إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

خطبة صلاة الجمعة لمدينة سدني بتاريخ 9صفر الموافق 13\12\2013 حول مصيبة استشهاد الحسن السبط ع

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • ابو كرار الحلو
    عضو جديد
    • 19-04-2012
    • 34

    خطبة صلاة الجمعة لمدينة سدني بتاريخ 9صفر الموافق 13\12\2013 حول مصيبة استشهاد الحسن السبط ع

    الخطبة الاولى :
    بسم الله الرحمن الرحيم :والحمد لله رب العالمين والصلاة واتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين محمد وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين الائمة والمهديين وسلم تسليما .
    السلام عليكم اخواني المؤمنين ورحمة الله وبركاته
    الحمد لله مالك الملك مجري الفلك مسخر الرياح فالق الاصباح ديان الدين رب العالمين الحمد لله على حلمه بعد علمه والحمد لله على طول اناته في غظبه وهو قادر على مايريد .
    اوصيكم اخواني ونفسي بتقوى الله وامتثال امره واتباع نبية واهل بيته الاطهار ع
    مرت علينا هذه الايام حادثه اليمه ومحزنه لقلب المصطفى محمد ص واهل بيته الاطهار الا وهي استشهاد الامام الحسن السبط ع فنتناول في هذا اليوم بعض ما جاء في حق الامام
    الحسن ع ومظلوميته وبعض الامور التي اختصت بها معاهدة الامام الحسن ع مع معاوية ابن ابي سفيان لع

    غادر الامام المحتبى في عام 41 ه الكوفة الى مدينة جده المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم ) ,وفيها نشر الاسلام المحمدي الاصيل وتصدى لتعليم أحكامه و تعاليمه .
    وكانت تلك الجهود مثمرة ومباركة ,أذ أنشأ (سلام الله عليه ) مدرسة علمية بالمدينة .
    وتخرج على يد الامام الحسن السبط مجموعة من الاعلام ,فمنهم :ـ ابنه الحسن المثنى و المسيب بن نخبة ، سويد بن غفلة و العلاء ابن عبد الرحمن و الشعبي و هبيرة بن بركم و الأصبغ بن نباتة و جابر بن خلد و أبو الجوزا و عيسى بن مأمون بن زرارة و نفالة بن المأموم و أبو يحيى عمير بن سعيد النخعي و أبو مريم قيس الثقفي و طحرب العجلي و إسحاق بن يسار والد محمد بن إسحاق و عبد الرحمن بن عوف و عمرو بن قيس.
    وكان هذا الاجراء الاول الذي اتخذه أمامنا الحسن الزكي (عليه السلام ) .
    الامر الذي دعى معاوية الى التفكير باغتياله ,وهناك أسباب أخرى منها :ـ
    1. تصدّى الامام لمؤامرة مسخ السنّة النبويّة الشريفة التي كان يخطّط لها معاوية بن أبي سفيان من خلال تنشيط وضع الأحاديث والمنع من تدوين الحديث النبويّ.
    2. كان (عليه السلام ) متصديا لكافة محاولات التحريف والتضليل الجاهلي, من خلال نشر الثقافة الرسالية وبث الوعي الديني والسياسي في أوساط المجتمع,وبسبب هذه الانجازات بنى قاعدة جماهيرية صلبة.
    3. بعد قرابة العقد من الزمن , وخلال فترة وجود الامام الحسن (عليه السلام)في المدينة , لم يستطع معاوية وأزلامه قتل أحد من المسلمين أو مصادرة اموالهم.
    وكان (عليه السلام) في عاصمة جدّه(صلى الله عليه وآله) كهفاً منيعاً لمن يلجأ اليه ، وملاذاً حصيناً لمن يلوذ به ، قد كرّس أوقاته في قضاء حوائج الناس ، ودفع الضيم والظلم عنهم.
    4. بسبب معاهدة الصلح التي نصّت هذه المعاهدة على أن يكون الأمر من بعد معاوية للحسن ولا يبغي له الغوائل والمكائد.
    5. عدم تعاطفه مع أركان النظام الحاكم بالرغم من محاولاتهم لكسب عطف الإمام أو تغطية نشاطاته أو إدانتها.
    6. رفض الإمام (عليه السلام) مصاهرة الاُمويّين.
    7. تكريم الناس وحفاوتهم بالإمام وإكبارهم له ممّا ساء معاوية ,لذلك في خطبة معاوية يوم الجمعة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على نبيّه ، ثم ذكر أمير المؤمنين وسيّد المسلمين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فانتقصه ، ثم قال :
    « أيّها الناس! إنّ صبية من قريش ذوي سفه وطيش وتكدّر من عيش أتعبتهم المقادير ، فاتّخذ الشيطان رؤوسهم مقاعد ، وألسنتهم مبارد ، فأباض وفرخ في صدورهم ، ودرج في نحورهم ، فركب بهم الزلل ، وزيّن لهم الخطل، وأعمى عليهم السُبل ، وأرشدهم إلى البغي والعدوان والزور والبهتان ، فهم له شركاء وهو لهم قرين ( ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قريناً )وكفى لهم مؤدّباً ، والمستعان الله » .
    فوثب اليه الإمام الحسن مندفعاً كالسيل رادّاً عليه افتراءه وأباطيله قائلاً :
    « أيّها الناس! من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب ، أنا ابن نبيّ الله ، أنا ابن من جعلت له الأرضُ مسجداً وطهوراً ، أنا ابن السراج المنير ، أنا ابن البشير النذير ، أنا ابن خاتم النبيّين ، وسيّد المرسلين ، وإمام المتّقين ، ورسول ربّ العالمين ، أنا ابن من بعث إلى الجنّ والإنس ، أنا ابن من بعث رحمةً للعالمين » .
    وشقّ على معاوية كلام الإمام فبادر إلى قطعه قائلاً : « يا حسن! عليك بصفة الرطب »، فقال (عليه السلام): « الريح تلقحه والحرّ ينضجه، والليل يبرده ويطيبه ، على رغم أنفك يا معاوية » ثم استرسل (عليه السلام) في تعريف نفسه قائلاً :
    « أنا ابن مستجاب الدعوة ، أنا ابن الشفيع المطاع ، أنا ابن أول من ينفض رأسه من التراب ، ويقرع باب الجنّة ، أنا ابن من قاتلت الملائكة معه ولم تقاتل مع نبيّ قبله ، أنا ابن من نصر على الأحزاب ، أنا ابن من ذلّت له قريش رَغماً » .
    وغضب معاوية واندفع يصيح : « أما أنّك تحدّث نفسك بالخلافة » .
    فأجابه الإمام (عليه السلام) عمّن هو أهل للخلافة قائلاً : « أمّا الخلافة فلمن عمل بكتاب الله وسنَّة نبيّه ، وليست الخلافة لمن خالف كتاب الله وعطّل السنّة ، إنّما مثل ذلك مثل رجل أصاب ملكاً فتمتّع به، وكأنّه انقطع عنه وبقيت تبعاته عليه » .
    يراوغ معاوية ، وانحط كبرياؤه فقال : « ما في قريش رجل إلاّ ولنا عنده نِعَم جزيلة ويد جميلة فاخذ
    فردّ عليه الامام (عليه السلام) قائلاً : « بلى ، من تعزّزت به بعد الذلّة ، وتكثّرت به بعد القلّة» .
    فقال معاوية : « من اُولئك يا حسن ؟ » ، فأجابه الإمام (عليه السلام) : « من يلهيك عن معرفتهم » .
    ثم استمر (عليه السلام) في تعريف نفسه إلى المجتمع فقال :
    « أنا ابن من ساد قريشاً شاباً وكهلاً ، أنا ابن من ساد الورى كرماً ونبلاً، أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالجود الصادق ، والفرع الباسق ، والفضل السابق ، أنا ابن من رضاه رضى الله ، وسخطه سخطه ، فهل لك أن تساميه يا معاوية ؟ » ، فقال معاوية : أقول لا تصديقاً لقولك ، فقال الحسن : « الحق أبلج، والباطل لجلج ، ولم يندم من ركب الحقّ ، وقد خاب من ركب الباطل ( والحقّ يعرفه ذوو الألباب ) » فقال معاوية على عادته من المراوغة : لا مرحباً بمن ساءك.
    فهذه الاسباب العامة وأخرى غيرها جعلت معاوية يخشى من نشاطات الامام الحسن (عليه السلام) التي حتما ستؤدي الى زوال حكمة وسلطته .

    فضاق معاوية ذرعاً بالحسن ( عليه السلام ) , و أحس أن الحسن قد ورطه في هذه الشروط التي طفق ينقضها واحدا بعد آخر , و قَدَّر أن خطته بتوريث الملك لابنه يزيد لن تمرّ و الحسن موجود,ففكّر معاوية في طريقة يقوم بها لتصفية وجود الإمام (عليه السلام) خاصة وأن النشاط الرسالي بدأ يتصاعد بقوة وأن معاوية مكبّلاً في وجود الإمام (عليه السلام) لا يستطيع التعرض بالسوء لأي من أصحاب الحسن (عليه السلام).
    فأوعز معاوية إلى المستشارين السياسيين وهكذا أفراد الحاشية وعناصر من المقربين له أن يدلّوه على طريقة مناسبة يتم فيها اغتيال الإمام (عليه السلام)، فالبعض اقترح التصفية المعلنة أمام الناس في المدينة لبث الرعب في كافة أرجاءها والبعض الآخر, اقترح استدعاؤه إلى الشام ثم تنفيذ فيه خطة الاغتيال.. غير أن معاوية كان يخشى أن تؤدي هذه العمليات إلى تأليب فئات من الشعب ضد نظامه وتدهور الأوضاع السياسية في الداخل، ولذلك فكّر في طريقة يتفادى فيها أي بادرة إثارة وذلك من خلال أمرين وهما:
    أولاً: عدم تنفيذ خطة الاغتيال بصورة علنية أو استفزازية ممّا قد تثير حفيظة الشعب أو المعارضة.
    ثانياً: عدم المباشرة في تنفيذ خطة الاغتيال لإبعاد الشبهة قدر الإمكان عن السلطة ,فكان اختياره السمّ كوسيلة هادئة للجريمة..
    وقد جرب معاوية هذه الوسيلة , فعمد إلى قتل سعد بن أبي وقاص بالسمّ.
    فأوكل معاوية تنفيذ المهمة إلى إحدى زوجات الحسن (عليه السلام ) و هي جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي وهي بنت لأم فروة أخت الخليفة أبي بكر التي سقته السم و قد كان معاوية دس إليها أنك إن احتلت في قتل الحسن وجهت إليك بمائة ألف درهم و زوجتك يزيد.
    وإقطاع عشرة ضياع من سواد الكوفة.
    وفي بداية العرض فكرت جعدة بالامر ,ورغم انها عاقر,كانت معاملة الامام (عليه السلام) اليها افضل معامله ,بل لها مكانه كبيرة ,ولكن الاغرائات تغلبت على افكارها حيث تزين الشيطان لما ينتظرها , فلم تطل التفكير في الأمر بل أعطت موافقة فورية.
    جاءت جعدة بالطعام المسموم وقدمته إلى الإمام الحسن (عليه السلام) فلمّا وضعته بين يديه قال (عليه السلام): إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله على لقاء محمد سيد المرسلين، وأبي سيد الوصيين وأمي سيدة نساء العالمين، وعمي جعفر الطيار في الجنة، وحمزة سيد الشهداء (صلوات الله عليهم أجمعين ).
    وما إن رفعت جعدة المائدة من تحت الإمام (عليه السلام) حتى بدأ السم ينتشر داخل جسمه (عليه السلام) ويقطع أمعاءه, فكان السم يسري.. والألم يسري معه.. وكلاهما يصرمان ما تبقى من عمره الشريف.
    وثقل حال الإمام (عليه السلام) واشتدّ به الوجع , فالتفت إلى أهله قائلاً :
    « أخرجوني إلى صحن الدار أنظر في ملكوت السماء »
    فحملوه إلى صحن الدار ، فلمّا استقرّ به رفع رأسه إلى السماء وأخذ يناجي ربّة ويتضرع اليه قائلاً :
    « اللّهم إنّي احتسب عندك نفسي ، فإنّها أعزّ الأنفس عليَّ لم أصب بمثلها ، اللّهم آنس صرعتي ، وآنس في القبر وحدتي » .
    وجاء إليه أخوه الإمام الحسين (عليه السلام) فلمّا رأى حاله بكى، فقال له الحسن (عليه السلام): ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ قال: أبكي على ما أراك فيه. فقال له الحسن (عليه السلام): إن الذي يأتي إليّ بسمّ يدبّر فأقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل، يدّعون أنهم من أمة جدنا، وينتحلون دين الإسلام فيجتمعون على قتلك، وسفك دمك، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك وأخذ ثقلك، فعندها تحلّ ببني أمية اللعنة، وتمطر السماء رماداً ودماً، ويبكي عليك كلّ شيء حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار).
    وظل الإمام الحسن (عليه السلام) يكابد الألم وقد سيطر السّم على كل أنحاء جسمه , و لما أحس (عليه السلام) ما أصابه و أدرك قرب منيته شكا لأخيه الحسين (عليه السلام) قائلاً: (يا أخي سقيت السّم ثلاث مرات لم أسق مثل هذه، إني لأضع كبدي, فجعلت أقلبها بعود معي فقال الحسين : من سقاك؟ فقال أتريد أن تقتله إن يكن هو فالله أشد نقمة منك و إن لم يكن هو فما أحب أن يؤخذ بي بريء فانا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وسيعلم الذين ظلموا ال محمد ع اي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين
    اللهم ادخلنا في كل خير ادخلت فيه محمد وال محمد ع واخرجنا من كل سوء اخرجت منه محمد وال محمد ع اللهم لاتجعلنا من خصماء محمد وال محمد ع ولا تجعلنا من اهل الحنق والغيض على محمد وال محمد ع واخردعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    وَالْعَصْرِ ﴿١﴾ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴿٢﴾ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴿٣﴾
    .
    الخطبة الثانية :
    بسم الله الرحمن الرحيم :والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين محمدواله الطيبين الطاهرين الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها وترجف الارض وعمارها وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها الحمد لله الذي هدانا لهذا ونا كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله اللهم صلي على محمد عبدك ورسولك وامينك وصفيك وخيرتك من خلقك وصلى على علي امير المؤمنين وصلي على فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وصلي علي سبطي الرحمة وامامي الهدى الحسن والحسين وصلي على ائمة المسلمين علي ابن الحسين ومحمد ابن علي وجعفر ابن محمد وموسى ابن جعفر وعلي ابن موسى ومحمد ابن علي وعلي ابن محمد والحسن ابن علي والخلف الهادي المهدي حججك على عبادك وامنائك في بلادك وصلي على ولي امرك القائم المؤمل احمد الحسن والعدل المنتظر وحفه بملائكتك المقربين وايده بروح القدس يارب العالمين

    ومن حلمه ماروى عن الكامل المبرد و غيره أن شاميا رآه راكبا فجعل يلعنه و الحسن لايرد فلما فرغ أقبل الحسن عليه السلام فسلم عليه وضحك فقال : أيها الشيخ أظنك غريبا ، ولعلك شبهت ، فلو استعتبتنا أعتبناك ، ولو سألتنا أعطيناك ، ولو استرشدتنا أرشدناك ، ولو استحملتنا أحملناك ، وإن كنت جائعا أشبعناك ، وإن كنت عريانا كسوناك ، وإن كنت محتاجا أغنياك ، وإن كنت طريدا آويناك ، وإن كان لك حاجة قضيناها لك ، فلو حركت رحلك إلينا ، وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك ، لان لنا موضعا رحبا وجاها عريضا ومالا كثيرا .

    فلما سمع الرجل كلامه ، بكى ثم قال : أشهد أنك خليفة الله في أرضه ، الله أعلم حيث يجعل رسالته وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إلى والان أنت أحب خلق الله إلي وحول إليه ، وكان ضيفه إلى أن ارتحل ، وصار معتقدا لمحبتهم .

    في رحاب المواعظ الحكيمة للإمام الحسن (عليه السلام)

    قال (عليه السلام) عن طلب الرزق : «لا تجاهد الطلب جهاد الغالب، ولا تتّكل علي القدر إتكال المستسلم
    فإنّ ابتغاء الفضل من السُنّة، والإجمال في الطلب من العفة وليست العفة بدافعة رزقاولا الحرص بجالبٍ فضلاً
    فإنّ الرزق مقسوم، واستعمال الحرص استعمال المآثم»
    وجاءه رجل من الأثرياء فقال له : يابن رسول اللّه‏! إنّي أخاف من الموت
    فقال له (عليه السلام) : «ذاك لأنّك أخّرت مالك ، ولو قدّمته لسرّك أن تلحق به».
    مواعظ الإمام الحسن (1)
    روى الحراني : . . . عن الحسن إنه قال : إعلموا أن الله لم يخلقكم عبثا وليس بتارككم سدى كتب آجالكم وقاسم بينكم معائشكم ليعرف كل ذي لب منزلته وأن ما قدر له أصابه ، وما صرف عنه فلن يصيبه ، قد كفاكم مؤونة الدنيا وفرغكم لعبادته ، وحثكم على الشكر وافترض عليكم الذكر ، وأوصاكم بالتقوى ، وجعل التقوى منتهى رضاه ، والتقوى باب كل توبة ورأس كل حكمة وشرف كل عمل ، بالتقوى فاز من فاز من المتقين .
    قال الله تبارك وتعالى : ( إن للمتقين مفازا ) وقال : ( وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون ) فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنه من يتق الله يجعل له مخرجا من الفتن ويسدده في أمره ويهيئ له رشده ويفلجه بحجته ويبيض وجهه ويعطه رغبته ، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .
    وقال : اتقوا الله عباد الله وجدوا في الطلب وتجاه الهرب ، وبادروا العمل قبل مقطعات النقمات وهادم اللذات فإن الدنيا لا يدوم نعيمها ولا تؤمن فجيعها ولا تتوقى مساويها ، غرور حائل ، وسناد مائل ، فاتعظوا عباد الله بالعبر ، واعتبروا بالأثر ، وازدجروا بالنعيم ، وانتفعوا بالمواعظ ، فكفى بالله معتصما ونصيرا ، وكفى بالكتاب حجيجا وخصيما ، وكفى بالجنة ثوابا ، وكفى بالنار عقابا ووبالا .
    وقال أيضا : أيها الناس إنه من نصح لله وأخذ قوله دليلا هدى للتي هي أقوم ووفقه الله للرشاد وسدده للحسنى فإن جار الله آمن محفوظ وعدوه خائف مخذول ، فاحترسوا من الله بكثرة الذكر ، واخشوا الله بالتقوى ، وتقربوا إلى الله بالطاعة فإنه قريب مجيب ، قال الله تبارك وتعالى : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) فاستجيبوا لله وآمنوا به فإنه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعاظم ، فإن رفعة الذين يعلمون عظمة الله أن يتواضعوا و ( عز ) الذين يعرفون ما جلال الله أن يتذللوا ( له ) ، وسلامة الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له ، ولا ينكروا أنفسهم بعد المعرفة ، ولا يضلوا بعد الهدى ، واعلموا علما يقينا أنكم لن تعرفوا التقى حتى تعرفوا صفة الهدى ، ولن تمسكوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نبذه ، ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حرفه ، فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتكلف ورأيتم الفرية على الله والتحريف ورأيتم كيف يهوى من يهوى ، ولا يجهلنكم الذين لا يعلمون ، والتمسوا ذلك عند أهله ، فإنهم خاصة نور يستضاء بهم وأئمة يقتدى بهم ، بهم عيش العلم وموت الجهل ، وهم الذين أخبركم حلمهم عن جهلهم وحكم منطقهم عن صمتهم ، وظاهرهم عن باطنهم ، لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه ، وقد خلت لهم من الله سنة ومضى فيهم من الله حكم ، إن في ذلك لذكرى للذاكرين واعقلوه إذا سمعتموه عقل رعاية ولا تعقلوه عقل رواية ، فإن رواة الكتاب كثير ورعاته قليل والله المستعان .
    قال الطبراني : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، حدثنا علي بن المنذر الطريقي ، حدثنا عثمان بن سعيد الزيات ، حدثنا محمد بن عبد الله أبو رجاء الحبطي التستري ، حدثنا شعبة بن الحجاج ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث إن عليا سأل ابنه الحسن بن علي عن أشياء من أمر المروءة فقال : يا بني ما السداد ؟ قال : يا أبه السداد دفع المنكر بالمعروف .
    قال : فما الشرف ؟ قال : اصطناع العشيرة وحمل الجريرة وموافقة الإخوان وحفظ الجيران .
    قال : فما المروءة ؟ قال : العفاف وإصلاح المال .
    قال : فما الدقة ؟ قال : النظر في اليسير ومنع الحقير .
    قال : فما اللؤم ؟ قال : إحراز المرء نفسه وبذله عرسه .
    قال : فما السماحة ؟ قال : البذل من العسير واليسير .
    قال : فما الشح ؟ قال : أن ترى ما أنفقته تلفا .
    قال : فما الإخاء ؟ قال : المواساة في الشدة والرخاء .
    قال : فما الجبن ؟ قال : الجرأة على الصديق والنكول عن العدو .
    قال : فما الغنيمة ؟ قال : الرغبة في التقوى ، والزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة .
    قال : فما الحلم ؟ قال : كظم الغيظ وملك النفس .
    قال : فما الغنى ؟ قال : رضى النفس بما قسم الله تعالى لها وإن قل ، وإنما الغنى غنى النفس .
    قال : فما الفقر ؟ قال : شره النفس في كل شيء .
    قال : فما المنعة ؟ قال : شدة البأس ، ومنازعة أعزاء الناس .
    قال : فما الذل ؟ قال : الفزع عند المصدوقة [ الصدمة ] .
    قال : فما العي ؟ قال : العبث باللحية وكثرة البزق عند المخاطبة .
    قال : فما الجرأة ؟ قال : موافقة الأقران .
    قال : فما الكلفة ؟ قال : كلامك فيما لا يعنيك .
    قال : فما المجد ؟ قال : أن تعطي في الغرم وتعفو عن الجرم .
    قال : فما العقل ؟ قال : حفظ القلب كلما استوعيته .
    قال : فما الخرق ؟ قال : معاداتك إمامك ورفعك عليه كلامك .
    قال : فما حسن الثناء ؟ قال : إتيان الجميل وترك القبيح .
    قال : فما الحزم ؟ قال : طول الأناة والرفق بالولاة .
    قال : فما السفه ؟ قال : إتباع الدناءة ومصاحبة الغواة .
    قال : فما الغفلة ؟ قال : تركك المسجد ، وطاعتك المفسد .
    قال : فما الحرمان ؟ قال : تركك حظك وقد عرض عليك .
    قال : فما المفسد ؟ قال : الأحمق في ماله المتهاون في عرضه .
    نكتفي بهذا المقدار والحمد لله رب العالمين وصلى على محمد واله الطاهرين الائمة والمهديين وسلم تسليما (اللهم اني اسالك قوة في عبادتك وتبصرة في كتابك وفهما في حكمك اللهم صل على محمد وال محمد ولاتجعل القراءن لنا ماحيا والصراط بنا زائلا ومحمد ص عنا موليا )
    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
    لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ﴿١﴾ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴿٢﴾ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ ﴿٣﴾ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴿٤﴾
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎