إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

صلاة الجمعة التي اقيمت في مدينة كوبرم في ولاية فكتوريا باستراليا بتاريخ 10 من شهر رمضان سنة 1434 هجري قمري

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • sahebnoon
    عضو جديد
    • 28-10-2009
    • 35

    صلاة الجمعة التي اقيمت في مدينة كوبرم في ولاية فكتوريا باستراليا بتاريخ 10 من شهر رمضان سنة 1434 هجري قمري

    الخطبة الاولى

    اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا ابي القاسم محمد ص وعلى اهل بيته الطيبين الطاهرين الائمة والمهديين وسلم تسليما
    السلام عليكم اخوتي في الله ورحمة الله وبركاته

    الحمد لله رب العالمين مالك الملك مجري الفلك مسخر الرياح فالق الاصباح الذي بعد فلا يرى وقرب فشهد النجوى تبارك وتعالى والحمد لله على حلمه بعد علمه والحمد لله على عفوه بعد قدرته والحمد لله على طول اناته في غضبه. اوصيكم اخواني في الله ونفسي اولا بتقوى الله واتباع امره واجتناب نهيه

    نعزي مولانا صاحب العصر والزمان عليه السلام ووصيه مولانا احمد الحسن عليه السلام والانصار جميعا بذكرى شهادة مولاتنا خديجة الكبرى عليها السلام. ام المؤمنين وافضل ازواج رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. ونسال الله بحق هذه السيدة الطاهرة ان ينجز لمحمد وال محمد ما وعدهم من النصر والتمكين. انه نعم المولى ونعم النصير.

    خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في وصف المتقين

    عن أبان بن أبي عياش عن سليم، قال: قام رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام
    يقال له (همام) (1)- وكان عابدا مجتهدا - فقال: يا أمير المؤمنين، صف لي المؤمنين كأني أنظر إليهم.
    فتثاقل أمير المؤمنين عليه السلام عن جوابه، ثم قال: يا همام، اتق الله وأحسن، فإن الله مع
    الذين اتقوا والذين هم محسنون. فقال له همام: أسألك بالذي أكرمك وخصك وحباك وفضلك بما آتاك لما وصفتهم لي.
    فقام أمير المؤمنين عليه السلام على رجليه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي
    وأهل بيته صلوات الله عليهم، ثم قال:
    أما بعد، فإن الله خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم، لأنه
    لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه منهم. فقسم بينهم معايشهم
    ووضعهم من الدنيا مواضعهم. وإنما أهبط آدم إليها عقوبة لما صنع حيث نهاه الله
    فخالفه وأمره فعصاه.
    المؤمن في الدنيا
    فالمؤمنون فيها هم أهل الفضائل، منطقهم الصواب وملبسهم الاقتصاد ومشيهم
    التواضع. خضعوا لله بالطاعة فمضوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم، واقفين

    أسماعهم على العلم. نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت في الرخاء، رضى عن
    الله بالقضاء.
    لولا الآجال التي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين، شوقا
    إلى الثواب وخوفا من العقاب. عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم.
    المؤمن والجنة والنار
    فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها
    معذبون. قلوبهم محزونة، وحدودهم مأمونة، وأجسادهم نحيفة، وحوائجهم خفيفة وأنفسهم عفيفة، ومعونتهم في الإسلام عظيمة.
    صبروا أياما قصارا أعقبتهم راحة طويلة. تجارة مربحة يسرها لهم رب كريم.
    أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فأعجزوها.
    المؤمن في يومه ليلته
    أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا يحزنون به أنفسهم ويستثيرون به دواء دائهم، وتهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم ووجع كلوم (1) جوانحهم.
    فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا وتطلعت إليها أنفسهم شوقا فظنوا أنها
    نصب أعينهم، حافين على أوساطهم، يمجدون جبارا عظيما، مفترشين جباههم
    وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم، تجري دموعهم على خدودهم، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم من النار. وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم
    وأبصارهم، واقشعرت منها جلودهم ووجلت منها قلوبهم وظنوا أن صهيل جهنم
    وزفيرها وشهيقها في أصول آذانهم.

    وأما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء، برأهم الخوف فهم أمثال القداح (1)، ينظر إليهم
    الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض، أو قد خولطوا، قد خالط القوم أمر
    عظيم.
    إذا ذكروا عظمة الله وشدة سلطانه مع ما يخالطهم من ذكر الموت وأهوال القيامة،
    فزع ذلك قلوبهم وطاشت له حلومهم وذهلت عنهم عقولهم واقشعرت منها
    جلودهم. وإذا استفاقوا من ذلك بادروا إلى الله بالأعمال الزكية، لا يرضون لله بالقليل
    ولا يستكثرون له الجزيل.
    علامات المؤمن الظاهرية
    فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون. إن زكي أحدهم خاف مما يقولون
    وقال: (أنا أعلم بنفسي من غيري، وربي أعلم بي من غيري. اللهم لا تؤاخذني بما
    يقولون واجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون، فإنك علام الغيوب وساتر العيوب).
    ومن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين، وحزما في لين، وإيمانا في يقين،
    وحرصا على علم، وفهما في فقه، وعلما في حلم، وشفقة في نفقة، وكيسا في رفق، وقصدا في غنى، وخشوعا في عبادة، وتحملا في فاقة، وصبرا في شدة، ورحمة
    للمجهود(2) ، وإعطاء في حق، ورفقا في كسب، وطيبا في الحلال، ونشاطا في الهدى، وتحرجا عن الطمع، وبرا في استقامة، واعتصاما عند شهوة.
    علامات المؤمن الباطنية
    لا يغره ثناء من جهله ولا يدع إحصاء عمله، مستبطأ لنفسه في العمل، يعمل
    الأعمال الصالحة.

    وهو رجل يمسي وهمه الشكر ويصبح وشغله الذكر. يبيت حذرا ويصبح فرحا،
    حذرا لما حذر وفرحا لما أصاب من الفضل والرحمة. وإن استصعب عليه نفسه فيما
    تكره لم يعطها سؤلها فيما إليه بشره. ففرحه فيما يخلد ويطول، وقرة عينه فيما
    لا يزول. رغبته فيما يبقى وزهادته فيما يفنى.
    يمزج الحلم بالعلم والعلم بالعقل. تراه بعيدا كسله، دائما نشاطه، قريبا أمله، قليلا
    زلله، متوقعا أجله، خاشعا قلبه، قانعة نفسه، متغيبا جهله، سهلا أمره، حريزا لدينه،
    ميتة شهوته، مكظوما غيظه، صافيا خلقه، آمنا منه جاره، ضعيفا كبره، قانعا بالذي
    قدر له، متينا صبره، محكما أمره، كثيرا ذكره.
    لا يحدث بما اؤتمن عليه الأصدقاء، ولا يكتم شهادة الأعداء، ولا يعمل شيئا من
    الحق رياء ولا يتركه حياء. الخير منه مأمول، والشر منه مأمون.
    يعفو عمن ظلمه ويعطي من حرمه ويصل من قطعه. لا يعزب حلمه ولا يعجل
    فيما يريبه، ويصفح عما تبين له. بعيد جهله، لين قوله، عائب منكره، قريب معروفه،
    صادق قوله، حسن فعله، مقبل خيره، مدبر شره.
    وهو في الزلازل وقور، وفي المكاره صبور، وفي الرخاء شكور.
    المؤمن والناس
    لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيما يحب، ولا يدعى ما ليس له، ولا يجحد
    حقا هو عليه. يعترف بالحق قبل أن يشهد به عليه.
    لا يضيع ما استحفظ عليه، ولا ينابز بالألقاب، ولا يبغي على أحد، ولا يهم
    بالحسد، ولا يضار بالجار، ولا يشمت بالمصائب.
    مؤد للأمانات، سريع إلى الصلوات، بطيئ عن المنكرات، يأمر بالمعروف وينهى
    عن المنكر. لا يدخل في الأمور بجهل ولا يخرج من الحق بعجز.

    إن صمت لم يغمه الصمت، وإن نطق لم يقل خطأ، وإن ضحك لم يعل صوته. قانع
    بالذي قدر له. لا يجمح به الغيظ ولا يغلبه الهوى، ولا يقهره الشح، ولا يطمع فيما ليس له.
    يخالط الناس ليعلم، ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم، ويتجر ليغنم، ويبحث ليعلم.
    لا ينصت للخير ليفخر به، ولا يتكلم ليتجبر على من سواه.
    نفسه منه في عناء، والناس منه في راحة. أتعب نفسه لآخرته، وأراح الناس من
    نفسه. إن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو المنتصر له. بعده عمن تباعد عنه زهد
    ونزاهة، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة. ليس تباعده تكبرا ولا عظمة، ولا دنوه
    خديعة ولا خلابة، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير. فهو إمام لمن خلفه من أهل البر.
    تأثير خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في همام
    قال: فصاح همام صيحة، ثم وقع مغشيا عليه. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أما والله
    لقد كنت أخافها عليه، وقال: (هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها). فقال له قائل: فما
    بالك أنت يا أمير المؤمنين؟ قال: لكل أجل لن يعدوه وسبب لا يجاوزه. فمهلا لا تعد، فإنما نفث على لسانك الشيطان.
    ثم رفع همام رأسه فصعق صعقة وفارق الدنيا، رحمه الله.
    اللهم انجز لمحمد وال محمد الائمة والمهديين صلواتك عليهم اجمعين ما وعدتهم من النصر والتمكين بحولك وقوتك يا رب العالمين والحمد لله وحده وحده وحده


    بسم الله الرحمن الرحيم

    قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد


    الخطبة الثانية

    اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
    اللهم صل على علي امير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين
    اللهم صل على خديجة الكبرى ام المؤمنين وخير ازواج رسول الله ص
    اللهم صل على فاطمة الزهراء سيدة النساء اجمعين
    اللهم صل على الحسن المجتبى سيد شباب اهل الجنة
    اللهم صل على الحسين بن علي سيد الشهداء وعلى المستشهدين بين يديه
    اللهم صل على الحوراء زينب فخر المخدرات عقيلة بني هاشم
    اللهم صل على المعصومين من ذرية الحسين ع
    علي بن الحسين
    ومحمد بن علي
    وحعفر الصادق
    وموسى الكاظم
    وعلي بن موسى الرضا
    ومحمد الجواد
    وعلي الهادي
    والحسن العسكري
    والحجة بن الحسن القائم المهدي صلواتك عليهم اجمعين
    اللهم صل على وصي الامام المهدي ع مولانا احمد الحسن ع
    اللهم صل على المهديين من ذرية احمد ع
    اللهم صل على ام المهديين وسلم تسليما



    استكمالا لموضوع الخطبة الثانية للجمعة الفائتة وتحت عنوان بسملة التوحيد يقول الامام احمد الحسن عليه السلام :
    ولعل الفائدة تتم ببيان أن محمداً أرسل ببسم الله الرحمن الرحيم، وإرسال القائم  ببسم الله الواحد القهار، فمحمد ووصيه علي  سارا بالجفر الأبيض، والقائم  ووصيه يسيران بالجفر الأحمر، أي القتل وعدم قبول التوبة في بعض الموارد، كما ورد في الحديث عن رفيد مولى أبي هبيرة، قال: قلت لأبي عبد الله : جعلت فداك يابن رسول الله يسير القائم بسيرة علي بن أبي طالب في أهل السواد ؟ فقال: (لا يا رفيد، إن علي بن أبي طالب سار في أهل السواد بما في الجفر الأبيض، وإن القائم يسير في العرب بما في الجفر الأحمر. قال: فقلت له: جعلت فداك، وما الجفر الأحمر ؟ قال: فأمرَّ إصبعه إلى حلقه، فقال: هكذا، يعنى الذبح. ثم قال: يا رفيد إن لكل أهل بيت مجيباً شاهداً عليهم شافعاً لأمثالهم) ( ).
    أما الذات أو الله فهي تشير إلى الوحدة بعد ملاحظة فناء جميع الأسماء فيها، وهذا الفناء إشارة إلى الخلق، لترك ملاحظة أي كمال أو اسم من أسماء الذات والتوجه إلى التوحـيد الحقيقي، وهو التوجه إلى الحقيقة والكنه والتخلي عن أي معرفة، والإعتراف بالعجز المطلق عن أي معرفة سوى إثبات الثابت الذي تشير له الهاء في (هو)، ومعرفة العجز عن معرفته التي تشير له الواو في (هو)، وهذا التوجه هو توجه إلى الاسم الأعظم الأعظم الأعظم، وهذه هي العبادة الحقيقية وهذا هو التوحيد الحقيقي وما دونه شرك في مرتبة ما.
    فالذين يعبدون الذات أو (الله) نسبة إلى هذه المرتبة مشركون من حيث لا يشعرون فضلاً عمن سواهم، قال تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ﴾ ( )، فيجب أن تكون الذات أو الله قبلة للكنه والحقيقة فهي المقصود بالعبادة دون من سواها.
    وللتوضيح أكثر أقول: البسملة ثلاثة أسماء هي: الله، الرحمن، الرحيم. فإذا قلنا أن البسملة هي باب التوحيد فهذه الأسماء هي الباب وبها يعرف التوحيد، فنحتاج على الاقل إلى تمييز إجمالي لحدود هذه الأسماء ومعانيها.
    الله: وهو إسم للذات الإلهية الجامعة للصفات الكمالية، وفي الحقيقة هو صفة جامعة للصفات فمعنى الله أي الذي يؤله إليه في الحوائج، أي الذي يقصد لسد النقص من كل جهة.
    الرحمن: وهو اسم للذات الإلهية وصفة من صفات الكمال، وهو منطوٍ وفانٍ في الله، والرحمن في الدنيا والآخرة ولكنه أولى بأمور الدنيا لجهة سعة الرحمة فيه.
    الرحيم: وهو اسم للذات الإلهية وصفة من صفات الكمال، وهو أيضاً فانٍ في الذات الإلهية أي الله، والرحيم في الدنيا والآخرة ولكنه أولى بأمور الآخرة، لجهة شدة الرحمة فيه كما بينته في تفسير الفاتحة، فراجع.
    وهذان الاسمان أو الصفتان الرحمن الرحيم: هما في الحقيقة إسم واحد وصفة واحدة، فلا افتراق حقيقي بينهما ولا تمايز حقيقي، بل هما وجهان لحقيقة واحدة هي الرحمة، فهما باب الذات: الرحمن ظاهر الباب، والرحيم باطن الباب.
    هنا توحد هذان الاسمان ولم يبقَ لنا إلا توحد الرحمة مع الله أو الذات الإلهية، وهذا لا يحتاج فيه صاحب فطرة سليمة إلى العناء والبحث والتدقيق لمعرفته فالله سبحانه وتعالى، إذا كان هو الذي يؤله إليه في الحوائج، وهؤلاء الذين يتألهون إليه أو يقصدونه عصاة مقصرون، خيّرهم وأفضلهم ناظر إلى نفسه ولو من طرف خفي، فبماذا يعطيهم أ بالعدل وهو وضع الشيء في موضعه ؟ وهل من وضع الشيء في موضعه أن تعطي السلاح من يقاتلك به وهو ظالم ؟! وكيف ببقية الخلق إذا كان محمد خير خلق الله سبحانه وتعالى إحتاج في مواجهة الله سبحانه وتعالى الرحمة، فقدم له سبحانه وتعالى بقوله: (سبوح قدوس أنا رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبي) فقال الرسول : (اللهم عفوك عفوك).
    فقد سأل أبو بصير أبا عبد الله ع، فقال: (جعلت فداك كم عرج برسول الله ؟ فقال ع: مرتين، فأوقفه جبرئيل موقفاً فقال له: مكانك يا محمد، فلقد وقفت موقفاً ما وقفه ملك قط ولا نبي، إن ربك يصلي، فقال: يا جبرئيل وكيف يصلي ؟ قال: يقول: سبوح قدوس أنا رب الملائكة و الروح ، سبقت رحمتي غضبي ، فقال: اللهم عفوك عفوك، قال: وكان كما قال الله " قاب قوسين أو أدنى "، فقال له أبو بصير: جعلت فداك ما قاب قوسين أو أدنى ؟ قال: ما بين سيتها إلى رأسها، فقال: كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق، ولا أعلمه إلا وقد قال: زبرجد، فنظر في مثل سم الإبرة إلى ما شاء الله من نور العظمة، فقال الله تبارك وتعالى: يا محمد، قال: لبيك ربي، قال: من لأمتك من بعدك ؟ قال: الله أعلم قال: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين، قال: ثم قال أبو عبد الله لأبي بصير: يا أبا محمد والله ما جاءت ولاية علي  من الأرض ولكن جاءت من السماء مشافهة) ( ).
    ومما طلب العفو صلوات الله عليه، أمن تقصير ؟ أم أن كلامه صلوات الله عليه لغو لا طائل من ورائه ؟ حاشاه وهو النبي الكريم الحكيم خير ولد آدم صلوات الله عليه، ولما قدم الله سبحانه وتعالى الرحمة وبين أنها سبقت غضبه، ولما واجه نبيه الكريم بهذا الكلام الذي يستشعر منه أنه موجه إلى مستحق لمواجهة الغضب ولكن الله يريد أن يواجهه بالرحمة، ثم إنه سبحانه وتعالى فتح له الفتح المبين، وغفر له ذنبه الذي استحق به الغضب وهو الأنا، والذي بدونه لا يبقى إلا الله الواحد القهار، ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً﴾ ( ).
    فشائبة الظلمة والعدم بدونها لا يبقى للإنسان إنسانيته، ولا يبقى ألا الله الواحد القهار، ومحمد بعد الفتح أخذ يخفق بين فناء فلا يبقى إلا الله الواحد القهار، وبين عوده إلى الأنا والشخصية فهو صلوات الله عليه حجاب بين الخلق والحق ، وهو البرزخ بين الله وخلقه، فإذا كان صاحب هذه المرتبة العظيمة محتاجاً أن يواجه بالرحمة فما بالك بمن سواه، فبالنسبة للخلق الله الذي يتألهون إليه هو الرحمن الرحيم بل لابد أن يكون كذلك وإلا فسيعودون خائبين خاسرين بسبب تقصيرهم. إذن، فالله والرحمن بالنسبة لنا واحد بل هو كذلك في الحقيقة، فالباب أو الرحمن هو مدينة الكمالات الإلهية أو الله فمنه يعرف ما فيها، ويتجلى ويظهر منه الفيض الإلهي إلى الخلق، قال تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾( )، فإذا تبين وحدة هذه الأسماء في الذات الإلهية أو الله وفناؤها فيها عرفنا أن الوحدة الأحدية متحققة في الذات الإلهية أو الله سبحانه وتعالى، وهذه هي المرتبة الأولى المقصودة في التوحيد، وهي كما قدمت وحدة جميع الأسماء والصفات في الذات الإلهية أو الله وحدة حقيقية أي أن الله واحد أحد وجميع الأسماء والصفات عين ذاته وليست أعراضاً تتصف بها الذات، ولا جواهر تتركب منها فهو الله الرحمن القادر ........ كما قال تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾( ).
    والحقيقة أن هذه المرتبة من التوحيد لا تخلو من الشرك في مرتبة ما لجهتين:
    الجهة الأولى: هي أننا لا يمكن أن نرفع كثرة الأسماء الملازمة للذات الإلهية عن أوهامنا، وإن كانت كثرة إعتبارية، فالله هو: الرحمن الرحيم القادر القاهر الجبار المتكبر العليم الحكيم ... وهذه الكثرة وإن كانت لا تخل بوحدة الذات الإلهية أو الله ولكنها كثرة، وتحمل معنى الكثرة فهي مخلة بالتوحيد في مرتبة أعلى من هذه، قال أمير المؤمنين ع: (..... أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف) ( ).
    والجهة الثانية: هي جهة الألوهية، فكوننا نتأله في حوائجنا إلى الذات الإلهية فإن علاقتنا معه سبحانه وتعالى غير خالية - والحال هذه - من الطمع والحاجة لسد النقص من جهة معينة، إذن فالعبادة غير خالصة بل هي طلب للكمال وسد النقص في أحسن صورها على هذا الحال، وهذه المرتبة شرك، فالإخلاص الحقيقي هو قطع النظر عمن سواه سبحانه وتعالى حتى عن الأنا والشخصية، وهذا هو الأولى والأحجى بل هو أصل المطلوب، إذن فالتوحيد الحقيقي يتحقق بعد معرفة فناء جميع الأسماء والصفات في الذات الإلهية، ثم فناء الذات الإلهية في الحقيقة أي فناء الألوهية في حقيقته سبحانه، ولايتحقق هذا الامر الا بفناء الأنا وشخصية الانسان فلا يبقى إلا الشاهد الغائب سبحانه وتعالى عما يشركون ( )، وإذا كان هناك لفظ دال عليه فيكون (هو) ضمير الغائب، والهاء لإثبات الثابت والواو لغيبة الغائب ( )، وهذا التوجه - المتحصل من هذه المعرفة - هو التوجه الصحيح لأنه توجه إلى الحقيقة والكنه، وهذا هو التوحيد الحقيقي، توحيد الحقيقة والكنه أو الإسم الأعظم الأعظم الأعظم، أو الإسم المكنون المخزون والذي ينبع من داخل الإنسان بعد فناء الأنا وبقاء الله، وهذه هي المرتبة الأخيرة المقصودة في التوحيد واليها تشير بسملة التوحيد وسورة التوحيد أيضاً كما سيتضح.
    ولأن بسملة سورة التوحيد هي مفتاح التوحيد الحقيقي وهي باب وحجاب الكنه والحقيقة، ولأن التوحيد غاية ابن آدم، فقد جرى الاهتمام العظيم بقراءة سورة التوحيد في الصلاة الواجبة والمستحبة وقبل النوم وبعد الاستيقاظ من النوم وبعد الصلاة الواجبة وفي صلاة الوصية وفي صلاة الناشئة ....... وصلاة سيد الموحدين بعد رسول الله علي ع تقرأ التوحيد فيها 200 مرة، فلا يمر يوم على المؤمن دون قراءة التوحيد وكأنها قرينة الفاتحة، ونعم القرين.
    واعلم أن الغرض من هذه الغاية العظيمة (التوحيد) هو معرفة الله سبحانه وتعالى، وهذا الغرض خلق الله الإنسان لأجله فمن ضيع هذا الغرض فقد ضيع كل شيء ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾( )، أي ليعرفون، وهذا الغرض وهذه المعرفة لابد لها من التوحيد لتتحقق، والتوحيد الحقيقي لايتحقق بتحصيل الألفاظ والمعاني، بل يتحقق بالعمل والإخلاص لله سبحانه حتى يصبح العبد وجه الله سبحانه في أرضه أو الله في الخلق.
    لهذا قلت فيما تقدم: (التوحيد الحقيقي توحيد الحقيقة والكنه، أو الاسم الأعظم الأعظم الأعظم، أو الاسم المكنون المخزون والذي ينبع من داخل الانسان بعد فناء الأنا وبقاء الله)


    اللهم الف بين قلوب الانصار ومن على موتاهم بالرحمة والمغفرة وعلى مرضاهم بالشفاء والصحة وعلى فقرائهم بالغنى والثروة وعلى مسافريهم بالوصول الى مقاصدهم سالمين غانمين وعلى احيائهم باللطف والكرامة اللهم وفق الانصار للعمل بين يدي قائم ال محمد ص واجعل خير اعمالهم خواتيمها وخير ايامهم يوم يلقوك اللهم انا نسالك خير الخير رضاك والجنة ونعوذ بك من شر الشر سخطك والنار برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد
  • محمد الانصاري
    MyHumanity First
    • 22-11-2008
    • 5048

    #2
    رد: صلاة الجمعة التي اقيمت في مدينة كوبرم في ولاية فكتوريا باستراليا بتاريخ 10 من شهر رمضان سنة 1434 هجري قمري

    بّـآرَكَ آلَلَهِ فُيّكُمِ
    وِتُقَبّـلَ آلَلَهِ آعَ ـمِآلَكمِ بّـقَبّـوِلَ حً ـسًسًـنٌ
    وِيّآربّ يّرعَـآكمِ

    ---


    ---


    ---

    Comment

    Working...
    X
    😀
    🥰
    🤢
    😎
    😡
    👍
    👎