إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

صفات الوارث

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • Saqi Alatasha
    عضو مميز
    • 09-07-2009
    • 2487

    صفات الوارث




    صفـــــــــــات الــــــــــــوارث
    1. الوارث مصطفى من الله تعالى:
    من كتاب "" مــــــن ورثــــــــة الأنبيــــــــاء ""
    تأليف :: الشيـخ ناظــم العقيـلي ::

    -------------------------------
    صفات الوارث
    أعلم أن الوارث هو الحجة بعد الحجة، وهو الإمام، لقول الإمام الرضا (ع): (إن الإمامة هي منزلة الأنبياء وإرث الأوصياء. إن الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول (ص) ومقام أمير المؤمنين (ع) وميراث الحسن والحسين (عليهما السلام) ...) ( ).
    فالوارث للأنبياء (ع) له صفات خصّهُ الله بها، لا توجد في غيره؛ لأنه واحد دهره، كما وصفه الإمام الرضا (ع): (... الإمام واحد دهره لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظير ...) ( ).
    وسأتعرض لبعض صفات الوارث والاستدلال على أنها خاصة بالأئمة المعصومين (ع) ولا تصدق على غيرهم من علماء أو عبّاد ... وسأعتمد في ذلك كتاب الكافي في الأعم الأغلب، لمصنفه ثقة الإسلام الشيخ الكليني (طاب ثراه)؛ لأنه أوثق كتاب عند الشيعة على الإطلاق.
    1- الوارث مصطفى من الله تعالى:
    لا شك أن الله تعالى هو خالق الخلق وهو الأعلم بمصلحهم ومفسدهم، ومطلع على ما تخفيه ضمائرهم، ولذلك فلا يمكن لأحد أن يُعيَّن إماماً بعد إمام إلاّ الله تعالى، وبما أن ورثة الأنبياء هم الحجج على الخلق بعدهم، فلا بد أن يكون اختيارهم وتعيينهم عن طريق الله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾( ).
    عن سالم، قال: سألت أبا جعفر (ع) عن قول الله عز وجل: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾( )، قال : (السابق بالخيرات: الإمام، والمقتصد: العارف للإمام، والظالم لنفسه: الذي لا يعرف الإمام) ( ).
    وعن أبي ولاد، قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾( )، قال: (هم الأئمة (ع)) ( ).
    وعن أبي عبد الله (ع) في قوله تعالى: ﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾( )، قال: (أمير المؤمنين وما ولد من الأئمة (ع)) ( ).
    وعن أبي عبد الله (ع): (أترون الموصي منا يوصي إلى من يريد ؟ ! لا والله ولكن عهد من الله ورسوله (ص) لرجل فرجل حتى ينتهي الأمر إلى صاحبه) ( ).
    وعن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾( )، فقال: (نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين) ( ).
    إذن فالإمامة والوراثة اصطفاء من الله تعالى ولا يمكن حتى للأئمة (ع) تعيين من يرثهم ويكون الحجة على الناس من بعدهم، وإنما ذلك أمر مقدر من الله جل جلاله، والأوصياء للرسول محمد (ص) الذين ثبتت حجيتهم على الناس هم اثنا عشر إماماً واثنا عشر مهدياً بعد القائم (ع)، والدليل هو وصية الرسول (ص) الآتية، فكل شخص غير هؤلاء لا يمكن أن تنطبق عليه صفة (وارث الأنبياء) سواء كان عالماً أو غيره.
    عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين (ع)، قال: قال رسول الله (ص) - في الليلة التي كانت فيها وفاته - لعلي (ع): (يا أبا الحسن، أحضر صحيفة ودواة. فأملا رسول الله (ص) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع، فقال: يا علي، إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً، فأنت يا علي أول الاثني عشر إماماً، سماك الله تعالى في سمائه: علياً المرتضى، وأمير المؤمنين، والصديق الأكبر، والفاروق الأعظم، والمأمون، والمهدي، فلا تصح هذه الأسماء لأحد غيرك.
    يا علي، أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم، وعلى نسائي: فمن ثبتها لقيتني غداً، ومن طلقتها فأنا برئ منها، لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة، وأنت خليفتي على أمتي من بعدي، فإذا حضرتك الوفاة فسلمها إلى ابني الحسن البر الوصول، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الباقر، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه جعفر الصادق، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه موسى الكاظم، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الرضا، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الثقة التقي، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه علي الناصح، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه الحسن الفاضل، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد (ع). فذلك اثنا عشر إماماً، ثم يكون من بعده اثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه أول المقربين له ثلاثة أسامي: اسم كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث: المهدي، هو أول المؤمنين) ( ).
    وعن الباقر والصادق (ع) في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا﴾( )، قال: (هي لنا خاصة، إيّانا عنى) ( ).
    الملفات المرفقة
    هل يصعب عليك أن تسجد ولا ترفع رأسك حتى تسمع جواب ربك لتنجو في الآخرة والدنيا ؟
    وهل يصعب عليك أن تصوم ثلاثة أيام وتتضرع في لياليها إلى الله أن يجيبك ويعرفك الحق ؟

    الامام احمد الحسن (ع) ـ كتاب الجواب المنير
  • Saqi Alatasha
    عضو مميز
    • 09-07-2009
    • 2487

    #2
    رد: صفات الوارث



    2- الوارث معصوم:
    قد ثبت عن طريق النقل والعقل أن الحجة على الناس لا بد أن يكون معصوماً مطهراً من الذنوب والعيوب، وبما أن ورثة الأنبياء هم أولى الناس بالأنبياء (ع)؛ لأنهم قد ورثوا العلم والحكمة وكل المواريث، فهم الحجج على الناس بعد الأنبياء.
    إذن فلا بد أن يكونوا معصومين لا يأمرون الناس بمعصية، وكل شخص لا يتصف بالعصمة لا يمكن أن تكون طاعته واجبة على الناس؛ لأن غير المعصوم ممكن الخطأ والانحراف، ووجوب طاعته يكون أمراً بإتباع المخطئ والمنحرف، وهذا محال على الله تعالى.
    وقد أكد الله تعالى ورسوله (ص) والأئمة الأطهار (ع) على هذه الحقيقة وأوضحوها بصورة لا يعتريها غموض، ولكن الكثير من القوم قد أسدلوا عليها الستار طمعاً بالمنصب والأتباع، ولبقاء قولهم واجب التنفيذ، وبذلك قد اغتصبوا مقام الأئمة الأطهار (ع) الذين هم ورثة الأنبياء والمرسلين(ع).
    عن أحمد بن عمر، قال: قال أبو جعفر (ع): وأتاه رجل فقال له: إنكم أهل بيت الرحمة أختصكم الله تبارك وتعالى بها، فقال له: (كذلك نحن والحمد لله لا ندخل أحداً في ضلالة ولا نخرجه من هدى، إن الدنيا لا تذهب حتى يبعث الله عز وجل رجلاً منّا أهل البيت يعمل بكتاب الله، لا يرى فيكم منكراً إلاّ أنكره) ( ).
    وعن أمير المؤمنين (ع) في حديث أخذت منه مقدار الحاجة، قال (ع): (... فلا طاعة في معصية الله ولا طاعة لمن عصى الله، إنما الطاعة لله ولرسوله (ص) ولولاة الأمر، وإنما أمر الله بطاعة الرسول (ص)؛ لأنه معصوم مطهر لا يأمر بمعصية، وإنما أمر بطاعة أولي الأمر؛ لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصية) ( ).
    وعن علي بن الحسين (ع) قال: (الإمام منا لا يكون إلاّ معصوماً، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها، ولذلك لا يكون إلاّ منصوصاً. فقيل له: يا ابن رسول الله، فما معنى المعصوم ؟ فقال: هو المعتصم بحبل الله، وحبل الله القرآن لا يفترقان إلى يوم القيامة، والإمام يهدي إلى القرآن والقرآن يهدي إلى الإمام، وذلك قول الله عز وجل: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾( )) ( ).
    وكذلك نجد هذا المعنى واضحاً جلياً في قوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾( ). فهذه الآية نفت الإمامة عن كل ظالم، وكل عاصٍ لله تعالى فهو ظالم.
    إذن لا تكون الإمامة للعاصين بل للمعصومين المهتدين فقط، وهم الأئمة المعصومون من ذرية الرسول الأكرم محمد (ص) الذين قال عنهم الله تعالى: ﴿ إنما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾( )، أي مطهرون من الشك والشرك والعصيان.
    وبعد هذا يكون من التجاسر على مراتب الأئمة (ع) القول بأن العلماء الغير معصومين هم ورثة الأنبياء؛ لأنه لا يرث المعصوم إلاّ معصوم، وقد أجمعت الشيعة بأن الحجج المعصومين هم العترة الطاهرة فقط. وهم الأئمة والمهديون (ع)، وإليك البيان من الإمام الرضا (ع) في حديث طويل بعد بيانه لإمامة إبراهيم (ع) التي وهبها الله تعالى له بعد النبوة والخلة، فقال (ع) بعد ذكر قوله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَاقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾( )، (فلم تزل في ذريّته يرثها بعض عن بعض قرناً فقرنا حتى ورّثها الله تعالى النبي (ص)، فقال جل وتعالى: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾( )، فكانت له خاصة فقلدها (ص) علياً (ع) بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله، فصارت في ذريته الأصفياء الذين أتاهم الله العلم والإيمان بقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾( )، فهي في ولد علي (ع) خاصة إلى يوم القيامة، إذ لا نبي بعد محمد (ص) فمن أين يختار هؤلاء الجهّال) ( ).
    وهذا نص صريح بأن الوراثة والإمامة استمرت بعد إبراهيم (ع) إلى النبي محمد (ص)، ثم إلى الإمام علي (ع)، ثم الأئمة من ولده (ع) إلى يوم القيامة، فكيف يدّعيها غيرهم وصاحبها حيّ موجود بين أظهرنا وهو الحجة محمد بن الحسن العسكري (ع)، روحي وأرواح العالمين له الفداء ؟ فهو وحده وارث الأنبياء والمرسلين والأئمة (ع)، ومن بعده ذريته المهديون (ع). وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، والعاقبة للمتقين.
    الملفات المرفقة
    هل يصعب عليك أن تسجد ولا ترفع رأسك حتى تسمع جواب ربك لتنجو في الآخرة والدنيا ؟
    وهل يصعب عليك أن تصوم ثلاثة أيام وتتضرع في لياليها إلى الله أن يجيبك ويعرفك الحق ؟

    الامام احمد الحسن (ع) ـ كتاب الجواب المنير

    Comment

    • Saqi Alatasha
      عضو مميز
      • 09-07-2009
      • 2487

      #3
      رد: صفات الوارث



      3- الوارث صاحب الوصية:
      استمرت وراثة الأنبياء (ع) من آدم (ع) إلى نبيّنا محمد (ص)، يوصي بها السابق إلى اللاّحق، فعندما أوصى آدم (ع) بها إلى هابيل ودفع إليه مواريث النبوة، حسده أخيه قابيل وادعى أنه أحق بها منه؛ لأنه الأكبر سنّاً، فأجابه آدم (ع) بأن الأمر ليس بيده، وإنه باختيار الله تعالى يضعه حيث يشاء، فحسد قابيلُ هابيلَ فقتله، فكانت هذه الحادثة أول بذرة خبيثة أسست الصراع على وراثة الإمامة، وأستمر قتل آلاف الأنبياء والمرسلين، كل ذلك اعتراضاً على تنصيب الله تعالى ووصايا الأنبياء وتعيينهم لورثتهم. ثم رزق الله تعالى آدم (ع) ولداً ذكراً أسماه هبة الله، فكان هو وارثه ووصيه.
      فعن أبي عبد الله (ع)، قال: (لما انقضت نبوة آدم وأنقطع أكله، أوحى الله إليه: يا آدم، أنه قد انقضت نبوتك وأنقطع أكلك فأنظر إلى ما عندك من العلم والإيمان وميراث النبوة وآثار العلم والاسم الأعظم فاجعله في العقب من ذريتك عند هبة الله، فإني لن أدع الأرض بغير عالم يعرف به الدين ويعرف به طاعتي ويكون نجاة لمن يولد بين قبض النبي إلى ظهور النبي الآخر) ( ).
      واستمرت هذه الوراثة والوصية من وصي إلى آخر حتى مبعث نبي الله نوح (ع)، ومن بعده حتى انتهت إلى نبي الله إبراهيم (ع)، فأوصى بها إلى إسماعيل (ع) ومن بعده ... هلم جراً إلى نبي الله موسى، ثم إلى نبي الله زكريا فيحيى فعيسى (ع)، ثم ختمت النبوة بالنبي الأكرم محمد (ص)، فاجتمعت عنده كل مواريث الأنبياء والمرسلين (ع) ووصاياهم، فكان هو الوارث المنصوص عليه والمبشر به في كل الكتب السماوية السابقة وعلى لسان كل الأنبياء والمرسلين والأوصياء.
      قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾( ).
      وكما قدَّمت فيما سبق من أن الوصي والوارث لابد أن يكون معصوماً عن إدخال الناس في باطل أو إخراجهم من حق، والعصمة أمر باطني وليس بظاهر، فلا يعلمه إلاّ الله تعالى، فلا بد من اختياره من قبل الله تعالى والوصية به عن طريق الأنبياء والأوصياء (ع)، كما نص على ذلك الإمام السجاد (ع) حين قال في حديث له: (الإمام منا لا يكون إلاّ معصوماً، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها ولذلك لا يكون إلاّ منصوصاً ...) ( ). (ومنصوصاً) أي موصَّى به من قبل الله تعالى عن طريق الرسول محمد (ص).
      وقد بيَّن الله تعالى أوصياء الرسول محمد (ص) في وصيته عند وفاته والتي أتاه بها جبرائيل (ع) عن الله تعالى فسماهم واحداً بعد واحد، من أبيهم وسيدهم وأفضلهم علي بن أبي طالب (ع) فالحسن والحسين (عليهما السلام)، حتى انتهى إلى المهدي المنتظر (ع)، ثم ولده أحمد، فالمهديين من ذرية أحمد المهدي ولكن بدون تشخيص أسمائهم.
      والظاهر أن من أسباب تسمية أول ولد ووارث للإمام المهدي (ع)، هو لوقوع الاختلاف والافتراق فيه من قبل الأمة؛ لأنه يظهر قبل قيام الإمام المهدي (ع) بالسيف كما تشير إليه الوصية الآتية، وأما بقية ذرية الإمام المهدي (ع) لم تذكر أسماؤهم في وصية رسول الله (ص)؛ لأن الإمام المهدي (ع) هو الذي سيشخص أسماءهم واحداً واحداً بعد قيامه الشريف وقبل استشهاده، كما نص رسول الله (ص) على أوصيائه واحداً واحداً، فلا تبقى حجة لمحتج ولا عذر لمعتذر في الالتواء على الأوصياء من ذرية القائم (ع).
      وربما يفاجئ البعض ويستغرب من ذكر المهديين من ذرية الإمام المهدي (ع) في هذه الوصية، فأقول له: أن هذه الوصية ذكرها الشيخ الطوسي في الغيبة (ص150)، وهذا الكتاب يعتبر من أوثق الكتب الشيعية، ومؤلفه هو شيخ الطائفة وهو غني عن التعريف، وذكرها المجلسي (رحمه الله) في بحاره، وذكرها الحائري في إلزام الناصب، وذكرها السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر في تاريخ ما بعد الظهور (ص640)، وغيرها من مصادر الحديث المعتبرة.
      ثم إنّ هذه الوصية مؤيدة بقرائن كثيرة، مثل قول الإمام الصادق (ع) لأبي حمزة في حديث طويل: (... يا أبا حمزة، إن منّا بعد القائم أحد عشر مهدياً من ولد الحسين) ( ).
      وفي الحديث عن أبي بصير، قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (ع): يا ابن رسول الله، إني سمعت من أبيك (ع) أنه قال: يكون بعد القائم اثنا عشر مهدياً. فقال الصادق (ع): (إنما قال: أثنا عشر مهدياً ولم يقل أثنا عشر إماماً، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا) ( ).
      وعن الصادق (ع): (إن منّا بعد القائم اثنا عشر مهدياً من ولد الحسين) ( ).
      وعن الإمام السجاد (ع): (يقوم القائم منّا ثم يكون بعده اثنا عشر مهدياً) ( ).
      وغيرها الكثير من الروايات التي تؤكد على حكم المهديين من ذرية الإمام المهدي (ع) بعد أبيهم، ثم يكون بعد ذلك الرجعة للأئمة (ع). وقد ضبط الأستاذ ضياء الزيدي في كتابه (المهديين) ما يناهز الأربعين رواية تذكر ذرية الإمام المهدي (ع)، ومن أراد المزيد من التوضيح فليراجع كتاب (الرد الحاسم على منكري ذرية القائم)، و (الوصية والوصي أحمد الحسن).
      وموضوع الكلام، هو أن ورثة الأنبياء بعد محمد (ص) هم الأئمة المعصومون من ذرية الإمام علي (ع)، والمهديون من ذرية الإمام المهدي (ع) بعد أبيهم (ع). فلا يكون الوارث وارثاً أو وصياً إلاّ أن يكون منصوصاً عليه بالاسم والصفة، ويعتبر ذكره والوصية به من أهم العلامات المشخصة له عن غيره.
      وإلى هذا المعنى أشار الأئمة (ع):
      عن أبي عبد الله (ع)، قال: (إن الوصية نزلت من السماء على محمد كتاباً، لم ينزل على محمد (ص) كتاب مختوم إلاّ الوصية، فقال جبرائيل (ع): يا محمد، هذه وصيتك في أمتك عند أهل بيتك، فقال رسول الله (ص): أي أهل بيتي يا جبرائيل؟ قال: نجيب الله منهم وذريته ليرثك علم النبوة كما ورثه إبراهيم (ع) وميراثه لعلي (ع) وذريتك من صلبه، قال: وكان عليها خواتيم، قال: ففتح علي (ع) الخاتم الأول ومضى لما فيها، ثم فتح الحسن (ع) الخاتم الثاني ومضى إلى ما أمر به، فلما توفي الحسن ومضى، فتح الحسين (ع) الخاتم الثالث فوجد فيها أن قاتل فاقتل وتقتل وأخرج بأقوام للشهادة ولا شهادة لهم إلاّ معك، قال: ففعل (ع)...) ( ).
      وفي حديث طويل عن تميم بن بهلول، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: (... وهم عترة الرسول عليه وعليهم السلام المعروفون بالوصية والإمامة، لا تخلوا الأرض من حجة منهم في كل عصر وزمان وفي كل وقت وأوان، وهم العروة الوثقى، وأئمة الهدى، والحجة على أهل الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وكل من خالفهم ضال مضل تارك للحق والهدى، وهم المعبرون عن القرآن، الناطقون عن الرسول (ص)، من مات ولم يعرفهم مات ميتة جاهلية)( ).
      وفي محاججة الإمام الرضا (ع) في مجلس المأمون (لعنه الله)، إذ سأل أحدهم: (يا ابن رسول الله بأي شيء تصح الإمامة لمدّعيها ؟ قال (ع): بالنص والدليل، قال له: فدلالة الإمام فيما هي ؟ قال (ع): في العلم واستجابة الدّعوة) ( ).
      بل ورد أن الإمام المهدي (ع) عند قيامه يعرف بالوصية ووراثته العلماء أي الأئمة إمام بعد إمام.
      فعن الباقر (ع) في حديث طويل: (... فيبايعونه بين الركن والمقام، ومعه عهد من رسول الله (ص)، قد توارثته الأبناء عن الآباء. والقائم يا جابر رجل من ولد الحسين يصلح الله أمره في ليلة، فما أشكل على الناس من ذلك يا جابر فلا يشكلن عليهم ولادته من رسول الله (ص)، ووراثته العلماء عالم بعد عالم) ( ).
      ومن الواضح أن العهد الذي توارثه الأئمة (ع) عن رسول الله (ص) هو الوصية على الأئمة واحداً بعد الآخر، فالإمام المهدي (ع) هو صاحب الوصيات، أي إن وصايا الأئمة قد اجتمعت عنده، وبيّن هذا الحديث أيضاً أن الإمام المهدي (ع) هو وارث الأئمة والأنبياء (ع) وليس غيره، بل عدّ الإمام الباقر (ع) هذه من العلامات التي لا ينبغي أن تشكل على الناس. وقد وردت الإشارة إلى أن قبل قيام الإمام المهدي (ع) يخرج ابن له من ذريته يوصف بأنه ابن صاحب الوصيات.
      عن أبي الحسن (ع)، قال: (كأني برايات من مصر مقبلات، خضر مصبغات، حتى تأتي الشامات، فتهدى إلى ابن صاحب الوصيات) ( ).
      وتهدى أي تبايع ابن صاحب الوصيات، الذي هو ابن الإمام المهدي (ع)؛ لأن صاحب الوصيات ووارثها هو الإمام المهدي (ع).
      عن أبي جعفر (ع) في خبر طويل نقتطف منه مقدار الحاجة: (... ثم يخرج من مكة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام، معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه ووزيره معه، فينادي المنادي بمكة باسمه وأمره من السماء حتى يسمعه أهل السماء كلهم، اسمه اسم نبي، ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله ورايته وسلاحه والنفس الزكية من ولد الحسين .... إلى أن يقول: ... وإيّاك وشذّاذ من آل محمد (ص)، فأن لآل محمد وعلي راية، ولغيرهم رايات. فألزم الأرض ولا تتبع منهم رجلاً أبداً حتى ترى رجلاً من ولد الحسين (ع) معه عهد نبي الله ورايته وسلاحه، فإن عهد نبي الله صار عند علي بن الحسين، ثم صار عند محمد بن علي ويفعل الله ما يشاء ...) ( ).
      ولا يخفى على القارئ الفطن شدة التأكيد على عهد رسول الله (ص) (الوصية)، وبها يعرف القائم وذريته (ع). ولا يخفى أيضاً أن ورثة الأنبياء (ع) هم الأئمة خاصة الذين معهم وصية رسول الله (ص). وإليك هذا الحديث الذي ينص أيضاً على أن ورثة الأنبياء هم علماء آل محمد خاصة، أي الأئمة المعصومين (ع).
      عن أمير المؤمنين (ع) في حديث طويل: (أيها الناس، عليكم بالطاعة والمعرفة بمن لا تعذرون بجهالته، فإن العلم الذي هبط به آدم وجميع ما (فضلت به) النبيون إلى خاتم النبيين في عترة محمد المصطفى (ص)، فأين يتاه بكم ؟ بل أين تذهبون ؟! يا من نسخ من أصلاب أصحاب السفينة، هذه مثلها فيكم فأركبوها، فكما نجا في هاتيك من نجا، فكذلك ينجو في هذه من دخلها، أنا رهين بذلك قسماً حقاً وما أنا من المتكلفين...)( ).
      وبعد هذا كله نختم ونقول: إن وراثة الأنبياء والأئمة لا تكون إلاّ بوصية خاصة من الله ورسوله (ص)، قال تعالى: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾( )، وهم الأئمة المعصومون والمهديون من ذرية القائم (ع)، فمن أدعى من غيرهم أنه من ورثة الأنبياء، فنقول له هات الوصية، وإلاّ فأنت سارق لحق غيرك !!
      ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
      الملفات المرفقة
      هل يصعب عليك أن تسجد ولا ترفع رأسك حتى تسمع جواب ربك لتنجو في الآخرة والدنيا ؟
      وهل يصعب عليك أن تصوم ثلاثة أيام وتتضرع في لياليها إلى الله أن يجيبك ويعرفك الحق ؟

      الامام احمد الحسن (ع) ـ كتاب الجواب المنير

      Comment

      • Saqi Alatasha
        عضو مميز
        • 09-07-2009
        • 2487

        #4
        رد: صفات الوارث



        4- الوارث عالم لا يجهل:
        اختص الله تعالى الأنبياء والمرسلين والأئمة المعصومين بالعلم والحكمة؛ ليغنيهم عن غيرهم وليميزهم عن سواهم من سائر الناس، ولإقامة الحجة على الخلق بهم(ع). فالحجة على الخلق لا يتعلم من غيره، بل علمه من الله تعالى، بخلاف سائر الناس، فإنهم مفتقرون إلى تحصيل العلوم من غيرهم، فلابد لهم من معلم يميرهم العلم والمعرفة. فمن جعل معلمه الأنبياء والمرسلين والحجج الميامين، فقد انتهل من العين الصافية التي لا يشوبها كدر، ومن أعرض عن أبواب الله تعالى، اغترف من آجن وضل وأضل من حيث يعلم أو لا يعلم.
        قال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ﴾( ).
        ومن البديهي أن من يستحق وراثة الأنبياء (ع) هو أعلم الناس وأفضلهم وأتقاهم بعد الأنبياء (ع)، فمن هو بهذه الصفة غير الأئمة المعصومين (ع) من ذرية الرسول محمد (ص)، وقد فصل الإمام الرضا (ع) هذا المعنى في كلام طويل، نقتطف من ما يناسب هذا البحث، حيث قال في وصف الإمام: (... الإمام المطهر من الذنوب، المبرأ عن العيوب، المخصوص بالعلم، الموسوم بالحلم، نظام الدين، وعز المسلمين، وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين، الإمام واحد دهره، لا يدانيه أحد، ولا يعادله عالم، ولا يوجد منه بدل، ولا له مثل ولا نظير، مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه ولا اكتساب، بل اختصاص من المفضل الوهاب ... إلى أن يقول (ع): فكيف لهم باختيار الإمام ؟! والإمام عالم لا يجهل، وراع لا ينكل، معدن القدس والطهارة والنسك والزهادة والعلم والعبادة .. نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالإمامة، عالم بالسياسة، مفروض الطاعة ... أن الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ولا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق علم أهل الزمان في قوله تعالى: ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾( )... إلى أن يقول: وأن العبد إذا اختاره الله عز وجل لأمور عباده شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إلهاماً، فلم يعي بجواب، ولا يحير فيه عن صواب، فهو معصوم مؤيد موفق مسدد، قد أمن من الخطايا والزلل والعثار، يخصه الله بذلك ليكون حجته (البالغة) على عباده وشاهده على خلقه و (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه ؟ أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه ؟ تعدوا - وبيت الله - الحق ونبذوا (كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ... الحديث) ( ).
        والحق أقول: إن الإمام الرضا (ع) لم يبقِ حجة لمحتج ولا عذر لمعتذر في اتباع غير الأئمة المعصومين (ع)، وجعلهم أئمة يأخذون كلامهم أخذ المسلمات ويصفونهم (بورثة الأنبياء)، وهو ثوب الأئمة المعصومين والمهديين (ع) من ذرية القائم (ع) لا يدّعيه غيرهم إلاّ منتحل لغير صورته ولابس لثوب غيره.
        فعن الصادق (ع): (... إن الله لا يجعل حجة في أرضه يُسأل عن شيء فيقول لا أدري)( ).
        وعن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (ع)، قال: سمعته يقول: (إن الأرض لا تُترك إلاّ بعالم يحتاج الناس إليه ولا يحتاج إلى الناس، يعلم الحلال والحرام) ( ).
        نعم، فالوارث والحجة لا يحتاج إلى أحد ولا يسأل أحداً، بخلاف غيره من الناس، فإنهم لا بد لهم من التلمذة على أيدي الناس؛ لأن علمهم يأتيهم عن طريق الاكتساب، وأما ورثة الأنبياء فعلمهم وراثة عن الأنبياء، فلذلك لا يحتاجون إلى سؤال الناس. وهذه الصفة لا توجد إلاّ في الأئمة المعصومين (ع) من ذرية الرسول محمد (ص)، ومن ادعاها من غيرهم فهو كذاب مفتر بدليل قول الإمام الباقر (ع): (إن العلم الذي هبط مع آدم (ع) لم يرفع، والعلم يتوارث، وأنه لم يمت عالم إلاّ خلف من بعده من يعلم مثل علمه أو ما شاء الله) ( ).
        وعن الحارث بن المغيرة أيضاً، عن أبي عبد الله (ع)، قال: (قلت له: العلم الذي يعلمه عالمكم بما يعلم ؟ قال (ع): وراثة من رسول الله (ص) ومن علي (ع) يحتاج الناس إليه ولا يحتاج الناس) ( ).
        فإذا عرفت هذا فاعلم أن الوارث للأنبياء وللرسول محمد (ص) لابد أن يكون عنده تفسير كل القرآن، ظاهره وباطنه، ولا يوجد ذلك إلاّ عند الأئمة المعصومين (ع) بدليل قول الباقر (ع): (ما أدّعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كلّه كما أُنزل إلاّ كذّاب، وما جمعه وحفظه كما أنزله الله تعالى إلاّ علي بن أبي طالب (ع) والأئمة من بعده (ع)) ( ).
        وعن الباقر (ع) أنه قال: (ما يستطيع أحد أن يدّعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء) ( ).
        وعن أبي عبد الله (ع) أنه قال: (إن عندنا ما لا نحتاج معه إلى الناس، وأن الناس ليحتاجون إلينا، وإن عندنا كتاباً إملاء رسول الله (ص) وخط علي (ع) صحيفة فيها كل حلال وحرام، وأنكم لتأتوننا بالأمر فنعرف إذا أخذتم به ونعرف إذا تركتموه) ( ).
        وعن سيف التمار، قال: (كنا مع أبي عبد الله (ع) جماعة من الشيعة في الحجر فقال: علينا عين، فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نرَ أحداً فقلنا: ليس علينا عين، فقال: ورب الكعبة ورب البنية - ثلاث مرات - لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما إني أعلم منهما ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما؛ لأن موسى والخضر (عليهما السلام) أعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة وقد ورثناه من رسول الله (ص) وراثة) ( ).
        فالأئمة (ع) هم ورثة رسول الله (ص) لا غيرهم، وهم أعلم الناس، ولا يكون الوارث للأنبياء إلاّ معصوماً منصوصاً عالماً بلا تعلم من أحد من الناس، ولا تتوفر هذه الصفات في أحد ولم يدّعِها أحد من علماء الشيعة ولا غيرهم، فيثبت أن الوراثة خاصة بالأئمة (ع)؛ لعدم توفر شروط الوارث في غيرهم ولا يخالف في ذلك إلاّ جاهل لا يحُسن مكالمته.
        الملفات المرفقة
        هل يصعب عليك أن تسجد ولا ترفع رأسك حتى تسمع جواب ربك لتنجو في الآخرة والدنيا ؟
        وهل يصعب عليك أن تصوم ثلاثة أيام وتتضرع في لياليها إلى الله أن يجيبك ويعرفك الحق ؟

        الامام احمد الحسن (ع) ـ كتاب الجواب المنير

        Comment

        • Saqi Alatasha
          عضو مميز
          • 09-07-2009
          • 2487

          #5
          رد: صفات الوارث



          5- الوارث واجب الطاعة:
          ثبت فيما سبق أن الوارث مصطفى من الله تعالى، ومعصوم ومنصوص عليه بوصية، وإنه أعلم الناس بعد الأنبياء والرسل (ع). وبما أن من يمتلك كل هذه الصفات يكون أفضل الخلق على الإطلاق في عصره وأقربهم إلى الله تعالى، فتعين أن يكون هو الواسطة بين الخلق وخالقهم؛ لأن الله تعالى تنزّه أن يواجه الخلق بالمباشرة، فلذلك تجب طاعة الأنبياء والرسل وورثتهم؛ لأنهم معصومون عن الخطأ والزلل، ولا يدخلون الناس في باطل ولا يخرجونهم من حق أبداً.
          قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾( ).
          وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ﴾( ).
          وقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾( ).
          وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾( ).
          وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾( ).
          وغيرها عشرات الآيات التي تنص على وجوب طاعة الأنبياء والمرسلين والأئمة الطاهرين (ع).
          وبما أن الله سبحانه وتعالى ورسوله (ص) حددا لنا مصادر التشريع والهداية وهما القرآن والسنة المطهرة للرسول (ص) والأئمة الطاهرين، وجب عليناا الرجوع إلى القرآن الكريم والسنة المطهرة لمعرفة العلة التي من أجلها أمر الله تعالى بطاعة الأنبياء وورثتهم.
          قال تعالى: ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ﴾( ).
          وقال تعالى: ﴿تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾( ).
          وعن سماعة، عن أبي الحسن موسى (ع)، قال: (قلت له: أكل شيء في كتاب الله وسنة نبيه (ص)، أم تقولون فيه ؟ قال: بل كل شيء في كتاب الله وسنة نبيه (ص)) ( ).
          وإليك البيان من القرآن الكريم والسنة المطهرة:
          ففي بيان، أن الأنبياء وورثتهم لا يقولون بآرائهم ولا يعصون الله تعالى، قال عز وجل: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾( ).
          وقال تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾( ).
          وقال تعالى: ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾( ).

          وقال تعالى على لسان مؤمن ياسين: ﴿اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾( ).
          وقال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾( ).
          وغيرها العشرات بل المئات من الآيات الشريفة التي أوجب الله تعالى فيها طاعة الأنبياء وورثتهم؛ لأنهم معصومون لا يأمرون الناس بمعصية، وأنهم ينطقون عن الله تعالى لا عن أنفسهم.
          وعن أمير المؤمنين (ع)، قال: (... فلا طاعة لمخلوق في معصيته، ولا طاعة لمن عصا الله، إنما الطاعة لله ولرسوله (ص) ولولاة الأمر، وإنما أمر الله بطاعة الرسول (ص)؛ لأنه معصوم مطهر لا يأمر بمعصية، وإنما أمر بطاعة أولي الأمر؛ لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصية) ( ).
          وعن سفيان بن خالد، قال: قال أبو عبد الله (ع): (إيّاك والرياسة، فما طلبها أحد إلاّ هلك، فقلت: قد هلكنا إذن، ليس أحد منّا إلاّ وهو يحب أن يُذكر ويُقصد ويُؤخذ عنه، فقال: ليس حيث تذهب، إنما ذلك أن تنصب رجلاً دون الحجة فتصدقه في كل ما قال وتدعو الناس إلى قوله) ( ).
          وروي عن النبي محمد (ص): (ألا أن أبرار عترتي وأطايب أرومتي أحلم الناس صغاراً وأعلم الناس كباراً، فلا تعلموهم فأنهم أعلم منكم، لا يخرجونكم من باب هدى ولا يدخلونكم في باب ضلالة) ( ).
          وقال الإمام الرضا (ع) في حديث طويل في وصف الإمام فقال: (... فهو معصوم مؤيد موفق مسدد، قد أمن من الخطايا والزلل والعثار، يخصه الله بذلك ليكون حجته (البالغة) على عباده وشاهده على خلقه ...) ( ).
          أقول: لقد تبين من الكتاب والسنة المطهرة، أن العلة التي من أجلها أوجب الله تعالى طاعة الأنبياء والأئمة الطاهرين هي: عصمتهم عن الانحراف والضلال. وأن العاصم لهم هو الله تعالى، ولولا ذلك لما وجبت طاعتهم على الناس. وبذلك يثبت أن كل شخص غير معصوم لا تجب طاعته على الناس، سواء كان هذا الشخص عالماً أو حاكماً أو غيره، لعدم اتصافه بالعلة الموجبة لطاعته وهي العصمة. فمن أعتقد بغير المعصوم أنه واجب الطاعة فهو كمن يقول بوجود المعلول بدون علته، وبعبارة أوضح: كمن يقول بإمكان وجود الحرارة بدون النار، أو وجود الضوء من غير سراج !! وهكذا إنسان لا تحسن مكالمته ونقول له: دلنا على نهار قبل شروق الشمس ! ثم نناقشك بعد ذلك.
          وأما بالنسبة إلى قوله تعالى: ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ فقد تأولها أبناء العامة وطبقوها على الحكام الذين يحكمون البلاد سواء كانوا عدولاً أم فساقاً، وبذلك تعدوا حدود الله تعالى وخالفوا صريح القرآن في قوله تعالى: ﴿... لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾( ). وغيرها من الآيات الدالة على حرمة طاعة المنحرفين والمتسلطين بغير حق.
          وخالفوا أيضاً مئات الأحاديث للرسول محمد (ص) التي بيَّن فيها أن خلفاءه من بعده هم عترته الطاهرة وآل بيته الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾( ).
          وأما الطائفة المحقة وهم شيعة آل محمد (ص)، فقد ذهب أكثر أو كل علمائنا المتقدمين والمتأخرين إلى أنها خاصة بالعترة الطاهرة وقد وفقوا بذلك إلى الرشد والصواب.
          وقد شذّ بعض الشيعة وقالوا بإمكان شمول قوله تعالى: ﴿وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ للعلماء من غير آل محمد (ص)، وكفانا بالرد على هؤلاء هو قول العترة الطاهرة المعصومة:
          عن الحسين بن أبي العلاء، قال : قلت لأبي عبد الله (ع): الأوصياء طاعتهم مفترضة ؟ قال: نعم، هم الذين قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾( )، وهم الذين قال الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾( )) ( ).
          وعن الحسين أنه سأل جعفر بن محمد (ع) عن قوله تعالى: ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ قال: (أولوا العقل والعلم. قلنا: أخاص أو عام ؟ قال: خاص لنا) ( ).
          وهذا هو الصادق (ع) يقول بأن الآية خاصة بهم ولا تشمل غيرهم، فمن وسع دائرة انطباقها على غير الأئمة المعصومين (ع) يعتبر مجتهداً في قبال النص، وهذا بديهي البطلان عند الأمة الإسلامية جمعاء شيعة وسنة، ولا سنة إلاّ سنة محمد وأهل بيته (ع). وقد فصلتُ القول في هذا الموضوع في كتاب (الإفحام) فمن أراد المزيد فليراجع، وسيأتي في مستقبل هذا البحث ما يؤكد ذلك فأرتقب.
          وقد تحصّل من كل ما تقدم من صفات الوارث: أن الوارث لابد أن يكون مختاراً من الله تعالى، ومنصوصاً عليه بوصية رسول الله (ص)، وأن يكون أعلم الناس على الإطلاق، وأن يكون واجب الطاعة ومعصوماً، وكل هذه الصفات لا توجد إلاّ في الأئمة المعصومين من ذرية النبي محمد (ص). فمن أدعى أنه من ورثة الأنبياء ولا توجد عنده هذه الصفات فهو كمن يريد نقل الماء في غربال أو كساع إلى الهيجاء بغير سلاح.
          وكان من نيتي أن أذكر المزيد من صفات الوارث الخاصة بالأئمة المعصومين (ع)، ولكن المجال لا يسع ذلك، فأعرضت عنها للاختصار، ولأن بما تقدم كفاية لطالب الحق. وأما طالب الباطل (فلو جئتهم بكل آية لا يؤمنون) ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.
          وبعد كل هذا نعرّج على مواريث الأنبياء لنتعرف على حقيقتها، وهل هي موجودة عند الأئمة فقط ؟ أم توجد عند غيرهم ؟
          الملفات المرفقة
          هل يصعب عليك أن تسجد ولا ترفع رأسك حتى تسمع جواب ربك لتنجو في الآخرة والدنيا ؟
          وهل يصعب عليك أن تصوم ثلاثة أيام وتتضرع في لياليها إلى الله أن يجيبك ويعرفك الحق ؟

          الامام احمد الحسن (ع) ـ كتاب الجواب المنير

          Comment

          Working...
          X
          😀
          🥰
          🤢
          😎
          😡
          👍
          👎