إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

تاريخ النبي محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) [مما روي عن أهل البيت (ع) ]

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • راية اليماني
    مشرف
    • 05-04-2013
    • 3021

    تاريخ النبي محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) [مما روي عن أهل البيت (ع) ]





    تاريخ النبي محمد (صلى الله عليه و آله و سلم)

    مقتبس من كتاب (تاريخ النبي محمد(ص) ) جمع أخبار أهل البيت (ع) في سيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله و سلم)



    باب بدء خلقه وما جرى له في الميثاق ، وبدء نوره وظهوره (ص) من لدن آدم (ع) ، وبيان حال آبائه العظام
    قال النبي (ص) : إن الله خلقني وعليّا وفاطمة والحسن والحسين من قبل أن يخلق الدنيا بسبعة آلاف عام ، قلت :
    فأين كنتم يا رسول الله ؟.. قال : قدّام العرش ، نسبّح الله ونحمده ونقدّسه ونمجّده ، قلت : على أي مثال ؟.. قال :
    أشباحُ نور ، حتى إذا أراد الله عزّ وجلّ أن يخلق صُورنا صيّرنا عمود نور ، ثم قذفنا في صلب آدم ، ثم أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الأمهات ، ولا يصيبنا نجس الشرك ، ولا سفاح الكفر ، يسعد بنا قومٌ ويشقى بنا آخرون.
    فلما صيّرنا إلى صلب عبد المطلب ، أخرج ذلك النور فشقّه نصفين ، فجعل نصفه في عبد الله ، ونصفه في أبي طالب ، ثم أخرج الذي لي إلى آمنة ، والنصف إلى فاطمة بنت أسد ، فأخرجتني آمنة ، وأخرجت فاطمة علياّ ، ثم أعاد عزّ وجل العمود إليّ ، فخرجت مني فاطمة ، ثم أعاد عزّ وجلّ العمود إلى علي فخرج منه الحسن والحسين - يعني من النصفين جميعا - فما كان من نور عليّ فصار في ولد الحسن ، وما كان من نوري صار في ولد الحسين ، فهو ينتقل في الأئمة من ولده إلى يوم القيامة . ص8
    المصدر:
    العلل ص80
    عن النبي (ص) في خبر طويل في وصف المعراج ساقه إلى أن قال :
    ثم عرج بي إلى السماء السابعة ، فسمعتُ الملائكة يقولون لما أن رأوني : الحمد لله الذي صدقنا وعده ، ثم تلقّوني وسلّموا عليّ ، وقالوا لي مثل مقالة أصحابهم ، فقلت : يا ملائكة ربي !.. سمعتكم تقولون : الحمد لله الذي صدقنا وعده ، فما الذي صدقكم ؟.. قالوا :
    يا نبي الله !.. إنّ الله تبارك وتعالى لما أن خلقكم أشباح نور من سناء نوره ومن سناء عزّه ، وجعل لكم مقاعد في ملكوت سلطانه ، عرض ولايتكم علينا ورسَخَت في قلوبنا ، فشكونا محبتك إلى الله ، فوعد ربنا أن يريناك في السماء معنا ، وقد صدقنا وعده . ص9
    المصدر:
    تفسير الفرات ص134
    كنا جلوسا مع رسول الله (ص) إذ أقبل إليه رجلٌ فقال : يا رسول الله !.. أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ لإبليس :
    { أستكبرت أم كنت من العالين } فمن هم يا رسول الله ، الذين هم أعلى من الملائكة ؟!.. فقال رسول الله (ص) :
    أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، كنا في سرادق العرش نسبّح الله ، وتسبّح الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق الله عزّ وجلّ آدم بألفي عام ، فلما خلق الله عزّ وجلّ آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له ، ولم يأمرنا بالسجود ، فسجدت الملائكة كلهم إلا إبليس فإنه أبى أن يسجد ، فقال الله تبارك وتعالى :
    { أستكبرت أم كنت من العالين } ، أي من هؤلاء الخمس المكتوب أسماؤهم في سرادق العرش . ص22
    المصدر:
    فضائل الشيعة
    بيــان:
    قال الشيخ أبوجعفر - رحمه الله - في كتاب الإعتقادات : اعتقادنا في آباء النبي (ص) أنهم مسلمون من آدم إلى أبيه عبد الله ، وأنّ أبا طالب كان مسلما ، وآمنة بنت وهب بن عبد مناف أم رسول الله (ص) كانت مسلمة ، وقال النبي (ص) : خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم .. وقد روي أن عبد المطلب كان حجّةً ، وأبو طالب كان وصيه .
    اتفقت الإمامية رضوان الله عليهم على أنّ والدي الرسول وكل أجداده إلى آدم عليه السلام كانوا مسلمين ، بل كانوا من الصدّيقين : إما أنبياء مرسلين ، أو أوصياء معصومين ، ولعل بعضهم لم يظهر الإسلام لتقية أو لمصلحة دينية .
    قال أمين الدين الطبرسي- رحمه الله - في مجمع البيان : قال أصحابنا : إنّ آزر كان جدّ إبراهيم (ع) لأمه ، أو كان عمّه من حيث صحّ عندهم أن آباء النبي (ص) إلى آدم كلهم كانوا موحّدين ، وأجمعت الطائفة على ذلك ، ورووا عن النبي (ص) أنه قال : لم يزل ينقلني الله من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهّرات ، حتى أخرجني في عالمكم هذا ، لم يدنّسني بدنس الجاهلية ، ولو كان في آبائه (ع) كافرٌ لم يصف جميعهم بالطهارة ، مع قوله سبحانه : { إنما المشركون نجس } ولهم في ذلك أدلة ليس هنا موضع ذكرها .
    وقال إمامهم الرازي في تفسيره :
    قالت الشيعة : إنّ أحداً من آباء الرسول (ص) وأجداده ما كان كافراً ، وأنكروا أن يقال : أنّ والد إبراهيم كان كافراً ، وذكروا أن آزر كان عمّ إبراهيم (ع) ، واحتجّوا على قولهم بوجوه :
    الأولى : أنّ آباء نبينا ما كانوا كفّارا ، ويدلّ عليه وجوه :
    منها : قوله تعالى : { الذي يراك حين تقوم ، وتقلبك في الساجدين } قيل : معناه أنه كان ينقل روحه من ساجد إلى ساجد ، وبهذا التقدير فالآية دالة على أنّ جميع آباء محمد (ص) كانوا مسلمين ، فيجب القطع بأنّ والد إبراهيم كان مسلما ، ومما يدلّ على أنّ أحداً من آباء محمد (ص) ما كانوا من المشركين قوله (ص) :
    " لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات " وقال تعالى : { إنما المشركون نجس } . ص118
    قال الصادق (ع) : هبط جبرائيل على رسول (ص) فقال : يا محمد !.. إنّ الله عزّ وجلّ قد شفّعك في خمسة :
    في بطن ٍحملك وهي آمنة بنت وهب ابن عبد مناف ، وفي صلبٍ أنزلك وهو عبد الله بن عبد المطلب ، وفي حجرٍ كفلك وهو عبد المطلب بن هاشم ، وفي بيت ٍآواك وهو عبد مناف بن عبد المطلب أبو طالب ، وفي أخ ٍكان لك في الجاهلية ، قيل :
    يا رسول الله !.. مَن هذا الأخ ؟.. فقال رسول الله (ص) : كان آنسي وكنت آنسه ، وكان سخيا يطعم الطعام . ص127
    المصدر:
    الخصال 1/141
    قال أمير المؤمنين (ع) : والله ما عبد أبي ولا جدي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنماً قط ، قيل : فما كانوا يعبدون ؟.. قال :
    كانوا يصلّون إلى البيت على دين إبراهيم (ع) متمسكين به . ص144
    المصدر:
    إكمال الدين ص104
    لما قصد أبرهة بن الصباح لهدم الكعبة ، أتاه عبد المطلب ليستردّ منه إبله ، فقال : تُعلمني في مائة بعير ، وتترك دينك ودين آبائك وقد جئت لهدمه ؟.. فقال عبد المطلب :
    أنا ربّ الإبل ، وإنّ للبيت رباً سيمنعه منك ، فردّ إليه إبله ، فانصرف إلى قريش فأخبرهم الخبر ، وأخذ بحلقة الباب قائلا :
    يا ربّ لا أرجو لهم سواكا*** يا ربّ فامنع منهم حماكا
    إنّ عدو البيت من عاداكا*** امنعهم أن يخربوا قراكا
    وله أيضا :
    المصدر:
    المناقب 1/18
    بيــان:
    المحال بالكسر : الكيد والقوة . ص145
    قال الصادق (ع) : يحشر عبد المطلب يوم القيامة أمة وحده ، عليه سيماء الأنبياء ، وهيبة الملوك . ص157
    المصدر:
    أصول الكافي 1/446
    قال الصادق (ع) : جاء رجلٌ إلى النبي (ص) فقال : إني ولدت بنتاً وربيّتها حتى إذا بلغت فألبستها وحلّيتها ، ثم جئت بها إلى قليب فدفعتها في جوفه ، وكان آخر ما سمعت منها وهي تقول :
    يا أبتاه !.. فما كفارة ذلك ؟.. قال : أَلَكَ أمٌّ حية ؟.. قال : لا ، قال : فلك خالةٌ حية ؟.. قال : نعم ، قال :
    فابررها فإنها بمنزلة الأم ، تكفّر عنك ما صنعت ، قال أبو خديجة : فقلت للصادق (ع) : متى كان هذا ؟.. قال :
    كان في الجاهلية ، وكانوا يقتلون البنات مخافة أن يُسبين ، فيلدن في قوم آخرين . ص173
    المصدر:
    أصول الكافي 2/162

    باب البشائر بمولده ونبوته من الأنبياء والأوصياء (ص) ، وغيرهم من الكهنة وسائر الخلق ، وذكر بعض المؤمنين في الفترة
    قال النبي (ص) : رحم الله قسّاً يحشر يوم القيامة أمة واحدة ، ثم قال : هل فيكم أحد يحسن من شعره شيئا ؟.. فقال بعضهم : سمعته يقول :


    أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر
    وبلغ من حكمة قسّ بن ساعدة ومعرفته أن النبي (ص) كان يسأل من يقدم عليه من إياد عن حكمته ويُصغي إليها . ص184
    المصدر:
    إكمال الدين ص99
    قال النبي (ص) : يا جارود !.. ليلة أُسري بي إلى السماء أوحى الله عزّ وجلّ إليّ أن سل مَن أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بُعثوا ، فقلت : على ما بُعثتم ؟.. قالوا :
    على نبوتك ، وولاية علي بن أبي طالب والأئمة منكما ، ثم أوحى إليّ أن التفت عن يمين العرش ، فالتفتُ فإذا :
    علي ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، والمهدي ، في ضحضاح من نور يصلّون ، فقال الرب تعالى :
    هؤلاء الحجج لأوليائي ، وهذا المنتقم من أعدائي . ص247
    المصدر:
    مقتضب الأثر ص37

    باب تاريخ ولادته (ص) وما يتعلق بها ، وما ظهر عندها من المعجزات والكرامات والمنامات
    قال الصادق (ع) : كان إبليس - لعنه الله - يخترق السماوات السبع ، فلما وُلد عيسى (ع) حُجب عن ثلاث سماوات ، وكان يخترق أربع سماوات ، فلما وُلد رسول الله (ص) حُجب عن السبع كلها ، ورميتْ الشياطين بالنجوم ، وقالت قريش :
    هذا قيام الساعة الذي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه ، وقال عمرو بن أمية - وكان من أزجر أهل الجاهلية -: انظروا هذه النجوم التي يُهتدى بها ، ويُعرف بها أزمان الشتاء والصيف ، فإن كان رُمي بها فهو هلاك كل شيء ، وإن كانت ثبتت ورُمي بغيرها فهو أمر حدث.
    وأصبحت الأصنام كلها صبيحة ولد النبي (ص) ليس منها صنمٌ إلا وهو منكبٌّ على وجهه ، وارتجس في تلك الليلة أيوان كسرى ، وسقطت منه أربعة عشر شرفة ، وغاضت بحيرة ساوة ، وفاض وادي السماوة ، وخمدت نيران فارس ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، ورأى المؤبذان في تلك الليلة في المنام إبلا صعابا تقود خيلا عرابا ، قد قطعت دجلة ، وانسربت في بلادهم ، وانقصم طاق الملك كسرى من وسطه ، وانخرقت عليه دجلة العوراء ، وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز .
    ثم استطار حتى بلغ المشرق ، ولم يبقَ سريرٌ لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا ، والملِك مخرساً لا يتكلّم يومه ذلك ، وانتُزع علم الكهنة ، وبطُل سحر السحرة ، ولم تبق كاهنةٌ في العرب إلا حُجبت عن صاحبها ، وعظُمت قريش في العرب ، وسُمّوا آل الله عزّ وجلّ .
    قال الصادق (ع) : إنما سُمّوا آل الله ، لأنهم في بيت الله الحرام ، وقالت آمنة : إنّ ابني والله سقط فاتقى الأرض بيده ، ثم رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها ، ثم خرج مني نور أضاء له كل شيء ، وسمعت في الضوء قائلا يقول :
    إنك قد ولدتِ سيد الناس فسميّه محمدا ، وأتي به عبد المطلب لينظر إليه وقد بلغه ما قالت أمه ، فأخذه فوضعه في حجره ثم قال : الحمد لله الذي أعطاني هذا الغلام الطيب الأردان ، قد ساد في المهد على الغلمان ، ثم عوّذه بأركان الكعبة ، وقال فيه أشعارا ، قال : وصاح إبليس - لعنه الله - في أبالسته فاجتمعوا إليه ، فقالوا : ما الذي أفزعك يا سيدنا ؟!..
    فقال لهم : ويلكم !.. لقد أنكرت السماء والأرض منذ الليلة ، لقد حدث في الأرض حدثٌ عظيمٌ ما حدث مثله منذ رُفع عيسى بن مريم (ع) ، فاخرجوا وانظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث ، فافترقوا ثم اجتمعوا إليه فقالوا : ما وجدنا شيئا .
    فقال إبليس لعنه الله : أنا لهذا الأمر ، ثم انغمس في الدنيا فجالها حتى انتهى إلى الحرم ، فوجد الحرم محفوظا بالملائكة ، فذهب ليدخل فصاحوا به ، فرجع ثم صار مثل الصرّ - وهو العصفور - فدخل من قبل حراء ، فقال له جبرائيل : وراك لعنك الله ، فقال له : حرفٌ أسألك عنه يا جبرائيل ، ما هذا الحدث الذي حدث منذ الليلة في الأرض ؟.. فقال له : وُلد محمد (ص) ، فقال له :
    هل لي فيه نصيبٌ ؟.. قال : لا ، قال : ففي أمته ؟.. قال : نعم ، فقال : رضيت.ص259
    المصدر:
    أمالي الصدوق ص171


    باب منشأه ورضاعه وما ظهر من إعجازه إلى نبوته (ص)
    قال أبو طالب : لقد كنت كثيرا ما أسمع منه إذا ذهب من الليل كلاماً يعجبني ، وكنا لا نسمّي على الطعام ولا على الشراب حتى سمعته يقول : بسم الله الأحد ثم يأكل ، فإذا فرغ من طعامه قال :
    الحمد لله كثيرا ، فتعجّبت منه ، وكنت ربما أتيت غفلةً فأرى من لدن رأسه نورا ممدودا قد بلغ السماء ، ثم لم أرَ منه كذبةً قط ، ولا جاهليةً قط ، ولا رأيته يضحك في موضع الضحك ولا وقف مع صبيان في لعب ، ولا التفت إليهم ، وكانت الوحدة أحبّ إليه والتواضع . ص336
    المصدر:
    المناقب 1/26
    قالت حليمة : ما نظرت في وجه رسول الله (ص) وهو نائم إلا ورأيت عينيه مفتوحتين كأنه يضحك ، وكان لا يصيبه حرٌّ ولا بردٌ . ص341
    المصدر:
    العدد
    قالت حليمة : ما تمنيت شيئا قط في منزلي إلا أُعطيته من الغد ، ولقد أخذ ذئبٌ عنيزةً لي فتداخلني من ذلك حزنٌ شديدٌ ، فرأيت النبي (ص) رافعاً رأسه إلى السماء ، فما شعرت إلا والذئب والعنيزة على ظهره قد ردّها عليّ ما عقر منها شيئا . ص341
    المصدر:
    العدد
    قالت حليمة : ما أخرجته قطّ في شمس إلا وسحابة تظلّه ، ولا في مطر إلا وسحابة تكنّه من المطر . ص341
    المصدر:
    العدد
    قالت حليمة : ما كنت أُخرج لمحمد ثديي إلا وسمعت له نغمة ، ولا شرب قطّ إلا وسمعته ينطق بشيء ، فتعجبت منه حتى إذا نطق وعقد كان يقول : " بسم الله ربّ محمد" إذا أكل ، وفي آخر ما يفرغ من أكله وشربه يقول : " الحمد لله ربّ محمد " . ص341
    المصدر:
    العدد
    قال علي (ع) في وصف الرسول (ص) : ولقد قرن الله به من لدن كان فطيماً أعظم ملَك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره ، ولقد كنت معه أتّبعه اتباع الفصيل أثر أمه ، يرفع لي في كلّ يومٍ علما من أخلاقه ، ويأمرني بالاقتداء به .
    ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشمّ ريح النبوة . ص361
    المصدر:
    النهج 1/416
    روي عن حليمة السعدية قالت : لما تمّت للنبي (ص) سنة ، تكلّم بكلام لم أسمع أحسن منه ، سمعته يقول :
    " قدوس قدوس ، نامت العيون والرحمن لا تأخذه سنة ولا نوم " ، ولقد ناولتني امرأةٌ كفّ تمر من صدقة فناولته منه - وهو ابن ثلاث سنين - فردّه عليّ وقال : يا أُمة !.. لا تأكلي الصدقة ، فقد عظمت نعمتك ، وكثر خيرك ، فإني لا آكل الصدقة ، قالت : فو الله ما قبلتها بعد ذلك.ص401
    المصدر:
    كنز الكراجكي ص72



    باب تزوجه (ص) بخديجة (رضي الله عنها ) وفضائلها وبعض أحوالها
    قال الصادق (ع) : لما توفيت خديجة (رضي الله عنها) جعلت فاطمة (ع) تلوذ برسول الله (ص) وتدور حوله ، وتقول :
    أبه !.. أين أمي ؟.. فنزل جبرائيل (ع) فقال له :
    ربك يأمرك أن تقرئ فاطمة السلام ، وتقول لها : إنّ أمك في بيت من قصب كعابهُ من ذهب ، وعُمَده ياقوت أحمر ، بين آسية ومريم بنت عمران ، فقالت فاطمة (ع) : إن الله هو السلام ، ومنه السلام ، وإليه السلام . ص1
    المصدر:
    أمالي الطوسي ص110
    كان سبب تزويج خديجة محمدا (ص) أن أبا طالب قال : يا محمد !.. إني أريد أن أزوّجك ، ولا مال لي أساعدك به ، وإنّ خديجة قرابتنا ، وتُخرج كل سنة قريشاً في مالها مع غلمانها ، يتّجر لها ويأخذ وقر بعير مما أتى به ، فهل لك أن تخرج ؟.. قال : نعم ، فخرج أبو طالب إليها وقال لها ذلك ، ففرحت وقالت لغلامها ميسرة :
    أنت وهذا المال كلّه بحكم محمد (ص) ، فلما رجع ميسرة حدّث أنه ما مرّ بشجرة ولا مدرة إلا قالت : السلام عليك يا رسول الله !.. وقال :
    جاء بحيرا الراهب ، وخدمنا لما رأى الغمامة على رأسه تسير حيثما سار تظلّه بالنهار ، وربحا في ذلك السفر ربحا كثيرا .
    فلما انصرفا قال ميسرة : لو تقدّمت يا محمد إلى مكة ، وبشّرت خديجة بما قد ربحنا لكان أنفع لك ، فتقدّم محمد على راحلته ، فكانت خديجة في ذلك اليوم جالسةً على غرفة مع نسوة ، فظهر لها محمدٌ راكباً ، فنظرت خديجة إلى غمامة عالية على رأسه تسير بسيره ، ورأت ملكين عن يمينه وعن شماله ، في يد كلّ واحد سيف مسلول ، يجيئان في الهواء معه ، فقالت : إنّ لهذا الراكب لشأناً عظيماً ليته جاء إلى داري ، فإذا هو محمد (ص) قاصدٌ لدارها ، فنزلت حافية إلى باب الدار ، وكانت إذا أرادت التحوّل من مكان إلى مكان حوّلت الجواري السرير الذي كانت عليه ، فلما دنت منه قالت :
    يا محمد !.. اخرج وأحضرني عمك أبا طالب الساعة ، وقد بعثت إلى عمها أن زوّجني من محمد إذا دخل عليك .
    فلما حضر أبو طالب قالت : اخرجا إلى عمّي ليزوّجني من محمد، فقد قلت له في ذلك ، فدخلا على عمّها ، وخطب أبو طالب الخطبة المعروفة وعُقد النكاح ، فلما قام محمد (ص) ليذهب مع أبي طالب ، قالت خديجة :
    إلى بيتك ، فبيتي بيتك ، وأنا جاريتك . ص4
    المصدر:
    الخرائج ص186
    روي أنّ عجوزا دخلت على النبي (ص) فألطفها ، فلما خرجت سألته عائشة ، فقال : إنها كانت تأتينا في زمن خديجة ، وإنّ حسن العهد من الإيمان.ص8
    المصدر:
    كشف الغمة ص151
    ذكر النبي (ص) خديجة يوما وهو عند نسائه فبكى ، فقالت عائشة :
    ما يبُكيك على عجوز حمراء من عجائز بني أسد ؟.. فقال : صدّقَتني إذ كذّبتم ، وآمنتْ بي إذ كفرتم ، وولدتْ لي إذ عقمتم ، قالت عائشة : فما زلت أتقرّب إلى رسول الله (ص) بذكرها . ص8
    المصدر:
    كشف الغمة ص151
    كان رسول الله إذا ذكر خديجة ، لم يسأم من ثناءٍ عليها واستغفار لها.ص12
    المصدر:
    كشف الغمة ص151
    قال الباقر (ع) : توفي طاهر ابن رسول الله (ص) ، فنهى رسول الله (ص) خديجة عن البكاء ، فقالت :بلى يا رسول الله ، ولكن درّت عليه الدريرة فبكيت ، فقال لها : أما ترضين أن تجديه قائماً على باب الجنة ، فإذا رآك أخذ بيدك فأدخلك أطهرها مكانا وأطيبها ؟..
    قالت : وإن ذلك كذلك ؟.. قال : فإنّ الله أعزّ وأكرم من أن يسلب عبداً ثمرة فؤاده ، فيصبر ويحتسب ويحمد الله عزّ وجلّ ثم يعذّبه . ص16
    المصدر:
    فروع الكافي 1/60
    بينا النبي (ص) جالس بالأبطح ومعه .... إذ هبط عليه جبرائيل (ع) في صورته العظمى ، قد نشر أجنحته حتى أخذت من المشرق إلى المغرب ، فناداه : يا محمد !.. العلي الأعلى يقرأ عليك السلام ، وهو يأمرك أن تعتزل عن خديجة أربعين صباحا ، فشقّ ذلك على النبي (ص) ، وكان لها محبا وبها وامقاً .
    فأقام النبي (ص) أربعين يوما ، يصوم النهار ، ويقوم الليل ، حتى إذا كان في آخر أيامه تلك ، بعث إلى خديجة بعمّار بن ياسر وقال : قل لها :
    يا خديجة !.. لا تظني أن انقطاعي عنك هجرة ولا قلى ، ولكنّ ربي عزّ وجلّ أمرني بذلك لتنفذ أمره ، فلا تظني يا خديجة إلا خيرا ، فإنّ الله عزّ وجلّ ليباهي بك كرام ملائكته كلّ يوم مراراً ، فإذا جنّك الليل فأجيفي الباب ، وخذي مضجعك من فراشك ، فإني في منزل فاطمة بنت أسد .
    فجعلت خديجة تحزن في كل يوم مراراً لفقد رسول الله (ص) ، فلما كان في كمال الأربعين هبط جبرائيل (ع) فقال : يا محمد !.. العلي الأعلى يقرئك السلام ، وهو يأمرك أن تتأهب لتحيّته وتحفته ، قال النبي (ص) :
    يا جبرائيل !.. وما تحفة رب العالمين ، وما تحيته ؟.. قال : لا علم لي .
    قال : فبينا النبي (ص) كذلك إذ هبط ميكائيل ومعه طبقٌ مغطى بمنديل سندس ، أو قال : إستبرق ، فوضعه بين يدي النبي (ص) ، وأقبل جبرائيل (ع) وقال : يا محمد !.. يأمرك ربك أن تجعل الليلة إفطارك على هذا الطعام ، فقال علي بن أبي طالب (ع) :
    كان النبي (ص) إذ أراد أن يفطر أمرني أن افتح الباب لمن يرد إلى الإفطار ، فلما كان في تلك الليلة أقعدني النبي (ص) على باب المنزل ، وقال :
    يا بن أبي طالب !.. إنه طعامٌ محرّمٌ إلا عليّ ، قال علي (ع) :
    فجلست على الباب وخلا النبي (ص) بالطعام ، وكشف الطبق ، فإذا عذقٌ من رطب ، وعنقودٌ من عنب ، فأكل النبي (ص) منه شبعا ً، وشرب من الماء ريّاً ، ومدّ يده للغسل فأفاض الماء عليه جبرائيل ، وغسّل يده ميكائيل ، وتمندله إسرافيل ، وارتفع فاضل الطعام مع الإناء إلى السماء .. ثم قام النبي (ص) ليصلي فأقبل عليه جبرائيل ، وقال :
    الصلاة محرّمةٌ عليك في وقتك حتى تأتي إلى منزل خديجة فتواقعها ، فإنّ الله عزّ وجلّ آلى على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذريةً طيبةً ، فوثب رسول الله (ص) إلى منزل خديجة .
    قالت خديجة (رض) : وكنت قد ألفت الوحدة ، فكان إذا جنّني الليل غطيت رأسي ، وأسجفت ( أي أرسلت ) ستري ، وغلقت بابي ، وصلّيت وردي ، وأطفأت مصباحي ، وآويت إلى فراشي ، فلما كان في تلك الليلة لم أكن بالنائمة ولا بالمنتبهة ، إذ جاء النبي (ص) فقرع الباب ، فناديت :
    مَن هذا الذي يقرع حلقةً لا يقرعها إلا محمد (ص) ؟..قالت خديجة : فنادى النبي (ص) بعذوبة كلامه وحلاوة منطقه : افتحي يا خديجة فإني محمد.... الخبر.ص79
    المصدر:
    العدد


    باب أسمائه (ص) وعللها ، ومعنى كونه (ص) أميّاً ، وأنه كان عالماً بكلّ لسان ، وذكر خواتيمه ونقوشها وأثوابه وسلاحه ، ودوابه وغيرها مما يتعلق به (ص)
    قلت للباقر (ع) : إنّ الناس يزعمون أنّ رسول الله (ص) لم يكتب ولا يقرأ فقال : كذبوا لعنهم الله ، أنّى يكون ذلك ؟.. وقد قال الله عز وجل : { هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } ، فيكون يعلّمهم الكتاب والحكمة ، وليس يحسن أن يقرأ أو يكتب ؟..
    قلت : فلمَ سُمّي النبي الأُمّي ؟.. قال : نُسب إلى مكة ، وذلك قول الله عزّ وجل : { لتنذر أم القرى ومن حولها } فأمّ القرى مكة ، فقيل : أُمّي لذلك .ص133
    المصدر:
    العلل ص52
    بيــان:
    يمكن الجمع بين هذه الأخبار بوجهين :
    الأول : أنه (ص) كان يقدر على الكتابة ، ولكن كان لا يكتب لضرب من المصلحة .
    الثاني : أن نحمل أخبار عدم الكتابة والقراءة على عدم تعلّمها من البشر ، وسائر الأخبار على أنه كان يقدر عليهما بالإعجاز ، وكيف لا يعلم من كان عالما بعلوم الأولين والآخرين ؟..
    إنّ هذه النقوش موضوعةٌ لهذه الحروف ، ومَن كان يقدر بإقدار الله تعالى له على شقّ القمر وأكبر منه كيف لا يقدر على نقش الحروف والكلمات على الصحائف والألواح ؟.. والله تعالى يعلم . ص134
    قال المرتضى في قوله تعالى { وما كنت تتلو من قبله من كتاب } : ظاهر الآية يقتضي نفي الكتابة والقراءة بما قبل النبوة دون ما بعدها ، ولأنّ التعليل في الآية يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوة ، لأنهم إنما يرتابون في نبوته لو كان يحسنها قبل النبوة ، فأما بعدها فلا تعلّق له بالريبة ، فيجوز أن يكون تعلّمهما من جبرائيل بعد النبوة ، ويجوز أن لم يتعلّم فلا يعلم .
    قال الشعبي وجماعة من أهل العلم : ما مات رسول الله (ص) حتى كتب وقرأ ، وقد شهر في الصحاح والتواريخ قوله (ص) : إيتوني بدواة وكتفٍ أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا.ص135


    باب آخر في معنى كونه (ص) يتيما وضالا وعائلا ، ومعنى انشراح صدره ، وعلّة يتمه
    سئل الصادق (ع) : لِمَ أُوتم النبي (ص) عن أبويه ؟.. فقال : لئلا يكون لمخلوق عليه حقّ . ص137
    المصدر:
    مجمع البيان 10/504
    قال الباقر (ع) : دخل رسول الله (ص) على فاطمة (ع) وهي تطحن بالرحى وعليها كساء من أجلّة الإبل ، فلما نظر إليها بكى وقال لها :
    يا فاطمة !.. تعجّلي مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غدا ، فأنزل الله عليه :
    { وللآخرة خير لك من الأولى ، ولسوف يعطيك ربك فترضى } .ص143
    المصدر:
    كنز ص392


    باب أوصافه (ص) في خلقته وشمائله وخاتم النبوة
    قالوا : يا علي !.. صف لنا نبينا (ص) كأننا نراه ، فإنا مشتاقون إليه ، فقال : كان نبي الله (ص) أبيض اللون ، مشربا حمرة ، أدعج العين ، سبط الشعر ، كث اللحية ، ذا وفرة ، دقيق المسربة ، كأنما عنقه إبريق فضة ، يجري في تراقيه الذهب ، له شعرٌ من لبّته إلى سرته كقضيب خيط إلى السرّة ، وليس في بطنه ولا صدره شعر غيره ، شثن الكفّين والقدمين ، شثن الكعبين .
    إذا مشى كأنما يتقلع من صخر ، إذا أقبل كأنما ينحدر من صبب ، إذا التفت التفت جميعا بأجمعه كله ، ليس بالقصير المتردّد ، ولا بالطويل المتمعّط ( أي المتناهي في الطول ) ، وكان في الوجه تدوير ، إذا كان في الناس غمرهم ( أي كان فوق كل من كان معه ) ، كأنما عرقه في وجهه اللؤلؤ ، عرفه أطيب من ريح المسك .
    ليس بالعاجز ولا باللئيم ، أكرم الناس عشرةً ، وألينهم عريكةً ، وأجودهم كفّاً ، مَن خالطه بمعرفة أحبه ، ومَن رآه بديهة هابه ، عزّه بين عينيه ، يقول ناعته لم أرَ قبله ولا بعده مثله ، صلى الله عليه وآله وسلّم تسليماً . ص147
    المصدر:
    أمالي الطوسي ص217
    قال الحسن (ع) : سألت خالي هند بن أبي هالة عن حلية رسول الله (ص) ، وكان وصّافا للنبي (ص) .... قلت : فصف لي منطقه ، فقال :
    كان (ص) مواصل الأحزان ، دائم الفكر ، ليست له راحةٌ ، ولا يتكلم في غير حاجة ، يفتتح الكلام ، ويختمه بأشداقه ، يتكلم بجوامع الكلم فصلا لا فضول فيه ولا تقصير ، دمثا ليس بالجافي ولا بالمهين ، تعظم عنده النعمة وإن ذقّت ، لا يذمّ منها شيئا غير أنه كان لا يذمّ ذوّاقا ولا يمدحه ، ولا تُغضبه الدنيا وما كان لها ، فإذا تُعوطي الحق لم يعرفْه أحد ، ولم يقم لغضبه شيءٌ حتى ينتصر له .
    إذا أشار أشار بكفه كلها ، وإذا تعجّب قلّبها ، وإذا تحدّث اتصل بها ، يضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى ، وإذا غضب أعرض وأشاح ، وإذا فرح غضّ طرفه ، جلُّ ضحكه التبسّم ، يفترّ عن مثل حبّ الغمام.ص150
    المصدر:
    العيون ص176
    قال الحسين (ع) : سألت أبي (ع) عن مدخل رسول الله (ص) ، فقال : كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك ، فإذا آوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء : جزءٌ لله ، وجزءٌ لأهله ، وجزءٌ لنفسه ، ثم جزّأ جزأه بينه وبين الناس ، فيرد ذلك بالخاصة على العامة ، ولا يدخر عنهم منه شيئا .
    وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين ، فمنهم ذو الحاجة ، ومنهم ذو الحاجتين ، ومنهم ذو الحوائج ، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة من مسألته عنهم ، وإخبارهم بالذي ينبغي ، ويقول : ليبلغ الشاهد منكم الغائب ، وأبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته ، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر على إبلاغها ، ثبّت الله قدميه يوم القيامة....
    فسألته عن مخرج رسول (ص) كيف كان يصنع فيه ؟.. فقال :
    كان (ص) يخزن لسانه إلا عمّا يعنيه ، ويؤلّفهم ولا ينفرّهم ، ويكرم كريم كل قوم ، ويولّيه عليهم ، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشْره ولا خُلقه ، ويتفقّد أصحابه ، ويسأل الناس عما في الناس ، ويحسّن الحسن ويقوّيه ، ويقبّح القبيح ويوهنه ، معتدل الأمر ، غير مختلف ، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا ، ولا يقصر عن الحقّ ولا يجوزه ، الذين يلونه من الناس خيارهم ، أفضلهم عنده أعمّهم نصيحةً للمسلمين ، وأعظمهم عنده منزلةً أحسنهم مواساةً وموازرةً .
    وسألته عن مجلسه ، فقال : كان (ص) لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكرٍ ، ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها ، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك ، ويعطي كل جلسائه نصيبه ، ولا يحسب أحد من جلسائه أنّ أحداً أكرم عليه منه ، مَن جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف عنه ، من سأله حاجةً لم يرجع إلا بها أو بميسورٍ من القول ، قد وسع الناس منه خلقه ، وصار لهم أبا ، وصاروا عنده في الحقّ سواء ، مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة ، لا تُرفع فيه الأصوات .... فقلت :
    فكيف كانت سيرته في جلسائه ؟.. فقال :
    كان دائم البشْر ، سهل الخلق ، ليّن الجانب ، ليس بفظٍّ ولا صخّاب ولا فحّاش ولا مدّاح ، يتغافل عما لا يشتهي ، فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمّليه ، قد ترك نفسه من ثلاث : المراء ، والإكثار ، وما لا يعنيه ، وترك الناس من ثلاث : كان لا يذمّ أحداً ، ولا يعيّره ، ولا يطلب عورته ولا عثراته ، ولا يتكلّم إلا فيما رجا ثوابه .
    إذا تكلّم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير ، وإذا سكت تكلّموا ولا يتنازعون عنده الحديث ، مَن تكلّم أنصتوا له حتى يفرغ ، حديثهم عنده حديث أولهم ، يضحك مما يضحكون منه ، ويتعجّب مما يتعجبون منه ، ويصبر للغريب على الجفوة في مسألته ومنطقه حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم ، ويقول : إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه ، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ، ولا يقطع على أحد كلامه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام .
    فسألته عن سكوت رسول الله (ص) ، فقال :
    كان سكوته على أربع : على الحلم ، والحذر ، والتقدير ، والتفكير .. فأما التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس .. وأما تفكّره ففيما يبقى ويفنى ، وجمع له الحلم في الصبر ، فكان لا يُغضبه شيءٌ ولا يستفزّه ، وجمع له الحذر في أربع :
    أخْذه الحسَن ليُقتدى به ، وتركه القبيح ليُنتهى عنه ، واجتهاده الرأي في صلاح أمته ، والقيام فيما جمع لهم خير الدنيا والآخرة . ص153
    المصدر:
    العيون ص176
    لم يمض النبي (ص) في طريق فيتبعه أحد إلا عرف أنه سلَكه من طيب عرقه ، ولم يكن يمرّ بحجر ولا شجر إلا سجد له .ص172
    المصدر:
    قصص الأنبياء
    قال رسول الله (ص) : إنا معاشر الأنبياء تنام عيوننا ، ولا تنام قلوبنا ، ونرى من خلفنا كما نرى من بين أيدينا . ص172
    المصدر:
    بصائر الدرجات ص125
    قال الصادق (ع) : طلب أبو ذر رسول الله (ص) فقيل له : إنه في حائط كذا وكذا ، فمضى يطلبه فدخل إلى الحائط والنبي (ص) نائم ، فأخذ عسيباً يابساً وكسّره ليستبرئ ( أي يمتحن ) به نوم رسول الله (ص) ، ففتح النبي (ص) عينه وقال :
    أتخدعني عن نفسي يا أبا ذر ؟..أما علمت أني أراكم في منامي كما أراكم في يقظتي ؟.. ص172
    المصدر:
    بصائر الدرجات ص125
    نوره : كان إذا مشى في ليلة ظلماء بدا له نورٌ كأنه قمر ، قالت عائشة : فقدت إبرة ليلة فما كان في منزلي سراجٌ ، فدخل النبي (ص) فوجدت الإبرة بنور وجهه . ص176
    المصدر:
    المناقب 1/84
    كان لا يمر في طريق فيمرّ فيه إنسانٌ بعد يومين إلا عُرف أنه عبر فيه.ص176
    المصدر:
    المناقب 1/84
    كان النبي (ص) يقيل عند أم سلمة ، فكانت تجمع عرقه وتجعله في الطيب.ص176
    المصدر:
    المناقب 1/84
    أُتى رسول الله (ص) بدلوٍ من ماء ، فشرب ثم توضأ فتمضمض ، ثم مجّ مجّةً في الدلو، فصار مسكا أو أطيب من المسك . ص176
    المصدر:
    المناقب 1/84
    رأسه : كان يظلّه سحابة من الشمس ، وتسير لمسيره ، وتركد لركوده ، ولا يطير الطير فوقه . ص176
    المصدر:
    المناقب 1/84
    دخل أبو سفيان على النبي (ص) وهو يُقاد ، فأحس بتكاثر الناس ، فقال في نفسه :
    واللات والعزى يا بن أبي كبشه ، لأملأنها عليك خيلا ورجلا ، وإني لأرجو أن أرقى هذه الأعواد ، فقال النبي (ص) : أو يكفينا الله شرّك يا أبا سفيان!..ص177
    المصدر:
    المناقب 1/84
    هيبته : كان عظيما مهيبا في النفوس حتى ارتاعت رسل كسرى ، مع أنه كان بالتواضع موصوفا ، وكان محبوبا في القلوب حتى لا يقليه مصاحبٌ ، ولا يتباعد عنه مقاربٌ ، قال السدي في قوله :
    { سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب } : لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين إلى مكة قالوا : ما صنعنا ؟.. قتلناهم حتى لم يبق منهم إلا الشريد تركناهم ، إذ همّوا وقالوا : ارجعوا فاستأصلوهم ، فلما عزموا على ذلك ، ألقى الله في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما هموا . ص179
    المصدر:
    المناقب 1/84
    جاء الأعرابي فلما نظر إلى النبي (ص) عرفه ، قال بمحجنه على رأس ناقة رسول الله (ص) عند ذنَب ناقته ، فأقبل الناس تقول :
    ما أجرأك يا أعرابي ؟!..
    قال النبي (ص) : دعوه فإنه أرب ، ثم قال : ما حاجتك ؟!.. قال :
    جاءتنا رسلك تقيموا الصلاة ، وتؤتوا الزكاة ، وتحجّوا البيت ، وتغتسلوا من الجنابة ، وبعثني قومي إليك رائدا ، أبغي أن أستحلفك وأخشى أن تغضب ، قال :
    لا أغضب ، إني أنا الذي سماني الله في التوراة والإنجيل محمد رسول الله ، المجتبى المصطفى ، ليس بفحاّش ولا سخّاب في الأسواق ، ولا يتبع السيئة السيئة ، ولكن يتبع السيئة الحسنة ، فسلني عمّا شئت ، وأنا الذي سماني الله في القرآن : { ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك } فسل عما شئت .. قال : إنّ الله الذي رفع السماوات بغير عمد هو أرسلك ؟.. قال : نعم ، هو أرسلني ، قال :
    بالله الذي قامت السماوات بأمره ، هو الذي أنزل عليك الكتاب ، وأرسلك بالصلاة المفروضة ، والزكاة المعقولة ؟.. قال : نعم ، قال :
    وهو أمرك بالاغتسال من الجنابة وبالحدود كلها ؟.. قال : نعم ، قال :
    فإنا آمنا بالله ورسله وكتابه واليوم الآخر والبعث والميزان والموقف والحلال والحرام صغيره وكبيره ، فاستغفر له النبي (ص) ودعا . ص186
    المصدر:
    تفسير العياشي
    قال أبو الحسن (ع) : إنّ علي بن الحسين (ع) كان يقرأ ، فربما يمرّ به المار فصُعق من حُسن صوته ، وإنّ الإمام لو أظهر من ذلك شيئا لما احتمله الناس من حسنه ، قلت :
    ولم يكن رسول الله (ص) يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن ؟.. فقال :
    إنّ رسول الله (ص) كان يحمل الناس من خلفه ما يطيقون . ص188
    المصدر:
    أصول الكافي 2/615
    قلت للصادق (ع) : أكان رسول الله (ص) يفرق شعره ؟.. قال : لا ، لأنّ رسول الله (ص) كان إذا طال شعره كان إلى شحمة أذنه . ص189
    المصدر:
    فروع الكافي 2/215
    قلت للصادق (ع) : إنهم يروون أنّ الفَرق من السنّة ، قال : من السنّة ؟.. قلت : يزعمون أنّ النبي (ص) فرق ، قال :
    ما فرق النبي (ص) ولا كانت الأنبياء تمسك الشعر . ص189
    المصدر:
    فروع الكافي 2/215
    أتى رجل إلى النبي (ص) فقال : يا رسول الله !.. إني زوّجت ابنتي وإني أحبّ أن تعينني بشيء ، فقال :
    ما عندنا شيءٌ ، ولكن إذا كان غدا فتعال وجئني بقارورة واسعة الرأس وعود شجر ، وآية بيني وبينك أني أجيف الباب ، فأتاه بقارورة واسعة الرأس وعود شجر ، فجعل رسول الله (ص) يسلت العرق من ذراعيه حتى امتلأت القارورة ، فقال : خذها وأمر ابنتك إذا أرادت أن تطيب أن تغمس العود في القارورة وتطيّب بها ، وكانت إذا تطيّبت شمّ أهل المدينة ذلك الطيب ، فسُمّوا بيت المتطيبين . ص192
    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى - الفصل4


    باب مكارم أخلاقه وسيره وسننه (ص) وما أدّبه الله تعالى به
    { وأمر أهلك بالصلاة } قال الطبرسي : أي أهل بيتك وأهل دينك بالصلاة ، روى أبو سعيد الخدري قال :
    لما نزلت هذه الآية كان رسول الله (ص) يأتي باب فاطمة وعلي تسعة أشهر وقت كل صلاة ، فيقول :
    الصلاة يرحمكم الله ، { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا }. ص203
    المصدر:
    مجمع البيان 7/37
    { وتقلّبك في الساجدين } أي ترددك في تصفّح أحوال المتهجدين ، كما روي أنه (ص) - لما نُسخ فرض قيام الليل - طاف تلك الليلة ببيوت أصحابه ، لينظر ما يصنعون حرصا على كثرة طاعاتهم ، فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع من دندنتهم بذكر الله والتلاوة ، أو تصرّفك فيما بين المصلّين بالقيام والركوع والسجود والقعود إذا أمّهم .
    قال الطبرسي : قيل ومعناه : وتقلبك في أصلاب الموحدين من نبي إلى نبي ، حتى أخرجك نبيا ، وهو المروى عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع). ص204
    المصدر:
    مجمع البيان 7/207
    قال الصادق (ع) : مَن أحب أن يعلم أَقُبلت صلاته أم لم تُقبل، فلينظر هل منعته صلاته عن الفحشاء والمنكر ؟!.. فبقدر ما منعته قبلت منه . ص205
    المصدر:
    مجمع البيان 8/285
    قال الصادق (ع) : جاء رجلٌ إلى رسول الله (ص) وقد بُلي ثوبه ، فحمل إليه اثني عشر درهما ، فقال :
    يا عليّ !.. خذ هذه الدراهم فاشترِ لي ثوبا ألبسه ، قال علي (ع) :
    فجئت إلى السوق فاشتريت له قميصاً باثني عشر درهما ، وجئت به إلى رسول الله (ص) ، فنظر إليه فقال : يا علي !.. غير هذا أحبّ إليّ ، أترى صاحبه يقيلنا ؟.. فقلت : لا أدري ، فقال : انظر .
    فجئت إلى صاحبه فقلت : إنّ رسول الله (ص) قد كره هذا يريد ثوبا دونه فأقلْنا فيه ، فردّ عليّ الدراهم ، وجئت به إلى رسول الله (ص) فمشى معي إلى السوق ليبتاع قميصاً ، فنظر إلى جارية قاعدة على الطريق تبكي ، فقال لها رسول الله (ص) : ما شأنكِ ؟.. قالت :
    يا رسول الله !.. إنّ أهل بيتي أعطوني أربعة دراهم لأشتري لهم بها حاجة فضاعت فلا أجسر أن أرجع إليهم ، فأعطاها رسول الله (ص) أربعة دراهم ، وقال : ارجعي إلى أهلك .
    ومضى رسول الله (ص) إلى السوق فاشترى قميصا بأربعة دراهم ، ولبسه وحمد الله ، وخرج فرأى رجلا عريانا يقول : من كساني كساه الله من ثياب الجنة ، فخلع رسول الله (ص) قميصه الذي اشتراه وكساه السائل ، ثم رجع إلى السوق فاشترى بالأربعة التي بقيت قميصا آخر ، فلبسه وحمد الله ورجع إلى منزله ، وإذا الجارية قاعدة على الطريق ، فقال لها رسول الله (ص) :
    ما لك لا تأتين أهلك ؟..
    قالت : يا رسول الله !.. إني قد أبطأت عليهم وأخاف أن يضربوني ، فقال رسول الله (ص) : مرّي بين يدي ودلّيني على أهلك ، فجاء رسول الله (ص) حتى وقف على باب دارهم ، ثم قال : السلام عليكم يا أهل الدار !.. فلم يجيبوه ، فأعاد السلام فلم يجيبوه ، فأعاد السلام فقالوا :
    عليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته !.. فقال لهم :
    ما لكم تركتم إجابتي في أول السلام والثاني ؟.. قالوا : يا رسول الله !.. سمعنا سلامك فأحببنا أن تستكثر منه ، فقال رسول الله (ص) :
    إنّ هذه الجارية أبطأت عليكم فلا تؤاخذوها ، فقالوا : يا رسول الله !.. هي حرّةٌ لممشاك ، فقال رسول الله (ص) :
    الحمد لله ، ما رأيت اثني عشر درهما أعظم بركةً من هذه ، كسا الله بها عريانين ، وأعتق بها نسمة . ص215
    المصدر:
    الخصال 2/86 ، أمالي الصدوق ص144
    قال رسول الله (ص) : خمس لا أدعهن حتى الممات : الأكل على الحضيض ( أي من دون خوان ) مع العبيد ، وركوبي الحمار مؤكّفاً ، وحلبي العنز بيدي ، ولبس الصوف ، والتسليم على الصبيان ، لتكون سُنّةً من بعدي.ص215
    المصدر:
    أمالي الصدوق ص44
    قال الصادق (ع) : كان رسول الله (ص) في بيت أم سلمة في ليلتها ، ففقدته من الفراش ، فدخلها في ذلك ما يدخل النساء ، فقامت تطلبه في جوانب البيت حتى انتهت إليه وهو في جانب من البيت ، قائمٌ رافعٌ يديه يبكي وهو يقول :
    " اللهم !.. لا تنزع مني صالح ما أعطيتني ، اللهم !.. لا تشمت بي عدوا ولا حاسدا أبدا ، اللهم !.. ولا تردني في سوء استنقذتني منه أبداً ، اللهم !.. ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً " ..
    فانصرفت أم سلمة تبكي حتى انصرف رسول الله (ص) لبكائها فقال لها :
    ما يبكيك يا أم سلمة ؟!.. فقالت :
    بأبي أنت وأمي يا رسول الله !.. ولِمَ لا أبكي وأنت بالمكان الذي أنت به من الله ، قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر ، تسأله أن لا يشمت بك عدوا أبدا ، وأن لا يردّك في سوء استنقذك منه أبدا ، وأن لا ينزع منك صالحا أعطاك أبدا ، وأن لا يكلك إلى نفسك طرفة عين أبدا ؟..
    فقال : يا أمّ سلمة وما يؤمنني ؟.. وإنما وكّل الله يونس بن متى إلى نفسه طرفة عين وكان منه ما كان . ص218
    المصدر:
    تفسير القمي ص432
    عن عائشة : ما شبع آل محمد (ع) ثلاثة أيام تباعا ، حتى لحق بالله عزّ وجلّ . ص221
    المصدر:
    أمالي الطوسي ص196
    دخل عمر بن الخطاب على النبي (ص) وهو موقوذ - أو قال : محموم - فقال له عمر :
    يا رسول الله !.. ما أشدّ وعكك أو حمّاك؟!.. فقال :
    ما منعني ذلك أن قرأت الليلة ثلاثين سورة فيهن السبع الطول ، فقال عمر :
    يا رسول الله !.. غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر ، وأنت تجتهد هذا الاجتهاد ؟.. فقال :
    يا عمر !.. أفلا أكون عبدا شكورا ؟.. ص222
    المصدر:
    أمالي الطوسي ص257
    قال عليّ (ع) : كان رسول الله (ص) مُكفّرا لا يُشكر معروفه ، ولقد كان معروفه على القرشي والعربي والعجمي ، ومن كان أعظم معروفا من رسول الله (ص) على هذا الخلق ؟..
    وكذلك نحن أهل البيت مُكفّرون ، لا يُشكر معروفنا ، وخيار المؤمنين مُكفّرون لا يُشكر معروفهم .ص223
    المصدر:
    العلل ص187
    قال الرضا (ع) : نزل جبرائيل على النبي (ص) فقال : يا محمد !.. إنّ ربك يقرئك السلام ، ويقول :
    إن الأبكار من النساء بمنزلة الثمر على الشجر ، فإذا أينع الثمر فلا دواء له إلا اجتناؤه ، وإلا أفسدته الشمس ، وغيّرته الريح ، وإنّ الأبكار إذا أدركن ما تدرك النساء فلا دواء لهن إلا البعول ، وإلا لم يُؤمن عليهن الفتنة .
    فصعد رسول الله (ص) المنبر ، فجمع الناس ثم أعلمهم ما أمر الله عزّ وجلّ به ، فقالوا : ممن يا رسول الله ؟.. فقال : من الأكفاء ، فقالوا : ومَن الأكفاء ؟.. فقال : المؤمنون بعضهم أكفاء بعض ، ثم لم ينزل حتى زوّج ضباعة من المقداد بن الأسود ، ثم قال :
    أيها الناس !.. إني زوّجت ابنة عمي المقداد ليتّضع النكاح . ص223
    المصدر:
    العلل ص193
    قال الصادق (ع) : مرّت امرأةٌ بدوية برسول الله (ص) وهو يأكل وهو جالسٌ على الحضيض ، فقالت :
    يا محمد !.. والله إنك لتأكل أكل العبد ، وتجلس جلوسه ، فقال لها رسول الله (ص) : ويحك أي عبدٍ أعبد مني ؟.. قالت :
    فناولني لقمة من طعامك ، فناولها فقالت : لا والله إلا التي في فمك ، فأخرج رسول الله (ص) اللقمة من فمه فناولها فأكلتها .. قال الصادق (ع) : فما أصابها داءٌ حتى فارقت الدنيا . ص226
    المصدر:
    المحاسن ص457
    قال الصادق (ع) : أقبل رسول الله (ص) إلى الجعرانة ، فقسّم فيها الأموال وجعل الناس يسألونه فيعطيهم حتى ألجأوه إلى الشجرة ، فأخذت بُرده وخُدشت ظهره حتى جلوه عنها وهم يسألونه ، فقال :
    أيها الناس !.. ردّوا عليّ بردي ، والله لو كان عندي عدد شجر تهامة نعماً لقسّمته بينكم ، ثم ما ألفيتموني جبانا ولا بخيلا ..
    ثم خرج من الجعرانة في ذي القعدة ، فما رأيت تلك الشجرة إلا خضراء كأنما يُرش عليها الماء . ص226
    المصدر:
    الخرائج
    أما آدابه (ص) فقد جمعها بعض العلماء والتقطها من الأخبار :
    كان النبي (ص) أحكم الناس وأحلمهم وأشجعهم وأعدلهم وأعطفهم ، لم تمس يده يد امرأة لا تحلّ ، وأسخى الناس ، لا يثبت عنده دينار ولا درهم ، فإن فِضُل ولم يجد مَن يعطيه ويجنّه الليل ، لم يأوِ إلى منزله حتى يتبرأ منه إلى مَن يحتاج إليه ..
    لا يأخذ مما آتاه الله إلا قوت عامه فقط من يسير ما يجد من التمر والشعير ، ويضع سائر ذلك في سبيل الله ، ولا يُسأل شيئا إلا أعطاه ، ثم يعود إلى قوت عامه فيؤثر منه ، حتى ربما احتاج قبل انقضاء العام إن لم يأته شيءٌ ..
    وكان يجلس على الأرض ، وينام عليها ، ويأكل عليها ، وكان يخصف النعل ، ويرقع الثوب ، ويفتح الباب ، ويحلب الشاة ، ويعقل البعير فيحلبها ، ويطحن مع الخادم إذا أعيا ، ويضع طهوره بالليل بيده ، ولا يتقدمه مطرق ( أي أكثر الناس إطراقا للأرض )....
    لا يجلس متكئاً ، ويخدم في مهنة أهله....
    وإذا جلس على الطعام جلس محقراً ، وكان يلطع ( أي يمص) أصابعه ، ولم يتجشأ قط ، ويجيب دعوة الحرّ والعبد ولو على ذراع أو كراع ، ويقبل الهدية ولو أنها جرعة لبن ويأكلها ....
    لا يثبت بصره في وجه أحد ، يغضب لربه ولا يغضب لنفسه ، وكان يعصّب الحجر على بطنه من الجوع ، يأكل ما حضر ، ولا يرد ما وجد ....
    وأكثر ثيابه البياض ، ويلبس العمامة.... وكان له ثوبٌ للجمعة خاصة ، وكان إذا لبس جديدا أعطى خَلِق ثيابه مسكيناً ....
    يحب البطيخ ، ويكره الريح الردية ، ويستاك عند الوضوء ، يردف خلفه عبده أو غيره ....
    ويعود المرضى في أقصى المدينة ، يجالس الفقراء ، ويُؤاكل المساكين ، ويناولهم بيده ، ويكرم أهل الفضل في أخلاقهم ...
    يصل ذوي رحمه من غير أن يُؤثرهم على غيرهم إلا بما أمر الله ، ولا يجفو على أحد ، يقبل معذرة المعتذر إليه ، وكان أكثر الناس تبسّماً ما لم ينزل عليه قرآن أو لم تجر عظة ، وربما ضحك من غير قهقهة ....
    ما شتم أحدا بشتمة ، ولا لعن امرأة ولا خادما بلعنة ، ولا لاموا أحدا إلا قال : دعوه ، ولا يأتيه أحدٌ حرٌ أو عبدٌ أو أمةٌ إلا قام معه في حاجته....
    يبدأ من لقيه بالسلام ، ومن رامه بحاجةٍ صابَره حتى يكون هو المنصرف ، ما أخذ أحدٌ يده فيرسل يده حتى يرسلها ، وإذا لقي مسلماً بدأه بالمصافحة ، وكان لا يقوم ولا يجلس إلا على ذكر الله ، وكان لا يجلس إليه أحدٌ وهو يصلي إلا خفّف صلاته وأقبل عليه ، وقال : أَلَكَ حاجةٌ ؟..
    وكان أكثر جلوسه أن ينصب ساقيه جميعا ، يجلس حيث ينتهي به المجلس ، وكان أكثر ما يجلس مستقبل القبلة ..
    وكان يُكرم مَن يدخل عليه حتى ربما بسط ثوبه ، ويؤثر الداخل بالوسادة التي تحته ، وكان في الرضا والغضب لا يقول إلا حقا ....
    وكان أحبّ الفواكه الرطبة إليه البطيخ والعنب ، وأكثر طعامه الماء والتمر ، وكان يتمجّع اللبن بالتمر ( أي يجمع بينهما ) ويسميهما الأطيبين ، وكان أحبّ الطعام إليه اللحم ، ويأكل الثريد باللحم ، وكان يحبّ القرع ، وكان يأكل لحم الصيد ولا يصيده ، وكان يأكل الخبز والسمن ، وكان يحبّ من الشاة الذراع والكتف....
    ومن الصباغ الخلّ ، ومن التمر العجوة ، ومن البقول الهندبا والباذروج والبقلة اللينة . ص228
    المصدر:
    المناقب 1/100
    أتى النبي (ص) رجلٌ يكلّمه فأرعد ، فقال : هوّن عليك ، فلست بملِك ، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القدّ . ص229
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص14
    كان رسول الله (ص) يجلس بين ظهراني أصحابه ، فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل ، فطلبنا إلى النبي (ص) أن يجعل مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه ، فبنينا له دكّانا من طين ، وكان يجلس عليه ونجلس بجانبيه.ص229
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص15
    أدرك أعرابيُّ النبيَّ (ص) فأخذ بردائه فجبذه جبذةً شديدةً حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول الله (ص) ، وقد أثّرت به حاشية الرداء من شدة جبذته ، ثم قال له :
    يا محمد !.. مْر لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه رسول الله (ص) فضحك وأمر له بعطاء .ص230
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص16
    كان رسول الله (ص) حييّا ، لا يُسأل شيئا إلا أعطاه . ص 230
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص16
    كان رسول الله (ص) أشدّ حياءً من العذراء في خدرها ، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه . ص230
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص16
    قال النبي (ص) : أنا أديب الله ، وعليّ أديبي . ص231
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص16
    قال علي (ع) : لقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي (ص) وهو أقربنا إلى العدو ، وكان من أشدّ الناس يومئذ بأساً . ص232
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص17
    قال علي (ع) : كنا إذا احمّر البأس ولقي القومُ القومَ ، اتقينا برسول الله (ص) فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه . ص232
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص17
    كان رسول الله (ص) إذا سرّه الأمر استنار وجهه كأنه دارة القمر . ص233
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص18
    قال علي (ع) : كان رسول الله (ص) إذا رأى ما يحب قال : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . ص233
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص18
    كان رسول الله (ص) إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه ، فإن كان غائباً دعا له ، وإن كان شاهداً زاره ، وإن كان مريضا عاده . ص233
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص18
    عن جابر بن عبدالله : غزا رسول الله (ص) إحدى وعشرين غزوة بنفسه ، شاهدت منها تسعة عشر ، وغبت عن اثنتين ، فبينا أنا معه في بعض غزواته، إذ أعيا ناضحي (أي عجز بعيري ) تحتي بالليل فبرك ، وكان رسول الله (ص) في آخرنا في آخريات الناس ، فيزجي الضعيف ويردف ويدعو لهم ، فانتهى إليّ وأنا أقول :
    يا لهف أمياه !.. وما زال لنا ناضح سوء ، فقال : مَن هذا ؟.. فقلت : أنا جابر بأبي أنت وأمي يا رسول الله !..
    قال : ما شأنك ؟.. قلت : أعيا ناضحي ، فقال : أمعك عصا ؟.. فقلت : نعم ، فضربه ثم بعثه ثم أناخه ووطئ على ذراعه ، وقال : اركب !.. فركبت فسايرته فجعل جملي يسبقه ، فاستغفر لي تلك الليلة خمس وعشرين مرة ، فقال لي : ما ترك عبد الله من الولد ؟.. - يعني أباه - قلت : سبع نسوة .
    قال : أبوك عليه دين ؟.. قلت : نعم ، قال :
    فإذا قدمت المدينة فقاطعهم ، فإن أبوا فإذا حضر جذاذ نخلكم فأذنّي ، وقال : هل تزوجتَ ؟.. قلت : نعم ، قال : بمن ؟ قلت : بفلانة بنت فلان بأيم كانت بالمدينة ، قال : فهلاّ فتاة تلاعبها وتلاعبك ؟.. قلت :
    يا رسول الله !.. كنّ عندي نسوةخرق - يعني أخواته - فكرهت أن آتيهن بامرأة خرقاء ، فقلت : هذه أجمع لأمري ، قال : أصبت ورشدت.ص234
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص19
    كان رسول الله (ص) إذا حدّث الحديث أو سأل عن الأمر ، كرّره ثلاثاً ليفهم ويُفهم عنه . ص234
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص19
    قال رجل : يا رسول الله !.. فقال : لبيك !.. ص235
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص19
    روي عن زيد بن ثابت أنّ النبي (ص) كنا إذا جلسنا إليه إن أخذْنا بحديث في ذكر الآخرة أخذَ معنا ، وإن أخذْنا في الدنيا أخذ معنا ، وإن أخذْنا في ذكر الطعام والشراب أخذ معنا ، فكل هذا أحدّثكم عن رسول الله (ص).ص235
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص19
    دخل النبي (ص) بعض بيوته فامتلأ البيت ، ودخل جرير فقعد خارج البيت ، فأبصره النبي (ص) فأخذ ثوبه فلفّه فرمى به إليه ، وقال : اجلس على هذا ، فأخذ جرير فوضعه على وجهه فقبّله . ص235
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص19
    دخلت على رسول الله (ص) وهو متكئٌ على وسادة فألقاها إليّ ، ثم قال : يا سلمان !.. ما من مسلم دخل على أخيه المسلم فيلقي له الوسادة إكراما له إلا غفر الله له . ص235
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص20
    رأيت إبراهيم بن رسول الله (ص) وهو يجود بنفسه فدمعت عيناه ، فقال رسول الله (ص) : تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا أقول إلا ما يُرضى ربنا ، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون . ص235
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص20
    لما أصيب زيد بن حارثة انطلق رسول الله (ص) إلى منزله ، فلما رأته ابنته جهشت فانتحب رسول الله (ص) ، وقال له بعض أصحابه : ما هذا يا رسول الله ؟!.. قال :
    هذا شوق الحبيب إلى الحبيب . ص236
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص21
    كان رسول الله (ص) إذا مشى ، مشى مشيا يُعرف أنه ليس بمشي عاجزٍٍ ولا بكسلان . ص236
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص21
    كنا إذا أتينا النبي (ص) جلسنا حلقة . ص236
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص21
    قال رسول الله (ص) : لا يبلغني أحدٌ منكم عن أصحابي شيئا ، فإني أحبّ أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر . 231
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص16
    روي أنّ رسول الله لا يدع أحداً يمشي معه إذا كان راكباً حتى يحملهم معه ، فإن أبى قال : تقدّم أمامي ، وأدركْني في المكان الذي تريد ..
    ودعاه (ص) قومٌ من أهل المدينة إلى طعام صنعوه له ولأصحاب له خمسة ، فأجاب دعوتهم ، فلما كان في بعض الطريق أدركهم سادسٌ فماشاهم ، فلما دنوا من بيت القوم قال للرجل السادس : إنّ القوم لم يدعوك ، فاجلس حتى نذكر لهم مكانك ، ونستأذنهم بك . ص236
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص22
    من كتاب النبوة عن علي (ع) قال : .... ما نازعه الحديث حتى يكون هو الذي يسكت ، وما رُئي مُقدّما رجله بين يدي جليس له قط ، ولا عُرض له قطّ أمران إلا أخذ بأشدّهما ، وما انتصر نفسه من مظلمة حتى ينتهك محارم الله فيكون حينئذ غضبه لله تبارك وتعالى .... وكان أخفّ الناس صلاةً في تمام ، وكان أقصر الناس خطبة وأقلّه هذرا .... وإذا شرب شرب ثلاثة أنفاس ، وكان يمصّ الماء مصّاً ، ولا يعبّه عبّاً .... وكان يحبّ التيمن في كل أموره : في لبسه وتنعّله وترجّله . ص237
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص22
    دخل عمر على رسول الله (ص) وهو على حصير قد أثّر في جنبيه ، فقال : يا نبي الله !.. لو اتخذت فراشا ، فقال :
    ما لي وللدنيا ، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف ، فاستظلّ تحت شجرة ساعةً من نهار ثم راح وتركها . ص239
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص22
    قال رسول الله (ص) : إذا سميتم محمدا فلا تقبّحوه ، ولا تجبهوه ، ولا تضربوه ، بُورك لبيتٍ فيه محمد ، ومجلسٍٍ فيه محمد ، ورفقةٍٍ فيها محمد.ص240
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص22


    باب في جلوسه وأمْر أصحابه في آداب الجلوس
    كان (ص) يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة أو يسميه ، فيأخذه فيضعه في حجره تكرمةً لأهله ، فربما بال الصبي عليه ، فيصيح بعض من رآه حين بال ، فيقول (ص) :
    لا تزرموا بالصبي ، فيدعه حتى يقضي بوله ، ثم يفرغ له من دعائه أو تسميته ويبلغ سرور أهله فيه ، ولا يرون أنه يتأذّى ببول صبيهم ، فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعد . ص240
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص25
    دخل رجلٌ المسجد وهو جالسٌ وحده فتزحزح له ، فقال الرجل : في المكان سعة يا رسول الله !.. فقال (ص) :
    إنّ حقّ المسلم على المسلم إذا رآه يريد الجلوس إليه أن يتزحزح له . ص240
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص25
    قال (ص) : لا تقوموا كما تقوم الأعاجم بعضهم لبعض . ص240
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص25
    روي أنّ رسول الله (ص) قال : إذا قام أحدكم من مجلسه منصرفاً فليسلّم ، فليس الأُولى بأَولى من الأخرى . ص241
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص25
    كان النبي (ص) يجلس ثلاثا : يجلس القرفصاء : وهي أن يقيم ساقيه ، ويستقبلهما بيديه فيشدّ يده في ذراعه ، وكان يجثو على ركبتيه ، وكان يثني رجلا واحدة ويبسط عليها الأخرى ، ولم يُرَ متربعا قطّ ، وكان يجثو على ركبتيه ولا يتكئ . ص241
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص26


    باب في صفة أخلاقه في مطعمه
    كان (ص) لا يأكل الحار حتى يبرد ، ويقول :
    إنّ الله لم يطعمنا ناراً ، إنّ الطعام الحار غير ذي بركة فأبردوه . ص242
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص28
    قالت عائشة : ما زالت الدنيا علينا عَسِِرة كَدِرة ، حتى قُبض رسول الله (ص) ، فلما قُبض صبّت الدنيا علينا صبّاً. ص244
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص29
    كان يقول (ص) : اللحم سيد الطعام في الدنيا والآخرة ، فلو سألت ربي أن يطعمنيه كل يوم لفعل ، وكان يأكل الثريد بالقرع واللحم ، وكان يحبّ القرع ويقول : إنها شجرة أخي يونس ....
    وكان (ص) يأكل الدجاج ولحم الوحش ولحم الطير الذي يصاد ، وكان لا يبتاعه ولا يصيده ....
    وكان إذا أكل اللحم لم يطأطئ رأسه إليه ، ويرفعه إلى فيه ، ثم ينتهسه انتهاسا ( أي ينتهشه انتهاشا ) ....
    وكان (ص) لا يأكل الثوم ولا البصل ولا الكراث ولا العسل الذي فيه المغافير والمغافير : ما يبقى من الشجر في بطون النحل فيلقيه في العسل فيبقى له ريح في الفم ....
    وكان (ص) يلحس الصحفة ويقول : آخر الصحفة أعظم الطعام بركة ، وكان صلى الله عليه واله إذا فرغ من طعامه لعق أصابعه الثلاث التي أكل بها ، فإن بقي فيها شيءٌ عاوده فلعقها حتى يتنظّف ، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعقها واحدة واحدة ، ويقول : لا يُدرى في أي الأصابع البركة ....
    وكان (ص) لا يأكل وحده ما يمكنه ، وقال : ألا أنبئكم بشراركم ؟.. قالوا : بلى ، قال : من أكل وحده ، وضرب عبده ، ومنع رفده . ص246
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص30


    باب في صفة أخلاقه في مشربه (ص)
    وكان (ص) إذا شرب بدأ فسمّى ، وحسا حسوة وحسوتين ، ثم يقطع فيحمد الله ، ثم يعود فيسمّي ، ثم يزيد في الثالثة ، ثم يقطع فيحمد الله ، وكان له في شربه ثلاث تسميات ، وثلاث تحميدات . ص246
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص33


    باب في صفة أخلاقه في الطيب والدهن ولبس الثياب، وفي غسل رأسه (ص)
    قال الصادق (ع) : كان رسول الله (ص) ينفق على الطيب ، أكثر مما ينفق على الطعام . ص248
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص34
    قال الباقر (ع) : وكان (ص) لا يُعرض عليه طيب إلا تطيب به ، ويقول : هو طيّب ريحه ، خفيف محمله . ص249
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص34
    كان (ص) يقول : جُعل لذتي في النساء والطيب ، وجُعل قرة عيني في الصلاة والصوم . ص249
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص35
    كان (ص) ينظر في المرآة ، ويرجّل جمّته ويمتشط ، وربما نظر في الماء وسوّى جمّته فيه ، ولقد كان يتجمّل لأصحابه فضلا على تجمله لأهله.ص249
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص36
    كان (ص) لا يفارقه في أسفاره : قارورة الدهن والمكحلة والمقراض والمرآة والمسواك والمشط . ص250
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص36
    وفي رواية : تكون معه الخيوط والإبرة والمخصف والسيور ، فيخيط ثيابه ، ويخصف نعله ، وكان (ص) إذا استاك استاك عرضاً . ص250
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص36


    باب في دعائه عند مضجعه
    كان له أصناف من الأقاويل يقولها إذا أخذ مضجعه ، فمنها أنه كان يقول :
    " اللهم !.. إني أعوذ بك بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بك منك .. اللهم !.. إني لا أستطيع أن أبلغ في الثناء عليك ولو حرصت ، أنت كما أثنيت على نفسك " وكان (ص) يقول عند منامه :
    " بسم الله أموت وأحيا ، وإلى الله المصير .. اللهم !.. آمن روعتي ، واستر عورتي ، وأدِّ عني أمانتي ". ص253
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص40
    كان (ص) يقرأ آية الكرسي عند منامه ، ويقول : أتاني جبرائيل فقال :
    يا محمد !.. إن عفريتا من الجن يكيدك في منامك فعليك بآية الكرسي.ص253
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص40
    قال الباقر (ع) : ما استيقظ رسول الله (ص) من نوم قط ، إلاخرّ لله عزّ وجلّ ساجداً . ص253
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص40
    روي أنه (ص) لا ينام إلا والسواك عند رأسه ، فإذا نهض بدأ بالسواك ، وقال (ص) :
    لقد أُمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب عليّ ، وكان (ص) مما يقول إذا استيقظ :
    " الحمد لله الذي أحياني بعد موتي ، إنّ ربي لغفورٌ شكور " ، وكان يقول (ص) :
    " اللهم !.. إني أسألك خير هذا اليوم ونوره وهداه وبركته وطهوره ومعافاته.. اللهم !.. إني أسألك خيره وخير ما فيه ، وأعوذ بك من شرّه وشرّ ما بعده " . ص254
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص40


    باب في سواكه
    كان (ص) يستاك كل ليلة ثلاث مرات : مرة قبل نومه ، ومرة إذا قام من نومه إلى ورده ، ومرة قبل خروجه إلى صلاة الصبح، وكان يستاك بالأراك ، أمره بذالك جبرائيل (ع) . ص254
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص40
    قال الصادق (ع) : إني لأكره للرجل أن يموت ، وقد بقيت خَلّةٌ من خلال رسول الله (ص) لم يأت بها . ص254
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص41
    قال الصادق (ع) : إنّ رسول الله (ص) كان لا يقوم من مجلس - وإن خفَّ- حتى يستغفر الله عزّ وجلّ خمسا وعشرين مرة . ص258
    المصدر:
    أصول الكافي 2/504
    قال الصادق (ع) : كان رسول الله (ص) يستغفر الله عزّ وجلّ كلّ يوم سبعين مرة ، ويتوب إلى الله سبعين مرة . ص258
    المصدر:
    أصول الكافي 2/504
    قال رسول الله (ص) : إني لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن.ص258
    المصدر:
    أصول الكافي 2/632
    سئل أبو الحسن (ع) فقيل له : جعلت فداك !.. الرجل يكون مع القوم فيجري بينهم كلام يمزحون ويضحكون ، فقال : لا بأس ما لم يكن ، فظننت أنه عنى الفحش ، ثم قال :
    إنّ رسول الله (ص) كان يأتيه الأعرابي فيهدي له الهدية ، ثم يقول مكانه : أعطنا ثمن هديتنا ، فيضحك رسول الله (ص) ، وكان إذا اغتمّ يقول :
    ما فعل الأعرابي ليته أتانا . ص259
    المصدر:
    أصول الكافي 2/663
    قال النبي (ص) : ما زال جبرائيل يوصيني بالسواك حتى خفت أن أُخفي أو أُدرد . ص260
    المصدر:
    فروع الكافي 1/8
    بيــان:
    قال الجزري فيه: لزمت السواك حتى كدت أخفي فمي ، أي استقصي على أسناني فأذهبها بالتسوك ، وقال : فيه لزمت السواك حتى خشيت أن يدردني ، أي يذهب بأسناني ، والدرد : سقوط الأسنان.ص260
    قال الباقر (ع) : كان رسول الله (ص) يصنع بمن مات من بني هاشم خاصة شيئا لا يصنعه بأحد من المسلمين ، كان إذا صلّى على الهاشمي ونضح قبره بالماء ، وضع رسول الله (ص) كفّه على القبر حتى تُرى أصابعه في الطين ، فكان الغريب يقدم أو المسافر من أهل المدينة فيرى القبر الجديد عليه أثر كفّ رسول الله (ص) ، فيقول :
    مَن مات من آل محمد (ص) ؟.. ص261
    المصدر:
    فروع الكافي 1/55
    كان رسول الله (ص) في بعض مغازيه ، فمرّ به ركبٌ وهو يصلّي ، فوقفوا على أصحاب رسول الله (ص) فساءلوهم عن رسول الله (ص) ودعوا وأثنوا وقالوا :
    لولا أنا عِجال لانتظرنا رسول الله (ص) ، فاقرئوه منا السلام ومضوا ، فانفتل رسول الله (ص) مغضبا ، ثم قال لهم :
    يقف عليكم الركب ويسألونكم عني ، ويبلغوني السلام ، ولا تعرضون عليهم الغداء ؟.. ليعزّ عليّ قومٌ فيهم خليلي جعفر أن يجوزوه حتى يتغدوا عنده . ص263
    المصدر:
    فروع الكافي 2/158
    قال الصادق (ع) : يا بحر !.. حسن الخلق يسر ، ثم قال : ألا أخبرك بحديث ما هو في يدي أحد من أهل المدينة ؟.. قلت : بلى ، قال :
    بينما رسول الله (ص) ذات يوم جالس في المسجد إذ جاءت جارية لبعض الأنصار وهو قائم ، فأخذت بطرف ثوبه ، فقام لها النبي (ص) فلم تقل شيئا ، ولم يقل لها النبي (ص) شيئا حتى فعلت ذلك ثلاث مرات .
    فقام لها النبي (ص) في الرابعة وهي خلفه ، فأخذت هدبة من ثوبه ثم رجعت فقال لها الناس : فعل الله بك وفعل !.. حبستِ رسول الله ثلاث مرات لا تقولين له شيئا ، ولا هو يقول لك شيئا ، ما كانت حاجتكِ إليه ؟.. قالت :
    إن لنا مريضا فأرسلني أهلي لآخذ هدبة من ثوبه ليستشفى بها ، فلما أردت أخذها رآني فقام ، فاستحييت أن آخذها وهو يراني ، وأكره أن أستأمره في أخذها فأخذتها.ص264
    المصدر:
    أصول الكافي 2/102
    قال الباقر (ع) : إنّ رسول (ص) أُتي باليهودية التي سمّت الشاة للنبي (ص) ، فقال لها : ما حملك على ما صنعت ؟.. فقالت : قلت : إن كان نبيا لم يضرّه ، وإن كان ملِكا أرحت الناس منه ، فعفا رسول الله (ص) عنها.ص265
    المصدر:
    أصول الكافي 2/108
    قال الصادق (ع) : دخل رسول الله (ص) على عائشة ، فرأى كسرة كاد أن يطأها فأخذها وأكلها ، وقال :
    يا حميرى !.. أكرمي جوار نعم الله عليك ، فإنها لم تنفر من قوم فكادت تعود إليهم . ص265
    المصدر:
    فروع الكافي 2/165
    قال الصادق (ع) : لقي النبي (ص) حذيفة ، فمدّ النبي (ص) يده فكفّ حذيفة يده ، فقال النبي (ص) :
    يا حذيفة !.. بسطت يدي إليك فكففت يدك عني ؟.. فقال حذيفة :
    يا رسول الله !.. بيدك الرغبة ، ولكني كنت جُنُبا فلم أحبّ أن تمس يدي يدك وأنا جنبٌ ، فقال النبي (ص) :
    أما تعلم أن المسلمَين إذا التقيا فتصافحا تحاتت ذنوبهما كما يتحات ورق الشجر . ص269
    المصدر:
    أصول الكافي 2/183
    قال الصادق (ع) : ما منع رسول الله (ص) سائلا قط إن كان عنده ، وإلا قال : يأتي الله به. ص270
    المصدر:
    فروع الكافي 1/166
    قال الباقر (ع) : ما من أحد أبغض إليّ من رجل يقال له : كان رسول الله (ص) يفعل كذا وكذا ، فيقول : لا يعذّبني الله على أن أجتهد في الصلاة ، كأنه يرى أن رسول الله (ص) ترك شيئا من الفضل عجزا عنه . ص 270
    المصدر:
    فروع الكافي 1/187
    قال الصادق (ع) : إنّ رسول الله (ص) مرّ في بعض طرق المدينة وسوداء تلقط السرقين ، فقيل لها : تنحَّي عن طريق رسول الله (ص) ، فقالت : إنّ الطريق لمعرض ، فهمّ بها بعض القوم أن يتناولها ، فقال رسول الله (ص) : دَعُوها فإنها جبّارة . ص272
    المصدر:
    أصول الكافي 2/309
    قال الصادق (ع) : كان رسول الله (ص) إذا دخل العشر الأواخر شدّ المئزر ، واجتنب النساء ، وأحيى الليل ، وتفرّغ للعبادة . ص273
    المصدر:
    فروع الكافي 1/205
    كان رسول الله (ص) يذبح يوم الأضحى كبشين : أحدهما عن نفسه ، والآخر عمّن لم يجد من أمته . ص274
    المصدر:
    فروع الكافي 1/103
    عن أبي سعيد الخدري ، أنه وضع يده على رسول الله (ص) وعليه حمّى فوجدها من فوق اللحاف ، فقال :
    ما أشدّها عليك يا رسول الله ؟!.. قال : إنا كذلك يشتد علينا البلاء ، ويُضعّف لنا الأجر . ص275
    المصدر:
    التمحيص
    سمعت الصادق (ع) يقول - وذكر صلاة النبي (ص) - قال : كان يأتي بطهور فيُتخمّر ( أي يُغطى ) عند رأسه ، ويضع سواكه تحت فراشه ، ثم ينام ما شاء الله ، فإذا استيقظ جلس ، ثم قلّب بصره في السماء ، ثم تلا الآيات من آل عمران :
    { إن في خلق السموات والأرض } ، ثم يستنّ ويتطهّر ، ثم يقوم إلى المسجد فيركع أربع ركعات على قدر قراءته ركوعه ، وسجوده على قدر ركوعه ، يركع حتى يُقال : متى يرفع رأسه ؟..
    ويسجد حتى يُقال : متى يرفع رأسه ؟.. ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله ، ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ، ويقلّب بصره في السماء ، ثم يستنّ ويتطهّر ويقوم إلى المسجد فيصلّي أربع ركعات كما ركع قبل ذلك ، ثم يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله ، ثم يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ، ويقلّب بصره في السماء ، ثم يستنّ ويتطهّر ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلّي الركعتين ، ثم يخرج إلى الصلاة.ص276
    المصدر:
    التهذيب 1/132
    قال الباقر (ع) : ما كان شيءٌ أحبّ إلى رسول الله (ص) من أن يظل خائفا جائعا في الله عزّ وجلّ . ص279
    المصدر:
    روضة الكافي ص129
    قال الصادق (ع) : إنّ رسول الله (ص) أتته أخت له من الرضاعة ، فلما أن نظر إليها سُرّ بها وبسط رداءه لها فأجلسها عليه ، ثم أقبل يحدّثها ويضحك في وجهها ، ثم قامت فذهبت ، ثم جاء أخوها فلم يصنع به ما صنع بها ، فقيل :
    يا رسول الله !.. صنعت بأخته ما لم تصنع به وهو رجلٌ ؟.. فقال :
    لأنها كانت أبرّ بأبيها منه . ص282
    المصدر:
    كتاب الحسين بن سعيد
    قال الصادق (ع) : استقبل رسولَ الله (ص) رجلٌ من بني فهد وهو يضرب عبداً له ، والعبد يقول : أعوذ بالله ، فلم يقلع الرجل عنه ، فلما أبصر العبد برسول الله (ص) قال : أعوذ بمحمد فأقلع عنه الضرب ، فقال رسول الله (ص) :
    يتعوذ بالله فلا تُعيذه ؟.. ويتعوذ بمحمد فتعيذه ؟.. والله أحقّ أن يُجار عائذه من محمد ، فقال الرجل : هو حرٌّ لوجه الله ، فقال رسول الله (ص) :
    والذي بعثني بالحقّ نبيا لو لم تفعل لواقع وجهك حرّ النار . ص282
    المصدر:
    كتاب الحسين بن سعيد
    قال الباقر (ع) : مرّ رسول الله (ص) بالسوق وأقبل يريد العالية والناس يكتنفه ، فمرّ بجدي أسك ( أي مقطوع الأذنين ) على مزبلة ملقىً وهو ميت ، فأخذ بأذنه ، فقال : أيكم يحبّ أن يكون هذا له بدرهم ؟..
    قالوا ما نحبّ أنه لنا بشيء ، وما نصنع به ؟.. قال : أفتحبون أنه لكم ؟.. قالوا : لا ، حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فقالوا : والله لو كان حيا كان عيبا ، فكيف وهو ميت ؟.. فقال رسول الله (ص) : إنّ الدنيا على الله أهون من هذا عليكم.ص282
    المصدر:
    كتاب الحسين بن سعيد
    قال الصادق (ع) : قدم أعرابي النبي (ص) فقال : يا رسول الله !.. تسابقني بناقتك هذه ، فسابقه فسبقه الأعرابي ، فقال رسول الله (ص): إنكم رفعتموها فأحبّ الله أن يضعها ، إنّ الجبال تطاولت لسفينة نوح (ع) ، وكان الجودي أشدّ تواضعا فحب الله بها الجودي . ص283
    المصدر:
    كتاب الحسين بن سعيد
    قال علي (ع) : ويكون الستر على باب بيته ، فتكون فيه التصاوير فيقول (ص) : يا فلانة - لإحدى أزواجه - غيّبيه عني ، فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها ، فأعرضَ عن الدنيا بقلبه ، وأمات ذكرها من نفسه ، وأحبّ أن تغيب زينتها عن عينه ، لكيلا يتخذ منها رياشا ، ولا يعتقدها قرارا ولا يرجو فيها مقاما ، فأخرجها من النفس ، وأشخصها عن القلب ، وغيّبها عن البصر ، وكذلك مَن أبغض شيئا أبغض أن ينظر إليه ، وأن يُذكر عنده .... خرج من الدنيا خميصاً ، وورد الآخرة سليماً ، لم يضع حجرا على حجر حتى مضى لسبيله ، وأجاب داعي ربه ، فما أعظم منّة الله عندنا حين أنعم علينا به سلفاً نتّبعه ، وقائدا نطأ عقبه !.. ص286
    المصدر:
    النهج 1/311
    إن رسول الله (ص) كان يحبّ الذراع ، لقربها من المرعى وبعدها من المبال.ص286
    المصدر:
    العلل ص56
    قال الحسين (ع) : كان رسول الله (ص) يرفع يديه إذا ابتهل ودعا كما يستطعم المسكين . ص287
    المصدر:
    أمالي الطوسي ص22
    قال الباقر (ع) : خرج رسول الله (ص) يريد حاجة ، فإذا بالفضل بن العباس ، فقال : احملوا هذا الغلام خلفي ، فاعتنق رسول الله (ص) بيده من خلفه على الغلام ، ثم قال :
    يا غلام !.. خف الله تجده أمامك .. يا غلام !.. خف الله يكفك ما سواه .... إ لى آخر ما سيأتي في باب مواعظه (ص).ص289
    المصدر:
    أمالي الطوسي ص65
    قال علي (ع) : بينا رسول الله (ص) يتوضأ إذ لاذ به هرّ البيت ، وعرف رسول الله (ص) أنه عطشان ، فأصغى إليه الإناء حتى شرب منه الهر ، وتوضأ بفضله . ص293
    المصدر:
    نوادر الراوندي ص39
    كان رسول الله (ص) إذا أكل عند القوم قال : أفطر عندكم الصائمون ، وأكل طعامكم الأبرار ، وصلّت عليكم الملائكة الأخيار . ص293
    المصدر:
    نوادر الراوندي ص35
    قام رسول الله (ص) ليلةً يردّد قوله تعالى :
    { إن تعذبهم فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } . ص293
    المصدر:
    أسرار الصلاة ص137
    ولما قال رسول الله (ص) لابن مسعود : اقرأ عليّ ، قال : ففتحت سورة النساء فلما بلغت :
    { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } رأيت عيناه تذرفان من الدمع ، فقال لي :
    حسبك الآن.ص294
    المصدر:
    أسرار الصلاة ص139


    باب نادر فيه ذكر مزاحه وضحكه (ص)
    كان (ص) يمزح ولا يقول إلا حقا ، قال أنس :
    مات نغير ( أي طائر يشبه العصفور ) لأبي عمير وهو ابن لأم سليم ، فجعل النبي (ص) يقول : يا أبا عمير ما فعل النغير ؟.. ص294
    المصدر:
    المناقب 1/101
    كان حادي بعض نسوته خادمه أنجشة ، فقال له :
    يا أنجشة !.. ارفق بالقوارير .. وفي رواية : لا تكسر القوارير . ص294
    المصدر:
    المناقب 1/101
    كان له عبدٌ أسود في سفر ، فكان كلّ مَن أعيا ألقى عليه بعض متاعه حتى حمل شيئا كثيرا ، فمر به النبي (ص) فقال :
    أنت سفينة فأعتقه . ص294
    المصدر:
    المناقب 1/101
    قال رجل : احملني يا رسول الله !.. فقال :
    إنا حاملوك على ولد ناقة ، فقال : ما أصنع بولد ناقة ؟.. قال (ص) :
    وهل يلد الإبل إلا النوق . ص294
    المصدر:
    المناقب 1/101
    واستدبر رجلا من ورائه وأخذ بعضده ، وقال :
    مَن يشتري هذا العبد ؟ يعني أنه عبد الله . ص294
    المصدر:
    المناقب 1/101
    قال (ص) لأحد : لا تنسَ يا ذا الأذنين . ص294
    المصدر:
    المناقب 1/101
    قال لامرأة وذكرت زوجها : أهذا الذي في عينيه بياض ؟.. فقالت :لا ، ما بعينيه بياض ، وحكت لزوجها فقال : أما ترين بياض عيني أكثر من سوادها ؟.. ص294
    المصدر:
    المناقب 1/101
    رأى (ص) جملا عليه حنطة ، فقال :
    تمشي الهريسة . ص294
    المصدر:
    المناقب 1/101
    كسا (ص) بعض نسائه ثوبا واسعا ، فقال لها : البسيه واحمدي الله ، وجرى منه ذيلا كذيل العروس . ص295
    المصدر:
    المناقب 1/101
    قال (ص) للعجوز الأشجعية : يا أشجعية !.. لا تدخل العجوز الجنة ، فرآها بلال باكية ، فوصفها للنبي (ص) فقال :
    والأسود كذلك ، فجلسا يبكيان ، فرآهما العباس فذكرهما له ، فقال : والشيخ كذلك ، ثم دعاهم وطيّب قلوبهم ، وقال :
    ينشئهم الله كأحسن ما كانوا ، وذكر أنهم يدخلون الجنة شبانا مّنورين ، وقال : إنّ أهل الجنة جردٌ مردٌ مكحلون . ص295
    المصدر:
    المناقب 1/101
    قال (ص) لرجل - حين قال : أنت نبي الله حقا نعلمُه ، ودينك الإسلام ديناً نعظمه ، نبغي مع الإسلام شيئا نقضمه - : ونحن حول هذا ندندن ، يا علي !.. اقض حاجته ، فأشبعه علي (ع) وأعطاه ناقة وجلّة تمر . 295
    المصدر:
    المناقب 1/101
    بيــان:
    قال الجزري : فيه أنه سأل رجلاً ما تدعو في صلاتك ؟.. فقال :
    أدعو بكذا وكذا ، وأسأل ربي الجنة ، وأتعوّذ به من النار ، وأما دندنتك ودندنة معاذ فلا نحسنها ، فقال (ص) : حولهما ندندن ، الدندنة : أن يتكلّم الرجل بالكلام تسمع نغمته ولا يُفهم ، والضمير في حولهما للجنّة والنار ، أي حولهما ندندن وفي طلبهما . ص298
    قبّل جدّ خالد القسري امرأةً ، فشكت إلى النبي (ص) فأرسل إليه فاعترف وقال : إن شاءت أن تقتصّ فلتقتصّ ، فتبسم رسول (ص) وأصحابه ، وقال : أو لا تعود ؟.. فقال : لا والله يا رسول الله ، فتجاوز عنه . ص296
    المصدر:
    المناقب 1/101
    رأى (ص) صهيباً يأكل تمرا ، فقال (ص) : أتأكل التمر وعينك رمدة ؟.. فقال : يا رسول الله !.. إني أمضغه من هذا الجانب ، وتشتكي عيني من هذا الجانب . ص296
    المصدر:
    المناقب 1/101
    نهى (ص) أبا هريرة عن مزاح العرب ، فسرق نعل النبي (ص) ورهن بالتمر وجلس بحذائه (ص) يأكل ، فقال (ص) :
    يا أبا هريرة ما تأكل ؟!.. فقال : نعل رسول الله (ص)!..ص296
    المصدر:
    المناقب 1/101
    قال سويبط المهاجري لنعيمان البدري :
    أطعمني - وكان على الزاد في سفر - فقال : حتى تجيء الأصحاب ، فمرّوا بقوم فقال لهم سويبط : تشترون مني عبداً لي ؟.. قالوا : نعم ، قال : إنه عبدٌ له كلامٌ وهو قائل لكم : إني حرّ ، فإن سمعتم مقاله تفسدوا عليّ عبدي ، فاشتروه بعشرة قلائص ..
    ثم جاؤا فوضعوا في عنقه حبلا ، فقال نعيمان : هذا يستهزئ بكم وإني حرٌّ ، فقالوا : قد عرفنا خبرك ، وانطلقوا به حتى أدركهم القوم وخلّصوه ، فضحك النبي (ص) من ذلك حينا . ص296
    المصدر:
    المناقب 1/101
    كان نُعيمان هذا أيضا مزّاحا ، فسمع محرمة بن نوفل وقد كُفّ بصره يقول : ألا رجل يقودني حتى أبول ؟.. فأخذ نعيمان بيده ، فلما بلغ مؤخّر المسجد قال : ها هنا فبل ، فبال فصيح به ، فقال :
    من قادني ؟.. قيل : نعيمان ، قال : لله عليّ أن أضربه بعصاي هذه .
    فبلغ نعيمان فقال : هل لك في نعيمان ؟.. قال : نعم ، قال : قم ، فقام معه فأتى به عثمان وهو يصلّي ، فقال : دونك الرجل ، فجمع يديه بالعصا ثم ضربه ، فقال الناس : أمير المؤمنين!.. فقال : من قادني ؟.. قالوا : نعيمان ، قال : لا أعود إلى نعيمان أبدا.ص296
    المصدر:
    المناقب 1/101
    رأى نعيمان مع أعرابي عكّة عسل ٍ، فاشتراها منه ، وجاء بها إلى بيت عائشة في يومها ، وقال : خذوها ، فتوهّم النبي (ص) أنه أهداها له ، ومرّ نعيمان والأعرابي على الباب ، فلما طال قعوده قال :
    يا هؤلاء !.. ردّوها عليّ إن لم تحُضِر قيمتها ..
    فعلم رسول الله (ص) القصة ، فوزن له الثمن ، وقال لنعيمان : ما حملك على ما فعلت ؟.. فقال : رأيت رسول الله (ص) يحبّ العسل ، ورأيت الأعرابي معه العكّة ، فضحك النبي (ص) ولم يظهر له نكرا . ص 297
    المصدر:
    المناقب 1/101
    روي أنّ رسول الله (ص) يقول : إني لأمزح ولا أقول إلا حقا . ص298
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص20
    قال الصادق (ع) : كيف مداعبة بعضكم بعضا ؟.. قلت : قليلا ، قال : هلاّ تفعلوا ، فإنّ المداعبة من حُسن الخلق ، وإنك لتُدخل بها السرور على أخيك ، ولقد كان النبي (ص) يداعب الرجل يريد به أن يسّره . ص298
    المصدر:
    مكارم الأخلاق ص21


    باب فضائله وخصائصه (ص) وما امتّن الله به على عباده
    قال (ص) : إنّ كلّ بني بنت ينُسبون إلى أبيهم إلا أولاد فاطمة ، فإني أنا أبوهم . ص307
    المصدر:
    مجمع البيان 8/361
    كان له اثنان وعشرون خاصيّة :
    كان أحسن الخلائق : { الذي خلقك فسوّاك } ، وأجملهم : { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } ، وأطهرهم : { طه ما أنزلنا } ، وأفضلهم : { وكان فضل الله عليك كبيرا } ، وأعزّهم : { لقد جاءكم رسول } ، وأشرفهم : { إنا أرسلناك } ، وأظهر معجزةً : { قل لئن اجتمعت الإنس والجن } ، وأهيب الناس : { سنلقي في قلوب الذين } ، وأكملهم سعادةً : { عسى أن يبعثك ربك } ، وأكرمهم كرامةً : { سبحان الذي أسرى } ، وأقربهم منزلةً : { ثم دنى فتدلى } ، وأقواهم نصرةً : { وينصرك الله نصرا } ، وأصحّهم رؤيا : { لقد صدق الله رسوله الرؤيا } ، وأكملهم رسالةً : { الله نزل أحسن الحديث } ، وأحسنهم دعوةً : { فبشّر عبادي الذين } ، وأعصمهم عصمةً : {والله يعصمك } ، وأبعدهم صيتا : { ورفعنا لك ذكرك } ، وأحسنهم خُلُقاً : { وإنك لعلى خلق } ، وأبقاهم ولايةً: { ليُظهره على الدين كله } ، وأعلاهم خاصيّةً : { لعمرك } ، وأجلّهم خليفةً : { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا } ، وأطهرهم أولاداً: { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس } .
    وإنّ الله تعالى وضع ثلاثة أشياء على هوى الرسول :
    الصلاة : { ومن آناء الليل فسبّح وأطراف النهار } ، والشفاعة : { ولسوف يعطيك ربك } ، والقبلة : { فلنوليّنك قبلةً }.
    المصدر:
    المناقب 1/159
    وإنه شاركه مع نفسه جل جلاله في عشرة مواضع :
    { ولله العزة ولرسوله } ، { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول } ، { ومن يعص الله ورسوله } ، { إن الذين يؤذون الله ورسوله } ، { استجيبوا لله وللرسول } ، { وينصرون الله ورسوله } ، { إذا نصحوا لله ولرسوله } ، { فأذنوا بحرب من الله ورسوله } ، { فآمنوا بالله ورسوله } ، { ومن يتولّ الله ورسوله }.
    المصدر:
    المناقب 1/159
    ومن جلالة قدره أنّ الله نسخ بشريعته سائر الشرايع ، ولم ينسخ شريعته ، ونهى الخلق أن يدعوه باسمه : { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا } ، وإنما كان ينبغي أن يدعى له :
    يا أيها الرسول !.. يا أيها النبي !.. ولم يأذن بالجهر عليه : { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي }.
    المصدر:
    المناقب 1/159
    وإنّ الله تعالى أرسل سائر الأنبياء إلى طائفة دون أخرى ، قوله : { وما أرسلنا من نبي إلا بلسان قومه } ، كما قال : { إنا أرسلنا نوحا إلى قومه } ، { وإلى عاد أخاهم هودا } ، { وإلى ثمود أخاهم صالحا } قرية واحدة لم يكمل له أربعين بيتا { وإلى مدين أخاهم شعيبا } ولم تكمل أربعين بيتا ، { ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون } إلى مصر وحدها ، وأرسل إبراهيم (ع) بكوثى ، وهي قرية من السواد ، وكان بعده لإسحاق (ع) ويعقوب (ع) في أرض كنعان ، ويوسف (ع) في أرض مصر ، ويوشع (ع) إلى بني إسرائيل في البرية ، وإلياس (ع) في الجبال ، وأرسل نبينا (ص) إلى الناس كافة قوله : { نذيرا للبشر } ، وإلى الجنّ أيضا قوله :
    { وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن } وإلى الشياطين أيضا ، قال (ص) : إنّ الله أعانني على شيطان حتى أسلم على يدي قوله : { وما أرسلناك إلا كافة } ، وقال قوله (ص) : بُعثت إلى الأحمر والأسود والأبيض ، وقال (ص) :
    بُعثت إلى الثقلين .
    المصدر:
    المناقب 1/159
    وإنه علّق خمسة أشياء باتباعه :
    المحبة { فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } ، والفلاح : { فاتبعوه لعلكم تفلحون } ، والهداية : { فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى } ، والرحمة : { فسأكتبها للذين }.
    المصدر:
    المناقب 1/159
    وإنه مدح كل عضو من أعضائه :
    نفسه : { لا تكلف إلا نفسك } ، رأسه : { يا أيها المدثر } ، شعره : { والليل إذا سجى } .... بصره : { ما زاغ البصر } ، أذنه : {ويقولون هو أذن} ، لسانه : { فإنما يسرناه بلسانك } ، كلامه : { وما ينطق عن الهوى } ، وجهه : { قد نرى تقلب وجهك } .... فؤاده : { ما كذب الفؤاد } ، قلبه : { على قلبك } ، صدره : { ألم نشرح لك صدرك } ، ظهره : { الذي أنقض ظهرك } .... قيامه : { حين تقوم } ، صوته : { فوق صوت النبي } .... روحه : { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } ، خلقه : { وإنك لعلى خلق عظيم } ، ثوبه : { وثيابك فطهّر } ، علمه : { وعلّمك ما لم تكن تعلم } ، صلاته : { فتهجد به نافلة لك } .... كتابه : { وإنه لكتاب عزيز } ، دينه : { دينهم الذي ارتضى لهم } ، أمته : { كنتم خير أمة } ، قبلته :{ فلنولّينك قبلةً } ، بلده : { لا أقسم بهذا البلد } ، قضاياه : { إذا قضى الله ورسوله } ، جنده : { والعاديات ضبحا } ، عزّته : { ولله العزة ولرسوله } ، عصمته : { والله يعصمك من الناس} ، شفاعته : { فلعلّك ترضى } ، صلابته : { برائة من الله ورسوله } ، وصيه : { إنما وليّكم الله ورسوله } ، أهل بيته : { ليذهب عنكم الرجس أهل البيت } . ص339
    المصدر:
    المناقب 1/159
    قال الصادق (ع) : قال رسول الله (ص) : نحن في الأمر والفهم والحلال والحرام نجري مجرى واحد ، فأمّا رسول الله (ص) وعلي (ع) فلهما فضلهما.ص360
    المصدر:
    أصول الكافي 1/275
    قال الصادق (ع) : أتى يهودي النبي (ص) فقام بين يديه يحدّ النظر إليه ، فقال :
    يا يهودي ، حاجتُك ؟!.. قال : أنت أفضل أم موسى بن عمران النبي الذي كلّمه الله ، وأنزل عليه التوراة والعصا ، وفلق له البحر ، وأظله بالغمام ؟..
    فقال له النبي (ص) : إنه يُكره للعبد أن يُزكّي نفسه ، ولكني أقول :
    إنّ آدم (ع) لما أصاب الخطيئة كانت توبته أن قال :
    " اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما غفرت لي " فغفرها الله له ..
    وإنّ نوحا لما ركب في السفينة وخاف الغرق قال :
    " اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتني من الغرق " فنجّاه الله منه ..
    وإنّ إبراهيم (ع) لما ألقي في النار قال :
    " اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما أنجيتني منها " فجعلها الله عليه بردا وسلاما ..
    وإنّ موسى (ع) لما ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال :
    " اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد لما أمنتني " فقال الله جلّ جلاله : { لا تخف إنك أنت الأعلى } ..
    يا يهودي !.. إنّ موسى لو أدركني ثم لم يؤمن بي وبنبوتي ما نفعه إيمانه شيئا ، ولا نفعته النبوة ..
    يا يهودي !.. ومن ذريتي المهدي ، إذا خرج نزل عيسى بن مريم لنصرته وقدّمه وصلى خلفه . ص366
    المصدر:
    جامع الأخبار ص7 ، أمالي الصدوق ص131
    قال الباقر (ع) في قول الله تبارك وتعالى : { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } : يُجلسه على العرش . ص378
    المصدر:
    الاختصاص


    باب نادر في اللطائف في فضل نبينا (ص) في الفضائل والمعجزات على الأنبياء (ع)
    قال (ص) : آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة . ص402
    المصدر:
    المناقب 1/148
    وإن كان آدم (ع) أول الأنبياء فنبوة محمد أقدم منه.. قوله (ص): كنت نبيا و آدم (ع) منخول في طينته . ص402
    المصدر:
    المناقب 1/148
    قال (ص) : إني لست كأحدكم ، إني أبيت عند ربي ويطعمني ويسقيني . ص403
    المصدر:
    المناقب 1/148
    صبر النبي (ص) في ذات الله ، وأعذر قومه ، إذ كُذّب وشُرد وحُصّب بالحصى ، وعلاه أبو جهل بسلى ( أي جلدة فيها ولد ) شاة ، فأوحى إلى جاجائيل ملَك الجبال : أن شقّ الجبال وانته إلى أمر محمد (ص) ، فأتاه فقال :
    قد أُمرتُ لك بالطاعة ، فإن أمرت أطبقت عليهم الجبال فأهلكتهم بها ، قال : إنما بُعثت رحمةً ، اهد قومي فإنهم لا يعلمون . ص404
    المصدر:
    المناقب 1/148
    قال (ص) : كان يوسف (ع) أحسن ، ولكنني أملح . ص408
    المصدر:
    المناقب 1/148


    باب وجوب طاعته وحبّه والتفويض إليه (ص)
    دخلت على الصادق (ع) فسمعته يقول : إنّ الله عزّ وجلّ أدّب نبيه على محبته فقال :
    { وإنك لعلى خلق عظيم } ، ثم فوّض إليه فقال عزّ وجلّ :
    { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ، وقال عزّ وجلّ :
    {من يطع الرسول فقد أطاع الله } ، ثم قال :
    وإنّ نبي الله فوّض إلى عليّ (ع) وأتمنه ، فسلّمتم وجحد الناس ، فو الله لنحبّكم أن تقولوا إذا قلنا ، وتصمتوا إذا صمتنا ، ونحن فيما بينكم وبين الله عزّ وجلّ ، ما جعل الله لأحد خيراً في خلاف أمرنا . ص4
    المصدر:
    أصول الكافي 1/265
    جاء رجل من أهل البادية - وكان يعجبنا أن يأتي الرجل من أهل البادية يسأل النبي (ص) - فقال : يا رسول الله !.. متى قيام الساعة ؟.. فحضرت الصلاة ، فلما قضى صلاته قال :
    أين السائل عن الساعة ؟.. قال : أنا يا رسول الله !.. قال : فما أعددتَ لها ؟.. قال : والله ما أعددتُ لها من كثير عمل صلاة ولا صوم ، إلا أني أحبّ الله ورسوله ، فقال له النبي (ص) : المرء مع مَن أحبّ ، قال أنس : فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الإسلام بشيء أشدّ من فرحهم بهذا . ص13
    المصدر:
    العلل ص58
    قال رسول الله (ص) : لا يؤمن عبدٌ حتى أكون أحبّ إليه من نفسه ، وتكون عترتي أحبّ إليه من عترته ، ويكون أهلي أحبّ إليه من أهله ، ويكون ذاتي أحبّ إليه من ذاته . ص14
    المصدر:
    العلل ص58
    قال رسول الله (ص) للناس وهم مجتمعون عنده : أحبّوا الله لما يغذوكم به من نعمة ، وأحبوني لله عزّ وجلّ ، وأحبّوا قرابتي لي . ص14
    المصدر:
    العلل ص200
    قال علي (ع) : جاء رجلٌ من الأنصار إلى النبي (ص) فقال : يا رسول !.. ما أستطيع فراقك ، وإني لأدخل منزلي فأذكرك ، فأترك ضيعتي ، وأقبِل حتى أنظر إليك حبّاً لك ، فذكرت إذا كان يوم القيامة وأُدخلت الجنة ، فرفعت في أعلي علّيين ، فكيف لي بك يا نبي الله ؟!..
    فنزل : { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا } ، فدعا النبي (ص) الرجل ، فقرأها عليه وبشّره بذلك.ص14
    المصدر:
    أمالي الطوسي ص39


    باب آداب العشرة معه ، وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته (ص)
    { يا أيها الذين آمنوا لا تقدّموا بين يدي الله ورسوله} ، نزلت في وفد تميم كانوا إذا قدموا على رسول الله (ص) وقفوا على باب حجرته فنادوا : يا محمد أُخرج إلينا !..
    وكانوا إذا خرج رسول الله (ص) تقدّموه في المشي ، وكانوا إذا كلّموه رفعوا أصواتهم فوق صوته ويقولون : يا محمد !.. يا محمد !.. ما تقول في كذا وكذا ؟.. كما يكلّمون بعضهم بعضاً .ص28
    المصدر:
    تفسير القمي ص638
    كنت جليساً للصادق (ع) بالمدينة ففقدني أياماً ، ثم إني جئتُ إليه فقال لي :
    لم أرك َمنذ أيام يا أبا هارون !.. فقلت : وُلد لي غلامٌ ، فقال : بارك الله لك فيه ، فما سميته ؟.. قلت : محمداً ، فأقبل نحو الأرض وهو يقول :
    محمدٌ محمدٌ محمدٌ ، حتّى كاد يلصق خده بالأرض ، ثم قال :
    بنفسي وبولدي وبأمّي وبأبويّ وبأهل الأرض كلهم جميعاً الفداء لرسول الله (ص) ، لا تسبّه ولا تضربه ، ولا تسيئ إليه !.. واعلم أنه ليس في الأرض دار فيها اسم محمد ، إلا وهي تُقدّس كل يوم .ص30
    المصدر:
    فروع الكافي 2/92
    قال الصادق (ع) : إذا ذُكر النبي (ص) فأكثِروا الصلاة عليه ، فإنه مَن صلّى على النبي (ص) صلاةً واحدةً ، صلّى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة ، ولم يبقَ شيءٌ مما خلقه الله إلا صلّى على العبد ، لصلاة الله عليه وصلاة ملائكته ، فمَن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرورٌ ، قد بَرِأ الله منه ورسولهُ وأهل بيته . ص31
    المصدر:
    أصول الكافي 2/492
    قال رسول الله (ص) : مَن ذُكرتُ عنده فنسي أن يصلّي عليَّ ، خطأ الله به طريق الجنة . ص31
    المصدر:
    أصول الكافي 2/495
    ولقد كنت أرى جعفر بن محمد (ع) وكان كثير الدعابة والتبسّم ، فإذا ذُكر عنده النبي (ص) اصفّر ، وما رأيت يحدّث عن رسول الله (ص) إلا على طهارة ، وقد كنت اختلف إليه زماناً فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال :
    إما مصلّياً ، وإما صامتاً ، وإما يقرأ القرآن ، ولا يتكلّم فيما لا يعنيه ، وكان من العلماء والعبّاد الذين يخشون الله عزّ وجلّ . ص33
    المصدر:
    شرح الشفاء 1/67
    قال الباقر (ع) :كان رسول الله في قبة من أدم ، وقد رأيت بلالاً الحبشي وقد خرج من عنده ومعه فضل وضوء رسول الله (ص) فابتدره الناس ، فمَن أصاب منه شيئاً تمسّح به وجهه ، ومَن لم يصب منه شيئاً أخذ من يدي صاحبه فمسح به وجهه ، وكذلك فُعل بفضل وضوء أمير المؤمنين (ع) . ص33
    المصدر:
    العيون ص227
    قال الباقر (ع) : ما اشتكى رسول الله (ص) وجعاً قطّ ، إلا كان مفزعه إلى الحجامة . ص33
    المصدر:
    طب الأئمة ص69
    قال أبو ظبية : حجمت رسول الله (ص) وأعطاني ديناراً وشربت دمه ، فقال رسول الله (ص) : أشربت ؟.. قلت : نعم ، قال : وما حملك على ذلك ؟.. قلت : أتبرّك به ، قال :
    أخذت أماناً من الأوجاع والأسقام والفقر والفاقة ، والله ما تمسّك النار أبداً . ص33
    المصدر:
    طب الأئمة ص69


    باب علمه (ص) ، وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء (ع) ، ومن دفعه إليه ، وعرض الأعمال عليه ، وعرض أمته عليه ، وأنه يقدر على معجزات الأنبياء عليه وعليهم السلام
    قال الصادق (ع) : إنّ أعمال العباد تُعرض على رسول الله (ص) كلّ صباح أبرارها وفجّارها ، فاحذروا فليستحي أحدكم أن يُعرض على نبيه العمل القبيح.ص149
    المصدر:
    تفسير القمي ص279
    قال الصادق (ع) : يا أبا يحيى !.. لنا في ليالي الجمعة لشأنٌ من الشأن ، فقلت له :
    جعلت فداك !.. وما ذلك الشأن ؟.. قال :
    يُؤذن لأرواح الأنبياء الموتى ، وأرواح الأوصياء الموتى ، وروح الوصي الذي بين ظهرانيكم ، يُعرج بها إلى السماء حتى توافي عرش ربها ، فتطوف بها أسبوعاً ، وتصلّي عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين ، ثم تُردّ إلى الأبدان التي كانت فيها ، فتصبح الأنبياء والأوصياء قد مُلئوا وأُعطوا سروراً ، ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زِيد في علمه مثل جم الغفير . ص152
    المصدر:
    بصائر الدرجات ص36


    باب إعجاز أم المعجزات : القرآن الكريم ، وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر
    سئل الصادق (ع) : ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلا غضاضةً ؟.. فقال : لأنّ الله تبارك وتعالى لم يجعله لزمان دون زمان ، ولا لناس دون ناس ، فهو في كلّ زمان جديد ، وعند كلّ قومٍ غضّ إلى يوم القيامة.ص213
    المصدر:
    العيون ص239
    روي أنّ ابن أبي العوجاء وثلاثة نفر من الدهرية ، اتفقوا على أن يعارض كل واحد منهم ربع القرآن ، وكانوا بمكة عاهدوا على أن يجيئوا بمعارضته في العام القابل ، فلما حال الحول واجتمعوا في مقام إبراهيم أيضا ، قال أحدهم : إني لما رأيت قوله :
    { وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء } كففت عن المعارضة ، وقال الآخر وكذا أنا لما وجدت قوله :
    { فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا } آيست من المعارضة ، وكانوا يسّرون بذلك إذ مرّ عليهم الصادق (ع) ، فالتفت إليهم وقرأ عليهم :
    { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله } ، فبُهتوا . ص213
    المصدر:
    الخرائج ص242


    باب جوامع معجزاته (ص) ونوادرها
    كان لكلّ عضو من أعضاء النبي (ص) معجزةٌ :
    فمعجزة رأسه : أنّ الغمامة ظلّت على رأسه .
    ومعجزة عينيه : أنه كان يرى من خلفه كما يرى من أمامه .
    ومعجزة أذنيه : هي أنه كان يسمع الأصوات في النوم كما يسمع في اليقظة . ومعجزة لسانه : أنه قال للظبي : مَن أنا ؟.. قال : أنت رسول الله .
    ومعجزة يده : أنه أخرج من بين أصابعه الماء .
    ومعجزة رجليه : أنه كان لجابر بئر ماؤها زعاق ( أي مرّاً لا يطاق شربه ) ، فشكا إلى النبي (ص) فغسل رجليه في طشت وأمر بإهراق ذلك الماء فيها ، فصار ماؤها عذباً ....
    ومعجزة بدنه: أنه لم يقع ظلّه على الأرض ، لأنه كان نوراً ، ولا يكون من النور الظلّ كالسراج .
    ومعجزة ظهره : ختم النبوة ، كان على كتفه مكتوباً : لا إله إلا الله ، محمدٌ رسول الله . ص299
    المصدر:
    الخرائج ص221
    *
    المصدر:
    المناقب 1/110
    بيــان:
    من أوضح الدلالات على نبوته (ص) استيقان كافّتهم بحدوده ، وتمكّن موجباتها في غوامض صدورهم ، حتى أنهم يشتمون بالفسوق مَن خرج عن حدّ من حدوده ، وبالجهل مَن لم يعرفه ، وبالكفر مَن أعرض عنه ، ويقيمون الحدود ، ويحكمون بالقتل والضرب والأسر لمن خرج عن شريعته ، ويتبرأ الأقارب بعضهم من بعض في محبته ..
    وإنه (ص) بقي في نبوته نيّفاً وعشرين سنة بين ظهراني قوم ما يملك من الأرض إلا جزيرة العرب ، فاتسقت دعوته برّاً وبحراً منذ خمسمائة وسبعين سنة ( سنة المؤلف ) مقروناً باسم ربه ، يُنادى بأقصى الصين والهند والترك والخزر والصقالبة والشرق والغرب والجنوب والشمال ، في كل يوم خمس مرات بالشهادتين بأعلى صوت بلا أجرة ، وخضعت الجبابرة لها ، ولا تبقى لملِكٍ نوبته ( أي دولته ) بعد موته ، وعلى ذلك فسّر الحسن ومجاهد قوله تعالى : { ورفعنا لك ذكرك } ما يقول المؤذنون على المنائر ، والخطباء على المنابر .
    قال الشاعر :
    وضمّ الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
    ومن تمام قوته أنها تجذب العالم من أدنى الأرض وأقصى أطرافها في كل عام إلى الحجّ ، حتى تخرج العذراء من خدرها ، والعجوز في ضعفها ، ومَن حضرته وفاته يوصي بأدائها ، وقد نرى الصائم في شهر رمضان يتلّهب عطشاً حتى يخوض الماء إلى حلقه ، ولا يستطيع أن يجرع منه جرعةً ، وكلّ يوم خمس مرات يسجدون خوفاً وتضرعاً وكذلك أكثر الشرائع ، وقد تحزّب الناس في محبته حتى يقول كل واحد : أنا على الحقّ ، وأنتَ لست على دينه . ص300
    *
    المصدر:
    المناقب 1/125
    بيــان:
    كان للنبي (ص) من المعجزات ما لم يكن لغيره من الأنبياء ، وذكر أنّ له أربعة آلاف وأربعمائة وأربعون معجزة ، ذكرت منها ثلاثة آلاف ، تتنوع أربعة أنواع : ما كان قبله ، وبعد ميلاده ، وبعد بعثه ، وبعد وفاته ، وأقواها وأبقاها القرآن لوجوه :
    أحدها : أنّ معجزة كلّ رسول موافق للأغلب من أحوال عصره ، كما بعث الله موسى (ع) في عصر السحرة بالعصا فإذا هي تلقف ، وفلق البحر يبساً ، وقلب العصا حية فأبهر كلّ ساحر وأذلّ كلّ كافر ، وقوم عيسى (ع) أطباء فبعثه الله بإبراء الزمنى ، وإحياء الموتى بما دهش كلّ طبيب ، وأذهل كلّ لبيب ، وقوم محمد (ص) فصحاء فبعثه الله بالقرآن في إيجازه وإعجازه بما عجز عنه الفصحاء ، وأذعن له البلغاء ، وتبلّد فيه الشعراء ليكون العجز عنه أقهر ، والتقصير فيه أظهر .
    والثاني : أنّ المعجز في كلّ قوم بحسب أفهامهم ، على قدر عقولهم وأذهانهم ، وكان في بني إسرائيل من قوم موسى (ع) وعيسى (ع) بلادة وغباوة ، لأنه لم يُنقل عنهم من كلامٍ جزل أو معنىً بكر ، وقالوا لنبيهم حين مرّوا على قوم يعكفون على أصنامٍ لهم : اجعل لنا إلهاً ، والعرب أصحّ الناس أفهاما ، وأحدّهم أذهانا ، فخُصّوا بالقرآن بما يدركونه بالفطنة دون البديهة ، لتخصّ كلّ أمةٍ بما يشاكل طبعها .
    والثالث : أنّ معجز القرآن أبقى على الأعصار ، وأنشر في الأقطار ، وما دام إعجازه فهو أحجّ ، وبالاختصاص أحقّ ، فانتشر ذلك بعده في أقطار العالم شرقاً وغرباً ، قرناً بعد قرن ، وعصراً بعد عصر ، وقد انقرض القوم وهذه سنة سبعين وخمسمائة من مبعثه ، فلم يقدر أحد على معارضته . ص302


    باب ما ظهر له (ص) شاهداً على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية ، من انشقاق القمر ، وردّ الشمس وحبسها
    انشقّ القمر على عهد رسول الله (ص) حتى صار فرقتين : على هذا الجبل ، وعلى هذا الجبل .. فقال أناسٌ :
    سحرنا محمد ، فقال رجل :
    إن كان سحركم فلم يسحر الناس كلهم . ص348
    المصدر:
    مجمع البيان 9/186
    كان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان ، وأكلوا الميتة والعظام ، ثم جاؤا إلى النبي (ص) وقالوا :
    يا محمد !.. جئت تأمر بصلة الرحم وقومُك قد هلكوا ، فسأل الله تعالى لهم الخصب والسعة ، فكشف الله عنهم ثم عادوا إلى الكفر . ص357
    المصدر:
    المناقب 1/92


    باب معجزاته (ص) في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه
    قال السجاد (ع) : كان النبي (ص) يخطب بالمدينة إلى بعض الأجذاع ، فلما كثر الناس واتخذوا له منبراً وتحوّل إليه حنّ كما تحنّ الناقة ، فلما جاء إليه والتزمه كان يئنّ أنين الصبي الذي يسكت .
    وفي رواية : فاحتضنه رسول الله (ص) ، فقال : لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة.
    وفي رواية : فدعاه النبي (ص) فأقبل يخدّ الأرض والتزمه ، وقال : عد إلى مكانك ، فمرّ كأحد الخيل .
    وفي رواية : قال النبي (ص) : اسكن اسكن ، إن تشأ غرستُك في الجنة فيأكل منك الصالحون ، وإن تشأ أُعيدك كما كنت رطباً ، فاختار الآخرة على الدنيا.ص380
    المصدر:
    المناقب 1/80


    باب ما ظهر من إعجازه (ص) في الحيوانات بأنواعها ، وأخبارها بحقيته
    من معجزاته (ص) حديث الغار ، وأنه (ص) لما آوى إلى غارٍ بقرب مكة يعتوره النزّال ، ويأوي إليه الرعاء ، متوجّهة إلى الهجرة ، فخرج القوم في طلبه فعمّى الله أثره وهو نصب أعينهم ، وصدّهم عنه ، وأخذ بأبصارهم دونه ، وهم دهاة العرب ، وبعث سبحانه العنكبوت ، فنسجت في وجه النبي (ص) فسترته وآيسهم ذلك من الطلب فيه ، وفي ذلك يقول السيد الحميري في قصيدته المعروفة بالمذهبة :
    حتى إذا قصدوا لباب مغاره***ألفوا عليه نسج غزل العنكب
    صنع الإله له فقال فريقهم ***ما في المغار لطالب من مطلب
    ميلوا وصدّهم المليك ومن يرد ***عنه الدفاع مليكه لا يعطب
    وبعث الله حمامتين وحشيتين فوقعتا بفم الغار ، فأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل بعصيهم وهراواهم وسيوفهم حتى إذا كانوا من النبي بقدر أربعين ذراعا ، تعجّل رجلٌ منهم لينظر من في الغار فرجع إلى أصحابه .
    فقالوا له : ما لك لا تنظر في الغار ؟.. فقال : رأيت حمامتين بفم الغار فعلمت أن ليس فيه أحدٌ ، وسمع النبي (ص) ما قال ، فدعا لهنّ النبي (ص) وفرض جزاءهن ، فانحدرن في الحرم . ص393
    المصدر:
    إعلام الورى ص16
    خرجنا جماعة من الصحابة في غزاة من الغزوات مع رسول الله (ص) حتى وقفنا في مجمع طرق ، فطلع أعرابي بخطام بعير حتى وقف على رسول الله ، وقال :
    السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته !.. فقال له رسول الله (ص) : وعليك السلام ، قال : كيف أصبحت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؟!.. قال له : أحمد الله إليك ، كيف أصبحت ؟..
    كان وراء البعير الذي يقوده الأعرابي رجلٌ فقال : يا رسول الله !.. إنّ هذا الأعرابي سرق البعير ، فرغا البعير ساعة وأنصت له رسول الله (ص) يستمع رغاءه ، ثم أقبل رسول الله على الرجل فقال :
    انصرف عنه ، فإنّ البعير يشهد عليك أنك كاذبٌ ، فانصرف الرجل وأقبل رسول الله (ص) على الأعرابي فقال : أي شيء قلت حين جئتني ؟.. قال : قلت :
    اللهم صلّ على محمد حتى لا تبقى صلاة .. اللهم بارك على محمد حتى لا تبقى بركة .. اللهم سلّم على محمد حتى لا يبقى سلام .. اللهم ارحم محمداً حتى لا تبقى رحمة .
    فقال رسول الله (ص) : إني أقول ما لي أرى البعير ينطق بعذره ؟!.. وأرى الملائكة قد سدّوا الأفق ؟!. ص397
    المصدر:
    أمالي الطوسي ص79
    جاء أعرابي إلى النبي (ص) وفي يده ضبّ فقال :
    يا محمد !.. لا أسلم حتى تسلم هذه الحيّة ، فقال النبي (ص) :
    مَن ربك ؟.. فقال : الذي في السماء ملكه ، وفي الأرض سلطانه ، وفي البحر عجائبه ، وفي البرّ بدائعه ، وفي الأرحام علمه ، ثم قال : يا ضبّ مَن أنا ؟.. قال :أنت رسول ربّ العالمين ، وزين الخلق يوم القيامة أجمعين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، قد أفلح من آمن بك وأُسِعد .. فقال الأعرابي :
    أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنّ محمداً رسول الله ، ثم ضحك وقال : دخلتُ عليك وكنتَ أبغض الخلق إليّ ، وأخرج وأنت أحبّهم إليّ ، فلما بلغ الأعرابي منزله استجمع أصحابه وأخبرهم بما رأى ، فقصدوا نحو النبي (ص) بأجمعهم ، فاستقبلهم النبي (ص) ، فأنشأ الأعرابي :
    ألا يا رسول الله إنك صادقٌ*** فبوركتَ مهديّا وبوركتَ هادياً
    شرعت لنا دين الحنيفي بعدما ***عنِدْنا كأمثال الحمير الطواغيا
    فيا خير مدعوّ ويا خير مُرسلٍ***إلى الإنس ثم الجنّ لبيك داعيا
    أتيت ببرهان من الله واضح***فأصبحتَ فينا صادقَ القول راضيا
    فبوركت في الأقوام حيا وميتاً***وبوركت مولوداً وبوركت ناشيا



    ص415
    المصدر:
    المناقب 1/83



    باب معجزاته في استجابة دعائه في إحياء الموتى ، والتكلّم معهم وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع
    قال علي (ع) : دعاني النبي (ص) وأنا أرمد العين ، فتفل في عيني ، وشدّ العمامة على رأسي وقال : " الله م!.. أذهب عنه الحرّ والبرد " فما وجدت بعدها حرّاً ولا برداً . ص4
    المصدر:
    مجالس المفيد ص187 ، أمالي الطوسي ص55
    دخلت على الصادق (ع) فألطفني ، وقال : إنّ رجلاً مكفوف البصر أتى النبي (ص) ، فقال :
    يا رسول الله !..ادع الله أن يردّ عليّ بصري ، فدعا الله فردّ عليه بصره ، ثم أتاه آخر فقال :
    يا رسول الله ادع الله لي أن يردّ عليّ بصري ، فقال : الجنة أحبّ إليك أو يردّ عليك بصرك ؟.. قال :
    يا رسول الله !.. وإنّ ثوابها الجنة ؟.. فقال : الله أكرم من أن يبتلي عبده المؤمن بذهاب بصره ، ثم لا يثيبه الجنة . ص5
    المصدر:
    بصائر الدرجات ص27
    قال الصادق (ع) : لما ماتت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين ، جاء عليّ إلى النبي (ص) ، فقال له رسول الله (ص) :
    يا أبا الحسن ما لك ؟!.. قال : أمي ماتت ، فقال النبي (ص) : وأمي والله ، ثم بكى ، وقال : وا أماه !.. ثم قال لعليّ (ع) :
    هذا قميصي فكفّنها فيه ، وهذا ردائي فكفّنها فيه ، فإذا فرغتم فآذنوني .
    فلما أُخرجت صلّى عليها النبي (ص) صلاة لم يصلّ قبلها ولا بعدها على أحد مثلها ، ثم نزل على قبرها فاضطجع فيه ، ثم قال لها :
    يا فاطمة !.. قالت : لبيك يا رسول الله !.. فقال :
    فهل وجدت ما وعد ربك حقا ؟.. قالت : نعم ، فجزاك الله خيرا ، وطالت مناجاته في القبر ..
    فلما خرج قيل : يا رسول الله !.. لقد صنعت بها شيئا في تكفينك إياها ثيابك ، ودخولك في قبرها ، وطول مناجاتك وطول صلاتك ، ما رأيناك صنعته بأحد قبلها ، قال :
    أمَا تكفيني إياها فإني لما قلت لها : يُعرض الناس يوم يحشرون من قبورهم ، فصاحت وقالت : واسوأتاه !.. فلبّستها ثيابي ، وسألت الله في صلاتي عليها أن لا يبلى أكفانها حتى تدخل الجنة ، فأجابني إلى ذلك ..
    وأما دخولي في قبرها فإني قلت لها يوما : إنّ الميت إذا أُدخل قبره وانصرف الناس عنه دخل عليه ملَكان : منكر ونكير فيسألانه ، فقالت : واغوثاه بالله !.. فما زلت أسأل ربي في قبرها حتى فتح لها باباً من قبرها إلى الجنة ، وجعله روضةً من رياض الجنة . ص7
    المصدر:
    بصائر الدرجات ص28
    روي أنّ شابا من الأنصار كان له أم عجوز عمياء ، وكان مريضاً فعاده رسول الله (ص) فمات ، فقالت :
    الله م!.. إن كنت تعلم أني هاجرت إليك وإلى نبيك رجاء أن تعينني على كلّ شدة ، فلا تحملنّ عليّ هذه المصيبة ، قال أنس :
    فما برحنا إلى أن كُشف الثوب عن وجهه ، فطعم وطعمنا . ص9
    المصدر:
    الخرائج
    روي أنّ النبي (ص) لما قدم المدينة وهي أوبأ أرض الله ، فقال : الله م!.. حبّب إلينا المدينة كما حبّبت إلينا مكة ، وصحّحها لنا ، وبارك لنا في صاعها ومُدّها ، وانقل حمّاها إلى الجحفة . ص9
    المصدر:
    الخرائج
    روي أنه دعا لأنس لما قالت أمه أم سليم : ادع له فهو خادمك ، قال : " الله م!.. أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته " ، قال أنس : أخبرني بعض ولدي أنه دفن من ولده أكثر من مائة . ص11
    المصدر:
    الخرائج
    استسقى النبي (ص) فأتيته بإناء فيه ماء وفيه شعرة فرفعتها ، فقال : الله م جمّله جمّله ، قال :
    فرأيته بعد ثلاث وتسعين سنة ، ما في رأسه ولحيته شعرة بيضاء. ص11
    المصدر:
    المناقب 1/74 ، الخرائج
    روي أنّ النابغة الجعدي أنشد رسول الله (ص) قوله :
    بلغنا السماء عزّة وتكرّما***وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
    فقال : إلى أين يا بن أبي ليلى ؟!.. قال : إلى الجنة يا رسول الله !.. قال : أحسنت لا يفضض الله فاك .. قال الراوي : فرأيته شيخاً له مائة وثلاثون سنة وأسنانه مثل ورق الأقحوان نقاءً وبياضاً ، قد تهدّم جسمه إلا فاه . ص11
    المصدر:
    الخرائج
    روي أنّ النبي (ص) خرج ، فعرضت له امرأة فقالت : يا رسول الله !.. إني امرأةٌ مسلمةٌ ومعي زوج في البيت مثل المرأة ، قال : فادعي زوجكِ فدعته ، فقال لها : أتبغضينه ؟.. قالت : نعم ، فدعا النبي (ص) لهما ووضع جبهتها على جبهته وقال :
    الله م!.. ألّف بينهما ، وحبّب أحدهما إلى صاحبه ، ثم كانت المرأة تقول بعد ذلك : ما طارفٌ ولا تالدٌ ولا والدٌ أحبّ إليّ منه ، فقال النبي (ص) : اشهدْ أني رسول الله . ص11
    المصدر:
    الخرائج
    قال علي (ع) : بعثني رسول الله (ص) إلى اليمن ، فقلت : بعثتني يا رسول الله ، وأنا حدث السن لا أعلم بالقضاء ، قال : انطلق فإنّ الله سيهدي قلبك ، ويثبّت لسانك ، قال علي (ع) : فما شككتُ في قضاءٍ بين رجلين.ص12
    المصدر:
    المناقب 1/74 ، الخرائج
    قال رجل : يا رسول الله !.. إني بخيلٌ جبانٌ نؤومٌ فادع لي ، فدعا الله أن يُذهب جبنَه ، وأن يُسخي نفسَه ، وأن يُذهب كثرةَ نومه ، فلم يُرَ أسخى نفساً ، ولا أشدّ بأساً ، ولا أقلّ نوماً منه . ص13
    المصدر:
    الخرائج
    روي أنّ أعرابيا قال : يا رسول الله !.. هلك المال ، وجاع العيال ، فادع الله لنا ، فرفع (ص) يده وما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال ، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأينا المطر يتحادر على لحيته ، فمُطرنا إلى الجمعة ، ثم قام أعرابي فقال : تهدّم البناء فادع ، فقال : حوالينا ولا علينا ، فما كان يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا تفرّجت حتى صارت المدينة مثل الجوبة ، وسال الوادي شهرا ، فضحك رسول الله (ص) فقال :
    للهدرّ أبي طالب !.. لو كان حيا قرّت عيناه . ص14
    المصدر:
    الخرائج
    كتب النبي (ص) إلى بني حارثة بن عمرو يدعوهم إلى الإسلام ، فأخذوا كتاب النبي (ص) فغسّلوه ورقعوا به أسفل دلوهم ، فقال النبي (ص) : ما لهم أذهب الله عقولهم !.. فقال : فهم أهل رعدة وعجلة وكلام مختبط وسفه . ص16
    المصدر:
    المناقب 1/72
    سُقى النبي (ص) لبنا فقال : الله م!.. أمتعه بشبابه ، فمرّت عليه ثمانون سنة لم ير شعرة بيضاء . ص17
    المصدر:
    المناقب 1/72
    مرّ النبي (ص) بعبد الله بن جعفر ، وهو يصنع شيئاً من طين من لعب الصبيان ، فقال : ما تصنع بهذا ؟.. قال : أبيعه ، قال ما تصنع بثمنه ؟.. قال : أشتري رطباً فآكله ، فقال له النبي (ص) :
    " الله م بارك له في صفقة يمينه !.. " فكان يقال : ما اشترى شيئا قط إلا ربح فيه ، فصار أمره إلى أن يمثّل به ، فقالوا : عبد الله بن جعفر الجواد ، وكان أهل المدينة يتداينون بعضهم من بعض ، إلى أن يأتي عطاء عبد الله بن جعفر . ص18
    المصدر:
    المناقب 1/72
    سمع النبي (ص) في مسيره إلى خيبر سوق ( حداء ) عامر بن الأكوع بقوله :
    لا همّ لولا أنت ما اهتدينا*** ولا تصدّقنا ولا صلّينا
    فقال (ص) : يرحمه الله ، قال رجل : وجبتْ يا رسول الله !.. لولا أمتعْتنا به ، وذلك أنّ النبي (ص) ما استغفر قطّ لرجل يخصّه إلا استشهد . ص19
    المصدر:
    المناقب 1/72


    باب معجزاته (ص) في كفاية شر الأعداء
    كان(ص) يصلّي مقابل الحجر الأسود ، ويستقبل بيت المقدس ويستقبل الكعبة ، فلا يُرى حتى يفرغ من صلاته ، وكان يستتر بقوله :
    { وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا } ، وبقوله : { أولئك الذين طبع الله على قلوبهم } ، وبقوله : { وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا } ، وبقوله :
    { أرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضلّه الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة } . ص58
    المصدر:
    الخرائج
    إنّ قريشاً اجتمعوا في الحجر ، فتعاقدوا باللاّت والعزّى ومناة لو رأينا محمداً لقمنا مقام رجل واحد ولنقتلنه ، فدخلت فاطمة (ع) على النبي (ص) باكيةً وحكت مقالهم .
    فقال : يا بنية !.. أحضري لي وضوءاً ، فتوضأ ثم خرج إلى المسجد ، فلما رأوه قالوا : ها هو ذا ، وخفضت رؤوسهم ، وسقطت أذقانهم في صدورهم ، فلم يصل إليه رجلٌ منهم ، فأخذ النبي (ص) قبضةً من التراب فحصبهم ( أي رماهم ) بها وقال : شاهت الوجوه ( أي قبحت ) ، فما أصاب رجلاً منهم إلا قُتل يوم بدر . ص60
    المصدر:
    المناقب 1/63
    نظر النبي (ص) إلى زهير بن أبي سلمى وله مائة سنة فقال : " الله م!.. أعذني من شيطانه " فما لاك بيتاً حتى مات . ص68
    المصدر:
    المناقب 1/71
    قال الصادق (ع) : جاء جبرائيل (ع) إلى النبي (ص) وهو شاكٍ ، فرقاه بالمعوّذتين ، و { قل هو الله أحد } ، وقال : بسم الله أرقيك ، والله يشفيك من كلّ داءٍ يؤذيك ، خذها فلتهنيك . ص72
    المصدر:
    مجمع البيان 10/568


    باب معجزاته (ص) في استيلائه على الجنّ والشياطين ، وإيمان بعض الجن به
    كنا بمنى مع رسول الله (ص) إذ بصرنا برجلٍ ساجدٍ وراكعٍ ومتضرّعٍ ، فقلنا : يا رسول الله ما أحسن صلاته ؟!.. فقال (ص) :
    هو الذي أخرج أباكم من الجنة ، فمضى إليه علي (ع) غير مكترث ، فهزّه هزةً أدخل أضلاعه اليمنى في اليسرى ، واليسرى في اليمنى ، ثم قال :
    لأقتلنّك إن شاء الله .. فقال : لن تقدر على ذلك إلى أجل معلوم من عند ربي ، ما لك تريد قتلي ؟.. فو الله ما أبغضكَ أحدٌ إلا سبقتْ نطفتي إلى رحم أمه قبل نطفة أبيه ، ولقد شاركت مبغضيك في الأموال والأولاد ، وهو قول الله عز وجلّ في محكم كتابه : { وشاركهم في الأموال والأولاد } . ص89
    المصدر:
    العلل ص58


    باب معجزاته في إخباره (ص) بالمغيبات ، وفيه كثير مما يتعلق بباب إعجاز القرآن
    كان رسول الله (ص) يوماً جالساً ، فاطلع عليه علي (ع) مع جماعة ، فلما رآهم تبسّم ، قال : جئتموني تسألوني عن شيء إن شئتم أعلمتكم بما جئتم ، وإن شئتم تسألوني ، فقالوا :
    بل تخبرنا يا رسول الله !.. قال : جئتم تسألونني عن الصنائع لمن تحق ؟.. فلا ينبغي أن يصُنع إلا لذي حسب أو دين ..
    وجئتم تسألونني عن جهاد المرأة ، فإنّ جهاد المرأة حسن التبعّل لزوجها ..
    وجئتم تسألونني عن الأرزاق من أين ؟.. أبى الله أن يرزق عبده إلا من حيث لا يعلم ، فإنّ العبد إذا لم يعلم وجه رزقه كثر دعاؤه . ص107
    المصدر:
    قصص الأنبياء
    قال الصادق (ع) : أتُي النبي (ص) بأسارى ، فأمر بقتلهم ما خلا رجلاً من بينهم ، فقال الرجل : كيف أطلقت عني من بينهم ؟.. فقال :
    أخبرني جبرائيل عن الله - تعالى ذكره - أنّ فيك خمس خصال يحبّه الله ورسوله : الغيرة الشديدة على حرمك ، والسخاء ، وحُسن الخلق ، وصدق اللسان ، والشجاعة ، فأسلم الرجل وحسُن إسلامه . ص108
    المصدر:
    قصص الأنبياء
    من معجزاته (ص) :احتجم النبي (ص) فأخذتُ الدم لأهريقه ، فلما برزتُ حسوتُه ، فلما رجعت قال : ما صنعتَ ؟.. قلت : جعلته في أخفى مكان ، قال : ألفاك شربت الدم ؟.. ثم قال : ويلٌ للناس منك ، وويلٌ لك من الناس.ص113
    المصدر:
    الخرائج
    روي لما أقبلت عائشة مياه بني عامر ليلاً ، نبّحتها كلاب الحوأب ، قالت : ما هذا ؟.. قالوا : الحوأب ، قالت : ما أظنني إلا راجعة ، ردّوني .. إنّ رسول الله (ص) قال لنا ذات يوم : كيف بإحداكن إذا نبح عليها كلاب الحوأب ؟..ص113
    المصدر:
    الخرائج
    من معجزاته (ص) : أنه (ص) قال : أخبرني جبرائيل أنّ ابني الحسين يُقتل بعدي بأرض الطّف ، فجاءني بهذه التربة فأخبرني أن فيها مضجعه . ص113
    المصدر:
    الخرائج
    من معجزاته : أنّ أمّ سلمة قالت : كان عمّار ينقل اللَّبن بمسجد الرسول ، وكان (ص) يمسح التراب عن صدره ويقول :
    تقتلك الفئة الباغية . ص113
    المصدر:
    الخرائج
    من معجزاته : أنّ النبي (ص) قسم يوما قسما ، فقال رجل من تميم : إعدل !.. فقال : ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل ؟!.. قيل : نضرب عنقه ؟.. قال :
    لا ، إنّ له أصحاباً يحقّر أحدكم صلاته وصيامه مع صلاتهم وصيامهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ، رئيسهم رجل أدعج ، إحدى ثدييه مثل ثدي المرأة ..
    قال أبو سعيد : إني كنت مع علي حين قتلهم فالتمس في القتلى بالنهروان ، فأُتي به على النعت الذي نعته رسول الله (ص).ص113
    المصدر:
    الخرائج
    روي أنّ رجلاً جاء إلى النبي (ص) فقال : ما طعمت طعاما منذ يومين ، فقال : عليك بالسوق ، فلما كان من الغد دخل ، فقال :
    يا رسول الله !.. أتيت السوق أمس فلم أصب شيئاً ، فبتّ بغير عشاء ، قال : فعليك بالسوق ، فأتى بعد ذلك أيضاً فقال (ص) : عليك بالسوق ، فانطلق إليها فإذا عير قد جاءت وعليها متاعٌ فباعوه ففَضُل بدينار ، فأخذه الرجل وجاء إلى رسول (ص) ، وقال : ما أصبت شيئا ، قال :
    هل أصبت من عير آل فلان شيئا ؟.. قال : لا ، قال :
    بلى ، ضرب لك فيها بسهم وخرجت منها بدينار ، قال : نعم ، قال : فما حملك على أن تكذب ؟..
    قال : أشهد أنك صادقٌ ، ودعاني إلى ذلك إرادة أن أعلم أتعلم ما يعمل الناس ، وأن أزداد خيراً إلى خير ، فقال له النبي (ص) :
    صدقت ، من استغنى أغناه الله ، ومَن فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه سبعين باباً من الفقر لا يسدّ أدناها شيءٌ ، فما رُئي سائلاً بعد ذلك اليوم ، ثم قال : إنّ الصدقة لا تحلّ لغني ولا لذي مرّة سوي ، أي لا يحلّ له أن يأخذها وهو يقدر أن يكفّ نفسه عنها . ص115
    المصدر:
    الخرائج
    روي أنّ رسول الله (ص) لقي في غزوة ذات الرقاع رجلاً من محارب يقال له عاصم ، فقال له : يا محمد أتعلم الغيب ؟!.. قال : لا يعلم الغيب إلا الله ، قال : والله لجملي هذا أحبّ إليّ من إلهك ، قال :
    لكن الله أخبرني من علم غيبه ، أنه تعالى يبعث عليك قرحةً في مسبل لحيتك حتى تصل إلى دماغك فتموت والله إلى النار ، فرجع فبعث الله قرحةً فأخذت في لحيته حتى وصل إلى دماغه ، فجعل يقول :
    للهدرّ القرشيّ ، إن قال بعلمٍ أو زجرٍ أصاب . ص118
    المصدر:
    الخرائج
    روي أنّ النبي (ص) كان يوماً جالساً وحوله عليّ وفاطمة والحسن والحسين (ع) ، فقال لهم : كيف بكم إذا كنتم صرعى وقبوركم شتى ؟.. فقال الحسين (ع) : أنموت موتاً أو نُقتل قتلاً ؟.. فقال :
    بل تُقتل يا بني ظلماً !.. ويُقتل أخوك ظلماً ، ويُقتل أبوك ظلماً ، وتُشرّد ذراريكم في الأرض ، فقال الحسين (ع) : ومَن يقتلنا ؟.. قال : شرار الناس ، قال : فهل يزورنا أحدٌ ؟.. قال : نعم ، طائفةٌ من أمتي ، يريدون بزيارتكم برّي وصلتي ، فإذا كان يوم القيامة جئتهم وأخلّصهم من أهواله . ص121
    المصدر:
    الخرائج ص220
    قال علي (ع) للزبير : نشدتك الله ، أما سمعت رسول الله (ص) يقول : إنك تقاتلني وأنت ظالمٌ ؟.. قال : بلى ، ولكني نسيت . ص123
    المصدر:
    إعلام الورى ص20
    عن أبي البختري أنّ عمّاراً أُتي بشربة من لبن فضحك ، فقيل له : ما يضحكك ؟.. قال : إنّ رسول الله (ص) أخبرني وقال : هو آخر شرابٌ أشربه حين أموت . ص123
    المصدر:
    إعلام الورى ص20
    دخل معاوية على عائشة فقالت : ما حملك على قتل أهل عذراء حجر وأصحابه ؟.. فقال : يا أم المؤمنين !.. إني رأيت قتلهم صلاحاً للأمة ، وبقاءهم فساداً للأمة ، فقالت : سمعت رسول الله (ص) قال : سيُقتل بعذراء ناسٌ يغضب الله لهم وأهل السماء . ص124
    المصدر:
    إعلام الورى ص20
    خرج رسول الله (ص) في سفر من أسفاره ، فلما مرّ بحرّة زهرة ، وقف فاسترجع فساء ذلك مَن معه ، وظنّوا أنّ ذلك من أمر سفرهم ، فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله !.. ما الذي رأيت ؟.. فقال رسول الله : أما إنّ ذلك ليس من سفركم ، قالوا : فما هو يا رسول الله ؟..
    قال : يُقتل بهذه الحرّة خيار أمتي بعد أصحابي ، قال أنس بن مالك : قُتل يوم الحرّة سبعمائة رجل من حملة القرآن ، فيهم ثلاثة من أصحاب النبي (ص) ، وكان الحسن يقول : لما كان يوم الحرّة قُتل أهل المدينة حتى كاد لا ينفلت أحدٌ ، وكان فيمن قُتل ابنا زينب ربيبة رسول الله (ص) ، وهما ابنا زمعة بن عبد الله بن الأسود. ص126
    المصدر:
    إعلام الورى ص20
    ومن ذلك قوله في الوليد بن يزيد الأوزاعي ، وُلد لأخي أمّ سلمة من أمها غلامٌ فسمّوه الوليد ، فقال النبي (ص) : تسمون بأسماء فراعنتكم ، غيّروا اسمه - فسمّوه عبد الله - فإنه سيكون في هذه الأمة رجلٌ يُقال له الوليد ، لهو شرّ لأمتي من فرعون لقومه ، فكان الناس يرون أنه الوليد بن عبد الملك ، ثم رأينا أنه الوليد بن يزيد . ص126
    المصدر:
    إعلام الورى ص20
    قال الصادق (ع) : إنّ رسول الله (ص) ضلّت ناقته ، فقال الناس فيها : يخبرنا عن السماء ولا يخبرنا عن ناقته ، فهبط عليه جبرائيل (ع) فقال : يا محمد !.. ناقتك في وادي كذا وكذا ، ملفوفٌ خطامها بشجرة كذا وكذا ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال :
    يا أيها الناس !.. أكثرتم عليّ في ناقتي ، ألا وما أعطاني الله خيراً مما أخذ مني ، ألا وإنّ ناقتي في وادي كذا وكذا ملفوفٌ خطامها بشجرة كذا وكذا.. فابتدرها الناس فوجدوها كما قال رسول الله (ص) . ص129
    المصدر:
    روضة الكافي 221
    وذكر (ص) يوما زيد بن صوحان فقال : زيدٌ وما زيدٌ ؟.. يسبقه عضوٌ منه إلى الجنة ، فقُطعت يده في يوم نهاوند في سبيل الله ، وقال (ص) : إنكم ستفتحون مصر ، فإذا فتحتموها فاستوصوا بالقبط خيراً ، فإنّ لهم رحماً وذمّةً ، يعني أنّ أم إبراهيم منهم . ص131
    المصدر:
    المناقب 1/93
    أتى سائلٌ إلى النبي (ص) وسأله شيئاً فأمره بالجلوس ، فأتاه رجلٌ بكيس ووضع قبله وقال : يا رسول الله !.. هذه أربعمائة درهم أعطه المستحق ، فقال (ص) : يا سائل !.. خذ هذه الأربعمائة دينار ، فقال صاحب المال : يا رسول الله !.. ليس بدينار وإنما هو درهم ..
    فقال (ص) : لا تكذّبني فإنّ الله صدّقني ، وفتح رأس الكيس ، فإذا هو دنانير ، فعجب الرجل وحلف أنه شحنها من الدراهم ، قال : صدقت ، ولكن لما جرى على لساني الدنانير ، جعل الله الدراهم دنانير . ص138
    المصدر:
    المناقب 1/93
    قال أبو شهم : مرّت بي جاريةٌ بالمدينة فأخذت بكشحها (أي ما بين السرة ووسط الظهر ) ، وأصبح الرسول (ص) يبايع الناس ، فأتيته فلم يبايعني ، فقال :
    صاحب الجنبذة !.. ( أي تامة القصب أو ثقيلة الوركين ) ، قلت : والله لا أعود ، فبايعَني . ص139
    المصدر:
    المناقب 1/93
    قال أبو سفيان في فراشه مع هند : العجب يُرسل يتيمُ أبي طالب ولا أُرسل!.. : فقصّ عليه النبي (ص) من غده ، فهمّ أبو سفيان بعقوبة هند لإفشاء سرّه ، فأخبره النبي (ص) بعزمه في عقوبتها ، فتحيّر أبو سفيان.ص140
    المصدر:
    المناقب 1/113
    حكى العقبي أنّ أبا أيوب الأنصاري رُئي عند خليج قسطنطينية ، فسُئل عن حاجته ، قال : أمّا دنياكم فلا حاجة لي فيها ، ولكن إن متّ فقدموني ما استطعتم في بلاد العدو ، فإني سمعت رسول الله (ص) يقول : يُدفن عند سور القسطنطينية رجلٌ صالحٌ من أصحابي ، وقد رجوت أن أكونه ، ثم مات ، فكانوا يجاهدون والسرير يُحمل ويُقدّم ..
    فأرسل قيصر في ذلك ، فقالوا : صاحب نبينّا ، وقد سألنا أن ندفنه في بلادك ، ونحن منفّذون وصيته ، قال : فإذا ولّيتم أخرجناه إلى الكلاب ، فقالوا :
    لو نُبش من قبره ما تُرك بأرض العرب نصراني إلا قُتل ، ولا كنيسة إلا هُدمت ، فبُني على قبره قبةٌ يُسرج فيها إلى اليوم ، وقبره إلى الآن يُزار في جنب سور القسطنطينية . ص143
    المصدر:
    المناقب 1/121
    قال رسول الله (ص) : سيأتي على أمتي زمانٌ لا يبقى من القرآن إلا رسمه ، ولا من الإسلام إلا اسمه ، يُسمّون به وهم أبعد الناس منه ، مساجدهم عامرةٌ وهي خرابٌ من الهدى ، فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظل السماء ، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود . ص146
    المصدر:
    ثواب الأعمال ص244


    باب المبعث وإظهار الدعوة وما لقي (ص) من القوم ، وما جرى بينه وبينهم ، وجمل أحواله إلى دخول الشعب وفيه إسلام حمزة -وأحوال كثير من أصحابه وأهل زمانه
    لما نزلت هذه الآية : { وأنذر عشيرتك الأقربين } ، صعد رسول الله (ص) على الصفا فقال : يا صباحاه !.. فاجتمعت إليه قريش فقالوا : ما لك ؟.. فقال :
    أرأيتكم إن أخبرتكم أنّ العدو مصبّحكم أو ممسّيكم ما كنتم تصدقونني ؟.. قالوا : بلى ، قال : فإني نذيرٌ لكم بين يديّ عذابٌ شديدٌ ، قال أبو لهب :
    تبّاً لك ، ألهذا دعوتنا جميعا ؟!.. فأنزل الله تعالى : { تبت يدا أبي لهب } إلى آخر السورة . ص164
    المصدر:
    مجمع البيان 7/206
    قال علي (ع) : لما نزلت : { وأنذر عشيرتك الأقربين } أي رهطك المخلصين ، دعا رسول الله (ص) بني عبد المطلب ، وهم إذ ذاك أربعون رجلا يزيدون رجلاً أو ينقصون رجلاً ، فقال : أيكم يكون أخي ووارثي ووزيري ووصيي وخليفتي فيكم بعدي ؟..
    فعرض عليهم ذلك رجلاً رجلاً كلهم يأبى ذلك حتى أتى عليّ ، فقلت : أنا يا رسول الله !.. فقال : يا بني عبد المطلب !.. هذا أخي ووارثي ووصيي ووزيري وخليفتي فيكم بعدي ، فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض ، ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع وتطيع لهذا الغلام . ص179
    المصدر:
    العلل ص68
    كان قريش يجدّون في أذى رسول الله (ص) ، وكان أشدّ الناس عليه عمّه أبو لهب ، فكان (ص) ذات يوم جالساً في الحجر ، فبعثوا إلى سلى الشاة ( أي جلدة يكون ضمنها الولد في بطن أمه ) ، فألقوه على رسول الله (ص) ، فاغتمّ من ذلك ، فجاء إلى أبي طالب فقال :
    يا عمّ !.. كيف حَسَبي فيكم ؟.. قال : وما ذاك يا بن أخ ؟!..
    قال : إنّ قريشا ألقوا عليّ السلى ، فقال لحمزة : خذ السيف ، وكانت قريش جالسةً في المسجد ، فجاء أبو طالب ومعه السيف ، وحمزة ومعه السيف ، فقال : أمرّ السلى على سبالهم ، فمن أبى فاضرب عنقه ، فما تحرّك أحد حتى أمرّ السلى على سبالهم ، ثم التفت إلى رسول الله (ص) وقال : يا بن أخ !.. هذا حَسُبك منا وفينا . ص187
    المصدر:
    قصص الأنبياء
    أتيت رسول الله (ص) وهو متوسّد بُرده في ظلّ الكعبة ، وقد لقينا من المشركين شدّةً شديدة ، فقلت : يا رسول الله !.. ألا تدعو الله لنا ؟.. فقعد وهو محمّرٌ وجهه فقال :
    إن كان مَن كان قبلَكم ليُمشط أحدهم بأمشاط الحديد مادون عظمه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ، ويُوضع المنشار على مفرق رأسه فيُشقّ باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه ، وليتمّن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ، لا يخاف إلا الله عز وجلّ والذئب على غنمه . ص210
    المصدر:
    إعلام الورى ص31
    مرّ رسول الله (ص) بعمّار وأهله وهم يُعذّبون في الله ، فقال : أبشروا آل عمّار !.. فإنّ موعدكم الجنة . ص210
    المصدر:
    إعلام الورى ص31
    قال علي (ع) : إنّ الله سبحانه بعث محمداً (ص) نذيراً للعالمين ، وأميناً على التنزيل ، وأنتم معشر العرب !.. على شرّ دينٍ وفي شرّ دار ، منيخون بين حجارة خشن وحياّت صمّ ، تشربون الكدر ، وتأكلون الجشب ، وتسفكون دماءكم ، وتقطعون أرحامكم ، الأصنام فيكم منصوبةٌ ، والآثام بكم معصوبة.ص226
    المصدر:
    النهج 1/74
    سألت الصادق (ع) : إني أؤم قومي فأجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ؟.. قال : نعم ، حق ما جهر به ، قد جهر بها رسول الله (ص) ، ثم قال : إنّ رسول الله (ص) كان من أحسن الناس صوتا بالقرآن ، فإذا قام من الليل يصلّي جاء أبو جهل والمشركون يستمعون قراءته ، فإذا قال :
    { بسم الله الرحمن الرحيم } ، وضعوا أصابعهم في آذانهم وهربوا ، فإذا فرغ من ذلك جاؤا فاستمعوا .
    وكان أبو جهل يقول : إنّ ابن أبي كبشة ليردّد اسم ربه ، إنه ليحبّه !.. فقال الصادق (ع) : صدق وإن كان كذوباً ، قال : فأنزل الله : { وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا } ، وهو بسم الله الرحمن الرحيم . ص239
    المصدر:
    تفسير الفرات ص85
    روي أنّ أبا جهل عاهد الله أن يفضخ رأسه (ص) بحجرٍ إذا سجد في صلاته ، فلما قام رسول الله (ص) يصلّي وسجد - وكان إذا صلّى صلّى بين الركنين : الأسود واليماني ، وجعل الكعبة بينه وبين الشام - احتمل أبو جهل الحجر ، ثم أقبل نحوه حتى إذا دنا منه رجع منتقعاً (أي متغيراً ) لونه ، مرعوباً قد يبست يداه على حجره ، حتى قذف الحجر من يده .
    وقام إليه رجالٌ من قريش ، فقالوا : ما لك يا أبا الحكم ؟.. قال : عرض لي دونه فحلٌ من الإبل ، ما رأيت مثل هامته وقصرته ولا أنيابه لفحل قط ، فهمّ أن يأكلني . ص240
    المصدر:
    إعلام الورى ص19
    في السنة الخامسة من نبوته (ص) توفيت سمية بنت حباط مولاة أبي حذيفة بن المغيرة ، وهي أم عمّار بن ياسر ، أسلمت بمكة قديما ، وكانت ممّن تُعذّب في الله لترجع عن دينها فلم تفعل ، فمرّ بها أبو جهل فطعنها في قلبها فماتت ، وكانت عجوزاً كبيرةً ، فهي أول شهيدة في الإسلام . ص241
    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى
    ولما أنزل الله تعالى : { فاصدع بما تُؤمر وأعرض عن المشركين } قام رسول الله (ص) على الصفا ونادى في أيام الموسم : يا أيها الناس !.. إني رسول الله ربّ العالمين ، فرمقه الناس بأبصارهم - قالها ثلاثاً - ثم انطلق حتى أتى المروة ثم وضع يده في أذنه ثم نادى ثلاثا بأعلى صوته : يا أيها الناس !.. إني رسول الله - ثلاثا - فرمقه الناس بأبصارهم ، ورماه أبو جهل - قبّحه الله - بحجر فشجّ بين عينيه ، وتبعه المشركون بالحجارة ، فهرب حتى أتى الجبل فاستند إلى موضع يقال له المتّكأ ، وجاء المشركون في طلبه .
    وجاء رجلٌ إلى علي بن أبي طالب (ع) و قال : يا علي !.. قد قُتل محمد ، فانطلق إلى منزل خديجة - رضي الله عنها - فدقّ الباب ، فقالت خديجة : مَن هذا ؟.. قال : أنا عليّ ، قالت : يا عليّ ما فعل محمد ؟!.. قال : لا أدري إلا أنّ المشركين قد رموه بالحجارة ، وما أدري أحيٌّ هو أم ميّتٌ ، فأعطيني شيئاً فيه ماء وخذي معك شيئا من هيس ( نوع من الطعام ) ، وانطلقي بنا نلتمس رسول الله (ص) فإنا نجده جائعا عطشانا ، فمضى حتى جاز الجبل وخديجة معه فقال علي : يا خديجة !.. استبطني الوادي حتى أستظهره ( أي ادخلي بطن الوادي حتى أعلو أنا ظهره ) ، فجعل ينادي :
    يا محمداه !.. يا رسول الله !.. نفسي لك الفداء في أي وادٍ أنت ملقىً ؟.. وجعلت خديجة تنادي : مَن أحسّ لي النبي المصطفى ؟.. مَن أحسّ لي الربيع المرتضى ؟.. مَن أحسّ لي المطرود في الله ؟.. من أحسّ لي أبا القاسم ؟.. وهبط عليه جبرائيل (ع) فلما نظر إليه النبي (ص) بكى وقال : ما ترى ما صنع بي قومي ؟.. كذّبوني وطردوني وخرجوا عليّ .. فقال :
    يا محمد !.. ناولني يدك فأخذ يده فأقعده على الجبل ، ثم أخرج من تحت جناحه درنوكا ( نوع من البسط له خمل ) من درانيك الجنة منسوجاً بالدرّ والياقوت ، وبسطه حتى جلّل به جبال تهامة ، ثم أخذ بيد رسول الله (ص) حتى أقعده عليه ، ثم قال له جبرائيل : يا محمد !.. أتريد أن تعلم كرامتك على الله ؟..
    قال : نعم ، قال : فادع إليك تلك الشجرة تجبْك ، فدعاها فأقبلت حتى خرّت بين يديه ساجدة ، فقال : يا محمد !.. مرها ترجع ، فأمرها فرجعت إلى مكانها ، وهبط عليه إسماعيل حارس السماء الدنيا فقال : السلام عليك يا رسول الله !.. قد أمرني ربي أن أطيعك ، أفتأمرني أن أنثر عليهم النجوم فأحرقهم ....
    فرفع رأسه إلى السماء ونادى : إني لم أُبعث عذاباً ، إنما بُعثت رحمةً للعالمين ، دعُوني وقومي فإنهم لا يعلمون ، ونظر جبرائيل (ع) إلى خديجة تجول في الوادي ، فقال : يا رسول الله !.. ألا ترى إلى خديجة قد أبكت لبكائها ملائكة السماء ؟.. أدعها إليك فأقرئها مني السلام ، وقل لها : إنّ الله يقرئك السلام ، وبشّرها أنّ لها في الجنة بيتاً من قصب ، لانصب فيه ولا صخب ، لؤلؤا مكلّلا بالذهب .
    فدعاها النبي (ص) والدماء تسيل من وجهه على الأرض ، وهو يمسحها ويردّها قالت : فداك أبي وأمي !.. دع الدمّ يقع على الأرض ، قال : أخشى أن يغضب رب الأرض على مَن عليها ، فلما جنّ عليهم الليل انصرفت خديجة - رضي الله عنها - ورسول الله (ص) وعليّ (ع) ودخلت به منزلها ، فأقعدته على الموضع الذي فيه الصخرة ، وأظلّته بصخرة من فوق رأسه ، وقامت في وجهه تستره ببردها ، وأقبل المشركون يرمونه بالحجارة ، فإذا جاءت من فوق رأسه صخرة وقتْه الصخرة ، وإذا رموه من تحته وقته الجدران الحيّط ، وإذا رُمي من بين يديه وقتْه خديجة - رضي الله عنها - بنفسها ، وجعلت تنادي :
    يا معشر قريش !.. تُرمى الحرّة في منزلها ؟.. فلما سمعوا ذلك انصرفوا عنه ، وأصبح رسول الله (ص) وغدا إلى المسجد يصلّي .ص243
    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى - الباب4


    باب في كيفية صدور الوحي ، ونزول جبرائيل (ع) ، وعلة احتباس الوحي ، وبيان أنه (ص) هل كان قبل البعثة متعبداً بشريعة أم لا
    قال الصادق (ع) : كان جبرائيل (ع) إذا أتى النبي (ص) قعد بين يديه قعدة العبد ، وكان لا يدخل حتى يستأذنه . ص256
    المصدر:
    العلل ص14
    قيل للصادق (ع) : جعلت فداك !.. الغشية التي كانت تصيب رسول الله (ص) إذا نزل عليه الوحي ؟.. فقال : ذلك إذا لم يكن بينه وبين الله أحدٌ ، ذاك إذا تجلّى الله له ، ثم قال : تلك النبوة يا زرارة !.. وأقبل يتخشّع . ص256
    المصدر:
    التوحيد ص102
    سأله الحارث بن هشام : كيف يأتيك الوحي ؟.. فقال : أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس ( الصلصلة : صوت الحديد إذا حُّرِك ) وهو أشدّه عليّ ، فيفصم عني ( أي ينكشف ) وقد وعيت ما قال .. وأحيانا يتمثل لي الملك رجلاً فيكلّمني فأعي ما يقول . ص261
    المصدر:
    المناقب 1/41
    روي أنه كان إذا نزل عليه الوحي ، يُسمع عند وجهه دويٌّ كدوي النحل.ص162
    المصدر:
    المناقب 1/41
    روي أنه كان ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه ، وإنّ جبينه لينفصد عرقاً . ص261
    المصدر:
    المناقب 1/41
    روي أنه كان إذا نزل عليه كُرِب لذلك ويربدّ وجهه ( أي تغيّر إلى الغبرة ) ، ونكس رأسه ، ونكس أصحابه رؤوسهم منه ، ومنه يقال : بُرَحاء الوحي ( أي شدّة الكرب من ثقل الوحي ) . ص261
    المصدر:
    المناقب 1/41
    قيل للصادق (ع) : كيف لم يخف رسول الله (ص) فيما يأتيه من قِبَل الله أن يكون ذلك مما ينزغ به الشيطان ؟.. فقال : إنّ الله إذا اتخذ عبداً رسولاً أنزل عليه السكينة والوقار ، فكان يأتيه من قِبَل الله عز وجلّ مثل الذي يراه بعينه.ص262
    المصدر:
    تفسير العياشي
    رأيت الوحي ينزل على رسول الله (ص) ، وإنه (ص) على راحلته فترغو ( أي تضج ) وتفتل يديها ( أي تلويهما ) حتى أظنّ أن ذراعها ينفصم ، فربما بَرَكت ، وربما قامت مؤتدة (أي مثبتة ) يديها حتى تسرى عنه من ثقل الوحي ، وإنه لينحدر منه مثل الجمان ( أي اللؤلؤ ) . ص264
    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى - الباب2
    بيــان:
    إنما أوردنا دلائل القول في نفي تعبّده (ص) بعد البعثة بشريعة مَن قبله لاشتراكها مع ما نحن فيه في أكثر الدلائل ، فإذا عرفت ذلك فاعلم أنّ الذي ظهر لي من الأخبار المعتبرة والآثار المستفيضة ، هو أنه (ص) كان قبل بعثته مذ أكمل الله عقله في بدو سنّه نبياً مؤيَداً بروح القدس ، يكلّمه الملك ، ويسمع الصوت ، ويرى في المنام .
    ثم بعد أربعين سنة صار رسولاً ، وكلّمه الملك معاينةً ، ونزل عليه القرآن ، وأمر بالتبليغ ، وكان يعبد الله قبل ذلك بصنوف العبادات ، إما موافقا لما أمر به الناس بعد التبليغ وهو أظهر ، أو على وجه آخر ، إما مطابقا لشريعة إبراهيم (ع) ، أو غيره ممن تقدمه من الأنبياء (ع) لا على وجه كونه تابعاً لهم وعاملاً بشريعتهم ، بل بأنّ ما أوحي إليه (ص) كان مطابقاً لبعض شرائعهم ، أو على وجه آخر نسخ بما نزل عليه بعد الإرسال ، ولا أظنّ أن يخفى صحة ما ذكرت على ذي فطرة مستقيمة وفطنة غير سقيمة بعد الإحاطة بما أسلفنا من الأخبار في هذا الباب ، وأبواب أحوال الأنبياء (ع) وما سنذكره بعد ذلك في كتاب الإمامة ....
    لا شك في أنه (ص) كان يعبد الله قبل بعثته بما لا يُعلم إلا بالشرع كالطواف والحجّ وغيرهما ، كما سيأتي أنه (ص) حجّ عشرين حجةً مستسرّاً ، وقد ورد في أخبار كثيرة أنه (ص) كان يطوف ، وأنه كان يعبد الله في حراء ، وأنه كان يراعي الآداب المنقولة من التسمية والتحميد عند الأكل وغيره ، وكيف يجوّز ذو مسكة من العقل على الله تعالى أن يهمل أفضل أنبيائه أربعين سنة بغير عبادة ؟.. والمكابرة في ذلك سفسطة ، فلا يخلو إما أن يكون عاملاً بشريعة مختصّة به أوحى الله إليه ، وهو المطلوب ، أو عاملاً بشريعة غيره. ص280


    باب إثبات المعراج ومعناه وكيفيته وصفته وما جرى فيه ووصف البراق
    *
    المصدر:
    البحار:ج18/290
    بيــان:
    اعلم أنّ عروجه (ص) إلى بيت المقدس ، ثم إلى السماء في ليلة واحدة بجسده الشريف ، مما دلّت عليه الآيات والأخبار المتواترة من طرق الخاصة والعامة ، وإنكار أمثال ذلك أو تأويلها بالعروج الروحاني أو بكونه في المنام ينشأ إما من قلّة التتبّع في آثار الأئمة الطاهرين ، أو من قلّة التديّن وضعف اليقين ، أو الانخداع بتسويلات المتفلسفين .
    والأخبار الواردة في هذا المطلب لا أظنّ مثلها ورد في شيء من أصول المذهب ، فما أدري ما الباعث على قبول تلك الأصول وادّعاء العلم فيها والتوقف في هذا المقصد الأقصى ؟..فبالحري أن يقال لهم : أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ؟..
    وأما اعتذارهم بعدم قبول الفلك للخرق والالتيام ، فلا يخفى على أولي الأفهام أنّ ما تمسكوا به في ذلك ليس إلا من شبهات الأوهام ، مع أنّ دليلهم على تقدير تمامه إنما يدلّ على عدم جواز الخرق في الفلك المحيط بجميع الأجسام ، والمعراج لا يستلزمه ، ولو كانت أمثال تلك الشكوك والشبهات مانعةً من قبول ما ثبت بالمتواترات ، لجاز التوقف في جميع ما صار في الدين من الضروريات .
    وإني لأعجب من بعض متأخري أصحابنا كيف أصابهم الوهن في أمثال ذلك ؟.. مع أن مخالفيهم مع قلة أخبارهم وندرة آثارهم بالنظر إليهم وعدم تديّنهم لم يجوّزوا ردّها ، ولم يرخّصوا في تأويلها ، وهم مع كونهم من أتباع الأئمة الأطهار (ع) وعندهم أضعاف ما عند مخالفيهم من صحيح الآثار يقتصون آثار شرذمة من سفهاء المخالفين ، ويذكرون أقوالهم بين أقوال الشيعة المتديّنين ، أعاذنا الله وسائر المؤمنين من تسويلات المضلين.ص290
    قال (ص) : لما أسري بي إلى السماء ، دخلت الجنة فرأيت فيها قيعان ، ورأيت فيها ملائكةً يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وربما أمسكوا ، فقلت لهم : ما بالكم قد أمسكتم ؟.. فقالوا : حتى تجيئنا النفقة ، فقلت : وما نفقتكم ؟.. قالوا :
    قول المؤمن : سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر ، فإذا قال بنينا وإذا سكت أمسكنا . ص292
    المصدر:
    المحكم والمتشابه ص105
    قال النبي (ص) : ليلة أسري بي إلى السماء فبلغت السماء الخامسة ، نظرت إلى صورة علي بن أبي طالب ، فقلت : حبيبي جبرائيل ما هذه الصورة ؟.. فقال جبرائيل :
    يا محمد !.. اشتهت الملائكة أن ينظروا إلى صورة علي فقالوا :
    ربنا إنّ بني آدم في دنياهم يتمتعون غدوةً وعشيةً بالنظر إلى علي بن أبي طالب ، حبيب حبيبك محمد ، وخليفته ووصيه وأمينه ، فمتّعنا بصورته قدر ما تمتع أهل الدنيا به !.. فصوّر لهم صورته من نور قدسه عزّ وجلّ ، فعلي (ع) بين أيديهم ليلاً ونهاراً يزورونه وينظرون إليه غدوةً وعشيةً . ص304
    المصدر:
    المحتضر ص146
    قال الباقر (ع) : فلما ضربه اللعين ابن ملجم على رأسه ، صارت تلك الضربة في صورته التي في السماء ، فالملائكة ينظرون إليه غدوةً وعشيةً ، ويلعنون قاتله ابن ملجم .
    فلما قُتل الحسين بن علي (ع) ، هبطت الملائكة وحملته حتى أوقفته مع صورة عليّ في السماء الخامسة ، فكلّما هبطت الملائكة من السماوات من علىً ، وصعدت ملائكة السماء الدنيا فمن فوقها إلى السماء الخامسة لزيارة صورة علي ، والنظر إليه وإلى الحسين بن علي مشحّطاً بدمه ، لعنوا يزيد وابن زياد ومَن قاتلوا الحسين بن علي (ع) إلى يوم القيامة .
    قال الأعمش : قال لي الصادق (ع) : هذا من مكنون العلم ومخزونه لا تخرجه إلا إلى أهله . ص305
    المصدر:
    المحتضر ص146
    قال رسول الله (ص) : لما أُسري بي إلى السماء ما سمعت شيئاً قطّ هو أحلى من كلام ربي عزّ وجلّ ، فقلت :
    يا ربّ !.. اتخذت إبراهيم خليلاً ، وكلّمت موسى تكليماً ، ورفعت إدريس مكاناً علياً ، وآتيت داود زبوراً ، وأعطيت سليمان مُلكاً لا ينبغي لأحد من بعده ، فماذا لي يا ربّ ؟!.. فقال جلّ جلاله :
    يا محمد !.. اتخذتك خليلاً كما اتخذتُ إبراهيم خليلاً ، وكلّمتك تكليماً كما كلّمتُ موسى تكليماً ، وأعطيتك فاتحة الكتاب وسورة البقرة ولم أعطهما نبياً قبلك ، وأرسلتك إلى أسود أهل الأرض وأحمرهم ، وإنسهم وجنّهم ، ولم أُرسل إلى جماعتهم نبياً قبلك ..
    وجعلت الأرض لك ولأمتك مسجدا وطهورا ، وأطعمت أمتك الفيء ولم أحلّه لأحد قبلها ، ونصرتك بالرعب حتى أنّ عدوك ليرعب منك ، وأنزلت سيد الكتب كلّها مهيمناً عليك قرآنا عربياً مبيناً ، ورفعت لك ذكرك ، حتى لا أُذكر بشيء من شرائع ديني إلا ذُكرتَ معي . ص305
    المصدر:
    المحتضر ص150
    قال الصادق (ع) : لما عُرج برسول الله (ص) انتهى به جبرائيل (ع) إلى مكان فخلى عنه ، فقال له :
    يا جبرائيل !.. أتخلّيني على هذه الحال ؟.. فقال : إمضه ، فو الله لقد وطأتَ مكانا ما وطأه بشرٌ ، وما مشى فيه بشر قبلك.ص306
    المصدر:
    أصول الكافي 1/444
    قال رسول الله (ص) : لقد أسرى ربي بي ، فأوحى إليّ من وراء الحجاب ما أوحى ، وشافهني إلى أن قال لي :
    يا محمد !.. مَن أذلّ لي ولياً فقد أرصد لي بالمحاربة ، ومَن حاربني حاربته ، قلت : يا رب !.. ومَن وليك هذا ؟.. فقد علمت أنّ مَن حاربك حاربته ، قال : ذاك من أخذت ميثاقه لك ولوصيك ولذرّيتكما بالولاية . ص307
    المصدر:
    أصول الكافي 2/253
    قال رسول الله (ص) : لما أُسري بي إلى السماء الرابعة ، نظرت إلى قبة من لؤلؤ لها أربعة أركان وأربعة أبواب ، كلّها من استبرق أخضر ، قلت :
    يا جبرائيل !.. ما هذه القبة التي لم أرَ في السماء الرابعة أحسن منها ؟..
    فقال : حبيبي محمد !.. هذه صورة مدينة يُقال لها قم ، تجتمع فيها عباد الله المؤمنون ينتظرون محمدا وشفاعته للقيامة والحساب ، يجري عليهم الغمّ والهمّ والأحزان والمكاره ، فسألت علي بن محمد العسكري (ع) : متى ينتظرون الفرج ؟.. قال : إذا ظهر الماء على وجه الأرض . ص113
    المصدر:
    الاختصاص ص101
    قال الصادق (ع) : ليس من شيعتنا مَن أنكر أربعة أشياء : المعراج ، والمساءلة في القبر ، وخلق الجنة والنار ، والشفاعة . ص312
    المصدر:
    صفات الشيعة
    قيل للصادق (ع) : إنّ مسجد الكوفة قديمٌ ؟.. قال : نعم ، وهو مصلّى الأنبياء (ص) ، ولقد صلّى فيه رسول الله (ص) حين أسري به إلى السماء فقال له جبرائيل (ع) : يا محمد !.. إنّ هذا مسجد أبيك آدم (ع) ومصلّى الأنبياء (ع) ، فانزل فصلّ فيه ، فنزل فصلّى فيه ، ثم إنّ جبرائيل عرج به إلى السماء . ص312
    المصدر:
    روضة الكافي 279
    كان النبي (ص) يُكثر تقبيل فاطمة (ع) ، فعاتبته على ذلك عائشة ، فقالت :
    يا رسول الله إنك لتكثر تقبيل فاطمة !.. فقال لها : إنه لما عُرج بي إلى السماء مرّ بي جبرائيل على شجرة طوبى ، فناولني من ثمرها فأكلته ، فحوّل الله ذلك ماءً إلى ظهري ، فلما أن هبطتُ إلى الأرض واقعتُ خديجة فحملت بفاطمة ، فما قبّلتها إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها . ص315
    المصدر:
    المحتضر ص135
    قال الباقر (ع) : إنّ الله تبارك وتعالى لما أسرى بنبيه (ص) قال له : يا محمد !.. إنه قد انقضت نبوتك ، وانقطع أكلك ، فمَن لأمتك من بعدك ؟.. فقلت : يا ربّ !.. إني قد بلوت خلقك فلم أجد أحدا أطوع لي من علي بن أبي طالب ، فقال عزّ وجلّ : ولي يا محمد !.. فمَن لأمتك ؟.. فقلت : يا ربّ !.. إني قد بلوت خلقك ، فلم أجد أحداً أشدّ حباً لي من علي بن أبي طالب ، فقال عزّ وجلّ : ولي يا محمد !.. فأبلغه أنه راية الهدى ، وإمام أوليائي ، ونورٌ لمن أطاعني . ص339
    المصدر:
    أمالي الصدوق ص286
    قال الباقر (ع) : إنّ رسول الله (ص) حيث أُسري به ، لم يمرّ بخلق من خلق الله إلا رأى منه ما يحبّ من البِشر واللطف والسرور به ، حتى مرّ بخلق من خلق الله ، فلم يلتفت إليه ولم يقل له شيئا ، فوجده قاطباً عابساً ، فقال :
    يا جبرائيل !.. ما مررت بخلق من خلق الله ، إلا رأيت البِشر واللطف والسرور منه إلا هذا ، فمَن هذا ؟.. قال :
    هذا مالكٌ خازن النار ، وهكذا خلقه ربه ، قال : فإني أحبّ أن تطلب إليه أن يريني النار ، فقال له جبرائيل (ع) :
    إنّ هذا محمد رسول الله ، وقد سألني أن أطلب إليك أن تريه النار ، فأخرج له عنقا منها فرآها ، فلما أبصرها لم يكن ضاحكا حتى قبضه الله عز وجلّ . ص341
    المصدر:
    أمالي الصدوق ص357
    قال رسول الله (ص) : لما عُرج بي إلى السماء السابعة ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومن السدرة إلى حجب النور ، ناداني ربي جلّ جلاله :
    يا محمد !.. أنت عبدي وأنا ربك ، فلي فاخضع ، وإياي فاعبد ، وعليّ فتوكّل ، وبي فثق ، فإني قد رضيت بك عبداً وحبيباً ورسولاً ونبيا ، وبأخيك علي خليفةً وباباً ، فهو حجّتي على عبادي ، وإمامٌ لخلقي ، به يُعرف أوليائي من أعدائي ، وبه يُميّز حزب الشيطان من حزبي ، وبه يُقام ديني ، وتُحفظ حدودي ، وتُنفّذ أحكامي ..
    وبك وبه وبالأئمة من ولده أرحم عبادي وإمائي ، وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتقديسي وتحليلي وتكبيري وتمجيدي ، وبه أًطهّر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي ، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى ، وكلمتي العليا ، وبه أُحيي عبادي وبلادي بعلمي ، وله أُظهر الكنوز والذخائر بمشيتي ، وإياه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي ، وأمدّه بملائكتي لتؤيّده على إنفاذ أمري ، وإعلان ديني ، ذلك وليي حقا ومهدي عبادي صدقا.ص342
    المصدر:
    أمالي الصدوق ص375
    قال رسول الله (ص) : لما أُسري بي إلى السماء دخلت الجنة ، فرأيت فيها قصراً من ياقوت أحمر يُرى باطنه من ظاهره لضيائه ونوره ، وفيه قبتان من درّ وزبرجد ، فقلت :
    يا جبرائيل !.. لمن هذا القصر ؟.. قال : هو لمن أطاب الكلام ، وأدام الصيام ، وأطعم الطعام ، وتهجّد بالليل والناس نيام ..
    قال علي (ع) : فقلت يا رسول الله !.. وفي أمتك مَن يطيق هذا ؟.. فقال : أتدري ما إطابة الكلام ؟.. فقلت : الله ورسوله أعلم ، قال : مَن قال :
    " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر "..
    أتدري ما إدامة الصيام ؟.. قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : من صام شهر الصبر - شهر رمضان - ولم يفطر منه يوماً ..
    أتدري ما إطعام الطعام ؟.. قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : مَن طلب لعياله ما يكفّ به وجوههم عن الناس ..
    أتدري ما التهجّد بالليل والناس نيام ؟.. قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : مَن لم ينم حتى يصلّي العشاء الآخرة ، والناس من اليهود والنصارى وغيرهم من المشركين نيامٌ بينهما.ص343
    المصدر:
    أمالي الطوسي ص293
    سألت زين العابدين (ع) عن الله جلّ جلاله هل يُوصف بمكان ؟.. فقال : تعالى الله عن ذلك ، قلت :
    فلِمَ أسرى بنبيه محمد (ص) إلى السماء ؟.. قال : ليُريه ملكوت السماوات ، وما فيها من عجائب صنعه وبدائع خلقه ، قلت :
    فقول الله عز وجلّ : { ثم دنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى } ؟.. قال : ذاك رسول الله (ص) دنا من حجب النور ، فرأى ملكوت السماوات ، ثم تدلّى (ص) فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض ، حتى ظنّ أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى . ص347
    المصدر:
    العلل ص55
    قيل للكاظم (ع) : لأي علّة عرج الله بنبيه إلى السماء ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومنها إلى حجب النور ، وخاطبه وناجاه هناك والله لا يوصف بمكان ؟..
    فقال (ع) : إنّ الله لا يُوصف بمكان ، ولا يجري عليه زمان ، ولكنه عزّ وجلّ أراد أن يشرّف به ملائكتَه ، وسكانَ سماواته ، ويكرمهم بمشاهدته ، ويريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه ، وليس ذلك على ما يقوله المشبّهون ، سبحان الله وتعالى عما يصفون . ص348
    المصدر:
    العلل ص55
    قال أمير المؤمنين (ع) : دخلتُ أنا وفاطمة على رسول الله (ص) ، فوجدته يبكي بكاءً شديداً ، فقلت : فداك أبي وأمي يا رسول الله ما الذي أبكاك ؟!.. فقال :
    يا علي !.. ليلة أُسري بي إلى السماء ، رأيت نساءً من أمتي في عذاب شديد ، فأنكرت شأنهن فبكيت لما رأيت من شدة عذابهن :
    رأيت امرأةً معلّقةً بشعرها يغلي دماغ رأسها ..
    ورأيت امرأةً معلّقةً بلسانها والحميم يُصبّ في حلقها ..
    ورأيت امرأةً معلّقةً بثدييها ..
    ورأيت امرأةً تأكل لحم جسدها ، والنار تُوقد من تحتها ..
    ورأيت امرأةً قد شُدّ رجلاها إلى يديها ، وقد سُلّط عليها الحيات والعقارب ..
    ورأيت امرأةً صمّاء عمياء خرساء في تابوت من نار ، يخرج دماغ رأسها من منخرها ، وبدنها متقطع من الجذام والبرص ..
    ورأيت امرأةً معلّقةً برجليها في تنور من نار ..
    ورأيت امرأةً تقطع لحم جسدها من مقدّمها ومؤخّرها بمقاريض من نار ..
    ورأيت امرأةً تحرق وجهها ويداها ، وهي تأكل أمعاءها ..
    ورأيت امرأةً رأسها رأس خنزير ، وبدنها بدن الحمار ، وعليها ألف ألف لون من العذاب ..
    ورأيت امرأةً على صورة الكلب ، والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها ، والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار ..
    فقالت فاطمة : حبيبي وقرة عيني ، أخبرني ما كان عملهن وسيرتهن حتى وضع الله عليهن هذا العذاب ؟.. فقال :
    يا بنتي !.. أما المعلقة بشعرها ، فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرجال .. وأما المعلقة بلسانها ، فإنها كانت تُؤذي زوجها ..
    وأما المعلقة بثدييها ، فإنها كانت تمتنع من فراش زوجها ..
    وأما المعلقة برجليها ، فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها ..
    وأما التي كانت تأكل لحم جسدها ، فإنها كانت تزيّن بدنها للناس ..
    وأما التي شُدّ يداها إلى رجليها وسُلّط عليها الحيات والعقارب ، فإنها كانت قذرة الوضوء ، قذرة الثياب ، وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض ، ولا تتنظف ، وكانت تستهين بالصلاة ..
    وأما العمياء الصّماء الخرساء ، فإنها كانت تلد من الزنا فتعلّقه في عنق زوجها..
    وأما التي كان يُقرض لحمها بالمقاريض ، فإنها كانت تعرض نفسها على الرجال..
    وأما التي كان يُحرق وجهها وبدنها وهي تأكل أمعاءها ، فإنها كانت قوّادة .. وأما التي كان رأسها رأس خنزير وبدنها بدن الحمار ، فإنها كانت نمّامةٌ كذّابةٌ وأما التي كانت على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها ، فإنها كانت قينة نوّاحة حاسدة ..
    ثم قال (ص) : ويلٌ لامرأة أغضبت زوجها !.. وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها !.. ص352
    المصدر:
    العيون
    سئل رسول الله (ص) : بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج ؟.. فقال : خاطبني بلغة علي بن أبي طالب (ع) وألهمني أن قلت : يا ربّ !.. أخاطبتني أنت أم علي ؟.. فقال :
    يا أحمد !.. أنا شيءٌ ليس كالأشياء ، ولا أُقاس بالناس ، ولا أُوصف بالأشياء ، خلقتك من نوري ، وخلقت عليا من نورك ، فاطّلعت على سرائر قلبك ، فلم أجد على قلبك أحبّ من علي بن أبي طالب (ع) ، فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك . ص387
    المصدر:
    إرشاد القلوب 2/28
    قال علي (ع) : قال لي رسول الله (ص) :
    يا علي !.. إنه لما أُسري بي إلى السماء تلقتني الملائكة بالبشارات في كلّ سماء حتى لقيني جبرائيل في محفل من الملائكة ، فقال : لو اجتمعت أمتك على حبّ علي ، ما خلق الله عز وجلّ النار .. يا علي !.. إنّ الله تعالى أشهدك معي في سبعة مواطن حتى آنست بك :
    أما أول ذلك فليلة أُسري بي إلى السماء ، قال لي جبرائيل (ع) : أين أخوك يا محمد ؟!.. فقلت : خلّفته ورائي ، فقال : ادع الله عزّ وجلّ فليأتك به ، فدعوت الله عز وجلّ فإذا مثالك معي ، وإذا الملائكة وقوف صفوفا ، فقلت :
    يا جبرائيل !.. مَن هؤلاء ؟.. قال :
    هؤلاء الذين يباهي الله عز وجلّ بهم يوم القيامة ، فدنوت فنطقت بما كان وبما يكون إلى يوم القيامة ..
    والثانية : حين أُسري بي إلى ذي العرش عزّ وجلّ ، قال جبرائيل : أين أخوك يا محمد ؟!.. فقلت : خلّفته ورائي ، فقال : ادع الله عز وجلّ فليأتيك به ، فدعوت الله عز وجلّ فإذا مثالك معي ، وكُشط لي عن سبع سماوات حتى رأيت سكّانها وعمّارها وموضع كل ملك منها ..
    والثالثة : حيث بُعثت إلى الجنّ ، فقال لي جبرائيل : أين أخوك ؟.. فقلت : خلّفته ورائي ، فقال : ادع الله عز وجلّ فليأتك به ، فدعوت الله عز وجلّ فإذا أنت معي ، فما قلت لهم شيئاً ولا ردّوا عليّ شيئاً إلا سمعته ووعيته ..
    والرابعة : خُصصنا بليلة القدر وأنت معي فيها ، وليست لأحد غيرنا .. والخامسة : ناجيت الله عز وجلّ ومثالك معي ، فسألت فيك فأجابني إليها إلا النبوة فإنه قال : خصصتها بك ، وختمتها بك ..
    والسادسة : لما طفت بالبيت المعمور كان مثالك معي ..
    والسابعة : هلاك الأحزاب على يدي وأنت معي ..
    يا علي !.. إنّ الله أشرف إلى الدنيا ، فاختارني على رجال العالمين ، ثم اطلع الثانية فاختارك على رجال العالمين ، ثم اطلع الثالثة فاختار فاطمة على نساء العالمين ، ثم اطلع الرابعة فاختار الحسن والحسين والأئمة من ولدها على رجال العالمين .
    يا علي !.. إني رأيت اسمك مقروناً باسمي في أربعة مواطن ، فآنست بالنظر إليه :
    إني لما بلغت بيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على صخرتها :
    " لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أيدته بوزيره ، ونصرته به " فقلت :
    يا جبرائيل ومن وزيري ؟!.. فقال : علي بن أبي طالب (ع) ..
    فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا :
    " لا إله إلا الله أنا وحدي ، ومحمد صفوتي من خلقي ، أيدته بوزيره ونصرته به " ، فقلت :
    يا جبرائيل ومن وزيري ؟!.. فقال علي بن أبي طالب (ع) ..
    فلما جاوزت السدرة وانتهيت إلى عرش رب العالمين ، وجدت مكتوباً على قائمة من قوائم العرش :
    " لا إله إلا الله أنا وحدي ، محمد حبيبي وصفوتي من خلقي ، أيدته بوزيره وأخيه ونصرته به " .
    يا علي !.. إنّ الله عز وجلّ أعطاني فيك سبع خصال :
    أنت أول من ينشق القبر عنه .
    وأنت أول من يقف معي على الصراط فتقول للنار : خذي هذا فهو لك ، وذري هذا فليس هو لك .
    وأنت أول من يُكسى إذا كسيت ، ويجيء إذا جئت .
    وأنت أول من يقف معي عن يمين العرش .
    وأول من يقرع معي باب الجنة .
    وأول من يسكن معي عليين .
    وأول مَن يشرب معي من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون . ص390
    المصدر:
    أمالي الطوسي ص50


  • راية اليماني
    مشرف
    • 05-04-2013
    • 3021

    #2
    رد: تاريخ النبي محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) [مما روي عن أهل البيت (ع) ]

    باب دخوله الشِّعب وما جرى بعده إلى الهجرة ، وعرْض نفسه على القبائل ، وبيعة الأنصار ، وموت أبى طالب وخديجة رضى الله عنهما
    قال الصادق (ع) : لما توفي أبو طالب - رضي الله عنه - نزل جبرائيل على رسول الله (ص) فقال : يا محمد !.. اخرج من مكة ، فليس لك بها ناصرٌ ، وثارت قريش بالنبي (ص) ، فخرج هارباً حتى جاء إلى جبل بمكة يقال له الحجون فصار إليه . ص14
    المصدر:
    أصول الكافي ص449

    من معجزاته (ص) أنّ قريشاً كلهم اجتمعوا وأخرجوا بني هاشم إلى شعب أبي طالب ، ومكثوا فيه ثلاث سنين إلا شهراً ، ثم أنفق أبو طالب وخديجة جميع مالهما ، ولا يقدرون على الطعام إلا من موسم إلى موسم ، فلقوا من الجوع والعرى ما الله أعلم به ، وإنّ الله قد بعث على صحيفتهم الأرضة فأكلت كل ما فيها إلا اسم الله .
    فذكر ذلك رسول الله (ص) لأبي طالب ، فما راع قريشاً إلا وبني هاشم عنقٌ واحدٌ قد خرجوا من الشعب ، فقالوا : الجوع أخرجهم ، فجاءوا حتى أتوا الحجْر وجلسوا فيه ، وكان لا يقعد فيه صبيان قريش ، فقالوا :
    يا أبا طالب !.. قد آن لك أن تصالح قومك ، قال : قد جئتكم مخبراً ، ابعثوا إلى صحيفتكم لعلّه أن يكون بيننا وبينكم صلحٌ فيها ، فبعثوا إليها وهي عند أم أبي جهل ، وكانت قبل في الكعبة ، فخافوا عليها السرّاق ، فوضعت بين أيديهم وخواتيمهم عليها ، فقال أبو طالب : هل تنكرون منها شيئاً ؟.. قالوا : لا ، قال : إنّ ابن أخي حدّثني - ولم يكذبني قط - أنّ الله قد بعث على هذه الصحيفة الأرضة ، فأكلت كل قطيعة وإثم ، وتركت كل اسم هو لله فإن كان صادقاً أقلعتم عن ظلمنا ، وإن يكن كاذباً ندفعه إليكم فقتلتموه ، فصاح الناس : أنصفتنا يا أبا طالب !.. ففُتحت ثم أُخرجت فإذا هي مشربة كما قال (ص) ، فكبّر المسلمون وامتقعت وجوه المشركين ( أي تغيّر لونها ) ، فقال أبو طالب :
    أتبيّن لكم أيّنا أولى بالسحر والكهانة ؟.. فأسلم يومئذ عالمٌ من الناس ، ثم رجع أبو طالب إلى شِِعْبه ، ثم عيّرهم هشام بن عمرو العامري بما صنعوا ببني هاشم . ص17

    المصدر:
    الخرائج


    روى الزهري في قوله تعالى : { ولقد مكناهم } قال : لما توفي أبو طالب لم يجد النبي (ص) ناصراً ، ونثروا على رأسه التراب ، قال : ما نال مني قريش شيئاً حتى مات أبو طالب ، وكان يستتر من الرمي بالحجر الذي عند باب البيت من يسار من يدخل ، وهو ذراعٌ وشبرٌ في ذراع إذا جاءه من دار أبي لهب ودار عدي بن حمران ، وقالوا :
    لو كان محمد نبياً لشغلته النبوة عن النساء ، ولأمكنه جميع الآيات ، ولأمكنه منع الموت عن أقاربه ، ولما مات أبو طالب وخديجة فنزل : { ولقد أرسلنا رسلا من قبلك } . ص17

    المصدر:
    المناقب 1/61


    وفي سنة عشر من نبوته (ص) توفي أبو طالب ، قال ابن عباس : عارض رسول الله (ص) جنازة أبي طالب ، فقال : وصلتك رحم ، وجزاك الله خيرا يا عم !..
    وفي هذه السنة توفيت خديجة بعد أبي طالب بأيام ، ولما مرضت مرضها الذي توفيت فيه دخل عليها رسول الله (ص) فقال لها :
    بالكرُه مني ما أرى منك يا خديجة !.. وقد يجعل الله في الكره خيراً كثيراً ، أما علمتِِ أنّ الله قد زوّجني معك في الجنة : مريم بنت عمران ، وكلثم أخت موسى ، وآسية امرأة فرعون ، قالت : وقد فعل الله ذلك يا رسول الله ؟!.. قال : نعم ، قالت : بالرفاء ( أي الاتفاق والالتيام والبركة والنماء ) والبنين ، وتوفيت خديجة وهي بنت خمس وستين ، ودُفنت بالحجون ، ونزل رسول الله (ص) قبرها ولم يكن يومئذ سُنّة الجنازة والصلاة عليها . ص21

    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى ص65


    لما توفي أبو طالب وخديجة وكان بينهما شهرٌ وخمسة أيام اجتمعت على رسول الله (ص) مصيبتان ، فلزم بيته ، وأقلّ الخروج ، ونالت منه قريشٌ ما لم تكن تنال ولا تطمع .... ص21

    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى ص65


    لما توفي أبو طالب تناولت قريش من رسول الله (ص) ، فخرج إلى الطائف ومعه زيد بن حارثة ، وذلك في ليال بقين من شوال سنة عشر من النبوة ، فأقام بها عشرة أيام ، وقيل : شهرا ، فآذوه ورموه بالحجارة ، فانصرف إلى مكة ، فلما نزل نخلة صرف الله إليه النفر من الجنّ ، وروي أنه لما انصرف من الطائف عمد إلى ظلّ حبلة ( أي بستان ) من عنب ، فجلس فيه وقال :
    " اللهم!.. إني أشكو إليك ضعف قوتي ، وقلّة حيلتي ، وهواني على الناس ، أنت أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين ، وأنت ربي إلى من تكلني ؟.. إلى بعيد يتجهّمني ، أو إلى عدو ملّكته أمري ؟.. إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أُبالي ، ولكن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك ، أو يحل عليّ سخطُك ، لكن لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك ".ص22

    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى ص65


    ولما دخل مكة كان يقف بالموسم على القبائل فيقول : يا بني فلان !.. إني رسول الله إليكم ، يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، وكان خلفه أبو لهب فيقول : لا تطيعوه ، وأتى رسول الله (ص) كندة في منازلهم فدعاهم إلى الله عزّ وجلّ فأبوا ، وأتى كلباً في منازلهم ، فلم يقبلوا منه ، وأتى بني حنيفة في منازلهم فردّوا عليه أقبح ردّ . ص 23

    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى ص65


    كان النبي (ص) يعرض نفسه على قبائل العرب في الموسم ، فلقي رهطاً من الخزرج فقال : ألا تجلسون أحدّثكم ؟.. قالوا : بلى ، فجلسوا إليه فدعاهم إلى الله ، وتلا عليهم القرآن ، فقال بعضهم لبعض : يا قوم تعلمون ؟!.. والله إنه النبي الذي كان يوعدكم به اليهود ، فلا يسبقنكم إليه أحدٌ ..
    فأجابوه وقالوا له : إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشرّ مثل ما بينهم ، وعسى أن يجمع الله بينهم بك ، فستقدم عليهم وتدعوهم إلى أمرك وكانوا ستة نفر ، قال : فلما قدموا المدينة فأخبروا قومهم بالخبر ، فما دار حولٌ إلا وفيها حديث رسول الله (ص) حتى إذا كان العام المقبل أتى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلاً ، فلقوا النبي (ص) فبايعوه على بيعة النساء ألا يشركوا بالله شيئا ، ولا يسرقوا إلى آخرها ، ثم انصرفوا ، وبعث معهم مصعب بن عمير يصلّي بهم ، وكان بينهم بالمدينة يسمى المقرئ ، فلم يبق دارٌ في المدينة إلا وفيها رجالٌ ونساءٌ مسلمون إلا دار أمية وحطيمة ووائل وهم من الأوس ، ثم عاد مصعب إلى مكة.
    وخرج مَن خرج من الأنصار إلى الموسم مع حجاج قومهم ، فاجتمعوا في الشِّعْب عند العقبة ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان في أيام التشريق بالليل ، فقال (ص) : أبايعكم على الإسلام ، فقال له بعضهم : نريد أن تعرّفنا يا رسول الله ما لله علينا ، وما لك علينا ، وما لنا على الله ؟..
    فقال : أما ما لله عليكم فأن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأما ما لي عليكم فتنصرونني مثل نسائكم وأبنائكم ، وأن تصبروا على عضّ السيف وإن يُقتل خياركم ، قالوا : فإذا فعلنا ذلك ما لنا على الله ؟..
    قال : أما في الدنيا فالظهور على مَن عاداكم ، وفي الآخرة رضوانه والجنة ، فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال : والذي بعثك بالحقّ لنمنعك بما نمنع به أزُرنا ( أي نساءنا ) ، فبايعْنا يا رسول الله !.. فنحن والله أهل الحروب ، وأهل الحلفة ، ورثناها كبارا عن كبار .
    فقال أبو الهيثم : إن بيننا وبين الرجال حبالا ، وإنا إن قطعناها أو قطعوها فهل عسيت إن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟.. فتبسّم رسول الله (ص) ، ثم قال : بل الدم الدم ، والهدم الهدم ، أُحارب مَن حاربتم وأُسالم مَن سالمتم ، ثم قال : أخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيباً فاختاروا ، ثم قال : أُبايعكم كبيعة عيسى بن مريم للحواريين كفلاء على قومهم بما فيهم ، وعلى أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم ، فبايعوه على ذلك ..
    فصرخ الشيطان في العقبة : يا أهل الجباجب ( اسم مكان ) !.. هل لكم في محمد والصباة معه ؟.. قد اجتمعوا على حربكم ، ثم نفر الناس من منى ، وفشا الخبر فخرجوا في الطلب فأدركوا سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو ، فأما المنذر فأعجز القوم ، وأما سعد فأخذوه وربطوه بنسع (سير أو حبل عريض طويل تُشدّ به الرحل ) رحله ، وأدخلوه مكة يضربونه ، فبلغ خبره إلى جبير بن مطعم والحارث بن حرب بن أمية فأتياه وخلّصاه ، وكان النبي (ص) لم يؤمر إلا بالدعاء والصبر على الأذى ، والصفح عن الجاهل ، فطالت قريش على المسلمين ، فلما كثُر عتوهم أُمر بالهجرة . ص26

    المصدر:
    المناقب 1/156







    باب الهجرة ومباديها ، ومبيت علي (ع) في فراش النبي (ص) ، وما جرى بعد ذلك إلى دخول المدينة
    قال النبي (ص) : مّن فرّ بدينه من أرض إلى أرض - وإن كان شبراً من الأرض - استوجب الجنة ، وكان رفيق إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وآلهما . ص31
    المصدر:
    مجمع البيان 3/98

    وأورد الغزالي في كتاب إحياء العلوم ، أنّ ليلة بات علي بن أبي طالب (ع) على فراش رسول الله (ص) أوحى الله تعالى إلى جبرائيل وميكائيل أني آخيت بينكما ، وجعلت عُمْر أحدكما أطول من عمر الآخر ، فأيكما يُؤثر صاحبه بحياته ؟.. فاختار كلٌ منهما الحياة وأحباها .
    فأوحى الله تعالى إليهما : أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب (ع) ، آخيت بينه وبين محمد ، فبات على فراشه يفديه بنفسه ، ويؤثره بالحياة ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه ، فكان جبرائيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وجبرائيل (ع) ينادي : بخ بخ ، مَن مثلك يا بن أبي طالب ؟.. يباهي الله بك الملائكة ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد }. ص40

    المصدر:
    إحياء العلوم


    قال أمير المؤمنين (ع) في جواب اليهودي الذي سأل عمّا فيه من علامات الأوصياء ، فقال فيما قال : ..... وأما الثانية يا أخا اليهود !.. فإنّ قريشاً لم تزل تخيل الآراء ، وتعمل الحيل في قتل النبي (ص) حتى كان آخر ما اجتمعت في ذلك يوم الدار- دار الندوة - وإبليس الملعون حاضرٌ في صورة أعور ثقيف ، فلم تزل تضرب أمرها ظهراً لبطن حتى اجتمعت آراؤها على أن يُنتدب من كل فخذ من قريش رجلٌ ، ثم يأخذ كلّ رجلٍ منهم سيفه ، ثم يأتي النبي (ص) وهو نائمٌ على فراشه ، فيضربونه جميعاً بأسيافهم ضربة رجل واحد فيقتلوه ، فإذا قتلوه منعت قريش رجالها ولم تسلّمها فيمضي دمه هدرا.
    فهبط جبرائيل (ع) على النبي (ص) فأنبأه بذلك ، وأخبره بالليلة التي يجتمعون فيها ، والساعة التي يأتون فراشه فيها ، وأمره بالخروج في الوقت الذي خرج فيه إلى الغار ، فأخبرني رسول الله (ص) بالخبر ، وأمرني أن أضطجع في مضجعه وأقيه بنفسي .
    فأسرعت إلى ذلك مطيعا له مسروراً لنفسي بأن أُقتل دونه ، فمضى (ص) لوجهه ، واضطجعت في مضجعه ، وأقبلت رجالات قريش موقنةً في أنفسها أن تقتل النبي (ص) ، فلما استوى بي وبهم البيت الذي أنا فيه ، ناهضتهم بسيفي ، فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الله والناس ، ثم أقبل على أصحابه فقال : أليس كذلك ؟..قالوا : بلى يا أمير المؤمنين !.. ص47

    المصدر:
    الخصال 2/14


    قال رسول الله (ص) لعلي (ع) : يا علي !.. أنت مني بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد ، والروح من البدن ، حُبّبت إليّ كالماء البارد إلى ذي الغلّة الصادي .... الخبر . ص82

    المصدر:
    تفسير الإمام ص189


    خرج علي (ع) إلى المدينة ماشياً على رجليه فتورّمت قدماه ، فلما قدم المدينة رآه النبي (ص) ، فاعتنقه وبكى رحمةً مما رأى بقدميه من الورم ، وإنما يقطران دما ، فدعا له بالعافية ، ومسح رجليه فلم يشكهما بعد ذلك . ص85

    المصدر:
    إعلام الورى ص113


    قال رسول الله (ص) : نزل عليّ جبرائيل صبيحة يوم الغار ، فقلت : حبيبي جبرائيل !.. أراك فرحا ، فقال : يا محمد !.. وكيف لا أكون كذلك ؟.. وقد قرّت عيني بما أكرم الله به أخاك ووصيك وإمام أمتك علي بن أبي طالب (ع) ، فقلت : بماذا أكرمه الله ؟.. قال : باهى بعبادته البارحة ملائكته ، وقال : ملائكتي !.. انظروا إلى حجتي في أرضي بعد نبيّي وقد بذل نفسه ، وعفّر خده في التراب تواضعاً لعظمتي ، أشهدكم أنه إمام خلقي ومولى بريتي.ص87

    المصدر:
    كنز ص40


    قال الصادق (ع) : إنّ رسول الله (ص) لما خرج من الغار متوجهاً إلى المدينة وقد كانت قريش جعلت لمن أخذه مائة من الإبل ، فخرج سراقة بن مالك بن جعشم فيمن يطلب فلحق برسول الله (ص) ، فقال رسول الله (ص) : اللهم!.. اكفني شرّ سراقة بما شئت ، فساخت قوائم فرسه فثنى رجله ثم اشتدّ .
    فقال : يا محمد !.. إني علمت أنّ الذي أصاب قوائم فرسي إنما هو من قِبَلك ، فادع الله أن يطلق لي فرسي ، فلعمري إن لم يصبكم خيرٌ مني لم يصبكم مني شرٌّ ، فدعا رسول الله (ص) فأطلق الله عزّ وجلّ فرسه ، فعاد في طلب رسول الله (ص) حتى فعل ذلك ثلاث مرات ، كل ذلك يدعو رسول الله فيأخذ الأرض قوائم فرسه .
    فلما أطلقه في الثالثة قال : يا محمد !.. هذه إبلي بين يديك فيها غلامي ، وإن احتجت إلى ظهر أو لبن فخذ منه ، وهذا سهمٌ من كنانتي علامة ، وأنا أرجع فأردّ عنك الطلب ، فقال : لا حاجة لي فيما عندك.ص89

    المصدر:
    روضة الكافي ص263


    قال الباقر (ع) في قوله { إنّ من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم } : وذلك أنّ الرجل كان إذا أراد الهجرة إلى رسول الله (ص) تعلّق به ابنه وامرأته ، فقالوا :
    ننشدك الله أن تذهب عنا وتدعنا فنضيع بعدك ، فمنهم مَن يطيع أهله فيقيم ، فحذّرهم الله أبناءهم ونساءهم ، ونهاهم عن طاعتهم ، ومنهم مَن يمضي ويذرهم ويقول : أما والله لئن لم تهاجروا معي ، ثم جمع الله بيني وبينكم في دار الهجرة لا أنفعكم بشيء أبداً ، فلما جمع الله بينه وبينهم أمره الله أن يبوء بحسنٍ وبصلةٍ ، فقال :
    { وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فان الله غفور رحيم } . ص89

    المصدر:
    تفسير القمي ص683


    *

    المصدر:
    الإقبال ص592

    بيــان:
    ذكْر ما فتحه الله علينا من أسرار هذه المهاجرة وما فيها من العجائب الباهرة :
    منها : تعريف الله جلّ جلاله لعباده ، لو أراد قهر أعداء رسوله محمد (ص) ما كان يحتاج إلى مهاجرته ليلاً على تلك المساترة ، وكان قادرا أن ينصره وهو بمكة من غير مخاطرة ، بآيات وعنايات باهرة ، كما أنه كان قادراً أن ينصر عيسى بن مريم (ع) على اليهود بالآيات والعساكر والجنود ، فلم تقتضِ الحكمة الإلهية إلا رفعه إلى السماوات العليّة ، ولم يكن له مصلحةٌ في مقامه في الدنيا بالكلّية .
    فليكن العبد راضياً بما يراه مولاه له من التدبير في القليل والكثير ، ولا يكن الله جلّ جلاله دون وكيل الإنسان في أموره الذي يرضى بتدبيره ، ولا دون جاريته أو زوجته في داره التي يثق إليها في تدبير أموره ....
    ومن أسرار هذه المهاجرة أنّ مولانا عليا (ع) بات على فراش المخاطرة وجاد بمهجته لمالك الدنيا والآخرة ، ولرسوله (ص) فاتح أبواب النعم الباطنة والظاهرة ، ولولا ذلك المبيت واعتقاد الأعداء أنّ النائم على الفراش هو سيد الأنبياء (ص) ، لما كانوا صبروا عن طلبه إلى النهار حتى وصل إلى الغار ، فكانت سلامة صاحب الرسالة من قِبَل أهل الضلالة صادرةً عن تدبير الله جلّ جلاله بمبيت مولانا علي (ع) في مكانه ، وآيةً باهرةً لمولانا علي (ع) شاهدة بتعظيم شأنه ....
    ومنها : أنّ هذا الاستسلام من مولانا علي (ع) للقتل وفديه النبي (ص) أظهر مقاماً وأعظم تماماً من استسلام جدّه الذبيح إسماعيل لإبراهيم الخليل (ع) ، لأنّ ذلك استسلامٌ لوالد شفيق ، يجوز معه أن يرحمه الله جلّ جلاله ويقيله من ذبح ولده ، كما جرى الحال عليه من التوفيق ، ومولانا علي (ع) استسلم للأعداء الذين لا يرحمون ولا يُرجون لمسامحة في البلاء ....
    ومنها : أنّ العادة قاضيةٌ وحاكمةٌ أنّ زعيم العسكر إذا اختفى واندفع عن مقام الأخطار وانكسر عَلَم القوة والاقتدار ، فإنه لا يكلّف رعيته المعلّقون عليه أن يقفوا موقفاً قد فارقه زعيمهم ، وكان معذوراً في ترك الصبر عليه ، ومولانا علي (ع) كُلّف الصبر والثبات على مقامات قد اختفى فيها زعيمه الذي يعوّل عليه ، وانكسر عَلَم القوة الذي تنظر عيون الجيش إليه ، فوقف مولانا علي (ع) وزعيمه غير حاضر ، فهو موقف قاهر ، فهذا فضلٌ من الله جلّ جلاله لمولانا علي (ع) باهرٌ ، بمعجزات تخرق عقول ذوي الألباب ، ويكشف لك أنه القائم مقامه في الأسباب....
    ومنها : أنّ فدية مولانا علي (ع) لسيدنا رسول الله (ص) كانت من أسباب التمكين من مهاجرته ، ومن كل ما جرى من السعادات والعنايات بنبوته ، فيكون مولانا علي (ع) قد صار من أسباب التمكين من كل ما جرت حال الرسالة عليه ومشاركا في كل خير فعله النبي (ص) ، وبلغ حاله إليه ، وقد اقتصرتُ في ذكر أسرار المهاجرة الشريفة النبوية على هذه المقامات الدينية ، ولو أردت بالله جلّ جلاله أوردت مجلداً منفرداً في هذه الحال ، ولكن هذا كافٍ شافٍ للمنصفين وأهل الإقبال . ص89






    باب نزوله (ص) المدينة ، وبناؤه المسجد والبيوت ، وجمل أحواله إلى شروعه في الجهاد
    كان سلمان الفارسي عبداً لبعض اليهود ، وقد كان خرج من بلاده من فارس يطلب الدين الحنيف الذي كان أهل الكتب يخبرونه به ، فوقع إلى راهب من رهبان النصارى بالشام ، فسأله عن ذلك وصحبه ، فقال : اطلبه بمكة ، فثَمّ مخرجه واطلبه بيثرب فثَمّ مهاجره ، فقصد يثرب فأخذه بعض الأعراب فسبوه ، واشتراه رجلٌ من اليهود ، فكان يعمل في نخله ، وكان في ذلك اليوم على النخلة يصرمها ، فدخل على صاحبه رجلٌ من اليهود فقال :
    يا أبا فلان !.. أشعرتَ أنّ هؤلاء المسلمة قد قدم عليهم نبيّهم ؟.. فقال سلمان : جُعلت فداك ما الذي تقول ؟!.. فقال له صاحبه :
    ما لك وللسؤال عن هذا ؟.. أقبل على عملك ، فنزل وأخذ طبقاً فصيّر عليه من ذلك الرطب وحمله إلى رسول الله (ص) ، فقال له رسول الله (ص) :
    ما هذا ؟.. قال :
    هذه صدقة تمورنا ، بلغنا أنكم قومٌ غرباء قدمتم هذه البلاد فأحببت أن تأكلوا من صدقاتنا ، فقال رسول الله (ص) : سمّوا وكلوا ، فقال سلمان في نفسه وعقد بأصبعه : هذه واحدة يقولها بالفارسية ، ثم أتاه بطبق آخر فقال له رسول الله (ص) : ما هذا ؟.. فقال له سلمان :
    رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هديةٌ أهديتها إليك فقال (ص) : سمّوا وكلوا وأكل (ع) ، فعقد سلمان بيده اثنتين ، وقال :
    هذه آيتان - يقولها بالفارسية - ثم دار خلفه فألقى رسول الله (ص) عن كتفه الإزار ، فنظر سلمان إلى خاتم النبوة والشامة فأقبل يقبّلها .. فقال له رسول الله (ص) : مَن أنت ؟.. قال :
    أنا رجلٌ من أهل فارس قد خرجت من بلادي منذ كذا وكذا ، وحدّثه بحديثه.ص106
    المصدر:
    إعلام الورى ص42

    أرخى (ص) زمام ناقته ، ومرّت تخب به حتى انتهت إلى باب المسجد الذي هو اليوم ، ولم يكن مسجدا ، إنما كان مربدا ( أي موضع حبس الغنم والإبل ) ليتيمين من الخزرج يُقال لهما سهل وسهيل ، وكانا في حجر أسعد بن زرارة ، فبركت الناقة على باب أبي أيوب خالد بن زيد ، فنزل عنها رسول الله (ص) ، فلما نزل اجتمع عليه الناس وسألوه أن ينزل عليهم ، فوثبت أم أبي أيوب إلى الرحل فحلّته فأدخلته منزلها ، فلما أكثروا عليه قال رسول الله (ص) : أين الرحل ؟.. فقالوا :
    أم أبي أيوب قد أدخلته بيتها ، فقال (ص) : المرء مع رحله .
    وأخذ أسعد بن زرارة بزمام الناقة فحوّلها إلى منزله وكان أبو أيوب له منزل أسفل وفوق المنزل غرفة ، فكره أن يعلو رسول الله فقال :
    يا رسول الله !.. بأبي أنت وأمي ، العلو أحبّ إليك أم السفل ؟.. فإني أكره أن أعلو فوقك ، فقال (ص) : السفل أرفق بنا لمن يأتينا .. قال أبو أيوب :
    فكنا في العلو أنا وأمي ، فكنت إذا استقيت الدلو أخاف أن يقع منه قطرة على رسول الله (ص) ، وكنت أصعد وأمي إلى العلو خفيا من حيث لا يعلم ولا يحسّ بنا ولا نتكلم إلا خفيا ، وكان إذا نام (ص) لا نتحرك ، وربما طبخنا في غرفتنا فنجيف ( نردّ ) الباب على غرفتنا مخافةَ أن يصيب رسول الله (ص) دخانٌ ، ولقد سقطت جرّةٌ لنا وأُهريق الماء ، فقامت أم أبي أيوب إلى قطيفة لم يكن لنا والله غيرها ، فألقتها على ذلك الماء تستنشف به مخافةَ أن يسيل على رسول الله (ص) من ذلك شيءٌ .ص109

    المصدر:
    إعلام الورى ص42


    قال (ص) لأسعد بن زرارة : اشتر هذا المربد من أصحابه ، فساوم اليتيمين عليه فقالا : هو لرسول الله ، فقال رسول الله (ص) : لا إلا بثمن ، فاشتراه بعشرة دنانير ، وكان فيه ماءٌ مستنقعٌ ، فأمر به رسول الله فسيل ، وأمر باللبن فضُرب ، فبناه رسول الله (ص) فحفره في الأرض ، ثم أمر بالحجارة فنُقلت من الحرّة ، فكان المسلمون ينقلونها ، فأقبل رسول الله (ص) يحمل حجراً على بطنه ، فاستقبله أسيد بن حضير فقال :
    يا رسول الله !.. أعطني أحمله عنك ، قال : لا ، اذهبْ فاحمل غيره .
    فنقلوا الحجارة ورفعوها من الحفرة حتى بلغ وجه الأرض ، ثم بناه أولا بالسعيدة : لبنة لبنة ، ثم بناه بالسميط : وهو لبنة ونصف ، ثم بناه بالأنثى والذكر : لبنتين مخالفتين ، ورفع حائطه قامةً ، وكان مؤخّره مائة ذراع .
    ثم اشتدّ عليهم الحرّ فقالوا : يا رسول الله !.. لو أظللت عليه ظلا ، فرفع (ص) أساطينه في مقدم المسجد إلى ما يلي الصحن بالخشب ، ثم ظلّله وألقى عليه سعف النخل فعاشوا فيه ، فقالوا : يا رسول الله !.. لو سقّفت سقفا ، قال : لا عريش كعريش موسى ، الأمر أعجل من ذلك ، وابتنى رسول الله (ص) منازله ومنازل أصحابه حول المسجد ، وخطّ لأصحابه خططا ، فبنوا فيه منازلهم ، وكلٌّ شرع منه باباً إلى المسجد وخطّ لحمزة وشرع بابه إلى المسجد ، وخطّ لعلي بن أبي طالب (ع) مثل ما خطّ لهم ، وكانوا يخرجون من منازلهم فيدخلون المسجد .
    فنزل عليه جبرائيل فقال : يا محمد !.. إنّ الله يأمرك أن تأمر كلّ مَن كان له بابٌ إلى المسجد أن يسدّه ، ولا يكون لأحد بابٌ إلى المسجد إلا لك ولعلي (ع) ، ويحلّ لعلي فيه ما يحلّ لك ، فغضب أصحابه وغضب حمزة ، وقال : أنا عمه يأمر بسد بابي ، ويترك باب ابن أخي وهو أصغر مني ، فجاءه فقال :
    يا عم !.. لا تغضبن من سدّ بابك وترك باب علّي ، فوالله ما أنا أمرت بذلك ، ولكنّ الله أمر بسد أبوابكم وترك باب علّي ، فقال : يا رسول الله !.. رضيت وسلّمت لله ولرسوله .ص112

    المصدر:
    إعلام الورى ص42


    وكان رسول الله (ص) حيث بنى منازله كانت فاطمة (ع) عنده ، فخطبها أبو بكر فقال رسول الله : أنتظر أمر الله ، ثم خطبها عمر فقال مثل ذلك ، فقيل لعلّي (ع) : لِمَ لا تخطب فاطمة ؟.. فقال : والله ما عندي شيءٌ ، فقيل له : إنّ رسول الله (ص) لا يسألك شيئاً ، فجاء إلى رسول الله (ص) فاستحيى أن يسأله فرجع ، ثم جاءه في اليوم الثاني فاستحيى فرجع ، ثم جاءه في اليوم الثالث ، فقال له رسول الله (ص) يا علّي ألك حاجة ؟!.. قال : بلى يا رسول الله !.. فقال : لعلّك جئت خاطباً ؟.. قال : نعم يا رسول الله !.. قال له رسول الله : هل عندك شيءٌ يا علي ؟!.. قال :
    ما عندي يا رسول الله شيءٌ إلا درعي !.. فزوّجه رسول الله على اثنتي عشرة أوقية ونشّ ( أي نصف ) ، ودفع إليه درعه فقال له رسول الله (ص) :
    هيّئ منزلا حتى تحوّل فاطمة إليه .. فقال علي (ع) :
    يا رسول الله !.. ما ههنا منزلٌ إلا منزل حارثة بن النعمان ، وكان لفاطمة (ع) يوم بنى بها أمير المؤمنين (ع) تسع سنين ، فقال رسول الله (ص) : والله لقد استحيينا من حارثة بن النعمان قد أخذنا عامة منازله ، فبلغ ذلك حارثة ، فجاء إلى رسول الله (ص) فقال :
    يا رسول الله !.. أنا ومالي لله ولرسوله ، والله ما شيءٌ أحبّ إليّ مما تأخذه والذي تأخذه أحبّ إليّ مما تتركه ، فجزاه رسول الله (ص) خيرا .
    فحُوّلت فاطمة إلى علي (ع) في منزل حارثة ، وكان فراشهما إهاب كبش ، جعلا صوفه تحت جنوبهما . ص113

    المصدر:
    إعلام الورى ص42


    سألت الصادق (ع) : إنا نأتي المساجد التي حول المدينة فبأيها أبدأ ؟.. فقال :
    ابدأ بقباء فصلّ فيه وأكثر ، فإنه أول مسجد صلّى فيه رسول الله (ص) في هذه العرصة ، ثم ائت مشربة أم إبراهيم فصلّ فيها ، وهي مسكن رسول الله (ص) ومصلاّه ، ثم تأتي مسجد الفضيخ ، فتصلّي فيه فقد صلّى فيه نبيك (ص).ص120

    المصدر:
    فروع الكافي 1/318


    لما قدم النبي (ص) المدينة تعلّق الناس بزمامٍ الناقة فقال النبي (ص) : يا قوم !.. دعوا الناقة فهي مأمورةٌ ، فعلى باب مَن بركَت فأنا عنده ، فأطلقوا زمامها وهي تهفّ في السير حتى دخلت المدينة ، فبركت على باب أبي أيوب الأنصاري ، ولم يكن في المدينة أفقر منه ، فانقطعت قلوب الناس حسرةً على مفارقة النبي (ص) .. فنادى أبو أيوب :
    يا أماه !.. افتحي الباب ، فقد قدم سيد البشر ، وأكرم ربيعة ومضر ، محمد المصطفى ، والرسول المجتبى ، فخرجت وفتحت الباب وكانت عمياء فقالت : واحسرتاه !.. ليت كانت لي عينٌ أبصر بها وجه سيدي رسول الله (ص) ، فكان أول معجزة النبي (ص) في المدينة أنه وضع كفّه على وجه أم أبي أيوب فانفتحت عيناها . ص121

    المصدر:
    المناقب 1/115






    باب نوادر الغزوات وجوامعها وما جرى بعد الهجرة إلى غزوة بدر الكبرى ، وفيه غزوة العشيرة ، وبدر الكبرى ، وبدر الأولى والنخلة
    قال الصادق (ع) : كان رسول الله (ص) إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه ، ثم يقول :
    سيروا بسم الله وبالله ، وفي سبيل الله ، وعلى ملّة رسول الله (ص) ، ولا تغلّوا ، ولا تمثّلوا ، ولا تغدروا ، ولا تقتلوا شيخا فانياً ولا صبياً ولا امرأةً ، ولا تقطعوا شجراً إلا أن تضطرّوا إليها ، وأيما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى رجل من المشركين ، فهو جارٌ حتى يسمع كلام الله ، فإن تبعكم فأخوكم في الدين ، وإن أبى فأبلغوه مأمنه ، واستعينوا بالله عليه . ص177
    المصدر:
    فروع الكافي 1/334

    قال الصادق (ع) : إنّ النبي (ص) بعث بسرية فلما رجعوا قال :
    مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر ، وبقي الجهاد الأكبر ، قيل : يا رسول الله!.. وما الجهاد الأكبر ؟.. قال : جهاد النفس . ص182

    المصدر:
    فروع الكافي 1/330


    قال علي (ع) : اعتمّ أبو دجانة الأنصاري ، وأرخى عذبة العمامة من خلفه بين كتفيه ، ثم جعل يتبختر بين الصفين ، فقال رسول الله (ص) :
    إنّ هذه لمشية يبغضها الله تعالى إلا عند القتال . ص183

    المصدر:
    نوادر الراوندي ص20


    قال الباقر أو الصادق (ع) : إنّ رسول الله (ص) خرج بالنساء في الحرب حتى يداوين الجرحى ، ولم يقسّم لهنّ من الفيء ، ولكنه نفلهن . ص184

    المصدر:
    فروع الكافي 1/340






    باب غزوة بدر الكبرى
    { وينزّل عليكم من السماء ماء } أي مطرا { ليطهّركم به } ، وذلك لأنّ المسلمين قد سبقهم الكفار إلى الماء ، فنزلوا على كثيب رمل ، وأصبحوا محدِثين مجنبين ، وأصابهم الظمأ ، ووسوس إليهم الشيطان ، وقال : إنّ عدوكم قد سبقكم إلى الماء وأنتم تصلّون مع الجنابة والحدث ، وتسوخ أقدامكم في الرمل !..
    فمطرهم الله حتى اغتسلوا به من الجنابة ، وتطهّروا به من الحدث ، وتلبّدت به أرضهم ، وأوحلت أرض عدوهم ، { ويذهب عنكم رجز الشيطان } أي وسوسته بما مضى ذكره ، أو الجنابة التي أصابتكم بالاحتلام ، { وليربط على قلوبكم } أي وليشدّ على قلوبكم أي يشجعها ، { ويثّبت به الأقدام } بتلبيد الأرض ، وقيل : بالصبر وقوة القلب.ص223
    المصدر:
    مجمع البيان 4/520

    فلما نظرت قريش إلى قلّة أصحاب رسول الله (ص) قال أبو جهل : ما هم إلا أكلة رأس ، لو بعثنا إليهم عبيدنا لأخذوهم أخذاً باليد ، وقال عتبة بن ربيعة : أترى لهم كميناً أو مدداً ؟.. فبعثوا عمر بن وهب الجمحي وكان فارساً شجاعاً ، فجال بفرسه حتى طاف على عسكر رسول الله (ص) ، ثم رجع فقال : ما لهم كمين ولا مدد ، ولكن نواضح يثرب قد حملت الموت الناقع ، أما ترونهم خرسا لا يتكلّمون ، يتلّمظون تلّمظ الأفاعي ، ما لهم ملجأ إلا سيوفهم وما أراهم يولّون حتى يُقتلوا ، ولا يُقتلون حتى يقَتلوا بعددهم ، فارتؤا رأيكم ، فقال له أبو جهل : كذبتَ وجبنتَ .
    فأنزل الله سبحانه { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها } ، فبعث إليهم رسول الله (ص) فقال : يا معاشر قريش !.. إني أكره أن أبدأكم ، فخلّوني والعرب وارجعوا .. فقال عتبة : ما ردّ هذا قوم قطّ فأفلحوا ، ثم ركب جملاً له أحمر ، فنظر إليه رسول الله (ص) وهو يجول بين العسكرين وينهى عن القتال ، فقال (ص) : إن يكُ عند أحد خيرٌ فعند صاحب الجمل الأحمر ، وإن يطيعوه يُرشدوا ..
    وخطب عتبة فقال في خطبته : يا معاشر قريش !.. أطيعوني اليوم ، واعصوني الدهر ، إنّ محمدا له إلٌّ ( أي عهد ) وذمةٌ ، وهو ابن عمكم فخلّوه والعرب ، فإن يكُ صادقاً فأنتم أعلى عيناً به ، وإن يكُ كاذباً كفتكم ذؤبان العرب أمره ، فغاظ أبا جهل قوله وقال له : جبنتَ وانتفخ سحرك . الخبر .ص224

    المصدر:
    مجمع البيان 4/520


    برز حمزة لعتبة ، وبرز عبيدة لشيبة ، وبرز علّي للوليد ، فقتل حمزة عتبة ، وقتل عبيدة شيبة ، وقتل علّي الوليد ، وضرب شيبة رِجلَ عبيدة فقطعها فاستنقذه حمزة وعلّي ، وحمل عبيدةَ حمزةُ وعلّيٌ حتى أتيا به رسول الله (ص) فاستعبر ، فقال : يا رسول الله ألستُ شهيدا ؟!.. قال : بلى أنت أول شهيد من أهل بيتي ، وقال أبو جهل لقريش : لا تعجلوا ولا تبطروا كما بطر ابنا ربيعة ، عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جزراً ، وعليكم بقريش فخذوهم أخذاً حتى ندخلهم مكة ، فنعّرفهم ضلالتهم التي هم عليها .
    وجاء إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم ، فقال لهم : أنا جارٌ لكم ، ادفعوا إليّ رايتكم ، فدفعوا إليهم راية الميسرة وكانت الراية مع بني عبد الدار ، فنظر إليه رسول الله (ص) فقال لأصحابه : غضّوا أبصاركم ، وعضّوا على النواجد ، ورفع يده فقال : يا رب !.. إن تَهلك هذه العصابة لا تُعبد ، ثم أصابه الغشي فسُري عنه ، وهو يسلت (أي يمسح) العرق عن وجهه فقال : هذا جبرائيل قد أتاكم في ألف من الملائكة مردفين .ص226

    المصدر:
    مجمع البيان 4/520


    وروى أبو أمامة بن سهل بن حنيف ، عن أبيه قال : لقد رأينا يوم بدر وإنّ أحدنا يشير بسيفه إلى المشرك ، فيقع رأسه من جسده قبل أن يصل إليه السيف.ص226

    المصدر:
    مجمع البيان 4/520


    قال ابن عباس : حدّثني رجلٌ من بني غفار قال : أقبلتُ أنا وابن عم لي ، حتى صعدنا في جبل يُشرف بنا على بدر ، ونحن مشركان ننتظر الوقعة على من تكون الدبرة ( أي الهزيمة ) ، فبينا نحن هناك إذ دنت منا سحابةٌ فسمعنا فيها حمحمة الخيل ، فسمعنا قائلاً يقول : أقدم حيزوم !.. وقال : فأما ابن عمي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه ، وأما أنا فكدت أهلك ، ثم تماسكت.ص226

    المصدر:
    مجمع البيان 4/520


    قال أبو رافع مولى رسول الله (ص) : كنت غلاماً للعباس بن عبد المطلب وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت ، وأسلمتْ أم الفضل وأسلمتُ ، وكان العباس يهاب قومه ويكره أن يخالفهم وكان يكتم إسلامه ، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه ، وكان أبو لهب عدو الله قد تخلّف عن بدر ، وبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة ، وكذلك صنعوا لم يتخلّف رجلٌ إلا بعث مكانه رجلاً .
    فلما جاء الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش ، كبته الله وأخزاه ووجدنا في أنفسنا قوةً وعزّاً ، قال : وكنت رجلاً ضعيفاً ، وكنت أعمل القداح أنحتها في حجرة زمزم ، فوالله إني لجالسٌ فيها أنحت القدح وعندي أم الفضل جالسة ، وقد سرّنا ما جاءنا من الخبر إذ أقبل الفاسق أبو لهب يجرّ رجليه حتى جلس على طنب الحجرة ، وكان ظهره إلى ظهري ، فبينا هو جالسٌ إذ قال الناس : هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وقد قدم .
    فقال أبو لهب : هلمّ إليّ يا بن أخي !.. فعندك الخبر ، فجلس إليه والناس قيامٌ عليه ، فقال :
    يا بن أخي !.. أخبرني كيف كان أمر الناس ؟.. قال : لا شيء ، والله إن كان إلا أن لقيناهم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا ويأسرونا كيف شاؤا ، وأيم الله مع ذلك ما لمت الناس ، لقينا رجالاً بيضاً على خيل بلقٍ بين السماء والأرض ما تليق شيئاً ولا يقوم لها شيءٌ .
    قال أبو رافع : فرفعت طرف الحجرة بيدي ثم قلت : تلك الملائكة ، فرفع أبو لهب يده فضرب وجهي ضربةً شديدةً فثاورته فاحتملني وضرب بي الأرض ، ثم برك عليّ يضربني وكنت رجلاً ضعيفاً ، فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة ، فأخذته فضربته ضربةً فلقت رأسه شجة منكرة ، وقالت : تستضعفه إن غاب عنه سيده ، فقام مولّياً ذليلاً .
    فوالله ما عاش إلا سبع ليالٍ حتى رماه الله بالعدسة ( مرض من جنس الطاعون ) فقتله ، ولقد تركه ابناه ليلتين أو ثلاثة ما يدفنانه حتى أنتن في بيته ، وكانت قريش تتقي العدسة كما يتقي الناس الطاعون ، حتى قال لهما رجلٌ من قريش : ألا تستحيان أنّ أباكما قد أنتن في بيته لا تغيّبانه ؟.. فقالا : إنا نخشى هذه القرحة ، قال : فانطلقا فأنا معكما ، فما غسّلوه إلا قذفا بالماء عليه من بعيد ما يمسّونه ، ثم احتملوه فدفنوه بأعلى مكة إلى جدار ، وقذفوا عليه الحجارة حتى واروه . ص228

    المصدر:
    مجمع البيان 4/520


    كان الذي أسر العباس أبا اليسر كعب بن عمرو أخا بني سلمة ، وكان أبو اليسر رجلاً مجموعاً ، وكان العباس رجلاً جسيماً ، فقال رسول الله (ص) لأبي اليسر : كيف أسرت العباس يا أبا اليسر ؟!.. فقال : يا رسول الله (ص) !.. لقد أعانني عليه رجلٌ ما رأيته قبل ذلك ولا بعده ، هيئته كذا وكذا ، فقال : لقد أعانك عليه مَلَكٌ كريم . ص228

    المصدر:
    مجمع البيان 4/520


    {وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم } أي حسّنها في نفوسهم ، وذلك أنّ إبليس حسّن لقريش مسيرهم إلى بدر لقتال النبي (ص) ، وقال : { لا غالب لكم اليوم من الناس } أي لا يغلبكم أحدٌ من الناس لكثرة عددكم وقوتكم ، { وإني } مع ذلك { جار لكم } أي ناصرٌ لكم ، ودافعٌ عنكم السوء ، وقيل : معناه وإني عاقدٌ لكم عقد الأمان من عدوكم { فلما تراءت الفئتان } أي التقت الفرقتان { نكص على عقبيه } أي رجع القهقرى منهزماً وراءه .
    { وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون } أي رجعت عما كنت ضمنت لكم من الأمان والسلامة ، لأني أرى من الملائكة الذين جاءوا لنصر المسلمين ما لا ترون ، وكان إبليس يعرف الملائكة وهم كانوا لا يعرفونه.ص236

    المصدر:
    مجمع البيان 4/544

    بيــان:
    ورأيت في كلام الشيخ المفيد - رض - أنه يجوز أن يقدر الله تعالى الجنّ ومَن جرى مجراهم على أن يتجمعوا ويعتمدوا ببعض جواهرهم على بعض حتى يتمكّن الناس من رؤيتهم ، ويتشبّهوا بغيرهم من أنواع الحيوان ، لأنّ أجسامهم من الرّقة على ما يمكن ذلك فيها .
    وقد وجدنا الإنسان يجمع الهواء ويفرّقه ، ويغيّر صور الأجسام الرخوة ضروباً من التغيير ، وأعيانها لم تزد ولم تنقص ، وقد استفاض الخبر بأنّ إبليس تراءى لأهل دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد ، وحضر يوم بدر في سورة سراقة ، وأنّ جبرائيل (ع) ظهر لأصحاب رسول الله (ص) في صورة دحية الكلبي ، قال : وغير محال أيضا أن يغيّر الله صورهم ويكشفها في بعض الأحوال فيراهم الناس لضرب من الامتحان. ص238


    لما أمسى رسول الله (ص) يوم بدر والناس محبوسون بالوثاق ، بات ساهراً أول الليل ، فقال له أصحابه : ما لك لا تنام ؟.. فقال (ص) : سمعت أنين عمي العباس في وثاقه ، فأطلقوه فسكت فنام رسول الله (ص).ص240

    المصدر:
    مجمع البيان 4/558


    ثم أخذ رسول الله (ص) كفّاً من حصى ، فرمى به في وجوه قريش ، وقال : " شاهت الوجوه " ، فبعث الله رياحاً تضرب وجوه قريش فكانت الهزيمة ، فقال رسول الله (ص) : اللهم لا يفلتنّ فرعون هذه الأمة أبو جهل بن هشام !.. فقُتل منهم سبعون ، وأُسر منهم سبعون ، والتقى عمرو بن الجموع مع أبي جهل ، فضرب عمرو أبا جهل على فخذه ، وضرب أبو جهل عمروا على يده فأبانها من العضد فعلقت بجلده ، فاتّكا عمرو على يده برجله ثم رمى في السماء فانقطعت الجلدة ، ورمى بيده ، وقال عبد الله بن مسعود : انتهيت إلى أبي جهل وهو يتشحّط في دمه فقلت : الحمد لله الذي أخزاك ، فرفع رأسه فقال : إنما أخزى الله عبد ابن أم عبد ، لمن الدِّين ويلك ؟.. قلت : لله ولرسوله وإني قاتلك ، ووضعت رجلي على عنقه ، فقال : لقد ارتقيت مرتقاً صعباً يا رويعي الغنم أما إنه ليس شيءٌ أشدّ من قتلك إياي في هذا اليوم ، ألا تولّى قتلي رجلٌ من المطلّبيين ، أو رجلٌ من الأحلاف ، فاقتلعت بيضةً كانت على رأسه فقتلته وأخذت رأسه ، وجئت به إلى رسول الله (ص).. فقلت : يا رسول الله !.. البشرى ، هذا رأس أبي جهل بن هشام ، فسجد لله شكراً.ص258

    المصدر:
    تفسير القمي ص236


    وأسر أبو بشر الأنصاري العباس بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب ، وجاء بهما إلى رسول الله (ص) ، فقال له : أعانك عليهما أحدٌ ؟.. قال : نعم ، رجلٌ عليه ثياب بيض ، فقال رسول الله (ص) : ذاك من الملائكة ، ثم قال رسول الله (ص) للعباس : افد نفسك وابن أخيك ، فقال يا رسول الله!.. قد كنت أسلمت ، ولكن القوم استكرهوني ، فقال رسول الله (ص) : الله أعلم بإسلامك ، إن يكن ما تذكر حقاً فإنّ الله يجزيك عليه ، فأما ظاهر أمرك فقد كنت علينا ، ثم قال : يا عباس !.. إنكم خاصمتم الله فخصمكم.... الخبر.ص258

    المصدر:
    تفسير القمي ص236


    بعث رسول الله (ص) علياً في غزوة بدر أن يأتيه بالماء حين سكت أصحابه عن إيراده ، فلما أتى القليب وملأ القربة فأخرجها ، جاءت ريحٌ فأهرقته ، ثم عاد إلى القليب وملأ القربة فجاءت ريح فأهرقته ، وهكذا في الثالثة ، فلما كانت الرابعة ملأها فأتى به النبي (ص) وأخبره بخبره ، فقال رسول الله (ص) : أما الريح الأولى: فجبرائيل في ألف من الملائكة سلّموا عليك ، والريح الثانية : ميكائيل في ألف من الملائكة سلّموا عليك ، والريح الثالثة إسرافيل في ألف من الملائكة سلّموا عليك. ص286

    المصدر:
    المناقب 2/79


    نهى رسول الله (ص) عن قتل أبي البختري ، وكان قد لبس السلاح بمكة يوماً قبل الهجرة في بعض ما كان ينال النبي (ص) من الأذى ، وقال : لا يعرض اليوم أحدٌ لمحمد بأذى إلا وضعت فيه السلاح ، فشكر ذلك له النبي (ص) .
    وقال أبو داود المازني : فلحقته يوم بدر ، فقلت له : إنّ رسول الله (ص) نهى عن قتلك إن أعطيتَ بيدك ، قال : وما تريد إليّ ؟.. إن كان قد نهى عن قتلي فقد كنت أبليته ذلك ، فأما أن أُعطى بيدي فو اللاّت والعزّى لقد علمتْ نسوة بمكة أني لا أُعطى بيدي ، وقد عرفت أنك لا تدعني فافعل الذي تريد ، فرماه أبو داود بسهم ، وقال : اللهم سهمك وأبو البختري عبدك ، فضعه في مقتله !.. وأبو البختري دارع ، ففتق السهم الدرع فقتله.ص303

    المصدر:
    شرح النهج 3/335


    قال الباقر (ع) : كان إبليس يوم بدر يقلّل المؤمنين في أعين الكفار ، ويكثّر الكفار في أعين الناس ، فشدّ عليه جبرائيل (ع) بالسيف فهرب منه وهو يقول : يا جبرائيل !.. إني مؤجّل حتى وقع في البحر ، قال زرارة : فقلت لأبي جعفر (ع) : لأي شيء كان يخاف وهو مؤجّل ؟.. قال : يقطع بعض أطرافه . ص305

    المصدر:
    روضة الكافي ص277


    قال الصادق (ع) : كأني أنظر إلى القائم (ع) على ظهر النجف ، ركب فرساً أدهم أبلق ما بين عينيه شمراخ ( أي غرّة الفرس إذا دقت وسالت ) ، ثم ينتفض به فرسه ، فلا يبقى أهل بلدة إلا وهم يظنون أنه معهم في بلادهم .
    فإذا نشر راية رسول الله (ص) انحطّ عليه ثلاثة عشر ألف ملَك ، وثلاثة عشرَ ملكاً كلهم ينظرون القائم (ع) ، وهم الذين كانوا مع نوح (ع) في السفينة ، والذين كانوا مع إبراهيم (ع) حيث أُلقي في النار ، وكانوا مع عيسى (ع) حين رُفع ، وأربعة آلاف مسوّمين ومردفين ، وثلاثمائة وثلاثة عشر ملَكا ملائكة يوم بدر ، وأربعة آلاف ملك الذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين (ع) فلم يُؤذن لهم . ص305

    المصدر:
    إكمال الدين ص377


    قال الباقر (ع) في قوله { ولقد كنتم تمنون الموت } : إنّ المؤمنين لما أخبرهم الله عزّ وجل بمنازل شهدائهم يوم بدر من الجنة رغبوا في ذلك ، وقالوا : اللهم!.. أرنا قتالاً نستشهد فيه ، فأراهم الله إياه يوم أُحد ، فلم يثبتوا إلا مَن شاء الله منهم . ص307

    المصدر:
    تفسير القمي ص108


    قال علي (ع) : رأيت الخضر (ع) في المنام قبل بدر بليلة ، فقلت له : علّمني شيئاً أُنصر به على الأعداء ، فقال : قل :
    " يا هو!.. يا من لا هو إلا هو " فلما أصبحت قصصتها على رسول الله (ص) فقال لي : يا علّي !.. عُلّمت الاسم الأعظم ، وكان على لساني يوم بدر . ص310

    المصدر:
    التوحيد ص74


    كان النبي (ص) ليلة بدر قائماً يصلّي ويبكي ويستعبر ويخشع ويخضع كاستطعام المسكين ، ويقول :
    " اللهم!.. أنجز لي ما وعدتني " ويخرّ ساجداً ويخشع في سجوده ويُكثر التضرّع ، فأوحى الله إليه :
    قد أنجزنا وعدك ، وأيدناك بابن عمك عليّ ، ومصارعهم على يديه ، وكفيناك المستهزئين به ، فعلينا فتوكّل ، وعليه فاعتمد ، فأنا خير من تُوكِّل عليه ، وهو أفضل من اعتُمد عليه . ص318

    المصدر:
    كنز الكراجكي ص136


    جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية بعد مصاب أهل بدر وهو في الحجْر ، وكان عمير شيطاناً من شياطين قريش ، وكان يؤذي رسول الله (ص) وأصحابه بمكة ، وكان ابنه وهيب بن عمير في أسارى بدر ، فذكر أصحاب القليب ومصابهم ، فقال صفوان : والله ليس في العيش خيرٌ بعدهم ، فقال له عمير : صدقت والله ، أما والله لولا دَينٌ علي ليس له عندي قضاءٌ ، وعِيالٌ أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله ، فإنّ لي قِبلهم علّة ، ابني أسير في أيديهم .
    فقال صفوان : فعليّ دَينُك أنا أقضيه عنك ، وعيالك مع عيالي ، أُواسيهم أُسوتهم ما بقوا ، قال عمير : فاكتْم عليّ شأني وشأنك ، قال : أفعل ، ثم إنّ عميرا أمر بسيفه فشُحذ له وسُم ، ثم انطلق حتى قدم المدينة ، فلما دخل على النبي (ص) فقال : أنعموا صباحا .
    فقال رسول الله (ص) : قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير !.. بالسلام تحية أهل الجنة ، ما جاء بك يا عمير ؟!.. قال : جئتُ لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه ، قال : فما بال السيف في عنقك ؟..
    قال : قبّحها الله من سيوف ، وهل أغنت شيئا ؟.. قال : اصدقني بالذي جئت له ، قال : ما جئت إلا لذلك ، فقال النبي (ص) : بلى قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجْر ، فذكرتما أصحاب القليب من قريش ، ثم قلت : لولا دَينٌ عليّ وعليّ عيالي لخرجت حتى أقتل محمدا ، فتحمّل لك صفوان بديَنك وعيالك على أن تقتلني ، والله حائلٌ بيني وبينك .
    فقال عمير : أشهد أنك رسول الله ، قد كنا نكذّبك ، وهذا أمرٌ لم يحضره إلا أنا وصفوان ، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله ، فالحمد لله الذي هداني للإسلام ، وساقني هذا المساق ، ثم تشهّد شهادة الحقّ ، فقال رسول الله (ص) : فقّهوا أخاكم في دينه ، وعلّموه القرآن ، وأطلقوا له أسيره ، ففعلوا ، ثم قال : يا رسول الله !.. إني كنت جاهداً في إطفاء نور الله ، شديد الأذى لمن كان على دين الله ، وإني أحبّ أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام ، لعلّ الله أن يهديهم ، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم.
    فأذن له ، فلحق بمكة ، وكان صفوان حين خرج عمير يقول لقريش : أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تُنسيكم وقعة بدر ، وكان صفوان يسأل عنه الركبان حتى قدم راكب فأخبره بإسلامه ، فحلف أن لا يكلّمه أبدا ، ولا ينفعه بنفع أبداً ، فلما قدم مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام ويؤذي من خالفه ، فأسلم على يديه ناسٌ كثيرة. ص327

    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى ص113


    فلما أصبحوا عدّل رسول الله (ص) الصفوف ، وخطب المسلمين فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " أما بعد : فإني أحثّكم على ما حثّكم الله عليه ، وأنهاكم عمّا نهاكم الله عنه ، فإنّ الله عظيم شأنه يأمر بالحق ، ويحبّ الصدق ، ويعطي على الخير أهله على منازلهم عنده ، به يذكرون ، وبه يتفاضلون ، وإنكم قد أصبحتم بمنزل من منازل الحقّ ، لا يقبل الله فيه من أحد إلا ما ابتغى به وجهه ، وإنّ الصبر في مواطن البأس مما يفرّج الله به الهمّ وينجّي به من الغمّ ، تدركون به النجاة في الآخرة ، فيكم نبي الله يحذّركم ويأمركم ، فاستحيوا اليوم أن يطّلع الله على شيء من أمركم يمقتكم عليه ، فإنه تعالى يقول :
    { لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم } ، انظروا إلى الذي أمَرَكم به من كتابه وأراكم من آياته ، وما أعزّكم به بعد الذلّة ، فاستمسكوا به له يرضَ ربكم عنكم ، وأبلوا ربكم في هذه المواطن أمراً تستوجبوا به الذي وعدكم من رحمته ومغفرته ، فإنّ وعده حقٌّ ، وقوله صدقٌ ، وعقابه شديدٌ ، وإنما أنا وأنتم بالله الحي القيوم ، إليه ألجأنا ظهورنا ، وبه اعتصمنا وعليه توكّلنا ، وإليه المصير ، ويغفر الله لي وللمسلمين".ص334

    المصدر:
    شرح النهج 3/318


    خرج النبي (ص) من العريش إلى الناس فينظر القتال ، فحرّض المسلمين وقال : " كل امرئ بما أصاب " وقال :
    " والذي نفسي بيده !.. لا يقاتلهم اليوم في حملة ، فيُقتل صابراً محتسباً ، مقبلاً غير مدبر ، إلا أدخله الله الجنة " فقال عمر بن حمام الجويني وفي يديه تمرات يأكلهن : بخ بخ ، أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ؟.. ثم قذف التمرات من يده ، وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قُتل . ص 339

    المصدر:
    شرح النهج 3/334


    قال عوف لرسول الله (ص) يوم بدر : يا رسول الله !.. ما يُضحك الرب من عبده ؟.. قال : غمسُه يده في العدو حاسرا ، فنزع عوف درعاً كانت عليه ، وقذفها ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قُتل . ص339

    المصدر:
    شرح النهج 3/334

    بيــان:
    وضحك الرب تعالى : كناية عن غاية رضاه ، وغمس اليد في العدو : كنايةً عن دخوله بينهم ، وجهده في مقاتلتهم . ص366


    وأخذ رسول الله (ص) كفّاً من البطحاء فرماهم بها ، وقال : " شاهت الوجوه ، اللهم!.. أرعب قلوبهم ، وزلزلْ أقدامهم " فانهزم المشركون لا يلوون على شيء ، والمسلمون يتبّعونهم يقتلون ويأسرون . ص340

    المصدر:
    شرح النهج 3/334


    وأصاب حارثة بن سراقة وهو يكرع في الحوض سهمٌ من المشركين ، فوقع في نحره فمات ، فلقد شرب القوم آخر النهار من دمه ، وبلغ أمه وأخته وهما بالمدينة مقتله ، فقالت أمه : والله لا أبكي عليه حتى يقدم رسول الله (ص) ، فأسأله فإن كان في الجنة لم أبكِ عليه ، وإن كان في النار بكيته لعمر الله فأعولتُه .
    فلما قدم رسول الله (ص) من بدر جاءت أمه إليه فقالت : يا رسول الله (ص) قد عرفتَ موضع حارثة من قلبي فأردت أن أبكي عليه ، ثم قلت : لا أفعل حتى أسأل رسول الله (ص) عنه ، فإن كان في الجنة لم أبكه ، وإن كان في النار بكيته فأعولته .
    فقال النبي (ص) : هبلتِ ( أي فقدت عقلك ) ، أجنّةٌ واحدةٌ ؟.. إنها جنانٌ كثيرةٌ ، والذي نفسي بيده إنه لفي الفردوس الأعلى ، قالت : لا أبكي عليه أبدا ، ودعا رسول الله (ص) حينئذ بماء في إناء فغمس يده فيه ومضمض فاه ، ثم ناول أم حارثة بن سراقة فشربت ، ثم ناولت ابنتها فشربت ، ثم أمرهما فنضحتا في جيوبهما ثم رجعتا من عند النبي (ص) ، وما بالمدينة امرأتان أقرّ عيناً منهما ولا أسرّ . ص341

    المصدر:
    شرح النهج 3/334


    فلما رجعت قريش إلى مكة ، قام فيهم أبو سفيان بن حرب فقال : يا معشر قريش !.. لا تبكوا على قتلاكم ، ولا تنُحْ عليهم نائحةٌ ، ولا يندبهم شاعرٌ ، وأظهِروا الجلد والعزاء ، فإنكم إذا نحتم عليهم نائحة ، وبكيتموهم بالشعر ، أذهب ذلك غيظكم ، فأكلّكم عن عداوة محمد وأصحابه ، مع أنّ محمدا وأصحابه إن بلغهم ذلك شمتوا بكم فتكون أعظم المصيبتين ، ولعلكم تدركون ثأركم ، فالدهن والنساء عليّ حرامٌ حتى أغزو محمدا ، فمكث قريش شهرا لا يبكيهم شاعرٌ ، ولا تنوح عليهم نائحةٌ ، ومشت نساء من قريش إلى هند بنت عتبة فقلن : ألا تبكين على أبيك وأخيك وعمك وأهل بيتك ؟..
    فقالت : حلافي أن أبكيهم ، فيبلغ محمدا وأصحابه فيشمتوا بنا ونساء بني الخزرج ، لا والله حتى أثأر محمدا وأصحابه ، والدهن عليّ حرام إن دخل رأسي حتى نغزو محمدا ، والله لو أعلم أنّ الحزن يذهب من قلبي لبكيت ، ولكن لا يذهبه إلا أن أرى ثأري بعيني من قتلة الأحبة ، فمكثت على حالها لا تقرب الدهن ولا قربت فراش أبي سفيان من يوم حلفت حتى كانت وقعة أحد . ص342

    المصدر:
    شرح النهج 3/334


    إن كنا لنسمع لإبليس يومئذ خواراً ودعاءً بالثبور والويل ، والتصوّر في صورة سراقة بن جعشم حتى هرب فاقتحم البحر ، ورفع يديه مادّاً لهما يقول : يا رب !.. ما وعدتني ، ولقد كانت قريش بعد ذلك تعيّر سراقة بما صنع يومئذ ، فيقول : والله ما صنعت شيئاً .
    فروي عن عمارة الليثي قال : حدثني شيخٌ صياد من الحي كان يومئذ على ساحل البحر قال : سمعت صياحا : يا ويلاه !.. يا ويلاه !.. قد ملأ الوادي ، يا حرباه !.. يا حرباه !.. فنظرت فإذا سراقة بن جعشم فدنوت منه فقلت : ما لك فداك أبي وأمي .. فلم يرجع إليّ شيئاً ، ثم أراه اقتحم البحر ورفع يديه مادّاً يقول : يا رب !.. ما وعدتني ، فقلت في نفسي : جُنّ وبيت الله سراقة ، وذلك حين زاغت الشمس ، وذاك عند انهزامهم يوم بدر . ص343

    المصدر:
    شرح النهج 3/334


    قال نوفل بن معاوية : انهزمنا يوم بدر ونحن نسمع كوقع الحصا في الطساس بين أيدينا ومن خلفنا ، فكان ذلك أشدّ الرعب علينا . ص344

    المصدر:
    شرح النهج 3/334


    وأمر رسول (ص) يوم بدر بالقليب أن تعوّر ، ثم أمر بالقتلى فطرحوا فيها كلهم إلا أمية بن خلف ، فإنه كان مسمنا انتفخ من يومه ، فلما أرادوا أن يلقوه تزايل لحمه ، فقال النبي (ص) : اتركوه ، فأقرّوه وألقوا عليه من التراب والحجارة ما غيّبه .
    ثم وقف على أهل القليب فناداهم رجلاً رجلاً : هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟.. فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقاً ، بئس القوم كنتم لنبيكم ، كذبتموني وصدقني الناس ، وأخرجتموني وآواني الناس ، وقاتلتموني ونصرني الناس .. فقالوا : يا رسول الله (ص) !.. أتنادي قوماً قد ماتوا ؟.. فقال : لقد علموا أنّ ما وعدهم ربهم حق .
    وفي رواية أخرى : فقال (ص) : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني . ص346

    المصدر:
    شرح النهج 3/334


    وروي أنه (ص) صلّ العصر بالأُثيّل ، فلما صلّى ركعةً تبسّم ، فلما سلّم سُئل عن تبسّمه ، فقال : مرّ بي ميكائيل وعلى جناحه النقع فتبسّم إليّ ، وقال : إني كنت في طلب القوم ، وأتاني جبرائيل على فرس أنثى معقود الناصية ، قد عصم ثنيّته الغبار ( أي لزق به ) ، فقال :
    يا محمد !.. إنّ ربي بعثني إليك وأمرني أن لا أفارقك حتى ترضى ، فهل رضيت ؟ .. فقلت : نعم.ص347

    المصدر:
    شرح النهج 3/334


    هاجر رسول الله (ص) إلى المدينة ، وبقيت زينب بمكة مع أبي العاص ، فلما سارت قريش إلى بدر سار أبو العاص معهم فأُصيب في الأسرى يوم بدر ، فأُتى به النبي (ص) فكان عنده مع الأسارى .
    فلما بعث أهل مكة في فداء أُساراهم بعثت زينب في فداء أبي العاص بعلها بمال ، وكان فيما بعثت به قلادة كانت خديجة أمها أدخلتها بها على أبي العاص ليلة زفافها عليه ، فلما رآها رسول الله (ص) رقّ لها شديدة ، وقال للمسلمين :
    إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردّوا عليها ما بعَثَتْ به من الفداء فافعلوا ، فقالوا : نعم يا رسول الله !.. نفديك بأنفسنا وأموالنا ، فردّوا عليها ما بعثت به ، وأطلقوا لها أبا العاص بغير فداء . ص349

    المصدر:
    شرح النهج 3/334

    بيــان:
    قال ابن أبي الحديد : قرأت على النقيب أبي جعفر يحيى بن أبي زيد البصري العلوي هذا الخبر ، فقال : أترى أبا بكر وعمر لم يشهدا هذا المشهد ؟.. أما كان يقتضي التكرم والإحسان أن يُطيّب قلب فاطمة (ع) ويُستوهب لها من المسلمين ؟..
    أتقصر منزلتها عند رسول الله (ص) من منزلة زينب أختها وهي سيدة نساء العالمين ؟.. هذا إذا لم يثبت لها حقٌّ لا بالنحلة ولا بالإرث ، فقلت له : فدكَ - بموجب الخبر الذي رواه أبو بكر - قد صار حقّاً من حقوق المسلمين ، فلم يجز له أن يأخذه منهم ، فقال : وفداء أبي العاص قد صار حقّاً من حقوق المسلمين ، وقد أخذه رسول الله (ص) منهم .
    فقلت : رسول الله (ص) صاحب الشريعة والحكم حكمه ، وليس أبو بكر كذلك ، فقال : ما قلتُ : هلاّ أخذه أبو بكر من المسلمين قهراً فدفعه إلى فاطمة (ع) ، وإنما قلتُ : هلاّ استنزل المسلمين عنه واستوهب منهم لها كما استوهب رسول الله (ص) فداء أبي العاص ؟.. أتراه لو قال : هذه بنت نبيكم (ص) قد حضرت لطلب هذه النخلات أفتطيبون عنها نفسا ؟.. كانوا منعوها ذلك ؟.. ص350


    وتجهزتُ ( أي زينب ) حتى فرغتُ من جهازي ، فحملني أخو بعلي وهو كنانة بن الربيع .. قال محمد بن إسحاق :
    قدّم لها كنانة بن الربيع بعيراً فركبته ، وأخذ قوسه وكنانته ، وخرج بها نهاراً يقود بعيرها وهي في هودج لها ، وتحدّث بذلك الرجال من قريش والنساء وتلاومت في ذلك ، وأشفقت أن تخرج ابنة محمد من بينهم على تلك الحال ، فخرجوا في طلبها سراعاً حتى أدركوها بذي طوى .
    فكان أول مَن سبق إليها هبّار بن الأسود بن المطلب بن أسد ، ونافع بن عبد القيس الفهري ، فروّعها هبّار بالرمح وهي في الهودج ، وكانت حاملاً ، فلما رجعت طرحت ذا بطنها ، وكانت من خوفها رأت دماً وهي في الهودج ، فلذلك أباح رسول الله (ص) يوم فتح مكة دم هبّار بن الأسود.ص351

    المصدر:
    شرح النهج 3/334

    بيــان:
    قال ابن أبي الحديد : وهذا الخبر أيضا قرأته على النقيب أبي جعفر فقال : إذا كان رسول الله (ص) أباح دم هبّار لأنه روّع زينب فألقت ما في بطنها ، وظاهر الحال أنه لوكان (ص) حيا لأباح دم من روّع فاطمة (ع) حتى ألقت ذا بطنها ، فقلتُ : أروي عنك ما يقوله قوم : إنّ فاطمة رُوّعت فألقت المحسن ؟.. فقال : لا تروه عني ، ولا تروا عني بطلانه ، فإني متوقفٌ في هذا الموضع لتعارض الأخبار عندي فيه.ص351
    =ظاهر أنّ النقيب - رحمه الله - عمل التقية في إظهار الشكّ في ذلك من ابن أبي الحديد أو من غيره ، وإلا فالأمر أوضح من ذلك كما سيأتي في كتاب الفتن . ص351


    أقام أبو العاص بمكة على شركه ، وأقامت زينب عند أبيها (ص) بالمدينة قد فرّق بينهما الإسلام حتى إذا كان الفتح ، خرج أبو العاص تاجراً إلى الشام بمال له وأموال لقريش أبضعوا بها معه ، وكان رجلاً مأموناً .
    فلما فرغ من تجارته وأقبل قافلاً لقيتْه سريّة لرسول الله فأصابوا ما معه ، وأعجزهم هو هارباً ، فخرجت السرية بما أصابت من ماله حتى قدمت به على رسول الله (ص) ، وخرج أبو العاص تحت الليل حتى دخل على زينب منزلها فاستجار بها فأجارته ، وإنما جاء في طلب ماله الذي أصابته تلك السرية .
    فلما كبّر رسول الله (ص) في صلاة الصبح وكبّر الناس معه صرخت زينب من صفّة النساء : أيها الناس !.. إني قد آجرت أبا العاص بن الربيع ، فصلّى رسول الله (ص) بالناس الصبح ، فلما سلّم من الصلاة أقبل عليهم فقال :
    أيها الناس !.. هل سمعتم ما سمعت ؟.. قالوا : نعم ، قال : " أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء مما كان حتى سمعتم إنه يجير على الناس أدناهم " .
    ثم انصرف فدخل على ابنته زينب فقال : " أي بنية أكرمي مثواه ، وأحسني قراه ، ولا يصلنّ إليكِ ، فإنك لا تحلّين له " ، ثم بعث إلى تلك السرية الذين كانوا أصابوا ماله ، فقال لهم : " إنّ هذا الرجل منا بحيث علمتم ، وقد أصبتم له مالاً ، فإن تحُسنوا وتردّوا عليه الذي له فإنا نحبّ ذلك ، وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاءه عليكم ، وأنتم أحق به " .
    فقالوا : يا رسول الله !.. بل نردّه عليه ، فردّوا عليه ماله ومتاعه ، حتى أنّ الرجل كان يأتي بالحبل ، ويأتي الآخر بالشنّة ( أي السقاء البالي ) ، ويأتي الآخر بالإداوة ( أي المطهرة )، والآخر بالشظاظ ( أي خشبة تدخل في عروة الجوالق ) حتى ردّوا ماله ومتاعه بأسره من عند آخره ، ولم يفقد منه شيئاً .
    ثم احتمل إلى مكة ، فلما قدمها أدى إلى كل ذي مال من قريش ماله ممن كان بضع معه بشيء حتى إذا فرغ من ذلك قال لهم : يا معشر قريش !.. هل بقي لأحد منكم عندي مالٌ لم يأخذه ؟.. قالوا : لا ، فجزاك الله خيراً ، لقد وجدناك وفيّاً كريماً ، قال :
    فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله ، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوفا أن تظنوا أني أردت أن آكل أموالكم وأذهب بها ، فإذا سلّمها الله لكم وأداها إليكم ، فإني أشهدكم أني قد أسلمت واتبعت دين محمد ، ثم خرج سريعاً حتى قدم على رسول الله المدينة . ص354

    المصدر:
    شرح النهج 3/352















    باب ذكر جمل غزواته وأحواله (ص) بعد غزوة بدر الكبرى إلى غزوة أحد
    قال المسلمون حين رجع رسول الله (ص) بهم : يا رسول الله (ص) !.. أنطمع بأن تكون لنا غزوة ؟.. فقال (ص) : نعم ، ثم كانت غزوة ذي أمر بعد مقامه بالمدينة بقية ذي الحجة والمحرم مرجعه من غزوة السويق ، وذلك لما بلغه أنّ جمعاً من غطفان قد تجمّعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف المدينة ، عليهم رجل يقال له دعثور بن الحارث بن محارب ، فخرج في أربعمائة رجل وخمسين رجلاً ومعهم أفراس ، وهرب منه الأعراب فوق ذرى الجبال .
    ونزل (ص) ذا أمر وعسكر به ، وأصابهم مطرٌ كثيرٌ ، فذهب رسول الله (ص) لحاجة فأصابه ذلك المطر فبلّ ثوبه ، وقد جعل رسول الله (ص) وادي أمر بينه وبين أصحابه ، ثم نزع ثيابه فنشرها لتجفّ وألقاها على شجرة ثم اضطجع تحتها ، و الأعراب ينظرون إلى كل ما يفعل رسول الله (ص) ، فقالت الأعراب لدعثور و كان سيدهم وأشجعهم :
    قد أمكنك محمد وقد انفرد من بين أصحابه حيث إنْ غوّث بأصحابه لم يُغث حتى تقتله .. فاختار سيفاً من سيوفهم صارماً ثم أقبل مشتملاً على السيف ، حتى قام على رأس رسول الله(ص) بالسيف مشهوراً ، فقال :
    يا محمد !.. مَن يمنعك مني اليوم ؟.. قال : الله ، ودَفَع جبرائيل في صدره فوقع السيف من يده ، فأخذه رسول (ص) وقام على رأسه فقال : مَن يمنعك مني ؟.. قال :
    لا أحد ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، والله لا أُكثّر عليك جمعاً أبداً .
    فأعطاه رسول الله (ص) سيفه ثم أدبر ، ثم أقبل بوجهه ، ثم قال : والله لأنت خيرٌ مني ، قال رسول الله (ص) : أنا أحقّ بذلك ، فأتى قومه ، فقيل له : أينما كنت تقول وقد أمكنك والسيف في يدك ؟..
    قال : قد كان والله ذلك ، ولكني نظرت إلى رجل أبيض طويل دفع في صدري فوقعت لظهري ، فعرفت أنه ملَكٌ ، وشهدت أنّ محمداً رسول الله ، والله لا أُكثّر عليه ، وجعل يدعو قومه إلى الإسلام ونزلت هذه الآية :
    { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ همّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكفّ أيديهم عنكم } . ص4
    المصدر:
    المناقب 1/164 ، إعلام الورى ص50



    باب غزوة أحد وغزوة حمراء الأسد
    لما كان من المشركين يوم أحد من كسْر رباعية الرسول (ص) وشجّه حتى جرت الدماء على وجهه ، فقال : " كيف يفلح قوم نالوا هذا من نبيهم " وهو مع ذلك حريصٌ على دعائهم إلى ربهم ؟.. فأعلمه الله سبحانه أنه ليس إليه فلاحهم ، وأنه ليس إليه إلا أن يبلّغ الرسالة ، ويجاهد حتى يظهر الدين ، وإنما ذلك إلى الله .
    وكان الذي كسر رباعيته وشجّه في وجهه عتبة بن أبي وقاص ، فدعا عليه بأن لا يحُول عليه الحول حتى يموت كافراً ، فمات كافراً قبل حول الحول ، وأدمى وجهه رجلٌ من هذيل يقال له عبد الله بن قميئة ، فدعا عليه فكان حتفه أن سلّط الله عليه تيساً فنطحه حتى قتله ، وروي أنه (ص) كان يمسح الدم عن وجهه ويقول : " اللهم !.. اهد قومي فإنهم لا يعلمون "
    وقال أنس بن مالك : أتُي رسول الله (ص) بعلي (ع) يومئذ وعليه نيف وستون جراحة من طعنة وضربة ورمية ، فجعل رسول الله (ص) يمسحها وهي تلتئم بإذن الله تعالى كأن لم تكن .ص23
    المصدر:
    مجمع البيان 2/498

    وعن ابن عباس قال : لما كان يوم أحد صعد أبو سفيان الجبل ، فقال رسول الله (ص) :
    " اللهم !.. إنه ليس لهم أن يعلونا " فمكث أبو سفيان ساعة ، وقال : يوماً بيوم ، إنّ الأيام دولٌ ، وإنّ الحرب سجالٌ ، فقال (ص) : أجيبوه ، فقالوا : لا سواء ، قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار.
    فقال : لنا عزّى ولا عزّى لكم .
    فقال النبي (ص) : الله مولانا ولا مولى لكم .
    فقال أبو سفيان : أُعل هبل .
    فقال رسول (ص) : الله أعلى وأجلّ . ص23

    المصدر:
    مجمع البيان 2/498


    { وتلك الأيام نداولها بين الناس } أي نصرفها مرّة لفرقة ومرّة عليها ، وإنما يصّرف الله سبحانه الأيام بين المسلمين والكفار ، بتخفيف المحنة على المسلمين أحياناً ، وتشديدها عليهم أحياناً ، لا بنصرة الكفار عليهم ، لأنّ النصرة تدلّ على المحبة ، والله لا يحبّ الكافرين ، وإنما جعل الله الدنيا متقلبة لكيلا يطمئن المسلم إليها ، ولتقلّ رغبته فيها ، إذ تفنى لذّاتها ، ويظعن مقيمها ، ويسعى للآخرة التي يدوم نعيمها .
    وإنما جعل الدولة مرة للمؤمنين ومرة عليهم ، ليدخل الناس في الإيمان على الوجه الذي يجب الدخول فيه لذلك ، وهو قيام الحجّة ، فإنه لو كانت الدولة دائماً للمؤمنين ، لكان الناس يدخلون في الإيمان على سبيل اليُمن والفأل ، على أنّ كل موضع حضره النبي (ص) لم يخل من ظفر ، إما في ابتداء الأمر ، وإما في انتهائه ، وإنما لم يستمر ذلك لما بيّناه ....
    ثم حمل النبي (ص) وأصحابه على المشركين فهزموهم ، وقتل علي بن أبي طالب (ع) أصحاب اللواء ، وأنزل الله نصرته على المسلمين.. قال الزبير : فرأيت هنداً وصواحبها هاربات مصعدات في الجبال ، نادية خدّامهن ما دون أخذهن شيء ، فلما نظرت الرماة إلى القوم قد انكشفوا ، ورأوا النبي (ص) وأصحابه ينتهبون الغنيمة ، أقبلوا يريدون النهب واختلفوا ، فقال بعضهم : لا نترك أمر رسول الله (ص) ، وقال بعضهم : ما بقي من الأمر شيءٌ ، ثم انطلقوا عامتهم وألحقوا بالعسكر .
    فلما رأى خالد بن الوليد قلّة الرماة واشتغال المسلمين بالغنيمة ، ورأى ظهورهم خاليةً ، صاح في خيله من المشركين وحمل على أصحاب النبي (ص) من خلفهم فهزموهم وقتلوهم ، ورمى عبد الله بن قميئة الحارثي رسول الله (ص) بحجر فكسر أنفه ورباعيته ، وشجّه في وجهه فأثقله ، وتفرّق عنه أصحابه ، وأقبل يريد قتله ، فذبّ مصعب بن عمير - وهو صاحب راية رسول الله (ص) يوم بدر ويوم أحد وكان اسم رايته العقاب - عن رسول الله (ص) حتى قُتل مصعب بن عمير ، قتله ابن قميئة فرجع وهو يرى أنه قتل رسول الله (ص) ، وقال : إني قتلت محمدا ، وصاح صائحٌ ، ألا أنّ محمداً قد قُتل ، ويُقال :
    إنّ الصائح كان إبليس لعنه الله ، فانكفأ الناس وجعل رسول الله (ص) يدعو الناس ويقول : " إليّ عباد الله !.. إليّ عباد الله !.. " .
    فاجتمع إليه ثلاثون رجلاً فحموه حتى كشفوا عنه المشركين ، ورمى سعد بن أبي وقاص حتى اندقت سية ( ما عطف من طرفيها ) قوسه ، و أصيبت يد طلحة بن عبيد الله فيبست ، وأصيبت عين قتادة بن النعمان يومئذ حتى وقعت على وجنته ، فردّها رسول الله (ص) مكانها فعادت كأحسن ما كانت .
    فلما انصرف رسول الله (ص) أدركه أُبي بن خلف الجمحي وهو يقول : لا نجوت إن نجوت ، فقال القوم : يا رسول الله !.. ألا يعطف عليه رجل منا ؟.. فقال : دعوه حتى إذا دنا منه ، وكان أُبي قبل ذلك يلقى رسول الله (ص) فيقول : عندي رمكة اعلفها كل يوم فرق ذرّة أقتلك عليها ، فقال رسول الله (ص) : بل أنا أقتلك إن شاء الله تعالى .
    فلما كان يوم أُحد ودنا منه تناول رسول الله (ص) الحربة من الحرث بن الصمة ثم استقبله فطعنه في عنقه ، فخدش خدشةً فتدهدأ عن فرسه ، وهو يخور خوار الثور وهو يقول : قتلني محمد !.. فاحتمله أصحابه وقالوا : ليس عليك بأسٌ ، فقال : بلى لو كانت هذه الطعنة بربيعة ومضر لقلتهم أليس قال لي : أقتلك ؟.. فلو بزق عليّ بعد تلك المقالة لقتلني ، فلم يلبث إلا يوماً حتى مات .
    وفشا في الناس أنّ رسول الله (ص) قد قُتل ، فقال بعض المسلمين : ليت لنا رسولاً إلى عبد الله بن أُبي ، فيأخذ لنا أماناً من أبي سفيان ، وبعضهم جلسوا وألقوا بأيديهم ، وقال أناسٌ من أهل النفاق : فالحقوا بدينكم الأول ، وقال أنس بن النضر عم أنس بن مالك :
    يا قوم !.. إن كان محمد قد قُتل فإنّ رب محمد لم يُقتل ، وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله (ص) ؟.. فقاتلوا على ما قاتل عليه رسول الله ، وموتوا على ما مات عليه ، ثم قال : اللهم !.. إني أعتذر إليك مما يقوله هؤلاء ، يعني المنافقين ، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء - يعني المنافقين - ثم شدّ بسيفه فقاتل حتى قُتل .
    ثم إنّ رسول الله (ص) انطلق إلى الصخرة وهو يدعو الناس ، فأول مَن عرف رسول الله (ص) كعب بن مالك قال : عرفت عينيه تحت المغفر تزهران ، فناديت بأعلى صوتي : يا معاشر المسلمين !.. هذا رسول الله ، فأشار إليّ : أن اسكت ، فانحازت إليه طائفةٌ من أصحابه ، فلامهم النبي (ص) على الفرار فقالوا : يا رسول الله !.. فديناك بآبائنا وأمهاتنا ، أتانا الخبر أنك قُتلت فرعبت قلوبنا فولّينا مدبرين ، فأنزل الله تعالى هذه الآية :
    { وما محمد إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل } يعني أنه بشرٌ اختاره الله لرسالته ، وقد مضت قبله رسلٌ بُعثوا فأدّوا الرسالة ومضوا وماتوا ، وقُتل بعضهم ، وإنه يموت كما ماتت الرسل ، فليس الموت بمستحيلٍ عليه ولا القتل . ص28

    المصدر:
    مجمع البيان 2/498


    خرج رسول الله (ص) يوم أُحد وكُسرت رباعيته ، وهشمت البيضة على رأسه ، وكانت فاطمة بنته (ع) تغسل عنه الدم ، وعلي بن أبي طالب (ع) يسكب عليها بالمجنّ ، فلما رأت فاطمة (ع) أنّ الماء لا يزيد الدم إلا كثرة ، أخذتْ قطعة حصير فأحرقته حتى إذا صار رماداً ألزمته الجرح ، فاستمسك الدم.ص31

    المصدر:
    تفسير البيضاوي 1/237


    { إنّ الذين تولّوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلّهم الشيطان ببعض ما كسبوا } يعني أنّ الذين انهزموا يوم أُحد إنما كان السبب في انهزامهم أنّ الشيطان طلب منهم الزلل فأطاعوه ، واقترفوا ذنوباً بترك المركز ، والحرص على الغنيمة أو الحياة ، فمُنعوا التأييد وقوة القلب لمخالفة النبي (ص) ، وقيل : استزلال الشيطان تولّيهم ، وذلك بسبب ذنوب تقدّمت لهم ، فإنّ المعاصي يجرّ بعضها بعضاً كالطاعة ، وقيل : استزلّهم بذكر ذنوب سلفت منهم وكرهوا القتل قبل إخلاص التوبة والخروج من المظلمة . ص33

    المصدر:
    تفسير البيضاوي 1/239


    روي أنّ رجلاً من أصحاب النبي (ص) من بني عبد الأشهل كان شهد أُحداً ، قال :
    شهدتُ أُحداً أنا وأخ لي فرجعنا جريحين ، فلما أذّن مؤذّن رسول الله (ص) بالخروج في طلب العدو قلنا : لا تفوتنا غزوةٌ مع رسول الله (ص) والله ما لنا دابةٌ نركبها ، وما منّا إلا جريحٌ ثقيلٌ ، فخرجنا مع رسول الله (ص) وكنت أيسر جرحا من أخي .... .ص40

    المصدر:
    مجمع البيان 2/535


    قال رسول الله (ص) لعبد الله بن جبير وأصحابه : إن رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكة ، فلا تبرحوا من هذا المكان ، وإن رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا وألزموا مراكزكم. ص49

    المصدر:
    تفسير القمي ص100


    كلما حملت طائفةٌ على رسول الله (ص) استقبلهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه فيدفعهم عن رسول الله ، ويقتلهم حتى انقطع سيفه ، وبقيتْ مع رسول الله (ص) نسيبة بنت كعب المازنية ، وكانت تخرج مع رسول الله (ص) في غزواته تداوي الجرحى ، وكان ابنها معها ، فأراد أن ينهزم ويتراجع فحملتْ عليه ، فقالت :
    يا بُني إلى أين تفرّ ؟!.. عن الله وعن رسوله ؟.. فردّته فحمل عليه رجلٌ فقتله ، فأخذتْ سيف ابنها ، فحملت على الرجل فضربته على فخذه فقتلته ، فقال رسول الله (ص) : " بارك الله عليك يا نسيبة " .. وكانت تقي رسول الله (ص) بصدرها وثدييها حتى أصابتها جراحاتٌ كثيرة ، وحمل ابن قميئة على رسول الله (ص) ، فقال : أروني محمداً ، لا نجوت إن نجا ، فضربه على حبل عاتقه ونادى : قتلت محمداً واللاّت والعزّى .
    ونظر رسول الله (ص) إلى رجل من المهاجرين قد ألقى ترسه خلف ظهره وهو في الهزيمة ، فناداه : " يا صاحب الترس !.. ألق ترسك ومرّ إلى النار " فرمى بترسه ، فقال رسول الله (ص) : يا نسيبة !.. خذي الترس ، فأخذت الترس ، وكانت تقاتل المشركين ، فقال رسول الله (ص) : " لمقام نسيبة أفضل من مقام فلان وفلان وفلان " ..
    فلما انقطع سيف أمير المؤمنين (ع) جاء إلى رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله !.. إنّ الرجل يقاتل بالسلاح ، وقد انقطع سيفي ، فدفع إليه رسول الله (ص) سيفه ذا الفقار ، فقال : قاتل بهذا ، ولم يكن يحمل على رسول الله (ص) أحدٌ إلا استقبله أمير المؤمنين (ع) ، فإذا رأوه رجعوا ، فانحاز رسول الله (ص) إلى ناحية أُحد فوقف ، وكان القتال من وجه واحد ، وقد انهزم أصحابه فلم يزل أمير المؤمنين (ع) يقاتلهم حتى أصابه في وجهه ورأسه وصدره وبطنه ويديه ورجليه تسعون جراحة فتحاموه ، وسمعوا مناديا من السماء :
    لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي .. فنزل جبرائيل على رسول الله (ص) فقال : يا محمد !.. هذه والله المواساة ، فقال رسول (ص) : لأني منه وهو مني ، فقال جبرائيل : وأنا منكما .. وكانت هند بنت عتبة في وسط العسكر فكلما انهزم رجلٌ من قريش دفعت إليه ميلاً ومكحلةً ، وقالت : إنما أنت امرأة فاكتحل بهذا ..
    وكان حمزة بن عبد المطلب يحمل على القوم ، فإذا رأوه انهزموا ولم يثبت له أحدٌ ، وكانت هند بنت عتبة - عليها اللعنة - قد أعطت وحشيا عهداً : لئن قتلت محمداً أو علياً أو حمزة لأعطينّك رضاك ، وكان وحشي عبداً لجبير بن مطعم حبشيا ، فقال وحشي : أما محمد فلا أقدر عليه ، وأما عليّ فرأيتُه رجلاً حذراً كثير الالتفات فلم أطمع فيه .
    فكمنتُ لحمزة فرأيته يهدّ الناس هدّاً ، فمرّ بي فوطأ على جرف نهر فسقط ، فأخذت حربتي فهززتها ورميته فوقعت في خاصرته وخرجت من مثانته فسقط فأتيته فشققت بطنه فأخذت كبده وجئت بها إلى هند فقلت لها : هذه كبد حمزة ، فأخذتْها في فمها فلاكتها فجعلها الله في فيها مثل الداغصة فلفظتْها ورمتْ بها ، فبعث الله ملَكاً فحمله وردّه إلى موضعه .. فقال الصادق (ع) : أبى الله أن يدخل شيئاً من بدن حمزة النار . ص55

    المصدر:
    تفسير القمي ص100


    كان عمرو بن قيس قد تأخّر إسلامه ، فلما بلغه أنّ رسول الله (ص) في الحرب أخذ سيفه وترسه وأقبل كالليث العادي يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، ثم خالط القوم فاستشهد ، فمرّ به رجلٌ من الأنصار فرآه صريعاً بين القتلى ، فقال :
    يا عمرو !.. وأنت على دينك الأول ؟.. قال :
    لا والله ، إني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، ثم مات ، فقال رجلٌ من أصحاب رسول الله (ص) :
    يا رسول الله !.. إنّ عمرو بن قيس قد أسلم وقُتل فهو شهيد ؟.. قال :
    إي والله شهيد ، ما رجلٌ لم يصلِّ لله ركعةً دخل الجنة غيرُه . ص56

    المصدر:
    تفسير القمي ص100


    كان حنظلة بن أبي عامر رجلٌ من الخزرج ، تزوّج في تلك الليلة التي كانت صبيحتها حرب أُحد ببنت عبد الله بن أُبي بن سلول ، ودخل بها في تلك الليلة ، وأستأذن رسول الله (ص) أن يقيم عندها ، فأنزل الله :
    { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إنّ الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم } ، فأذن له رسول الله (ص) ....
    فدخل حنظلة بأهله ووقع عليها ، فأصبح وخرج وهو جنبٌ ، فحضر القتال ، فبعثت امرأته إلى أربعة نفر من الأنصار لما أراد حنظلة أن يخرج من عندها ، وأشهدتْ عليه أنه قد واقعها ، فقيل لها : لِمَ فعلت ذلك ؟.. قالت :
    رأيت في هذه الليلة في نومي كأنّ السماء قد انفرجت فوقع فيها حنظلة ثم انضمّت ، فعلمت أنها الشهادة ، فكرهت أن لا أشهد عليه فحملتُ منه .
    فلما حضر القتال نظر إلى أبي سفيان على فرس يجول بين العسكر ، فحمل عليه فضرب عرقوب فرسه فاكتسعت الفرس ، وسقط أبو سفيان إلى الأرض وصاح : يا معشر قريش !.. أنا أبو سفيان وهذا حنظلة يريد قتلي ، وعدا أبو سفيان ومرّ حنظلة في طلبه ، فعرض له رجلٌ من المشركين فطعنه فمشى إلى المشرك في طعنه فضربه فقتله ، وسقط حنظلة إلى الأرض بين حمزة وعمرو بن الجموح وعبد الله بن حزام وجماعة من الأنصار ..
    فقال رسول الله (ص) : " رأيت الملائكة تغسّل حنظلة بين السماء والأرض بماء المزن في صحائف من ذهب " فكان يُسمّى غسيل الملائكة . ص58

    المصدر:
    تفسير القمي ص100


    ثم قال رسول الله (ص) : من له علم بعمي حمزة ؟.. فقال له الحارث بن الصمة : أنا أعرف موضعه ، فجاء حتى وقف على حمزة ، فكره أن يرجع إلى رسول الله (ص) فيخبره ، فقال رسول الله (ص) لأمير المؤمنين (ع) : يا علي !.. اطلب عمّك ، فجاء علي (ع) فوقف على حمزة ، فكره أن يرجع إلى رسول الله (ص) ، فجاء رسول الله (ص) حتى وقف عليه ، فلما رأى ما فعل به بكى ، ثم قال :
    والله ما وقفت موقفاً قطّ أغيظ عليّ من هذا المكان .... وأمر رسول الله (ص) بالقتلى فجُمعوا فصلّى عليهم ، ودفنهم في مضاجعهم ، وكبّر على حمزة سبعين تكبيرة .. وصاح إبليس بالمدينة : قُتل محمد ، فلم يبقَ أحدٌ من نساء المهاجرين والأنصار إلا وخرج ، وخرجت فاطمة بنت رسول الله (ص) تعدو على قدميها حتى وافت رسول الله (ص) وقعدت بين يديه ، وكان إذا بكى رسول الله (ص) بكت ، وإذا انتحب انتحبت ..
    ونادى أبو سفيان : موعدنا وموعدكم في عام قابل فنقتتل ، فقال رسول الله (ص) لأمير المؤمنين (ع) : قل : نعم ، وارتحل رسول الله (ص) ودخل المدينة واستقبلته النساء يولولن ويبكين ، فاستقبلته زينب بنت جحش فقال لها رسول الله (ص) : احتسبي ، فقالت : مَن يا رسول الله ؟!.. قال : أخاك ، قالت : { إنا لله وإنا إليه راجعون } هنيئاً له الشهادة ، ثم قال لها : احتسبي ، قالت : مَن يا رسول الله ؟!.. قال : حمزة بن عبد المطلب ، قالت : { إنا لله وإنا إليه راجعون } هنيئاً له الشهادة ، ثم قال لها : احتسبي ، قالت : مَن يا رسول الله ؟!.. قال : زوجك مصعب بن عمير ، قالت : واحزناه ، فقال رسول الله (ص) : إن للزوج عند المرأة لحدّاً ما لا حدّ مثله ، فقيل لها : لِمَ قلت ذلك في زوجكِ ؟.. قالت : ذكرت يُتم ولده . ص64

    المصدر:
    تفسير القمي ص100


    وتآمرت قريش على أن يرجعوا ويغيروا على المدينة ، فقال رسول الله (ص) : أي رجل يأتينا بخبر القوم ؟.. فلم يجبه أحدٌ ، فقال أمير المؤمنين (ع) : أنا آتيكم بخبرهم ، قال : اذهب فإن كانوا ركبوا الخيل ، وجنّبوا الإبل فهم يريدون المدينة ، والله لئن أرادوا المدينة لأنازلّن الله فيهم ( أي أسأله مرة بعد مرة ) ، وإن كانوا ركبوا الإبل وجنّبوا الخيل فإنهم يريدون مكة .
    فمضى أمير المؤمنين (ع) على ما به من الألم والجراحات ، حتى كان قريباً من القوم فرآهم قد ركبوا الإبل وجنّبوا الخيل ، فرجع أمير المؤمنين (ع) إلى رسول الله (ص) فأخبره ، فقال رسول الله (ص) : أرادوا مكة . ص64

    المصدر:
    تفسير القمي ص100


    قال الله عزّ وجلّ : { إن يمسسكم قرح } ، فخرجوا على ما بهم من الألم والجراح ، فلما بلغ رسول الله (ص) حمراء الأسد وقريش قد نزلت الروحاء ، قال عكرمة بن أبي جهل والحارث بن هشام وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد : نرجع فنغير على المدينة ، فقد قتلنا سراتهم وكبشهم يعنون حمزة ، فوافاهم رجل خرج من المدينة فسألوه الخبر ، فقال : تركتُ محمداً وأصحابه بحمراء الأسد يطلبونكم أحدّ الطلب .
    فقال أبو سفيان : هذا النكد والبغي قد ظفرنا بالقوم وبغينا ، والله ما أفلح قومٌ قطّ بغوا ، فوافاهم نعيم بن مسعود الأشجعي فقال أبو سفيان : أين تريد ؟.. قال : المدينة لأمتار لأهلي طعاماً ، قال : هل لك أن تمرّ بحمراء الأسد ، وتلقى أصحاب محمد ، وتُعلمهم أن حلفاءنا وموالينا قد وافونا من الأحابيش حتى يرجعوا عنا ، ولك عندي عشرة قلائص أملأها تمراً وزبيبا ؟.. قال : نعم ، فوافى من غد ذلك اليوم حمراء الأسد ، فقال لأصحاب رسول الله (ص) : أين تريدون ؟.. قالوا : قريشاً ، قال : ارجعوا فإنّ قريشاً قد اجتمعت إليهم حلفاؤهم ومَن كان تخلّف عنهم ، وما أظن إلا وأوائل خيلهم يطلعون عليكم الساعة ، فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، ما نبالي ..
    ونزل جبرائيل على رسول الله (ص) فقال : ارجع يا محمد !.. فإنّ الله قد أرعب قريشاً ومرّوا لا يلوون على شيء ، فرجع رسول الله (ص) إلى المدينة وأنزل الله : { الذين استجابوا لله وللرسول } .... فلما دخلوا المدينة قال أصحاب رسول الله (ص) : ما هذا الذي أصابنا وقد كنت تعدنا النصر ؟.. فأنزل الله تعالى : { أو لما أصابتكم مصيبة } ، وذلك أنّ يوم بدر قُتل من قريش سبعون ، وأُسر منهم سبعون ، وكان الحكم في الأسارى القتل ، فقامت الأنصار إلى رسول الله (ص) فقالوا : يا رسول الله !.. هبهم لنا ولا تقتلهم حتى نفاديهم .
    فنزل جبرائيل (ع) فقال : إنّ الله قد أباح لهم الفداء أن يأخذوا من هؤلاء ويطلقوهم على أن يستشهد منهم في عام قابل بقدر ما يأخذون منه الفداء ، فأخبرهم رسول الله (ص) بهذا الشرط ، فقالوا : قد رضينا به ، نأخذ العام الفداء من هؤلاء ونتقوّى به ، ويُقتل منا في عام قابل بعدد مَن نأخذ منهم الفداء ، وندخل الجنة ، فأخذوا منهم الفداء وأطلقوهم ، فلما كان في هذا اليوم وهو يوم أحد قُتل من أصحاب رسول الله (ص) سبعون ، فقالوا :
    يا رسول الله !.. ما هذا الذي أصابنا وقد كنتُ تعدنا النصر ؟.. فأنزل الله :
    { أو لما أصابتكم } إلى قوله : { هو من عند أنفسكم } بما اشترطتم يوم بدر . ص66

    المصدر:
    تفسير القمي ص100


    لما كان يوم أُحد شُجّ النبي (ص) في وجهه ، وكُسرت رباعيته فقام (ص) رافعاً يديه يقول : إن الله اشتدّ غضبه على اليهود أن قالوا : العزير ابن الله ، واشتدّ غضبه على النصارى أن قالوا : المسيح ابن الله ، وإنّ الله اشتدّ غضبه على مَن أراق دمي ، وآذاني في عترتي . ص71

    المصدر:
    أمالي الطوسي ص88


    لما رجع علي بن أبي طالب (ع) من أُحد ، ناول فاطمة سيفه وقال :
    أفاطم هاك السيف غير ذميم *** فلست برعديدٍ ولا بلئيمٍ
    لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد***ومرضاة ربّ بالعباد رحيمٍ
    وسُمع يوم أحد وقد هاجت ريح عاصف كلام هاتف يهتف وهو يقول :
    لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا عليّ ، فإذا ندبتم هالكاً فابكوا الوفيّ أخا الوفيّ.

    المصدر:
    أمالي الطوسي ص88

    بيــان:
    والمراد بالوفيّ حمزة وهو أخو الوفيّ أبي طالب عليهما السلام . ص72


    قال زرارة : ذهبتُ أنا وبكير مع رجل من ولد علي (ع) إلى المشاهد حتى انتهينا إلى أُحد فأرانا قبور الشهداء ، ثم دخل بنا الشعب فمضينا معه ساعة حتى مضينا إلى مسجد هناك ، فقال : إنّ رسول الله (ص) صلّى فيه فصلّينا فيه ، ثم أرانا مكاناً في رأس جبل فقال : إنّ النبي (ص) صعد إليه فكان يكون فيه ماء المطر .
    قال زرارة : فوقع في نفسي أنّ رسول الله (ص) لم يصعد إلى ما ثمّ ، فقلت : أما أنا فإني لا أجيء معكم ، أنا نائمٌ ههنا حتى تجيؤا ، فذهب هو وبكير ، ثم انصرفوا وجاؤا إليّ ، فانصرفنا جميعاً حتى إذا كان الغد أتينا أبا جعفر (ع) ، فقال لنا : أين كنتم أمس فإني لم أراكم ؟..
    فأخبرناه ووصفنا له المسجد والموضع الذي زعم أنّ النبي (ص) صعد إليه فغسل وجهه فيه ، فقال أبو جعفر (ع) : ما أتى رسول الله (ص) ذلك المكان قط ، فقلت له : يُروى لنا أنه كسرت رباعيته فقال : لا ، قبضه الله سليماً ، ولكنه شُجّ في وجهه ، فبعث علياً فأتاه بماء في حجفة ، فعافه (أي كرهه) رسول الله (ص) أن يشرب منه وغسل وجهه . ص74

    المصدر:
    معاني الأخبارص115


    ومن معجزاته (ص) : أنّ رسول الله (ص) انتهى إلى رجل قد فوّق سهماً ليرمي بعض المشركين ، فوضع (ص) يده فوق السهم وقال : ارمه ، فرمى ذلك المشرك به فهرب المشرك من السهم ، وجعل يروغ من السهم يمنةً ويسرةً ، والسهم يتبعه حيثما راغ حتى سقط السهم في رأسه ، فسقط المشرك ميتاً ، فأنزل الله { فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } . ص79

    المصدر:
    الخرائج


    كان أبو غّرة الشاعر حضر مع قريش يوم بدر ويحرّض قريشاً بشعره على القتال ، فأُسر في السبعين الذين أُسروا ، فلما وقع الفداء على القوم قال أبو غرة : يا أبا القاسم !.. تعلم أني رجلٌ فقيرٌ فامنن على بناتي ، فقال : إن اطلقك بغير فداء ألا تكثر علينا بعدها ؟.. قال : لا والله ، فعاهده على أن لا يعود .
    فلما كان حرب أُحد دعته قريش إلى الخروج معها ليحرّض الناس بشعره على القتال ، فقال إني عاهدت محمداً أن لا أكثر عليه بعد ما منّ عليّ ، قالوا : ليس هذا من ذلك ، إنّ محمدا لا يسلم منا في هذه الدفعة ، فغلبوه على رأيه ، فلم يُؤسر يوم أُحد من قريش غيره .
    فقال رسول الله (ص) : ألم تعاهدني ؟.. قال : إنهم غلبوني على رأيي فامنن على بناتي ، قال : " لا ، تمشي بمكة وتحرك كتفيك وتقول : سخرت من محمد مرتين " فقال رسول الله (ص) : " المؤمن لا يلسع من جحر مرتين ") يا علي !.. اضرب عنقه.ص79

    المصدر:
    الخرائج


    وجعل أصحاب النبي (ص) يقاتلون عنه ، حتى قُتل منهم سبعون رجلاً ، وثبت أمير المؤمنين (ع) وأبو دجانة وسهل بن حنيف للقوم ، يدفعون عن النبي (ص) فكثر عليهم المشركون ، ففتح رسول الله (ص) عينيه ونظر إلى أمير المؤمنين (ع) وقد كان أغمي عليه مما ناله ، فقال : يا عليّ !.. ما فعل الناس ؟.. فقال : نقضوا العهد ، وولّوا الدبر ، فقال له : فاكفني هؤلاء الذين قد قصدوا قصدي ، فحمل عليهم أمير المؤمنين (ع) فكشفهم . ص83

    المصدر:
    الإرشاد ص39


    سمعت عليا (ع) يقول : لما انهزم الناس يوم أُحد عن رسول الله (ص) لحقني من الجزع عليه ما لم يلحقني قطّ ولم أملك نفسي ، وكنت أمامه أضرب بسيفي بين يديه ، فرجعت أطلبه فلم أره فقلت :
    ما كان رسول الله (ص) ليفرّ ، وما رأيته في القتلى ، وأظنه رُفع من بيننا إلى السماء ، فكسرت جفن سيفي ، وقلت في نفسي : لأقاتلن به عنه حتى أُقتل ، وحملت على القوم فأفرجوا عني وإذا أنا برسول الله (ص) قد وقع على الأرض مغشياًعليه فقمت على رأسه ، فنظر إليّ فقال : ما صنع الناس يا عليّ ؟!..
    فقلت : كفروا يا رسول الله !.. وولّوا الدبر من العدو وأسلموك ، فنظر النبي (ص) إلى كتيبة قد أقبلت إليه فقال لي : ردّ عني يا عليّ هذه الكتيبة ، فحملت عليها أضربها بسيفي يميناً وشمالاً حتى ولّوا الأدبار ، فقال النبي (ص) : أما تسمع يا علي مديحك في السماء ؟!.. إنّ ملكاً يقال له رضوان ينادي : لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي ، فبكيت سروراً ، وحمدت الله سبحانه وتعالى على نعمته . ص86

    المصدر:
    الإرشاد ص39


    لما انتهت فاطمة (ع) وصفية إلى رسول الله (ص) ، ونظرتا إليه قال لعلي (ع) : أما عمّتي فاحبسها عني ، وأما فاطمة فدعها ، فلما دنت فاطمة (ع) من رسول الله (ص) ورأته قد شُجّ في وجهه ، وأُدمي فوهُ إدماءً ، صاحت وجعلت تمسح الدم ، وتقول : اشتدّ غضب الله على مَن أدمى وجه رسول الله ، وكان يتناول في يده - رسول الله (ص) - ما يسيل من الدم ، فيرميه في الهواء فلا يتراجع منه شيءٌ . ص96

    المصدر:
    إعلام الورى ص52


    وكانت امرأة من بني النجار قُتل أبوها وزوجها وأخوها مع رسول الله (ص) فدنت من رسول الله (ص) والمسلمون قيام على رأسه ، فقال لرجل : أحي رسول الله ؟.. قال : نعم ، قالت : استطيع أن أنظر إليه ؟.. قال : نعم ، فاوسعوا لها فدنت منه وقالت : كل مصيبة جلل بعدك ، ثم انصرفت .ص98

    المصدر:
    إعلام الورى ص52


    وانصرف رسول (ص) إلى المدينة حين دفن القتلى ، فمرّ بدور بني الأشهل وبني ظفر ، فسمع بكاء النوائح على قتلاهنّ ، فترقرقت عينا رسول الله (ص) وبكى ، ثم قال : لكنّ حمزة لا بواكي له اليوم ، فلما سمعها سعد بن معاذ وأسيد بن حضير قالا : لا تبكينّ امرأة حميمها حتى تأتي فاطمة (ع) فتُسعدها .
    فلما سمع رسول الله (ص) الواعية على حمزة - وهو عند فاطمة (ع) على باب المسجد - قال : ارجعْن رحمكّن الله ، فقد آسيتنّ بأنفسكن.ص99

    المصدر:
    إعلام الورى ص52


    وقام خيثمة أبو سعد بن خيثمة فقال : لقد أخطأتْني وقعة بدر ، وقد كنت عليها حريصاً ، لقد بلغ من حرصي أن ساهمت ابني في الخروج ، فخرج سهمه فرُزق الشهادة ، وقد رأيت ابني البارحة في النوم في أحسن صورة ، يسرح في ثمار الجنة وأنهارها ، وهو يقول : الحقْ بنا ترافقنا في الجنة ، فقد وجدت ما وعدني ربي حقّاً ..
    وقد والله يا رسول الله ، أصبحت مشتاقاً إلى مرافقته في الجنّة ، وقد كبرت سني ورقّ عظمي وأحببت لقاء ربي ، فادع الله أن يرزقني الشهادة ، فدعا له رسول الله (ص) بذلك فقُتل بأُحد شهيداً . ص125

    المصدر:
    شرح النهج 3/358


    فلما سوّى رسول الله (ص) الصفوف بأُحد قام فخطب الناس فقال :
    أيها الناس !.. إنه قد قُذف في قلبي أن من كان على حرام فرغب عنه ابتغاء ما عند الله غفر له ذنبه ، ومَن صلّى عليَّ صلّى الله عليه وملائكته عشراً ، ومن أحسن من مسلم أو كافر وقع أجره على الله في عاجل دنياه وفي آجل آخرته ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة ( أي يوم الجمعة ) إلا صبيّاً أو امرأةً أو مريضاً أو عبداً مملوكاً ، ومَن استغنى عنها استغنى الله عنه والله غنيٌّ حميد.
    ما أعلم من عملٍ يقرّبكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به ، ولا أعلم من عملٍ يقرّبكم إلى النار إلا وقد نهيتكم عنه ، وإنه قد نفث الروح الأمين في روعي أنه لن تموت نفسٌ حتى تستوفي أقصى رزقها لا ينقص منه شيءٌ وإن أبطأ عنها ، فاتقوا الله ربكم ، وأجملوا في طلب الرزق ، ولا يحملنّكم استبطاؤه على أن تطلبوه بمعصية ربكم ، فإنه لن يُقدر على ما عنده إلا بطاعته.
    قد بيّن لكم الحلال والحرام غير أنّ بينهما شبهاً من الأمر ، لم يعلمها كثيرٌ من الناس إلا مَن عُصم ، فمَن تركها حفظ عرضه ودينه ، ومَن وقع فيها كان كالراعي إلى جنب الحمى أوشك أن يقع فيه ، وما من ملِك إلا وله حمى ، ألا وأنّ حمى الله محارمه ، والمؤمن من المؤمنين كالرأس من الجسد إذا اشتكى تداعى عليه سائر جسده ، والسلام عليكم . ص127

    المصدر:
    شرح النهج 3/358


    وكان مخيريق اليهوديّ من أحبار اليهود ، فقال - يوم السبت - ورسول الله (ص) بأُحد : يا معشر اليهود والله إنّكم لتعلمون أنّ محّمداً نبيّ ، وأنّ نصره عليكم حقّ ، فقالوا : ويحك اليوم يوم السبت ، فقال : لا سبت ، ثمَّ أخذ سلاحه وحضر مع النبيّ (ص) فأُصيب ، فقال رسول الله (ص) : "مخيريق خير يهود" ، وكان قد قال حين خرج إلى أُحد : إن أُصبت فأموالي لمحمد يضعها حيث أراه الله ، فهي عامة صدقات النبي (ص) ..
    وكان عمرو بن الجموح رجلاً أعرج ، فلما كان يوم أُحد - وكان له بنون أربعة يشهدون مع النبي (ص) المشاهد أمثال الأسد - أراد قومه أن يحبسوه وقالوا : أنت رجلٌ أعرج ولا حرج عليك وقد ذهب بنوك مع النبي (ص) ، قال :
    بخ !.. يذهبون إلى الجنّة وأجلس أنا عندكم ؟.. فقالت هند بنت عمرو بن حرام امرأته : كأني أنظر إليه مولّياً قد أخذ درقته وهو يقول :
    اللهم !.. لا تردني إلى أهلي .
    فخرج ولحقه بعض قومه يكلّمونه في القعود فأبى وجاء إلى رسول الله (ص) ، فقال : يا رسول الله !.. إنّ قومي يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك ، والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنّة ، فقال له : أمّا أنت فقد عذرك الله ولا جهاد عليك ، فأبى ، فقال النبي (ص) لقومه وبنيه : " لا عليكم أن لا تمنعوه ، لعلّ الله يرزقه الشهادة " فخلّوا عنه فقُتل يومئذ شهيداً .
    فحملته هند بعد شهادته وابنها خلاّد وأخاها عبد الله على بعير ، فلما بلغت منقطع الحرّة برك البعير ، فكان كلّما توجهُه إلى المدينة برك ، وإذا وجّهته إلى أُحد أسرع ، فرجعت إلى النبي (ص) فأخبرته بذلك ، فقال (ص) :
    إنّ الجمل لمأمورٌ ، هل قال عمرو شيئًا ؟.. قالت : نعم ، إنه لما توجّه إلى أُحد استقبل القبلة ثم قال :
    اللهم !.. لا تردّني إلى أهلي وارزقني الشهادة ، فقال (ص) :
    " فلذلك الجمل لا يمضي ، إنّ منكم يا معشر الأنصار مَن لو أقسّم على الله لأبرّه ، منهم عمرو بن الجموح .. يا هذه !.. ما زالت الملائكة مُظلّةً على أخيك من لدن قُتل إلى الساعة ، فينظرون أين يُدفن " ثم مكث رسول الله (ص) في قبرهم ، ثم قال : يا هند !.. قد ترافقوا في الجنة جميعاً : بعلك وابنك وأخوك ، فقالت هند : يا رسول الله !.. فادع لي عسى أن يجعلني معهم . ص131

    المصدر:
    شرح النهج 3/374


    قال رسول الله (ص) يوم أحد :" ادفنوا عبدالله بن عمرو ، وعمرو بن الجموح في قبر واحد " ويُقال : أنهما وجِدا وقد مُثّل بهما كل مُثلة ، قُطِّعت إرابهما عضواً عضواً ، فلا يُعرف أبدانهما ، فقال النبي (ص) : " ادفنوهما في قبر واحد " ويقال : إنما دفنهما في قبر واحد لما كان بينهما من الصّفا ، فقال: " ادفنوا هذين المتحابين في الدنيا في قبر واحد " فدخل السيل عليهما وكان قبرهما مما يلي السيل فحُفر عنهما وعليهما نمرتان ، وعبد الله قد أصابه جرحٌ في وجهه ، فيده على وجهه فأُميطت يده عن جرحه ، فثعب ( أي سال ) الدم فرُدّت إلى مكانها فسكن الدم ..
    قال الواقدي : وكان جابر يقول : رأيته في حفرته كأنه نائمٌ ما تغيّر من حاله قليلٌ ولا كثيرٌ ، فقيل : أفرأيتَ أكفانه ؟.. قال : إنما كُفّن في نمرة خُمّر بها وجهه وعلى رجليه الحرمل ، فوجدنا النمرة كما هي ، والحرمل على رجليه كهيئته ، وبين ذلك وبين دفنه ست وأربعون سنة ، فشاورهم جابر في أن يطيّبه بمسك ، فأبى ذلك أصحاب النبي (ص) وقالوا : لا تحُدِثوا فيهم شيئاً ..
    ويقال : أنّ معاوية لما أراد أن يُجري العين التي أحدّثها بالمدينة - وهي كظامة - نادى مناديه بالمدينة : مَن كان له قتيلٌ بأُحد فليشهد ، فخرج الناس إلى قتلاهم فوجدوهم رطابا يتثنون ، فأصابت المسحاة رجْل رجُل منهم ، فثعبت دماً فقال أبو سعيد الخدري : لا ينكر بعد هذا منكر أبداً.ص132

    المصدر:
    شرح النهج 3/358





    باب غزوة الرجيع وغزوة معونة
    روى أن قوما من المشركين قدموا على رسول الله (ص) فقالوا : إن فينا إسلاماً فابعث معنا نفرا من اصحابك يفقّهوننا ويُقرؤننا القرآن ، ويعلموننا شرائع الإسلام ، فبعث معهم عشرة منهم : عاصم بن ثابت ، ومرثد بن أبي مرثد....
    وأمّر عليهم مرثدا وقيل عاصما ، فخرجوا حتى إذا كانوا بالرجيع - وهو ماء لهذيل - غدروا بالقوم ، واستصرخوا عليهم هذيلا .
    فخرج بنو لحيان ، فلم يرع القوم الا رجال بايديهم السيوف ، فأخذ أصحاب رسول الله (ص) سيوفهم ، فقالوا لهم : انا والله ما نريد قتالكم ، إنما نريد أن نصيب بكم من أهل مكة ، ولكم العهد والميثاق أن لا نقتلكم .. فأما عاصم ومرثد وخالد ومعقب فقالوا : والله لا نقبل من مشرك عهدا ، فقاتلوهم حتى قتلوا .. وأما زيد وخبيب وابن طارق فاستؤسروا ، وأما عاصم بن ثابت فإنه نثر كنانته وفيها سبعة أسهم ، فقتل بكل سهم رجلاً من عظماء المشركين ، ثم قال : اللهم إني حميت دينك صدر النهار فارحم لحمي آخر النهار .
    ثم أحاط به المشركون فقتلوه ، وأرادوا رأس عاصم ليبيعوه من سلافة بن سعد ، وكانت نذرت أن تشرب في قحفه الخمر ، لأنه قتل ابنيها يوم أُحد ، فحمته الدبر فقالوا : امهلوه حتى يمسى فتذهب عنه ، فبعث الله الوادي فاحتمله ، فسمي حميّ الدّبْر ( أي جماعة النحل ).ص152
    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى ص123

    وفي رواية : قد كان عاصم أعطى الله عهدا ً أن لا يمسّّ مشركا ولا يمسّه مشرك أبدا في حياته ، فمنعه الله بعد وفاته مما امتنع منه في حياته .ص151

    المصدر:
    المناقب 1/168 ، إعلام الورى ص96







    باب غزوة ذات الرقاع وغزوة عسفان
    قال الصادق (ع) : نزل رسول الله (ص) في غزوة ذات الرقاع تحت شجرة على شفير واد ، فأقبل سيل فحال بينه وبين أصحابه ، فرآه رجل من المشركين والمسلمون قيام على شفير الوادي ينتظرون متى ينقطع السيل .. فقال رجل من المشركين لقومه : أنا أقتل محمدا .. فجاء وشد على رسول الله (ص) بالسيف ، ثم قال :
    من ينجيك مني يا محمد؟!..فقال (ص) : ربي وربك!.. فنسفه جبرائيل (ع) عن فرسه ، فسقط على ظهره .. فقام رسول الله (ص) فأخذ السيف وجلس على صدره ، وقال : من ينجيك مني يا غورث ؟.. فقال : جودك وكرمك يا محمد !.. فتركه وقام وهو يقول : لأنت خير مني وأكرم .ص179
    المصدر:
    روضة الكافي ص127





    باب غزوة بدر الصغرى وسائر ما جرى في تلك السنة إلى غزوة الخندق
    روي أنّ أبا سلمة جاء إلى أمّ سلمة فقال : لقد سمعت من رسول الله (ص) حديثاً أحبّ إليَّ من كذا وكذا ، سمعته يقول : " لا يُصاب أحدٌ بمصيبة فيسترجع عند ذلك ويقول :
    اللهم !.. عندك أحتسب مصيبتي هذه ، اللهم !.. اخلفني فيها خيراً منها ، إلا أعطاه الله عزّ وجلّ " قالت أم سلمة : فلما أُصبت بأبي سلمة قلت :
    " اللهم !.. عندك أحتسب مصيبتي " ولم تطب نفسي أن أقول :
    " اللهم !.. اخلفني فيها خيراً منها " ثم قلت : مَن خيرٌ من أبي سلمة ؟.. أليس أليس ؟.. ثم قلت ذلك .
    فلما انقضت عدّتها أرسل إليها أبو بكر يخطبها فأبت ، ثم أرسل إليها عمر يخطبها فأبت ، ثم أرسل إليها رسول الله (ص) ، فقالت :
    مرحباً برسول الله (ص) .
    وقال الهيثم بن عدي : أول من هلك من أزواج النبي (ص) زينب هلكت في خلافة عمر ، وآخر من هلك منهنّ أم سلمة ، هلكت زمن يزيد بن معاوية سنة اثنتين وستين.ص185
    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى ص126





    باب غزوة الأحزاب وبني قريظة
    فألبسه ( أي عليّا ) رسول الله (ص) درعه ذات الفضول ، وأعطاه سيفه ذا الفقار ، وعمّمه عمامة السحاب على رأسه تسعة أكوار ، ثم قال له : تقدّم ! فقال لما ولّى : " اللهم !.. احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه " .
    قال ابن إسحاق : فمشى إليه وهو يقول :
    لا تعجلنّ فقد أتاك***مجيب صوتك غير عاجز
    ذو نيّة وبصيرة***والصدق منجي كل فائز
    إني لأرجو أن أقيم***عليك نائحة الجنائز
    من ضربة نجلاء يبقى***ذكرها عند الهزاهز
    قال له عمرو : مَن أنت ؟.. قال : أنا عليّ ، قال : ابن عبد مناف ؟.. فقال : أنا عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، فقال :
    غيرك يا بن أخي !.. من أعمامك مَن هو أسنّ منك ، فإني أكره أن أهريق دمك ، فقال : لكني والله ما أكره أن أهريق دمك ، فغضب ونزل وسلّ سيفه كأنه شعلة نار ، ثم أقبل نحو علي مغضباً ، فاستقبله عليّ بدرقته فضربه عمرو في الدرقة فقّدها وأثبت فيها السيف ، وأصاب رأسه فشجّه ، وضربه عليّ على حبل العاتق فسقط .
    وفي رواية حذيفة : وتسيّف على رجليه بالسيف من أسفل فوقع على قفاه ، وثارت بينهما عجاجة ، فسمع عليّ يكبّر ، فقال رسول الله (ص) :
    قتله والذي نفسي بيده .... فقال النبي (ص) :
    أبشر يا علي !.. فلو وُزِن اليوم عملُك بعمل أمة محمد لرجح عملك بعملهم ، وذلك أنه لم يبقَ بيتٌ من بيوت المشركين إلا وقد دخله وهنٌ بقتل عمرو ، ولم يبقَ بيتٌ من بيوت المسلمين إلا وقد دخله عزٌّ بقتل عمرو .ص205
    المصدر:
    مجمع البيان ص340

    قال رسول الله (ص) يوم الأحزاب : اللهم !.. إنك أخذت مني عبيدة بن الحارث يوم بدر ، وحمزة بن عبد المطلب يوم أُحد ، وهذا أخي علي بن أبي طالب ، ربّ !.. لا تذرّني فرداً وأنت خير الوارثين . ص215

    المصدر:
    كنز الكراجكي ص136


    قال النبي (ص) ثلاث مرات : " أيكم يبرز إلى عمرو وأضمن له على الله الجنة ؟.. " وفي كلّ مرة كان يقوم علي (ع) ، والقوم ناكسوا رؤوسهم ، فاستدناه وعممه بيده ، فلما برز قال (ص) : " برز الإيمان كلّه إلى الشرك كله " وكان عمرو يقول :
    ولقد بححت من النداء*** بجمعهم هل من مبارز
    إلى قوله :
    إنّ الشجاعة في الفتى والجود*** من كرم الغرائز
    فما كان أسرع أن صرعه أمير المؤمنين (ع) وجلس على صدره ، فلما همّ أن يذبحه وهو يكبّر الله ويمجدّه قال له عمرو :
    يا عليّ!.. قد جلست مني مجلساً عظيماً ، فإذا قتلتني فلا تسلبني حلّتي ، فقال (ع) : هي أهون عليّ من ذلك ، وذبحه وأتى برأسه وهو يخطر في مشيته ، فقال عمر :
    ألا ترى يا رسول الله إلى عليّ كيف يمشي ؟!.. فقال رسول الله (ص) :
    إنها لمشيةٌ لا يمقتها الله في هذا المقام. ص216

    المصدر:
    كنز الكراجكي ص137


    لما طال على أصحاب رسول الله (ص) الأمر ، واشتدّ عليهم الحصار ، وكانوا في وقت برد شديد ، وأصابتهم مجاعة ، وخافوا من اليهود خوفاً شديداً ، وتكلّم المنافقون بما حكى الله عنهم ، ولم يبق أحدٌ من أصحاب رسول الله (ص) إلا نافق إلا القليل ، وقد كان رسول الله (ص) أخبر أصحابه أنّ العرب تتحزّب عليّ ، ويجيؤنا من فوق ، تغدر اليهود ونخافهم من أسفل ، وإنه يصيبهم جهدٌ شديدٌ ، ولكن تكون العاقبة لي عليهم .
    فلما جاءت قريش وغدرت اليهود قال المنافقون : ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا وكان قوم لهم دور في أطراف المدينة فقالوا : يا رسول الله !.. تأذن لنا أن نرجع إلى دورنا ، فإنها في أطراف المدينة وهي عورةٌ ، ونخاف اليهود أن يغيروا عليها ، وقال قومٌ : هلمّوا فنهرب ونصير في البادية ونستجير بالأعراب ، فإنّ الذي كان يعدنا محمد كان باطلاً كلّه .
    وكان رسول الله (ص) أمر أصحابه أن يحرسوا المدينة بالليل ، وكان أمير المؤمنين (ع) على العسكر كلّه بالليل يحرسهم ، فإن تحرّك أحدٌ من قريش نابذهم ، وكان أمير المؤمنين (ع) يجوز الخندق ويصير إلى قرب قريش حيث يراهم ، فلا يزال الليل كلّه قائماً وحده يصلّي ، فإذا أصبح رجع إلى مركزه ، ومسجد أمير المؤمنين (ع) هناك معروفٌ يأتيه من يعرفه فيصلّي فيه ، وهو من مسجد الفتح إلى العقيق أكثر من غلوة نشاب .
    فلما رأى رسول (ص) من أصحابه الجزع لطول الحصار ، صعد إلى مسجد الفتح وهو الجبل الذي عليه مسجد الفتح اليوم ، فدعا الله وناجاه فيما وعده وقال :
    " يا صريخ المكروبين !.. ويا مجيب المضطرين !.. ويا كاشف الكرب العظيم !.. أنت مولاي ووليي وولي آبائي الأولين ، اكشف عنّا غمّنا وهمّنا وكربنا ، واكشف عنا كرب هؤلاء القوم بقوتك وحولك وقدرتك " .
    فنزل جبرائيل (ع) فقال : يا محمد !.. إنّ الله قد سمع مقالتك ، وأجاب دعوتك ، وأمر الدبور ( أي الريح ) مع الملائكة أن تهزم قريشاً والأحزاب ، وبعث الله على قريش الدبور فانهزموا ، وقلعت أخبيتهم ، ونزل جبرائيل فأخبره بذلك.ص230

    المصدر:
    تفسير القمي ص516


    إنّ بني قريظة لما حُوصروا بعثوا إلى رسول الله (ص) أن ابعث إلينا أبا لبابة عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف - وكانوا حلفاء الأوس - نستشيره في أمورنا ، فأرسله (ص) إليهم فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه الصبيان والنساء يبكون في وجهه ، فرقّ لهم ، فقالوا : يا أبا لبابة !.. أترى أن ننزل على حكم محمد ؟.. قال : نعم ، وأشار بيده إلى حلقه إنه الذبح .
    قال أبو لبابة : فو الله ما زالت قدماي حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله ، ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله (ص) حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده ، قال : لا أبرح مكاني حتى يتوب الله عليّ مما صنعت ، وعاهد الله لا يطأ بني قريظة أبداً ، ولا يراني الله في بلد خنتُ الله ورسوله فيه أبداً .
    فلما بلغ رسول الله (ص) خبره وأبطأ عليه ، قال : أما إنه لو جاءني لاستغفرتُ له ، فأما إذا فعل ما فعل ما أنا بالذي أطلقُه عن مكانه حتى يتوب الله عليه ، ثم إن الله أنزل توبة أبي لبابة على رسول الله (ص) وهو في بيت أم سلمة ، قالت أم سلمة : فسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله يضحك ، فقلت :
    ممّ تضحك يا رسول الله ، أضحك الله سنّك ، قال : تيب على أبي لبابة ، فقلت : ألا أبشّره بذلك يا رسول الله ؟!..
    قال : بلى إن شئت ، فقامت على باب حجرتها وذلك قبل أن يضرب عليهنّ الحجاب ، فقالت :
    يا أبا لبابة !.. أبشر فقد تاب الله عليك ، فثار الناس عليه ليُطلقوه ، قال :
    لا والله حتى يكون رسول الله (ص) هو الذي يُطلقني بيده ، فلما مرّ عليه رسول الله (ص) خارجاً إلى الصبح أطلقه . ص275

    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى - الباب5







    باب غزوة الحديبة ، وبيعة الرضوان ، وعمرة القضاء ، وسائر الوقايع
    ثم إن عروة جعل يرمق صحابة النبي (ص) إذا أمرهم رسول الله (ص) ابتدروا أمره ، وإذا توضأ ثاروا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلّموا خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدّون إليه النظر تعظيماً له ، فرجع عروة إلى أصحابه وقال :
    أيّ قوم !.. والله لقد وفدت على الملوك ، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله ما رأيت مَلكاً قطّ يعظّمه أصحابه ، ما يعظّم أصحاب محمد محمداً ، إذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلّموا خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدّون إليه النظر تعظيماً له . ص332
    المصدر:
    مجمع البيان 9/116

    فلما قدم رسول الله (ص) أمر أصحابه فقال (ص) : " اكشفوا عن المناكب واسعوا في الطواف " ليرى المشركون جلدهم وقوّتهم ، فاستكفّ ( أي أحاطوا بهم ) أهل مكة الرجال والنساء والصبيان ينظرون إلى رسول الله (ص) وأصحابه وهم يطوفون بالبيت ....ص337

    المصدر:
    مجمع البيان 9/127


    فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب والنبي (ص) بالحديبية ، فأقبل زوجها مسافر من بني مخزوم - وقال مقاتل : هو صيفي بن الراهب - في طلبها ، وكان كافراً ، فقال : يا محمد !.. اردد عليّ امرأتي ، فإنك قد شرطت لنا أن تردّ علينا مَن أتاك منا ، وهذه طينة الكتاب لم تجفّ بعد.
    فنزلت الآية : { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات } من دار الكفر إلى دار الإسلام { فامتحنوهن } ، قال ابن عباس : امتحانهن أن يستحلفن ما خرجن من بغض زوج ولا رغبةً عن أرض إلى أرض ، ولا التماس دنيا ، ولا خرجت إلا حبّاً لله ولرسوله ، فاستحلفها رسول الله (ص) ما خرجت بغضاً لزوجها ، ولا عشقاً لرجل منا ، وما خرجت إلا رغبةً في الإسلام ، فحلفت بالله الذي لا إله إلا هو على ذلك ، فأعطى رسول الله (ص) زوجها مهرها ، وما أنفق عليها ولم يردّها عليه.ص338

    المصدر:
    مجمع البيان 9/273


    قال الصادق (ع) : كان سبب نزول هذه السورة { إنا فتحنا لك فتحا } وهذا الفتح العظيم ، أنّ الله عزّ وجلّ أمر رسول الله (ص) في النوم أن يدخل المسجد الحرام ويطوف ، ويحلق مع المحلّقين ، فأخبر أصحابه وأمرهم بالخروج فخرجوا ، فلما نزل ذا الحليفة أحرموا بالعمرة وساقوا البُدن ، وساق رسول الله (ص) ستة وستين بدنة وأشعرها عند إحرامه ، وأحرموا من ذي الحليفة ملبّين بالعمرة ، وقد ساق مَن ساق منهم الهدي معرات مجلّلات .
    فلما بلغ قريش ذلك بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس كميناً ليستقبل رسول الله (ص) فكان يعارضه على الجبال ، فلما كان في بعض الطريق حضرت صلاة الظهر ، فأذّن بلال وصلّى رسول الله (ص) بالناس ، فقال خالد بن الوليد : لو كنا حملنا عليهم في الصلاة لأصبناهم ، فإنهم لا يقطعون صلاتهم ، ولكن يجيء لهم الآن صلاة أخرى أحبّ إليهم من ضياء أبصارهم ، فإذا دخلوا في الصلاة أغرنا عليهم .
    فنزل جبرائيل (ع) على رسول الله (ص) بصلاة الخوف في قوله : { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة } ، فلما كان في اليوم الثاني نزل رسول الله (ص) الحديبية وهي على طرف الحرم ، وكان رسول الله (ص) يستنفر الأعراب في طريقه معه ، فلم يتبعه منهم أحدٌ ، ويقولون : أيطمع محمد وأصحابه أن يدخلوا الحرم ، وقد غزتهم قريش في عقر ديارهم فقتلوهم ، إنه لا يرجع محمد وأصحابه إلى المدينة أبداً .
    فلما نزل رسول الله (ص) الحديبية خرجت قريش يحلفون باللاّت والعزّى لا يدعون محمدا يدخل مكة وفيهم عينٌ تطرف ، فبعث إليهم رسول الله (ص) إني لم آت لحرب ، وإنما جئت لأقضي نسكي ، وأنحر بُدني ، وأخلي بينكم وبين لحماتها .
    فبعثوا عروة بن مسعود الثقفي وكان عاقلاً لبيباً وهو الذي أنزل الله فيه :
    { وقالوا لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } ، فلما أقبل إلى رسول الله (ص) عظّم ذلك وقال : يا محمد !.. تركتُ قومك وقد ضربوا الأبنية ، وأخرجوا العوذ المطافيل ، يحلفون باللاّت والعزّى لا يدعوك تدخل حرمهم وفيهم عينٌ تطرف ، أفتريد أن تُبير أهلك وقومك يا محمد ؟!.. فقال رسول الله (ص) : ما جئت لحرب وإنما جئت لأقضي نسكي ، فأنحر بُدني وأخلّي بينكم وبين لحماتها ، فقال عروة : بالله ما رأيت كاليوم أحداً صدّ عما صُددت .
    فرجع إلى قريش وأخبرهم ، فقالت قريش : والله لئن دخل محمد مكة وتسامعت به العرب لنذلّن ولتجترأن علينا العرب ، فبعثوا حفص بن الأحنف وسهيل بن عمرو ، فلما نظر إليهما رسول الله (ص) قال : " ويح قريش !.. قد نهكتهم الحرب ، ألا خلوا بيني وبين العرب ؟.. فإن أكُ صادقاً فإنما أجرّ الملك إليهم مع النبوة ، وإن أكُ كاذباً كفتهم ذؤبان العرب ، لا يسأل اليوم امرؤٌ من قريش خطة ليس لله فيها سخط ، إلا أجبتهم إليه ".
    فوافوا رسول الله (ص) فقالوا : يا محمد !.. إلى أن ننظر إلى ماذا يصير أمرك وأمر العرب على أن ترجع من عامك هذا ، فإنّ العرب قد تسامعت بمسيرك فإن دخلت بلادنا وحرمنا ، استذلّتنا العرب واجترأت علينا ونخلي لك البيت في القابل في هذا الشهر ثلاثة أيام ، حتى تقضي نسكك وتنصرف عنا ، فأجابهم رسول الله (ص) إلى ذلك ، وقالوا له : وتردّ إلينا كل من جاءك من رجالنا ، ونردّ إليك كل من جاءنا من رجالك ، فقال رسول الله (ص) : من جاءكم من رجالنا فلا حاجة لنا فيه ، ولكن على أن المسلمين بمكة لا يُؤذَون في إظهارهم الإسلام ولا يُكرهون ولا ينكر عليهم شيء يفعلونه من شرائع الإسلام ، فقبلوا ذلك .
    فلما أجابهم رسول الله (ص) إلى الصلح أنكر عليه عامةُ أصحابه وأشد ما كان إنكارا عمر ، فقال : يا رسول الله !.. ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟.. فقال : نعم ، قال : فنعطي الدنية في ديننا ؟.. فقال : إنّ الله قد وعدني ولن يخلفني قال : لو أنّ معي أربعين رجلاً لخالفته ، ورجع سهيل بن عمرو وحفص بن الأحنف إلى قريش فأخبراهم بالصلح ، فقال عمر : يا رسول الله !.. ألم تقل لنا أن ندخل المسجد الحرام ونحلق مع المحلّقين ؟.. فقال : " أمن عامنا هذا وعدتك ؟.. قلت لك : إنّ الله عزّ وجلّ قد وعدني أن أفتح مكة وأطوف وأسعى وأحلق مع المحلّقين ".
    فلما أكثروا عليه قال لهم : إن لم تقبلوا الصلح فحاربوهم ، فمرّوا نحو قريش وهم مستعدّون للحرب وحملوا عليهم ، فانهزم أصحاب رسول الله (ص) هزيمةً قبيحةً ومرّوا برسول الله (ص) فتبسّم رسول الله (ص) ، ثم قال :
    " يا علي !.. خذ السيف واستقبل قريشا " .
    فأخذ أمير المؤمنين (ع) سيفه وحمل على قريش ، فلما نظروا إلى أمير المؤمنين (ع) تراجعوا ، وقالوا : يا علي !.. بدا لمحمد فيما أعطانا ؟.. قال : لا ، فرجع أصحاب رسول الله (ص) مستحيين وأقبلوا يعتذرون إلى رسول الله (ص) ، فقال لهم رسول الله (ص) :
    "ألستم أصحابي يوم بدر إذ أنزل الله فيكم : { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين } .. ألستم أصحابي يوم أحد { إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم ؟.. ألستم أصحابي يوم كذا ؟.. ألستم أصحابي يوم كذا ؟.. " فاعتذروا إلى رسول الله (ص) وندموا على ما كان منهم ، وقالوا : الله أعلم ورسوله ، فاصنع ما بدا لك .
    ورجع حفص بن الأحنف وسهيل بن عمرو إلى رسول الله (ص) فقالا :
    يا محمد !.. قد أجابت قريش إلى ما اشترطت من إظهار الإسلام وأن لا يُكره أحدٌ على دينه ، فدعا رسول الله (ص) بالمكتب ودعا أمير المؤمنين (ع) ، فقال له : اكتب ، فكتب أمير المؤمنين (ع) : { بسم الله الرحمن الرحيم } ، قال سهيل بن عمرو : لا نعرف الرحمن اكتب كما كان يكتب آباؤك " باسمك اللهم !.. " فقال رسول الله (ص) : " اكتب باسمك اللهم ، فإنه اسم من أسماء الله " .
    ثم كتب : "هذا ما تقاضى عليه محمد رسول الله (ص) والملأ من قريش " فقال سهيل بن عمرو : ولو علمنا أنك رسول الله (ص) ما حاربناك ، اكتب هذا ما تقاضى عليه محمد بن عبد الله ، أتأنف من نسبك يا محمد ؟.. فقال رسول الله (ص) : " أنا رسول الله وإن لم تقرّوا " ثم قال : امح يا علي !.. واكتب محمد بن عبد الله ، فقال أمير المؤمنين (ع) : ما أمحو اسمك من النبوة أبداً ، فمحاه رسول الله (ص) بيده ثم كتب :
    هذا ما تقاضى عليه محمد بن عبد الله والملأ من قريش وسهيل بن عمرو ، اصطلحوا على وضع الحرب بينهم عشر سنين ، على أن يكفّ بعضنا عن بعض وعلى أنه لا إسلال ولا إغلال ، وأنّ بيننا وبينهم عيبة مكفوفة ، وأنه من أحبّ أن يدخل في عهد محمد وعقده فعل ، وأنه مَن أحبّ أن يدخل في عقد قريش وعقدها فعل ، وأنه مَن أتى محمدا بغير إذن وليه يردّه إليه ، وأنه مَن أتى قريشاً من أصحاب محمد لم يردّوه إليه ، وأن يكون الإسلام ظاهراً بمكة لا يُكره أحدٌ على دينه ولا يُؤذى ولا يعيّر ، وأنّ محمداً يرجع عنهم عامه هذا وأصحابه ثم يدخل علينا في العام القابل مكة ، فيقيم فيها ثلاثة أيام ، ولا يدخل علينا بسلاح إلا سلاح المسافر ، السيوف في القِرَب ، وكتب علي بن أبي طالب وشهد على الكتاب المهاجرون والأنصار .
    ثم قال رسول الله (ص) : يا علي !.. إنك أبيت أن تمحو اسمي من النبوة ، فو الذي بعثني بالحقّ نبياً لتجيبنّ أبناءهم إلى مثلها وأنت مضيضٌ ( أي بلغ الحزن قلبك ) مضطهد .
    فلما كان يوم صفّين ورضوا بالحكمين كتب : " هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان " فقال عمرو بن العاص :
    لو علمنا أنك أمير المؤمنين ما حاربناك ، ولكن اكتب هذا ما اصطلح عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ، فقال أمير المؤمنين (ع) :" صدق الله وصدق رسوله (ص) ، أخبرني رسول الله (ص) بذلك " ثم كتب الكتاب .ص353

    المصدر:
    تفسير القمي ص631


    قال الصادق (ع) : إنّ رسول الله (ص) في عمرة القضاء شرط عليهم أن يرفعوا الأصنام من الصفا والمروة ، فتشاغل رجلٌ حتى ترك السعي حتى انقضت الأيام وأُعيدت الأصنام ، فجاؤا إليه فقالوا : يا رسول الله !.. إنّ فلاناً لم يسعَ بين الصفا والمروة وقد أُعيدت الأصنام ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { فلا جناح عليه أن يطوف بهما } ، أي وعليهما الأصنام . ص365

    المصدر:
    فروع الكافي 1/285






    باب مراسلاته (ص) إلى ملوك العجم والروم وغيرهم ، وما جرى بينه وبينهم ، وبعض ما جرى إلى غزوة خيبر
    روي أنه لما بُعث محمد (ص) بالنبوة ، بعث كسرى رسولا إلى باذان عامله في أرض المغرب : بلغني أنه خرج رجلٌ قِبَلك يزعم أنه نبيٌّ فلتقل له : فليكفف عن ذلك ، أو لأبعثنّ إليه مَن يقتله ويقتل قومه ، فبعث باذان إلى النبي (ص) بذلك فقال (ص): " لو كان شيءٌ قلته من قِبَلي لكففت عنه ، ولكنّ الله بعثني " وترك رسل باذان وهم خمسة عشر نفراً لا يكلّمهم خمسة عشر يوماً ثم دعاهم ، فقال : اذهبوا إلى صاحبكم فقولوا له :
    " إنّ ربي قتل ربه الليلة ، إنّ ربي قتل كسرى الليلة ، ولا كسرى بعد اليوم ، وقتل قيصر ولا قيصر بعد اليوم " فكتبوا قوله فإذا هما قد ماتا في الوقت الذي حدّثه محمد (ص) . ص380
    المصدر:
    الخرائج

    إنّ النبي (ص) كتب إلى كسرى : " من محمد رسول الله إلى كسرى بن هرمزد ، أما بعد فأسلم تَسلم ، وإلا فأذن بحرب من الله ورسوله ، والسلام على مَن اتبع الهدى " .
    فلما وصل إليه الكتاب مزّقه واستخفّ به ، وقال : مَن هذا الذي يدعوني إلى دينه ، ويبدأ باسمه قبل اسمي ؟.. وبعث إليه بتراب فقال (ص) :
    " مزّق الله ملكَه كما مزّق كتابي ، أما إنه ستمزقون ملكه ، وبعث إليّ بتراب أما إنكم ستملكون أرضه " .ص381

    المصدر:
    المناقب 1/70


    وفي رواية كتب إلى باذان : أن بلغني أنّ في أرضك رجلاً يتنبّأ فاربطه وابعث به إليّ ، فبعث باذان قهرمانه وهو بانوبه وكان كاتباً حاسباً ، وبعث معه برجل من الفرس يقال له خرخسك ، فكتب معهما إلى رسول الله (ص) يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى ، وقال لبانوبه : ويلك انظر ما الرجل وكلّمه وأتني بخبره .
    فخرجا حتى قدما المدينة على رسول الله (ص) وكلّمه بانوبه ، وقال : إنّ شاهنشاه ملك الملوك كسرى كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك مَن يأتيه بك ، وقد بعثني إليك لتنطلق معي ، فإن فعلتَ كتبتُ فيك إلى ملك الملوك بكتاب ينفعك ويكفّ عنك به ، وإن أبيت فهو مَن قد علمت ، فهو مهلكك ومهلك قومك ومخرّب بلادك .
    وكانا قد دخلا على رسول الله (ص) وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما ، فكره النظر إليهما ، وقال : " ويلكما مَن أمركما بهذا ؟.. " قالا : أمرنا بهذا ربنا - يعنيان كسرى - فقال رسول الله (ص) : " لكنّ ربي أمرني بإعفاء لحيتي وقص شاربي " .ص390

    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى - الباب6


    أما النجاشي فإنّ رسول الله (ص) بعث عمرو بن أمية إليه في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه ، وكتب :
    " بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة ، إني أحمد إليك الله الملك القدوس السلام المهيمن ، وأشهد أنّ عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة ، فحملت بعيسى ، وأني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له ، فإن تبعتني وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله ، وقد بعثت إليك ابن عمي جعفرا ومعه نفرٌ من المسلمين ، والسلام على مَن اتبع الهدى " .
    فكتب النجاشي إلى رسول الله (ص) :
    " بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى محمد رسول الله من النجاشي ، سلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته ، الذي لا إله إلا هو ، الذي هداني إلى الإسلام ، أما بعد :
    فقد بلغني كتابك يا رسول الله ، فيما ذكرت من أمر عيسى ، فوربّ السماء والأرض أن عيسى ما يزيد على ما ذكرت ثفروقا ( أي شيئا ) ، إنه كما قلتَ وقد عرفنا ما بُعثت به إلينا ، وقدم ابن عمك وأصحابك ، وأشهد أنك رسول الله (ص) ، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك ، وأسلمت على يديه لله ربّ العالمين ، وقد بعثت إليك بإبنيّ ، فإن شئت أن آتيتك فعلت يا رسول الله (ص) !.. فإني أشهد أنّ ما تقول حقٌّ ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته " .
    قال ابن إسحاق : فذكر لي إنه بعث ابنه في ستين من الحبشة في سفينة حتى إذا توسطوا البحر غرقت بهم السفينة فهلكوا . ص392

    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى - الباب6


    كتب رسول الله (ص) إلى النجاشي كتابين يدعوه في أحدهما إلى الإسلام ، ويتلو عليه القرآن ، فأخذ كتاب رسول الله (ص) فوضعه على عينه ، ونزل من سريره ، ثم جلس على الأرض تواضعاً ، ثم أسلم وشهد شهادته الحقّ ، وقال : لو كنت أستطيع أن آتيه لآتينّه ، وكتب إلى رسول الله (ص) بإجابته وتصديقه وإسلامه على يد جعفر بن أبي طالب .ص393

    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى - الباب6


    وأما الحارث بن أبي الشمر الغساني ، فقال شجاع بن وهب : انتهيت بكتاب رسول الله وهو بغوطة دمشق ، وهو مشغول بتهيّة الأنزال والألطاف لقيصر ، وهو جاء من حمص إلى إيليا ، فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة ، فقلت لحاجبه : إني رسول رسول الله (ص) ، فقال : لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا وكذا .
    وجعل حاجبه - وكان رومياً - يسألني عن رسول الله (ص) ، فكنت أحدّثه عن صفة رسول الله (ص) وما يدعو إليه فيرقّ حتى يغلبه البكاء ، ويقول : إني قرأت الإنجيل وأجد صفة هذا النبي بعينه ، وأنا أؤمن به وأصدّقه ، وأخاف من الحارث أن يقتلني ، وكان يكرمني ويحسن ضيافتي .
    فخرج الحارث يوماً فجلس ووضع التاج على رأسه ، وأذن لي عليه فدفعت إليه كتاب رسول الله (ص) فقرأه ثم رمى به وقال : من ينتزع مني ملكي ؟.. أنا سائرٌ إليه ، ولو كان باليمن جئته ، عليَّ بالناس !..
    فلم يزل يعرض حتى قام وأمر بالخيول تنعّل ، ثم قال : اخْبر صاحبك بما ترى ، وكتب إلى قيصر يخبره خبري وما عظم عليه ، فكتب إليه قيصر : أن لا تسر إليه والهِ عنه ووافني بإيليا .
    فلما جاءه جواب كتابه دعاني فقال : متى تريد أن تخرج إلى صاحبك ؟.. فقلت : غداً ، فأمر لي بمائة مثقال ذهب ووصلني حاجبه بنفقة وكسوة ، فقال : اقرأ على رسول الله (ص) مني السلام ، فقدمت على النبي (ص) فأخبرته فقال : ( باد ملكُه ) ومات الحارث بن أبي الشمر عام الفتح.ص394

    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى - الباب6


    بعث رسول الله (ص) سليط بن عمرو العامري إلى هوذة بن علي الحنفي يدعوه إلى الإسلام ، وكتب معه كتاباً ، فقدم عليه فأنزله وحيّاه وقرأ كتاب رسول الله (ص) وكتب إليه :
    " ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله ، وأنا شاعر قومي وخطيبهم ، والعرب تهاب مكاني ، فاجعل لي بعض الأمر أتّبعك " وأجاز سليط بن عمرو بجائزة وكساه أثوابا من نسج هجر .
    فقدم بذلك كله على رسول الله (ص) وأخبره عنه بما قال فقرأ كتابه وقال :
    " لو سألني سبّابة من الأرض ما فعلت ، باد وباد ما في يده " فلما انصرف رسول الله (ص) من الفتح جاءه جبرائيل فأخبره أنه قد مات. ص395

    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى - الباب6


    كتب النجاشي - رحمه الله - كتاباً إلى النبي (ص) ، فقال رسول الله (ص) لعلي (ع) : " اكتب جواباً وأوجز " فكتب :
    " بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد : فكأنك من الرقّة علينا منّا ، وكأنا من الثقة بك منك ، لأنا لا نرجو شيئاً منك إلا نلناه ، ولا نخاف منك أمراً إلا أمنّاه وبالله التوفيق ".
    فقال النبي (ص) : الحمد لله الذي جعل من أهلي مثلك ، وشدّ أزري بك.ص397

    المصدر:
    من خط الشهيد





    باب غزوة خيبر وفدك ، وقدوم جعفر بن أبي طالب (ع)
    خرجنا مع رسول الله (ص) إلى خيبر فسرنا ليلاً ، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع : ألا تُسمعنا من هنيهاتك ؟.. وكان عامرٌ رجلاً شاعراً ، فجعل يقول :
    لاهمّ لولا أنت ما اهتدينا***ولا تصدّقنا ولا صلّينا
    فاغفر فداء لك ما اقتنينا***وثبّت الأقدام إن لاقينا
    وأنزلنْ سكينة علينا *** إنا إذا صيح بنا أنينا
    فقال رسول الله (ص) : مَن هذا السائق ؟.. قالوا : عامر ، قال : يرحمه الله ، قال عمر وهو على جمل : وجبتْ يا رسول الله ، لولا أمتعْتنا به ، وذلك أنّ رسول الله (ص) ما استغفر لرجل قطّ يخصّه إلا استشهد ، قالوا : فلما جدّ الحرب وتصافّ القوم خرج يهودي وهو يقول :
    قد علمت خيبر أني مرحبٌ***شاكي السلاح بطل مجرّبٌ
    إذا الحروب أقبلت تلهّب
    فبرز إليه عامر وهو يقول :
    قد علمت خيبر أني عامرٌ***شاكي السلاح بطلٌ مغامرٌ
    فاختلفا ضربتين فوقع سيف اليهودي في ترس عامر ، وكان سيف عامر فيه قِصر ، فتناول به ساق اليهودي ليضربه ، فرجع ذباب سيفه فأصاب عين ركبة عامر فمات منه ، قال سلمة : فإذا نفر من أصحاب رسول الله (ص) يقولون : بطُل عملُ عامر ، قتل نفسه !.. قال : فأتيت النبي (ص) وأنا أبكي ، فقلت : قالوا : إنّ عامراً بطل عمله ، فقال : من قال ذلك ؟.. قلت : نفرٌ من أصحابك فقال : كذب أولئك ، بل أوتي من الأجر مرتين . ص2
    المصدر:
    مجمع البيان 9/119

    عن أبي رافع مولى رسول الله (ص) قال : خرجنا مع عليّ (ع) حين بعثه رسول الله (ص) ، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم ، فضربه رجل من اليهود فطرح ترسه من يده ، فتناول عليّ (ع) باب الحصن فتترّس به عن نفسه ، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ، ثم ألقاه من يده ، فلقد رأيتني في سبعة نفر أنا منهم نجهد على أن نقلّب ذلك الباب ، فما استطعنا أن نقلّبه . ص4

    المصدر:
    مجمع البيان 9/119


    قال الباقر (ع) : حدّثني جابر بن عبد الله أنّ عليّاً (ع) حمل الباب يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه ، فاقتحموها ففتحوها ، وإنه حُرّك بعد ذلك فلم يحمله أربعون رجلاً . ص4

    المصدر:
    مجمع البيان 9/119


    أُتي رسول الله (ص) بصفية بنت حي بن أخطب وبأخرى معها ، فمرّ بهما بلال - وهو الذي جاء بهما - على قتلى من قتلى اليهود ، فلما رأتهم التي معها صفية صاحت وصكّت وجهها ، وحثت التراب على رأسها ، فلما رآها رسول الله (ص) قال : أعزبوا عني هذه الشيطانة !.. وأمر بصفية فحيزت خلفه ، وألقى عليها رداءه فعرف المسلمون أنه قد اصطفاها لنفسه ، وقال (ص) لبلال لما رأى من تلك اليهودية ما رأى :
    أنُزعتْ منك الرحمة يا بلال ، حيث تمرّ بامرأتين على قتلى رجالهما ؟.. ص5

    المصدر:
    مجمع البيان 9/119


    سمعت رسول الله (ص) يقول لعليّ - ثلاث - : فلئن يكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النعم .. سمعت رسول الله (ص) يقول لعليّ وخلّفه في بعض مغازيه ، فقال :
    يا رسول الله !.. تخلّفني مع النساء والصبيان ؟.. فقال رسول الله (ص) :
    " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي "؟..
    وسمعته يقول يوم خيبر :
    " لأعطين الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله " قال : فتطاولنا لهذا ، قال : ادعوا لي عليّاً ، فأتى عليّ أرمد العين فبصق في عينيه ، ودفع إليه الراية ففتح عليه ، ولما نزلت هذه الآية :
    { ندع أبناءنا وأبناءكم } دعا رسول الله (ص) عليّا وفاطمة وحسنا وحسينا (ع) وقال : اللهم !.. هؤلاء أهلي . ص11

    المصدر:
    أمالي الطوسي ص193


    رجع رسول الله (ص) من غزوة خيبر ، وبعث أسامة بن زيد في خيل إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك ليدعوهم إلى الإسلام ، وكان رجل من اليهود يقال له مرداس بن نهيك الفدكي في بعض القرى ، فلما أحسّ بخيل رسول الله (ص) جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل ، فأقبل يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّ محمدا رسول الله ، فمرّ به أسامة بن زيد فطعنه وقتله ، فلما رجع إلى رسول الله (ص) أخبره بذلك ، فقال له رسول الله (ص) :
    قتلت رجلاً شهدَ أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ؟.. فقال : يا رسول الله !.. إنما قالها تعوّذاً من القتل ، فقال رسول الله (ص) :
    " فلا شققت الغطاء عن قلبه .. لا ما قال بلسانه قبلتَ ، ولا ما كان في نفسه علمتَ " فحلف أسامة بعد ذلك أنه لا يقاتل أحداً شهد أن لا إله إلا الله ، وأنّ محمدا رسول الله ، فتخلّف عن أمير المؤمنين (ع) في حروبه وأنزل الله في ذلك : { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليّكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا } . ص11

    المصدر:
    تفسير القمي ص136


    حاصر رسول الله خيبر بضعاً وعشرين ليلة ، وكانت الراية يومئذ لأمير المؤمنين (ع) فلحقه رمدٌ فمنعه من الحرب ، وكان المسلمون يناوشون اليهود من بين أيدي حصونهم وجنباتها ، فلما كان ذات يوم فتحوا الباب وقد كانوا خندقوا على أنفسهم خندقا ، وخرج مرحب برجله يتعرّض للحرب ، فدعا رسول الله (ص) أبا بكر فقال له : " خذ الراية " فأخذها في جمع من المهاجرين فاجتهد فلم يغن شيئاً ، فعاد يؤنّب القوم الذين اتبعوه ويؤنّبونه ، فلما كان من الغد تعرّض لها عمر فسار بها غير بعيد ، ثم رجع يجبّن أصحابه ويجبّنونه ، فقال النبي (ص) :
    " ليست هذه الراية لمن حملها ، جيئوني بعليّ بن أبي طالب ) فقيل له : إنه أرمد ، قال (ص) : ( أرونيه ، تروني رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله، يأخذها بحقها ليس بفرّار ".. فجاؤا بعليّ (ع) يقودونه إليه ، فقال له النبي (ص) : " ما تشتكي يا عليّ ؟.. " قال : رمدٌ ، ما أبصر معه ، وصداع برأسي ، فقال له : " اجلس ، وضع رأسك على فخذي ".. ففعل عليّ (ع) ذلك ، فدعا له النبي (ص) فتفل في يده فمسح بها على عينيه ورأسه ، فانفتحت عيناه ، وسكن ما كان يجده من الصداع ، وقال في دعائه :
    " اللهم !.. قه الحرّ والبرد "وأعطاه الراية ، وكانت راية بيضاء .
    وقال له : " خذ الراية وامض بها ، فجبرئيل معك ، والنصر أمامك ، والرعب مبثوث في صدور القوم ، واعلم يا عليّ !.. إنهم يجدون في كتابهم أنّ الذي يدمّر عليهم اسمه إيليا ، فإذا لقيتهم فقل : أنا عليّ ، فإنهم يُخذلون إن شاء الله تعالى " قال أمير المؤمنين (ع) : فمضيت بها حتى أتيت الحصون ، فخرج مرحب وعليه مغفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه ، وهو يرتجز ويقول :
    قد علمت خيبر أني مرحبٌ***شاك السلاح بطل مجرّبٌ
    فقلت :
    أنا الذي سمتني أمي حيدرة كليث غاباتٍ شديد قسورة
    أكيلكم بالسيف كيل السندرة
    واختلفنا ضربتين فبدرتُه وضربته ، فقددتُ الحجر والمغفر ورأسه ، حتى وقع السيف في أضراسه ، فخرّ صريعاً . ص16

    المصدر:
    الإرشاد ص62


    أركبه رسول الله (ص) يوم خيبر ، وعمّمه بيده وألبسه ثيابه وأركبه بغلته.ثم قال : " امض يا علي وجبرائيل عن يمينك ، وميكائيل عن يسارك ، وعزرائيل أمامك ، وإسرافيل وراءاك ، ونصر الله خلفك " وخُبّر النبي (ص) رميُه باب خيبر أربعين ذراعاً ، فقال (ص) :
    والذي نفسي بيده !.. لقد أعانه عليه أربعون ملكاً . ص19

    المصدر:
    المناقب 2/78


    لما خرج جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة إلى النبي (ص) قدم جعفر - رحمه الله - والنبي (ص) بأرض خيبر ، فأتاه بالفرع من الغالية والقطيفة فقال النبي (ص) : " لأدفعنّ هذه القطيفة إلى رجل يحبّ الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله " فمدّ أصحاب النبي (ص) أعناقهم إليها ، فقال النبي (ص) : أين عليّ ؟..
    فوثب عمّار بن ياسر - رضي الله عنه - فدعا عليّا (ع) ، فلما جاء قال له النبي (ص) : " يا عليّ !.. خذ هذه القطيفة إليك " .. فأخذها عليّ (ع) وأمهل حتى قدم المدينة فانطلق إلى البقيع - وهو سوق المدينة - فأمر صائغاً ففصّل القطيفة سلكاً سلكاً ، فباع الذهب وكان ألف مثقال ، ففرّقه عليّ (ع) في فقراء المهاجرين والأنصار ، ثم رجع إلى منزله ولم يترك من الذهب قليلاً ولا كثيراً ، فلقيه النبي (ص) من غد في نفرٍ من أصحابه فيهم حذيفة وعمّار فقال :
    " يا عليّ!.. إنك أخذت بالأمس ألف مثقال ، فاجعل غدائي اليوم وأصحابي هؤلاء عندك " ولم يكن عليّ (ع) يرجع يومئذ إلى شيء من العروض - ذهبٍ أو فضةٍ - فقال حياءً منه وتكرّماً : نعم يا رسول الله وفي الرحبّ والسعة ، ادخل يا نبي الله أنت ومن معك!.. قال : فدخل النبي (ص) ثم قال لنا : ادخلوا ، قال حذيفة : وكنا خمسة نفر : أنا ، وعمّار ، وسلمان ، وأبو ذر ، والمقداد رضي الله عنهم .
    فدخلنا ودخل عليّ على فاطمة (ع) يبتغي عندها شيئاً من زاد ، فوجد في وسط البيت جفنة من ثريد تفور ، وعليها عراق كثير ، وكأنّ رائحتها المسك ، فحملها عليّ (ع) حتى وضعها بين يدي رسول الله (ص) ومن حضر معه ، فأكلنا منها حتى تملأنا ولا ينقص منها قليلٌ ولا كثيرٌ ، وقام النبي (ص) حتى دخل على فاطمة (ع) ، وقال : " أنّى لك ِهذا الطعام يا فاطمة ؟.. " فردت عليه ونحن نسمع قولهما فقالتْ : هو من عند الله ، إنّ الله يرزق مَن يشاء بغير حساب .
    فخرج النبي (ص) إلينا مستعبرا وهو يقول : الحمد لله الذي لم يمُتني حتى رأيت لابنتي ما رأى زكريا لمريم ، كان إذا دخل عليها المحراب وجد عندها رزقاً ، فيقول لها : يا مريم أنّى لك هذا ؟!.. فتقول : هو من عند الله ، إنّ الله يرزق مَن يشاء بغير حساب.ص20

    المصدر:
    أمالي الطوسي ص36


    قال الباقر (ع) : انتهى إلى باب الحصن وقد أُغلق في وجهه ، فاجتذبه اجتذاباً وتترّس به ، ثم حمله على ظهره ، واقتحم الحصن اقتحاماً ، واقتحم المسلمون والباب على ظهره ، قال : فوالله ما لقي عليّ من الناس تحت الباب أشدّ مما لقي من الباب ، ثم رمى بالباب رمياً .
    وخرج البشير إلى رسول الله (ص) إنّ عليّاً (ع) دخل الحصن ، فأقبل رسول الله فخرج عليّ (ع) يتلّقاه فقال (ص) : " بلغني نبأك المشكور ، وصنيعك المذكور ، قد رضي الله عنك فرضيتُ أنا عنك " فبكى عليّ عليه السلام فقال له : "ما يبكيك يا عليّ ؟.. " فقال :
    فرحاً بأنّ الله ورسوله عني راضيان .... الخبر . ص22

    المصدر:
    إعلام الورى ص62


    قال الباقر (ع): فلما فرغ رسول الله (ص) من خيبر عقد لواءً ، ثم قال :
    " مَن يقوم إليه فيأخذه بحقه ؟.. " وهو يريد أن يبعث به إلى حوائط فدك ، فقام الزبير إليه فقال : أنا ، فقال : ( أمط عنه ) ثم قام إليه سعد فقال :
    " أمط عنه " ثم قال : " يا عليّ !.. قم إليه فخذه " فأخذه فبعث به إلى فدك ، فصالحهم على أن يحقن دماءهم ، فكانت حوائط فدك لرسول الله خاصّاً خالصاً .
    فنزل جبرائيل (ع) فقال : إنّ الله عزّ وجلّ يأمرك أن تؤتي ذا القربى حقه ، قال : يا جبرائيل ومَن قرباي ؟!.. و ما حقها ؟.. قال : فاطمة ، فأعطها حوائط فدك وما لله ولرسوله فيها ، فدعا رسول الله (ص) فاطمة وكتب لها كتاباً ، جاءت به بعد موت أبيها إلى أبي بكر ، وقالت : هذا كتاب رسول الله (ص) لي ولإبنيّ .... الخبر . ص23

    المصدر:
    إعلام الورى ص26


    قال رسول الله (ص) لجعفر : " يا جعفر !.. ألا أمنحك ؟.. ألا أعطيك؟.. ألا أحبوك ؟.. " فقال له جعفر : بلى يا رسول الله !.. فظنّ الناس أنه يعطيه ذهباً أو فضةً ، فتشوّف الناس لذلك ، فقال له :
    " إني أعطيك شيئاً إن أنت صنعته في كلّ يوم ، كان خيراً لك من الدنيا وما فيها " ثم علّمه (ص) صلاة جعفر على ما سيأتي إن شاء الله. ص24

    المصدر:
    فروع الكافي 1/129


    قال عليّ (ع) : إنّ رسول الله (ص) لما جاءه جعفر بن أبي طالب من الحبشة ، قام إليه واستقبله اثنتي عشرة خطوة ، وقبّل ما بين عينيه وبكى ، وقال :
    " لا أدري بأيهما أنا أشدّ سروراً ، بقدومك يا جعفر ، أم بفتح الله على أخيك خيبر ؟.. " وبكى فرحاً برؤيته . ص24

    المصدر:
    الخصال 2/82 ، العيون ص140


    قال أمير المؤمنين (ع) في رسالته إلى سهل بن حنيف رحمه الله : والله ما قلعتُ باب خيبر ورميتُ به خلف ظهري أربعين ذراعاً بقوة جسدية ، ولا حركة غذائية ، لكني أُيّدت بقوة ملكوتية ، ونفس بنور ربها مضيئة .. وأنا من أحمد كالضوء من الضوء ، والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما ولّيت ، ولو أمكنتني الفرصة من رقابها لما بقّيت ، ومن لم يبالِ متى حتفه عليه ساقطٌ ، فجنانه في الملمات رابط . ص26

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص307


    فيما أجاب أمير المؤمنين (ع) اليهودي الذي سأل عن علامات الأوصياء أن قال : وأما السادسة يا أخا اليهود !.. فإنا وردنا مع رسول الله (ص) مدينة أصحابك خيبر على رجال من اليهود وفرسانها من قريش وغيرها ، فتلّقونا بأمثال الجبال من الخيل والرجال والسلاح ، وهم في أمنع دارٍ ، وأكثر عددٍ ، كلٌّ ينادي يدعو ويبادر إلى القتال ، فلم يبرز إليهم من أصحابي أحدٌ إلا قتلوه ، حتى إذا احمّرت الحُدق ودُعيت إلى النزال ، وأهمّت كل امرئ نفسه ، والتفت بعض أصحابي إلى بعض وكلٌّ يقول : يا أبا الحسن انهض !..
    فأنهضني رسول الله (ص) إلى دارهم ، فلم يبرز إليّ منهم أحدٌ إلا قتلتُه ، ولا يثبت لي فارسٌ إلا طحنته ، ثم شددت عليهم شدّة الليث على فريسته ، حتى أدخلتهم جوف مدينتهم مسدّداً عليهم ، فاقتلعت باب حصنهم بيديّ حتى دخلت عليهم مدينتهم وحدي ، أقتل من يظهر فيها من رجالها ، وأسبي من أجد من نسائها حتى افتتحتهُا وحدي ، ولم يكن لي فيها معاون إلا الله وحده . ص27

    المصدر:
    الخصال 2/16


    روي أنه لما انصرف رسول الله (ص) من خيبر راجعاً إلى المدينة قال جابر : وصرنا على وادٍ عظيمٍ قد امتلأ بالماء ، فقاسوا عمقه برمح فلم يبلغ قعره ، فنزل رسول الله (ص) وقال :
    " اللهم !.. أعطنا اليوم آية من آيات أنبيائك و رسلك " ثم ضرب الماء بقضيبه واستوى على راحلته ثم قال : " سيروا خلفي باسم الله " فمضت راحلته على وجه الماء ، فاتّبعه الناس على رواحلهم ودوابهم ، فلم تترطّب أخفافها ولا حوافرها . ص30

    المصدر:
    الخرائج ص188










    باب ذكر الحوادث بعد غزوة خيبر إلى غزوة مؤتة
    كان رسول الله (ص) يخطب على جذع نخلة ، فقالت امرأةٌ من الأنصار كان لها غلامٌ نجّارٌ : يا رسول الله !.. إنّ لي غلاماً نجاراً ، أفلا آمره يتخذ لك منبرا تخطب عليه ، قال : بلى ، فاتخذ له منبراً ، فلما كان يوم الجمعة خطب على المنبر ، فأنّ الجذع الذي كان يقوم عليه كأنين الصبي ، فقال النبي (ص) : إن هذا بكى لما فَقَد من الذكْر . ص47
    المصدر:
    المنتقى في مولد المصطفى - الباب8





    باب غزوة مؤتة وما جرى بعدها إلى غزوة ذات السلاسل
    ثم قال (ص) : " أخذ اللواء زيد فقاتل به فقُُتل ، رحم الله زيداً .. ثم أخذ اللواء جعفر وقاتل وقُتل ، رحم الله جعفراً .. ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة وقاتل فقُتل ، فرحم الله عبد الله " فبكى أصحاب رسول الله (ص) وهم حوله فقال لهم النبي (ص) : " وما يبكيكم ؟.. " فقالوا : وما لنا لا نبكي وقد ذهب خيارنا وأشرافنا وأهل الفضل منا ؟..
    فقال لهم (ص) : لا تبكوا فإنما مَثَل أمتي مَثَل حديقة قام عليها صاحبها فأصلح رواكبها ( أي فسيلة في أعلى النخل ) ، وبنى مساكنها ، وحلق سعفها ، فأطعمت عاماً فوجاً ثم عاماً فوجاً ثم عاماً فوجاً ، فلعل آخرها طعماً أن يكون أجودها قنواناً ، و أطولها شمراخاً ، والذي بعثني بالحقّ نبياً ليجدنّ عيسى بن مريم في أمتي خلفاً من حواريه.ص51
    المصدر:
    أمالي الطوسي ص87

    قال الصادق (ع) : لمامات جعفر بن أبي طالب ، أمر رسول الله (ص) فاطمة (ع) أن تتخذ طعاماً لأسماء بنت عميس ، وتأتيها و نساؤها ثلاثة أيام ، فجرت بذلك السنّة أن يصنع لأهل الميت ثلاثة أيام طعام . ص54

    المصدر:
    أمالي الطوسي ص57


    سألت الصادق (ع) عن المأتم فقال : إنّ رسول الله (ص) لما انتهى إليه قتل جعفر بن أبي طالب ، دخل على أسماء بنت عميس امرأة جعفر فقال : أين بنيّ ؟.. فدعت بهم وهم ثلاثة : عبد الله وعون ومحمد ، فمسح رسول الله (ص) رؤوسهم .
    فقالت : إنك تمسح رؤوسهم كأنهم أيتام ، فعجب رسول الله (ص) من عقلها فقال : " يا أسماء !.. ألم تعلمي أنّ جعفراً - رضوان الله عليه - استشهد ؟.. " فبكت ، فقال لها رسول الله (ص) : " لا تبكيِ !.. فإنّ الله أخبرني أنّ له جناحين في الجنة من ياقوت أحمر " فقالت :
    يا رسول الله !.. لو جمعتَ الناس وأخبرتهم بفضل جعفر لا يُنسى فضله ، فعجب رسول الله (ص) من عقلها .... الخبر ص55

    المصدر:
    المحاسن ص420


    قال الصادق (ع) : إنّ النبي (ص) حين جاءته وفاة جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة ،كان إذا دخل بيته كثُر بكاؤه عليهما جداً ، ويقول : كانا يحدّثاني ويؤنساني فذهبا جميعا . ص55

    المصدر:
    الفقيه 1/57


    قال الباقر (ع) : أُصيب يومئذ جعفر وبه خمسون جراحة ، خمس وعشرون منها في وجهه . ص 56

    المصدر:
    إعلام الورى ص64


    قال عبد الله جعفر : ثم نزل (ص) ودخل بيته وأدخلني معه ، وأمر بطعام يصنع لأجلي ، وأرسل إلى أخي فتغدّينا عنده غداءً طيباً مباركاً ، وأقمنا ثلاثة أيام في بيته ندور معه كلما صار في بيت إحدى نسائه ، ثم رجعنا إلى بيتنا ، فأتانا رسول الله (ص) وأنا أساوم شاة أخ لي ، فقال : " اللهم !.. بارك له في صفقته " قال عبد الله : فما بعتُ شيئاً ولا اشتريت شيئاً إلا بورك لي فيه.ص57

    المصدر:
    إعلام الورى ص64


    قال الصادق (ع) : قال رسول الله (ص) لفاطمة : اذهبي فابكي على ابن عمك ، فإن لم تدّعي بثكلٍ ، فما قلتِ فقد صدقتِ .

    المصدر:
    إعلام الورى ص64

    بيــان:
    قوله " إن لم تدعي بثكل ": أي لا تقولي وا ثكلاه ، ثم كل ما قلتِ فيه من الفضائل فقد صدقتِ.ص57


    قال الصادق (ع) : بينا رسول الله (ص) في المسجد إذ خُفض له كلّ رفيع ، ورفع له كلّ خفيض ، حتى نظر إلى جعفر يقاتل الكفار فقُتل ، فقال رسول الله (ص) : قُتل جعفر ، وأخذه المغص في بطنه. ص58

    المصدر:
    روضة الكافي ص376


    خرج النبي (ص) مشيّعاً لأهل مؤتة حتى بلغ ثنية الوداع ، فوقف ووقفوا حوله ، فقال :
    " اغزوا بسم الله ، فقاتلوا عدو الله وعدوكم بالشام ، وستجدون فيها رجالاً في الصوامع معتزلين الناس فلا تعرضوا لهم ، وستجدون آخرين للشيطان في رؤوسهم مفاحص " أي استوطن الشيطان في رؤوسهم " فاقلعوها بالسيوف .. لا تقتلنّ امرأةً ، ولا صغيراً ضرعاً ، ولا كبيراً فانياً ، ولا تقطعنّ نخلاً ولا شجراً ، ولا تهدمنّ بناء " .
    فلما ودّع عبد الله بن رواحة رسول الله (ص) قال له : مرني بشيء أحفظه عنك قال : " إنك قادمٌ غداً بلداً السجود به قليلٌ ، فأكثر السجود " فقال عبد الله : زدني يا رسول الله !.. قال : " اذكر الله ، فإنه عونٌ لك على ما تطلب " فقام من عنده حتى إذا مضى ذاهباً رجع ، فقال : يا رسول الله !.. إنّ الله وتر يحبّ الوتر ، فقال : " يا بن رواحة ما عجزت فلا تعجز - إن أسأت عشراً - أن تحُسن واحدة " فقال ابن رواحة : لا أسألك عن شيء بعدها . ص60

    المصدر:
    شرح النهج 3/42


    وروى أبو هريرة قال : شهدت مؤتة ، فلما رأينا المشركين رأينا ما لا قِبَل لنا به من العدد والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب ، فبرق بصري .. فقال لي ثابت بن أقرم : ما لك يا أبا هريرة ؟!.. كأنك ترى جموعاً كثيرة ؟.. قلت : نعم ، قال : لم تشهدْنا ببدر ، إنا لم نُنصر بالكثرة . ص61

    المصدر:
    شرح النهج 3/42


    ما لقي جيشٌ بعثوا مبعثا ما لقي أصحاب مؤتة من أهل المدينة ، لقوهم بالشرّ حتى أنّ الرجل لينصرف إلى بيته وأهله ، فيدقّ عليهم فيأبون أن يفتحوا له يقولون : ألا تقدّمت مع أصحابك فقُتلت !.. وجلس الكبراء منهم في بيوتهم استحياءً من الناس ، حتى أرسل النبي (ص) رجلاً رجلاً يقول لهم : أنتم الكرّار في سبيل الله ، فخرجوا . ص62

    المصدر:
    شرح النهج 3/42


    برقالت أسماء بنت عميس : أصبحتُ في اليوم الذي أُصيب فيه جعفر وأصحابه ، فأتاني رسول الله (ص) وقد منأت أربعين منّاً من أدم ، وعجنت عجيني ، وأخذت بنيّ فغسلت وجوههم ودهّنتهم ، فدخل عليّ رسول الله (ص) فقال : يا أسماء ، أين بنو جعفر ؟!..
    فجئت بهم إليه فضمّهم وشمّهم ثم ذرفت عيناه فبكى ، فقلت : يا رسول الله !.. لعلّه بلغك عن جعفر شيء ؟..
    قال : نعم إنه قُتل اليوم ، فقمت أصيح واجتمعت إليّ النساء ، فجعل رسول الله (ص) يقول : يا أسماء !.. لا تقولي هجراً ولا تضربي صدراً ، ثم خرج حتى دخل على ابنته فاطمة (ع) وهي تقول : واعمّاه !.. فقال : " على مثل جعفر فلتبك الباكية )" ثم قال : " اصنعوا لآل جعفر طعاماً ، فقد شغلوا عن أنفسهم اليوم " . ص63

    المصدر:
    شرح النهج 3/42


    وروى أبو الفرج في كتاب مقاتل الطالبيين :
    أنّ كنية جعفر بن أبي طالب أبو المساكين ، وكان ثالث الاخوة من ولد أبي طالب : أكبرهم طالب ، وبعده عقيل ، و بعده جعفر ، وبعده عليّ (ع) ، وكلّ واحد منهم أكبر من الآخر بعشر سنين ، وأمهم جميعاً فاطمة بنت أسد ، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي ، وفضلها كثيرٌ ، وقربُها من رسول الله (ص) وتعظيمه لها معلومٌ عند أهل الحديث . ص63

    المصدر:
    شرح النهج 3/42


    سمعت عبد الله بن جعفر يقول : كنت إذا سألت عمي عليّاً (ع) شيئاً فمنعني ، أقول له : بحقّ جعفر فيعطيني . ص64

    المصدر:
    شرح النهج 3/42





    باب غزوة ذات السلاسل
    وأشاروا على أمير المؤمنين (ع) أن يدع الطريق مما حسدوه ، وكان عليّ (ع) أخذ بهم على غير الطريق الذي أخذ فيه أبو بكر وعمر ، فعلموا أنه يظفر بالقوم ، فقال عمرو بن العاص لأبي بكر : إنّ عليّاً غلامٌ حدثٌ لا علم له بالطريق ، و هذا طريق مُسبع ٌلا نأمن فيه من السباع فمشوا إليه ، فقالوا : يا أبا الحسن !.. هذا الطريق الذي أخذت فيه طريقٌ مسبعٌ فلو رجعت إلى الطريق ، فقال لهم أمير المؤمنين (ع) : الزموا رحالكم ، وكفّوا عما لا يعنيكم ، واسمعوا وأطيعو، ا فإني أعلم بما أصنع فسكتوا . ص74
    المصدر:
    تفسير القمي ص733

    سألت الصادق (ع) عن قول الله عز وجل { والعاديات ضبحا } قال : وجّه رسول الله (ص) عمر بن الخطاب في سرية ، فرجع منهزماً يجبّن أصحابه ، ويجبّنونه أصحابه ، فلما انتهى إلى النبي (ص) قال لعليّ : أنت صاحب القوم ، فتهيّأ أنت ومَن تريد من فرسان المهاجرين والأنصار ، وسر الليل ولا يفارقك العين ، فانتهى عليّ إلى ما أمره به رسول الله (ص) فسار إليهم ، فلما كان عند وجه الصبح أغار عليهم ، فأنزل الله على نبيه (ص) : { والعاديات ضبحا } إلى آخرها . ص76

    المصدر:
    أمالي الطوسي ص259


    قال رسول الله (ص) : " أين عليّ بن أبي طالب ؟.. " فقام أمير المؤمنين (ع) فقال : أنا ذا يا رسول الله !.. قال : " امض إلى الوادي " قال : نعم ، وكانت له عصابة لا يتعصّب بها حتى يبعثه النبي (ص) في وجه شديد ، فمضى إلى منزل فاطمة (ع) فالتمس العصابة منها ، فقالت : أين تريد ؟.. وأين بعثك أبي ؟.. قال : إلى وادي الرمل ، فبكت إشفاقاً عليه ، فدخل النبي (ص) وهي على تلك الحال فقال لها :
    " ما لك تبكين ؟.. أتخافين أن يُقتل بعلك ؟.. كلا إن شاء الله " فقال له عليّ (ع) : لا تنفّس عليّ بالجنة يا رسول الله !..
    ثم خرج ومعه لواء النبي (ص) فمضى حتى وافى القوم بسحر ، فأقام حتى أصبح ، ثم صلّى بأصحابه الغداة ، وصفّهم صفوفاً ، واتّكأ على سيفه مقبلاً على العدو ، فقال لهم : يا هؤلاء !.. أنا رسول رسول الله إليكم ، أن تقولوا : لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده رسوله ، وإلا أضربنّكم بالسيف ، قالوا : ارجع كما رجع صاحباك قال : أنا أرجع ؟.. لا والله حتى تسلموا ، أو أضربكم بسيفي هذا ، أنا عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب .
    فاضطرب القوم لما عرفوه ، ثم اجترؤا على مواقعته فواقعهم (ع) ، فقتل منهم ستة أو سبعة ، وانهزم المشركون ، وظفر المسلمون ، وحازوا الغنائم ، وتوجّه إلى النبي (ص).ص80

    المصدر:
    الإرشاد ص57


    قالت أم سلمة رضي الله عنها : كان نبي الله (ص) قائلا في بيتي، إذا انتبه فزعاً من منامه ، فقلت له : الله جارك ، قال :
    " صدقتِ.. الله جاري ، لكن هذا جبرائيل (ع) يخبرني أنّ عليّاً (ع) قادمٌ " ثم خرج إلى الناس فأمرهم أن يستقبلوا عليّاً (ع) ، فقام المسلمون له صفّين مع رسول الله (ص) ، فلما بصر بالنبي (ص) ترجّل عن فرسه ، وأهوى إلى قدميه يقبّلهما ، فقال له (ص) : " اركب فإنّ الله تعالى ورسوله عنك راضيان " فبكى أمير المؤمنين فرحاً ، وانصرف إلى منزله وتسلّم المسلمون الغنائم .
    فقال النبي (ص) لبعض مَن كان معه في الجيش :
    " كيف رأيتم أميركم ؟.." قالوا : لم ننكر منه شيئاً إلا أنه لم يؤمّ بنا في صلاة ٍ، إلا قرأ فيها ب { قل هو الله } ، فقال النبي (ص) : أسأله عن ذلك ، فلما جاءه قال له : " لِمَ لم تقرأ بهم في فرائضك إلا بسورة الإخلاص ؟.. " فقال : يا رسول الله أحببتُها ، قال له النبي (ص) : " فإنّ الله قد أحبك كما أحببتها " ثم قال له :
    " يا عليّ !.. لولا أني أشفق أن تقول فيك طوائف ما قالت النصارى في عيسى بن مريم ، لقلت فيك اليوم مقالاً لا تمرّ بملأ منهم إلا أخذوا التراب من تحت قدميك " . ص82

    المصدر:
    الإرشاد ص57


    فبلغ ذلك النبي (ص) فخرج وجميع أصحابه ، حتى استقبل عليّ (ع) على ثلاثة أميال من المدينة .
    وأقبل النبي (ص) يمسح الغبار عن وجه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) بردائه ، ويقبّل بين عينيه ويبكي ، وهو يقول :
    "الحمد الله يا عليّ الذي شدّ بك أزري ، وقوي بك ظهري .. يا عليّ !.. إنني سألت الله فيك كما سأل أخي موسى بن عمران صلوات الله وسلامه عليه أن يُشرك هارون في أمره ، وقد سألتُ ربي أن يشد بك أزري " ثم التفت إلى أصحابه وهو يقول :
    معاشر أصحابي !.. لا تلوموني في حبّ عليّ بن أبي طالب (ع) ، فإنما حبي عليّاً من أمر الله ، والله أمرني أن أحبّ عليّاً وأدنيه .. يا عليّ !.. مَن أحبك فقد أحبني ، ومَن أحبني فقد أحبّ الله ، ومن أحبّ الله أحبّه الله ، وحقيقٌ على الله أن يسكن محبيه الجنة .. يا عليّ !.. مَن أبغضك فقد أبغضني ، ومَن أبغضني فقد أبغض الله ، ومَن أبغض الله أبغضه ولعنه ، وحقيقٌ على الله أن يقفه يوم القيامة موقف البُغَضاء ، ولا يقبل منه صرفاً ولا عدلاً . ص90

    المصدر:
    تفسير الفرات ص222






    باب فتح مكّة
    قال العباس : فلما أصبح غدوت به على رسول الله (ص) فلما رآه قال :
    " ويحك يا أبا سفيان!.. ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟!.. " فقال : بأبي أنت وأمي !.. ما أوصلك وأكرمك وأرحمك وأحلمك ؟!.. والله لقد ظننت أن لو كان معه إلهٌ لأغنى يوم بدر ويوم أُحد فقال :
    " ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟!.. " فقال : بأبي أنت وأمي أما هذه فإنّ في النفس منها شيئاً .. قال العباس : فقلت له :
    ويحك !.. اشهد بشهادة الحقّ قبل أن يضرب عنقك فتشهّد ، فقال (ص) للعباس : " انصرف يا عباس!.. فاحبسه عند مضيق الوادي حتى تمرّ عليه جنود الله " فحبسته عند خطم الجبل بمضيق الوادي ، ومرّ عليه القبائل قبيلةً قبيلةً وهو يقول : مَن هؤلاء ؟.. ومَن هؤلاء ؟..
    وأقول : أسلم وجهينة وفلان ، حتى مرّ رسول الله (ص) في الكتيبة الخضراء من المهاجرين والأنصار في الحديد ، لا يُرى منهم إلا الحدق ، فقال : مَن هؤلاء يا أبا الفضل ؟!.. قلت : هذا رسول الله (ص) في المهاجرين والأنصار ، فقال : يا أبا الفضل !.. لقد أصبح مُلك ابن أخيك عظيماً ، فقلت : ويحك !.. إنها النبوة ، فقال : نعم إذا ..
    وجاء حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء رسول الله (ص) فأسلما وبايعاه ، فلما بايعاه بعثهما رسول الله (ص) بين يديه إلى قريش يدعوانهم إلى الاسلام ، وقال : مَن دخل دار أبي سفيان - وهو بأعلى مكة - فهو آمن ، ومَن دخل دار حكيم - وهو بأسفل مكة - فهو آمن ، ومَن أغلق بابه وكفّ يده فهو آمن ....
    وسعى أبو سفيان إلى رسول (ص) وأخذ غرزه فقبّله وقال : بأبي أنت وأمي أما تسمع ما يقول سعد ؟.. إنه يقول :
    اليوم يوم الملحمة***اليوم تُسبى الحرمة
    فقال (ص) لعليّ (ع) : أدركه فخذ الراية منه ، وكن أنت الذي يدخل بها ، وأدخلها إدخالاً رفيقاً ، فأخذها عليّ (ع) وأدخلها كما أمر ، ولما دخل رسول الله (ص) مكة دخل صناديد قريش الكعبة وهم يظنّون أن السيف لا يُرفع عنهم ، فأتى رسول الله (ص) ووقف قائماً على باب الكعبة فقال :
    لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ألا إنّ كلّ مال ومأثرة ودم يدّعى تحت قدميّ هاتين إلا سدانة الكعبة ، وسقاية الحاجّ ، فإنهما مردودتان إلى أهليهما .. ألا إنّ مكة محرّمة بتحريم الله ، لم تحلّ لأحد كان قبلي ، ولم تحلّ لي إلا ساعةً من نهار، وهي محرّمةٌ إلى أن تقوم الساعة ، لا يُختلى ( أي يقطع ) خلاها ( أي نباتها ) ، ولا يُقطع شجرها ، ولا يُنفر صيدها ، ولا تحلّ لقطتها إلا لمنشد .. ألا لبئس جيران النبي كنتم !.. لقد كذّبتم وطردتم وأخرجتم وآذيتم ، ثم ما رضيتم حتى جئتموني في بلادي تقاتلوني ، اذهبوا فأنتم الطلقاء ..
    فيخرج القوم فكأنما انشروا من القبور ، ودخلوا في الإسلام ، وقد كان الله سبحانه أمكنه من رقابهم عنوةً ، وكانوا له فيئاً ، فلذلك سمّي أهل مكة الطلقاء . ص106
    المصدر:
    مجمع البيان 10/554

    رُوي أنّ رسول الله (ص) لما فتح مكة ، وجد في الحجْر أصناماً مصفوفةً حوله ثلاثمائة وستين صنماً ، صنمُ كلّ قوم بحيالهم ، ومعه مخصرة بيده فجعل يأتي الصنم ، فيطعن في عينه ، أو في بطنه ، ثم يقول :
    { جاء الحقّ }.... فجعل الصنم ينكبّ لوجهه إذا قال رسول الله (ص) ذلك ، فجعل أهل مكة يتعجبون ويقولون فيما بينهم : ما رأينا رجلاً أسحر من محمد . ص110

    المصدر:
    سعد السعود ص220


    قال الصادق (ع) : لما فتح رسول الله (ص) مكة قام على الصفا فقال :
    يا بني هاشم !.. يا بني عبد المطلب !.. إني رسول الله إليكم ، وإني شفيقٌ عليكم ، لا تقولوا إنّ محمداً منّا ، فو الله ما أوليائي منكم ولا من غيركم إلا المتّقون ، فلا أعرفكم تأتوني يوم القيامة تحملون الدنيا على رقابكم ، ويأتي الناس يحملون الآخرة ، ألا وإني قد أعذرت فيما بيني وبينكم ، وفيما بين الله عزّ وجلّ وبينكم ، وإنّ لي عملي ولكم عملكم . ص111

    المصدر:
    صفات الشيعة ص4


    { يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك }: فإنها نزلت في يوم فتح مكة ، وذلك أنّ رسول الله (ص) قعد في المسجد يبايع الرجال إلى صلاة الظهر والعصر ، ثم قعد لبيعة النساء وأخذ قدحاً من ماء فأدخل يده فيه ، ثم قال للنساء :
    " من أرادت أن تبايع فلتدخل يدها في القدح ، فإني لا أصافح النساء " ثم قرأ عليهن ما أنزل الله من شروط البيعة عليّهن ، فقال : { على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن } .
    فقامت أم حكيم بنت الحارث بن عبد المطلب فقالت : يا رسول الله !.. ما هذا المعروف الذي أمرنا الله أن لا نعصيك فيه ؟.. فقال : " ألا تخمشن وجهاً ، ولا تلطمن خداً ، ولا تنتفن شعرا ، ولا تمزقن جيباً ، ولا تسودن ثوباً ، ولا تدعون بالويل والثبور ، ولا تقمن عند قبر " فبايعهن (ص) على هذه الشروط. ص113

    المصدر:
    تفسير القمي ص676


    { وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا } فإنها نزلت في عبدالله بن أبي أمية أخ أم سلمة رحمة الله عليها ، وذلك أنه قال هذا لرسول الله (ص) بمكة قبل الهجرة ، فلما خرج رسول الله (ص) إلى فتح مكة استقبل عبدالله بن أبي أمية ، فسلّم على رسول الله (ص) ، فلم يردّ عليه السلام فأعرض عنه ولم يجبه بشيء ، وكانت أخته أم سلمة مع رسول الله (ص) .
    فدخل إليها فقال : يا أختي !.. إنّ رسول الله (ص) قد قبل إسلام الناس كلهم وردّ إسلامي ، فليس يقبلني كما قبل غيري ، فلما دخل رسول الله (ص) على أم سلمة قالت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله !.. سعد بك جميع الناس إلا أخي من بين قريش والعرب ، رددت إسلامه وقبلت إسلام الناس كلهم ، فقال رسول الله (ص) : ( يا أم سلمة !.. إنّ أخاك كذّبني تكذيباً لم يكذّبني أحدٌ من الناس ، هو الذي قال لي :
    { لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا } ، قالت أم سلمة : بأبي أنت وأمي يا رسول الله !.. ألم تقل : إنّ الإسلام يجبّ ما كان قبله ؟.. قال : نعم ، فقبل رسول الله (ص) إسلامه .

    المصدر:
    تفسير القمي ص388

    بيــان:
    الإسلام يجبّ ما قبله ، والتوبة تجبّ ما قبلها ، أي يقطعان ويمحوان ما كان قبلهما من الكفر والمعاصي والذنوب . ص115


    لما دخل النبي (ص) مكة يوم الفتح غلق عثمان بن أبي طلحة العبدي باب البيت ، وصعد السطح فطلب النبي (ص) المفتاح منه ، فقال : لو علمتُ أنه رسول الله لم أمنعه ، فصعد عليّ بن أبي طالب (ع) السطح ، ولوى يده وأخذ المفتاح منه وفتح الباب ، فدخل النبي (ص) البيت فصلّى فيه ركعتين ، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح فنزل :
    { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } ، فأمر النبي (ص) أن يردّ المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه ، فقال له عثمان : يا عليّ !.. أكرهتَ وآذيتَ ثم جئت برفق ، قال : لقد أنزل الله عزّ وجلّ في شأنك وقرأ عليه الآية ، فأسلم عثمان فأقرّه النبي (ص) في يده.ص117

    المصدر:
    المناقب 1/404


    لما دخل وقت صلاة الظهرأمر رسول الله (ص) بلال فصعد على الكعبة فقال عكرمة : أكره أن أسمع صوت أبي رباح ينهق على الكعبة ، وحمد خالد بن أسيد أنّ أبا عتاب توفي ولم ير ذلك ، وقال أبو سفيان : لا أقول شيئاً ، لو نطقت لظننت أنّ هذه الجدر ستخبر به محمداً ، فبعث إليهم النبي (ص) فأُتي بهم فقال عتّاب : نستغفر الله ونتوب إليه ، قد والله يا رسول الله قلنا ، فأسلم وحسن إسلامه ، فولاّه رسول الله (ص) مكة . ص118

    المصدر:
    الخرائج


    فلما سمع وجوه قريش الأذان ، قال بعضهم في نفسه : الدخول في بطن الأرض خيرٌ من سماع هذا ، وقال آخر : الحمد لله الذي لم يعش والدي إلى هذا اليوم ، فقال النبي (ص) : " يا فلان !.. قد قلت في نفسك كذا ، ويا فلان !.. قلت في نفسك كذا " فقال أبو سفيان : أنت تعلم أني لم أقل شيئاً ، قال : اللهم !.. اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون . ص119

    المصدر:
    الخرائج


    إنّ النبي (ص) لما أراد فتح مكة ، سأل الله جلّ اسمه أن يُعمي أخباره على قريش ليدخلها بغتةً ، وكان (ص) قد بنى الأمر في مسيره إليها على الاستسرار بذلك ، فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة ، يخبرهم بعزيمة رسول الله (ص) على فتحها ، وأعطى الكتاب امرأةً سوداء كانت وردت المدينة تستميح الناس وتستبرّهم ، وجعل لها جُعلاً أن توصله إلى قوم سمّاهم لها من أهل مكة ، وأمرها أن تأخذ على غير الطريق ، فنزل الوحي على رسول الله (ص) بذلك ، فاستدعى أمير المؤمنين (ع) وقال له :
    " إنّ بعض أصحابي قد كتب إلى أهل مكة يخبرهم بخبرنا ، وقد كنت سألتُ الله أن يعمي أخبارنا عليهم ، والكتاب مع امرأة سوداء قد أخذت على غير الطريق ، فخذ سيفك والحقْها ، وانتزع الكتاب منها وخلّها ، وصر به إليّ " ثم استدعى الزبير بن العوام وقال له : " امضِ مع عليّ بن أبي طالب في هذا الوجه " .. فمضيا وأخذا على غير الطريق فأدركا المرأة ، فسبق إليها الزبير فسألها عن الكتاب الذي معها فأنكرت ، وحلفت أنه لا شيء معها وبكت ، فقال الزبير : ما أرى يا أبا الحسن معها كتاباً ، فارجع بنا إلى رسول الله (ص) نخبره ببراءة ساحتها ، فقال له أمير المؤمنين (ع) : يخبرني رسول الله (ص) أنّ معها كتاباً ويأمرني بأخذه منها ، وتقول أنت أنه لا كتاب معها ؟..
    ثم اخترط السيف وتقدّم إليها فقال : أما والله لئن لم تخرجي الكتاب لأكشفنّك ثم لأضربنّ عنقك ، فقالت : إذا كان لابدّ من ذلك فأعرض يا بن أبي طالب بوجهك عني ، فأعرض بوجهه عنها فكشفت قناعها وأخرجت الكتاب من عقيصتها ( أي ضفيرتها ) ، فأخذه أمير المؤمنين وصار به إلى النبي (ص) فأمر أن ينادي : الصلاة جامعة ، فنودي في الناس فاجتمعوا إلى المسجد حتى امتلأ بهم ، ثم صعد النبي (ص) إلى المنبر ، وأخذ الكتاب بيده وقال :
    " أيها الناس !.. إني كنت سألت الله عزّ وجلّ أن يخفي أخبارنا عن قريش ، وإنّ رجلاً منكم كتب إلى أهل مكة يخبرهم بخبرنا ، فليقم صاحب الكتاب وإلا فضحه الوحي " فلم يقم أحدٌ ، فأعاد رسول الله (ص) مقالته ثانيةً وقال : " ليقم صاحب الكتاب وإلا فضحه الوحي " فقام حاطب بن أبي بلتعة وهو يرعد كالسعفة في يوم الريح العاصف ، فقال : أنا يا رسول الله صاحب الكتاب ، وما أحدثت نفاقاً بعد إسلامي ، ولا شكّاً بعد يقيني .. فقال له النبي (ص) : " فما الذي حملك على أن كتبت هذا الكتاب ؟.. " قال :
    يا رسول الله !.. إنّ لي أهلاً بمكة وليس لي بها عشيرة ، فأشفقت أن تكون دائرة لهم علينا ، فيكون كتابي هذا كفّاً لهم عن أهلي ، ويداً لي عندهم ، ولم أفعل ذلك للشكّ في الدين .
    فقام عمر بن الخطاب وقال : يا رسول الله !.. مرني بقتله فإنه منافق ، فقال رسول الله (ص) : " إنه من أهل بدر ولعلّ الله تعالى اطّلع عليهم فغفر لهم ، أَخرجوه من المسجد!.. " فجعل الناس يدفعون في ظهره حتى أخرجوه ، وهو يلتفت إلى النبي (ص) ليرقّ عليه ، فأمر رسول الله (ص) بردّه ، وقال له :
    " قد عفوت عنك وعن جرمك ، فاستغفر ربك ولا تعد بمثل ما جنيت ". ص119

    المصدر:
    الإرشاد ص25


    وألجاؤه إلى الخروج من مكة نحو المدينة ، التفت خلفه إليها وقال : " الله يعلم أنني أحبك ، ولولا أنّ أهلك أخرجوني عنك لما آثرت عليك بلداً ، ولا ابتغيت عليك بدلاً ، وإني لمغتمٌّ على مفارقتك " فأوحى الله إليه : يا محمد !.. العليّ الأعلى يقرأ عليك السلام ، ويقول :
    سنردّك إلى هذا البلد ظافراً غانماً سالماً قادراً قاهراً ، وذلك قوله تعالى :
    { إنّ الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد } يعني إلى مكة غانماً ظافراً . فأخبر بذلك رسول الله (ص) أصحابه فاتصل بأهل مكة فسخروا منه ، فقال الله تعالى لرسوله : سوف يظفرك الله بمكة .... الخبر . ص122

    المصدر:
    تفسير الإمام ص230


    سئل الصادق (ع) عن قول الله : { ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا } قال :
    لما كان يوم الفتح أخرج رسول الله (ص) أصناماً من المسجد ، وكان منها صنم على المروة ، وطلبت إليه قريش أن يتركه ، وكان استحيا فهمّ بتركه ، ثم أمر بكسره فنزلت هذه الآية . ص124

    المصدر:
    تفسير العياشي 2/306


    وبلغه (أي عليّا (ع)) أنّ أم هانئ بنت أبي طالب قد آوت ناساً من بني مخزوم ، منهم الحارث بن هشام وقيس بن السائب ، فقصد نحو دارها مقنّعاً بالحديد فنادى : أخرجوا من آويتم ، فجعلوا يذرقون كما يذرق الحبارى خوفاً منه ، فخرجت إليه أم هانئ وهي لا تعرفه ، فقالت : يا عبد الله !.. أنا أم هانئ بنت عم رسول الله ، وأخت عليّ بن أبي طالب ، انصرف عن داري ، فقال عليّ : أخرجوهم ، فقالت :
    والله لأشكونّك إلى رسول الله .. فنزع المغفر عن رأسه فعرفته ، فجاءت تشتدّ حتى التزمته ، فقالت :
    فديتك !.. حلفت لأشكونّك إلى رسول الله (ص) ، فقال لها : فاذهبي فبرّي قسمك فإنه بأعلى الوادي ، قالت أم هانئ : فجئت إلى النبي (ص) وهو في قبّة يغتسل ، وفاطمة (ع): تستره ، فلما سمع رسول الله (ص) كلامي قال : مرحباً بكِ يا أم هانئ ، قلتُ : بأبي و أمي ما لقيتُ من عليّ اليوم ؟!..
    فقال (ص) : قد أجرتُ مَن أجرتِِ .. فقالت فاطمة : إنما جئتِ يا أم هانئ تشكين عليّاً في أنه أخاف أعداء الله وأعداء رسوله !.. فقلتُ : احتمليني فديتكِ ، فقال رسول الله (ص) : " قد شكر الله تعالى سعيه ، وأجرتُ مَن أجارتْ أم هانئ لمكانها من عليّ بن أبي طالب " . ص131

    المصدر:
    إعلام الورى ص65


    قال الصادق (ع) : لا تصلّ المكتوبة في جوف الكعبة ، فإنّ رسول الله (ص) لم يدخلْها في حجّ ولا عمرة ، ولكن دخلها في فتح مكة ، فصلّى فيهاركعتين بين العمودين ومعه أسامة . ص136

    المصدر:
    التهذيب 1/245


    قال الباقر (ع) : صعد رسول الله (ص) المنبر يوم فتح مكة فقال : أيها الناس !.. إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها ، ألا إنكم من آدم وآدم من طين ، ألا إنّ خير عباد الله عبدٌ اتّقاه ، إنّ العربية ليست بأب والد ، ولكنها لسانٌ ناطقٌ ، فمن قصُر به عمله لم يبلغ حسبه ، ألا إنّ كلّ دم كان في الجاهلية أو إحنةٍ ( أي شحناء ) فهي تحت قدميّ هذه إلى يوم القيامة.ص137

    المصدر:
    روضة الكافي ص246

    Comment

    • راية اليماني
      مشرف
      • 05-04-2013
      • 3021

      #3
      رد: تاريخ النبي محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) [مما روي عن أهل البيت (ع) ]

      باب ذكر الحوادث بعد فتح مكة إلى غزوة حنين
      قال أمير المؤمنين (ع) يوم الشورى : نشدتكم بالله هل علمتم أنّ رسول الله (ص) بعث خالد بن الوليد إلى بني خزيمة ففعل ما فعل ، فصعد رسول الله (ص) المنبر فقال : " اللهم !.. إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد " ثلاث مرات ، ثم قال : " اذهب يا عليّ " فذهبت فوديتهم ، ثم ناشدتهم بالله هل بقي شيء ؟.. فقالوا : إذ نشدتنا بالله فميلغة ( أي إناء يلغ فيه الكلب ) كلابنا ، وعقال بعيرنا فأعطيتهم لهما .
      وبقي معي ذهبٌ كثيرٌ فأعطيتهم إياه وقلت : وهذا لذمة رسول الله (ص) ولما تعلمون ولما لا تعلمون ، ولروعات النساء والصبيان ، ثم جئت إلى رسول الله (ص) فأخبرته فقال : " والله لا يسرّني يا عليّ أنّ لي بما صنعت حمر النعم " قالوا : اللهم !.. نعم . ص141
      المصدر:
      الخصال 2/125



      باب غزوة حنين والطائف وأوطاس وسائر الحوادث إلى غزوة تبوك
      سار (ص) حتى نزل مكة ، فقدم عليه نفر منهم بإسلام قومهم ، ولم يبخع القوم له بالصلاة ولا الزكاة ، فقال (ص) :
      " إنه لا خير في دين لا ركوع فيه ولا سجود ، أما والذي نفسي بيده ليقيمن الصلاة ، و ليؤتن الزكاة ، أو لأبعثن إليهم رجلاً هو مني كنفسي ، فليضرب أعناق مقاتليهم وليسبين ذراريهم ، هو هذا " وأخذ بيد عليّ (ع) فأشالها .
      فلما صار القوم إلى قومهم بالطائف أخبروهم بما سمعوا من رسول الله (ص) فأقرّوا له بالصلاة ، وأقرّوا له بما شرط عليّهم ، فقال (ص) : " ما استعصى عليّ أهل مملكة ولا أمة إلا رميتهم بسهم الله عزّ وجلّ " قالوا :
      يا رسول الله !.. وما سهم الله ؟.. قال : عليّ بن أبي طالب ، ما بعثته في سريّة إلا رأيت جبرائيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، وملكاً أمامه ، وسحابةً تظلّه ، حتى يعطي الله عزّ وجلّ حبيبي النصر والظفر .ص153
      المصدر:
      أمالي الطوسي ص321
      ثم كانت غزاة حنين حين استظهر رسول الله فيها بكثرة الجمع ، فخرج (ص) متوجّهاً إلى القوم في عشرة آلاف من المسلمين ، فظنّ أكثرهم أنهم لم يُغلبوا ، لما شاهدوه من جمعهم وكثرة عُدّتهم وسلاحهم ، وأعجب أبا بكر الكثرة يومئذ فقال : لن نغلب اليوم من قلّة ، وكان الأمر في ذلك بخلاف ما ظنّوا وعانهم أبو بكر بعُجْبه بهم .
      فلما التقوا مع المشركين لم يلبثوا حتى انهزموا بأجمعهم ، ولم يبق منهم مع النبي (ص) إلا عشرة أنفس : تسعة من بني هاشم خاصة ، وعاشرهم أيمن بن أم أيمن ، فقُتل أيمن رحمة الله عليه ، وثبتت التسعة الهاشميون حتى ثاب إلى رسول الله (ص) من كان انهزم ، فرجعوا أولاً فأولاً حتى تلاحقوا ، وكانت لهم الكرّة على المشركين .
      وفي ذلك أنزل الله تعالى وفي إعجاب أبي بكر بالكثرة : { ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ، ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } يعني أمير المؤمنين عليّا (ع) ومن ثبت معه من بني هاشم ، وهم يومئذ ثمانية ، أمير المؤمنين (ع) تاسعهم. ص156
      المصدر:
      الإرشاد ص71
      روى عكرمة عن شيبة قال : لما رأيت رسول الله (ص) يوم حنين قد عري ( أي بقي بلا أعوان ) ذكرت أبي وعمي وقتْلَ عليّ وحمزة إياهما ، فقلت : أدرك ثأري اليوم من محمد ، فذهبت لأجيئه عن يمينه فإذا أنا بالعباس بن عبد المطلب قائماً عليه درعٌ بيضاء كأنها فضةٌ يكشف عنها العجاج ، فقلت : عمّه ولن يخذله ، ثم جئته عن يساره فإذا أنا بأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، فقلت : ابن عمه ولن يخذله .
      ثم جئته من خلفه فلم يبقَ إلا أن أسوره ( أي أثب عليه ) سورةً بالسيف إذ رُفع لي شواظ من نار بيني وبينه كأنه برق ، فخفت أن يمحشني (أي يحرقني ) فوضعت يدي على بصري ومشيت القهقرى ، والتفت رسول الله (ص) وقال :
      يا شيب ، يا شيب !.. ادن مني .. اللهم !.. أذهب عنه الشيطان..
      قال : فرفعت إليه بصري ولهو أحبّ إليّ من سمعي وبصري ، وقال :
      يا شيب !.. قاتل الكفار . ص167
      المصدر:
      إعلام الورى ص70
      وغضب قوم من الأنصار لذلك ، وظهر منهم كلامٌ قبيحٌ حتى قال قائلهم : لقي الرجل أهله وبني عمه ، ونحن أصحاب كلّ كريهة ، فلما رأى رسول الله (ص) ما دخل على الأنصار من ذلك ، أمرهم أن يقعدوا ولا يقعد معهم غيرهم ، ثم أتاهم شبه المغضب يتبعه عليّ (ع) حتى جلس وسطهم ، فقال :
      " ألم آتكم وأنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم الله منها بي ؟.. " قالوا : بلى ، ولله ولرسوله المن والطول والفضل علينا ، قال :
      " ألم آتكم و أنتم أعداء فألف الله بين قلوبكم بي ؟.. " قالوا : أجل ، ثم قال :
      " ألم آتكم وأنتم قليل فكثّركم الله بي ؟.. " وقال ما شاء الله أن يقول ، ثم سكت ، ثم قال : " ألا تجيبوني ؟.. " قالوا :
      بمَ نجيبك يا رسول الله فداك أبونا وأمنا ؟!.. لك المن والفضل والطول ، قال :
      " بل لو شئتم قلتم : جئتنا طريداً مكذَّباً فآويناك وصدّقناك ، وجئتنا خائفاً فآمناك " فارتفعت أصواتهم وقام إليه شيوخهم ، فقبّلوا يديه ورجليه وركبتيه ، ثم قالوا : رضينا عن الله وعن رسوله ، وهذه أموالنا أيضاً بين يديك فاقسمها بين قومك إن شئت ، فقال :
      " يا معشر الأنصار !.. أوجدتم في أنفسكم إذ قسّمت مالاً أتألّف به قوماً ، ووكلتم إلى إيمانكم ؟.. أما ترضون أن يرجع غيركم بالشاء والنعم ، ورجعتم أنتم ورسول الله في سهمكم ؟.. " ثم قال (ص) :
      " الأنصار كرشي وعيبتي ، لو سلك الناس وادياً وسلك الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار .. اللهم !.. اغفر للأنصار ، ولأبناء الأنصار ، ولأبناء أبناء الأنصار ".ص172
      المصدر:
      إعلام الورى ص70
      بينا نحن عند رسول الله وهو يقسّم ، إذ أتاه ذو الخويصرة - رجل من بني تميم - فقال : يا رسول الله !.. اعدل ، فقال رسول الله (ص) : " ويلك !.. من يعدل إن أنا لم أعدل ؟.. وقد خبتَ أو خسرتَ إن أنا لم أعدل " .. فقال عمر بن الخطاب :
      يا رسول الله !.. ائذن لي فيه أضرب عنقه ، فقال رسول الله (ص) :
      دعه !.. فإنّ له أصحاباً يحقّر أحدكم صلاته مع صلاته ، وصيامه مع صيامه ، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية.... آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة ، أو مثل البضعة تدردر (أي تجيء وتذهب) ، يخرجون على خير فرقة من الناس .
      قال أبو سعيد الخدري : فأشهدُ أني سمعت هذا من رسول الله (ص) ، وأشهدُ أنّ عليّ بن أبي طالب (ع) قاتلهم وأنا معه ، وأمر بذلك الرجل فالتُمس فوُجد فأُتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله الذي نعت .. رواه البخاري في الصحيح. ص174
      المصدر:
      إعلام الورى ص70
      وفيها (أي في السنّة الثامنة) ولد إبراهيم ابن رسول الله (ص) من مارية في ذي الحجة ، وكانت قابلتُها مولاة رسول الله (ص) فخرجت إلى زوجها أبي رافع ، فأخبرته بأنها قد ولدت غلاماً ، فجاء أبو رافع إلى رسول الله (ص) فبشّره بأنها قد ولدت غلاماً ، فوهب له عبداً وسمّاه إبراهيم ، وعقّ عنه يوم سابعه ، وحلق رأسه ، فتصدّق بزنة شعره فضة على المساكين ، وأمر بشعره فدفنت في الأرض .
      وتنافست فيه نساء الأنصار أيهن ترضعه ، فدفعه رسول الله (ص) إلى أم بردة بنت المنذر بن زيد ، وزوجها البراء بن أوس ، وكان (ص) يأتي أم بردة فيقيل عندها ، ويُؤتى بإبراهيم ، وغارت نساء رسول الله (ص) واشتدّ عليّهن حين رُزق منها الولد ، وروي عن أنس قال :
      لما ولدتْ إبراهيم جاء جبرائيل إلى رسول الله (ص) فقال : السلام عليك يا أبا إبراهيم !.. وروي عنه أيضا قال رسول الله (ص) : وُلد الليلة لي غلامٌ فسميتُه باسم أبي إبراهيم.ص 183
      المصدر:
      المنتقى في مولد المصطفى - الباب 8





      باب غزوة تبوك وقصّة العقبة
      إنّ النبي (ص) كان أخص الناس بأمير المؤمنين (ع) ، وكان هو أحبّ الناس إليه ، وأسعدهم عنده ، وأفضلهم لديه .. فلما بلغ أمير المؤمنين (ع) إرجاف المنافقين به أراد تكذيبهم وإظهار فضيحتهم ، فلحق بالنبي (ص) فقال : يا رسول الله !.. إنّ المنافقين يزعمون أنك خلّفتني استثقالاً ومقتاً ، فقال له النبي (ص) :
      " ارجع يا أخي إلى مكانك ، فإنّ المدينة لا تصلح إلا بي أو بك ، فأنت خليفتي في أهل بيتي ودار هجرتي وقومي ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبّي بعدي ؟.. " ص 208
      المصدر:
      الإرشاد ص79
      أنّ الروم قد اجتمعوا يريدون غزو رسول الله (ص) في عسكر عظيم ، وأنّ هرقل قد سار في جنوده وجلب معهم غسان وجذام وفهرا وعاملة ، وقد قدم عساكره البلقاء ونزل هو حمص ، فأمر رسول الله أصحابه التهيؤ إلى تبوك وهي من بلاد البلقاء ، وبعث إلى القبائل حوله وإلى مكة وإلى من أسلم من خزاعة ومزينة وجهينة ، فحثّهم على الجهاد ، وأمر رسول الله (ص) بعسكره فضرب في ثنية الوداع ، وأمر أهل الجِدَة أن يعينوا مَن لا قوّة به ، ومَن كان عنده شيء أخرجوا وحملوا وقوّوا وحثّوا على ذلك ، وخطب رسول الله (ص) فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليّه :
      " أيها الناس !.. إنّ أصدق الحديث كتاب الله ، وأولى القول كلمة التقوى ، وخير الملل ملة إبراهيم ، وخير السنّة سنن محمد ، وأشرف الحديث ذكر الله ، وأحسن القصص هذا القرآن ، وخير الأمور عزائمها ، وشر الأمور محدثاتها ، وأحسن الهدى هدى الأنبياء ، وأشرف القتل قتل الشهداء ، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى ، وخير الأعمال ما نفع ، وخير الهُدى ما أُتّبع ، وشرّ العمى عمى القلب ، واليد العليا خيرٌ من اليد السفلى ، وما قلّ وكفى خيرٌ مما كثُر وألهى .
      وشرّ المعذرة حين يحضر الموت ، وشرّ الندامة يوم القيامة ، ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلا نزراً ، ومنهم من لا يذكر الله إلا هجراً ، ومن أعظم الخطايا اللسانُ الكَذِب ، وخير الغنى غنى النفس ، وخير الزاد التقوى ، ورأس الحكمة مخافة الله ، وخير ما ألقي في القلب : اليقين ، والارتياب من الكفر ، والتباعد من عمل الجاهلية ، والغلول من جمر جهنم ، والسكر جمر النار ، والشعر من إبليس ، والخمر جماع الإثم ، والنساء حبائل إبليس ، والشباب شعبة من الجنون ، وشرّ المكاسب كسب الربا ، وشرّ المآكل أكل مال اليتيم ، والسعيد من وُعِظ بغيره ، والشقي من شقي في بطن أمه .
      وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع ، والأمر إلى آخره ، وملاك العمل خواتيمه ، وأربى الربا الكذب ، وكلّ ما هو آت قريب ، وشنآن المؤمن فسقٌ ، وقتال المؤمن كفرٌ ، وأكل لحمه من معصية الله ، وحرمة ماله كحرمة دمه ، ومن توكّل على الله كفاه ، ومن صبر ظفر ، ومن يعفُ يعْف الله عنه ، ومن كظم الغيظ يأجره الله ، ومن يصبر على الرزية يعوّضه الله ، ومن يتبع السمعة يسمع الله به ، ومن يصم يضاعف الله له ، ومن يعص الله يعذبه .
      اللهم !.. اغفر لي ولأمتي ، اللهم !.. اغفر لي ولأمتي ، أستغفر الله لي ولكم ".
      فرغب الناس في الجهاد لما سمعوا هذا من رسول الله (ص) ، وقدمت القبائل من العرب ممن استنفرهم ، وقعد عنه قوم من المنافقين وغيرهم ، ولقي رسول الله الجد بن قيس فقال له : يا أبا وهب !.. ألا تنفر معنا في هذه القرى لعلك أن تحتفد ( أي تجعلهنّ أعوانا وخدماً ) بنات الأصفر؟.. فقال : يا رسول الله !.. والله إنّ قومي ليعلمون أنه ليس فيهم أحدٌ أشدّ عجباً بالنساء مني ، وأخاف إن خرجت معك أن لا أصبر إذا رأيت بنات الأصفر فلا تفتنّي ، وائذن لي أن أقيم ، وقال لجماعة من قومه : لا تخرجوا في الحرّ ..
      فقال ابنه : تردّ على رسول الله (ص) وتقول له ما تقول ، ثم تقول لقومك : لا تنفروا في الحرّ ؟.. والله لينزلنّ الله في هذا قرآناً يقرأه الناس إلى يوم القيامة ، فأنزل الله على رسوله في ذلك : { ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإنّ جهنم لمحيطة بالكافرين } ، ثم قال الجدّ بن قيس : أيطمع محمد أنّ حرب الروم مثل حرب غيرهم ؟.. لا يرجع من هؤلاء أحدٌ أبداً.ص213
      المصدر:
      تفسير القمي ص266
      هؤلاء جاؤا إلى رسول الله (ص) يبكون ، فقالوا : يا رسول الله !.. ليس بنا قوةٌ أن نخرج معك ، فأنزل الله فيهم :
      { ليس على الضعفاء ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم } ، قال :
      وإنما سألوا هؤلاء البكّاؤن نعلاً يلبسونها ، ثم قال :
      { إنما السبيل على الذين يستأذنوك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف } والمستأذنون ثمانون رجلاً من قبائل شتى ، والخوالف النساء . 214
      المصدر:
      تفسير القمي ص266
      وكان أبو ذر - رحمه الله - تخلّف عن رسول الله (ص) ثلاثة أيام ، وذلك أنّ جمله كان أعجف (أي ضعف وذهب سمنه) فلحق بعد ثلاثة أيام ، ووقف عليه جملُه في بعض الطريق فتركه وحمل ثيابه على ظهره ، فلما ارتفع النهار نظر المسلمون إلى شخصٍٍ مقبلٍ ، فقال رسول الله : كن أبا ذر ، فقالوا : هو أبو ذر ، فقال رسول الله (ص) :
      أدركوه بالماء فإنه عطشان ، فأدركوه بالماء ، ووافى أبو ذر رسول الله (ص) ومعه إداوة فيها ماءٌ .
      فقال رسول الله (ص) : يا أبا ذر !.. معك ماءٌ وعطشت ؟.. فقال : نعم يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي !.. انتهيت إلى صخرة عليها ماء السماء فذقته فإذا هو عذبٌ باردٌ ، فقلت : لا أشربه حتى يشربه حبيبي رسول الله (ص) .
      فقال رسول الله (ص) : يا أبا ذر !.. رحمك الله تعيش وحدك ، وتموت وحدك ، وتُبعث وحدك ، وتدخل الجنة وحدك ، يسعد بك قومٌ من أهل العراق ، يتولّون غسلك وتجهيزك والصلاة عليّك ودفنك . ص 216
      المصدر:
      تفسير القمي ص266
      قال رسول الله (ص) : يا حذيفة !.. فانهض بنا أنت وسلمان وعمّار وتوكلوا على الله ، فإذا جزنا الثنية الصعبة فأذنوا للناس أن يتّبعونا ، فصعد رسول الله (ص) وهو على ناقته ، وحذيفة وسلمان أحدهما آخذ بخطام ناقته يقودها ، والآخر خلفها يسوقها ، وعمار إلى جانبها ، والقوم على جمالهم ورجّالتهم منبثّون حوالي الثنية على تلك العقبات ، وقد جعل الذين فوق الطريق حجارة في دباب ، فدحرجوها من فوق لينفروا الناقة برسول الله (ص) لتقع في المهوى الذي يهول الناظر النظر إليه من بُعده .
      فلما قربت الدِّباب من ناقة رسول الله (ص) أذن الله تعالى لها فارتفعت ارتفاعاً عظيماً ، فجاوزت ناقة رسول الله (ص) ثم سقطت في جانب المهوى ، ولم يبق منها شيءٌ إلا صار كذلك ، وناقة رسول الله (ص) كأنها لا تحسّ بشيء من تلك القعقعات التي كانت للدباب .
      ثم قال رسول الله (ص) لعمار : اصعد الجبل فاضرب بعصاك هذه وجوه رواحلهم فارمِ بها ، ففعل ذلك عمار فنفرت بهم وسقط بعضهم ، فانكسر عضده ومنهم من انكسرت رجله ومنهم جنبه ، واشتدت لذلك أوجاعهم ، فلما جبرت واندملت بقيت عليهم آثار الكسر إلى أن ماتوا .
      ولذلك قال رسول الله (ص) في حذيفة وأمير المؤمنين (ع) إنهما أعلم الناس بالمنافقين ، لقعوده في أصل الجبل ومشاهدته من مرّ سابقاً لرسول الله (ص) ، وكفى الله رسوله أمر من قَصَد له ، وعاد رسول الله (ص) إلى المدينة ، فكسا الله الذل والعار من كان قعد عنه ، وألبس الخزي من كان دبّر على عليّ (ع) ما دفع الله عنه .ص232
      المصدر:
      تفسير الإمام ص152 ، الاحتجاج ص30





      باب قصة أبي عامر الراهب ومسجد الضرار ، وفيه ما يتعلق بغزوة تبوك
      قال الطبرسي - قدس الله روحه - في قوله تعالى { والذين اتخذوا مسجدا } قال المفسرون : إنّ بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قباء ، وبعثوا إلى رسول الله (ص) أن يأتيهم ، فأتاهم فصلّى فيه ، فحسدهم جماعة من المنافقين من بني غنم بن عوف فقالوا : نبني مسجداً نصلّي فيه ولا نحضر جماعة محمد (ص) وكانوا اثني عشر رجلاً ، وقيل خمسة عشر رجلاً ، منهم ثعلبة بن حاطب ، ومعنّب بن قشير ، ونبتل بن الحارث ، فبنوا مسجداً إلى جنب قباء .
      فلما فرغوا منه أتوا رسول الله (ص) وهو يتجهّز إلى تبوك ، فقالوا : يا رسول الله (ص) !.. إنا قد بنينا مسجداً لذي العلّة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية ، وإنا نحبّ أن تأتينا فتصلّي لنا فيه وتدعو بالبركة ، فقال (ص): إني على جناح السفر ، ولو قدمْنا أتيناكم إن شاء الله فصلّينا لكم ، فلما انصرف رسول الله (ص) من تبوك نزلت عليه الآية في شأن المسجد { ضرارا } أي مضارة بأهل مسجد قباء ، أو مسجد الرسول (ص) ليقلّ الجمع فيه....
      فوجّه رسول الله (ص) عند قدومه من تبوك عاصم بن عوف العجلاني ومالك بن الدخشم ، وكان مالك من بني عمرو بن عوف فقال لهما : انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرّقاه ، وروي أنه بعث عمار بن ياسر ووحشياً فحرقاه ، وأمر بأن يتخذ كناسة تُلقى فيه الجيف . ص254
      المصدر:
      مجمع البيان 5/72
      قال الصادق (ع) : لا تَدَعْ إتيان المشاهد كلها ، مسجد قباء فإنه المسجد الذي أُسّس على التقوى من أول يوم . ص256
      المصدر:
      فروع الكافي 1/318
      لمّا مات سعد بن معاذ بعد أن شفى من بني قريظة بأن قتلوا أجمعين ، قال رسول الله (ص) :
      يرحمك الله يا سعد ، فلقد كنت شجّاً في حلوق الكافرين لو بقيتَ لكففتَ العجل الذي يُراد نصبُه في بيضة الإسلام كعجل قوم موسى ، قالوا : يا رسول الله (ص) !.. أو عجلٌ يُراد أن يُتَّخذ في مدينتك هذه ؟.. قال :
      بلى والله يراد ، ولو كان لهم سعد حيّاً لما استمر تدبيرهم ، ويستمرون ببعض تدبيرهم ثم الله يبطله ، قالوا : أتخبرنا كيف يكون ذلك ؟.. قال :
      دعوا ذلك لما يريد الله أن يدبّره . ص257
      المصدر:
      تفسير الإمام ص196




      باب نزول سورة براءة وبعث النبي (ص) عليّا (ع) بها ليقرأها على الناس في الموسم بمكة
      " يوم الحج الأكبر " فيه ثلاثة أقوال :
      أحدها : أنه يوم عرفة ، روي عن أمير المؤمنين (ع) قال عطا : الحجّ الأكبر الذي فيه الوقوف ، والحجّ الأصغر الذي ليس فيه وقوف وهو العمرة .
      وثانيها : أنه يوم النحر عن عليّ (ع) وابن عباس ، وهو المروي عن أبي عبد الله (ع) قال الحسن : وسمّي الحجّ الأكبر لأنه حجّ فيه المسلمون والمشركون ، ولم يحجّ بعدها مشرك .
      وثالثها : أنه جميع أيام الحجّ ، كما يقال : يوم الجمل ويوم صفين ، يراد به الحين والزمان.ص268
      المصدر:
      مجمع البيان 5/20
      قال الصادق (ع) : إنّ رسول الله (ص) بعث أبا بكر مع براءة إلى الموسم ليقرأها على الناس ، فنزل جبرائيل فقال : لا يبلّغ عنك إلا عليّ ، فدعا رسول الله (ص) عليّاً فأمره أن يركب ناقته العضباء ، وأمره أن يلحق أبا بكر فيأخذ منه براءة ويقرأه على الناس بمكة ، فقال أبو بكر :
      أسخطة ؟.. فقال : لا ، إلا أنه أُنزل عليه أنه لا يبلغ إلا رجلٌ منك ، فلما قدم عليّ (ع) مكة وكان يوم النحر بعد الظهر وهو يوم الحجّ الأكبر قام ثم قال : إني رسول رسول الله إليكم ، فقرأ عليّهم :
      { براة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر } عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من شهر ربيع الآخر ، وقال : لا يطوف بالبيت عريان ولا عريانة ولا مشرك ، ألا ومن كان له عهدٌ عند رسول الله فمدته إلى هذه الأربعة الأشهر.ص273
      المصدر:
      تفسير العياشي 2/73



      باب المباهلة وما ظهر فيها من الدلائل والمعجزات
      قال الطبرسي رحمه الله في نزول الآيات : قيل : نزلت في وفد نجران السيد والعاقب ومن معهما ، قالوا لرسول الله (ص) : هل رأيت ولداً من غير ذكر ؟.. فنزلت { إن مثل عيسى } الآيات ، فقرأها عليهم ، عن ابن عباس وقتادة والحسن ، فلما دعاهم رسول الله (ص) إلى المباهلة استنظروه إلى صبيحة غد من يومهم ذلك ، فلما رجعوا إلى رحالهم قال لهم الأسقف : انظروا محمدا في غدٍ ، فإن غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته ، وإن غدا بأصحابه فباهلوه فإنه على غير شيء .
      فلما كان من الغد جاء النبي (ص) آخذا بيد عليّ بن أبي طالب (ع) ، والحسن الحسين (ع) بين يديه يمشيان ، وفاطمة (ع) تمشي خلفه ، وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم ، فلما رأى النبي قد أقبل بمن معه سأل عنهم ، فقيل له : هذا ابن عمه وزوج ابنته وأحبّ الخلق إليه ، وهذان ابنا بنته من عليّ ، وهذه الجارية بنته فاطمة أعزّ الناس عليه وأقربهم إليه .
      وتقدّم رسول الله فجثا على ركبتيه ، فقال أبو حارثة الأسقف : جثا والله كما جثا الأنبياء للمباهلة ، فرجع ولم يقدم على المباهلة فقال له السيد :
      أُدنُ يا حارثة للمباهلة ، قال : لا ، إني لأرى رجلاً جريئاً على المباهلة ، وأنا أخاف أن يكون صادقاً ، ولئن كان صادقاً لم يحل علينا الحول والله وفي الدنيا نصرانيٌّ يطعم الماء ، فقال الأسقف : يا أبا القاسم !.. إنا لا نباهلك ولكن نصالحك ، فصالحْنا على ما ننهض به ....
      وروي أنّ الأسقف قال لهم : إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله ، فلا تبتهلوا فتهلكوا ، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة ، وقال النبي (ص) : والذي نفسي بيده !.. لو لاعنوني لمُسخوا قردة وخنازير ، ولأضطرم الوادي عليهم ناراً ، ولما حال الحول على النصارى حتى هلكوا كلهم ، قالوا : فلما رجع وفد نجران لم يلبث السيد والعاقب إلا يسيرا حتى رجعا إلى النبي (ص) وأهدى العاقب له حلةً وعصاً وقدحاً ونعلين وأسلما ....
      { وأنفسنا } يعني عليّا (ع) خاصة ، ولا يجوز أن يكون المعنيّ به النبي (ص) لأنه هو الداعي ، ولا يجوز أن يدعو الإنسان نفسه ، وإنما يصح أن يدعو غيره ، وإذا كان قوله : { وأنفسنا } لابدّ أن يكون إشارة إلى غير الرسول وجب أن يكون إشارة إلى عليّ (ع) ، لأنه لا أحد يدّعي دخول غير أمير المؤمنين وزوجته وولديه (ع) في المباهلة ، وهذا يدل على غاية الفضل وعلو الدرجة ، والبلوغ منه إلى حيث لا يبلغه أحدٌ ، إذ جعله الله سبحانه نَفْس الرسول ، وهذا ما لا يدانيه فيه أحدٌ ولا يقاربه ، ومما يعضده في الروايات ما صحّ عن النبي (ص) أنه سُئل عن بعض أصحابه ، فقال له قائل : فعليّ ؟.. فقال : إنما سألتني عن الناس ، ولم تسألني عن نفسي .
      وقوله (ص) لبريدة : لا تبغض عليّا فإنه مني وأنا منه ، وإنّ الناس خُلقوا من شجرٍ شتّى وخُلقت أنا وعليّ من شجرة واحدة .. وقوله (ص) بأُحد وقد ظهر من نكايته في المشركين ووقايته إياه بنفسه حتى قال جبرائيل : يا محمد !.. إنّ هذه لهي المواساة ، فقال : يا جبرئيل !.. إنه لمني وأنا منه ، فقال جبرائيل : وأنا منكما. ص280
      المصدر:
      مجمع البيان 2/451
      وروى إمامهم الرازي في تفسيره الروايتين في المباهلة والكساء مثل ما رواه الزمخشري إلى قوله { ويطهركم تطهيرا } ثم قال : واعلم أنّ هذه الرواية كأنها متفقٌ على صحتها بين أهل التفسير والحديث ثم قال : هذه الآية دلت على أنّ الحسن والحسين (ع) كانا ابني رسول الله (ص).
      ثم قال : كان في الري رجلٌ يقال له محمود بن الحسن الخصيمي ، وكان متكلّم الاثنى عشرية ، وكان يزعم أنّ عليّاً (ع) أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد (ص) ، قال : والذي يدل عليّه قوله تعالى : { وأنفسنا وأنفسكم } وليس المراد بقوله : { وأنفسنا } نفس محمد (ص) لأنّ الإنسان لا يدعو نفسه بل المراد به غيره ، وأجمعوا على أنّ ذلك الغير كان عليّ بن أبي طالب (ع) ، فدلت الآية على أنّ نفس عليّ هي نفس محمد ، ولا يمكن أن يكون المراد أنّ هذه النفس هي عين تلك النفس .
      فالمراد أن هذه النفس مثل تلك النفس ، وذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه ، تُرك العمل بهذا العموم في حقّ النبوة وفي حقّ الفضل ، لقيام الدلائل على أنّ محمداً (ص) كان نبياً ، وما كان عليّ كذلك ولانعقاد الإجماع على أنّ محمداً (ص) كان أفضل من عليّ فيبقى فيما سواه معمولاً به ، ثم الإجماع دلّ على أنّ محمداً (ص) كان أفضل من سائر الأنبياء ، فهذا وجه الاستدلال بظاهر هذه الآية .
      ثم قال : وتأكد الاستدلال بهذه الآية بالحديث المقبول عند الموافق والمخالف وهو قوله (ع) : ( من أراد أن يرى آدم في علمه ، ونوحا في طاعته ، وإبراهيم في خلّته ، وموسى في قربته ، وعيسى في صفوته ، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب (ع) ).. فالحديث دلّ على أنه اجتمع فيه ما كان متفرّقاً فيهم ، وذلك يدلّ على أنّ عليّاً أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد (ص) .
      وأما سائر الشيعة فقد كانوا قديماً وحديثاً يستدلون بهذه الآية على أنّ عليّاً (ص) أفضل من سائر الصحابة ، وذلك لأنّ الآية لما دلت على أنّ نفس عليّ مثل نفس محمد (ص) إلا فيما خصّه الدليل ، وكان نفس محمد (ص) أفضل من الصحابة فوجب أن يكون نفس عليّ أفضل من سائر صحابته.ص283
      المصدر:
      مفاتيح الغيب 2/471





      باب بعث أمير المؤمنين (ع) إلى اليمن
      قال الرضا (ع) : إنّ رسول الله (ص) بعث عليّاً (ع) إلى اليمن ، فقال له وهو يوصيه : يا عليّ !.. أوصيك بالدعاء فإنّ معه الإجابة ، وبالشكر فإنّ معه المزيد ، وإياك عن أن تخفر عهداً وتعين عليه ، وأنهاك عن المكر فإنّه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ، وأنهاك عن البغي ، فإنه من بُغي عليه لينصرنّه الله.ص361
      المصدر:
      أمالي الطوسي ص28
      بعث النبي (ص) خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام ، وأنفذ معه جماعة من المسلمين فيهم البراء بن عازب رحمه الله ، وأقام خالد على القوم ستة أشهر يدعوهم فلم يجبه أحدٌ منهم ، فساء ذلك رسول الله (ص) ، فدعا أمير المؤمنين (ع) وأمره أن يقفل (أي يرجع) خالدا ومن معه ، وقال له : إن أراد أحدٌ ممن مع خالد أن يعقب معك فاتركه .
      قال البراء : فكنت ممن عقب معه ، فلما انتهينا إلى أوائل أهل اليمن وبلغ القوم الخبر فجمعوا له فصلّى بنا عليّ بن أبي طالب (ع) الفجر ، ثم تقدّم بين أيدينا فحمد الله وأثنى عليّه ، ثم قرأ على القوم كتاب رسول الله (ص) ، فأسلمت همْدان كلها في يوم واحد ، وكتب بذلك أمير المؤمنين (ع) إلى رسول الله (ص) فلما قرأ كتابه استبشر وابتهج ، وخرّ ساجداً شكراً لله تعالى ، ثم رفع رأسه وجلس وقال : السلام على همْدان ، ثم تتابع بعد إسلام همْدان أهل اليمن على الإسلام.ص363
      المصدر:
      الإرشاد ص31




      باب قدوم الوفود على رسول الله (ص)
      كنت جالساً عند النبي (ص) فجاءته امرأة من غامد ، فقالت :
      يا نبي الله !.. إني قد زنيت وأريد أن تطهّرني ، فقال لها النبي (ص) : ارجعي ، فلما كان من الغد أتته أيضاً فاعترفت عنده بالزنا ، فقالت :
      يا رسول الله !.. إني قد زنيت وأريد أن تطهّرني ، فقال لها : فارجعي ، فلما أن كان من الغد أتته فاعترفت عنده بالزنا ، فقالت :
      يا نبي الله !.. طهّرني فلعلك تردّني كما رددت ماعز بن مالك ، فوالله إني لحبلى .. فقال لها النبي (ص) :
      ارجعي حتى تلدين ، فلما ولدت جاءت بالصبي تحمله قالت :
      يا نبي الله !.. هذا قد ولدتُ ، قال : فاذهبي فارضعيه حتى تفطميه ، فلما فطمته جاءت بالصبي في يده كسرة خبز قالت :
      يا نبي الله !.. هذا فطمته ، فأمر النبي (ص) بالصبي فدُفع إلى رجل من المسلمين ، وأمر بها فحُفر لها حفرةٌ فجعلت فيها إلى صدرها ثم أمر الناس أن يرجموها .. فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها ، فنضح الدم على وجنة خالد فسبّها ، فسمع النبي (ص) سبّه إياها ، فقال :
      مهلاً يا خالد لا تسبّها ، فو الذي نفسي بيده !.. لقد تابتْ توبةً لو تابها صاحب مكس ( أي عشّار) لغفر له ، فأمر بها فصلّى عليها فدُفنت . ص367
      المصدر:
      المنتقى في مولد المصطفى - الباب 9
      وفيها (أي في السنة العاشرة) قدم وفد محارب في حجة الوداع ، وهم عشرة نفر فيهم سواء بن الحارث وابنه خزيمة ، ولم يكن أحدٌ أفظّ ولا أغلظ على رسول الله (ص) منهم ، وكان في الوفد رجلٌ منهم فعرفه رسول الله (ص) فقال : الحمد لله الذي أبقاني حتى صدّقتُ بك ، فقال رسول الله (ص) : " إن هذه القلوب بيد الله " ومسح وجه خزيمة فصارت له غرّة بيضاء ، وأجازهم كما يجيز الوفد وانصرفوا . ص370
      المصدر:
      المنتقى في مولد المصطفى - الباب 9
      قدم جرير بن عبد الله البجلي ، ومعه من قومه مائة وخمسون رجلاً ، فقال رسول الله (ص) : "يطلع عليكم من هذا الفجّ من خير ذي يمن ، على وجهه مسحة مَلَك " فطلع جرير على راحلته ومعه قومه فأسلموا وبايعوا .
      قال جرير : وبسط رسول الله يده فبايَعَني ، وقال : " على أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم شهر رمضان ، وتنصح للمسلمين ، وتطيع الوالي وإن كان عبداً حبشيا " فقلت : نعم ، فبايعته
      وكان رسول الله (ص) يسأله عما وراءه فقال : يا رسول الله !.. قد أظهر الله الإسلام والأذان ، وهَدَمت القبائل أصنامها التي تعبد ، قال : فما فعل ذو الخلصة قال : هو على حاله فبعثه رسول الله (ص) إلى هدم ذي الخلصة ، وعقد له لواء فقال : إني لا أثبت على الخيل ، فمسح رسول الله (ص) صدره وقال : " اللهم !.. اجعله هاديا مهديا " فخرج في قومه وهم زهاء مائتين ، فما أطال الغيبة حتى رجع ، فقال رسول الله (ص) : أهدمته ؟.. قال : نعم والذي بعثك بالحقّ ، وأحرقته بالنار . ص371
      المصدر:
      المنتقى في مولد المصطفى - الباب 9
      بيــان:
      ذو الخلصة : هو بيت كان فيه صنم لدوس وخثعم وبجيلة وغيرهم ، وقيل : ذوالخلصة : الكعبة اليمانية التي كانت باليمن . ص 374




      باب حجة الوداع وما جرى فيها إلى الرجوع إلى المدينة وعدد حجه وعمرته (ص) وسائر الوقائع إلى وفاته (ص)
      قال أبو الحسن (ع) : دخل النبي (ص) الكعبة ، فصلّى في زواياها الأربع ، صلّى في كلّ زاوية ركعتين . ص 380
      المصدر:
      فروع الكافي 1/309
      قال الصادق (ع) : لم يدخل الكعبة رسول الله (ص) إلا يوم فتح مكة.ص380
      المصدر:
      فروع الكافي 1/309
      ولما قضى رسول الله (ص) نُسُكه ، أشرك عليّا (ع) في هْديه ، وقفل إلى المدينة وهو معه والمسلمون ، حتى انتهى إلى الموضع المعروف بغدير خم ، وليس بموضع إذ ذاك يصلح للمنزل لعدم الماء فيه والمرعى ، فنزل (ع) في الموضع ونزل المسلمون معه ، وكان سبب نزوله في هذا المكان ، نزول القرآن عليه بنصبه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) خليفة في الأمة من بعده ، وقد كان تقدّم الوحي إليه في ذلك من غير توقيت له ، فأخّره لحضور وقتٍ يأمن فيه الاختلاف منهم عليه .
      وعلم الله عزّ وجلّ أنه إن تجاوز غدير خم انفصل عنه كثير من الناس إلى بلدانهم وأماكنهم وبواديهم ، فأراد الله أن يجمعهم لسماع النص على أمير المؤمنين (ع) وتأكيد الحجة عليهم فيه ، فأنزل الله تعالى :
      { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } ، يعني في استخلاف عليّ (ع) والنص بالإمامة عليه.
      { وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس } فأكّد الفرض عليه بذلك وخوفه من تأخير الأمر فيه ، وضَمِن له العصمة ومنع الناس منه ، فنزل رسول الله (ص) المكان الذي ذكرناه ، لما وصفناه من الأمر له بذلك وشرحناه ، ونزل المسلمون حوله ، وكان يوماً قايظاً شديد الحرّ .
      فأمر (ع) بدوحات فقُمّ ما تحتها وأمر بجْمع الرحال في ذلك المكان ، ووضع بعضها فوق بعض ، ثم أمر مناديه فنادى في الناس : " الصلاة جامعة " فاجتمعوا من رحالهم إليه وإن أكثرهم ليلف رداءه على قدميه من شدة الرمضاء ، فلما اجتمعوا صعد على تلك الرحال حتى صار في ذروتها ، ودعا أمير المؤمنين (ع) فرقى معه حتى قام عن يمينه ، ثم خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ فأبلغ في الموعظة ، ونعى إلى الأمة نفسه .
      وقال : " قد دُعيت ويوشك أن أجيب ، وقد حان مني خفوق من بين أظهركم وإني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا من بعدي : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض " ، ثم نادى بأعلى صوته : " ألست أولى بكم منكم بأنفسكم ؟.. " قالوا : اللهم !.. بلى ، فقال لهم على النسق من غير فصل ، وقد أخذ بضبعي أمير المؤمنين (ع) فرفعها حتى بان بياض إبطيهما :
      " فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللهم !.. وال من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله " ، ثم نزل (ص) وكان وقت الظهيرة فصلّى ركعتين ثم زالت الشمس ، فأذن مؤذنه لصلاة الظهر ، فصلّى بهم الظهر وجلس (ع) في خيمته وأمرعليّا (ع) أن يجلس في خيمة له بإزائه ، ثم أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً ، فيهنؤه بالمقام ، ويسلّموا عليه بإمرة المؤمنين ، ففعل الناس ذلك كلهم ، ثم أمر أزواجه وسائر نساء المؤمنين معه أن يدخلن عليه ويسلمن عليه بإمرة المؤمنين ففعلن ، وكان فيمن أطنب في تهنيته بالمقام عمر بن الخطاب ، وأظهر له من المسرّة به ، وقال فيما قال : بخ بخ لك يا عليّ ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة . ص288
      المصدر:
      إعلام الورى ص80 ، الإرشاد ص89
      وجاء حسان بن ثابت إلى رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله !.. أتأذن لي أن أقول في هذا المقام ما يرضاه الله ؟.. فقال له : قل يا حسان على اسم الله فوقف على نَشَز (أي مرتفع) من الأرض ، وتطاوَلَ المسلمون لسماع كلامه فأنشأ يقول :
      يناديهمُ يوم الغدير نبيهم***بخمّ وأسمع بالرسول مناديا
      وقال فمن مولاكم ووليكم***فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا
      إلهك مولانا وأنت ولينا *** ولن تجدنْ منا لك اليوم عاصيا
      فقال له : قم يا عليّ فإنني*** رضيتك من بعدي إمام وهاديا
      فمن كنت مولاه فهذا وليه *** فكونوا له أتباع صدقٍ مواليا
      هناك دعا اللهم وال وليه***وكن للذي عادى عليّا معاديا
      فقال له رسول الله (ص) :
      " لا تزال يا حسان مُؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك " ، وإنما اشترط رسول الله (ص) في الدعاء له لعلمه (ع) بعاقبة أمره في الخلاف ، ولو علم سلامته في مستقبل الأحوال لدعا له على الإطلاق ، ومثل ذلك ما اشترط الله تعالى في مدح أزواج النبي (ص) ، ولم يمدحهن بغير اشتراطٍ ، لعلمه أنّ منهن من تتغير بعد الحال عن الصلاح الذي تستحق عليه المدح والإكرام ، فقال :
      { يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن } ولم يجعلهن في ذلك حسب ما جعل أهل بيت النبي (ص) في محل الإكرام والمدحة ، حيث بذلوا قوتهم لليتيم والمسكين والأسير ، فأنزل الله سبحانه في عليّ وفاطمة والحسن والحسين (ع) وقد آثروا على أنفسهم مع الخصاصة التي كانت بهم فقال تعالى :
      { ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ، إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ، فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ، وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا } ، فقطع لهم بالجزاء ، ولم يشترطْ لهم كما اشترط لغيرهم ، لعلمه باختلاف الأحوال على ما بيناه . ص389
      المصدر:
      إعلام الورى ص80 ، الإرشاد ص89




      باب ما جرى بينه وبين أهل الكتاب والمشركين بعد الهجرة ، وفيه نوادر أخباره وأحوال أصحابه (ص)
      {ودّ كثيرٌ من أهل الكتاب } نزلت في حييِّ بن أخطب وأخيه أبي ياسر بن أخطب ، وقد دخلا على النبي (ص) حين قدم المدينة ، فلما خرجا قيل لحيي : هو نبي ؟.. فقال : هو هو ، فقيل : ما له عندك ؟.. قال : العداوة إلى الموت ، وهو الذي نقض العهد وأثار الحرب يوم الأحزاب . ص14
      المصدر:
      مجمع البيان 1/185
      قوله تعالى : { لا إكراه في الدين } ، قال الطبرسي رحمه الله : قيل نزلت في رجل من الأنصار كان له غلامٌ أسود يقال له صبح ، وكان يُكرهه على الإسلام ، وقيل : في رجل من الأنصار يُدعى أبا الحصين ، وكان له ابنان فقدم تجار الشام إلى المدينة يحملون الزيت .
      فلما أرادوا الرجوع أتاهم ابنا أبي الحصين فدعوهما إلى النصرانية فتنصّرا ومضيا إلى الشام ، فأخبر أبو الحصين رسول الله (ص) ، فأنزل الله سبحانه :
      { لا إكراه في الدين } ، فقال رسول الله (ص) : أبعدهما الله ، هما أول من كفر ، فوجد أبو الحصين في نفسه على النبي (ص) حيث لم يبعث في طلبهما ، فأنزل الله سبحانه { فلا وربك لا يؤمنون } . ص17
      المصدر:
      مجمع البيان 2/363
      قوله تعالى : { فلا وربك لا يؤمنون } ، قال الطبرسي رحمه الله : قيل : نزلت في الزبير ورجل من الأنصار ، خاصمه إلى رسول الله (ص) في شراج ( مسيل الماء من الوادي ) من الحرّة ، كانا يسقيان بها النخل كلاهما ، فقال النبي (ص) للزبير : اسقِ ثم أرسلْ إلى جارك ، فغضب الأنصاري وقال : يا رسول الله (ص) !.. لأن كان ابن عمتك ؟..
      فتلّون وجه رسول الله (ص) ، ثم قال للزبير : اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجُدُر واستوفّ حقك ، ثم أرسل الماء إلى جارك ، وكان رسول الله (ص) أشار على الزبير برأي فيه السعة له ولخصمه ، فلما اُحفظ ( أُغضب ) رسول الله (ص) استوعب للزبير حقه من صريح الحكم ، ويقال : أنّ الرجل كان حاطب بن أبي بلتعة ..
      قال الراوي : ثم خرجا فمرّا على المقداد فقال : لمن كان القضاء يا أبا بلتعة ؟!.. قال : قضى لابن عمته ولوّى شدقه ، ففطن لذلك يهودي كان مع المقداد ، فقال :
      قاتل الله هؤلاء يزعمون أنه رسول ، ثم يتّهمونه في قضاء يقضي بينهم ، وأيم الله لقد أذنبنا مرةً واحدةً في حياة موسى ، فدعانا موسى إلى التوراة فقال :
      { اقتلوا أنفسكم } ففعلنا ، فبلغ قتلانا سبعين ألفا في طاعة ربنا حتى رضي عنا . ص20
      المصدر:
      مجمع البيان 3/69
      مرّ الملأ من قريش على رسول الله (ص) وعنده صهيب وخبّاب وبلال وعمّار وغيرهم من ضعفاء المسلمين ، فقالوا :
      يا محمد !.. أرضيت بهؤلاء من قومك ؟.. أفنحن نكون تبعاً لهم ؟.. أهؤلاء الذين منّ الله عليهم ؟.. اطردهم عنك فلعلك إن طردتهم اتبعناك ، فأنزل الله تعالى : { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ} .ص23
      المصدر:
      مجمع البيان 4/305
      {ومن قال سأُنزل } قيل : المراد به عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، أملى عليه رسول الله (ص) ذات يوم :
      { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } إلى قوله : { ثم أنشأناه خلقا آخر } ، فجرى على لسان ابن أبي سرح : { فتبارك الله أحسن الخالقين } فأملاه عليه ، وقال : هكذا أُنزل فارتدّ عدو الله ، وقال :
      إن كان محمد صادقاً فلقد أوحي إليّ كما أوحي إليه ، ولئن كان كاذباً فلقد قلت كما قال ، وارتدّ عن الإسلام ، وهدر رسول الله (ص) دمه.
      فلما كان يوم الفتح جاء به عثمان وقد أخذ بيده ورسول الله (ص) في المسجد ، فقال : يا رسول الله !.. اعف عنه ، فسكت رسول الله (ص) ، ثم أعاد فسكت ، ثم أعاد فقال : هو لك .
      فلما مرّ قال رسول الله (ص) لأصحابه : ألم أقل : من رآه فليقتله ؟.. فقال عبد الله بن بشر : كانت عيني إليك يا رسول الله أن تشير إليّ فأقتله ، فقال (ص) : الأنبياء لا يقتلون بالإشارة . ص35
      المصدر:
      مجمع البيان 4/335
      قال الباقر (ع) في قوله تعالى { واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا } : الأصل في ذلك بلعم ، ثم ضربه الله مثلاً لكلّ مؤثرٍ هواه على هدى الله من أهل القبلة . ص36
      المصدر:
      مجمع البيان 4/499
      قوله تعالى : { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقنّ ونكونن من الصالحين} ، قال الطبرسي رحمه الله : قيل نزلت في ثعلبة بن حاطب وكان من الأنصار ، قال للنبي (ص) : ادع الله أن يرزقني مالاً ، فقال : يا ثعلبة !.. قليلٌ تؤدّي شكره خيرٌ من كثير لا تطيقه ، أما لك في رسول الله (ص) أسوة ؟.. والذي نفسي بيده لو أردتُ أن تسير الجبال معي ذهباً وفضةً لسارت ، ثم أتاه بعد ذلك فقال :
      يا رسول الله !.. ادع الله أن يرزقني مالاً ، والذي بعثك بالحقّ لئن رزقني الله مالاً لأعطينّ كلّ ذي حقّ حقّه ، فقال (ص) : اللهم !.. ارزق ثعلبة مالاً .
      قال : فاتخذ غنماً فنمت كما ينمي الدود ، فضاقت عليه المدينة فتنحّى عنها فنزل وادياً من أوديتها ، ثم كثُرت نموّاً حتى تباعد من المدينة ، فاشتغل بذلك عن الجمعة والجماعة ، وبعث رسول الله (ص) المصدّق ليأخذ الصدقة فأبى وبخل ، وقال : ما هذه إلا أخت الجزية ، فقال رسول الله (ص) :
      يا ويح ثعلبة !.. يا ويح ثعلبة !.. فأنزل الله الآيات . ص40
      المصدر:
      مجمع البيان 5/53
      قال الباقر (ع) في قوله تعالى { وآخرون اعترفوا بذنوبهم }: أنها نزلت في أبي لبابة ، ولم يذكر معه غيره ، وسبب نزولها فيه ما جرى منه في بني قريظة حين قال : إن نزلتم على حكمه فهو الذبح ، وبه قال مجاهد ، وقيل : نزلت فيه خاصة حين تأخّر عن النبي (ص) في غزوة تبوك ، فربط نفسه بسارية على ما تقدّم ذكره عن الزهري .. ثم قال أبو لبابة :
      يا رسول الله !.. إنّ من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب ، وأن أنخلع من مالي كلّه ، قال : يجزيك يا أبا لبابة الثلث !.. وفي جميع الأقوال أخذ رسول الله (ص) ثلث أموالهم ، وترك الثلثين ، لأنّ الله تعالى قال :
      { خذ من أموالهم } ولم يقل : خذ أموالهم . ص43
      المصدر:
      مجمع البيان 5/66
      قوله : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } قال الطبرسي رحمه الله : نزل في الأوس والخزرج وقع بينهما قتالٌ بالسعف والنعال ، عن ابن جبير ، وقيل : نزل في رهط عبد الله بن أُبي بن سلول من الخزرج ، ورهط عبد الله بن رواحة من الأوس ، وسببه أنّ النبي (ص) وقف على عبد الله بن أُبي ، فراث حمار رسول الله (ص) ، فأمسك عبد الله أنفه ، وقال : إليك عني ، فقال عبد الله بن رواحة : لحمار رسول الله (ص) أطيب ريحاً منك ومن أبيك ، فغضب قومه وأعان ابن رواحة قومه ، وكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال .ص54
      المصدر:
      مجمع البيان 9/132
      وقوله : { ولا يغتب بعضكم بعضا } نزلت في رجلين من أصحاب رسول الله (ص) اغتابا رفيقهما وهو سلمان ، بعثاه إلى رسول الله (ص) ليأتي لهما بطعام ، فبعثه إلى أسامة بن زيد ، وكان خازن رسول الله (ص) على رحله ، فقال : ما عندي شيءٌ ، فعاد إليهما فقالا : بخل أسامة ، وقالا لسلمان : لو بعثناه إلى بئر سميحة لغار ماؤها .
      ثم انطلقا يتجسّسان هل عند أسامة ما أمر لهما به رسول الله (ص) ، فقال رسول الله (ص) لهما : ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما ؟.. قالا :
      يا رسول الله !.. ما تناولنا يومنا هذا لحماً ، قال : ظللتم تأكلون لحم سلمان وأسامة ، فنزلت الآية . ص54
      المصدر:
      مجمع البيان 9/135
      قال الطبرسي - رحمه الله - في قوله تعالى { قد سمع الله } : نزلت الآيات في امرأة من الأنصار ثم من الخزرج اسمها خولة بنت خويلد ، عن ابن عباس ، وقيل : خولة بنت ثعلبة ، عن قتادة والمقاتلين ، وزوجها أوس بن الصامت ، وذلك أنها كانت حسنة الجسم ، فرآها زوجها ساجدةً في صلاتها فلما انصرفت أرادها فأبت عليه فغضب عليها - وكان امرأً فيه سرعةٌ ولمم - فقال لها : أنت عليّ كظهر أمي ، ثم ندم على ما قال .
      وكان الظهار من طلاق أهل الجاهلية ، فقال لها : ما أظنّك إلا وقد حرُمت عليّ ، فقالت : لا تقل ذلك وائت رسول الله (ص) فاسأله ، فقال : إني أجدني أستحيى منه أن أسأله عن هذا ، قالت : فدعني أسأله ، فقال : سليه ، فأتت النبي (ص) وعائشة تغسل شقّ رأسه ، فقالت :
      يا رسول الله !.. إنّ زوجي أوس بن الصامت تزوّجني وأنا شابةٌ غانيةٌ ذات مالٍ وأهلٍ ، حتى إذا أكل مالي ، وأفنى شبابي ، وتفرّق أهلي ، وكبُر سنّي ظاهر مني ، وقد ندم ، فهل من شيء تجمعني وإياه تنعشني به ؟..
      فقال (ص) : ما أراك إلا حرُمت عليه ، فقالت : يا رسول الله !.. والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً ، وإنه أبو ولدي ، وأحبّ الناس إليّ ، فقال (ص) : ما أراك إلا حرُمت عليه ، ولم أُؤمر في شأنك بشيء ، فجعلت تراجع رسول الله (ص) ، وإذا قال لها رسول الله (ص) : حرُمت عليه ، هتفت وقالت : أشكو إلى الله فاقتي وحاجتي وشدّة حالي .. اللهم !.. فأنزل على لسان نبيك ، وكان هذا أول ظهار في الإسلام ، فقامت عائشة تغسل شقّ رأسه الآخر فقالت : انظر في أمري جعلني الله فداك يا نبي الله !..
      فقالت عائشة : اقصري حديثك ومجادلتك ، أما ترين وجه رسول الله (ص) ؟.. وكان (ص) إذا نزل عليه الوحي أخذه مثل السبات ، فلما قضي الوحي قال : ادعي زوجك ، فتلا عليه رسول الله : { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله } إلى تمام الآيات .
      قالت عائشة : تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلها ، إنّ المرأة لتحاور رسول الله (ص) وأنا في ناحية البيت أسمع بعض كلامها ويخفى عليّ بعضه إذ أنزل الله { قد سمع الله } ، فلما تلا عليه الآيات قال له :
      هل تستطيع أن تعتق رقبة ؟.. قال : إذاً يذهب مالي كلّه ، والرقبة غاليةٌ وأنا قليل المال ، فقال (ص) :
      فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟.. فقال : والله يا رسول الله !.. إني إذا لم آكل في اليوم ثلاث مرات كَلّ بصري ، وخشيت أن يغشى عيني .
      قال : فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً ؟.. قال : لا والله إلا أن تعينني على ذلك يا رسول الله !.. فقال : إني معينك بخمسة عشر صاعاً ، وأنا داع لك بالبركة ، فأعانه رسول الله (ص) بخمسة عشر صاعاً ودعا له بالبركة ، فاجتمع لهما أمرهما . ص58
      المصدر:
      مجمع البيان 9/246
      وقال - رحمه الله - في قوله تعالى { وإذا رأوا تجارة } :
      قال جابر بن عبد الله : أقبلت عيرٌ ونحن نصلّي مع رسول الله (ص) الجمعة فانفضّ الناس إليها ، فما بقي غير اثنى عشر رجلاً أنا فيهم ، فنزلت الآية .
      وقال الحسن وأبو مالك : أصاب أهل المدينة جوعٌ وغلاء سعر ، فقدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام ، والنبي (ص) يخطب يوم الجمعة ، فلما رأوه قاموا إليه بالبقيع خشية أن يُسبقوا إليه ، فلم يبق مع النبي (ص) إلا رهطٌ فنزلت ، فقال (ص) : والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى أحدٌ منكم لسال بكم الوداي نارا .ص59
      المصدر:
      مجمع البيان 10/287
      عن ابن عباس : أنّ رجلاً كانت له نخلةٌ فرعها في دار رجل فقير ذي عيال ، وكان الرجل إذا جاء فدخل الدار وصعد النخلة ليأخذ منها التمر ، فربما سقطت التمرة فيأخذها صبيان الفقير ، فينزل الرجل من النخلة حتى يأخذ التمر من أيديهم ، فإن وجدها في في أحدهم أدخل إصبعه حتى يُخرج التمر من فيه ، فشكا ذلك الرجل إلى النبي (ص) وأخبره بما يلقى من صاحب النخلة ، فقال له النبي (ص) : اذهب.
      ولقي رسول الله (ص) صاحب النخلة فقال : تعطني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلةٌ في الجنة ؟.. فقال له الرجل : إنّ لي نخلاً كثيراً ، وما فيه نخلةٌ أعجب إليّ ثمرةً منها ، قال : ثم ذهب الرجل فقال رجل كان يسمع الكلام من رسول الله (ص) : يا رسول الله !.. أتعطيني بما أعطيت الرجل نخلة في الجنة إن أنا أخذتها؟.. قال : نعم .
      فذهب الرجل ولقي صاحب النخلة فساومها منه ، فقال له : أشعرت أنّ محمداً أعطاني بها نخلةً في الجنة فقلت له : يعجبني تمرها وإنّ لي نخلاً كثيراً فما فيه نخلةٌ أعجب إليّ تمرةً منها ؟.. فقال له الآخر : أتريد بيعها ؟ فقال : لا ، إلا أن أُعطى بها ما لا أظنه أُعطى ، قال : فما مُناك ؟.. قال : أربعون نخلة ، فقال الرجل : جئت بعظيم!.. تطلب بنخلتك المائلة أربعين نخلة ؟!.. ثم سكت عنه ، فقال له : أنا أُعطيك أربعين نخلةً ، فقال له : أشهد إن كنت صادقاً ، فمرّ إلى ناس فدعاهم ، فأشهد له بأربعين نخلة .
      ثم ذهب إلى النبي (ص) فقال : يا رسول الله !.. إنّ النخلة قد صارت في ملكي فهي لك ، فذهب رسول الله (ص) إلى صاحب الدار فقال له : النخلة لك ولعيالك ، فأنزل الله تعالى : { والليل إذا يغشى } السورة .. وعن عطا قال : اسم الرجل أبو الدحداح { فأما من أعطى واتقى } هو أبو الدحداح { وأما من بخل واستغنى } هو صاحب النخلة ، وقوله : { لا يصلاها إلا الأشقى } هو صاحب النخلة { وسيجنّبها الأتقى } أبو الدحداح ، { ولسوف يرضى } إذا أدخله الجنة ، قال : فكان النبي (ص) يمرّ بذلك الحشّ وعذوقه دانية فيقول : عذوق وعذوق لأبي الدحداح في الجنة ، والأَولى أن تكون الآيات محمولة على عمومها في كلّ مَن يعطي حقّ الله من ماله ، وكل من يمنع حقّه سبحانه ، وروى العياشي ذلك بإسناده عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليه السلام . ص61
      المصدر:
      مجمع البيان 10/501
      { ولا تطرد الذين يدعون ربهم } ، فإنه كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة قومٌ فقراء مؤمنون يُسمّون أصحاب الصفّة ، وكان رسول الله (ص) أمرهم أن يكونوا في صفّة يأوون إليها ، وكان رسول الله (ص) يتعاهدهم بنفسه ، وربما حمل إليهم ما يأكلون ، وكانوا يختلفون إلى رسول الله (ص) فيقرّبهم ويقعد معهم ويؤنسهم ، وكان إذا جاء الأغنياء والمترفون من أصحابه ينكرون ذلك عليه ويقولون له : اطردهم عنك .
      فجاء يوماً رجلٌ من الأنصار إلى رسول الله (ص) وعنده رجل من أصحاب الصفّة قد لزق برسول الله (ص) ورسول الله (ص) يحدّثه فقعد الأنصاري بالبعد منهما ، فقال له رسول الله (ص) : تقدّم ، فلم يفعل ، فقال له رسول الله (ص) : لعلك خفت أن يلزق فقره بك ؟..
      فقال الأنصاري : اطرد هؤلاء عنك ، فأنزل الله : { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي } ، ثم قال : { وكذلك فتنا بعضهم ببعض } أي اختبرنا الأغنياء بالغنى لننظر كيف مواساتهم للفقراء ، وكيف يُخرجون ما فرض الله عليهم في أموالهم لهم ، واختبرنا الفقراء لننظر كيف صبرهم على الفقر وعما في أيدي الأغنياء { ليقولوا } أي الفقراء ، { أهؤلاء } الأغنياء { منّ الله عليهم } . ص67
      المصدر:
      تفسير القمي ص189
      { ومنهم من يلمزك في الصدقات } فإنها نزلت لما جاءت الصدقات ، وجاء الأغنياء وظنّوا أنّ رسول الله (ص) يقسّمها بينهم ، فلما وضعها رسول الله (ص) في الفقراء ، تغامزوا برسول الله (ص) ولمزوه ، وقالوا : نحن الذين نقوم في الحرب ونغزو معه ونقوّي أمره ، ثم يدفع الصدقات إلى هؤلاء الذين لا يعينونه ولا يغنون عنه شيئا ، فأنزل الله :
      { ولو أنهم رضوا } إلى قوله : { إنا إلى الله راغبون } . ص68
      المصدر:
      تفسير القمي ص273
      روي أنه أخذ بلال جمانة بنة الزحاف الأشجعي ، فلما كان في وادي النعام هجمت عليه وضربته ضربةً بعد ضربة ، ثم جمعتْ ما كان يعزّ عليها من ذهب وفضة في سفره وركبت حجرة من خيل أبيها ، وخرجت من العسكر تسير على وجهها إلى شهاب بن مازن الملّقب بالكوكب الدري ، وكان قد خطبها من أبيها ، ثم إنه أنفذ النبي (ص) سلمان وصهيبا إليه لإبطائه ، فرأوه ملقىً على وجه الأرض ميتاً ، والدم يجري من تحته .
      فأتيا النبي (ص) وأخبراه بذلك فقال النبي (ص) : كفّوا عن البكاء ، ثم صلّى ركعتين ودعا بدعوات ثم أخذ كفّاً من الماء فرشّه على بلال فوثب قائماً ، وجعل يقبّل قدم النبي (ص) فقال له النبي (ص) : مَن هذا الذي فعل بك هذا الفعال يا بلال ؟!..
      فقال : جمانة بنت الزحاف ، وإني لها عاشقٌ ، فقال : أبشر يا بلال !.. فسوف انفذ إليها وآتي بها ، فقال النبي (ص) : يا أبا الحسن !.. هذا أخي جبرائيل يخبرني عن ربّ العالمين أنّ جمانة لما قتلت بلالاً ، مضت إلى رجل يقال له شهاب بن مازن ، وكان قد خطبها من أبيها ولم ينعم له بزواجها وقد شكت حالها إليه ، وقد سار بجموعه يروم حربنا ، فقم واقصده بالمسلمين ، فالله تعالى ينصرك عليه ، وها أنا راجعٌ إلى المدينة.
      قال : فعند ذلك سار الإمام بالمسلمين وجعل يجدّ في السير حتى وصل إلى شهاب وجاهده ونصر المسلمين ، فأسلم شهاب وأسلمت جمانة والعسكر ، وأتى بهم الإمام إلى المدينة وجدّدوا الإسلام على يدي النبي (ص) ، فقال النبي (ص) : يا بلال ما تقول ؟!.. فقال : يا رسول الله !.. قد كنت محباً لها ، فالآن شهاب أحقّ بها مني ، فعند ذلك وهب شهاب لبلال جاريتين وفرسين وناقتين . ص79
      المصدر:
      المناقب 1/121
      قال الصادق (ع) : إنّ رسول الله (ص) رفع رأسه إلى السماء فتبسّم فقيل له : يا رسول الله !.. رأيناك رفعت رأسك إلى السماء فتبسّمت ، قال : نعم ، عجبت لملكين هبطا من السماء إلى الأرض ، يلتمسان عبداً مؤمناً صالحاً في مصلّى كان يصلّي فيه ، ليكتبا له عمله في يومه وليلته ، فلم يجداه في مصلاّه فعرجا إلى السماء فقالا : ربنا !.. عبدك فلان المؤمن التمسناه في مصلاّه لنكتب له عمله ليومه وليلته فلم نصبه ، فوجدناه في حبالك .
      فقال الله عزّ وجلّ : اكتبا لعبدي مثل ما كان يعمله في صحته من الخير في يومه وليلته مادام في حبالي ، فإنّ عليّ أن أكتب له أجر ما كان يعمله إذا حبسته عنه.ص83
      المصدر:
      فروع الكافي 1/31
      قال الصادق (ع) : أتى رسول الله (ص) وفدٌ من اليمن وفيهم رجلٌ كان أعظمهم كلاماً ، وأشدّهم استقصاءً في محاجة النبي ، فغضب النبي (ص) حتى التوى عرق الغضب بين عينيه ، وتربّد وجهه وأطرق إلى الأرض ، فأتاه جبرائيل (ع) فقال : ربك يقرئك السلام ويقول لك : هذا رجلٌ سخيٌّ يُطعم الطعام .. فسكن عن النبي (ص) الغضب ورفع رأسه وقال له : لولا أنّ جبرائيل أخبرني عن الله عزّ وجلّ أنك سخيٌّ تُطعم الطعام ، شددت بك وجعلتك حديثاً لمن خلفك ، فقال له الرجل :
      وإنّ ربك ليحبّ السخاء ؟.. فقال : نعم ، قال : إني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، والذي بعثك بالحق لا رددتُ عن مالي أحداً . ص84
      المصدر:
      فروع الكافي 1/173
      قال الصادق (ع) : جاء رجلٌ إلى النبي (ص) فقال : إني شيخٌ كثير العيال ، ضعيف الركن ، قليل الشيء ، فهل من معونة على زماني ؟.. فنظر رسول الله (ص) إلى أصحابه ونظر إليه أصحابه ، وقال : قد أسمعَنا القول وأسمعَكم .
      فقام إليه رجلٌ فقال : كنت مثلك بالأمس ، فذهب به إلى منزله فأعطاه مزوداً من تبر - وكانوا يتبايعون بالتبر وهو الذهب والفضة - فقال الشيخ : هذا كله ؟!.. قال : نعم ، فقال الشيخ : اقبلْ تبرك ، فإني لست بجنّي ولا إنسي
      ولكني رسول من الله لأبلوك ، فوجدتك شاكراً فجزاك الله خيراً . ص84
      المصدر:
      فروع الكافي 1/175
      قال رجلٌ للنبي (ص) : يا رسول الله !.. علّمني ، قال : اذهب ولا تغضب ، فقال الرجل : قد اكتفيت بذلك ، فمضى إلى أهله فإذا بين قومه حربٌ قد قاموا صفوفاً ولبسوا السلاح ، فلما رأى ذلك لبس سلاحه ثم قام معهم ، ثم ذكر قول رسول الله (ص) : لا تغضب ، فرمى السلاح ثم جاء يمشي إلى القوم الذين هم عدو قومه فقال : يا هؤلاء !.. ما كانت لكم من جراحة أو قتل أو ضرب ليس فيه أثر ، فعليّ في مالي أنا أُوفيكموه ، فقال القوم : فما كان فهو لكم ، نحن أولى بذلك منكم ، فاصطلح القوم وذهب الغضب . ص85
      المصدر:
      أصول الكافي 2/304
      مرّ النبي (ص) في سوق المدينة بطعام ، فقال لصاحبه : ما أرى طعامك إلا طيباً وسأله عن سعره ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه أن يدسّ يده في الطعام ، ففعل فأخرج طعاماً رديّاً ، فقال لصاحبه : ما أراك إلا وقد جمعت خيانةً وغشّاً للمسلمين . ص86
      المصدر:
      فروع الكافي 1/375
      أتى النبيَّ (ص) أعرابيٌّ فقال له : ألست خيرنا أباً وأماً ، وأكرمنا عقباً ورئيساً في الجاهلية والإسلام ؟ .. فغضب النبي (ص) وقال : يا أعرابي كم دون لسانك من حجاب !.. قال : اثنان : شفتان وأسنان ، فقال (ص) : أما كان في أحد هذين ما يردّ عنا غرب ( أي حدّة) لسانك هذا ؟.. أما إنه لم يُعطَ أحدٌ في دنياه شيئاً هو أضرّ له في آخرته من طلاقة لسانه ، يا علي !.. قم فاقطع لسانه ، فظنّ الناس أنه يقطع لسانه ، فأعطاه دراهم . ص86
      المصدر:
      معاني الأخبار ص53
      قال لي ذات يوم رسول الله (ص) : يا ربيعة !.. خدمتني سبع سنين ، أفلا تسألني حاجة ؟.. فقلت :
      يا رسول الله !.. أمهلني حتى أفكر ، فلما أصبحت ُودخلت عليه قال لي :
      يا ربيعة !.. هات حاجتك ، فقلت : تسأل الله أن يدخلني معك الجنة ، فقال لي : من علّمك هذا ؟.. فقلت :
      يا رسول الله !.. ما علّمني أحدٌ ، لكني فكرت في نفسي وقلت : إن سألته مالاً كان إلى نفاد ، وإن سألته عمراً طويلاً وأولاداً كان عاقبتهم الموت ، قال ربيعة : فنكس رأسه ساعةً ثم قال :
      أفعلُ ذلك ، فأعني بكثرة السجود . ص87
      المصدر:
      دعوات الراوندي
      قال الصادق (ع) عن آبائه (ع) : كان بالمدينة رجلان يسمى أحدهما هيت ، والآخر مانع فقالا لرجل ورسول الله (ص) يسمع : إذا افتتحتم الطائف إن شاء الله ، فعليك بابنة غيلان الثقفية فإنها شموع نجلاء مبتّلة هيفاء شنباء ، إذا جلست تثنّت ، وإذا تكلّمت غنّت ، تقبل بأربع ، وتدبر بثمان ، بين رجليها مثل القدح ، فقال النبي (ص) : لا أراكما من أولي الإربة من الرجال ، فأمر بهما رسول الله (ص) فغرّب ( أي أبعد ) بهما إلى مكان يقال له الغرابا ، وكانا يتسوّقان في كل جمعة . ص88
      المصدر:
      فروع الكافي 2/65
      بيــان:
      قوله (ص) : لا أراكما من أولي الإربة ، أي ما كنت أظنّ أنكما من أولي الإربة ، أي الذين لهم حاجة إلى النساء ، بل كنت أظنّ أنكما لا تشتهيان النساء ولا تعرفان من حسنهن ما تذكران ، فلذا نفيهما عن المدينة ، لأنهما كانا يدخلان على النساء ويجلسان معهن . ص91
      قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم}: إنها نزلت لما رجع رسول الله (ص) إلى المدينة ومرض عبد الله بن أُبي ، وكان ابنه عبد الله بن عبد الله مؤمناً ، فجاء إلى رسول الله (ص) وأبوه يجود بنفسه فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي !.. إنك إن لم تأت أبي كان ذلك عاراً علينا ، فدخل إليه رسول الله (ص) والمنافقون عنده ، فقال ابنه عبد الله بن عبد الله : يا رسول الله !.. استغفر الله له ، فاستغفر له ، فقال عمر : ألم ينهك الله يا رسول الله أن تصلي عليهم ، أو تستغفر لهم ؟..
      فأعرض عنه رسول الله (ص) وأعاد عليه ، فقال له ويلك إني خُيّرت فاخترتُ ، إنّ الله يقول : { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } ، فلما مات عبد الله جاء ابنه إلى رسول الله (ص) فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله !.. إن رأيت أن تحضر جنازته ، فحضر رسول الله (ص) وقام على قبره ، فقال له عمر : يا رسول الله !.. ألم ينهك الله أن تصلّي على أحد منهم مات أبداً ، وأن تقوم على قبره ؟..
      فقال له رسول الله (ص) : ويلك وهل تدري ما قلت ؟.. إنما قلت : اللهم !.. احش قبره ناراً ، وجوفه ناراً، وأصلِه النار ، فبدا من رسول الله (ص) ما لم يكن يحبّ . ص97
      المصدر:
      تفسير القمي ص277
      { فليدع ناديه } قال : لما مات أبو طالب فنادى أبو جهل والوليد عليهما لعائن الله : هلمّ فاقتلوا محمدا فقد مات الذي كان ناصره ، فقال الله : { فليدع ناديه ، سندع الزبانية } ، قال : كما دعا إلى قتل رسول الله (ص) ، نحن أيضاً ندع الزبانية . ص100
      المصدر:
      تفسير القمي ص731
      دخلت ُعلى رسول الله (ص) يوماً وهو نائمٌ وحيّة في جانب البيت ، فكرهت أن أقتلها فأوقظ النبي (ص) فظننت أنه يُوحى إليه ، فاضطجعت بينه وبين الحية ، فقلت : إن كان منها سوءٌ كان إليّ دونه ، فمكثت هنيئةً فاستيقظ النبي (ص) وهو يقرأ :
      { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا } حتى أتى على آخر الآية ، ثم قال : الحمد لله الذي أتم لعليّ نعمته ، وهنيئاً له بفضل الله الذي آتاه ، ثم قال لي : ما لك هيهنا ؟.. فأخبرته بخبر الحيّة ، فقال لي : أقتلْها ، ففعلت ، ثم قال :
      يا أبا رافع !.. كيف أنت وقوم يقاتلون علياً وهو على الحقّ وهم على الباطل ، جهادهم حقّ لله عزّ اسمه ، فمن لم يستطع فبقلبه ، ليس وراءه شيء .
      فقلت : يا رسول الله !.. ادع الله لي إن أدركتهم أن يقوّيني على قتالهم ، فدعا النبي (ص) وقال : إن لكل نبي أميناً ، وإنّ أميني أبو رافع .
      فلما بايع الناس علياً بعد عثمان ، وسار طلحة والزبير ذكرت قول النبي (ص) فبعت داري بالمدينة وأرضاً لي بخيبر ، وخرجت بنفسي وولدي مع أمير المؤمنين (ع) لأستشهد بين يديه ، فلم أزل معه حتى عاد من البصرة ، وخرجت معه إلى صفّين فقاتلت بين يديه بها وبالنهروان أيضا ، ولم أزل معه حتى استُشهد ، فرجعت إلى المدينة وليس لي بها دارٌ ولا أرضٌ ، فأعطاني الحسن بن علي (ع) أرضاً بينبع ، وقسّم لي شطر دار أمير المؤمنين (ع) فنزلتها وعيالي . ص104
      المصدر:
      أمالي الطوسي ص37
      عن عبّاد بن عبد الله الأسدي ، عن زيد بن صوحان حدّثهم في البصرة عن حذيفة بن اليمان أنه أنذرهم فتناً مشتبهة يرتكس فيها أقوامٌ على وجوههم قال : ارقبوها ، فقلنا :
      كيف النجاة يا أبا عبد الله ؟.. قال :
      انظروا الفئة التي فيها علي (ع) فأتوها ولو زحفا على ركبكم ، فإني سمعت رسول الله (ص) يقول : علي أمير البررة ، وقاتل الفجرة ، منصورٌ مَن نصره ، مخذولٌ مَن خذله إلى يوم القيامة . ص109
      المصدر:
      أمالي الطوسي ص307
      عن صلة بن زفر أنه أدخل رأسه تحت الثوب بعد ما سجّى على حذيفة ، فقال له : إنّ هذه الفتنة قد وقعت فما تأمرني ؟.. قال : إذا أنت فرغت من دفني فشدّ على راحلتك والحقْ بعلي (ع) فإنه على الحقّ والحقّ لا يفارقه.ص110
      المصدر:
      أمالي الطوسي ص308
      عن وائل بن حجر قال : جاءنا ظهور النبي (ص) وأنا في ملك عظيم من قومي ، فرفضت ذلك وآثرت الله ورسوله ، وقدمت على رسول الله (ص) ، فأخبرني أصحابه أنه بشّرهم قبل قدومي بثلاث ، فقال : هذا وائل بن حجر قد أتاكم من أرض بعيدة من حضرموت راغباً في الإسلام طائعاً بقية أبناء الملوك فقلت : يا رسول الله !.. أتانا ظهورك وأنا في ملْك ، فمنّ الله عليّ أن رفضت ذلك وآثرت الله ورسوله ودينه راغباً فيه ، فقال (ص) : صدقتَ ، اللهم !.. بارك في وائل وفي ولده وولد ولده . ص112
      المصدر:
      قصص الأنبياء
      بينما رسول الله (ص) بفناء بيته بمكة جالسٌ ، إذ مرّ به عثمان بن مظعون ، فجلس ورسول الله (ص) يحدّثه ، إذ شخََص بصره (ص) إلى السماء فنظر ساعة ثم انحرف ، فقال عثمان : تركتني وأخذتَ بنفْض رأسك كأنك تشفه شيئا ، فقال رسول الله (ص) :
      أو فطنتَ إلى ذلك ؟.. قال : نعم ، قال رسول الله (ص) : أتاني جبرائيل (ع) ، فقال عثمان : فما قال ؟.. قال :
      { إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر } ، قال عثمان : فأحببتُ محمداً واستقرّ الإيمان في قلبي . ص113
      المصدر:
      قصص الأنبياء
      رُوي أنّ أبا الدرداء كان يعبد صنماً في الجاهلية ، وأنّ عبد الله بن رواحة ومحمد بن مسلمة ينتظران خلوة أبي الدرداء ، فغاب فدخلا على بيته وكسرا صنمه ، فلما رجع قال لأهله : من فعل هذا ؟.. قالت : لا أدري ، سمعت صوتاً فجئتُ وقد خرجوا ، ثم قال : لو كان الصنم يدفع لدفع عن نفسه ، فقال : أعطيني حلّتي فلبسها ، فقال النبي (ص) : هذا أبو الدرداء يجيء ، ويسلم ، فإذا هو جاء وأسلم . ص113
      المصدر:
      الخرائج
      روي أنه ذكر زيد بن صوحان فقال : زيد وما زيد ، يسبق منه عضو إلى الجنة ، فقُطعت يده يوم نهاوند في سبيل الله فكان كما قال . ص113
      المصدر:
      الخرائج
      عرضتُ على الصادق (ع) أصحاب الردة ، فكل ما سميت إنساناً قال : اعزب ، حتى قلت : حذيفة ، قال : اعزب ،قلت :
      ابن مسعود ، قال : اعزب ، ثم قال : إن كنت إنما تريد الذين لم يدخلهم شيء فعليك بهؤلاء الثلاثة : أبو ذر وسلمان والمقداد .
      المصدر:
      السرائر ص468
      بيــان:
      اعزب أي ابعد ، أقول : لعلّ ما ورد في حذيفة لبيان تزلزله أو ارتداده في أول الأمر ، فلا ينافي رجوعه إلى الحق أخيراً ، كما يدلّ عليه الحصر الذي في آخر الخبر ، فلا ينافي الأخبار السابقة . ص114
      رأينا وروينا من بعض تواريخ أسفار النبي (ص) أنه كان قد قصد قوماً من أهل الكتاب قبل دخولهم في الذمّة ، فظفر منهم بامرأة قريبة العرس بزوجها وعاد من سفره ، فبات في طريقه وأشار إلى عمّار بن ياسر وعبّاد بن بشر أن يحرساه فاقتسما الليلة قسماً ، وكان لعبّاد بن بشر النصف الأول ، ولعمّار بن ياسر النصف الثاني .
      فنام عمّار بن ياسر ، وقام عبّاد بن بشر يصلّي وقد تبعهم اليهودي يطلب امرأته أو يغتنم إهمالاً من التحفّظ فيفتك بالنبي (ص) ، فنظر اليهودي عبّاد بن بشر يصلّي في موضع العبور ، فلم يعلم في ظلام الليل هل هو شجرة أو أكمة أو دابة أو إنسان ، فرماه بسهم فأثبته فيه فلم يقطع الصلاة ، فرماه بآخر فخفّف الصلاة وأيقظ عمّار بن ياسر فرأى السهام في جسده فعاتبه وقال :
      هلاّ أيقظتني في أول سهم ؟..
      فقال : قد كنت قد بدأت في سورة الكهف فكرهت أن أقطعها ، ولولا خوفي أن يأتي العدو على نفسي ، ويصل إلى رسول الله (ص) وأكون قد ضيّعت ثغراً من ثغور المسلمين ، لما خفّفت من صلاتي ولو أتى على نفسي ، فدفعا العدو عما أراده . ص116
      المصدر:
      أمان الأخطار ص122
      في حديث أبي ريحانة أنه كان مع رسول الله (ص) في غزوة ، قال : فآوينا ذات ليلة إلى شرف ( أي مكان عالٍ ) ، فأصابنا فيه بردٌ شديدٌ حتى رأيت الرجال يحفر أحدهم الحفيرة فيدخل فيها ويكفئ عليه بحجفته ( درعه ) ، فلما رأى ذلك منهم قال :
      مَن يحرسنا في هذه الليلة ، فأدعو له بدعاء يصيب به فضله ؟.. فقام رجلٌ فقال : أنا يا رسول الله (ص) !.. فقال : مَن أنت ؟.. فقال : فلان بن فلان الأنصاري ، فقال : ادنُ مني فدنا منه ، فأخذ ببعض ثيابه ثم استفتح بدعاء له .. قال أبو ريحانة : فلما سمعت ما يدعو به رسول الله (ص) للأنصاري فقمت فقلت : أنا رجل فسألني كما سأله ، فقال : ادن كما قال له ودعا بدعاء دون ما دعا به للأنصاري ثم قال :
      حرُمت النار على عين سهرت في سبيل الله ، وحرُمت النار على عين دمعت من خشية الله ، وقال الثالثة أنسيتها ، قال أبو شريح بعد ذلك : حرُمت النار على عين قد غضّت عن محارم الله . ص117
      المصدر:
      أمان الأخطار ص122
      كنت عند الباقر (ع) إذا استأذن عليه رجلٌ ، فأذن له فدخل عليه فسلّم ، فرحبّ به الباقر (ع) وأدناه وساءله ، فقال الرجل : جعلت فداك !.. إني خطبت إلى مولاك فلان بن أبي رافع ابنته فلانة ، فردّني ورغب عني وازدرأني لدمامتي وحاجتي وغربتي ، وقد دخلني من ذلك غضاضة ( أي ذلّة ) هجمة غضّ لها قلبي تمنيت عندها الموت .
      فقال الباقر (ع) : اذهب فأنت رسولي إليه ، وقل له : يقول لك محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) : زوّج منحج بن رباح مولاي ، ابنتك فلانة ولا تردّه .
      قال أبو حمزة : فوثب الرجل فرحاً مسرعاً برسالة الباقر (ع) ، فلما أن توارى الرجل قال الباقر (ع) : إنّ رجلاً كان من أهل اليمامة يقال له جويبر ، أتى رسول الله (ص) منتجعاً للإسلام فأسلم وحسُن إسلامه ، وكان رجلاً قصيراً دميماً محتاجاً عارياً ، وكان من قباح السودان ، فضمّه رسول الله (ص) لحال غربته وعراه ، وكان يُجري عليه طعامه صاعاً من تمر بالصاع الأول ، وكساه شملتين ، وأمره أن يلزم المسجد ويرقد فيه بالليل .
      فمكث بذلك ما شاء الله حتى كثر الغرباء ممن يدخل في الإسلام من أهل الحاجة بالمدينة وضاق بهم المسجد ، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى نبيه (ص) : أن طهّر مسجدك ، وأخرج من المسجد من يرقد فيه بالليل ، ومر بسدّ أبواب كل من كان له في مسجدك بابٌ إلا باب علي ومسكن فاطمة (ع) ، ولا يمرّن فيه جنبٌ ، ولا يرقد فيه غريبٌ ، فأمر رسول الله (ص) بسدّ أبوابهم إلا باب علي (ع) وأقرّ مسكن فاطمة (ع) على حاله .
      ثم إنّ رسول الله (ص) أمر أن يتخذ للمسلمين سقيفةً ، فعُملت لهم وهي الصفّة ، ثم أمر الغرباء والمساكين أن يظلّوا فيها نهارهم وليلهم ، فنزلوها واجتمعوا فيها ، فكان رسول الله (ص) يتعاهدهم بالبرّ والتمر والشعير والزبيب إذا كان عنده .
      وكان المسلمون يتعاهدونهم ويرقّون عليهم لرقّة رسول الله (ص) ، ويصرفون صدقاتهم إليهم ، وإنّ رسول الله (ص) نظر إلى جويبر ذات يوم برحمة منه له ورقّة عليه ، فقال : يا جويبر !.. لو تزوّجت امرأة فعففت بها فرجك وأعانتك على دنياك وآخرتك ، فقال له جويبر : يا رسول الله !.. بأبي أنت وأمي من يرغب فيّ ؟.. فو الله ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال ، فأية امرأة ترغب فيّ ؟.. فقال له رسول الله (ص) :
      يا جويبر !.. إنّ الله قد وضع بالإسلام من كان في الجاهلية شريفاً ، وشرّف بالإسلام من كان في الجاهلية وضيعاً ، وأعزّ بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلاً ، وأذهب بالإسلام ما كان من نخوة الجاهلية وتفاخرها بعشائرها وباسق أنسابها ، فالناس اليوم كلهم أبيضهم وأسودهم وقرشيهم وعربيهم وعجميهم من آدم ، وإنّ آدم (ع) خلقه الله من طين ، وإنّ أحبّ الناس إلى الله عزّ وجلّ يوم القيامة أطوعهم له وأتقاهم ، وما أعلم يا جويبر !.. لأحد من المسلمين عليك اليوم فضلاً إلا لمن كان أتقى لله منك وأطوع ، ثم قال له : انطلق يا جويبر !.. إلى زياد بن لبيد ، فإنه من أشرف بني بياضة حسباً فيهم فقل له : إني رسول رسول الله إليك وهو يقول لك : زوّج جويبر ابنتك الدلفاء .
      فانطلق جويبر برسالة رسول الله (ص) إلى زياد بن لبيد وهو في منزله وجماعة من قومه عنده ، فاستأذنَ فأُعلم ، فأذن له وسلّم عليه ، ثم قال : يا زياد بن لبيد !.. إني رسول رسول الله (ص) إليك في حاجة ، فأبوح بها أم أسرّها إليك ؟.. فقال له زياد : بل بح بها فإنّ ذلك شرفٌ لي وفخرٌ ، فقال له جويبر : إن رسول الله (ص) يقول لك : زوّج جويبر ابنتك الدلفاء ، فقال له زياد : أرسول الله أرسلك إليّ بهذا يا جويبر ؟!.. فقال له : نعم ، ما كنت لأكذب على رسول الله (ص) ، فقال له زياد : إنا لا نزوّج فتياتنا إلا أكفاءنا من الأنصار ، فانصرف يا جويبر حتى ألقى رسول الله (ص) فاخبره بعذري ، فانصرف جويبر وهو يقول : والله ما بهذا أُنزل القرآن ولا بهذا ظهرت نبوة محمد (ص) .
      فسمعت مقالته الدلفاء بنت زياد وهي في خدرها ، فأرسلت إلى أبيها : ادخلْ إليّ ، فدخل إليها فقالت له : ما هذا الكلام الذي سمعته منك تحاور به جويبرا ؟.. فقال لها : ذكر لي أنّ رسول الله (ص) أرسله ، وقال : يقول لك رسول الله (ص) : زوّج جويبرا ابنتك الدلفاء ، فقالت له : والله ما كان جويبر ليكذب على رسول الله (ص) بحضرته ، فابعث الآن رسولاً يردّ عليك جويبرا .
      فبعث زياد رسولاً فلحق جويبرا فقال له زياد : يا جويبر !.. مرحباً بك ، اطمئن حتى أعود إليك ، ثم انطلق زياد إلى رسول الله (ص) ، فقال له : بأبي أنت وأمي !.. إنّ جويبرا أتاني برسالتك ، وقال : إنّ رسول الله (ص) يقول : زوّج جويبرا ابنتك الدلفاء ، فلم ألن له في القول ، ورأيت لقاءك ونحن لا نزوّج إلا أكفاءنا من الأنصار ، فقال له رسول الله (ص) : يا زياد !.. جويبر مؤمن ، والمؤمن كفو للمؤمنة ، والمسلم كفو للمسلمة ، فزوّجه يا زياد !.. ولا ترغب عنه .
      فرجع زياد إلى منزله ودخل على ابنته ، فقال لها ما سمعه من رسول الله (ص) ، فقالت له : إنك إن عصيت رسول الله (ص) كفرت ، فزوّج جويبرا ، فخرج زياد فأخذ بيد جويبر ، ثم أخرجه إلى قومه فزوّجه على سنّة الله وسنّة رسوله وضمن صداقها ، فجهّزها زياد وهيّأها ثم أرسلوا إلى جويبر فقالوا له : ألك منزلٌ فنسوقها إليك ؟.. فقال : والله مالي من منزل ، قال : فهيّؤها وهيّؤا لها منزلاً ، وهيّؤا فيه فراشاً ومتاعاً ، وكسوا جويبرا ثوبين ، وأُدخلت الدلفاء في بيتها وأُدخل جويبر عليها معتمّاً ، فلما رآها نظر إلى بيت ومتاع وريح طيبة ، قام إلى زاوية البيت فلم يزل تالياً للقرآن راكعاً وساجداً حتى طلع الفجر .
      فلما سمع النداء خرج وخرجت زوجته إلى الصلاة فتوضأت وصلّت الصبح ، فسُئلتْ : هل مسّكِ ؟.. فقالت : ما زال تالياً للقرآن وراكعاً وساجداً حتى سمع النداء فخرج ، فلما كانت الليلة الثانية فعل مثل ذلك ، وأخفوا ذلك من زياد ، فلما كان يوم الثالث فعل مثل ذلك .
      فأخبر بذلك أبوها ، فانطلق إلى رسول الله (ص) ، فقال له :
      بأبي أنت وأمي يا رسول الله (ص) !.. أمرتني بتزويج جويبر ، ولا والله ما كان من مناكحنا ، ولكن طاعتك أوجبتْ عليّ تزويجه ، فقال له النبي (ص) : فما الذي أنكرتم منه ؟..
      قال : إنا هيّأنا له بيتاً ومتاعاً ، وأُدخلت ابنتي البيت وأُدخل معها معتمّاً ، فما كلّمها ولا نظر إليها ولا دنا منها ، بل قام إلى زاوية البيت فلم يزل تالياً للقرآن راكعاً وساجداً حتى سمع النداء فخرج ، ثم فعل مثل ذلك في الليلة الثانية ومثل ذلك في الليلة الثالثة ، ولم يدنُ منها ولم يكلّمها إلى أن جئتك ، وما نراه يريد النساء فانظر في أمرنا .
      فانصرف زياد وبعث رسول الله (ص) إلى جويبر فقال له : أما تقرب النساء ؟.. فقال له جويبر : أو ما أنا بفحل ؟.. بلى ، يا رسول الله !.. إني لشبقٌ نهمٌ إلى النساء ، فقال له رسول الله (ص) : قد خُبّرت بخلاف ما وصفتَ به نفسك ، قد ذكروا لي أنهم هيّؤا لك بيتاً وفراشاً ومتاعاً وأُدخلت عليك فتاة حسناء عطرة ، وأتيتَ معتمّاً فلم تنظر إليها ولم تكلّمها ولم تدنُ منها ، فما دهاك إذاً ؟..
      فقال له جويبر : يا رسول الله !.. دخلت بيتاً واسعاً ، ورأيت فراشاً ومتاعاً وفتاةً حسناء عطرة ، وذكرتُ حالي التي كنت عليها ، وغربتي وحاجتي وضيعتي وكينونتي مع الغرباء والمساكين ، فأحببت إذ أولاني الله ذلك أن أشكره على ما أعطاني ، وأتقرّب إليه بحقيقة الشكر ، فنهضت إلى جانب البيت فلم أزل في صلاتي تالياً للقرآن راكعاً وساجداً أشكر الله حتى سمعت النداء خرجت ، فلما أصبحت رأيت أن أصوم ذلك اليوم ففعلت ذلك ثلاثة أيام ولياليها ، ورأيت ذلك في جنب ما أعطاني الله يسير ، ولكني سأرضيها وأرضيهم الليلة إن شاء الله .
      فأرسل رسول الله (ص) إلى زياد فأتاه ، وأعلمه ما قال جويبر فطابت أنفسهم ، وفى لهم جويبر بما قال ، ثم إنّ رسول الله (ص) خرج في غزوة له ومعه جويبر فاستشهد رحمه الله ، فما كان في الأنصار أيّم أنفق منها بعد جويبر .
      المصدر:
      فروع الكافي 2/8
      بيــان:
      النفاق ضد الكساد ، أي رغب الناس في تزويجها بعد جويبر ، ولم يصر تزويج جويبر لها سببا لعدم رغبة الناس فيها .ص121
      قال الباقر (ع) : مرّ رسول الله (ص) برجل يغرس غرساً في حائط له فوقف عليه ، فقال :
      ألا أدلّك على غرس أثبت أصلاً وأسرع إيناعا وأطيب ثمراً وأبقى ؟.. قال : بلى ، فدلّني يا رسول الله (ص) !.. فقال :
      إذا أصبحت وأمسيت فقل : " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " فإنّ لك إن قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة وهن الباقيات الصالحات ، فقال الرجل :
      فإني أُشهدك يا رسول الله !.. أنّ حائطي هذه صدقة مقبوضة على فقراء المسلمين أهل الصدقة ، فأنزل الله عزّ وجلّ آياً من القرآن : { فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى }.ص122
      المصدر:
      أصول الكافي 2/506
      قال الباقر (ع) : جاء رجلٌ إلى النبي (ص) فشكا إليه أذى جاره ، فقال له رسول الله (ص) : اصبر ، ثم أتاه ثانيةً فقال له النبي (ص) : اصبر ، ثم عاد إليه فشكاه ثالثةً فقال النبي (ص) للرجل الذي شكا : إذا كان عند رواح الناس إلى الجمعة فأخرجْ متاعك إلى الطريق حتى يراه من يروح إلى الجمعة ، فإذا سألوك فأخبرهم ، ففعل فأتى جاره المؤذي له فقال له : ردّ متاعك ولك الله عليّ أن لا أعود . ص122
      المصدر:
      أصول الكافي 2/668
      قال الباقر (ع) : كان على عهد رسول الله (ص) مؤمنٌ فقيرٌ شديد الحاجة من أهل الصفّة ، وكان ملازماً لرسول الله (ص) عند مواقيت الصلاة كلّها ، لا يفقده في شيء منها ، وكان رسول الله (ص) يرقّ له وينظر إلى حاجته وغربته ، فيقول : يا سعد !.. لو قد جاءني شيء لأغنيتك ، فأبطأ ذلك على رسول الله (ص) ، فاشتدّ غمّ رسول الله (ص) لسعد ، فعلم الله سبحانه ما دخل على رسول الله (ص) من غمّه لسعد.
      فأهبط عليه جبرائيل ومعه درهمان فقال له : يا محمد !.. إنّ الله عزّ وجلّ قد علم ما قد دخلك من الغمّ بسعد ، أفتحبّ أن تغنيه ؟.. فقال : نعم .
      فقال له : فهاك هذين الدرهمين فأعطهما إياه ، ومرْه أن يتّجر بهما ، فأخذهما رسول الله (ص) ثم خرج إلى صلاة الظهر ، وسعد قائم على باب حجرات رسول الله (ص) ينتظره ، فلما رآه رسول الله (ص) قال : يا سعد !.. أتحسن التجارة ؟.. فقال له سعد : والله ما أصبحت أملك مالاً أتّجر به ، فأعطاه رسول الله (ص) الدرهمين وقال له : اتّجر بهما وتصرّف لرزق الله تعالى .
      فأخذهما سعد ومضى مع النبي (ص) حتى صلّى معه الظهر والعصر ، فقال له النبي (ص) : قم فاطلب الرزق فقد كنت بحالك مغتمّاً يا سعد !.. فأقبل سعد لا يشتري بدرهم شيئاً إلا باعه بدرهمين ، ولا يشتري شيئا بدرهمين إلا باعه بأربعة ، وأقبلت الدنيا على سعد ، فكثُر متاعه وماله وعظمت تجارته ، فاتخذ على باب المسجد موضعاً وجلس فيه وجمع تجارته إليه ، وكان رسول الله (ص) إذا أقام بلال الصلاة يخرج وسعد مشغولٌ بالدنيا لم يتطهّر ولم يتهيّأ كما كان يفعل قبل أن يتشاغل بالدنيا .
      فكان النبي (ص) يقول : يا سعد !.. شغلتك الدنيا عن الصلاة ، فكان يقول : ما أصنع ، أُضيّع مالي ؟.. هذا رجلٌ قد بعته فأريد أن أستوفي منه ، وهذا رجلٌ قد اشتريت منه فأريد أن أوفيه ، فدخل رسول الله (ص) من أمر سعد غمٌّ أشدّ من غمّه بفقره ، فهبط عليه جبرائيل (ع) ، فقال :
      يا محمد !.. إنّ الله قد علم غمّك بسعد ، فأيما أحبّ إليك ؟.. حاله الأولى أو حاله هذه ؟..
      فقال له النبي (ص) : يا جبرائيل !.. بل حاله الأولى ، قد ذهبت دنياه بآخرته ، فقال له جبرائيل (ع) :
      إنّ حبّ الدنيا والأموال فتنةٌ ومشغلةٌ عن الآخرة ، قل لسعد : يردّ عليك الدرهمين اللذين دفعتهما إليه ، فإنّ أمره سيصير إلى الحال التي كان عليها أولاً ، فخرج النبي (ص) فمرّ بسعد فقال له :
      يا سعد!.. أما تريد أن تردّ عليّ الدرهمين الذين أعطيتكهما ؟.. فقال سعد : بلى ومائتين ، فقال له : لست أريد منك يا سعد إلا الدرهمين ، فأعطاه سعدٌ درهمين ، فأدبرت الدنيا على سعد حتى ذهب ما كان جمع ، وعاد إلى حاله التي كان عليها . ص124
      المصدر:
      فروع الكافي 1/420
      قال الصادق (ع) : إنّ رسول الله (ص) دخل بيت أم سلمة فشمّ ريحاً طيبةً فقال : أتتكم الحولاء ؟.. فقالت : هو ذا ، هي تشكو زوجها ، فخرجت عليه الحولاء فقالت :
      بأبي أنت وأمي !.. إنّ زوجي عني معرضٌ ، فقال : زيديه يا حولاء !.. فقالت : ما أترك شيئاً طيباً مما أتطيّب له به وهو عني معرضٌ ، فقال :
      أما لو يدري ما له بإقباله عليكِ ، قالت : وما له بإقباله عليّ ؟.. فقال :
      أما إنه إذا أقبل اكتنفه ملكان ، وكان كالشاهر سيفه في سبيل الله ، فإذا هو جامع تحات عنه الذنوب كما تتحات ورق الشجر ، فإذا هو اغتسل انسلخ من الذنوب . ص124
      المصدر:
      فروع الكافي 2/57
      قال الصادق (ع) : إنّ ثلاث نسوة أتين رسول الله (ص) فقالت إحداهن : إنّ زوجي لا يأكل اللحم ، وقالت الأخرى : إنّ زوجي لا يشمّ الطيب ، وقالت الأخرى : إنّ زوجي لا يقرب النساء ، فخرج رسول الله (ص) يجرّ رداه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
      ما بال أقوام من أصحابي لا يأكلون اللحم ، ولا يشمّون الطيب ، ولا يأتون النساء ؟.. أما إني آكل اللحم ، وأشمّ الطيب ، وآتي النساء ، فمَن رغب عن سنّتي فليس مني . ص124
      المصدر:
      فروع الكافي 2/57
      قال الصادق (ع) : حضر رجلاً الموت فقيل :
      يا رسول الله !.. إنّ فلاناً قد حضره الموت ، فنهض رسول الله (ص) ومعه ناسٌ من أصحابه حتى أتاه وهو مغمىً عليه ، فقال : يا ملك الموت !.. كفّ عن الرجل حتى أسائله ، فأفاق الرجل فقال النبي (ص) : ما رأيت َ؟.. قال : بياضاً كثيراً وسواداً كثيراً ، فقال : فأيهما كان أقرب إليك منك ؟.. فقال : السواد .. فقال النبي (ص) : قل :
      " اللهم !.. اغفر لي الكثير من معاصيك ، واقبل مني اليسير من طاعتك " فقال : ثم أُغمي عليه ، فقال : يا ملَك الموت !.. خفّف عنه ساعةً حتى أسائله فأفاق الرجل ، فقال : ما رأيتَ ؟.. قال : رأيت بياضاً كثيراً ، وسواداً كثيراً ، قال : فأيهما كان أقرب إليك ؟.. فقال : البياض ، فقال رسول الله (ص) : غفر الله لصاحبكم ، فقال الصادق (ع) :
      إذا حضرتم ميتاً فقولوا له هذا الكلام ليقوله . ص125
      المصدر:
      فروع الكافي 1/35
      قال الصادق (ع) : استقبل رسول الله (ص) حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري ، فقال له : كيف أنت يا حارثة بن مالك النعماني ؟!.. فقال : يا رسول الله !.. مؤمنٌ حقاً ، فقال له رسول الله (ص) : لكلّ شيء حقيقة ، فما حقيقة قولك ؟..
      فقال : يا رسول الله !.. عزفت نفسي عن الدنيا ، فأسهرتُ ليلي ، وأظمأت ُهواجري ، وكأني أنظر إلى عرش ربي وقد وُضِع للحساب ، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون في الجنة ، وكأني أسمع عواء أهل النار في النار ، فقال رسول الله (ص) : عبدٌ نوّر الله قلبه ، أبصرتَ فأثبتْ .
      فقال : يا رسول الله !.. ادع الله لي أن يرزقني الشهادة معك ، فقال : اللهم !.. ارزق حارثة الشهادة ، فلم يلبث إلا أياماً حتى بعث رسول الله (ص) سريةً ، فبعثه فيها فقاتل فقتل تسعة أو ثمانية ثم قتل .
      وفي رواية القاسم بن بريد عن أبي بصير قال : استُشهد مع جعفر بن أبي طالب (ع) بعد تسعة نفر وكان هو العاشر . ص126
      المصدر:
      أصول الكافي 2/53
      أتى تسعة نفر إلى أبي سعيد الخدري فقالوا :
      يا أبا سعيد !.. هذا الرجل الذي يكثر الناس فيه ما تقول فيه ؟.. فقال : عمّن تسألوني ؟.. قالوا : نسأل عن علي بن أبي طالب (ع) فقال : أما إنكم تسألوني عن رجل أمرّ من الدفلى ( نبتة مرّة ) ، وأحلى من العسل ، وأخفّ من الريشة ، وأثقل من الجبال .
      أما والله ما حلا إلا على ألسنة المؤمنين ، وما أخفّ إلا على قلوب المتقين ، فلا أحبّه أحدٌ قطّ لله ولرسوله إلا حشره الله من الآمنين ، وإنه لمن حزب الله ، وحزب الله هم الغالبون ، والله ما أمرّ إلا على لسان كافر ، ولا ثقُل إلا على قلب منافق ، وما زوى عنه أحدٌ قطّ ولا لوى ولا تجبّر ولا عبس ولا بسر ولا عسر ولا مضر ولا التفت ولا نظر ولا تبسّم ولا يجرّى ولا ضحك إلى صاحبه ولا قال أعجب لهذا الأمر إلا حشره الله منافقاً مع المنافقين ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . ص127
      المصدر:
      تفسير الفرات ص109
      قال الصادق (ع) : اشتدّت حال رجلٍ من أصحاب النبي (ص) فقالت له امرأته : لو أتيت رسول الله (ص) فسألته ، فجاء إلى النبي (ص) فلما رآه النبي (ص) قال : من سألنا أعطيناه ، ومن استغنى أغناه الله ، فقال الرجل : ما يعني غيري ، فرجع إلى امرأته فأعلمها فقالت : إن رسول الله (ص) بشرٌ فأعلمه فأتاه ، فلما رآه رسول الله (ص) قال : من سألنا أعطيناه ، ومن استغنى أغناه الله ، حتى فعل الرجل ذلك ثلاث .
      ثم ذهب الرجل فاستعار معولاً ثم أتى الجبل فصعده ، فقطع حطباً ثم جاء به فباعه بنصف مدّ من دقيق ، فرجع به فأكله ، ثم ذهب من الغد فجاء بأكثر من ذلك فباعه ، فلم يزل يعمل ويجمع حتى اشترى معولاً ، ثم جمع حتى اشترى بكرين وغلاماً ، ثم أثرى حتى أيسر ، فجاء إلى النبي (ص) فأعلمه كيف جاء يسأله وكيف سمع النبي ، فقال النبي (ص) : قلت لك : من سألنا أعطيناه ومن استغنى أغناه الله.ص128
      المصدر:
      أصول الكافي 2/139
      قال الصادق (ع) : جاءت فخذٌ من الأنصار إلى رسول الله (ص) فسلّموا عليه فردّ عليهم السلام ، فقالوا : يا رسول الله !.. لنا إليك حاجة ، فقال : هاتوا حاجتكم ، قالوا : إنها حاجةٌ عظيمةٌ ، فقال : هاتوها ما هي ؟.. قالوا : تضمن لنا على ربك الجنة ؟..
      فنكس رسول الله (ص) رأسه ، ثم نكت في الأرض ثم رفع رأسه فقال : أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحداً شيئاً ، فكان الرجل منهم يكون في السفر ، فيسقط سوطه فيكره أن يقول لإنسان : ناولنيه فراراً من المسألة ، فينزل فيأخذه ، ويكون على المائدة فيكون بعض الجلساء أقرب إلى الماء منه فلا يقول : ناولني حتى يقوم فيشرب . ص129
      المصدر:
      فروع الكافي 1/167
      قال الصادق (ع) : إنّ رسول الله (ص) كسا أسامة بن زيد حلّة حرير فخرج فيها فقال : مهلاً يا أسامة !.. إنما يلبسها من لا خلاق له ، فاقسمْها بين نسائك . ص130
      المصدر:
      فروع الكافي 2/206
      قال الصادق (ع) : دُعي النبي (ص) إلى طعام ، فلما دخل منزل الرجل نظر إلى دجاجة فوق حائط قد باضت ، فتقع البيضة على وتد في حائط فثبتت عليه ولم تسقط ولم تنكسر ، فتعجب النبي (ص) منها ، فقال له الرجل : أعجبتَ من هذه البيضة ؟.. فوالذي بعثك بالحقّ ما رُزئت شيئاً قطّ ، فنهض رسول الله (ص) ولم يأكل من طعامه شيئاً ، وقال : مَن لم يُرزأ ( أي من لم يصاب ) فما لله فيه من حاجة . ص130
      المصدر:
      أصول الكافي 2/356
      قال الصادق (ع) : جاء رجلٌ موسرٌ إلى رسول الله (ص) نقي الثوب ، فجلس إلى رسول الله (ص) ، فجاء رجلٌ معسرٌ درن الثوب فجلس إلى جنب الموسر ، فقبض الموسر ثيابه من تحت فخذيه .. فقال رسول الله (ص) : أخفت أن يمسّك من فقره شيءٌ ؟.. قال : لا ..
      قال : فخفت أن يصيبه من غناك شيءٌ ؟.. قال : لا ، قال : فخفت أن يوسخ ثيابك ؟.. قال : لا ، قال : فما حملك على ما صنعت ؟.. فقال : يا رسول الله !.. إنّ لي قريناً يزين لي كلّ قبيح ، ويقبّح لي كلّ حسن ، وقد جعلت له نصف مالي ، فقال رسول الله (ص) للمعسر : أتقبل ؟.. قال : لا ، فقال له الرجل : ولِمَ ؟.. قال : أخاف أن يدخلني ما دخلك . ص131
      المصدر:
      أصول الكافي 2/262
      قال الصادق (ع) : ما فعل عمر بن مسلم ؟.. قلت : جعلت فداك !.. أقبل على العبادة وترك التجارة ، فقال : ويحه !.. أما علم أنّ تارك الطلب لا يُستجاب له ، إنّ قوماً من أصحاب رسول الله (ص) لما نزلت : { ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب } ، أغلقوا الأبواب وأقبلوا على العبادة وقالوا : قد كُفينا ، فبلغ ذلك النبي (ص) فأرسل إليهم ، فقال : ما حملكم على ما صنعتم ؟.. فقالوا : يا رسول الله !.. تكفّل لنا بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة ، فقال : إنه مَن فعل ذلك لم يُستجب له ، عليكم بالطلب.ص132
      المصدر:
      فروع الكافي 1/351
      قال الصادق (ع) : جاءت زينب العطّارة الحولاء إلى نساء النبي (ص) ، فجاء النبي (ص) فإذا هي عندهم ، فقال : إذا أتيتنا طابت بيوتنا ، فقالت : بيوتك بريحك أطيب يا رسول الله !.. فقال : إذا بعتِ فاحسني ، ولا تغشّي فإنه أتقى لله ، وأبقى للمال . ص134
      المصدر:
      فروع الكافي 1/371
      قال الباقر (ع) : إن ثمامة بن أثال أسرته خيل النبي (ص) - وقد كان رسول الله (ص) قال : اللهم !.. أمكني من ثمامة - فقال له رسول الله (ص) : إني مخيّرك واحدة من ثلاث :
      أقتلك ، قال : إذا تقتل عظيماً ، أو أفاديك ، قال : إذاً تجدني غالياً ، أو أمنّ عليك ، قال : إذاً تجدني شاكراً ، قال : فإني قد مننت عليك ، قال : فإني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، وقد والله علمت أنك رسول الله حيث رأيتك ، وما كنت لأشهد بها وأنا في الوثاق . ص140
      المصدر:
      روضة الكافي ص229
      قال الصادق (ع) : كان على عهد رسول الله (ص) رجلٌ يقال له ذو النمرة ، وكان من أقبح الناس ، وإنما سمي ذا النمرة من قبحه ، فأتى النبي (ص) فقال : يا رسول الله !.. أخبرني ما فَرَض الله عزّ وجلّ عليّ ؟.. فقال له رسول الله (ص) :
      فرض الله عليك سبعة عشر ركعةً في اليوم والليلة ، وصوم شهر رمضان إذا أدركته ، والحجّ إذا استطعت إليه سبيلاً ، والزكاة وفسَّرها له ، فقال : والذي بعثك بالحقّ نبياً ، ما أزيد ربي على ما فرض عليّ شيئاً ، فقال له النبي (ص) : ولِمَ يا ذا النمرة ؟.. فقال : كما خلقني قبيحاً .
      فهبط جبرائيل (ع) على النبي (ص) ، فقال : يا رسول الله (ص) !.. إنّ ربك يأمرك أن تبلغ ذا النمرة عنه السلام وتقول له : يقول لك ربك تبارك وتعالى : أما ترضى أن أحشرك على جمال جبرائيل (ع) يوم القيامة ؟.. فقال له رسول الله (ص) :
      يا ذا النمرة !.. هذا جبرائيل يأمرني أن أبلغك السلام ، ويقول لك ربك :
      أما ترضى أن أحشرك على جمال جبرائيل ؟.. فقال ذو النمرة : فإني قد رضيت يا ربّ !.. فوعزّتك لأزيدنك حتى ترضى . ص141
      المصدر:
      روضة الكافي ص336
      قال رسول الله (ص) : لولا أني أكره أن يقال :
      إنّ محمدا استعان بقوم حتى إذا ظفر بعدوه قتلهم ، لضربت أعناق قوم كثير . ص141
      المصدر:
      روضة الكافي ص345
      قال الصادق (ع) : إنّ رسول الله (ص) اشترى فرساً من أعرابي فأعجبه ، فقام أقوامٌ من المنافقين حسدوا رسول الله (ص) على ما أخذ منه ، فقالوا للأعرابي : لو بلغت به إلى السوق بعته بأضعاف هذا ، فدخل الأعرابي الشَّره فقال : ألا أرجع فأستقيله ؟.. فقالوا : لا ، ولكنه رجلٌ صالحٌ فإذا جاءك بنقدك فقل : ما بعتك بهذا ، فإنه سيردّه عليك.
      فلما جاء النبي (ص) أخرج إليه النقد فقال : ما بعتك بهذا ، فقال النبي (ص) : والذي بعثني بالحقّ لقد بعتني ، فجاء خزيمة بن ثابت فقال :
      يا أعرابي !.. أشهد لقد بعت رسول الله (ص) بهذا الثمن الذي قال ، فقال الأعرابي : لقد بعته وما معنا من أحد ، فقال رسول الله (ص) لخزيمة : كيف شهدت بهذا ؟.. فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي !.. تخبرنا عن الله وأخبار السماوات فنصدّقك ، ولا نصدّقك في ثمن هذا ؟!.. فجعل رسول الله (ص) شهادته شهادة رجلين فهو ذو الشهادتين . ص141
      المصدر:
      الاختصاص ص64
      قال الباقر أو الصادق(ع) : إنّ بلالا كان عبداً صالحاً ، فقال : لا أؤذّن لأحد بعد رسول الله (ص) ، فترك يومئذ حيّ على خير العمل . ص142
      المصدر:
      الفقيه ص76
      قال الصادق (ع) : كان رجلٌ يبيع الزيت ، وكان يحبّ رسول الله (ص) حباً شديداً ، كان إذا أراد أن يذهب في حاجته لم يمض حتى ينظر إلى رسول الله (ص) ، قد عُرف ذلك منه ، فإذا جاء تطاول له حتى ينظر إليه ، حتى إذا كان ذات يوم دخل فتطاول له رسول الله (ص) حتى نظر إليه ، ثم مضى في حاجته فلم يكن بأسرع من أن رجع .
      فلما رآه رسول الله (ص) قد فعل ذلك أشار إليه بيده اجلس ، فجلس بين يديه فقال : ما لك فعلت اليوم شيئاً لم تكن تفعله قبل ذلك ؟.. فقال : يا رسول الله !.. والذي بعثك بالحقّ نبياً ، لغشى قلبي شيءٌ من ذكرك حتى ما استطعت أن أمضي في حاجتي حتى رجعت إليك ، فدعا له وقال له خيراً ثم مكث رسول الله (ص) أياماً لا يراه .
      فلما فقده سأل عنه ، فقيل : يا رسول الله !.. ما رأيناه منذ أيام ، فانتعل رسول الله (ص) وانتعل معه أصحابه ، وانطلق حتى أتى سوق الزيت ، فإذا دكان الرجل ليس فيه أحدٌ ، فسأل عنه جيرته فقالوا : يا رسول الله !.. مات ، ولقد كان عندنا أميناً صدوقاً ، إلا أنه قد كان فيه خصلة قال : وما هي ؟.. قالوا : كان يرهق ، يعنون يتبع النساء .
      فقال رسول الله (ص) : رحمه الله ، والله لقد كان يحبني حبّاً لو كان نخّاساً لغفر الله له . ص144
      المصدر:
      روضة الكافي ص77
      قال الرضا (ع) عن آبائه (ع) : رُفع إلى رسول الله (ص) قومٌ في بعض غزواته فقال : من القوم ؟.. قالوا : مؤمنون يا رسول الله !..
      قال : ما بلغ من إيمانكم ؟.. قالوا : الصبر عند البلاء ، والشكر عند الرخاء ، والرضاء بالقضاء .. فقال رسول الله (ص) : حلماء علماء كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء ، إن كنتم كما تقولون فلا تبنوا ما لا تسكنون ، ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتقوا الله الذي إليه ترجعون . ص144
      المصدر:
      التمحيص
      بينا رسول الله (ص) قاعدٌ إذ جاءت امرأةٌ عريانةٌ حتى قامت بين يديه ، فقالت : يا رسول الله !.. إني فجرت فطهّرني ، وجاء رجلٌ يعدو في أثرها وألقى عليها ثوباً ، فقال (ص) : ما هي منك ؟.. قال : صاحبتي يا رسول الله !.. خلوت بجاريتي فصنعت ما ترى ، فقال : ضمّها إليك ، ثم قال : إنّ الغيراء لا تبصر أعلى الوادي من أسفله . ص145
      المصدر:
      فروع الكافي 3/60
      قال الصادق (ع) : إنّ رجلاً من الأنصار على عهد رسول الله (ص) خرج في بعض حوائجه ، فعهد إلى امرأته عهداً أن لا تخرج من بيتها حتى يقدم ، وإنّ أباها مرض فبعثت المرأة إلى النبي (ص) فقالت : إنّ زوجي خرج وعهد إليّ أن لا أخرج من بيتي حتى يقدم ، وإنّ أبي مرض فتأمرني أن أعوده ؟..
      فقال رسول الله (ص) اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك ، فثقُل فأرسلت إليه ثانيةً بذلك فقالت : فتأمرني أن أعوده ؟..
      فقال : اجلسي في بيتك ِ، وأطيعي زوجك ، فمات أبوها فبعثت إليه أن أبي قد مات ، فتأمرني أن أصلّي عليه ؟..
      فقال : لا ، اجلسي في بيتكِ وأطيعي زوجك ، فدُفن الرجل فبعث إليها رسول الله (ص) : إنّ الله قد غفر لك ولأبيك بطاعتك لزوجك . ص145
      المصدر:
      فروع الكافي 3/62
      قال الباقر (ع) : خرج رسول الله (ص) يوم النحر إلى ظهر المدينة على جمل عاري الجسم ، فمرّ بالنساء فوقف عليهن ثم قال : يا معاشر النساء !.. تصدّقن وأطعن أزواجكن ، فإنّ أكثركن في النار ، فلما سمعن ذلك بكين ثم قامت إليه امرأة منهن فقالت : يا رسول الله !.. في النار مع الكفار ؟.. والله ما نحن بكفّار فنكون من أهل النار ، فقال لها رسول الله (ص) : إنكن كافرات بحقّ أزواجكن . ص146
      المصدر:
      فروع الكافي 3/62
      قال الصادق (ع) : خطب رسول الله النساء فقال : يا معاشر النساء !.. تصدّقن ولو من حليّكن ولو بتمرة ولو بشقّ تمرة ، فإنّ أكثركن حطب جهنم ، إنكن تكثرن اللعن ، وتكفرن العشيرة ، فقالت امرأة من بني سليم لها عقل :
      يا رسول الله !.. أليس نحن الأمهات الحاملات المرضعات ؟.. أليس منا البنات المقيمات والأخوات المشفقات ؟..
      فرقّ لها رسول الله (ص) فقال : حاملات والدات مرضعات رحيمات ، لولا ما يأتين إلى بعولتهن ما دخلت مصلّية منهن النار . ص146
      المصدر:
      فروع الكافي 3/62




      باب عدد أولاد النبي (ص) وأحوالهم وفيه بعض أحوال أم إبراهيم
      لما مات إبراهيم ، بكى النبي (ص) حتى جرت دموعه على لحيته ، فقيل له : يا رسول الله !.. تنهى عن البكاء وأنت تبكي ؟.. فقال : ليس هذا بكاء ، إنما هذا رحمةٌ ، ومَن لا يرحم لا يرحم . ص151
      المصدر:
      أمالي الطوسي ص247
      وفي الأنوار والكشف واللمع وكتاب البلاذري أنّ زينب ورقية كانتا ربيبتيه من جحش . ص152
      المصدر:
      المناقب 1/140
      قيل للصادق (ع) : لأي علّة لم يبق لرسول الله (ص) ولدٌ ؟.. قال : لأنّ الله عزّ وجلّ خلق محمداً (ص) نبياً ، وعلياً (ع) وصياً ، فلو كان لرسول الله (ص) ولدٌ من بعده ،كان أولى برسول الله (ص) من أمير المؤمنين ، فكانت لا تثبت وصية أمير المؤمنين . ص153
      المصدر:
      العلل ص55
      كنت عند النبي (ص) وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم ، وعلى فخذه الأيمن الحسين بن علي ، وهو تارةً يقبّل هذا ، وتارةً يقبّل هذا ، إذ هبط جبرائيل بوحي من ربّ العالمين ، فلما سري عنه قال : أتاني جبرائيل من ربي فقال : يا محمد !.. إنّ ربك يقرأ عليك السلام ويقول : لست أجمعهما فافْد أحدهما بصاحبه .
      فنظر النبي (ص) إلى إبراهيم فبكى ، ونظر إلى الحسين فبكى ، وقال : إنّ إبراهيم أمه أمة ، ومتى مات لم يحزن عليه غيري ، وأم الحسين فاطمة ، وأبوه عليّ ابن عمي لحمي ودمي ، ومتى مات حزنت ابنتي ، وحزن ابن عمي ، وحزنت أنا عليه ، وأنا أؤثر حزني على حزنهما .
      يا جبرائيل !.. يُقبض إبراهيم فديته للحسين ، قال : فقُبض بعد ثلاث ، فكان النبي (ص) إذا رأى الحسين مقبلاً قبّله وضمه إلى صدره ورشف ثناياه وقال : فديتُ من فديته بابني إبراهيم . ص153
      المصدر:
      المناقب 3/234
      قال الكاظم (ع) : لما قُبض إبراهيم بن رسول الله (ص) جرت في موته ثلاث سنن : أما واحدة فإنه لما قُبض انكسفت الشمس فقال الناس : إنما انكسفت الشمس لموت ابن رسول الله ، فصعد رسول الله (ص) المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس !.. إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، يجريان بأمره مطيعان له ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا انكسفا أو أحدهما صلّوا ، ثم نزل من المنبر فصلّى بالناس الكسوف .
      فلما سلّم قال : يا عليّ !.. قم فجهّز ابني ، فقام علي فغسل إبراهيم وكفّنه وحنّطه ، ومضى رسول الله (ص) حتى انتهى به إلى قبره ، فقال الناس : إنّ رسول الله نسي أن يصلّي على ابنه لما دخله من الجزع عليه ، فانتصب قائماً ثم قال : إنّ جبرائيل أتاني وأخبرني بما قلتم ، زعمتم أني نسيت أن أصلّي على ابني لما دخلني من الجزع ، ألا وإنه ليس كما ظننتم ، ولكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات ، وجعل لموتاكم من كلّ صلاة تكبيرة ، وأمرني أن لا أصلّي إلا على من صلّى .
      ثم قال : يا عليّ !.. انزل وألحد ابني ، فنزل عليّ فألحد إبراهيم في لحده ، فقال الناس : إنه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر ولده إذ لم يفعل رسول الله (ص) بابنه ، فقال رسول الله (ص) : أيها الناس !.. إنه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم ، ولكن لست آمن إذا حلّ أحدكم الكفن عن ولده أن يلعب به الشيطان ، فيدخله عن ذلك من الجزع ما يحبط أجره ، ثم انصرف.ص156
      المصدر:
      المحاسن ص313
      سألت الصادق (ع) : إنا نأتي المساجد التي حول المدينة فبأيها أبدأ ؟.. قال : ابدأ بقبا فصلّ فيه وأكثرْ ، فإنه أول مسجد صلّى فيه رسول الله (ص) في هذه العرصة ، ثم ائت مشربة أم إبراهيم ، فهي مسكن رسول الله (ص) ومصلاّه.ص157
      المصدر:
      فروع الكافي 1/318




      باب جمل أحوال أزواجه (ص) وفيه قصة زينب وزيد
      قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى { وما جعل أدعيائكم أبنائكم } : الأدعياء جمع الدعي ، وهو الذي يتبناه الإنسان ، بيّن سبحانه أنه ليس ابناً على الحقيقة ، ونزلت في زيد بن الحارثة بن شراحيل الكلبي من بني عبد ود ، تبناه رسول الله (ص) قبل الوحي ، وكان قد وقع عليه السبي فاشتراه رسول الله (ص) بسوق عكاظ ، ولما نُبّئ رسول الله (ص) دعاه إلى الإسلام فأسلم ، فقدم أبوه حارثة مكة وأتى أبا طالب وقال : سل ابن أخيك فإما أن يبيعه وإما أن يعتقه .
      فلما قال ذلك أبو طالب لرسول الله (ص) قال : هو حرٌّ فليذهب حيث شاء ، فأبى زيد أن يفارق رسول الله (ص) ، فقال حارثة : يا معشر قريش !.. اشهدوا أنه ليس ابني ، فقال رسول الله (ص) : اشهدوا أنّ زيداً ابني ، فكان يدعى زيد بن محمد .
      فلما تزوّج النبي (ص) زينب بنت جحش وكانت تحت زيد بن حارثة ، قالت اليهود والمنافقون : تزوّج محمد امرأة ابنه ، وهو ينهى الناس عنها ، فقال الله سبحانه : ما جعل الله من تدعونه ولدا وهو ثابت النسب من غيركم ولدا لكم . ص172
      المصدر:
      مجمع البيان 8/336
      قيل للسجاد (ع) : إنكم أهل بيت مغفورٌ لكم ، فغضب وقال : نحن أحرى أن يجري فينا ما أجرى الله في أزواج النبي (ص) من أن نكون كما تقول ، إنا نرى لمحسننا ضعفين من الأجر ، ولمسيئنا ضعفين من العذاب.ص175
      المصدر:
      مجمع البيان 8/353
      لما رجعت أسماء بنت عميس من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب دخلت على نساء النبي (ص) فقالت : هل نزل فينا شيءٌ من القرآن ؟.. قلن : لا ، فأتت رسول الله (ص) ، فقالت : يا رسول الله !.. إنّ النساء لفي خيبة وخسار ، فقال : وممّ ذلك ؟.. قالت : لأنهن لا يُذكرن بخير كما يذكر الرجال ، فأنزل الله تعالى هذه الآية : { إن المسلمين والمسلمات والقانتين والقانتات } . ص176
      المصدر:
      مجمع البيان 8/353
      قال زيد : فانطلقتُ فإذا هي ( أي زينب ) تخمر عجينها ، فلما رأيتُها عظمت في نفسي حتى ما أستطيع أن أنظر إليها حين علمت أنّ رسول الله (ص) ذكرها ، فوليتها ظهري وقلت : يا زينب ابشري !.. إنّ رسول الله (ص) يخطبك ، ففرحت بذلك وقالت : ما أنا بصانعة شيئاً حتى أُوامر ربي ، فقامت إلى مسجدها ونزل : { زوجناكها } فتزوجها رسول الله (ص) ودخل بها ، وما أولم على امرأة من نسائه ما أولم عليها ، ذبح شاة وأطعم الناس الخبز واللحم حتى امتدّ النهار . ص179
      المصدر:
      مجمع البيان 8/359
      وقيل : إنها لما وهبت نفسها للنبي (ص) قالت عائشة : ما بال النساء يبذلن أنفسهن بلا مهر ؟.. فنزلت الآية : { وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي } ، فقالت عائشة : ما أرى الله تعالى إلا يسارع في هواك ، فقال رسول الله (ص) وإنك إن أطعت الله سارع في هواكِ . ص181
      المصدر:
      مجمع البيان 8/364
      قال الباقر (ع) : جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله (ص) فدخلت عليه وهو في منزل حفصة ، والمرأة متلبسة متمشطة ، فدخلت على رسول الله (ص) فقالت : يا رسول الله !.. إنّ المرأة لا تخطب الزوج ، وأنا امرأة أيم لا زوج لي منذ دهر ولا ولد ، فهل لك من حاجة ؟.. فإن تكُ فقد وهبت نفسي لك إن قبلتني ، فقال لها رسول الله (ص) خيراً ودعا لها ، ثم قال : يا أخت الأنصار جزاكم الله عن رسول الله خيراً ، فقد نصرني رجالكم ، ورغبت ْفيّ نساؤكم .
      فقالت لها حفصة : ما أقل حياءكِ وأجرأكِ وأنهمك للرجال ؟.. فقال رسول الله (ص) : كفّي عنها يا حفصة !.. فإنها خيرٌ منك ، رغبتْ في رسول الله فلمتيها وعيّبتيها ، ثم قال للمرأة : انصرفي رحمك الله ، فقد أوجب الله لك الجنة برغبتك فيّ ، وتعرّضك لمحبتي وسروري ، وسيأتيك أمري إن شاء الله ، فأنزل الله عزّ وجلّ : { وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين } ، فأحلّ الله عزّ وجلّ هبة المرأة نفسها لرسول الله (ص) ولا يحلّ ذلك لغيره . ص211
      المصدر:
      فروع الكافي 2/79




      باب أحوال أم سلمة رضي الله عنها
      عن ثابت مولى أبي ذر : شهدت مع علي (ع) يوم الجمل ، فلما رأيت عائشة واقفة دخلني من الشكّ بعض ما يدخل الناس ، فلما زالت الشمس كشف الله ذلك عني فقاتلت مع أمير المؤمنين (ع) ، ثم أتيت بعد ذلك أم سلمة زوج النبى (ص) ورحمَها ، فقصصت عليها قصتي فقالت : كيف صنعتَ حين طارت القلوب مطائرها ؟..
      قلت : إلى أحسن ذلك والحمد لله ، كشف الله عزّ وجلّ عني ذلك عند زوال الشمس ، فقاتلت مع أمير المؤمنين (ع) قتالاً شديداً ، فقالت : أحسنت ، سمعت رسول الله (ص) يقول : عليٌّ مع القرآن ، والقرآن معه لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض . ص223
      المصدر:
      أمالي الطوسي ص294



      باب أحوال عائشة وحفصة
      قال الباقر (ع) : كان رسول الله (ص) عند عائشة ذات ليلة فقام يتنفّل ، فاستيقظت عائشة فضربت بيدها فلم تجده ، فظنت أنه قد قام إلى جاريتها ، فقامت تطوف عليه فوطئت على عنقه وهو ساجدٌ باكٍ يقول :
      " سجد لك سوادي وخيالي ، وآمن بك فؤادي ، أبوء إليك بالنعم ، وأعترف لك بالذنب العظيم ، عملت سوءاً وظلمت نفسي ، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا أنت ، أعوذ بعفوك من عقوبتك ، وأعوذ برض اك من سخطك ، وأعوذ برحمتك من نقمتك ، وأعوذ بك منك ، لا أبلغ مدحك والثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك ، أستغفرك وأتوب إليك " .
      فلما انصرف قال : يا عائشة !.. لقد أوجعت عنقي ، أي شي ء خشيت ؟.. أن أقوم إلى جاريتكِ ؟!.. ص245
      المصدر:
      فروع الكافي 1/89



      باب أحوال عشائره وأقربائه وخدمه ومواليه ، لاسيما حمزة وجعفر والزبير وعباس وعقيل
      أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم رسول الله (ص) ، كان من الشعراء المطبوعين ، وكان سبق له هجاء في رسول الله (ص) وإياه عارض حسان بقوله : ألا أبلغ أبا سفيان الخ ، ثم أسلم فحسُن إسلامه فيُقال : أنه ما رفع رأسه إلى رسول الله (ص) حياءً منه ، وقال عليّ (ع) له : ائت رسول الله (ص) من قبل وجهه ، فقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف :
      { تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين } ، فإنه لا يرضى أن يكون أحدٌ أحسن قولاً منه ، ففعل ذلك أبو سفيان فقال له رسول الله (ص) :
      { لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين } .
      ثم ذكر أبياتا منه في الاعتذار ، منها :
      هداني هاد غير نفسي ودلّني *** على الله من طرّدته كلّ مطرد
      أصدّ وأنأى جاهلاً عن محمد *** وأدعى وإن لم أنتسب من محمد
      ثم قال : وكان رسول الله (ص) يحبّه وشهد له بالجنة . ص259
      المصدر:
      الاستيعاب 4/83
      قال الصادق (ع) : جاءت امرأة عثمان بن مظعون إلى النبي (ص) فقالت : يا رسول الله !.. إنّ عثمان يصوم النهار ويقوم الليل ، فخرج رسول الله (ص) مغضباً يحمل نعليه حتى جاء إلى عثمان فوجده يصلّي ، فانصرف عثمان حين رأى رسول الله (ص) فقال له :
      يا عثمان !.. لم يرسلني الله بالرهبانية ، ولكن بعثني بالحنيفية السهلة السمحة ، أصوم وأصلّي وألمس أهلي ، فمن أحبّ فطرتي فليستنّ بسنّتي ومن سنتي النكاح . ص264
      المصدر:
      فروع الكافي 2/65
      قال الباقر (ع) : أوحى الله عزّ وجلّ إلى رسوله : أني شكرت لجعفر بن أبي طالب أربع خصال ، فدعاه النبي (ص) فأخبره فقال : لولا أنّ الله تبارك وتعالى أخبرك ما أخبرتك :
      ما شربت خمر قطّ ، لأني علمت إني إن شربتها زال عقلي .
      وما كذبت قطّ ، لأنّ الكذب ينقص المروّة .
      وما زنيت قطّ ، لأني خفت أني إذا عملتُ عُمل بي .
      وما عبدت صنماً قطّ ، لأني علمت أنه لا يضرّ ولا ينفع .
      فضرب النبي (ص) يده على عاتقه وقال : حقّ الله عزّ وجلّ أن يجعل لك جناحين تطير بهما مع الملائكة في الجنة . ص273
      المصدر:
      العلل ص187
      نظر علي بن الحسين سيد العابدين صلى الله عليه إلى عبيد الله بن عباس بن علي بن أبي طالب (ع) فاستعبر ثم قال : ما من يوم أشدّ على رسول الله (ص) من يوم أُحد ، قُتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ، وبعده يوم مؤتة قُتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب .. ثم قال (ع) : ولا يوم كيوم الحسين صلى الله عليه ، ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من هذه الأمة ، كلٌّ يتقرّب إلى الله عزّ وجلّ بدمه ، وهو بالله يذكّرهم فلا يتعظون حتى قتلوه بغياً وظلماً وعدواناً .
      ثم قال (ع) : رحم الله العباس !.. فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قُطعت يداه ، فأبدله الله عزّ وجلّ بهما جناحين ، يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب ، وإنّ للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلةً يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة . ص274
      المصدر:
      أمالي الصدوق ص277
      قال الباقر (ع) : دفَن رسول الله (ص) عمه حمزة في ثيابه بدمائه التي أُصيب فيها ، وردّاه النبي (ص) بردائه فقصر عن رجليه ، فدعا له بأذخر فطرحه عليه ، فصلّى عليه سبعين صلاةً ، وكبّر عليه سبعين تكبيرةً . ص281
      المصدر:
      فروع الكافي 1/58
      أقبل العباس ذات يوم إلى رسول الله (ص) وكان العباس طوالا حسن الجسم ، فلما رآه النبي (ص) تبسّم إليه ، فقال :
      إنك يا عم لجميل !.. فقال العباس : ما الجمال بالرجل يا رسول الله ؟!.. قال : بصواب القول بالحقّ ، قال : فما الكمال ؟.. قال :
      تقوى الله عزّ وجلّ وحُسن الخلق . ص285
      المصدر:
      أمالي الطوسي ص713
      قال علي (ع) لرسول الله (ص) : يا رسول الله !.. إنك لتحب عقيلاً ؟.. قال :
      إي والله ، إني لأحبه حبين : حباً له ، وحباً لحبّ أبي طالب له ، وإنّ ولده لمقتولٌ في محبة ولدك ، فتدمع عليه عيون المؤمنين ، وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون ، ثم بكى رسول الله (ص) حتى جرت دموعه على صدره ، ثم قال :
      إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي . ص288
      المصدر:
      أمالي الصدوق ص78



      باب نادر في قصة صديقه (ع) قبل البعثة
      قال الصادق (ع) : نزل رسول الله (ص) على رجل في الجاهلية فأكرمه ، فلما بُعث محمد (ص) قيل له :
      يا فلان !.. ما تدري من هذا النبي المبعوث ؟.. قال : لا ، قالوا :
      هذا الذي نزل بك يوم كذا وكذا فأكرمته ، فأكل كذا وكذا .
      فخرج حتى أتى رسول الله (ص) ، فقال : يا رسول الله تعرفني ؟!.. فقال : من أنت ؟.. قال :
      أنا الذي نزلت بي يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا فأطعمتك كذا وكذا ، فقال : مرحباً بك سلْني ، قال :
      ثمانين ضائنة برعاتها ، فأطرق رسول الله (ص) ساعة ثم أمر له بما سأل ، ثم قال للقوم :
      ما كان على هذا الرجل أن يسأل سؤال عجوز بني إسرائيل ؟.. قالوا : يا رسول الله !.. وما سؤال عجوز بني إسرائيل ؟..
      قال : إنّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى (ع) أن يحمل عظام يوسف (ع) ، فسأل عن قبره فجاءه شيخ فقال : إن كان أحدٌ يعلم ففلانة ، فأرسل إليها فجاءت فقال :
      أتعلمين موضع قبر يوسف ؟.. فقالت : نعم ، قال : فدلّيني عليه ولك الجنة ، قالت : لا ، والله لا أدلّك عليه إلا أن تحكّمني ، قال :
      ولكِ الجنة ، قالت : لا ، والله لا أدلّك عليه حتى تحكّمني ، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه :
      ما يعظم عليك أن تحكّمها ؟..قال : فلك حكمك ، قالت :
      أحكم عليك أن أكون معك في درجتك التي تكون فيها .
      قال (ص) : فما كان على هذا أن يسألني أن يكون معي في الجنة ؟!.. ص293
      المصدر:
      قرب الإسناد ص28




      Comment

      • راية اليماني
        مشرف
        • 05-04-2013
        • 3021

        #4
        رد: تاريخ النبي محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) [مما روي عن أهل البيت (ع) ]

        باب فضل المهاجرين والأنصار وسائر الصحابة والتابعين وجمل أحوالهم
        قال الصادق (ع) عن آبائه (ع) : كان رسول الله (ص) يأتي أهل الصفّة ، وكانوا ضيفان رسول الله (ص) ، كانوا هاجروا من أهاليهم وأموالهم إلى المدينة ، فأسكنهم رسول الله (ص) صفّة المسجد ، وهم أربعمائة رجل ، فكان يسلّم عليهم بالغداة والعشي .
        فأتاهم ذات يوم فمنهم من يخصف نعله ، ومنهم من يرقع ثوبه ، ومنهم من يتفلّى ( أي ينقى من القمل ) ، وكان رسول الله (ص) يرزقهم مدّاً مدّاً من تمر في كلّ يوم ، فقام رجل منهم فقال : يا رسول الله !.. التمر الذي ترزقنا قد أحرق بطوننا ، فقال رسول الله (ص) :
        أما إني لو استطعت أن أطعمكم الدنيا لأطعمتكم ، ولكن من عاش منكم من بعدي يُغدى عليه بالجفان ، ويُراح عليه بالجفان ، ويغدو أحدكم في خميصة ، ويروح في أخرى ، وتنجدون ( أي تزينون ) بيوتكم كما تنجد الكعبة .
        فقام رجلٌ فقال : يا رسول الله !.. إنا إلى ذلك الزمان بالأشواق فمتى هو ؟.. قال (ص) : زمانكم هذا خيرٌ من ذلك الزمان ، إنكم إن ملأتم بطونكم من الحلال توشكون أن تملؤها من الحرام .
        فقام سعد بن أشج فقال : يا رسول الله !.. ما يفعل بنا بعد الموت ؟.. قال : الحساب والقبر ثم ضيقُه بعد ذلك أو سعته ، فقال : يا رسول الله !.. هل تخاف أنت ذلك ؟.. فقال :
        لا ، ولكن أستحيي من النعم المتظاهرة التي لا أجازيها ولا جزءاً من سبعة ، فقال سعد بن أشج : إني أُشهد الله وأُشهد رسوله ومَن حضرني أنّ نوم الليل عليّ حرامٌ ، والأكل بالنهار عليّ حرامٌ ، ولباس الليل عليّ حرامٌ ، ومخالطة الناس عليّ حرامٌ ، وإتيان النساء عليّ حرامٌ ، فقال رسول الله (ص) :
        يا سعد !.. لم تصنع شيئاً ، كيف تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر إذا لم تخالط الناس ؟.. وسكون البرية بعد الحضر كفر للنعمة ، نم بالليل ، وكل بالنهار ، والبس ما لم يكن ذهباً أو حريراً أو معصفراً ، وأت النساء .. يا سعد !.. اذهب إلى بني المصطلق فإنهم قد ردّوا رسولي ، فذهب إليهم فجاء بصدقة فقال رسول الله (ص) : كيف رأيتهم ؟.. قال : خير قوم ، ما رأيت قوماً قطّ أحسن أخلاقاً فيما بينهم من قوم بعثتني إليهم ، فقال رسول الله (ص) : إنه لا ينبغي لأولياء الله تعالى من أهل دار الخلود الذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم ، أن يكونوا أولياء الشيطان من أهل دار الغرور الذين لها سعيهم وفيها رغبتهم ، ثم قال :
        بئس القوم قومٌ لا يأمرون بالمعروف ، ولا ينهون عن المنكر !..
        بئس القوم قومٌ يقذفون الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر !..
        بئس القوم قومٌ لا يقومون لله تعالى بالقسط !..
        بئس القوم قومٌ يقتلون الذين يأمرون الناس بالقسط في الناس !..
        بئس القوم قومٌ يكون الطلاق عندهم أوثق من عهد الله تعالى !..
        بئس القوم قومٌ جعلوا طاعة إمامهم دون طاعة الله !..
        بئس القوم قومٌ يختارون الدنيا على الدين !..
        بئس القوم قومٌ يستحلّون المحارم والشهوات والشبهات !..
        قيل : يا رسول الله !.. فأي المؤمنين أكيس ؟.. قال : أكثرهم للموت ذكراً وأحسنهم له استعداداً ، أولئك هم الأكياس . ص311
        المصدر:
        نوادر الراوندي ص25
        قال رسول الله (ص) لما دخل الناس في الدين أفواجاً : أتتهم الأزد أرقّها قلوباً ، وأعذبها أفواهاً ، قيل : يا رسول الله !.. هذه أرقّها قلوباً عرفناه ، فلِمَ صارت أعذبها أفواهاً ؟.. قال : لأنها كانت تستاك في الجاهلية ، وقال جعفر (ع) : لكل شيء طهور ، وطهور الفم السواك . ص312
        المصدر:
        العلل ص107
        إنّ المهاجرين والأنصار وبني هاشم اختصموا في رسول الله (ص) أينا أولى به وأحبّ إليه ؟.. فقال (ص) :
        أما أنتم يا معشر الأنصار !.. فإنما أنا أخوكم ، فقالوا : الله أكبر ذهبنا به وربّ الكعبة ، وأما أنتم معشر المهاجرين !.. فإنما أنا منكم ، فقالوا : الله أكبر ذهبنا به وربّ الكعبة ، وأما أنتم يا بني هاشم !.. فأنتم مني وإليّ ، فقمنا وكلنا راضٍ مغتبط برسول الله (ص) . ص312
        المصدر:
        المناقب
        قال علي (ع) في مدح الأنصار : هم والله ربّوا الإسلام كما يربّي الفلو ( أي المهر الصغير ) مع غنائهم بأيديهم السباط ( أي السخية ) ، وألسنتهم السلاط ( أي الفصيحة ) . ص312
        المصدر:
        النهج 2/252




        باب فضائل سلمان وأبي ذر ومقداد وعمّار رضي الله عنهم أجمعين وفيه فضائل بعض أكابر الصحابة
        قال رسول الله (ص) يوماً لأصحابه : أيكم يصوم الدهر ؟.. فقال سلمان رحمة الله عليه : أنا يا رسول الله !.. فقال رسول الله (ص) : فأيكم يحيي الليل ؟.. قال سلمان : أنا يا رسول الله !.. قال : فأيكم يختم القرآن في كل يوم ؟.. فقال سلمان : أنا يا رسول الله !..
        فغضب بعض أصحابه ، فقال : يا رسول الله !.. إنّ سلمان رجلٌ من الفرس ، يريد أن يفتخر علينا معاشر قريش ، قلت : أيكم يصوم الدهر ؟.. فقال أنا ، وهو أكثر أيامه يأكل ، وقلت : أيكم يحيي الليل ؟.. فقال : أنا ، وهو أكثر ليلته نائم ، وقلت : أيكم يختم القرآن في كل يوم ؟.. فقال : أنا ، وهو أكثر نهاره صامت .
        فقال النبي (ص) : مه يا فلان !.. أنى لك بمثل لقمان الحكيم ، سله فإنه ينبئك ، فقال الرجل لسلمان : يا أبا عبد الله !.. أليس زعمت أنك تصوم الدهر ؟.. فقال : نعم ، فقال : رأيتك في أكثر نهارك تأكل ، فقال : ليس حيث تذهب ، إني أصوم الثلاثة في الشهر ، وقال الله عزّ وجلّ :
        { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } ، وأصل شعبان بشهر رمضان ، فذلك صوم الدهر .
        فقال : أليس زعمت أنك تحيي الليل ؟.. فقال : نعم ، فقال : أنت أكثر ليلتك نائم ، فقال ليس حيث تذهب ، ولكني سمعت حبيبي رسول الله (ص) يقول : من بات على طهر فكأنه أحيى الليل كله ، فأنا أبيت على طهر .
        فقال : أليس زعمت أنك تختم القرآن في كل يوم ؟.. قال : نعم ، قال : فأنت أكثر أيامك صامت ، فقال : ليس حيث تذهب ، ولكني سمعت حبيبي رسول الله (ص) يقول لعلي (ع) :
        " يا أبا الحسن مثُلك في أمتي مثل { قل هو الله أحد } ، فمن قرأها مرة قرأ ثلث القرآن ، ومن قرأها مرتين فقد قرأ ثلثي القرآن ، ومن قرأها ثلاثاً فقد ختم القرآن ، فمن أحبّك بلسانه فقد كمل له ثلث الإيمان ، ومَن أحبك بلسانه وقلبه فقد كمُل له ثلثا الإيمان ، ومن أحبك بلسانه وقلبه ونصرك بيده فقد استكمل الإيمان ، والذي بعثني بالحقّ يا علي !.. لو أحبك أهل الأرض كمحبة أهل السماء لك لما عُذّب أحدٌ بالنار " وأنا أقرأ { قل هو الله أحد } في كلّ يوم ثلاث مرات ، فقام وكأنه قد أُلقم حجراً . ص318
        المصدر:
        أمالي الصدوق ص21
        عن أبي ذر جندب بن جنادة - رض - قال : سمعت رسول الله (ص) يقول لعليّ كلمات ثلاث ، لأن تكون لي واحدةٌ منهن أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها ، سمعته يقول :
        اللهم !.. أعنه واستعن به .. اللهم !.. انصره وانتصر به ، فإنه عبدك وأخو رسولك . ص318
        المصدر:
        أمالي الصدوق ص32
        قال الجواد (ع) عن آبائه (ع) : دعا سلمان أبا ذر - رحمة الله - إلى منزله فقدّم إليه رغيفين ، فأخذ أبو ذر الرغيفين يقلّبهما ، فقال له سلمان :
        يا أبا ذر !.. لأي شيء تقلّب هذين الرغيفين ؟.. قال : خفت أن لا يكونا نضيجين ، فغضب سلمان من ذلك غضباً شديداً ، ثم قال :
        ما أجرأك حيث تقلّب هذين الرغيفين !.. فو الله لقد عمل في هذا الخبز الماء الذي تحت العرش ، وعملتْ فيه الملائكة حتى ألقوه إلى الريح ، وعملتْ فيه الريح حتى ألقته إلى السحاب ، وعمل فيه السحاب حتى أمطره إلى الأرض ، وعمل فيه الرعد والملائكة حتى وضعوه مواضعه ، وعملتْ فيه الأرض والخشب والحديد والبهائم والنار والحطب والملح ، وما لا أحصيه أكثر ، فكيف لك أن تقوم بهذا الشكر ؟.. فقال أبو ذر : إلى الله أتوب ، وأستغفر الله مما أحدثت ، وإليك أعتذر مما كرهت .. قال :
        ودعا سلمان أبا ذر - رحمة الله عليهما - ذات يوم إلى ضيافة فقدّم إليه من جرابه كِسَراً يابسة وبلّها من ركوته فقال أبو ذر : ما أطيب هذا الخبز لو كان معه ملح !.. فقام سلمان وخرج فرهن ركوته بملح وحمله إليه ، فجعل أبو ذر يأكل ذلك الخبز ويذرّ عليه ذلك الملح ويقول : الحمد لله الذي رزقنا هذه القناعة ، فقال سلمان : لو كانت قناعة لم تكن ركوتي مرهونة.ص321
        المصدر:
        العيون ص215
        قال الباقر (ع) في قوله تعالى { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا } : فهذه نزلت في سلمان الفارسي ، كان عليه كساء فيه يكون طعامه ، وهو دثاره ورداؤه ، وكان كساؤه من صوف ، فدخل عيينة بن حصن على النبي (ص) وسلمان عنده ، فتأذّى عيينة بريح كساء سلمان ، وقد كان عرق ، وكان يوم شديد الحر فعرق في الكساء .
        فقال : يا رسول الله !.. إذا نحن دخلنا عليك فأخرج هذا واصرفه من عندك ، فإذا نحن خرجنا فأدخلْ مَن شئت ، فأنزل الله : { ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا } وهو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري . ص322
        المصدر:
        تفسير القمي ص395
        قال الباقر (ع) : قال عمّار بن ياسر : قاتلت تحت هذه الراية مع رسول الله (ص) وأهل بيته ثلاثاً ، وهذه الرابعة ، والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا السعفات من هجر لعلمنا أنّا على الحقّ أنهم على الباطل . ص324
        المصدر:
        الخصال 1/132
        قال الصادق (ع) : كان علي محدَّثاً وكان سلمان محدَََّثاً ، قلت : فما آية المحدّث ؟.. قال :
        يأتيه ملك فينكت في قلبه كيت وكيت . ص327
        المصدر:
        أمالي الطوسي ص260
        قيل للصادق (ع) : ما أكثر ما أسمع منك سيدي ذكر سلمان الفارسي !.. فقال : لا تقل سلمان الفارسي ، ولكن قل : سلمان المحمدي ، أتدري ما كثرة ذكري له ؟.. قلت : لا ، قال : لثلاث خلال :
        إحداها : وإيثاره هوى أمير المؤمنين (ع) على هوى نفسه .
        والثانية : حبّه الفقراء واختياره إياهم على أهل الثروة والعدد .
        والثالثة : حبه العلم والعلماء ، إنّ سلمان كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين . ص327
        المصدر:
        أمالي الطوسي ص83
        سئل علي (ع) عن أصحاب رسول الله (ص) ، فقال : عن أيّ أصحاب رسول الله تسألني ؟.. قال :
        يا أمير المؤمنين !.. أخبرني عن أبي ذر الغفاري ، قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : ما أظلّت الخضراء ( أي السماء ) ولا أقلّت الغبراء ( أي الأرض ) على ذي لهجة أصدق من أبي ذر .. قال :
        يا أمير المؤمنين !.. أخبرني عن سلمان الفارسي ، قال : بخّ بخّ سلمان منا أهل البيت ، ومَن لكم بمثل لقمان الحكيم ؟.. عَلِم عِلْم الأول وعلم الآخر .. قال :
        يا أمير المؤمنين !.. فأخبرني عن عمّار بن ياسر ، قال : ذلك امرؤ حرّم الله لحمه ودمه على النار ، وأن تمسّ شيئاً منهما .. قال :
        يا أمير المؤمنين !.. فأخبرني عن حذيفة بن اليمان ، قال : ذلك امرؤ علم أسماء المنافقين ، إن تسألوه عن حدود الله تجدوه بها عارفاً عالماً .. قال :
        يا أمير المؤمنين !.. فأخبرني عن نفسك ، قال : كنت إذا سألت أُعطيت ، وإذا سكتّ ابتديت . ص330
        المصدر:
        الاحتجاج ص139
        قال العسكري (ع) : قدم جماعةٌ فاستأذنوا على الرضا (ع) وقالوا : نحن من شيعة عليّ فمنعهم أياماً ، ثم لما دخلوا قال لهم : ويحكم !.. إنما شيعة أمير المؤمنين الحسن والحسين وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمّار ومحمد بن أبي بكر الذين لم يخالفوا شيئاً من أوامره . ص330
        المصدر:
        الاحتجاج ص234
        سمعت عمّار بن ياسر - رحمه الله - يقول عند توجهه إلى صفّين : اللهم !.. لو أعلم أنه أرضى لك أن أرمي بنفسي من فوق هذا الجبل لرميت بها ، ولو أعلم أنه أرضى لك أن أوقد لنفسي ناراً فأُوقع فيها لفعلت ، وإني لا أقاتل أهل الشام إلا وأنا أريد بذلك وجهك ، وأنا أرجو أن لا تخيّبني وأنا أريد وجهك الكريم . ص330
        المصدر:
        أمالي الطوسي ص111
        دخلت على الصادق (ع) أنا وأبي فقال له : أمن قول رسول الله (ص) سلمان رجلٌ منا أهل البيت ؟.. فقال : نعم ، فقال : أي من ولد عبد المطلب ؟.. فقال : منا أهل البيت ، فقال له : أي من ولد أبي طالب ؟.. فقال : منا أهل البيت ، فقال له : إني لا أعرفه ، فقال : فاعرفْه يا عيسى !.. فإنه منا أهل البيت ثم أومأ بيده إلى صدره .
        ثم قال : ليس حيث تذهب ، إنّ الله خلق طينتنا من علّيين ، وخلق طينة شيعتنا من دون ذلك ، فهم منا ، وخلق طينة عدونا من سجّين ، وخلق طينة شيعتهم من دون ذلك ، وهم منهم ، وسلمان خير من لقمان . ص331
        المصدر:
        بصائر الدرجات ص6
        قال النبي (ص) : يا عمار !.. بالعلم نلت ما نلتَ من هذا الفضل ، فازدد منه تزدد فضلاً ، فإنّ العبد إذا خرج في طلب العلم ناداه الله عزّ وجلّ من فوق العرش : مرحباً يا عبدي !.. أتدري أي منزلة تطلب ، وأية درجة تروم ؟.. تضاهي ملائكتي المقرّبين لتكون لهم قريناً ، لأبلغنّك مرادك ولأوصلنك بحاجتك . ص340
        المصدر:
        تفسير الإمام ص262
        قال الباقر (ع) : سمعت جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاري يقول : لو نشر سلمان وأبو ذر - رحمهما الله - لهؤلاء الذين ينتحلون مودتكم أهل البيت لقالوا : هؤلاء كذّابون ، ولو رأى هؤلاء أولئك لقالوا : مجانين . ص341
        المصدر:
        مجالس المفيد ص124
        قال رسول الله (ص) : إنّ الجنة لأشوق إلى سلمان من سلمان إلى الجنة ، وإنّ الجنة لأعشق لسلمان من سلمان للجنة . ص341
        المصدر:
        روضة الواعظين ص240
        قيل للباقر (ع) : ما تقول في عمّار ؟.. قال : رحم الله عمّارا ثلاثا ، قاتل مع أمير المؤمنين وقُتل شهيدا ، قال الراوي : فقلت في نفسي : ما يكون منزلة أعظم من هذه المنزلة ، فالتفت إليّ وقال : لعلك تقول مثل الثلاثة ؟.. هيهات هيهات !.. قلت : وما علمه أنه يُقتل في ذلك اليوم ؟..
        قال : إنه لما رأى الحرب لا يزداد إلا شدّةً ، والقتل لا يزاد إلا كثرةً ، ترك الصف وجاء إلى أمير المؤمنين (ع) فقال : يا أمير المؤمنين !.. هو هو ؟.. قال : ارجع إلى صفّك ، فقال له ذلك ثلاث مرات ، كل ذلك يقول : ارجع إلى صفّك ، فلما كان في الثالثة قال له : نعم ، فرجع إلى صفّه وهو يقول : اليوم ألقى الأحبة : محمدا وحزبه .
        وروي أنه أتى عمار يومئذ بلبن فضحك ، ثم قال : قال لي رسول الله (ص) : آخر شراب تشربه من الدنيا مذقة من لبن . ص342
        المصدر:
        روضة الواعظين ص240
        قال الصادق (ع) : إنّ سلمان عُلّم الاسم الأعظم . ص346
        المصدر:
        الاختصاص
        صعد رسول الله (ص) المنبر فخطب فقال : إنّ الناس من آدم إلى يومنا هذا مثل أسنان المشط ، لا فضل للعربي على العجمي ، ولا للأحمر على الأسود إلا بالتقوى .. سلمان بحرٌ لا ينزف ، وكنزٌ لا ينفد ، سلمان منا أهل البيت، سلسلٌ ( أي الماء العذب أو البارد ) يمُنح الحكمة ويُؤتى البرهان .ص348
        المصدر:
        الاختصاص ص341
        قلت للصادق (ع) : أكان سلمان محدَّثاً ؟.. قال : نعم ، قلت : مَن يحدّثه ؟.. قال : ملَكٌ كريم ، قلت : فإذا كان سلمان كذا فصاحبه أي شيء هو ؟.. قال : أقبلْ على شأنك . ص350
        المصدر:
        الكشي ص10
        قال الصادق (ع) : إنّ الإيمان عشر درجات بمنزلة السلّم ، يصعد منه مرقاة بعد مرقاة ، فلا يقولنّ صاحب الواحد لصاحب الاثنين : لست على شيء حتى ينتهي إلى العاشر ، ولا تُسقط من هو دونك فيُسقطك الذي هو فوقك ، فإذا رأيت من هو أسفل منك فارفعه إليك برفق ، ولا تحملّن عليه ما لا يطيق فتكسره ، فإنه مَن كسر مؤمناً فعليه جبره ، وكان المقداد في الثامنة ، وأبو ذر في التاسعة ، وسلمان في العاشرة . ص351
        المصدر:
        الخصال 2/59
        سمعت عبد الملك بن أعين يسأل أبا عبدالله الصادق (ع) ، فلم يزل يسأله حتى قال له : فهلك الناس إذاً ؟.. قال :
        إي والله يا بن أعين !.. هلك الناس أجمعون ، قلت : مَن في المشرق ومَن في المغرب ؟.. فقال : إنها فتحت على الضلال .... الخبر . ص352
        المصدر:
        الكشي ص5
        قال الباقر (ع) : لما مرّوا بأمير المؤمنين (ع) في رقبته حبل إلى زريق ، ضرب أبو ذر بيده على الأخرى ، ثم قال : ليت السيوف عادت بأيدينا ثانيةً ، وقال مقداد : لو شاء لدعا عليه ربه عزّ وجلّ ، وقال سلمان : مولاي أعلم بما هو فيه.ص352
        المصدر:
        الكشي ص5




        باب كيفية إسلام سلمان - رضي الله عنه- ومكارم أخلاقه وبعض مواعظه وسائر أحواله
        قال السجاد (ع) : وقع بين سلمان الفارسي - رحمه الله - وبين رجل كلام وخصومة ، فقال له الرجل :
        من أنت يا سلمان ؟!.. فقال سلمان : أمّا أولي وأولك فنطفةٌ قذرة ، وأما آخري وآخرك فجيفةٌ منتنة ، فإذا كان يوم القيامة ووُضِعت الموازين ، فمَن ثقُل ميزانه فهو الكريم ، ومَن خفّ ميزانه فهو اللئيم.ص355
        المصدر:
        أمالي الصدوق ص363
        قال الصادق (ع) : قال سلمان رحمة الله عليه : عجبت بستّ : ثلاث أضحكتني وثلاث أبكتني :
        فأما الذي أبكتني : ففراق الأحبة ، محمد وحزبه ، وهول المطّلع ، والوقوف بين يدي الله عزّ وجلّ .
        وأما التي أضحكتني : فطالب الدنيا والموت يطلبه ، وغافلٌ وليس بمغفول عنه ، وضاحكٌ ملء فيه لا يدري أرضىً لله أم سخط . ص360
        المصدر:
        الخصال 1/158
        قال الصادق (ع) : مرض رجلٌ من أصحاب سلمان - رحمه الله - فافتقده فقال : أين صاحبُكم ؟.. قالوا : مريضٌ ، قال : امشوا بنا نعوده ، فقاموا معه فلما دخلوا عليه فإذا هو يجود بنفسه ، فقال سلمان : يا ملَك الموت !.. ارفق بولي الله ، فقال ملك الموت بكلام يسمعه مَن حضر : يا أبا عبد الله إني أرفق بالمؤمنين ، ولو ظهرتُ لأحد لظهرت لك . ص360
        المصدر:
        أمالي الطوسي ص80
        احتجاج سلمان الفارسي - رضوان الله عليه - على عمر بن الخطاب في جواب كتاب كتبه إليه ، كان حين هو عامله على المدائن بعد حذيفة بن اليمان :
        بسم الله الرحمن الرحيم ، من سلمان مولى رسول الله (ص) إلى عمر بن الخطاب ، أما بعد :
        فإنه قد أتاني منك كتاب يا عمر ، تؤنبني فيه وتعيّرني وتذكر فيه أنك بعثتني أميراً على أهل المدائن ، وأمرتني أن أقصّ أثر حذيفة ، وأستقصي أيام أعماله وسيره ، ثم أُعلمك قبيحها وحسنها ، وقد نهاني الله عن ذلك يا عمر ، في محكم كتابه ، حيث قال :
        { يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله } ، وما كنت لأعصي الله في أثر حذيفة وأطيعك .
        وأما ما ذكرت أني أقبلت على سفّ (أي نسج ) الخوص وأكل الشعير ، فما هما مما يُعيّر به مؤمن ويُؤنّب عليه ، وأيم الله يا عمر !.. لأكل الشعير وسفّ الخوص والاستغناء به عن ريع المطعم والمشرب ، وعن غصب مؤمن حقه ، وادعاء ما ليس له بحق ، أفضل وأحبّ إلى الله عزّ وجلّ وأقرب للتقوى ، ولقد رأيت رسول الله (ص) إذا أصاب الشعير أكله وفرح به ولم يسخط ، وأما ما ذكرت من عطائي فإني قدّمته ليوم فاقتي وحاجتي .. وربّ العزّة يا عمر !.. ما أُبالي إذا جاز طعامي لهواتي وساغ لي في حلقي ، أُلبَاب البُرّ ومخّ المعز كان أو خشارة ( أي بقيّة المائدة ) الشعير .
        وأما قولك : إني أضعفت سلطان الله وأوهنته ، وأذللت نفسي وامتهنتها حتى جهل أهل المدائن أمارتي ، فاتخذوني جسراً يمشون فوقي ، ويحملون عليّ ثقل حمولتهم ، وزعمت أنّ ذلك مما يوهن سلطان الله ويذلّه ، فاعلم أنّ التذلّل في طاعة الله أحبّ إليّ من التعزّز في معصية الله ، وقد علمتَ أنّ رسول الله (ص) يتألف الناس ويتقرّب منهم ، ويتقرّبون منه في نبوته وسلطانه ، حتى كأنّه في الدنو منهم ، وقد كان يأكل الجشب ويلبس الخشن ، وكان الناس عنده قرشيهم وعربيهم وأبيضهم وأسودهم سواءً في الدين ، فأشهدُ أني سمعته يقول :
        " من وليَ سبعة من المسلمين بعدي ثم لم يعدل فيهم ، لقي الله وهو عليه غضبان " فليتني يا عمر أسلم من أمارة المدائن مع ما ذكرتَ أني ذلّلت نفسي وامتهنتها ، فكيف يا عمر حال من وليَ الأمة بعد رسول الله (ص) ؟!.. وإني سمعت الله يقول :
        { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين } ، اعلم أني لم أتوجه - أسوسهم وأُقيم حدود الله فيهم - إلا بإرشاد دليل ٍعالم ٍ، فنهجت فيهم بنهجه ، وسرت فيهم بسيرته .... الخبر . ص361
        المصدر:
        الاحتجاج ص71
        روي أنّ علياً (ع) دخل المسجد بالمدينة غداة يومٍ قال : رأيت في النوم رسول الله (ص) ، وقال لي : إنّ سلمان توفي ، ووصاني بغسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه ، وها أنا خارجٌ إلى المدائن لذلك ، فقال عمر : خذ الكفن من بيت المال ، فقال علي (ع) ذلك مكفيّ مفروغ منه ، فخرج والناس معه إلى ظاهر المدينة ، ثم خرج وانصرف الناس .
        فلما كان قبل ظهيرة رجع وقال : دفنتُه ، وأكثر الناس لم يصدّقوا حتى كان بعد مدة ، وصل من المدائن مكتوبٌ : أنّ سلمان توفي في يوم كذا ، ودخل علينا أعرابي فغسّله وكفّنه وصلّى عليه ودفنه ، ثم انصرف ، فتعجب الناس كلهم . ص368
        المصدر:
        الخرائج
        قال الصادق (ع) : أدرك سلمان العلم الأول والعلم الآخر ، وهو بحرٌ لا ينزح ، وهو منا أهل البيت ، بلغ من علمه أنه مر برجل في رهط فقال له : يا عبد الله !.. تب إلى الله عزّ وجلّ من الذي عملت به في بطن بيتك البارحة ، ثم مضى ، فقال له القوم :
        لقد رماك سلمان بأمر فما رفعته عن نفسك ، قال : إنه أخبرني بأمر ما اطّلع عليه إلا الله وأنا . ص373
        المصدر:
        الكشي ص8
        دخل عليه سعد يعوده فجعل يبكي ويقول : لا أبكي جزعاً من الموت ، أو حزناً على الدنيا ، ولكن رسول الله (ص) عهد إلينا : ليكن بُلغة أحدكم مثل زاد الراكب ، وهذه الأساود حولي ، وما حوله إلا مطهرة وإجّانة وجفنة.ص381
        المصدر:
        النهاية
        بيــان:
        يريد بالأساود : الشخوص من المتاع الذي كان عنده ، وكل شخص من إنسان أو متاع أو غيره سواد ، ويجوز أن يريد بالأساود الحيات جمع أسود ، شبّهها بها لاستضراره بمكانها . ص381
        قال الصادق (ع) : قال سلمان ( رض ) : إنّ النفس قد تلتاث على صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه ، فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنت . ص381
        المصدر:
        فروع الكافي 1/352
        بيــان:
        الالتياث : الاختلاط ، والالتفات ، والإبطاء ، والحبس.ص381
        قال الصادق (ع) : تزوج سلمان امرأة من كندة ، فدخل عليها فإذا لها خادمة وعلى بابها عباءة ، فقال سلمان : إن في بيتكم هذا لمريضاً ، أو قد تحوّلت الكعبة فيه ؟..
        فقيل : إنّ المرأة أرادت أن تستّرت على نفسها فيه ، قال : فما هذه الجارية ؟.. قالوا : كان لها شيءٌ فأرادت أن تخدم ، قال : إني سمعت رسول الله (ص) يقول : أيما رجل كانت عنده جارية ، فلم يأتها أولم يزوّجها من يأتيها ، ثم فجرت كان عليه وزر مثلها ، ومَن أقرض قرضاً فكأنما تصدّق بشطره ، فإذا أقرضه الثانية كان برأس المال ، وأداء الحقّ إلى صاحبه أن يأتيه في بيته أو في رحله فيقول : ها خذه . ص383
        المصدر:
        الكشي ص11
        قال سلمان (رض) : لولا السجود لله ، ومجالسة قوم يتلفّظون طيب الكلام كما يتلفّظ طيب التمر لتمنيت الموت . ص384
        المصدر:
        كتاب الحسين بن سعيد
        ذكر عند الباقر (ع) سلمان ، فقال : ذاك سلمان المحمدي ، إنّ سلمان منا أهل البيت ، إنه كان يقول للناس :
        هربتم من القرآن إلى الأحاديث ، وجدتم كتاباً دقيقا حوسبتم فيه على النقير والقطمير والفتيل وحبة خردل ، فضاق ذلك عليكم ، وهربتم إلى الأحاديث التي اتسعت عليكم . ص385
        المصدر:
        الكشي ص12
        قال الصادق (ع) : مرّ سلمان - رضي الله عنه - على الحدادين بالكوفة ، فرأى شاباً قد صعق ، والناس قد اجتمعوا حوله ، فقالوا له : يا أبا عبد الله !.. هذا الشاب قد صرع ، فلو قرأت في أذنه ، فدنا منه سلمان ، فلما رآه الشاب أفاق وقال :
        يا أبا عبد الله !.. ليس بي ما يقول هؤلاء القوم ، ولكني مررت الحدّادين وهم يضربون المرزبات (أي عصا من حديد ) ، فذكرت قوله تعالى :
        { ولهم مقامع من حديد } ، فذهب عقلي خوفاً من عقاب الله تعالى ، فاتخذه سلمان أخاً ، ودخل قلبه حلاوة محبته في الله تعالى ، فلم يزل معه حتى مرض الشاب ، فجاءه سلمان فجلس عند رأسه وهو يجود بنفسه فقال : يا ملَك الموت !.. ارفق بأخي ، قال :
        يا أبا عبد الله !.. إني بكل مؤمن رفيق . ص386
        المصدر:
        مجالس المفيد ص79
        قال الصادق (ع) : خطب سلمان فقال : الحمد لله الذي هداني لدينه بعد جحودي له.... إنّ عند علي (ع) علم المنايا وعلم الوصايا وفصل الخطاب ، على منهاج هارون بن عمران ، قال له رسول الله (ص) : " أنت وصيي وخليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسى " ولكنكم أصبتم سنّة الأولين ، وأخطأتم سبيلكم ، والذي نفس سلمان بيده لتركبن طبقا عن طبق ، سنّة بني إسرائيل القذّة بالقذّة ، أما والله لو ولّيتموها علياً لأكلتم من فوقكم ، ومن تحت أرجلكم ، فأبشروا بالبلاء واقنطوا من الرخاء ، ونابذتكم على سواء ، وانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم من الولاء .
        أما والله لو أني أدفع ضيماً أو أعزّ الله ديناً ، لوضعت سيفي على عاتقي ثم لضربت به قدماً قدماً ، ألا إني أحدّثكم بما تعلمون وبما لا تعلمون ، فخذوها من سنة السبعين بما فيها ، ألا إنّ لبني أمية في بني هاشم نطحات ، وإنّ لبني أمية من آل هاشم نطحات ، ألا وإنّ بني أمية كالناقة الضروس ( أي السيئة الخلق ) تعضّ بفيها ، وتخبط بيديها ، وتضرب برجليها ، وتمنع درّها إلا إنه حقّ على الله أن يذلّ ناديها .... الخبر . ص387
        المصدر:
        الكشي ص13
        كان لسلمان مجلس من رسول الله (ص) ينفرد به بالليل ، حتى كاد يغلبنا على رسول الله (ص) . ص391
        المصدر:
        شرح النهج 4/224





        باب كيفية إسلام أبي ذر وسائر أحواله إلى وفاته ، وما يختص به من الفضائل والمناقب وفيه أيضا بيان أحوال بعض الصحابة
        قال الهادي (ع) عن آبائه (ع) : إنّ رسول الله (ص) كان من خيار أصحابه عنده أبو ذر الغفاري ، فجاءه ذات يوم فقال :
        يا رسول الله !.. إنّ لي غنيمات قدر ستين شاة ، فأكره أن أبدو فيها وأفارق حضرتك وخدمتك ، وأكره أن أكلها إلى راع فيظلمها ويسيء رعايتها ، فكيف أصنع ؟..
        فقال رسول الله (ص) : ابدُ فيها فبدا فيها ، فلما كان في اليوم السابع جاء إلى رسول الله (ص) ، فقال رسول الله (ص) : يا أبا ذر ، قال : لبيك يا رسول الله !.. قال : ما فعلت غنيماتك ؟.. قال : يا رسول الله !.. إنّ لها قصة عجيبة ، قال : وما هي ؟..
        قال : يا رسول الله !.. بينا أنا في صلاتي إذ عدا الذئب على غنمي ، فقلت :
        يا ربّ !.. صلاتي ، ويا ربّ !.. غنمي ، فآثرت صلاتي على غنمي وأخطر الشيطان ببالي : يا أبا ذر !.. أين أنت إن عدت الذئاب على غنمك وأنت تصلي فأهلكتها ، وما يبقى لك في الدنيا ما تتعيّش به ؟.. فقلت للشيطان : يبقى لي توحيد الله تعالى والإيمان برسول الله (ص) ، وولاية أخيه سيد الخلق بعده علي بن أبي طالب (ع) ، ومولاة الأئمة الهادين الطاهرين من ولده ، ومعاداة أعدائهم ، وكل ما فات من الدنيا بعد ذلك سهل ، فأقبلت على صلاتي ، فجاء ذئبٌ فأخذ حملاً فذهب به وأنا أحسّ به ، إذ أقبل على الذئب أسدٌ فقطعه نصفين ، واستنقذ الحمل وردّه إلى القطيع .....
        فلما جاء أبو ذر إلى رسول الله (ص) قال له رسول الله (ص) : يا أبا ذر !.. إنك أحسنت طاعة الله فسخّر الله لك من يطيعك في كفّ العوادي عنك ، فأنت من أفاضل مَن مدحه الله عزّ وجلّ بأنه يقيم الصلاة . ص394
        المصدر:
        تفسير الإمام ص26
        لما سيّر عثمان أبا ذر من المدينة إلى الشام كان يقصّ علينا ، فيحمد الله فيشهد شهادة الحقّ ، ويصلّي على النبي (ص) ويقول : أما بعد فإنّا كنا في جاهليتنا قبل أن ينزل علينا الكتاب ويُبعث فينا الرسول ، ونحن نوفي بالعهد ، ونصدق الحديث ، ونحسن الجوار ، ونقري الضيف ، ونواسي الفقير .
        فلما بعث الله تعالى فينا رسول الله ، وأنزل علينا كتابه كانت تلك الأخلاق يرضاها الله ورسوله ، وكان أحقّ بها أهل الإسلام ، وأولى أن يحفظوها ، فلبثوا بذلك ما شاء الله أن يلبثوا ، ثم إنّ الولاة قد أحدثوا أعمالاً قباحاً ما نعرفها : من سنّة تُطفى ، وبدعة تُحيى ، وقائل بحقّ مكذَّب ، وأثرة لغير تقيّ ، وأمين مستأثر عليه من الصالحين .
        اللهم !.. إن كان ما عندك خيراً لي فاقبضني إليك غير مبدّل ولا مغيّر ، وكان يعيد هذا الكلام ويبديه ، فأتى حبيب بن مسلمة معاوية بن أبي سفيان ، فقال : إنّ أبا ذر يفسد عليك الناس بقوله : كيت وكيت ، فكتب معاوية إلى عثمان بذلك ، فكتب عثمان : أخرجه إليّ .. فلما صار إلى المدينة نفاه إلى الربذة . ص395
        المصدر:
        مجالس المفيد ص70
        لما أخرج عثمان أبا ذر الغفاري - رحمه الله - من المدينة إلى الشام كان يقوم في كل يوم فيعظ الناس ويأمرهم بالتمسك بطاعة الله ، ويحذّرهم من ارتكاب معاصيه ، ويروي عن رسول الله (ص) ما سمعه منه في فضائل أهل بيته عليه وعليهم السلام ، ويحضّهم على التمسك بعترته ، فكتب معاوية إلى عثمان : أما بعد :
        فإنّ أبا ذر يصبح إذا أصبح ويمسي إذا أمسى وجماعة من الناس كثيرة عنده ، فيقول : كيت وكيت ، فإن كان لك حاجة في الناس قِبَلي فأقدم أبا ذر إليك ، فإني أخاف أن يفسد الناس عليك .. والسلام .
        فكتب إليه عثمان : أما بعد :
        فاشخصْ إليّ أبا ذر حين تنظر في كتابي هذا والسلام ....
        فقال عثمان : والله لا جمعتني وإياك دارٌ ، قد خَرِفتَ وذهب عقلك ، أخرجوه من بين يديّ حتى تركبوه قتب ناقته بغير وطاء ، ثم انجوا به الناقة وتعتعوه حتى توصلوه الربذة ، فنزّلوه بها من غير أنيس ، حتى يقضي الله فيه ما هو قاضٍ ، فأخرَجوه متعتّعا ملهوزا ( مضروبا ) بالعصي ، وتقدّم ألاّ يشيّعه أحدٌ من الناس ، فبلغ ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فبكى حتى بلّ لحيته بدموعه ، ثم قال : أهكذا يُصنع بصاحب رسول الله (ص) ؟.. إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ثم نهض ومعه الحسن والحسين (ع) وعبد الله بن العباس والفضل وقثم وعبيد الله حتى لحقوا أبا ذرّ فشيّعوه .
        فلما بصُر بهم أبو ذرّ - رحمه الله - حنّ إليهم وبكى عليهم ، وقال : بأبي وجوهٌ إذا رأيتها ذكرت بها رسول الله (ص) وشملتني البركة برؤيتها ، ثم رفع يديه إلى السماء وقال : اللهم !.. إني أحبهم ، ولو قُطعت إربا إربا في محبتهم ما زلت عنها ابتغاء وجهك والدار الآخرة ، فارجعوا رحمكم الله ، والله أسأل أن يخلفني فيكم أحسن الخلافة ، فودّعه القوم ورجعوا وهم يبكون على فراقه . ص397
        المصدر:
        مجالس المفيد ص95
        مكث أبو ذر - رحمه الله - بالربذة حتى مات ، فلما حضرته الوفاة قال لامرأته : اذبحي شاة من غنمك واصنعيها ، فإذا نضجت فاقعدي على قارعة الطريق فأول ركب ترينهم قولي : يا عباد الله المسلمين !.. هذا أبو ذر صاحب رسول الله (ص) قد قضى نحبه ولقي ربه ، فأعينوني عليه وأجيبوه ، فإنّ رسول الله (ص) أخبرني أني أموت في أرض غربة ، وأنه يلي غسلي ودفني والصلاة عليّ رجالٌ من أمتي صالحون . ص399
        المصدر:
        الكشي ص43
        خرجت في رهط أريد الحجّ ، منهم مالك بن الحارث الأشتر ، حتى قدمنا الربذة ، فإذا امرأة على قارعة الطريق تقول : يا عباد الله المسلمين !.. هذا أبو ذر صاحب رسول الله (ص) قد هلك غريباً ، ليس لي أحدٌ يعينني عليه ، فنظر بعضنا إلى بعض ، وحمدنا الله على ما ساق إلينا ، واسترجعنا على عِظم المصيبة ، ثم أقبلنا معها فجهّزناه وتنافسنا في كفنه حتى خرج من بيننا بالسواء ، ثم تعاونّا على غسله حتى فرغنا منه ، ثم قدّمنا مالك الأشتر فصلّى بنا عليه ثم دفناه ، فقام الأشتر على قبره ، ثم قال :
        اللهم !.. هذا أبو ذر صاحب رسول الله (ص) عبدك في العابدين ، وجاهد فيك المشركين ، لم يغيّر ولم يبدّل ، لكنه رأى منكراً فغيّره بلسانه وقلبه حتى جُفي ونُفي وحُرم واحتُقر ، ثم مات وحيداً غريباً .. اللهم !.. فاقصم مَن حرمه ونفاه من مهاجره وحرم رسولك (ص) ، فرفعنا أيدينا جميعا وقلنا : آمين ، ثم قدّمت الشاة التي صنعت فقالت : إنه قد أقسم عليكم ألا تبرحوا حتى تتغدوا فتغدينا وارتحلنا.ص400
        المصدر:
        الكشي ص44
        قال الصادق (ع) : إنّ أبا ذر أتى رسول الله (ص) ومعه جبرائيل في صورة دحية الكلبي وقد استخلاه رسول الله (ص) ، فلما رآهما انصرف عنهما ولم يقطع كلامهما ، فقال جبرائيل :
        يا محمد !.. هذا أبو ذر قد مر بنا ولم يسلّم علينا ، أما لو سلّم لرددنا عليه .. يا محمد !.. إنّ له دعاء يدعو به معروفاً عند أهل السماء فاسأله عنه إذا عرجت إلى السماء .
        فلما ارتفع جبرائيل (ع) جاء أبو ذر إلى النبي (ص) ، فقال له رسول الله (ص) : ما منعك يا أبا ذر أن تكون سلمت علينا حين مررت بنا ؟!.. فقال : ظننت يا رسول الله أنّ الذي معك دحية الكلبي قد استخليته لبعض شأنك ، فقال : ذاك جبرائيل (ع) وقد قال : أما لو سلّم علينا لرددنا عليه .
        فلما علم أبو ذر أنه كان جبرائيل (ع) دخله من الندامة - حيث لم يسلّم عليه - ما شاء الله ، فقال له رسول الله (ص) : ما هذا الدعاء الذي تدعو به ؟.. فقد أخبرني جبرائيل (ع) أنّ لك دعاءً تدعو به معروفاً في السماء ، فقال : نعم ، يا رسول الله !.. أقول :
        اللهم !.. إني أسألك الأمن والإيمان والتصديق بنبيك ، والعافية من جميع البلاء ، والشكر على العافية ، والغنى عن شرار الناس . ص401
        المصدر:
        أصول الكافي 2/587
        قال الصادق (ع) : كان أبو ذر - رض - يقول في خطبته :
        يا مبتغي العلم !.. كأنّ شيئاً من الدنيا لم يكن شيئاً إلا ما ينفع خيره ، ويضرّ شرّه إلا مَن رحم الله .
        يا مبتغي العلم !.. لا يشغلك أهلٌ ولا مالٌ عن نفسك ، أنت يوم تفارقهم كضيف بتّ فيهم ثم غدوت عنهم إلى غيرهم ، والدنيا والآخرة كمنزل تحوّلت منه إلى غيره ، وما بين الموت والبعث إلا كنومة نمتها ، ثم استيقظت منها .
        يا مبتغي العلم !.. قدّم لمقامك بين يدي الله عزّ وجلّ ، فإنك مثاب بعملك كما تدين تدان يا مبتغي العلم !.. ص402
        المصدر:
        أصول الكافي 2/134
        قال الصادق (ع) : جاء رجلٌ إلى أبي ذر فقال : يا أبا ذر !.. ما لنا نكره الموت ؟.. فقال :
        لأنكم عمّرتم الدنيا ، وأخربتم الآخرة ، فتكرهون أن تُنقلوا من عمران إلى خراب ، فقال له : فيكف ترى قدومنا على الله ؟.. فقال :
        أما المحسن منكم فكالغائب يقدم على أهله ، وأما المسيء فكالآبق يُردّ على مولاه ، قال : فكيف ترى حالنا عند الله ؟.. قال :
        أعرضوا أعمالكم على الكتاب ، إنّ الله يقول : { إن الأبرار لفي نعيم وإنّ الفجّار لفي جحيم } ، فقال الرجل : فأين رحمة الله ؟.. قال :
        رحمة الله قريبٌ من المحسنين .
        قال الصادق (ع) : وكتب رجلٌ إلى أبي ذر - رضي الله عنه - : يا أبا ذر !.. أطرفني بشيء من العلم ، فكتب إليه :
        إنّ العلم كثير ، ولكن إن قدرت على أن لا تسيء إلى من تحبه فافعل ، فقال له الرجل : وهل رأيت أحداً يسيء إلى من يحبه ؟.. فقال : نعم ، نفسك أحبّ الأنفس إليك فإذا أنت عصيت الله فقد أسأت إليها.ص402
        المصدر:
        أصول الكافي 2/458
        قال الصادق (ع) : كان رجل بالمدينة يدخل مسجد الرسول (ص) ، فقال : اللهم !.. آنس وحشتي ، وصل وحدتي ، وارزقني جليساً صالحاً ، فإذا هو برجل في أقصى المسجد فسلّم عليه وقال له : من أنت يا عبد الله ؟!.. فقال : أنا أبو ذر ، فقال الرجل : الله أكبر ، الله أكبر ، فقال أبو ذر : ولِمَ تكبّر يا عبد الله ؟!..
        فقال : إني دخلت المسجد فدعوت الله عزّ وجلّ أن يؤنس وحشتي ، وأن يصل وحدتي وأن يرزقني جليساً صالحاً ، فقال له أبو ذر :
        أنا أحقّ بالتكبير منك ، إذ كنت ذلك الجليس ، فإني سمعت رسول الله (ص) يقول : أنا وأنتم على ترعة يوم القيامة حتى يفرغ الناس من الحساب ، قم يا عبد الله !.. فقد نهى السلطان عن مجالستي . ص404
        المصدر:
        روضة الكافي ص307
        قال النبي (ص): يا أبا ذر !.. إني أحب لك ما أحب لنفسي ، إني أراك ضعيفا فلا تأمرنّ على اثنين ، ولا تولّين مال يتيم . ص406
        المصدر:
        أمالي الطوسي ص244
        كتب أبو ذر إلى حذيفة بن اليمان ، يشكو إليه ما صنع به عثمان :
        بسم الله الرحمن الرحيم : أما بعد يا أخي !.. فخف الله مخافة يكثر منها بكاء عينيك ، وحرّر قلبك ، وسهّر ليلك ، وانصب بدنك في طاعة ربك ، فحقّ لمن علم أنّ النار مثوى من سخط الله عليه أن يطول بكاؤه ونَصَبه وسهَر ليله ، حتى يعلم أنه قد رضي الله عنه ، وحقّ لمن علم أنّ الجنة مثوى من رضي الله عنه أن يستقبل الحقّ كي يفوز بها ، ويستصغر في ذات الله الخروج من أهله وماله ، وقيام ليله وصيام نهاره وجهاد الظالمين الملحدين بيده ولسانه حتى يعلم أنّ الله أوجبها له ، وليس بعالم ذلك دون لقاء ربه ، وكذلك ينبغي لكل من رغب في جوار الله ومرافقة أنبيائه أن يكون .
        يا أخي !.. أنت ممن أستريح إلى الضريح إليه ببثّي وحزني ، وأشكو إليه تظاهر الظالمين عليّ ، إني رأيت الجور يُعمل به بعيني ، وسمعته يُقال فرددته فحُرمت العطاء وسُيّرت إلى البلاد ، وغُرّبت عن العشيرة والإخوان وحرم الرسول (ص) ، وأعوذ بربي العظيم أن يكون هذا مني له شكوى إن ركب مني ما ركب ، بل أنبأتك أني قد رضيت ما أحبّ لي ربي وقضاه عليّ ، وأفضيت ذلك إليك لتدعو الله لي ولعامة المسلمين بالروح والفرج ، وبما هو أعمّ نفعاً وخير مغبّة وعقبى ، والسلام .
        فكتب إليه حذيفة : بسم الله الرحمن الرحيم : أما بعد يا أخي !.. فقد بلغني كتابك تخوّفني به ، وتحذّرني فيه منقلبي ، وتحثّني فيه على حظّ نفسي ، فقديماً يا أخي !.. كنت بي وبالمؤمنين حفياً لطيفاً بالسؤال عنهم وعليهم حدباً شفيقاً ، ولهم بالمعروف آمراً ، وعن المنكرات ناهياً ، وليس يهدي إلى رضوان الله إلا هو ، لا إله إلا هو ، ولا يُتناهى من سخطه إلا بفضل رحمته وعظيم منّه .
        فنسأل الله ربنا لأنفسنا وخاصتنا وعامتنا وجماعة أمتنا مغفرةً عامةً ورحمةً واسعةً ، وقد فهمتُ ما ذكرت من تسييرك يا أخي !.. وتغريبك وتطريدك ، فعزّ والله عليّ يا أخي !.. ما وصل إليك من مكروه ، ولو كان يُفتدى ذلك بمال لأعطيت فيه مالي ، طيبة بذلك نفسي ، يصرف الله عنك بذلك المكروه ، والله لو سألت لك المواساة ثم أُعطيتها لأحببت احتمال شطر ما نزل بك ، ومواساتك في الفقر والأذى والضرر ، لكنه ليس لأنفسنا إلا ما شاء ربنا .
        يا أخي !.. فافزع بنا إلى ربنا ، ولنجعل إليه رغبتنا ، فإنا قد استُحصدنا ( أي حان وقت حصاده ) ، واقترب الصرام ، فكأني وإياك قد دُعينا فأجبنا ، وعُرضنا على أعمالنا فاحتجنا إلى ما أسلفنا .
        يا أخي !.. ولا تأس على ما فاتك ، ولا تحزن على ما أصابك ، واحتسب فيه الخير وارتقب فيه من الله أسنى الثواب .
        يا أخي !.. لا أرى الموت لي ولك إلا خيراً من البقاء ، فإنه قد أظلّتنا فتن يتلو بعضها بعضاً كقطع الليل المظلم ، قد ابتُعثت من مركبها ووطئت في حطامها ، تُشهر فيها السيوف ، ويُنزل فيها الحتوف ، فيها يقتل من اطّلع لها ، والتبس بها وركض فيها ، ولا تبقى قبيلةً من قبائل العرب من الوبر والمدر إلا دخلت عليهم .
        فأعزّ أهل ذلك الزمان أشدهم عتوّاً ، وأذلّهم أتقاهم ، فأعاذنا الله وإياك من زمان هذه حال أهله فيه ، لن أدع الدعاء لك في القيام والقعود والليل والنهار ، وقد قال الله ولا خلف لموعوده :
        { ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } ، فنستجير بالله من التكبّر عن عبادته ، والاستنكاف عن طاعته ، جعل الله لنا ولك فرجاً ومخرجاً عاجلاً برحمته ، والسلام عليك . ص410
        المصدر:
        الفصول
        قال الباقر (ع) : أتى أبا ذر رجلٌ يبشّره بغنم له قد ولدت ، فقال : يا أبا ذر !.. أبشر ، فقد ولدت غنمك وكثُرت ، فقال : ما يسرني كثرتها وما أحبّ ذلك ، فما قلّ وكفى أحبّ إليّ مما كثُر وألهى ، إني سمعت رسول الله (ص) يقول :
        على حافتي الصراط يوم القيامة : الرحم والأمانة ، فإذا مرّ عليه الوصول للرحم المؤدي للأمانة ، لم يتكفّأ به في النار . ص410
        المصدر:
        كتاب الحسين بن سعيد
        قال الصادقان (ع): إنّ أبا ذر عيّر رجلاً على عهد النبي (ص) بأمه فقال له : يا بن السوداء !.. وكانت أمه سوداء ، فقال له رسول الله (ص) : تعيّره بأمه يا أبا ذر ؟!.. فلم يزل أبوذر يمرغ وجهه في التراب حتى رضي رسول الله (ص) عنه .ص411
        المصدر:
        كتاب الحسين بن سعيد
        من كلام علي (ع) لأبي ذر لما اُخرج إلى الربذة :
        يا أبا ذر !.. إنك غضبت لله فارجُ مَن غضبت له ، إنّ القوم خافوك على دنياهم ، وخفتهم على دينك ، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه ، واهرب منهم بما خفتهم عليه ، فما أحوجهم إلى ما منعتهم ، وأغناك عمّا منعوك ، وستعلم مَن الرابح غداً والأكثر حسداً .
        ولو أنّ السماوات والأرض كانتا على عبد رتقاً ثم اتقى الله ، لجعل الله له منهما مخرجاً لا يؤنسنّك إلا الحقّ ، ولا يوحشنّك إلا الباطل ، فلو قبلتَ دنياهم لأحبوك ، ولو قرضت منها لآمنوك . ص411
        المصدر:
        النهج 1/266
        ثم تكلّم الحسين (ع) فقال : يا عماه !.. إنّ الله تعالى قادرٌ أن يغيّر ما قد ترى ، والله كل يوم في شأن .... الخبر . ص412
        المصدر:
        شرح النهج 2/573
        قال الصادق (ع ) : رُئي أبو ذر - رضي الله عنه - يسقي حماراً له بالربذة ، فقال له بعض الناس : أما لك يا أبا ذر من يسقي لك هذا الحمار ؟!.. فقال : سمعت رسول الله (ص) يقول :
        ما من دابة إلا وهي تسأل كل صباح : اللهم !.. ارزقني مليكاً صالحاً يُشبعني من العلف ، ويرويني من الماء ، ولا يكلّفني فوق طاقتي ، فأنا أحبّ أن أسقيه بنفسي . ص434
        المصدر:
        المحاسن ص626
        قال علي (ع) : وعك أبو ذر - رضي الله عنه - فأتيت رسول الله (ص) فقلت : يا رسول الله !.. إنّ أبا ذر قد وعك ، فقال : امض بنا إليه نعوده ، فمضينا إليه جميعاً .
        فلما جلسنا قال رسول الله (ص) : كيف أصبحت يا أبا ذر ؟!.. قال : أصبحتُ وعِكاً يا رسول الله !.. فقال : أصبحتَ في روضة من رياض الجنة قد انغمست في ماء الحيوان ، وقد غفر الله لك ما يقدح في دينك ، فأبشر يا أبا ذر !.. ص434
        المصدر:
        دعوات الراوندي
        لما مات ذر بن أبي ذر مسح أبو ذر القبر بيده ، ثم قال : رحمك الله يا ذر !.. والله إن كنت بي بارّاً ، ولقد قُبضت وإني عنك لراضٍ ، أما والله ما بي فقدك وما عليّ من غضاضة ، وما لي إلى أحد سوى الله من حاجة ، ولولا هول المطّلع لسرّني أن أكون مكانك .
        ولقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك ، والله ما بكيت لك ، ولكن بكيت عليك ، فليت شعري ماذا قلتَ وماذا قيل لك .
        ثم قال : اللهم !.. إني قد وهبت له ما افترضتَ عليه من حقي ، فهب له ما افترضت عليه من حقك ، فأنت أحقّ بالجود مني . ص435
        المصدر:
        فروع الكافي 1/69




        باب أحوال مقداد وما يخصه من الفضائل وفيه فضائل بعض الصحابة
        قال الرضا (ع) : نزل جبرائيل على النبي (ص) فقال : يا محمد !.. إنّ ربك يقرئك السلام ويقول :
        إن الأبكار من النساء بمنزلة الثمر على الشجر ، فإذا أينع الثمر فلا دواء له إلا اجتناؤه ، وإلا أفسدته الشمس وغيّرته الريح ، وإنّ الأبكار إذا أدركن ما تدرك النساء فلا دواء لهن إلا البعول ، وإلا لم يُؤمن عليهن الفتنة .
        فصعد رسول الله (ص) المنبر فخطب الناس ، ثم أعلمهم ما أمرهم الله به ، فقالوا : ممن يا رسول الله ؟!.. فقال : الأكفاء ، فقالوا : ومَن الأكفاء ؟.. فقال : المؤمنون بعضهم أكفاء بعض ، ثم لم ينزل حتى زوّج ضباعة المقداد بن الأسود ، ثم قال :
        أيها الناس !.. إنما زوّجت ابنة عمي المقداد ليتّضع النكاح.ص437
        المصدر:
        العيون ص160



        باب فضائل أمته (ص) ، وما أخبر بوقوعه فيهم ، ونوادر أحوالهم
        وأما مرتبة الحبيب فإنّ الله سبحانه أعطى حبيبه محمدا (ص) تسع مراتب ، وأعطى أمته مثلها تسعا :
        الأول : التوبة ، قال للحبيب : { لقد تاب الله على النبي } ، و قال لأمته : { والله يريد أن يتوب عليكم } ، وقال : { ثم تاب عليهم ليتوبوا } .
        والثاني : المغفرة ، قال الله تعالى : { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك } ، وقال لأمته : { إن الله يغفر الذنوب جميعا } .
        والثالث : النعمة ، قال له : { ويتم نعمته عليك } ، وقال لأمته :
        { وأتممت عليكم نعمتي }.
        والرابع : النصرة ، قوله تعالى : { وينصرك الله نصرا عزيزا } ، وقال لأمته : { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } .
        والخامس : الصلوات ، قال له : { إن الله وملائكته يصلون على النبي } ، وقال لأمته : { هو الذي يصلي عليكم وملائكته } .
        والسادس : الصفوة ، قال للحبيب : { الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس } ، يعني محمدا ، وقال لأمته : { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا } .
        السابع : الهداية ، قال للحبيب : { ويهديك صراطا مستقيما } ، وقال لأمته : { وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم } .
        والثامن : السلام ، قال للحبيب في ليلة المعراج : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، وقال لأمته : { وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة } .
        والتاسع : الرضا ، قال للحبيب : { ولسوف يعطيك ربك فترضى } ، وقال لأمته : { ليدخلنهم مدخلا يرضونه } ، يعني الجنة . ص448
        المصدر:
        روضة الواعظين ص255
        قال رسول الله (ص) : يا ليتني قد لقيت إخواني ، فقيل : يا رسول !.. أوَ لسنا إخوانك ، آمنا بك وهاجرنا معك ، واتبعناك ونصرناك ؟.. قال : بلى ، ولكن إخواني الذين يأتون من بعدكم ، يؤمنون بي كإيمانكم ، ويحبوني كحبكم ، وينصروني كنصرتكم ، ويصدّقوني كتصديقكم ، يا ليتني قد لقيت إخواني . ص451
        المصدر:
        روضة الواعظين ص255
        قال النبي (ص) : يأتي في آخر الزمان ناسٌ من أمتي يأتون المساجد يقعدون فيها حلقاً ، ذكرهم الدنيا وحبهم الدنيا ، لا تجالسوهم فليس لله بهم حاجة.ص453
        المصدر:
        جامع الأخبار ص129
        قال النبي (ص) : سيأتي زمان على أمتي لا يعرفون العلماء إلا بثوب حسن ، ولا يعرفون القرآن إلا بصوت حسن ، ولا يعبدون الله إلا في شهر رمضان ، فإذا كان كذلك سلّط الله عليهم سلطاناً لا علم له ولا حلم له ولا رحم له . ص454
        المصدر:
        جامع الأخبار ص129




        باب وصيته (ص) عند قرب وفاته ، وفيه تجهيز جيش أسامة وبعض النوادر
        عن عائشة : قال رسول الله (ص) لما حضره الموت : ادعوا لي حبيبي ، فقلت : ادعوا له ابن أبي طالب ، فو الله ما يريد غيره .. فلما جاءه فرج الثوب الذي كان عليه ، ثم أدخله فيه ، فلم يزل محتضنه حتى قُبض ويده عليه.ص456
        المصدر:
        أمالي الطوسي 211
        قال علي (ع) : إنّ رسول الله (ص) علّمني ألف باب من الحلال والحرام ، ومما كان وما هو كائنٌ إلى يوم القيامة ، كلّ باب منها يفتح ألف ألف باب ، حتى عُلّمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب . ص461
        المصدر:
        الخصال 2/173
        وذلك أنه (ص) تحقق من دنو أجله ما كان قدّم الذكر به لأمته ، فجعل (ع) يقوم مقاما بعد مقام في المسلمين ، يحذّرهم الفتنة بعده والخلاف عليه ويؤكد وصايتهم بالتمسك بسنته والإجماع عليها والوفاق ، ويحثهم على الاقتداء بعترته والطاعة لهم ، والنصرة والحراسة والاعتصام بهم في الدين ، ويزجرهم عن الاختلاف والارتداد ، وكان فيما ذكره من ذلك ما جاءت به الرواية على اتفاق واجتماع قوله :
        " يا أيها الناس !.. إني فُرُطكم ، وأنتم واردون عليّ الحوض ، ألا وإني سائلكم عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّ اللطيف الخبير نبّأني أنهما لن يفترقا حتى يلقياني ، وسألت ربي ذلك فأعطانيه ، ألا وإني قد تركتهما فيكم : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فلا تسبقوهم فتفرّقوا ، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم .
        أيها الناس !.. لا ألفينكم بعدي ترجعون كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض ، فتلقوني في كتيبة كمجرّ السيل الجرّار ، ألا وإنّ علي بن أبي طالب أخي ووصيي ، يقاتل بعدي على تأويل القرآن ، كما قاتلت على تنزيله " .
        فكان (ص) يقوم مجلساً بعد مجلس بمثل هذا الكلام ونحوه ، ثم إنه عقد لأسامة بن زيد بن حارثة الإمرة ، وأمره وندبه أن يخرج بجمهور الأمة إلى حيث أصيب أبوه من بلاد الروم ، واجتمع رأيه على إخراج جماعة من مقدّمي المهاجرين والأنصار في معسكره ، حتى لا يبقى في المدينة عند وفاته مَن يختلف في الرياسة ، ويطمع في التقدم على الناس بالإمارة ، ويستتب الأمر لمن استخلفه من بعده ، ولا ينازعه في حقه منازع .
        فعقد له الإمرة على ما ذكرناه ، وجدّ في إخراجهم ، وأمر أسامة بالبروز عن المدينة بمعسكره إلى الجرف ، وحثّ الناس على الخروج إليه والمسير معه ، وحذّرهم من التلوّم والإبطاء عنه ، فبينا هو في ذلك إذ عرضت له الشكاة التي توفي فيها .
        فلما أحسّ بالمرض الذي عراه أخذ بيد علي بن أبي طالب ، واتبعه جماعة من الناس وتوجه إلى البقيع ، فقال للذي اتّبعه : إنني قد أُمرت بالاستغفار لأهل البقيع ، فانطلقوا معه حتى وقف بين أظهرهم ، وقال :
        " السلام عليكم أهل القبور ، ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما فيه الناس ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها " ثم استغفر لأهل البقيع طويلاً، وأقبل على أمير المؤمنين (ع) فقال : " إنّ جبرائيل (ع) كان يعرض عليّ القرآن كل سنة مرة ، وقد عرضه عليّ العام مرتين ، ولا أراه إلا لحضور أجلي ".
        ثم قال : " يا علي !.. إني خُيّرت بين خزائن الدنيا والخلود فيها أو الجنة ، فاخترت لقاء ربي والجنة " .... فقال النبي (ص) : " نفّذوا جيش أسامة ، نفّذوا جيش أسامة " يكررها ثلاث مرات ، ثم أغمي عليه من التعب الذي لحقه والأسف ، فمكث هُنيئةً مغمىً عليه وبكى المسلمون ، وارتفع النحيب من أزواجه وولده ونساء المسلمين وجميع من حضر من المسلمين ، فأفاق رسول الله (ص) فنظر إليهم ثم قال :
        " ايتوني بدواة وكتف لأكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً " ثم أغمي عليه فقام بعض من حضر يلتمس دواة وكتفاً ، فقال له عمر : " ارجع فإنه يهجر " فرجع وندم من حضر على ما كان منهم من التضجيع في إحضار الدواة والكتف وتلاوموا بينهم ، وقالوا : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لقد أشفقنا من خلاف رسول الله (ص) .
        فلما أفاق (ص) قال بعضهمم : ألا نأتيك بدواة وكتف يا رسول الله ؟!.. فقال : " أبعد الذي قلتم ؟.. لا ، ولكني أوصيكم بأهل بيتي خيراً " وأعرض بوجهه عن القوم فنهضوا ، وبقي عنده العباس والفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب وأهل بيته خاصة ، فقال له العباس : يا رسول الله !.. إن يكن هذا الأمر فينا مستقراً من بعدك فبشّرنا ، وإن كنت تعلم أنّا نُغلب عليه فأوصِ بنا ، فقال : أنتم المستضعفون من بعدي وأصمت ، فنهض القوم وهم يبكون قد يئسوا من النبي (ص) ....
        ثم ثقل وحضره الموت وأمير المؤمنين (ع) حاضرٌ عنده ، فلما قرب خروج نفسه قال له : " ضع يا عليّ رأسي في حِجْرك ، فقد جاء أمر الله تعالى ، فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وامسح بها وجهك ، ثم وجّهني إلى القبلة وتولّ أمري ، وصلِّ عليِّ أول الناس ، ولا تفارقني حتى تواريني في رمسي ، واستعن بالله تعالى " فأخذ علي (ع) رأسه فوضعه في حجره ، فأغمي عليه ، فأكبت فاطمة (ع) تنظر في وجهه وتندبه وتبكي وتقول :
        وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
        ففتح رسول الله (ص) عينه وقال بصوت ضئيل : يا بنية !.. هذا قول عمك أبي طالب لا تقوليه ، ولكن قولي : { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم } ، فبكت طويلاً فأومأ إليها بالدنوّ منه ، فدنت منه فأسرّ إليها شيئاً تهلّل وجهها له .
        ثم قُبض (ص) ويد أمير المؤمنين اليمنى تحت حنكه ، ففاضت نفسه (ص) فيها فرفعها إلى وجهه فمسحه بها ، ثم وجّهه وغمضه ومدّ عليه إزاره ، واشتغل بالنظر في أمره .
        فجاءت الرواية أنه قيل لفاطمة عليها السلام : ما الذي أسرّ إليك رسول الله (ص) فسَرى عنك به ما كنت عليه من الحزن والقلق بوفاته ؟.. قالت : إنه أخبرني أنني أول أهل بيته لحوقاً به ، وأنه لن تطول المدة لي بعده حتى أدركه ، فسرى ذلك عني . ص470
        المصدر:
        إعلام الورى ص82 ، الإرشاد ص94
        قال الكاظم (ع) : قلت لأبي : فما كان بعد خروج الملائكة عن رسول الله (ص) ؟.. فقال : ثم دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين (ع) وقال لمن في بيته : اخرجوا عني ، وقال لأم سلمة : كوني على الباب فلا يقربه أحدٌ ، ففعلت ، ثم قال : يا عليّ !.. ادن مني ، فدنا منه فأخذ بيد فاطمة فوضعها على صدره طويلاً ، وأخذ بيد عليّ بيده الأخرى .
        فلما أراد رسول الله (ص) الكلام غلبته عبرته ، فلم يقدر على الكلام ، فبكت فاطمة بكاءً شديداً وعليّ والحسن والحسين (ع) لبكاء رسول الله (ص) ، فقالت فاطمة :
        يا رسول الله !.. قد قطّعت قلبي ، وأحرقت كبدي لبكائك يا سيد النبيين من الأولين والآخرين !.. ويا أمين ربه ورسوله !.. ويا حبيبه ونبيه !.. مَن لولدي بعدك ؟.. ولذلّ ينزل بي بعدك ، مَن لعليّ أخيك ، وناصر الدين ؟.. مَن لوحي الله وأمره ؟.. ثم بكت وأكبّت على وجهه فقبّلته ، وأكبّ عليه عليّ والحسن والحسين صلوات الله عليهم .
        فرفع رأسه (ص) إليهم ويدها في يده فوضعها في يد عليّ وقال له :
        يا أبا الحسن !.. هذه وديعة الله ووديعة رسوله محمد عندك ، فاحفظ الله واحفظني فيها ، وإنك لفاعله .
        يا علي !.. هذه والله سيدة نساء أهل الجنة من الأولين والآخرين ، هذه والله مريم الكبرى ، أما والله ما بلغت نفسي هذا الموضع حتى سألت الله لها ولكم ، فأعطاني ما سألته .. يا عليّ !.. انفذ لما أمرتك به فاطمة فقد أمرتها بأشياء أمر بها جبرائيل (ع) .
        واعلم يا عليّ !.. إني راضٍ عمّن رضيت عنه ابنتي فاطمة ، وكذلك ربي وملائكته .
        يا علي !.. ويلٌ لمن ظلمها ، وويلٌ لمن ابتزّها حقها ، وويلٌ لمن هتك حرمتها ، وويلٌ لمن أحرق بابها ، وويلٌ لمن آذى خليلها ، وويلٌ لمن شاقّها وبارزها ، اللهم !.. إني منهم بريءٌ ، وهم مني براء ، ثم سمّاهم رسول الله (ص) ، وضم فاطمة إليه وعليا والحسن والحسين (ع) وقال :
        اللهم !.. إني لهم ولمن شايعهم سلمٌ ، وزعيم بأنهم يدخلون الجنة ، وعدوٌّ وحربٌ لمن عاداهم وظلمهم وتقدّمهم أو تأخّر عنهم وعن شيعتهم ، زعيم بأنهم يدخلون النار ، ثم والله يا فاطمة !.. لا أرضى حتى ترضى ، ثم لا والله لا أرضى حتى ترضى ، ثم لا والله لا أرضى حتى ترضى . ص485
        المصدر:
        الطرف ص29
        قال النبي (ص) : يا بلال !.. ايتني بولدي الحسن والحسين ، فانطلق فجاء بهما ، فأسندهما إلى صدره فجعل يشمّهما ، قال علي (ع) : فظننت أنهما قد غمّاه أي أكرباه ، فذهبت لأؤخّرهما عنه ، فقال :
        دعهما يشمّاني وأشمّهما ، ويتزوّدا مني وأتزوّد منهما ، فسيلقيان من بعدي زلزالاً ، وأمراً عضالاً ، فلعن الله من يحيفهما ، اللهم !.. إني أستودعكهما وصالح المؤمنين.ص500
        المصدر:
        كشف الغمة ص123




        باب وفاته وغسله والصلاة عليه ودفنه (ص)
        لما مرض رسول الله (ص) وعنده أصحابه ، قام إليه عمّار بن ياسر ، فقال له : فداك أبي وأمي يا رسول الله !.. مَن يغسّلك منا إذا كان ذلك منك ؟.. قال : ذاك علي بن أبي طالب ، لأنه لا يهمّ بعضو من أعضائي إلا أعانته الملائكة على ذلك ، فقال له : فداك أبي وأمي يا رسول الله !.. فمَن يصلّي عليك منا إذا كان ذلك منك ؟.. قال : مه رحمك الله ، ثم قال لعلي :
        يا بن أبي طالب !.. إذا رأيت روحي قد فارقت جسدي فاغسلني ، وانق غسلي وكفنّي في طمري هاذين ، أو في بياض مصر وبرد ٍيمان ، ولا تغال في كفني ، واحملوني حتى تضعوني على شفير قبري .
        فأول من يصلي علي الجبّار جلّ جلاله من فوق عرشه ، ثم جبرائيل وميكائيل وإسرافيل في جنود من الملائكة لا يحصي عددهم إلا الله عزّ وجلّ ، ثم الحافّون بالعرش ، ثم سكّان أهل سماء فسماء ، ثم جلّ أهل بيتي ونسائي ، الأقربون فالأقربون ، يؤمون إيماء ، ويسلّمون تسليما ، لا يؤذوني بصوت نادية (أي نائحة) ولا مرنّة ، ثم قال :
        يا بلال !.. هلمّ عليّ بالناس ، فاجتمع الناس فخرج رسول الله (ص) متعصّباً بعمامته متوكّياً على قوسه حتى صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : معاشر أصحابي أي نبي كنت لكم ؟!.. ألم أجاهد بين أظهركم ؟.. ألم تكسر رباعيتيّ ؟.. ألم يُعفّر جبيني ؟.. ألم تسل الدماء على حرّ وجهي حتى كنفتْ ( أي أحاطت ) لحيتي ؟.. ألم أكابد الشدة والجهد مع جهّال قومي ؟.. ألم أربط حجر المجاعة على بطني ؟..
        قالوا : بلى يا رسول الله !.. لقد كنت َلله صابراً ، وعن منكر بلاء الله ناهياً ، فجزاك الله عنا أفضل الجزاء ، قال : وأنتم فجزاكم الله ، ثم قال :
        إنّ ربي عزّ وجلّ حكم وأقسم أن لا يجوزه ظلم ظالم ، فناشدتكم بالله أي رجل منكم كانت له قِبَل محمد مظلمة إلا قام فليقتصّ منه ، فالقصاص في دار الدنيا أحبّ إليّ من القصاص في دار الآخرة على رؤوس الملائكة والأنبياء .
        فقام إليه رجلٌ من أقصى القوم يقال له سوادة بن قيس فقال له : فداك أبي وأمي يا رسول الله !.. إنك لما أقبلت من الطائف استقبلتك َوأنت على ناقتك العضباء ، وبيدك القضيب الممشوق ، فرفعت القضيب وأنت تريد الراحلة فأصاب بطني ، فلا أدري عمداً أو خطأً ، فقال : معاذ الله أن أكون تعمدت ثم قال : يا بلال !.. قم إلى منزل فاطمة فائتني بالقضيب الممشوق ، فخرج بلال وهو ينادي في سكك المدينة :
        معاشر الناس !.. من ذا الذي يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة ؟.. فهذا محمد يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة ، وطرق بلال الباب على فاطمة (ع) وهو يقول : يا فاطمة !.. قومي فوالدك يريد القضيب الممشوق ، فأقبلت فاطمة (ع) وهي تقول : يا بلال !.. وما يصنع والدي بالقضيب ، وليس هذا يوم القضيب ؟..
        فقال بلال : يا فاطمة !.. أما علمت أنّ والدك قد صعد المنبر ، وهو يودّع أهل الدين والدنيا ، فصاحت فاطمة (ع) وقالت : واغمّاه لغمّك يا أبتاه !.. مَن للفقراء والمساكين وابن السبيل ، يا حبيب الله ، وحبيب القلوب ؟!..
        ثم ناولت بلالاً القضيب ، فخرج حتى ناوله رسول الله (ص) ، فقال رسول الله (ص) : أين الشيخ ؟.. فقال الشيخ : ها أنا ذا يا رسول الله بأبي أنت وأمي !.. فقال : تعال فاقتصّ مني حتى ترضى ، فقال الشيخ ، فاكشف لي عن بطنك يا رسول الله !.. فكشف (ص) عن بطنه ، فقال الشيخ : بأبي أنت وأمي يا رسول الله !.. أتأذن لي أن أضع فمي على بطنك ؟..
        فأذن له ، فقال : أعوذ بموضع القصاص من بطن رسول الله من النار يوم النار ، فقال رسول الله (ص) : يا سوادة بن قيس !.. أتعفو أم تقتصّ ؟.. فقال : بل أعفو يا رسول الله !.. فقال (ص) : اللهم !.. اعف عن سوادة بن قيس ، كما عفا عن نبيك محمد .
        ثم قام رسول الله (ص) فدخل بيت أم سلمة وهو يقول : ربّ !.. سلّم أمة محمد من النار ، ويسّر عليهم الحساب ، فقالت أم سلمة : يا رسول الله !.. ما لي أراك مغموماً متغيّر اللون ؟.. فقال : نعُيت إليّ نفسي هذه الساعة ، فسلام لك في الدنيا ، فلا تسمعين بعد هذا اليوم صوت محمد أبداً ، فقالت أم سلمة : واحزناه !.. حزناً لا تدركه الندامة عليك يا محمداه !.. ثم قال (ع) : ادع لي حبيبة قلبي وقرّة عيني فاطمة تجيء ، فجاءت فاطمة (ع) وهي تقول : نفسي لنفسك الفداء ، ووجهي لوجهك الوقاء يا أبتاه !.. ألا تكلّمني كلمةً ؟.. فإني أنظر إليك وأراك مفارق الدنيا ، وأرى عساكر الموت تغشاك شديداً ، فقال لها : يا بنية !.. إني مفارقك ، فسلامٌ عليك مني .
        قالت : يا أبتاه !.. فأين الملتقى يوم القيامة ؟.. قال : عند الحساب ، قالت : فإن لم ألقك عند الحساب ؟.. قال : عند الشفاعة لأمتي ، قالت : فإن لم ألقك عند الشفاعة لأمتك ؟.. قال : عند الصراط ، جبرائيل عن يميني ، وميكائيل عن يساري ، والملائكة من خلفي وقدامي ينادون :
        ربّ سلّم أمة محمد من النار ، ويسّر عليهم الحساب ، قالت فاطمة (ع) : فأين والدتي خديجة ؟.. قال : في قصر له أربعة أبواب إلى الجنة .
        ثم أغمي على رسول الله (ص) فدخل بلال وهو يقول : الصلاة رحمك الله ، فخرج رسول الله (ص) وصلّى بالناس وخفّف الصلاة ، ثم قال : ادعوا لي علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد ، فجاءا فوضع (ع) يده على عاتق علي ، والأخرى على أسامة ، ثم قال : انطلقا بي إلى فاطمة .
        فجاءا به حتى وضع رأسه في حجرها ، فإذا الحسن والحسين (ع) يبكيان ويصطرخان وهما يقولان : أنفسنا لنفسك الفداء ، ووجوهنا لوجهك الوقاء ، فقال رسول الله (ص) : مَن هذان يا علي ؟.. قال : هذان ابناك : الحسن والحسين ، فعانقهما وقبّلهما ، وكان الحسن (ع) أشد بكاء ، فقال له :
        كفّ يا حسن فقد شققتَ على رسول الله . ص510
        المصدر:
        أمالي الصدوق ص376
        روي عن ابن عباس أنّ رسول الله (ص) في ذلك المرض كان يقول : ادعوا لي حبيبي ، فجعل يُدعى له رجل بعد رجل ، فيعرض عنه ، فقيل لفاطمة : امضي إلى علي فما نرى رسول الله يريد غير علي ، فبعث فاطمة إلى علي (ع) فلما دخل فتح رسول الله (ص) عينيه وتهلّل وجهه ثم قال : إليّ يا عليّ !.. إليّ يا علي !.. فما زال يدنيه حتى أخذه بيده وأجلسه عند رأسه ، ثم أغمي عليه ، فجاء الحسن والحسين (ع) يصيحان ويبكيان حتى وقعا على رسول الله (ص) فأراد علي (ع) أن ينحّيهما عنه ، فأفاق رسول الله (ص) ، ثم قال :
        يا عليّ !.. دعني أشمّهما ويشمّاني ، وأتزوّد منهما ، ويتزودان مني ، أمَا إنهما سيُظلمان بعدي ويُقتلان ظلماً ، فلعنة الله على من يظلمهما ، يقول ذلك ثلاثاً .
        ثم مدّ يده إلى علي ّ(ع) فجذبه إليه حتى أدخله تحت ثوبه الذي كان عليه ، ووضع فاه على فيه ، وجعل يناجيه مناجاةً طويلةً حتى خرجت روحه الطيبة ، صلوات الله عليه وآله ، فانسلّ علي من تحت ثيابه وقال :
        أعظم الله أجوركم في نبيكم ، فقد قبضه الله إليه ، فارتفعت الأصوات بالضجة والبكاء ، فقيل لأمير المؤمنين (ع) :
        ما الذي ناجاك به رسول الله (ص) حين أدخلك تحت ثيابه ؟.. فقال :
        علّمني ألف باب ، يفتح لي كلّ باب ألف باب.ص511
        المصدر:
        أمالي الصدوق ص376
        قيل للصادق (ع) : جعلت فداك !.. هل للماء حدّ محدود ؟.. قال : إنّ رسول الله (ص) قال لأمير المؤمنين عليّ (ع) :
        إذا أنا مت فاستق لي ستّ قرب من ماء بئر غرس ، فغسّلني وكفّني وحنّطني ، فإذا فرغتَ من غسلي فخذ بمجامع كفني وأجلسني ثم سائلني عما شئت ، فو الله لا تسألني عن شيء إلا أجبتك . ص514
        المصدر:
        بصائر الدرجات ص81
        قال السجاد (ع) في حديث طويل يقول في آخره : لما توفي رسول الله (ص) وجاءت التعزية ، جاءهم آت يسمعون حسّه ولا يرون شخصه فقال :
        " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، كل نفس ذائقة الموت ، وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ، إن في الله عزاء من كلّ مصيبة ، وخلفاً من كل هالك ، ودركاً من كلّ ما فات ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإنّ المصاب من حُرم الثواب ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته "..
        قال علي بن أبي طالب (ع) : هل تدرون من هذا ؟.. هذا الخضر (ع) . ص516
        المصدر:
        إكمال الدين ص219
        روي أنه قال جبرائيل : إنّ ملك الموت يستأذن عليك ، وما استأذن أحداً قبلك ولا بعدك ، فأذن له فدخل وسلّم عليه ، وقال : يا أحمد !.. إنّ الله تعالى بعثني إليك لأطيعك ، أقبض أو أرجع ، فأمره فقُبض . ص523
        المصدر:
        المناقب 1/203
        قال النبي (ص) : يا عليّ !.. مَن أُصيب بمصيبة فليُذكر مصيبته بي ، فإنها من أعظم المصائب . ص523
        المصدر:
        المناقب 1/203
        فلما فرغ علي (ع) من غسله كشف الإزار عن وجهه ، ثم قال :
        بأبي أنت وأمي!.. طبت حيّاً وطبت ميّتاً ، انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت أحد ممن سواك من النبوة والأنباء ....
        بأبي أنت وأمي!.. اذكرنا عند ربك ، واجعلنا من همّك ، ثم أكبّ عليه فقبّل وجهه والإزار عليه . ص527
        المصدر:
        مجالس المفيد ص60
        قال الصادق (ع) : إنّ الله لما قبض نبيه (ص) دخل على فاطمة (ع) من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عزّ وجلّ ، فأرسل إليها ملَكاً يسلّي غمّها ويحدّثها ، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين (ع) فقال لها : إذا أحسستَ بذلك وسمعت الصوت قولي لي ، فأعلمتْه ذلك وجعل أمير المؤمنين (ع) يكتب كل ما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفاً ، ثم قال : أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ، ولكن فيه علم ما يكون . ص545
        المصدر:
        أصول الكافي 1/240
        بيــان:
        قال الصادق (ع) : إنّ فاطمة (ع) مكثت بعد رسول الله (ص) خمسة وسبعين يوماً ، وكان دخلها حزنٌ شديدٌ على أبيها ، وكان جبرائيل (ع) يأتيها فيُحسن عزاءها على أبيها ، ويطيّب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها ، وكان علي (ع) يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة (ع) . ص546
        المصدر:
        أصول الكافي 1/241





        باب غرائب أحواله بعد وفاته ، وما ظهر عند ضريحه (ص)
        قال رسول الله (ص) : حياتي خيرٌ لكم ، ومماتي خيرٌ لكم :
        فأما حياتي : فإنّ الله هداكم بي من الضلالة ، وأنقذكم من شفا حفرة من النار .. وأما مماتي : فإنّ أعمالكم تُعرض عليّ ، فما كان من حسَن استزدت الله لكم ، وما كان من قبيح استغفرت الله لكم .
        فقال له رجلٌ من المنافقين : وكيف ذاك يا رسول الله وقد رممت َ؟!.. يعني صرت رميماً ، فقال له رسول الله (ص) : كلا إنّ الله حرّم لحومنا على الأرض فلا تطعم منها شيئا . ص550
        المصدر:
        بصائر الدرجات ص131
        قال الصادق (ع) : ما لكم تسوؤن رسول الله (ص) ؟.. فقال له رجل : جعلت فداك !.. وكيف نسوؤه؟.. فقال : أما تعلمون أنّ أعمالكم تُعرض عليه ، فإذا رأى فيها معصية الله ساءه ، فلا تسوؤا رسول الله (ص) وسرّوه . ص551
        المصدر:
        بصائر الدرجات ص132
        قال الصادق (ع) : ما من ليلة جمعة إلا ولأولياء الله فيها سرورٌ ، قلت : كيف ذاك جعلت فداك ؟!.. قال : إذا كانت ليلة الجمعة وافى رسول الله (ص) العرش ووافيت معه ، فما أرجع إلا بعلم مستفاد ، ولولا ذلك لنفد ما عندنا.ص552
        المصدر:
        بصائر الدرجات ص36
        قال الصادق (ع) : لما كان سنة إحدى وأربعين أراد معاوية الحجّ ، فأرسل نجّاراً وأرسل بالآلة ، وكتب إلى صاحب المدينة أن يقلع منبر رسول الله (ص) ويجعلوه على قدر منبره بالشام ، فلما نهضوا ليقلعوه انكسفت الشمس وزلزلت الأرض فكفّوا ، وكتبوا بذلك إلى معاوية ، فكتب إليهم يعزم عليهم لما فعلوه ففعلوا ذلك ، فمنبر رسول الله (ص) المدخل الذي رأيت . ص553
        المصدر:
        فروع الكافي 1/316



        Comment

        Working...
        X
        😀
        🥰
        🤢
        😎
        😡
        👍
        👎