إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

تاريخ الأنبياء (ع) من النبي ابراهيم (ع) الى النبي عيسى (ع) {مما روي عن أهل البيت (ع) }

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • راية اليماني
    مشرف
    • 05-04-2013
    • 3021

    تاريخ الأنبياء (ع) من النبي ابراهيم (ع) الى النبي عيسى (ع) {مما روي عن أهل البيت (ع) }



    تاريخ الأنبياء (ع)
    مقتبس من كتاب (تاريخ الانبياء) و هو جمع لأخبار عن أهل البيت (ع) حول سيرة الأنبياء (ع) و أبنائهم


    باب علل تسمية إبراهيم وسنته وفضائله ومكارم أخلاقه وسننه ونقش خاتمه (ع)

    قال الصادق (ع) : إنما اتخذ الله إبراهيم خليلاً لأنه لم يردّ أحداً ، ولم يسأل أحداً قطّ غير الله عزّ وجلّ . ص4

    المصدر:
    العلل ص23 ، العيون ص231

    قال الهادي (ع) : إنما اتخذ الله عزّ وجلّ إبراهيم خليلاً ، لكثرة صلواته على محمد وأهل بيته صلوات الله عليه وآله . ص4
    المصدر:
    العلل ص23
    قال الباقر (ع) : لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً ، أتاه ببشارة الخلّة ملَك الموت في صورة شاب أبيض ، عليه ثوبان أبيضان يقطر رأسه ماء ودهناً ، فدخل إبراهيم (ع) الدار فاستقبله خارجاً من الدار ، وكان إبراهيم (ع) رجلا غيوراً وكان إذا خرج في حاجة أغلق بابه وأخذ مفتاحه .
    فخرج ذات يوم في حاجة وأغلق بابه ، ثم رجع ففتح بابه فإذا هو برجلٍ قائمٍ كأحسن ما يكون من الرجال فأخذته الغيرة وقال له : يا عبد الله !.. ما أدخلك داري ؟.. فقال : ربها أدخلنيها ، فقال إبراهيم : ربها أحقّ بها مني ، فمَن أنت ؟.. قال : أنا ملَك الموت ، ففزع إبراهيم (ع) وقال : جئتني لتسلبني روحي ؟.. فقال : لا ، ولكن اتخذ الله عزّ وجلّ عبداً خليلاً فجئتُ ببشارته ، فقال إبراهيم : فمَن هذا العبد لعلّي أخدمه حتى أموت ؟.. قال : أنت هو ، فدخل على سارة فقال : إنّ الله اتخذني خليلاً.ص5
    المصدر:
    العلل ص23
    بيــان:
    لا تنافي بين تلك الأخبار ، إذ يحتمل أن يكون لكلّ من تلك الخلال مدخل في الخلّة ، إذ لا تكون الخلّة إلا مع اجتماع الخصال التي يرتضيها الرب تعالى . ص6
    قال الصادق (ع) : إنّ الله تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم (ع) عبداً قبل أن يتخذه نبياً ، وإنّ الله اتخذه نبياً قبل أن يتخذه رسولاً ، وإنّ الله اتخذه رسولاً قبل أن يتخذه خليلاً ، وإنّ الله اتخذه خليلاً قبل أن يجعله إماماً ، فلما جمع له الأشياء قال :
    { إني جاعلك للناس إماما } ، قال : فمن عظمها في عين إبراهيم قال :
    { ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين } ، قال : لا يكون السفيه إمام التقي . ص12
    المصدر:
    أصول الكافي 1/175
    باب قصص ولادته (ع) إلى كسر الأصنام ، وما جرى بينه وبين فرعونه ، وبيان حال أبيه

    قال الصادق (ع) في قوله تعالى {إذ جاء ربه بقلب سليم } : من كلّ ما سوى الله ، لم يتعلّق بشيء غيره . ص26

    المصدر:
    مجمع البيان 8/449

    باب إراءته (ع) ملكوت السماوات والأرض وسؤاله إحياء الموتى والكلمات التي سأل ربه وما أوحى إليه وصدر عنه من الحكم

    قال رسول الله (ص) : إنّ إبراهيم الخليل لما رُفع في الملكوت وذلك قول ربي { وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين } ، قوّى الله بصره لما رفعه دون السماء حتى أبصر الأرض ومَن عليها ظاهرين ومستترين ، فرأى رجلاً وامرأةً على فاحشة ، فدعا عليهما بالهلاك فهلكا ، ثم رأى آخرين فدعا عليهما بالهلاك فهلكا ، ثم رأى آخرين فدعا عليهما بالهلاك فهلكا ، ثم رأى آخرين فهمّ بالدعاء عليهما بالهلاك فأوحى الله إليه :
    يا إبراهيم !.. اكفف دعوتك عن عبادي وإمائي ، فإني أنا الغفور الرحيم الجبّار الحليم ، لا تضرّني ذنوب عبادي ، كما لا تنفعني طاعتهم ، ولست أسوسهم بشفاء الغيظ كسياستك ، فاكفف دعوتك عن عبادي فإنما أنت عبدٌ نذيرٌ ، لا شريك في المملكة ، ولا مهيمن عليّ ولا على عبادي ، وعبادي معي بين خلال ثلاث :
    إما تابوا إليّ فتبتُ عليهم ، وغفرتُ ذنوبهم ، وسترتُ عيوبهم ، وإما كففت عنهم عذابي لعلمي بأنه سيخرج من أصلابهم ذريّات مؤمنون ، فأرفق بالآباء الكافرين ، وأتأنى بالأمهات الكافرات ، وأرفع عنهم عذابي ، ليخرج ذلك المؤمن من أصلابهم ، فإذا تزايلوا ( أي تفرقوا ) حقّ بهم عذابي ، وحاق بهم بلائي ، وإن لم يكن هذا ولا هذا ، فإنّ الذي أعددته لهم من عذابي أعظم مما تريدهم به ، فإنّ عذابي لعبادي على حسب جلالي وكبريائي .
    يا إبراهيم !.. فخلِّ بيني وبين عبادي فإني أرحم بهم منك ، وخلِّ بيني وبين عبادي ،فإني أنا الجبّار الحليم العلاّم الحكيم ، أدبّرهم بعلمي ، وأُنفذ فيهم قضائي وقدري.ص60

    المصدر:
    تفسير الإمام العسكري ص212 ، الاحتجاج ص18

    بيــان:
    إراءته ملكوت السماوات والأرض ، يحتمل أن يكون ببصر العين ، بأن يكون الله تعالى قوّى بصره ، ورفع له كلّ منخفضٍ ، وكشط له عن أطباق السماء والأرض حتى رأى ما فيهما ببصره ، وأن يكون المراد رؤية القلب ، بأن أنار قلبه حتى أحاط بها علماً ، والأول أظهر نقلاً والثاني عقلا.
    والظاهر على التقديرين أنه أحاط علماً بكل ما فيهما من الحوادث والكائنات ، وأما حمله على أنه رأى الكواكب وما خلقه الله في الأرض على وجه الاعتبار والاستبصار ، واستدلّ بها على إثبات الصانع فلا يخفى بعده عما يظهر من الأخبار . ص62

    قال أمير المؤمنين (ع) : لما أراد الله تبارك وتعالى قبض روح إبراهيم (ع) أهبط إليه ملك الموت فقال : السلام عليك يا إبراهيم !.. قال : وعليك السلام يا ملك الموت !.. أداعٍ أم ناعٍ ؟.. قال : بل داعٍ يا إبراهيم فأجب ، قال إبراهيم :
    فهل رأيت خليلاً يُميت خليله ؟.. فرجع ملك الموت حتى وقف بين يدي الله جلّ جلاله ، فقال : إلهي !.. قد سمعت َبما قال خليلُك إبراهيم ، فقال الله جلّ جلاله : يا ملك الموت !.. اذهب إليه وقل له : هل رأيت حبيباً يكره لقاء حبيبه ؟.. إنّ الحبيب يحبّ لقاء حبيبه . ص78

    المصدر:
    العلل ص24 ، أمالي الصدوق ص118


    قال الصادق (ع) : إنّ سارة قالت لإبراهيم (ع) :
    يا إبراهيم !.. قد كبرتَ فلو دعوت الله أن يرزقك ولداً تقرّ أعيننا به ، فإنّ الله قد اتخذك خليلاً وهو مجيبٌ لدعوتك إن شاء ، قال (ع) :
    فسأل إبراهيم ربه أن يرزقه غلاماً عليماً ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : أني واهبٌ لك غلاماً عليماً ثم أبلوك بالطاعة لي ، فمكث إبراهيم بعد البشارة ثلاث سنين ثم جاءته البشارة من الله عزّ وجلّ ، وإن سارة قد قالت لإبراهيم : إنك قد كبرت وقرُب أجلك ، فلو دعوت الله عزّ وجلّ أن ينسئ في أجلك ، وأن يمدّ لك في العمر فتعيش معنا وتقرّ أعيننا .
    فسأل إبراهيم ربه ذلك ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : سل من زيادة العمر ما أحببتَ تُعطه ، فأخبر إبراهيم سارة بذلك فقالت له : سل الله أن لا يُميتك حتى تكون أنت الذي تسأله الموت ، فسأل إبراهيم ربه ذلك ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : ذلك لك ، فأخبر إبراهيم سارة بما أوحى الله عزّ وجلّ إليه في ذلك ، فقالت سارة لإبراهيم : اشكر لله واعمل طعاما وادع عليه الفقراء وأهل الحاجة ، ففعل ذلك إبراهيم ودعا إليه الناس .
    فكان فيمن أتى رجل كبير ضعيف مكفوف معه قائد له فأجلسه على مائدته ، فمدّ الأعمى يده فتناول لقمةً وأقبل بها نحو فيه فجعلت تذهب يميناً وشمالاً من ضعفه ، ثم أهوى بيده إلى جبهته ، فتناول قائده يده فجاء بها إلى فمه ، ثم تناول المكفوف لقمةً فضرب بها عينه ، وإبراهيم (ع) ينظر إلى المكفوف وإلى ما يصنع ، فتعجب إبراهيم من ذلك وسأل قائده عن ذلك ، فقال له القائد : هذا الذي ترى من الضعف .
    فقال إبراهيم في نفسه : أليس إذا كبرتُ أصير مثل هذا ؟.. ثم إنّ إبراهيم (ع) سأل الله عزّ وجلّ حيث رأى من الشيخ ما رأى فقال :
    اللهم !.. توفّني في الأجل الذي كتبتَ لي ، فلا حاجة لي في الزيادة في العمر بعد الذي رأيت . ص80

    المصدر:
    العلل ص24


    قال الصادق (ع) : إنّ إبراهيم ناجى ربه فقال :
    يا ربّ !.. كيف ذا العيال ؟.. من قبل أن يجعل له من ولده خلفاً يقوم من بعده في عياله ، فأوحى الله تعالى إليه :
    يا إبراهيم !.. أو تريد لها خلفاً منك يقوم مقامك من بعدك خيراً مني ؟.. قال إبراهيم : اللهم لا ، الآن طابت نفسي . 82

    باب أحوال أولاده وأزواجه صلوات الله عليهم وبناء البيت

    قال الطبرسي قدس الله روحه في قوله سبحانه { واتخذوا من مقام إبراهيم } : في المقام دلالةٌ ظاهرةٌ على نبوة إبراهيم (ع) فإنّ الله سبحانه جعل الحجْر تحت قدمه كالطين حتى دخلت قدمه فيه ، فكان ذلك معجزةً له . ص84

    المصدر:
    مجمع البيان 1/203


    قال الباقر (ع) : نزلت ثلاثة أحجار من الجنة : مقام إبراهيم ، وحجَر بني إسرائيل ، والحجَر الأسود استودعه الله إبراهيم حجراً أبيض ، وكان أشدّ بياضاً من القراطيس فاسوّد من خطايا بني آدم . ص84

    المصدر:
    مجمع البيان 1/203


    قال ابن عباس : لما أتى إبراهيم بإسماعيل وهاجر فوضعهما ، وأتت على ذلك مدة ، ونزلها الجرهميّون ، وتزوج إسماعيل امرأة منهم وماتت هاجر ، استأذن إبراهيم سارة أن يأتي هاجر فأذنت له ، وشرطت عليه أن لا ينزل.. فقدم إبراهيم (ع) وقد ماتت هاجر ، فذهب إلى بيت إسماعيل فقال لامرأته : أين صاحبك ؟.. فقالت : ليس هو ههنا ذهب يتصيّد ، وكان إسماعيل يخرج من الحرم فيتصيّد ثم يرجع ، فقال لها إبراهيم : هل عندك ضيافة ، قالت : ليس عندي شيءٌ وما عندي أحدٌ ، فقال لها إبراهيم : إذا جاء زوجك فاقرئيه السلام وقولي له : فليغيّر عتبة بابه .
    وذهب إبراهيم (ع) وجاء إسماعيل (ع) ووجد ريح أبيه فقال لامرأته : هل جاءك أحدٌ ؟.. قالت : جاءني شيخٌ صفته كذا وكذا كالمستخفّة بشأنه ، قال : فما قال لك ؟.. قالت : قال لي : اقرئي زوجك السلام وقولي له : فليغيّر عتبة بابه ، فطلّقها وتزوّج أخرى .
    فلبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث ثم استأذن سارة أن يزور إسماعيل ، فأذنت له واشترطت عليه أن لا ينزل ، فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل ، فقال لامرأته : أين صاحبك ؟.. قالت : يتصيّد وهو يجيء الآن إن شاء الله ، فانزل يرحمك الله ، قال لها : هل عندك ِضيافة ؟..
    قالت : نعم ، فجاءت باللبن واللحم فدعا لها بالبركة ، فلو جاءت يومئذ بخبز برّاً وشعيراً وتمراً لكان أكثر أرض الله بُراً وشعيراً وتمراً ، فقالت له : انزل حتى أغسل رأسك ، فلم ينزل فجاءت بالمقام فوضعته على شقّه الأيمن ، فوضع قدمه عليه فبقي أثر قدمه عليه ، فغسلت شقّ رأسه الأيمن ، ثم حوّلت المقام إلى شقّ رأسه الأيسر فبقي أثر قدمه عليه ، فغسلت شقّ رأسه الأيسر ، فقال لها : إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام وقولي له : قد استقامت عتبة بابك .
    فلما جاء إسماعيل ، وجد ريح أبيه فقال لامرأته : هل جاءك أحدٌ ؟.. قالت : نعم ، شيخٌ أحسن الناس وجهاً وأطيبهم ريحاً ، وقال لي كذا وكذا ، وغسلت رأسه ، وهذا موضع قدميه على المقام ، قال لها إسماعيل : ذاك إبراهيم (ع) . ص85

    المصدر:
    مجمع البيان 1/203


    قال النبي (ص) : الركن والمقام ياقوتان من ياقوت الجنّة ، طمس الله نورهما ، ولولا أنّ نورهما طُمس لأضاء ما بين المشرق والمغرب . ص85

    المصدر:
    مجمع البيان 1/203


    قال الصادق (ع) في قوله تعالى { وارزق أهله من الثمرات }: إنما هو ثمرات القلوب . ص86

    المصدر:
    مجمع البيان 1/206


    قال الباقر (ع) : إنما أُمر الناس أن يطوفوا بهذه الأحجار ثم ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم ، ويعرضوا علينا نصرهم . ص90

    المصدر:
    مجمع البيان 6/318


    قال الصادق (ع) : إنّ إبراهيم (ع) كان نازلاً في بادية الشام ، فلما وُلِد له من هاجر إسماعيل (ع) اغتمّت سارة من ذلك غمّا شديداً ، لأنه لم يكن له منها ولدٌ ، وكانت تؤذي إبراهيم في هاجر فتغمّه ، فشكا إبراهيم ذلك إلى الله عزّ وجلّ ، فأوحى الله إليه :
    إنما مثَل المرأة مثل الضلع العوجاء إن تركتها استمتعت بها ، وإن أقمتها كسرتها ، ثم أمره أن يخرج إسماعيل (ع) وأمه عنها ، فقال : يا ربّ !.. إلى أي مكان ؟.. قال : إلى حرمي وأمني ، وأول بقعةٍ خلقتها من الأرض وهي مكة .. فأنزل الله عليه جبرائيل بالبراق ، فحمل هاجر وإسماعيل وإبراهيم (ع) وكان إبراهيم لا يمرّ بموضعٍ حسن فيه شجرٌ ونخلٌ وزرعٌ إلا وقال :
    يا جبرائيل !.. إلى ههنا إلى ههنا !.. فيقول جبرائيل : لا، امضِ امضِ !.. حتى وافى به مكة ، فوضعه في موضع البيت ، وقد كان إبراهيم (ع) عاهد سارة أن لا ينزل حتى يرجع إليها ، فلما نزلوا في ذلك المكان كان فيه شجرٌ ، فألقت هاجر على ذلك الشجر كساء كان معها فاستظلّوا تحته .
    فلما سرّحهم إبراهيم ووضعهم وأراد الانصراف عنهم إلى سارة قالت له هاجر : يا إبراهيم !.. لِمَ تدعنا في موضع ليس فيه أنيسٌ ولا ماءٌ ولا زرعٌ ؟.. فقال إبراهيم : الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان هو يكفيكم ، ثم انصرف عنهم ، فلما بلغ كدى - وهو جبل بذي طوى - التفت إليهم إبراهيم فقال :
    { ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلوة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلّهم يشكرون } .
    ثم مضى وبقيت هاجر ، فلما ارتفع النهار عطش إسماعيل وطلب الماء ، فقامت هاجر في الوادي في موضع المسعى فنادت : هل في الوادي من أنيس ؟.. فغاب إسماعيل عنها ، فصعدت على الصفا ، ولمع لها السراب في الوادي وظنّت أنه ماء ، فنزلت في بطن الوادي ، وسعت فلما بلغت المسعى غاب عنها إسماعيل ، ثم لمع لها السراب في ناحية الصفا ، فهبطت إلى الوادي تطلب الماء ، فلما غاب عنها إسماعيل عادت حتى بلغت الصفا ، فنظرت حتى فعلت ذلك سبع مرات ، فلما كان في الشوط السابع وهي على المروة ، نظرت إلى إسماعيل وقد ظهر الماء من تحت رجليه ، فعَدت حتى جمعت حوله رملاً فإنه كان سائلا فزمّته بما جعلته حوله ، فلذلك سميت زمزم ، وكان جرهم نازلةً بذي المجاز وعرفات .
    فلما ظهر الماء بمكة عكفت الطير والوحش على الماء ، فنظرت جرهم إلى تعكّف الطير على ذلك المكان ، واتبعوها حتى نظروا إلى امرأة وصبي نازلين في ذلك الموضع قد استظلاّ بشجرة وقد ظهر الماء لهما ، فقالوا لهاجر : مَن أنت ؟.. وما شأنك وشأن هذا الصبي ؟.. قالت : أنا أم ولد إبراهيم خليل الرحمن وهذا ابنه ، أمره الله أن ينزلنا ههنا ، فقالوا لها : فتأذنين لنا أن نكون بالقرب منكم ؟.. قالت لهم : حتى يأتي إبراهيم (ع) .
    فلما زارهم إبراهيم يوم الثالث قالت هاجر : يا خليل الله !.. إنّ ههنا قوماً من جرهم يسألونك أن تأذن لهم حتى يكونوا بالقرب منا ، أفتأذن لهم في ذلك ؟.. فقال إبراهيم : نعم ، فأذنت هاجر لجرهم ، فنزلوا بالقرب منهم وضربوا خيامهم ، فأنستْ هاجر و إسماعيل بهم .
    فلما زارهم إبراهيم في المرة الثالثة ، نظر إلى كثرة الناس حولهم فسُرّ بذلك سروراً شديداً ، فلما ترعرع إسماعيل (ع) وكانت جرهم قد وهبوا لإسماعيل كل واحد منهم شاة وشاتين وكانت هاجر واسماعيل يعيشان بها ، فلما بلغ إسماعيل مبلغ الرجال أمر الله إبراهيم (ع) أن يبني البيت فقال : يا ربّ !.. في أية بقعة ؟.. قال : في البقعة التي أُنزلت على آدم القبة فأضاء لها الحرم ، فلم تزل القبة التي أنزلها الله على آدم قائمةً حتى كان أيام الطوفان أيام نوح (ع) ، فلما غرقت الدنيا رفع الله تلك القبة وغرقت الدنيا إلا موضع البيت ، فسُمّيت البيت العتيق لأنه أُعتق من الغرق.
    فلما أمر الله عزّ وجلّ إبراهيم أن يبني البيت ، لم يدر في أي مكان يبنيه ، فبعث الله جبرائيل (ع) فخطّ له موضع البيت ، فأنزل الله عليه القواعد من الجنة ، وكان الحجر الذي أنزله الله على آدم أشدّ بياضاً من الثلج ، فلما مسّته أيدي الكفار اسوّد ، فبنى إبراهيم البيت ، ونقل إسماعيل الحجر من ذي طوى فرفعه في السماء تسعة أذرع ، ثم دلّه على موضع الحجر ، فاستخرجه إبراهيم ووضعه في موضعه الذي هو فيه الآن ، وجعل له بابين :
    باباً إلى المشرق ، وباباً إلى المغرب ، والباب الذي إلى المغرب يُسمّى المستجار ، ثم ألقى عليه الشجر والأذخر ، وعلّقت هاجر على بابه كساءً كان معها ، وكانوا يكونون تحته ، فلما بناه وفرغ منه حجّ إبراهيم وإسماعيل ونزل عليهما جبرائيل يوم التروية لثمان من ذي الحجة فقال : يا إبراهيم !.. قم فارتو من الماء لأنه لم يكن بمنى وعرفات ماء ، فسُمّيت التروية لذلك .... الخبر .ص100

    المصدر:
    تفسير القمي ص51


    قال الصادق (ع) : لما أمر الله عزّ وجلّ إبراهيم وإسماعيل (ع) ببنيان البيت و تم بناؤه ، أمره أن يصعد ركناً ثم ينادي في الناس :
    ألا هلمّ الحجّ !.. فلو نادى هلمّوا إلى الحجّ لم يحجّ إلا من كان يومئذ إنسيا مخلوقاً ، ولكن نادى هلمّ الحجّ ، فلبّى الناس في أصلاب الرجال :
    لبيك داعي الله !.. لبيك داعي الله !.. فمن لبّى عشراً حجّ عشراً ، ومَن لبّى خمساً حجّ خمساً ، ومن لبّى أكثر فبعدد ذلك ، ومن لبّى واحداً حجّ واحداً ، ومَن لم يلبِّ لم يحجّ . ص105

    المصدر:
    العلل ص145


    قال الباقر (ع) : إنّ الله جلّ جلاله لما أمر إبراهيم ينادي في الناس بالحجّ ، قام على المقام فارتفع به حتى صار بازاء أبي قبيس ، فنادى في الناس بالحجّ ، فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى أن تقوم الساعة . ص106

    المصدر:
    العلل ص144


    قال الصادق (ع) : صار السعي بين الصفا والمروة ، لأنّ إبراهيم (ع) عرض له إبليس ، فأمره جبرائيل (ع) فشدّ عليه ، فهرب منه فجرت به السنّة ، يعني به الهرولة . ص108

    المصدر:
    العلل ص149


    سئل الصادق (ع) : لِمَ جُعل السعي بين الصفا والمروة ؟.. قال : لأنّ الشيطان تراءى لإبراهيم (ع) في الوادي فسعى ، وهو منازل الشيطان.ص108

    المصدر:
    العلل ص149


    كتب الرضا (ع) لابن سنان : إنما سميت مِنى مِنى ، لأنّ جبرائيل (ع) قال هناك : يا إبراهيم !.. تمنَّ على ربك ما شئت ، فتمنّى إبراهيم في نفسه أن يجعل الله مكان ابنه إسماعيل كبشاً يأمره بذبحه فداءً له ، فأُعطي مناه.ص108

    المصدر:
    العلل ص150 ، العيون ص242


    سئل الصادق (ع) عن عرفات لِمَ سميت عرفات ؟.. فقال : إنّ جبرائيل (ع) خرج بإبراهيم (ع) يوم عرفة ، فلما زالت الشمس قال له جبرائيل : يا إبراهيم !.. اعترف بذنبك واعرف مناسكك ، فسميت عرفات لقول جبرائيل (ع) له : اعترف ، فاعترف . ص109

    المصدر:
    العلل ص150


    سئل الكاظم (ع) عن رمي الجمار لِمَ جُعل ؟.. قال : لأنّ إبليس اللعين كان يتراءى لإبراهيم (ع) في موضع الجمار ، فرجمه إبراهيم فجرت السنّة بذلك.ص110

    المصدر:
    العلل ص150


    سئل الصادق (ع) عن الحجر : أمن البيت هو أو فيه شيءٌ من البيت ، فقال : لا ، ولا قلامة ظفر ، ولكنّ إسماعيل (ع) دفن أمه فيه فكره أن تُوطأ فحجّر عليه حجراً وفيه قبور أنبياء . ص117

    المصدر:
    فروع الكافي 1/223

    باب قصة الذبح وتعيين الذبيح

    قال الرضا (ع) : لما أمر الله عزّ وجلّ إبراهيم أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه ، تمنّى إبراهيم أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده ، وأنه لم يُؤمر بذبح الكبش مكانه ، ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعزّ ولده عليه بيده ، فيستحقّ بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا إبراهيم !.. مَن أحبّ خلقي إليك ؟.. فقال : يا ربّ !.. ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ من حبيبك محمد ، فأوحى الله إليه : أفهو أحبّ إليك أم نفسك ؟..
    قال : بل هو أحبّ إليّ من نفسي ، قال : فولده أحبّ إليك أم ولدك ؟.. قال : بل ولده ، قال : فذبْحُ ولده ظلماً على أيدي أعدائه أوجع لقلبك ، أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي ؟.. قال : يا ربّ !.. بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي ، قال : يا إبراهيم !.. فإنّ طائفة تزعم أنها من أمّة محمد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلماً وعدواناً كما يُذبح الكبش ، ويستوجبون بذلك سخطي .
    فجزع إبراهيم لذلك وتوجّع قلبه وأقبل يبكي ، فأوحى الله عزّ وجلّ :
    يا إبراهيم !.. قد فديتُ جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك ، بجزعك على الحسين وقتله ، وأوجبتُ لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب ، وذلك قول الله عزّ وجلّ : { وفديناه بذبح عظيم } . ص125

    المصدر:
    الخصال 1/30


    قال الصادق (ع) : فانطلق به إلى موضع الجمرة الوسطى فاستشار ابنه وقال كما حكى الله : { يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى } ، فقال الغلام كما ذكر الله : امض لما أمرك الله به ، { يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين } ، وسلّما لأمر الله وأقبل شيخ فقال : يا إبراهيم ما تريد من هذا الغلام ؟!..
    قال : أريد أن أذبحه ، فقال : سبحان الله !.. تذبح غلاماً لم يعصِ الله طرفةَ عين ، فقال إبراهيم : إنّ الله أمرني بذلك ، فقال : ربك ينهاك عن ذلك ، وإنما أمرك بهذا الشيطان ، فقال له إبراهيم : ويلك !.. إنّ الذي بلّغني هذا المبلغ ، هو الذي أمرني به والكلام الذي وقع في أذني ، فقال : لا والله ما أمرك بهذا إلا الشيطان ، فقال إبراهيم : لا والله لا أكلّمك ، ثم عزم على الذبح فقال :
    يا إبراهيم !.. إنك إمام يُقتدى بك ، وإنك إن ذبحته ذبح الناس أولادهم ، فلم يكلّمه وأقبل على الغلام واستشاره في الذبح .
    فلما أسلما جميعا لأمر الله قال الغلام : يا أبتاه !.. خمّر ( أي أستر ) وجهي ، وشدّ وثاقي ، فقال إبراهيم : يا بني الوثاق مع الذبح ؟!.. لا والله لا أجمعهما عليك اليوم ، فرمى له بقرطان الحمار ، ثم أضجعه عليه ، وأخذ المدية فوضعها على حلقه ورفع رأسه إلى السماء ، ثم انتحى عليه المدية وقلب جبرائيل المدية على قفاها ، واجترّ الكبش من قِبَل ثبير ، وأثار الغلام من تحته ، ووضع الكبش مكان الغلام ، ونودي من ميسرة مسجد الخيف :
    { أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين ، إنّ هذا لهو البلاء المبين } ، ولحق إبليس بأم الغلام حين نظرت إلى الكعبة في وسط الوادي بحذاء البيت ، فقال لها : ما شيخ رأيته ؟.. قالت : ذاك بعلي ، قال : فوصيف رأيته معه ؟.. قالت : ذاك ابني ، قال : فإني رأيته وقد أضجعه وأخذ المدية ليذبحه ، فقالت : كذبت إنّ إبراهيم أرحم الناس ، كيف يذبح ابنه ؟!.. قال : فوربّ السماء والأرض وربّ هذا البيت لقد رأيته أضجعه وأخذ المدية ، فقالت : ولِمَ ؟.. قال : زعم أنّ ربه أمره بذلك ، قالت : فحقّ له أن يطيع ربه....الخبر.ص127

    المصدر:
    تفسير القمي


    *

    المصدر:

    بيــان:
    قال الطبرسي رحمه الله : { فلما بلغ معه السعي } أي شبّ حتى بلغ سعيه سعي إبراهيم ، والمعنى : بلغ إلى أن يتصرّف ويمشي معه ويعينه على أموره ، قالوا : وكان يومئذ ابن ثلاث عشرة سنة ·
    وقيل : يعني بالسعي العمل لله والعبادة ، { إني أرى في المنام } أي أبصرت في المنام رؤيا ، تأويلها الأمر بذبحك ، فانظر ماذا تراه من الرأي ، والأولى أن يكون الله تعالى قد أوحى إليه في اليقظة ، بأن يمضي ما يأمره به في حال نومه من حيث أنّ منامات الأنبياء لا تكون إلا صحيحة ، { فلما أسلما } أي استسلما لأمر الله ورضيا به ، { وتله للجبين } أي أضجعه على جبينه ·
    وقيل : وضع جبينه على الأرض لئلا يرى وجهه فتلحقه رقّة الآباء ، وروي أنه قال : اذبحني وأنا ساجدٌ لا تنظر إلى وجهي فعسى أن ترحمني { قد صدقت الرؤيا } أي فعلت ما أُمرت به في الرؤيا ، { إن هذا لهو البلاء المبين } أي الامتحان الظاهر والاختبار الشديد ، أو النعمة الظاهرة { وفديناه بذبح عظيم } الذبح هو المذبوح ، فقيل : كان كبشاً من الغنم ، قال ابن عباس : هو الكبش الذي تُقبّل من هابيل حين قرّبه ·
    وقيل : فُدي بوعل أُهبط عليه من ثبير ، وسمي عظيماً لأنه كان مقبولاً أو لأنّ قدر غيره من الكباش يصغر بالإضافة إليه ، وقيل : لأنه رعى في الجنة أربعين خريفا ، وقيل : لأنه كان من عند الله كونه ولم يكن عن نسل ، وقيل : لأنه فداء عبد عظيم · ص122


    *

    المصدر:

    بيــان:
    قال الصدوق رحمه الله : قد اختلفت الروايات في الذبيح ، فمنها ما ورد بأنه إسماعيل ، ومنها ما ورد بأنه إسحاق ، ولا سبيل إلى ردّ الأخبار متى صحّ طرقها ، وكان الذبيح إسماعيل ، لكن إسحاق لما ولد بعد ذلك تمنّى أن يكون هو الذي أُمر أبوه بذبحه ، فكان يصبر لأمر الله ويسلم له كصبر أخيه وتسليمه ، فينال بذلك درجته في الثواب ، فعلم الله عزّ وجلّ ذلك من قلبه ، فسمّه بين ملائكته ذبيحاً لتمنيّه لذلك · ص123


    *

    المصدر:

    بيــان:
    وقول النبي (ص) : ( أنا ابن الذبيحين ) يؤيد ذلك ، لأنّ العمّ قد سماه الله عزّ وجلّ أباً في قوله : { أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق } ، وكان إسماعيل عمّ يعقوب فسمّاه الله في هذا الموضع أباً ، وقد قال النبي (ص) : ( العم والد ) ، فعلى هذا الأصل أيضاً يطّرد قول النبي (ص) : ( أنا ابن الذبيحين ) أحدهما ذبيحٌ بالحقيقة ، والآخر ذبيحٌ بالمجاز ، واستحقاق الثواب على النيّة والتمني ، فالنبي (ص) هو ابن الذبيحين من وجهين على ما ذكرناه · ص124

    باب قصص لوط (ع) وقومه

    قال الصادق (ع) في قوله { وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة } : ما من عبدٍ يخرج من الدنيا يستحلّ عمل قوم لوط إلا رمى الله كبده من تلك الحجارة ، يكون منيته فيها ، ولكن الخلق لا يرونه . ص160

    المصدر:
    تفسير القمي ص313


    قال رسول الله (ص) : مَن ألحّ في وطي الرجال ، لم يمت حتى يدعو الرجال إلى نفسه . ص166

    المصدر:


    سئل علي (ع) : أيؤتى النساء في أدبارهن ؟.. فقال : سفلْت سفل الله بك ، ما سمعت الله يقول : { أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين } . ص167

    المصدر:
    تفسير العياشي

    باب قصص ذي القرنين

    قال رسول الله (ص) : إنّ ذا القرنين كان عبداً صالحاً ، جعله الله حجةً على عباده ، فدعا قومه إلى الله عزّ وجلّ ، وأمرهم بتقواه فضربوه على قرنه ، فغاب عنهم زماناً حتى قيل : مات أو هلك ، بأي واد سلك ؟.. ثم ظهر ورجع إلى قومه فضربوه على قرنه الآخر .
    ألا وفيكم مَن هو على سنّته ، وإنّ الله عزّ وجلّ مكّن له في الأرض ، وآتاه من كل شيء سبباً ، وبلغ المشرق والمغرب ، وإنّ الله تبارك وتعالى سيجري سنّته في القائم من ولدي ، ويبلّغه شرق الأرض وغربها حتى لا يبقى سهلٌ ولا موضع من سهل ولا جبل وطئه ذو القرنين إلا وطئه ، ويُظهر الله له كنوز الأرض ومعادنها ، وينصره بالرعب ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً . ص195

    المصدر:
    إكمال الدين ص220

    باب قصص يعقوب ويوسف على نبينا وآله وعليهما الصلاة والسلام
    قال علي بن إبراهيم : فقال لاوي : ألقوه في هذا الجبّ يلتقطه بعض السيّارة إن كنتم فاعلين ، فأدنوه من رأس الجبّ فقالوا له : انزع قميصك ، فبكى فقال : يا إخوتي تجّردوني ؟!.. فسلّ واحد منهم عليه السكين فقال : لئن لم تنزعه لأقتلنّك ، فنزعه فدلّوه في اليم وتنحّوا عنه ، فقال يوسف في الجبّ :
    " يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ارحم ضعفي وقلة حيلتي وصغري " فنزلت سيّارةٌ من أهل مصر فبعثوا رجلا ليستقي لهم الماء من الجبّ ، فلما أدلى الدلو على يوسف تشبّث بالدلو فجرّوه ، فنظروا إلى غلام من أحسن الناس وجهاً فعدوا إلى صاحبهم فقالوا : { يا بشرى هذا غلام } فنخرجه ونبيعه ونجعله بضاعةً لنا ، فبلغ إخوته فجاءوا فقالوا : هذا عبدٌ لنا أبق ، ثم قالوا ليوسف : لئن لم تقرّ بالعبودية لنقتلنّك ، فقالت السيّارة ليوسف :
    ما تقول ؟..
    قال : أنا عبدهم ، فقالت السيارة : فتبيعوه منا ؟.. قالوا : نعم ، فباعوه منهم على أن يحملوه إلى مصر ، { وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين } ، قال : الذي بيع بها يوسف ثمانية عشر درهما ، وكان عندهم كما قال الله : { وكانوا فيه من الزاهدين } . ص222
    المصدر:
    تفسير القمي ص317
    قال الرضا (ع) في قول الله { وشروه بثمن بخس دراهم معدودة }: كانت عشرين درهما .ص222
    المصدر:
    تفسير القمي ص317
    بيــان:
    والبخس : النقص ، وهي قيمة كلب الصيد إذا قُتل ، كان قيمته عشرين درهما . ص222
    قال الصادق (ع) : إنّ يوسف أتاه جبرائيل (ع) فقال له :
    يا يوسف !.. إنّ رب العالمين يقرئك السلام ويقول لك : مَن جعلك أحسن خلقه ؟.. فصاح ووضع خده على الأرض ثم قال : أنت يا ربّ !..
    ثم قال له : ويقول لك : مَن حبّبك إلى أبيك دون إخوتك ؟.. فصاح ووضع خده على الأرض وقال : أنت يا ربّ !..
    قال : ويقول لك : مَن أخرجك من الجبّ بعد أن طرحت فيها وأيقنت بالهلكة ؟.. فصاح ووضع خده على الأرض ثم قال : أنت يا ربّ !..
    قال : فإنّ ربك قد جعل لك عقوبةً في استغاثتك بغيره ، فالبث في السجن بضع سنين ، فلما انقضت المدة وأذن الله له في دعاء الفرج وضع خده على الأرض ثم قال :
    " اللهم !.. إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك ، فإني أتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين : إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب " ، ففرّج الله عنه .
    قلت : جعلت فداك !.. أندعو نحن بهذا الدعاء ؟.. فقال : ادع بمثله :
    اللهم !.. إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك ، فإني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، والأئمة (ع) . ص231
    المصدر:
    تفسير القمي ص321
    بيــان:
    قال الطبرسي - قدس الله روحه - بعد نقل أمثال هذه الرواية : والقول في ذلك أن الاستعانة بالعباد في دفع المضارّ ، والتخلص من المكاره جائزٌ غير منكر ولا قبيح ، بل ربما يجب ، وكان نبينا يستعين فيما ينوبه بالمهاجرين والأنصار وغيرهم ، ولو كان قبيحاً لم يفعله ، فلو صحّت هذه الروايات فإنما عوتب (ع) على ترك عادته الجميلة في الصبر ، والتوكّل على الله سبحانه في كل أموره دون غيره وقتاً ما وابتلاءً وتشديداً ، وإنما كان يكون قبيحاً لو ترك التوكّل على الله سبحانه واقتصر على غيره ، وفي هذا ترغيب في الاعتصام بالله والاستعانة به دون غيره في الشدائد ، وإن جاز أيضا أن يستعان بغيره . ص231 قوله :{ لا تدخلوا من باب واحد } المشهور بين المفسرين أنه إنما قال ذلك لما خاف عليهم من العين ، وقيل : لما اشتهروا بمصر بالحسن والجمال وإكرام الملِك لهم ، خاف عليهم حسد الناس ، وقيل : لم يأمن عليهم من أن يخافهم الملِك فيحبسهم .
    وقيل : أنه (ع) كان عالماً بأنّ ملك مصر ولده يوسف ، إلا أنّ الله تعالى لم يأذن له في إظهار ذلك ، فلما بعث أبناءه إليه قال : { لا تدخلوا من باب واحد } ، وكان غرضه أن يصل بنيامين إلى يوسف في وقت الخلوة ثم إن العبد لما كان مأموراً بملاحظة الأسباب وعدم الاعتماد عليها والتوكّل على الله ، قال أولاً ما يلزمه من الحزم والتدبير .
    ثم تبرّأ عن الاعتماد على الأسباب بقوله : { وما أغنى عنكم من الله من شيء } ، ثم إنه تعالى صدّقه على ما ذكره من عدم الاعتماد على الأسباب بقوله تعالى : { ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم } أي من أبواب متفرقة في البلد ، { ما كان يغني عنهم } رأي يعقوب واتباعهم له { من الله من شيء } مما قضاه عليهم كما قال يعقوب ، فأخذ بنيامين بوجدان الصواع في رحله ، وتضاعفت المصيبة على يعقوب . ص238
    قال الرضا (ع) : قال السجّان ليوسف : إني لأحبُّك ، فقال يوسف :
    ما أصابني إلا من الحبّ .. إن كان خالتي أحبتني سرقتني ، وإن كان أبي أحبّني فحسدوني إخوتي .. وإن كانت امرأة العزيز أحبتني فحبستني .
    وشكا يوسف في السجن إلى الله ، فقال : يا ربّ !.. بماذا استحققتُ السجن ؟.. فأوحى الله إليه : أنت اخترته حين قلت :
    { رب السجن أحبّ إليّ مما يدعونني إليه } ، هلا قلت : العافية أحبّ إليّ مما يدعونني إليه ؟!.. ص247
    المصدر:
    تفسير القمي ص330
    فنزل عليه جبرائيل فقال له :
    يا يوسف !.. أَخرجْ يدك ، فأخرجها فخرج من بين أصابعه نورٌ ، فقال يوسف : ما هذا يا جبرائيل ؟!.. فقال : هذه النبوة أخرجها الله من صلبك ، لأنك لم تقم إلى أبيك ، فحطّ الله نوره ، ومحا النبوة من صلبه ، وجعلها في ولد لاوي أخي يوسف ، وذلك لأنهم لما أرادوا قتل يوسف قال :
    { لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب } ، فشكر الله له ذلك ، ولما أرادوا أن يرجعوا إلى أبيهم من مصر وقد حبس يوسف أخاه ، قال : { لن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين } ، فشكر الله له ذلك ، فكان أنبياء بني إسرائيل من ولد لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (ع) ، وكان موسى من ولده وهو موسى بن عمران بن يهصر بن واهيث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم .
    فقال يعقوب لابنه : يا بني !.. أخبرني ما فعل بك إخوتك حين أخرجوك من عندي ؟.. فقال : يا أبت اعفني من ذلك ، قال : أخبرني ببعضه ، فقال :
    يا أبت إنهم لما أدنوني من الجبّ قالوا : انزع قميصك ، فقلت لهم : يا إخوتي ، اتقوا الله ولا تجّردوني ، فسلّوا عليّ السكين وقالوا : لئن لم تنزع لنذبحنّك ، فنزعت القميص ، وألقوني في الجبّ عريانا ، فشهق يعقوب شهقةً وأُغمي عليه ، فلما أفاق قال : يا بني !.. حدثني ، فقال : يا أبت !.. أسألك بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب إلا أعفيتني فأعفاه .
    ولما مات العزيز وذلك في السنين الجدبة ، افتقرت امرأة العزيز واحتاجت حتى سألت الناس ، فقالوا لها : ما يضرّك لو قعدت للعزيز - وكان يوسف سميّ العزيز - فقالت : أستحيي منه ، فلم يزالوا بها حتى قعدت له ، فأقبل يوسف في موكبه فقامت إليه وقالت : سبحان الذي جعل الملوك بالمعصية عبيداً ، وجعل العبيد بالطاعة ملوكاً ، فقال لها يوسف : أنتِ هاتيك ؟.. فقالت : نعم - وكانت اسمها زليخا - فأمر بها وحُوّلت إلى منزله وكانت هرمة ، فقال لها يوسف : ألست فعلتِ بي كذا وكذا ؟.. فقالت : يا نبي الله !.. لا تلمني فإني بليت بثلاثة لم يبل بها أحدٌ ، قال : وما هي ؟..
    قالت : بُليت بحبك ولم يخلق الله في الدنيا لك نظيرا ، وبُليت بأنه لم يكن بمصر امرأةً أجمل مني ولا أكثر مالاً مني نزع عني ، وبُليت بزوج عنّين ، فقال لها يوسف : فما حاجتكِ ؟.. قالت : تسأل الله أن يردّ عليّ شبابي ، فسأل الله فردّ عليها شبابها فتزوجها وهي بكر . ص253
    المصدر:
    تفسير القمي ص333
    قال الباقر (ع) في قوله تعالى { قد شغفها حبّا} : قد حجبها حبه عن الناس ، فلا تعقل غيره . ص253
    المصدر:
    تفسير القمي ص333
    بيــان:
    المشهور بين المفسرين واللغويين أنّ المراد شقّ شغاف قلبها ، وهو حجابه حتى وصل إلى فؤادها . ص253
    قيل للصادق (ع) : ما كان دعاء يوسف (ع) في الجبّ ؟.. فإنا قد اختلفنا فيه ، فقال : إنّ يوسف (ع) لما صار في الجب وآيس من الحياة قال :
    " اللهم !.. إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك ، فلن ترفع لي إليك صوتاً ، ولن تستجيب لي دعوةً ، فإني أسألك بحقّ الشيخ يعقوب فارحم ضعفه ، واجمع بيني وبينه ، فقد علمت رقته عليّ وشوقي إليه ".. ثم بكى الصادق (ع) ثم قال وأنا أقول :
    " اللهم !.. إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك ، فلن ترفع لي إليك صوتا ، فإني أسألك بك فليس كمثلك شيء ، وأتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة ، يا الله !.. يا الله !.. يا الله !.. يا الله !.. يا الله !.. ".
    ثم قال الصادق (ع) : قولوا هذا وأكثروا منه ، فإني كثيراً ما أقوله عند الكرب العظام . ص256
    المصدر:
    أمالي الصدوق ص242
    قال الصادق (ع) : البكّاؤون خمسة : آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد (ص) وعلي بن الحسين (ع) ..
    فأما آدم فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الأودية ..
    وأما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره وحتى قيل له : { تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين } ..
    وأما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذّى به أهل السجن ، فقالوا له : إما أن تبكي الليل وتسكت بالنهار ، وإما أن تبكي النهار وتسكت بالليل ، فصالحهم على واحدة منهما ..
    وأما فاطمة فبكت على رسول الله (ص) حتى تأذّى به أهل المدينة ، فقالوا لها : قد آذيتنا بكثرة بكائك ، فكانت تخرج إلى المقابر - مقابر الشهداء - فتبكي حتى تنقضي حاجتها ثم تنصرف ..
    وأما علي بن الحسين (ع) فبكى على الحسين عشرين سنة أو أربعين سنة ، ما وُضِع بين يديه طعامٌ إلا بكى حتى قال له مولى له : جعلت فداك يا بن رسول الله !.. إني أخاف عليك أن تكون من الجاهلين ، قال : { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون } إني ما أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك عبرة . ص264
    المصدر:
    الخصال 1/131
    قال الصادق (ع) : إنّ يعقوب لما ذهب منه بنيامين نادى : يا رب !.. أما ترحمني ؟.. أذهبتَ عيني ّ، وأذهبتَ ابنيّ ، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : لو أمتهما لأحييتهما حتى أجمع بينك وبينهما ، ولكن أما تذكر الشاة ذبحتها وشويتها ، وأكلت وفلان إلى جنبك صائمٌ لم تنله منها شيئا ؟..
    قال ابن أسباط : قال يعقوب : حدّثني الميثمي ، عن أبي عبد الله (ع) : أنّ يعقوب بعد ذلك كان ينادي مناديه كل غداة من منزله على فرسخ : ألا من أراد الغداء فليأت آل يعقوب ، وإذا أمسى نادى : ألا مَن أراد العشاء فليأت آل يعقوب.ص265
    المصدر:
    المحاسن ص399
    قال الصادق (ع) : جاء رجلٌ إلى رسول الله (ص) فقال : يا نبي الله !.. إنّ لي ابنة عم قد رضيتُ جمالها وحسنها ودينها ولكنها عاقر ، فقال : لا تتزوجها !.. إنّ يوسف بن يعقوب لقي آخاه فقال :
    يا أخي !..كيف استطعت أن تتزوج النساء بعدي ؟.. فقال : إنّ أبي أمرني وقال : إن استطعت أن تكون لك ذرية تُثقل الأرض بالتسبيح فافعل . ص266
    المصدر:
    فروع الكافي 2/6
    قال رسول الله (ص) : خير وقتٍ دعوتم الله فيه الأسحار ، وتلا هذه الآية في قول يعقوب (ع) :
    { سوف أستغفر لكم ربي } ، فقال : أخرّهم إلى السحر.ص266
    المصدر:
    أصول الكافي 2/477
    لما قدم يعقوب (ع) خرج يوسف (ع) فاستقبله في موكبه ، فمرّ بامرأة العزيز وهي تعبد في غرفة لها ، فلما رأته عرفته فنادته بصوت حزين : أيها الذاهب طالما أحزنتني !.. ما أحسن التقوى ، كيف حرّر العبيد ؟! وأقبح الخطيئة ، كيف عبّدت الأحرار ؟! .. 270
    المصدر:
    أمالي الطوسي ص292
    قال الصادق (ع) : استأذنت زليخا على يوسف فقيل لها : يا زليخا !.. إنا نكره أن نقدم بك عليه لما كان منك إليه ، قالت : إني لا أخاف مَن يخاف الله ، فلما دخلت قال لها : يا زليخا !.. ما لي أراك قد تغيّر لونك ؟.. قالت : الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيداً ، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكاً ، قال لها : يا زليخا !.. ما الذي دعاك إلى ما كان منك ؟..
    قالت : حُسن وجهك يا يوسف !.. فقال : كيف لو رأيت نبياً يقال له محمد يكون في آخر الزمان ، أحسن مني وجها ، وأحسن مني خلقاً ، وأسمح مني كفّاً ؟.. قالت : صدقت ، قال : وكيف علمت أني صدقت ؟.. قالت : لأنك حين ذكرته وقع حبّه في قلبي ، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى يوسف : أنها قد صدقتْ ، وإني قد أحببتها لحبّها محمداً (ص) ، فأمره الله تبارك وتعالى أن يتزوجها . ص282
    المصدر:
    العلل ص30
    قال الباقر (ع) : أي شيء يقول الناس في قول الله عزّ وجلّ : { لولا أن رأى برهان ربه } ؟.. قلت : يقولون : رأى يعقوب عاضّاً على إصبعه ، فقال : لا ، ليس كما يقولون ، فقلت : فأي شيء رأى ؟.. قال : لما همّت به وهمّ بها قامت إلى صنم معها في البيت فألقت عليه ثوباً ، فقال لها يوسف : ما صنعت ؟.. قالت : طرحت عليه ثوباً أستحي أن يرانا ، فقال يوسف : فأنت تستحين من صنمك ، وهو لا يسمع ولا يبصر ولا أستحي أنا من ربي ؟..ص301
    المصدر:
    تفسير العياشي
    قال الصادق (ع) : جاء جبرائيل إلى يوسف في السجن ، قال : قل في دبر كلّ صلاة فريضة : " اللهم !.. اجعل لي فرجاً ومخرجاً ، وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب " . ص301
    المصدر:
    تفسير العياشي
    لما قال للفتى : { اذكرني عند ربك } أتاه جبرائيل فضربه برجله حتى كشط له عن الأرض السابعة ، فقال له : يا يوسف !.. انظر ماذا ترى ؟.. قال : أرى حجراً صغيراً ، ففلق الحجر فقال : ماذا ترى ؟.. قال : أرى دودةً صغيرةً ، قال : فمَن رازقها ؟..
    قال : الله ، قال : فإنّ ربك يقول : لم أنسَ هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الأرض السابعة ، أظننت أني أنساك حتى تقول للفتى : اذكرني عند ربك ؟.. لتلبثنّ في السجن بمقالتك هذه بضع سنين ، فبكى يوسف عند ذلك حتى بكى لبكائه الحيطان ، فتأذى به أهل السجن فصالحهم على أن يبكي يوماً ويسكت يوماً ، وكان في اليوم الذي يسكت أسوأ حالاً . ص303
    المصدر:
    تفسير العياشي
    *
    المصدر:
    بيــان:
    مسألة : فإن قال : فلِمَ أسرف يعقوب (ع) في الحزن والتهالك وترك التماسك حتى ابيّضت عيناه من البكاء ؟.. ومن شأن الأنبياء التجلّد والتصبر وتحمل الأثقال ، ولولا هذه الحال ما عظمت منازلهم وارتفعت درجاتهم.
    الجواب : قيل له : إنّ يعقوب (ع) بُلي وامتُحن في ابنه بما لم يُمتحن به أحدٌ قبله ، لأنّ الله تعالى رزقه من يوسف أحسن الناس وأجملهم وأكملهم علماً وفضلاً وأدباً وعفافاً ، ثم أُصيب به أعجب مصيبة وأطرفها ، لأنه لم يمرض بين يديه مرضاً يؤول إلى الموت فيسلّيه عنه تمريضه له ثم يئس منه بالموت ، بل فقده فقداً لا يقطع معه على الهلاك فييأس ، ولا يجد أمارةً على حياته وسلامته فيرجو ويطمع ، فكان متردّد الفكر بين يأس وطمع ، وهذا أغلظ ما يكون على الإنسان وأنكى لقلبه .
    وقد يرد على الإنسان من الحزن ما لا يملك ردّه ولا يقوى على دفعه ، ولهذا لم يكن أحدٌ منهياً عن مجرد الحزن والبكاء ، وإنما نُهي عن اللطم والنوح وأن يُطلق لسانه بما سخط ربه ، وقد بكى نبينا (ص)على ابنه إبراهيم عند وفاته وقال : " العين تدمع ، والقلب يخشع ، ولا نقول ما يسخط الرب " وهو عليه الصلاة والسلام القدوة في جميع الآداب والفضائل ، على أنّ يعقوب (ع) إنما أبدى من حزنه يسيرا من كثير ، وكان ما يخفيه ويتصبر عليه ويغالبه أكثر وأوسع مما أظهره ، وبعد فإنّ التجلّد على المصائب وكظم الحزن من المندوب إليه ، وليس بواجب لازم وقد يعدل الأنبياء (ع) عن كثير من المندوبات . ص325
    *
    المصدر:
    بيــان:
    قد حقّقنا في بعض كتبنا أنّ محبة المقرّبين لأولادهم وأقربائهم وأحبائهم ليست من جهة الدواعي النفسانية والشهوات البشرية ، بل تجرّدوا عن جميع ذلك ، وأخلصوا حبّهم وودهم وإرادتهم لله ، فهم ما يحبون سوى الله تعالى ، وحبّهم لغيره تعالى إنما يرجع إلى حبّهم له ، ولذا لم يحبّ يعقوب (ع) من سائر أولاده مثل ما أحبّ يوسف (ع) ، وهم لجهلهم بسبب حبّه له نسبوه إلى الضلال وقالوا : نحن عصبةٌ ونحن أحقّ بأن نكون محبوبين له ، لأنا أقوياء على تمشية ما يريده من أمور الدنيا·
    ففرطُ حبّه ليوسف إنما كان لحبّ الله تعالى له واصطفائه إياه ، ومحبوبُ المحبوب محبوبٌ ، فإفراطه في حبّ يوسف لا ينافي خلوص حبّه لربه ، ولا يُخلُّ بعلو قدره ومنزلته عند سيده ، وسيأتي الكلام في ذلك على وجه أبسط في محلّه ، وفيما أو ردته كفاية لأولي الألباب · ص325
    المقام الثاني في الكلام على هذه الآية أن نقول : سلّمنا أنّ الهمّ قد حصل ، إلا أنا نقول : إن قوله : { وهمّ بها } لا يمكن حمله على ظاهره ، لأنّ تعليق الهمّ بذات المرأة محال ، لأنّ الهمّ من جنس القصد ، والقصد لا يتعلق بالذوات الباقية ، فثبت أنه لا بدّ من إضمار فعل مخصوص يجعل متعلق ذلك الهمّ ، وذلك الفعل غير مذكور ، فهم زعموا أنّ ذلك المضمر هو إيقاع الفاحشة ، ونحن نضمر شيئاً آخر يغاير ما ذكروه ، وبيانه من وجوه :
    الاول : المراد أنه (ع) همّ بدفعها عن نفسه ومنعها من ذلك القبيح ، لأنّ الهمّ هو القصد ، فوجب أن يحمل في حقّ كلّ واحدٍ على القصد الذي يليق به ، فاللائق بالمرأة القصد إلى تحصيل اللذّة والتنعم والتمتع ، واللائق بالرسول المبعوث إلى الخلق القصد إلى زجر العاصي عن معصيته وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، يقال : هممت بفلان أي بضربه ودفعه ·····
    الوجه الثاني في الجواب : أن نفسّر الهمّ بالشهوة ، وهذا مستعملٌ في اللغة الشائعة ، يقول القائل فيما لا يشتهيه : ما يهمّني هذا ، وفيما يشتهيه : هذا أهمّ الأشياء إليّ ، فسمى الله تعالى شهوة يوسف همّاً ، فمعنى الآية : ولقد اشتهته واشتهاها ولولا أن رأى برهان ربه لدخل ذلك العمل في الوجود ·
    الثالث : أن نفسّر الهمّ بحديث النفس ، وذلك لأنّ المرأة الفائقة في الحسن والجمال إذا تزينت وتهيأت للرجل الشاب القوي فلا بدّ وأن يقع هناك بين الشهوة والحكمة ، وبين النفس والعقل مجاذباتٌ ومنازعاتٌ ، فتارة تقوى داعية الطبيعة والشهوة ، وتارة تقوى داعية العقل والحكمة ·
    فالهمّ عبارةٌ عن جواذب الطبيعة ، ورؤية البرهان عبارة عن جواذب العبودية ، ومثاله أنّ الرجل الصالح الصائم في الصيف الصائف إذا رأى الجلاّب المبرّد بالثلج ، فإنّ طبيعته تحمله على شربه ، إلا أن دينه وهداه يمنعه منه ، فهذا لا يدلّ على حصول الذنب ، بل كلما كانت هذه الحالة أشدّ ،كانت القوة في القيام بلوازم العبودية أكمل ، فقد ظهر بحمد الله صحة القول الذي ذهبنا إليه · ص332
    باب قصص أيوب (ع)

    قال الصادق (ع) : إنّ الله عزّ وجلّ يبتلي المؤمن بكلّ بليةٍ ، ويميته بكلّ ميتة ، ولا يبتليه بذهاب عقله .. أما ترى أيوب كيف سلّط إبليس على ماله وعلى ولده وعلى أهله وعلى كلّ شيء منه ولم يُسلّط على عقله ؟.. ترك له ليوحّد الله به . ص341

    المصدر:
    فروع الكافي 1/31


    قال الباقر (ع) : إنّ أيوب ابتُلي سبع سنين من غير ذنب ، وإنّ الأنبياء لا يذنبون ، لأنهم معصومون مطهّرون لا يذنبون ولا يزيغون ولا يرتكبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً ، وقال (ع) :
    إنّ أيوب من جميع ما ابتُلي به لم تنتن له رائحةٌ ، ولا قبُحت له صورة ، ولا خرجت منه مدّة من دم ولا قيح ، ولا استقذره أحدٌ رآه ، ولا استوحش منه أحدٌ شاهده ، ولا تدوّد شيءٌ من جسده .
    وهكذا يصنع الله عزّ وجلّ بجميع من يبتليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه، وإنما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره ، لجهلهم بما له عند ربّه تعالى ذكره من التأييد والفرج ، وقد قال النبي (ص) : أعظم الناس بلاءً الانبياء ، ثم الأمثل فالأمثل.... الخبر ص348

    المصدر:
    الخصال 2/34

    أبواب قصص موسى وهارون (ع) : باب نقش خاتمهما وعلل تسميتهما وفضائلهما وسننهما وبعض أحوالهما

    أوحى الله إلى موسى بن عمران (ع) : أتدري يا موسى!.. لم انتجبتك من خلقي واصطفيتك لكلامي ؟.. فقال : لا يا رب فأوحى الله إليه : إني اطّلعت إلى الأرض فلم أجد عليها أشد تواضعا لي منك ، فخر موسى ساجدا وعفّر خديه في التراب تذللا منه لربه عز وجل ، فأوحى الله إليه :
    ارفع رأسك يا موسى!.. وأمرّ يدك في موضع سجودك ، وامسح بها وجهك وما نالته من بدنك ، فإنه أمان من كل سقم وداء وآفة وعاهة . ص7

    المصدر:
    أمالي الطوسي ص103

    باب أحوال موسى (ع) من حين ولادته إلى نبوته

    قال الصادق (ع) : ألقى الله تعالى من موسى على فرعون وامرأته المحبة .. وكان فرعون طويل اللحية ، فقبض موسى عليها ، فجهدوا أن يخلصوها من يد موسى فلم يقدروا على ذلك حتى خلاّها ، فأراد فرعون قتله ، فقالت له امرأته :
    إن هنا أمرا تستبين به هذا الغلام ، ادع بجمرة ودينار فضعهما بين يديه ففعل فأهوى موسى إلى الجمرة ، ووضع يده عليها فأحرقتها ، فلما وجد حر النار وضع يده على لسانه ، فأصابته لغثة .ص46

    المصدر:
    قصص الأنبياء

    قال الصادق (ع) : إن فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يد موسى ، أمر بإحضار الكهنة فدلوه على نسبه وأنه من بني إسرائيل ، فلم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من بني إسرائيل ، حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود ، وتعذر عليه الوصول إلى قتل موسى لحفظ الله تبارك وتعالى إياه.ص47
    المصدر:
    إكمال الدين ص202
    روي أنه لما بعث الله موسى وهارون إلى فرعون قال لهما : لا يروّعكما لباسه فإن ناصيته بيدي ، ولا يعجبكما ما مُتّع به من زهرة الحياة الدنيا وزينة المسرفين ، فلو شئت زيّنتكما بزينة يعرف فرعون حين يراها أن مقدرته تعجز عنها ، ولكني أرغب بكما عن ذلك فأزوي ( أي أنحي ) الدنيا عنكما وكذلك أفعل بأوليائي ، إني لاذودهم (أي أدفعهم ) عن نعيمها ، كما يذود الراعي غنمه عن مراتع الهلكة ، وإني لأجنّبهم سلوكها ، كما يجنب الراعي الشفيق إبله من موارد الغرة ، وما ذاك لهوانهم علي ، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالما موفرا ..
    إنما يتزين لي أوليائي بالذل والخشوع والخوف الذي ينبت في قلوبهم فيظهر على أجسادهم ، فهو شعارهم ودثارهم الذي يستشعرون ، ونجاتهم التي بها يفوزون ، ودرجاتهم التي يأملون ، ومجدهم الذي به يفخرون ، وسيماهم التي بها يُعرفون ، فإذا لقيتهم يا موسى!.. فاخفض لهم جناحك ، وألنْ لهم جانبك ، وذلّل لهم قلبك ولسانك ، واعلم أنه من أخاف لي أوليائي فقد بارزني بالمحاربة ، ثم أنا الثائر لهم يوم القيامة.ص49
    المصدر:
    العدة ص113
    فاتخذت ام موسى التابوت ، وجعلت فيه قطنا محلوجا ، ووضعت فيه موسى و قيّرت رأسه وخصاصه ، ثم ألقته في النيل ، فلما فعلت ذلك وتوارى عنها ابنها أتاها الشيطان- لعنه الله - ووسوس إليها ، فقالت في نفسها : ماذا صنعتُ بابني ؟.. لو ذُبح عندي فواريته وكفّنته ، كان أحب إلي من أن القيه بيدي إلى دواب البحر ، فعصمها الله تعالى .
    وانطلق الماء بموسى يرفعه الموج مرة ويخفضه أخرى حتى أدخله بين أشجارٍ عند دار فرعون إلى فرضة ، وهي مستقى جواري آل فرعون ، وكان يشرب منها نهر كبير في دار فرعون وبستانه ، فخرجت جواري آسية يغتسلن ويسقين ، فوجدن التابوت فأخذنه وظنن أن فيه مالا ، فحملنه كهيئته حتى أدخلْنه على آسية ، فلما فتحته ورأت الغلام فألقى الله تعالى عليه محبة منها ، فرحمته آسية وأحبته حبا شديدا ، فلما سمع الذباحون أمره ، أقبلوا على آسية بشفارهم ليذبحوا الصبي ، فقالت آسية للذباحين :
    انصرفوا فإن هذا الواحد لا يزيد في بني إسرائيل ، فآتي فرعون فأستوهبه إياه فإن وهبه لي كنتم قد أحسنتم ، وإن أمر بذبحه لم ألمكم ، فأتت به وقالت : {قرة عين لي ولك لا تقتله عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا } فقال فرعون : قرة عين لك ، فأما أنا فلا حاجة لي فيه . .
    فقال رسول الله (ص) : والذي يُحلف به ، لو أقر فرعون أن يكون قرة عين كما أقرت به لهداه الله تعالى ، كما هدى به امرأته ، ولكن الله تعالى حرّمه ذلك .ص53
    المصدر:
    عرائس المجالس ص105
    باب معنى قوله تعالى : { فاخلع نعليك }

    سأل سعد بن عبدالله القائم (ع) عن قول الله تعالى لنبيه موسى : { فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى }، فإن فقهاء الفريقين يزعمون أنها كانت من إهاب الميتة ، فقال (ع) :
    من قال ذلك فقد افترى على موسى واستجهله في نبوته ، إنه ما خلا الأمر فيها من خصلتين : إما أن كانت صلاة موسى فيها جائزة أو غير جائزة ، فإن كانت جائزة فيها فجاز لموسى أن يكون يلبسها في تلك البقعة ، وإن كانت مقدسة مطهرة ، وإن كانت صلاته غير جائزة فيها فقد أوجب أن موسى لم يعرف الحلال والحرام ، ولم يعلم ما جازت الصلاة فيه مما لم تجُز وهذا كفر .. قلت : فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما ، قال : إن موسى (ع) كان بالواد المقدس ، فقال : يا رب !.. إني أخلصت لك المحبة مني ، وغسلت قلبي عمن سواك - وكان شديد الحب لأهله - فقال الله تبارك وتعالى :
    {اخلع نعليك } أي انزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة ، وقلبك من الميل إلى من سواي مشغولا .ص65

    المصدر:
    الاحتجاج ص259

    باب بعثة موسى وهارون (ع) على فرعون

    قال أمير المؤمنين (ع):كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإن موسى بن عمران خرج يقتبس لأهله نارا ، فكلّمه الله تعالى فرجع نبيّا ، وخرجت ملكة سبأ كافرة فأسلمت مع سليمان ، وخرج سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين . ص92

    المصدر:
    مجمع البيان 7/8


    فإنه لما سجد السحرة وآمن به الناس ، قال هامان لفرعون : إن الناس قد آمنوا بموسى فانظر من دخل في دينه فاحبسه ، فحبس كل من آمن به من بني إسرائيل ، فجاء إليه موسى فقال له : خلّ عن بني إسرائيل ، فلم يفعل ، فأنزل الله عليهم في تلك السنة الطوفان فخرب دورهم ومساكنهم حتى خرجوا إلى البرية وضربوا فيها الخيام .. فقال فرعون لموسى : ادع ربك حتى يكف عنا الطوفان ، حتى أخلّي عن بني إسرائيل وأصحابك ، فدعا موسى ربه فكف عنهم الطوفان ، وهمّ فرعون أن يخلي عن بني إسرائيل فقال له هامان : إن خليّت عن بني إسرائيل غلبك موسى وأزال ملكك ، فقبل منه ولم يخلّ عن بني إسرائيل .
    فأنزل الله عليهم في السنة الثانية الجراد ، فجردت كل شيء كان لهم من النبت والشجر حتى كانت تجرد شعرهم ولحيتهم ، فجزع فرعون من ذلك جزعا شديدا وقال : يا موسى !.. ادع ربك أن يكف الجراد عنا حتى أخلي عن بني إسرائيل وأصحابك ، فدعا موسى ربّه فكفّ عنهم الجراد ، فلم يدعه هامان أن يخلي عن بني إسرائيل.
    فأنزل الله عليهم في السنة الثالثة القمل ، فذهبت زروعهم وأصابتهم المجاعة .. فقال فرعون لموسى : إن رفعت عنا القمل كففت عن بني إسرائيل ، فدعا موسى ربه حتى ذهب القمل - وقال : أول ما خلق الله القمل في ذلك الزمان - فلم يخل عن بني إسرائيل .
    فأرسل الله عليهم بعد ذلك الضفادع ، فكانت تكون في طعامهم وشرابهم ، ويقال : إنها كانت تخرج من أدبارهم وآذانهم وآنافهم ، فجزعوا من ذلك جزعا شديدا ، فجاؤوا إلى موسى فقالوا : ادع الله أن يذهب عنا الضفادع فإنا نؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل ، فدعا موسى ربه فرفع الله عنهم ذلك .
    فلما أبوا أن يخلوا عن بني إسرائيل حول الله ماء النيل دما ، فكان القبطي يراه دما ، والإسرائيلي يراه ماء ، فإذا شربه الإسرائيلي كان ماء ، وإذا شربه القبطي كان دما ، فكان القبطي يقول للإسرائيلي : خذ الماء في فمك وصبّه في فمي ، فكان إذا صبّه في فم القبطي تحول دما ، فجزعوا من ذلك جزعا شديدا ، فقالوا لموسى : لئن رفع الله عنا الدم لنرسلن معك بني إسرائيل ، فلما رفع الله عنهم الدم ، غدروا ولم يخلّوا عن بني إسرائيل .
    فأرسل الله عليهم الرجز وهو الثلج ولم يروه قبل ذلك ، فماتوا فيه وجزعوا وأصابهم ما لم يعهدوه قبله ، فقالوا :
    يا موسى!.. ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ، ولنرسلنّ معك بني إسرائيل ، فدعا ربه فكشف عنهم الثلج فخلى عن بني إسرائيل .
    فلما خلى عنهم اجتمعوا إلى موسى (ع) .. وخرج موسى من مصر واجتمع عليه من كان هرب من فرعون ، وبلغ فرعون ذلك فقال له هامان : قد نهيتك أن تخلي عن بني إسرائيل فقد اجتمعوا إليه ، فجزع فرعون وبعث في المدائن حاشرين ، وخرج في طلب موسى . ص112

    المصدر:
    تفسير القمي ص220


    قال الصادق (ع) : ما أتى جبرئيل رسول الله إلا كئيبا حزيناً ، ولم يزل كذلك منذ أهلك الله فرعون ، فلما أمر الله بنزول هذه الآية : { آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين } ، نزل عليه وهو ضاحك مستبشر ، فقال له رسول الله : ما أتيتني يا جبرئيل إلا وتبيّنت الحزن في وجهك حتى الساعة ، قال : نعم يا محمد لما غرق الله فرعون قال :
    { آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين } ، فأخذت حمأة فوضعتها في فيه ، ثم قلت له : { آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين }، و عملت ذلك من غير أمر الله ، خفت أن يلحقه الرحمة من الله ويعذبني على ما فعلت ، فلما كان الآن وأمرني الله أن اؤدي إليك ما قلتهُ أنا لفرعون ، أمنت وعلمت أن ذلك كان لله رضى .ص118

    المصدر:
    تفسير القمي ص291


    قال الباقر (ع) : أملى الله عز وجل لفرعون ما بين الكلمتين أربعين سنة ، ثم أخذه الله نكال الآخرة و الاولى ، وكان بين أن قال الله عز وجل لموسى وهارون : { قد اجيبت دعوتكما }، وبين أن عرّفه الله الاجابة أربعين سنة .. ثم قال : قال جبرئيل : نازلت ( أي سألته مرة بعد مرة ) ربي في فرعون منازلة شديدا فقلت : يا رب!.. تدعه وقد قال : أنا ربكم الأعلى ؟ ..فقال : إنما يقول هذا عبد مثلك . ص128

    المصدر:
    الخصال 2/142


    قال النبي (ص) : إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى أن يحمل عظام يوسف (ع) ، فسأل عن قبره ، فجاءه شيخ فقال : إن كان أحد يعلم ففلانة ، فأرسل إليها فجاءت فقال : أتعلمين موضع قبر يوسف ؟.. فقالت : نعم ، قال : فدليني عليه ولك ِالجنة .
    قالت : لا والله لا أدلك عليه إلا أن تحكّمني قال : ولك الجنة ، قالت : لا والله ، لا أدلك عليه حتى تحكّمني !.. قال : فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : ما يعظم عليك أن تحكّمها ؟.. قال : فلك حكمك ، قالت : أحكم عليك أن أكون معك في درجتك التي تكون فيها.ص130

    المصدر:
    قرب الإسناد ص280


    قلت للرضا (ع) : لأي علة أغرق الله فرعون وقد آمن به وأقر بتوحيده ؟.. قال :
    لأنه آمن عند رؤية البأس ، والإيمان عند رؤية البأس غير مقبول .... وقد كان فرعون من قرنه إلى قدمه في الحديد قد لبسه على بدنه ، فلما غرق ألقاه الله تعالى على نجوة ٍمن الأرض ببدنه ، ليكون لمن بعده علامة ، فيرونه مع تثقله بالحديد على مرتفع من الأرض ، وسبيل الثقيل أن يرسب ولا يرتفع ، فكان ذلك آية وعلامة .
    ولعلة أخرى أغرقه الله عز وجل وهي أنه استغاث بموسى لما أدركه الغرق ولم يستغث بالله ، فأوحى الله عز وجل إليه :
    يا موسى!.. لم تغثْ فرعون لأنك لم تخلقْه ، ولو استغاث بي لأغثته !.. ص131

    المصدر:
    العلل ص31 ، العيون ص232


    سألت الصادق (ع) عن قول الله عز وجل : { وفرعون ذي الأوتاد } ، لأي شيء سمي ذا الأوتاد ؟.. قال :
    لأنه كان إذا عذب رجلا بسطه على الأرض على وجهه ، ومد يديه ورجليه فأوتدها بأربعة أوتاد في الأرض ، وربما بسطه على خشب منبسط فوتد رجليه ويديه بأربعة أوتاد ، ثم تركه على حاله حتى يموت ، فسماه الله عز وجل فرعون ذا الأوتاد لذلك . ص136

    المصدر:
    العلل ص35


    إن موسى وهارون حين دخلا على فرعون ، لم يكن في جلسائه يومئذ ولد سفاح ، كانوا ولد نكاح كلهم ، ولو كان فيهم ولد سفاح لأمر بقتلهما ، فقالوا :
    أرجه وأخاه ، وأمروه بالتأني والنظر ، ثم وضع يده على صدره قال :
    وكذلك نحن لا ينزع إلينا إلا كل خبيث الولادة.ص137

    المصدر:
    تفسير العياشي


    قال أمير المؤمنين (ع) في الخطبة القاصعة : إن الله سبحانه يختبر عباده المستكبرين في أنفسهم بأوليائه المستضعفين في أعينهم ، ولقد دخل موسى بن عمران و معه أخوه هارون عليهما السلام على فرعون ، عليهما مدارع الصوف ، وبأيديهما العصي ، فشرطا له - إن أسلم - بقاءَ ملكه ودوام عزه ، فقال : ألا تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العز و بقاء الملك ، وهما بما ترون من حال الفقر والذل ؟..
    فهلا أُلقي عليهما أساورة من ذهب إعظاما للذهب وجمعه ، واحتقارا للصوف ولبسه ، ولو أراد الله سبحانه بأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن العقيان ومغارس الجنان ، وأن يحشر معهم طير السماء ووحوش الأرض لفعل ، ولو فعل لسقط البلاء ، وبطل الجزاء ، واضمحل الأنباء ، ولما وجب للقابلين أجور المبتلين ، ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين . ص141

    المصدر:
    النهج

    باب أحوال مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون

    قال الصادق (ع) في قول الله { فوقاه الله سيئات ما مكروا } : أما لقد سطوا عليه وقتلوه ، ولكن أتدرون ما وقاه ؟.. وقاه أن يفتنوه في دينه . ص163

    المصدر:
    المحاسن ص219


    قال رسول الله (ص) لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة ، فقلت لجبرئيل : ما هذه الرائحة ؟.. قال : هذه ماشطة آل فرعون وأولادها ، كانت تمشطها فوقعت المشطة من يدها فقالت : بسم الله ، فقالت بنت فرعون : أبي ؟.. فقالت :
    لا ، بل ربي وربك ورب أبيك ، فقالت : لأخبرن بذلك أبي ، فقالت : نعم ، فأخبرته فدعا بها وبولدها وقال : من ربكِ ؟.. فقالت :
    إن ربي وربك الله ، فأمر بتنور من نحاس فاحمي فدعا بها وبولدها ، فقالت :
    إن لي إليك حاجة ، قال : وما هي ؟.. قالت :
    تجمع عظامي وعظام ولدي فتدفنها .. قال : ذاك لك لما لكِ علينا من حق ، فأمر بأولادها فأُلقوا واحدا واحدا في التنور حتى كان آخر ولدها وكان صبيا مرضعا ، فقال :
    إصبري يا أماه إنك على الحق ، فألقيت في التنور مع ولدها .
    وأما امرأة فرعون آسية فكانت من بني إسرائيل ، وكانت مؤمنة مخلصة ، وكانت تعبد الله سرا ، وكانت على ذلك إلى أن قتل فرعون امرأة حزبيل ، فعاينت حينئذ الملائكة يعرجون بروحها لما أراد الله تعالى بها من الخير، فزادت يقينا وإخلاصا وتصديقا ، فبينا هي كذلك إذ دخل عليها فرعون يخبرها بما صنع بها ، فقالت : الويل لك يا فرعون !.. ما أجرأك على الله جل وعلا ؟..
    فقال لها : لعلك قد اعتراك ِالجنون الذي اعترى صاحبتكِ ، فقالت : ما اعتراني جنون ، لكن آمنت بالله تعالى ربي وربك ورب العالمين ، فدعا فرعون أمها فقال لها : إن ابنتك أخذها الجنون ، فاقسم لتذوقن الموت أو لتكفرن بإله موسى ، فخلَتْ بها أمها فسألتها موافقة فرعون فيما أراد ، فأبت وقالت : أما أن أكفر بالله فلا والله لا أفعل ذلك أبدا ، فأمر بها فرعون حتى مدت بين أربعة أوتاد ، ثم لازالت تعذب حتى ماتت .ص164

    المصدر:
    عرائس المجالس ص106


    عن ابن عباس قال : أخذ فرعون امرأته آسية حين تبين له إسلامها يعذبها لتدخل في دينه ، فمر بها موسى وهو يعذبها فشكت إليه بإصبعها ، فدعا الله موسى أن يخفف عنها ، فلم تجد للعذاب مسا ، وإنها ماتت من عذاب فرعون لها ، فقالت وهي في العذاب :
    {رب ابن لي عندك بيتا في الجنة } ، وأوحى الله إليها : أن ارفعي رأسك ، ففعلت فأُريت البيت في الجنة ، بُنى لها من درّ فضحكت ، فقال فرعون : انظروا إلى الجنون الذي بها ، تضحك وهي في العذاب . ص164

    المصدر:
    عرائس المجالس ص106

    باب خروجه من الماء مع بني إسرائيل وأحوال التيه

    عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال بنو إسرائيل لموسى (ع) حين جاز بهم البحر :
    خبرنا يا موسى!.. بأي قوة وأي عدة وعلى أي حمولة نبلغ الأرض المقدسة ، ومعك الذرية والنساء والهرمى والزمنى ؟.. فقال موسى (ع) :
    ما أعلم قوما ورّثه الله من عرض الدنيا ما ورّثكم ، ولا أعلم أحدا آتاه منها مثل الذي آتاكم ، فمعكم من ذلك ما لا يحصيه إلا الله تعالى ، وقال موسى : سيجعل الله لكم مخرجا فاذكروه وردّوا إليه أموركم ، فإنه أرحم بكم من أنفسكم .. قالوا :
    فادعه يطعمنا ويسقنا ويكسنا ويحملنا من الرجلة ويظلنا من الحر ، فأوحى الله تعالى إلى موسى :
    قد أمرت السماء أن يمطر عليهم المن والسلوى ، وأمرت الريح أن يشوي لهم السلوى ، وأمرت الحجارة أن تنفجر ، وأمرت الغمام أن تظلهم ، وسخرت ثيابهم أن تنبت بقدر ما ينبتون ، فلما قال لهم موسى ذلك سكتوا فسار بهم موسى ، فانطلقوا يؤمّون الأرض المقدسة وهي فلسطين ، و إنما قدسها لان يعقوب (ع) ولد بها ، وكانت مسكن أبيه إسحاق ويوسف عليهما السلام ، ونقلوا كلهم بعد الموت إلى أرض فلسطين .ص178

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الصادق (ع): نومة الغداة مشومة تطرد الرزق ، وتصفر اللون وتغيّره وتقبّحه ، وهو نوم كل مشوم .. إن الله تعالى يقسم الأرزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وإياكم وتلك النومة ، وكان المن والسلوى ينزل على بني إسرائيل من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فمن نام تلك الساعة لم ينزل نصيبه ، وكان إذا انتبه فلا يرى نصيبه ، احتاج إلى السؤال والطلب .ص182

    المصدر:
    التهذيب 1/174

    باب نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل

    قال النبي (ص) أكرموا البقر فإنه سيد البهائم ، ما رفعت طرْفها إلى السماء حياء من الله عز وجل منذ عُبِد العجل .ص209

    المصدر:
    العلل ص168


    {وأضلهم السامري } قال : بالعجل الذي عبدوه ، وكان سبب ذلك أن موسى (ع) لما وعده الله أن ينزل عليه التوراة والألواح إلى ثلاثين يوما أخبر بني إسرائيل بذلك ، وذهب إلى الميقات وخلّف هارون على قومه ، فلما جاءت الثلاثون يوما ولم يرجع موسى إليهم عصوا وأرادوا أن يقتلوا هارون ، قالوا : إن موسى كذبنا وهرب منا .
    فجاءهم إبليس في صورة رجل فقال لهم : إن موسى قد هرب منكم ، ولا يرجع إليكم أبدا ، فاجمعوا إلي حليكم حتى أتخذ لكم إلها تعبدونه ، وكان السامري على مقدمة موسى يوم أغرق الله فرعون وأصحابه ، فنظر إلى جبرئيل وكان على حيوان في صورة رمكة ، وكانت كلما وضعت حافرها على موضع من الأرض يتحرك ذلك الموضع ، فنظر إليه السامري وكان من خيار أصحاب موسى ، فأخذ التراب من حافر رمكة جبرئيل وكان يتحرك فصرّه في صّرة ، وكان عنده يفتخر به على بني إسرائيل .
    فلما جاءهم إبليس واتخذوا العجل قال للسامري : هات التراب الذي معك ، فجاء به السامري فألقاه إبليس في جوف العجل ، فلما وقع التراب في جوفه تحرك وخار ونبت عليه الوبر والشعر ، فسجد له بنو إسرائيل ، فكان عدد الذين سجدوا سبعين ألفا من بني إسرائيل.ص209

    المصدر:
    تفسير القمي ص420


    ثم أوحى الله إلى موسى { إنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري } ، وعبدوا العجل وله خوار ، فقال موسى (ع) : يا رب !.. العجل من السامري فالخوار ممن ؟.. قال : مني يا موسى!.. أنا لما رأيتهم قد ولّوا عني إلى العجل ، أحببت أن أزيدهم فتنة .ص210

    المصدر:
    تفسير القمي ص420


    { أوزارا من زينة القوم }: أحمالا من حلي القبط التي استعرناها منهم حين هممنا بالخروج من مصر باسم العرس ، وقيل : استعاروا لعيدٍ كان لهم ثم لم يردّوا عند الخروج مخافة أن يعلموا به .. وقيل : ما ألقاه البحر على الساحل بعد إغراقهم .ص211

    المصدر:
    تفسير البيضاوي 2/65


    قلت للصادق (ع) : أخبرني عن هارون لم قال لموسى (ع) : { يابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي }، ولم يقل : يا بن أبي ؟.. فقال : إن العداوات بين الاخوة أكثرها تكون إذا كانوا بني علات ، ومتى كانوا بني أمّ قلّت العداوة بينهم ، إلا أن ينزغ الشيطان بينهم فيطيعوه .. فقال هارون لأخيه موسى :
    يا أخي الذي ولدته أمي ولم تلدني غير أمه ، لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ، ولم يقل : يا بن أبي ، لأن بني الأب إذا كانت أمهاتهم شتى لم تستبعد العداوة بينهم ، إلا من عصمه الله منهم ، وإنما تستبعد العداوة بين بني أم واحدة.ص219

    المصدر:
    العلل ص34


    قال الباقر (ع): إن فيما ناجى موسى أن قال : يا رب هذا السامري صنع العجل ، فالخوار من صنعه ؟.. فأوحى الله إليه : يا موسى!.. إن تلك فتنتي فلا تفصحني عنها . ص230

    المصدر:
    تفسير العياشي

    بيــان:
    لا تفصحني عنها لعله بالصاد المهملة ، أي لا تسألني أن اظهر سببها ، وفي بعض النسخ بالمعجمة ، أي لا تبين ذلك للناس فإنهم لا يفهمون.ص230


    ورد في الحديث المرفوع : أوحى الله عزوجل إلى موسى أن: لا تقتل السامري فإنه سخي .ص230

    المصدر:
    فروع الكافي 1/173

    باب قصة قارون

    فأوحى الله إليه قد أمرتُ السماوات والأرض أن تطعك ، فمُرهما بما شئت ، وقد كان قارون أمر أن يغلق باب القصر ، فأقبل موسى فأومأ إلى الأبواب فانفرجت ودخل عليه .
    فلما نظر إليه قارون علم أنه قد أوتى بالعذاب ، فقال :
    يا موسى!.. أسألك بالرحم التي بيني وبينك ، فقال له موسى :
    يا بن لاوي لا تردني من كلامك ، يا أرض خذيه ، فدخل القصر بما فيه في الارض ، ودخل قارون في الارض إلى الركبة ، فبكى وحلّفه بالرحم ، فقال له موسى :
    يا بن لاوي لا تردني من كلامك ، يا أرض خذيه !.. فابتلعته بقصره وخزائنه ، وهذا ما قال موسى لقارون يوم أهلكه الله .
    فعيّره الله بما قاله لقارون ، فعلم موسى أن الله قد عيره بذلك ، فقال :
    يا رب !. إن قارون دعاني بغيرك ، ولو دعاني بك لأجبته ، فقال الله :
    يا بن لاوي لا تردني من كلامك !.. فقال موسى :
    يا رب لو علمت أن ذلك لك رضىً لأجبته ، فقال الله تعالى :
    يا موسى!.. وعزتي وجلالي وجودي ومجدي وعلو مكاني لو أن قارون كما دعاك دعاني لأجبته ، ولكنه لما دعاك وكلته إليك .... الخبر .ص251

    المصدر:
    تفسير القمي ص491

    بيــان:
    قوله : " لا تردني من كلامك " أي لا تقصدني بسبب كلامك ، أي لا تكلمني ، وفي بعض النسخ بالزاي المعجمة ، وفي بعضها " لا يردني كلامك " .ص253

    باب قصة ذبح البقرة

    قال الرضا (ع) : إن رجلا من بني إسرائيل قتل قرابة له ، ثم أخذه فطرحه على طريق أفضل سبط من أسباط بني إسرائيل ، ثم جاء يطلب بدمه ، فقالوا لموسى (ع) :
    إن سبط آل فلان قتلوا فلانا فأخبرنا من قتله ، قال : ائتوني ببقرة ، قالوا :
    { أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين }، ولو أنهم عمدوا إلى بقرة أجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم { قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر }، يعني لا كبيرة ولا صغيرة { عوان بين ذلك } ولو أنهم عمدوا إلى بقرة أجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم ، { قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين } ولو أنهم عمدوا إلى بقرة لأجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم { قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون ، قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الارض ولا تسقي الحرث مسلمة لاشية فيها قالوا الآن جئت بالحق }، فطلبوها فوجدوها عند فتى من بني إسرائيل .. فقال :
    لا أبيعها إلا بملء مسكها ذهبا ، فجاؤوا إلى موسى (ع) فقالوا له ذلك ، فقال : اشتروها ، فاشتروها وجاؤوا بها ، فأمر بذبحها ثم أمر أن يضرب الميت بذنبها ، فلما فعلوا ذلك حيي المقتول ، وقال :
    يا رسول الله إن ابن عمي قتلني دون من يدّعي عليه قتلي ، فعلموا بذلك قاتله .. فقال لرسول الله موسى (ع) بعض أصحابه :
    إن هذه البقرة لها نبأ فقال : وما هو ؟.. قال :
    إن فتى من بني إسرائيل كان بارّا بأبيه ، وإنه اشترى بيعا فجاء إلى أبيه فرأى والأقاليد ( أي المفاتيح ) تحت رأسه ، فكَرِه أن يوقظه فترك ذلك البيع فاستيقظ أبوه فأخبره ، فقال : أحسنت ، خذ هذه البقرة فهي لك عوضا لما فاتك ، فقال له رسول الله موسى (ع) : انظروا إلى البرّ ما بلغ بأهله.ص263

    المصدر:
    العيون ص186

    باب قصص موسى وخضر (ع)

    قيل : إن موسى سأل ربه : أي عبادك أحبّ إليك ؟.. فقال : الذي يذكرني ولا ينساني ، قال : فأي عبادك أقضى ؟.. قال : الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى ، قال : فأي عبادك أعلم ؟.. قال : الذي يبتغي علم الناس إلى علمه ، عسى أن يصيب كلمة تدله على هدى ، أو ترده عن ردى .
    قال : إن كان في عبادك أعلم مني فادللني عليه ، قال : أعلم منك الخضر ، قال : أين أطلبه ؟.. قال : على الساحل عند الصخرة ، قال : كيف لي به ؟.. قال : تأخذ حوتا في مكتلك ، فحيث فقدتَه فهو هناك .... الخبر.ص282

    المصدر:
    تفسير البيضاوي ص2/19


    قال النبي (ص) : رحم الله أخي موسى استحيا فقال ذلك ، لو لبث مع صاحبه لأبصر أعجب الأعاجيب .ص284

    المصدر:
    تفسير البيضاوي ص2/19


    قال الصادق (ع): إن أمر الله تعالى ذكره لا يحمل على المقائيس ، ومن حمل أمر الله على المقائيس هلك وأهلك ، إن أول معصية ظهرت الإبانة من إبليس اللعين حين أمر الله تعالى ذكره ملائكته بالسجود لآدم ، فسجدوا وأبى إبليس اللعين أن يسجد .
    فقال عز وجل : { ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين }، فكان أول كفره قوله : { أنا خير منه } ، ثم قياسه بقوله : { خلقتني من نار وخلقته من طين }، فطرده الله عز وجل عن جواره ولعنه وسماه رجيما ، وأقسم بعزته لا يقيس أحد في دينه إلا قرنه مع عدوه إبليس في أسفل درك من النار . ص289

    المصدر:
    العلل ص31

    بيــان:
    قال الصدوق رحمه الله : إن موسى (ع) مع كمال عقله وفضله ومحله من الله تعالى ذكره ، لم يستدرك باستنباطه واستدلاله معنى أفعال الخضر (ع) حتى اشتبه عليه وجه الأمر فيه ، وسخط جميع ما كان يشاهده حتى أُخبر بتأويله فرضي ، ولو لم يخبر بتأويله لما أدركه ، ولو بقي في الفكر عمره ، فإذا لم يجز لأنبياء الله ورسله صلوات الله عليهم القياس والاستنباط والاستخراج ، كان من دونهم من الأمم أولى بأن لا يجوز لهم ذلك .ص289


    قال السجاد (ع) : كان آخر ما أوصى به الخضر موسى بن عمران (ع) أن قال له : لا تعيرن أحدا بذنب ، وإن أحبّ الأمور إلى الله عزوجل ثلاثة : القصد في الجدة ، والعفو في المقدرة ، والرفق بعباد الله ، وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلا رفق الله عز وجل به يوم القيامة ، ورأس الحكم مخافة الله تبارك وتعالى.ص294

    المصدر:
    الخصال 1/54


    قال أمير المؤمنين (ع) في قول الله عز وجل { وكان تحته كنز لهما } : كان ذلك الكنز لوحا من ذهب فيه مكتوب : بسم الله الرحمن الرحيم ، لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، عجبت لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح ؟!.. عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ؟!.. عجبت لمن يذكر النار كيف يضحك ؟!.. عجبت لمن يرى الدنيا وتصرف أهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها ؟!.ص296

    المصدر:
    معاني الأخبار ص61


    كنا مع أبي عبدالله (ع) جماعة من الشيعة في الحجر فقال : علينا عين ، فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا ، فقلنا : ليس علينا عين ، فقال : ورب الكعبة ورب البيت - ثلاث مرات - لو كنت بين موسى والخضر لاخبرتهما أني أعلم منهما ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما ، لأن موسى والخضر أعطيا علم ما كان، ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة ، وقد ورثناه من رسول الله (ص) وراثة .ص301

    المصدر:
    أصول الكافي 1/260


    قال الباقر (ع): شكا موسى إلى ربه الجوع في ثلاثة مواضع : { آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا } ، {لاتخذت عليه أجرا } ، { رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير }.ص309

    المصدر:
    تفسير العياشي


    ولدت لرجل من أصحابنا جارية ، فدخل على أبي عبدالله (ع) فرآه متسخطا لها ، فقال له (ع) : أرأيت لو أن الله أوحى إليك :
    إني أختار لك أو تختار لنفسك ، ما كنت تقول ؟.. قال : كنت أقول :
    يا رب تختار لي ، قال : فإن الله قد اختار لك .. ثم قال : إن الغلام الذي قتله العالم حين كان مع موسى في قول الله :
    {فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكوة وأقرب رحما } قال : فأبدلهما جارية ولدت سبعين نبيّا . ص311

    المصدر:
    تفسير العياشي


    روي أن الخضر وإلياس يجتمعان في كل موسم فيفترقان عن هذا الدعاء وهو : بسم الله ، ما شاء الله ، لا قوة إلا بالله ، ما شاء الله ، كل نعمة فمن الله ، ما شاء الله ، الخير كله بيد الله عزوجل ، ما شاء الله ، لا يصرف السوء إلا الله.ص319

    المصدر:
    المهج ص463


    قال النبي (ص) ذات يوم لأصحابه : ألا أحدثكم عن الخضر ؟.. قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : بينا هو يمشي في سوق من أسواق بني إسرائيل إذ بصر به مسكين ، فقال : تصدق علي ّبارك الله فيك ، قال الخضر : آمنت بالله ، ما يقضي الله يكون ، ما عندي من شيء أعطيكه .
    قال المسكين : بوجه الله لما تصدقت عليّ ، إني رأيت الخير في وجهك ، ورجوت الخير عندك ، قال الخضر : آمنت بالله !.. إنك سألتني بأمر عظيم ما عندي من شيء أعطيكه ، إلا أن تأخذني فتبيعني ، قال المسكين : وهل يستقيم هذا ؟.. قال : الحق أقول لك إنك سألتني بأمر عظيم ، سألتني بوجه ربي عز وجل ، أما إني لا أخيبك في مسألتي بوجه ربي فبعني .
    فقدّمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم ، فمكث عند المشتري زمانا لا يستعمله في شيء ، فقال الخضر (ع) : إنما ابتعتني التماس خدمتي فمرني بعمل ، قال : إني أكره أن أشق عليك إنك شيخ كبير ، قال : لست تشق عليّ قال : فقم فانقل هذه الحجارة - وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم - فقام فنقل الحجارة في ساعته ، فقال له : أحسنت وأجملت وأطقت ما لم يطقه أحد .
    قال : ثم عرض للرجل سفر فقال : إني أحسبك أمينا ، فاخلفني في أهلي خلافة حسنة ، وإني أكره أن أشق عليك ، قال : لست تشق علي ، قال : فاضرب من اللبن شيئا حتى أرجع إليك ، قال : فخرج الرجل لسفره ورجع وقد شيد بناءه .
    فقال له الرجل : أسألك بوجه الله ما حسبك وما أمرك ؟.. قال : إنك سألتني بأمر عظيم ، بوجه الله عز وجل ، ووجه الله عز وجل أوقعني في العبودية ، وسأُخبرك من أنا ، أنا الخضر الذي سمعت به ، سألني مسكين صدقة ولم يكن عندي شيء أعطيه ، فسألني بوجه الله عز وجل فأمكنته من رقبتي ، فباعني فأُخبِرك َأنه من سئل بوجه الله عز وجل فرد سائله وهو قادر على ذلك ، وقف يوم القيامة ليس لوجهه جلد ولا لحم ولا دم إلا عظم يتقعقع ( أي يصوّت ) قال الرجل : شققتُ عليك ولم أعرفك ، قال : لا بأس أبقيت وأحسنت .
    قال : بأبي أنت وامي احكم في أهلي ومالي بما أراك الله عز وجل ، أم أخيّرك فأخلي سبيلك ؟.. قال : أحبُّ إليّ أن تخلي سبيلي ، فأعبد الله على سبيله ، فقال الخضر (ع) : الحمد لله الذي أوقعني في العبودية فأنجاني منها .ص322

    المصدر:
    اعلام الدين

    باب ما ناجى به موسى (ع) ربه وما أوحى إليه من الحكم والمواعظ

    قال العسكري (ع) : لما كلم الله عز وجل موسى بن عمران (ع) قال موسى :
    إلهي !.. ما جزاء من شهد أني رسولك ونبيك وأنك كلمتني ؟..قال :
    يا موسى!.. تأتيه ملائكتي فتبشره بجنتي .
    قال موسى : إلهي !.. فما جزاء من قام بين يديك يصلي ؟.. قال :
    يا موسى!.. أباهي به ملائكتي راكعا وساجدا وقائما وقاعدا ، ومن باهيت به ملائكتي لم أعذبه .
    قال موسى : إلهي !.. فما جزاء من أطعم مسكينا ابتغاء وجهك ؟..قال :
    يا موسى !.. آمر مناديا ينادي يوم القيامة على رؤوس الخلائق أن فلان بن فلان من عتقاء الله من النار .
    قال موسى : إلهي !.. فما جزاء من وصل رحمه ؟.. قال : يا موسى!.. اُنسيء له أجله ، وأهوّن عليه سكرات الموت ، ويناديه خزنة الجنة : هلم إلينا فادخل من أي أبوابها شئت .
    قال موسى : إلهي !.. فما جزاء من كفّ أذاه عن الناس ، وبذل معروفه لهم ؟.. قال : يا موسى!.. يناديه النار يوم القيامة : لا سبيل لي عليك . قال : إلهي!.. فما جزاء من ذكرك بلسانه وقلبه ؟.. قال : يا موسى!.. أظله يوم القيامة بظل عرشي وأجعله في كنفي .
    قال : إلهي !.. فما جزاء من تلا حكمتك سرا وجهرا ؟.. قال :
    يا موسى!.. يمر على الصراط كالبرق .
    قال : إلهي!.. فما جزاء من صبر على أذى الناس وشتمهم فيك ؟.. قال : أعينه على أهوال يوم القيامة .
    قال : إلهي !.. فما جزاء من دمعت عيناه من خشيتك ؟.. قال : يا موسى!.. أقي وجهه من حر النار ، وأومنه يوم الفزع الأكبر .
    قال : إلهي!.. فما جزاء من ترك الخيانة حياء منك ؟.. قال : يا موسى!.. له الأمان يوم القيامة .
    قال : إلهي !.. فما جزاء من أحب أهل طاعتك ؟.. قال : يا موسى!.. احرّمه على ناري .
    قال : إلهي !.. فما جزاء من قتل مؤمنا متعمدا ؟.. قال : لا أنظر إليه يوم القيامة ، ولا أقيل عثرته .
    قال : إلهي !.. فما جزاء من دعا نفسا كافرة إلى الإسلام ؟.. قال :
    يا موسى!.. آذن له في الشفاعة يوم القيامة لمن يريد .
    قال : إلهي !.. فما جزاء من صلّى الصلوات لوقتها ؟.. قال : أعطيه سؤله وأبيحه جنتي .
    قال : إلهي !.. فما جزاء من أتم الوضوء من خشيتك ؟.. قال : أبعثه يوم القيامة وله نور بين عينيه يتلألأ .
    قال : إلهي !.. فما جزاء من صام شهر رمضان لك محتسبا ؟.. قال : يا موسى!.. أقيمه يوم القيامة مقاما لا يخاف فيه .
    قال : إلهي !.. فما جزاء من صام شهر رمضان يريد به الناس ؟.. قال :
    يا موسى!.. ثوابه كثواب من لم يصمه .ص328

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص125


    قال الباقر (ع) : في التوراة مكتوب فيما ناجى الله عز وجل به موسى بن عمران (ع) : يا موسى!.. خفني في سرّ أمرك أحفظك من وراء عورتك ، واذكرني في خلواتك وعند سرور لذاتك أذكرك عند غفلاتك ، واملك غضبك عمن ملّكتك عليه أكفّ عنك غضبي ، واكتم مكنون سري في سريرتك ، وأظهر في علانيتك المداراة عني لعدوي وعدوك من خلقي ، ولا تستسب ( أي تعرّض للسب ّ) لي عندهم بإظهارك مكنون سري ، فتشرك عدوك وعدوي في سبّي .ص329

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص153


    قال الصادق (ع) : كان فيما ناجى الله عز وجل به موسى بن عمران (ع) أن قال له :
    يا بن عمران !..كذب من زعم أنه يحبني ، فإذا جنه الليل نام عني ، أليس كل محب يحب خلوة حبيبه ؟..
    ها أنا ذا يا بن عمران ، مطلع على أحبائي إذا جنهم الليل حولت أبصارهم من قلوبهم ، ومثلت عقوبتي بين أعينهم ، يخاطبوني عن المشاهدة ، ويكلموني عن الحضور .
    يا بن عمران!.. هب لي من قلبك الخشوع ، ومن بدنك الخضوع ، ومن عينيك الدموع في ظُلَم الليل ، وادعني فإنك تجدني قريبا مجيبا .ص330

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص214


    قال الباقر (ع) : قال موسى بن عمران (ع) :
    يا رب !.. أوصني ، قال : أوصيك بي ، فقال : يا رب أوصني!.. قال : أوصيك بي - ثلاثا - فقال :
    يا رب أوصني !.. قال : أوصيك بأمك ، قال : يا رب أوصني !.. قال : أوصيك بأمك ، قال : أوصني !.. قال : أوصيك بأبيك ، قال : فكان يقال لأجل ذلك : إن للأم ثلثا البر ، وللأب الثلث .ص331

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص305


    قال الله تعالى في مناجاته لموسى (ع) :
    يا موسى!.. إن انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري ، اعبدني وقم بين يدي مقام العبد الحقير ، ذمّ نفسك وهي أولى بالذم ، ولا تتطاول على بني إسرائيل بكتابي ، فكفى بهذا واعظا لقلبك ومنيرا ، وهو كلام رب العالمين جل وتعالى ..
    يا موسى!.. متى ما دعوتني وجدتني ، فإني سأغفر لك على ما كان منك ، السماء تسبّح لي وَجَلا ، والملائكة من مخافتي مشفقون ، وأرضي تسبّح لي طمعا ، وكل الخلق يسبّحون لي داخرين ، ثم عليك بالصلاة فإنها مني بمكان ، ولها عندي عهد وثيق ، و ألحق بها ما منها زكاة القربان من طيب المال والطعام فإني لا أقبل إلا الطيّب يراد به وجهي ، اقرن مع ذلك صلة الأرحام ، فإني أنا الله الرحمن الرحيم ، والرحم إني خلقتها فضلا من رحمتي ليتعاطف بها العباد ولها عندي سلطان في معاد الآخرة ، وأنا قاطع من قطعها ، وواصل من وصلها وكذلك أفعل بمن ضيّع أمري ..
    يا موسى!.. أكرم السائل إذا أتاك بردّ جميل ، أو إعطاء يسير ، فإنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ، ملائكة الرحمن يبلونك كيف أنت صانع فيما أوليتك ....
    يا موسى!.. لا تنسني على كل حال ، ولا تفرح بكثرة المال فإن نسياني يقسي القلوب ومع كثرة المال كثرة الذنوب .. الأرض مطيعة ، والسماء مطيعة ، والبحار مطيعة ، فمن عصاني شقي ، فأنا الرحمن رحمن كل زمان ، آتي بالشدة بعد الرخاء ، وبالرخاء بعد الشدة ، وبالملوك بعد الملوك ، وملكي قائم دائم لا يزول ، ولا يخفى عليّ شيء في الأرض ولا في السماء ، وكيف يخفى عليّ ما مني مبتدؤه ؟!.. وكيف لا يكون همك فيما عندي وإلي ترجع لا محالة ؟!..
    يا موسى!.. اجعلني حرزك ، وضع عندي كنزك من الصالحات ، وخفني ولا تخف غيري إليّ المصير ..
    يا موسى!.. عجل التوبة ، وأخّر الذنب ، وتأنّ في المكث بين يديّ في الصلاة ولا ترج غيري ، اتخذني جُنّة للشدائد ، وحصنا لملمّات الأمور ..
    يا موسى!.. نافس في الخير أهله ، فإن الخير كإسمه ، ودع الشر لكل مفتون . يا موسى!.. اجعل لسانك من وراء قلبك تسلم ، وأكثر ذكري بالليل والنهار تغنم ، ولا تتبع الخطايا فتندم ، فإن الخطايا موعدها النار ....
    يا موسى!.. ما أُريد به وجهي فكثير قليله ، وما أريد به غيري فقليل كثيره ، وإن أصلح أيامك الذي هو أمامك ... الخبر .ص335

    المصدر:
    التحف ص490


    قال الله تعالى في مناجاته لموسى (ع) :
    يا موسى!.. إن انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري ، اعبدني وقم بين يدي مقام العبد الحقير ، ذمّ نفسك وهي أولى بالذم ، ولا تتطاول على بني إسرائيل بكتابي ، فكفى بهذا واعظا لقلبك ومنيرا ، وهو كلام رب العالمين جل وتعالى ..
    يا موسى!.. متى ما دعوتني وجدتني ، فإني سأغفر لك على ما كان منك ، السماء تسبّح لي وَجَلا ، والملائكة من مخافتي مشفقون ، وأرضي تسبّح لي طمعا ، وكل الخلق يسبّحون لي داخرين ، ثم عليك بالصلاة فإنها مني بمكان ، ولها عندي عهد وثيق ، و ألحق بها ما منها زكاة القربان من طيب المال والطعام فإني لا أقبل إلا الطيّب يراد به وجهي ، اقرن مع ذلك صلة الأرحام ، فإني أنا الله الرحمن الرحيم ، والرحم إني خلقتها فضلا من رحمتي ليتعاطف بها العباد ولها عندي سلطان في معاد الآخرة ، وأنا قاطع من قطعها ، وواصل من وصلها وكذلك أفعل بمن ضيّع أمري ..
    يا موسى!.. أكرم السائل إذا أتاك بردّ جميل ، أو إعطاء يسير ، فإنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ، ملائكة الرحمن يبلونك كيف أنت صانع فيما أوليتك ....
    يا موسى!.. لا تنسني على كل حال ، ولا تفرح بكثرة المال فإن نسياني يقسي القلوب ومع كثرة المال كثرة الذنوب .. الأرض مطيعة ، والسماء مطيعة ، والبحار مطيعة ، فمن عصاني شقي ، فأنا الرحمن رحمن كل زمان ، آتي بالشدة بعد الرخاء ، وبالرخاء بعد الشدة ، وبالملوك بعد الملوك ، وملكي قائم دائم لا يزول ، ولا يخفى عليّ شيء في الأرض ولا في السماء ، وكيف يخفى عليّ ما مني مبتدؤه ؟!.. وكيف لا يكون همك فيما عندي وإلي ترجع لا محالة ؟!..
    يا موسى!.. اجعلني حرزك ، وضع عندي كنزك من الصالحات ، وخفني ولا تخف غيري إليّ المصير ..
    يا موسى!.. عجل التوبة ، وأخّر الذنب ، وتأنّ في المكث بين يديّ في الصلاة ولا ترج غيري ، اتخذني جُنّة للشدائد ، وحصنا لملمّات الأمور ..
    يا موسى!.. نافس في الخير أهله ، فإن الخير كإسمه ، ودع الشر لكل مفتون . يا موسى!.. اجعل لسانك من وراء قلبك تسلم ، وأكثر ذكري بالليل والنهار تغنم ، ولا تتبع الخطايا فتندم ، فإن الخطايا موعدها النار ....
    يا موسى!.. ما أُريد به وجهي فكثير قليله ، وما أريد به غيري فقليل كثيره ، وإن أصلح أيامك الذي هو أمامك ... الخبر .ص335

    المصدر:
    التحف ص490


    قال الصادق (ع) :جاء إبليس إلى موسى بن عمران (ع) وهو يناجي ربه ، فقال له ملك من الملائكة : ما ترجو منه وهو في هذه الحال يناجي ربه ؟.. فقال : أرجو منه ما رجوت من أبيه آدم وهو في الجنة ......
    ثم قال الصادق (ع) : إن قدرتم أن لا تُعرفوا فافعلوا ، وما عليك إن لم يثن عليك الناس ، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس ، إذا كنت عند الله محمودا ، إن عليا (ع) كان يقول : لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين : رجل يزداد كل يوم إحسانا ، و رجل يتدارك سيئته بالتوبة وأنّى له بالتوبة ؟.. والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله منه إلا بولايتنا أهل البيت .ص339

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص395


    قال الباقر (ع) : مكتوب في التوراة التي لم تغير ، أن موسى سأل ربه فقال :
    يا رب !.. أقريب أنت مني فأناجيك ، أم بعيد فأناديك ؟.. فأوحى الله عز وجل إليه :
    يا موسى!.. أنا جليس من ذكرني ، فقال موسى :
    فمن في سترك يوم لا ستر إلا سترك ؟.. قال :
    الذين يذكرونني فأذكرهم ، ويتحابون فيّ فاحبهم ، فأولئك الذين إذا أردت أن أصيب أهل الأرض بسوء ذكرتهم ، فدفعت عنهم بهم.ص343

    المصدر:
    أصول الكافي 2/496


    قال النبي (ص) : إن الله عز وجل ناجى موسى بن عمران (ع) بمائة ألف كلمة وأربعة وعشرين ألف كلمة في ثلاثة أيام ولياليهن ، ما طعم فيها موسى ، ولا شرب فيها ، فلما انصرف إلى بني إسرائيل ، وسمع كلام الآدميين مَقَتهم ، لما كان وقع في مسامعه من حلاوة كلام الله عز وجل .ص344

    المصدر:
    لخصال 2/173


    قال الله تبارك وتعالى لموسى (ع) : يا موسى!.. احفظ وصيتي لك بأربعة أشياء : أولاهن : ما دمت لا ترى ذنوبك تُغفر فلا تشتغل بعيوب غيرك .. والثانية : ما دمت لا ترى كنوزي قد نفدت ، فلا تغتم بسبب رزقك .. والثالثة : ما دمت لا ترى زوال ملكي فلا ترج أحدا غيري .. والرابعة : ما دمت لا ترى الشيطان ميتا فلا تأمن مكره .ص344

    المصدر:
    الخصال 1/103


    قال الصادق (ع) : أوحى الله إلى موسى (ع) :
    ما يمنعك من مناجاتي ؟.. فقال : يا رب !.. أجلّك عن المناجاة لخلوف فم الصائم ، فأوحى الله إليه :
    يا موسى!.. لخلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك .ص345

    المصدر:
    فروع الكافي 1/180


    قال الصادق (ع) : فيما أوحى الله جل وعز إلى موسى بن عمران : يا موسى!.. ما خلقت خلقا أحب إليّ من عبدي المؤمن ، وإني إنما ابتليته لما هو خير له ، وأعافيه لما هو خير له ، وأنا أعلم بما يُصلح عبدي عليه ، فليصبر على بلائي ، وليشكر نعمائي ، وليرض بقضائي ، أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل برضائي ، وأطاع أمري .ص349

    المصدر:
    أمالي الطوسي ص149


    قال الباقر (ع) :كان فيما ناجى الله به موسى (ع) على الطور أن :
    يا موسى!.. أبلغ قومك أنه ما يتقرب إلي المتقربون بمثل البكاء من خشيتي ، وما تعبد لي المتعبدون بمثل الورع عن محارمي ، وما تزين لي المتزينون بمثل الزهد في الدنيا عما بهم الغنى عنه ، فقال موسى :
    يا أكرم الأكرمين !.. فماذا أثبتهم على ذلك ؟.. فقال :
    يا موسى!.. أما المتقربون إليّ بالبكاء من خشيتي ، فهم في الرفيق الأعلى لا يشركهم فيه أحد .. وأما المتعبدون لي بالورع عن محارمي ، فإني أفتش الناس عن أعمالهم ، ولا أفتشهم حياء منهم .. وأما المتقربون إلي بالزهد في الدنيا ، فإني أبيحهم الجنة بحذافيرها يتبوأون منها حيث يشاؤون.ص349

    المصدر:
    ثواب الأعمال ص166


    عن أحدهم (ع) : بينما موسى جالس إذ أقبل إبليس وعليه برنس ذو ألوان فوضعه ودنا من موسى وسلم ، فقال له موسى :
    من أنت ؟.. قال : إبليس ، قال : لا قرّب الله دارك ، لماذا البرنس ؟..قال : أختطف به قلوب بني آدم ، فقال له موسى (ع) : أخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه .
    قال : ذلك إذا أعجبتْه نفسُه ، واستكثر عمله ، وصغر في نفسه ذنبه ، وقال : يا موسى!.. لا تخلُ بامرأة لا تحل لك ، فإنه لا يخلو رجل بامرأة لا تحل له إلا كنت صاحبه دون أصحابي ، فإياك أن تعاهد الله عهدا ، فإنه ما عاهد الله أحد إلا كنت صاحبه دون أصحابي ، حتى أحول بينه وبين الوفاء به ، وإذا هممتَ بصدقة فأمضها فإذا همّ العبد بصدقة كنت صاحبه دون أصحابي ، حتى أحول بينه وبينها .ص350

    المصدر:
    قصص الأنبياء

    بيــان:
    قوله لعنه الله : " كنت صاحبه " يعني أغتنم إغواءه وأهتم به بحيث لا أكله إلى أصحابي وأعواني ، بل أتولى إضلاله بنفسي . ص350


    قال السجاد (ع) : قال موسى بن عمران (ع) :
    يا رب !.. من أهلك الذين تظلّهم في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك ؟. فأوحى الله إليه :
    الطاهرة قلوبهم ، والترّبِة أيديهم ( أي الفقراء ) ، الذين يذكرون جلالي إذا ذكروا ربهم ، الذين يكتفون بطاعتي كما يكتفي الصبي الصغير باللبن ، الذين يأوون إلى مساجدي كما تأوي النسور إلى أوكارها ، والذين يغضبون لمحارمي إذا استحلت مثل النمر إذا حرد ( أي غضب ).ص351

    المصدر:
    المحاسن ص16


    قال الباقر (ع) : أوحى الله تعالى إلى موسى (ع) : أحببني وحببّني إلى خلقي !.. قال موسى :
    يا رب !.. إنك لتعلم أنه ليس أحد أحب إليّ منك ، فكيف لي بقلوب العباد ؟.. فأوحى الله إليه : فذكّرهم نعمتي وآلائي ، فإنهم لا يذكرون مني إلا خيرا ، فقال موسى :
    يا رب!.. رضيت بما قضيتَ ، تمُيت الكبير ، وتبُقي الأولاد الصغار ، فأوحى الله إليه : أما ترضى بي رازقا وكفيلا ؟.. فقال :
    بلى يا رب !.. نعْم الوكيل ونعْم الكفيل . ص352

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الصادق (ع) : بينا موسى بن عمران يعظ أصحابه إذ قام رجل فشق قميصه ، فأوحى الله عز وجل إليه :
    يا موسى!.. قل له : لا تشق قميصك ، ولكن اشرح لي عن قلبك .
    ثم قال : مرّ موسى بن عمران برجل من أصحابه وهو ساجد ، فانصرف من حاجته وهو ساجد على حاله ، فقال له موسى : لو كانت حاجتُك بيدي لقضيتها لك ، فأوحى الله عز وجل إليه :
    يا موسى!.. لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبلته ، حتى يتحول عما أكره إلى ما أحب.ص352

    المصدر:
    روضة الكافي ص128


    قال الصادق (ع) : أوحى الله تعالى إلى موسى:
    إنه ما يتقرب إلي عبد بشيء أحب إلي من ثلاث خصال ، فقال موسى :
    وما هي يا رب ؟.. قال :
    الزهد في الدنيا ، والورع من محارمي ، والبكاء من خشيتي ، فقال موسى : فما لمن صنع ذلك ؟.. فقال : أما الزاهدون في الدنيا فاحكّمهم في الجنة ، وأما الورعون عن محارمي فإني أفتش الناس ولا أفتشهم ، وأما البكاؤون من خشيتي ففي الرفيق الأعلى لا يشركهم فيه أحد . ص352

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الصادق (ع): كان فيما ناجى الله تعالى به موسى :
    يا موسى!.. لا تركن إلى الدنيا ركون الظالمين وركون من اتخذها أمّا وأبا .
    يا موسى!.. لو وكلتك إلى نفسك تنظر لها ، لغلب عليك حب الدنيا وزهرتها.
    يا موسى!.. نافس في الخير أهله ، واسبقهم إليه ، فإن الخير كإسمه ، واترك من الدنيا ما بك الغنى عنه ، ولا تنظر عيناك إلى كل مفتون فيها موكول إلى نفسه واعلم أن كل فتنة بذرها حب الدنيا .. ولا تغبطن أحدا برضى الناس عنه حتى تعلم أن الله عز وجل عنه راض ، ولا تغبطن أحدا بطاعة الناس له واتباعهم إياه على غير الحق ، فهو هلاك له ولمن اتبعه .ص354

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الباقر (ع): قال موسى (ع) : أي عبادك أبغض إليك ؟.. قال : جيفة بالليل ، بطال بالنهار .ص354

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الصادق (ع): لما صعد موسى (ع) إلى الطور فناجى ربه قال : رب أرني خزائنك ، قال :
    يا موسى!.. إن خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له : كن فيكون .. قال :
    يا رب أي خلقك أبغض إليك ؟.. قال : الذي يتهمني قال : ومِن خلقك من يتهمك ؟.. قال : نعم ، الذي يستخيرني فأخير له ، والذي أقضي القضاء له - وهو خير له - فيتهمني .ص356

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الصادق (ع): في التوراة مكتوب : ابن آدم !.. تفرّغ لعبادتي أملأ قلبك خوفا مني ، وإن لا تفرغ لعبادتي أملأُ قلبك شغلا بالدنيا ، ثم لا أسد فاقتك وأكلك إلى طلبها .ص357

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الباقر (ع) : إن موسى بن عمران (ع) حبس عنه الوحي ثلاثين صباحا ، فصعد على جبل بالشام يقال له أريحا ، فقال : يا رب!.. لم حبست عني وحيك وكلامك ، ألذنب أذنبته ؟.. فها أنا بين يديك فاقتص لنفسك رضاها ، وإن كنت إنما حبست عني وحيك وكلامك لذنوب بني إسرائيل فعفوك القديم ، فأوحى الله إليه أن:
    يا موسى!.. تدري لم خصصتك بوحيي و كلامي من بين خلقي ؟..فقال : لا أعلمه يا رب ، قال :
    يا موسى!.. إني اطلعت إلى خلقي إطلاعة ، فلم أر في خلقي أشد تواضعا منك ، فمن ثم خصصتك بوحيي وكلامي من بين خلقي .. فكان موسى (ع) إذا صلى لم ينفتل حتى يلصق خده الأيمن بالأرض وخده الأيسر بالأرض .ص357

    المصدر:
    كتاب الحسين بن سعيد


    قال الصادق (ع) : إن في التوراة مكتوبا :
    ابن آدم !.. اذكرني حين تغضب أذكرك عند غضبي فلا أمحقك فيمن أمحق ، فإذا ظُلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك ، فإن انتصاري لك خير من انتصارك لنفسك .ص358

    المصدر:
    أصول الكافي 2/304


    قال رسول الله (ع) : قال الله عز وجل لموسى بن عمران : يا بن عمران لا تحسدن الناس على ما آتيتهم من فضلي ، ولا تمدن عينيك إلى ذلك ، ولا تُتبعه نفسَك ، فإن الحاسد ساخط لنعمي ، صادٌ لقسمي التي قسّمت بين عبادي ، ومن يك كذلك فلست منه وليس مني .ص358

    المصدر:
    أصول الكافي 2/307


    روي أن موسى (ع) قال : يا رب !.. دلني على عمل إذا أنا عملته نلت به رضاك ، فأوحى الله إليه :
    يا بن عمران!.. إن رضائي في كُرهك ولن تطيق ذلك ، فخر موسى (ع) ساجدا باكيا فقال :
    يا رب !.. خصصتني بالكلام ولم تكلم بشرا قبلي ، ولم تدلني على عمل أنال به رضاك ؟.. فأوحى الله إليه : إن رضاي في رضاك بقضائي .ص359

    المصدر:
    دعوات الراوندي


    قال الصادق (ع) : لما حج موسى (ع) نزل عليه جبرئيل (ع) ، فقال له موسى :
    يا جبرئيل !.. ما لمن حج هذا البيت بلا نية صادقة ، ولا نفقة طيبة ؟.. قال : لا أدري حتى أرجع إلى ربي عز وجل ، فلما رجع قال الله عز وجل :
    يا جبرئيل ما قال لك موسى ؟.. - وهو أعلم بما قال - قال :
    يا رب !.. قال لي : ما لمن حج هذا البيت بلا نية صادقة ولا نفقة طيبة ؟..
    قال الله عز وجل : ارجع إليه وقل له : أهب له حقي ، واُرضي عنه خلقي ، فقال :
    يا جبرئيل !.. ما لمن حج هذا البيت بنية صادقة ، ونفقة طيبة ؟.. قال :
    فرجع إلى الله عز وجل فأوحى الله إليه : قل له : اجعله في الرفيق الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا .ص359

    المصدر:
    الفقيه ص213


    يروى أن موسى (ع) قال يوما : يا رب إني جائع !.. فقال تعالى : أنا أعلم بجوعك ، قال : رب أطعمني ، قال : إلى أن أريد .ص361

    المصدر:
    العدة ص86


    وفيما أوحى الله إليه (ع) : يا موسى!.. الفقير من ليس له مثلي كفيل ، والمريض من ليس له مثلي طبيب ، والغريب من ليس له مثلي مؤنس .. وقال تعالى :
    يا موسى!..ارضَ بكسرة من شعير تسد بها جوعتك ، وبخرقة تواري بها عورتك ، واصبر على المصائب ، وإذا رأيت الدنيا مقبلة عليك فقل :
    إنا لله وإنا إليه راجعون ، عقوبة عُجلت في الدنيا ، وإذا رأيت الدنيا مدبرة عنك فقل : مرحبا بشعار الصالحين .
    يا موسى!.. لا تعجبن بما أوتى فرعون وما متع به ، فإنما هي زهرة الحياة الدنيا.ص361

    المصدر:
    العدة ص86


    وروي أن الله تعالى أوحى إلى موسى (ع) : أن اصعد الجبل لمناجاتي ، وكان هناك جبال فتطاولت الجبال ، وطمع كل أن يكون هو المصعود عدا جبلا صغيرا احتقر نفسه ، وقال : أنا أقل من أن يصعدني نبي الله لمناجاة رب العالمين ، فأوحى الله إليه : أن اصعد ذلك الجبل ، فإنه لا يرى لنفسه مكانا.ص361

    المصدر:
    العدة ص126

    باب وفاة موسى وهارون عليهما السلام وموضع قبرهما

    قال الصادق (ع) : إن ملك الموت أتى موسى بن عمران (ع) فسلم عليه ، فقال : من أنت ؟.. فقال : أنا ملك الموت ، قال :
    ما حاجتك ؟.. فقال له : جئت أقبض روحك ، فقال له موسى :
    من أين تقبض روحي ؟.. قال : من فمك ، قال له موسى :
    كيف وقد كلمت ربي عز وجل ؟.. قال : فمن يديك ، فقال له موسى : كيف وقد حملت بهما التوراة ؟.. فقال : من رجليك ، فقال : وكيف وقد وطئت بهما طور سيناء ؟.. وعد أشياء غير هذا ، فقال له ملك الموت :
    فإني أُمرت أن أتركك حتى تكون أنت الذي تريد ذلك .
    فمكث موسى ما شاء الله ، ثم مر برجل وهو يحفر قبرا ، فقال له موسى :
    ألا أعينك على حفر هذا القبر ؟.. فقال له الرجل : بلى ، فأعانه حتى حفر القبر ، ولحد اللحد ، فأراد الرجل أن يضطجع في اللحد لينظر كيف هو فقال له موسى : أنا أضطجع فيه ، فاضطجع موسى فأُريَ مكانه من الجنة - أو قال : منزله من الجنة - فقال :
    يا رب إقبضني إليك ، فقبض ملك الموت روحه ، ودفنه في القبر ، وسوى عليه التراب ، قال : وكان الذي يحفر القبر ملك الموت في صورة آدمي ، فلذلك لا يُعرف قبر موسى .ص367

    المصدر:
    العلل ص35

    باب قصص اسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد

    قال الصادق (ع) : إن إسماعيل الذي قال الله عز وجل في كتابه : { واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا } ، لم يكن إسماعيل بن إبراهيم ، بل كان نبيا من الأنبياء بعثه الله عز وجل إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه ووجهه ، فأتاه مَلَك فقال :
    إن الله جل جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت ، فقال : لي أسوة بما يُصنع بالحسين (ع) .ص388

    المصدر:
    العلل ص37

    باب قصة الياس واليا واليسع عليهم السلام

    أتينا باب أبي عبدالله (ع) ونحن نريد الإذن عليه فسمعناه يتكلم بكلام ليس بالعربية ، فتوهمنا أنه بالسريانية ، ثم بكا فبكينا لبكائه ، ثم خرج إلينا الغلام فأذن لنا فدخلنا عليه ، فقلت :
    أصلحك الله !.. أتيناك نريد الإذن عليك فسمعناك تتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا أنه بالسريانية ، ثم بكيت فبكينا لبكائك ، فقال : نعم ، ذكرت إلياس النبي (ع) ، وكان من عبّاد أنبياء بني إسرائيل ، فقلت كما كان يقول في سجوده ، ثم اندفع فيه بالسريانية فما رأينا والله قسّا ولا جاثليقا أفصح لهجة منه به ، ثم فسره لنا بالعربية فقال : كان يقول في سجوده :
    " أتراك معذبي وقد أظمأت لك هواجري ؟.. أتراك معذبي وقد عفرت لك في التراب وجهي ؟.. أتراك معذبي وقد اجتنبت لك المعاصي ؟.. أتراك معذبي وقد أسهرت لك ليلي ؟ .."
    قال : فأوحى الله إليه : أن ارفع رأسك فإني غير معذبك ، فقال : إن قلت : لا أعذبك ثم عذبتني ماذا ؟.. ألست عبدُك وأنت ربي ؟.. فأوحى الله إليه : أن ارفع رأسك فإني غير معذبك ، فإني إذا وعدت وعدا وفيت به .ص393

    المصدر:
    أصول الكافي 1/227

    باب قصص لقمان وحكمه

    سألت أبا عبدالله (ع) عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عز وجل ، فقال : أما والله ما أوتى لقمان الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال ، ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله ، متورعا في الله ، ساكتا ، سكينا ، عميق النظر ، طويل الفكر ، حديد النظر ، مستغنٍ بالعبر ، لم ينم نهارا قط ، ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال لشدة تستّره وعموق نظره وتحفّظه في أمره ، ولم يضحك من شيء قط مخافة الإثم ، ولم يغضب قط ، ولم يمازح إنسانا قط ، ولم يفرح لشيء إن أتاه من أمر الدنيا ، ولا حزن منها على شيء قط .
    وقد نكح من النساء وولد له الأولاد الكثيرة وقدم أكثرهم إفراطا ( أي مات له أولاد صغار قبل البلوغ ) فما بكى على موت أحد منهم .. ولم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان إلا أصلح بينهما ، ولم يمض عنهما حتى تحاجزا .. ولم يسمع قولا قط من أحد استحسنه إلا سأل عن تفسيره وعمن أخذه .. وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء ، وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين ، فيرثي للقضاة مما ابتلوا به ، ويرحم الملوك والسلاطين لغرّتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك ، ويعتبر ويتعلم ما يغلب به نفسه ، ويجاهد به هواه ، ويحترز به من الشيطان .. وكان يداوي قلبه بالتفكر ، ويداري نفسه بالعِبَر .. وكان لا يظعن إلا فيما يعنيه ، فبذلك اوتي الحكمة ، ومُنح العصمة .
    وإن الله تبارك وتعالى أمر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة ، فنادوا لقمان - حيث يسمع ولا يراهم - فقالوا : يا لقمان!.. هل لك أن يجعلك الله خليفة في الارض ، تحكم بين الناس ؟.. فقال لقمان : إن أمرني ربي بذلك فالسمع والطاعة ، لأنه إن فعل بي ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمني ، وإن هو خيّرني قبلت العافية ، فقالت الملائكة : يا لقمان لمَ ؟.. قال : لان الحكم بين الناس بأشد المنازل من الدين ، وأكثر فتنا وبلاء ما يُخذل ولا يُعان ، ويغشاه الظلم من كل مكان ، وصاحبه منه بين أمرين :
    إن أصاب فيه الحق فبالحريّ أن يسلم ، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة ، ومن يكن في الدنيا ذليلا وضعيفا ، كان أهون عليه في المعاد من أن يكون فيه حكما سريّا شريفا .. ومن اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتيهما ، تزول هذه ولا تدرك تلك .. فتعجبت الملائكة من حكمته ، واستحسن الرحمن منطقه ، فلما أمسى وأخذ مضجعه من الليل ، أنزل الله عليه الحكمة فغشّاه بها من قرنه إلى قدمه وهو نائم ، وغطّاه بالحكمة غطاء ، فاستيقظ وهو أحكم الناس في زمانه ، وخرج على الناس ينطق بالحكمة ويبيّنها فيها .
    قال : فلما أوتى الحكم ولم يقبلها ، أمر الله الملائكة فنادت داود بالخلافة فقبها ولم يشترط فيها بشرط لقمان ، فأعطاه الله الخلافة في الارض وابتلي فيها غير مرة ، وكل ذلك يهوي في الخطأ يقيله الله ويغفر له .. وكان لقمان يكثر زيارة داود (ع) ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل علمه ، وكان يقول داود له : طوبى لك يا لقمان أوتيت الحكمة ، وصُرفت عنك البلية ، وأعطي داود الخلافة ، وابتلي بالخطأ والفتنة .
    ثم قال أبوعبدالله (ع) في قول الله : {وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم } ، قال : فوعظ لقمان ابنه بآثار حتى تفطّر وانشقّ ، وكان فيما وعظه به يا حماد أن قال :
    يا بني!.. إنك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة ، فدارٌ أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد .
    يا بني!.. جالس العلماء وازحمهم بركبتيك ، ولا تجادلهم فيمنعوك ، وخذ من الدنيا بلاغا ، ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس ، ولا تدخل فيها دخولا يضرّ بآخرتك ، وصم صوما يقطع شهوتك ، ولا تصم صياما يمنعك من الصلاة فإن الصلاة أحب إلى الله من الصيام .
    يا بني!.. إن الدنيا بحر عميق ، قد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الإيمان ، واجعل شراعها التوكل ، واجعل زادك فيها تقوى الله ، فإن نجوت فبرحمة الله ، وإن هلكت فبذنوبك .
    يا بني !..إن تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا ، ومن عنى بالأدب اهتم به ، ومن اهتم به تكلف علمه ، ومن تكلف علمه اشتدّ له طلبه ، ومن اشتد له طلبه أدرك منفعته فاتخذه عادة ، فإنك تُخلف في سَلَفك ، وتنفع به من خلفك ، ويرتجيك فيه راغب ، ويخشى صولتك راهب .
    وإياك والكسل عنه بالطلب لغيره ، فإن غلبت على الدنيا فلا تُغلبنّ على الآخرة ، فإذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد غُلبت على الآخرة ، واجعل في أيامك ولياليك وساعاتك لنفسك نصيبا في طلب العلم ، فإنك لم تجد له تضييعا أشد من تركه ، ولا تمارين فيه لجوجا ، ولا تجادلن فقيها ، ولا تعادين سلطانا ، ولا تماشين ظلوما ، ولا تصادقنه ، ولا تؤاخين فاسقا ، ولا تصاحبن متهما ، واخزن علمك كما تحزن ورقك .
    يا بني!.. خف الله خوفا لو أتيت يوم القيامة ببر الثقلين خفت أن يعذبك ، وارج الله رجاء لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت أن يغفر الله لك .. فقال له ابنه : يا أبه ، وكيف أطيق هذا وإنما لي قلب واحد؟.. فقال له لقمان :
    يا بني !..لو استخرج قلب المؤمن فشُقّ لوجد فيه نوران : نور للخوف ، ونور للرجاء ، لو وزنا ما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة ، فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله ، ومن يصدّق ما قال الله يفعل ما أمر الله ، ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدّق ما قال الله ، فإن هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض ، فمن يؤمن بالله إيمانا صادقا يعمل لله خالصا ناصحا ، ومن يعمل لله خالصا ناصحا فقد آمن بالله صادقا ، ومن يطع الله خافه ، ومن خافه فقد أحبه ، ومن أحبه اتبع أمره ، ومن اتبع أمره استوجب جنته ومرضاته ، ومن لم يتبع رضوان الله فقد هان عليه سخطه ، نعوذ بالله من سخط الله ..
    يا بني!.. لا تركن إلى الدنيا ، ولا تشغل قلبك بها ، فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها ، ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين ، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين .ص412

    المصدر:
    تفسير القمي ص506


    قال أمير المؤمنين (ع) : كان فيما وعظ به لقمان ابنه أن قال له : يا بني!.. ليعتبر من قَصُر يقينه وضَعُفت نيّته في طلب الرزق ، أن الله تبارك وتعالى خلقه في ثلاثة أحوال من أمره ، وأتاه رزقه ولم يكن له في واحدة منها كسب ولا حيلة ، أن الله تبارك وتعالى سيرزقه في الحال الرابعة .
    أما أول ذلك فإنه كان في رحم أمه ، يرزقه هناك في قرار مكين حيث لا يؤذيه حر ولا برد ، ثم أخرجه من ذلك وأجرى له رزقا من لبن أمه يكفيه به ويربيه وينعشه من غير حول به ولا قوة ، ثم فُطم من ذلك فأجرى له رزقا من كسب أبويه برأفة ورحمة له من قلوبهما لا يملكان غير ذلك ، حتى أنهما يؤثرانه على أنفسهما في أحوال كثيرة ، حتى إذا كبر وعقل واكتسب لنفسه ، ضاق به أمره وظن الظنون بربه ، وجحد الحقوق في ماله ، وقتّر على نفسه وعياله مخافة إقتار رزق ، وسوء يقين بالخَلَف من الله تبارك وتعالى في العاجل والآجل ، فبئس العبد هذا يا بني.ص414

    المصدر:
    الخصال 1/60


    قال الصادق (ع): قيل للقمان : ما الذي أجمعت عليه من حكمتك ؟..قال : لا أتكلف ما قد كُفيته ، ولا اضيّع ما وُليته .ص415

    المصدر:
    قرب الإسناد ص35


    قال الصادق (ع):قال لقمان لابنه : يا بني!.. لكل شيء علامة يُعرف بها ويشهد عليها :
    وإن للدين ثلاث علامات : العلم ، والايمان ، والعمل به ..
    وللايمان ثلاث علامات : الايمان بالله وكتبه ورسله ..
    وللعالم ثلاث علامات : العلم بالله ، وبما يحب ، وما يكره ..
    وللعامل ثلاث علامات : الصلاة ، والصيام ، والزكاة ..
    وللمتكلف ثلاث علامات : ينازع من فوقه ، ويقول ما لا يعلم ، ويتعاطى ما لا ينال ..
    وللظالم ثلاث علامات : يظلم من فوقه بالمعصية ، ومن دونه بالغلبة ، ويعين الظلمة ..
    وللمنافق ثلاث علامات : يخالف لسانه قلبه ، وقلبه فعله ، وعلانيته سريرته..
    وللآثم ثلاث علامات : يخون ، ويكذب ، ويخالف ما يقول..
    وللمرائي ثلاث علامات : يكسل إذا كان وحده ، وينشط إذا كان الناس عنده ، ويتعرض في كل أمر للمحمدة ..
    وللحاسد ثلاث علامات : يغتاب إذا غاب ، ويتملق إذا شهد ، ويشمت بالمصيبة ..
    وللمسرف ثلاث علامات : يشتري ما ليس له ، ويلبس ما ليس له ، ويأكل ما ليس له ..
    وللكسلان ثلاث علامات : يتوانى حتى يفرّط ، ويفرّط حتى يضيّع ، ويضيّع حتى يأثم ..
    وللغافل ثلاث علامات : السهو ، واللهو ، والنسيان ..
    قال حماد بن عيسى : قال أبوعبدالله (ع) :
    ولكل واحدة من هذه العلامات شعب يبلغ العلم بها أكثر من ألف باب وألف باب وألف باب ، فكن يا حماد طالبا للعلم في آناء الليل والنهار ، فإن أردت أن تقر عينك وتنال خير الدنيا والآخرة ، فاقطع الطمع مما في أيدي الناس ، وعُدّ نفسك في الموتى ، ولا تحدث لنفسك أنك فوق أحد من الناس ، واخزن لسانك كما تحزن مالك.ص416

    المصدر:
    الخصال 1/60


    قال الباقر (ع): كان فيما وعظ به لقمان ابنه أن قال:
    يا بني!.. إن تك في شك من الموت ، فارفع عن نفسك النوم ولن تستطيع ذلك ، وإن كنت في شك من البعث فادفع عن نفسك الانتباه ، ولن تستطيع ذلك ، فإنك إذا فكرت في هذا علمت أن نفسك بيد غيرك ، وإنما النوم بمنزلة الموت ، وإنما اليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت .. وقال : قال لقمان (ع) :
    يا بني !.. لا تقترب فيكون أبعد لك ، ولا تبعد فتُهان ، كل دابة تحب مثلها وابن آدم لا يحب مثله ؟!.. لا تنشر بزك إلا عند باغيه ، وكما ليس بين الكبش والذئب خلّة ،كذلك ليس بين البار والفاجر خلة من يقترب من الزفت تعلّق ، كذلك من يشارك الفاجر يتعلم من طُرُقه ، من يحب المراء يُشتم ، ومن يدخل مدخل السوء يُتهم ، ومن يقارن قرين السوء لا يسلم ، ومن لا يملك لسانه يندم .. وقال :
    يا بني!..صاحب مائة ولا تعاد واحدا .... الخبر .ص417

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الصادق (ع): قال لقمان :
    يا بني!.. إياك والضجر وسوء الخلق وقلة الصبر ، فلا يستقيم على هذه الخصال صاحب ، وألزم نفسك التؤدة في أمورك وصبّر على مؤونات الإخوان نفسك ، وحسّن مع جميع الناس خلقك .
    يا بني!.. إن عَدَمك ما تصل به قرابتك وتتفضل به على إخوانك ، فلا يعدمنّك حسن الخلق وبسط البشر ، فإنه من أحسن خلقه أحبه الأخيار وجانبه الفجار ، واقنع بقسم الله ليصفو عيشك ، فإن أردت أن تجمع عز الدنيا فاقطع طمعك مما في أيدي الناس ، فإنما بلغ الأنبياء والصديقون ما بلغوا بقطع طمعهم . ص420

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الصادق (ع) : قال لقمان :
    يا بني !.. إن احتجت إلى سلطان فلا تُكثر الإلحاح عليه ، ولا تطلب حاجتك منه إلا في مواضع الطلب ، وذلك حين الرضى وطيب النفس ، ولا تضجرن بطلب حاجة ، فإن قضاءها بيد الله ولها أوقات ، ولكن ارغب إلى الله وسلْه وحرّك إليه أصابعك.
    يا بني!.. إن الدنيا قليل وعمرك قصير .
    يا بني !.. احذر الحسد فلا يكونن من شأنك ، واجتنب سوء الخلق فلا يكونن من طبعك ، فإنك لا تضر بهما إلا نفسك ، وإذا كنت أنت الضار لنفسك كَفيت عدوك أمرك ، لان عداوتك لنفسك أضر عليك من عداوة غيرك .
    يا بني !.. اجعل معروفك في أهله وكن فيه طالبا لثواب الله ، وكن مقتصدا ، ولا تمسكه تقتيرا ، ولا تعطه تبذيرا ..
    يا بني!.. سيد أخلاق الحكمة دين الله تعالى ، ومَثَل الدين كمثل شجرة نابتة فالإيمان بالله ماؤها ، والصلاة عروقها ، والزكاة جذعها ، والتآخي في الله شعبها ، والأخلاق الحسنة ورقها ، والخروج عن معاصي الله ثمرها ، ولا تكمل الشجرة إلا بثمرة طيبة ، كذلك الدين لا يكمل إلا بالخروج عن المحارم . يا بني!.. لكل شيء علامة يعرف بها ، وإن للدين ثلاث علامات :
    العفة ، والعلم ، والحلم .ص420

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال السجاد (ع) : قال لقمان :
    يا بني !.. إن أشد العُدم عُدم القلب ، وإن أعظم المصائب مصيبة الدين ، وأسنى المرزئة ( أي المصيبة ) مرزئته ، وأنفع الغنى غنى القلب ، فتلبّث في كل ذلك ، والزم القناعة والرضى بما قسم الله ، وإن السارق إذا سرق حبسه الله من رزقه ، وكان عليه إثمه ، ولو صبر لنال ذلك وجاءه من وجهه .
    يا بني!.. أخلص طاعة الله حتى لا تخالطها بشيء من المعاصي ، ثم زيّن الطاعة باتباع أهل الحق ، فإن طاعتهم متصلة بطاعة الله تعالى ، وزين ذلك بالعلم ، وحصّن علمك بحلم لا يخالطه حمق ، واخزنه بلين لا يخالطه جهل وشدّده بحزم لا يخالطه الضياع ، وامزج حزمك برفق لا يخالطه العنف . ص421

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الصادق (ع): قال لقمان (ع) : حملت الجندل ( أي الحجر ) والحديد وكل حمل ثقيل ، فلم أحمل شيئا أثقل من جار السوء ، وذقت المرارات كلها فما ذقت شيئا أمرّ من الفقر.... الخبر .ص421

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    وكان لقمان يطيل الجلوس وحده فكان يمر به مولاه فيقول : يا لقمان!.. إنك تديم الجلوس وحدك فلو جلست مع الناس كان آنس لك ، فيقول لقمان : إن طول الوحدة أفهم للفكرة ، وطول الفكرة دليل على طريق الجنة .ص422

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 1/38


    قال الصادق (ع): قال لقمان لابنه : إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتك إياهم في أمرك وأمورهم ، وأكثر التبسّم في وجوههم ، وكن كريما على زادك ، وإذا دعوك فأجبهم ، وإذا استعانوا بك فأعنهم ، واغلبهم بثلاث :
    بطول الصمت ، وكثرة الصلاة ، وسخاء النفس بما معك من دابة أو مال أو زاد ، وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم ، وأجهد رأيك لهم إذا استشاروك ، ثم لا تعزم حتى تثبّت وتنظر ، ولا تُجِبْ في مشورةٍ حتى تقوم فيها وتقعد ، وتنام وتصلي وأنت مستعمل فكرك وحكمتك في مشورته ، فإن من لم يمحّض النصيحة لمن استشاره ، سلبه الله تبارك وتعالى رأيه ، ونزع عنه الأمانة ، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم ، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم ، وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فأعط معهم .
    واسمع لمن هو أكبر منك سنا ، وإذا أمروك بأمر وسألوك فقل : نعم ، ولا تقل : لا ، فإن " لا " عيٌّ ولوم ، وإذا تحيرتم في طريقكم فانزلوا ، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتؤامروا ، وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه ، فإن الشخص الواحد في الفلات مريب ، لعله أن يكون عينا للصوص ، أو يكون هو الشيطان الذي يحيّركم ، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى ، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه ، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب .
    يا بني!.. فإذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء ، وصلّها واسترح منها ، فإنها دَين ، وصلّ في جماعة ولو على رأس زج ( أي الحديدة أسفل الرمح )، ولا تنامن على دابتك ، فإن ذلك سريع في دبْرها ( أي إتلافها ) ، وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل ، وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك ، وابدء بعلفها قبل نفسك ، وإذا أردت النزول فعليك من بقاع الارض بأحسنها لونا ، وألينها تربة ، وأكثرها عشبا ، وإذا نزلت فصلّ ركعتين قبل أن تجلس .
    وإذا أردت قضاء حاجة فابعد المذهب في الارض ، فإذا ارتحلت فصلّ ركعتين ، وودّع الارض التي حللت بها ، وسلم عليها وعلى أهلها ، فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة ، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتتصدق منه فافعل ، وعليك بقراءة كتاب الله عز وجل ما دمت راكبا ، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا ، وعليك بالدعاء ما دمت خاليا ، وإياك والسير من أول الليل ، وعليك بالتعريس والدلجة من لدن نصف الليل إلى آخره ، وإياك ورفع الصوت في مسيرك .ص423

    المصدر:
    روضة الكافي ص348


    قال النبي (ص) : حقا أقول ، لم يكن لقمان نبيا ، ولكنه كان عبدا كثير التفكر ، حَسَن اليقين.. أحبّ الله فأحبه ، ومنّ عليه بالحكمة.ص424

    المصدر:
    مجمع البيان 8/315


    قدم لقمان من سفر ، فلقي غلامه في الطريق فقال : ما فعل أبي ؟.. قال : مات ، قال : ملكت ُأمري ، قال : ما فعلت امرأتي ؟.. قال : ماتت ، قال : جُدّد فراشي ، قال : ما فعلت أختي ؟.. قال : ماتت ، قال : سُترت عورتي ، قال : ما فعل أخي ؟.. قال : مات ، قال : انقطع ظهري .ص424

    المصدر:
    مجمع البيان 8/315


    قيل للقمان : أي الناس شر ؟.. قال : الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئا .. وقيل له : ما أقبح وجهك !.. قال : تعيب على النقش أو على فاعل النقش ؟..ص425

    المصدر:
    مجمع البيان 8/315


    دخل على داود وهو يسرد الدرع ، وقد ليّن الله له الحديد كالطين ، فأراد أن يسأله فأدركته الحكمة فسكت ، فلما أتمها لبسها ، وقال : نعم لبوس الحرب أنت ، فقال :
    الصمت حكمة وقليل فاعله ، فقال له داود (ع) : بحق ما سُميت حكيما .ص425

    المصدر:
    مجمع البيان 8/315


    قال الصادق (ع): كان فيما وعظ به لقمان ابنه : يا بني!.. إن الناس قد جمعوا قبلك لأولادهم ، فلم يبق ما جمعوا، ولم يبق من جمعوا له ، وإنما أنت عبد مستأجر قد أُمرت بعمل ووُعدت عليه أجرا ، فأوف عملك واستوف أجرك ، ولا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر ، فأكلت حتى سمنت ، فكان حتفها عند سمنها ، ولكن اجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جُزت عليها وتركتها ولم ترجع إليها آخر الدهر ، أخربها ولا تعمّرها فإنك لم تؤمر بعمارتها ، واعلم أنك ستسأل غدا إذا وقفت بين يدي الله عز وجل عن أربع :
    شبابك فيما أبليته ، وعمرك فيما أفنيته ، ومالك مما اكتسبته ، وفيما أنفقته فتأهّب لذلك ، وأعدّ له جوابا ، ولا تأس على ما فاتك من الدنيا ، فإن قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه ، وكثيرها لا يؤمن بلاؤه ، فخذ حِذْرك ، وجدّ في أمرك ، واكشف الغطاء عن وجهك ، وتعرّض لمعروف ربك ، وجدد التوبة في قلبك.... الخبر. ص426

    المصدر:
    أصول الكافي 2/134


    قيل للقمان : ألست عبد آل فلان ؟.. قال : بلى ، قيل : فما بلغ بك ما نرى ؟.. قال :
    صدْقُ الحديث ، وأداء الأمانة ، وتركي ما لا يعنيني ، وغضي بصري ، وكفّي لساني ، وعفتي في طعمتي ، فمن نقص عن هذا فهو دوني ، ومن زاد عليه فهو فوقي ، ومن عمله فهو مثلي ، وقال :
    يا بني!.. لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة ، ولا تشمت بالموت ، ولا تسخر بالمبتلى ، ولا تمنع المعروف ..
    يا بني!.. كن أمينا تعش غنيا .
    يا بني!.. اتخذ تقوى الله تجارة تأتك الأرباح من غير بضاعة ، وإذا أخطأت خطيئة فابعث في أثرها صدقة تطفئها .
    يا بني!.. إن الموعظة تشق على السفيه ، كما يشق الصعود على الشيخ الكبير.. يا بني!.. لا ترث لمن ظلمته ، ولكن إرث لسوء ما جنيته على نفسك ، وإذا دعتك القدرة إلى ظلم الناس فاذكر قدرة الله عليك .
    يا بني !.. تعلّم من العلماء ما جهلت ، وعلّم الناس ما علمت .ص426

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 2/230


    من وصايا لقمان : يا بني !.. كن لليتيم كالأب الرحيم ، وللأرملة كالزوج العطوف ....
    يا بني !.. الوحدة خير من صاحب السوء ..
    يا بني !.. الصاحب الصالح خير من الوحدة ....
    يا بني !. من ذا الذي عبد الله فخذله ؟.. ومن ذا الذي ابتغاه فلم يجده ؟ .. يا بني !.. ومن ذا الذي ذكره فلم يذكره ؟.. ومن ذا الذي توكل على الله فوكله إلى غيره ؟ .. ومن ذا الذي تضرع إليه جل ذكره فلم يرحمه ؟....
    يا بني !.. إياك ومصاحبة الفسّاق فإنما هم كالكلاب ، إن وجدوا عندك شيئا أكلوه ، وإلا ذموك وفضحوك ، وإنما حبهم بينهم ساعة ....
    يا بني !.. المؤمن تظلمه ولا يظلمك وتطلب عليه ويرضى عنك ، والفاسق لا يراقب الله فكيف يراقبك ؟! ....
    يا بني !. انْه النفس عن هواها ، فإنك إن لم تنْه النفس عن هواها لن تدخل الجنة ولن تراها - ويروى انْه نفسك عن هواها ، فإن في هواها رداها -....
    يا بني !.. كيف يتجبر من قد جرى في مجرى البول مرتين ....
    يا بني!.. إنه قد مات أصفياء الله عز وجل و أحباؤه وأنبياؤه صلوات الله عليهم فمن ذا بعدهم يخلد فيترك ؟..
    يا بني !..لا تطأ أمَتَك ولو أعجبتك ، وانْه نفسك عنها وزوّجها ....
    يا بني !.. النساء أربع : ثنتان صالحتان ، وثنتان ملعونتان ، فأما إحدى الصالحتين : فهي الشريفة في قومها ، الذليلة في نفسها ، التي إن أُعطيتْ شكرت ، وإن أُبتليت صبرت ، القليل في يديها كثير .. والثاني : الولود الودود تعود بخير على زوجها ، هي كالأم الرحيم ، تعطف على كبيرهم ، وترحم صغيرهم ، وتحب ولد زوجها و إن كانوا من غيرها ، جامعة الشمل ، مرضية البعل ، مُصلحة في النفس والأهل والمال و الولد ، فهي كالذهب الأحمر طوبى لمن رُزقها ، إن شهد زوجها أعانته ، وإن غاب عنها حفظته .
    وأما إحدى الملعونتين : فهي العظيمة في نفسها ، الذليلة في قومها ، التي إن أُعطيت سخطت ، وإن مُنعت عتبت وغضبت ، فزوجها منها في بلاء ، وجيرانها منها في عناء ، فهي كالأسد إن جاورته أكلك ، وإن هربت منه قتلك.. والملعونة الثانية : فهي قلىً عن زوجها وملّها جيرانها ، إنما هي سريعة السخطة ، سريعة الدمعة ، إن شهد زوجها لم تنفعه ، وإن غاب عنها فضحته ، فهي بمنزلة الارض النشاشة ( أي التي لا يجف ثراها ولا تنبت ) إن اسقيت أفاضته الماء وغرقت ، وإن تركتها عطشت ، وإن رزقت منها ولدا لم تنتفع به ....
    يا بني !.. اتق النظر إلى ما لا تملكه ، وأطل التفكر في ملكوت السماوات والارض والجبال وما خلق الله ، فكفى بهذا واعظا لقلبك ....
    يا بني!.. تعلمت سبعة آلاف من الحكمة ، فاحفظ منها أربعا ومرّ معي إلى الجنة : احكم سفينتك فإن بحرك عميق ، وخفف حملك فإن العقبة كؤود ، وأكثر الزاد فإن السفر بعيد ، وأخلص العمل فإن الناقد بصير .ص432

    المصدر:
    الاختصاص


    من حكم لقمان : فإن افتقرت يومك فاجعل فقرك بينك وبين الله ، ولا تحدّث الناس بفقرك فتهون عليهم .
    يا بني !.. من لا يُسخط نفسه لا يُرضى ربه ، ومن لا يكظم غيظه يشمت عدوه .ص432

    المصدر:
    كنز الكراجكي


    أول ما ظهر من حكم لقمان ، أن تاجرا سكر وخاطر نديمه أن يشرب ماء البحر كله وإلا سلّم إليه ماله وأهله ، فلما أصبح وصحا ندم وجعل صاحبه يطالبه بذلك ، فقال لقمان :
    أنا اخلّصك بشرط أن لا تعود إلى مثله .. قل :
    أأشرب الماء الذي كان فيه وقتئذ فأتني به ، أو أشرب ماءه الآن، فسدّ أفواهه لاشربه ، أو أشرب الماء الذي يأتي به ، فاصبر حتى يأتي ، فأمسك صاحبه عنه .ص433

    المصدر:
    بيان التنزيل


    روي أن لقمان الحكيم قال لولده في وصيته :
    لا تعلّق قلبك برضى الناس ومدحهم وذمهم ، فإن ذلك لا يحصل ولو بالغ الإنسان في تحصيله بغاية قدرته ، فقال ولده : ما معناه ؟.. أحب أن أرى لذلك مثالا أو فعالا أو مقالا ، فقال له :
    أخرج أنا وأنت ، فخرجا ومعهما بهيمة فركبه لقمان وترك ولده يمشي وراءه ، فاجتازوا على قوم فقالوا :
    هذا شيخ قاسي القلب ، قليل الرحمة ، يركب هو الدابة وهو أقوى من هذا الصبي ويترك هذا الصبي يمشي وراءه ، وإن هذا بئس التدبير !.. فقال لولده :
    سمعت قولهم وإنكارهم لركوبي ومشيك ؟.. فقال : نعم .. فقال :
    اركب أنت يا ولدي حتى أمشي أنا ، فركب ولده ومشى لقمان ، فاجتازوا على جماعة أخرى فقالوا :
    هذا بئس الوالد وهذا بئس الولد ، أما أبوه فإنه ما أدّب هذا الصبي حتى يركب الدابة ويترك والده يمشي وراءه ، والوالد أحقّ بالاحترام والركوب ، وأما الولد فإنه عق والده بهذه الحال ، فكلاهما أساءا في الفعال !.. فقال لقمان لولده : سمعتَ ؟.. فقال : نعم .. فقال :
    نركب معا الدابة ، فركبا معا فاجتازا على جماعة فقالوا :
    ما في قلب هذين الراكبين رحمة ، ولا عندهم من الله خير ، يركبان معا الدابة يقطعان ظهرها و يحملانها ما لا تطيق ، لو كان قد ركب واحد ومشى واحد كان أصلح وأجود ، فقال : سمعتَ ؟.. فقال : نعم.. فقال :
    هات حتى نترك الدابة تمشي خالية من ركوبنا ، فساقا الدابة بين أيديهما وهما يمشيان فاجتازا على جماعة فقالوا :
    هذا عجيب من هذين الشخصين ، يتركان دابة فارغة تمشي بغير راكب ويمشيان !.. وذموهما على ذلك كما ذموهما على كل ما كان ، فقال لولده : ترى في تحصيل رضاهم حيلةً لمحتال ؟..
    فلا تلتفت إليهم ، واشتغل برضى الله جل جلاله ، ففيه شغل شاغل ، وسعادة وإقبال في الدنيا ، ويوم الحساب والسؤال .ص433

    المصدر:
    فتح الأبواب

    أبواب قصص داوود (ع) : باب عمره ووفاته وفضائله وما أعطاه الله ومنحه وعلل تسميته وكيفية حكمه وقضائه

    { ولقد آتينا داود وسليمان علما }، قال : إنّ الله عزّ وجلّ أعطى داود وسليمان ما لم يعط أحداً من أنبياء الله من الآيات : علّمهما منطق الطير ، وألان لهما الحديد والصفر من غير نار ، وجُعِلتْ الجبال يسبّحن مع داود ، وأنزل عليه الزبور ، فيه توحيدٌ وتمجيدٌ ودعاءٌ ، وأخبار رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما ، والأئمة (ع) ، وأخبار الرجعة ، وذكر القائم (ع) لقوله :
    { ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أنّ الأرض يرثها عبادي الصالحون } . ص3

    المصدر:
    تفسير القمي ص476

    بيــان:
    يمكن أن يكون تسبيح الجبال كنايةً عن تسبيح الملائكة الساكنين بها ، أو بأن خلق الله الصوت فيها ، أو على القول بأنّ للجمادات شعورا فلا حاجة إلى كثير تكلّف ، وأما الطيور فلا دليل على عدم تمييزها وقابليتها للتسبيح ، مع أنّ كثيراً من الأخبار دلّت على أنّ لها تسبيحاً ، وما سيأتي من قصة النمل يؤيده . ص4


    قال الصادق (ع) : أوحى الله تعالى إلى داود (ع) : إنك نِعمَ العبد لولا أنك تأكل من بيت المال ، ولا تعمل بيدك شيئا ، فبكى داود (ع) فأوحى الله تعالى إلى الحديد أن:
    لِنْ لعبدي داود ، فألان الله تعالى له الحديد ، فكان يعمل كلّ يوم درعاً فيبيعها بألف درهم ، فعمل (ع) ثلاثمائة وستين درعا فباعها بثلاثمائة وستين ألفا ، واستغنى عن بيت المال . ص13

    المصدر:
    الفقيه ص355


    يقال : إنّ داود (ع) جزّأ ساعات الليل والنهار على أهله ، فلم يكن ساعةٌ إلا وإنسانٌ من أولاده في الصلاة ، فقال تعالى : { اعملوا آل داود شكرا }.ص15

    المصدر:
    البيان


    قال علي (ع) : وإن شئت ثلّثت بداود (ع) صاحب المزامير ، وقارئ أهل الجنة ، فلقد كان يعمل سفائف الخوص بيده ، ويقول لجلسائه : أيّكم يكفيني بيعها ؟.. ويأكل قرص الشعير من ثمنها . ص15

    المصدر:
    النهج 1/293


    قال الصادق (ع) : إنّ داود (ع) لما وقف الموقف بعرفة نظر إلى الناس وكثرتهم ، فصعد الجبل فأقبل يدعو ، فلما قضى نسكه أتاه جبرائيل فقال له : يا داود !.. يقول لك ربك : لِمَ صعدت الجبل ؟.. ظننتَ أنه يخفى عليّ صوتٌ من صوت ؟!..
    ثم مضى به إلى البحر إلى جدّة ، فرسب به في الماء مسيرة أربعين صباحا في البرّ فإذا صخرة ففلقها فإذا فيها دودة ، فقال : يا داود !.. يقول لك ربك : أنا أسمع صوت هذه في بطن هذه الصخرة في قعر هذا البحر ، فظننت أنه يخفى عليّ صوت من صوّت ؟!.. ص16

    المصدر:
    فروع الكافي 1/224

    بيــان:
    لعله إنما ظنّ هذا غيره فنسب إليه ليعلم غيره ذلك ، أو أنه ظنّ أنّ من أدب الدعاء أن لا تكون الأصوات مختلطة ، فنبّه بذلك على خلافه ، أو أنّ فعله لمّا كان مظنّة ذلك عُوتب بذلك ، وإن لم يكن غرضه ذلك ، والله يعلم . ص16


    قال الصادق (ع) : قال داود النبي (ع) : لأعبدنّ الله اليوم عبادةً ، ولأقرأنّ قراءةً لم أفعل مثلها قطّ ، فدخل محرابه ففعل ، فلمّا فرغ من صلاته إذا هو بضفدع في المحراب ، فقال له :
    يا داود !.. أعجبك اليوم ما فعلت من عبادتك وقراءتك ؟.. فقال : نعم .. فقال : لا يعجبنّك ، فإني أسبّح الله في كل ليلةٍ ألف تسبيحةٍ ، يتشعب لي مع كلّ تسبيحةٍ ثلاثة آلاف تحميدة ، وإني لأكون في قعر الماء فيصوّت الطير في الهواء فأحسبه جائعا ، فأطفو له على الماء ليأكلني وما لي ذنبٌ . ص16

    المصدر:
    كتاب الحسين بن سعيد

    باب داود (ع) وأوريا وما صدر عنه من ترك الأَولى ، وما جرى بينه وبين حزقيل (ع)

    سأل الرضا (ع) علي بن محمد الجهم ، فقال: ما يقول مَن قبلكم في داود عليه السلام ؟.. فقال : يقولون :
    إنّ داود (ع) كان في محرابه يصلي ، إذ تصوّر له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور ، فقطع داود صلاته وقام ليأخذ الطير ، فخرج الطير إلى الدار ، فخرج في أثره ، فطار الطير إلى السطح فصعد في طلبه ، فسقط الطير في دار أوريا بن حنّان ، فاطّلع داود (ع) في أثر الطير فإذا بامرأة أوريا تغتسل ، فلما نظر إليها هواها ، وكان قد أخرج أوريا في بعض غزواته ، فكتب إلى صاحبه أن قدّم أوريا أمام الحرب ، فقدّم فظفر أوريا بالمشركين ، فصعب ذلك على داود ، فكتب إليه ثانيةً أن قدّمه أمام التابوت فقُدّم فقُتل أوريا رحمه الله وتزوّج داود بامرأته .. فضرب (ع) بيده على جبهته وقال :
    إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، لقد نسبتم نبياً من أنبياء الله عليهم السلام إلى التهاون بصلاته حين خرج في أثر الطير ، ثم بالفاحشة ، ثم بالقتل ، فقال :
    يا بن رسول الله !.. فما كانت خطيئته ؟.. فقال (ع) :
    ويحك !.. إنّ داود (ع) إنما ظنّ أنّ ما خلق الله عزّ وجلّ خلقاً هو أعلم منه ، فبعث الله عزّ وجلّ إليه الملَكين فتسوّرا المحراب فقالا :
    { خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحقّ ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط ، إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجة ولي نعجةٌ واحدةٌ فقال أكفلنيها وعزّني في الخطاب } .. فعجّل داود (ع) على المدّعى عليه فقال :
    { لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه } ، ولم يسأل المدّعي البينة على ذلك ، ولم يقبل على المدّعى عليه فيقول له : ما تقول ؟.. فكان هذا خطيئة حُكْم لا ما ذهبتم إليه ، ألا تسمع الله عزّ وجلّ يقول :
    { يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق } إلى آخر الآية ؟.. فقال : يا بن رسول الله !.. فما قصته مع أوريا ؟.. قال الرضا (ع) :
    إنّ المرأة في أيام داود كانت إذا مات بعلها أو قُتل لا تتزوج بعده أبدا ، وأول مَن أباح الله عزّ وجلّ أن يتزوج بامرأة قُتل بعلها داود (ع) ، فتزوج بامرأة أوريا لما قُتل وانقضت عدتّها منه ، فذلك الذي شقّ على أوريا . ص24

    المصدر:
    العيون ص107


    قال الصادق (ع) : إنّ داود عليه السلام خرج ذات يوم يقرأ الزبور ، وكان إذا قرأ الزبور لا يبقى جبلٌ ولا حجرٌ ولا طائرٌ ولا سبعٌ إلا جاوبه ، فما زال يمرّ حتى انتهى إلى جبل ، فإذا على ذلك الجبل نبيٌّ عابدٌ يُقال له حزقيل ، فلما سمع دويّ الجبال وأصوات السباع والطير علم أنه داود (ع) ، فقال داود :
    يا حزقيل !.. أتأذن لي فأصعد إليك ؟.. قال : لا ، فبكى داود (ع) ، فأوحى الله جلّ جلاله إليه :
    يا حزقيل !.. لا تعيّر داود وسلني العافية ، فقام حزقيل فأخذ بيد داود فرفعه إليه .. فقال داود :
    يا حزقيل !.. هل هممت بخطيئة قطّ ؟.. قال : لا ، قال : فهل دخلك العجب مما أنت فيه من عبادة الله عزّ وجلّ ؟.. قال : لا ، قال : فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت أن تأخذ من شهوتها ولذتها ؟.. قال : بلى ، ربما عرض بقلبي ، قال : فماذا تصنع إذا كان ذلك ؟.. قال :
    أدخل هذا الشعب فأعتبر بما فيه ، فدخل داود النبي (ع) الشعب ، فإذا سريرٌ من حديد عليه جمجمةٌ بالية ، وعظامٌ فانيةٌ ، وإذا لوحٌ من حديد فيه كتابةٌ ، فقرأها داود (ع) فإذا هي :
    أنا أروى سلم ملكت ألف سنة ، وبنيت ألف مدينة ، وافتضضت ألف بكر ، فكان آخر أمري أن صار التراب فراشي ، والحجارة وسادتي ، والديدان والحيّات جيراني ، فمَن رآني فلا يغترّ بالدنيا . ص25

    المصدر:
    إكمال الدين ص289 ، أمالي الصدوق ص61


    قال الصادق (ع) : لو أخذت أحداً يزعم أنّ داود (ع) يضع يده عليها لحددته حدّين : حدّاً للنبوة ، وحدّاً لما رماه به . ص26

    المصدر:
    قصص الأنبياء

    بيــان:
    قال الطبرسي رحمه الله : اختلف في استغفار داود (ع) من أي شيء كان ؟.. فقيل : إنه حصل منه على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى ، والخضوع له ، والتذلّل بالعبادة والسجود ، كما حكى سبحانه عن إبراهيم (ع) بقوله : { والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين } وأما قوله : { فغفرنا له ذلك } فالمعنى أنا قبلناه منه وأثبناه عليه ، فأخرجه على لفظ الجزاء مثل قوله : { يخادعون الله وهو خادعهم } وقوله : { الله يستهزئ بهم } ، فلما كان المقصود من الاستغفار والتوبة القبول ، قيل في جوابه : { غفرنا } وهذا قول من ينزه الأنبياء عن جميع الذنوب من الإمامية وغيرهم ، ومَن جوّز على الأنبياء الصغائر قال : إن استغفاره (ع) كان لصغيرة . ص30

    باب ما أوحي إلى داود (ع) وصدر عنه من الحكم

    قال الصادق (ع) : إنّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى داود (ع) :
    ما لي أراك وحدانا ؟.. قال : هجرت الناس وهجروني فيك ، قال :
    فما لي أراك ساكتا ؟.. قال : خشيُتك أسكتتني ، قال :
    فما لي أراك نَصِبا ؟.. قال : حبّك أنصبني ، قال :
    فما لي أراك فقيراً وقد أفدتك ؟.. قال : القيام بحقك أفقرني قال :
    فما لي أراك متذلّلا ؟.. قال : عظيم جلالك الذي لا يوصف ذلّلني ، وحقّ ذلك لك يا سيدي !.. قال الله جلّ جلاله :
    فابشر بالفضل مني ، فلك ما تحبّ يوم تلقاني ، خالط الناس وخالقهم بأخلاقهم ، وزايلهم في أعمالهم ، تنل ما تريد مني يوم القيامة .
    وقال الصادق (ع) : أوحى الله عزّ وجلّ إلى داود (ع) :
    يا داود !.. بي فافرح ، وبذكري فتلذّذ ، وبمناجاتي فتنعّم ، فعن قليل أُخلّي الدار من الفاسقين ، وأجعل لعنتي على الظالمين . ص34

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص118


    قال الصادق (ع) : أوحى الله عز وجل إلى داود (ع) : إن العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه جنتي ، فقال داوود (ع) : يا ربّ !.. وما تلك الحسنة ؟.. قال :
    يدخل على عبدي المؤمن سروراً ولو بتمرة ، فقال داوود (ع) :
    حقّ لمن عرفك أن لا ينقطع رجاؤه منك . ص35

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص359


    قال الباقر (ع) : إنّ داود قال لسليمان :
    يا بني !.. إياك وكثرة الضحك ، فإنّ كثرة الضحك تترك العبد حقيراً يوم القيامة.
    يا بني !.. عليك بطول الصمت إلا من خير ، فإنّ الندامة على طول الصمت مرة واحدة ، خيرٌ من الندامة على كثرة الكلام مرات .
    يا بني !.. لو أنّ الكلام كان من فضة كان ينبغي للصمت أن يكون من ذهب . ص35

    المصدر:
    قرب الإسناد ص33


    قال الصادق (ع) : أوحى الله تعالى إلى داود (ع) :
    إنّ خلادة بنت أوس بشّرها بالجنة ، وأعلمْها أنها قرينتك في الجنة ، فانطلق إليها فقرع الباب عليها ، فخرجت وقالت : هل نزل فيّ شيءٌ ؟.. قال : نعم ، قالت : وما هو ؟.. قال :
    إنّ الله تعالى أوحى إليّ وأخبرني أنك قرينتي في الجنة وأن أبشّركِ بالجنة ، قالت : أو يكون اسمٌ وافق اسمي ؟.. قال : إنك لأنت هي ، قالت :
    يا نبي الله !.. ما أكذبك ، ولا والله ما أعرف من نفسي ما وصفتني به .
    قال داود (ع) : أخبريني عن ضميرك ِوسريرتكِ ما هو ؟.. قالت :
    أما هذا فسأخبرك به ، أخبرك أنه لم يصبني وجعٌ قطّ نزل بي كائنا ما كان ، وما نزل ضرٌّ بي وحاجة وجوع كائنا ما كان إلا صبرت عليه ، ولم أسأل الله كشفه عني حتى يحوّله الله عني إلى العافية والسعة ، ولم أطلب بها بدلاً ، وشكرت الله عليها وحمدته ، فقال داود (ع) :
    فبهذا بلغتِ ما بلغتِ ، ثم قال الصادق (ع) : وهذا دين الله الذي ارتضاه للصالحين . ص39

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الصادق (ع) : أوحى الله تعالى إلى داود (ع) :
    إنّ خلادة بنت أوس بشّرها بالجنة ، وأعلمْها أنها قرينتك في الجنة ، فانطلق إليها فقرع الباب عليها ، فخرجت وقالت : هل نزل فيّ شيءٌ ؟.. قال : نعم ، قالت : وما هو ؟.. قال :
    إنّ الله تعالى أوحى إليّ وأخبرني أنك قرينتي في الجنة وأن أبشّركِ بالجنة ، قالت : أو يكون اسمٌ وافق اسمي ؟.. قال : إنك لأنت هي ، قالت :
    يا نبي الله !.. ما أكذبك ، ولا والله ما أعرف من نفسي ما وصفتني به .
    قال داود (ع) : أخبريني عن ضميرك ِوسريرتكِ ما هو ؟.. قالت :
    أما هذا فسأخبرك به ، أخبرك أنه لم يصبني وجعٌ قطّ نزل بي كائنا ما كان ، وما نزل ضرٌّ بي وحاجة وجوع كائنا ما كان إلا صبرت عليه ، ولم أسأل الله كشفه عني حتى يحوّله الله عني إلى العافية والسعة ، ولم أطلب بها بدلاً ، وشكرت الله عليها وحمدته ، فقال داود (ع) :
    فبهذا بلغتِ ما بلغتِ ، ثم قال الصادق (ع) : وهذا دين الله الذي ارتضاه للصالحين . ص39

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الله لداود : يا داود !.. احذر القلوب المعلّقة بشهوات الدنيا ، فإنّ عقولها محجوبةٌ عني .ص39

    المصدر:
    الاختصاص


    قال الصادق (ع) : في حكمة آل داود (ع) : على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه ، مقبلاً على شأنه ، حافظاً للسانه . ص39

    المصدر:
    أصول الكافي 2/116


    قال الصادق (ع) : قال الله عزّ وجلّ لداود (ع) : يا داود !..بشّر المذنبين ، وأنذر الصدّيقين ، قال : كيف أُبشّر المذنبين وأُنذر الصدّيقين ؟.. قال :
    يا داود !.. بشّر المذنبين أني أقبل التوبة وأعفو عن الذنب ، وأنذر الصدّيقين أن لا يعجبوا بأعمالهم ، فإنه ليس عبدٌ أنصبه للحساب إلا هلك . ص40

    المصدر:
    أصول الكافي 2/214


    روي أنّ الله أوحى إلى داود (ع) : مَن أحبّ حبيباً صدّق قوله ، ومَن آنس بحبيبٍ قبل قوله ورضي فعله ، ومَن وثق بحبيبٍ اعتمد عليه ، ومَن اشتاق إلى حبيبٍ جدّ في السير إليه .
    يا داود !.. ذكري للذاكرين ، وجنتي للمطيعين ، وزيارتي للمشتاقين ، وأنا خاصة للمطيعين .ص40

    المصدر:
    إرشاد القلوب 1/73


    روي أنّ داود (ع) خرج مصحراً منفرداً ، فأوحى الله إليه : يا داود !.. ما لي أراك وحدانيا ؟.. فقال :
    إلهي !.. اشتدّ الشوق مني إلى لقائك ، وحال بيني وبينك خلقك ، فأوحى الله إليه : ارجع إليهم !.. فإنك إن تأتني بعبدٍ آبقٍ أثبتك في اللوح حميدا . ص41

    المصدر:
    إرشاد القلوب 1/208


    قال الصادق (ع) : أوحى الله عزّ وجلّ إلى داود (ع) : ما اعتصم بي عبدٌ من عبادي دون أحدٍ من خلقي عرفت ذلك من نيّته ، ثم تكيده السماوات والأرض ومَن فيهن ، إلا جعلت له المخرج من بينهن.. وما اعتصم عبدٌ من عبادي بأحد من خلقي عرفت ذلك من نيّته ، إلا قطعت أسباب السماوات من يديه ، وأسخْت الأرض من تحته ، ولم أبال بأي وادٍ تهالك . ص41

    المصدر:
    أصول الكافي 2/63


    قال الباقر (ع) : كان في بني إسرائيل عابدٌ فأُعجب به داود (ع) ، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه :
    لا يعجبك شيءٌ من أمره فإنه مُراءٍ ، فمات الرجل فأتى داود فقيل له :
    مات الرجل ، فقال : ادفنوا صاحبكم ، فأنكرت ذلك بنو إسرائيل ، وقالوا : كيف لم يحضره ؟..
    فلما غُسّل قام خمسون رجلا فشهدوا بالله ما يعلمون منه إلا خيرا ، فلما صلّوا عليه قام خمسون رجلا فشهدوا بالله ما يعلمون إلا خيرا ، فلما دفنوه أوحى الله عزّ وجلّ إلى داود (ع) :
    ما منعك أن تشهد فلانا ؟.. قال : الذي أطلعتني عليه من أمره ، قال :
    إن كان لكذلك ، ولكن شهده قومٌ من الأحبار والرهبان فشهدوا لي ما يعلمون إلا خيرا ، فأجزت شهادتهم عليه ، وغفرت له علمي فيه . ص42

    المصدر:
    كتاب الحسين بن سعيد


    فيما أوحى الله إلى داود (ع) : مَن انقطع إليّ كفيته ، ومَن سألني أعطيته ، ومَن دعاني أجبته ، وإنما أؤخر دعوته وهي معلّقةٌ وقد استجبتها حتى يتم قضائي ، فإذا تم قضائي أنفذت ما سأل ، قل للمظلوم :
    إنما أؤخر دعوتك وقد استجبتها لك على من ظلمك لضروب كثيرة غابت عنك ، وأنا أحكم الحاكمين :
    إما أن تكون قد ظلمت رجلا فدعا عليك ، فتكون هذه بهذه لا لك ولا عليك وإما أن تكون لك درجةٌ في الجنة لا تبلغها عندي إلا بظلمه لك ، لأني أختبر عبادي في أموالهم وأنفسهم ، وربما أمرضت العبد فقلت صلاته وخدمته ، ولصوته إذا دعاني في كربته أحبّ إليّ من صلاة المصلّين ، ولربما صلّى العبد فأضرب بها وجهه وأحجب عني صوته .
    أتدري من ذلك يا داود ؟.. ذلك الذي يكثر الالتفات إلى حرم المؤمنين بعين الفسق ..... كم ركعة طويلة فيها بكاءٌ بخشية قد صلاّها صاحبها لا تساوي عندي فتيلاً حين نظرت في قلبه فوجدته أن سلّم من الصلاة ، وبرزت له امرأةٌ وعرضت عليه نفسها أجابها ، وإن عامله مؤمنٌ خانه . ص43

    المصدر:
    العدة ص22

    أبواب قصص سليمان بن داود (ع) : باب فضله ومكارم أخلاقه وجمل أحواله

    قال الصادق (ع) : إنّ سليمان (ع) لما سُلب ملكه خرج على وجهه ، فضاف رجلا عظيما ، فأضافه وأحسن إليه ، ونزل سليمان منه منزلا عظيماً لما رأى من صلاته وفضله ، فزوّجه بنته ، فقالت له بنت الرجل حين رأت منه ما رأت :
    بأبي أنت وأمي ، ما أطيب ريحك وأكمل خصالك !.. لا أعلم فيك خصلةً أكرهها إلا أنك في مؤونة أبي ، فخرج حتى أتى الساحل فأعان صياداً على ساحل البحر ، فأعطاه السمكة التي وجد في بطنها خاتمه . ص69

    المصدر:
    المجالس ص57


    قال علي (ع) : ولو أنّ أحداً يجد إلى البقاء سلّما ، أو لدفع الموت سبيلا ، لكان ذلك سليمان بن داود (ع) ، الذي سُخّر له ملك الجن والإنس مع النبوة ، وعظيم الزلفة ، فلما استوفى طُعمته ، واستكمل مدته ، رمته قسيّ الفناء بنبال الموت ، وأصبحت الديار منه خاليةً ، والمساكن معطلّةً ، ورثها قوم آخرون.ص71

    المصدر:
    النهج 1/341


    قال الباقر (ع) : خرج سليمان يستسقي ومعه الجنّ والإنس ، فمرّ بنملة عرجاء ناشرة جناحها ، رافعة يدها ، وتقول :
    اللهم !.. إنّا خلقٌ من خلقك ، لا غنى بنا عن رزقك ، فلا تؤاخذنا بذنوب بني آدم واسقنا ، فقال سليمان (ع) لمن كان معه : ارجعوا فقد شفع فيكم غيركم .. وفي خبر : قد كُفيتم بغيركم.ص73

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الصادق (ع) : آخر نبي يدخل الجنة سليمان بن داود (ع) ، وذلك لما أُعطي في الدنيا .ص74

    المصدر:
    السرائر ص467


    روي أنّ سليمان بن داود (ع) مرّ في موكبه - والطير تظلّه ، والجنّ والإنس عن يمينه وعن شماله - بعابدٍ من عبّاد بني إسرائيل ، فقال :
    والله يا بن داود !.. لقد آتاك الله ملكاً عظيما ، فسمعه سليمان فقال : لتسبيحةٌ في صحيفة مؤمن خيرٌ مما أُعطي ابن داود ، إنّ ما أُعطي ابن داود يذهب ، وإنّ التسبيحة تبقى . ص83

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 1/129


    كان سليمان مع ما هو فيه من الملك يلبس الشعر ، وإذا جنّه الليل شدّ يديه إلى عنقه ، فلا يزال قائماً حتى يصبح باكياً ، وكان قوته من سفائف الخوص يعملها بيده ، وإنما سأل المُلك ليقهر ملوك الكفر . ص83

    المصدر:
    إرشاد القلوب 1/192

    باب معنى قول سليمان (ع) : هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي

    قلت للكاظم (ع) : أيجوز أن يكون نبي الله عزّ وجلّ بخيلا ؟.. فقال : لا ، فقلت له : فقول سليمان :
    { رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي } ، ما وجهه ومعناه ؟.. فقال : المُلك مُلكان : ملكٌ مأخوذٌ بالغلبة والجور وإجبار الناس ، وملكٌ مأخوذٌ من قِبَل الله تعالى ذكره ، كملك آل إبراهيم ، وملك طالوت ، وملك ذي القرنين ، فقال سليمان (ع) :
    { هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي } أن يقول : إنه مأخوذٌ بالغلبة والجور وإجبار الناس ، فسخّر الله عزّ وجلّ له الريح تجري بأمره رخاءً حيث أصاب وجعل غدوها شهرا ورواحها شهرا ، وسخّر الله عزّ وجلّ له الشياطين كلّ بنّاء وغوّاص ، وعُلّم منطق الطير ، ومُكّن في الأرض ، فعلم الناس في وقته وبعده أنّ ملكه لا يشبه ملك الملوك المختارين من قِبَل الناس والمالكين بالغلبة والجور ......
    ثم قال (ع) : قد والله أُوتينا ما أُوتي سليمان ، وما لم يؤت سليمان ، وما لم يؤت أحدٌ من الأنبياء ، قال الله عزّ وجلّ في قصة سليمان : { هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب } ، وقال عزّ وجلّ في قصة محمد (ص) :
    { ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا } . ص86

    المصدر:
    معاني الأخبار ص100 ، العلل ص35

    بيــان:
    قال الطبرسي قدس الله روحه : يُسأل عن هذا فيقال : إنّ هذا القول من سليمان يقتضي الضنّة والمنافسة ، لأنه لم يرضَ بأن يسأل المُلك حتى أضاف إلى ذلك أن يمنع غيره منه ، وأجيب عنه بأجوبة :
    أحدها : أنّ الأنبياء لا يسألون إلا ما يؤذن لهم في مسألته ، وجائز أن يكون الله أعلم سليمان أنه إن سأل مُلكاً لا يكون لغيره ، كان أصلح له في الدين ، وأعلمه أنه لا صلاح لغيره في ذلك ، ولو أنّ أحدنا صرّح في دعائه بهذا الشرط حتى يقول :
    اللهم !.. اجعلني أكثر أهل زماني مالاً ، إذا علمت أنّ ذلك أصلح لي، لكان ذلك منه حسنا جائزا ، اختاره الجبائي .
    وثانيها : أنه يجوز أن يكون (ع) التمس من الله آيةً لنبوته يبين بها من غيره ، وأراد لا ينبغي لأحد غيري ممن أنا مبعوثٌ إليه ، ولم يرد من بعده إلى يوم القيامة من النبيين ،كما يقال :
    أنا لا أطيع أحداً بعدك أي لا أطيع أحداً سواك .
    وثالثها : ما قاله المرتضى قدّس الله سرّه : إنه يجوز أن يكون إنما سأل ملك الآخرة وثواب الجنة ، ويكون معنى قوله :
    { لا ينبغي لأحد من بعدي } لا يستحقه بعد وصولي إليه أحد ، من حيث لا يصلح أن يعمل ما يستحقّ به ذلك لانقطاع التكليف .
    ورابعها : أنه التمس معجزةً تختص به ، كما أنّ موسى (ع) اختص بالعصا و اليد ، واختص صالح بالناقة ، ومحمد (ص) بالقرآن والمعراج ، ويدلّ عليه ما روي مرفوعا عن النبي (ص) أنه صلّى صلاة فقال :
    إنّ الشيطان عرض لي ليفسد عليّ الصلاة ، فأمكنني الله منه فودعته ( أي تركته ) ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا وتنظروا إليه أجمعين ، فذكرت قول سليمان :
    { رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي } فردّه الله خاسئا خائبا ، أورده البخاري ومسلم في الصحيحين . ص89
    بعد ثبوت عصمة الأنبياء وجلالتهم ، لابدّ من حمل ما صدر عنهم على محمل صحيح مجملا ، وإن لم يتعين في نظرنا ، وما ذُكر من الوجوه محتملة وإن كان بعضها لا يخلو من بُعد ، وما ذكره الطبرسي أولا أظهر الوجوه .
    ويمكن أن يقال : المنع عن غيره لم يكن على وجه الضنّة ، بل على وجه الشفقة ، لأن مُلك الدنيا في نظرهم خسيسٌ دنيّ لا يليق بالمقرّبين قربه ، ولما رأى صلاح زمانه في ذلك سأله اضطرارا ، ومنعه عن غيره إشفاقا عليهم ، أو يقال : إنّ كلامه مخصوصٌ بمن عدا الأنبياء والأوصياء ، وهو قريبٌ من الثاني ، ويحتمل وجوها أخر تركناها مخافة الإطناب . ص90

    باب قصة مروره (ع) بوادي النمل وتكلّمه معها ، وسائر ما وصل إليه من أصوات الحيوانات

    *

    المصدر:

    بيــان:
    فإن قيل : كيف عرفت النملة سليمان وجنوده حتى قالت هذه المقالة ؟.. قلنا : إذا كانت مأمورةً بطاعته فلا بدّ أن يخلق الله لها من الفهم ما تعرف به أمور طاعته ، ولا يمتنع أن يكون لها من الفهم ما ستدرك به ذلك ، وقد علمنا أنها تشقّ ما تجمع من الحبوب بنصفين ، مخافة أن تصيبه الندى فينبت ، إلا الكزبرة فإنها تكسرها بأربع ، لأنها تنبت إذا قطعت بنصفين ، فمَن هداها إلى هذا فإنه يهديها إلى تمييز ما يحطمها مما لا يحطمها ، وقيل : إنّ ذلك كان منها على سبيل المعجز الخارق للعادة لسليمان (ع) . ص91
    قال الرازي في تفسيره : رأيت في بعض الكتب أنّ تلك النملة إنما أمرت غيرها بالدخول ، لأنها خافت أنها إذا رأت سليمان على جلالته ، فربما وقعت في كفران نعمة الله ، وهو المراد بقوله :
    { لا يحطمنكم سليمان } ، فأمرتها بالدخول في مساكنها لئلا ترى تلك النعم ، فلا تقع في كفران نعم الله . ص91


    وروى أنّ سليمان (ع) رأى عصفورا يقول لعصفورة : لِمَ تمنعين نفسك مني ؟.. ولو شئت أخذت قبّة سليمان بمنقاري فألقيتها في البحر ، فتبّسم سليمان (ع) من كلامه ثم دعاهما ، وقال للعصفور :
    أتطيق أن تفعل ذلك ؟.. فقال : لا يا رسول الله !.. ولكنّ المرء قد يزيّن نفسه ويعظّمها عند زوجته ، والمحبّ لا يُلام على ما يقول ، فقال سليمان (ع) للعصفورة : لِمَ تمنعينه من نفسك وهو يحبك ؟.. فقالت :
    يا نبي الله !.. إنه ليس محبّاً ولكنه مدّعٍ ، لأنه يحبّ معي غيري ، فأثّر كلام العصفورة في قلب سليمان ، وبكى بكاء شديدا ، واحتجب عن الناس أربعين يوماً يدعو الله أن يفرغ قلبه لمحبته ، وأن لا يخالطها بمحبة غيره . ص95

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    ذكروا أنّ سليمان (ع) كان جالساً على شاطئ بحرٍ ، فبصر بنملة تحمل حبّةَ قمحٍ تذهب بها نحو البحر ، فجعل سليمان ينظر إليها حتى بلغت الماء ، فإذا بضفدعة قد أخرجت رأسها من الماء ، ففتحت فاها فدخلت النملة فاها ، وغاصت الضفدعة في البحر ساعةً طويلةً وسليمان يتفكّر في ذلك متعجبا ، ثم إنها خرجت من الماء وفتحت فاها ، فخرجت النملة من فيها ولم يكن معها الحبّة ، فدعاها سليمان (ع) وسألها عن حالها وشأنها وأين كانت .. فقالت :
    يا نبي الله !.. إنّ في قعر هذا البحر الذي تراه صخرةً مجوفةً ، وفي جوفها دودةٌ عمياء ، وقد خلقها الله تعالى هنالك ، فلا تقدر أن تخرج منها لطلب معاشها ، وقد وكلني الله برزقها ، فأنا أحمل رزقها ، وسخّر الله هذه الضفدعة لتحملني فلا يضرني الماء في فيها ، وتضع فاها على ثقب الصخرة وأدخلها ، ثم إذا أوصلت رزقها إليها خرجت من ثقب الصخرة إلى فيها فتخرجني من البحر ، قال سليمان (ع) :
    وهل سمعت لها من تسبيحة ؟.. قالت : نعم ، تقول :
    يا من لا ينساني في جوف هذه الصخرة تحت هذه اللّجة !.. برزقك لا تنسَ عبادك المؤمنين برحمتك . ص98

    المصدر:
    دعوات الراوندي

    باب تفسير قوله تعالى : { فطفق مسحا بالسوق والأعناق } ، وقوله عزّ وجلّ : { وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب }

    *

    المصدر:

    بيــان:
    قال الصدوق رحمه الله : قال زرارة والفضيل : قلنا للباقر (ع) : أرأيت قول الله عزّ وجلّ : { إنّ الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } ؟.. قال : يعني كتابا مفروضا ، وليس يعني وقت فوتها ، إن جاز ذلك الوقت ثم صلاّها لم تكن صلاة مؤداة ، ولو كان ذلك كذلك ، لهلك سليمان بن داود (ع) حين صلاّها بغير وقتها ، ولكنه متى ذكرها صلاها .
    ثم قال رحمه الله : إنّ الجهّال من أهل الخلاف ، يزعمون أنّ سليمان (ع) اشتغل ذات يوم بعرض الخيل حتى توارت الشمس بالحجاب ، ثم أمر بردّ الخيل وأمر بضرب سوقها وأعناقها ، وقال : إنها شغلتني عن ذكر ربي ، وليس كما يقولون ، جلّ نبي الله سليمان (ع) عن مثل هذا الفعل لأنه لم يكن للخيل ذنبٌ فيضرب سوقها وأعناقها ، لأنها لم تعرض نفسها عليه ولم تشغله ، وإنما عُرضت عليه وهي بهائم غير مكلّفة .ص101

    باب قصته مع بلقيس

    قلت للكاظم (ع) : جعلت فداك !.. أخبرني عن النبي (ص) ورث النبيين كلهم ؟.. قال : نعم ، قلت :
    من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه ؟.. قال : ما بعث الله نبياً إلا ومحمد (ص) أعلم منه ، قلت : إنّ عيسى بن مريم (ع) كان يحيي الموتى بإذن الله ، قال : صدقت ، وسليمان بن داود (ع) كان يفهم منطق الطير ، وكان رسول الله (ص) يقدر على هذه المنازل ، فقال : إنّ سليمان بن داود (ع) قال للهدهد حين فقده وشكّ في أمره فقال :
    { ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين } حين فقده فغضب عليه فقال : { لأعذبنّه عذابا شديداً أو لأذبحنّه أو ليأتيني بسلطان مبين } .
    وإنما غضب لأنه كان يدلّه على الماء ، فهذا وهو طائرٌ قد أُعطي ما لم يُعطَ سليمان ، وقد كانت الريح والنمل والجنّ والإنس والشياطين والمردة له طائعين ، ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء ، وكان الطير يعرفه ، وإنّ الله يقول في كتابه : { ولو أنّ قرآنا سيّرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلّم به الموتى } ، وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تُسيّر به الجبال ، وتقطع به البلدان ، وتحيى به الموتى ، ونحن نعرف الماء تحت الهواء ، وإنّ في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمرٌ إلا أن يأذن الله به.ص113

    المصدر:
    أصول الكافي 1/226


    قال الصادق (ع) : يا أبان !..كيف تنكر الناس قول أمير المؤمنين (ع) لما قال : " لو شئت لرفعت رجلي هذه ، فضربت بها صدر ابن أبي سفيان بالشام فنكسته عن سريره " ولا ينكرون تناول آصف وصي سليمان عرش بلقيس وإتيانه سليمان به قبل أن يرتد إليه طرفه ؟..
    أليس نبينا (ص) أفضل الأنبياء ووصيه أفضل الأوصياء ؟.. أفلا جعلوه كوصي سليمان (ع) ؟.. حَكَم الله بيننا وبين مَن جحد حقنا وأنكر فضلنا . ص116

    المصدر:
    الاختصاص


    قال أبو حنيفة للصادق (ع) : كيف تفقّد سليمان الهدهد من بين الطير ؟.. قال :
    لأن الهدهد يرى الماء في بطن الأرض ، كما يرى أحدكم الدهن في القارورة ، فنظر أبو حنيفة إلى أصحابه وضحك ! .. فقال الصادق (ع) :
    ما يضحكك ؟.. قال : ظفرت بك جعلت فداك !.. قال : وكيف ذاك ؟.. قال : الذي يرى الماء في بطن الأرض ، لا يرى الفخ في التراب حتى تأخذ بعنقه ؟.. فقال الصادق (ع) : يا نعمان !.. أما علمت أنه إذا نزل القدر أُغشى البصر . ص116

    المصدر:
    مجمع البيان ص217

    باب ما أوحي إليه وصدر عنه من الحكم ، وفيه قصة نفش الغنم

    قال الباقر (ع) : قال سليمان بن داود (ع) : أوتينا ما أُوتي الناس وما لم يُؤتوا ، وعُلِّمنا ما علم الناس وما لم يعلموا ، فلم نجد شيئا أفضل من خشية الله في المغيب والمشهد ، والقصد في الغنى والفقر ، وكلمة الحقّ في الرضى والغضب ، والتضرّع إلى الله عزّ وجلّ على كلّ حال . ص130

    المصدر:
    الخصال 1/114


    قال رسول الله (ص) : قالت أم سليمان بن داود لسليمان (ع) : يا بني !.. إياك وكثرة النوم بالليل ، فإنّ كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة . ص134

    المصدر:
    كتاب الحسين بن سعيد


    قال سليمان بن داود (ع) لابنه : يا بني !.. إياك والمراء ، فإنه ليست فيه منفعةٌ ، وهو يهيّج بين الإخوان العداوة . ص134

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 2/12

    باب وفاته (ع) وما كان بعده

    قال الصادق (ع) : إنّ سليمان بن داود (ع) قال ذات يوم لأصحابه : إنّ الله تبارك وتعالى قد وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي : سخّر لي الريح والإنس و الجن والطير والوحوش ، وعلّمني منطق الطير ، وآتاني من كلّ شيء ، ومع جميع ما أُوتيت من المُلك ما تمّ لي سرور يوم إلى الليل ، وقد أحببت أن أدخل قصري في غد فأصعد أعلاه وأنظر إلى ممالكي ، فلا تأذنوا لأحد عليّ لئلا يرد عليّ ما ينغّص على يومي ، قالوا : نعم .. فلما كان من الغد أخذ عصاه بيده ، وصعد إلى أعلى موضع من قصره ، ووقف متكئاً على عصاه ينظر إلى ممالكه مسروراً بما أُوتي فرحا بما أُعطي ، إذ نظر إلى شاب حسن الوجه واللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره ، فلما بصر به سليمان (ع) قال له : مَن أدخلك إلى هذا القصر وقد أردت أن أخلو فيه اليوم ؟.. فبإذن مَن دخلت ؟..
    فقال الشاب : أدخلني هذا القصر ربه وبإذنه دخلت ، فقال : ربه أحقّ به مني ، فمَن أنت ؟.. قال : أنا ملك الموت ، قال : وفيما جئت ؟.. قال : جئت لأقبض روحك ، قال : امض لما أُمرت به فهذا يوم سروري ، وأبى الله عزّ وجلّ أن يكون لي سرورٌ دون لقائه ، فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على عصاه .
    فبقي سليمان (ع) متكئا على عصاه وهو ميّت ما شاء الله ، والناس ينظرون إليه وهم يقدّرون أنه حيّ ، فافتتنوا فيه واختلفوا فمنهم من قال : إنّ سليمان (ع) قد بقي متكئا على عصاه هذه الأيام الكثيرة ، ولم يتعب ولم ينم ولم يأكل ولم يشرب ، إنه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده ، وقال قومٌ :
    إنّ سليمان (ع) ساحرٌ ، وإنه يرينا أنه واقفٌ متكئٌ على عصاه ، يسحر أعيننا وليس كذلك ، فقال المؤمنون :
    إنّ سليمان هو عبد الله ونبيه يدبّر الله أمره بما شاء ، فلما اختلفوا بعث الله عزّ وجلّ الأرضة ، فدبّت في عصاه ، فلما أكلت جوفها انكسرت العصا وخرّ سليمان (ع) من قصره على وجهه .... الخبر . ص137

    المصدر:
    العلل ص36 ، العيون ص146

    باب قصة قوم سبأ وأهل الثرثار

    قال الصادق (ع) :إني لألعق أصابعي من المأدم ، حتى أخاف أن يرى خادمي أنّ ذلك من جشع ، وليس ذلك كذلك ، إنّ قوما أفرِغت عليهم النعمة وهم أهل الثرثار ، فعمدوا إلى مخّ الحنطة فجعلوه خبزا هجاء ، فجعلوا ينجون به صبيانهم حتى اجتمع من ذلك جبل .
    فمرّ رجلٌ صالحٌ على امرأة وهي تفعل ذلك بصبي لها ، فقال : ويحكم !.. اتقوا الله لا تغيّروا ما بكم من نعمة ، فقالت :
    كأنك تخوّفنا بالجوع ؟.. أمّا مادام ثرثارنا يجري فإنا لا نخاف الجوع ، فأسف الله عزّ وجل ، وضعف لهم الثرثار ، وحبس عنهم قطر السماء ، ونبت الأرض ، فاحتاجوا إلى ما في أيديهم فأكلوه ، ثم احتاجوا إلى ذلك الجبل ، فإن كان ليقسّم بينهم بالميزان . ص144

    المصدر:
    المحاسن ص586

    باب قصص زكريا ويحيى (ع)

    قال الصادق (ع) : بكى يحيى بن زكريا (ع) حتى ذهب لحم خديه من الدموع ، فوضع على العظم لبودا يجري عليها الدموع ، فقال له أبوه : يا بني !.. إني سألت الله تعالى أن يهبك لي لتقرّ عيني بك ، فقال : يا أبه !.. إنّ على نيران ربنا معاثر ( أي مهالك ) لا يجوزها إلا البكّاؤون من خشية الله عزّ وجلّ ، وأتخوّف أن آتيها فأزلّ منها ، فبكى زكريا (ع) حتى غشي عليه من البكاء . ص167

    المصدر:
    من خط الشهيد


    قال الصادق (ع) : إنّ إبليس كان يأتي الأنبياء من لدن آدم (ع) إلى أن بعث الله المسيح (ع) يتحدث عندهم ويسائلهم ، ولم يكن بأحد منهم أشدّ أنسا منه بيحيى بن زكريا (ع) ، فقال له يحيى :
    يا أبا مرة !.. إنّ لي إليك حاجة ، فقال له :أنت أعظم قدراً من أن أردّك بمسألة فسلني ما شئت ، فإني غير مخالفك في أمر تريده .. فقال يحيى :
    يا أبا مرة !.. أحبّ أن تعرض عليّ مصائدك وفخوخك التي تصطاد بها بني آدم ، فقال له إبليس : حبّاً و كرامةً ، وواعده لغد .
    فلما أصبح يحيى (ع) قعد في بيته ينتظر الموعد وأغلق عليه الباب إغلاقا ، فما شعر حتى ساواه من خوخة كانت في بيته ، فإذا وجهه صورة وجه القرد ، وجسده على صورة الخنزير ، وإذا عيناه مشقوقتان طولا ، وإذا أسنانه وفمه مشقوقٌ طولا عظماً واحداً بلا ذقن ولا لحية ، وله أربعة أيد : يدان في صدره ويدان في منكبه ، وإذا عراقيبه قوادمه ، و أصابعه خلفه ، وعليه قباء وقد شدّ وسطه بمنطقة فيها خيوط معلّقة بين أحمر وأصفر و أخضر وجميع الألوان ، وإذا بيده جرسٌ عظيمٌ ، وعلى رأسه بيضةٌ ، وإذا في البيضة حديدةٌ معلّقةٌ شبيهةٌ بالكلاّب .. فلما تأمله يحيى (ع) قال له :
    ما هذه المنطقة التي في وسطك ؟.. فقال : هذه المجوسية ، أنا الذي سننتها وزينتها لهم .. فقال له :
    ما هذه الخيوط الألوان ؟.. قال له : هذه جميع أصباغ النساء ، لا تزال المرأة تصبغ الصبغ حتى تقع مع لونها ، فأفتتن الناس بها .. فقال له :
    فما هذا الجرس الذي بيدك ؟.. قال : هذا مجمع كل لذّة من طنبور و بربط ومعزفة وطبل وناي وصرناي ، وإنّ القوم ليجلسون على شرابهم فلا يستلذونه ، فأحرّك الجرس فيما بينهم فإذا سمعوه استخفهم الطرب ، فمن بين من يرقص ومن بين من يفرقع أصابعه ، ومن بين من يشقّ ثيابه .. فقال له :
    وأي الأشياء أقرّ لعينك ؟.. قال : النساء هن فخوخي ومصائدي ، فإني إذا اجتمعت علي دعوات الصالحين ولعناتهم صرت إلى النساء فطابت نفسي بهن .. فقال له يحيى (ع) :
    فما هذه البيضة التي على رأسك ؟..قال : بها أتوقى دعوة المؤمنين .. قال :
    فما هذه الحديدة التي أرى فيها ؟.. قال : بهذه أقلّب قلوب الصالحين . ص173

    المصدر:
    أمالي الطوسي ص216


    قال السجاد (ع) : خرجنا مع الحسين (ع) فما نزل منزلا ولا ارتحل منه إلا وذكر يحيى بن زكريا (ع) ، وقال يوما : من هوان الدنيا على الله عزّ وجلّ أنّ رأس يحيى بن زكريا أُهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل . ص175

    المصدر:
    مجمع البيان 6/502


    سئل القائم (ع) عن تأويل { كهيعص } قال (ع) : هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع الله عليها عبده زكريا ، ثم قصّها على محمد (ص) ، وذلك أنّ زكريا سأل ربه أن يعلّمه أسماء الخمسة ، فأهبط عليه جبرائيل (ع) فعلّمه إياها ، فكان زكريا (ع) إذا ذكر محمداً (ص) وعلياً وفاطمة والحسن (ع) سرّي عنه همه وانجلى كربه ، وإذا ذكر اسم الحسين (ع) خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة ، فقال (ع) ذات يوم :
    إلهي !.. ما بالي إذا ذكرت أربعة منهم تسليّت بأسمائهم من همومي ، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي ؟.. فأنبأه الله تبارك وتعالى عن قصته فقال : { كهيعص } فالكاف اسم كربلاء ، والهاء هلاك العترة ، والياء يزيد وهو ظالم الحسين (ع) ، والعين عطشه ، والصاد صبره ، فلما سمع ذلك زكريا (ع) لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ، ومنع فيهن الناس من الدخول عليه ، وأقبل على البكاء والنحيب وكان يرثيه :
    إلهي !.. أتفجع خير جميع خلقك بولده ؟..
    إلهي !.. أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه ؟..
    إلهي !.. أتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة ؟..
    إلهي !.. أتحلّ كربة هذه المصيبة بساحتهما ؟.. ثم كان يقول :
    إلهي !.. ارزقني ولدا تقرّ به عيني على الكبر ، فإذا رزقتينه فافتّني بحبه ، ثم افجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده ، فرزقه الله يحيى وفجعه به ، وكان حمل يحيى (ع) ستة أشهر ، وحمل الحسين (ع) كذلك . ص179

    المصدر:
    الاحتجاج ص259

    باب قصص مريم وولادتها وبعض أحوالها صلوات الله عليها وأحوال أبيها عمران

    قال الصادق (ع) : تؤتى بالمرأة الحسناء يوم القيامة التي قد افتتنت في حسنها ، فتقول : يا ربّ !.. حسّنت خلقي حتى لقيت ما لقيت ، فيجاء بمريم (ع) فيقال : أنت أحسن أم هذه ؟.. قد حسّناها فلم تفتتن . ص192

    المصدر:
    روضة الكافي ص228


    قال الباقر (ع) : إنّ فاطمة ضمنت لعلي عمل البيت والعجين والخبز وقمّ البيت ، وضمن لها علي (ع) ما كان خلف الباب ، نقل الحطب ، وأن يجيء بالطعام ، فقال لها يوماً : يا فاطمة !.. هل عندك شيءٌ ؟.. قالت : والذي عظّم حقك ، ما كان عندنا منذ ثلاث إلا شيءٌ آثرتك به ، قال : أفلا أخبرتني ؟.. قالت :
    كان رسول الله (ص) نهاني أن أسألك شيئاً ، فقال : لا تسألي ابن عمك شيئا ، إن جاءك بشيء عفوا وإلا فلا تسأليه ، فخرج (ع) فلقي رجلاً فاستقرض منه دينارا ، ثم أقبل به وقد أمسى فلقي المقداد بن الأسود ، فقال للمقداد : ما أخرجك في هذه الساعة ؟.. قال :
    الجوع ، والذي عظّم حقك يا أمير المؤمنين !.. قال (ع) :
    فهو أخرجني وقد استقرضت دينارا وسأؤثرك به ، فدفعه إليه ، فأقبل فوجد رسول الله (ص) جالساً وفاطمة تصلّي وبينهما شيءٌ مغطّى ، فلما فرغت أحضرت ذلك الشيء ، فإذا جفنةٌ من خبز ولحم قال :
    يا فاطمة !.. أنى لك هذا ؟.. قالت : هو من عند الله ، إنّ الله يرزق مَن يشاء بغير حساب .. فقال رسول الله (ص) :
    ألا أحدّثك بمَثَلك ومَثَلها قال : بلى ، قال : مثل زكريا إذ دخل على مريم المحراب فوجد عندها رزقا ، قال :
    يا مريم !.. أنى لك هذا قالت : هو من عند الله ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فأكلوا منها شهرا ، وهي الجفنة التي يأكل منها القائم (ع ) وهو عنده . ص198

    المصدر:
    تفسير العياشي


    قال الصادق (ع) : إنّ الله تعالى جلّ جلاله أوحى إلى عمران إني واهبٌ لك ذَكَرا مباركا يبرئ الأكمه والأبرص ، ويحيي الموتى بإذن الله ، وإني جاعله رسولاً إلى بني إسرائيل ، فحدّث عمران امرأته حنّة بذلك وهي أم مريم ، فلما حملت كان حملها عند نفسها غلاما ، فقالت :
    { رب إني نذرت لك ما في بطني محررا } ، فوضعت أنثى فقالت :
    { وليس الذكر كالأنثى } إنّ البنت لا تكون رسولا ، فلما أن وهب الله لمريم عيسى بعد ذلك كان هو الذي بشّر الله به عمران . ص203

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    عن النبي (ص) أنه قال في فاطمة (ع) وما يصيبها من الظلم بعده : ثم ترى نفسها ذليلةً بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزةً ، فعند ذلك يؤنسها الله تعالى بالملائكة ، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران ، فتقول : يا فاطمة !.. إنّ الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين .. يا فاطمة !.. اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ، ثم يبتدئ بها الوجع فتمرض ، فيبعث الله إليها مريم بنت عمران تمرّضها وتؤنسها في علّتها . ص205

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص69

    باب فضل عيسى (ع) ورفعة شأنه ومعجزاته

    قال علي (ع) في بعض خطبه : وإن شئت قلت في عيسى بن مريم (ع) ، فلقد كان يتوسّد الحجر ، ويلبس الخشن ، وكان إدامه الجوع ، وسراجه بالليل القمر ، وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها ، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم ، ولم تكن له زوجةٌ تفتنه ، ولا ولدٌ يُحزنه ، ولا مالٌ يُلفته ، ولا طمعٌ يذلّه ، دابته رجلاه ، وخادمه يداه . ص238

    المصدر:
    النهج 1/293

    باب مواعظه وحكمه وما أوحى إليه صلوات الله على نبينا وآله وعليه

    قال الصادق (ع) : كان عيسى بن مريم يقول لأصحابه : يا بني آدم !.. اهربوا من الدنيا إلى الله ، وأخرجوا قلوبكم عنها ، فإنكم لا تصلحون لها ولا تصلح لكم ، ولا تبقون فيها ولا تبقى لكم ، هي الخدّاعة الفجّاعة ، المغرور مَن اغترّ بها ، المغبون مَن اطمأنّ إليها ، الهالك مَن أحبها وأرادها .... الخبر . ص288

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص331


    قال الصادق (ع) : كان فيما وعظ الله تبارك وتعالى به عيسى بن مريم (ع) أن قال له :
    يا عيسى !.. أنا ربك وربّ آبائك ، اسمي واحدٌ ، وأنا الأحد المتفرّد بخلق كلّ شيء ، وكلّ شيء من صنعي ، وكلّ خلقي إليّ راجعون ..
    يا عيسى !.. أنت المسيح بأمري ، وأنت تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني ، وأنت تحيي الموتى بكلامي ، فكن إليّ راغباً ، ومني راهباً ، فإنك لن تجد مني ملجأً إلا إليّ ....
    يا عيسى !.. أنزلني من نفسك كهمّك ، واجعل ذكري لمعادك ، وتقرّب إليّ بالنوافل ، وتوكّل عليّ أكفك ، ولا تولّ غيري فأخذلك ....

    المصدر:
    روضة الكافي ص131 ، أمالي الصدوق ص308 قال الصادق (ع) : كان فيما وعظ الله تبارك وتعالى به عيسى بن مريم (ع) أن قال له :

    بيــان:
    " كهمّك " أي اجعلني واتخذني قريباً منك كقرب همّك وما يخطر ببالك منك ، أو اهتم بأوامري كما تهتم بأمور نفسك ، قوله :
    " ولا تولّ غيري " أي لا تتخذ غيري وليّ أمرك ، أو لا تجعل حبك لغيري .
    يا عيسى أحي ذكري بلسانك ، وليكن ودّي في قلبك ..
    يا عيسى !.. تيّقظ في ساعات الغفلة ....
    يا عيسى !.. راع الليل لتحرّي مسرّتي ، واظمأ نهارك ليوم حاجتك عندي....
    يا عيسى !.. حقّاً أقول ما آمنتْ بي خليقةٌ إلا خشعت لي ، وما خشعت لي إلا رجت ثوابي ، فأشهدك أنها آمنةٌ من عقابي ما لم تغيّر أو تبدل سنتي ....
    يا عيسى !.. اكحل عينيك بميل الحزن إذا ضحك البطّالون ....
    يا عيسى !.. ابكِ على نفسك في الصلاة ، وانقل قدميك إلى مواضع الصلوات ، وأسمعني لذاذة نطقك بذكري ، فإنّ صنيعي إليك حسنٌ ..... ولا تدعُني إلا متضرّعا إليّ وهمّك همٌّ واحدٌ ، فإنك متى تدعني كذلك أجبك ....
    يا عيسى !.. ما أكثر البشر وأقلّ عدد مَن صبر !.. الأشجار كثيرةٌ وطيّبها قليلٌ ، فلا يغرّنك حُسن شجرةٍ حتى تذوق ثمرتها ....
    يا عيسى !.. كم أُجمل النظر ، وأُحسن الطلب ؟.. والقوم في غفلة لا يرجعون ....
    يا عيسى !.. لا خير في لذاذة لا تدوم ، وعيشٍ من صاحبه يزول ، يا بن مريم !.. لو رأت عينك ما أعددتُ لأوليائي الصالحين ، ذاب قلبك وزهقت نفسك شوقا إليه ، فليس كدار الآخرة دارٌ ، تجاور فيها الطيّبون ، ويدخل عليهم فيها الملائكة المقرّبون ، وهم مما يأتي يوم القيامة من أهوالها آمنون ، دارٌ لا يتغيّر فيها النعيم ، ولا يزول عن أهلها ....
    يا عيسى !.. لا يصلح لسانان في فم واحد ، ولا قلبان في صدر واحد ، وكذلك الأذهان ....
    " ولا قلبان في صدر واحد " أي لا يجتمع حبّه تعالى وحبّ غيره في قلب واحد ، فلا يجتمعان إلا بأن يكون لك قلبان وهو محال ، كما قال تعالى : { ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } ، قوله :
    " وكذلك الأذهان " أي لا يجتمع شيئان متضادّان في ذهن واحد كالتوجه إلى الله وإلى الدنيا ، والتوكّل على الله وعلى غيره ، ويحتمل أن يكون ذكر اللسان والقلب تمهيدا لبيان الأخير ، أي كما لا يمكن أن يكون في فم لسانان وفي صدرٍ قلبان ، فكذلك لا يجوز أن يكون في ذهن واحد أمران متضادان ، يصيران منشأين لأمور مختلفة متباينة .
    وكلّ شهوةٍ تباعدك مني فاهجرها ، واعلم أنك مني بمكان الرسول الأمين ....
    يا عيسى !.. هذه نصيحتي إياك وموعظتي لك ، فخذها مني فإني رب العالمين ..
    يا عيسى !.. إذا صبر عبدي في جنبي كان ثواب عمله عليّ ، وكنت عنده حين يدعوني ، وكفى بي منتقماً ممن عصاني ، أين يهرب مني الظالمون ؟....
    يا عيسى !.. ابغني عند وسادك تجدني ، وادعني وأنت لي محبٌّ فإني أسمع السامعين ، أستجيب للداعين إذا دعوني ....
    " ابغني عند وسادك " أي اطلبني ، وتقرّب إليّ عندما تتكئ على وسادك للنوم بذكري تجدني لك حافظا في نومك ، أو قريباً منك مجيباً في تلك الحال أيضا ، أو اطلبني بالعبادة عند إرادة التوسّد أو في الوقت الذي يتوسّد فيه الناس تجدني مفيضاً عليك مترّحماً ، قوله :
    " أذكرك في نفسي " أي أفيض عليك من رحماتي الخاصة من غير أن يطلّع عليها غيري .
    يا عيسى !.. إني إن غضبت عليك لم ينفعك رضى من رضي عنك ، وإن رضيت عنك لم يضرّك غضب المغضبين ..
    يا عيسى !.. اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي ، واذكرني في ملئك أذكرك في ملأ خيرٌ من ملأ الآدميين ..
    يا عيسى !.. ادعني دعاء الغريق الذي ليس له مغيث ..
    يا عيسى !.. لا تحلف باسمي كاذباً فيهتزّ عرشي غضبا ....
    يا عيسى !.. قل لظلمة بني إسرائيل : غسلتم وجوهكم ودنّستم قلوبكم ، أبي تغترّون أم عليّ تجترئون ؟.. تتطيّبون بالطيب لأهل الدنيا ، وأجوافكم عندي بمنزلة الجيف المنتنة ، كأنكم أقوامٌ ميّتون.
    يا عيسى !.. قل لهم : قلّموا أظفاركم من كسب الحرام ، وأصمّوا أسماعكم عن ذكر الخناء ، واقبلوا عليّ بقلوبكم ، فإني لست أريد صوركم ....
    يا عيسى !.. أطب بي قلبك ، وأكثر ذكري في الخلوات ، واعلم أنّ سروري أن تبصبص إليّ ، وكن في ذلك حيّاً ولاتكن ميّتاً . ص298


    قال الرضا (ع) : قال عيسى بن مريم (ع) للحواريين : يا بني إسرائيل !.. لا تأسوا على ما فاتكم من دنياكم إذا سلم دينكم ، كما لا يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا سلمت دنياهم . ص304

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص297


    مواعظ المسيح (ع) في الإنجيل وغيره : صغّر الجهّال لجهلهم ولا تطردهم ، ولكن قرّ بهم وعلّمهم .... إنكم لن تنالوا ما تريدون إلا بترك ما تشتهون ، ولن تظفروا بما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون ..
    إياكم والنظرة !.. فإنها تزرع في القلوب الشهوة ، وكفى بها لصاحبها فتنة ، طوبى لمن جعل بصره في قلبه ولم يجعل بصره في نظر عينه ....
    بحقّ أقول لكم : إنّ العبد لا يقدر على أن يخدم ربين ، ولا محالة إنه يؤثرأحدهما على الآخر وإن جهد ، كذلك لا يجتمع لكم حبّ الله وحب الدنيا ..
    بحقّ أقول لكم : إنّ شرّ الناس لَرَجلٌ عالمٌ آثر دنياه على علمه ، فأحبّها وطلبها وجهد عليها حتى لو استطاع أن يجعل الناس في حيرة لفعل ، وماذا يغني عن الأعمى سعة نور الشمس وهو لا يبصرها ؟.. كذلك لا يغني عن العالم علمه إذا هو لم يعمل به ..
    ما أكثر ثمار الشجر !.. وليس كلّها ينفع ولا يؤكل ..وما أكثر العلماء !.. وليس كلهم ينتفع بما علم .. وما أوسع الأرض !.. وليس كلها تُسكن ..
    وما أكثر المتكلّمين !.. وليس كلّ كلامهم يُصدّق ..
    فاحتفظوا من العلماء الكَذَبة الذين عليهم ثياب الصوف ، منكّسو رؤوسهم إلى الأرض ، يزوّرون به الخطايا ، يطرفون من تحت حواجبهم كما ترمق الذئاب وقولهم يخالف فعلهم ، وهل يُجتنى من العوسج العنب ؟.. ومن الحنظل التين ؟.. وكذلك لا يؤثّر قول العالم الكاذب إلا زورا ، وليس كل مَن يقول يصدق ..
    بحقّ أقول لكم : إنّ الزرع ينبت في السهل ، ولا ينبت في الصفا ، وكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ، ولا تعمر في قلب المتكبّر الجبّار ، ألم تعلموا أنه مَن شمخ برأسه إلى السقف شجّه ، ومَن خفض برأسه عنه استظلّ تحته وأكنّه ؟.. وكذلك مَن لم يتواضع لله خفضه ، ومَن تواضع لله رفعه ، إنه ليس على كلّ حال يصلح العسل في الزقاق ، وكذلك القلوب ليس على كلّ حالٍ تعمر الحكمة فيها ، إنّ الزقّ ما لم ينخرق أو يقحل أو يتفل ، فسوف يكون للعسل وعاءً ، و كذلك القلوب ما لم تخرقها الشهوات ، ويدنّسها الطمع ، ويقسيها النعيم فسوف تكون أوعيةً للحكمة ..
    بحق أقول لكم : إنّ الحريق ليقع في البيت الواحد فلا يزال ينتقل من بيت إلى بيت حتى تحترق بيوتٌ كثيرةٌ ، إلا أن يُستدرك البيت الأول فيهدم من قواعده فلا تجد فيه النار محلا ، وكذلك الظالم الأول لو أُخذ على يديه لم يوجد من بعده إمامٌ ظالمٌ فيأتّمون به ، كما لو لم تجد النار في البيت الأول خشباً وألواحا لم تحرق شيئا ....
    ويلكم يا عبيد السوء !.. كيف ترجون أن يؤمنكم الله من فزع يوم القيامة وأنتم تخافون الناس في طاعة الله ، وتطيعونهم في معصيته ، وتفون لهم بالعهود الناقضة لعهده ؟.. بحقّ أقول لكم : لا يؤمن الله من فزع ذلك اليوم مَن اتخذ العباد أربابا من دونه ..
    ويلكم يا عبيد السوء !.. من أجل دنيا دنية وشهوة رديئة ، تفرّطون في مُلك الجنة وتنسون هول يوم القيامة ؟!..
    ويلكم يا عبيد الدنيا !.. من أجل نعمة زائلة وحياة منقطعة ، تفرّون من الله وتكرهون لقاءه ؟!.. فكيف يحبّ الله لقاءكم وأنتم تكرهون لقاءه ؟.. وإنما يحبّ الله لقاء مَن يحبّ لقاءه ، ويكره لقاء مَن يكره لقاءه ، وكيف تزعمون أنكم أولياء الله من دون الناس وأنتم تفرّون من الموت ، وتعتصمون بالدنيا ؟.. فماذا يغني عن الميّت طيب ريح حنوطه وبياض أكفانه وكلّ ذلك يكون في التراب ، كذلك لا يغني عنكم بهجة دنياكم التي زينّت لكم ، وكلّ ذلك إلى سلب وزوال ، ماذا يغني عنكم نقاء أجسادكم وصفاء ألوانكم وإلى الموت تصيرون ، وفي التراب تنسون ، وفي ظلمة القبر تغمرون ؟!..
    ويلكم يا عبيد الدنيا !... تحملون السراج في ضوء الشمس وضؤوها كان يكفيكم ، وتدعون أن تستضيئوا بها في الظلم ومن أجل ذلك سُخّرت لكم !.. كذلك استضأتم بنور العلم لأمر الدنيا وقد كفيتموه ، وتركتم أن تستضيئوا به لأمر الآخرة ومن أجل ذلك أُعطيتموه ، تقولون : إنّ الآخرة حقّ وأنتم تمهّدون الدنيا ، وتقولون : إنّ الموت حقّ وأنتم تفرّون منه ، وتقولون : إنّ الله يسمع ويرى ولا تخافون إحصاءه عليكم ، فكيف يصدّقكم مَن سمعكم ، فإنّ مَن كَذَب من غير علمٍ أعذرُ ممن كذب على علم ، وإن كان لا عذر في شيء من الكذب ....
    ماذا يغني عن البيت المظلم أن يُوضع السراج فوق ظهره ، وجوفه وَحِشٌ مظلمٌ ؟.. كذلك لا يغني عنكم أن يكون نور العلم بأفواهكم وأجوافكم منه وحشةٌ معطلّةٌ !.. فاسرعوا إلى بيوتكم المظلمة فأنيروا فيها ، كذلك فاسرعوا إلى قلوبكم القاسية بالحكمة قبل أن ترين عليها الخطايا فتكون أقسى من الحجارة ، كيف يطيق حمل الأثقال من لا يستعين على حملها ؟..
    أم كيف تحطّ أوزار مَن لا يستغفر الله منها ؟.. أم كيف تُنقّى ثياب من لا يغسلها ؟.. وكيف يبرأ من الخطايا مَن لا يكفّرها ؟.. أم كيف ينجو من غرق البحر مَن يعبر بغير سفينة ؟.. وكيف ينجو من فتن الدنيا مَن لم يداوها بالجدّ والاجتهاد ؟.. وكيف يبلغ مَن يسافر بغير دليل ؟.. وكيف يصير إلى الجنة مَن لا يبصر معالم الدين ؟.. وكيف ينال مرضاة الله مَن لا يطيعه ؟.. وكيف يبصر عيب وجهه مَن لا ينظر في المرآة ؟.. وكيف يستكمل حبّ خليله مَن لا يبذل له بعض ما عنده ؟.. وكيف يستكمل حبّ ربه مَن لا يقرضه بعض ما رزقه ؟..
    بحقّ أقول لكم : إنه كما لا ينقص البحر أن تغرق فيه السفينة ولا يضرّه ذلك شيئا ، كذلك لا تنقصون الله بمعاصيكم شيئا ولا تضرّونه بل أنفسكم تضرّون ، وإياها تنقصون ، وكما لا ينقص نور الشمس كثرة من يتقلب فيها بل به يعيش ويحيى ، كذلك لا ينقص الله كثرة ما يعطيكم ويرزقكم ، بل برزقه تعيشون وبه تحيون ، يزيد من شَكَره أنه شاكر عليم ....
    بحقّ أقول لكم : إنه كما ينظر المريض إلى طيب الطعام فلا يلتذّه مع ما يجده من شدة الوجع ،كذلك صاحب الدنيا لا يلتذّ بالعبادة ، ولا يجد حلاوتها مع ما يجد من حبّ المال ، وكما يلتذّ المريض نعت الطبيب العالم بما يرجو فيه من الشفاء ، فإذا ذكر مرارة الدواء وطعمه كدّر عليه الشفاء ، كذلك أهل الدنيا يلتذّون ببهجتها وأنواع ما فيها ، فإذا ذكروا فجأة الموت كدّرها عليهم وأفسدها ....
    بحق أقول لكم : لا تدركون شرف الآخرة إلا بترك ما تحبون ، فلا تنتظروا بالتوبة غدا ، فإنّ دون غد يوماً وليلةً ، قضاء الله فيهما يغدو ويروح ..
    بحقّ أقول لكم : إنّ صغار الخطايا ومحقّراتها لمن مكائد إبليس يحقّرها لكم ويصغّرها في أعينكم ، وتجتمع فتكثر وتحيط بكم ....
    بحقّ أقول لكم : ليس شيءٌ أبلغ في شرف الآخرة وأعون على حوادث الدنيا من الصلاة الدائمة ، وليس شيءٌ أقرب إلى الرحمن منها ، فدوموا عليها ، واستكثروا منها ، وكلّ عمل صالح يقرّب إلى الله فالصلاة أقرب إليه وآثر عنده ....
    يا ويلكم يا علماء السوء !.. إنكم لتعملون عمل الملحدين ، وتأملون أمل الوارثين ، وتطمئنون بطمأنيته الآمنين ، وليس أمر الله على ما تتمنون وتتخيرون ، بل للموت تتوالدون ، وللخراب تبنون وتعمرون ، وللوارثين تمهّدون ....
    بحقّ أقول لكم : إنّ الذي يخوض النهر لابدّ أن يصيب ثوبه الماء وإن جهد أن لا يصيبه ، كذلك مَن يحبّ الدنيا لا ينجو من الخطايا ..
    بحقّ أقول لكم : طوبى للذين يتهجدون من الليل ، أولئك الذين يرثون النور الدائم من أجل أنّهم قاموا في ظلمة الليل على أرجلهم في مساجدهم ، يتضرّعون إلى ربهم رجاء أن ينجيهم في الشدة غدا ....
    بحقّ أقول لكم : يا عبيد الدنيا !.. كيف يدرك الآخرة من لا تنقص شهوته من الدنيا ولا تنقطع منها رغبته ؟....
    بحقّ أقول لكم : يا عبيد الدنيا !.. إن أحدكم يبغض صاحبه على الظن ، ولا يبغض نفسه على اليقين ، وأقول لكم : إنّ أحدكم ليغضب إذا ذُكر له بعض عيوبه وهي حقٌّ ، ويفرح إذا مُدح بما ليس فيه ..
    بحقّ أقول لكم : إنّ أرواح الشياطين ما عمرت في شيء ما عمّرت في قلوبكم ، وإنما أعطاكم الله الدنيا لتعملوا فيها للآخرة ، ولم يعطكموها لتشغلكم عن الآخرة .ص315

    المصدر:
    التحف ص501


    قال المسيح (ع) : يقول الله تبارك وتعالى : يحزن عبدي المؤمن أن أصرف عنه الدنيا ، وذلك أحبّ ما يكون إليّ وأقرب ما يكون مني ، ويفرح أن أوسّع عليه في الدنيا وذلك أبغض ما يكون إليّ وأبعد ما يكون مني . ص317

    المصدر:
    التحف ص501


    قال عيسى (ع) : سمعتم ما قيل للأولين ؟.. لاتزنوا ، وأنا أقول لكم : إنّ مَن نظر إلى امرأة فاشتهاها فقد زنى بها في قلبه . ص317

    المصدر:
    سعد السعود ص55


    قال الصادق (ع) : كان المسيح (ع) يقول : مَن كثُر همه سقم بدنُه ، ومَن ساء خلقه عذّب نفسه ، ومَن كثُر كلامه كثُر سقطه ، ومَن كثُر كذبه ذهب بهاؤه ، ومَن لاحى الرجال ذهبت مروءته . ص319

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص324


    قال علي (ع) : قال عيسى بن مريم (ع) : الدينار داء الدين ، والعالم طبيب الدين ، فإذا رأيتم الطبيب يجرّ الداء إلى نفسه فاتهموه ، واعلموا أنه غير ناصح لغيره . ص319

    المصدر:
    الخصال 1/56


    قال عيسى (ع) : داويتُ المرضى فشفيتهم بإذن الله ، وأبرأتُ الأكمه والأبرص بإذن الله ، وعالجتُ الموتى فأحييتهم بإذن الله ، وعالجتُ الأحمق فلم أقدر على إصلاحه ، فقيل :
    يا روح الله وما الأحمق ؟!.. قال : المُعجَب برأيه ونفسه ، الذي يرى الفضل كلّه له لا عليه ، ويوجب الحق كلّه لنفسه ولا يوجب عليها حقّاً ، فذلك الأحمق الذي لا حيلة في مداواته . ص324

    المصدر:
    الاختصاص


    قال عيسى (ع) : مَن ذا الذي يبني على موج البحر داراً ؟.. تلكم الدنيا فلا تتخذوها قراراً . ص326

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 1/133


    قال عيسى (ع) : طوبى لمن ترك شهوةً حاضرةً لموعود لم يره . ص327

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 1/96


    روي أن عيسى (ع) مرّ مع الحواريين على جيفة ، فقال الحواريون : ما أنتن ريح هذا الكلب !.. فقال عيسى (ع) : ما أشدّ بياض أسنانه !.. ص327

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 1/117


    قيل لعيسى (ع) : علّمنا عملا واحدا يحبّنا الله عليه ، قال : أبغضوا الدنيا يحببكم الله . ص328

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 1/134


    أوحى الله تعالى إلى عيسى : إذا أنعمتُ عليك بنعمة فاستقبلها بالاستكانة ، أتممها عليك . ص 328

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 1/202


    قال الباقر (ع) : كان عيسى (ع) يقول : هولٌ لا تدري متى يلقاك ، ما يمنعك أن تستعدّ له قبل أن يفجأك ؟.. ص330

    المصدر:
    كتاب الحسين بن سعيد


    قال الباقر (ع) : كان عيسى (ع) يقول : هولٌ لا تدري متى يلقاك ، ما يمنعك أن تستعدّ له قبل أن يفجأك ؟.. ص330

    المصدر:
    كتاب الحسين بن سعيد


    قال الصادق (ع) : اجتمع الحواريون إلى عيسى (ع) فقالوا له : يا معلّم الخير !.. أرشدنا ، فقال لهم :
    إنّ موسى كليم الله (ع) أمركم أن لا تحلفوا بالله تبارك وتعالى كاذبين ، وأنا آمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين ولا صادقين ، قالوا :
    يا روح الله !.. زدنا ، فقال : إنّ موسى نبي الله (ع) أمركم أن لاتزنوا ، وأنا آمركم أن لا تحدّثوا أنفسكم بالزنا فضلا عن أن تزنوا ، فإنّ مَن حدّث نفسه بالزنا كان كمَن أوقد في بيت مزوّق ، فأفسد التزاويق َالدخانُ وإن لم يحترق البيت . ص331

    المصدر:
    فروع الكافي 2/70

    باب مواعظه وحكمه وما أوحى إليه صلوات الله على نبينا وآله وعليه

    قال الصادق (ع) : كان عيسى بن مريم يقول لأصحابه : يا بني آدم !.. اهربوا من الدنيا إلى الله ، وأخرجوا قلوبكم عنها ، فإنكم لا تصلحون لها ولا تصلح لكم ، ولا تبقون فيها ولا تبقى لكم ، هي الخدّاعة الفجّاعة ، المغرور مَن اغترّ بها ، المغبون مَن اطمأنّ إليها ، الهالك مَن أحبها وأرادها .... الخبر . ص288

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص331


    قال الصادق (ع) : كان فيما وعظ الله تبارك وتعالى به عيسى بن مريم (ع) أن قال له :
    يا عيسى !.. أنا ربك وربّ آبائك ، اسمي واحدٌ ، وأنا الأحد المتفرّد بخلق كلّ شيء ، وكلّ شيء من صنعي ، وكلّ خلقي إليّ راجعون ..
    يا عيسى !.. أنت المسيح بأمري ، وأنت تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني ، وأنت تحيي الموتى بكلامي ، فكن إليّ راغباً ، ومني راهباً ، فإنك لن تجد مني ملجأً إلا إليّ ....
    يا عيسى !.. أنزلني من نفسك كهمّك ، واجعل ذكري لمعادك ، وتقرّب إليّ بالنوافل ، وتوكّل عليّ أكفك ، ولا تولّ غيري فأخذلك ....

    المصدر:
    روضة الكافي ص131 ، أمالي الصدوق ص308 قال الصادق (ع) : كان فيما وعظ الله تبارك وتعالى به عيسى بن مريم (ع) أن قال له :

    بيــان:
    " كهمّك " أي اجعلني واتخذني قريباً منك كقرب همّك وما يخطر ببالك منك ، أو اهتم بأوامري كما تهتم بأمور نفسك ، قوله :
    " ولا تولّ غيري " أي لا تتخذ غيري وليّ أمرك ، أو لا تجعل حبك لغيري .
    يا عيسى أحي ذكري بلسانك ، وليكن ودّي في قلبك ..
    يا عيسى !.. تيّقظ في ساعات الغفلة ....
    يا عيسى !.. راع الليل لتحرّي مسرّتي ، واظمأ نهارك ليوم حاجتك عندي....
    يا عيسى !.. حقّاً أقول ما آمنتْ بي خليقةٌ إلا خشعت لي ، وما خشعت لي إلا رجت ثوابي ، فأشهدك أنها آمنةٌ من عقابي ما لم تغيّر أو تبدل سنتي ....
    يا عيسى !.. اكحل عينيك بميل الحزن إذا ضحك البطّالون ....
    يا عيسى !.. ابكِ على نفسك في الصلاة ، وانقل قدميك إلى مواضع الصلوات ، وأسمعني لذاذة نطقك بذكري ، فإنّ صنيعي إليك حسنٌ ..... ولا تدعُني إلا متضرّعا إليّ وهمّك همٌّ واحدٌ ، فإنك متى تدعني كذلك أجبك ....
    يا عيسى !.. ما أكثر البشر وأقلّ عدد مَن صبر !.. الأشجار كثيرةٌ وطيّبها قليلٌ ، فلا يغرّنك حُسن شجرةٍ حتى تذوق ثمرتها ....
    يا عيسى !.. كم أُجمل النظر ، وأُحسن الطلب ؟.. والقوم في غفلة لا يرجعون ....
    يا عيسى !.. لا خير في لذاذة لا تدوم ، وعيشٍ من صاحبه يزول ، يا بن مريم !.. لو رأت عينك ما أعددتُ لأوليائي الصالحين ، ذاب قلبك وزهقت نفسك شوقا إليه ، فليس كدار الآخرة دارٌ ، تجاور فيها الطيّبون ، ويدخل عليهم فيها الملائكة المقرّبون ، وهم مما يأتي يوم القيامة من أهوالها آمنون ، دارٌ لا يتغيّر فيها النعيم ، ولا يزول عن أهلها ....
    يا عيسى !.. لا يصلح لسانان في فم واحد ، ولا قلبان في صدر واحد ، وكذلك الأذهان ....
    " ولا قلبان في صدر واحد " أي لا يجتمع حبّه تعالى وحبّ غيره في قلب واحد ، فلا يجتمعان إلا بأن يكون لك قلبان وهو محال ، كما قال تعالى : { ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } ، قوله :
    " وكذلك الأذهان " أي لا يجتمع شيئان متضادّان في ذهن واحد كالتوجه إلى الله وإلى الدنيا ، والتوكّل على الله وعلى غيره ، ويحتمل أن يكون ذكر اللسان والقلب تمهيدا لبيان الأخير ، أي كما لا يمكن أن يكون في فم لسانان وفي صدرٍ قلبان ، فكذلك لا يجوز أن يكون في ذهن واحد أمران متضادان ، يصيران منشأين لأمور مختلفة متباينة .
    وكلّ شهوةٍ تباعدك مني فاهجرها ، واعلم أنك مني بمكان الرسول الأمين ....
    يا عيسى !.. هذه نصيحتي إياك وموعظتي لك ، فخذها مني فإني رب العالمين ..
    يا عيسى !.. إذا صبر عبدي في جنبي كان ثواب عمله عليّ ، وكنت عنده حين يدعوني ، وكفى بي منتقماً ممن عصاني ، أين يهرب مني الظالمون ؟....
    يا عيسى !.. ابغني عند وسادك تجدني ، وادعني وأنت لي محبٌّ فإني أسمع السامعين ، أستجيب للداعين إذا دعوني ....
    " ابغني عند وسادك " أي اطلبني ، وتقرّب إليّ عندما تتكئ على وسادك للنوم بذكري تجدني لك حافظا في نومك ، أو قريباً منك مجيباً في تلك الحال أيضا ، أو اطلبني بالعبادة عند إرادة التوسّد أو في الوقت الذي يتوسّد فيه الناس تجدني مفيضاً عليك مترّحماً ، قوله :
    " أذكرك في نفسي " أي أفيض عليك من رحماتي الخاصة من غير أن يطلّع عليها غيري .
    يا عيسى !.. إني إن غضبت عليك لم ينفعك رضى من رضي عنك ، وإن رضيت عنك لم يضرّك غضب المغضبين ..
    يا عيسى !.. اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي ، واذكرني في ملئك أذكرك في ملأ خيرٌ من ملأ الآدميين ..
    يا عيسى !.. ادعني دعاء الغريق الذي ليس له مغيث ..
    يا عيسى !.. لا تحلف باسمي كاذباً فيهتزّ عرشي غضبا ....
    يا عيسى !.. قل لظلمة بني إسرائيل : غسلتم وجوهكم ودنّستم قلوبكم ، أبي تغترّون أم عليّ تجترئون ؟.. تتطيّبون بالطيب لأهل الدنيا ، وأجوافكم عندي بمنزلة الجيف المنتنة ، كأنكم أقوامٌ ميّتون.
    يا عيسى !.. قل لهم : قلّموا أظفاركم من كسب الحرام ، وأصمّوا أسماعكم عن ذكر الخناء ، واقبلوا عليّ بقلوبكم ، فإني لست أريد صوركم ....
    يا عيسى !.. أطب بي قلبك ، وأكثر ذكري في الخلوات ، واعلم أنّ سروري أن تبصبص إليّ ، وكن في ذلك حيّاً ولاتكن ميّتاً . ص298


    قال الرضا (ع) : قال عيسى بن مريم (ع) للحواريين : يا بني إسرائيل !.. لا تأسوا على ما فاتكم من دنياكم إذا سلم دينكم ، كما لا يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا سلمت دنياهم . ص304

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص297


    مواعظ المسيح (ع) في الإنجيل وغيره : صغّر الجهّال لجهلهم ولا تطردهم ، ولكن قرّ بهم وعلّمهم .... إنكم لن تنالوا ما تريدون إلا بترك ما تشتهون ، ولن تظفروا بما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون ..
    إياكم والنظرة !.. فإنها تزرع في القلوب الشهوة ، وكفى بها لصاحبها فتنة ، طوبى لمن جعل بصره في قلبه ولم يجعل بصره في نظر عينه ....
    بحقّ أقول لكم : إنّ العبد لا يقدر على أن يخدم ربين ، ولا محالة إنه يؤثرأحدهما على الآخر وإن جهد ، كذلك لا يجتمع لكم حبّ الله وحب الدنيا ..
    بحقّ أقول لكم : إنّ شرّ الناس لَرَجلٌ عالمٌ آثر دنياه على علمه ، فأحبّها وطلبها وجهد عليها حتى لو استطاع أن يجعل الناس في حيرة لفعل ، وماذا يغني عن الأعمى سعة نور الشمس وهو لا يبصرها ؟.. كذلك لا يغني عن العالم علمه إذا هو لم يعمل به ..
    ما أكثر ثمار الشجر !.. وليس كلّها ينفع ولا يؤكل ..وما أكثر العلماء !.. وليس كلهم ينتفع بما علم .. وما أوسع الأرض !.. وليس كلها تُسكن ..
    وما أكثر المتكلّمين !.. وليس كلّ كلامهم يُصدّق ..
    فاحتفظوا من العلماء الكَذَبة الذين عليهم ثياب الصوف ، منكّسو رؤوسهم إلى الأرض ، يزوّرون به الخطايا ، يطرفون من تحت حواجبهم كما ترمق الذئاب وقولهم يخالف فعلهم ، وهل يُجتنى من العوسج العنب ؟.. ومن الحنظل التين ؟.. وكذلك لا يؤثّر قول العالم الكاذب إلا زورا ، وليس كل مَن يقول يصدق ..
    بحقّ أقول لكم : إنّ الزرع ينبت في السهل ، ولا ينبت في الصفا ، وكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ، ولا تعمر في قلب المتكبّر الجبّار ، ألم تعلموا أنه مَن شمخ برأسه إلى السقف شجّه ، ومَن خفض برأسه عنه استظلّ تحته وأكنّه ؟.. وكذلك مَن لم يتواضع لله خفضه ، ومَن تواضع لله رفعه ، إنه ليس على كلّ حال يصلح العسل في الزقاق ، وكذلك القلوب ليس على كلّ حالٍ تعمر الحكمة فيها ، إنّ الزقّ ما لم ينخرق أو يقحل أو يتفل ، فسوف يكون للعسل وعاءً ، و كذلك القلوب ما لم تخرقها الشهوات ، ويدنّسها الطمع ، ويقسيها النعيم فسوف تكون أوعيةً للحكمة ..
    بحق أقول لكم : إنّ الحريق ليقع في البيت الواحد فلا يزال ينتقل من بيت إلى بيت حتى تحترق بيوتٌ كثيرةٌ ، إلا أن يُستدرك البيت الأول فيهدم من قواعده فلا تجد فيه النار محلا ، وكذلك الظالم الأول لو أُخذ على يديه لم يوجد من بعده إمامٌ ظالمٌ فيأتّمون به ، كما لو لم تجد النار في البيت الأول خشباً وألواحا لم تحرق شيئا ....
    ويلكم يا عبيد السوء !.. كيف ترجون أن يؤمنكم الله من فزع يوم القيامة وأنتم تخافون الناس في طاعة الله ، وتطيعونهم في معصيته ، وتفون لهم بالعهود الناقضة لعهده ؟.. بحقّ أقول لكم : لا يؤمن الله من فزع ذلك اليوم مَن اتخذ العباد أربابا من دونه ..
    ويلكم يا عبيد السوء !.. من أجل دنيا دنية وشهوة رديئة ، تفرّطون في مُلك الجنة وتنسون هول يوم القيامة ؟!..
    ويلكم يا عبيد الدنيا !.. من أجل نعمة زائلة وحياة منقطعة ، تفرّون من الله وتكرهون لقاءه ؟!.. فكيف يحبّ الله لقاءكم وأنتم تكرهون لقاءه ؟.. وإنما يحبّ الله لقاء مَن يحبّ لقاءه ، ويكره لقاء مَن يكره لقاءه ، وكيف تزعمون أنكم أولياء الله من دون الناس وأنتم تفرّون من الموت ، وتعتصمون بالدنيا ؟.. فماذا يغني عن الميّت طيب ريح حنوطه وبياض أكفانه وكلّ ذلك يكون في التراب ، كذلك لا يغني عنكم بهجة دنياكم التي زينّت لكم ، وكلّ ذلك إلى سلب وزوال ، ماذا يغني عنكم نقاء أجسادكم وصفاء ألوانكم وإلى الموت تصيرون ، وفي التراب تنسون ، وفي ظلمة القبر تغمرون ؟!..
    ويلكم يا عبيد الدنيا !... تحملون السراج في ضوء الشمس وضؤوها كان يكفيكم ، وتدعون أن تستضيئوا بها في الظلم ومن أجل ذلك سُخّرت لكم !.. كذلك استضأتم بنور العلم لأمر الدنيا وقد كفيتموه ، وتركتم أن تستضيئوا به لأمر الآخرة ومن أجل ذلك أُعطيتموه ، تقولون : إنّ الآخرة حقّ وأنتم تمهّدون الدنيا ، وتقولون : إنّ الموت حقّ وأنتم تفرّون منه ، وتقولون : إنّ الله يسمع ويرى ولا تخافون إحصاءه عليكم ، فكيف يصدّقكم مَن سمعكم ، فإنّ مَن كَذَب من غير علمٍ أعذرُ ممن كذب على علم ، وإن كان لا عذر في شيء من الكذب ....
    ماذا يغني عن البيت المظلم أن يُوضع السراج فوق ظهره ، وجوفه وَحِشٌ مظلمٌ ؟.. كذلك لا يغني عنكم أن يكون نور العلم بأفواهكم وأجوافكم منه وحشةٌ معطلّةٌ !.. فاسرعوا إلى بيوتكم المظلمة فأنيروا فيها ، كذلك فاسرعوا إلى قلوبكم القاسية بالحكمة قبل أن ترين عليها الخطايا فتكون أقسى من الحجارة ، كيف يطيق حمل الأثقال من لا يستعين على حملها ؟..
    أم كيف تحطّ أوزار مَن لا يستغفر الله منها ؟.. أم كيف تُنقّى ثياب من لا يغسلها ؟.. وكيف يبرأ من الخطايا مَن لا يكفّرها ؟.. أم كيف ينجو من غرق البحر مَن يعبر بغير سفينة ؟.. وكيف ينجو من فتن الدنيا مَن لم يداوها بالجدّ والاجتهاد ؟.. وكيف يبلغ مَن يسافر بغير دليل ؟.. وكيف يصير إلى الجنة مَن لا يبصر معالم الدين ؟.. وكيف ينال مرضاة الله مَن لا يطيعه ؟.. وكيف يبصر عيب وجهه مَن لا ينظر في المرآة ؟.. وكيف يستكمل حبّ خليله مَن لا يبذل له بعض ما عنده ؟.. وكيف يستكمل حبّ ربه مَن لا يقرضه بعض ما رزقه ؟..
    بحقّ أقول لكم : إنه كما لا ينقص البحر أن تغرق فيه السفينة ولا يضرّه ذلك شيئا ، كذلك لا تنقصون الله بمعاصيكم شيئا ولا تضرّونه بل أنفسكم تضرّون ، وإياها تنقصون ، وكما لا ينقص نور الشمس كثرة من يتقلب فيها بل به يعيش ويحيى ، كذلك لا ينقص الله كثرة ما يعطيكم ويرزقكم ، بل برزقه تعيشون وبه تحيون ، يزيد من شَكَره أنه شاكر عليم ....
    بحقّ أقول لكم : إنه كما ينظر المريض إلى طيب الطعام فلا يلتذّه مع ما يجده من شدة الوجع ،كذلك صاحب الدنيا لا يلتذّ بالعبادة ، ولا يجد حلاوتها مع ما يجد من حبّ المال ، وكما يلتذّ المريض نعت الطبيب العالم بما يرجو فيه من الشفاء ، فإذا ذكر مرارة الدواء وطعمه كدّر عليه الشفاء ، كذلك أهل الدنيا يلتذّون ببهجتها وأنواع ما فيها ، فإذا ذكروا فجأة الموت كدّرها عليهم وأفسدها ....
    بحق أقول لكم : لا تدركون شرف الآخرة إلا بترك ما تحبون ، فلا تنتظروا بالتوبة غدا ، فإنّ دون غد يوماً وليلةً ، قضاء الله فيهما يغدو ويروح ..
    بحقّ أقول لكم : إنّ صغار الخطايا ومحقّراتها لمن مكائد إبليس يحقّرها لكم ويصغّرها في أعينكم ، وتجتمع فتكثر وتحيط بكم ....
    بحقّ أقول لكم : ليس شيءٌ أبلغ في شرف الآخرة وأعون على حوادث الدنيا من الصلاة الدائمة ، وليس شيءٌ أقرب إلى الرحمن منها ، فدوموا عليها ، واستكثروا منها ، وكلّ عمل صالح يقرّب إلى الله فالصلاة أقرب إليه وآثر عنده ....
    يا ويلكم يا علماء السوء !.. إنكم لتعملون عمل الملحدين ، وتأملون أمل الوارثين ، وتطمئنون بطمأنيته الآمنين ، وليس أمر الله على ما تتمنون وتتخيرون ، بل للموت تتوالدون ، وللخراب تبنون وتعمرون ، وللوارثين تمهّدون ....
    بحقّ أقول لكم : إنّ الذي يخوض النهر لابدّ أن يصيب ثوبه الماء وإن جهد أن لا يصيبه ، كذلك مَن يحبّ الدنيا لا ينجو من الخطايا ..
    بحقّ أقول لكم : طوبى للذين يتهجدون من الليل ، أولئك الذين يرثون النور الدائم من أجل أنّهم قاموا في ظلمة الليل على أرجلهم في مساجدهم ، يتضرّعون إلى ربهم رجاء أن ينجيهم في الشدة غدا ....
    بحقّ أقول لكم : يا عبيد الدنيا !.. كيف يدرك الآخرة من لا تنقص شهوته من الدنيا ولا تنقطع منها رغبته ؟....
    بحقّ أقول لكم : يا عبيد الدنيا !.. إن أحدكم يبغض صاحبه على الظن ، ولا يبغض نفسه على اليقين ، وأقول لكم : إنّ أحدكم ليغضب إذا ذُكر له بعض عيوبه وهي حقٌّ ، ويفرح إذا مُدح بما ليس فيه ..
    بحقّ أقول لكم : إنّ أرواح الشياطين ما عمرت في شيء ما عمّرت في قلوبكم ، وإنما أعطاكم الله الدنيا لتعملوا فيها للآخرة ، ولم يعطكموها لتشغلكم عن الآخرة .ص315

    المصدر:
    التحف ص501


    قال المسيح (ع) : يقول الله تبارك وتعالى : يحزن عبدي المؤمن أن أصرف عنه الدنيا ، وذلك أحبّ ما يكون إليّ وأقرب ما يكون مني ، ويفرح أن أوسّع عليه في الدنيا وذلك أبغض ما يكون إليّ وأبعد ما يكون مني . ص317

    المصدر:
    التحف ص501


    قال عيسى (ع) : سمعتم ما قيل للأولين ؟.. لاتزنوا ، وأنا أقول لكم : إنّ مَن نظر إلى امرأة فاشتهاها فقد زنى بها في قلبه . ص317

    المصدر:
    سعد السعود ص55


    قال الصادق (ع) : كان المسيح (ع) يقول : مَن كثُر همه سقم بدنُه ، ومَن ساء خلقه عذّب نفسه ، ومَن كثُر كلامه كثُر سقطه ، ومَن كثُر كذبه ذهب بهاؤه ، ومَن لاحى الرجال ذهبت مروءته . ص319

    المصدر:
    أمالي الصدوق ص324


    قال علي (ع) : قال عيسى بن مريم (ع) : الدينار داء الدين ، والعالم طبيب الدين ، فإذا رأيتم الطبيب يجرّ الداء إلى نفسه فاتهموه ، واعلموا أنه غير ناصح لغيره . ص319

    المصدر:
    الخصال 1/56


    قال عيسى (ع) : داويتُ المرضى فشفيتهم بإذن الله ، وأبرأتُ الأكمه والأبرص بإذن الله ، وعالجتُ الموتى فأحييتهم بإذن الله ، وعالجتُ الأحمق فلم أقدر على إصلاحه ، فقيل :
    يا روح الله وما الأحمق ؟!.. قال : المُعجَب برأيه ونفسه ، الذي يرى الفضل كلّه له لا عليه ، ويوجب الحق كلّه لنفسه ولا يوجب عليها حقّاً ، فذلك الأحمق الذي لا حيلة في مداواته . ص324

    المصدر:
    الاختصاص


    قال عيسى (ع) : مَن ذا الذي يبني على موج البحر داراً ؟.. تلكم الدنيا فلا تتخذوها قراراً . ص326

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 1/133


    قال عيسى (ع) : طوبى لمن ترك شهوةً حاضرةً لموعود لم يره . ص327

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 1/96


    روي أن عيسى (ع) مرّ مع الحواريين على جيفة ، فقال الحواريون : ما أنتن ريح هذا الكلب !.. فقال عيسى (ع) : ما أشدّ بياض أسنانه !.. ص327

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 1/117


    قيل لعيسى (ع) : علّمنا عملا واحدا يحبّنا الله عليه ، قال : أبغضوا الدنيا يحببكم الله . ص328

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 1/134


    أوحى الله تعالى إلى عيسى : إذا أنعمتُ عليك بنعمة فاستقبلها بالاستكانة ، أتممها عليك . ص 328

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 1/202


    قال الباقر (ع) : كان عيسى (ع) يقول : هولٌ لا تدري متى يلقاك ، ما يمنعك أن تستعدّ له قبل أن يفجأك ؟.. ص330

    المصدر:
    كتاب الحسين بن سعيد


    قال الباقر (ع) : كان عيسى (ع) يقول : هولٌ لا تدري متى يلقاك ، ما يمنعك أن تستعدّ له قبل أن يفجأك ؟.. ص330

    المصدر:
    كتاب الحسين بن سعيد


    قال الصادق (ع) : اجتمع الحواريون إلى عيسى (ع) فقالوا له : يا معلّم الخير !.. أرشدنا ، فقال لهم :
    إنّ موسى كليم الله (ع) أمركم أن لا تحلفوا بالله تبارك وتعالى كاذبين ، وأنا آمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين ولا صادقين ، قالوا :
    يا روح الله !.. زدنا ، فقال : إنّ موسى نبي الله (ع) أمركم أن لاتزنوا ، وأنا آمركم أن لا تحدّثوا أنفسكم بالزنا فضلا عن أن تزنوا ، فإنّ مَن حدّث نفسه بالزنا كان كمَن أوقد في بيت مزوّق ، فأفسد التزاويق َالدخانُ وإن لم يحترق البيت . ص331

    المصدر:
    فروع الكافي 2/70

    باب رَفْعه إلى السماء

    قال النبي (ص) : فلما أراد الله أن يرفعه أوحى إليه : أن استودعْ نور الله وحكمته وعلم كتابه ، شمعونَ بن حمون الصفا . ص336

    المصدر:
    إكمال الدين ص130


    قال النبي (ص) : لما اجتمعت اليهود على عيسى (ع) ليقتلوه بزعمهم أتاه جبرائيل (ع) فغشّاه بجناحه ، وطمح عيسى ببصره فإذا هو بكتاب في جناح جبرائيل :
    " اللهم إني أدعوك باسمك الواحد الأعزّ !.. وأدعوك اللهم باسمك الصمد !.. وأدعوك اللهم باسمك العظيم الوتر !.. وأدعوك اللهم باسمك الكبير المتعال الذي ثبّت أركانك كلها !.. أن تكشف عني ما أصبحت وأمسيت فيه ".. فلما دعا به عيسى (ع) أوحى الله تعالى إلى جبرائيل :
    ارفعه إلىّ عندي ، ثم قال رسول الله (ص) :
    يا بني عبد المطلب سلوا ربكم بهؤلاء الكلمات ، فو الذي نفسي بيده ما دعا بهنّ عبدٌ بإخلاص دينه إلا اهتزّ له العرش ، وإلا قال الله لملائكته : اشهدوا أني قد استجبت له بهنّ ، وأعطيته سؤله في عاجل دنياه وآجل آخرته ، ثم قال لأصحابه : سلوا بها ، ولا تستبطئوا الإجابة . ص388

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الصادق (ع) : رُفع عيسى بن مريم (ع) بمدرعة صوف من غزل مريم ، ومن نسج مريم ، ومن خياطة مريم ، فلما انتهى إلى السماء نُودي : يا عيسى !.. ألق عنك زينة الدنيا . ص338

    المصدر:
    تفسير العياشي

    باب قصص يونس بن متى وأبيه

    سمعت الصادق (ع) يقول - وهو رافع يده إلى السماء - : " ربّ !.. لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا لا أقلّ من ذلك ولا أكثر "، فما كان بأسرع من أن تحدّر الدموع من جوانب لحيته ، ثم أقبل عليّ فقال : يا بن أبي يعفور !.. إنّ يونس بن متى وكله الله عزّ وجلّ إلى نفسه أقلّ من طرفة عين فأحدث ذلك الظنّ ، قلت : فبلغ به كفراً أصلحك الله ؟.. قال : لا ، ولكن الموت على تلك الحال هلاك . ص387

    المصدر:
    أصول الكافي 2/581


    قال الرضا (ع) : إنّ يونس (ع) لما أمره الله بما أمره ، فأعَلَم قومه فأظلّهم العذاب ففرّقوا بينهم وبين أولادهم ، وبين البهائم وأولادها ، ثم عجّوا إلى الله وضجّوا ، فكفّ الله العذاب عنهم ، فذهب يونس (ع) مغاضبا فالتقمه الحوت فطاف به سبعة أبحر ، فقلت له : كم بقي في بطن الحوت ؟..
    قال : ثلاثة أيام ثم لفظه الحوت وقد ذهب جلده وشعره ، فأنبت الله عليه شجرةً من يقطين فأظلته ، فلما قوي أخذت في اليبس ، فقال :
    يا ربّ !.. شجرة أظلّتني يبست ، فأوحى الله إليه :
    يا يونس !.. تجزع لشجرة أظلّتك ، ولا تجزع لمائة ألف أو يزيدون من العذاب ؟!.. ص401

    المصدر:
    تفسير العياشي


    قال الصادق (ع) : إنّ داود النبي (ع) قال :
    يا ربّ !.. أخبرني بقريني في الجنة ونظيري في منازلي ، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه :
    إنّ ذلك متّى أبا يونس ، فاستأذن الله في زيارته فأذن له ، فخرج هو وسليمان ابنه (ع) حتى أتيا موضعه ، فإذا هما ببيت من سعف ، فقيل لهما : هو في السوق ، فسألا عنه فقيل لهما : اطلباه في الحطّابين ، فسألا عنه فقال لهما جماعة من الناس : نحن ننتظره الآن يجيء .
    فجلسا ينتظرانه إذا أقبل وعلى رأسه وقرٌ من حطب ، فقام إليه الناس فألقى عنه الحطب وحمد الله وقال : مَن يشتري طيّبا بطيّب ؟.. فساومه واحد وزاده آخر حتى باعه من بعضهم ، فسلّما عليه ، فقال : انطلقا بنا إلى المنزل ، واشترى طعاما بما كان معه ، ثم طحنه وعجنه في نقير له ثم أجّج ناراً وأوقدها ، ثم جعل العجين في تلك النار وجلس معهما يتحدث .
    ثم قام وقد نضجت خبيزته ، فوضعها في النقير و فلقها وذرّ عليها ملحا ، ووضع إلى جنبه مطهرة ملئ ماء ، وجلس على ركبتيه وأخذ لقمةً فلما رفعها إلى فيه قال : بسم الله ، فلما ازدردها ( أي بلعها ) قال : الحمد لله ، ثم فعل ذلك بأخرى وأخرى ، ثم أخذ الماء فشرب منه فذكر اسم الله فلما وضعه قال :
    الحمد لله ، يا رب من ذا الذي أنعمت عليه وأوليته مثل ما أوليتني ؟!.. قد صححت بصري وسمعي وبدني وقوّيتني حتى ذهبت إلى الشجر لم أغرسه ولم أهتمّ لحفظه جعلته لي رزقا ، وسقت إليّ مَن اشتراه مني فاشتريتُ بثمنه طعاما لم أزرعه ، وسخّرت لي النار فأنضجته ، و جعلتني آكله بشهوة أقوى به على طاعتك فلك الحمد ، ثم بكى ، قال داود : يا بني !.. قم فانصرف بنا فإني لم أر عبدا قط أشكر لله من هذا . ص403

    المصدر:
    تنبيه الخواطر 1/18

    باب قصة أصحاب الكهف والرقيم

    قال النبي (ص) : خرج ثلاثة نفر يسيحون في الأرض ، فبينما هم يعبدون الله في كهف في قلّة جبل حتى بدت صخرة من أعلى الجبل ، حتى التقت باب الكهف ، فقال بعضهم :
    يا عباد الله !.. والله لا ينجيكم منها وبقيتم فيه إلا أن تصدقوا عن الله ، فهلمّوا ما عملتم خالصاً لله ، فقال أحدهم : اللهم !.. إن كنت تعلم أني طلبت جيّدة لحسنها وجمالها ، وأُعطيت فيها مالاً ضخماً حتى إذا قدرت عليها ، وجلست منها مجلس الرجل من المرأة ذكرت النار فقمت عنها فرقا منك ، فارفع عنا هذه الصخرة ، فانصدعت حتى نظروا إلى الضوء .. ثم قال آخر :
    اللهم !.. إن كنت تعلم أني استأجرت قوماً كلّ رجل منهم بنصف درهم ، فلما فرغوا أعطيتهم أجورهم ، فقال رجل : لقد عملت عمل رجلين والله لا آخذ إلا درهما ، ثم ذهب وترك ماله عندي ، فبذرت بذلك النصف الدرهم في الأرض ، فأخرج الله به رزقا ، وجاء صاحب النصف الدرهم فأراده فدفعت إليه عشرة آلاف درهم حقّه ، فإن كنت تعلم أنما فعلت ذلك مخافة منك ، فارفع عنا هذه الصخرة ، فانفرجت حتى نظر بعضهم إلى بعض ثم قال الآخر :
    اللهم !.. إن كنت تعلم أن أبي وأمي كانا نائمين ، فأتيتهما بقصعة من لبن فخفت أن أضعه فيقع فيه هامة ، وكرهت أن أنبّههما من نومهما فيشقّ ذلك عليهما ، فلم أزل بذلك حتى استيقظا فشربا .
    اللهم !.. إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاءً لوجهك فارفع عنا هذه الصخرة ، فانفرجت حتى سهّل الله لهم المخرج ، ثم قال رسول الله (ص) : من صدق الله نجا . ص427

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قلت للباقر (ع) : حديثٌ بلغني عن الحسن البصري ، فإن كان حقا فإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، قال : وما هو ؟.. قلت : بلغني أنّ الحسن البصري كان يقول :
    لو غلا دماغه من حرّ الشمس ما استظلّ بحائط صيرفي ، ولو تفرّث كبده عطشا لم يستسق من دار صيرفي ماءً ، وهو عملي وتجارتي وعليه نبت لحمي ودمي ، ومنه حجي وعمرتي .
    فجلس ثم قال : كذب الحسن ، خذ سواءً وأعط سواء ، فإذا حضرت الصلاة دع ما بيدك وانهض إلى الصلاة ، أما علمت أنّ أصحاب الكهف كانوا صيارفة ؟.. ص429

    المصدر:
    فروع الكافي 1/359

    باب أصحاب الأخدود

    قال الباقر (ع) : ولّى عمر رجلاً كورة من الشام فافتتحها ، وإذا أهلها أسلموا ، فبنى لهم مسجداً فسقط ، ثم بنى فسقط ، ثم بناه فسقط ، فكتب إلى عمر بذلك ، فلما قرأ الكتاب سأل أصحاب محمد (ص) هل عندكم في هذا علم ؟..
    قالوا : لا ، فبعث إلى علي بن أبي طالب (ع) فأقرأه الكتاب ، فقال : هذا نبيٌّ كذّبه قومه فقتلوه ، ودفنوه في هذا المسجد وهو متشحّط في دمه ، فاكتب إلى صاحبك فلينبشه ، فإنه سيجده طرياً ليصلّ عليه وليدفنه في موضع كذا ، ثم ليبنِ مسجدا فإنه سيقوم ، ففعل ذلك ثم بنى المسجد فثبت.ص440

    المصدر:
    قصص الأنبياء

    باب ما ورد بلفظ نبي من الأنبياء وبعض نوادر أحوالهم

    قال الرضا (ع) : أوحى الله عزّ وجلّ إلى نبي من الأنبياء : إذا أُطعت رضيت ، وإذا رضيت باركت ، وليس لبركتي نهاية ، وإذا عُصيت غضبت ، وإذا غضبت لعنت ، ولعنتي تبلغ السابع من الوراء .

    المصدر:
    أصول الكافي 2/275

    بيــان:
    الوراء : ولد الولد . ص459


    قال الصادق (ع) : شكا نبي من الأنبياء إلى الله عزّ وجلّ الضعف ، فقيل له : اطبخ اللحم باللبن فإنهما يشدّان الجسم . ص459

    المصدر:
    فروع الكافي 2/169


    إنّ بعض أنبياء بني إسرائيل شكا إلى الله عزّ وجلّ قسوة القلب وقلّة الدمعة ، فأوحى الله إليه أن كل العدس ، فأكل العدس فرقّ قلبه وكثُرت دمعته.ص460

    المصدر:
    فروع الكافي 2/176


    قال الصادق (ع) : شكا نبي من الأنبياء إلى الله عزّ وجلّ الغمّ ، فأمره عزّ وجلّ بأكل العنب . ص460

    المصدر:
    فروع الكافي 2/178


    قلت للصادق (ع) : إني لأكره الصلاة في مساجدهم ، فقال : لا تكره ، فما من مسجد بُني إلا على قبر نبي أو وصي نبي قُتل ، فأصاب تلك البقعة رشّةً من دمه ، فأحبّ الله أن يُذكر فيها ، فأدّ فيها الفريضة والنوافل ، واقض فيها ما فاتك . ص464

    المصدر:
    فروع الكافي 1/103


    قال الباقر (ع) : صلّى في مسجد الخيف سبعمائة نبي ، وإنّ ما بين الركن والمقام لمشحونٌ من قبور الأنبياء ، وإنّ آدم لفي حرم الله عزّ وجلّ . ص464

    المصدر:
    فروع الكافي 1/224

    باب نوادر أخبار بني إسرائيل

    كان في بني إسرائيل عابدٌ اسمه برصيصا ، عبد الله زمانا من الدهر حتى كان يؤتى بالمجانين يداويهم ويعوّذهم فيبرؤون على يده ، وإنه أُتي بامرأة في شرف قد جنّت وكان لها اخوةٌ فأتوه بها وكانت عنده ، فلم يزل به الشيطان يزيّن له حتى وقع عليها فحملت ، فلما استبان حملها قتلها ودفنها .
    فلما فعل ذلك ذهب الشيطان حتى لقي أحد اخوتها ، فأخبره بالذي فعل الراهب وأنه دفنها في مكان كذا ، ثم أتى بقية اخوتها رجلاً رجلاً فذكر ذلك له ، فجعل الرجل يلقى أخاه فيقول :
    والله لقد أتاني آت ذكر لي شيئا يكبر عليّ ذكره ، فذكره بعضهم لبعض حتى بلغ ذلك مَلِكهم ، فسار الملك والناس فاستنزلوه فأقرّ لهم بالذي فعل ، فأمر به فصُلب .
    فلما رُفع على خشبته تمثّل له الشيطان فقال :
    أنا الذي ألقيتك في هذا ، فهل أنت مطيعي فيما أقول لك ، أخلّصك مما أنت فيه ؟.. قال : نعم ، قال : اسجد لي سجدة واحدة ، فقال :
    كيف أسجد لك وأنا على هذه الحالة ؟.. فقال : أكتفي منك بالإيماء ، فأومأ له بالسجود ، فكفر بالله ، وقُتل الرجل .
    فأشار الله تعالى إلى قصته في هذه الآية { كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ، فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين }.ص487

    المصدر:
    مجمع البيان 9/265


    قال الباقر (ع) : كان في بني إسرائيل رجلٌ ، وكان له بنتان فزوّجهما من رجلين : واحدٌ زرّاع ، وآخر يعمل الفخار ، ثم إنه زارهما فبدأ بامرأة الزرّاع فقال لها : كيف حالك ؟.. قالت : قد زرع زوجي زرعا كثيرا ، فإن جاء الله بالسماء فنحن أحسن بني إسرائيل حالا ، ثم ذهب إلى الأخرى فسألها عن حالها ، فقالت : قد عمل زوجي فخّارا كثيرا ، فإن أمسك الله السماء عنا فنحن أحسن بني إسرائيل حالا ، فانصرف وهو يقول :
    اللهم أنت لهما.ص488

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الباقر (ع) : كان قاضٍ في بني إسرائيل ، وكان يقضي بالحق فيهم ، فلما حضرته الوفاة قال لامرأته : إذا متّ فاغسليني وكفّنيني وغطي وجهي ، وضعيني على سريري ، فإنك لا ترين سوءاً إن شاء الله تعالى ، فلما مات فعلت ما كان أمرها به ، ثم مكثت بعد ذلك حينا ، ثم إنها كشفت عن وجهه فإذا دودة تقرض من منخره ، ففزعت من ذلك .
    فلما كان بالليل أتاها في منامها - يعني رأته في النوم - فقال لها : فزعت مما رأيت ؟.. قالت : أجل ، قال : والله ما هو إلا في أخيك ، وذلك أنه أتاني ومعه خصمٌ له ، فلما جلسا قلت : اللهم !.. اجعل الحقّ له ، فلما اختصما كان الحق له ففرحت ، فأصابني ما رأيت لموضع هواي مع موافقة الحق له . ص489

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الصادق (ع) :إنّ قوما من بني إسرائيل قالوا لنبي لهم : ادع لنا ربك يمطر علينا السماء إذا أردنا ، فسأل ربه ذلك فوعده أن يفعل ، فأمطر السماء عليهم كلما أرادوا ، فزرعوا فنمت زروعهم وحسُنت ، فلما حصدوا لم يجدوا شيئا ، فقالوا : إنما سألنا المطر للمنفعة ، فأوحى الله تعالى : إنهم لم يرضوا بتدبيري لهم . ص489

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الكاظم (ع) : كان في بني إسرائيل رجلٌ صالحٌ ، وكانت له امرأةٌ صالحةٌ ، فرأى في النوم أنّ الله تعالى قد وقّتَ لك من العمر كذا وكذا سنة ، وجعل نصف عمرك في سعة ، وجعل النصف الآخر في ضيق ، فاختر لنفسك إما النصف الأول وإما النصف الأخير ، فقال الرجل : إنّ لي زوجةًٍٍ صالحة وهي شريكي في المعاش فأُشاورها في ذلك وتعود إليّ فأخبرك .
    فلما أصبح الرجل قال لزوجته : رأيت في النوم كذا وكذا ، فقالت :
    يا فلان !.. اختر النصف الأول وتعجّل العافية لعلّ الله سيرحمنا ، ويتم لنا النعمة ، فلما كان في الليلة الثانية أتى الآتي فقال : ما اخترت ؟.. فقال : اخترت النصف الأول ، فقال : ذلك لك ، فأقبلت الدنيا عليه من كل وجه ، ولما ظهرت نعمته قالت له زوجته : قرابتك والمحتاجون فصلهم وبرّهم ، وجارك وأخوك فلان فهبهم .
    فلما مضى نصف العمر وجاز حدّ الوقت ، رأى الرجل الذي رآه أولا في النوم ، فقال : إنّ الله تعالى قد شكر لك ذلك ، ولك تمام عمرك سعة مثل ما مضى . ص492

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الباقر (ع) : خرجت امرأة بغيّ على شباب من بني إسرائيل فأفتنتهم ، فقال بعضهم : لو كان العابد فلان رآها أفتنته ، وسمعت مقالتهم فقالت : والله لا أنصرف إلى منزلي حتى أفتنه ، فمضت نحوه في الليل فدّقت عليه ، فقالت : آوي عندك ، فأبى عليها ، فقالت :
    إنّ بعض شباب بني إسرائيل راودوني عن نفسي ، فإن أدخلتني وإلا لحقوني وفضحوني ، فلما سمع مقالتها فتح لها .
    فلما دخلت عليه رمت بثيابها ، فلما رأى جمالها وهيئتها وقعت في نفسه ، فضرب يده عليها ، ثم رجعت إليه نفسه ، وقد كان يوقد تحت قدر له ، فأقبل حتى وضع يده على النار ، فقالت : أي شيء تصنع ؟.. فقال : أحرقها لأنها عملت العمل .
    فخرجت حتى أتت جماعة بني إسرائيل فقالت : الحقوا فلانا فقد وضع يده على النار ، فأقبلوا فلحقوه وقد احترقت يده . ص492

    المصدر:
    قصص الأنبياء


    قال الصادق (ع) : كان عابدٌ في بني إسرائيل لم يقارف من أمر الدنيا شيئا ، فنخر إبليس نخرة فاجتمع إليه جنوده ، فقال : مَن لي بفلان ؟.. فقال بعضهم : أنا ، فقال : من أين تأتيه ؟.. فقال : من ناحية النساء ، قال : لست له ، لم يجرّب النساء ، فقال له آخر : فأنا له ، قال : من أين تأتيه ؟.. قال : من ناحية الشراب واللذّات ، قال : لست له ، ليس هذا بهذا ، قال آخر : فأنا له ، قال : من أين تأتيه ؟.. قال : من ناحية البرّ ، قال : انطلق فأنت صاحبه .
    فانطلق إلى موضع الرجل ، فأقام حذاءه يصلّي ، وكان الرجل ينام والشيطان لا ينام ، ويستريح والشيطان لا يستريح ، فتحوّل إليه الرجل وقد تقاصرت إليه نفسه واستصغر عمله ، فقال : يا عبد الله !.. بأي شيء قويت على هذه الصلاة ؟.. فلم يجبه .
    ثم أعاد عليه فلم يجبه ، ثم أعاد عليه ، فقال : يا عبد الله !.. إني أذنبت ذنباً وأنا تائبٌ منه ، فإذا ذكرت الذنب قويت على الصلاة ، قال : فأخبرني بذنبك حتى أعمله وأتوب ، فإذا فعلته قويت على الصلاة ، قال : ادخل المدينة فسل عن فلانة البغية ، فأعطها درهمين ونل منها ، قال : ومن أين لي درهمين ؟.. ما أدري ما الدرهمين ؟..
    فتناول الشيطان من تحت قدمه درهمين فناوله إياهما ، فقام فدخل المدينة بجلابيبه يسأل عن منزل فلانة البغية ، فأرشده الناس ، وظنّوا أنه جاء يعظها فأرشدوه فجاء إليها فرمى إليها بالدرهمين وقال : قومي ، فقامت فدخلت منزلها وقالت : ادخل ، وقالت :
    إنك جئتني في هيئة ليس يؤتى مثلي في مثلها ، فأخبرني بخبرك ، فأخبرها ، فقالت له :
    يا عبد الله !.. إنّ ترك الذنب أهون من طلب التوبة ، وليس كل من طلب التوبة وجدها ، وإنما ينبغي أن يكون هذا شيطانا مثل لك ، فانصرف فإنك لا ترى شيئا فانصرف ، وماتت من ليلتها ، فأصبحت فإذا على بابها مكتوبٌ : احضروا فلانة فإنها من أهل الجنة ، فارتاب الناس فمكثوا ثلاثا لا يدفنونها ارتيابا في أمرها ، فأوحى الله عزّ وجلّ إلى نبي من الأنبياء لا أعلمه إلا موسى بن عمران (ع) :
    أن ائت فلانة فصلّ عليها ، ومر الناس أن يصلّوا عليها ، فإني قد غفرت لها ، وأوجبت لها الجنة بتثبيطها عبدي فلانا عن معصيتي . ص496

    المصدر:
    روضة الكافي ص384


    قال أبو الحسن (ع) : إنّ رجلا في بني إسرائيل عبد الله أربعين سنة ، ثم قرّب قربانا فلم يُقبل منه ، فقال لنفسه : وما أُوتيت إلا منك ، وما الذنب إلا لك ، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه : ذمّك لنفسك أفضل من عبادتك أربعين سنة . ص500

    المصدر:
    أصول الكافي 2/73


    قال الباقر (ع) : إنّ فتيةً من أولاد ملوك بني إسرائيل كانوا متعبّدين ، وكانت العبادة في أولاد ملوك بني إسرائيل ، وإنهم خرجوا يسيرون في البلاد ليعتبروا ، فمرّوا بقبر على ظهر طريق قد سفى عليه السافي ، ليس يتبين منه إلا رسمه ، فقالوا : لو دعونا الله الساعة فينشر لنا صاحب هذا القبر فساءلناه كيف وجد طعم الموت ، فدعوا الله وكان دعاؤهم الذي دعوا الله به :
    " أنت إلهنا يا ربنا !.. ليس لنا إلهٌ غيرك ، والبديع الدائم غير الغافل ، الحي الذي لا يموت ، لك في كل يوم شأن ، تعلم كل شيء بغير تعليم ، انشر لنا هذا الميت بقدرتك " .
    فخرج من ذلك القبر رجل أبيض الرأس واللحية ، ينفض رأسه من التراب فزعا شاخصا بصره إلى السماء ، فقال لهم : ما يوقفكم على قبري ؟.. فقالوا : دعوناك لنسألك كيف وجدت طعم الموت ؟..
    فقال لهم : لقد سكنت في قبري تسعة وتسعين سنة ما ذهب عني ألم الموت وكربه ، ولا خرج مرارة طعم الموت من حلقي ، فقالوا له : متّ يوم متّ وأنت على ما نرى أبيض الرأس واللحية ؟.. قال : لا ، ولكن لما سمعت الصيحة : اخرج !..اجتمعت تربة عظامي إلى روحي فبقيت فيه ، فخرجت فزعا شاخصا بصري مهطعا إلى صوت الداعي ، فابيّض لذلك رأسي ولحيتي . ص501

    المصدر:
    فروع الكافي 1/72


    روينا أنّ عابد بني إسرائيل كان إذا بلغ الغاية في العبادة صار مشّاءً في حوائج الناس عانيا بما يصلحهم . ص508

    المصدر:
    أصول الكافي 2/199


    قال الصادق (ع) : إنّ الله بعث ملكين إلى أهل مدينة ليقلباها على أهلها ، فلما انتهيا إلى المدينة وجدا رجلا يدعو الله ويتضرّع إليه ، فقال أحدهما للآخر : أما ترى هذا الداعي ؟..
    فقال : قد رأيته ولكن أمضي لما أمرني به ربي ، فقال : ولكني لا أحدث شيئا حتى أرجع إلى ربي ، فعاد إلى الله تبارك وتعالى فقال : يا رب !.. إني انتهيت إلى المدينة فوجدت عبدك فلانا يدعوك ويتضرّع إليك ، فقال : امض لما أمرتك به فإن ذلك رجل لم يتمعّر (أي لم يتغير ) وجهه غضبا لي قط . ص509

    المصدر:
    كتاب الحسين بن سعيد

Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎