إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

خطب الامام الحسن بن علي المجتبى (ع) سبط رسول الله (ص)

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • راية اليماني
    مشرف
    • 05-04-2013
    • 3021

    خطب الامام الحسن بن علي المجتبى (ع) سبط رسول الله (ص)




    خطب الامام الحسن بن علي المجتبى عليه السلام


    خطبته عليه السلام في استنفار الناس إلى الجمل

    الحمد لله العزيز الجبار الواحد القهار الكبير المتعال ، سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ، أحمده على حسن البلا وتظاهر النعماء ، وعلى ما أحببنا وكرهنا ، من شدة ورخاء . واشهد ان لا اله الا الله ، وحده لا شريك له ، وان محمدا عبده ورسوله ، امتن علينا بنبوته ، واختصه برسالته وانزل عليه وحيه ، واصطفاه على جميع خلقه ، وأرسله إلى الانس والجن ، حين عبدت الأوثان وأطيع الشيطان وجحد الرحمان ، فصلى الله عليه واله وجزاه أفضل ما جزى المرسلين . اما بعد ، فاني لا أقول لكم الا ما تعرفون ، ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أرشد الله امره واعز نصره ، بعثني إليكم يدعوكم إلى الصواب وإلى العمل بالكتاب والجهاد في سبيل الله ، وان كان في عاجل ذاك ما تكرهون ، فان في اجله ما تحبون ، ان شاء الله . وقد علمتم ان عليا صلى مع رسول الله صلى الله عليه واله وحده ، وانه يوم صدق به لفي عاشرة من سنه ، ثم شهد مع رسول الله جميع مشاهده ، وكان من اجتهاده في مرضات الله وطاعة رسوله وإثارة الحسنة في الاسلام ما قد بلغكم . ولن يزل رسول الله راضيا عنه حتى غمضه بيده وغسله وحده ، والملائكة أعوانه والفضل ابن عمه ينقل إليه الماء ، ثم ادخله حفرته وأوصاه بقضاء دينه وعداته ، وغير ذلك من من الله عليه . ثم والله ما دعاهم إلى نفسه ، ولقد تداك الناس عليه تداك الإبل الهيم عند ورودها ، فبايعوه طائعين ، ثم نكث منهم ناكثون ، بلا حدث أحدثه ولا خلاف اتاه ، حسدا له وبغيا عليه . فعليكم عباد الله بتقوى الله والجد والصبر والاستقامة بالله ، والخفوف إلى ما دعاكم إليه أمير المؤمنين . عصمنا الله وإياكم بما عصم به أولياءه وأهل طاعته ، وألهمنا وإياكم تقواه ، وأعاننا وإياكم على جهاد أعدائه ، استغفر الله العظيم لي ولكم .

    خطبته عليه السلام في استنفار أهل الكوفة إلى الجمل

    روى ان عليا عليه السلام بعث إلى الكوفة الحسن ابنه عليه السلام وبعض أصحابه ، ومعهم كتاب إلى أهل الكوفة . فلما دخل الحسن عليه السلام وعمار الكوفة اجتمع اليهما الناس ، فقام الحسن عليه السلام فاستقر الناس ، فحمد الله وصلى على رسوله ، ثم قال : أيها الناس ! انا إلى الله وإلى كتابه وسنة رسوله وإلى أفقه من تفقه من المسلمين ، واعدل من تعدلون ، وأفضل من تفضلون ، وأوفى من تبايعون ، من لم يعيه القران ولم تجهله السنة ، ولم تقعد به السابقة ، إلى من قربه الله إلى رسوله قرابتين ، قرابة الدين وقرابة الرحم ، إلى من سبق الناس إلى كل مآثره . إلى من كفى الله به رسوله ، والناس متخاذلون ، فقرب منه وهم متباعدون ، وصلى معه وهم به مشركون ، وقاتل معه وهم منهزمون ، وبارز معه وهم مجمحون ، وصدقه وهم مكذبون ، إلى من لم ترد له راية ، ولا تكافئ له سابقة . وهو يسألكم النصر ويدعوكم إلى الحق ، ويسألكم بالمسير إليه ، لتوازروه وتنصروه على قوم نكثوا بيعته ، وقتلوا أهل الصلاح من أصحابه ، ومثلوا بعماله ، وانتهبوا بيت ماله . فاشخصوا إليه رحمكم الله ، فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ، واحضروا بما يحضر به الصالحون .

    خطبته عليه السلام في غزوة الجمل ، لتحريض الناس إلى الجهاد

    يا أيها الناس ! أجيبوا دعوة أميركم ، وسيروا إلى اخوانكم ، فإنه سيوجد لهذا الامر من ينفر إليه ، والله لان يليه أولوا النهى أمثل في العاجلة وخير في العاقبة ، فأجيبوا دعوتنا وأعينونا على ما ابتلينا به وابتليتم .

    خطبته عليه السلام لتحريض أهل الكوفة إلى الجمل

    أيها الناس ! ان أمير المؤمنين يقول : اني خرجت مخرجي هذا ظالما أو مظلوما ، واني اذكر الله عز وجل رجلا رعى لله حقا الا نفر ، فان كنت مظلوما أعانني ، وان كنت ظالما اخذ مني ، والله ان طلحة والزبير لأول من بايعني ، وأول من غدر ، فهل استأثرت بمال أو بدلت حكما ، فانفروا ، فمروا بمعروف وانهوا عن منكر .

    خطبته عليه السلام لاستنفار أهل الكوفة إلى حرب الجمل

    أيها الناس ! انه قد كان من أمير المؤمنين عليه السلام ما تكفيكم جملته ، وقد اتيناكم مستنفرين لكم ، لأنكم جبهة الأمصار ورؤساء العرب .وقد كان من نقض طلحة والزبير بيعتهما وخروجهما بعائشة ما قد بلغكم ، وهو ضعف النساء وضعف رأيهن ، وقد قال الله تعالى : ( الرجال قوامون على النساء ) . وأيم الله لو لم ينصره أحد لرجوت ان يكون له فيمن اقبل معه من المهاجرين والأنصار ، ومن يبعث الله له من نجباء الناس كفاية ، فانصروا الله ينصركم .

    خطبته عليه السلام في تحريض الناس لنصرة علي عليه السلام

    لما بلغ أمير المؤمنين عليه السلام ما كان من امر أبي موسى في تخذيل الناس عن نصرته ، انفذ الحسن عليه السلام والأشتر وعمار إلى الكوفة . لما دخلوا المسجد صعد الحسن عليه السلام المنبر فحمد الله واثنى عليه وذكر جده فصلى عليه ، ثم قال : أيها الناس ! ان عليا أمير المؤمنين باب هدى ، فمن دخله اهتدى ، ومن خالفه تردى .

    خطبته عليه السلام في تحريض الناس لنصرة علي عليه السلام

    روي انه لما سار علي عليه السلام من المدينة إلى فيد ، بعث الحسن عليه السلام وعمار وابن عباس إلى الكوفة ، لما دخلوا المسجد صعد الحسن بن علي عليه السلام المنبر ، فحمد الله واثنى عليه ، ثم ذكر جده فصلى عليه ، وذكر فضل أبيه وسابقته وقرابته برسول الله صلى الله عليه واله ، وانه أولى بالامر من غيره ، ثم قال : معاشر الناس ! ان طلحة والزبير قد بايعا عليا طائعين غير مكرهين ، ثم نفرا ونكثا بيعتهما له ، فطوبى لمن خف في مجاهدة من جاهده ، فان الجهاد معه كالجهاد مع النبي صلى الله عليه واله .

    خطبته عليه السلام في تحريض الناس لنصرة علي عليه السلام

    لما بلغ أمير المؤمنين عليه السلام خطبة عبد الله بن الزبير قال لولده الحسن عليه السلام : قم يا بنى فاخطب ، فحمد الله واثنى عليه ، وقال : أيها الناس ! قد بلغنا مقالة ابن الزبير ، وقد كان والله أبوه يتجنى على عثمان الذنوب ، وقد ضيق عليه البلاد حتى قتل ، وان طلحة راكز رايته على بيت ماله ، وهو حي . واما قوله : ان عليا ابتز الناس أمورهم ، فإنه أعظم حجة لأبيه ، زعم انه بايعه بيده ولم يبايعه بقلبه ، فقد أقر بالبيعة وادعى الوليجة ، فليأت على ما ادعاه ببرهان ، وانى له ذلك ؟ ! واما تعجبه من تورد أهل الكوفة على أهل البصرة ، فما عجبه من أهل حق توردوا على أهل الباطل ؟ ولعمري والله ليعلمن أهل البصرة ، فميعاد ما بيننا وبينهم يوم نحاكمهم إلى الله ، فيقضى الله بالحق ، وهو خير الفاصلين .


    خطبته عليه السلام في فضل أهل البيت

    روى انه لما فرغ على بن أبى طالب عليه السلام من حرب الجمل ، عرض له مرض وحضرت الجمعة فتأخر عنها ، وقال لابنه الحسن : انطلق يا بنى فاجمع بالناس ، فأقبل الحسن عليه السلام إلى المسجد ، فلما استقر على المنبر حمد الله واثنى عليه وتشهد وصلى على رسول الله صلى الله عليه واله ، ثم قال : أيها الناس ! ان الله اختارنا لنفسه ، وارتضانا لدينه ، واصطفانا على خلقه ، وانزل علينا كتابه ووحيه ، وأيم الله لا ينقصنا أحد من حقنا شيئا ، الا انتقصه الله من حقه ، في عاجل دنياه وآخرته ، ولا يكون علينا دولة الا كانت لنا العاقبة ، ولتعلمن نبأه بعد حين . ثم جمع بالناس وبلغ أباه كلامه ، فلما انصرف إلى أبيه عليه السلام نظر إليه ، فما ملك عبرته ان سالت على خديه ، ثم استدناه إليه فقبل بين عينيه وقال : بابى أنت وأمي ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم .

    خطبته عليه السلام في صفين لتحريض الناس إلى الجهاد

    الحمد لله لا اله غيره ، وحده لا شريك له ، واثنى عليه بما هو أهله ، ان مما عظم الله عليكم من حقه وأسبغ عليكم من نعمه ما لا يحصى ذكره ، ولا يؤدى شكره ، ولا يبلغه صفة ولا قول . ونحن انما غضبنا لله ولكم ، فإنه من علينا بما هو أهله ان نشكر فيه آلاءه وبلاءه ونعماءه ، قولا يصعد إلى الله فيه الرضا وتنتشر فيه عارفة الصدق ، يصدق الله فيه قولنا ، ونستوجب فيه المزيد من ربنا ، قولا يزيد ولا يبيد . فإنه لم يجتمع قوم قط على امر واحد الا اشتد امرهم واستحكمت عقدتهم ، فاحتشدوا في قتال عدوكم معاوية وجنوده ، فإنه قد حضر ، ولا تخاذلوا ، فان الخذلان يقطع نياط القلوب ، وان الاقدام على الأسنة نجدة وعصمة ، لأنه لم يمتنع قوم قط الا رفع الله عنهم العلة وكفاهم جوانح الذلة ، وهداهم إلى معالم الملة . والصلح تأخذ منه ما رضيت به والحرب يكفيك من أنفاسها جرع

    خطبته عليه السلام بعد حكم أبى موسى الأشعري في صفين

    أيها الناس ! انكم قد أكثرتم في امر عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص ، فإنما بعثا ليحكما بكتاب الله ، فحكما بالهوى على الكتاب ، ومن كان هكذا لم يسم حكما ، ولكنه محكوم عليه . وقد أخطأ عبد الله بن قيس في ان أوصى بها إلى عبد الله بن عمر ، فأخطأ في ذلك في ثلاث خصال : في ان أباه لم يرضه لها ، وفي انه لم يستأمره ، وفي انه لم يجتمع عليه المهاجرون والأنصار الذين نفذوها لمن بعده ، وانما الحكومة فرض من الله . وقد حكم رسول الله صلى الله عليه واله سعدا في بني قريظة ، فحكم فيهم بحكم الله لا شك فيه ، فنفذ رسول الله صلى الله عليه واله حكمه ، ولو خالف ذلك لم يجره .

    خطبته عليه السلام في تحميد الله وفضل أبيه

    روى ان عليا عليه السلام قال للحسن عليه السلام : يا بنى ، قم فاخطب حتى اسمع كلامك ، فقام عليه السلام فقال : الحمد لله الواحد بغير تشبيه ، الدائم بغير تكوين ، القائم بغير كلفة ، الخالق بغير منصبة ، الموصوف بغير غاية ، المعروف بغير محدودية ، العزيز لم يزل قديما في القدم ، ردعت القلوب لهيبته ، وذهلت العقول لعزته ، وخضعت الرقاب لقدرته . فليس يخطر على قلب بشر مبلغ جبروته ، ولا يبلغ الناس كنه جلاله ، ولا يفصح الواصفون منهم لكنه عظمته ، ولا تبلغه العلماء بألبابها ، ولا أهل التفكر بتدبير أمورها ، اعلم خلقه به الذي بالحد لا يصفه ، يدرك الابصار ولا تدركه الابصار ، وهو اللطيف الخبير . اما بعد ، فان عليا باب من دخله كان مؤمنا ، ومن خرج منه كان كافرا ، أقول قولي هذا ، واستغفر الله العظيم لي ولكم .

    خطبته عليه السلام في تحميد الله وفضل أبيه

    روى ان أباه عليا عليه السلام قال له عليه السلام : قم فاخطب لاسمع كلامك ، فقام عليه السلام فقال : الحمد لله الذي من تكلم سمع كلامه ، ومن سكت علم ما في نفسه ، ومن عاش فعليه رزقه ، ومن مات فإليه معاده ، اما بعد ، فان القبور محلتنا ، والقيامة موعدنا ، والله عارضنا ، ان عليا باب ، من دخله كان مؤمنا ، ومن خرج عنه كان كافرا .

    خطبته عليه السلام في فضل أهل البيت

    روى انه طعن أقوام من أهل الكوفة في الحسن بن على عليهما السلام فقالوا : انه عى لا يقوم بحجة ، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فدعا الحسن فقال : يا ابن رسول الله ان أهل الكوفة قد قالوا فيك مقالة أكرهها ، فأخبر الناس ، فقال : يا أمير المؤمنين لا أستطيع الكلام وانا انظر إليك ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : انى متخلف عنك ، فناد الصلاة جامعة ، فاجتمع المسلمون ، فصعد المنبر فخطب خطبة بليغة وجيزة ، فضج المسلمون بالبكاء ، ثم قال : أيها الناس ! اعقلوا عن ربكم ، ان الله عز وجل اصطفى ادم ونوحا وال إبراهيم وال عمران على العالمين ، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم . فنحن الذرية من ادم ، والأسرة من نوح ، والصفوة من إبراهيم ، والسلالة من إسماعيل ، وال من محمد صلى الله عليه واله . نحن فيكم كالسماء المرفوعة ، والأرض المدحوة ، والشمس الضاحية ، وكالشجرة الزيتونة ، لا شرقية ولا غربية التي بورك زيتها . النبي أصلها ، وعلى فرعها ، ونحن والله ثمرة تلك الشجرة ، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا ، ومن تخلف عنها فإلى النار هوى . فقام أمير المؤمنين عليه السلام من أقصى الناس ، يسحب رداءه من خلفه ، حتى علا المنبر مع الحسن عليه السلام ، فقبل بين عينيه ، ثم قال : يا ابن رسول الله أثبت على القوم حجتك وأوجبت عليهم طاعتك ، فويل لمن خالفك .

    خطبته عليه السلام في فضلهم ، بعد شهادة أبيه عليه السلام

    روى أنه : لما قتل أمير المؤمنين عليه السلام رقى الحسن بن على عليهما السلام ، فأراد الكلام ، فخنقته العبرة ، فقعد ساعة ، ثم قام ، فقال : الحمد لله الذي كان في أوليته وحدانيا ، وفي أزليته متعظما بالإلهية ، متكبرا بكبريائه وجبروته ، ابتدأ ما ابتدع ، وأنشأ ما خلق ، على غير مثال كان سبق مما خلق . ربنا اللطيف به لطف ربوبيته ، وبعلم خبره فتق ، وباحكام قدرته خلق جميع ما خلق ، فلا مبدل لخلقه ، ولا مغير لصنعه ، ولا معقب لحكمه ، ولا راد لا مره ، ولا مستزاح عن دعوته . خلق جميع ما خلق ، ولا زوال لملكه ، ولا انقطاع لمدته ، فوق كل شى علا ، ومن كل شى دنا ، فتجلى لخلقه من غير ان يكون يرى ، وهو بالمنظر الاعلى . احتجب بنوره ، وسما في علوه ، فاستتر عن خلقه ، وبعث إليهم شهيدا عليهم ، وبعث فيهم النبيين ، مبشرين ومنذرين ، ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حي عن بينة ، وليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه ، فيعرفوه بربوبيته بعد ما أنكروه . والحمد لله الذي أحسن الخلافة علينا أهل البيت ، وعنده نحتسب عزانا في خير الاباء رسول الله صلى الله عليه واله ، وعند الله نحتسب عزانا في أمير المؤمنين عليه السلام ، ولقد أصيب به الشرق والغرب ، والله ما خلف درهما ولا دينارا الا أربعمائة درهم ، أراد ان يبتاع لأهله خادما . ولقد حدثني حبيبي جدي رسول الله صلى الله عليه واله ، ان الامر يملكه اثنا عشر اماما من أهل بيته وصفوته ، ما منا الا مقتول أو مسموم . ثم عزل عن منبره ، فدعا بابن ملجم لعنه الله ، فاتى له ، قال : يا بن رسول الله ، استبقني أكن لك ، وأكفيك أمر عدوك بالشام ، فعلاه الحسن عليه السلام بسيفه ، فاستقبل السيف بيده ، فقطع خنصره ، ثم ضربه ضربة على يافوخه ، فقتله ، لعنة الله عليه .

    خطبته عليه السلام في فضل أبيه ونفسه عليهما السلام

    روى أنه عليه السلام خطب بعد وفاة أبيه وذكره فقال : خاتم الوصيين ووصي خاتم الأنبياء ، وأمير الصديقين والشهداء والصالحين . ثم قال : أيها الناس قد فارقكم رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون ، لقد كان رسول الله صلى الله عليه واله يعطيه الراية ، فيقاتل جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، فما يرجع حتى يفتح الله عليه ، ما ترك ذهبا ولا فضة الا شيئا على صبي له ، وما ترك في بيت المال الا سبعمائة درهم فضلت من عطائه ، أراد ان يشترى بها خادما لام كلثوم . ثم قال : من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فانا الحسن بن محمد النبي صلى الله عليه واله . ثم تلا هذه الآية قول يوسف : ( واتبعت ملة ابائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ) . انا ابن البشير ، وانا ابن النذير ، وانا ابن الداعي إلى الله ، وانا ابن السراج المنير ، وانا ابن الذي ارسل رحمة للعالمين ، وانا من أهل بيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وانا من أهل البيت ، الذين كان جبرئيل ينزل عليهم ، ومنهم كان يعرج . وانا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم وولايتهم ، فقال فيما انزل على محمد صلى الله عليه واله : ( قل لا أسألكم عليه اجرا ، الا المودة في القربى ومن يقترف حسنة ) ، واقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت . وفي رواية : أيها الناس ! في هذه الليلة نزل القران ، وفي هذه الليلة رفع عيسى بن مريم ، وفي هذه الليلة قتل يوشع ابن نون ، وفي هذه الليلة مات أبي أمير المؤمنين ، والله لا يسبق أبي أحد كان قبله من الأوصياء إلى الجنة ، ولا من يكون بعده . وان كان رسول الله صلى الله عليه واله ليبعثه في السرية ، فيقاتل جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، وما ترك صفراء ولا بيضاء الا سبعمائة درهم فضلت من عطائه ، كان يجمعها ليشتري بها خادما لأهله .

    خطبته عليه السلام لما مات أبوه عليه السلام

    أيها الناس ! اتقوا الله ، فانا أمراؤكم وأولياؤكم ، وانا أهل البيت الذين قال الله فينا : ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) .

    خطبته عليه السلام لما مات أبوه عليه السلام

    أيها الناس ! ان الدنيا دار بلاء وفتنة ، وكل ما فيها فإلى زوال واضمحلال . فلما بلغ إلى قوله : واني أبايعكم على ان تحاربوا من حاربت وتسالموا من سالمت . فقال الناس : سمعنا وأطعنا ، فمرنا بأمرك يا أمير المؤمنين .

    خطبته عليه السلام بعد البيعة له

    نحن حزب الله الغالبون ، وعترة رسوله الأقربون ، وأهل بيته الطيبون الطاهرون ، واحد الثقلين الذين خلفهما رسول الله صلى الله عليه واله في أمته ، والتالي كتاب الله ، فيه تفصيل كل شى ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . فالمعول علينا في تفسيره ، لا نتظنى تأويله ، بل نتيقن حقائقه ، فأطيعونا ، فان طاعتنا مفروضة ، إذ كانت بطاعة الله عز وجل ورسوله مقرونة . قال الله عز وجل : ( يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم فان تنازعتم في شى فردوه إلى الله والرسول ) ، ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) . وأحذركم الاصغاء لهتاف الشيطان ، فإنه لكم عدو مبين ، فتكونوا أولياءه الذين قال لهم : ( لا غالب لكم اليوم من الناس واني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال اني برئ منكم اني أرى ما لا ترون ) . فتلقون إلى الرماح وزرا ، وإلى السيوف جزرا ، وللعمد حطما ، وللسهام غرضا ، ثم لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا .

    خطبته عليه السلام في تحريض أصحابه للقتال

    روى انه لما سار معاوية إلى العراق ، وبلغ جسر منبج ، نادى المنادى : الصلاة جامعة ، فلما اجتمعوا خرج الحسن عليه السلام ، فصعد المنبر ، فحمد الله واثنى عليه ، ثم قال : اما بعد ، فان الله كتب الجهاد على خلقه وسماه كرها ، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين : ( اصبروا ان الله مع الصابرين ) ، فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون الا بالصبر على ما تكرهون . انه بلغني ان معاوية بلغه انا كنا أزمعنا على المسير إليه ، فتحرك لذاته ، فأخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنخيلة ، حتى ننظر وتنظرون ، ونرى وترون . قال : وانه في كلامه ليتخوف خذلان الناس له .

    خطبته عليه السلام في ذم أصحابه لتثاقلهم عن الجهاد

    اما والله ما ثنانا عن قتال أهل الشام ذلة ولا قلة ، ولكن كنا نقاتلهم بالسلامة والصبر ، فشيبت السلامة بالعداوة ، والصبر بالجزع ، وكنتم تتوجهون معنا ، ودينكم امام دنياكم ، وقد أصبحتم الان ودنياكم امام دينكم ، وكنا لكم وكنتم لنا ، وقد صرتم اليوم علينا . ثم أصبحتم تعدون قتيلين : قتيلا بصفين تبكون عليهم ، وقتيلا بالنهروان تطلبون بثأرهم ، فاما الباكي فخاذل ، واما الطالب فثائر . وان معاوية قد دعا إلى امر ليس فيه عز ولا نصفة ، فان أردتم الحياة قبلناه منه ، واغضضنا على القذى ، وان أردتم الموت بذلناه في ذات الله ، وحاكمناه إلى الله . فنادى القوم بأجمعهم : بل البقية والحياة .

    خطبته عليه السلام في غدر أصحابه به

    روى أنه لما مات على عليه السلام جاء الناس إلى الحسن عليه السلام ، وقالوا : أنت خليفة أبيك ووصيه ونحن السامعون المطيعون لك ، فمرنا بأمرك ، فقال عليه السلام : كذبتم والله ، ما وفيتم لمن كان خيرا مني ، فكيف تفون لي ، وكيف اطمئن إليكم ولا أثق بكم ، ان كنتم صادقين فموعد ما بيني وبينكم معسكر المدائن . فوافوا إلى هناك . فركب وركب معه من أراد الخروج ، وتخلف عنه كثير ، فما وفوا بما قالوه وبما وعدوه ، وغروه كما غروا أمير المؤمنين عليه السلام من قبله ، فقام خطيبا وقال : غررتموني كما غررتم من كان من قبلي ، مع أي امام تقاتلون بعدي ، مع الكافر الظالم الذي لم يؤمن بالله ولا برسوله قط ، ولا اظهر الاسلام هو وبني أمية الا فرقا من السيف ، ولو لم يبق لبني أمية الا عجوز درداء ، لبغت دين الله عوجا ، وهكذا قال رسول الله صلى الله عليه واله . ثم وجه إليه قائدا في أربعة آلاف وكان من كندة ، وأمره أن يعسكر بالأنبار ولا يحدث شيئا حتى يأتيه أمره - ثم ذكر صيرورة الرجل إلى معاوية بسبب تطميعه ، إلى ان قال : - فبلغ ذلك الحسن عليه السلام فقام خطيبا وقال : هذا الكندي توجه إلى معاوية وغدر بي وبكم ، وقد أخبرتكم مرة بعد مرة ، انه لا وفاء لكم ، أنتم عبيد الدنيا ، وانا موجه رجلا اخر محله ، واني اعلم انه سيفعل بي وبكم ما فعل صاحبه ، ولا يراقب الله في ولا فيكم . فبعث إليه رجلا من مراد في أربعة آلاف ، وتقدم إليه بمشهد من الناس وتوكد عليه ، واخبره انه سيغدر كما غدر الكندي ، فحلف له بالايمان التي لا تقوم لها الجبال انه لا يفعل ، فقال الحسن عليه السلام : انه سيغدر - ثم ذكر غدره بالامام عليه السلام .

    خطبته عليه السلام لما اتى أصحابه إلى معاوية

    خالفتم أبي حتى حكم وهو كاره ، ثم دعاكم إلى قتال أهل الشام بعد التحكيم ، فأبيتم حتى صار إلى كرامة الله ، ثم بايعتموني على ان تسالموا من سالمني ، وتحاربوا من حاربني ، وقد اتاني ان أهل الشرف منكم قد اتوا معاوية ، وبايعوه ، فحسبي منكم ، لا تغروني من ديني ونفسي .

    خطبته عليه السلام في الكوفة قبل الصلح

    يا أيها الناس ! فان الله قد هداكم بأولنا ، وحقن دماءكم بآخرنا ، وان لهذا الامر مدة ، والدنيا دول ، وان الله تعالى قال لنبيه : ( وان أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) .

    خطبته عليه السلام لما عزم الصلح

    روي أنه لما صار معاوية نحو العراق وتحرك الحسن عليه السلام واستنفر الناس للجهاد فتثاقلوا عنه ، صار عليه السلام حتى نزل ساباط ، وبات هناك ، فلما أصبح أراد عليه السلام أن يمتحن أصحابه ، ويستبرئ أحوالهم في طاعته ، ليميز أولياءه من أعدائه ، ويكون على بصيرة من لقاء معاوية ، فأمر أن ينادى في الناس بالصلاة جامعة ، فاجتمعوا ، فصعد المنبر فخطبهم ، فقال : الحمد لله كلما حمده حامد ، واشهد ان لا اله الا الله كلما شهد له شاهد ، واشهد ان محمدا عبده ورسوله ، ارسله بالحق وائتمنه على الوحي . اما بعد ، فو الله اني لأرجوا ان أكون قد أصبحت بحمد الله ومنه ، وانا انصح خلق الله لخلقه ، وما أصبحت محتملا على امر مسلم ضغينة ، ولا مريدا له بسوء ولا غائلة ، وان ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة ، واني ناظر لكم خيرا من نظركم لا نفسكم ، فلا تخالفوا أمري ولا تردوا على رأيي ، غفر الله لي ولكم ، وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضا . قال : فنظر الناس بعضهم إلى بعض ، وقالوا : ما ترونه يريد بما قال ؟ قالوا : نظن انه يريد ان يصالح معاوية ويسلم الامر إليه ، فقالوا : كفر والله الرجل وشدوا على فسطاطه ، فانتهبوه ، حتى اخذوا مصلاه من تحته - الخ .
    خطبته عليه السلام لما برئ من جراحته

    يا أهل الكوفة : اتقوا الله في جيرانكم وضيفانكم ، وفي أهل بيت نبيكم ، الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .

    خطبته عليه السلام حين صالح معاوية

    عن علي بن الحسين السجاد عليه السلام قال : لما أجمع الحسن بن علي عليهما السلام على صلح معاوية خرج حتى لقيه ، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا ، فصعد المنبر وأمر الحسن عليه السلام ان يقوم أسفل منه بدرجة . ثم تكلم معاوية فقال : أيها الناس هذا الحسن بن على وابن فاطمة ، رآنا للخلافة أهلا ، ولم ير نفسه لها أهلا ، وقد أتانا ليبايع طوعا ، ثم قال : قم يا حسن . فقام الحسن عليه السلام فخطب ، فقال : الحمد لله المستحمد بالآلاء وتتابع النعماء ، وصارف الشدائد والبلاء عند الفهماء وغير الفهماء ، المذعنين من عباده ، لامتناعه بجلاله وكبريائه ، وعلوه عن لحوق الأوهام ببقائه ، المرتفع عن كنه طيبات المخلوقين ، من ان تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين .واشهد ان لا اله الا الله وحده ، في ربوبيته ووجوده ووحدانيته ، صمدا لا شريك له ، فردا لا ظهير له . واشهد ان محمدا عبده ورسوله ، اصطفاه وانتجبه وارتضاه ، وبعثه داعيا إلى الحق سراجا منيرا ، وللعباد مما يخافون نذيرا ولما يأملون بشيرا ، فنصح للأمة وصدع بالرسالة ، وابان لهم درجات العمالة ، شهادة عليها أمات وأحشر ، وبها في الآجلة أقرب وأحبر ، وأقول : يا معشر الخلائق ! فاسمعوا ، ولكم أفئدة واسماع فعوا ، انا أهل بيت أكرمنا الله بالاسلام واختارنا واصطفانا واجتبانا ، فاذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا ، والرجس هو الشك ، فلا نشك في الله الحق ودينه ابدا ، وطهرنا من كل أفن وغية ، مخلصين إلى ادم نعمة منه ، لم يفترق الناس قط فرقتين الا جعلنا الله في خيرهما . فأدت الأمور وأفضت الدهور إلى ان بعث الله محمدا صلى الله عليه واله للنبوة ، واختاره للرسالة ، وانزل عليه كتابا ، ثم امره بالدعاء إلى الله عز وجل ، فكان أبي عليه السلام أول من استجاب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه واله ، وأول من امن وصدق الله ورسوله . وقد قال الله تعالى في كتابه المنزل على نبيه المرسل : ( أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ) ، فرسول الله الذي على بينة من ربه ، وأبي الذي يتلوه ، وهو شاهد منه . وقد قال له رسوله حين امره ان يسير إلى مكة والموسم ببراءة : سر بها يا علي ، فاني أمرت ان لا يسير بها الا انا أو رجل مني ، وأنت هو ، فعلي من رسول الله ورسول الله منه . وقال له النبي صلى الله عليه واله حين قضى بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالب ومولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة : اما أنت يا علي فمني وانا منك ، وأنت ولي كل مؤمن من بعدي ، فصدق أبي رسول الله صلى الله عليه واله سابقا ووقاه بنفسه . ثم لم يزل رسول الله في كل موطن يقدمه ، ولكل شديد يراسله ، ثقة منه به وطمأنينة إليه ، لعلمه بنصيحته لله ورسوله ، وانه أقرب المقربين من الله ورسوله . وقد قال الله عز وجل : ( السابقون السابقون O أولئك المقربون ) ، فكان أبي سابق السابقين إلى الله تعالى والى رسوله صلى الله عليه واله ، وأقرب الأقربين . وقد قال الله تعالى : ( لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة ) ، فأبي كان أولهم اسلاما وايمانا ، وأولهم إلى الله ورسوله هجرة ولحوقا ، وأولهم على وجده ووسعه نفقة . قال سبحانه : ( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم ) . فالناس من جميع الأمم يستغفرون له بسبقه إياهم إلى الايمان بنبيه ، وذلك انه لم يسبقه إلى الايمان به أحد ، وقد قال الله تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم باحسان ) ، فهو سابق جميع السابقين ، فكما ان الله عز وجل فضل السابقين على المتخلفين والمتأخرين ، فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين . وقد قال الله تعالى : ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن امن بالله واليوم الاخر وجاهد في سبيل الله ) ، فهو المجاهد في سبيل الله حقا ، وفيه نزلت هذه الآية . وكان ممن استجاب لرسول الله صلى الله عليه واله عمه حمزة وجعفر ابن عمه ، فقتلا شهيدين رضي الله عنهما ، في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله . فجعل الله تعالى حمزة سيد الشهداء من بينهم ، وجعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم ، وذلك لمكانهما من رسول الله صلى الله عليه واله ومنزلتهما وقرابتهما منه ، وصلى رسول الله صلى الله عليه واله على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه . وكذلك جعل الله تعالى لنساء النبي صلى الله عليه واله ، للمحسنة منهن أجرين ، وللمسيئة منهن وزرين ، ضعفين لمكانهن من رسول الله صلى الله عليه واله . وجعل الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه واله بألف صلاة في سائر المساجد الا مسجد الحرام ، مسجد خليله إبراهيم عليه السلام بمكة ، وذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه واله من ربه . وفرض الله عز وجل الصلاة على نبيه على كافة المؤمنين ، فقالوا : يا رسول الله كيف الصلاة عليك ؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وال محمد ، فحق على كل مسلم ان يصلي علينا مع الصلاة على النبي صلى الله عليه واله ، فريضة واجبة . وأحل الله تعالى خمس الغنيمة لرسوله ، وأوجبها له في كتابه ، وأوجب لنا من ذلك ما أوجب له ، وحرم عليه الصدقة وحرمها علينا معه ، فأدخلنا - وله الحمد - فيما ادخل فيه نبيه صلى الله عليه واله ، وأخرجنا ونزهنا مما اخرجه منه ونزهه عنه ، كرامة أكرمنا الله عز وجل بها ، وفضيلة فضلنا على سائر العباد . فقال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه واله حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجوه : ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) ، فأخرج رسول الله صلى الله عليه واله من الأنفس معه أبي ، ومن البنين انا وأخي ، ومن النساء أمي فاطمة من الناس جميعا ، فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه ، ونحن منه وهو منا . وقد قال الله تعالى : ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) ، فلما نزلت اية التطهير جمعنا رسول الله صلى الله عليه واله ، انا وأخي وأمي وأبي ، فجللنا ونفسه في كساء لام سلمة خيبري ، وذلك في حجرتها وفي يومها ، فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وهؤلاء أهلي وعترتي ، فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا . فقالت أم سلمة رضي الله عنها : ادخل معهم يا رسول الله ؟ قال لها رسول الله صلى الله عليه واله : يرحمك الله أنت على خير وإلى خير وما أرضاني عنك ، ولكنها خاصة لي ولهم . ثم مكث رسول الله صلى الله عليه واله بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه الله إليه ، يأتينا في كل يوم عند طلوع الفجر فيقول : الصلاة يرحمكم الله ، انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا . وامر رسول الله صلى الله عليه واله بسد الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا ، فكلموه في ذلك ، فقال : اما اني لم أسد أبوابكم ولم افتح باب علي من تلقاء نفسي ، ولكني اتبع ما يوحى إلى ، وان الله امر بسدها وفتح بابه ، فلم يكن من بعد ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول الله ويولد فيه الأولاد غير رسول الله صلى الله عليه واله وأبي علي بن أبي طالب عليه السلام ، تكرمة من الله تبارك وتعالى لنا وفضلا ، اختصنا به على جميع الناس . وهذا باب أبي قرين باب رسول الله في مسجده ، ومنزلنا بين منازل رسول الله صلى الله عليه واله . وذلك ان الله امر نبيه ان يبنى مسجده ، فبنى فيه عشرة ابيات ، تسعة لبنيه وأزواجه ، وعاشرها ، وهو متوسطها ، لأبي ، وها هو بسبيل مقيم ، والبيت هو المسجد المطهر ، وهو الذي قال الله تعالى : ( أهل البيت ) ، فنحن أهل البيت ، ونحن الذين اذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا . أيها الناس ! اني لو قمت حولا ، اذكر الذي أعطانا الله عز وجل ، وخصنا به من الفضل في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه واله لم احصه ، وانا ابن النبي النذير البشير والسراج المنير ، الذي جعله الله رحمة للعالمين ، وأبي علي عليه السلام ولي المؤمنين وشبيه هارون . وان معاوية بن صخر زعم اني رأيته للخلافة اهلا ، ولم أر نفسي لها اهلا ، فكذب معاوية ، وأيم الله لأنا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه واله ، غير انا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين ، منذ قبض رسول الله . فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا ، ونزل على رقابنا ، وحمل الناس على أكتافنا ومنعنا سهمنا في كتاب الله من الفئ والغنائم ، ومنع امنا فاطمة عليها السلام ارثها من أبيها . انا لا نسمي أحدا ولكن اقسم بالله قسما تأليا ، لو ان الناس سمعوا قول الله ورسوله لأعطتهم السماء قطرها ، والأرض بركتها ، ولما اختلف في هذه الأمة سيفان ، ولأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة ، وإذا ما طمعت يا معاوية فيها . ولكنها لما أخرجت سالفا من معدنها ، وزحزحت عن قواعدها ، تنازعتها قريش بينها وترامتها كترامي الكرة ، حتى طمعت فيها أنت يا معاوية وأصحابك من بعدك . وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله : ما ولت أمة امرها رجلا قط ، وفيهم من هو اعلم منه ، الا لم يزل امرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا . وقد تركت بنو إسرائيل ، وكانوا أصحاب موسى عليه السلام ، هارون أخاه وخليفته ووزيره ، وعكفوا على العجل ، وأطاعوا فيه سامريهم ، وهم يعلمون انه خليفة موسى عليه السلام . وقد سمعت هذه الأمة رسول الله صلى الله عليه واله يقول ذلك لأبي : انه مني بمنزلة هارون من موسى ، الا انه لا نبي بعدي . وقد رأوا رسول الله صلى الله عليه واله حين نصبه لهم بغدير خم وسمعوه ، ونادى له بالولاية ، ثم امرهم ان يبلغ الشاهد منهم الغائب ، وقد خرج رسول الله صلى الله عليه واله حذرا من قومه إلى الغار ، لما اجمعوا على ان يمكروا به ، وهو يدعوهم ، لما لم يجد عليهم أعوانا ، ولو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم . وقد كف أبي يده وناشدهم واستغاث أصحابه ، فلم يغث ولم ينصر ، ولو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم ، وقد جعل في سعة كما جعل النبي صلى الله عليه واله في سعة . وقد خذلتني الأمة وبايعتك يا ابن حرب ، ولو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك ، وقد جعل الله عز وجل هارون في سعة حين استضعفوه قومه وعادوه . كذلك انا وأبي في سعة من الله حين تركتنا الأمة ، وبايعت غيرنا ، ولم نجد عليه أعوانا ، وانما هي السنن والأمثال يتبع بعضها بعضا . أيها الناس ! انكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلا جده رسول الله صلى الله عليه واله وأبوه وصي رسول الله ، لم تجدوا غيري وغير أخي ،فاتقوا الله ولا تضلوا بعد البيان ، وكيف بكم وانى ذلك منكم ، الا واني قد بايعت هذا - وأشار بيده إلى معاوية - ( وان أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) . أيها الناس ! انه لا يعاب أحد بترك حقه ، وانما يعاب ان يأخذ ما ليس له ، وكل صواب نافع ، وكل خطاء ضار لأهله ، وقد كانت القضية ففهمها سليمان ، فنفعت سليمان ولم تضر داود . فاما القرابة فقد نفعت المشرك ، وهي والله للمؤمن انفع ، قال رسول الله صلى الله عليه واله لعمه أبي طالب ، وهو في الموت : قل لا اله الا الله ، اشفع لك بها يوم القيامة ، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه واله يقول له ويعد الا ما يكون منه على يقين ، وليس ذلك لاحد من الناس كلهم غير شيخنا - اعني أبي طالب - يقول الله عز وجل : ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال اني تبت الان ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما ) . أيها الناس ! اسمعوا وعوا ، واتقوا الله وراجعوا ، وهيهات منكم الرجعة إلى الحق ، وقد صارعكم النكوص ، وخامركم الطغيان والجحود ، أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ، والسلام على من اتبع الهدى .

    خطبته عليه السلام لما وقع الصلح

    يا أهل العراق !


    انه سخي بنفسي عنكم ثلاث : قتلكم أبي ، وطعنكم إياي ، وانتهابكم متاعي .


    خطبته عليه السلام في علة صلحه لمعاوية

    روي أنه لما تم الصلح وانبرم الامر ، التمس معاوية من الحسن عليه السلام أن يتكلم بمجمع من الناس ، ويعلمهم انه قد بايع معاوية ، ويسلم الامر إليه . فأجابه إلى ذلك ، فخطب - وقد حشد الناس - خطبة ، حمد الله تعالى وصلى على نبيه صلى الله عليه واله فيها ، وهى من كلامه المنقول عنه عليه السلام ، وقال : أيها الناس ! ان أكيس الكيس التقي ، وأحمق الحمق الفجور ، وانكم لو طلبتم بين جابلق وجابرس رجلا جده رسول الله صلى الله عليه واله ما وجدتموهم غيري وغير أخي الحسين ، وقد علمتم ان الله هداكم بجدي محمد ، فأنقذكم به من الضلالة ، ورفعكم به من الجهالة ، وأعزكم بعد الذلة ، وكثركم بعد القلة . وان معاوية نازعني حقا هو لي دونه ، فنظرت لصلاح الأمة وقطع الفتنة ، وقد كنتم بايعتموني على ان تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت ، فرأيت ان أسالم معاوية ، واضع الحرب بيني وبينه ، وقد بايعته ، ورأيت ان حقن الدماء خير من سفكها ، ولم أرد بذلك الا صلاحكم وبقاءكم ، ( وان أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) .

    خطبته عليه السلام في فضل أبيه

    روى أن معاوية سأل الحسن بن على عليه السلام بعد الصلح أن يخطب الناس ، فامتنع ، فناشده أن يفعل ، فوضع له كرسي فجلس عليه ، ثم قال : الحمد لله الذي توحد في ملكه ، وتفرد في ربوبيته ، يؤتي الملك من يشاء ، وينزعه عمن يشاء ، والحمد لله الذي أكرم بنا مؤمنكم ، واخرج من الشرك أولكم ، وحقن دماء اخركم ، فبلاؤنا عندكم قديما وحديثا أحسن البلاء ، ان شكرتم أو كفرتم . أيها الناس ! ان رب علي كان اعلم بعلي حين قبضه إليه ، ولقد اختصه بفضل لن تعهدوا بمثله ، ولن تجدوا مثل سابقته . فهيهات هيهات ، طالما قلبتم له الأمور حتى أعلاه الله عليكم ، وهو صاحبكم ، غزاكم في بدر وأخواتها ، جرعكم رنقا وسقاكم علقا ، وأذل رقابكم وشرقكم بريقكم ، فلستم بملومين على بغضه . وأيم الله لا ترى أمة محمد خفضا ما كانت سادتهم وقادتهم في بني أمية ، ولقد وجه الله إليكم فتنة لن تصدوا عنها حتى تهلكوا لطاعتكم طواغيتكم وانضوائكم إلى شياطينكم ، فعند الله احتسب ما مضى وما ينتظر ، من سوء رغبتكم وحيف حلمكم . ثم قال : يا أهل الكوفة ! لقد فارقكم بالأمس سهم من مرامي الله ، صائب على أعداء الله ، نكال على فجار قريش ، لم يزل اخذا بحناجرها ، جاثما على أنفسها ، ليس بالملومة في امر الله ولا بالسروقة لمال الله ، ولا بالفروقة في حرب أعداء الله ، اعطى الكتاب خواتيمه وعزائمه ، دعاه فأجابه ، وقاده فاتبعه ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، فصلوات الله عليه ورحمته .

    خطبته عليه السلام في فضل نفسه

    روي أن معاوية لما نزل الكوفة أقام بها أياما ، فلما استتمت بيعته صعد المنبر ، فخطب الناس ، وذكر أمير المؤمنين والحسن عليهما السلام ، فنال منهما ، وكان الحسين عليه السلام حاضرا ، فأراد أن يقوم ويجيبه ، فأخذ الحسن عليه السلام بيده واجلسه وقام ، وقال : أيها الذاكر عليا ، انا الحسن وأبي علي ، وأنت معاوية وأبوك صخر ، وأمي فاطمة وأمك هند ، وجدي رسول الله وجدك حرب ، وجدتي خديجة وجدتك نثيلة ، فلعن الله أخملنا ذكرا ، وألأمنا حسبا ، وشرنا قدما ، وأقدمنا كفرا ونفاقا .

    خطبته عليه السلام في فضل نفسه وأبيه

    روي أنه لما قدم معاوية بالكوفة قيل له : ان الحسن بن علي مرتفع في أنفس الناس ، فلو أمرته أن يقوم دون مقامك على المنبر ، فتدركه الحداثة والعي ، فيسقط من أنفس الناس وأعينهم ، فأبى عليهم ، وأبوا عليه الا أن يأمره بذلك ، فأمره ، فقام دون مقامه في المنبر ، فحمد الله واثنى عليه ، ثم قال : اما بعد ، أيها الناس فإنكم لو طلبتم ما بين كذا وكذا ، لتجدوا رجلا جده نبي ، لم تجدوا غيري وغير أخي ، وانا أعطينا صفقتنا هذه الطاغية - وأشار بيده إلى أعلى المنبر إلى معاوية ، وهو في مقام رسول الله صلى الله عليه واله - ورأينا حقن دماء المسلمين أفضل من إهراقها ، ( وان أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) - وأشار بيده إلى معاوية . فقال له معاوية : ما أردت بقولك هذا ؟ فقال : ما أردت به الا ما أراد الله عز وجل ، فقام معاوية فخطب خطبة عيبة فاحشة ، فسب فيها أمير المؤمنين عليه السلام ، فقام إليه الحسن بن على عليه السلام فقال له - وهو على المنبر - : ويلك يا بن اكلة الأكباد ، أو أنت تسب أمير المؤمنين عليه السلام وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله : من سب عليا فقد سبني ، ومن سبني فقد سب الله ، ومن سب الله ادخله الله نار جهنم خالدا فيها مخلدا ، وله عذاب مقيم . ثم انحدر الحسن عليه السلام عن المنبر ، ودخل داره ولم يصل هناك بعد ذلك ابدا .

    خطبته عليه السلام في تعريف نفسه وصفات الخليفة

    روي ان عمرو بن العاص قال لمعاوية : ابعث إلى الحسن بن علي ، فمره أن يصعد المنبر ويخطب الناس ، فلعله أن يحصر ، فيكون ذلك مما نعيره به في كل محفل ، فبعث إليه معاوية ، فأصعده المنبر ، وقد جمع له الناس ورؤساء أهل الشام ، فحمد الله الحسن عليه السلام وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ! من عرفني فانا الذي يعرف ، ومن لم يعرفني فانا الحسن بن علي بن أبي طالب ، ابن عم نبي الله ، أول المسلمين اسلاما ، وأمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله ، وجدي محمد بن عبد الله نبي الرحمة ، انا ابن البشير ، انا ابن النذير ، انا ابن السراج المنير ، انا ابن من بعث رحمة للعالمين ، انا ابن من بعث إلى الجن والانس أجمعين . فقطع عليه معاوية فقال : يا ابا محمد خلنا من هذا ، وحدثنا في نعت الرطب - أراد بذلك تخجيله - فقال الحسن عليه السلام : نعم ، التمر ، الريح تنفخه ، والحر ينضجه ، والليل يبرده ويطيبه ، ثم أقبل الحسن عليه السلام ، فرجع في كلامه الأول ، فقال : انا ابن مستجاب الدعوة ، انا ابن الشفيع المطاع ، انا ابن أول من ينفض عن رأسه التراب ، انا ابن من يقرع باب الجنة فيفتح له فيدخلها ، انا ابن من قاتل معه الملائكة ، وأحل له المغنم ، ونصر بالرعب من مسيرة شهر . فأكثر في هذا النوع من الكلام ، ولم يزل به حتى اظلمت الدنيا على معاوية ، وعرف الحسن عليه السلام من لم يكن عرفه من أهل الشام وغيرهم ، ثم نزل . فقال له معاوية : أما انك يا حسن ، قد كنت ترجو ان تكون خليفة ولست هناك ، فقال الحسن عليه السلام : اما الخليفة فمن سار بسيرة رسول الله صلى الله عليه واله وعمل بطاعة الله عز وجل ، وليس الخليفة من سار بالجور وعطل السنن ، واتخذ الدنيا اما وأبا ، وعباد الله خولا ، وماله دولا ، ولكن ذلك امر ملك أصاب ملكا ، فتمتع منه قليلا وكان قد انقطع عنه ، فأتخم لذته وبقيت عليه تبعته ، وكان كما قال الله تبارك وتعالى : ( وان أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) ، ( متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ) ، ( وما اغنى عنهم ما كانوا يمتعون ) . وأومأ بيده إلى معاوية ، ثم قام فانصرف . وفي رواية : فقال معاوية : ما في قريش رجل الا ولنا عنده نعم مجللة ، ويد جميلة ، قال : بلى ، من تعززت به بعد الذلة ، وتكثرت به بعد القلة . فقال معاوية : من أولئك يا حسن ؟ قال : من يلهيك عن معرفته . ثم قال الحسن عليه السلام : انا ابن من ساد قريشا شابا وكهلا ، انا ابن من ساد الورى كرما ونبلا ، انا ابن من ساد أهل الدنيا بالجود الصادق والفرع الباسق والفضل السابق ، انا ابن من رضاه رضى الله وسخطه سخط الله ، فهل لك ان تساميه يا معاوية ؟ فقال : أقول لا تصديقا لقولك ، فقال الحسن عليه السلام : الحق أبلج ، والباطل لجلج ، ولن يندم من ركب الحق ، وقد خاب من ركب الباطل ، والحق يعرفه ذوو الألباب . ثم نزل معاوية واخذ بيد الحسن وقال : لا مرحبا بمن ساءك .

    خطبته عليه السلام في توصيف نفسه ومعاوية

    روي أن معاوية قدم المدينة ، فقام خطيبا ، فقال : أين علي بن أبى طالب ، فقام الحسن بن علي عليه السلام ، فخطب وحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : انه لم يبعث نبي الا جعل له وصي من أهل بيته ، ولم يكن نبي الا وله عدو من المجرمين ، وان عليا عليه السلام كان وصي رسول الله من بعده ، وانا ابن علي وأنت ابن صخر ، وجدك حرب وجدي رسول الله ، وأمك هند وأمي فاطمة ، وجدتي خديجة وجدتك نثيلة ، فلعن الله ألأمنا حسبا ، وأقدمنا كفرا ، وأخملنا ذكرا ، وأشدنا نفاقا . فقال عامة أهل المجلس : امين ، فنزل معاوية فقطع خطبته .

    خطبته عليه السلام في توصيف نفسه

    روي أن معاوية سأل الحسن عليه السلام أن يصعد المنبر وينتسب ، فصعد فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ! من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فسأبين له نفسي ، بلدي مكة ومنى ، وانا ابن المروة والصفا ، وانا ابن النبي المصطفى ، وانا ابن من علا الجبال الرواسي ، وانا ابن من كسا محاسن وجهه الحياء ، وانا ابن فاطمة سيدة النساء ، وانا ابن قليلات العيوب ، نقيات الجيوب . واذن المؤذن ، فقال : اشهد ان لا اله الا الله ، واشهد ان محمدا رسول الله ، فقال : يا معاوية محمد أبي أم أبوك ؟ فان قلت : ليس بابى فقد كفرت ، وان قلت : نعم ، فقد أقررت . ثم قال : أصبحت قريش تفتخر على العرب بان محمدا منها ، وأصبحت العرب تفتخر على العجم بان محمدا منها ، وأصبحت العجم تعرف حق العرب بان محمدا منها ، يطلبون حقنا ولا يردون الينا حقنا .

    خطبته عليه السلام في تحريض الناس لاتباعهم

    معاشر الناس ! عفيت الديار ، ومحيت الآثار ، وقل الاصطبار ، فلا قرار على همزات الشياطين وحكم الخائنين ، الساعة والله صحت البراهين ، وفصلت الآيات ، وبانت المشكلات ، ولقد كنا نتوقع تمام هذه الآية وتأويلها ، قال الله تعالى : ( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ) . فقد مات والله جدي رسول الله صلى الله عليه واله وقتل أبي عليه السلام ، وصاح الوسواس الخناس ، ودخل الشك في قلوب الناس ، ونعق ناعق الفتنة ، وخالفتم السنة ، فيالها من فتنة صماء بكماء عمياء ، لا يسمع لداعيها ، ولا يجاب مناديها ، ولا يخالف واليها ، ظهرت كلمة النفاق ، وسيرت رايات أهل الشقاق ، تكالبت جيوش أهل المراق من الشام والعراق ، رحمكم الله إلى الايضاح والنور الوضاح ، والعلم الجحجاح ، والافتتاح إلى النور الذي لا يطفى ، والحق الذي لا يخفى . يا أيها الناس ! تيقظوا من رقدة الغفلة ، ومن نهزة الوسعة ، ومن تكاثف الظلمة ، ومن نقصان مخلصة ، فوالذي فلق الحبة وبراء النسمة ، وتردى بالعظمة ، لئن قام إلى منكم عصبة بقلوب صافية ، ونيات مخلصة ، لا يكون فيها شوب نفاق ، ولا نية افتراق ، لأجاهدن بالسيف قدما قدما ، ولأضعن من السيوف جوانبها ، ومن الرماح أطرافها ، ومن الخيل سنابكها .

    خطبته عليه السلام في علة صلحه

    روى انه لما ضرب عليه السلام بخنجر مسموم عدل إلى موضع مسمى ببطن جريح ، وعليها عم المختار ، وقال المختار لعمه : تعال حتى نأخذ الحسن ونسلمه إلى معاوية ، وبعد ان علموا الشيعة به هموا بقتل المختار ، فتلطف عمه بالعفو عنه ففعلوا . فقال الحسن عليه السلام : ويلكم والله ان معاوية لا يفي لاحد منكم بما ضمنه في قتلي ، واني أظن ان وضعت يدي في يده فأسالمه ، لم يتركني أدين لدين جدي صلى الله عليه واله . واني أقدر ان ا عبد الله عز وجل وحدي ، ولكني كأني انظر إلى أبنائكم واقفين على أبواب أبنائهم يستسقونهم ويستطعمونهم بما جعل الله لهم ، فلا يسقون ولا يطعمون ، فبعدا وسحقا لما كسبته أيديهم ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

    خطبته عليه السلام لما لامه بعض الناس على بيعته

    ويحكم ما تدرون ما عملت ، والله الذي عملت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس أو غربت ، الا تعلمون اني امامكم ومفترض الطاعة عليكم ، واحد سيدي شباب أهل الجنة بنص من رسول الله صلى الله عليه واله علي ؟ قالوا : بلى ، قال : اما علمتم ان الخضر لما خرق السفينة واقام الجدار وقتل الغلام ، كان ذلك ساخطا لموسى بن عمران عليه السلام ، إذ خفى عليه وجه الحكمة في ذلك ، وكان ذلك عند الله تعالى ذكره حكمة وصوابا . اما علمتم انه ما منا أحد الا ويقع في عنقه بيعته لطاغية زمانه ، الا القائم الذي يصلي خلفه روح الله عيسى بن مريم عليه السلام ، فان الله عز وجل يخفي ولادته ويغيب شخصه ، لئلا يكون لاحد في عنقه بيعة إذا خرج . ذاك التاسع من ولد أخي الحسين ، ابن سيدة النساء ، يطيل الله عمره في غيبته ، ثم يظهره بقدرته ، في صورة شاب دون الأربعين سنة ، ذلك ليعلم ان الله على كل شى قدير .

    خطبته عليه السلام في علة صلحه

    انما هادنت حقنا للدماء وصيانتها ، واشفاقا على نفسي وأهلي والمخلصين من أصحابي .

    خطبته عليه السلام بعد ان طلب أصحابه نقض بيعته

    أنتم شيعتنا وأهل مودتنا ، فلو كنت بالحزم في امر الدنيا اعمل ، ولسلطانها اركض وانصب ، ما كان معاوية بأبأس مني باسا ، ولا أشد شكيمة ، ولا امضى عزيمة ، ولكني أرى غير ما رأيتم ، وما أردت بما فعلت الا حقن الدماء . فارضوا بقضاء الله وسلموا لامره ، والزموا بيوتكم وامسكوا - أو قال : - كفوا أيديكم حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر .
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎