إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

خطبتي الجمعة لأنصار الإمام المهدي ع في الغرب الجزائري ليوم 03 جمادي الثاني 1435 هـ

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • aboaimen313
    عضو جديد
    • 26-05-2012
    • 10

    خطبتي الجمعة لأنصار الإمام المهدي ع في الغرب الجزائري ليوم 03 جمادي الثاني 1435 هـ

    خطبة الجمعة: 03 جمادى الثاني 1435 هـ
    الخطبة الأولى:
    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً
    الدعوة اليمانية المباركة دعوة عقائدية علمية معتمدة على القرآن الكريم والسنة الشريفة لمحمد (ص) ولآل بيته الأطهار(ع). هدفها بيان العقيدة الحقة للدين المحمدي الحنيف، وخصوصاً بيان قضية الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) والتمهيد له بتهيئة أذهان المؤمنين والمسلمين وكل أهل الأرض لقبول دعوة قائم آل محمد (ع) المبشر به في القرآن والكريم والسنة الشريفة وبقية الكتب السماوية، وقيادة الدعوة اليمانية متمثلة بالسيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي (ع).
    وأهم معالم الدعوة اليمانية تتلخص بما يلي:
    أولاً:
    التأكيد على حاكمية الله تعالى في الأرض المتمثلة بأوصياء النبي محمد (ص) الأئمة الاثني عشر (ع) أولهم علي بن أبي طالب (ع) وآخرهم وخاتمهم الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري (ص)، والمهديين الاثني عشر من ذرية الإمام المهدي (ع) الى قيام الساعة، المنصوص عليهم بالوصية المقدسة للنبي محمد (ص) ليلة وفاته.
    ثانياً:
    بيان عقيدة إمامة المهديين الاثني عشر من ذرية الإمام المهدي (ع)، من خلال:
    أ – محكم القرآن الكريم والمفسر عن النبي محمد (ص) وعن أهل بيته الأئمة الأطهار.(ع)
    ب – الروايات المتواترة التي تنص على أنَّ الإمامة مستمرة الى يوم القيامة وأن الأرض لا تخلو من إمام، ولو كان في الأرض اثنان لكان أحدهما الحجة على صاحبه، ولو خليت الأرض من إمام لساخت بأهلها. فبعد الإمام المهدي (ع) لابد أن يكون في الأرض إمام.
    ج – الروايات المتواترة التي تنص على أن الإمامة مستمرة في الأعقاب وأعقاب الأعقاب من ذرية الإمام الحسين (ع) الى يوم القيامة، وبما أن الإمامة وصلت الآن الى الإمام المهدي (ع) فلابد أن تستمر بعده في ذريته حصراً.
    د – الروايات المتواترة التي تنص وتشير الى أن كل إمام من أهل البيت (ع) لا يموت حتى يرى الإمام من ذريته، وهذا عام لكل الأئمة المعصومين (ع) والإمام المهدي (ع) أحدهم، فلابد أن يكون له وصي إمام من ذريته، ومدعي استثناء الإمام المهدي (ع) من ذلك مطالب بالدليل القطعي صدوراً ودلالة.
    هـ - الروايات المتواترة التي تذكر وتنص على المهديين من ذرية الإمام المهدي (ع) وإمامتهم وحجيتهم على الأمة بعد أبيهم الحجة ابن الحسن (ع)، أهمها وصية النبي محمد (ص) ليلة وفاته التي وصفها النبي (ص) بأنها الكتاب العاصم للأمة من الضلال الى يوم القيامة، وغيرها من الروايات المتواترة التي تنص وتشير الى إمامة المهديين من ذرية الإمام المهدي (ع).
    و – أقوال العلماء المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين من شيعة أهل البيت (ع) القائلين والمجوزين لوجود الأئمة بعد الإمام المهدي (ع) من ذريته، كالشيخ الصدوق (رحمه الله) والشيخ المفيد (رحمه الله) والشيخ الإربلي (رحمه الله) والسيد المرتضى (رحمه الله) والشيخ الطبرسي (رحمه الله) والشيخ علي النمازي الشاهرودي (رحمه الله)، والسيد الشهيد محمد باقر الصدر (رحمه الله)، والسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (رحمه الله) وغيرهم.
    وكل هذه الأقوال مدونة وموثقة في إصدارات أنصار الإمام المهدي (ع) المتوفرة في المؤسسات الإعلامية للدعوة اليمانية. وكذلك مضامين جميع النقاط الستة في [ثانياً] ثابتة وموثقة في الأصول الحديثية المعتبرة ككتاب الكافي للشيخ الكليني، ومن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق وكمال الدين وتمام النعمة كذلك، وتهذيب الأحكام للشيخ الطوسي وكتاب الغيبة كذلك، وكتاب الغيبة للشيخ النعماني، رحمهم الله جميعاً وطيب الله ثراهم. وغيرها من المصادر المعتبرة المشهورة.
    ثالثاً:
    الممهد الرئيسي للإمام المهدي (ع) في عصر الظهور هو السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي (ع)، صاحب الدعوة اليمانية المباركة، وقد تم إثبات هذا الأمر وتفصيله في عشرات الكتب لأنصار الإمام المهدي (ع)، فمن شاء فليراجع.
    رابعاً:
    ترتكز الدعوة اليمانية المباركة على الدعوة الى الحق بالدليل والبرهان العلمي الأخلاقي، امتثالاً لأمر الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ...} النحل: 125. والأحاديث الشريفة التي تؤكد وتحث على ذلك، ونبذ وشجب الأسلوب اللاأخلاقي المتمثل بالسب والشتم واللعن والاستهزاء. والالتزام بأخلاق القرآن وأهل البيت (ع)، وهذا ما يوصي به السيد أحمد الحسن ويوجبه على أتباعه والمؤمنين به.
    خامساً:
    تقف الدعوة اليمانية المباركة موقف المعارضة والاستنكار لكل أساليب الاستخفاف بدماء الناس وأعراضهم وأموالهم، وفضح أحفاد التتر والمغول من القتلة والذبَّاحين الذين لا يتورعون عن إراقة دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ ... الخ، والبراءة منهم وتثقيف المجتمع على أن هؤلاء القتلة لا دين لهم ولا ضمير، وبعيدين كل البعد حتى عن أدنى مستوى من مستويات الإنسانية القويمة، سواء كانوا في العراق أو خارجه. وهذا ما قام به السيد أحمد الحسن وبيَّنه للناس في الوسائل الإعلامية للدعوة اليمانية المباركة.
    سادساً:
    أيضاً تقف الدعوة اليمانية المباركة موقف المعارضة والاستنكار لكل اساليب إثارة الفتن الطائفية في الوسط الإسلامي، وبين المسلمين وغيرهم من سائر الديانات الأخرى، وتؤكد الدعوة اليمانية على ضرورة توحيد كلمة الأمة وكل الناس على الحق والهدى باللين والرفق والحوار الأخلاقي الهادف، ونبذ التعرض الى شتم أو سب الرموز الدينية، والاقتصار على النقاش العلمي الاخلاقي لكل مواضع الخلاف بين المذاهب والديانات.
    سابعاً:
    تسعى الدعوة اليمانية المباركة وبتوجيه من السيد أحمد الحسن (ع) الى نشر الثقافة الدينية العقائدية والاخلاقية الصحيحة في المجتمع من خلال وسائلها الاعلامية، والترغيب بالعلم والمعرفة ومحاسن الأخلاق.
    ثامناً:
    تسعى الدعوة اليمانية المباركة الى كفالة الأيتام والفقراء والمساكين حسب الامكان، وحث المجتمع على العطف على هذه الطبقة المحرومة وانصافها، وتوفير ما يصون كرامتها بين المجتمع الإنساني والإسلامي، وهذا ما أكد وحث عليه السيد أحمد الحسن (ع) في العديد من المواقف المعلنة في الوسائل الاعلامية للدعوة اليمانية المباركة.
    تاسعاً:
    تطالب الدعوة اليمانية المباركة بانصافها واعطائها حقها في التعريف عن نفسها وبيان ثقافتها وعقيدتها بالطرق المشروعة التي يقرها حتى القانون الوضعي المعتمد عليه الآن في العراق وخارجه، فحرية الاعتقاد والفكر مكفولة في الشرع وفي كافة القوانين، فمن حقوق الدعوة اليمانية أن تكون لها مساجد وحسينيات ومؤسسات علمية وإعلامية وخيرية، كما هو مكفول لكل المذاهب الاسلامية وغيرها من الديانات أو المذاهب الفكرية اللادينية.
    عاشراً:
    للدعوة اليمانية مكتب رسمي يمثلها في النجف الأشرف، وهي غير مسؤولة عن أي فعل أو قول ينسب لها إن لم يكن صادراً عن مكتب السيد أحمد الحسن في النجف الأشرف، وأيضاً كل تفاصيل ومناهج الدعوة اليمانية منشورة ومعلنة في كتب السيد أحمد الحسن وبياناته، وكل ما يخالف ذلك تكون الدعوة اليمانية بريئة منه ولا تلتزم به، وبذلك يتبين زيف التهم والكذب والبهتان والحملة الدعائية المغرضة التي تمارسها بعض الجماعات ضد الدعوة اليمانية المباركة بلا دليل يُذكر.

    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً كثيراً... أللهم كن لوليك الحجة ابن الحسن صلواتك عليه و على آبائه و أبنائه في هذه ألساعة و في كل ساعة ولياً و حافظاً و قائداً و ناصراً و دليلاً و عينا حتى تسكنه أرضك طوعاً و تمتعه فيها طويلا و تجعله و ذريته من ألأئمة ألوارثين و تجعلنا من أنصاره ألمخلصين ألموفقين و أرزقنا و زدنا من علومه و حكمته أليمانية و أرزقنا شفاعته و صحبته ... أللهم أنصر وليك و حجتك أليماني ألموعود ألسبيد أحمد ألحسن (ع) و ثبت أنصاره ألأطهار ببسم ألله ألرحمن ألرحمن ألرحيم ... إذا جاء نصر ألله و ألفتح و رأيت ألناس يدخلون في دين ألله أفواجا ... فسبح بحمد ربك و أستغفره إنه كان تواباً...أقول قولي هذا و أستغفر ألله لي و لكم و ألحمد لله رب ألعالمين... و صلى ألله على محمد و آل محمد ألأئمة و ألمهديين و سلم تسليماً كثيرا ...

    الخطبة الثانية:
    بسم الله الرحمان الرحيم والحمد لله رب العالمين

    وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
    اللهم العن أعداء محمد وال محمد في الأولين والآخرين
    الحمد لله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها. اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق. الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون. ولا يحصي نعماءه العادون. ولا يؤدي حقه المجتهدون، الذي لا يدركه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن. الذي ليس لصفته حد محدود ولا نعت موجود. ولا وقت معدود ولا أجل ممدود.
    قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
    وقال تعالى: لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ
    وقال تعالى: لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
    وقال تعالى: انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
    وقال تعالى: وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ
    وقال تعالى: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى
    وقال تعالى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا
    قال النور احمد ع:
    قلب الإنسان بين إصبعين من أصابع الرحمن([5])؛ الشيطان إصبع والملك إصبع، أو الظلمة إصبع والنور إصبع، أو الجهل إصبع والعقل إصبع.
    والقلب بين هذين الإصبعين ، فجهاد النفس هو السعي مع الملك والنور والعقل إلى الله، ونبذ الشيطان والظلمة والجهل.
    وبما أنّ هدف الشيطان وغرضه هو أن يردي الإنسان في هاوية الجحيم، وأن يجعله في مواجهة مخزية مع رب العالمين عندما يعصي الخالق الرؤوف الرحيم الكريم، وليحقق هذا الغرض لابد له من أسلحة يستعين بها على تنفيذ ما يريد.
    وهذه الأسلحة تتدرج من الظهور إلى الخفاء، ومن الضعف إلى القوّة، وكلٌ بحسبه، فلكلٍّ صنف سلاحه الملائم لإضلاله.
    ومن باب (اعرف عدوك) أتعرض لهذه الأسلحة ؛ ليتسنّى لمن يريد أن يجاهد بالجهاد الأكبر معرفة عدوه ، وبالتالي إنقاذ نفسه من النار ، وتحصين نفسه والتدرع بما هو ملائم ؛ لأنّ لا يكون هدفاً سهل المنال للشيطان (لعنه الله).
    ولابد من معرفة أولاً - وقبل كل شيء - أنّ دوافع الإنسان للغواية مركبة ومشتبكة مع بعضها، والشيطان (لعنه الله) يستخدم من هذه التركيبة المعقدة ما يناسب كل إنسان لإضلاله؛ حيث إنّ الإنسان يعيش في هذا العالم الجسماني وممتحن بهذا العالم الجسماني في هذا الوقت وفي هذه الحياة الدنيا، فنفس الإنسان ومحيطها هما مدار البحث حول أسلحة الشيطان، فمن النفس ومن محيطها يتسلح الشيطان (لعنه الله) لإغواء الإنسان وليرديه في هاوية الجحيم، ومحيط الإنسان هو العالم الجسماني أو الدنيا.
    فالبحث إذن يدور حول الدنيا والنفس الإنسانية من جهة، وحول النفس الإنسانية من جهة أخرى؛ لأنّ السلاح إمّا:
    أن يكون مركباً من العالم الجسماني والنفس الإنسانية، كالسكين والجسم الذي تغرس فيه وكمثال الزاني والزانية، فالشيطان يستخدم المرأة أو الرجل وأيضاً يحتاج إلى الضعف الجنسي في نفس هذا الإنسان الذي يريد إغواءه وإردائه في الهاوية. فبالنسبة لرجل عصى الله بالزنا تمثّل المرأة السكين التي طعنه بها الشيطان ، أمّا ضعفه الجنسي فقد مثّل المكان الذي الذي طعنه به الشيطان .
    أن يكون السلاح من داخل النفس الإنسانية ، فتكون السكين وموضع الطعن واحد وهي النفس، فلا يوجد شيء من العالم الجسماني، ومثاله العجب.
    فنحتاج إذن إلى معرفة السكين (الدنيا)، والجسم الذي تغرس فيه (النفس)، والسكين النفسية (وهي سكين وسلاح يؤخذ من النفس ويغرس في النفس) ، وعندها إذا وفقنا سنعرف أسلحة الشيطان بشكل تفصيلي بعد أن عرفناها بشكل مبسط ، ونحن نحتاج إلى كلا المعرفتين البسيطة (أي كون النفس والدنيا هما سلاح الشيطان)، والتفصيلية التي أتركها؛ لأنها تتفرع من هذا الإجمال.
    ولا بأس من إلقاء نظرة على الدنيا والنفس الإنسانية من حيث إنها سلاح للشيطان.
    1- السكين ( الدنيا ) :
    والعالم الجسماني المحيط بالإنسان ينقسم إلى: جمادات ونباتات وحيوانات، وبقية الناس غيره، وعلاقة الإنسان معها إما ملائمة أو منافاة، فتجده - مثلاً - يحب تملّك الأرض والذهب والفضة والزرع والحيوانات وقضاء شهوته مع الجنس المقابل له، ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾([6]).
    ويكره التعرّض للضرر كالقتل في ساحة المعركة، وهو من نتائج الجهاد المحتملة:
    ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾([7]).
    ولابد من بيان أنّ الدنيا بالنسبة للآخرة ضرّة لا تجتمع معها في قلب إنسان أبداً ([8])، فهما في اتجاهين متقابلين إذا التفت الإنسان إلى إحداهما أعطى ظهره للاُخرى ، ولا يمكن لإنسان أن يجمع الدنيا والآخرة في عينه أو قلبه ، قال تعالى:
    ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾([9]).
    وقال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً﴾([10]).
    ومن هذه التركيبة الجسمانية المحيطة بالإنسان ونفس الإنسان - وبالخصوص الثغرات ونقاط الضعف الموجودة فيها - يكون سلاح الشيطان (لعنه الله).
    2 - النفس :
    وهي أُسّ البلاء وبيت الداء، فلو لم تكن فيها الثغرات الملائمة لما في الدنيا من شهوات، ولو لم تكن فيها علة العلل وهي (الأنا) لما كان للشيطان على الإنسان سبيل، فبصحتها يصحّ ابن آدم، وبدائها يمرض، وبموتها يموت.
    والشيطان (لعنه الله) إمّا يستخدم ما فيها وهو الأنا لطعنها، فيكون سلاح الشيطان منها والطعن فيها ، وإمّا أنّ الشيطان (لعنه الله) يستخدم ما في الدنيا ليطعن النفس في ثغراتها.
    والآن عرفنا سلاح الشيطان وتركّبه من النفس ومحيطها، وبهذا نعرف معنى أن يكون جهاد النفس هو الجهاد الأكبر؛ لأنّ تحصين النفس في هذه المعركة يؤدي إلى النصر على الشيطان وهزيمته وكسر سلاحه.
    أمّا تفصيل أسلحة الظلمة والجهل والشيطان فأتركه لهذه الجوهرة من جواهر آل محمد (ع) التي بيّنت جنود الجهل وجنود العقل؛ ليتحلّى المؤمن بجنود العقل بعد أن يتخلّى عن جنود الجهل فيتم عقله، ويتحصّن بالله من أسلحة الشيطان.
    روى الشيخ الكليني في (الكافي) عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن سماعة بن مهران، قال: كنت عند أبي عبد الله (ع) وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل، فقال أبو عبد الله (ع): (اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا، قال سماعة: فقلت: جعلت فداك لا نعرف إلاّ ما عرفتنا، فقال أبو عبد الله (ع): إنّ الله عزّ وجل خلق العقل وهو أوّل خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره، فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، فقال الله تبارك وتعالى: خلقتك خلقاً عظيماً وكرمتك على جميع خلقي، قال: ثم خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانياً فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فلم يقبل فقال له: استكبرت فلعنه، ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جنداً فلما رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة فقال الجهل: يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده ولا قوة لي به فأعطني من الجند مثل ما أعطيته، فقال: نعم فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي، قال قد رضيت فأعطاه خمسة وسبعين جنداً.
    فكان مما أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند: الخير وهو وزير العقل وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل، والايمان وضده الكفر، والتصديق وضده الجحود، والرجاء وضده القنوط، والعدل وضده الجور، والرضا وضده السخط والشكر وضده الكفران، والطمع وضده اليأس، والتوكل وضده الحرص، والرأفة وضدها القسوة، والرحمة وضدها الغضب والعلم وضده الجهل، والفهم وضده الحمق، والعفة وضدها التهتك، والزهد وضده الرغبـة، والرفق وضده الخرق، والرهبة وضدها الجرأة، والتواضع وضده الكبر، والتؤدة وضدها التسرع، والحلم وضدها السفه، والصمت وضده الهذر، والاستسلام وضده الاستكبار، والتسليم وضده الشك والصبر وضده الجزع، والصفح وضده الانتقام، والغنى وضده الفقر، والتذكر وضده السهو، والحفظ وضده النسيان، والتعطف وضده القطيعة، والقنوع وضده الحرص، والمؤاساة وضدها المنع، والمودة وضدها العداوة والوفاء وضده الغدر، والطاعة وضدها المعصية، والخضوع وضده التطاول والسلامة وضدها البلاء، والحب وضده البغض، والصدق وضده الكذب، والحق وضده الباطل، والأمانة وضدها الخيانة، والإخلاص وضده الشوب، والشهامة وضدها البلادة، والفهم وضده الغباوة، والمعرفة وضدها الإنكار والمداراة وضدها المكاشفة، وسلامة الغيب وضدها المماكرة، والكتمان وضده الإفشاء، والصلاة وضدها الإضاعة، والصوم وضده الإفطار، والجهاد وضده النكول، والحج ( أي الولاية ) وضده نبذ الميثاق، وصون الحديث وضده النميمة، وبر الوالدين وضده العقوق، والحقيقة وضدها الرياء، والمعروف وضده المنكر، والستر وضده التبرج، والتقية وضدها الإذاعة، والإنصاف وضده الحمية، والتهيئة وضدها البغي، والنظافة وضدها القذر، والحياء وضدها الخلع، والقصد وضده العدوان، والراحة وضدها التعب والسهولة وضدها الصعوبة، والبركة وضدها المحق، والعافية وضدها البلاء، والقوام وضده المكاثرة، والحكمة وضدها الهواء، والوقار وضده الخفة، والسعادة وضدها الشقاوة، والتوبة وضدها الإصرار والاستغفار وضده الاغترار، والمحافظة وضدها التهاون، والدعاء وضده الاستنكاف، والنشاط وضده الكسل، والفرح وضده الحزن، والألفة وضدها الفرقة والسخاء وضده البخل.
    فلا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلاّ في نبي أو وصي نبي، أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان، وأمّا سائر ذلك من موالينا فإنّ أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتى يستكمل، وينقي من جنود الجهل فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء ( أي إذا تمّ عقله كان من أهل السماء السابعة ، وهي سماء العقل )، وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده، وبمجانبة الجهل وجنوده، وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته)([11]).
    * * *
    الجهاد الأكبر يسبق الجهاد الأصغر
    أهم أهداف الجهاد هو إخراج الناس من عبودية الأرض والعباد والأنا إلى عبودية الله الواحد القهار والاعتراف بحاكميته سبحانه وتعالى على صعيدي التشريع والتنفيذ المجتمعين في خليفة الله في أرضه ، والمعركة الجهادية الأولى دارت ضمن نطاق هذا القانون الإلهي (خلافة الله في أرضه) وهو القانون الأول والذي تدور حوله قبول الطاعة أو عدمها، قال تعالى:
    ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾([12])، وفي النتيجة ﴿فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾([13]).
    انتصر الملائكة في هذه المعركة وخسر إبليس لعنه الله وكان الجهاد فيها من الطراز الأول وهو جهاد النفس أو كما سماه رسول الله (الجهاد الأكبر)، ولابد أن يبدأ المجاهد بالجهاد الأكبر ثم ينتقل إلى الأصغر بل الجهاد الأصغر أحد أهم أجزاء الجهاد الأكبر.
    ولعل بعضهم توهم أنّ الجهاد الأصغر مقدم من حديث رسول الله (ص) عندما استقبل المجاهدين العائدين من أرض المعركة فرحب بهم على أنهم قوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر أي جهاد النفس، ولكن الحقيقة التي كان يريد أن يبينها رسول الله (ص) في حديثه هي أنّ جهاد الأجساد (الجهاد الأصغر) ربما ينقضي، أمّا جهاد الأرواح (الجهاد الأكبر) فلا ينقضي ما دام الإنسان في هذه الحياة الدنيا، كما أنّ جهاد الأجساد ما هو إلاّ استجابة لجهاد الأرواح، حيث إنّ الأجساد تابعة للأرواح مستجيبة لإرادتها، فلم يكن أولئك العائدون إلاّ قوماً خاضوا في غمار الجهاد الأكبر ثم انتقلوا إلى الجهاد الأصغر ثم عادوا فذكرهم رسول الله أنهم ما داموا في هذه الحياة الدنيا فعليهم أن يجاهدوا أنفسهم لئلا يقعوا فيما وقع فيه إبليس لعنه الله فينكرون خليفة الله في أرضه ، فتكون النتيجة هي الخسران المبين.
    ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ ([14]).
    وبالفعل فقد أنكر كثير منهم خليفة الله في أرضه (علي بن أبي طالب (ع)) وفشلوا في معركة الجهاد الأكبر، فلم ينفعهم الجهاد الأصغر أو قل قتال الأجساد.
    فعلى الإنسان أن يحذر فتنة الله ويجاهد نفسه ويتابع خليفة الله في أرضه وإلاّ فالنار، فلا جهاد إلاّ تحت راية ولي الله وخليفته في أرضه، ومن يدعي أنّه يجاهد ويطلب الشهادة تحت راية غير راية خليفة الله في أرضه فهو يتعجّل قتلة الدنيا قبل قتلة الآخرة.
    عن أبان بن تغلب، قال: كان أبو عبد الله (ع) إذا ذكر هؤلاء الذين يقتلون في الثغور يقول: (ويلهم ما يصنعون بهذا ؟! يتعجلون قتلة الدنيا وقتلة الآخرة، والله ما الشهيد إلاّ شيعتنا وإن ماتوا على فرشهم)([15]).
    إذن، فلابد للإنسان أن يخوض معركة الجهاد الأكبر أولاً ويعرف ولي الله وخليفته في أرضه ثم يخوض معركة الجهاد الأصغر تحت رايته وليكون جهاده مرضياً عند الله وطاعة له سبحانه وإلاّ فسيكون كالبهيمة بل أضل سبيلاً، فإمّا أن يكون قتاله لأجل الأرض فإنّ الملحد يقاتل لأجل أرضه كالحيوان لأجل وكره ، أو أنّه يقاتل لأجل عقيدة لا يفقهها مقلداً العلماء غير العاملين ثم بعد موته وبعد أن يجر إلى النار يتبيّن له أنّ العلماء غير العاملين قادوه لمحاربة موسى (ع) أو عيسى (ع) أو محمد (ص) أو الإمام المهدي (ع).
    وأمير المؤمنين (ع) قال: (الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه)([16])، أي إنّ الأولياء هم المجاهدون الحقيقيون، لا أنّ كل من يقاتل فهو مجاهد وهو ولي من أولياء الله كما يفهم بعضهم، فالأولياء هم الذين جاهدوا أنفسهم وخاضوا في غمار الجهاد الأكبر وتابعوا ولي الله وخليفته في أرضه فكانوا بذلك أولياء الله حقاً ومستحقين لأن يكون الجهاد باباً فتحه الله لهم .
    قال تعالى:﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ﴾
    قال النور أحمد ع: ( الله يجتبي الرُسل (ع) ، ويهدي إلى الرُسل (ع) من ينيب ويحارب الأنا ، ويقتل نفسه قربة إلى الله سبحانه ، فعلى قدر الأنا الموجودة في نفس الإنسان يتأخر الإنسان في الهداية إلى الحق ومعرفة الرسول .
    في الدعاء عن الإمام المهدي (ع) : ( اللهم عرفني نفسك ، فإنّك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك ) ([2]). وكيف يعرّف الله من لم يقتل نفسه ؟!! وكيف يعرّف الله من انطوت نفسه على داء إبليس ( لعنه الله ) ، ﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾ ([3])، ([4]) ) .
    اللهم صل على محمد و آل محمد الأئمة و المهديين و سلم تسليما. و الحمد لله رب العالمين وحده وحده وحده.
    Last edited by aboaimen313; 04-04-2014, 12:08. سبب آخر: الإلتزام بأوامر المكتب لأني لم ألتفت إلى موضوع الخطبة الموحدة أي الخطبة الأولى
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎