إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

خطبتي الجمعة بالغرب الجزائري ليوم 23 رجب 1435 ه ق

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • aboaimen313
    عضو جديد
    • 26-05-2012
    • 10

    خطبتي الجمعة بالغرب الجزائري ليوم 23 رجب 1435 ه ق

    خطبة الجمعة 23رجب الأصب /1435هق
    الخطبة الأولى:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحَمْدُ للهِ الَّذِي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماء وَسُكَّانُها وَتَرْجُفُ الأَرْضُ وَعُمَّارُها وَتَمُوجُ البِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ فِي غَمَراتِها، الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللهُ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي يَخْلُقُ وَلَمْ يُخْلَقْ وَيَرْزُقُ وَلا يُرْزَقُ وَيُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ وَيُمِيتُ الاَحْياءَ وَيُحْييَ المَوْتى وَهُوَ حَيٌ لا يموت بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شيء قَدِيرٌ. اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَأَمِينِكَ وَصَفِيِّكَ وَحَبِيبِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَحافِظِ سِرِّكَ وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكِ أَفْضَلَ وَأَحْسَنَ وَأَجْمَلَ وَأَكْمَلَ وَأَزْكى وَأَنْمى وَأَطْيَبَ وَأَطْهَرَ وَأَسْنى وَأَكْثَرَ ما صليت وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَصَفْوَتِكَ وَأَهْلِ الكَرامَةِ عَلَيْكَ مِنْ خَلْقِكَ، اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى عَلِيٍّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ العالَمِينَ عَبْدِكَ وَوَلِيِّكَ وَأَخِي رَسُولِكَ وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ وَآيَتِكَ الكُبْرى وَالنَّبَأ العَظِيمِ، وَصَلِّ عَلى الصِّدِّيقَةِ الطَّاهِرَةِ فِاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ، وَصَلِّ عَلى سِبْطَي الرَّحْمَةِ وَإِمامَي الهُدى الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَصَلِّ عَلى أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ وَمُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمُوسى بْنِ جَعْفَرٍ وَعَلِيٍّ بْنِ مُوسى وَمُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ وَعَليٍّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَالخَلَفِ الهادِي المَهْدِي، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ وَاُمَنائِكَ فِي بِلادِكِ صَلاةً كَثِيرَةً دائِمَةً.، اللّهُمَّ وَصَلِّ عَلى وَلِيِّ أَمْرِكِ القائِمِ المُؤَمَّلِ وَالعَدْلِ المُنْتَظَرِ وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ وَأَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ يارَبَّ العالَمِينَ، اللّهُمَّ اجْعَلْهُ الدَّاعِيَ إِلى كِتابِكَ وَالقائِمَ بِدِينِكَ اسْتَخْلِفْهُ فِي الأَرْضِ كَما اسْتَخْلَفْتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِ مَكِّنْ لَهُ دِينَهُ الَّذِي ارْتَضَيْتَهُ لَهُ أَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ أَمْنا يَعْبُدُكَ لا يشرك بِكَ شَيْئاً، اللّهُمَّ أَعِزَّهُ وَأَعْزِزْ بِهِ وَانْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزِيزاً وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسِيراً وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً، اللّهُمَّ أَظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ حَتَّى لا يَسْتَخْفِي بِشَيٍْ مِنَ الحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ اللّهُمَّ إِنا نَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ تُعِزُّ بِها الاِسْلامَ وَأَهْلَهُ وَتُذِلُّ بِها النِّفاقَ وَأَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنا فِيها مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ وَالقادَةِ إِلى سَبِيلِكَ وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.
    إضاءة السجن لماذا ؟
    ﴿قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾.يوسف (ع) الآن محاصر من أعداء الله، فإما الفاحشة وإما السجن، وهم الذين حددوا هذين الطريقين، ويوسف لم يخرج عن هذين الخيارين، ولكنه اختار ما يضره دنيوياً ومادياً، وهو السجن، دون ما يضره أخروياًا وروحياً، وهو الفاحشة، خيار طبيعي، ولا أحد يتوقع سواه من وصي يعقوب (ع) النبي الرسول يوسف (ع).
    قال أمير المؤمنين علي (ع): (... ولي بيوسف (ع) أسوة، إذ قال رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ، فإن قلتم إنّ يوسف دعا ربّه وسأله السجن بسخط ربّه فقد كفرتم، وإن قلتم إنّه أراد بذلك لئلّا يسخط ربّه عليه فاختار السجن، فالوصيّ أعذر...) .
    ولكن السؤال: هل عند الله نجاة يوسف من كيدهن محصورة بالسجن، أم أنه توجد سبل متعددة لنجاته من كيدهن، دون أن يقع عليه أذى السجن ؟!
    أعتقد أن جواب هذا السؤال بسيطاً على من يعتقد أن السماوات والأرض لو كانتا على عبدٍ رتقاً واتقى الله لجعل له الله منهما مخرجاً.
    ولو كان يوسف غفل عن هذه الحقيقة﴿ ...... وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾، ولم يلتفت أن عند الله سبيلاً آخر، بل أكثر من سبيل غير السجن لنجاته من كيدهن.
    عن أبي الحسن الرضا (ع)، قال: (قال السجان ليوسف: إني لأحبك، فقال يوسف: ما أصابني بلاء إلا من الحب إن كانت عمتي أحبتني فسرقتني، وإن كان أبي أحبني فحسدوني إخوتي، وإن كانت امرأة العزيز أحبتني فحبستني، قال: وشكا يوسف في السجن إلى الله فقال: يا رب بماذا استحققت السجن، فأوحى الله إليه أنت اخترته حين قلت ﴿رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾، هلا قلت العافية أحب إلي مما يدعونني إليه) .
    أوَ ليس الله بقادر على أن يُذكِّر يوسف (ع) بهذه الحقيقة، ويجعله يدعو بهذا الدعاء: (العافية أحب إلي مما يدعونني إليه)، بدل أن يقول:﴿ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾.
    وهل يعتقد أحد أن يوسف لم يكن يعرف هذه الحقيقة، وهو الذي وكل أمره من قبل عندما كان في الجب إلى إله إبراهيم، ولم يختر هو الخروج أو البقاء.
    عن أبي عبد الله (ع)، قال: (لما طرح إخوة يوسف يوسف في الجب دخل عليه جبرئيل وهو في الجب، فقال: يا غلام من طرحك في هذا الجب، فقال له يوسف: إخوتي لمنزلتي من أبي حسدوني ولذلك في الجب طرحوني، قال: فتحب أن تخرج منها، فقال له يوسف: ذاك إلى إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، قال: فإن إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب يقول لك: قل اللهم إني أسألك بأن فإن لك الحمد كله لا إله إلا أنت الحنان المنان بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ صل على محمد وآل محمد واجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب، فدعا ربه فجعل الله له من الجب فرجاً ومن كيد المرأة مخرجاً وأعطاه ملك مصر من حيث لم يحتسب) .
    فلماذا غفل الآن عن أن يقول: (ذاك إلى إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب) ؟
    وهل يعتقد أحد أن يوسف (ع) لا يستحق أن يذكره الله، أو أنه (ع) ليس أهلاً لذلك، أم هل يعتقد أحد أن في ساحته سبحانه وتعالى بخلاً عن أن يتفضل بتذكير وتعليم يوسف نبيه الكريم أن يدعو بهذا لينجو من المكر والسجن معاً، ألم يرسل سبحانه وتعالى جبرائيل (ع) ليُذكِّر يوسف ويعلمه الدعاء لينجو من الجب.
    لماذا الآن الله سبحانه وتعالى الكريم الرؤوف الرحيم يترك يوسف (ع) في حيرته، ولا يُذكِّره ولا يُعلِّمه دعاءً ينجو به من المكر والسجن معاً ؟! لماذا الآن يوسف لا يجد أمام عينيه سبيلاً لنجاته من المكر إلا السجن ولا يجد إلا هذا الدعاء:﴿ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾ ؟!!
    إن هذا السؤال وغيره من الأسئلة في مسيرة يوسف (ع) يجيبه تعالى في آية عظيمة من آيات سورة يوسف، فيبين فيها تعالى أن كل سكنة وحركة وغفلة وذكرى وعلم وجهل هي ضرورية في مسيرة تمكين وتعليم يوسف (ع)، يقول تعالى في هذه الآية: أنا أمسك بمعصم يوسف (ع) وأقوده إلى التمكين والعلم والمعرفة﴿ كَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾.
    إذن، فمن هذه الآية﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾نعرف أن دخول يوسف (ع) السجن واقع ضمن حكمة إلهية، وأكيد أنه يصبّ في تمكين يوسف وتعليمه، بل وأدائه لرسالته الإلهية.
    أما تعلق السجن بتمكين يوسف وتعليمه، فقد تبين فيما مضى من الإضاءات، وأما تعلق دخول يوسف إلى السجن بأدائه لرسالته فهو ما أريد بيانه، ويتلخص في أمور منها:
    إنَّ يوسف (ع) إن كان قد صدع برسالته من الله خارج السجن ولم يتحصل إيمان أي شخص به، فلابد من إيجاد محيط آخر لتبليغ الرسالة.
    يوسف (ع) خارج السجن عبد مملوك، ولا شك أن حال العبد المملوك في داخل السجن أكثر حرية منه وهو في خارج السجن وتحت سلطة مولاه، فإنّ قيد العبودية أعظم من قيود السجن. فالسجن وفرَّ ليوسف وقتاً أكثر وجواً أكثر حرية ليصدع بدعوة التوحيد.
    في السجن الكل سواسية العبد المملوك والحر فلا أحد ينظر إلى يوسف على أنه عبد مملوك ولا يستحق السماع منه.
    تقبُّل الإنسان للدين والدعوة لطاعة الله سبحانه وهو في ضيق يكون أكبر بكثير منه مما لو كان في يسر وراحة، ولذا نجده تعالى يقول:﴿ وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾، أي يرجعون إلى الحق والى الله سبحانه، ولا شك أن السجن ضيق وعسر وشدة بالنسبة لأي إنسان، ولذا نجد أن دعوة يوسف إلى التوحيد ورسالته من الله سبحانه شقت طريقها إلى قلوب من كانوا في السجن، فتعاطف معه كثير منهم وآمن به السجين الذي نجا كما تقدم في الإضاءات، فلو لم يكن من دخول يوسف السجن إلا إيمان هذا السجين لكفى.
    دعوة يوسف إلى التوحيد شاملة لمن خارج السجن ومن في السجن، ولم يكن هناك طريق لإيصال دعوته (ع) إلى داخل السجن وبالصورة الصحيحة إلا دخول يوسف بنفسه إلى داخل السجن.
    وأخيراً أقول: إن دعوة يوسف إلى التوحيد لم تجد لها موضعاً في المجتمع الذي كان فيه وهو خارج السجن، ولكنها شقت طريقها إلى قلوب الناس لما دخل يوسف (ع) السجن، وبدأت الدعوة إلى التوحيد من السجن بداية حقيقية، ولها من يؤمن بها وينتصر لها، وهذا السجين الذي آمن انتصر لدعوة يوسف الإلهية لمَّا وجد الفرصة الملائمة من خلال رؤيا الملك، وهذا المؤمن عرض نفسه للخطر بحساب أهل المادة وهو يخالف ملأ الملك في رأيهم حيث ﴿قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعَالِمِينَ﴾، ثم يذكر يوسف في محضر الملك وملئه ﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ﴾.
    وأخيراً ذهب إلى السجن وخاطب يوسف (ع) المتهم والذي سجنه عزيز مصر وبمحضر السجانين بهذا الخطاب﴿ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، ليس فقط يعلمون تأويل الرؤيا، بل يعلمون أيضاً بصدقك ورسالتك من الله، ويعلمون بالظلم الذي وقع عليك، لقد اضطر الإيمان هذا السجين إلى ذكر يوسف (ع) رغم الخطر المحتمل.
    والنتيجة، فإن السجن كان المكان والظرف الذي شقت منه دعوة يوسف إلى التوحيد طريقها إلى قلوب كثير من الناس في مصر، ليؤمنوا بها ويوحدوا الله، بل وآمن بها بعض من كانوا في قصر الملك، واستمر الإيمان بالتوحيد الذي صدع به يوسف (ع) في مصر، بل وفي قصر ملك مصر حتى زمن رسالة موسى (ع)، وهذا مؤمن آل فرعون في زمن موسى (ع) يذكر يوسف (ع) كرسول من الله يؤمن به وبرسالته:
    ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ﴾.
    اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا.
    بسم الله الرحمن الرحيم وَالْعَصْرِ {1} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{3}
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا.
    الخطبة الثانية:
    الحمد لله رب العالمين والحمد حقه كما يستحقه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ,الحمد لله الذى يخلق ولم يخلق ويرزق ولا يرزق ويطعم ولا يطعم ويميت الاحياء ويحيى الموتى وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ,الحمد لله الذى لم يشهد احدا حين فطر السماوات والارض ولا اتخذ معينا حين برأ النسمات ,الحمد لله الذى جعل الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا, الحمد لله الذى اذهب الليل مظلما بقدرته وجاء بالنهار مبصرا برحمته , وكساني ضياءه وانا في نعمته , الحمد لله الاول قبل الانشاء والاحياء ,والآخر بعد فناء الاشياء, اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين الائمة والمهديين , اللهم صل على محمد المصطفى وعلى علي المرتضى وعلى البتول فاطمة الزهراء وعلى السبطين الامامين الهاديين الزكيين الحسن والحسين وعلى السجاد علي بن الحسين وعلى الباقر محمد بن علي وعلى الصادق جعفر بن محمد وعلى الكاظم موسى بن جعفر وعلى الرضا علي بن موسى وعلى الجواد محمد بن علي وعلى الهادي علي بن محمد وعلى العسكرى الحسن بن علي وعلى الخلف الهادي المهدى الحجة ابن الحسن العسكرى صاحب الزمان وشريك القرآن وامام الانس والجان وعلى وصيه ووليه وابنه وحبيبه ويمانيه احمد الحسن وعلى اولاده المهديين الاحد عشر الى قيام الساعة.
    السؤال 304: بسم الله الرحمن الرحيم
    وصلى الله على محمد وآله الطاهرين الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    أخي الكريم. سأل أحد الإخوة الأنصار بخصوص قسم البراءة ما يلي:
    من المعلوم أن أحد أدلة القضية هو قسم البراءة والسؤال:
    ما هي شروطه؟
    هل يحتاج إذن السيد أم لا؟
    فيما إذا طلب الخصم أن يقسم هل نوافق على ذلك؟
    هل هلاكه يكون في الحال أو ممكن أن يتأخر؟
    وهل من الممكن أن لا يحصل له شيء بعد قسمه؟
    ثم يقول: سألت عن ذلك لما رأيت بعض الإخوة الأنصار يقفون عن الإجابة عندما يتكلمون في مجلس ويصر الخصم على القسم ويعتبر أن سكوتنا دليل على صحة كلامه في رفضه للحق.
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
    أبو حسن6/ شهر رمضان المبارك/ 1429
    الجواب: قسم البراءة طرحته لهم على أني أقسم لكبرائهم (مراجعهم) إن طلبوا ذلك مني بشرط التصديق بالدعوة، وهذا أكيداً يتحقق إن كانوا يؤمنون بقسم البراءة ونزول العذاب بالكاذب خصوصاً إن كان الأمر ادعاء الإمامة التي ورد أن الهلاك حصة مدعيها كذباً وإن بعد حين حتى بدون أن يقسم؛ لأن في إمهاله إغراء للناس، خصوصاً مع إيراده الأدلة والحجة، ولذا قال تعالى تأكيداً لهذا الأمر:﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ;لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ;ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾.
    فإذا كان مدعي المنصب الإلهي يهلكه الله إن كان متقولاً كاذباً، فكيف مع قسمه قسم البراءة هذا ما ابتغينا إفهامهم إياه كدليل على الحق وصاحب الحق، فمع شدة طلبهم وكثرة من يعينهم -ومعلوم أن حتى أمريكا معهم أخزاهم الله -فقد نجانا الله من القوم الظالمين بفضله، ووالله أقسم بعزة ربي وجلاله أن لقاء ربي أحب شيء إلى قلبي وأن الموت عندي كشربة ماء بارد في شدة الحر والعطش.
    هذا ما أردته من القسم أو قسم البراءة بالخصوص أي أن أقسم لهم.
    فالقسم عادة يكون ممن يدعي أمراً ما فيكذبه الناس فيقسم لهم على أنه صادق، ولذا أقسم الله سبحانه للناس على صدق رسالة الرسول محمد (ص)، فقال تعالى:﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾.
    أما أن يأتي شخص يريد أن ينكر دعوة ويكذبها فيجعل القسم دليلاً على بطلانها فهذا السفه بعينه، حيث أن الصحيح أن يبحث في أدلة الدعوة وينظر هل هي تامة وحجة بالغة أم لا، فإن قرر الإنكار فعليه أن يأتي بالدليل القاطع على الإنكار والتكذيب؛ لأنه يحتاج أن ينقض الدليل، وإلا كان محجوجاً عند الناس العقلاء وعند الله سبحانه حيث أنه كذب بما لم يحط بعلمه مع تمام الحجة التي لم ينقضها، وربما إن بعضهم حتى بدون أن يسمع الحجة التامة يكذب.
    قال تعالى:﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ﴾.
    فنحن قد جئناهم - علماء الشيعة غير العاملين- بما في كتبهم فكفروا بوصية رسول الله محمد (ص) وروايات الأئمة (ع) فصدق عليهم قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾، وأنا أقول لهم: لو لم يكن يعلم المؤمن بهذه الدعوة إلا بوصية رسول الله (ص) فتكفيه حجة تامة أمام الله سبحانه وتعالى، فيكفي أن يكتبها على كفنه لتكون حجة أمام الله، فهل تنكرون حجة من احتج بوصية محمد (ص) ؟ فما بالكم والأدلة على هذه الدعوة من روايات الرسول والأئمة (ع) من كتب كل فرق المسلمين كثيرة جداً حتى آمن الشيعي والسني والوهابي والإسماعيلي والعلوي وغيرهم، فالأولى بالمكذبين إن كانوا على الاعتقاد الحق المرضي عند الله كما يدعون أن يردوا على الأدلة التي جاءت بها دعوة الحق، ويثبتوا صحة اعتقادهم الذي نسفته هذه الدعوة وبينت بكل وضوح أنهم في ضلال مبين، مبين حتى للأنعام ولكن ماذا نعمل لمن وصفهم تعالى بقوله: ﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً﴾.
    وعلى كل حال إن كانوا يؤمنون بالعقاب والهلاك إن وقع بمن أقسم أو باهل فليؤمنوا لهلاك حيدر مشتت، ولكن أنى لهم هذا وهم شياطين تستفزهم شياطين ويتقافزون كالقردة كلما سمعوا بهذه الدعوة ليجلي الله مسخهم قردة لكل عاقل يعي آيات الله،﴿ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾.
    أحمد الحسن
    7/ شهر رمضان المبارك/ 1429 هـ
    اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
    قراءة سورة الإخلاص.
    قلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ *
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎