إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

خطبة جمعة - بتأريخ 26 جمادى الأولى 1435 هجري - إضاءات من دعوة نوح وابراهيم ع

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • أنصاري 313
    مشرف
    • 04-01-2013
    • 99

    خطبة جمعة - بتأريخ 26 جمادى الأولى 1435 هجري - إضاءات من دعوة نوح وابراهيم ع

    إضاءات من دعوة نوح وابرهيم (ع)
    مقتبس من كتاب إضاءات من دعوات المرسلين للسيد أحمد ع

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد و آل محمد الائمة و المهديين و سلم تسليما كثيرا
    الحمد لله مالك الملك، مجري الفلك مسخر الرياح، فالق الإصباح، ديان الدين، رب العالمين، الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الأرض وعمارها، وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها. اللهم صل على محمد وآل محمد، الفلك الجارية في اللجج الغامرة، يأمن من ركبها، ويغرق من تركها، المتقدم لهم مارق، والمتأخر عنهم زاهق، واللازم لهم لاحق. الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون. ولا يحصي نعماءه العادون. ولا يؤدي حقه المجتهدون، الذي لا يدركه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن. الذي ليس لصفته حد محدود ولا نعت موجود. ولا وقت معدود ولا أجل ممدود.
    1- نوح ع أول الأنبياء أولي العزم مبعثاً، ودعوته لقومه فيها شيء من اللين والموعظة الحسنة. والظاهر حتى الإنذار في دعوة نوح (ع) كان يصب في هذا القالب ( إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) (الشعراء:115) فلم يشتد معهم حتى في الإنذار مع انهم طغاة عتاة ( قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) (الشعراء:116) وهذا قوله (ع) في سورة الأعراف ( أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأعراف:63) وقال (ع) (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ)
    (هود 25-26) وقال (ع) ( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) (هود:28) فالإنذار مرة يقرن بالرحمة ومرة بالخوف عليهم من العذاب ، وهذا اللين من نوح (ع) إما للتقية وتجنب الاصطدام الشديد مع الكفار وما يجرة من ضرر على المؤمنين وإما طلباً لترقيق قلوبهم وتليين جانبهم وفي النهاية طمعا في ايمانهم. وهذا الوجه الأخير ارجح من التقية وذلك لانه عندما علم من الله انه لن يؤمن أحد من قومه غير الذي آمنوا اشتد معهم وسخر منهم وهددهم وتوعدهم بشدة وغلظة قال تعالى ( وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ * وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ) (هود 36 –39) .
    2-الصبر والمطاولة :- ( قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً…ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً) (نوح 5-9)
    والصبر والمطاولة مطلوبان لمن رجى أيمان من يدعوهم فكثير من الناس تدعوهم الى الحق فلا يؤمن أول وهلة بل يواجهك بشدة وغلظة ولكن مع مرور الأيام يوفق للأيمان بالحق وربما يصبح من دعاة الحق المخلصين
    3- الالتجاء إلى الله والتوكل عليه سبحانه والاعتماد على تخطيطه وتدبيره سبحانه بل وطلب النصر من الله بعد اليأس من أيمان من بقي على الكفر ( رَبَّ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِر )
    4- الرحمة بالمؤمنين وخفض الجناح لهم والأعراض عن ماضيهم قبل دخولهم في الدعوة مهما كان هذا الماضي بل والدفاع عن هؤلاء الثلة والاعتزاز بهم ( قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ * قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ * وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ * إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (الشعراء 111-115)
    5- العمل الدؤوب للنجاة من الفيضان وذلك بصنع السفينة المباركة وتهيئة الطعام للناس والحيوانات وتهيئة العدة والعدد وهذا أمر لا يتصور انه يسير بل على العكس هو أمر صعب والذي يقوم به لابد انه يواجه مشاكل كثيرة خصوصاً إذا كان منبوذ من قومه وبالتالي لا يملك الكثير من الإمكانيات لأداء هذه المهمة الكبيرة ومن هنا نتصور كم كان صبر نوح عظيم وكم كان توكله واعتماده على الله الواحد القهار عظيماً وكم كانت الرحمة الإلهية والفضل الإلهي الذين شملا نوح عظيمين فكان عليه السلام يعمل بيد تكاد تكون خالية إلا من رحمة الله وكان يعمل في مجتمع لا يعرف إلا الاستهزاء به والسخرية والتهكم .
    6- اليقين ولا اقصد اليقين بوجود الله سبحانه أو بنبوته (ع) بل اقصد اليقين بالنصر على الظالمين والتسلط على رقابهم، وهذا اليقين جعل نوح (ع) قوي العزيمة يبلغ رسالة السماء ويصبر على الأذى ولا يأبه باستهزاء القوم بل هو يستهزئ بهم حيث انه واثق من قوله تعالى (( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) (الصافات:171 ـ 173 )

    الخلاصة:
    الدعوة الى الحق بلين ورحمة ورقة ثم المبالغة في الرحمة لمن يؤمن بالحق والصبر على من لم يؤمن في البداية لعله بعد ذلك يؤمن بالحق والعمل ليل ونهار وسراً وعلانية لإيصال الحق دون ملل وكلل ( لا تمنن تستكثر ) وفي كل هذه الأحوال لابد من اليقين بالنصر الإلهي والالتجاء إلى الله والتحصن به والتوكل عليه توكل حقيقي بمعنى أن يكون العبد مصداق للآية الكريمة (لا قوة إلا بالله)
    إضاءات من محاججة نوح (ع) مع قومه
    ﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً …﴾. نوح (ع) كجميع الأنبياء، أرسلوا لإصلاح الفساد العقائدي والتشريعي والأخلاقي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وحججهم بسيطة خالية من التعقيد، لا تحتاج إلى النظر الكثير والتحقيق الخطير ليتضح أنها الحق المبين، ولكنها عندما تلقى على قوم لوثوا فطرة الله وصبغوا أنفسهم بغير صبغة الله، تصبح في غاية التعقيد والإبهام لأنها ألقيت على قوم لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم آذان لا يسمعون بها.
    واعتراضات القوم:
    1- أنت بشر مثلنا ﴿فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا﴾.
    2- اتبعك البسطاء ضعيفو الرأي ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ﴾.
    3- نظنك كاذباً أنت ومن معك ﴿وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾
    وجميع هذه الاعتراضات بعيدة عن محور الرسالة والقضية المطروحة للمناقشة، فهذه مغالطات وسفسطة، بل هي اعتراضات واهية يقنعون بها أنفسهم المتكبرة، ويستخف بها العلماءُ المستضعفين في الأمور الدينية، وأتباعهم ومقلديهم، الذين يغلب عليهم الجهل والعمى، ﴿قال الملأ من قومه﴾ الملأ أصحاب السلطة الدينية والدنيوية، ﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾، ليس فقط ضلال، بل مبين واضح جلي بالنسبة لهم !!
    لأن نوحاً جاء ليدعو الناس إلى عبادة الله والمساواة والعدالة والرحمة والتقوى، وهذه الأمور تعترض مسيرتهم الشيطانية في استخفاف الناس، وقيادتهم الدينية والدنيوية، وما تجلبه لهم هذه الرئاسات الباطلة من ترف وجاه وقدسية مزيفة.
    ولهذا فلا داعي للنظر في ادعاء نوح (ع)، بل يكفي أن يقول الملأ (القيادة وخصوصاً الدينية): إن نوحاً في ضلال مبين جلي، ليقول جميع الناس الذين أنسوا التقليد والإتباع الأعمى: إن نوحاً في ضلال مبين، ﴿وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً عَمِينَ﴾.
    في الروايات القائم (ع) مثل نوح (ع) ويهلك في زمنه ثلثا بل تسعة أعشار الناس :
    ـ روى الشيخ الطوسي عن الصادق عليه السلام انه قال: (إن الله تعالى ذكره أدار في القائم منا ثلاثة أدارها لثلاثة من الرسل، .......وقدر إبطاءه تقدير إبطاء نوح عليه السلام.............أما إبطاء نوح عليه السلام فإنه لما استنزل العقوبة بعث الله إليه جبرئيل عليه السلام معه سبع نويات فقال: يا نبي الله إن الله جل اسمه يقول لك: إن هؤلاء خلائقي وعبادي لست أبيدهم بصاعقة من صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة، وإلزام الحجة، فعاود إجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك عليه، واغرس هذا النوى، فإن لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص، وبشر بذلك من تبعك من المؤمنين.................
    ثم إن الله تعالى لم يزل يأمره عند إدراكها كل مرة أن يغرس تارة بعد أخرى إلى أن غرسها سبع مرات، وما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتد منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عادوا إلى نيف وسبعين رجلا، فأوحى الله عزوجل عند ذلك إليه وقال: الآن أسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرح الحق عن محضه وصفا الامر للايمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة. فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت من ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين أخلصوا لي التوحيد من قومك واعتصموا بحبل نبوتك، بأن أستخلفهم في الارض، وأمكن لهم دينهم، وأبدل خوفهم بالامن، لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم. وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالامن مني لهم، مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا وخبث طينتهم، وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق وسنوخ الضلالة، فلو أنهم تنسموا من الملك الذي أوتي المؤمنون وقت الاستخلاف إذا هلكت أعداؤهم (لنشقوا) روائح صفاته، ولاستحكم نفاقهم، وتأبد خبال ضلالة قلوبهم، ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة، وحاربوهم على طلب الرئاسة، والتفرد بالامر النهي عليهم، وكيف يكون التمكين في الدين وانتشار الامر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب كلا (فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا) قال الصادق عليه السلام: وكذلك القائم عليه السلام فإنه تمتد غيبته ليصرح الحق عن محضه، ويصفو الايمان من الكدر بارتداد كل من كانت طينته خبيثة من الشيعة الذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسوا بالاستخلاف والتمكين والامن المنتشر في عهد القائم عليه السلام) الغيبة ـ الطوسي ـ ص:167 ـ 172.
    الخطبة الثانية
    الحمد الله رب العالمين والحمد حقه كما يستحقه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ,الحمد لله الذى يخلق ولم يخلق ويرزق ولا يرزق ويطعم ولا يطعم ويميت الاحياء ويحيى الموتى وهو حى لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير ,الحمد لله الذى لم يشهد احدا حين فطر السماوات والارض ولا اتخذ معينا حين برأ النسمات ,الحمد لله الذى جعل الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا, الحمد لله الذى اذهب الليل مظلما بقدرته وجاء بالنهار مبصرا برحمته , وكسانى ضياءه وانا فى نعمته , الحمد لله الاول قبل الانشاء والاحياء ,والآخر بعد فناء الاشياء, اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين الائمة والمهديين , اللهم صل على محمد المصطفى وعلى علي المرتضى وعلى البتول فاطمة الزهراء وعلى السبطين الامامين الهاديين الزكيين الحسن والحسين وعلى السجاد علي بن الحسين وعلى الباقر محمد بن علي وعلى الصادق جعفر بن محمد وعلى الكاظم موسى بن جعفر وعلى الرضا علي بن موسى وعلى الجواد محمد بن علي وعلى الهادى علي بن محمد وعلى العسكرى الحسن بن علي وعلى الخلف الهادى المهدى الحجة ابن الحسن العسكرى محمد بن الحسن ابن العسكرى صاحب الزمان وشريك القرآن وامام الانس والجان وعلى وصيه ووليه وابنه وحبيبه ويمانيه احمد الحسن وعلى اولاده المهدين الاحد عشر مهدى مهدى الى قيام الساعة.
    إضاءات من دعوة إبراهيم (ع)
    1- المواجهة بشدة وقسوة لا لين فيها، فإبراهيم يواجه قومه فيقول: ﴿… مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ * قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ* قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ … وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ﴾، هنا المواجهة تنتقل بسرعة عجيبة من الجدل والمحاججة اللسانية إلى الإنكار باليد واستخدام السلاح الفتاك في حينها - الفأس-، ﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ﴾، وجاءوا بإبراهيم المؤمن الوحيد بين جموع علماء ضلالة ومقلدين عميان وعبيد طاغوت، ولم يستسلم إبراهيم ولم يتخذ جانب اللين، بل واجههم بقسوة وشدة، سألوه: ﴿قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ﴾ فأجابهم بسخرية وتهكم: ﴿قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ﴾(.
    اسألوهم يا عميان، يا من لوثتم فطرتكم التي فطركم الله عليها، اسألوهم يا من صبغتم أنفسكم بصبغة غير صبغة الله، اسألوهم يا من حجبتم أنفسكم بعلوم مليئة بالجدل والسفسطة الشيطانية، وادعيتم أنها تمثل الدين، اسألوهم يا منكوسون؟! فلم يجدوا جواباً له إلا: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ﴾(. فأجاب هذا النبي العظيم هذه الجماعة الملعونة المنكوسة بغلظة: ﴿قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾([21]). ﴿قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾.
    وفي النهاية لم يجدوا جواباً لإبراهيم (ع)، إلا النار التي استعرت في أجوافهم، ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾، وهنا تمتد يد الرحمة الإلهية لتغشى هذا المؤمن الذي غضب لله، ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ * وَنَجَّيْنَاهُ … * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾.
    2- لا مطاولة في دعوة إبراهيم (ع)، بل هي مواجهة سريعة تتوالى فيها الأحداث بسرعة مذهلة.
    3- تحديد الهدف والضربة التي تقصم ظهر الباطل، والاصطدام مع الباطل بقسوة وسرعة دون حساب للقياسات المادية، وما لأهل الباطل من سلطة دنيوية ودينية تمكنهم من استخفاف الناس. عندما يكون العبد على يقين أن لا قوة إلا بالله يواجه الملايين وحيداً دونما اكتراث لعددهم وعدتهم، لأن عدده وعدته الواحد القهار سبحانه وتعالى.
    الخلاصة:
    أهم ما في دعوة إبراهيم (ع)، هي الشدة والمواجهة العلنية السريعة، وطبعاً هذه المواجهة كانت مسبوقة بمواجهة سرية، كان من نتائجها إيمان لوط (ع) بدعوة إبراهيم.
    إضاءة من دعوة إبراهيم ونوح (ع)
    لم يتحدث القرآن عن معجزة جاء بها نوح أو إبراهيم (ع) لإثبات صدقهما، لأن المعجزة تأييد لدعوة الأنبياء، وليست إثباتاً لصحة الدعوة. فدعوتهم (ع) للعودة إلى الفطرة، فطرة الله لا تحتاج إلى دليل، لأنها الفطرة التي فطر الناس عليها، وهي الحق وعبادة الله وحده وتسبيحه وتقديسه والتحلي بالأخلاق الكريمة التي فطر الإنسان على حبها، صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة. فالفراش ينقض على النور، ولكن عندما تخرب مجساته البصرية يركن إلى الظلام، وهكذا الإنسان، فالأنبياء والمرسلون يقومون بحجة الله البالغة، ويرفعون الحجب عن بصيرة الإنسان، ثم يتركونه يختار؛ إما أن يفتح عينيه ويتجه إلى النور، أو يغمض عينيه ويسدل على نفسه الحجاب ويتقوقع على نفسه في ظلمات بعضها فوق بعض، ﴿جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً﴾.
    وأعظم دليل على صدق الأنبياء هو سيرتهم المباركة وأخلاقهم الطيبة وكل إناء بالذي فيه ينضح.
    ومع هذه السيرة الكريمة والمعجزات العظيمة التي جاء بها الأنبياء، لم يعجز أهل الباطل عن المعارضة بالمغالطة والسفسطة الشيطانية، وخصوصاً علماء الضلالة، بعد أن صبغوا الناس بصبغتهم، وهي تلك الصبغة الباطلة التي عارضوا بها صبغة الله سبحانه، وهكذا صنعوا لهم أرضية خصبة في المجتمع الإنساني، لتقبل منهم كل شيء، وتتابعهم في كل شيء، فزهد الأنبياء جنون، ومعجزاتهم سحر، وحكمتهم شعر.
    أحكام من الشرائع
    قواطع الصلاة : قسمان
    أحدهما : يبطلها عمدا وسهوا وهو كل ما يبطل الطهارة ، سواء دخل تحت الاختيار أو خرج ، كالبول والغائط ما شابههما من موجبات الوضوء ، والجنابة والحيض وما شابههما ، ومن موجبات الغسل .
    الثاني : لا يبطلها إلا عمدا : وهو : وضع اليمين على الشمال . والالتفات إلى ما وراءه . والكلام بحرفين فصاعدا . والقهقهة . وأن يفعل فعلا كثيرا ليس من أفعال الصلاة . والبكاء لشيء من أمور الدنيا . والأكل والشرب الكثير أما القليل فلا يضر بالصلاة كالمتبقي في الفم من الطعام أو شرب الماء في صلاة الوتر لمن أصابه عطش ، وهو يريد الصوم في صبيحة تلك الليلة ، لكن لا يسـتدبر القبلة . وعقص الشعر للرجل مكروه . ويكره : الالتفات ، يمينا وشمالا . والتثاؤب ، والتمطي ، والعبث ، ونفخ موضع السجود ، والتنخم . وأن يبصق ، أو يفرقع أصابعه ، أو يتأوه ، أو يئن بحرف واحد ، أو يدافع البول والغائط والريح .
    وإن كان خفه ضيقا ، استحب له نزعه لصلاته .
    مسائل أربع :
    الأولى : إذا عطس الرجل في الصلاة ، يستحب له أن يحمد الله . وكذا إن عطس غيره ، يستحب له تسميته .
    الثانية : إذا سلم عليه ، يجوز أن يرد مثل قوله : سلام عليكم ، ولا يقول : وعليكم السلام .
    الثالثة : يجوز أن يدعو بكل دعاء : يتضمن تسبيحا ، أو تحميدا ، أو طلب شئ مباح ، من أمور الدنيا والآخرة ، قائما وقاعدا ، وراكعا وساجدا ، ولا يجوز أن يطلب شيئا محرما ، ولو فعل وهو يعلم بحرمته بطلت صلاته .
    الرابعة : يجوز للمصلي أن يقطع صلاته إذا خاف تلف مال ، أو فرار غريم ، أو تردي طفل وما شابه ذلك . ولا يجوز قطع صلاته اختيارا .

    سورة الإخلاص

    وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎