا انه كان لآياتنا عنيدا) قال لولاية امير المؤمنين عليه السلام جاحدا عاندا لرسول الله صلى الله عليه وآله فيها (سأرهقه صعودا انه فكر وقدر) فكر فيما امر به من الولاية وقدر إن مضى رسول الله صلى الله عليه وآله ان لا يسلم لامير المؤمنين عليه السلام البيعة التي بايعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله (فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر) قال عذاب بعد عذاب يعذبه القائم عليه السلام ثم نظر إلى النبي صلى الله عليه وآله وامير المومنين عليه السلام ف‍ (عبس وبسر) مما امر به ثم (ادبر واستكبر) فقال إن هذا إلا سحر يؤثر، قال: زفر ان النبي صلى الله عليه وآله سحر الناس بعلي عليه السلام (ان هذا إلا قول البشر) أي ليس هو وحيا من الله عزوجل (سأصليه سقر) إلى آخر الآية فيه نزلت.
                وقال علي بن ابراهيم في وقوله: (كل نفس بما كسبت رهينة إلا اصحاب اليمين) قال اليمين امير المؤمنين عليه السلام واصحابه شيعته فيقولون لاعداء آل محمد (ما سلككم في سقر) فيقولون (لم نك من المصلين) اي لم نك من أتباع الائمة (ولم نك نطعم المسكين) قال: حقوق آل محمد من الخمس لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وهم آل محمد عليهم السلام (وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين) اي يوم المجازاة (حتى أتانا اليقين) اي الموت وقوله (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) قال: لو ان كل ملك مقرب ونبي مرسل شفعوا في ناصب آل محمد ما قبل منهم ما شفعوا فيه ثم قال (فما لهم عن التذكرة معرضين)


                [396]


                قال عما يذكر لهم من موالاة امير المؤمنين عليه السلام (كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة) يعني من الاسد قوله (هو اهل التقوى واهل المغفرة) قال هو اهل ان يتقى واهل ان يغفر.
                أخبرنا الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشا عن محمد ابن الفضيل عن ابي حمزة عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (انها لاحدى الكبر نذيرا للبشر) قال يعني فاطمة عليها السلام، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (بل يريد كل امرئ منهم ان يؤتى صحفا منشرة) وذلك انهم قالوا يا محمد قد بلغنا ان الرجل من بني إسرائيل كان يذنب الذنب فيصبح وذنبه مكتوب عند رأسه وكفارته فنزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وقال يسألك قومك سنة بني إسرائيل في الذنوب فان شاؤا فعلنا ذلك بهم وأخذناهم بما كنا نأخذ به بني إسرائيل فزعموا ان رسول الله كره ذلك لقومه.


                سورة القيامة


                مكية آياتها اربعون


                (بسم الله الرحمن الرحيم لا أقسم بيوم القيمة) يعني أقسم بيوم القيامة (ولا أقسم بالنفس اللوامة) قال: نفس آدم التي عصت فلامها الله عزوجل قوله (أيحسب الانسان ان لن نجمع عظامه بلى قادرين على ان نسوي بنانه) قال: اطراف الاصابع لو شاء الله يسويها قوله (بل يريد الانسان ليفجر أمامه) قال يقدم الذنب ويؤخر التوبة ويقول سوف أتوب قوله (يسئل أيان يوم القيامة) أي متى يكون قال الله (فاذا برق البصر) قال: يبرق البصر فلا يقدر ان يطرف قوله (كلا لا وزر) اي لا ملجأ قوله (ينبؤا الانسان يومئذ بما قدم وأخر) قال: يخبر بما قدم وأخر (بل الانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره) قال


                [397]


                يعلم ما صنع وان اعتذر قوله (ان علينا جمعه وقرآنه) قال: على آل محمد جمع القرآن وقرآنه (فاذا قرأناه فاتبع قرآنه) قال اتبعوا إذا ما قرأوه (ثم ان علينا بيانه) اي تفسيره (كلا بل تحبون العاجلة) قال الدنيا الحاضرة (وتذرون الآخرة قال تدعون (وجوه يومئذ ناضرة) اي مشرقة (إلى ربها ناظرة) قال ينظرون إلى وجه الله اي إلى رحمة الله ونعمته (ووجوه يومئذ باسرة) اي ذليلة قوله (كلا إذا بلغت التراقي) قال النفس إذا بلغت الترقوة (وقيل من راق) قال يقال له من يرقيك قوله (وظن انه الفراق) علم انه الفراق (والتفت الساق بالساق) قال: التفت الدنيا بالآخرة (إلى ربك يومئذ المساق) قال: يساقون إلى الله قوله (فلا صدق ولا صلى) فانه كان سبب نزولها ان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا إلى بيعة علي يوم غدير خم فلما بلغ الناس واخبرهم في علي ما اراد الله ان يخبر، رجعوا الناس، فاتكأ معاوية على المغيرة بن شعبة وابي موسى الاشعري ثم اقبل يتمطى نحو اهله ويقول ما نقر لعلي بالولاية (بالخلافة خ ل) ابدا ولا نصدق محمد مقالته فيه فانزل الله جل ذكره (فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى ثم ذهب إلى اهله يتمطى اولى لك فاولى) عبد الفاسق ك (وعيد الفاسق ط) فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر وهو يريد البراء‌ة منه فانزل الله (لا تحرك به لسانك لتعجل به) فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يسمه قوله (أيحسب الانسان ان يترك سدى) قال لا يحاسب ولا يعذب ولا يسئل عن شئ ثم قال (ألم يك نطفة من مني يمنى) قال: إذا نكح امناه (ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والانثى - إلى قوله - أليس ذلك بقادر على ان يحيي الموتى) رد على من انكر البعث والنشور.
                وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (ينبؤا الانسان يومئذ بما قدم وأخر) بما قدم من خير وشر وما أخر مما سن من سنة ليستن بها من بعده


                [398]


                فان كان شرا كان عليه مثل وزرهم ولا ينقص من وزرهم شئ، وإن كان خيرا كان له مثل اجورهم ولا ينقص من اجورهم شئ.



                سورة الدهر


                مدنية آياتها احدى وثلاثون


                (بسم الله الرحمن الرحيم هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) قال: لم يكن في العلم ولا في الذكر، وفي حديث آخر كان في العلم ولم يكن في الذكر قوله (إنا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج نبتليه) أي نختبره (فجعلناه سميعا بصيرا) ثم قال (إنا هديناه السبيل) اي بينا له طريق الخير والشر (إما شاكرا واما كفورا) وهو رد على المجبرة انهم يزعمون انهم لا فعل لهم اخبرنا احمد بن إدريس قال حدثنا احمد بن محمد عن ابن ابي عمير قال: سألت ابا جعفر (ع) عن قول الله (إنا هديناه السبيل إما شاكرا واما كفورا) قال: اما آخذ فشاكر واما تارك فكافر، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (ع) في قوله (أمشاج نبتليه) قال ماء الرجل وماء المرأة اختلطا جميعا.
                وقال علي بن ابراهيم في قوله (ان الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا) يعني بردها وطيبها لان فيها الكافور (عينا يشرب بها عباد الله) يفجرونها اي منها وقوله (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) قال: المستطير العظيم قوله (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا) فانه حدثني ابي عن عبدالله بن ميمون القداح عن ابى عبدالله (ع) قال: كان عند فاطمة عليها السلام شعير فجعلوه عصيدة، فلما انضجوها ووضعوها بين ايديهم جاء مسكين، فقال المسكين رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله، فقام علي (ع) فاعطاه ثلثها، فما لبث أن جاء يتيم فقال اليتيم رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله، فقام علي (ع)


                [399]


                فأعطاه ثلثها الثاني، فما لبث ان جاء اسير فقال الاسير يرحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله فقال علي (ع) فأعطاه الثلث الباقي، وما ذاقوها فانزل الله فيهم هذه الآية إلى قوله (وكان سعيكم مشكورا) في امير المؤمنين (ع) وهي جارية في كل مؤمن فعل مثل ذلك لله عزوجل، والقمطرير الشديد قوله (متكئين فيها على الارائك) يقول متكئين في الحجال على السرر قوله (ودانية عليهم ظلالها) يقول قريب ظلالها منهم قوله (وذللت قطوفها تذليلا) دليت عليهم ثمارها ينالها القائم والقاعد قوله (اكواب كانت قوارير قوارير من فضة) الاكواب الاكواز العظام التي لا إذان لها ولا عرى، قوارير من فضة الجنة يشربون فيها (قدروها تقديرا) يقول: صنعت لهم على قدر رتبتهم لا تحجير فيه ولا فصل قوله (من سندس واستبرق) الاستبرق الديباج.
                وقال علي بن ابراهيم في قوله: (ويطاف عليهم بآنية من فضة واكواب كانت قوارير) قال: ينفذ البصر فيها كما ينفذ في الزجاج قوله (ولدان مخلدون) قال: مستوون قوله (وملكا كبيرا) قال: لا يزال ولا يفنى (عاليهم ثياب سندس خضر واستبرق) قال: يعلوهم الثياب ويلبسونها ثم خاطب الله نبيه صلى الله عليه وآله فقال: (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا - إلى قوله - بكرة وأصيلا) قال: بالغدوة ونصف النهار (ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا) قال صلاة الليل قوله (نحن خلقناهم وشددنا أسرهم) يعني خلقهم قال الشاعر: وضامرة شد المليك اسرها * يكاد ماذنها اسفلها وظهرها وبطنها(1)



                ___________________________________
                (1) كذا في ط وم وليس في تفسير البرهان لفظ " ماذنها " ويحتمل التصحيف في الشعر كما يظهر من شرح المصنف له في العبارة الآتية لانه فيها لفظ " شطوها " ويحتمل ان يكون هكذا يكاد ماذنها يكون شطرها ج.ز


                [400]


                قال: الضامرة يعني فرسه شد المليك اسرها أي خلقها يكاد ماذنها قال: عنقها يكون شطرها أي نصفها.


                سورة المرسلات


                مكية آياتها خمسون


                (بسم الله الرحمن الرحيم والمرسلات عرفا) قال: الآيات يتبع بعضها بعضا (والعاصفات عصفا) قال: القبر (والناشرات نشرا) قال: نشر الاموات فالفارقات فرقا) قال: الدابة (فالملقيات ذكرا) قال الملائكة (عذرا ونذرا) أي أعذركم وأنذركم بما أقول وهو قسم وجوابه (إن ما توعدون لواقع) قوله (فاذا النجوم طمست) قال: يذهب نورها وتسقط (وإذا السماء فرجت) قال: تنفرج وتنشق (وإذا الجبال نسفت) اي تقلع (وإذا الرسل اقتت) قال بعثت في اوقات مختلفة (لاي يوم أجلت) قال: أخرت (ليوم الفصل) قوله (ألم نخلقكم من ماء مهين) قال: منتن (فجعلناه في قرار مكين) قال في الرحم قوله (ألم نجعل الارض كفاتا أحياء وأمواتا) قال: الكفات المساكن.
                وقال: نظر امير المؤمنين (ع) في رجوعه من صفين إلى المقابر فقال: هذه كفات الاموات أي مساكنهم ثم نظر إلى بيوت الكوفة فقال: هذه كفات الاحياء ثم تلا قوله: ألم نجعل الارض كفاتا أحياء وأمواتا قوله: (وجعلنا فيها رواسي شامخات) قال: جبال مرتفعة (وأسقيناكم ماء فراتا) أي عذبا وكل عذب من الماء فهو الفرات قوله: (انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب) قال فيه ثلاث شعب من النار (انها ترمى بشرر كالقصر) قال: شرر النار مثل القصور والجبال (كأنه جمالات صفر) أي سود قوله: (إن المتقين في ظلال وعيون) قال: ظلال من نور أنور من الشمس قوله: (وإذا قيل لهم


                [401]


                اركعوا لا يركعون) قال: إذا قيل لهم تولوا الامام لم يتولوه، ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله (فبأي حديث بعد) هذا الذي احدثك به (يؤمنون) وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (ع) في قوله (وإذا النجوم طمست) فطموسها ذهاب ضوئها واما قوله (إلى قدر معلوم) يقول منتهى الاجل.


                سورة النبأ


                مكية آياتها احدى واربعون


                (بسم الله الرحمن الرحيم عم يتساء‌لون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون) قال: حدثني ابي عن الحسين بن خالد عن ابى الحسن الرضا (ع) في قوله " عم يتساء‌لون..الخ " قال قال امير المؤمنين (ع) ما لله نبأ اعظم مني وما لله آية اكبر مني، وقد عرض فضلي على الامم الماضية على اختلاف ألسنتها فلم تقر بفضلي وقوله (ألم نجعل الارض مهادا)(1) قال يمهد فيها الانسان مهدا (والجبال اوتادا) اي اوتاد الارض (وجعلنا الليل لباسا) قال يلبس على النهار (وجعلنا سراجا وهاجا) قال الشمس المضيئة (وأنزلنا من المعصرات) قال من السحاب (ماء ثجاجا) قال صبا على صب (وجنات ألفافا) قال بساتين ملتفة الشجر (وفتحت السماء فكانت ابوابا) قال: تفتح ابواب الجنان (وسيرت الجبال فكانت سرابا) قال: تسير الجبال مثل السراب الذي يلمع في المفازة قوله (إن جهنم كانت مرصادا) قال قائمة (للطاغين مآبا) اي منزلا (لابثين فيها احقابا)



                ___________________________________
                (1) اقول: هذه الآية فيها إشعار بحركة الارض حيث سماها الله تعالى " مهادا " و " المهد " و " المهاد " موضع يهيأ للصبي وهو متحرك غالبا ومنه الحديث المعروف اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد.ج ز


                [402]


                قال: الاحقاب السنين والحقب ثمانون سنة والسنة ثلاثمائة وستون يوما واليوم كألف سنة مما تعدون، اخبرنا احمد بن ادريس عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد بن النضر بن سويد عن درست بن ابى منصور عن الاحول عن حمران بن اعين قال سألت ابا عبدالله (ع) عن قول الله (لابثين فيها احقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا) قال: هذه في الذين لا يخرجون من النار.
                وقال علي بن ابراهيم في قوله (لا يذوقون فيها بردا) قال: البرد النوم وقوله (إن للمتقين مفازا) قال: يفوزون قوله (وكواعب اترابا) قال جوار أتراب لاهل الجنة، وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر (ع) في قوله: إن للمتقين مفازا، قال فهي الكرامات وقوله: وكواعب اترابا، اي الفتيات الناهدات، وقال علي بن ابراهيم في قوله (كأسا دهاقا) اي ممتلية (يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون) قال الروح ملك اعظم من جبرئيل وميكائيل وكان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مع الائمة عليهم السلام قوله (إنا انذرناكم عذابا قريبا) قال في النار وقال (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا) قال ترابيا اي علويا، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: المكنى امير المؤمنين ابوتراب.


                سورة النازعات


                مكية آياتها ست واربعون


                (بسم الله الرحمن الرحيم والنازعات غرقا) قال: نزع الروح (والناشطات نشطا) قال: الكفار ينشطون في الدنيا(1) (والسابحات سبحا) قال المؤمنون



                ___________________________________
                (1) مبنيا للمفعول من النشط وهو الازهاق يعني الملائكة التي تزهق ارواح الكفار في الدنيا عند موتهم ج ز


                [403]


                الذين يسبحون الله، وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر (ع) في قوله: (فالسابقات سبقا) يعنى ارواح المؤمنين تسبق ارواحهم إلى الجنة بمثل الدنيا وارواح الكافرين إلى النار بمثل ذلك، وقال علي بن ابراهيم في قوله (يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة) قال تنشق الارض بأهلها والرادفة الصيحة (قلوب يومئذ واجفة) اي خائفة (أبصارها خاشعة يقولون ء‌إنا لمردودون في الحافرة) قال قالت قريش أنرجع بعد الموت (ء‌إذا كنا عظاما نخرة) اي بالية (تلك اذا كرة خاسرة) قال قالوا هذا على حد الاستهزاء قال الله (فانما هي زجرة واحدة فاذا هم بالساهرة) قال الزجرة النفخة الثانية في الصور والساهرة موضع بالشام عند بيت المقدس، وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر (ع) في قوله: ء‌إنا لمردودون في الحافرة، يقول في الخلق الجديد واما قوله: فاذا هم بالساهرة، والساهرة الارض كانوا في القبور فلما سمعوا الزجرة خرجوا من قبورهم فاستووا على الارض قوله (بالواد المقدس) اي المطهر واما (طوى) فاسم الوادي.
                وقال علي بن ابراهيم في قوله (فحشر) يعنى فرعون (فنادى فقال أنا ربكم الاعلى فأخذه الله نكال الآخرة والاولى) والنكال العقوبة، والآخرة هو قوله: أنا ربكم الاعلى والاولى قوله ما علمت لكم من إله غيري، فأهلكه الله بهذين القولين قوله (واغطش ليلها) اي اظلم قال الاعشى: وبهماء بالليل غطش الغداة(1) * مؤنسي فنون فناداها(2) قوله: (واخرج ضحاها) اي الشمس قوله (والارض بعد ذلك دحاها) اي بسطها (والجبال ارساها) اي اثبتها قوله (يوم يتذكر الانسان ما سعى) قال يذكر ما عمله كله (وبرزت الجحيم لمن يرى) قال: احضرت قوله (واما من



                ___________________________________
                (1) الفلاة ط.
                (2) يؤنسنى صوت فناداها (ط) ج ز


                [404]


                خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى) قال: هوى العبد اذا وقف على معصية الله وقدر عليها ثم تركها مخافة الله ونهى النفس عنها فمكافاته الجنة قوله (يسألونك عن الساعة أيان مرساها) قال: متى تقوم قال الله: (إلى ربك منتهاها) اي علمها عند الله قوله: (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية او ضحاها) قال: بعض يوم.
                سورة عبس مكية (بسم الله الرحمن الرحيم عبس وتولى أن جاء‌ه الاعمى) قال: نزلت في عثكن(1) وابن أم مكتوم وكان ابن أم مكتوم مؤذنا لرسول الله صلى الله عليه وآله وكان



                ___________________________________
                (1) قال فخر الدين الرازي: اجمع المفسرون على ان الذي عبس وتولى هو الرسول صلى الله عليه وآله، وذكر في الدر المنثور: عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله في مجلس في ناس من وجوه قريش منهم ابوجهل بن هشام وعتبة بن ربيعة فيقول لهم: أليس حسنا إن جئت بكذا وكذا؟ فيقولون: بلى والله فجاء ابن مكتوم وهو مشتغل بهم فسأله فاعرض عنه فانزل الله: أما من استغنى فانت له تصدى وأما من جاء‌ك يسعى وهو يخشى فانت عنه تلهى قال شيخنا الطوسي في التبيان: وهذا فاسد، لان النبي صلى الله عليه وآله قد أجل الله قدره عن هذه الصفات، وكيف يصفه بالعبوس والتقطيب وقد وصفه بانه " على خلق عظيم " وقال " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك " وكيف يعرض عمن تقدم وصفه مع قوله تعالى " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه " ومن عرف النبي صلى الله عليه وآله وحسن اخلاقه وما خصه الله تعالى به من مكارم الاخلاق وحسن الصحبة حتى قيل انه لم يصافح أحدا قط فينزع يده من يده حتى يكون ذلك الذي ينزع يده من يده.
                فمن هذه صفته كيف يقطب في وجه اعمى جاء يطلب السلام، على ان الانبياء منزهون عن مثل هذه الاخلاق لما في ذلك من التنفير عن قبول قولهم، وقال قوم: إن هذه الآيات نزلت في الرجل من بنى امية كان واقفا مع النبي صلى الله عليه وآله فلما اقبل ابن مكتوم تنفر منه، وجمع نفسه وعبس في وجهه فحكى الله تعالى ذلك وانكره معاتبة على ذلك.ج.ز.


                [405]


                اعمى، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده اصحابه وعثكن عنده، فقدمه رسول الله صلى الله عليه وآله عليه فعبس وجهه وتولى عنه فانزل الله عبس وتولى يعني عثكن ان جاء‌ه الاعمى (وما يدريك لعله يزكى) أي يكون طاهرا ازكى (او يذكر) قال يذكره رسول الله صلى الله عليه وآله ثم خاطب عثكن فقال: (أما من استغنى فأنت له تصدى) قال انت إذا جاء‌ك غني تتصدى له وترفعه (وما عليك ألا يزكى) أي لا تبالي زكيا كان او غير زكي إذا كان غنيا (وأما من جاء‌ك يسعى) يعنى ابن ام مكتوم (وهو يخشى فأنت عنه تلهى) أي تلهو ولا تلتفت اليه قوله (كلا انها تذكرة) قال القرآن (في صحف مكرمة مرفوعة) قال: عند الله (مطهرة بأيدي سفرة) قال بأيدي الائمة (كرام بررة قتل الانسان ما اكفره) قال هو امير المؤمنين قال ما اكفره اي ماذا فعل فأذنب حتى قتلوه ثم قال: (من أي شئ خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره) قال: يسر له طريق الخير (ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره) قال: في الرجعة (كلا لما يقض ما أمره) أي لم يقض علي امير المؤمنين عليه السلام ما قد أمره وسيرجع حتى يقضي ما أمره.
                أخبرنا احمد بن إدريس عن احمد بن محمد عن ابن ابي نصر (ابى بصير ط) عن جميل بن


                [406]


                دراج عن ابي اسامة عن ابي جعفر عليه السلام قال سألته عن قول الله " قتل الانسان ما اكفره " قال: نعم نزلت في امير المؤمنين عليه السلام، ما اكفره، يعنى بقتلكم إياه ثم نسب امير المؤمنين عليه السلام فنسب خلقه وما اكرمه الله به فقال: (من أي شئ خلقه) يقول من طينة الانبياء خلقه (فقدره) للخير (ثم السبيل يسره) يعنى سبيل الهدى (ثم أماته) ميتة الانبياء (ثم إذا شاء أنشره) قلت قوله: ثم إذا شاء أنشره قال: يمكث بعد قتله في الرجعة فيقضي ما امره (فلينظر الانسان إلى طعامه إنا صببنا الماء صبا - إلى قوله - وقضبا) قال: القضب القت(1) (وحدائق غلبا) اي بساتين ملتفة مجتمعة (وفاكهة وأبا) قال الاب الحشيش للبهائم قوله (متاعا لكم ولانعامكم فاذا جاء‌ت الصاخة) أي القيامة قوله (لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه) قال: شغل يشتغل به عن غيره.
                ثم ذكر عزوجل الذين تولوا امير المؤمنين عليه السلام وتبرأوا من اعدائه فقال (وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة) ثم ذكر اعداء آل محمد (ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة) أي فقر من الخير والثواب (اولئك هم الكفرة الفجرة) حدثنا سعيد بن محمد قال حدثنا بكر بن سهل قال حدثنى عبد الغنى بن سعيد قال حدثنا موسى بن عبدالرحمن عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس في قوله (متاعا لكم ولانعامكم) يريد منافع لكم ولانعامكم قوله (وجوه يومئذ عليها غبرة) يريد " مسودة " (ترهقها قترة) يريد قتار(2) جهنم (اولئك هم الكفرة الفجرة) أي الكافر الجاحد.



                ___________________________________
                (1) القت بفتح القاف وهو الرطب من علف الدواب.
                مجمع(2) القتار كالبخار لفظا ومعنى.ج.ز.


                سورة التكوير


                مكية آياتها تسع وعشرون


                (بسم الله الرحمن الرحيم إذا الشمس كورت) قال: تصير سوداء مظلمة (وإذا النجوم انكدرت) قال: يذهب ضوؤها (وإذا الجبال سيرت) قال: تسير كما قال: تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب قوله (وإذا العشار عطلت) قال: الابل(1) تتعطل إذا مات الخلق فلا يكون من يحلبها وقوله (وإذا البحار سجرت) قال: تتحول البحار التي حول الدنيا كلها نيرانا (وإذا النفوس زوجت) قال: من الحور العين، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (وإذا النفوس زوجت) قال: اما اهل الجنة فزوجوا الخيرات الحسان واما اهل النار فمع كل إنسان منهم شيطان يعني قرنت نفوس الكافرين والمنافقين بالشياطين فهم قرناؤهم.
                وقال علي بن ابراهيم في قوله (وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت) قال كانت العرب يقتلون البنات للغيرة، فاذا كان يوم القيامة سئلت الموؤدة بأي ذنب قتلت وقطعت، اخبرنا احمد بن ادريس قال: حدثنا احمد بن محمد عن علي بن الحكم عن ايمن بن محرز عن جابر عن ابي جعفر عليه السلام في قوله: (وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت) قال: من قتل في مودتنا والدليل على ذلك قوله لرسوله: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى.
                وقال علي بن ابراهيم في قوله (وإذا الصحف نشرت) قال صحف الاعمال



                ___________________________________
                (1) العشار كالقطار: نوق مضى لحملها عشرة اشهر او ثمانية واحده العشراء ج ز


                [408]


                وقوله (وإذا السماء كشطت) قال ابطلت، حدثنا سعيد بن محمد قال حدثنا بكر ابن سهل عن عبد الغني بن سعيد عن موسى بن عبدالرحمن عن ابن جريح عن عطا عن ابن عباس في قوله (وإذا الجحيم سعرت) يريد اوقدت للكافرين والجحيم النار الاعلى من جهنم والجحيم في كلام العرب ما عظم من النار كقوله عزوجل: ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم، يريد النار العظيمة (وإذا الجنة أزلفت) يريد قربت لاولياء الله من المتقين، وقال علي بن ابراهيم في قوله (فلا أقسم بالخنس) وهو اسم النجوم (الجوار الكنس) قال النجوم تكنس بالنهار فلا تبين (والليل إذا عسعس) قال إذا اظلم (والصبح إذا تنفس) قال إذا ارتفع وهذا كله قسم وجوابه (إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين) يعني ذا منزلة عظيمة عند الله (مطاع ثم أمين) فهذا ما فضل الله به نبيه ولم يعط احدا من الانبياء، حدثنا جعفر بن احمد (محمد ط) قال حدثنا عبدالله (عبيدالله ط) بن موسى عن الحسن بن علي بن ابي حمزة عن ابيه عن ابي بصير عن ابي عبدالله (ع) في قوله ذي قوة عند ذي العرش مكين، قال: يعنى جبرئيل قلت قوله مطاع ثم امين، قال يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله هو المطاع عند ربه الامين يوم القيامة قلت قوله (وما صاحبكم بمجنون) قال: يعنى النبي صلى الله عليه وآله ما هو بمجنون في نصبه أمير المؤمنين علما للناس قلت قوله (وما هو على الغيب بضنين) قال ما هو تبارك وتعالى على نبيه بغيبه بضنين عليه قلت قوله (وما هو بقول شيطان رجيم) قال: يعنى الكهنة الذين كانوا في قريش فنسب كلامهم إلى كلام الشياطين الذين كانوا معهم يتكلمون على ألسنتهم فقال: وما هو بقول شيطان رجيم مثل اولئك قلت قوله (فأين تذهبون ان هو إلا ذكر للعالمين) قال أين تذهبون في علي يعنى ولايته أين تفرون منها إن هو إلا ذكر للعالمين لمن اخذ الله ميثاقه على ولايته قلت قوله (لمن شاء منكم ان يستقيم) قال: في طاعة علي عليه السلام والائمة عليهم السلام من بعده قلت قوله:


                [409]


                (وما تشاؤن إلا ان يشاء الله رب العالمين) قال لان المشية اليه تبارك وتعالى لا إلى الناس، حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن احمد عن احمد بن محمد السياري عن فلان عن أبي الحسن عليه السلام قال: إن الله جعل قلوب الائمة موردا لارادته فاذا شاء الله شيئا شاؤه وهو قوله وما تشاؤن إلا يشاء الله رب العالمين، قال حدثنا سعيد بن محمد قال حدثنا بكر بن سهل عن عبد الغني بن سعيد عن موسى بن عبدالرحمن عن ابن جريح عن عطا عن ابن عباس في قوله رب العالمين، قال ان الله عزوجل خلق ثلاثمائة عالم وبضعة عشر عالما خلف قاف وخلف البحار السبعة لم يعصوا الله طرفة عين قط ولم يعرفوا آدم ولا ولده، كل عالم منهم يزيد على ثلاثمائة وثلاثة عشر مثل آدم وما ولد، فذلك قوله إلا ان يشاء الله رب العالمين.


                سورة الانفطار


                مكية وآياتها تسع عشرة


                (بسم الله الرحمن الرحيم إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت وإذا البحار فجرت) قال تتحول نيرانا (وإذا القبور بعثرت) قال تنشق فيخرج الناس منها (علمت نفس ما قدمت وأخرت) أي ما عملت من خير وشر ثم خاطب الناس (يا ايها الانسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك) أي ليس فيك اعوجاج (في أي صورة ما شاء ركبك) قال: لو شاء ركبك على غير هذه الصورة (كلا بل تكذبون بالدين) قال: برسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام (وان عليكم لحافظين) قال الملكان الموكلان بالانسان (كراما كاتبين) يكتبون الحسنات والسيئات (إن الابرار لفي نعيم وان الفجار لفي جحيم - إلى قوله - يصلونها يوم الدين) يوم المجازاة ثم قال تعظيما ليوم القيامة (وما أدراك - يا محمد - ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس


                [410]


                شيئا والامر يومئذ لله) حدثنا سعيد بن محمد قال حدثنا بكر بن سهل عن عبد الغنى بن سعيد عن موسى بن عبدالرحمن عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس في قوله: والامر يومئذ لله قال: يريد الملك والقدرة والسلطان والعزة والجبروت والجمال والبهاء والهيبة والالهية وحده لله لا شريك له.


                Comment

                • راية اليماني
                  مشرف
                  • 05-04-2013
                  • 3021

                  #53
                  رد: كتب تفسير القرآن_ تفسير "القمي" ج 1-2 [قرائة ]

                  سورة المطففين


                  مكية(1) آياتها ست وثلاثون


                  (بسم الله الرحمن الرحيم ويل للمطففين) الذين يبخسون المكيال والميزان وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزلت على نبي الله صلى الله عليه وآله حين قدم المدينة وهم يومئذ أسوأ الناس كيلا فأحسنوا الكيل واما الويل فبلغنا - والله أعلم - انها بئر في جهنم، حدثنا سعيد بن محمد قال حدثنا بكر بن سهل عن عبد الغني بن سعيد عن موسى بن عبدالرحمن عن ابن جريح عن عطا عن ابن عباس في قوله: (الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم او وزنوهم يخسرون) قال كانوا إذا اشتروا يستوفون بكيل راجح وإذا باعوا يبخسوا المكيال والميزان وكان هذا فيهم وانتهوا، قال علي بن ابراهيم في قوله الذين إذا اكتالوا لانفسهم على الناس يستوفون وإذا كالوهم او وزنوهم يخسرون فقال الله (ألا يظن اولئك) أي ألا يعلمون انهم يحاسبون على ذلك يوم القيامة (كلا ان كتاب الفجار لفي سجين) قال ما كتب الله لهم من العذاب لفي سجين ثم قال (وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم) أي مكتوب (يشهده المقربون) الملائكة الذين كتبوا عليهم وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام قال السجين الارض السابعة وعليون السماء السابعة حدثنا أبوالقاسم الحسيني قال حدثنا فرات بن ابراهيم عن محمد بن ابراهيم عن محمد بن الحسين بن ابراهيم عن علوان بن محمد قال



                  ___________________________________
                  (1) وفى ط انها مدنية.ج - ز


                  [411]


                  حدثنا محمد بن معروف عن السندي عن الكلبي عن جعفر بن محمد عليهما السلام في قوله (كلا ان كتاب الفجار لفي سجين) قال هو فلان وفلان (وما أدراك ما سجين - إلى قوله - الذين يكذبون بيوم الدين) زريق وحبتر (وما يكذب به إلا كل معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال اساطير الاولين) وهما زريق وحبتر كانا يكذبان رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قوله (انهم لصالوا الجحيم) هما (ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون) يعني هما ومن تبعهما (كلا ان كتاب الابرار لفي عليين وما أدراك ما عليون - إلى قوله - عينا يشرب بها المقربون) وهم رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والائمة عليهم السلام (ان الذين اجرموا) زريق وحبتر ومن تبعهما (كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون) برسول الله صلى الله عليه وآله إلى آخر السورة فيهما.
                  وقال علي بن ابراهيم في قوله: (كلا ان كتاب الابرار لفي عليين) أي ما كتب لهم من الثواب، قال حدثني ابى عن محمد بن اسماعيل عن ابي حمزة عن ابي جعفر عليه السلام قال ان الله خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه وخلق أبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوى الينا لانها خلقت مما خلقنا منه ثم تلا قوله: كلا ان كتاب الابرار لفي عليين - إلى قوله - يشهده المقربون (يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك) قال ماء إذا شربه المؤمن وجد رائحة المسك فيه، وقال أبوعبدالله عليه السلام: من ترك الخمر لغير الله سقاه الله من الرحيق المختوم، قال يا بن رسول الله من ترك الخمر لغير الله؟ قال نعم والله صيانة لنفسه (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) قال: فيما ذكرنا من الثواب الذي يطلبه المؤمن (ومزاجه من تسنيم) وهو مصدر سنمه إذا رفعه، لانه أرفع شراب اهل الجنة، او لانه يأتيهم من فوق، قال: اشرف شراب اهل الجنة يأتيهم في عالي تسنيم وهي عين يشرب بها المقربون، والمقربون آل محمد صلى الله عليه وآله يقول الله: السابقون السابقون


                  [412]


                  اولئك المقربون، رسول الله صلى الله عليه وآله وخديجة وعلي بن ابي طالب وذرياتهم تلحق بهم، يقول الله: ألحقنا بهم ذرياتهم، والمقربون يشربون من تسنيم بحتا صرفا وسائر المؤمنين ممزوجا.
                  قال علي بن ابراهيم فمن ثم وصف المجرمين الذين كانوا يستهزئون بالمؤمنين ويضحكون منهم ويتغامزون عليهم فقال (ان الذين اجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون - إلى قوله - فكهين) قال يسخرون (وإذا رأوهم) يعني المؤمنين (قالوا ان هؤلاء لضالون) فقال الله (وما أرسلوا عليهم حافظين) ثم قال الله: (فاليوم) يعني يوم القيامة (الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الارائك ينظرون هل ثوب الكفار) يعني هل جوزي الكفار (ما كانوا يفعلون).


                  سورة الانشقاق


                  مكية آياتها خمس وعشرون


                  (بسم الله الرحمن الرحيم إذا السماء انشقت) قال: يوم القيامة (وأذنت لربها وحقت) أي أطاعت ربها وحقت وحق لها ان تطيع ربها (وإذا الارض مدت وألقت ما فيها وتخلت) قال تمد الارض فتنشق فيخرج الناس منها وتخلت أي تخلت من الناس (يا ايها الانسان انك كادح إلى ربك كدحا) يعني تقدم خيرا او شرا (فملاقيه) ما قدم من خير وشر، وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (فاما من اوتي كتابه بيمينه) فهو أبوسلمة عبدالله بن عبد الاسود بن هلال المخزومي وهو من بني مخزوم (واما من اوتي كتابه وراء ظهره) فهو الاسود بن عبد الاسود بن هلال المخزومي قتله حمزة بن عبدالمطلب يوم بدر قوله (فسوف يدعوا ثبورا) الثبور الويل (انه ظن ان لن يحور بلى) يقول ظن ان لن يرجع بعدما يموت قوله (فلا أقسم بالشفق) والشفق الحمرة بعد


                  [413]


                  غروب الشمس (والليل وما وسق) يقول إذا ساق كل شئ من الخلق إلى حيث يهلكون بها (والقمر إذا اتسق) إذا اجتمع (لتركبن طبقا عن طبق) يقول حالا بعد حال، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لتركبن سنة من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ولا تخطؤن طريقتهم شبر بشبر وذراع بذراع وباع بباع حتى أن لو كان من قبلكم دخل جحر ضب لدخلتموه قالوا اليهود والنصارى تعني يا رسول الله؟ قال: فمن أعني لينقض عرى الاسلام عروة عروة فيكون اول ما تنقضون من دينكم الامامة (الامانة خ ل) وآخره الصلاة.
                  حدثنا علي بن الحسين قال حدثنا احمد بن عبدالله عن ابن (ابى ط) محبوب عن جميل ابن صالح عن زياد (بن ابى حفصة عن زرارة ط) عن أبي جعفر عليه السلام في قوله " لتركبن طبقا عن طبق " قال زرارة أو لم تركب هذه الامة بعد نبيها طبقا عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان وقال علي بن ابراهيم في قوله (انه ظن ان لن يحور بلى) يرجع بعد الموت (فلا أقسم بالشفق) وهو الذي يظهر بعد مغيب الشمس وهو قسم وجوابه (لتركبن طبقا عن طبق) أي مذهبا بعد مذهب (والله أعلم بما يوعون) أي بما تعي (بغى ط) صدورهم (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون) أي لا يمن عليهم.


                  سورة البروج


                  مكية آياتها اثنتان وعشرون


                  (بسم الله الرحمن الرحيم والسماء ذات البروج واليوم الموعود) أي يوم القيامة (وشاهد ومشهود) قال الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم القيامة (قتل أصحاب الاخدود) قال كان سببهم ان الذي هيج الحبشة على غزوة اليمن ذو نواس وهو آخر من ملك من حمير تهود واجتمعت معه حمير على اليهودية وسمى نفسه يوسف وأقام على ذلك حينا من الدهر، ثم اخبر ان بنجران بقايا قوم على دين


                  [414]


                  النصرانية وكانوا على دين عيسى وعلى حكم الانجيل ورأس ذلك الدين عبدالله بن بريا فحمله اهل دينه على ان يسير اليهم ويحملهم على اليهودية ويدخلهم فيها، فسار حتى قدم نجران فجمع من كان بها على دين النصرانية ثم عرض عليهم دين اليهودية والدخول فيها فأبوا عليه، فجادلهم وعرض عليهم وحرص الحرص كله، فأبوا عليه وامتنعوا من اليهودية والدخول فيها واختاروا القتل، فخد لهم اخدودا جمع فيه الحطب وأشعل فيه النار فمنهم من أحرق بالنار ومنهم من قتل بالسيف ومثل بهم كل مثلة.
                  فبلغ عدد من قتل وأحرق بالنار عشرين الفا، وأفلت رجل منهم يدعى دوس ذو ثعلبان على فرس له وركضه واتبعوه حتى اعجزهم في الرمل، ورجع ذو نواس إلى ضيعته في جنوده فقال الله: (قتل أصحاب الاخدود النار ذات الوقود - إلى قوله - عزيز الحميد) قوله (ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات) أي أحرقوهم (ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق).
                  حدثنا سعد بن محمد قال: حدثنا بكر بن سهل قال: حدثنا عبد الغني بن سعيد قال: أنبأنا موسى بن عبدالرحمن عن ابن جريح عن عطا عن ابن عباس (ان الذين آمنوا) يريد صدقوا، وآمنوا بالله عزوجل ووحدوه يريد لا إله إلا الله (وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الانهار) يريد ما لا عين رأت ولا أذن سمعت (ذلك الفوز الكبير) يريد فازوا بالجنة وأمنوا العقاب (ان بطش ربك - يا محمد - لشديد) إذا أخذ الجبابرة والظلمة من الكفار كقوله في سورة هود ان أخذه أليم شديد (انه يبدئ ويعيد) يريد الخلق ثم أماتهم ثم يعيدهم بعد الموت ايضا (وهو الغفور الودود) يريد لاوليائه وأهل طاعته الودود كما يود أحدكم أخاه وصاحبه بالبشرى والمحبة، وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (ذو العرش المجيد) فهو الله الكريم المجيد وقال علي ابن ابراهيم في قوله (بل هو قرآن في لوح محفوظ) قال اللوح المحفوظ له


                  [415]


                  طرفان طرف على يمين العرش وطرف على جبهة إسرافيل، فاذا تكلم الرب جل ذكره بالوحى ضرب اللوح جبين إسرافيل فينظر في اللوح فيوحى بما في اللوح إلى جبرئيل عليه السلام.


                  سورة الطارق


                  مكية آياتها سبع عشرة


                  (بسم الله الرحمن الرحيم والسماء والطارق) قال الطارق (النجم الثاقب) وهو نجم العذاب ونجم القيامة وهو زحل في أعلى المنازل (ان كل نفس لما عليها حافظ) قال الملائكة، حدثنا جعفر بن احمد عن عبدالله بن موسى عن الحسين بن علي عن ابن ابي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله " والسماء والطارق " قال قال السماء في هذا الموضع أمير المؤمنين عليه السلام والطارق الذي يطرق الائمة عليهم السلام من عند ربهم مما يحدث بالليل والنهار وهو الروح الذي مع الائمة عليهم السلام يسددهم، قلت: والنجم الثاقب؟ قال: ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله قال علي بن ابراهيم في قوله: (فلينظر الانسان مم خلق خلق من ماء دافق) قال: النطفة التي تخرج بقوة (يخرج من بين الصلب والترائب) قال: الصلب الرجل والترائب المرأة وهي صدرها (انه على رجعه لقادر) كما خلقه من نطفة يقدر أن يرده إلى الدنيا وإلى القيامة (يوم تبلى السرائر) قال يكشف عنها(1)



                  ___________________________________
                  (1) ذهب إلى هذا المعنى اكثر المفسرين فحينئذ " تبلى " من بلى، يقال بلي الثوب: رث فكما ان الثوب البالي يكشف عن الجسم كذا يوم القيامة السرائر - أي الاعمال - تبلى فتنكشف حقيقة الانسان من تحتها، وقيل " تبلى " من " الابلاء " وعليه يكون المعنى نختبر السرائر والمعنى الاول أولى، لان القيامة ليست يوم الامتحان بل هي يوم المجازاة ج.ز


                  [416]


                  (والسماء ذات الرجع) قال: ذات المطر(1) (والارض ذات الصدع) أي ذات النبات وهو قسم وجوابه (انه لقول فصل) يعني ماض، أي قاطع (وما هو بالهزل) أي ليس بالسخرية (انهم يكيدون كيدا) أي يحتالون الحيل (وأكيد كيدا) فهو من الله العذاب (فمهل الكافرين أمهلهم رويدا) قال: دعهم قليلا.
                  حدثنا جعفر بن أحمد بن عبيدالله بن موسى عن الحسن بن علي عن ابن أبي حمزة عن أبي بصير في قوله (فماله من قوة ولا ناصر) قال ما له قوة يقوى بها على خالقه ولا ناصر من الله ينصره ان أراد به سوء‌ا، قلت: انهم يكيدون كيدا؟ قال: كادوا رسول الله صلى الله عليه وآله وكادوا عليا عليه السلام وكادوا فاطمة عليها السلام فقال الله: يا محمد انهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين يا محمد أمهلهم رويدا لوقت بعث القائم (ع) فينتقم لي من الجبارين والطواغيت من قريش وبني أمية وسائر الناس.



                  ___________________________________
                  (1) الرجع: المطر بعد المطر وذهب بعض المفسرين إلى حمل اللفظ على معنى الدوران وهو بعيد بقرينة مقابلة الآية بعدها " والارض ذات الصدع " لترتب صدق الارض المكنى به خروج نباتها، على المطر، مع أن دوران السماء خلاف التحقيقات العصرية ايضا وان جاز إطلاقه مجازا.ج.ز.



                  سورة الاعلى


                  مكية آياتها تسع عشرة


                  (بسم الله الرحمن الرحيم سبح اسم ربك الاعلى) قال: قل سبحان ربي الاعلى (الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى) قال: قدر الاشياء بالتقدير الاول ثم هدى اليها من يشاء قوله: (والذي أخرج المرعى) قال: أي النبات


                  [417]


                  (فجعله) بعد إخراجه (غثاء أحوى) قال: يصير هشيما بعد بلوغه ويسود (سنقرئك فلا تنسى) أي نعلمك فلا تنسى ثم استثنى فقال: (إلا ما شاء الله) لانه لا يؤمن النسيان اللغوي وهو الترك لان الذي لا ينسى هو الله (ونيسرك لليسرى فذكر - يا محمد - إن نفعت الذكرى سيذكر من يخشى) قال: نذكرك إياه، ثم قال (ويتجنبها) اى ما يذكر به (الاشقى الذي يصلى النار الكبرى) قال: نار يوم القيامة (ثم لا يموت فيها ولا يحيى) يعنى في النار فيكون كما قال الله ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت قوله: (قد أفلح من تزكى) قال زكاة الفطرة فاذا أخرجها قبل صلاة العيد (وذكر اسم ربه فصلى) قال صلاة الفطر والاضحى (ان هذا) يعني ما تلوته من القرآن (لفى الصحف الاولى صحف ابراهيم وموسى) أخبرنا الحسين بن محمد (عن معلى بن محمد ط) عن بسطام بن مرة عن اسحاق بن حسان عن الهيثم بن واقد عن علي بن الحسين العبدي عن سعد الاسكافي عن الاصبغ انه سأل أمير المؤمنين (ع) عن قول الله عزوجل: سبح اسم ربك الاعلى، فقال: مكتوب على قائمة العرش قبل أن يخلق الله السماوات والارضين بألفي عام " لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله فاشهدوا بهما وان عليا وصي محمد صلى الله عليه وآله ".
                  حدثنا سعيد بن محمد قال: حدثنا بكر بن سهل قال: حدثنا عبد الغني ابن سعيد عن موسى بن عبدالرحمن عن ابن جريح عن عطا عن ابن عباس في قوله: (انه يعلم الجهر وما يخفى) يريد ما يكون إلى يوم القيامة في قلبك ونفسك (ونيسرك) يا محمد في جميع امورك (لليسرى).


                  سورة الغاشية


                  مكيه آياتها ست وعشرون


                  (بسم الله الرحمن الرحيم هل أتاك حديث الغاشية) يعني قد أتاك يا محمد حديث القيامة ومعنى الغاشية اي تغشى الناس (وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة) وهم الذين خالفوا دين الله وصلوا وصاموا ونصبوا لامير المؤمنين عليه السلام وهو قوله " عاملة ناصبة " عملوا ونصبوا فلا يقبل منهم شئ من افعالهم (تصلى) وجوههم (نارا حامية تسقى من عين آنية) قال لها أنين من شدة حرها (ليس لهم طعام إلا من ضريع) قال عرق اهل النار وما يخرج من فروج الزواني (لا يسمن ولا يغنى من جوع) ثم ذكر اتباع امير المؤمنين عليه السلام فقال (وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية) ترضى بما سعوا فيه (في جنة عالية لا تسمع فيها لاغية) قال: الهزل والكذب، حدثنا سعيد بن محمد عن موسى بن عبدالرحمن عن ابن جريح عن عطا عن ابن عباس في قوله (فيها سرر مرفوعة) ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت تجري من تحتها الانهار (وأكواب موضوعة) يريد الاباريق التي ليس لها آذان.
                  وقال علي بن ابراهيم في قوله (ونمارق مصفوفة) قال البسط والوسائد (وزرابي مبثوثة) قال كل شئ خلقه الله في الجنة له مثال في الدنيا إلا الزرابي فانه لا يدرى ما هي، ورجع إلى رواية عطا عن ابن عباس في قوله (أفلا ينظرون إلى الابل كيف خلقت) يريد الانعام قوله (وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الارض كيف سطحت) يقول الله عزوجل أيقدر أحد أن يخلق مثل الابل ويرفع مثل السماء وينصب مثل الجبال ويسطح مثل الارض غيري؟ او يفعل مثل هذا الفعل أحد سواي؟ قوله (فذكر إنما انت مذكر) اي فعظ


                  [419]


                  يا محمد إنما انت واعظ.
                  قال علي بن ابراهيم في قوله (لست عليهم بمسيطر) قال لست بحافظ ولا كاتب عليهم، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (إلا من تولى وكفر) يريد من لم يتعظ ولم يصدقك وجحد ربوبيتي وكفر نعمتي (فيعذبه الله العذاب الاكبر) يريد الغليظ الشديد الدائم (ان الينا إيابهم) يريد مصيرهم (ثم إن علينا حسابهم) يريد جزاء‌هم وقال علي بن ابراهيم في قوله: إن الينا إيابهم أي مرجعهم ثم إن علينا حسابهم، حدثنا جعفر بن احمد قال: حدثنا عبدالكريم بن عبدالرحيم قال: حدثنا محمد بن علي بن محمد بن الفضيل عن ابي حمزة قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول من خالفكم وان تعبد واجتهد منسوب إلى هذه الآية " وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية ".


                  سورة الفجر


                  مكية آياتها ثلاثون


                  (بسم الله الرحمن الرحيم والفجر) قال: ليس فيها واو إنما هو الفجر (وليال عشر) قال: عشر ذي الحجة (والشفع) قال الشفع ركعتان (والوتر) ركعة، وفي حديث آخر قال: الشفع الحسن والحسين والوتر أمير المؤمنين عليه السلام ثم قال (هل في ذلك قسم لذي حجر) يقول الذي له عقل (والليل إذا يسر) قال هي ليلة جمع(1).
                  قال علي بن ابراهيم ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله: (ألم تر) أي ألم تعلم (كيف



                  ___________________________________
                  (1) وهي ليلة المزدلفة لاختصاصها باجتماع الناس فيها وفيها يفيض الحاج من عرفات إلى المزدلفة.ج.ز.


                  [420]


                  فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد) ثم مات عاد وأهلكه الله وقومه بالريح الصرصر(1) وقوله (وثمود الذين جابوا الصخر بالواد) حفروا الجوية(2) في الجبال (وفرعون ذي الاوتاد) عمل الاوتاد التي اراد ان يصعد بها إلى السماء قوله (إن ربك لبالمرصاد) اي قائم حافظ على كل ظالم قوله (فأما الانسان إذا ما ابتلاه ربه) اى امتحنه بالنعمة (فيقول ربي اكرمن وما إذا ما ابتلاه) اى امتحنه (فقدر عليه رزقه) اى افقره (فيقول ربي اهانن) وقال الله (كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين) اي لا تدعوهم وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم واكلوا اموال اليتامى وفقراء‌هم وابناء سبيلهم ثم قال (وتأكلون التراث أكلا لما) اي وحدكم (وتحبون المال حبا جما) تكنزونه ولا تنفقونه في سبيل الله، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (كلا إذا دكت الارض دكا دكا) قال هي الزلزلة، قال ابن عباس فتت فتا.



                  ___________________________________
                  (1) نقل انهم كانوا يسلخون العمد من الجبال فيجعلون طول العمد مثل طول الجبل الذي يسلخون من اسفله إلى اعلاه ثم ينقلون تلك العمد فينصبونها ثم يبنون القصور فوقها فسميت ذات العماد، وقيل اهل عمد لانهم كانوا بدويين اهل خيام.
                  و " عاد " اسم رجل من العرب الاولى وبه سميت قبيلة قوم هود النبي، وعاد الاولى قوم هود وعاد الاخرى إرم، وعاد هو ابن عوض بن سام بن نوح عليه السلام واختلف في " إرم " على أقوال فقيل إنه اسم بلد ثم قيل هو دمشق وقيل هي الاسكندرية وقيل هي مدينة بناها عاد بن شداد فلما أتمها أهلكه الله بصيحة وقيل إنه ليس بقبيلة ولا بلد بل هو لقد لعاد، وكان يعرف به.
                  (2) الجوية: الحفرة المستديرة الواسعة.مجمع ج.ز


                  [421]


                  وقال علي بن ابراهيم قي قوله: (وجاء ربك والملك صفا صفا) قال اسم الملك واحد ومعناه جمع (وجآئ يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الانسان وانى له الذكرى) قال حدثني ابي عن عمرو بن عثمان عن (جابر عن ط) ابي جعفر عليه السلام قال: لما نزلت هذه الآية سئل رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال بذلك اخبرني الروح الامين ان الله لا إله غيره إذا ابرز الخلائق وجمع الاولين والآخرين اتي بجهنم تقاد بألف زمام مع كل زمام مائة الف ملك من الغلاظ الشداد، لها هدة وغضب وزفير وشهيق وانها لتزفر الزفرة فلولا ان الله أخرهم للحساب لاهلكت الجميع.
                  ثم يخرج منها عنق فيحيط بالخلائق البر منهم والفاجر فما خلق الله عبدا من عباد الله ملكا ولا نبيا إلا ينادي نفسي نفسى وانت يا نبي الله تنادي امتي امتى ثم يوضع عليها الصراط ادق من حد السيف، عليها ثلاث قناطر فاما واحدة فعليها الامانة والرحم، والثانية فعليها الصلاة، واما الثالثة فعليها عدل رب العالمين(1) لا إله غيره فيكلفون بالممر عليها فيحبسهم الرحم والامانة فان نجوا منهما حبستهم الصلوة فان نجوا منها كان المنتهى إلى رب العالمين وهو قوله: ان ربك لبالمرصاد، والناس على الصراط فمتعلق بيد وتزول قدم ومستمسك بقدم والملائكة حولها ينادون يا حليم اعف واصفح وعد(2) بفضلك وسلم وسلم، والناس يتهافتون في النار كالفراش فيها فاذا نجا ناج برحمة الله مر بها فقال الحمد لله وبنعمته تتم الصالحات وتزكو الحسنات والحمد لله الذي نجاني منك بعد اليأس بمنه وفضله ان ربنا لغفور شكور.
                  قوله (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد) قال هو فلان



                  ___________________________________
                  (1) أي هي تحت رقابته تعالى.
                  (2) وعدت الارض رجا خيرها.وايضا وعد فلانا بالامر: قال له انه يجريه له او ينيله إياه.ج.ز.


                  [422]


                  قوله (يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية) قال إذا حضر المؤمن الوفاة نادى مناد من عند الله يا ايتها النفس المطمئنة ارجعجي بولاية علي مرضية بالثواب (فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) فلا يكون له همة إلا اللحوق بالنداء.
                  حدثنا جعفر بن احمد قال: حدثنا عبدالله بن موسى عن الحسن بن علي ابن ابي حمزة عن ابيه عن ابي بصير عن ابي عبدالله عليه السلام في قوله: يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادى وادخلي جنتي يعني الحسين بن علي عليهما السلام.


                  سورة البلد


                  مكية آياتها عشرون


                  (بسم الله الرحمن الرحيم لا أقسم بهذا البلد) والبلد مكة (وانت حل بهذا البلد) قال: كانت قريش لا يستحلون ان يظلموا أحدا في هذا البلد ويستحلون ظلمك فيه (ووالد وما ولد) قال آدم وما ولد من الانبياء والاوصياء (لقد خلقنا الانسان في كبد) اي منتصبا ولم يخلق مثله شئ (يقول أهلكت مالا لبدا) قال اللبد المجتمع، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله: يقول اهلكت مالا لبدا قال: هو عمرو بن عبد ود حين عرض عليه علي بن ابي طالب الاسلام يوم الخندق وقال: فأين ما انفقت فيكم مالا لبدا؟ وكان انفق مالا في الصد عن سبيل الله فقتله علي عليه السلام.
                  وقال علي بن ابراهيم في قوله (وهديناه النجدين) قال: بينا له طريق الخير والشر قوله: (فلا اقتحم العقبة وما ادراك ما العقبة) قال العقبة الائمة من صعدها فك رقبته من النار (او مسكينا ذا متربة) قال: لا يقيه من التراب


                  [423]


                  شئ قوله: (اصحاب الميمنة) قال: اصحاب امير المؤمنين (والذين كفروا بآياتنا) قال: الذين خالفوا امير المؤمنين عليه السلام (هم اصحاب المشئمة) وقال المشئمة اعداء آل محمد عليهم السلام (عليهم نار مؤصدة) اي مطبقة.
                  أخبرنا احمد بن ادريس قال: حدثنا احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن اسماعيل بن عباد عن الحسين بن ابي يعقوب عن بعض اصحابه عن ابي جعفر عليه السلام في قوله: (أيحسب أن لن يقدر عليه أحد) يعني يقتل في قتله بنت النبي صلى الله عليه وآله (يقول اهلكت مالا لبدا) يعني الذي جهز به النبي صلى الله عليه وآله في جيش العشيرة (العسرة ط) (أيحسب أن لم يره أحد) قال: فساد كان في نفسه (ألم نجعل له عينين) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله (ولسانا) يعنى امير المؤمنين (ع) (وشفتين) يعني الحسن والحسين عليهما السلام (وهديناه النجدين) إلى ولايتهما (فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة) يقول ما أعلمك وكل شئ في القرآن ما أدراك ما فهو ما أعلمك (ويتيما ذا مقربة) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله والمقربة قرباه (او مسكينا ذا متربة) يعني أمير المؤمنين (ع) متربا بالعلم حدثنا جعفر بن احمد قال: حدثنا عبدالله بن موسى عن الحسن بن علي بن ابي حمزة عن ابيه عن ابي بصير عن ابي عبدالله (ع) في قوله: (فك رقبة) قال: بنا تفك الرقاب وبمعرفتنا ونحن المطعمون في يوم الجوع وهو المسبغة.
                  حدثنا سعيد بن محمد قال: حدثنا بكر بن سهل عن عبد الغني عن موسى ابن عبدالرحمن عن ابن جريح عن عطا عن ابن عباس في قوله (وتواصوا بالصبر) على فرائض الله عزوجل (وتواصو بالمرحمة) فيما بينهم ولا يقبل هذا إلا من مؤمن.


                  سورة الشمس


                  مكية آياتها خمس عشرة


                  (بسم الله الرحمن الرحيم والشمس وضحاها) قال: أخبرني ابي عن سليمان الديلمي عن ابي بصير عن ابي عبدالله (ع) قال: سألته عن قول الله عزوجل والشمس وضحاها، قال: الشمس رسول الله صلى الله عليه وآله اوضح الله به للناس دينهم قلت: (والقمر إذا تلاها) قال ذلك أمير المؤمنين (ع) قلت: (والليل إذا يغشاها) قال: ذلك أئمة الجور الذين استبدوا للامر دون آل رسول الله صلى الله عليه وآله وجلسوا مجلسا كان آل رسول الله صلى الله عليه وآله أولى به منهم، فغشوا دين رسول الله صلى الله عليه وآله بالظلم والجور وهو قوله: والليل إذا يغشاها، قال: يغشى ظلمهم ضوء النهار، قلت: (والنهار إذا جلاها) قال: ذلك الامام من ذرية فاطمة عليها السلام يسئل عن دين رسول الله فيجلى لمن يسأله، فحكى الله قوله: والنهار إذا جلاها وقوله: (ونفس وما سواها) قال: خلقها وصورها وقوله: (فألهمها فجورها وتقواها) أي عرفها وألهمها ثم خيرها فاختارت (قد أفلح من زكاها) يعنى نفسه طهرها (وقد خاب من دساها) أي اغواها.
                  قال: حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد الله قال: حدثنا الحسن بن جعفر قال حدثنا عثمان بن عبدالله قال: حدثنا عبدالله بن عبيد الفارسي قال: حدثنا محمد ابن علي عن ابي عبدالله عليه السلام في قوله: (قد أفلح من زكاها) قال امير المؤمنين عليه السلام زكاه ربه (وقد خاب من دساها) قال هو زريق وحبتر في بيعتهما إياه حيث مسحا على كفه، وعن ابي جعفر (ع) في قوله (كذبت ثمود بطغواها) يقول الطغيان حملها على التكذيب، وقال علي بن ابراهيم في قوله: (كذبت ثمود بطغواها إذا انبعث أشقاها) قال: الذي عقر الناقة قوله: (فدمدم عليهم ربهم بذنبهم)


                  [425]


                  قال: أخذهم بغتة وغفلة بالليل (ولا يخاف عقباها) قال: من بعد هؤلاء الذين اهلكناهم لا يخافون.


                  سورة الليل


                  مكية آياتها احدى وعشرون


                  (بسم الله الرحمن الرحيم والليل إذا يغشى) قال: حين يغشى النهار وهو قسم (والنهار إذا تجلى) إذا أضاء وأبرق (وما خلق الذكر والانثى) وإنما يعني والذي خلق الذكر والانثى وجواب القسم (إن سعيكم لشتى) قال منكم من يسعى في الخير ومن منكم من يسعى في الشر.
                  اخبرنا احمد بن إدريس قال: حدثنا محمد بن عبدالجبار عن ابن ابي عمير عن حماد بن عثمان عن محمد بن مسلم قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل (والليل إذا يغشى) قال الليل في هذا الموضع فلان غشي امير المؤمنين في دولته التي جرت له عليه وامير المؤمنين عليه السلام يصبر في دولتهم حتى تنقضي، قال: (والنهار إذا تجلى) قال النهار هو القائم عليه السلام منا اهل البيت، إذا قام غلب دولته الباطل والقرآن ضرب فيه الامثال للناس وخاطب الله نبيه به ونحن، فليس يعلمه غيرنا وقال علي بن ابراهيم في قوله تعالى (فأما من أعطى وأتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) قال: نزلت في رجل من الانصار(1) كانت له نخلة في دار رجل آخر وكان يدخل عليه بغير إذن فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لصاحب النخلة بعني نخلتك هذه بنخلة في الجنة فقال لا افعل فقال: فبعها بحديقة في الجنة فقال: لا افعل وانصرف فمضى اليه ابن (ابى ط) الدحداح



                  ___________________________________
                  (1) وهو سمرة بن جندب.ج.ز.


                  [426]


                  واشتراها منه وأتى ابن الدحداح إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال: يا رسول الله خذها واجعل لي في الجنة الحديقة التي قلت لهذا فلم يقبله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لك في الجنة حدائق وحدائق فانزل في ذلك: فأما من أعطى وأتقى وصدق بالحسنى، يعني ابن الدحداح (وما يغني عنه ماله إذا تردى) يعني إذا مات (ان علينا للهدى) قال علينا ان نبين لهم (فأنذرتكم نارا تلظى) أي تتلهب عليهم (لا يصلاها إلا الاشقى الذي كذب وتولى) يعني هذا الذي بخل على رسول الله صلى الله عليه وآله (وسيجنبها الاتقى الذي) قال ابن الدحداح، قال الله تعالى: (وما لاحد عنده من نعمة تجزى) قال: ليس لاحد عند الله يدعي ربه بما فعله لنفسه وان جازاه فبفضله يفعل وهو قوله (إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى ولسوف يرضى) عن امير المؤمنين عليه السلام (ويرضى عنه ط)، حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عبدالرحمن بن كثير عن ابي عبدالله عليه السلام في قوله (فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الاشقى الذي كذب وتولى) قال: في جهنم واد فيه نار لا يصلاها إلا الاشقى (اى فلان ط) الذي كذب رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام وتولى عن ولايته ثم قال عليه السلام: النيران بعضها دون بعض فما كان من نار هذا الوادي فللنصاب اخبرنا احمد بن إدريس قال: حدثنا محمد بن احمد (احمد بن محمد ط) عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الحصيني عن خالد بن يزيد عن عبدالاعلى عن ابي الخطاب عن أبي عبدالله (ع) في قوله (فأما من أعطى وأتقى وصدق بالحسنى) قال: بالولاية (فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى) فقال: بالولاية (فسنيسره للعسرى).


                  سورة الضحى


                  مكية آياتها احدى عشرة


                  (بسم الله الرحمن الرحيم والضحى) قال: الضحى إذا ارتفعت الشمس (والليل إذا سجى) قال: إذا اظلم وقوله (ما ودعك ربك وما قلى) أي لم يبغضك يصف فضله عليه قوله (وللآخرة خير لك من الاولى ولسوف يعطيك ربك فترضى) حدثنا جعفر بن احمد قال: حدثنا عبدالله بن موسى بن الحسن ابن علي بن أبي حمزة عن ابيه عن ابي بصير عن ابي عبدالله (ع) في قوله: وللآخرة خير لك من الاولى قال: يعني الكرة(1) هي الآخرة للنبي صلى الله عليه وآله قلت قوله (ولسوف يعطيك ربك فترضى) قال: يعطيك من الجنة فترضى.
                  حدثنا علي بن الحسين عن احمد بن ابي عبدالله عن ابيه عن خالد بن يزيد عن أبي الهيثم الواسطي عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام في قول الله: (ألم يجدك يتيما فآوى) فأوى اليك الناس (ووجدك ضالا فهدى) أي هدى اليك قوما لا يعرفونك حتى عرفوك (ووجدك عائلا فأغنى) اي وجدك تعول اقواما فأغناهم بعلمك.
                  قال علي بن ابراهيم ثم قال: (ألم يجدك يتيما فآوى)، قال: اليتيم الذي لا مثل له ولذلك سميت الدرة اليتيمة لانه لا مثل لها (ووجدك عائلا فأغنى) بالوحي فلا تسأل عن شئ احدا (ووجدك ضالا فهدى) قال: وجدك في قوم لا يعرفون فضل بنوتك فهداهم الله بك (فأما اليتيم فلا تقهر) اي لا تظلم والمخاطبة للنبي والمعنى للناس (وأما السائل فلا تنهر) اي لا تطرد قوله (وأما بنعمة ربك فحدث)



                  ___________________________________
                  (1) أي الرجعة.ج.ز.


                  [428]


                  قال: بما انزل الله عليك وأمرك به من الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية وبما فضلك الله به، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (ع) في قوله: (ما ودعك ربك وما قلى) وذلك ان جبرئيل أبطأ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وانه كانت اول سورة نزلت: إقرأ باسم ربك الذي خلق ثم أبطأ عليه، فقالت خديجة لعل ربك قد تركك فلا يرسل اليك فانزل الله تبارك وتعالى: ما ودعك ربك وما قلى.


                  Comment

                  • راية اليماني
                    مشرف
                    • 05-04-2013
                    • 3021

                    #54
                    رد: كتب تفسير القرآن_ تفسير "القمي" ج 1-2 [قرائة ]

                    سورة الانشراح


                    مكية وهى ثمان آية


                    (بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح لك صدرك) قال: بعلي فجعلناه وصيك قال: وحين فتح مكة ودخلت قريش في الاسلام شرح الله صدره ويسره (ووضعنا عنك وزرك) قال بعلي الحرب (الذي أنقض ظهرك) اي اثقل ظهرك (ورفعنا لك ذكرك) قال تذكر إذا ذكرت، وهو قول الناس: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال (إن مع العسر يسرا) قال ما كنت فيه من العسر أتاك اليسر (فاذا فرغت فانصب) قال إذا فرغت من حجة الوداع فانصب امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع)(1) (وإلى ربك فارغب) قال:



                    ___________________________________
                    (1) قال في الصافي: المستفاد من هذه الاخبار انه بكسر الصاد من النصب بالتسكين بمعنى الرفع والوضع، يعني إذا فرغت من امر تبليغ الرسالة وما يجب عليك إنهاؤه من الشرائع والاحكام فانصب علمك (بفتح اللام) اي ارفع علم هدايتك للناس وضع من يقوم خلافتك موضعك حتى يكون قائما مقامك من بعدك لئلا ينقطع الهداية والرسالة بين الله وبين عباده، بل يكون ذلك مستمرا بقيام إمام مقام إمام ابدا إلى يوم القيامة.
                    قال الزمخشري في كشافه: ومن البدع ما روي عن بعض الرافضة انه قرأ فانصب بكسر الصاد، اي فانصب عليا للامامة، قال: ولو صح هذا لصح للناصبي ان يقرأ هكذا (اي بفتح الصاد) ويجعله امرا بالنصب الذي هو بغض علي وعداوته، اقول: نصب الامام والخليفة بعد تبليغ الرسالة والفراغ من العبادة امر معقول بل واجب لئلا يكون الناس بعده في حيرة وضلالة فيصح ان يترتب عليه واما بغض علي عليه السلام وعداوته فما وجه ترتبه على تبليغ الرسالة او العبادة وما وجه معقوليته؟ على ان كتب العامة مشحونة بذكر محبة النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام وان حبه إيمان وبغضه كفر ونفاق.
                    فانظر إلى هذا " جار الله " كيف جار عن الله وحاد عن طريق الخير والسداد في عصبية وعناد.ج.ز.


                    [429]


                    حدثنا محمد بن جعفر عن يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عبدالرحمن بن كثير عن ابى عبدالله (ع) فاذا فرغت من نبوتك فانصب عليا (ع) وإلى ربك فارغب في ذلك.


                    سورة التين


                    مكية وهى ثمان آية


                    (بسم الله الرحمن الرحيم والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الامين) قال: التين رسول الله صلى الله عليه وآله والزيتون امير المؤمنين (ع) وطور سينين الحسن والحسين عليهما السلام والبلد الامين الائمة (ع) (لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم قال: نزلت في زريق (ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا


                    [430]


                    الصالحات) قال: ذلك امير المؤمنين (ع) (فلهم أجر غير ممنون) اي لا يمن عليهم به ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله (فما يكذبك بعد بالدين) قال: ذلك امير المؤمنين عليه السلام (أليس الله بأحكم الحاكمين).


                    سورة العلق


                    مكية آياتها تسع عشرة


                    (بسم الله الرحمن الرحيم إقرأ باسم ربك الذي خلق) حدثنا احمد بن محمد الشيبانى قال: حدثنا محمد بن احمد قال: حدثنا اسحاق بن محمد قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا عثمان بن يوسف عن عبدالله بن كيسان عن ابى جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد إقرأ قال وما أقرأ؟ قال إقرأ باسم ربك الذي خلق يعني خلق نورك الاقدام قبل الاشياء خلق الانسان من علق يعني خلقك من نطفة (علقة ط) وشق منك عليا (إقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم) يعني علم علي بن ابي طالب (علم الانسان ما لم يعلم) يعني علم عليا مالم يعلم قبل ذلك.
                    قال علي بن ابراهيم في قوله: اقرأ باسم ربك قال: اقرأ باسم الرحمن الرحيم، الذي خلق خلق الانسان من علق، قال من دم، اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم، قال علم الانسان الكتابة التي بها تتم امور الدنيا في مشارق الارض ومغاربها ثم قال: (كلا ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى) قال: إن الانسان إذا استغنى يكفر ويطغى وينكر (ان إلى ربك الرجعى) قوله (أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى) كان الوليد بن المغيرة ينهى الناس عن الصلاة وان يطاع الله ورسوله فقال أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى قال الله تعالى: (أرأيت ان كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى) ثم قال (كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية)


                    [431]


                    أي لنأخذنه بالناصية فنلقيه في النار قوله (فليدع ناديه) قال لما مات ابوطالب عليه السلام فنادى ابوجهل والوليد عليهما لعائن الله هلموا فاقتلوا محمدا فقد مات الذي كان ناصر، فقال الله (فليدع ناديه سندع الزبانية) قال: كما دعا إلى قتل محمد رسول الله صلى الله عليه وآله نحن ايضا ندع الزبانية ثم قال (كلا لا تطعه واسجد واقترب)(1) أي لا يطيعون لما دعاهم اليه لان رسول الله صلى الله عليه وآله اجاره مطعم بن عدي بن نوفل ابن عبد مناف ولم يجسر عليه أحد.



                    ___________________________________
                    (1) هنا سجدة واجبة.



                    سورة القدر


                    مكية آياتها خمس


                    (بسم الله الرحمن الرحيم إنا أنزلناه في ليلة القدر) فهو القرآن انزل إلى البيت المعمور (في ليلة القدر) جملة واحدة، وعلى رسول الله صلى الله عليه وآله في طول ثلاث وعشرين سنة (وما أدراك ما ليلة القدر) ومعنى ليلة القدر ان الله يقدر فيها الآجال والارزاق وكل أمر يحدث من موت او حياة او خصب او جدب او خير او شر كما قال الله فيها يفرق كل أمر حكيم إلى سنة قوله (تنزل الملائكة والروح فيها) قال تنزل الملائكة وروح القدس على إمام الزمان ويدفعون اليه ما قد كتبوه من هذه الامور قوله (ليلة القدر خير من ألف شهر) قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وآله في نومه كأن قرودا تصعد منبره فغمه ذلك فانزل الله " إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر " تملكه بنو أمية ليس فيها ليلة قدر(2) قوله: (من كل أمر سلام) قال: تحية يحيى بها الامام إلى ان يطلع الفجر قيل



                    ___________________________________
                    (2) وكذا ورد في تفسير الدر المنثور فراجع 6 / 371 ط مصر.ج.ز. * وفى ط انها مدنية.ج.ز.


                    [432]


                    لابي جعفر عليه السلام تعرفون ليلة القدر؟ فقال وكيف لا نعرف ليلة القدر والملائكة يطوفون بنا فيها.


                    سورة البينة


                    مدنية آياتها ثمان


                    (بسم الله الرحمن الرحيم لم يكن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين) يعني قريشا (منفكين) قال: هم في كفرهم (حتى تأتيهم البينة) وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: البينة محمد رسول الله، وقال علي بن ابراهيم في قوله (وما تفرق الذين اوتوا الكتاب إلا من بعدما جاء‌تهم البينة) قال لما جاء‌هم رسول الله صلى الله عليه وآله بالقرآن خالفوه وتفرقوا بعده (حنفاء) قال طاهرين (وذلك دين القيمة) أي دين قيم قوله (ان الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين) قال انزل الله عليهم القرآن فارتدوا فكفروا وعصوا امير المؤمنين عليه السلام (اولئك هم شر البرية) قوله (ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية) قال نزلت في آل محمد صلى الله عليه وآله.
                    حدثنا سعيد بن محمد قال: حدثنا بكر بن سهل قال: حدثنا عبد الغنى بن سعيد عن موسى بن عبدالرحمن عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن مزاحم عن ابن عباس في قوله: اولئك هم خير البرية، يريد به خير الخلق (جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا) لا يصفه الواصفون (رضي الله عنهم) يريد رضي اعمالهم (ورضوا عنه) رضوا بثواب الله (ذلك لمن خشي ربه) يريد من خاف ربه وتناهى عن معاصي الله تعالى.


                    سورة الزلزال


                    مدنية آياتها ثمان


                    (بسم الله الرحمن الرحيم إذا زلزلت الارض زلزالها وأخرجت الارض أثقالها) قال من الناس (وقال الانسان مالها) قال ذلك امير المؤمنين عليه السلام(1) (يومئذ تحدث أخبارها - إلى قوله - أشتاتا) قال يحيون اشتاتا مؤمنين وكافرين ومنافقين (ليروا أعمالهم) قال يقفوا على ما فعلوه ثم قال (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) وهو رد على المجبرة الذين يزعمون انه لا فعل لهم، وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره يقول ان كان من اهل النار وكان قد عمل في الدنيا مثقال ذرة



                    ___________________________________
                    (1) في الصافي عن فاطمة عليها السلام قالت: أصاب الناس زلزلة على عهد أبي بكر ففزع الناس إلى أبي بكر وعمر فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى علي عليه السلام فتبعهما الناس إلى ان انتهوا إلى باب علي عليه الله، فخرج اليهم غير مكترث لما هم فيه فمضى واتبعه الناس حتى انتهوا إلى تلعة فقعد عليها وقعدوا حوله وهم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتج جائية وذاهبة، فقال لهم علي عليه السلام: كأنكم قد هالكم ما ترون؟ قالوا او كيف لا يهولنا ولم نر مثلها قط، فحرك شفتيه ثم ضرب الارض بيده الشريفة ثم قال مالك اسكني ! فسكنت باذن الله فتعجبوا من ذلك اكثر من تعجبهم الاول حيث خرج اليهم: قال لهم فانكم قد عجبتم من صنعي؟ قالوا: نعم قال: أنا الرجل الذي قال الله: إذا زلزلت الارض زلزالها وأخرجت الارض أثقالها وقال الانسان مالها، فأنا الانسان الذي يقول لها مالك؟ يومئذ تحدث أخبارها، إياي تحدث.ج.ز.


                    [434]


                    خيرا يره يوم القيامة حسرة انه كان عمله لغير الله، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره يقول إذا كان من أهل الجنة رأى ذلك الشر يوم القيامة ثم غفر الله تعالى له.



                    سورة العاديات


                    مكية(1)


                    (بسم الله الرحمن الرحيم والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا) حدثنا جعفر بن احمد عن عبدالله بن موسى قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله: والعاديات ضبحا فالموريات قدحا، قال هذه السورة نزلت في أهل وادي اليابس قال قلت وما كان حالهم وقصتهم؟ قال ان اهل وادي اليابس اجتمعوا اثني عشر الف فارس وتعاقدوا وتعاهدوا وتواثقوا على ان لا يتخلف رجل عن رجل ولا يخذل احد أحدا ولا يفر رجل عن صاحبه حتى يموتوا كلهم على حلف واحد او يقتلوا محمد صلى الله عليه وآله وعلي بن ابي طالب عليه السلام، فنزل جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله وأخبره بقصتهم وما تعاقدوا عليه وتواثقوا وأمره ان يبعث فلانا اليهم في اربعة آلاف فارس من المهاجرين والانصار، فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " يا معشر المهاجرين والانصار ان جبرئيل أخبرني ان اهل وادي اليابس اثني عشر الف فارس قد استعدوا وتعاقدوا وتعاهدوا ان لا يغدر رجل لصاحبه ولا يفر عنه ولا يخذله حتى يقتلوني وأخي علي بن أبي طالب وقد أمرني ان اسير اليهم فلانا في اربعة آلاف فارس فخذوا في أمركم واستعدوا لعدوكم وانهضوا اليهم على اسم الله وبركته يوم الاثنين إن شاء الله تعالى " فأخذ المسلون عدتهم وتهيئوا وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله فلانا بأمره وكان فيما أمره به انه إذا رآهم ان يعرض عليهم السلام فان تابعوه وإلا واقعهم فيقتل مقاتليهم ويسبي ذراريهم



                    ___________________________________
                    (1) وعن الآلوسى انها مدنية روح المعانى ص 214.ج.ز.


                    [435]


                    ويستبيح اموالهم ويخرب ضياعهم وديارهم، فمضى فلان ومن معه من المهاجرين والانصار في احسن عدة واحسن هيئة يسير بهم سيرا رفيقا حتى انتهوا إلى اهل وادي اليابس، فلما بلغ القوم نزول القوم عليهم ونزل فلان واصحابه قريبا منهم، خرج اليهم من اهل وادي اليابس مائتا رجل مدججين بالسلاح، فلما صادفوهم قالوا لهم: من أنتم ومن اين أقبلتم واين تريدون؟ ليخرج الينا صاحبكم حتى نكلمه.
                    فخرج اليهم فلان في نفر من أصحابه المسلمين فقال لهم: أنا فلان صاحب رسول الله، قالوا ما أقدمك علينا؟ قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن اعرض عليكم الاسلام فان تدخلوا فيما دخل فيه المسلمون لكم مالهم وعليكم ما عليهم وإلا فالحرب بيننا وبينكم، قالوا له: أما واللات والعزى لولا رحم بيننا وقرابة قريبة لقتلناك وجميع اصحابك قتلة تكون حديثا لمن يكون بعدكم فارجع انت ومن معك واربحوا العافية فانا إنما نريد صاحبكم بعينه واخاه علي بن ابي طالب (ع).
                    فقال فلان لاصحابه: يا قوم ! القوم اكثر منكم أضعافا وأعد منكم وقد ناء‌ت داركم عن اخوانكم من المسلمين فارجعوا نعلم رسول الله صلى الله عليه وآله بحال القوم، فقالوا له جميعا خالفت يا فلان قول رسول الله صلى الله عليه وآله وما أمرك به فاتق الله وواقع القوم ولا تخالف رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال اني اعلم مالا تعلمون الشاهد يرى مالا يرى الغائب فانصرب وانصرف الناس اجمعون، فاخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بمقالة القوم وما رد عليهم فلان فقال رسول الله: صلى الله عليه وآله يا فلان خالفت امري ولم تفعل ما امرتك وكنت لي والله عاصيا فيما امرتك فقام النبي صلى الله عليه وآله وصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال: يا معشر المسلمين اني امرت فلانا ان يسير إلى اهل وادي اليابس وان يعرض عليهم السلام ويدعوهم إلى الله فان أجابوه وإلا واقعهم وانه سار اليهم وخرج اليه منهم مائتا رجل فاذا سمع كلامهم وما استقبلوه


                    [436]


                    به انتفخ صدره ودخله الرعب منهم وترك قولي ولم يطع امري، وان جبرئيل امرني عن الله ان أبعث اليهم فلانا مكانه في اصحابه في اربعة آلاف فارس فسر يا فلانا على اسم الله ولا تعمل كما عمل اخوك فانه قد عصى الله وعصاني وأمره بما امر به الاول فخرج وخرج معه المهاجرون والانصار الذين كانوا مع الاول يقتصد بهم في سيرهم حتى شارف القوم وكان قريبا منهم بحيث يراهم ويرونه، وخرج اليهم مائتا رجل فقالوا له ولاصحابه مثل مقالتهم للاول فانصرف وانصرف الناس معه وكاد ان يطير قلبه مما رأى من عدة القوم وجمعهم ورجع يهرب منهم.
                    فنزل جبرئيل (ع) فأخبر محمدا صلى الله عليه وآله بما صنع هذا وانه قد انصرف وانصرف المسلمون معه، فصعد النبي صلى الله عليه وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه وأخبر بما صنع هذا وما كان منه وانه قد انصرف وانصرف المسلمون معه مخالفا لامري عاصيا لقولي، فقدم عليه فأخبره مثل ما اخبره به صاحبه فقال له يا فلان عصيت الله في عرشه وعصيتني وخالفت قولي وعملت برأيك ألا قبح الله رأيك وان جبرئيل (ع) قد أمرنى ان أبعث علي بن ابى طالب في هؤلاء المسلمين واخبرنى ان الله يفتح عليه وعلى اصحابه، فدعا عليا (ع) وأوصاه بما اوصى به الاول والثانى واصحابه الاربعة آلاف فارس وأخبره ان الله سيفتح عليه وعلى اصحابه.
                    فخرج علي (ع) ومعه المهاجرين والانصار فسار بهم سيرا غير سير فلان وفلان وذلك انه اعنف بهم في السير حتى خافوا ان ينقطعوا من التعب وتحفى(1) دوابهم فقال لهم: لا تخافوا فان رسول الله صلى الله عليه وآله قد أمرنى بأمر وأخبرنى ان الله سيفتح على وعليكم فابشروا فانكم على خير وإلى خير، فطابت نفوسهم وقلوبهم وساروا على ذلك السير والتعب حتى إذا كانوا قريبا منهم حيث يرونهم ويراهم



                    ___________________________________
                    (1) حفي الفرس: انقشر حافره من كثر السير.ج.ز.


                    [437]


                    امر اصحابه ان ينزلوا وسمع اهل وادي اليابس بقدوم علي بن ابي طالب واصحابه فخرجوا اليه منهم مائتا رجل شاكين بالسلاح، فلما رآهم علي عليه السلام خرج اليهم في نفر من اصحابه فقالوا له من انتم ومن اين انتم ومن اين أقبلتم واين تريدون؟ قال: أنا علي بن ابي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وأخوه ورسوله اليكم، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله ولكم ان آمنتم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم من خير وشر، فقالوا له إياك أردنا وانت طلبتنا قد سمعنا مقالتك وما عرضت علينا هذا مالا يوافقنا فخذ حذرك واستعد للحرب العوان(1) واعلم إنا قاتلوك وقاتلوا اصحابك والموعد فيما بيننا وبينك غدا ضحوة، وقد أعذرنا فيما بيننا وبينكم.
                    فقال لهم علي عليه السلام: ويلكم ! تهددوني بكثرتكم وجمعكم ! فأنا أستعين بالله وملائكته والمسلمين عليكم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فانصرفوا إلى مراكزهم وانصرف علي عليه السلام إلى مركزه فلما جنه الليل أمر أصحابه ان يحسنوا إلى داوبهم ويقضموا ويسرجوا(2) فلما انشق عمود الصبح صلى بالناس بغلس(3) ثم أغار عليهم بأصحابه فلم يعلموا حتى وطأتهم الخيل فيما أدرك آخر اصحابه حتى قتل مقاتليهم وسبي ذراريهم واستباح اموالهم وخرب ديارهم وأقبل بالاسارى والاموال معه ونزل جبرئيل



                    ___________________________________
                    (1) الحرب العوان: الحرب التي قوتل فيها مرة بعد اخرى.
                    (2) القضم: الاكل بأطراف الاسنان شيئا يابسا، والمعنى ان يقضوا ليلهم في رعاية الدواب وأكل الطعام اليابس ليكون له صوت عند الاكل لكي لا يهجم عليهم العدو غيلة.ويسرجوا اي يسرجوا السراج.
                    (3) الغلس بالتحريك: ظلمة آخر الليل.ج.ز.


                    [438]


                    عليه السلام فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بما فتح الله بعلي عليه السلام وجماعة المسلمين، فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه وأخبر الناس بما فتح الله على المسلمين وأعلمهم انه لم يصب منهم إلا رجلين ونزل فخرج يستقبل عليا في جميع اهل المدينة من المسلمين حتى لقيه على ثلاثة اميال من المدينة، فلما رآه علي (ع) مقبلا نزل عن دابته ونزل النبي صلى الله عليه وآله حتى التزمه وقبل ما بين عينيه، فنزل جماعة المسلمين إلى علي (ع) حيث نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وأقبل بالغنيمة والاسارى وما رزقهم الله به من اهل وادي اليابس، ثم قال جعفر بن محمد (ع): ما غنم المسلمون مثلها قط إلا ان يكون من خيبر فانها مثل ذلك، وأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك اليوم هذه السورة(1) (والعاديات ضبحا) يعني بالعاديات الخيل تعدو


                    __________________________________
                    (1) قيل نزلت السورة لما بعث النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام إلى ذات السلاسل فأوقع بهم، وذلك بعد أن بعث عليهم مرارا غيره من الصحابة فرجع كل منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو المروي عن ابي عبدالله (ع) في حديث طويل، قال وسميت هذه الغزوة ذات السلاسل لانه أسر منهم وقتل وسبي وشد أسراهم في الحبال مكتفين كأنهم في السلاسل، ولما نزلت السورة خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الناس فصلى بهم الغداة وقرأ فيها والعاديات، فلما فرغ من صلاته قال اصحابه هذه سورة لم نعرفها، فقال رسول الله: نعم ! ان عليا ظفر بأعداء الله وبشرني بذلك جبرائيل في هذه الليلة (مجمع البيان) ويرد عليه وعلى ما ذكره القمي (ره) ان الغزوة المذكورة كانت في المدينة والسورة على ما بين مكية؟ قلنا: نقل الشيخ في التبيان عن الضحاك كون هذه السورة مدنية، ويؤيده ما مضى في الرواية السابقة من انه لما قرأها رسول الله في صلاة الغداة قال اصحابه هذه سورة م نعرفها.ج ز


                    [439]


                    بالرجال، والضبح صيحتها في أعنتها ولجمها " فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا " فقد اخبرتك انها اغارت عليهم صبحا قلت قوله: " فأثرن به نقعا " قال: الخيل يأثرن بالوادي نقعا " فوسطن به جمعا " قلت قوله " ان الانسان لربه لكنود " قال لكفور " وانه على ذلك لشهيد " قال يعنيهما جميعا قد شهدا جميعا وادي اليابس وكانا لحب الحياة لحريصين قلت قوله: " أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور ان ربهم بهم يومئذ لخبير " قال: نزلت الآيتان فيهما خاصة كانا يضمران ضمير السوء ويعملان به، فأخبر الله خبرهما وفعالهما فهذه قصة اهل وادي اليابس وتفسير العاديات ثم قال علي بن ابراهيم في قوله: (والعاديات ضبحا) اي عدوا عليهم في الضبح، ضباح الكلاب صوتها (فالموريات قدحا) كانت بلادهم فيها حجارة فاذا وطأتها سنابك الخيل كان تنقدح منها النار (فالمغيرات صبحا) اي صبحتهم بالغارة (فأثرن به نقعا) قال ثورة الغبرة من ركض الخيل (فوسطن به جمعا) قال توسط المشركين بجمعهم (ان الانسان لربه لكنود) اي كفور وهما اللذان امرا وأشارا على امير المؤمنين (ع) ان يدع الطريق بما حسداه وكان على (ع) اخذ بهم على غير الطريق الذي اخذا فيه فعلما انه يظفر بالقوم فقال عمرو بن العاص لفلان ن عليا غلام حدث لا علم له بالطريق وهذا طريق مسبع لا يؤمن فيه السباع، فمشيا اليه وقالا له: يا ابا الحسن هذا الطريق الذي اخذت فيه طريق مسبع فلو رجعت إلى الطريق فقال لهما امير المؤمنين (ع): الزمار حالكما وكفا عما لا يعنيكما واسمعا وأطيعا فاني أعلم بما أصنع فسكنا وقوله (وانه على ذلك لشهيد) اي على العداوة (وانه لحب الخير لشديد) يعني حب الحياة حيث خافا السباع على انفسهما فقال الله تعالى (أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور) اي يجمع ويظهر (ان ربهم بهم يومئذ لخبير).



                    سورة القارعة


                    مكية آياتها احد عشر


                    (بسم الله الرحمن الرحيم القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة) يردها الله لهو لها وفزع الناس بها (يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش) قال العهن الصوف (فأما من ثقلت موازينه) بالحسنات (فهو في عيشة راضية واما من خفت موازينه) قال: من الحسنات (فأمه هاوية) قال: أم رأسه يقلب في النار على رأسه ثم قال (وما أدراك - يا محمد - ما هيه) يعني الهاوية ثم قال: (نار حامية).

                    سورة التكاثر الى نهاية القرآن
                    سورة التكاثر (مكية آياتها ثمان):


                    (بسم الله الرحمن الرحيم ألهاكم التكاثر) اي أغفلكم كثرتكم (حتى زرتم المقابر) ولم تذكروا الموتى (لترون الجحيم) اي لابد من ان ترونها (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) أي عن الولاية والدليل على ذلك قوله " وقفوهم انهم مسئولون " قال: عن الولاية، اخبرنا احمد بن إدريس عن احمد بن محمد عن سلمة بن عطا عن جميل عن ابي عبدالله (ع) قال قلت قول الله: لتسئلن يومئذ عن النعيم قال: قال تسئل هذه الامة عما انعم الله عليهم برسول الله صلى الله عليه وآله ثم بأهل بيته المعصومين عليهم السلام.


                    [441]




                    سورة العصر مكية آياتها ثلاث


                    (بسم الله الرحمن الرحيم والعصر إن الانسان لفي خسر) قال: هو قسم وجوابه " ان الانسان " وقرأ ابوعبدالله عليه السلام والعصر ان الانسان لفي خسر وانه فيه إلى آخر الدهر (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) وأتمروا بالتقوى وأتمروا بالصبر.
                    حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا يحيى بن زكريا عن علي بن حسان عن عبدالرحمن بن كثير عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) فقال: استثنى اهل صفوته من خلقه حيث قال: إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا بولاية علي امير المؤمنين عليه السلام وتواصوا بالحق ذرياتهم ومن خلفوا بالولاية وتواصوا بها وصبروا عليها.


                    سورة الهمزة مكية آياتها تسع
                    (بسم الله الرحمن الرحيم ويل لكل همزة) قال: الذي يغمز الناس ويستحقر الفقراء وقوله (لمزة) الذي يلوي عنقه ورأسه ويغضب إذا رأى فقيرا او سائلا (الذي جمع مالا وعدده) قال: أعده ووضعه (يحسب أن ماله أخلده) قال يحسب ان ماله يخلده ويبقيه ثم قال: (كلا لينبذن في الحطمة) والحطمة النار التي تحطم كل شئ ثم قال: (وما أدراك) يا محمد (ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على على الافئدة) قال تلتهب على الفواد، قال ابوذر رضي الله عنه بشر المتكبرين بكي


                    [442]


                    في الصدور وسحب على الظهور (انها عليهم مؤصدة) قال مطبقة (في عمد(1) ممدة) قال إذا مدت العمد أكلت والله الجلود (كان والله الخلود ك).
                    سورة الفيل مكية آياتها خمس
                    (بسم الله الرحمن الرحيم ألم تر) ألم تعلم يا محمد (كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) قال نزلت في الحبشة حين جاؤا بالفيل(2) ليهدموا به الكعبة، فلما ادنوه



                    ___________________________________
                    (1) قرئ بضمتين وهي قراء‌ة اهل الكوفة غير حفص، وقرأ الباقون بفتحتين وكلاهما جمع عمود في الكثرة، اما جمعه في القلة فأعمدة والمعنى انه توصد عليهم الابواب ويمدد على الابواب العمد استيثاقا في استيثاق وفيه تأكيد للباس من الخروج وإيذان بحبس الابد مجمع البحرين.
                    (2) الذي جاء بالفيل ليهدم الكعبة هو ابرهة ملك اليمن من قبل النجاشي قال مقاتل بن سليمان السبب الذي جر اصحاب الفيل إلى مكة ان فئة من قريش خرجوا تجارا إلى ارض النجاشي فساروا حتى دنوا من ساحل البحر وفي حقف من احقافها بيعة للنصارى تسميها قريش الهيكل ويسميها النجاشي واهل ارضه " ماسر خشان " فنزل القوم فجمعوا حطبا ثم اججوا نارا واشتروا لحما فلما ارتحلوا تركوا النار كما هي في يوم عاصف فذهبت الرياح بالنار فاضطرم الهيكل نارا فغضب النجاشي لذلك فبعث ابرهة لهدم الكعبة، وكان معهم فيل واحد اسمه محمود وقيل ثمانية وقيل اثنا عشر فيلا وكان في العالم الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وكانت الحجارة اكبر من العدسة وأصغر من الحمصة، وقال عبدالله بن مسعود صاحت الطير فرمتهم بالحجارة فبعث الله ريحا فضربت الحجارة فزادتها شدة فما وقع منها حجر على رجل إلا خرج من الجانب الآخر فان وقع على رأسه خرج من دبره، وكان هذا من اعظم المعجزات القاهرات في ذلك الزمان أظهره الله ليدل على وجوب معرفته وفيه حجة قاصمة لظهور الفلاسفة الملحدين المنكرين للآيات الخارقة للعادات فانه لا يمكن نسبة شئ مما ذكره الله تعالى من امر اصحاب الفيل إلى طبيعة كما نسبوا الصيحة والريح العقيم وغيرهما مما اهلك الله تعالى به الامم، إذا لا يمكنهم ان يروا في اسرار الطبيعة إرسال جماعات من الطير معها احجار لهلاك اقوام معينين قاصدات إياهم دون سواهم، ولا يشك من له مسكة من عقل ولب ان هذا لا يكون إلا من فعل الله مسبب الاسباب ومذلل الصعاب.
                    وليس لاحد ان ينكر هذا لان نبينا صلى الله عليه وآله لما قرأ هذه السورة على اهل مكة لم ينكروا ذلك بل أقروا به وصدقوه مع شدة حرصهم على تكذيبه وكانوا قربي العهد بأصحاب الفيل فلو لم يكن لذلك عندهم حقيقة وأصل لانكروه وجحدوه كيف وانهم قد ارخوا بذلك كما ارخوا ببناء الكعبة وقد اكثر الشعراء ذكر الفيل.
                    (مجمع البيان) ج ز


                    [443]


                    من باب المسجد قال له عبدالمطلب أتدري اين يؤم بك قال برأسه لا، فقال اتوا بك لتهدم كعبة الله أتفعل ذلك؟ فقال برأسه لا، فجهدت به الحبشة ليدخل المسجد فامتنع فحملوا عليه بالسيوف وقطعوه فارسل الله عليهم (طيرا ابابيل) قال بعضها على إثر بعض (ترميهم بحجارة من سجيل) قال كان مع كل طير ثلاثة احجار حجر في منقاره وحجران في مخاليبه، وكانت ترفرف على رؤسهم وترمي في دماغهم فيدخل الحجر في دماغهم ويخرج من ادبارهم وتنتقض ابدانهم فكانوا كما قال الله (فجعلهم كعصف مأكول) قال: العصف التين والمأكول هو الذي


                    [444]


                    يبقى من فضله، قال الصادق عليه السلام: واهل الجدري من ذلك اصابهم الذي اصابهم في زمانهم جدري.
                    سورة قريش مكية آياتها اربع (بسم الله الرحمن الرحيم لا يلاف قريش إيلافهم) قال: نزلت في قريش لانه كان معاشهم من الرحلتين رحلة في الشتاء إلى اليمن ورحلة في الصيف إلى الشام وكانوا يحملون من مكة الادم واللباس وما يقع من ناحية البحر من الفلفل وغيره فيشترون بالشام الثياب والدرمك والحبوب وكانوا يتألفون في طريقهم ويثبتون في الخروج في كل خرجة رئيسا من رؤساء قريش وكان معاشهم من ذلك فلما بعث الله نبيه صلى الله عليه وآله استغنوا عن ذلك لان الناس وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وحجوا إلى البيت، فقال الله: (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع) فلا يحتاجون ان يذهبوا إلى الشام (وآمنهم من خوف) يعني خوف الطريق.


                    سورة الماعون مكية آياتها سبع


                    (بسم الله الرحمن الرحيم أرأيت الذي يكذب بالدين) قال: نزلت في ابي جهل وكفار قريش (فذلك الذي يدع اليتيم) اي يدفعه عن حقه (ولا يحض على طعام المسكين) اي لا يرغب في إطعام المسكين، ثم قال: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) قال: عنى به التاركين لان كل إنسان يسهو في الصلاة.
                    قال ابوعبدالله عليه السلام: تأخير الصلاة على اول وقتها لغير عذر (الذين هم يراؤن) فيما يفعلون (ويمنعون الماعون) مثل السراج والنار والخمير واشباه ذلك مما يحتاج اليه الناس وفي رواية اخرى الخمس والزكاة.


                    [445]




                    سورة الكوثر مكية آياتها ثلاث


                    (بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر) قال: الكوثر نهر في الجنة اعطى الله محمدا عوضا عن ابنه ابراهيم، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المسجد وفيه عمرو بن العاص والحكم بن ابي العاص قال عمرو: يا ابا الابتر ! وكان الرجل في الجاهلية إذا لم يكن له ولد سمي ابتر، ثم قال عمرو: إني لاشنأ محمدا اي ابغضه فانزل الله على رسوله صلى الله عليه وآله (إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر - إلى قوله - إن شانئك) اي مبغضك عمرو بن العاص (هو الابتر) يعني لا دين له ولا نسب.


                    سورة الكافرون مكية آياتها ست


                    (بسم الله الرحمن الرحيم قل يا ايها الكافرون) قال: حدثني ابي عن محمد ابن ابي عمير قال: سأل ابوشاكر ابا جعفر الاحول عن قول الله تعالى: (قل يا ايها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا انتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا انتم عابدون ما أعبد) فهل يتكلم الحكيم بمثل هذا القول ويكرره مرة بعد مرة فلم يكن عند ابي جعفر الاحول في ذلك جواب، فدخل المدينة فسأل ابا عبدالله عليه السلام عن ذلك فقال كان سبب نزولها وتكرارها ان قريشا قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، وتعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة فأجابهم الله بمثل ما قالوا فقال فيما قالوا تعبد آلهتنا سنة (قل يا ايها الكافرون لا اعبد ما تعبدون) وفيما قالوا نعبد إلهك سنة (ولا انتم عابدون ما اعبد) وفيما قالوا تعبد آلهتنا سنة (ولا انا عابد ما عبدتم) وفيما قالوا نعبد إلهك سنة (ولا انتم


                    [446]


                    عابدون ما اعبد لكم دينكم ولي دين) قال فرجع ابوجعفر الاحول إلى ابي شاكر فأخبره بذلك فقال ابوشاكر: هذا ما حمله الابل من الحجاز، وكان ابوعبدالله عليه السلام إذا فرغ من قراء‌تها يقول: " ديني الاسلام " ثلاثا.


                    سورة النصر مكية (مدنية ط) آياتها ثلاث


                    (بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاء نصر الله والفتح) قال: نزلت بمنى(1)



                    ___________________________________
                    (1) وفي مجمع البيان وغيره انها نزلت بالمدينة وفيها بشارة من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله بالنصر والفتح (اي فتح مكة) قبل وقوع الامر، (ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا) اي جماعة بعد جماعة قال الحسن: لما فتح رسول الله مكة قالت العرب: اما إذا ظفر محمد صلى الله عليه وآله بأهل الحرم وقد اجارهم الله من اصحاب الفيل فليس لكم به يدان - اي طاقة - فكانوا يدخلون في دين الله افواجا ولما نزلت هذه السورة وقرأها على اصحابه ففرحوا واستبشروا وسمعها العباس فبكى، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما يبكيك يا عم ! فقال: اظن انه قد نعيت اليك نفسك يا رسول الله، فقال: إنه لكما تقول، فعاش بعدها سنتين، ما رؤي فيهما ضاحكا مستبشرا (انتهى).
                    اقول: وهذا خلاف ما فسر به القمي (ره) في هذا التفسير لانه قال بنزولها في مكة في حجة الوداع فعليه تكون السورة مكية دون المدنية، ولا يكون المراد حينئذ من النصر على ما ذهب اليه القمي (ره) هو فتح مكة بل المراد منه هو ظهور الحجة عليه السلام والدليل على ما ذهب اليه المصنف امران:
                    (الاول) ما رواه في الكافي والعيون عن ابي عبدالله عليه الشرع: أن اول ما نزل اقرأ باسم ربك وآخره إذا جاء نصر الله، وهذا يناسب نزولها في حجة الوداع كما ذكره المصنف، لا في المدينة قبل وفاته بسنتين كما ذكره الطبرسي (ره) إذ نزل في خلال هذه المدة الطويلة كثير من القرآن.
                    (الثاني) ما رواه غير واحد من الاصحاب كالطبرسي نفسه والقاشاني من انها لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وآله نعيت إلي نفسي، ولا دلالة فيها على النعي إذا قلنا ان المراد من النصر هو فتح مكة، كما اعترف به الطبرسي (ره)، اما على القول بنزولها في مكة وإرادة ظهور الحجة عليه السلام من " النصر والدخول في دين الله افواجا " تكون فيها جهة للنعي ايضا، إذ كان المعنى حينئذ انه يا محمد ! قد انقضت ايامكم وانتهت فتوحك كلها لانه بعد هذا فتح كبير لولدك القائم الذي وعدناه ج ز


                    [447]


                    في حجة الوداع إذا جاء نصر الله والفتح، فلما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعيت إلي نفسي فجاء إلى مسجد الخيف فجمع الناس ثم قال: نصر الله امرء‌ا سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو افقه منه، ثلاث لا يغل عليه قلب امرئ مسلم اخلص العمل لله والنصيحة لائمة المسلمين واللزوم لجماعتهم فان دعوتهم محيطة من ورائهم، ايها الناس ! اني تارك فيكم ثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ولن تزلوا، كتاب الله وعترتي اهل بيتي، فانه قد نبأني اللطيف الخبير انهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، كاصبعي هاتين وجمع بين سبابتيه ولا اقول كهاتين وجمع بين سبابته والوسطى فيفضل هذه على هذه.


                    [448]




                    سورة اللهب مكية آياتها خمس


                    (بسم الله الرحمن الرحيم تبت يدا أبي لهب) قال: اي خسرت، لما اجتمع مع قريش في دار الندوة وبايعهم على قتل محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وكان كثير المال فقال الله: (ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب) عليه فتحرقه (وامرأته حمالة الحطب) قال: كانت أم جميل بنت صخر، وكانت تنم على رسول الله صلى الله عليه وآله وتنقل احاديثه إلى الكفار، حمالة الحطب اي احتطبت على رسول الله صلى الله عليه وآله (في جيدها) اي في عنقها (حبل من مسد) اي من نار، وكان اسم ابي لهب عبد مناف فكناه الله لان منافا صنم يعبدونه.


                    سورة الاخلاص مكية آياتها خمس ط
                    (بسم الله الرحمن الرحيم قل هل الله احد) اي هو الله الاحد وكان سبب نزولها ان اليهود جاء‌ت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: ما نسب ربك؟ فانزل الله (قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد) ومعنى قوله: احد أحدي النعت كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نور لا ظلام فيه وعلم لا جهل فيه وقوله: الصمد، اي الذي لا مدخل فيه وقوله: لم يلد، اي لم يحدث ولم يولد ولم يكن له كفوا احد، قال: لا له كفو ولا شبيه ولا شريك ولا ظهير ولا معين.
                    حدثنا ابوالحسن قال حدثنا الحسن بن علي بن حماد بن مهران، قال: حدثنا محمد بن خالد بن ابراهيم السعدي قال: حدثني ابان بن عبدالله قال: حدثني يحيى بن آدم عن الفزاري عن حريز عن الضحاك عن ابن عباس، قال قالت قريش


                    [449]


                    للنبي صلى الله عليه وآله بمكة صف لنا ربك لنعرفه فنعبده، فانزل الله تبارك وتعالى على النبي صلى الله عليه وآله قل هو الله أحد، يعني غير مبعض ولا مجزى ولا مكيف، ولا يقع عليه اسم العدد ولا الزيادة ولا النقصان، الله الصمد الذي قد انتهى اليه السؤدد والذي يصمد اهل السماوات والارض بحوائجهم اليه، لم يلد منه عزير كما قالت اليهود عليهم لعائن الله وسخطه ولا المسيح كما قالت النصارى عليهم سخط الله، ولا الشمس والقمر ولا النجوم كما قالت المجوس عليهم لعائن الله وسخطه ولا الملائكة كما قالت كفار قريش لعنهم الله، ولم يولد لم يسكن الاصلاب ولم تضمه الارحام لا من شئ كان ولا من شئ خلق ما (مما ط) كان، ولم يكن له كفوا أحد، يقول ليس له شبيه ولا مثل ولا عدل ولا يكافيه أحد من خلقه بما أنعم عليه من فضله.


                    سورة الفلق مكية آياتها خمس


                    (بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الفلق) قال: الفلق جب في جهنم يتعوذ أهل النار من شدة حره فسأل الله أن يأذن له أن يتنفس، فأذن له فتنفس فأحرق جهنم قال: وفي ذلك الجب صندوق من نار يتعوذ أهل الجب من حر ذلك الصندوق، وهو التابوت وفي ذلك التابوت ستة من الاولين وستة من الآخرين فاما الستة التي من الاولين، فابن آدم الذي قتل أخاه، ونمرود ابراهيم الذي ألقى ابراهيم في النار، وفرعون موسى، والسامري الذي اتخذ العجل، والذي هود اليهود، والذي نصر النصارى، واما الستة التي من الآخرين فهو الاول والثانى والثالث والرابع وصاحب الخوارج وابن ملجم لعنهم الله (ومن شر غاسق إذا وقب) قال: الذي يلقى في الجب فيه يقب (يغب فيه ط)


                    [450]




                    سورة الناس مكية (مدنية ط) آياتها ست


                    (بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الناس) وإنما هو أعوذ برب الناس (ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس) اسم الشيطان الذي هو في صدور الناس يوسوس فيها ويؤيسهم من الخير ويعدهم الفقر ويحملهم على المعاصي والفواحش وهو قول الله عزوجل الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، وقال الصادق عليه السلام: ما من قلب إلا وله أذنان على أحدهما ملك مرشد وعلى الآخر شيطان مغتر هذا يأمره وهذا يزجره وكذلك من الناس شيطان يحمل الناس على المعاصي كما يحمل الشيطان من الجن.
                    قال: حدثني أبي عن بكر بن محمد عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كان سبب نزول المعوذتين انه وعد رسول الله صلى الله عليه وآله فنزل جبرئيل بهاتين السورتين فعوذه بهما، حدثنا سعيد بن محمد قال: حدثنا بكر بن سهل عن عبد الغني بن سعيد الثقفي عن موسى بن عبدالرحمن عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس في قوله (من شر الوسواس الخناس) يريد الشيطان لعنه الله على قلب ابن آدم، له خرطوم مثل خرطوم الخنزير يوسوس لابن آدم إذا أقبل على الدنيا ومالا يحب الله فاذا ذكر الله عزوجل انخنس يريد رجع، قال الله: (الذي يوسوس في صدور الناس) ثم اخبر انه من الجن والانس فقال عزوجل (من الجنة والناس) يريد من الجن والانس، حدثنا علي عن الحسين عن احمد بن ابي عبدالله عن على ابن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي قال قالت لابي جعفر عليه السلام: إن ابن مسعود كان يمحو المعوذتين من المصحف فقال عليه السلام: كان أبي يقول إنما فعل ذلك ابن مسعود برأيه وهما من القرآن.


                    [451]


                    وعنه عن احمد بن ابي عبدالله عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن ابي بكر الحضرمي عن ابي عبدالله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي: يا علي القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولا تضيعوه كما ضيعت اليهود التوراة فانطلق علي عليه السلام فجمعه في ثوب أصفر ثم ختم عليه في بيته وقال: لا أرتدي حتى أجمعه فانه كان الرجل ليأتيه فيخرج اليه بغير رداء حتى جمعه، قال وقال رسول الله: لو أن الناس قرأوا القرآن كما أنزل الله ما اختلف اثنان، حدثنا جعفر بن احمد قال: حدثنا عبدالكريم بن عبدالرحيم قال: حدثنا محمد بن علي القرشي عن محمد بن الفضيل عن ابي حمزة الثمالي عن ابي جعفر عليه السلام قال: ما أحد من هذه الامة جمع القرآن إلا وصي محمد صلى الله عليه وآله، حدثنا محمد بن احمد بن ثابت قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة عن وهيب بن حفص عن ابي بصير عن ابي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن القرآن زاجر وآمر يأمر بالجنة ويزجر عن النار وفيه محكم ومتشابه فاما المحكم فيؤمن به ويعمل به (ويدبر به ك) واما المتشابه فيؤمن به ولا يعمل به وهو قول الله: فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وآل محمد عليهم السلام الراسخون في العلم.
                    حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن احمد عن محمد بن عيسى عن علي ابن حديد عن مرازم عن ابي عبدالله عليه السلام قال: إن القرآن تبيان كل شئ حتى والله ما ترك الله شيئا يحتاج العباد اليه إلا بينه للناس حتى لا يستطيع عبد يقول لو كان هذا نزل في القرآن إلا وقد أنزل الله تبارك وتعالى فيه.
                    (تم الكتاب).


                    [452]



                    للتحميل بصيغة وورد:
                    الجزء الاول تفسير القمي
                    الجزء الثاني تفسير القمي

                    مقتبس من:
                    - دار رقية للقرآن الكريم
                    -موقع حسنين

                    Comment

                    Working...
                    X
                    😀
                    🥰
                    🤢
                    😎
                    😡
                    👍
                    👎