إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

جانب من خطبة الجمعة بتاريخ 4 رمضان 1435 ، 1 8 2014 (الدليل الغيبي)

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • hmdq8
    عضو نشيط
    • 10-08-2011
    • 450

    جانب من خطبة الجمعة بتاريخ 4 رمضان 1435 ، 1 8 2014 (الدليل الغيبي)

    الخطبة الاولى

    اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمدلله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
    الحمد لله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها. اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    انصار الله جميع الرسل والانبياء والاوصياء اجهدو انفسهم في تذكير الناس بالله سبحانه وتعالى وارجاعهم إليه وكان من أدلتهم التي احتجوا بها عليهم هي الدليل الغيبي.
    ومن أولى الادلة التي جاء بها يماني آل محمد ص الامام أحمد الحسن ع وارث الانبياء والمرسلين هي الدليل الغيبي فهي سنة الله التي لن تجد لها تبديلا
    ولن اشرح بنفسي ما هو الدليل الغيبي وكيف يكون بل سنأقرأ لكم ما خطته يمينه المباركه بإذن الله.

    [ السؤال/ 584: السيد أحمد الحسن .. من خلال البحث الذي قمت به للاستدلال عليكم بروايات أهل البيت (ع) وجدت أن الإشارة كانت واضحة إلى شخصية ملازمة للإمام المهدي (ع) يعبرون عنها بالمهدي والمنصور والوزير والمولى الذي يلي أمره، وإني مؤمن بكل ذلك ولكن يبقى الاطمئنان القلبي فهل إلى ذلك من سبيل، أرشدونا يرحمكم الله.
    السيد أحمد الحسن .. كل الذي جئتم به من الأدلة الروائية على ثبوت حجيتكم ووجودكم والإشارة إليكم في مضمون الروايات صحيح إن شاء الله، ولكن يبقى القلق من المتلقي بما فيهم السائل شيء، فكيف السبيل إلى الاطمئنان القلبي ؟
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. المرسل: صادق - العراق
    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
    وفقك الله لكل خير، إن كنت تطلب اليقين والاطمئنان فتزود وارتحل إلى الله وأسأله فيجيبك سبحانه، وما أخف الزاد على القلوب الطاهرة وهو الإخلاص له سبحانه، وما أقصر طريق الرحيل إليه الذي لا يحتاج إلّا النية فقط، فهو لا يبعد عن خلقه سبحانه وتعالى، ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾([81])، وما أيسر أن تسأله وهو لا تتشابه عليه الأصوات ولا تزيده كثرة العطاء إلا كرماً وجوداً.
    هل يصعب عليك أن تسجد ولا ترفع رأسك حتى تسمع جواب ربك لتنجو في الآخرة والدنيا ؟ وهل يصعب عليك أن تصوم ثلاثة أيام وتتضرع في لياليها إلى الله أن يجيبك ويعرفك الحق ؟
    وفقك الله لكل خير، الجأ إلى الله وستجده كهفاً حصيناً لا يضيع من لجأ إليه.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]
    الجواب المنير ج6

    [ السؤال/ 1: كيف أستطيع أن أصدق بأنّ السيد أحمد الحسن هو رسول ووصي الإمام المهدي (ع) بأقصر الطرق ؟
    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين.
    أقصر طريق للإيمان بالغيب هو الغيب، اسألي الله بعد أن تصومي ثلاثة أيام وتتوسلي بحق فاطمة بنت محمد (ص) أن تعرفي الحق من الله بالرؤيا أو الكشف أو بأي آية من آياته الغيبية الملكوتية سبحانه وتعالى. ] الجواب المنير ج1

    [ السؤال/ 36: السلام عليكم .. أنا عراقي في المهجر هي ألمانيا، وميونخ بالتحديد، قد قرأت بعض الذي ذكرت ولكن كيف التصديق وقد سمعنا إن للمهدي (عجل الله فرجه الشريف) هناك الكثير من الناس الذين يدعون بأنهم رسل المهدي (ع)، وهم ليسوا إلاّ كذابين آسف أنا لا أقصدك.
    ولكن كيف أصدق وكيف أعلم بك وأنت ها قد قلت بأنك تعلمت علم من علم الإمام المهدي ؟ سؤالي: هل تستطيع أن تلتقي بي ؟ وأقسم بأني خائف لأني أريد الآخرة ولا أريد الدنيا، فبالله عليك قربني من الإمام المهدي ولك السلام.
    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين
    أخي وجود الباطل لا يدل على بطلان الحق، فوجود مسيلمة الكذاب (لعنه الله) لا يدل على بطلان محمد (ص)، اغتسل وصم ثلاثة أيام وأدعو بهذا الدعاء … (الدعاء الموجود في جواب: س14)، وأسأل الله أن يهديك سواء السبيل، وأن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه، ويريك الباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه.] الجواب المنير ج1

    [ إذا كنت تريد رؤية الإمام المهدي (ع)، فأدعو بهذا الدعاء أربعين ليلة بعد منتصف الليل:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    (اللهم أنت دليل المتحيرين، ومفزع المكروبين، وغياث المستغيثين، مالي إله غيرك فأدعوه، ولا شريك لك فأرجوه، صلِ على محمد وآل محمد واجعل لي من أمري فرجاً، واهدني لأقرب من هذا رشداً، قرعت بابك، وأنخت رحلي بساحة قدسك وجنابك، طالباً شهادتك، وأنا العبد الخسيس الذليل وأنت الرب العزيز الجليل، بيّن لي أمر أحمد الحسن بأوضح بيان، وأفصح لسان، فإن كان وليك، صدّقته وبايعته ونصرته، وإن كان عدوك، كذبته وحاربته، يا من أوحى للحواريين وشهد لهم بأنّ عيسى (ع) رسوله ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ﴾([11])، اشهد لي وبيّن لي هذا الأمر، فقد شهد شعري وبشري ولحمي ودمي وعظمي، وما أقلت الأرض مني وروحي، إنّ شهادتك أكبر شهادة ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾([12])، يا من عرض نفسه للكافرين برسالة محمد (ص) شاهداً، فقال: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾([13])، ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾([14])، ﴿قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً﴾ ([15])، فزهدوا بشهادتك، اشهد لي يا رب فإني لا أزهد بشهادتك، وأشهد أنّ الرؤيا حق من عندك، وطلائع وحيك، وكلماتك التي تفضلت بها على العالمين، يا من مدح إبراهيم وجعل النبوة في ذريته؛ لأنّه صدّق الرؤيا، فقلت سبحانك: ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾([16])، ومدحت مريم، فقلت: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا﴾([17])، يا من خاطب محمداً (ص)، فقال: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ * إِذْ قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾([18])، فسميت الرؤيا أحسن القصص في كتابك الكريم، ومدحت من صدّق بها من أوليائك وأنبيائك ورسلك، وذممت من كذب بها وسماها أضغاث أحلام، فقلت وقولك الحق: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ﴾([19])، وقال ملأ فرعون وزبانيته: ﴿أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعَالِمِينَ﴾([20])، وصدّق يوسف بالرؤيا وأوّلها فمدحته، وقلت سبحانك: ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ﴾([21])، اللهم اجعلني كأوليائك وأنبيائك ورسلك، أصدق بالرؤيا، طلائع وحيك وكلماتك التي تفضلت بها على العالمين، وأحسن القصص في كتابك، ولا أنقض عهدك ولا أخلف وعدك).
    ثم تقول: (أغثني يا رب بحق فاطمة، ارحمني يا رب بحق فاطمة، اهدني يا رب بحق فاطمة). ]
    الجواب المنير ج1 من السؤال 14

    بعد ما بين الامام ع أن أبسط الادله وأسهلها هي أن تصوم 3 ايام وتتوسل بالسيدة فاطمة ع وتقرأ الدعاء الذي هو عباره عن اقرار بالايمان بشهادة الله ووحي الله سبحانه وتعالى وأياته، الامام ع في السؤال التالي سيبين أهمية الرؤيا وشهادة الله في أول الزمان وفي أخر الزمان.

    سؤال/ 145: قال تعالى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ﴾ ما المعنى المراد من هذه الآية؟
    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين
    قال رجل لأبي عبد اللّه (ع) : بلغني أن العامة يقرؤون هذه الآية هكذا: (تَكلمهم) أي تجرحهم، فقال (ع) : (كلمهم الله في نار جهنم ما نزلت إلا تُكلمهم من الكلام)
    وعن الرضا (ع) في قوله تعـالى: ﴿أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ﴾، قال (ع) : (علي (ع))
    فالدابة في هذه الآية إنسان، وتوجد روايات بيَّنت أنه علي بن أبي طالب (ع)، وهذا في الرجعة، فعلي (ع) هو دابة الأرض في الرجعة يكلم الناس، ويبين المؤمن من الكافر بآيات الله
    سبحانه. وقبل الرجعة قيام القائم (ع)، وأيضاً له (دابة تكلم الناس) ، وتبين لهم ضعف إيمانهم بآيات الله الحقة في ملكوت السماوات، وهي الرؤيا والكشف في اليقظة، وتبين لهم أن الناس على طول مسيرة الإنسانية على هذه الأرض أكثرهم لا يوقنون بآيات الله الملكوتية ولا يؤمنون بالرؤيا، والكشف في ملكوت السماوات، لأنهم قصروا نظرهم على هذه الأرض، وعلى المادة، وهي مبلغهم من العلم لا يعدونها إلى سواها، ﴿ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى﴾.
    وفي الجانب الآخر الأنبياء والأوصياء والرسل وأصحابهم يؤمنون بآيات الله، ويؤمنون بالرؤيا والكشف في ملكوت السماوات، وإنها طريقٌ لوحي الله سبحانه وتعالى، وما كانوا أنبياء لولا إيمانهم هذا، ولذا مدحهم الله سبحانه وتعالى فقال: ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.
    وقال: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾.
    وقال تعالى عن الرؤيا: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾.
    فمدح إبراهيم (ع)؛ لأنه صدق بالرؤيا، ومدح مريم كذلك ؛ لأنها صدقت بالرؤيا، ومدح يوسف؛ لأنه صدق بالرؤيا وأوّلها، قال تعالى: ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.
    واليوم تجد كثيراً من الناس ينكرون حقيقة الرؤيا، وإنها وحي من الله سبحانه وتعالى، وذلك لأن نفوسهم الخبيثة منكرة وغير مؤمنة بالله سبحانه وتعالى، ولكنهم لا يعلمون. فهم كافرون بالله في عالم الذر، وكافرون بالولاية الإلهية، ولم يقرّوا لولي من أولياء الله قط في قلوبهم، وإنما جعلهم الله يقرون بألسنتهم ببعض الحق ليدفع الله بهم عن أوليائه
    والرؤيا طريق يكلم الله به عباده ([155]) جميعهم وأنبياءه ورسله، أولياءه وأعداءه، المؤمن والكافر. فقد أوحى الله لفرعون مصر الكافر رؤيا استفاد منها يوسف (ع) في بناء اقتصاد الدولة: ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيا تَعْبُرُونَ﴾.
    وقد أوحي الله لمحمد (ص) رؤيا عرَّفه بها ما يحصل لأهل بيته من بعده، وتسلّط بني أمية (لعنهم الله) على أمته: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَاناً كَبِيراً﴾. ([157])
    وقد عرض الله سبحانه وتعالى نفسه شاهداً للكفار بنبوة محمد (ص) إن طلبوا شهادته . وكيف يشهد الله سبحانه وتعالى للكفار إلا بالرؤيا، قال تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾.
    قال تعالى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ﴾، فالقول الذي يقع هو خروج القائم (ع) وهو القيامة الصغرى ([159])، ﴿ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ﴾ والدابة: هو المهدي الأول ([161]) الذي يقوم قبل القائم (ع) ويكلم الناس ويبكتهم، ويبيّن لهم كفرهم بآيات الله الملكوتية (الرؤيا والكشف) وركونهم إلى المادة والشهوات، وإعراضهم عن ملكوت السموات.
    قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾
    ورد في الروايات عنهم (ع) : (أنه الحق) أي: قيام القائم، والآيات التي يرونها في الآفاق، وفي أنفسهم هي كما ورد عنهم (ع)؛ في الآفاق: (الفتن والقذف من السماء) ، وفي أنفسهم: (المسخ)
    وأيضاً الآيات في الآفاق الملكوتية أي في آفاق السماوات، وفي أنفسهم بـ (الرؤيا والكشف)، فيريهم الله آياته الملكوتية حتى يتبيّن لهم أنه الحق، أي خروج القائم، وإنّ الذي يكلمهم هو: (المهدي الأول من المهديين الإثني عشر)، وهذا الآيات هي من العلامات التي ترافق المهدي الأول، وتبيّن للناس أنه الحق من ربهم.
    فهذه الآيات في الآفاق وفي الأنفس هي نفسها التي تتكلم عنها دابة الأرض، وتبكِّت الناس؛ لأنهم لا يؤمنون بها، وهي الآيات في ملكوت السماوات، وهي الرؤيا والكشف.
    ولابد هنا أن نعرج قليلاً على الرؤيا لنعرف مدى أهميتها عند الله سبحانه وتعالى في القرآن، وعند الرسول (ص)، وعند آل بيته (ع).
    ففي القرآن: الله سبحانه وتعالى يسمي الرؤيا (أحسن القصص) ([164])، ويقص علينا رؤيا يوسف ([165]) ويبيّن تحققها في أرض الواقع.
    ويقص علينا رؤيا السجين([166]) وتحققها في أرض الواقع المعاش، ويقص رؤيا فرعون الكافر ([167]) واعتماد يوسف (ع) وهو نبي عليها وتأسيسه اقتصاد الدولة بناءً على هذه الرؤيا، ومن ثَّم تحققها في الواقع المعاش. ويقص علينا القرآن حال بلقيس ملكة سبأ، فهي تعرف أن سليمان نبي كريم بالرؤيا، فتصدق الرؤيا وتؤمن في النهاية: ﴿قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ﴾، فمن أين عرفت أنه كتاب كريم إلا من الله وبالرؤيا. وهكذا كل أنبياء الله ورسله وأوليائه سبحانه وتعالى، لا تفارقهم الرؤيا، آية عظيمة من آيات الله، وطريق يكلمهم الله سبحانه به، فالرؤيا طلائع الوحي الإلهي.
    أما الرسول: فقد اهتم بالرؤيا أشد الاهتمام، حتى إنه كان كل يوم بعد صلاة الفجر يلتفت على أصحابه فيسألهم: (هل من مبشرات، هل من رؤيا). وفي يوم لا يخبره أحد من أصحابه برؤيا فيقول لهم: آنفاً كان عندي جبرائيل يقول: كيف نأتيهم ونريهم رؤيا والتفث في أظفارهم؟!
    وقال (ص) : (من رآني فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي، ولا بأحد من أوصيائي). وقال، وقال، وقال في الرؤيا، راجع (دار السلام) وهو أربع مجلدات مليئة بالروايات التي تخص الرؤيا.
    كما أقر رسول الله (ص) الرؤيا كطريق هداية وإيمان، فأقر إيمان خالد بن سعيد بن العاص الأموي لرؤيا رآها به (ص) ([172])، وأقرّ رؤيا يهودي رأى نبي الله موسى (ع) وأخبره أن الحق مع محمد (ص) ([173]). وأقر رسول الله (ص) أن الرؤيا حق من الله وكلام تكلم به الرب سبحانه عند عبده
    أما أهل البيت (ع) فقد ورد عنهم: (من رآنا فقد رآنا فان الشيطان لا يتمثل بنا) ([175]). وورد عنهم (ع) : إن الرؤيا في آخر الليل لا تكذب ولا تختلف، وإنّ الرؤيا في آخر الزمان لا تكذب ، وفي آخر الزمان يبقى رأي المؤمن ورؤياه
    وأقرّ الإمام الحسين (ع) إيمان وهب النصراني لرؤيا رآها بعيسى (ع)، وأقر الإمام الرضا (ع) إيمان بعض الواقفية لرؤيا رآها، فقد آتاه أبو الحسن الرضا (ع) في الرؤيا، وقال له: والله لترجعن إلى الحق ([179]).
    وإذا أردنا التفصيل فإن الأمر يطول، ولكن ماذا تفعل لمن ينكر عليك الشمس في رابعة النهار وكيف تحتج على من يقول هذا منتصف الليل عند الزوال. وما لنا إلا أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
    قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾
    فهذا إنكارهم للرؤيا وهي من الآيات الأنفسية، إنما لسبب أنهم في مرية من لقاء ربهم. والحمد لله وحده.
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ( 1 ) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ( 2 ) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ( 3 )



    الخطبة الثانية
    اعوذ بالله من الشيطان اللعين الرجيم
    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمدلله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
    في هذه الخطبه سنذكر وصف الامام ع لهذه الفئة التي تؤمن بالغيب اي المتقين وبما يتميزون عن غيرهم لكي نحافظ على الفطرة التي فطرنا الله عليها ، لكن لعل سائل يقول نحن اجتزنا العقبة والحمدلله فما الداعي لهذا الكلام؟
    وللاجابة على هذا السؤال سنستعرض ما قاله يماني آل محمد ص.

    السؤال/ 239: ... ما تفسير الاية الكريمة: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ * أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾([79]).
    الجواب:...
    قال تعالى: ﴿أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾، أي أطيعوا أمري لأني خليفة الله في أرضه وهذا نفسه نداء إبراهيم (ع): ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾([80])، أي إنّ نفس قول الحجة ودعوته الناس كافية لأن يمتثلوا أمره ويؤمنوا به ويطيعوه ولا يحتاج لتقديم دليل؛ لأنّ المفروض أنّ الناس يعرفونه إن كان محق؛ لأنهم على علاقة بالله وعلى اتصال بالله الذي أرسله والذي خلقهم وبثهم في هذه الأرض، ولكنهم بالحقيقة ضيعوا هذه العلاقة وضيعوا حظهم وأمسوا عمياناً لا يرون ولا يسمعون من الله فهنا تكون المشكلة فيهم وهم يستحقون العذاب؛ لأنهم لم يعرفوا ويميزوا خليفة الله في أرضه، لأنّ آلية التمييز موجودة عندهم، وهي سؤال الله والسماع منه سبحانه فالله أعطاهم القدرة، ولكنهم ضّيعوها، ومع هذا كانت رحمة الله غالبة في أكثر الرسالات فكان الله يرسل الآيات والحجج مع الرسل ليعرفهم الناس الذين لوثوا وفقدوا فطرتهم التي وهبهم الله لمعرفة الحق.
    إذن المفروض إنّ الناس يستجيبون عن علم ومعرفة بمجرّد أن ينادي حجة الله: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ﴾، فبمجرّد أن تؤذن يأتوك، المفروض أنهم يعرفونك ويأتوك، والله سبحانه لم يأمره أن يقدّم دليلاً في البداية فقط.
    أذّن، أي ناد واصدع بالدعوة. وهناك أناس لم يلوثوا فطرتهم فهم يسمعون من الله ويسألون الله وهم يستجيبون بمجرّد صدور النداء وهؤلاء حجة على بقية الناس فهم كبقية الناس، فقط هم لم يلوثوا فطرتهم وعرفوا أنّ الرسول حق من الله فبمجرّد أن نادى (أذّن) جاءوه (يأتوك).
    والحقيقة إنّ الناس كلهم جاءوه كما أخبره تعالى، أمّا باقي الخلق فالله يعلم ما هم ولكن أكيد إنهم ليسوا ناساً وإن تسموا بهذا الاسم.
    أحمد الحسن
    المنير س239 ج3

    [ ﴿هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾: لما كان الكتاب وهو (محمد (ص) والأئمة) مطمئن ومستيقن بالله وبالرسالة المكلف بأدائها، ولما كان مهدي إلى الحق، كان بالنسبة لغيره هادياً وهدى وعَلَماً يُستدل به على الطريق، ولكن مَنْ هذا الغير؟
    فهل لأنه (ص) نور وحق ويقين وتقوى يكون هادياً للجميع؟ وهل لأنه عَلَمٌ منصوب للجميع يكون هادياً للجميع المؤمن والفاسق والمنافق …؟ طبعاً لا؛ لأن ما يلزم الهداية إلى الحق أمران:
    الأول: هو نَصبُ عَلَمٍ هادٍ ونور يستضاء به، وهذا هو المهدي الهادي النبي أو الإمام.
    والثاني: كون فطرة الإنسان سليمة ليهتدي إلى هذا النور ويستضيء به، فالذين لوّثوا الفطرة التي فطرهم الله عليها كيف يهتدون؟ ولو التحقوا بهذا النور واقتربوا منه لم ينفعهم هذا الاقتراب لأنهم لا يبصرون، فستكون عاقبتهم الابتعاد. وبهذا فالكتاب أو الرسول أو الإمام هدىً لأصحاب اليقين، لأن التقوى من لوازم اليقين.(1)
    والسؤال هنا: مَنْ هؤلاء المتقون في زمن رسول الله أي عند بعثه؟ مع أنّ التقوى لا تأتي إلا بعد الإيمان، بل ودرجة عالية منه هي اليقين. ولماذا لم يقل: هدىً للمؤمنين، أو للموقنين؟ ثم إنّ محمداً (ص) والقرآن هدىً لجميع الناس، والدعوة للإسلام عامة ، فما معنى التخصيص؟ ثم هل يمكن أن تكون التقوى لباس الحنفي، أو اليهودي أو المسيحي قبل أن يسلم ليوصف بها؟
    والجواب هنا: إنّ هؤلاء المتقين هم بعض الأحناف واليهود والمسيح في زمن الرسول (ص)، فهذه الديانات الثلاث هي التي كان بعض أفرادها يتصفون بأنهم يقيمون الصلاة ويدفعون الزكاة للفقراء، قال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ﴾ ([102]).
    ثم إنّ الآيات بيَّنت حالهم بأنهم يؤمنون بما أنزل من قبل الرسول، أي إنهم أصحاب الديانات السماوية. ثم إنّ المتقين في زمن الإمام المهدي (ع) هم بعض المسلمين، وهكذا الأئمة (ع) إلى الإمام المهدي (ع). ومن هنا ففي زمننا مثلاً الإيمان بل واليقين بأهل بيت النبوة لا يكفي ليُوفق الإنسان لإتباع الإمام المهدي (ع) ويكون معه في الصف الأول أو الثاني، أعني الثلاث مائة والثلاث عشر أو العشرة آلاف، بل لابد من العمل بالشريعة الإسلامية، بل والإخلاص بالعمل لوجه الله ليكون الفرد المسلم المؤمن متقياً، ويكون الإمام المهدي هدى له ولإخوانه، فالآيات تُبيّن حال النخبة من المؤمنين بعلم الهدى والكتاب في زمانهم، وليس جميع المؤمنين بالرسول.
    ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ ([103]). ]
    المتشابهات ج2 س45

    (1)وقال ع عن دعوات الانبياء والاوصياء
    [ فدعوتهم (ع) للعودة إلى الفطرة، فطرة الله لا تحتاج إلى دليل، لأنها الفطرة التي فطر الناس عليها، وهي الحق وعبادة الله وحده وتسبيحه وتقديسه والتحلي بالأخلاق الكريمة التي فطر الإنسان على حبها، صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة. فالفراش ينقض على النور، ولكن عندما تخرب مجساته البصرية يركن إلى الظلام، وهكذا الإنسان، فالأنبياء والمرسلون يقومون بحجة الله البالغة، ويرفعون الحجب عن بصيرة الإنسان، ثم يتركونه يختار؛ إما أن يفتح عينيه ويتجه إلى النور، أو يغمض عينيه ويسدل على نفسه الحجاب ويتقوقع على نفسه في ظلمات بعضها فوق بعض، ﴿جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً﴾([25]). ]
    اضاءات ج1

    [ السؤال/405 :... ما هو تفسير الآية: ﴿يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾([7]).
    الجواب:
    ج س2: قوله تعالى: ﴿يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾. تقوى الله سبحانه وتعالى تكون نتيجة لاجتناب العبد كل ما لا يرضاه سبحانه وتعالى والتزام كل ما يحبه سبحانه وتعالى، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾([9]).
    وهذه التقوى تجعل الإنسان مراقباً الله سبحانه في كل تحركاته وسكناته، فهذا العبد ذاكر لله سبحانه وتعالى، فكيف لا يذكره سبحانه وتعالى ويُبيِّن له ويُعرفه كل ما يحتاجه للنجاة والخلاص؟! وبالتالي فيكون المتقي قد امتلك أداة التفريق بين الحق والباطل - وهي النور أو الفرقان -، فالمتقي يعرف الحق ويتبعه ويعرف الباطل فيجتنبه، فنتيجة التقوى هي درجة من درجات العصمة يمنّ الله بها على من يقدم لها ثمنها، وهو مراقبة الله وذكره على كل حال وفعل كل ما يرضاه واجتناب كل ما لا يرضاه.
    قال تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِّلْمُتَّقِينَ﴾([10]).
    نعم هو هدىً للمتقين؛ لأن المتقين عندهم أداة التمييز بين الحق والباطل عصمهم الله بها من الالتواء على حجة الله ومخالفته، ﴿يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً﴾، هذا الفرقان والنور يحتاجه الإنسان ما دام في هذه الحياة؛ لأنه في امتحان مستمر، فحتى وإن كان مؤمناً بحجة الله في زمانه فربما مات الحجة وابتلاه الله بحجة لاحق، وربما يضل السبيل إن لم يكن يملك هذا النور والفرقان.
    قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾([11]). فالإيمان بالرسول كما هو واضح ربما لا يكون كافياً للنجاة، خصوصاً إذا مات الرسول أو الحجة وجاء وصيه وفشل الإنسان في معرفته والالتحاق به، ولهذا بيَن الله سبحانه وتعالى أن هناك أداة تعصم الإنسان من الضلال، وهناك ثمن أيضاً لهذه الأداة، فثمنها كما هو واضح في الآيات هو التقوى، وهذه الأداة هي النور والفرقان الذي يميز به الإنسان بين الحق والباطل.
    وهذه الأداة هي عبارة عن وحي الله سبحانه وتعالى للمتقين، وتعريفهم بالحق والباطل، وأوضح صورة لهذا الوحي يعرفها كل الناس تقريباً هي الرؤى التي يراها الناس، فالمتقي يُعرِّفه الله بالرؤيا طريق الحق وطريق الباطل، فلا يبقى إلا أن يؤمن بالغيب ويعمل به، والحقيقة أن المتقي لابد أن يؤمن بالغيب ويعمل به؛ لأن صفة الإيمان بالغيب ملازمة له.
    ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾([12]).] الجواب المنير ج5

    [ ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ﴾:
    الحقيقة أنّ هناك صراطين: صراط الله، وصراط الجحيم اقتراباًً وابتعاداً، أو قل إقبالاً وإدباراً. وصراط الله هو (الصراط المستقيم). وطلب الهداية السابق - أي: اهدنا الصراط المستقيم - يحتاج إلى هذا التخصيص، أي بأنّه صراط الذين أنعم الله عليهم؛ وذلك لأنّ الصراط في عالمي الجزئيات (الملك والملكوت) سُبل كثيرة.
    والهداية إلى بعضها يمكن أن يُعّبر عنه بأنّه هداية إلى الصراط المستقيم، وإن كانت هداية جزئية، ولكن تحديد الصراط بأنّه صراط الأنبياء (ع)؛ لأنّهم هم المنعَم عليهم، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً﴾([32]).
    يعني طلب الهداية إلى جميع سُبل السلام، أو الصراط المستقيم في عالمي الملك والملكوت. وبالتالي الوصول إلى تمام العقل وأعلى درجات القرب منه سبحانه الممكنة للإنسان.
    قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾([33]).
    وقال تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾([34]).
    كما أنّ طلب تجنّب صراط الجحيم وهو صراط المغضوب عليهم في عالمي الملك والملكوت، يعني طلب تجنّب سُبل الجهل وجنوده، قال تعالى: ﴿وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾([35]).
    حيث إنّ انطواء النفس على بعض جنود الجهل فيه خطر عظيم، حتى وإن كان الإنسان مهتدياً إلى بعض سُبل الصراط المستقيم.
    فمثلاً: الإسلام سبيل من سبل الصراط المستقيم، والإيمان سبيل، والولاية سبيل، والعقائد الصحيحة سبيل، والفقه والعلم سبيل، والعمل سبيل، والإخلاص سبيل.
    وبجنب هذه السبل يعترض الإنسان الهوى والنفس والشيطان وزخرف الدنيا: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾([36]).
    وعن أهل بيت العصمة (ع) ما معناه: صراط الذين أنعمت عليهم، أي: بنعمة العمل والإخلاص. وباختصار نعمة الدين الخالص، فلله الدين الخالص.
    وفي هذه الآية - أي: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ﴾ - عودة للثناء على الله سبحانه وشكره والاعتراف بفضله؛ وذلك لأنّ العبد فيها يعتبر عبادته وطاعته لله نعمة من نعم الله، وأي نعمة وفضل من الله وأي فضل.
    وطلب الهداية هنا على مراتب؛ أدناها معرفة هذا الطريق ولو إجمالاً والسير عليه. فإن وصل بفضل الله ورحمته إلى تلك المراتب القدسية العالية، فهو من الذين أنعم الله عليهم، وكان من الذين سبقت لهم من الله الحسنى. وإن سار على هذا الطريق بالاهتداء إلى بعض سُبله (سُبل السلام)، كان مع ذلك متوخياً طاعة الله ورسوله، أي: في زماننا طاعة الإمام المهدي (ع). وإن غلبته بعض الجهالات والظلمات التي انطوت عليه نفسه في بعض الأحيان، فهو يعثر بهذا الحجر ويهوي في تلك الحفرة، ومع ذلك ينهض ويبدأ من جديد. فمثل هذا العبد ربما تداركته الرحمة فكان مع الذين أنعم الله عليهم وليس منهم، فتدبّر. ﴿فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾([37])، والحمد لله وحده. ]
    تفسير شيء من سورة الفاتحة
    ونختم بهذا الدعاء ان شاء الله
    [إلهي إن عظيم ذنبي كف يدي عن انبساطها إليك، وكثرة ودوام تقصيري سوّدا وجهي عندك، فاغفر ذنبي وبيض وجهي فإنه لا سبيل لذلك إلا فضلك ومنك، وعطاؤك الابتداء، وأنت تعلم أني لا أريد بذلك إلا أن أكون أهلاً أن أقف بين يديك وأحـمدك وحدك لا شريك لك على كل نعمة أنعمت وتنعم بها عليَّ وعلى والديَّ وعلى كل أحد من خلقك.
    إلهي وعزتك وجلالك وعظمتك، لو أني منذ بدعت فطرتي من أول الدهر عبدتك دوام خلود ربوبيتك بكل شعرة وكل طرفة عين سرمد الأبد بحمد الخلائق وشكرهم أجمعين، لكنت مقصراً في بلوغ أداء شكر أخفى نعمة من نعمك عليَّ، ولو أني كربت معادن حديد الدنيا بأنيابي، وحرثت أرضها بأشفار عيني، وبكيت من خشيتك مثل بحور السماوات والأرضين دماً وصديداً، لكان ذلك قليلاً في كثير ما يجب من حقك عليَّ، ولو أنك إلهي عذبتني بعد ذلك بعذاب الخلائق أجمعين، وعظمت للنار خلقي وجسمي، وملئت جهنم وأطباقها مني حتى لا يكون في النار معذب غيري، ولا يكون لجهنم حطب سواي، لكان ذلك بعدلك عليَّ قليلاً في كثير ما استوجبته من عقوبتك.
    إلهي فمع عظيم ما استحق من عقوبتك بعدلك، تفضلت عليَّ وجعلتني انطق بحمدك وأذكر أسماءك وأسماء سادتي من الأوصياء أنبياءك ورسلك الذين أتشرف أن أكون حفنة تراب تحت أقدامهم المباركة، إلهي فاغفر لي وأقل عثرتي واجعلهم يغفرون لي ويقيلون عثرتي.]
    واسغفرالله لي ولكم
    بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر (1) فصل لربك وانحر (2) إن شانئك هو الابتر(3)
    والحمدلله رب العالمين
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎