إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

جانب من خطبة الجمعة في إحدى دول الخليج بتاري 23 صفر 1435 هجري -العصمة

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • Abu_Malaak
    مشرف
    • 14-07-2013
    • 113

    جانب من خطبة الجمعة في إحدى دول الخليج بتاري 23 صفر 1435 هجري -العصمة

    عن عليّ بن الحسين (عليه السلام) ، قال : الإمام منّا لا يكون إلاّ معصوماً ، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها ، فلذلك لا يكون إلاّ منصوصاً ، فقيل له : يا بن رسول الله ، فما معنى المعصوم ؟ فقال : هو المعتصم بحبل الله ، وحبل الله هو القرآن لا يفترقان إلى يوم القيامة ، والإمام يهدي إلى القرآن ، والقرآن يهدي إلى الإمام ، وذلك قول الله عزّ وجلّ : ( إنَّ هذا القُرْآنَ يَهْدي لِلَّتي هِيَ أقْوَمُ ) البحار 25 : 194.
    عن الحسين الأشقر ، قال : قلت لهشام بن الحكم : ما معنى قولكم : إنّ الإمام لا يكون إلاّ معصوماً ؟ قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ذلك فقال : المعصوم هو الممتنع بالله عن جميع محارم الله ، وقد قال الله تبارك وتعالى : ( وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إلى صِراط مُسْتَقيم ) معاني الأخبار : 44.

    كيف عرف القوم العصمة؟

    قدم الشيخ جعفر سبحاني تعريفًا للمتكلمين، فقال: (عرف المتكلمون العصمة على الإطلاق بأنها قوة تمنع الإنسان عن اقتراف المعصية والوقوع في الخطأ) عصمة الأنبياء - جعفر سبحاني، ص 19-20.
    وقوله: (كما نقل عن بعض الحكماء أن المعصوم خلقه الله جبلة صافية، وطينة نقية، ومزاجًا قابلا، وخصه بعقل قوي وفكر سوي، وجعل له ألطافًا زائدة، فهو قوي بما خصه على فعل الواجبات واجتناب المقبحات، والالتفات إلى ملكوت السماوات، والإعراض عن عالم الجهات، فتصير النفس الأمارة مأسورة مقهورة في حيز النفس العاقلة). عصمة الأنبياء - جعفر سبحاني، ص30.
    إذن نستنتج من كلام الشيخ جعفر السبحاني أن الأئمة مجبورين وليسوا مخيرين؛ فإن إفاضة الله عليهم هذه القوة التي تمنعهم من الوقوع في الخطأ تجعلهم مسيرين وليس لهم الخيار في إرتكاب المعصية. وعلى هذا الأساس أصبحنا أفضل من المعصومين لأن الله جعل لنا الخيار في إرتكاب المعصية لكن تركناها بينما الأئمة لم يكن لهم الخيار في إرتكاب المعصية ولهذا لم يرتكبوها.
    وقال الشيخ السبحاني في موضع آخر: (إن الله سبحانه وقف على ضمائرهم ونياتهم ومستقبل أمرهم، ومصير حالهم وعلم أنهم ذوات مقدسة، لو أفيضت إليهم تلك الموهبة لاستعانوا بها في طريق الطاعة وترك المعصية بحرية واختيار، وهذا العلم كاف لتصحيح إفاضة تلك الموهبة عليهم بخلاف من يعلم من حاله خلاف ذلك). عصمة الأنبياء - جعفر سبحاني، ص32.
    من الكلام أعلاه نستنتج بأن الله أفاض القوة المانعة عن إقتراف المعصية على المعصوم لعلمه السابق بحاله وأن لا مدخلية لعمل المعصوم فيها. وعلى هذا الأساس نقول إن الله يعمل ما سيؤول إليه كل شئ ويعلم مستقبل أمر كل عبد قبل خلقه فكان من الأولى إدخال كل عبد الجنة والنار على حسب علمه المسبق بحاله ولا نحتاج للدخول في الإمتحانات الثلاث حتى يقيم علينا الحجة (الذر والدنيا والرجعة) !!!! لكن أبى الله إلا أن تكون أعمالنا هي الحجة علينا يوم القيامة فلا نستحق مقام إلا بعمل عملناه.
    إذن عرف القوم العصمة بأنها إفاضة إلهية على المعصوم ولا مدخلية لعمل المعصوم فيها وأن العصمة تسير المعصوم بطريقة أو بآخرى.

    فصل الخطاب في العصمة

    سنتطرق الى بعض أقول الإمام أحمد الحسن (ع) والتي فيها فصل الخطاب بالنسبة لموضوع العصمة والتي ستبين لنا ما هي العصمة وكيف هي وما حيثياتها.
    سؤل العبد الصالح (ع) عن الفرق بين العصمة والتسديد فأجاب (ع): ((كل من يعتصم بالله عن محارم الله فهو معصوم بقدر اعتصامه بالله، فالعصمة لها جهة من العبد وجهة من الرب، فالعبد بمقدار إخلاصه يكون معتصماً بالله، والرب بمقدار توفيقه يكون عاصماً للعبد، والإخلاص والتوفيق مرتبطان، والتوفيق قرين الإخلاص وينزل من السماء بقدر الإخلاص، والتسديد من ضمن التوفيق النازل.) مع العبد الصالح ص61.
    إذن المعصوم هو المعتصم بالله عن محارم الله وكما جاء في الرواية التي إفتتحت بها الخطبة ... عن الإمام زين العابدين (ع): "المعصوم هو الممتنع بالله عن جميع محارم الله ، وقد قال الله تبارك وتعالى : ( وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إلى صِراط مُسْتَقيم )" فالعبد يكون معصوما بمقدار إعتصامه بالله عن محارم الله. وعلى هذا فإن العصمة درجات وتتفاوت بحسب إخلاص العبد وإعتصامه بالله وبحسب التوفيق النازل من الله على العبد. إذن العصمة ليس درجة أو درجتين كما عرفها وحددها القوم بالعصمة الصغرى والعصمة الكبرى أو غيرها من المسميات إنما هي درجات وهي تتفاوت من عبد لآخر على حسب إخلاصه لله سبحانه وتعالى وعلى حسب توفيق الله النازل على العبد. وكما قال الإمام أحمد الحسن (ع): "والإخلاص والتوفيق مرتبطان، والتوفيق قرين الإخلاص وينزل من السماء بقدر الإخلاص" فكلما زاد الإخلاص من العبد لله زاد التوفيق النازل من الله على العبد.
    وهذه الآيات تشهد للقرآن الناطق -قائم آل محمد- أحمد الحسن (ع) في موضوع أن العصمة على درجات وليست درجة أو درجتين كما عرفها القوم:
    قال تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ۚ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ)
    وقال تعالى: (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ ۖ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)
    وتفاوت درجات العصمة إنما هو نابع من الإخلاص والعمل، قال تعالى: (ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).
    سؤل (ع): وهل فرق عصمة الحجة عن غيره بدرجة تجليها عنده؟
    فقال (ع): (الفرق في عصمة الأوصياء فقط أنهم معتصمون بالله بدرجة لا يدخلون في الباطل ولا يخرجون من الحق، فمن يتبعهم يأمن من الضلال ويعرف الحق بقدر متابعته لهم . وأيضاً - وهو الأهم - أنّ من يعرف الحقائق سبحانه قد نصّ على عصمتهم.
    والعصمة درجات وليس درجة واحدة، ولكن ما يهمّ الناس منها هذا القدر: أنّ المعصوم لا يدخلهم في باطل ولا يخرجهم من حق، ولكن لو اجتمع معصومان بدرجتين متفاوتتين في العصمة لكان الفرق بينهما جلياً كما لو أنك ترى الأدنى غير معصوم وهو يواجه الأعلى، أي مثل حال موسى (ع) في مواجهة العالم، هل ترى حاله كيف كان ...) مع العبد الصالح ص62.
    فالأوصياء عليهم السلام وصلوا مرتبة من الإخلاص لله والإعتصام به سبحانه وتعالى التي لا تخرجهم من هدى أو تدخلهم في ضلال.

    قد يسأل سائل إن كانت العصمة مناطها الإخلاص من العبد لله والتوفيق النازل من الله على العبد إذن باب العصمة مفتوح للجميع فهل لنا أن نكون معصومين كالأوصياء عليهم السلام؟
    سنستعرض كلام قائم آل محمد عليه السلام للرد على هذا التساؤل وتوضيح هذه النقطة.
    يقول الإمام أحمد الحسن (ع) في كتاب مع العبد الصالح وهو يجيب على أحد الأسئلة الموجهة إليه في موضوع العصمة: (ولكن أنت في حقيقة الأمر تريد العصمة التي يعصم بها الأوصياء ، وهذه كما شرحت لك فيما سبق من جهة حقيقتها ولكنها فقط منصوصة ، أي أن حقيقة العصمة موجودة في كل إنسان وهي فطرة الإخلاص ، وهي النور الذي أظهره للوجود ، وكل إنسان قادر على الاعتصام بالله عن محارم الله ، وهو مفطور على هذا ولكنه ربما ضيع حظه).
    إذن نعم الباب مفتوح للجميع لكن لعلم الله بتقصير العباد وتضيع حظهم في الوصول إلى هذه المرتبة لم ينص الله إلا على من نص عليهم في السابق كالأنبياء والأئمة السابقيين عليهم السلام وفي اللاحقين كالمهديين عليهم السلام. ولكن قد يصل البعض إلى هذه المرتبة ومن ثم يركن إلى الأرض بعد بلوغه هذه المقامات كما فعل إبليس لعنه الله والذي كان يلقب بطاووس الملائكة وأيضا كما فعل بلعم بن باعورا لعنه الله والذي يروى عنه أنه كان يرى ما تحت العرش، فلذلك لم يشملهم النص الإلهي فيشهد لهم بالعصمة.

    قد يلتبس على البعض فيقول: أنت إستنكرت في بداية الخطبة أقوال العلماء الذين تبنوا رأي إفاضة العصمة على المعصوم وذلك لعلمه سبحانه المسبق بحالهم ومستقبلهم، بينما الآن تقول: أن النص على العصمة لا يكون إلا لمن علم الله أنه لن يبدر منه التقصير بمقدار الذي يخرجه من أقل درجات عصمة الأوصياء وهو عدم الخروج من حق أو الدخول في باطل، فكيف رفضت فرضية علم الله المسبقة بحال عباده في إفاضة العصمة وقبلتها في حال النص على الأوصياء؟
    أقول هناك فرق بين الأمرين ولكي نوضح المسألة أكثر نضرب مثال بلعم بن باعورا لعنه الله ونتطرق للخيارين التاليين: يا أن ينص الله عليه فيكون وقع الناس في الباطل وخرجوا من الحق بعد ركون بلعم بن باعورا للأرض. أو أن لا ينص عليه فينجوا الناس من الدخول في الباطل والخروج من حق. من الطبيعي في هذه الحالة يسلتزم من الله أن يطلعنا على علمه المسبق بحال الأشخاص فلا ينص إلا على من بإتباعه نُعصم من الدخول في باطل أو الخروج من حق.
    أما في حالة الإفاضة الإلهية على المعصوم فقط لسبب علمه بحاله المعصوم وبدون عمل عمله المعصوم يستحق فيه هذه الدرجة، فهذا منافي للعدل الإلهي ومنافي لحقيقة وجود الإنسان في دنيا الإمتحان كما أوضحناه سابقاً.

    نتطرق لأحد الأسئلة التي سؤل فيها اليماني (ع) بالنسبة لموضوع الجبر وآية التطهير:

    بسم الله الرحمن الرحيم، السيد أحمد الحسن (ع) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
    لي صديقة سنية وقد طرحت عليَّ بعض الاشكالات التي حيرتني، وهي في قوله تعالى: ﴿ِإنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾.
    هل أنّ الإرادة هنا تكوينية ؟ وإذا كانت كذلك هل تستلزم القول بالجبر ؟ وقد فسّر الإمام الباقر أو الصادق الرجس هنا بالشك فهل أنّ التطهير من الشك يعني العصمة ؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
    نعم هي إرادة الله سبحانه وتعالى، التي قال عنها سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾، ولكن تحقّق هذه الإرادة الإلهية في هذه الآية: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾، لا يكون بالقهر والاجبار على الطاعة وترك المعصية، بل بكشف الحقائق لهم بعد اخلاصهم له سبحانه وتعالى، وبعصمتهم بعد اعتصامهم به سبحانه وتعالى. فإذا كشفت حقيقة الدنيا لإنسان وأصبح يراها جيفة تتنازعها كلاب، وعراق خنزير في يد مجذوم ، كيف يُقبل عليها ؟!! وهذا مثل ربما يوضح لك العصمة ومعناها: (فإذا كان هناك إنسان أعمى يريد عبور الطريق سالماً من عثرات الطريق لابد له أن يستنجد بإنسان بصير، ثم لابد له أن يُسّلِم للبصير معصم يده، ليأخذ البصير بمعصمه ويعينه على عبور الطريق بسلامة. وهنا في هذا المثل يكون الأعمى معتصم بالبصير، فالأعمى في هذا المثل معصوم، ويكون البصير عاصماً للأعمى). والأنبياء والأوصياء (ع)، هم الذين استنجدوا بالله ليأخذ بأيديهم إلى بر الأمان، وهم الذين مدّوا أيديهم لله ليأخذ بمعاصمهم. ولو أنّ عبداً في المشرق أو في المغرب فعل كما فعلوا واعتصم بالله لعصمه الله، ولكنَّ كثيراً من الناس قصّروا في اللجوء إلى الله ومد أيديهم إليه سبحانه، بل هم يدّعون أنّهم يعرفون ويرون الطريق بوضوح. والله سبحانه وتعالى يده ممدودة للناس جمعيهم وعلى الدوام، فليس بينه وبين أحد منهم قرابة، بل هو خالقهم ولكن أيدي الناس وبإرادتهم مقبوضة عنه سبحانه). الجواب المنير عبر الأثير الجزء الثاني سؤال 74.

    والحمد لله وحده.
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎