إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

كتاب المهدي والمهدين في القرأن والسنه

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • almawood24
    يماني
    • 04-01-2010
    • 2174

    كتاب المهدي والمهدين في القرأن والسنه

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا
    بسم الله الرحمن الرحيم


    المقدمة


    الحقيقة إن هذا الكتاب يقصد فتح باب جديد لفهم روايات آل البيت (ع) ، وان يقدم حلاً للإشكالات التي ترد على الفهم السابق ، وذلك لملحوظة بسيطة وهي أن رواياتهم (ع) تعتمد على الرمز والإيحاء في الأعم الأغلب بل إن الروايات الخاصة بالسيرة المهدوية تحمل هذه الصفة خاصة ، فالروايات لابد أن توجه التوجيه الصحيح ، وذلك بعد حل هذه الرموز والإيحاءات ، والذي يتشكل من خلالها مسيرة العمل المهدوي الصحيح ، وما كان لنا أن نقدم هذا الفهم إلا بعد أن أذن الله ببزوغ ضوء الشمس وبدء إطلالة النهار وذلك لإذن الله سبحانه وتعالى لوليه الإمام المهدي (ع) بالظهور والفرج ، وقد نبه آل البيت (ع) إلى إن مسالة الإمام المهدي (ع) وحركته سرية إلى ابعد حد يتصوره الإنسان حتى إذا حان وقت القيام انكشف للناس جانبا من تلك الخطة التي يسير بها الإمام المهدي (ع) كضوء الشمس ، ليستبينوا أن أمر الإمام هو من التخطيط الإلهي وبالحفظ الإلهي فهو على الرغم من وجود هذا التخطيط في روايات آل البيت (ع) إلا انه غير واضح الدلالة لاعتماده على تسميات رمزية وأمور غيبية هذا أولا أما ثانيا فان الله سبحانه قد صرف الناس عن فهم تلك الأحاديث لتتم حركة الظهور المقدس . وسيتبين لنا من خلال هذا الكتاب حقيقة هذا الكلام ، إن شاء الله تعالى . فالمهدي (ع) ليس كما يعتقد الناس هو محمد بن الحسن العسكري (ع) وحده ، بل يسبقه آبائه الأطهار بالتسمية ، فهم باجمعهم مهديون وليس هذا فحسب ، بل يوجد لدينا مهدي آخر في زمن الظهور ، هذا ما نطقت به روايات آل محمد حيث نجد مثبت في حديثهم (إن المهدي يبعث بالبيعة إلى المهدي) وهذا يدلنا على أمر جديد وهو وجوب التفرقة بين الإمام المهدي والمهدي وهو ما تكفله فصل من هذا الكتاب . فلكي نعرف الأحاديث فيمن وردت ومن عنت وقصدت لابد من قراءة جديدة لإيجاد مثل هذا التمييز ، بل إن أهل البيت اقروا مع الإمام المهدي (ع) بوجود عدة مهديين لذا فلا غرابة أن يطلق الأئمة (ع) لفظ المهدي على شخص غير الإمام المهدي . فالوارد عنهم (ع) وجود أثنى عشر مهدياً كما ورد عن الرسول (ص) وأمير المؤمنين (ع) والسجاد (ع) والباقر (ع) والصادق (ع) والرضا (ع) وستجد أحاديثهم في ثنايا الكتاب ، وفي فصل مستقل لذلك أيضاً ، فتارة تثبت وجود المهديين من خلال الأحاديث الصريحة بهم فقد ورد عدد كبير منها في معتمدات المصادر الإمامية وأخرى تثبت ورودهم من خلال الروايات التي تعد المهدي الأول من ضمن الأئمة وثالثة من خلال الروايات التي تشير إليهم إشارة ورابعة من خلال التفريق ما بين الإمام المهدي والمهدي الأول و...و... والحمد له سبحانه . ثم تناول الكتاب في فصل آخر علاقة المهدي الأول بشخصية أخرى قُرنت مع الظهور المقدس ألا وهي شخصية اليماني الموعود ، وبيَّن الكتاب اتحاد هاتين الشخصيتين ، ثم تعرض الكتاب إلى إيجاد هذه الشخصية بعد اكتمال العلامات وطبقها على السيد المنصور بالله وحده احمد الحسن (ع) ليستبين كل من طلب الرشاد :

    ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (لأنفال: 42) .

    ثم انطلق الكتاب بتحديد ما يزامن عصر الظهور من رايات ضالة مضلة ، كل هذا وغيره يجده القارئ في ثنايا وطيات هذا الكتاب ، هذا واستغفر الله الواحد القهار واستغفر سيدي ومولاي الإمام الأعظم محمد بن الحسن المهدي وسيدي ومولاي احمد الحسن مما صدر مني وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنام محمد واله الأطهار من الأئمة والمهديين . ربي اجعلني من الداخلين لساحة قدسك والمتشرفين برضاك يا من لا اله إلا أنت ولا رب سواك .



    التمهيد

    إن من اخطر المسائل التي تمر بالإنسان مسألة التحجر على مبدأ من المبادئ من دون أن يدل على ذلك المبدأ دليل من كتاب الله وسنة آل البيت (ع) . فرسول الله (ص) وأهل البيت (ع) قالوا بالتمسك بالثقلين ، وكل ما عداهما فهو مورد زخرف وهلكة (إني مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي) ، فعلى هذا يجب مراجعة أهل البيت في كل صغيرة وكبيرة لمعرفة الوقوف على طريق الله تعالى . أما إذا اخذ الإنسان دينه من عقول الرجال أزالته الرجال كما ورد عنهم (ع) ومن اخذ دينه من القرآن و العترة زالت الجبال ولم يزل . ومن المعلوم أن لفظ الدين من الإدانة أي هو ما يدين به الإنسان أمام الله تعالى فالديانة متعلقة بكل موارد الحياة ، وغير مختصة بمورد محدد قال تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65) فالإيمان وفق هذه الآية القرآنية الكريمة مخصص – حسب لفظها - بنقاط هي :
    1- لا يمكن لإنسان أن يتوصل إلى الإيمان من دون أن يُحكِّم الرسول أو من يمثله في أمته في جميع أموره (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) .
    2- إن هذا التحكيم في كل الموارد وغير مخصص بمجال أو بحد معين بل مطلق الشجار (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) .
    3- إن الانطلاقة تكون في الظاهر والباطن بحيث لا يجد الإنسان حرج في نفسه من حكم أهل البيت (ع) (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ )
    4- إن الإيمان مقرون بعدم إبداء أي رأي قِبال رأيهم (ع) فلهم التسليم المطلق وقد وردت الآيات القرآنية والروايات في هذا المجال ( وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً )
    واليوم أطرح مسألة في غاية الخطورة في المجتمع الإسلامي مسألة تتعلق بالإمامة التي قال فيها رسول الله (ص) إن ردت رد ما سواها وان قبلت قبل ما سواها – راجع كتاب { أسرار الإمام لمهدي ( المتشابهات )[1] } ولمعرفة حقيقة هذا الحديث وللوقوف على مزيد من التفاصيل .
    ولكي ننير الدرب على القارئ الكريم نطرح هذه الأسئلة وهي :-
    1- من سيقود الأمة بعد استشهاد الإمام المهدي (ع) ؟ .
    2- هل هناك أكثر من مهدي في أمة محمد (ص) أم فقط الإمام المهدي ؟ ، وما الدليل ؟ .
    3- من هم المخصوصين بوصية رسول الله (ص) والمشمولين بقوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) (المائدة:3) ؟ .
    4- من سيتولى تطهير الأرض من براثن الشرك والضلال هل هو الإمام المهدي ( مكن الله له في الأرض ) أم شخص يمتثل لأمره ؟ .
    5- ثم هل من مرحلة انتقال بين الأئمة (ع) ومن سيتولى الإمامة بعد الإمام المهدي (ع) ؟ .
    والكثير من التساؤلات ترد هنا ولكن قبل كل شيء اكرر مقولة أهل البيت (ع) أن الدين لا يؤخذ من عقول الرجال ، فاصبر وأنصت وسوف يأتيك من أخبارهم ما يستنقذك من ظلمات الفتن إلى بر السلامة (ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي) .
    وهنا نلمح ألماحة سريعة للجواب على هذه الأسئلة وبعد هذا يكون التفصيل في الأبحاث القادمة من هذا الكتاب :-
    1- قد ثبت من الإصدارات السابقة لكتب الأنصار ، بل وأصبح من المعلوم أن رسول الله (ص) أوصى من بعده باثني عشر إماماً ، ومن بعدهم أثنى عشر مهدياً ، وأوصى بهذا الكلام الإمام الباقر (ع) : (إن منا بعد القائم أثنى عشر مهدياً) وفي حديث آخر عنهم (ع) (إن منا بعد القائم أحد عشر مهدياً) إلى غير ذلك الكثير من الأحاديث التي سنطالعها في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى .
    2- إن الجواب الكافي السابق في أولا يثبت من خلاله إن لفظ المهدي مشترك في الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري-ع-) والمهديين وهم الحلقة التي تكتمل بها منازل القمر – وسيتضح تفصيل ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى .
    3- إن آية التبليغ ومن بعدها آية التمام والمنة نزلت في آل البيت عامة ولا تخصيص فيها على أمير المؤمنين (ع) بل عامة للائمة الاثنى عشر والمهديين الاثنى عشر . وسيتضح تفصيل ذلك فيما يلي إن شاء الله تعالى .
    4- إن الإمام المهدي (ع) هو الذي يكون مسؤولاً عن تطهير الكرة الأرضية من براثن الشرك والإلحاد وهو المسؤول عن نشر كلمة التوحيد والإخلاص لكنه (ع) لا يباشر ذلك بنفسه ، بل إن كل ذلك يتم عبر وصيه المهدي الأول فهو المنفذ العملي لذلك كله . وفي هذا ورد الحديث الصريح والصحيح ، بل إن قسما من الأحاديث في هذا الشأن لا تقبل اللبس ولا التضليل . وسيتضح كل ذلك فيما يلي من أبحاث إن شاء الله تعالى .
    5- نعم هناك مرحلة انتقال بين الأئمة (ع) والمهديين عبر المهدي الأول ، فالمهدي الأول يختلف عن بقية المهديين (ع) ، فتراه بمنظار أهل البيت (ع) يعتبر مرحلة برزخية بين مرحلتي الإمامة والهداية .
    وتأتي بقية الأسئلة ضمن سياق الفصول والتفصيل موكول إلى محله .







    الفصل الأول


    قـضية


    الامـــــــتحان الإلهـــــــــي

    المسألة التي ابتلى بها الخلق هي قضية الإمامة والتي من تجاوزها جاز الامتحان بسلام ومن سقط فيها فلا ينفعه عملٌ بعدها أبدا فهم سلام الله عليهم العقبة التي ابتلى الله تعالى بها الناس بقوله تعالى ( فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) (البلد:11) ، وفي هذه العقبة يكون الاختبار . فقد ورد عنهم (ع) في حديثهم عن هذه الآية القرآنية (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) عن الإمام الصادق (ع) :
    (نحن والله العقبة من اقتحمها فك رقبة من النار) [2] .
    والوارد عن الإمام الباقر (ع) في هذا الشأن قوله : (نحن العقبة التي من اقتحمها نجا) [3] . فهل يتعظ الإنسان بمن سبقه ويسلك الدرب لرضا ربه ويتبع الوصي ويرضي الرحمن ويسخط الشيطان ، ولا يأخذه إبليس اللعين معه في خطواته ويصيبه بدائه و يخرجه للنظر إلى نفسه :
    (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) (لأعراف:16) .
    فدائما تجد الأقوام يمتحنون بشخصية الوصي ، أو قل بدابة الأرض قال تعالى :
    (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ) (النمل:82) والمعروف من خلال حديث أهل البيت (ع) أن هذه الدابة المتكلمة تارة تطلق على المهدي (ع)[4] وتارة أخرى تطلق على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ومن هذه الروايات ما ورد عن أمير المؤمنين (ع)
    (أنا صاحب العصا والميسم)[5] .
    ومن خطبة له (ع) طويلة يذكر فيها بعض فضائله يقول فيها :
    ( ... وأنا دابة الأرض وأنا قسيم النار وأنا خازن الجنان وصاحب الأعراف وأنا أمير المؤمنين ) [6] .
    عن علي (ع) :-( أما والله ما لها ذنب وان لها لحية )[7] ،
    وفي الآية عدة نقاط لابد من الإشارة إليها :-
    1- لابد من وقوع القول .
    2- خروج الدابة .
    3- المخرج للدابة هو الله تعالى .
    4- صفة الدابة التكلم لا السكوت .
    5- الرفض الغالب من المجتمع .
    فالنقطة الأولى :- وهي ( وقوع القول ) تشير إلى الوقعات الإلهية الكبرى الثلاث وهذا ما قاله منصور آل محمد السيد احمد الحسن اليماني الموعود :-

    ( والوقعات الإلهية الكبرى ثلاث هي القيامة الصغرى والرجعة والقيامة الكبرى) [8] .

    وهذا الوقت الذي يعيشه الناس هي ساعات الفرج عن آل محمد ، وأيام تطبيق القيامة الصغرى لذا نرى السيد الوصي يؤكد هذا المعنى في العديد من البيانات الصادرة عنه ومنها

    (… كَلاَّ وَالْقَمَرِ * وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ … والقمر الوصي ، والليل دولة الظالمين ، والصبح فجر الإمام المهدي (ع) وبداية ظهوره بوصيه كبداية شروق الشمس لأنه هو الشمس – يقصد الإمام المهدي ( إِنــَّها لإَِحْدَى الْكُبَرِ - أي القيامة الصغرى ) [9].

    وفي بيان آخر يقول (ع) :

    ( إذا وقعت الواقعة * ليس لوقعتها كاذبة * خافضة رافعة في هذا اليوم الجمعة الثالث من شوال سنة 1424هـ وبعد أن أبلغني أبي الإمام المهدي محمد بن الحسن ( ع ) بأمره بإعلان الثورة على الظالمين، ختم كلامه بقوله : " بني فديتك عجل" )[10] .

    وفي حديث آخر له (ع) يبتدئه بقوله :-

    ( بسم الله الرحمن الرحيم

    ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ ) إلى من صمت دهراً ونطق كفراً !!! . إلى كبيرهم لعلهم إليه يرجعون)[11]

    وتفصيل الكلام في هذا الشأن موكول إلى محله . فالوقعات هي نتاج لإعراض أهل الأرض عن وحي السماء الذي يواجه بالصد والتكذيب والرفض :

    (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ) . (النمل:82)

    لذا فان دابة الأرض متعددة بتعدد الوقعات الإلهية ، وهذا ما أكدت عليه روايات أهل البيت (ع) فتارة تقول انه أمير المؤمنين (ع) وتارة أخرى تقول انه مهدي آل محمد (ع) ، كما مر علينا .



    فخروج الدابة مقرون مع القيامة الصغرى وهذا ما نجده في روايات آل البيت حيث اقترنت حركة الظهور المقدس (القيامة الصغرى) أو قل أول الوقعات الثلاثة بخروج دابة الأرض فقد روي إن أبا الطفيل قال : قلت يا أمير المؤمنين ، قول الله تعالى :
    (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أن الناس . . . )
    ما الدابة ؟
    قال : يا أبا الطفيل ، الهِ عن هذا (أي اترك وابتعد عن هذا) .
    فقلت : يا أمير المؤمنين ، أخبرني به جعلت فداك .
    قال : هي دابة تأكل الطعام وتمشي في الأسواق وتنكح النساء .
    فقلت : يا أمير المؤمنين ، من هو ؟
    قال : هو زر الأرض الذي إليه تسكن الأرض .
    قلت : يا أمير المؤمنين ، من هو ؟
    قال : صديق هذه الأمة وفاروقها ورئيسها وذو قرنها .
    قلت : يا أمير المؤمنين ، من هو ؟
    قال : الذي قال الله عز وجل : (ويتلوه شاهد منه) ، والذي (عنده علم الكتاب) ، (والذي جاء بالصدق) ، والذي(صدق به) أنا . والناس كلهم كافرون غيري وغيره )[12] .
    فهو غير علي بن أبي طالب لمقولته (ع) (غيري وغيره) والتي تفيد المغايرة قطعاً ، كما إن الرواية تقول إن دابة الأرض هي زر الأرض . فهي من الأركان الأساسية لثبات الكرة الأرضية ، لان الزر يعني الأوتاد والثبات وهذا لا يتحقق إلا بحجة من حجج الله على خلقه واصل الزر هو ( زر القلب ) [13]، أو قل حسب التعبير الوارد في حديث رسول الله (ص) : ( أي ثباتها وقوامها ) وهذه الصفة مخصوصة بالأئمة (ع) فبهم تثبت الأرض ، ولو خلت منهم لساخت بأهلها كما ورد في التعبير الشريف لهم (ع) وسنذكر أحاديثهم (ع) وما المقصود بزر الأرض في الفصول القادمة من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى ومن تلك الحديث الوارد عن الإمام الباقر عن رسول الله (ص) قال فيه : ( أني وأثنى عشر من ولدي وأنت يا علي زر الأرض يعني أوتادها وجبالها ... )[14]

    ومنها ما خص به رسول الله (ص) علي (ع) بقوله :

    (الحمد لله الذي أنجزني وعده في أخي وصفيي وخالصتي من خلق الله والله ما قمت قدام ربي قط إلا بشرني بهذا الذي رأيت ، وإن محمدا لفي الوسيلة على منبر من نور يقول : الحمد لله الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ، والله يا علي إن شيعتك ليؤذن لهم عليكم في الدخول في كل جمعة ، وإنهم لينظرون إليكم من منازلهم يوم الجمعة كما ينظر أهل الدنيا إلى النجم في السماء ، وإنكم لفي أعلى عليين في غرفة ليس فوقها درجة أحد من خلقه ، والله ما يلقيها أحد غيركم ثم قال : يا أمير المؤمنين والله لأنك زر الأرض الذي تسكن إليه)[15].

    ومنها ما خص به رسول الله (ص) الحسن والحسين (ع) والأئمة من ذرية الحسين (ع) بقوله :
    (وليس عند الله أحد أفضل مني ، وأخي ووزيري وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي علي بن أبي طالب ، ألا أنه خليلي ووزيري وصفيي وخليفتي من بعدي ، وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي ، فإذا هلك فابني الحسن من بعده ، فإذا هلك فابني الحسين من بعده ، ثم الأئمة من عقب الحسين الهداة المهتدون ، هم مع الحق والحق معهم ، لا يفارقونه ولا يفارقهم إلى يوم القيامة ، وهم زر الأرض الذين تسكن إليهم الأرض)[16]
    وغير ذلك الكثير من الأحاديث الشريفة مما سيتضح في مستقبل البحث إن شاء الله تعالى .













    الفصل الثاني


    قراءة جديدة


    في


    وصية رسول الله (ص)



    بعد أن طالعنا فيما سبق إن الله ابتلى العباد بالوصي وجعل اختباره هو الحد الفيصل بين الحق والباطل . وامتحانا أساسياً للأمة ، يكون فيها الامتحان نطالع الآن حديثاً لطالما كررناه بخصوص قوله تعالى :
    (الْيَوْمَ أَكمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) المائدة : 3
    وأقول :
    نزلت هذه الآية القرآنية بعد غدير (خم) تقول إن الرسالة ختمت بتبليغ رسول الله (ص) الأمر الذي أمره الله به وكان من الشدة وقوة الألفاظ بدرجة عالية جداً ، قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) (المائدة:67)
    ولو سألنا أنفسنا ما هذا الأمر العظيم الذي انزل الله تعالى هذه الآية ثم بعدها آية كمال الدين ؟ .
    والجواب المعروف بين الشيعة هو أن رسول الله (ص) نصب أمير المؤمنين (ع) في هذه الواقعة .
    والحقيقة إن هذا الجواب يحمل جزء من الحقيقة لا الحقيقة كلها . فمن المعلوم أن رسول الله (ص) بلغ بعلي ابن أبي طالب (ع) من أول يوم بعث فيه ، فحادثة الدار التي عرفها التاريخ بعد نزول قوله تعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (الشعراء:214) قد تم الإبلاغ عن وصي الرسول (ص) ، وخرج رؤساء قريش وهم يسخرون من أبي طالب ، لان النبي أوصى لعلي . قائلين له انه أمرك بان تسمع لابنك وتطيع ، ثم استمر رسول الله (ص) يبلغ الناس أن الخليفة من بعده علي بن أبي طالب (ع) ، بل وبأسماء الأئمة من بعده وأنهم أثنى عشر إمام بل وذكر بعض التفاصيل عنهم (ع) كوصية رسول الله (ص) لجابر بن عبد الله الأنصاري بمقابلته من يبقر العلم بقرا وتسمية الصادق (ع) وما يلاقيه من بني أمية وبني العباس والكثير من اخبارات النبي (ص) حولهم (ع) بل وحتى الوصية التي ألقاها رسول الله (ص) في غدير (خم) فقد صرح بها في أكثر من موضع .
    فما هو الشيء الذي أمر الله تعالى به نبيه (ص) بتبليغه وعصمه من الناس ؟ بل جعل الله تعالى الرسالة الإلهية متعلقة به !!! ، فان لم يبلغ الرسول (ص) هذا الأمر فما أدى الذي عليه من تبليغ الرسالة ؟ !! .
    ولنا هذه الوقفة التحليلية لآية التبليغ وآية إكمال الدين ، حيث نرى فيهما نقاط عدة ، بل نرى إن آية التبليغ كانت ومازالت النقطة الأساسية والقوية التي يحاجج به الشيعة أبناء العامة . فمن الواضح والجلي من خلال آية كمال الدين وتمام النعمة ( أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً ) أن هناك بلاغ خطير جدا متوقف عليه إتمام الدين لم يتم إلى تلك الساعة ، لذا قرنت آية التبليغ بقوله تعالى ( فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) .
    وفي هذه الآية – آية كمال الدين – كان بها تمام رسالة السماء وأتم النبي (ص) التبليغ عن ربه ، وقد نزلت هذه الآية في العام الأخير بل في الأيام الأخيرة من حياة رسول الله (ص) . وكان نزولها بعد آية التبليغ كما سبق ، ولنا أن نسأل هنا عدة أسئلة حول آية التبليغ : -
    1- لماذا قال الله تبارك وتعالى ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ ) .
    2- ما هذا الأمر الذي أمر الله تعالى نبيه بتبليغه ( بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) .
    3- ما هذه اللهجة الشديدة التي لم نألفها في الخطاب القرآني من خاتم النبيين (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ ).
    4- ما هذه العصمة التي تكفلها الله سبحانه لنبيه ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ )
    ونقف على هذه النقاط تباعاً .


    *** *** *** *** ***






    النقطة الأولى :-
    فلو سألنا لماذا قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الرَّسُول ) ؟ . ولم ترد هذه اللفظة إلا في موردين من القرآن الكريم أحدهما هذا المورد ؟ والحقيقة إن إيراد هذه اللفظة فيها تنبيه للبشرية عامة ولمن حضر تلك الواقعة على وجه الخصوص إن هذا الأمر من الله تعالى وما محمد إلا رسول ينفذ أوامره سبحانه وتعالى ، فلم يكن لأحد أن يبت بشيء . بل الأمر من قبل ومن بعد لله الواحد القهار فحتى (من دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ، دنوا واقتراباً من العلي الأعلى) لم يكن له التدخل في هذا الشأن بل القرآن الكريم يشير إلى ما معناه أن يا محمد إنما أنت رسول فابلغ ما أرسلت به فان اعترض معترض فإنما يعترض على الله تعالى ، فليس يحق لفرد أن يعترض على رسول إنما يكون الاعتراض على المرسل – وقل الحال نفسه في رسالة السيد احمد الحسن – فان اعترض عليك يا محمد معترض فقل إنما أنا رسول ، وفعلا فالتاريخ ينقل لنا هذه الحادثة حيث اعترض أحدهم على تنصيب أمير المؤمنين (ع) فقال الرسول الأمر من الله وليس مني فقال اللهم إن كان هذا الأمر من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فانزل الله عليه ما سأله ثم نزل قوله تعالى (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ) (المعارج:1) .
    فان كنتم صادقين يا من تكذبون برسالة السيد احمد الحسن فاسألوا الله بمرأى ومسمع من الناس أن ينـزل الله عليكم حجارة من الله أو عذاب من رجز اليم ، وانتظروا نـزول العذاب وقتئذ . (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً) (الكهف:29)
    هذه الرسالة الإلهية كما هي في علي بن أبي طالب (ع) هي في الحسن المظلوم وفي الحسين الشهيد وفي الأئمة الأطهار وفي المهديين الأبرار (عليهم سلام الله أجمعين) وسبحان الله كما اعترضوا على الوصي الأول اعترضوا على الحسن المجتبى بل وباعه أصحابه لمعاوية بن هند (لع) وسلبوا البساط الذي تحته وطعنوه بالخنجر واعترضوا على الحسين (ع) وقتلوه مع خيرة أصحابه واعترضوا على السجاد حتى أهانوه وارتدوا عنه فلم يبق من المسلمين يومها إلا ابن أم أبي الطويل حسب ما يقول الإمام (ع) في الحديث ، واعترضوا على الباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري واعترضوا مرات ومرات على الإمام المهدي روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفدى والوقى . فالمسألة قديمة جدا يثبتها القرآن الكريم ( مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) ، فلا عجب أن تراهم يجمعون اليوم على رد وصي الإمام المهدي ورسوله إلى الناس كافة مع كل ما جاء به لهدايتهم ولتعريفهم الطريق إلى الله تعالى . فهل من متفكر في هذه السنة الإلهية في أولياء الله تعالى ، هل من متفكر في رسول الإمام المهدي (ع)


    *** *** *** *** ***







    النقطة الثانية :-
    والحق إن هذه النقطة التي أمر الله تعالى نبيه بتبليغها بقوله : (بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) . هي من البديهيات عند أتباع مدرسة أهل البيت (ع) . فهي من الآيات التي تمم الله بها دينه والتي تم من خلالها التبليغ من الله لمن يتولى الأمور بعد مضي رسول الله (ص) ، فالمسألة غير مرتبطة بشخص معين من قبل الناس أو من قبل رسول الله (ص) أو من قبل أمير المؤمنين (ع) لأنها إرادة الله سبحانه وتعالى لذا يا محمد بلغ ما انزل إليك من ربك ، وليقل كل قائل مقالة فان الصبح لات وان ربك لسميع بصير ، فنعم الحكم الله والموعد القيامة ، إلا أن هناك من سفهاء الرأي من يقول اللهم أمطر علينا حجارة من السماء أو أتنا بعذاب اليم – كالحارث بن النعماني الفهري ، وما أكثرهم في هذا الزمان ، فبدلا من أن يقول اللهم أهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك انك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم يقول اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاتنا بعذاب اليم فاستغفر الله لي ولجميع أخوتي الأنصار والله المسدد للصواب بكرمه ومَّنه .


    *** *** *** *** ***


    النقطة الثالثة :-
    إن الخطاب القرآني للنبي الأعظم (ص) على أشكال متنوعة ، وأهداف متعددة ، فمنها ما قصد به النبي (ص) ومنها ما خوطب به النبي (ص) وقصد به غيره من باب إياك اعني واسمعي يا جارة وهذا ما ورد عن الإمام الصادق (ع) حيث قال (إن الله بعث نبيه بـ(إياك أعني واسمعي يا جارة) [17] ، وهذه الشدة هنا لم يقصد بها الله جل جلاله النبي (ص) ، فالنبي (ص) اجل وأكرم من أن يمتنع عن تنفيذ أمر الله جل جلاله ، فالآية هنا أرادت أن تبين عظم منـزلة الإمامة في الإسلام (والله العالم والحاكم) لتقول إن الإسلام أو قل رسالات الله متوقفة على هذا الأمر – أمر الإمامة – والذي ينكر هذا الأمر أو يحاول إخفائه فلا يعتبر نفسه مطيعا لله ، بل عاص له سبحانه ، ولأوامره جل جلاله . فالمتحصل هنا إن شدة اللهجة هو لبيان هذه المنـزلة العظيمة التي لا يكون تسليم ولا تبليغ ولا رسالات سماوية بدونها . لذا جاءت العبارة القرآنية ( فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) أي أن الرسالة مقرونة بهذا الأمر ، هذا بالإضافة إلى الانتباه إلى النقطة الأولى كما سبق وأشرنا . وسوف يتبين لنا من هو المعني بهذا الأمر في الكلام القادم إن شاء الله تعالى


    *** *** *** *** ***


    النقطة الرابعة :-
    رسم لنا القرآن وال البيت قاعدة عامة - لمن أراد أن يتبع الثقلين - ألا وهي :- (من كان مع الله كان الله معه) ، فيكون الله معه في كل شيء . وجاء في الحديث الشريف ما معناه ( واعلم لو أن الجن والإنس اجتمعوا على أن ينفعوك بأمر لم يكتبه الله لك لم ينفعوك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يضروك ) لذا فان من اعتصم بالله عصمه الله ولا غالب له وان اجتمع الإنس والجن عليه . فهذا إبراهيم خليل الله الذي كان امة قانتة لله وقف لوحده قِبال قومه وحاربهم في سبيل ربه وإعلاء كلمة التوحيد ، فانظر لاجتماع قومه عليه وقرارهم حرق إبراهيم ( قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ ) (الصافات:97) . هل تركه الله انظر لما قال تعالى بعد هذه الآية الكريمة : (فَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ) (الصافات:98) لا بل جعل النار بردا وسلاما . وهذا نبي الله نوح وسفينته المعمورة ، بل وجميع الأنبياء والمرسلين فكل له قصة بل قصص في هذا المجال ، والعاصم والمنجي هو الله ، لذا يا محمد بلغ ما انزل إليك من ربك والله يعصمك من الناس .

    *** *** *** *** ***

    وهنا نواجه سؤال :
    وهو :- إنَّا عرفنا من هذه النقاط الأربعة إن الأمر من الله تعالى ، وليس للرسول (ص) أي دخل فيه ، فهو أمر إلهي فيه كمال الدين وتمام النعمة ، ولا يمكن أن يكتمل الدين من دونه ، وهو واقع ضمن تخطيط إلهي يكون هذا التخطيط عاصم للرسول (ص) .
    لكن يبقى السؤال : ما هو وجه الربط بين الحديث عن المهديين وهذه الآية المباركة والتي هي من الآيات المخصوصة بعلي بن أبي طالب (ع) ؟؟؟ .
    وللجواب عن هذا السؤال نسأل هذا السؤال يكون فيه الجواب الأول :-
    هل إن هذه الآية (آية التبليغ) مخصوصة بعلي كما في معرض السؤال أم لا ؟ . وهل بلغ رسول الله (ص) في غدير (خم) بشيء جديد في علي أم لا ؟ . إن قال قائل بأنها مخصوصة بعلي بن أبي طالب (ع) أمير المؤمنين وسيد الموحدين ، اتهمنا القرآن بالعبثية ، واستغفر الله من ذلك ، فان من قال بان آية التبليغ نزلت في خصوص علي (ع) ، وحينما أتم الرسول (ص) التبليغ بالنص على ((ولاية علي)) (ص) انزل الله تعالى قوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً)(المائدة: 3) .


    فهل فكر هذا القائل بحقيقة كلامه ؟ ! .
    وهل طالع أحاديث وسيرة رسول الله (ص) حول هذه الحادثة ؟ !. ليخرج بهذه النتيجة ؟ !.
    سبحان الله كيف يمكن أن يقول إنسان هذا الكلام ورسول الله (ص) قد أعلن بيعة علي (ص) على الملأ وتصريحه منذ اليوم الأول لرسالته عند نزول قوله تعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (الشعراء:214) .
    حيث جمع رؤساء قريش ووقع ما وقع في حادثة الدار ومن الروايات المتكاثرة فيها اخترنا تفسير الفيض الكاشاني قال :-
    ( نزلت بمكة فجمع رسول الله (ص) بني هاشم وهم أربعون رجلا كل واحد منهم يأكل الجذع ويشرب القربة فاتخذ لهم طعاما يسيرا بحسب ما أمكن فأكلوا حتى شبعوا فقال رسول الله (ص) من يكون وصيي ووزيري وخليفتي فقال أبو لهب جزما سحركم محمد (ص) فتفرقوا فلما كان اليوم الثاني أمر رسول الله (ص) ففعل بهم مثل ذلك ثم سقاهم اللبن حتى رووا فقال رسول الله (ص) أيكم يكون وصيي ووزيري وخليفتي فقال أبو لهب جزما سحركم محمد فتفرقوا فلما كان اليوم الثالث أمر رسول الله (ص) ففعل بهم مثل ذلك ثم سقاهم اللبن فقال لهم رسول الله (ص) أيكم يكون وصيي ووزيري وينجز عداتي ويقضي ديني فقام علي وكان أصغرهم سنا واخمشهم ساقا واقلهم مالا . فقال أنا يا رسول الله فقال رسول الله (ص) أنت هو )[18] . بل إن تكملة الحديث في هذا التفسير وغيره يقول
    ( فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد أمَّــره عليك ) .
    وأورد هذا الحديث علماء الشيعة والسنة على السواء ، وهم متفقون فيه وإن ماطل بعضهم[19] .
    إذن فقد بلغ رسول الله (ص) بولاية علي (ع) منذ اليوم الأول لبدأ رسالته ، أي قبل ثلاث وعشرين سنة من نزول آية التبليغ ، فكيف يحتمل عاقل أن الله تعالى أمر بعد هذه الفترة الطويلة بان الدين متوقف على التبليغ بان الإمامة في علي أو أن علي (ص) هو الوصي وهو أمر بلَّغهُ رسول الله (ص) منذ ثلاث وعشرين عاما ، ويهدد بأنه ما بلغ رسالة الله عز وجل إذا لم يبلغ ، بل ويترتب على ذلك أمر إكمال الدين . فهل تصدق قارئي العزيز هذا الكلام . ثم إن رسول الله (ص) ما فتئ يذكر أن علي هو الخليفة من بعده ، وكثيراً ما يقول انه مني بمنزلة هارون من موسى ، والأحاديث في هذا الشأن كثيرة جداً ، وغير مقتصرة على حديث أو حديثين ، بل حتى لو أتينا إلى الخطبة التي ألقاها الرسول (ص) في غدير (خم) لوجدنا أن الرسول (ص) لم يأت بشيء جديد يخص علي (ع) فقوله ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ) . قد كررها رسول الله (ص) في موطنين أو ثلاث ، فكيف يمكن أن يترتب عليها إنذار عظيم بقوله (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَه) فالتبليغ لم يكن يخص علي (ع) فقط . فهل نقول إن هذا الأمر يخص علي والأئمة (ع) فقط . ويمنع عن ذلك الاعتراض السابق ، حيث نجد أمر الأئمة في خطابات الرسول (ص) متكرر ، بل قد نجد أحاديث ذكر فيها رسول الله (ص) الأئمة بالأسماء ، هذا أولا . وثانيا لا نجد ذكرا للأئمة في خطاب النبي (ص) يوم غدير (خم) فكيف يمكن الجزم بهذا الأمر ، ولم تقم عليه قرينة ، فان سألت ما هو المخرج من ذلك .
    أقول : إن المخرج في تتبع حديث رسول الله (ص) في غدير (خم) لاستكشاف ما هو الجديد فيه ، ثم إن هناك حل اقرب من هذا وهو (وصية رسول الله - ص- ) التي أوصى بها قبل استشهاده ، والتي قال فيها (أتوني دواة وصحفيه اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي أبدا ما إن تمسكتم به … ) .
    فاعترض الملعون الثاني ، وقال حسبنا كتاب الله ، أما اليوم فتعاد الكرة مع الإمام المهدي (ع) كما وقعت مع جده المصطفى (ص) ونعيد قول رسول الله (ص) ( لن تضلوا بعدي أبدا ما إن تمسكتم به )
    أمامك فاختر أي نهجيك تنهجُ
    طريقان شتى مستقيم وأعوجُ
    فأما أن يتبع الإنسان منهاج علي (ع) – كالمقداد وسلمان وأبي ذر … - وأما أن يتبع سبيل الأول والثاني والثالث والرابع (معاوية ومن لف لفه) – لع – فالوصية قال فيها رسول الله (ص) يا علي سيكون من بعدي أثنى عشر إماما ومن بعدهم أثنى عشر مهديا ) والحديث واضح ولا يحتاج إلى تعليق فلينظر الإنسان من يمثل الثاني (لع) ، ولنعد إلى حادثة الغدير للنظر ما كان فيها من جديد ، فان المتأمل يجد فيها أن هناك تكملة مهمة بعد أن يتم الرسول (ص) كلامه ، والتكملة في كلام سلمان المحمدي حيث يقول :
    (يا رسول الله (ص) هل هي في علي خاصة فقال له الرسول (ص) لا هي في علي وأوصيائي إلى يوم القيامة) .
    فلا يقتنع الأول والثاني – لع – فيعودوا فيشددوا على هذه الكلمة ، ويسألا الرسول (ص) على مرأى ومسمع ممن حضر غدير (خم) يا رسول الله أهي في علي خاصة ، ويعيد عليهم رسول الله (ص) القول .
    ولرب قائل يقول إن الكلام هذا مما يقبله العقل . لكن الكلام السابق يوصي بان الدليل يأتي من آل البيت (ع) لا من عقل أو ما شاكل ذلك ؟ .
    الجواب : إنا لم نبرهن على هذا بالعقل بل تطرقنا إلى التناقض الذي يلزم من القول إن الآية القرآنية نزلت في علي بن أبي طالب (ع) خاصة بينما التاريخ وحديث رسول الله (ص) ينفي هذا القول ، أما البرهان من خلال آل البيت (ع) ففيما يلي
    1- من الروايات الواردة في حق يوم الغدير .
    2- من الروايات الواردة بحق وصية رسول الله (ص) .
    3- من القطع المتحصل من الأحاديث الواردة بحق علي قبل يوم الغدير .
    4- القطع من السيرة التاريخية والمتحصل منها

    ***



    1- الآية القرآنية السابقة والتي تؤكد على ضرورة تبليغ النبي (ص) بأمر في غاية الأهمية ولم يبينه رسول الله (ص) من قبل بحيث اعتبر القرآن الكريم عدم التبليغ عدم تبليغ رسالة الله
    (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) فلما بلغ رسول الله (ص) نزلت آية كمال الدين وتمام النعمة قال تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً) (المائدة: 3).
    ثم يطالعنا القول الفصل منهم (ع) في الحديث الوارد عن الإمام الباقر (ع) والذي يورده صاحب كتاب منتخب الأثر والذي يقول فيه :-
    (ثم نادى بالصلاة جامعة ، فصلى بهم الظهر ، ثم قال : (أيها الناس ، إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأولى بهم من أنفسهم . ألا من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) . فقام إليه سلمان الفارسي فقال : يا رسول الله ، ولاؤه كما ذا ؟ فقال : (ولاؤه كولايتي ، من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه) ، وأنزل الله تبارك وتعالى : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) . فقال سلمان الفارسي : يا رسول الله ، أنزلت هذه الآيات في علي خاصة ؟ فقال رسول الله (ص) : بل فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة )[20] .
    ثم إن أبا بكر وعمر لعنهما الله تعالى قالا لرسول الله (ص) عند نزول هذه الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً ) (المائدة:3) هل هي في علي خاصة . فقال (ص) : لا ، بل هي في علي والأئمة من بعده إلى يوم القيامة .
    فعلي هو عنوان الولاية الإلهية على الكرة الأرضية من بعد الرسول الأعظم (ص) وهو النور الذي يستقي منه بقية الخلق ، وعن طريقه يعرف الله ، وكل ما عداه يدخل الإنسان في تيه ، ولهذا السبب لقب علي بن أبي طالب بـ(آية الله العظمى) ولا يمكن أن تطلق على أحد غيره وان كانوا الأئمة الأطهار بل ولا الصديقة الطاهرة بضعة المصطفى محمد (ص) فهي وهم (ع) (آية الله)[21] . ومن المعلوم انه ثبت عن طريق حديث رسول الله (ص) وأحاديث الأئمة (ع) أن الحجج على الخلق بعد رسول الله (ص) أربعة وعشرين حجة ، أولهم علي بن أبي طالب (ع) يتبعه أحد عشر إماماً ، ثم من بعدهم اثني عشر مهدياً ، والحديث في هذا الشأن متواتر لا يقبل اللبس والاشتباه كما سنتناولها في البحوث القادمة ) وعلى هذا يتبين المراد من هذه اللهجة الشديدة في الآية القرآنية الكريمة ( وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) أي ا ن رسول الله (ص) بلغ في غدير (خم) عن أوصيائه إلى يوم القيامة . وعلى هذا فان هذه العبارة تقلب الأمور ، فهي تختلف قطعا عن سابقتها أي البلاغ بوصية علي بن أبي طالب (ع) وحتى ولاته من بعده ، فالجديد في المسالة هم المهديون وهم تمام منازل القمر ، وفيها يكون اكتمال حلقته فبعد الإمام المهدي سيأتي المهديون الاثنى عشر كخلفاء لله في أرضه فالآية تقطع بأنها كما تشمل الأئمة (ع) تشمل المهديين (ع) ومن هذه الأحاديث ما ورد عن أبي بصير قال : قلت للصادق جعفر بن محمد (ع) يا ابن رسول الله إني سمعت من أبيك (ع) أنه قال :
    (( يكون بعد القائم اثنا عشر إماماً . فقال : إنما قال : اثنا عشر مهديا ، ولم يقل : اثنا عشر إماما . ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا )[22] .
    وورد عن أبى حمزة عن أبى عبد الله (ع) . في حديث طويل انه قال
    ( يا أبا حمزة ، إن منا بعد القائم أحد عشر مهديا ، من ولد الحسين -ع- )[23].
    والأحاديث في هذا الشأن كثيرة بلغت حد التواتر كما سيتضح الأمر أكثر في فصل آخر من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى .
    2- الوصية التي وصى بها رسول الله (ص) في الليلة التي كانت فيها وفاته . فقد أوصى رسول الله (ص) في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (ع) :-
    (( يا أبا الحسن احضر صحيفة ودواة فأملى رسول الله (ص) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال يا علي انه سيكون بعدي أثنى عشر إماما ومن بعدهم أثنى عشر مهديا فأنت يا علي أول الأثنى عشر الإمام سماك الله في سمائه عليا المرتضى وأمير المؤمنين والصديق الأكبر والفاروق الأعظم والمأمون والمهدي فلا تصلح هذه الأسماء لأحد غيرك يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيهم وميتهم وعلى نسائي فمن ثبتها لقيتني غدا ومن طلقتها فأنا برئ منها لم ترني ولم أرها في عرصات القيامة وأنت خليفتي على أمتي من بعدي فإذا حضرتك الوفاة فسلمها إلى ابني الحسن البر الوصول فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد المقتول فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى ابنه محمد الباقر فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى أبنه جعفر الصادق فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى أبنه موسى الكاظم فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى أبنه علي الرضى فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى أبنه محمد الثقة التقي فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى أبنه علي الناصح فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى أبنه الحسن الفاضل فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى أبنه محمد المستحفظ من آل محمد (ص) وعليهم فذلك أثنى عشر إماما ثم يكون من بعده أثنى عشر مهديا فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى أبنه أول المهديين له ثلاثة أسامي اسم كاسمي واسم أبى وهو عبد الله وأحمد والاسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين ))[24] .
    ولو تسائلنا ما هي هذه الوصية التي هي من الأهمية حتى يقول فيها رسول الله (ص) لن تضلوا بعدي أبدا وما هو هذا الشيء الذي يسلمه أمير المؤمنين (ع) للإمام الحسن (ع) وهو بدوره إلى الإمام الحسين إلى الإمام المهدي الذي هو بدوره يسلمها إلى ابنه أول المهديين (ع) ، ولا أظنك تحتار يا قارئي في هذه المسألة ، فهي قطعاً (خاتم الإمامة) المنـزل من الله تعالى . والذي ورد فيه الحديث بان كل كتاب من الله يأتي مفتوح إلا أمر الإمامة فانه يأتي مغلق وكل إمام يفضه ويعمل بالذي فيه . فالذي كان مسدد به أمير المؤمنين (ع) – أي روح القدس الأعظم - هو الذي يسدد المهديين (ع) واليك عزيزي القارئ ما يزيل اللبس من حديثهم (ع) حيث ورد عن ابن عباس ، قال : نزل جبرائيل (ع) بصحيفة من عند الله على رسول الله (ص) فيها اثنا عشر خاتما من ذهب .
    فقال له : إن الله تعالى يقرأ عليك السلام ، ويأمرك أن تدفع هذه الصحيفة إلى النجيب من أهلك بعدك يفك منها أول خاتم ويعمل بما فيها ، فإذا مضى دفعها إلى وصيه بعده ، وكذلك الأول يدفعها إلى الآخر واحدا بعد واحد ، ففعل النبي (ص) ما أمر به ، ففك علي بن أبي طالب (ع) أولها وعمل بما فيها ، ثم دفعها إلى الحسن (ع) ففك خاتمه وعمل بما فيها ، ودفعها بعده إلى الحسين (ع) ثم دفعها الحسين إلى علي بن الحسين (ع) ، ثم واحدا بعد واحد ، حتى ينتهي إلى آخرهم (ع) ) [25] .



    الفصل الثالث


    المهديـون


    في حديث أهل البيت (ع)[26]

    بعد أن اتضحت لنا الصورة من الفصل الأول والثاني ننتقل الآن إلى نقطة أساسية في الاعتقاد الإمامي ، ألا وهي قضية المهديين التي اتضحت فيما سبق من وصية رسول الله (ص) ، ونختار من ذلك بعض الأحاديث الدالة على إن الذي يخلف الإمام المهدي (ع) هم المهديين من صلبه ، وهم نور الله في أرضه ، وبهم تشرق الأرض بعد استشهاد سيدهم الإمام المهدي (ع) . وهو مصداق قوله تعالى : (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (آل عمران:34) وقد تبين هذا الأمر فيما سبق من إصدارات السيد احمد الحسن (ع) في كتاب ( أسرار الإمام المهدي (المتشابهات)[27] ، وقبل البدء بطرح الأحاديث أحب أن انوه إلى تقسيم الأصوليين للحديث .
    فقد قسم أصحاب المدرسة الأصولية الحديث الشريف ([28]) إلى :-
    1- حديث الآحاد وهو الحديث الذي لا يبنى عليه معتقد ، بل يعتمد عليه في الأمور الفقهية فقط ، وهو مطروح في القضايا العقائدية ، كتوقيع السمري مثلا ، فهو خبر آحاد .
    2- المشهور : و هو الحديث الذي جاء بثلاث أسانيد فما فوق ، أو قل (هو ما رواه جماعة عن المعصوم ما يفوقون على الثلاثة مع عدم بلوغهم حد التواتر)[29] ، أما من حيث الحجية فيؤخذ به حتى في تخصيص القرآن الكريم ، (والأغلب على حجيته حتى أنهم يخصصون عموم القرآن به ، ويقيدون عموم القرآن به ،وذلك لحصول الوثوق بصدور السنة به ، والاطمئنان بذلك )[30] ، أما من حيث معرفة كونه مشهورا فتتم من حيث معرفة عدد ورود الروايات في الموضوع المحدد لذا عقب (ويكفي في معرفة كون الخبر مشهورا بمراجعة كتب الفقه وكتب الروايات )[31]
    3- الحديث المتواتر : وهو ما كثر رواته إلى مرتبة القطع بعدم تواطأ رواته على الكذب والخطأ .
    وأحاديث المهديين من الصنف الثالث قطعا ، لما ستعاينه عزيزي القارئ من كثير حديث أهل البيت (ع) فيهم (ع) ، ومن الأحاديث التي تذكر المهديين بعد الوصي الخاتم (الإمام المهدي محمد بن العسكري-ع-) لِأمر الإمامة ، وهو (ع) المغلق لباب الإمامة حسب وصية رسول الله (ص) ، والمستقبل من بعده أمر جديد وهو أمر الهداية نختار منها ما يلي :-
    1- وصية رسول الله (ص) – المتقدمة أنفاً ([32]) 0– الدالة دلالة قطعية على وجود ذرية للإمام المهدي (ع) هم الذين يتولون الإمامة من بعده وأول هؤلاء المهديين وهو أول المؤمنين بقضية الإمام المهدي كما في نص الوصية (وهو أول المؤمنين) ، وستتضح في الأسطر القادمة ما التسمية الحقيقية لهذه الشخصية ، ولماذا ذكر رسول الله (ص) لهذه الشخصية ثلاثة أسامي دون باقي الأئمة (ع) - . وقد تبين لنا أهمية الوصية وقول رسول الله (ص) فيها [33] .
    2- جاء في الحديث الوارد عنهم (ع) حيث ورد عن الحضرمي ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) قالا في ذكر الكوفة :
    ( فيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبيا إلا وقد صلى فيه ، ومنها يظهر عدل الله ، وفيها يكون قائمه والقوام من بعده ، وهي منازل النبيين والأوصياء والصالحين )[34] .
    فانتبه عزيزي القارئ إلى عبارة الإمام (قائمه والقوام من بعده) وتمعن فيها أتحتاج إلى توضيح أكثر من هذا وماذا عساهم (ع) يقولون ليوضحوا الأمر .
    3- ما أخرجه أبو الحسين بن المنادي في كتاب الملاحم عن سالم بن أبي الجعد (انه) قال :- يكون (ملك المهدي إحدى وعشرين سنة ، ثم يكون آخر من بعده وهو دونه وهو صالح ، أربعة عشر سنة ، ثم يكون آخر من بعده وهو دونه وهو صالح تسع سنين )[35] .
    والدلالة هنا على الرجعة منتفية لوجود الأفضلية على المهديين كما نص الحديث .
    4- الحديث الوارد عن حبة العرني قال : خرج أمير المؤمنين (ع) إلى الحيرة فقال
    (ليتصلن هذه بهذه - وأومأ بيده إلى الكوفة والحيرة - حتى يباع الذراع فيما بينهما بدنانير وليبنين بالحيرة مسجدا له خمسمائة باب يصلي فيه خليفة القائم (ع) لان مسجد الكوفة ليضيق عليهم ، وليصلين فيه اثنا عشر إماما عدلا قلت : يا أمير المؤمنين ويسع مسجد الكوفة هذا الذي تصف الناس يومئذ ؟ قال : تبنى له أربع مساجد مسجد الكوفة أصغرها ، وهذا ومسجدان في طرفي الكوفة من هذا الجانب وهذا الجانب وأومأ بيده نحو نهر البصريين والغريين) [36]
    وهي كما ترى في خليفة المهدي خاصة والمهديين بصورة عامة .


    5- الحديث الوارد عن أبي بصير قال : قلت للصادق جعفر بن محمد (ع) يا ابن رسول الله إني سمعت من أبيك (ع) أنه قال :
    (يكون بعد القائم اثنا عشر إماما فقال الصادق (ع) : قد قال : اثنا عشر مهديا ، ولم يقل : اثني عشر إماما ، ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا)[37] .
    وقد ورد هذا الحديث بطرق عدة .
    6- يتضح من هذا الحديث أن الدور الأساسي للمهديين هو كشف بعض حقيقة الأئمة (ع) وهو ما ستتضح – أي الحقيقة – من خلال المهدي الأول ، وذلك بإقامة دولة العدل الإلهي وبهذا التعجيل والتمكين ينكشف للناس حقيقة من آل محمد (ع)[38] . فهو (ع) على هذا - أي المهدي الأول – لابد له أن يكشف الأسرار القرآنية التي وردت في الأئمة (ع) وفي آل البيت عامة (ع) حتى ورد في الروايات تسميته بالمحاجج بالقرآن فهذا الذي يدعو الناس إلى موالاة آل البيت (ع) (ومعرفة حقهم وأمرهم) هو ذلك الشخص الذي يحاجج بالقرآن (ليثبت حقهم وأمرهم) فانتبه لهذا واستغفر ربك انه كان غفارا لكنه قبال الغفار شديد العقاب ، وحديث العارف بالقرآن المثبت لحقهم وارد عن الإمام الصادق (ع) حيث يقول فيه :
    ( فرجل عارف يلهمه الله معرفة كتابه فلا يلق أحداً من المخالفين إلا حاجة فيثبت أمرنا من كتاب الله )[39] .
    فهو يثبت حقهم من كتاب الله ، لا من اللغو والجدل الفارغ والسفسطة والأصول ، ففي كتاب الله خبر ما كان قبلكم ونبأ ما يأتي بعدكم وحكم ما بينكم ، كما اخبر رسول الله (ص) والحمد لله وحده . وهذا الحديث هو الذي عناه الأئمة (ع) بتوجيههم إلى المهدي الأول بقولهم

    ( فاسألوه عن عظائم الأمور التي يجيب فيها من كان بمنـزلته )

    أو الحديث الأخر الوارد عنهم (ع) بقولهم :

    (ما سئل عن شيء بين صدفيها إلا أجاب)

    7- الحديث الوارد عن علي بن عبد الحميد عن الإمام الصادق (ع) :
    (أن منا بعد القائم (ع) اثنا عشر مهديا من ولد الحسين ع) [40] .
    وهي في غير الرجعة قطعاً لان الأئمة من ولد الحسين (ع) ثمانية إذا استثنينا الإمام القائم (ع) الذي يدور عليه الحديث بل ويكونوا تسعة (ع) معه والحديث يقول اثنى عشر مهدياً أو احد عشر لا ثمانية ولا تسعة .
    8- الحديث الصحيح الوارد عنهم (ع) كما في رواية أبي حمزة ، عن أبي عبد الله (ع) في حديث طويل أنه قال :
    ( يا أبا حمزة ، إن منا بعد القائم : أحد عشر مهديا ، من ولد الحسين (ع) )[41].

    تنوير :-
    ولرب قائل أن هناك تعارض بين الحديث السابق وهذا الحديث لذا فأنهما يتساقطان .
    وأقول :
    إن القول بالتساقط من الأمور التي شرعت من العقل وهي من الأمور المبتدعة هذا أولا ، أما ثانيا فلا وجود للتعارض بين الروايتين إطلاقا أما عن العدد فان الرواية الأولى فالقائم فيها هو الإمام المهدي (ع) أما في الرواية الثانية فالقائم فيها هو المهدي الأول وفي هذا الصدد يقول السيد احمد الحسن (ع) في كتاب أسرار الإمام المهدي (المــتـشـابـهـات) :
    ( وعن الصادق (ع) قال : ( إن منا بعد القائم أحد عشر مهدياً من ولد الحسين (ع)[42] . وهذا القائم في هذه الرواية ليس الإمام المهدي محمد أبن الحسن (ع) بل هو وزيره ووصيه وأول المهديين من بعده ، لأن بعد الإمام المهدي محمد أبن الحسن (ع) أثنا عشر مهدياً من ولده متسلسلين ذرية بعضها من بعض وبعد أول هؤلاء ألأثنا عشر مهدياً أحد عشر مهدياً من ولده متسلسلين ذرية بعضها من بعض . والحمد لله وحده أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً ولعنة الله على إبليس وجنده من الأنس والجن ولعنة الله على أعداء آل محمد من الأولين الآخرين ، ولعنة الله على أعداء الإمام المهدي (ع) ، ولعنة الله على أعداء ولد الإمام المهدي (ع) ، ولعنة الله على أعداء أنصار الإمام المهدي (ع) ...)[43] .
    9- نقل السيد ابن طاووس (رحمه الله) وغيره زيارة للإمام المهدي (ع) كان في إحدى فقراتها هذا الدعاء بعد صلاة تلك الزيارة :
    (اللهم أعطه في نفسه وذريته وشيعته ورعيته وخاصته وعامته ، و عدوه و جميع أهل الدنيا ما تقر به عينه ، وتسر به نفسه …)[44]
    والمعلوم أن الإمامة تأتي متسلسلة ، ومن ذرية واحد . وهذا ما أكدته الروايات والقرآن الكريم :-

    (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)



    10- قال الشيخ الكفعمي في مصباحه روى يونس أبن عبد الرحمن عن الرضا {ع} أنه كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر {ع} بهذا الدعاء :- (اللهم ادفع عن وليك … وفي أخر الدعاء … اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده … ) [45]
    11- والدعاء الوارد عنهم (ع) في حق الإمام المهدي المنتظر (ع) والذي يقولون فيه : ( اللهم وصل على ولاة عهوده ، وبلغهم آمالهم وزد في آجالهم وانصرهم ، وتمم لهم ما أسندت إليهم من أمر دينك ، واجعلنا لهم أعوانا وعلى دينك أنصارا ، وصل على آبائه الطاهرين ، الأئمة الراشدين . اللهم فإنهم معادن كلماتك ، وخزان علمك ، وولاة أمرك وخالصتك من عبادك ، وخيرتك من خلقك ، وأوليائك ، وسلائل أوليائك ، وصفوتك وأولاد أصفيائك ، صلواتك ورحمتك وبركاتك عليهم أجمعين )[46] .
    وهذا الحديث صريح كل الصراحة في الفصل بين الأئمة الأطهار والمهديين الأبرار عليهم جميعا سلام الله التام .
    12- قصة الجزيرة الخضراء بعد أن ضبط الشيخ ناظم العقيلي (حفظه الله) مصادرها ووثاقتها في كتابه الموسوم ( الرد الحاسم على منكري ذرية القائم ) فراجع .
    13- وعن علي بن الحسين (ع) أنه قال : ( يقوم القائم منا ثم يكون بعده اثنا عشر مهديا ( يعني - من الأئمة - من ذريته ) )[47] .
    والحديث واضح وصريح ولا يحتاج إلى أي تعسف في الفهم أو إضلال للناس ولا حرفهم عن جادة الصواب ( إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ ) (الغاشية:23-24)
    14- في الدعاء الوارد عن الشيخ الطوسي في قصة المرأة التي كانت في منـزل الإمام المهدي (ع) حيث ورد فيه :
    ( ... اللهم صل على محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن الرضا والحسين المصفى وجميع الأوصياء ، مصابيح الدجى وأعلام الهدى ومنار التقى والعروة الوثقى والحبل المتين والصراط المستقيم ، وصل على وليك وولاة عهده والأئمة من ولده ، ومد في أعمارهم وزد في آجالهم وبلغهم أقصى آمالهم دنيا وديناً وآخرة انك على كل شيء قدير )[48] .
    15- ما ورد في هذا الشأن – بشأن أول المهديين (ع) حيث أورد الصدوق عن أبي عبد الله الصادق (ع) انه قال :
    ( يا أبا محمد كأني أرى نزول القائم (ع) في مسجد السهلة بأهله وعياله ، قلت : يكون منزله ؟ قال : نعم ، هو منزل إدريس (ع) ، وما بعث الله نبيا إلا وقد صلى فيه ، والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله (ص) ، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلا وقلبه يحن إليه ، وما من يوم ولا ليلة إلا والملائكة يأوون إلى هذا المسجد ، يعبدون الله فيه . يا أبا محمد ، أما إني لو كنت بالقرب منكم ما صليت صلاة إلا فيه ، ثم إذا قام قائمنا (ع) انتقم الله لرسوله ولنا أجمعين )[49] .
    16- ليس هذا فحسب بل إنهم حجج الجبار الذين يحاسب بهم بل ويحاسب بمن بايعهم وأعلن كلمتهم ، فبعد معرفة الله والرسول أول الحساب في الأئمة وثاني الحساب في القوام (المهديين) الذين خلقوا من نور الله جل جلاله وثالث الحساب في الذين يقومون بنشر دعوة قوام آل محمد (ع) ، واليك عزيزي القارئ الكريم حديث الإمام الصادق (ع) مع المفضل ، عن أبي عبد الله (ع) قال : ( قال الله عز وجل افترضت على عبادي عشرة فرائض إذا عرفوها أسكنتهم ملكوتي ، وأبحتهم جناني أولها معرفتي ، والثانية معرفة رسولي إلى خلقي والإقرار به والتصديق له ، والثالثة معرفة أوليائي وأنهم الحجج على خلقي ، من والاهم فقد والاني ومن عاداهم فقد عاداني ، وهم العلم فيما بيني وبين خلقي ، ومن أنكرهم أصليته ناري ، وضاعفت عليه عذابي ، والرابعة معرفة الأشخاص الذين أقيموا من ضياء قدسي ، وهم قوام قسطي ، والخامسة معرفة القوام بفضلهم والتصديق لهم ، والسادسة معرفة عدوي إبليس وما كان من ذاته وأعوانه ، والسابعة قبول أمري والتصديق لرسلي ، والثامنة كتمان سري وسر أوليائي ، والتاسعة تعظيم أهل صفوتي والقبول عنهم ، والرد إليهم فيما اختلفتم فيه ، حتى يخرج الشرح منهم ، والعاشرة أن يكون هو وأخوه في الدين والدنيا شرعا سواء ، فإذا كانوا كذلك أدخلتهم ملكوتي ، وآمنتهم من الفزع الأكبر وكانوا عندي في عليين)[50] .
    17- الحديث الوارد عن الاصبغ حيث يقول
    ( قال : أتيت أمير المؤمنين عليا (ع) ذات يوم فوجدته مفكرا ينكت في الأرض ، فقلت : يا أمير المؤمنين تنكت في الأرض أرغبة منك فيها ، فقال : لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا ساعة قط ولكن فكري في مولود يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي ، هو المهدي الذي يملاها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، يكون له غيبة وحيرة ، تضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون . فقلت : يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة ؟ قال : ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين ، فقلت : وإن هذا لكائن ؟ قال : نعم ، كما أنه مخلوق ، وأنى لك بهذا الأمر يا أصبغ ؟ أولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة)[51] .
    وقد وقع بعض الباحثين في عدم فهم هذا الحديث على اعتبار إن الإمام المهدي هو الذي يجب أن يكون محور كلام علي بن أبي طالب حوله فلا يمكنه قبول فكرة المهدي الأول لأنه لم يطلع على هذا السر الإلهي . لذا نرى أحدهم أضاف حرفاً من نفسه ، فوضع حرف الياء في نهاية كلمة ( ظهر ) وأشار إلى هذا في الهامش ، بأنها ضرورة يقتضيها السياق . وآخر رأى فعل الأول فوضع هذه الياء بين قوسين لدلالة على إنها أجنبية عن النسخة الأم – وهذا معروف لمن عمل في فن التحقيق – وآخر أثبتها على حالها إلا انه قال إن في الحديث تضارب . كل هذا والحديث كما تراه عزيزي القارئ لا يحمل التأويل أو اللف والدوران فإذا استطاع أحدهم أن يقول بوجود ياء المتكلم فلا يمكنه حمل الغيبة الواحدة على الإمام المهدي (ع) وإذا تجاوزنا هذا أيضا فلا يمكنه القول بان غيبة الإمام المهدي ستة أيام أو ستة اشهر أو ستة سنين ، فلا يكن من رادي حديث أهل البيت والمسلمين لغيرهم فان من سايرهم نجى ومن تخلف عنهم هوى .


    18- ما ورد في دعاء الثالث من شعبان المعظم في شأن المهديين (ع) بعد الإمام المهدي وإنهم الحجج على الخلق بعد استشهاده (ع) حيث ورد في هذا الدعاء عن أبي القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمد عليه السلام أن مولانا الحسين عليه السلام ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان فصمه وادع فيه بهذا الدعاء وساق الدعاء إلى قوله
    ( وسيد الأسرة ، الممدود بالنصرة يوم الكرة المعوض من قتله أن الأئمة من نسله والشفاء في تربته والفوز معه في أوبته ، والأوصياء من عترته بعد قائمهم وغيبته ، حتى يدركوا الأوتار ، ويثأروا الثار ، ويرضوا الجبار ، ويكونوا خير أنصار )[52] .
    19- ما ورد عن المهدي الثاني عشر – آخر المهديين – وهو الذي يخرج على أثره الإمام الحسين (ع) في الرجعة وهو من لا صلب له فقد ورد عن حديث رواه الشيخ الثقة الجليل الفضل بن شعبان النيسابوري في غيبته بسند صحيح عن الحسن بن علي الخراز قال : دخل علي بن أبي حمزة على أبي الحسن الرضا {ع} فقال له :
    (أنت إمام ؟ قال : نعم . فقال له : أني سمعت جدك جعفر بن محمد {ع} يقول لا يكون الإمام إلا وله عقب فقال : أنسيت يا شيخ أو تناسيت ؟ ! ليس هكذا قال جعفر {ع} إنما قال جعفر {ع} :لا يكون الإمام إلا وله عقب إلا الإمام الذي يخرج عليه الحسين بن علي {ع} فانه لا عقب له فقال له صدقت جعلت فداك هكذا سمعت جدك يقول) .
    وهذا الإمام هو غير الإمام المهدي قطعاً ، فقد ثبت عند من طالع حديث أهل البيت (ع) وجود الذرية للإمام المهدي (روحي فداه) وقد أثبتها ير واحد من الباحثين وقد جاء الشيخ ناظم العقيلي (حفظه الله) بالقطع واليقين على ذلك في كتابه الموسوم (الرد الحاسم على منكري ذرية القائم) وهو من إصدارات أنصار الإمام المهدي (مكن الله له في الأرض) . لينتج إن هذا الإمام هو الحجة الرابع والعشرين في امة محمد (ص) .
    20- ما ورد عن أبي الجارود قال قلت لأبي جعفر (ع) إذا مضى الإمام القائم من أهل البيت فبأي شي‏ء يعرف من يجي‏ء بعده قال:
    ( بالهدى والإطراق وإقرار آل محمد له بالفضل ولا يسأل عن شي‏ء بين صدفيها إلا أجاب )[53] ...
    21- وما ورد عن عبد الله عما سمعه من رسول الله (ص) ، يقول عبد الله فيما قد كان للمهدي والمنصور و [من] كان بعدهما ويكون كذلك أئمة مهديون وينجز الله لهم ما وعدهم في كتابه ، وعلى لسان رسوله بحوله وقوته )[54] .
    22- والى جانب هذا كله الرواية التي ينقلها لنا أبو الحارث عن رسول الله (ص) أنه قال : ( يكون المهدي وسبعة من بعده من ولده كلهم صالح لم ير مثلهم )[55] .
    والرواية حينما تحدد انه سيكون سبعة من بعد الإمام القائم (ع) لا يعني ذلك انتهاء المهديين بهذا العدد ، بل ربما تمر خلافة هؤلاء الأئمة السبعة (ع) دون فتنة كبيرة كالتي مر بها تاريخ الأئمة (ع) حينما توقفوا عند الخامس من ولد الحسين لوجود الفتنة التي قادها أحد كبار مذهب التشيع وهو علي أبو حمزة البطائني .
    23- ورواية بلال بن فروة والتي يرفعها إلى النبي (ص) أنه قال :
    ( لن تهلك هذه الأمة حتى يليها اثنا عشر خليفة كلهم من أهل النبي ، كلهم يعمل بالحق ، ودين الهدى ، منهم رجلان ، يملك أحدهما أربعين سنة ، والآخر ثلاثين سنة)[56] .
    فمن هؤلاء الاثني عشر الذي يملك واحد منهم أربعين سنة والآخر ثلاثين ، وقد توفى الله الأئمة (ع) – عدى الإمام المهدي - ولم يملك أحد منهم إلا أمير المؤمنين (ع) والتي لم تتجاوز خلافته ستة سنين . فكيف بهذه العشرات من السنين .
    وقد ذكر أمير المؤمنين (ع) المهديين في حديث له (ع) وقد سأله سائل عن ليلة القدر فقال (ع) : وأما قوله ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ ) فإنه لما بعث الله محمد (ص) ومعه تابوت من در أبيض له اثنا عشر بابا ، فيه رق أبيض فيه أسامي الاثني عشر فعرضه على رسول الله (ص) وأمره عن ربه أن الحق لهم وهم أنوار . قال : ومن هم يا أمير المؤمنين ؟ قال : أنا وأولادي الحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي ومحمد بن الحسن صاحب الزمان صلوات الله عليهم أجمعين ، وبعدهم أتباعنا وشيعتنا المقرون بولايتنا المنكرون لولاية أعدائنا )[57] .
    ولا تنسى عزيزي القارئ إن نزول الروح في ليلة القدر على آل البيت خاصة وفي هذا الكثير من الأحاديث فاطلبها في مضانها ، بل ولا يصح أن تتنـزل إلا على الحجة خاصة [58] ، وهذا واضح من الحديث نفسه ، فسلمان المحمدي (ع) الذي بلغ عاشر مرات الإيمان ، حتى كان من آل البيت (ع) ، لا تتنـزل عليه كما نص الحديث على ذلك ، فهي في الحجج على الخلق خاصة ، والحمد لله أولا وآخراً .
    24- وقد ورد عن الصالحين (ع) قولهم :
    ( ... كرر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان قائما وقاعدا ، وعلى كل حال ، والشهر كله وكيف أمكنك ، ومتى حضرك في دهرك ، تقول بعد تمجيد الله تعالى والصلاة على النبي وآله (ع) : اللهم كن لوليك القائم بأمرك ، محمد بن الحسن المهدي عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام ، في هذه الساعة وفي كل ساعة ، وليا وحافظا وقائدا و ناصرا ودليلا ومؤيدا ، حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طولا وعرضا ، وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين) [59] .
    وانتبه عزيزي القارئ لمقولة الإمام
    ( وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين )
    ولا تضاد حكم آل البيت فتكون من الهالكين فان المتقدم لهم مارق والمتأخر عنهم زاهق واللازم لهم لاحق . والحمد لله على إنعامه التي لا تحصى .

    *** *** *** *** ***



    أثبتنا هنا (24) رواية عن الأئمة الأطهار (ع) بمقدار عدد آل بيت النبوة (ع) (الأئمة والمهديين) وغير ذلك من الأحاديث كثير وفيما أثبتناه الكفاية لمن طلب الحق وأما صاحب الباطل ففي ما ذكر إلجام له . والروايات كثيرة حتى إن السيد محمد الصدر ( رحمه الله ) انتبه إلى ذلك وأشار إليه بقوله عن أحاديث المهديين : (أنها متكثرة ومتعاضدة وذات مدلول متشابه إلى حد بعيد …)[60]
    وفي الختام نقول : قد يخطر في البال أو في ذهن أحد الإخوة إشكال فحواه إن الإمام الباقر يسميهم مهديين متبعاً بذلك الرسول (ص) في وصيته ، وحديث أمير المؤمنين (ع) ، والإمام الصادق (ع) يسميهم بالمهديين دون الأئمة بل ويرفض أن يطلق عليهم لقب الأئمة ويقول لأبي بصير ( لم يقل اثني عشر إماما ، وإنما قال أثنى عشر مهديا) وقطعا إن منـزلة الإمامة تختلف عن منـزلة الهداية ، ولكننا نطالع في أحاديث أخرى عنهم (ع) إنهم يطلقون عليهم تسمية الأئمة ، كما ورد ذلك في حديث الإمام الرضا (ع) بقوله في الدعاء (والأئمة من ولده) و (الأئمة من بعده) وهو ما ورد عن أمير المؤمنين (ع) قوله السابق (ليصلين فيه أثنى عشر إماما عدلا ) فما هو المخرج من هذا الإشكال فتارة يرفض أهل البيت (ع) تسمية خلفاء الإمام المهدي (ع) ويطلقون عليهم لقب المهديين أو قوم من شيعتنا ، وتارة أخرى يسمونهم أئمة ، فكيف نسير في هذا ، وبأي قول نأخذ ؟ .
    والجواب على هذا : إن كلا اللفظين صحيح ، وكلاهما يمكن تسمية الحجج المهديين من أبناء القائم (ع) من بعده لكن كل لفظ موضوع إزاء لحاظ معين ، فانك إن قرنت المهديين بالأئمة (ع) فلا يجوز عند ذلك تسميتهم بالأئمة ، بل لابد من استدارة فلك نجوم الحجية من الأئمة إلى المهديين لذا عبر الإمام الرضا (ع) (والأئمة من بعده) أو (والأئمة من ولده) ، أما حينما تنظر إلى المهديين نظرة تجريدية وبعيداً عن الأئمة (ع) عند ذلك يمكن إطلاق لفظ الأئمة (ع) ، وذلك لسبب بسيط وهو إن نور الإمامة انتقل إلى المهديين ، لذا فانه في ذلك اليوم ستشرق الأرض بنور ربها بهم (ع) ، والكلام في هذا المقام يطول . فعليك عزيزي القارئ بالتدقيق في ثنايا كتاب أسرار الإمام المهدي (ع) وبالتحديد : (المتشابهات) [61] .
    هذا وقد أورد بعض العلماء بعض التعليقات حول هذا الموضوع أو قل حول هذا السر الإلهي الذي ينكشف في ساعات الظهور لا غير ، ومن جملة هذه التعليقات ما أورده العلامة الشيخ علي النمازي في مستدرك سفينة البحار حيث قال بعد سرد روايتين من روايات المهديين :-
    ( أقول : هذا مبين للمراد من رواية أبي حمزة ورواية منتخب البصائر ولا إشكال فيه وغيرهما ، مما دل على أن بعد الإمام القائم (ع) إثني عشر مهديا ، وأنهم المهديون من أوصياء القائم ، والقوام بأمره كي لا يخلو الزمان من الحجة )[62] .
    فترى الشيخ علي الكوراني في عصر الظهور يقول معلقا على بعض هذه الروايات إنها قبل الرجعة فهو يقول :
    ( ويذكر بعضها أن الرجعة تبدأ بعد حكم المهدي (ع) وحكم أحد عشر مهديا بعده ) .
    والحق انه لا يمكن التسليم بغير هذا الفهم لصريح الرواية ، فقد مرت علينا الروايات ومنها ما في غيبة الطوسي عن الإمام الصادق (ع) قال : ( إن منا بعد القائم أحد عشر مهديا من ولد الحسين (ع))[63] .
    لما سمعناه من تفصيل أهل البيت (ع) في هذا الشأن أولا ولما في كلامه من تناقض ثانيا ، فلو كان الأمر في الرجعة لما أمكن أن يكون الأوصياء من ذرية الإمام الحسين احد عشر أو اثنا عشر وذلك لان أولاده (ع) تسعة أولهم زين العابدين علي بن الحسين (ع) وأخرهم الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري (ع) ، والحديث ينص على احد عشر أو أثنى عشر من صلب الإمام الحسين (ع) .
    (فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (يونس:32)




    الفصل الرابع


    التفريق بين


    الإمام المهدي (ع) والمهدي الأول (ع)





    ولكي ينار الطريق ويصبح القارئ على جادة الحق ، وتتضح الصورة أكثر فأكثر نكمل ما سبق في الفصل السابق ، وذلك بإقامة الفرق بين الإمام المهدي والمهدي الأول من خلال حديث أهل البيت (ع) . هذا بعد أن مر علينا حقيقة المعرفة اللغوية والاصطلاحية للفظ المهدي ، ومعرفة أن اللفظ قابل للانطباق على أكثر من شخص في زمن معين ، وكلاهما يكون متصلا بالله تعالى فكما كان في علي بن أبي طالب هو في الحسن والحسين (ع) ، والأئمة (ع) من بعده ، مع فارق بيّنهُ السيد احمد الحسن للأنصار قائلا بما مضمونه :
    (إذا لم يصل المعصوم لمرتبة الإمامة ويتسلمها فعليا قد تغيب عنه كثير من الأشياء فالحسين (ع) في حياة الإمام الحسن يجهل كثير من الأشياء وكذلك الأئمة (ع) ... )
    بقي شيء نطرحه هنا : -
    بعد أن أتضح هناك أن الأئمة أثنى عشر والمهديين أثنى عشر ، وان أول المهديين له ثلاثة أسامي ( عبد الله ، واحمد ، والاسم الثالث المهدي ) - كما ورد في حديثي ( الوصية عن رسول الله (ص) ) و (البيعة بين الركن والمقام) - . وهو بهذا يكون متداخلا مع الإمام الثاني عشر (الإمام محمد بن الحسن العسكري المهدي) .
    ومن هنا نقع في لبس من الأمر ، فالأحاديث الواردة المجردة المتحدثة عن ((المهدي)) ، هل هي في حق الإمام المهدي أو في حق المهدي الأول ؟ ، هذا إذا لم تكن لها قرينة صارفة كما في بعض الأحاديث التي سمعناها مثل الإمام الثاني عشر فهي بحق الإمام المهدي أو الحديث (من ظهر الحادي عشر من ولدي) فهذا الحديث مقيد بحق المهدي الأول - السيد احمد الحسن - .
    ولكن السؤال :

    كيفية التمييز في الأحاديث التي لم ترد فيها قرينة .

    وقبل الإجابة عن هذا السؤال يجب معرفة الفروق بين الإمام المهدي والمهدي الأول من خلال حديثهم (ع) ، فهل بيَّنَ أهل البيت (ع) أن هناك فرق بين الإمام المهدي (ع) والمهدي الأول ؟ .
    والجواب على هذا السؤال بالإيجاب ، وذلك من خلال جملة من الفروق الواردة عنهم والتي يمكن إجمالها بعدة نقاط أساسية تتفرع إلى عدة فروع ومنها :-
    أولاً : التفريق من خلال التسمية .
    ثانـــــيا : الأحاديث التي ميزت الصفات الجسمية .
    ثالـــــثاً : الأحاديث التي ميزت من حيث حركة الظهور
    رابــــعاً : التفريق بينهما من حيث الغيبة ومدتها .
    خامساً : التفريق من حيث الأنصار وعددهم .
    سادساً : الأحاديث التي ذكرت أن الأئمة ثلاثة عشر . أو أثنى عشر من صلب علي وفاطمة .

    *** *** *** *** ***



    ثم بعد هذه اللمحة السريعة للعناوين نأتي إلى التفرعات الداخلية لهذه العناوين وإعطاء بعض التوضيح عليها ونبدأ بأولاً :-
    أولا : التفريق بالتسمية :
    فالثابت في روايات أهل البيت إن الإمام المهدي هو ( محمد بن الحسن بن علي الهادي المهدي-ع- ) لكن الروايات فرقت بين الإمام المهدي (ع) والمهدي الأول (ع) من حيث التسمية بثلاثة أوجه ((لا اقل)) :-
    1- ما صرح به أهل البيت حيث ورد في عدة موارد أن اسم المهدي (ع) هو احمد ، ومن جملة هذه التسميات وصية رسول الله السابقة حيث ذكر أن أول المهديين يحمل ثلاثة أسامي :
    اسم كاسمي واسم أبي عبد الله ، واحمد ، والاسم الثالث المهدي ) .
    ومن المعلوم أن اسم النبي الخاتم هو محمد إذاً فالتسمية الأولى (( عبد الله )) هي كنية يكنى بها الإنسان ، فالجميع (( عبد لله )) على اختلاف في مرتبة العبودية
    وأما الاسم الثالث أي (( المهدي )) فهو : لقب لا اسم حقيقي ( واللقب ما اشعر بمدح أو ذم ) . على هذا يتضح أن المتحصل من القرينة المتصلة في الحديث إن (( اسم المهدي الأول )) الحقيقي هو الاسم الثاني (( احمد )) .
    وقد جاء أهل البيت (ع) بهذه الأسماء الثلاث لكي يعطوا المسألة بعداً أعمق . وسوف نرى هذه المسالة لاحقا . ولكن الآن أصبح لدينا إن المهدي هو احمد وعبد الله والمهدي بينما اسم الإمام المهدي ((محمد)) أبن الحسن –ع- . وتطالعنا في هذا المجال رواية أخرى عن آل محمد (ع) ذكرها الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن رسول الله :-
    (كأني بالمهدي يبايع بين الركن والمقام له ثلاث أسامي احمد وعبد الله والمهدي وهذه أسماءه)[64] .
    فطابق عزيزي القارئ هذه الرواية الشريفة مع وصية رسول الله (ص) لتخرج بنتيجة اتحاد شخصية المهدي الأول مع المحرك المباشر لحركة الظهور وعلى الرغم من وجود المفتاح لهذا السر في الوصية السابقة (أول المؤمنين) إلا إن هذا مما لم يلتفت إليه أحد إطلاقاً .
    والرواية الثالثة التي تقول إن شعار أهل طالقان التي تقبل نحو الكوفة يكون شعارهم ( احمد ، احمد )[65] مع العلم إن هذه الرايات تقبل وفيها خليفة الله المهدي … والرواية الرابعة التي يقول فيها عن أحد شخصيات الظهور ( يا آل احمد ) على الرغم من انه بعد اسطر يقول ( آل محمد )
    والرواية التي الواردة عن الإمام الباقر (ع) انه قال : ( للقائم اسمان اسم يخفى واسم يعلن فأما الذي يخفى فأحمد وأما الذي يعلن فمحمد )[66] ، ولو انتبهت عزيزي القارئ لهذا الحديث لعلمت أن الإمام المهدي (ع) يخرج عبر شخص يواجه الإمام (ع) به المجتمع فيكون اسمه معروفا بين الناس كانسان يقود حركة إصلاحية وداعي لآل محمد وهذا ما ذكره عن عمار بن يسار (رض) في خبر طويل ( ... ويخرج قبل ذلك من يدعو لآل محمد (ع) … )[67] ، وهذا الشخص هو ذلك الشخص الذي يتصل بالإمام المهدي (ع) قبل ظهوره ويؤمّنُ له الاتصال بقواعده الشعبية ليتشكل بعد ذلك جيش الإمام المهدي (ع) والذي دلت عليه الروايات بأنه يتصل اتصال مباشر مع الإمام المهدي (ع) حيث ورد في الحديث الشريف عن الإمام الباقر (ع) أنه قال :
    ( يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب وأومى بيده إلى ناحية ذي طوى – حتى إذا كان قبل خروجه أتى المولى الذي كان معه حتى يلقى بعض أصحابه ، فيقول كم أنتم هاهنا ؟ فيقولون نحن نحو من أربعين رجلا . فيقول : كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم ؟ فيقولون: والله لو ناوى بنا الجبال لناويناها معه ، ثم يأتيهم من القابلة ويقول : أشيروا إلى رؤسائكم أو أخياركم عشرة ، فيشيرون له إليهم فينطلق بهم حتى يلقوا صاحبهم ويعدهم الليلة التي تليها ........ )[68] .
    وهو الشخص الذي عبرت عنه الروايات بأنه المرافق للإمام المهدي (ع) قبيل ظهوره أي في الوقت الذي لا يطلع على مكان الإمام أي شخص فيكون هذا الرجل مع الإمام روحي وأرواح العالمين له الفداء حيث أورد الشيخ النعماني (تلميذ ثقة الإسلام الكليني) في كتاب الغيبة ، والشيخ الطوسي في الغيبة بسندين معتبرين عن المفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبد الله يقول [69] :-
    {إن لصاحب هذا الأمر غيبتين أحدهما تطول حتى يقول بعضهم مات ويقول بعضهم قتل ، ويقول بعضهم ذهب ، حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير لا يطلع على موضعه أحداً من ولده ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره}.
    ويتحصل من هذا انه اليد الضاربة للإمام (ع) ، بل هو تحرك شخصية الإمام في المجتمع ، وذلك من خلال اندراس شخصية المهدي الأول أو الممهد للإمام سلطانه بشخصية الإمام (ع) بل لم يبقَ له إلا التحرك بإرادة الإمام (ع) ، ولهذا عبرت الروايات بان للقائم اسمين وهو أسلوب بلاغي معروف مثله مثل نسبة القبض لله الواحد الأحد ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا) وان كان من يتولى المباشرة هو عزرائيل وهم أيضاً الملائكة كما هو واضح .
    فمن الطبيعي بعد هذا أن ينادي السيد المنصور بالله وحده السيد احمد الحسن بالبيعة ، البيعة التي أوصى وحث عليها الرسول (ص) والأئمة (ع) ، ولو حبوا على الثلج . فهو يمثل الإمام المهدي (ع) لكن باسم مخفي عن الأذهان إلى وقت الظهور ولا يعرفه إلا الخاصة غير منكشف للعامة ، وإلا فلا معنى للحديث ، فان تحجر إنسان على الفهم الساذج . لانتقده غيره بان احمد ومحمد قد كشفا فما الفائدة المترتبة على ذلك وقد أعلنا على الملأ ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ )


    2- ما تحفظ به آل البيت كخطة عسكرية لأيام الظهور والتخطيط الإلهي وهي بالإشارة والترميز إلى إن اسم المهدي هو غير ما عرفه المجتمع ، وذلك بامتناع الأئمة عن تسمية المهدي الأول ، فيعمد الأئمة (ع) إلى ذكر فلان وفلان بدل من تسميته فقد ورد عن آل البيت (ع) قال الإمام علي بن الحسين السجاد (ع) : ( فيقوم رجل منه فينادي أيها الناس هذا طلبتكم قد جاءكم ، يدعوكم إلى ما دعاكم إليه رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : فيقومون ، قال : فيقوم هو بنفسه ، فيقول : أيها الناس أنا فلان بن فلان أنا ابن نبي الله ، أدعوكم إلى ما دعاكم إليه نبي الله . فيقومون إليه ليقتلوه ، فيقوم ثلاثمائة وينيف على الثلاثمائة فيمنعونه منهم خمسون من أهل الكوفة ، وسائرهم من أفناء الناس لا يعرف بعضهم بعضا اجتمعوا على غير ميعاد )[70].
    وكلام أهل البيت (ع) مطابق للحكمة قطعاً بل هو الحكمة فلا ينطقون بكلمة إلا ويقصدون منها مدلولاً ، ولو سألنا هذا السؤال لماذا عمد أهل البيت (ع) إلى حذف الاسم والإشارة إليه بقولهم (فلان بن فلان) ؟ ، بل وكرروا هذا الشيء في أحاديث كثيرة جداً وقد التفت إلى هذه النقطة العديد من الباحثين في قضية الإمام المهدي . ولكنهم لم يجدوا حلا لها والحل كما قدمنا وسيأتي وهو إن التسمية تخص شخص يمتثل لأمر الإمام المهدي (ع) ويكون حجرا بيمينه ، وهذا ما سنسمعه عما قريب ، ومن جملة هؤلاء الذين نبهوا إلى مسألة التسمية وعدم ذكر اسم الإمام المهدي (ع) هو السيد محمد الصدر في موسوعته المهدية ( تاريخ ما بعد الظهور ) حيث يقول :
    ( وينبغي هنا أن نلاحظ انه حين يقول أنا رسول فلان إليكم … لا دليل على انه يورد اسمه المهدي (ع) بحقيقته ويعرف المخاطبين انه هو المهدي الموعود ، بل لعله … )[71] .
    أما ما أوجده السيد الصدر في تاريخه المذكور بأطروحة خفاء العنوان فقد أشكل هو نفسه على هذا التوجيه فيما بعد من حديثه .
    3- بل والتشديد منهم (ع) وتصريحهم بعدم ذكر اسمه مطلقا إلى وقد الظهور . وهو تعارض لا يمكن حله ، بل تضارب صريح في روايات أهل البيت (ع) ولا يحل إلا بالأخذ بما قدمنا ، وبما أتاح الله لنا من معرفة هذا الشيء وغيره بفضل الله سبحانه علينا بالسيد احمد الحسن (ع) . ومن تلك الأحاديث ما ورد عن أمير المؤمنين (ع) بعد أن سُـئــل عن اسم المهدي (ع) فقال : (أما اسمه فان حبيبي قد عهد إليَّ ألا أحدث به حتى يبعثه الله عز وجل[72] . قال فأخبرني عن صفته ؟ قال : هو شاب مربوع حسن الوجه حسن الشعر ، يسيل شعره على منكبه ويعلو نور وجهه سواد شعر لحيته ، ورأسه . بأبي ابن خيرة الإماء )[73] .
    فعلي بن أبي طالب يقول هنا في تسمية هذا الشاب (أما اسمه فان حبيبي قد عهد إلى ألا أحدث به حتى يبعثه الله عز وجل ) .
    سبحان الله هل إن اسم الإمام المهدي كان مخفياً في عهد رسول الله (ص) إذاً أين هذا من الروايات الكثيرة التي ينقلها الشيعة والسنة في الإمام المهدي والتي ينقلها الشيعة خاصة في تسمية الإمام المهدي (محمد بن الحسن) بل إن وصية رسول الله (ص) كانت محتوية على اسمه (ع) والصحيفة التي أعطتها الزهراء البتول (ع) إلى جابر بن عبد الله الأنصاري فيها اسم الإمام المهدي (ع) وكان جابر يصرح بهذا ، ثم إن الرواية لا تقتصر إلى حد زمن أمير المؤمنين (ع) أو وقت قريب منه ، بل امتداد عدم ذكر اسمه إلى وقت الظهور ، وهي مسالة مهمة جدا . انتبه لمقولة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ( ألا أحدث به حتى يبعثه الله عز وجل ) إذاً فلا يمكن بحال من الأحوال حمل هذا الاسم على الإمام المهدي وإلا نقع في تخطئة جميع الأئمة الذين ذكروا الإمام المهدي بالاسم ، بل ونقع في تخطئة الرسول الأعظم (ص) وأمير المؤمنين (ع) لأنهما ذكرا اسم الإمام المهدي (ع) في أكثر من موضع كما سيأتي في هذا الكتاب . ثم إن هناك قرينة أخرى تتعلق بالحديث وهي : (بأبي ابن خيرة الإماء )
    فقد يتصور القارئ إن الحديث في الإمام المهدي (ع) من حيث كون أمه المباشرة (( سبيت قيصر الروم )) ولكن الحق إن الحديث إذا خص الإمام المهدي تكلم عن أمه الحقيقية التي ينتسب لها وهي (خير الحرائر : فاطمة بنت محمد ) بينما المهدي الأول يكون من (( خير الإماء )) أي ينسب إلى السيدة الطاهرة (نرجس) (ع) . وهذا ما ورد عن عبد الرحيم القصير قال : قلت لأبي جعفر (ع) : قول أمير المؤمنين (ع) :
    (( بأبي ابن خيرة الإماء " أهي فاطمة (ع) ؟ فقال : " إن فاطمة (ع) خيرة الحرائر ، ذاك المبدح بطنه ، المشرب حمرة ، رحم الله فلانا ))[74] .
    فالإمام هنا لا يذيع اسم المهدي الأول ويستتر عليه تارة بالنفي القاطع كما في الرواية الأولى وتارة بالإيحاء كما في الرواية الثانية . أما حينما يصل أمير المؤمنين (ع) إلى الإمام المهدي (ع) فانه يصرح باسمه تصريح تام من غير أن يلبس الأمر على السامع أو المتلقي ففي روايات أخرى سيأتي الكلام فيها يخبر أمير المؤمنين (ع) عن ظهور الأمام المهدي (ع) ويذكر فيها الاسم يقول فيها ولكن أمير المؤمنين هنا يحتفظ بالاسم ولا يصرح به كما في الخبر :-
    ( … فيبعث جيشاً إلى المدينة فيدخلونها ، فيسرفون فيها في القتل والفواحش . ويهرب منه رجل من ولدي زكي نقي ، الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا ، كما ملئت ظلما وجورا . وإني لأعرف اسمه ، وابن كم هو يومئذ وعلامته . وهو من ولد ابني الحسين ، الذي يقتله ابنك يزيد ، وهو الثائر بدم أبيه . فيهرب إلى مكة . ويقتل صاحب ذلك الجيش رجلا من ولدي، زكيا بريا . عند أحجار الزيت ) [75] .
    فهنا نجد أمير المؤمنين (ع) يعبر عن هذا الفتى – ولم يذكر له اسم – هو من يملئها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ثم يعقب على تسميته بأنه يعرفه كخاصية للإمام دون غيره من الخلق هذا التخصيص إن قصد به الإمام المهدي كان غير صحيح قطعا لورود تسميته كما تبين وما سيأتي . إذاً فلابد من أن يكون هذا الفتى وهو (أول المؤمنين) وهو المهدي الأول واليماني الموعود وهو المعنى المراد من الحديث السابق كما تقدم (أن لا اُحدث باسمه حتى يبعثه الله) .


    وهنا تنبيه آخر وهو إن أمير المؤمنين ركز على ثلاث نقاط
    1- الاسم 2- العمر 3- وعلامته – أي صفاته .
    وهذه المواصفات الثلاث هي الصفات التي وردت عن آل البيت (ع) بوصف السيد احمد الحسن أو قل المهدي الأول أو اليماني الموعود كما أثبتنا ذلك في كتاب النور المبين فراجع
    تـنـويـر :-
    قد يتوهم متوهم إن هذا الرجل هو الإمام المهدي (ع) فهو الذي يملئها عدلا وهو المطالب بدم أبيه الحسين (ع) . ولكن نقول : مضافا لما مضى وما سيأتي ، يتضح أن الإمام المهدي (ع) هو المتولي الحقيقة لذلك كله ولكن الإمام صلوات ربي عليه لا يباشر ذلك . بل يكون متحركا في المجتمع عبر واسطة من ينقاد لقوله ويأتمر بأمره . وهذا المعنى معروف كأسلوب بلاغي كما تقدم . ففي القرآن الكريم يقول تعالى وقد نسب توفي الأرواح إلى الله سبحانه وتعالى : ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ) (الزمر:42) وفي حين آخر ينسب التوفي لملك الموت – عزرائيل (ع) – ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) وتارة ثالثة ينسب التوفي لرسل الله وملائكته ( إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ) ( فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ )
    فلا مانع أن تأتي روايات آل البيت (ع) على نحويَّن ،
    النحو الأول تقول إن الذي يباشر فتح الأرض وملئها بالعدل والقسط هو شخص الإمام المهدي وتارة أخرى هو شخص من ( ذرية الإمام المهدي )[76]، أو هو الشخص الذي تهدى إليه الرايات وهو ( ابن صاحب الوصيات )[77]، أو ( هو المهدي الأول الذي يبايع بين اركن والمقام )[78] .
    وفي هذا الشأن أيضاً – أي امتناع الأئمة عن تسمية المهدي الأول – ما ورد عن الإمام الباقر (ع) حيث ورد عنه في حديث عن أبي خالد الكابلي قال : لما مضي علي بن الحسين دخلت على محمد بن علي الباقر (ع) فقلت :
    ( لما مضى علي بن الحسين (ع) دخلت على محمد بن على الباقر (ع) ، فقلت له : جعلت فداك ، قد عرفت انقطاعي إلى أبيك وانسي به ووحشتي من الناس ، قال : صدقت يا أبا خالد تريد ماذا ؟ . قال : أريد أن تسميه لي حتى أعرفه باسمه . فقال : سألتني والله يا أبا خالد عن سؤال مجهد ولقد سألتني عن أمر ما كنت محدثا به أحدا ولو حدثت به أحدا لحدثتك ولقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة بضعة )[79] .


    سبحان الله يمتنع الإمام الصادق عن تسميته ويسلك أسلوبا بلاغيا متشدد في إظهار التأكيد وذلك من خلال عدة فقرات منها التأكيد بالقسم (سألتني والله) وتارة بتهويل الأمر (عن سؤال مجهد) وتارة بالحصر البلاغي قوله (ما كنت محدثا به) وثالثة عبر حروف التأكيد ( اللام ) بقوله (ع) (ولو حدثت به أحدا لحدثتك) ورابعة يستخدم الإمام التعليل (لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه) واستخدام التهويل أيضاً : (يقطعوه بضعة بضعة) ، فهل يعقل عاقل انه يقصد الإمام المهدي (ع) !!! ، كيف وهو معروف الاسم ؟ !!! والأحاديث التي تذكره بالاسم كثيرة جداً وخصوصاً في عصري الإمام الباقر والصادق (ع) . فهل ترى عزيزي القارئ انه يقصد الإمام المهدي بل صاحب الأمر الذي ذكره أمير المؤمنين (ع) في حديثه مع الاصبغ بن نباته ، لذا عقب الإمام الصادق (ع) بقوله ( لقد سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة ، بضعة ) .
    إذاً الأمر مقرون بساعات الظهور ولهذا فان تسميته محرمة وفي هذا جاءت روايات كثيرة جدا ، ومنها ما روي عن أبي عبد الله (ع) : ( قال صاحب هذا الأمر رجل لا يسميه باسمه إلا كافر ) [80].
    وإلا فهل ممكن أن يقول قائل إن هذه الحرمة في تسمية الإمام المهدي : ( لا يسميه باسمه ) . إن القول بان هذا الحديث جاء في الإمام المهدي يترتب عليه مسألة عظيمة ، ففي هذا القول تكفير الشيعة من عهد الغيبة الصغرى إلى يومنا هذا ، بل إلى يوم القيامة . فهم بين مطبين : بين أن يعرفوا الناس بان الجنة مقرونة بالولاية ، وان من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ، فلابد من تعريف الناس باسم الإمام المهدي (ع) . وبين حرمة تسمية الإمام وان كل من سماه باسمه كان كافراً بالله . فاحمدوا الله الذي عرفكم بالسيد احمد الحسن (ع) المخرج من هذه التناقضات التي لا يعرف لها حل إلا الجدل الفارغ . فان لم ينتفع الإنسان بهذا النور الإلهي ، فلا ينتفع بعدها أبدا ( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ) (النور:40)

    *** *** *** *** ***



    وأحب أن انقل هنا جانباً من روايات أهل البيت (ع) في تسمية الإمام المهدي واخترتها على فترات متفاوتة ليعلم القارئ أن الأئمة (ع) لم ينقطعوا عن تسمية الإمام الثاني عشر إلا في فترة بسيطة جداً ، ولم يعنوا بالكثرة الكاثرة من أحاديث حرمة التسمية إلا المهدي الأول . ومن هذه الأحاديث :-
    1- ما ورد عن النبي (ص) " إن الله تعالى لم يبعث نبيا ولا رسولا إلا جعل له اثني عشر نقيبا . . . ثم ابنه محمد بن الحسن المهدي القائم بأمر الله ثم قال يا سلمان ... وذلك تأويل هذه الآية ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (القصص:5-6) . )[81] .
    2- وقد ورد عن الباقرين الصادقين (ع) محمد الباقر وجعفر الصادق القول : ( ... كرر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان قائما وقاعدا ، وعلى كل حال ، والشهر كله وكيف أمكنك ، ومتى حضرك في دهرك ، تقول بعد تمجيد الله تعالى والصلاة على النبي وآله عليهم السلام : اللهم كن لوليك القائم بأمرك ، محمد بن الحسن المهدي عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام ، في هذه الساعة وفي كل ساعة ، وليا وحافظا وقائدا و ناصرا ودليلا ومؤيدا ، حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طولا وعرضا ، وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين) [82]
    3- وفي سؤال السيد الحميري للإمام الصادق عن الغيبة وصحتها ؟ . فقال له الإمام الصادق (ع) : ( ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله (ص) ، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، وآخرهم محمد بن الحسن المهدي القائم عجل الله فرجه بالحق ، وهو بقية الله في أرضه وصاحب الزمان ، والله ليبقى غيبته ما بقي نوح (ع) في قومه ، ولم يخرج من الدنيا حتى يظهر فيملا الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا . قال السيد : فلما سمعت ذلك من مولاي الصادق ( ع ) تبت إلى الله تعالى على يده :

    فلما رأيت الناس في الدين قد غووا * تجعفرت باسم الله والله اكبر


    تجـــــعفرت بــــــاسم الله والله اكــبر * وأيــــقنت أن الله يـــعفو ويغفر


    ودنـــــت بــدين غير ما كنت ديــنــا * به ونـهاني سيد الناس جعفر ... )[83]

    4- وقد ورد إن قول النبي صلى الله عليه وآله لسلمان المحمدي :-
    ( لم يبعث الله رسولا إلا وجعل له اثني عشر نقيبا قلت : قد عرفت هذا من أهل الكتابين ، قال (ص) : عرفت من نقبائي الاثنى عشر الذين اختارهم الله للإمامة ؟ ثم قال : خلقني الله من نوره ، ومن نوري علياً ، ومن نورينا فاطمة ومن أنوارنا الحسن والحسين ، ومن الحسين التسعة الأئمة ، قلت : عرفني بهم قال (ص) : سيد العابدين علي بن الحسين ، ثم ابنه محمد بن علي باقر علم الأولين والآخرين ، ثم جعفر بن محمد لسان الله الصادق ، ثم موسى بن جعفر الكاظم غيظه صبرا في الله ، ثم علي بن موسى الرضا لأمر الله ، ثم محمد بن علي المختار من خلق الله ، ثم علي بن محمد الهادي إلى الله ، ثم الحسن بن علي الصامت الأمين على سر الله محمد بن الحسن المهدي الناطق القائم بحق الله )[84] .
    5- وورد عن النبي (ص) أيضاً قوله :
    ( ... ثم ابنه محمد بن علي المختار لأمر الله ، ثم ابنه على بن محمد الهادي إلى الله ، ثم ابنه الحسن بن علي الصامت الأمين لسر الله ، ثم ابنه محمد بن الحسن المهدي القائم بأمر الله )[85] .

    *** *** *** *** ***



    ثانيا : الأحاديث التي فرقت بين الإمام المهدي (ع) والمهدي الأول (ع) من حيث الصفات الجسمية وهي صفة مهمة جدا . ومنها :
    1- والأحاديث التي ميزت من ناحية العمر وهي كثيرٌ جدا ، ومتنوعة ومن تلك الأحاديث ما روي عن الإمام علي بن الحسين (ع) عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أنه قال :
    ( القائم من ولدي يعمر عمر الخليل عشرين و مئة سنة يدري به ثم يغيب غيبة في الدهر و يظهر في صورة شاب موفق ابن اثنتين و ثلاثين سنة حتى ترجع عنه طائفة من الناس يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا )[86].
    فالتفت عزيزي القارئ إلى التعبير الإلهي في الحديث الشريف (يظهر في صورة شاب موفق) إذاً فهو يخرج في صورة شاب وهو بعينه المقصود في الحديث السابق ( للقائم اسمان ) وقد تبين لنا هذا في الحديث السابق بل ويأتينا ما هو أوضح وأجلى وأنصع من آل البيت (ع) بقولهم : ( إن المهدي لا يرى بجسمه ولا يسمى باسمه )[87] ، إن الروية المقصودة في الحديث هي المقصود بالحديث ( إذا رأته عين رأته ألف عين ) ، أي أنها في عصر ظهوره المقدس فالحديث مخصوص به وذلك لكثير من قد رأوا الإمام الحجة (ع) وعرفوه من خلال صفاته الجسمية [88] ، إذاً فالإمام لا يرى بجسمه ولكن يرى بغير جسمه أي ما قدمنا في الحديث الشريف (يظهر في صورة شاب) وليس هذا من باب التناسخ – أعوذ بالله تعالى من ذلك – فشخص الإمام (ع) لا تراه في عصر الظهور وإنما هو شخص يحمل شخصية الإمام المهدي (ع) ويطبق جميع أفكاره وأقواله . فالإمام كما أسلفنا سابقا غير موجود بشخصه ولكن شخصيته موجودة ومتمثلة في وصيه أول المهديين لذا فمن الطبيعي أن تأتي تكملة الحديث (ولا يسمى باسمه) والحمد لله على أنعامه التي لا تعد ولا تحصى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) ثم يزيد آل الإنعام والفضل والتكرم ، الآل الذي أوكل الله إليهم التفضل (هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (صّ:39) ليزيلوا جزاءا من البس ويتأكد منهم الكلام السابق ، حيث ورد عنهم (ع) عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال : سمعت أبا الحسن العسكري (ع) يقول : (الخلف من بعدي الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف . فقلت : و لم جعلني الله فداك . فقال : لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه . فقلت : فكيف نذكره فقال قولوا الحجة من آل محمد (ص) . )
    فالنقطة الأولى انتبه فيها لقوله الإمام (لا ترون شخصه) ، ولكن شخصيته تظهر :
    ( في صورة شاب موفق ابن اثنين وثلاثين عاماً )
    وهي الصفة والعمر التي خرج بها سيدي ومولاي السيد احمد الحسن يماني آل محمد (ع) . فالحمد لله من قبل ومن بعد والنقطة الثانية هي ( ولا يحل لكم ذكره باسمه) فالحرمة هنا أن تسمي الإمام الأول ((أي الشاب الموفق)) باسم الإمام المهدي (ع) بتسمية عين لا شخصية ، أي انك تريد أن تقول إن المهدي الأول هو الإمام المهدي بلحمه ودمه .
    2- نجد من الفروق الجسمية إن الإمام المهدي (ع) في خده خال ، وهذا ما ورد عنهم . فقد ورد عن علي بن أبي طالب (ع) قال في صفة الإمام المهدي (ع) : ( ... كث اللحية ، أكحل العينين ، براق الثنايا ، في وجهه خال ، أقنى ، أجلى ، في كتفه علامة ) [89] .
    بينما نجد أن المهدي الأول بخده أثر لا خال كما في صفة الإمام المهدي (ع) . فقد ورد عن حمران بن أعين قال : قلت لأبي جعفر الباقر (ع) :
    ( جعلت فداك إني قد دخلت المدينة وفي حقوي هميان فيه ألف دينار ، وقد أعطيت الله عهدا أنني أنفقها ببابك دينارا دينارا أو تجيبني فيما أسألك عنه ، فاقل : يا حمران سل تجب ، ولا تنفقن دنانيرك ، فقلت : سألتك بقرابتك من رسول الله (ص) أنت صاحب هذا الأمر والقائم به ؟ قال : لا ، قلت : فمن هو بأبي أنت وأمي ، فقال : ذاك المشرب حمرة الغائر العينين ، المشرف الحاجبين ، العريض ما بين المنكبين ، برأسه حزاز ، بوجهه أثر ، رحم الله موسى )[90] .
    ومن المعلوم أن الأثر [91] له دلالة مختلفة اختلافا قطعياً عن الخال وقد تنبه إلى هذه النكتة السيد الشهيد محمد الصدر في موسوعته المهدية – أي اختلاف الصفات الجسدية . وان حاول التقليل من أثرها إلا انه اعترف بوجودها رغم محاولته للتذليل حيث قال (رحمه الله) :
    ( ونحن إذا انطلقنا من الفهم غير الإمامي كان القسم الأول من الروايات متعارضاً تماماً … وروايات القسم الثاني أيضاً لا تخلوا من معارضة … وأما لو انطلقنا من زاوية الفهم الإمامي ، يكون التعارض بين الروايات كبيراً ومتعدداً . ومعه لا يكون يصفو عندنا شيء معين )[92]
    ومن البديهي أن الخال ليس كالأثر هذا من جهة ، ومن جهة أخرى إن الإمام المهدي كما سمعنا أزج الحاجبين بينما المهدي الأول مشرف الحاجبين والفرق بين الاثنين واضح .

    *** *** *** *** ***





    ثالثا : من حيث حركة الظهور :-
    والأحاديث التي ميزت بين الإمام المهدي (ع) وبين المهدي الأول من حيث حركة الظهور والمدة الزمنية كثيرة ومنها :
    1- إن الإمام المهدي (ع) يخرج من مكة وهي الرواية الأشهر ( حسب تعبر السيد الصدر في الموسوعة ) وأما المهدي الأول فانه يخرج من بلاد خراسان وهذا ما تنبه إليه بعض من بحث بقضية الإمام المهدي (ع) ، وحفظ الله هذا السر ، ولم يستطيعوا تعدي هذه الحلقة المفقودة لديهم ، ولو انكشفت لهم هذه الحلقة لأتضح معها الكثير من الصور . ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره في موعد شروقه ( إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ). (الحجر:38)
    ومن جملة هؤلاء الذين التفتوا إلى هذه المسالة السيد محمد الصدر في موسوعته المهدية فان الرايات التي تقبل من المشرق أو من بلاد خرسان حسب تعبير الروايات فيها خليفة الله المهدي أو فان فيها المهدي فالرواية تقول (فان فيها المهدي) أو تقبل الرايات السود وفيها خليفة الله المهدي ، ومنها رواه الشيخ علي الكوراني في معجم أحاديث الإمام المهدي (ع)[93] ، وغير ذلك مما ستطالعه في هذا الكتاب ، وهم يرفعون أصواتهم باسم قائدهم (احمد ، احمد) كشعار لهم يقودهم إلى إمامهم الإمام المهدي المنتظر (ع) .
    2- إن الإمام المهدي (ع) يقبل بالسيف والرواية تقول (اقتل ، اقتل ولا تستتيب أحدا فيقتل حتى يرضى الله) فهو (ع) يدخل العراق محررا لا ليناظر أو يجادل ، بينما المهدي فلدينا روايات تقول انه تكون له حركة وظهور قبل حمل السيف وفيه يكون قولهم (ارجع يابن فاطمة فان الدين بخير) الدين بخير من يتلفظ هذه الألفاظ هم الذين عرفوا الحق وعدلوا عنه ، هم الذين عرفوا إن الذي أمامهم هو (ابن فاطمة الزهراء (ع) ، وهم السبعين الذين قصدهم أمير المؤمنين بحديثه مع مالك بن ضمرة [94] ، وإلا فارجع لنفسك يا أخي القارئ واستوعب المسألة أيمكن أن يكون هذا جواب يقتنع به الناس ويطيعوهم أمام إمامٌ يقر به الجميع ويدينون له بالولاية والعصمة ومن هذا الباب جاءت الرواية تقول (يتأولون عليه كتاب الله) ، بل إن هذا الممهد أو المهدي الأول يكون معروفا في المجتمع حتى عبرت الرواية عن هذا بالقول (فإذا خرج السفياني اختفى المهدي) .
    ومن المعلوم للجميع إن ظهور الإمام المهدي يسبقه ظهور اليماني ، وهذا مما لا لبس فيه لكل من طالع حديثهم (ع) واليماني والخرساني والسفياني يخرجون في يوم واحد في شهر واحد في سنة واحدة ، وهذا أيضاً مروي عن آل محمد ويقر به المؤالف والمخالف . فقد ورد عن الشيخ الطوسي الحديث التالي (ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس ، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان ، فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي ، ثم يخرج من بعد ذلك) [95] .
    ولا يمكن الخروج من هذا المأزق إلا بالأخذ بما سبق . نعم قد توجه توجيهات جزئية كما بينا في المقدمة ولكن الجمع بين هذه التوجيهات يبعدنا عن إمامنا المهدي بعد السماء عن الأرض وهذا ما انتبه إليه السيد محمد الصدر في الموسوعة المهدية حيث قال
    ( النقطة الثانية : إن ظاهر بعض الأخبار التي سمعناها كون الإمام المهدي (ع) قبل ظهوره معروفاً للسفياني ، ويبدو أن الهدف الرئيسي للجيش الذاهب إلى الحجاز هو قتل المهدي (ع) ومن هنا يخاف الإمام (ع) ويهرب من المدينة إلى مكة على سنة موسى بن عمران (ع) حين هرب إلى مدين … ويفهم السفياني بهرب المهدي (ع) فيرسل خلفه جيشاً فيخسف به … )[96] .
    وقد ورد تفسير لهذا عن آل بيت العصمة يقول إن السفياني يقصد بحركته هذه آل محمد وشيعتهم فانظر إلى هذا الحديث الشريف فعن جابر الجعفي عن الإمام الباقر (ع) قال[97] :
    ( ... ويظهر السفياني ومن معه حتى لا يكون له همة إلا آل محمد (ص) وشيعتهم فيبعث بعثا إلى الكوفة ... ).
    وال محمد منصرفة على المهدي الأول (ع) وذلك لما قدمنا أن المهدي الأول هو الذي يتولى الأمور نيابة عن الإمام المهدي (ع) وهو الذي يدعو لآل محمد قبل ظهور الإمام المهدي (ع) وهو أول المؤمنين حسب وصية رسول الله (ص) .
    3- ما دل على إن الإمام المهدي (ع) لا يهرق محجمة من دم وفي هذا ورد الحديث الشريف ومن الحديث مقولة رسول الله (ص)
    " منا القائم ، ومنا المنصور ، ومنا السفاح ، ومنا المهدي ، فأما القائم فتاتيه الخلافة لم يهرق فيها محجمة من دم ، وأما المنصور فلا ترد له راية ، وأما السفاح فهو يسفح )[98]
    ومن الروايات في هذا الشأن إن الإمام المهدي تكون بيعته سلماً
    (إن بيعة المهدي ( ع ) تكون سلما يبايع المهدي بين الركن والمقام ، لا يوقظ نائما ولا يهريق دما)[99] .
    بينما نجد الروايات الأخرى تقول لابد من أن المهدي (ع) يقتل ويقتل فعن بشير بن أبى أراكة النبال - ولفظ الحديث على رواية ابن عقده - قال : لما قدمت المدينة انتهيت إلى منزل أبى جعفر الباقر (ع)
    (فإذا أنا ببغلته مسرجة بالباب ، فجلست حيال الدار ... فقال : من تاب ، تاب الله عليه ، ومن أسر نفاقا فلا يبعد الله غيره ، ومن أظهر شيئا أهرق الله دمه ، ثم قال : يذبحهم - والذي نفسي بيده - كما يذبح القصاب شاته - وأومأ بيده إلى حلقه - قلت : [إنهم] يقولون : إنه إذا كان ذلك استقامت له الأمور فلا يهريق محجمة دم ، فقال : كلا والذي نفسي بيده حتى نمسح وأنتم العرق والعلق – وأومأ بيده إلى جبهته - " .
    وفي الحديث عن بشير النبال ، قال : قدمت المدينة - وذكر مثل الحديث المتقدم إلا أنه قال : - لما قدمت المدينة قلت لأبي جعفر (ع) :
    ( إنهم يقولون إن المهدي لو قام لاستقامت له الأمور عفوا ، ولا يهريق محجمة دم ، فقال : كلا والذي نفسي بيده لو استقامت لأحد عفوا لاستقامت لرسول الله (ص) حين أدميت رباعيته ، وشج في وجهه ، كلا والذي نفسي بيده حتى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق ، ثم مسح جبهته )[100] .
    4- مسألة عمر الإمام المهدي قبل خروجه وبعد خروجه . فالروايات متعددة وغير متحدة . وهذا ملاحظ لكل من طالع هذا الموضوع ، فبينما روايات تذكر إن عمر الإمام المهدي (6) سنوات ، فان روايات أخرى تقول (7) أو (9) سنوات وهناك مجموعة ثالثة تقول (16) سنة ومجموعة جديدة من الروايات تقول أن القائم يملك (19) سنة ، والأخرى تقول إن عمره الشريف (ثلاث مئة ونيف) سنة إلى غير ذلك . والروايات ناظرة إلى تعدد المهديين والى العمر والتملك . والله اعلم واحكم . وقد تنبه إلى هذه المسألة العديد من الباحثين ومنهم محمد الصدر في موسوعته حيث قال بعد أن قسمها لقسمين :
    ( القسم الأول من الروايات متعارضا تماما لان المهدي إما أن يكون ابن ثلاثين أو ابن اثنين وثلاثين أو أربعين ... وهكذا . ولا يمكن أن يكون متصفاً برقمين من هذه الأرقام كما هو واضح ......... وروايات القسم الثاني أيضاً لا تخلوا من المعارضة فكونه ابن احد وخمسين ينافي كونه شابا وينافي كونه بين الثلاثين والأربعين ، بل إن كونه ابن ثلاثين أو أربعين ينافي أن يكون بين الثلاثين والأربعين أيضاً ... )[101] .
    إلى أن يصل إلى نتيجته التي استقراها كما سمعنا سابقاً :
    ( يكون التعارض بين الروايات كبيراً ومتعدداً . ومعه لا يكون يصفو عندنا شيء معين )[102].
    ثم الحديث الذي يقيم الفرق الجلي والواضح ولا يدع مجال لشك أو احتمال حيث أورد أهل البيت إن المهدي يبعث للإمام المهدي بالبيعة فقد ورد عن الإمام الباقر (ع) قوله
    ( تنـزل الرايات السود التي تقبل من خراسان الكوفة فإذا ظهر المهدي بمكة بعث بالبيعة إلى المهدي)[103].
    ومن هذا ينكشف سر الحديث القائل إن الإمام المهدي يتسلم الراية وهو جالس في بيته ، من غير أن يشترك في الحروب بشكل مباشر . بل الذي يتولى عنه هذه المهمة هو وصيه أول المؤمنين وأبو المهديين الذي عبرت عنه الروايات انه يدعو لآل محمد (ع) قبل قيام الإمام من آل بيته وقد كشف للسيد الصدر بعض تلك الحقيقة حيث قال انه لا دليل من الروايات أن الإمام المهدي هو الذي يباشر الحرب أو القتل أنصت له حيث يقول :
    ( النقطة الثانية : أن الخبر الذي رويناه عن السيوطي والذي يصرح بان رجل من قبل المهدي هو الذي يمارس القتل الكثير لا المهدي نفسه . وهذا المضمون إن فهمناه بمدلوله العام كان صحيحاً فان الذي يقوم بالقتل هم أصحاب الإمام وليس الإمام نفسه وان نسب إلى الإمام باعتباره منطلقاً عن أمره وتخطيطه كما نقول : فتح الأمير المدينة ولا دليل على أن الإمام يقتل بيده شخصاً أصلاً )[104].


    5- وقد ورد عن آل البيت (ع) إن الذي يبايع عند الركن والمقام هو الإمام المهدي (ع) وفي هذا جاءت أكثر من رواية ، ولكن هناك روايات تقول انه المهدي الأول (ع) عن رسول الله :
    ( كأني بالمهدي يبايع بين الركن والمقام له ثلاث أسامي احمد وعبد الله والمهدي وهذه أسماؤه ثلاثتها )[105] .
    والمقصود به هنا أول المؤمنين الذي ذكره الرسول (ص) بوصيته ( له ثلاث أسامي اسم كاسمي واسم أبي عبد الله ، واحمد والاسم الثالث المهدي)[106] . ولا أحسبك تقول إن هذا تعارض في روايات أهل البيت (ع) ، لما قدمنا في هذا الكتاب من معنى ([107]) ، بل والروايات تؤكد ما طرحنا كما سيأتي إن شاء الله . طالع الرواية التي وردت بان الذي يخرج من المدينة هو المهدي والمنصور ففي الرواية
    ( … ويبعث بعثا إلى المدينة ، فيقتل بها رجلا ويهرب المهدي والمنصور منها … ) .
    والمنصور هو أحد أسماء المهدي الأول (ع) ، فعن أبي جعفر الباقر (ع) في قوله تعالى :
    (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا " قال : الحسين " فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا " قال : سمى الله المهدي المنصور … )[108]
    فلكون المهدي الأول هو الذي يباشر الحروب تكفل الله جل جلاله له بالنصر وظهور الأمر (إنه كان منصورا) وعليه فلابد أن يطلق عليه تسمية (المنصور) من قبل الله سبحانه . ولذا نجد إن أمير المؤمنين (ع) يؤكد هذا المعنى من خلال إيراده خطبة القائم (ع) بين الركن والمقام حيث يقول :
    ( … وهو مسند ظهره إلى الكعبة و يقول يا معشر الخلائق ألا و من أراد أن ينظر إلى آدم و شيث فها أنا ذا آدم و شيث ألا و من أراد أن ينظر إلى نوح و ولده سام فها أنا ذا نوح و سام ألا و من أراد أن ينظر إلى إبراهيم و إسماعيل فها أنا ذا إبراهيم و إسماعيل ألا و من أراد أن ينظر إلى موسى و يوشع فها أنا ذا موسى و يوشع ألا و من أراد أن ينظر إلى عيسى و شمعون فها أنا ذا عيسى و شمعون ألا و من أراد أن ينظر إلى محمد و أمير المؤمنين صلوات الله عليهما فها أنا ذا محمد (ص) و أمير المؤمنين (ع) … )[109] .
    أرجو أن يركز القارئ على عبارة الإمام (ع) (فها أنا ذا) فمنها يتضح إن المتكلم واحد وغير متعدد ، ثم لينتبه إلى إيراده (ع) تسمية حجج الله وأوصياءهم فنسب (الحجة على الناس والوصي لنفسه) ، والمتكلم هنا هو الممهد الأول لدولة العدل الإلهي وصي الإمام المهدي ، لكنه يأخذ في عصر الظهور دورين دور الإمام المهدي (ع) على اعتباره لسان الإمام النافذ في المجتمع ودوره كوصي للإمام الأعظم المهدي (ع) لهذا تراه يقول (فها أنا ذا) لذا فهو يؤكد إن البيعة الحقة تكون بالتسليم المطلق للإمام ووصيه ولهذا جاء بكل نبي مع وصيه : آدم وشيث (ع) ، نوح وسام (ع) ، إبراهيم وإسماعيل (ع) ، موسى ويوشع (ع) ، عيسى وشمعون (ع) ، محمد (ص) وعلي (ع) .
    واعلم انه لا يمكن أن يتوصل الإنسان إلى الإيمان إلا بهذا النحو الإيمان بالإمام والوصي معا ، وكل ما عدى هذا فهو زخرف قال تعالى
    ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ …) فالرسالة مقترنة بتبيين الوصي ومن لم يؤمن بالوصي لا يعد مؤمناً ، ومن هنا نعرف الرواية الواردة عنهم (ع) نفي الإيمان عن جميع من على سطح الكرة الأرضية عدى الثلاث مئة وثلاثة عشر نفرا ، فقد ورد الإمام الباقر (ع) قوله في (313) أصحاب القائم (ع) :

    ( أما والله لا يوجد مؤمن غيرهم )

    فالمتحصل إن الذي يبايعه الأصحاب عند الركن والمقام هو المهدي الأول (ع) ، وسبحان الله لم يترك آل البيت (ع) هذا الأمر دون توضيح أجلى وأوضح بل جاءنا حديث الإمام الصادق (ع) للمفضل بن عمرو قال :
    ( … ثم يخرج من مكة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام ، معه عهد نبي الله صلى الله عليه وآله ورايته ، وسلاحه ، ووزيره معه … )[110] ،
    ولهذا ذكر العدد مرمزا (ثلاث مائة وبضعة عشر) وستتضح الصورة أكثر بالمسايرة

    *** *** *** *** ***



    رابعاً : إن للإمام المهدي (ع) غيبتين الأولى غيبته الصغرى والثانية غيبته الكبرى أو على تعبير الأئمة الغيبة التامة . فقد ورد عنهم (ع)الكثير من الروايات في هذا الشأن فراجعها في كتب الحديث . أما المهدي الأول (الـسـيد احـمد الحـسن) فله غيبة واحدة ، وفي غيبته هذه نوع من التحديد على العكس من الغيبة التامة للإمام المهدي (ع) التي كذَّب الأئمة (ع) كل من حدد لها وقت من غيرهم (ع) ، والتي أعطى أهل البيت (ع) صفات عامة لانتهائها . أما غيبة المهدي الأول وهو ما نحن بصدد بيانه فقد وقع فيها التحديد النسبي منهم (ع) ، وهذا ما نلاحظه من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) للاصبغ قال :
    ( يكون له غيبة وحيرة ، تضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون . فقلت : يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة ؟ قال : ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين ، فقلت : وإن هذا لكائن ؟ قال : نعم ، كما أنه مخلوق ، وأنى لك بهذا الأمر يا أصبغ ؟ أولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة ) [111] .
    وهذه الرواية من الروايات الخاصة بالمهدي الأول الذي هو من صلب الإمام المهدي (ع) كما سبق . ولا اعتقد إن عاقلا من الممكن أن يشكل بان هذا الحديث وارد في الإمام المهدي (روحي له الفدى) فالإمام يقول انه من صلب الحادي عشر من ولدي . فمن المقطوع به والثابت أن الإمام المهدي في غيبته الكبرى وقد مر على غيبته ما يربو على آلف سنة فإذا أتتنا أحاديث تقول مثلا إن غيبته ستة اشهر فلا يمكن أن يصدق عاقل إنها مختصة بالإمام المهدي بل لابد أن تكون هذه الغيبة في شخص آخر هو غير الإمام المهدي (ع) فأمير المؤمنين (ع) بقوله حين يسأله الاصبغ بن نباته (ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين) ، هذا أولا وأما ثانيا فالرواية ذكرت غيبة واحدة ، وقد دأب آل البيت (ع) على قرن الإمام المهدي بغيبتيه (ع) وحالها في هذا حال الرواية الأخرى الواردة عن أبي بصير عن الإمام الباقر (ع) والتي تقول ( قلت فما الخصلة من يوسف فقال : السجن والغيبة ... )[112] ، وهو بعينه المراد من حديث الإمام العسكري عن ظهور الأمر فقال إذا غاب المهدي الأول فتوقعوا الفرج حيث ينقل علي بن محمد بن زياد قال : كتبت إلى أبي الحسن (ع) أسأله عن الفرج فكتب إلي :

    (( إذا غاب صاحبكم عن دار الظالمين فتوقعوا الفرج ))[113] .

    فهذا الفرج المترتب على أمر مهم يحدث في المجتمع ، بحيث يكون هذا الأمر قرينة لفرج آل محمد ، حتى يصفها الإمام العسكري (ع) بكلمة (فتوقعوا) أي انتظار وقوع الفرج عليكم . فهل يمكن لشخص أن يصدق إن هذا الحديث وارد بحق الإمام المهدي (ع) ، كيف والإمام المهدي قد غاب عن دار الظالمين مع استشهاد الإمام العسكري ، بل إن ما أوصاه به أبوه العسكري (ع) وهو هذا ، فاستمع لهذا الحديث حيث يقول الإمام المهدي (ع) في جواب لأحد أصحابه (لعلي بن مازيار) :
    ( يا بن مازيار ، أبي أبو محمد عهد اليَّ أن لا أجاور قوما غضب الله عليهم ولعنهم ولهم الخزي في الحياة الدنيا والآخرة ، ولهم عذاب اليم )[114] .
    فهل بعد هذا تعتقد عزيزي القارئ إنها مخصوصة بالإمام المهدي (ع) . الإمام المهدي عهد إليه أبيه العسكري (ع) أن لا يجاور الظالمين – أي عهد له مع وجود أبيه وقبل استشهاده (ع) قطعاً ، أي قبل وجود الغيبة أساساً ، ثم يستشهد الإمام العسكري ويغيب الإمام المهدي (ع) غيبته الصغرى ، ويمر عليه فيها سبعة عقود ونيف ثم بعدها تبدأ الغبية الكبرى وتستمر إلى أثنى عشر قرن ونيف وبعد هذا نعتقد أن هذا الحديث في الإمام المهدي (ع) وليس هذا فحسب ، بل إن الإمام المهدي يصرح بعدم مجاورته للظالمين أكثر من مرة ، ومن هذا ما ورد في خطاب الإمام (ع) للشيخ المفيد في رسالته المعروفة حيث يقول فيه :

    ( نحن وان كنا ناوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين ... ) .

    إذاً فالحديث يتكلم عن شخص المهدي الأول (ع) لان غيبته كما سمعنا غير طويلة الأمد كما مر علينا في حديث أمير المؤمنين ( له غيبة ستة أيام أو ستة أشهر أو ستة سنوات ) فهي غيبة واحدة لا كما هو الحال مع الإمام المهدي – أي غيبتان – وقصيرة لا طويلة الأمد كما في الغيبة التامة للإمام المهدي (ع) ومن هذا القبيل ما ورد عن الإمام الصادق (ع) في حديث مع تلميذه النجيب زرارة ابن أعين حيث قال له :
    (أن للقائم غيبة قبل أن يقوم قلت ولم ذاك جعلت فداك ؟ قال يخاف ... وأشار بيده إلى بطنه وعنقه) [115]
    وغير ذلك الكثير تركنا التعرض لها لان الــحر بالإشــارة يــفهم . بل كما قال قائم آل محمد السيد احمد الحسن (ع)

    (من أراد الحق فرواية تكفيه ولم يرد الحق فالكافي لا يكفيه)


    *** *** *** ****




    خامساً : التفريق بين الإمام المهدي والمهدي الأول من حيث الأنصار وعددهم ، فبينما نجد إن الثابت والمعلوم أن الإمام لا يقوم إلا بعدد السلب وهو الثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا نجد أن المهدي الأول إذا ذكر في حديثهم صلوات الله عليهم يفترق هذا العدد مع سابقه .
    ولننظر أول الأمر إلى هذا العدد الذي يعد من الأسرار التي إن تم تقلب موازين دولة الكفر وتسلبها إلى دولة العدل ولهذا فهو العدد الذي كان مع طالوت حيث قاتل بهم جالوت قال تعالى :-
    ( فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة:249) .
    وهو العدد الذي انتصر به رسول الله (ص) ببدر قال تعالى :-
    ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (آل عمران : 123) ، وهو العدد الذي ينتصر به الإمام المهدي (ع) وفيه يذكر الأئمة إن عدد أنصاره ثلاثمائة وثلاثة عشر ، أما حينما يذكرون المهدي الأول فلا يذكرون العدد بالتمام بل يعمد آل البيت (ع) إلى الترميز حيث يوردون رقما يشعر بالانطباق وان لم ينطبق فعلا فيذكرون العدد ( ثلاث مائة ونيف عشر ) .
    والآن لننظر في حديثهم حول هذه المسالة ونطالع ما جاء في وصف الإمام المهدي (ع) " عن أبان بن تغلب قال : كنت مع جعفر بن محمد (ع) في مسجد بمكة وهو آخذ بيدي ، فقال :
    ( يا أبان ، سيأتي الله بثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا في مسجدكم هذا ، يعلم أهل مكة أنه لم يخلق آباؤهم ولا أجدادهم بعد ، عليهم السيوف مكتوب على كل سيف اسم الرجل واسم أبيه وحليته ونسبه ، ثم يأمر مناديا فينادي : هذا المهدي يقضي بقضاء داود وسليمان لا يسأل على ذلك بينة ) .
    وفي حديث آخر عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله (ع) أنه قال :
    سيبعث الله ثلاثمائة وثلاثة عشر ( رجلا ) إلى مسجد بمكة يعلم أهل مكة أنهم لم يولدوا من آبائهم ولا أجدادهم ، عليهم سيوف مكتوب عليها ألف كلمة كل كلمة مفتاح ألف كلمة ، ويبعث الله الريح من كل واد تقول : هذا المهدي يحكم بحكم داود ، ولا يريد بينة " .
    الرواية ذكرت الـ (313) رجلا ثم عقبت على ذلك كله بقوله

    ( ويبعث الله الريح من كل واد تقول : … )

    أي تنادي باجتماع أصحاب الإمام المهدي (ع) ، أما حينما تكون الرواية ناظرة إلى وجود المهدي الأول أو الممهد للإمام سلطانه أو يماني آل محمد (ع) فإنها لا تذكر هذا العدد بل تقتصر على عبارة (ثلاث مائة ونيف عشر) ، ومن هذه الأحاديث المتكاثرة نختار حديث الإمام علي بن الحسين (ع) في معرض كلامه عن تحرك المهدي الأول بين الركن والمقام :
    ( قال : فيقوم رجل منه فينادي أيها الناس هذا طلبتكم قد جاءكم ، يدعوكم إلى ما دعاكم إليه رسول الله (ص) ، قال : فيقومون ، قال : فيقوم هو بنفسه ، فيقول : أيها الناس أنا فلان بن فلان أنا ابن نبي الله ، أدعوكم إلى ما دعاكم إليه نبي الله . فيقومون إليه ليقتلوه ، فيقوم ثلاثمائة وينيف على الثلاثمائة فيمنعونهم منه … )[116].
    ومنها الحديث القائل قال :
    (… ثم يخرج من مكة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام ، معه عهد نبي الله (ص) ورايته وسلاحه )[117].
    وذلك لاعتبار بسيط وهو إن المهدي الأول هو من جند الإمام المهدي (ع) ، بل هو أول الجند ففي حديث الإمام الصادق (ع) ( ألا إن أولهم – أي أنصار الإمام المهدي - من أهل البصرة … ) ويقصد المهدي الأول أو حسب تعبير رسول الله (ص) في وصيته المارة الذكر ( أول المؤمنين ) أو حسب تعبير أمير المؤمنين (ع) ( من صلب الحادي عشر من ولدي ) إلى غير ذلك فهو أول الثلاث مائة وثلاث عشر ، أما إذا كان هو القائد فان جنده سينقصون فرد ليكونوا ثلاث مائة واثنى عشر لذا عبرت الروايات بأنه ثلاث مائة ونيف عشر رجلا أو قولهم وينيف على الثلاثمائة. فلابد من قراءةٍ جديدةٍ لحديثِ أهل البيت(ع) لفك الرموز التي وضعها آل البيت (ع) حتى لا ينكشف السر ، إلى أن يعلن المهدي الأول دعوته . وبهذا يتحقق قول رسول الله (ص) ( له علم إذا حان وقـته انـتـشر ذلك العلم من نـفـسه ) ، وهو السر الذي قصده أمير المؤمنين (ع) بقوله :

    (أما اسـمه فـان حبيبي قد عهد إلى ألا أحدث به حتى يـبعثه الله عـز وجــل)

    وهو السر الذي أمتنع الإمام الباقر والصادق (ع) عن البوح به لأبي خالد الكابلي ومع درجة إخلاصه ووثاقته ، بل وتصريحهما بعدم البوح به للجميع وسيأتي الحديث وبيان المراد منه .

    *** *** * *** ***




    سادساً : الأحاديث التي ذكرت أن الأئمة ثلاثة عشر وهي روايات متواترة معنى . والمعتقد الإمامي يسلم باثني عشر إماماً ، وهنا وقف علماء الحديث بين مطبين

    ( أحلاهما مرُ )

    بين أن يسلم إن الأئمة ثلاثة عشر وينسف أهم المعتقدات الشيعية ، أو أن يطرحوا حديثا متواترا ، وهذا يستلزم رفض رسالة محمد بن عبد الله (ص) وهو الكفر بعينه . لذا عمد سابقي العلماء إلى إيكال المسألة إلى الله وأهل البيت (ع) ، والثبات إلى ما تسالم عليه الشيعة من إن الأئمة أثنى عشر إمام .
    ومن هذه الأحاديث :
    1- ما رواه الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (ع) . وهي ناصة بالقطع إن الذي يملئ الأرض قسطا وعدلا هو : (( ابن الإمام المهدي )) ، فالحادي عشر من ذرية الإمام أمير المؤمنين (ع) هو الإمام المهدي ، والذي من صلبه هو المهدي الأول وهو من يملئها عدلا بأمر أبيه الإمام المهدي (ع) وقد مر الحديث والتعليق عليه [118] .
    2- سمعت أبا جعفر (ع) يقول : ( الاثنا عشر الإمام من آل محمد (ع) كلهم محدثون من ولد رسول الله ومن ولد علي ، ورسول الله وعلي (ع) هما الوالدان )[119]
    خص الإمام الباقر هنا (الاثنى عشر إمام (ع) ) وهم باجمعهم من ولد رسول الله (ص) كما سيجيء في الأحاديث المقبلة وهم أيضا من ولد علي بن أبي طالب (ع) ثم إن الإمام يؤكد هذا بقوله : ( ورسول الله وعلي (ع) هما الوالدان ) وهو تأكيد قطعي لا يحتمل اللبس ولا الاشتباه فرسول الله (ص) وعلي (ع) هما أبوا الأئمة الاثنى عشر . وهذا التأكيد من الإمام الباقر (ع) خوفاً من الفهم المغلوط .
    3- قال يهودي لأمير المؤمنين (ع) : أخبرني عن هذه الأمة كم لها من إمام هدى ؟ وأخبرني عن نبيكم محمد أين منـزلته في الجنة ؟ وأخبرني من معه في الجنة ؟ فقال له أمير المؤمنين (ع)
    (إن لهذه الأمة اثني عشر إمام هدى من ذرية نبيها وهم مني وأما منزل نبينا في الجنة ففي أفضلها وأشرفها جنة عدن وأما من معه في منزله فيها فهؤلاء الاثنا عشر من ذريته وأمهم وجدتهم وأم أمهم وذراريهم، لا يشركهم فيها أحد )[120].
    4- عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال دخلت على فاطمة (ع) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها فعددت أثني عشر آخرهم القائم (ع) ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي )[121]
    وجابر بن عبد الله الأنصاري كان يعلم بهذا الأمر ويعلم بان هذا من الأسرار التي لا يمكن البوح بها بل هي من الأسرار التي صرح بها أهل البيت (ع) بكفر من صرح باسم القائم (ع) فقالوا : ( كافرٌ من سماه باسمه ) هذا من ناحية تسميته للناس ولكن لا يمنع هذا من الإشارة والرمز .
    5- عن أبي جعفر (ع) قال : قال رسول الله :
    ( إني واثني عشر من ولدي وأنت يا علي زر الأرض ، يعني أوتادها وجبالها ، بنا أوتاد الأرض أن تسيخ بأهلها فإذا ذهب الاثنى عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها ولم ينظروا )[122].
    فانتبه لتعبير رسول الله (ص) الذي يصفه القرآن ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) قال الأئمة أثنى عشر ووصفهم أنهم ولده ثم خص علي فيكون المجموع ثلاثة عشر هم أوتاد الأرض ثم رجع وأكدها (من ولدي) ولم يذكر علي (ع) لأنه خصه بالكلام لمنزلته وهم لا يحكمون إلا من بعد علي (ع) ، وقد سبق بعض كلام في هذا فانتبه .
    6- عن أبي جعفر الباقر قال : قال رسول الله (ص) :
    ( من ولدي اثنى عشر نقيبا نجباء محدثون مفهمون ، آخرهم القائم يملأها عدلا كما ملئت جورا )[123]
    7- ومنها ما ورد عن أنس بن مالك ، قال سئلت رسول الله - ص- عن حواري عيسى ، فقال : كانوا من صفوته وخيرته ، وكانوا أثنى عشر - إلى أن قال - فقلت : فمن حواريك يا رسول الله ؟ فقال : الأئمة بعدي اثنا عشر من صلب علي وفاطمة ، وهم حواري وأنصاري ، عليهم من الله التحية والسلام )[124] .
    8- ما أخرجه الشيخ الخزاز من إن عدد الأئمة ثلاثة عشر اثنى عشر من ولد علي وفاطمة (ع) . عن جنادة بن أبي أمية قال : دخلت على الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) في مرضه ... إلى أن قال ... فقلت : يا مولاي مالك لا تعالج نفسك ؟ فقال :
    (( يا عبد الله بماذا أعالج الموت ؟ . فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون . ثم التفت إلي فقال : والله انه لعهد عهده إلينا رسول الله - ص- إن هذا الأمر يملكه اثنا عشر إماما من ولد علي وفاطمة – ع - . ما منا إلا مسموم أو مقتول )[125] .
    9- ومن هذه الأحاديث الدالة على إن الأئمة (ع) هم ثلاثة عشر إماماً مفترض الطاعة اثنى عشر من صلب علي وفاطمة ، والحديث عن رسول الله (ص) قال :
    (ألا وإن الله نظر إلى أهل الأرض نظرة فاختار منهم رجلين : أحدهما أنا فبعثني رسولا ونبيا ، والآخر علي بن أبي طالب ، وأوحى إلي أن أتخذه أخا وخليلا ووزيرا ووصيا وخليفة . ألا وإنه ولي كل مؤمن بعدي ، من والاه ، والاه الله ومن عاداه ، عاداه الله . لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا كافر . هو زر الأرض بعدي وسكنها ، وهو كلمة الله التقوى وعروته الوثقى .
    (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (الصف:8).
    ألا وإن الله نظر نظرة ثانية فاختار بعدنا اثني عشر وصيا من أهل بيتي ، فجعلهم خيار أمتي واحدا بعد واحد ، مثل النجوم في السماء ، كلما غاب نجم طلع نجم . هم أئمة هداة مهتدون لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم . هم حجج الله في أرضه ، وشهدائه على خلقه ، وخزان علمه ، وتراجمة وحيه ، ومعادن حكمته . من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله . هم مع القرآن والقرآن معهم ، لا يفارقونه حتى يردوا علي الحوض . فليبلغ الشاهد الغائب . اللهم اشهد ، اللهم اشهد - ثلاث مرات - )[126] .
    أ فيمكن أن يأتي توضيح وبلاغ أفضل وأوضح من هذا البلاغ (بلاغ محمد (ص) وال بيته (ع) ، وأين هم الذي قالوا إن هذا من باب التغلب من هذا الحديث الصريح ، فرسول الله (ص) يقول (فاختار بعدنا) أتكلم الرسول عن نفسه أم عنه وعن علي (ع) ثم إن الله تعالى اختار محمد وعلي (ص) في النظرة الأولى ، أما بقية الأئمة (ع) الاثنى عشر فقد اختارهم الله جل جلاله بالنظرة الثانية .
    10- قال رسول الله (ص) بعد عد الأئمة (ع) :
    ثم يغيب عنهم إمامهم ما شاء الله ويكون له غيبتان إحداهما أطول من الأخرى ثم التفت إلينا رسول الله فقال رافعا صوته : الحذر : الحذر إذا فقد الخامس من ولد السابع من ولدي )[127] .
    فولد الرسول (ص) هم أحد عشر أي إن الإمام المهدي (ع) الحادي عشر لا الثاني عشر كما هو واضح ، فيتحتم أن تكون هذه الشخصية هي وصي الإمام المهدي (ع) وأول المهديين (ع) ، وهناك قرينة أخرى في الحديث الشريف ألا وهي إن الرسول (ص) لما ذكر الإمام المهدي (ع) جعل له غيبتين أما حينما وصل إلى الثاني عشر من ولده (ص) قال (فإذا فقد) ولا يمكن تطبيق هذه المفردة على الإمام المهدي لأنه غائب ومفقود بالفعل بل وله غيبتان بينما الفقدان تستخدم للمفارقة بعد الوجود . فانتبه لهذا .


    11- الروايات التي أشارت بافتراق الأمة بعد النبي (ص) إلى ثلاثة وسبعون فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة ، هي تقطع بوجود المهدي الأول ، وهو الحد الفيصل لمعرفة الفرقة الناجية ، والحديث أورده الشيخ الطوسي في أماليه عن علي (ص) يقول لرأس اليهود على كم افترقتم فقال على كذا وكذا فرقة. فقال علي (ع) ( كذبت يا أخا اليهود ، ثم أقبل على الناس فقال والله لو ثنيت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الزبور بزبورهم ، وبين أهل القرآن بقرآنهم . أيها الناس، افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، سبعون منها في النار، وواحدة ناجية في الجنة، وهي التي اتبعت يوشع بن نون وصي موسى (ع) ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، إحدى وسبعين في النار، وواحدة في الجنة، وهي التي اتبعت شمعون وصي عيسى (ع) ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، اثنتان وسبعون فرقة في النار، وفرقة في الجنة ، وهي التي اتبعت وصي محمد (ص) ، وضرب بيده على صدره، ثم قال ثلاث عشرة فرقة من الثلاث والسبعين كلها تنتحل مودتي و حبي واحدة منها في الجنة وهم النمط الأوسط، واثنتا عشرة في النار )[128] .
    فالحد الفيصل في تمييز الفرقة الناجية في الأمم أجمع هو : (الوصي) ، (وهي سنة من سنن الله تعالى في الأمم) ، فلنطالع التقسيم في الرواية
    امة موسى : 71 فرقة ، واحدة مقتدية بالوصي ناجية
    امة عيسى : 72 فرقة ، واحدة مقتدية بالوصي ناجية
    امة محـمد : 73 فرقة ، واحدة مقتدية بالوصي ناجية

    (ستفترق هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة كلها هالكة إلا واحدة ، و تفترق الواحدة)[129] .

    فالفرقة الواحدة هي التي تمسكت بولاية الوصي (ع) . فرسب في علي ستون فرقة (أبناء العامة) كما هو الحال في الأمم السابقة . والمتبقي لدينا من امة محمد (ثلاثة عشر فرقة كلها تـنتحل مودتنا) ، ثم تمر الأمة بالابتلاء الثاني ، وهو الإمام الحسن (ع) والمؤمنون به هم الفائزون ومن تخلف عنه هلك فتبقى لدينا أثنى عشر فرقة ناجية ، ومع الحسين يكونون أحد عشر فرقة ناجية وهكذا في بقية الأئمة (ع) إلى أن نصل للإمام المهدي (ع) فتترسب فيه فرق في عصر الغيبة الكبرى ، فيتبقى لدينا فرقتين ناجيتين ، لابد من خلوص فرقة واحدة قبل قيام دولة العدل الإلهي أي قبل قيام الإمام المهدي وبعبارة أخرى لابد من خروج وصي الإمام المهدي قبل قيام دولة العدل الإلهي لان الفرقة الناجية (هي فرقة واحدة من الثلاث والسبعين) ، وهي من تصل إلى دولة العدل الإلهي ، وتكون متمسكة بمحمد وال محمد (ص) ، إذاً فلابد أن يبتلي الله الناس بوصي الإمام المهدي قبل قيام الإمام المهدي (ع) ، وهذا ما يفسر لنا الحديث السابق حيث قسم أمة موسى إلى إحدى وسبعون فرقة :
    (افترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة، سبعون منها في النار، و واحدة ناجية في الجنة، و هي التي اتبعت يوشع بن نون وصي موسى) .
    وذلك لان الوصي الأول من أوصياء موسى (ع) هو هارون (ع) إلا إن هارون توفي في حياة موسى (ع) فكان الاختبار في احد عشر وصي (مضافا لهم (60) فرقة غير الداخلة بالولاية الإلهية) فتكون الفرق إحدى وسبعون فرقة ، أما في أمة عيسى (ع) فالأوصياء هم أثنى عشر وصي فيكون عدد الفرق اثنان وسبعون فرقة لذا :
    (افترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، إحدى وسبعين في النار ، وواحدة في الجنة ، وهي التي اتبعت شمعون وصي عيسى (ع)...) .
    والحق إن هذا بيّن بعد التنبيه :-
    فمن الحديث يتضح إن أمير المؤمنين يشير إلى إن الافتراق سيقع في الأمة :-

    (وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، اثنتان وسبعون فرقة في النار، وفرقة في الجنة)

    أي لم يقع بعد (فالسين للاستقبال – قال (ع) ستفترق ولم يقل افترقت ) ، والحديث وقع بعد استشهاد رسول الله (ص) وسلب حق علي بن أبي طالب (ع) إذا المسألة غير مقتصرة على ولاية علي كما يتوهم البعض ، وفي الحديث إشارة أخرى وهي : إن الأمة الناجية من أمة محمد (ص) هي (واحدة في الجنة وهم النمط الأوسط) وهي خير أمة أخرجت للناس ، وهم أنصار الإمام المهدي (ع) الثلاث مائة وثلاث عشر ، ومن لحقهم من الحلقة (العشرة آلاف) ، وهذا ما أشارت إليه الأحاديث ، أما سبب تسميتهم بهذه التسمية (النمط الأوسط)فتجده في أوضح بيان وتفصيل من السيد وصي ورسول الإمام المهدي منصور آل محمد في (المتشابهات)[130] .



    والكلام حول هذا الموضوع خطير جدا
    فالروايات الواردة في هذا الباب بلغت حد التواتر حيث تراها ولو تنزلنا قلنا بلغت حد الشهرة المطمئنة ، ومن الأحاديث من هو صحيح السند ومنها مؤيده ، ولذا اعرض علماؤنا القدامى (رحمهم الله تعالى) عن التطرق إلى سند هذه الروايات ، أما من ناحية الدلالة فأنت ترى أخي القاري أن الأحاديث واضحةٌ ، ولا تحتاج إلى تكلف في الفهم . فهي تنص صراحة على أن الأئمة ثلاثة عشر فوقع العلماء بين المطرقة والسندانة فلم يستطيعوا رد الروايات لان من رد رواية واحد لأهل البيت (ع) فقد خرج عن الدين وفي هذا الباب الكثير من الروايات منها[131]

    • رواية صحيحة السند عن سفيان بن السمط قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك يأتينا الرجل من قبلكم يعرف بالكذب فيحدث بالحديث فنستبشعه فقال أبو عبد الله (ع) يقول لك إني قلت الليل انه نهار والنهار انه ليل قلت لا قال فان قال لك هذا أني قلته فلا تكذب به فانك إنما تكذبني )[132]
    • وورد في حديث صحيح آخر قال الراوي قلت لأبي عبد الله (ع) إن الرجل يأتينا من قبلكم فيخبرنا عنك بالعظيم من الأمر فتضيق لذلك صدورنا حتى نكذبه . فقال أبو عبد الله (ع) أليس عني يحدثكم . قلت بلى . فقال فيقول لليل انه نهار والنهار انه ليل فقلت لا . قال فردوه إلينا فانك إذا كذبته فإنما تكذبنا )[133]
    بل لا يحق لمن طالع حديثهم أن يقول بالتضعيف أو الجرح فالمخالف أو الواقفي والخارجي الكل تؤخذ روايته كما نصت الرواية الصحيحة عن أبي بصير عن أبي جعفر " ع " أو عن أبي عبد الله " ع " قال سمعته يقول لا تكذبوا الحديث أتاكم به مرجئ ولا قدري ولا خارجي نسبه إلينا فأنكم لا تدرون لعله شيء من الحق فتكذبون الله عز وجل فوق عرشه)[134] .

    والأحاديث في هذا المجال كثيرة .


    *** *** * *** ***



    ونحن هنا نقف بين حالتي السلب والإيجاب ، أما أن ننفي وجود إمام ثالث عشر ، وبهذا ننفي حديث متواتر عنهم (ع) ، من غير أي دليل إلا لأننا لا نعرف كيفية التوجيه له ، وما هو المخرج منه ، وهو تصرف خاطئ وباطل عند الجميع ، هذا في السلب أو نفي الإثبات ، أما في الإثبات فنقف عند مسألة خطيرة ، وهي إنا لو أثبتنا أن الأئمة ثلاثة عشر لانتفى المعتقد الإمامي أساساً هذا أولا ، وثانيا لابد من القول أن الأئمة قد ظلموا هذا الشخص ولم ينـزلوه منـزلته ، فان كان لدينا روايات خمسة عشر مثلا تقول أن الأئمة ثلاثة عشر ، فان لدينا عشرات الروايات تقول أن الأئمة اثنا عشر إمام ، فما المخرج من ذلك ؟ وسيتضح حل هذا الإشكال من خلال الكلام القادم من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى .
    هذا من جانب ومن جانب آخر لو اخذ العلماء بهذه المقولة لأنهدم عندهم – حسب اعتقادهم – أساس العقيدة التي أسسها أهل البيت (ع) ولو أمكن لهم الرد على أحد الجانبين – اقصد الجانب السندي والدلالي - لردوا . ولكن الروايات بلغت حد التواتر كما أسلفنا ، ودلالتها واضحة جدا فلم يبق إلا التسليم لآل محمد (ع) وعدم الخوض في هذا المجال ، وإرجاع ما احتاروا فيه إلى الله تعالى وال البيت (ع)[135] . إلا إن خلف من بعدهم قوم
    ( أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) (مريم:59) .
    وهذا كاظم الحائري يقول :
    ( ولو تمت النسخة لحملت على التغليب كما مضى ولكن الشأن في تمامية النسخة لان الصدوق روى الرواية نفسها بالسند نفسه من دون هذا التشويش) (في الهامش أصول الدين الباب 28 الحديث 3 )[136] .
    وفي موضع بعد هذا الموضع قال في ختام الحديث ( وعلى أي حال فلنغض النظر عن التوجيهات الماضية ونقول لو تم بعض هذه الأخبار لكان خبرا واحدا نادرا في مقابل ما مضى من أخبار الأثنى عشر التي كانت فوق حد الإحصاء )[137] . ويرد عليه عدة نقاط نأخذ المهم منها لبيان الحق وإلا فهفواته أكثر من أن أحصيها هنا :
    1- إن باب التغليب ليس له مدخلية في هذا المورد فالحديث صريح في إن الأئمة ثلاثة عشر أثنى عشر من صلب علي وفاطمة ، وقد سمعت الأحاديث تنص على إنهم من صلبهما (ع) بل يركز حديثهم (ص) على هذه المسألة بإعادتها فلاحظ
    ( الاثنا عشر الإمام من آل محمد (ع) كلهم محدثون من ولد رسول الله ومن ولد علي ، ورسول الله وعلي (ع) هما الوالدان ) فالمسألة لا تقبل مثل هذا التوجيه ، وحديث الإمام الباقر (الاثنا عشر الإمام من آل محمد كلهم محدث ولد رسول الله (ص) وولد علي بن أبي طالب (ع) ، فرسول الله وعلي (ع) هما الوالدان ) وكلمة ( من صلب علي وفاطمة ) .
    فكان الأجدر بك أن تقف على حدود فهمك ولا تتعدى بالتطاول على سادتك . بل عمد الحائري إلى تجزئة الحديث ليثبت كلامه لا كلام آل محمد . فاستمع عزيزي القارئ من جديد لهذا الحديث ، وانتبه لما تحته خط فهو الذي نقله الحائري :
    ( قال يهودي لأمير المؤمنين (ع) : أخبرني عن هذه الأمة كم لها من إمام هدى ؟ وأخبرني عن نبيكم محمد أين منزله في الجنة ؟ وأخبرني من معه في الجنة ؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام إن لهذه الأمة اثني عشر إمام هدى من ذرية نبيها وهم مني وأما منزل نبينا في الجنة ففي أفضلها وأشرفها جنة عدن وأما من معه في منزله فيها فهؤلاء الاثنا عشر من ذريته وأمهم وجدتهم وأم أمهم وذراريهم ، لا يشركهم فيها أحد )
    فأقراه بتمعن وأنت استحصل النتيجة .
    2- ما معنى التشويش في عبارتك فان كان قصدك إن التشويش في كلام الأئمة (ع) وألفاظهم خرجت عن ربقة الإسلام – كما خرجت في إقرارك غير حكم الله بجواز الانتخابات – .
    وان كان قصدك إن هذه الرواية قد وقع فيها الخلط والتشويش من قبل الرواة ، فقد اتهمت أناس من غير دليل ، وأرجعت الحديث على آل محمد (ع) فقد ورد عن أبي بصير عن أبي جعفر " ع " أو عن أبي عبد الله " ع " قال سمعته يقول :
    ( لا تكذبوا الحديث أتاكم به مرجئ ولا قدري ولا خارجي نسبه إلينا فأنكم لا تدرون لعله شئ من الحق فتكذبون الله عز وجل فوق عرشه)[138]
    فما بالك بهذه الكثرة الكاثرة من الأحاديث في هذا الباب حتى انك نقلت من باب واحد من كتاب واحد (كتاب الكافي باب الحجة ) ثمانية أحاديث مختلفة السند واضحة الدلالة فكيف جاز لك أن تتهم كل هؤلاء الرواة جملة وتفصيلا .
    استشهدت بحديث ورد عن الصدوق (رحمه الله) قِـبَال رواية واحدة ، فماذا تقول في بقية الروايات . ثم إن القاعدة لديكم تقول جمع الأحاديث خير من طرحها فهل هناك جمع بين هذه الرواية مع رواية الصدوق (عليه الرحمة) هذا ما سيتضح بما سيأتي إن شاء الله تعالى .


    3- التخبط الذي يتخبطه الحائري ظاهر في كلامه ( احتمال كون فاطمة { (ع) } واحد عشر من ولدها بعيدا ...
    ولكن يأتي هنا بوضوح الاحتمال وهو احتمال التغليب )[139] .
    ليس لديه أي كلمة يمكن أن يجيب عنها سوى هذه الكلمة ( التغليب ) ، وهي أجنبية عن الموضوع كما سبق فالأحاديث تتكلم في قسم منها عن الأوصياء أو النقباء أو من ولد الرسول أو من ولد علي . فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ، بل إن قسما منها صريح بان الزهراء (ع) ثم خديجة الغراء ثم عليا ثم الأئمة الاثنى عشر من ذريتهما والأحاديث واضحة .
    4- مقولتك ( فلنغض النظر عن التوجيهات الماضية ) ولم أر توجيها يمكن أن تقول بعده ( توجيهي ) فكيف بـ(( التوجيهات )) .
    5- والعجيب بعد هذا نراه يقول : ( لو تم بعض هذه الأخبار لكان خبرا واحدا نادرا ) .
    ولكن هيهات ، هيهات سبق السيف العذل ، فهو يسوق ثمانية روايات واضحة المعنى ، وبأسانيد مختلفة من كتاب واحد ، علما أن في الباب الذي اختار منه هذه الروايات أحاديث أخرى دالة على هذا المضمون إلا انه يغض الطرف عنها ، والعجيب إنها تقع بين الروايات التي اخذ منها هذه المجموعة !!!. بعد هذا كله يقول (لكان خبراً واحداً) سبحان الله الحديث المتواتر لدينا ما روي بثلاثة أسانيد صحيحة وأنت تروي ثمانية أحاديث بأسانيد مختلفة وتغض الطرف عن بقية الأحاديث !!! ما هكذا يا سعد تورد الإبل .
    وبعد هذا كله نقول له إن كنت لا تعرف المخرج من الطريق فلا تقحم نفسك فيه لكي لا تجعل (الشبهات عاذرا لسقطاتك) .
    قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً ) (النساء:47)
    6- والأعجب مقولتك في الكتاب بحرمة المذكور الانتخابات وانتقادك أبناء العامة حيث قلت :
    ( يمكن الاستدلال بآيتي التبليغ والإكمال لإثبات إمامة علي بن أبي طالب (ع) بلا فصل بإضافة جملة مختصرة على ما تقدم من الاستدلال لإثبات التنصيص وإبطال الشورى ) سبحان الله فما عدا مما بدا ، أم إن طغيان التسمية عم عليك ، فما إن أقبلت انتخابات أمريكا إلا وسارعت إليها ولاقيتها بالأحضان ، بل والأدهى والأمّرُ انه يعود وينتقد السنة لأنهم اتخذوا من سجد في يوم من الأيام لصنم ليقول :
    ( ولا خلاف بين الشيعة والسنة في أنهم كانوا يسجدون للأصنام في بداية أمرهم وقد قال تعالى ( إن الشرك لظلم عظيم )) وقد نصت الآية المباركة على أن عهد الله لا ينال الظالمين
    فما تقول اليوم وقد جوزت بانتخاباتك – انتخابات أمريكا - أن يتولى زعامة المسلمين اليهودي والنصراني ، بل والصابئي والمجوسي ، بل ومن ينكر وجود الله كالشيوعي . فإنا لله وإنا إليه راجعون . وسيعلم الذين ظلموا آل محمد أي منقلب ينقلبون .




    الفصل الخامس


    القران


    والمهدي الأول


    أتضح لنا مما سبق أن المهدي الأول تكون له خصوصيته الفارقة عن أبنائه البررة ، ولمزيد من المعرفـة حول هذه النقطة عقدنا هذا الفصل .

    من المعروف والبديهي ارتباط آل البيت (ع) (الأئمة والمهديين) بالقرآن الكريم ، ولكن جهلاء القوم ما ابقوا بديهي ولا معروف ، فلا بأس أن نأتي بحديث لأحد أعلام الشيعة وهو العلامة المجلسي (عليه الرحمة) وما قاله في هذا الموضوع :
    ( ... ثم بين محل ولاة أمره من أهل العلم بتأويل كتابه فقال عز وجل : " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " وعجز كل أحد من الناس عن معرفة تأويل كتابه غيرهم ، لأنهم هم الراسخون في العلم المأمونون على تأويل التنزيل قال الله تعالى : " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " إلى آخر الآية وقال سبحانه : " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " . وطلب العلم أفضل من العبادة ، قال الله عز وجل : " إنما يخشى الله من عباده العلماء " وبالعلم استحقوا عند الله اسم الصدق ، وسماهم به صادقين ، و فرض طاعتهم على جميع العباد بقوله " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ... ) [140]
    و حديثهم (ع) ينص بالصراحة على إن هذا التفاعل الكبير بين المهدي الأول والقران الكريم ، فالمهدي الأول الذي يخرج قبل الإمام المهدي ويمهد له سلطانه ويستأنف الدين من جديد كما بدء رسول الله (ص) يكون منطلقه القرآن الكريم ، لأنه لا هداية كهداية القرآن . هذا بعد أن أجمع المسلمين على عظمة القرآن ، وعظمة الاحتجاج به على الخصوم ، فهو الفيصل بين الحق والباطل فـ:

    ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) (الإسراء:9)

    وهو حبل الله الأكبر في وصية رسول الله (ص) فمن شاء الحق اتبع من تكون منازل الجنة على قدر معرفته قال رسول الله (ص) ( يقول لصاحب القرآن يوم القيامة اقرأ وارق ) .
    وهذا ديدن معروف لدى أهل البيت (ع) في تبيين الحق فعن طريق القرآن الكريم يكون التمييز والفصل بين الحق والباطل لذا نجد أحد أصحاب الأئمة (ع) - منصور أبن حازم - يقول حكاية عن الإمام الصادق (ع) ( نظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته )[141] .
    والوارد في الروايات انه لابد للقرآن من أهل ، ولا يسع الناس إلا الأخذ من أهل القرآن قال تعالى : ( وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ) .
    وقد نبه الأئمة (ع) إلى هذه النقطة بالتحديد – أي إن القائم يأتي حامل للقرآن - وركزوا (ع) عليها تارة بصورة مباشرة ، وأخرى بصورة غير مباشرة ، ومن هذه الأحاديث :
    1- ( والمحتج عليهم بالقرآن فلا يدع شخص إلا وحاجه في كتاب الله)[142] وهي عبارة واضحة كل الوضوح أن شخص المهدي الأول (ع) يسبق ظهور الإمام المهدي (ع) يحتج على من يقولوا ( ارجع يا ابن فاطمة فلا حاجة لنا بك ) .
    فيثبت حق آل محمد من القرآن الكريم ، وفي تكملة الرواية عنصر مهم جدا وهو (فلا يبقى أحد من المخالفين ألا حاجة فيثبت امرنا في كتاب الله …)[143] ولحق آل البيت مصاديق متعددة ولكنها تلتقي في منـزلتين أساسيين :
    أ‌- المنـزلة المادية : أي إنزالهم منازلهم التي خصهم الله بها . ومن ابرز مصاديقها الولاية والحكومة التي تكالب القوم على سلبها منهم ، وأصبحت الخاصة والعامة في ذلك سواء .
    ب‌- المنـزلة المعنوية وهي إنزال آل البيت منـزلتهم التي كرمهم الله بها . وذلك بالكشف لحقيقة منـزلتهم عند الله سبحانه .
    وهذان القسمان هما اللذان يطالب بهم المهدي الأول – السيد حمد الحسن - ويثبتهما من كتاب الله وقد مر عليه ما يربوا الأربع سنوات وبصورة علنية واضحة يطالب بحق آل محمد . وكتبه خير شاهد ودليل على ما نقول فمن كتاب ( العجل ) بجزئيه إلى ( حاكمية الله لا حاكمية الناس ) ، وما نور الوجود به من أسرار الإمام المهدي (ع) (شيء من تفسير سورة الفاتحة) ، ثم كتابه الخالد أسرار الإمام المهدي (ع) (المتشابهات) بأجزائه .
    2- الأحاديث الوارد في أول المؤمنين بقضية الإمام المهدي (ع) ، أو الأحاديث التي تذكر دلائل القائم الأول (ع) ومنها ما حدده الحديث الشريف لمحمد المصطفى (ص) العلم ومنها الحديث الوارد :
    ( إن أول قائم منا إذا قام يحدثكم بحديث لا تحتملونه )[144] .


    ومنها الحديث الوارد عنهم (ع) :
    ( فإذا انقضت العلامات العشرة إذ ذاك يظهر بنا القمر الأزهر وتمت كلمة الإخلاص لله على التوحيد )[145] .
    فعدم الاحتمال في الحديث الأول هو نتيجة حتمية لمن لم يحتمل من التوحيد الحقيقي شيء ، والذي يشير إليه الحديث الثاني (وتمت كلمة الإخلاص لله على التوحيد) فنشر الإخلاص والتوحيد يواجه بالرفض من جهة وبعدم التحمل من جهة أخرى وعند ذلك ينجوا المسلمون كما ورد عنهم (ع) وفي حديث آخر (من رد الحديث لنا فقد سلم) ، ومن الأحاديث الدالة على انه (ع) يأتي بالعلم حديث رسول الله (ص) في أن الآيات والعلامات الدالة على المهدي (ع) هي العلم لا غيره ، فقد ورد عن رسول الله (ص) انه قال :
    ( يخرج من تهامة حين تظهر الدلالات والعلامات وله كنوز لا ذهب ولا فضة ، إلا خيول مطهمة ورجال مسومة يجمع الله له من أقاصي البلاد على عدد أهل بدر (313) رجلا ... فقيل له يا رسول الله وما الدلالات والعلامات قال (ص) له علم إذا حان وقته انتشر ذلك العلم من نفسه ... )[146] .
    إذاً فرسول الله (ص) يقول إن علاماته ودلالاته هي شيء واحد ألا وهو العلم الذي قال فيه الرسول (ص) انه ينتشر من نفسه فما المراد من هذه اللفظة حتى نعرف الدلالات والعلامات ؟ . وننتبه للحديث الشريف لنجد فيه أربعة مفاهيم وهي 1- تهامة 2- العلم 3- الانتشار 4- من نفسه .
    أ- تهامة من ارض اليمن وبهذا يكون الربط بين المهدي الأول واليماني الموعود ، حيث يقرن المهدي باليماني ، فمكة من تهامة لذا أجاب السيد احمد الحسن بان الرسول (ص) يماني وأمير المؤمنين (ع) يماني والأئمة (ع) كلهم يمانيين والوصي الأول يماني والحديث يقول يخرج من تهامة بينما باقي الحديث يتحدث عن خروج القوات المناصرة له من المشرق أو قل من خرسان فالمقطع (له كنوز لا من ذهب ولا فضة ولكن خيول مطهمة ورجال مسومة) تتحدث عن إقبال الرايات التي فيها خليفة المهدي أو خليفة الله المهدي على ما سيتضح في هذا الكتاب . لذا فان هذه القوات القادمة من طالقان أو من خرسان هم أتباع اليماني الموعود وصي ورسول الإمام المهدي (ع) [147] .
    ب- قلنا إن العلم من اللوازم الضرورية والحتمية لمن يقود المجتمع ولهذا عبرت الروايات بان روح القدس الأعظم مرافقة للحجة على الخلق (ع) – على وجه – وان علمهم (ع) على أشكال مختلفة .
    ج - الانتشار : من الواضح والبديهي لكل من طالع روايات أهل البيت (ع) إن العلم المنتشر بين الناس قبل قيام الإمام المهدي حرفين منذ عهد آدم (ع) أما بعد ظهور أمر الإمام (ع) فسيضم إلى هذين الحرفين خمسة وعشرون حرفا لتستوي بعدها سبعة وعشرون حرفا .
    د – إن لفظ ( النفس ) في هذا الحديث الشريف تشير إلى ما كان مقصوداً من التعبير القرآني في قوله تعالى ( وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ) فالرسول محمد (ص) مدينة العلم ، أما علي فباب هذه المدينة ولذا فان العلم يؤخذ من علي بن أبي طالب (ع) ولهذا عبر رسول الله (ص) ( فمن أراد الحكمة والعلم فليأت من بابها ) وهذا الحال يعاد في الإمام المهدي (ع) فمن أراد الحكمة والعلم فليأت من باب الإمام المهدي (ع) ، ألا وهو السيد الوصي واليماني الموعود والمهدي الأول وهو السيد احمد الحسن (ع) .
    2-السؤال الموجه إلى الإمام الباقر (ع) حول معرفة وصي الإمام المهدي بماذا يكون ؟ وهي مسألة مهمة انتبه لها الأولون من أصحاب الأئمة ومنها ما ورد عن أبي الجارود قال قلت لأبي جعفر (ع) إذا مضى الإمام القائم من أهل البيت فبأي شي‏ء يعرف من يجي‏ء بعده قال: (بالهدى والإطراق وإقرار آل محمد له بالفضل ولا يسأل عن شي‏ء بين صدفيها إلا أجاب)[148] .
    ومن المعلوم من وصية رسول الله (ص) إن أول من يخلف الإمام المهدي (ع) هو المهدي الأول الذي تسبق حركته المقدسة الظهور الفعلي للإمام المهدي (مكن الله له في الأرض) ، إذاً فهي ناظرة إلى المهدي الأول والتي يركز الإمام على ذكر ثلاث خصال له هي :
    1- الهدوء والإطراق .
    2- إقرار آل محمد (ع) عليه وذكره .
    3- لا يسأل عن شيء إلا وأجاب .
    فالخصلة الأولى : السكينة والوقار وهي الميزة التي ميزت الأنبياء والمرسلين وال بيت العصمة الطاهرين ، فهو هادئ لا يسخفه الذين كفروا ، ومطرق لا يتعجل بهم العذاب بل يطرق ويسلم لله الواحد القهار .
    أما الخصلة الثانية : فإقرار آل محمد عليه ومن المعلوم أن الإقرار يكون بأحد أسلوبين فأما أن تقابل آل محمد (ع) وتسمع منهم بالمباشرة ، وأما أن تصلك أخبارهم عن طريق نقلة حديثهم والحمد لله الذي لا تعد أنعامه فالطريقين قد حصلا واجتمعا على أن السيد احمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي . فأما الأول (المباشرة) فقد حصل به القطع وقد أثبته الأنصار في كتاب (الــرؤيا حــجة) الحلقة الثانية والثالثة والرابعة ، وأما الثاني – الحديث المنقول عنهم (ع) – فقد أورد الشيخ ناظم العقيلي منه جانب في كتاب (الــبلاغ المبين) وقد اثبت كتاب (الـنور المبين) جانب آخر من أحاديثهم (ع) في السيد احمد الحسن (ع) فمن شاء فليراجع الكتابين . والحمد لله وحده .
    والخصلة الثالثة هي العلم الذي يحمله هذا الوصي الكريم . ومن المقطوع به حسب تعبير الإمام أمير المؤمنين (ع) إن العلوم كلها في القرآن الكريم والقرآن الكريم لا يؤخذ إلا من المعصوم . قال (ع) :
    ( علوم الكون كلها في القرآن وعلوم القرآن كلها في الفاتحة ، وعلوم الفاتحة كلها في البسملة ، وعلوم البسملة كلها في الباء ، وعلوم الباء كلها في النقطة ، وأنا النقطة )[149]


    4- الحديث الوارد عن الإمام الصادق (ع) حينما سأله أبو بصير :-
    ( سمعت من أبيك انه قال بعد القائم أثنى عشر إماما . فقال الإمام الصادق (ع) : لا إنما قال أثنى عشر مهديا ولم يقل أثنى عشر إماما ولكنهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا ) .
    وقد مر الحديث في طيات هذا الكتاب والشيء المهم هنا هو إن القرآن الكريم نزل على حد تعبير بعض الروايات في أربعة أرباع فربع فينا ، فلابد من استجلاء وكشف هذا الربع وتوصيله إلى الناس حتى تتضح بعض حقيقة محمد وآل محمد فلابد أن يجلي المهدي الأول عن هذه الحقيقة فهم الموكلون بدولة العدل الإلهي وهم الموكلون بالارتقاء والتكامل الإنساني على وجه البسيطة هذا من جانب . ومن جانب آخر إن المهدي الأول الذي يكون خروجه سابقا لخروج الإمام المهدي (ع) حيث يمهد للإمام سلطانه ، حتى عبرت الروايات عنه بأنه أول المؤمنين هو الذي سيفتح الباب لتقبل الناس العلوم التي يبثها الإمام المهدي (ع)
    ( أي الخمسة وعشرون حرفاً إلى جنب الحرفين المبثوثة في الناس فتستوي سبعة وعشرون حرفاً ) .
    وبهذا الفتح يكون تطبيق العدالة الكاملة في الأرض فالبشرية يُراد منها أن تصل إلى كلمة ( اللهم صل على محمد وال محمد وسلم تسليما ) ولا يمكن أن تصل إلى هذه المرتبة إلا في معرفة العلوم ( الخمسة وعشرون حرفا إلى جنب الحرفين )
    ولا يمكن هذه المعرفة إلا بالتسليم للآل محمد (ع) وهذه الحروف هي معرفة آل محمد (ع) [150] ، ولهذا عبر الإمام الصادق (ع) عنهم ( ومعرفة حقنا ) .
    وبعد هذا كله عُد بنا يا قارئي العزيز إلى الحديث السابق (قال أبو جعفر (ع) :
    ( بالهدى والإطراق وإقرار آل محمد له بالفضل ولا يسأل عن شي‏ء بين صدفيها إلا أجاب ) .
    إذاً يعرف بما سبق وهو قطعاً من غير الأئمة فهم (ع) يقرونه وهي غير باب الرجعة قطعاً إلا لمن أراد أن يرى ضوء النهار ظلمة .
    ولنلاحظ حديث آخر يتحدث عن الأئمة (ع) ومعرفتهم عن الحارث بن المغيرة قال : قلت لأبي عبد الله (ع) : بأي شيء يعرف الإمام ؟ قال : (بالسكينة والوقار) ، قلت : بأي شيء ؟ قال : وتعرفه بالحلال والحرام ، وبحاجة الناس إليه ، ولا يحتاج إلى أحد ويكون عنده سلاح رسول الله (ص) ، قلت : يكون إلا وصيا ابن وصي ؟ قال : لا يكون إلا وصيا وابن وصي ) [151] . وللكلام بقية .



    الفصل السادس


    المهدي والمهديون


    مسيرة تكاملية لــــخـــط الأئمة

    وبعد أن أتضح في الفصل الثالث أن الاعتقاد بالمهديين واجب افترضه الله تعالى على عباده منذ زمن النبي (ص) إلى يوم القيامة ، وأتضح أن المهدي الأول أو قل والد المهديين (ع) تكون له تلك الخصوصية نطرح سؤال مفاده ماذا يمثل وجود المهديين بالنسبة للأئمة (ع) ، والإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى مقدمة بسيطة يتضح منها الجواب .
    نقول :
    ورد في الحديث الشريف أن آل البيت (ع) درجوا على تشبيه حجج الله بالنجوم كقولهم ( كيف بكم إذا غاب عنكم نجمكم ) - إمامكم – وورد عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله ع أنه قال :
    ( يأتي على الناس زمان يصيبهم فيها سبطة يأرز العلم فيها كما تأرز الحية في جحرها فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم نجم قلت فما السبطة قال الفترة قلت فكيف نصنع فيما بين ذلك فقال كونوا على ما أنتم عليه حتى يطلع الله لكم نجمكم[152] (.
    وسيأتي الحديث في حديثهم (ع) في هذه النقطة .لكن الجزء المهم الآن هو ما ورد عنهم (ع) بحديث للإمام الصادق (ع) :-
    ( قال المفضل بن عمر قلت : لأبي عبد الله (ع) : ما علامة القائم ؟ قال (ع) : إذا استدار الفلك ، فقيل مات أو هلك ، في أي واد سلك . قلت : جعلت فداك ، ثم يكون ماذا ؟ قال (ع) : لا يظهر إلا بالسيف)[153].
    وهذا حديث ذو بعد رمزي قطعاً ، والسؤال هنا هو ما معنى قوله (فإذا استدار الفلك) فاستدارة الفلك هو رد الإمام الصادق (ع) . على سؤال المفضل عن علامة القائم (ع) فالإمام يقول للمفضل :
    ( قلت : جعلت فداك ، ثم يكون ماذا ؟ قال (ع) : لا يظهر إلا بالسيف) فالأحداث التي تقع بعد استدارة الفلك أو قل المترتبة على الاستدارة هي الظهور بالسيف .
    فاستدارة الفلك تكون سابقة للقتال فلابد أن تكون هذه العلامة هي علامة جوهرية تكون الحد الفيصل بين الدعوة الكلامية ودعوة السلاح ، أو قل هي ظهور دعوة سابقة على حمل السيف والقتل والقتال ، وفيها الحجة البالغة على الناس ، فحمل السلاح من الإمام المهدي (ع) يعني العذاب ، والعذاب يسبق برسالة ورسول حامل لهذه الرسالة قال تعالى :- (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (الإسراء:15) ، وأهم صفات الرسول الإلهي هي البلاغ المبين قال تعالى : ( أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ) (الدخان:13) .
    إذن فمسألة (استدارة الفلك) مسألة في غاية الأهمية ولابد من تحصيل المعرفة فيها وما مراد الإمام الصادق (ع) .
    وهنا نطرح السؤال : ما هو استدارة الفلك ؟
    والجواب :
    إن الرسول (ص) وال البيت (ع) كما مر علينا اعتادوا على التركيز على مسالة مهمة هي مسالة الكواكب والنجوم ، واعتادوا على تسمية الحجج على الإطلاق بالنجوم وقد كتب أحد الإخوة (الأستاذ احمد حطاب) كتاباً في هذا الموضوع تحت اسم (طــالع المـشرق) يشرح فيه هذه القضية – ومن جملة هذه الأحاديث في تفسيرهم للآيات القرآنية :-
    ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) (الأنعام:97) . قال القمي ( النجوم هم آل محمد (ص) ... )[154]وقوله تعالى : ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ ) (الصافات:88) .
    وما ورد في كتاب الكافي عن الإمام الصادق (ع) في هذه الآية
    (قال انه حسب فرأى ما يحل بالحسين (ع) فقال إني سقيم لما يحل بالحسين)[155] .
    وفي هذا ورد الحديث الشريف عن علي بن خنيس سأل الإمام الصادق عن النجوم أهي حق قال :
    (نعم إن الله عز وجل بعث المشتري إلى الأرض في صورة رجل ...)[156]
    ومثل هذا في قوله تعالى ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) (الواقعة:75) ومثله في ( النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (الطارق:3) .
    وكذا الآية القرآنية الكريمة إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ)(الصافات6)
    والأحاديث في هذا المضمار كثيرة جداً منها ما ورد عن رسول الله (ص) :
    ( إن مثل أهـل بيتي كمثل النجوم ) .
    و بمضمون قـوله (ص) : ( إن لكل نبي نجمة في السماء ) .
    وقوله (ص) : ( إن الأواني على حوض الكوثر بعدد النجوم ) .
    وقال صادق آل البيت (ع) في الإمام المهدي ( إذا غاب عنكم نجمكم ) .
    بل ويصرح أمير المؤمنين (ع) في هذا فيقول في خطبة له (ع) :
    (... أنا بحر العلم ، ونحن حجة الحجاب ، فإذا استدار الفلك ، وقيل مات أو هلك ، ألا أن طرفي حبل المتين ، إلى قرار الماء المعين ، إلى بسيط التمكين ، إلى وراء بيضاء الصين ، إلى مصارع قبور الطالقانيين ، إلى نجوم ياسين ، وأصحاب السين من العليين العالمين ، وكتم أسرار طواسين ، إلى البيداء الغبراء ، إلى حد هذا الثرى )[157] .
    ولوقوف على سر هذه الكلمات العظيمة ننصح بقراءة كتاب أسرار الإمام المهدي (المتشابهات) بأجزائه الثلاث .
    فاستدارة الفلك يمر بخط تصاعدي فانظر لكلمة أمير المؤمنين (ع) (ألا أن طرفي حبل المتين ) ليتبين لنا المقصود بالحبل الذي يربط الأرض بالسماء وهم آل البيت (ع) والقران الكريم – أي ثقلي الهدى- فهم الموصل إلى ( إلى قرار الماء المعين ) ولابد أن يسبق هذا التمكين بمسيرة الخط الجهاد الذي قصده الإمام الصادق في الحديث السابق ( لا يظهر إلا بالسيف ) . ومعه لابد من تقديم الشهيد تلو الشهيد (إلى مصارع قبور الطالقانيين) ، إلى أن يصل الأمر إلى (نجوم ياسين) والله اعلم واحكم ، ولحديث آل محمد (ع) بطون كبطون القرآن الكريم ... الخ .
    ولتوضيح الصورة أكثر نقول إن استدارة الفلك هي مرحلة انتقالية من الأئمة الاثنى عشر إلى المهديين ألاثني عشر . وهي مرحلة انتقال كاملة بين مرحلتي الولاية والهداية ، ويمكننا تقريب الصورة في هذا الحديث في عدة نقاط :-
    1- منازل القمر
    2- عدد حروف اللغة العربية .
    3- عدد الحروف المقطعة في القرآن .
    4- عدد الحروف التي سينشرها الإمام المهدي (ع) .

    توضيح

    وبيان علاقة منازل القمر بمسيرة الأئمة (ع) والمهديين (ع) أوضحه السيد احمد الحسن في كلام له مع الأنصار وسيصدر في المتشابهات الجزء الرابع (إن شاء الله تعالى) فلنأخذ طرفاً منه وكالتالي : من المعلوم أن منازل القمر هي ثمانية وعشرين منـزلاً ، ومنـزل أو بعض منـزل هي زمن غيبة القمر أو الأفول .
    والقمر ينشطر لشطرين : الشطر الأول منها هو الجانب المضيء ، والشطر الثاني هو الجانب المظلم . ويأخذ كل شطر منهما أربعة عشر منـزلاً ، فيتحصل لدينا ثمانية وعشرين منـزلاً ، ومعلوم أن الأئمة (ع) أربعة عشر إمام - مع الرسول والصديقة الطاهرة الزهراء أما المهديين فسيأتي الكلام عنهم .
    ولو طالعنا عدد حروف اللغة العربية لوجدناها (28) حرفا بعدد منازل القمر ، ونصف حروف اللغة العربية يساوي (14) حرفا ، وهذا بدوره يقابل عدد الحروف المقطعة في أوائل السور القرآنية (بعد حذف التكرار) . فالحروف المقطعة إذا جردت من التكرار تساوي لنا عدد منازل القمر المضيئة وهي الحروف النورانية (التي ترمز إلى الأئمة (ع) ، قِـبَال الحروف التي لم تذكر بالقرآن – وتسمى بالحروف الظلمانية من باب المجاز ([158]) – وهي التي ترمز إلى المهديين (ع) ، والتي بدورها تقابل النصف المظلم من منازل القمر فالأئمة (ع) هم المنازل والمهديين (ع) هم الأهلة ([159]) .


    وهذا ما أشار إليه السيد احمد الحسن اليماني الموعود وقائم آل محمد (ع) بقوله : (الحروف في أوائل السور 14 حرفا نصف عدد أحرف اللغة 28 حرفا وهذه الحروف هي الحروف النورانية مقابلها الحروف الظلمانية أي قليلة النور لا أنها مظلمة ، وهذه الحروف كمنازل القمر الأربعة عشر الواقعة في نصف الشهر أي بعد مرور سبعة أيام على بداية الشهر وال (م) كمنزل القمر في ليلة اكتماله واللام الليلة التي تسبقها والألف الليلة التي تليها وهذه هي ليالي التشريق ومحمد(ص) هو القمر المكتمل وعلي وفاطمة القمر شبه المكتمل ورد في الدعاء ( وكلمتك التامة وكلماتك التي تفضلت بها على العاملين ) والميم مقابل الله في البسملة واللام مقابل الرحمن و الألف مقابل الرحيم وكما إن البسملة في كل سورة هي عبارة عن صوره لبسملة الفاتحة ومن جهة معينة كذلك فان هذه الحروف هي صورة للرسول محمد (ص) وعلي وفاطمة (ع) والأئمة وفي كل موضع هي صورة لهم (ع) من جهة معينة وكلما زاد المعصوم معرفة بالله ازدادت جهاته وظهوراته في القرآن وزاد تكرار الحرف الذي يمثله فالميم يكرر (17) مرة واللام تكرر (13) والألف تكرر (13) مرة كما أن هذه الحروف هي صفوة القران فمنها يتكون الاسم الأعظم وهي سر بين الله والإمام (ع) يؤلف منها الاسم الأعظم …)[160] .
    وبالمزج بين هذا الكلام وبين الأحاديث التي تذكر أن الأئمة من صلب علي وفاطمة أثنى عشر إماما يتضح جواب السؤال الأول في الحديث الشريف (يلتقي طرفاه) .
    فالطرف الأول الأئمة (ع) ، والطرف الثاني المهديين (ع) ، وعند بروز شمس الحقيقة (قضية الإمام المهدي -ع- ) يخرج أول المهديين فيكون أول المبايعين للإمام (ع) ، وهذا ما ذكره رسول الله (ص) بوصيته (وهو أول المؤمنين) .
    فيتضح بها معنى الحديث السابق فالاستدارة أولا (أي بروز المهدي الأول خاصة وقضية المهديين عامة) ثم يقع السيف بعد ذلك (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا) (البقرة:137) فازوا وسعدوا وان جحدوا (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (البقرة:137) فالأحاديث في المهديين (ع) جاوزت الأربعين حديثاً فهل لأحد عذر بعدم دخول الباب بعد فتحه
    ومن هذا يتبين الانتقالة التدريجية من الأئمة إلى المهديين ، فهذه الانتقالة تقع ضمن تخطيط إلهي محكم ومكنون إلى وقت الظهور . والحال إن هذا التخطيط مضارع ومشابه لحال وتخيط غيبة الإمام المهدي (ع) التي مهد لها الأئمة (ع) بابتعاد الإمام المعصوم عن القاعدة الشعبية في زمني الإمام الهادي (ع) والإمام العسكري (ع) ثم بعد ذلك تقع الغيبة الصغرى ، لتنتقل بعد ذلك إلى الغيبة الكبرى ، فهي ضمن تخطيط الهي . وبهذا يتضح إن المهدي الأول (ع) كما سبق وأشرنا بثبوته عن طريق أهل البيت (ع) يعد تارة ضمن الأئمة ، وتارة أخرى يعد من ضمن المهديين (ع) .

    ولتوضيح هذا الأمر أكثر

    إن المهديين (ع) هم أثنى عشر مهديا قِـبَال اثني عشر إماما ، وأم المهديين (ع) قبال الزهراء البتول (ع) ، أما قبال الرسول الأعظم (ص) فهو المهدي الأول أيضاً ، وعلى هذا يجتمع في المهدي الأول خصلتان هما : الرسالة والإمامة بالنسبة للمهديين ، وهما منـزلتان ( من منازل أهلة القمر ) . ولكن على الرغم من إن هذين المنـزلين من منازل الأهلة أو قل هما حرفان من الحروف الظلمانية المارة الذكر ، إلا أن اجتماع هاتين الخصلتين تخرجه إلى حيز النور ، واجتماع نور هاتين المنـزلين من منازل القمر تخرجه (ع) إلى منـزلة مضيئة من منازل القمر ، أو قل إن اجتماع هذين الحرفين المظلمين كما مر سابقاً في كلام السيد في شخص (المهدي الأول) يخرجه إلى حيز الحروف النورانية . وبهذا يتبين أن الأئمة (ع) ثلاثة عشر إماما . ( أو حسب تعبير بعض الروايات السابقة أثنى عشر إماما من صلب علي وفاطمة ) .
    وبهذا ينكشف السر في سبب عدم إطلاق لفظ الأئمة ثلاثة عشر ، بل الاستمرار على إنهم (ع) أثنى عشر إماما ، ولم يذكر الثالث عشر إلا في روايات محددة ، وان كانت هذه الروايات تصل إلى حد التواتر ، إلا إنها اقل بكثير من الروايات ذات الجانب الأول ، فلا ظلم من الأئمة (ع) لهذا الإمام الثالث عشر ، بل لأن المرتبة فيه تختلف عن بقية الأئمة (ع) فإمامته (ع) عند اجتماع هاتين المنـزلتين ، فهي منزلة ينالها باجتماع منـزلتين لا بمنزلة واحدة كما هو حال الأئمة الاثنى عشر ، وهو على هذا مرحلة انتقال بين الأئمة (ع) إلى المهديين (ع) على اعتباره إماماً من جهة ، ومن جهة أخرى مهدياً . ولهذا عبرت الروايات عنهم (ع) بقولهم ( يلتقي طرفاه ) وهو بعينه منـزلة ( استدارة الفلك ) .





    وأخيرا أقول :
    وعلى هذا يتبين إن كرة الرجعة هي استدارة أخرى للفلك ، والله العالم والحاكم ، والحمد لله الذي نورنا بنور وليه ، ورزقنا مناصرته ، فله المنّة والحمد ، اللهم ما بنا من نعمة فمنك ، لا اله إلا أنت سبحانك إني من الظالمين [161].







    الفصل السابع



    من هو قائم آل محمد


    الإمام المهدي (ع) أم المهدي (ع)



    من الخصوصيات التي أكرم الله تعالى بها عبده (المهدي الأول) أن جعله الله منفذاً لإرادة السماء ، ومطهر الأرض من براثن الشرك والإلحاد ، فلو سألنا هذا السؤال :-
    من الذي يباشر ملئ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا ؟ .
    إن المتسالم عند الناس أن الإمام المهدي (ع) هو قائم آل محمد ، وهو من يملئ الأرض عدلا وقسطا بعدما ملئت ظلما وجورا .
    ولكن نعيد القول إن كان هذا التسليم من حديث آل بيت المصطفى أخذنا به وإلا فعرض الجدار ، ولا احسب أن عاقلا يناقش في هذه المقدمة البديهية فالثابت هو ما ثبت في القران الكريم وسنة آل البيت (ع) ، ولا يؤخذ بقول قـِـبَال قولهم (ع) : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الحشر: 7) ،

    فإذا ما انطلقنا من هذه القاعدة الثابتة ، نقول وعلى الله الاتكال :
    1- تعدد المهديين والقوام
    إن الروايات تنطق بان هناك أكثر من مهدي وأكثر من قائم يقوم بأمر آل محمد فيمهد لهم سلطانهم ، ومنها الرواية المروية عن الإمام أمير المؤمنين (ع) انه قال : ... إذا قام القائم بخراسان وغلب على أرض كوفان والملتان ، وجاز جزيرة بني كاوان ، وقام منا قائم بجيلان وأجابته الآبر والديلمان ... ثم يقوم القائم المأمول ، والإمام المجهول ، له الشرف والفضل وهو من ولدك يا حسين لا ابن مثله ، يظهر بين الركنين في دريسين باليين ... )[162] .
    والرواية واضحة وصريحة في أن هناك أكثر من قائم لآل البيت (ع) فالقائم الأول بخرسان ويتجه إلى ارض العراق (كوفان) ، والقائم الثاني بأرض جيلان ثم يأتي القائم المأمول وهو القائم الثالث في الرواية فإذا فهمنا أن هناك أكثر من قائم ، وعرفنا ذلك . فمن هو قائم آل محمد (ع) الذي يملئ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ؟ .
    2- حامل السيف :-
    ما ورد عنهم (ع) بان هناك شخص يأتي قبل الإمام المهدي (ع) من أهل بيت الإمام (ع) يقاتل ويحمل السيف على عاتقه فيطهر الأرض ويسلم الراية إلى الإمام المهدي (ع) وهذه الرواية هي التي أوردها الشيخ الكوراني في كتابه (الممهدون) نقلا عن بشارة الإسلام (( يخرج رجل قبل المهدي من أهل بيته من المشرق ، يحمل السيف على عاتقه ثمانية اشهر ، يقتل ويقتل ويتوجه إلى بيت المقدس ... ))[163]
    3- المهدي الأول هو المهدي :-
    إن حديث أهل البيت (ع) يؤكد في أكثر من حديث أن المهدي الأول هو من يطهر الأرض بأمر الإمام (ع) وقد سمعنا منها قسماً ولكن الآن نعرض أحد هذه الأحاديث الصريحة وهي ما ورد عن أمير المؤمنين (ع) للأصبغ بن نباتة :-
    قال الاصبغ : أتيت أمير المؤمنين عليا (ع) ذات يوم فوجدته مفكرا ينكت في الأرض ، فقلت :
    ( يا أمير المؤمنين تنكت في الأرض أرغبة منك فيها ؟ . فقال : لا والله ما رغبت فيها ، ولا في الدنيا ساعة قط . ولكن فكري في مولود ، يكون من ظهر الحادي عشر من ولدي . هو المهدي ، الذي يملاها قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا . تكون له حيرة وغيبة ، يضل فيها أقوام ، ويهتدي فيها آخرون . فقلت : يا أمير المؤمنين فكم تكون تلك الحيرة والغيبة ؟ . فقال : سبت من الدهر . فقلت : إن هذا لكائن ؟ . فقال : نعم كما أنه مخلوق ، قلت : أدرك ذلك الزمان ؟ . فقال : أنى لك يا أصبغ بهذا الأمر ، أولئك خيار هذه الأمة مع أبرار هذه العترة . فقلت : ثم ما ذا يكون بعد ذلك ؟ . قال : يفعل الله ما يشاء ، فإن له إرادات وغايات ونهايات )[164] .
    انظر إلى هذه الكثرة من المصدر وقد تكرر الحديث بكل هذه الكتب بل فوقها ، فالذي يقود الحرب هو المهدي الأول (ع) لا كما يعتقد الناس انه الإمام (ع) فالإمام المهدي (ع) هو الحادي عشر من ولد أمير المؤمنين (ع) والرواية تقول انه من صلب الحادي عشر من ولدي ، واسماه بالتسمية التي أطلقها رسول الله (ص) عليه في وصيته (المهدي) وهي التسمية التي اسماها الإمام الباقر والصادق (ع) ، فهو من يملئها عدلا بأمر الإمام المهدي (ع) .



    تعليق على الحديث الشريف
    والآن وبعد كل ما تقدم به الأنصار من انطباق مواصفات السيد احمد الحسن على الصفات الواردة بحق المهدي الأول من خلال روايات آل البيت (ع) وأتضح إن السيد احمد الحسن هو مهدي آل محمد ، وهو من يملا الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا بقي أن نعرف انه قائم آل محمد ولا نتقدم أي خطوة إلا بعد أن يأذن لنا الله سبحانه وتعالى بالبدء ويتكلم أمير المؤمنين (ع) في محاورته للاصبغ بن نباتة حيث يقول الاصبغ (الحديث السابق)[165] . ومن المعلوم أن الحادي عشر من ولد أمير المؤمنين (ع) هو الإمام المهدي ، فالذي يكون من ظهر الإمام المهدي (ع) من ذريته هو المهدي الأول ، وأمير المؤمنين (ع) يتفكر في أمر المهدي الأول (ع) ، فالذي يقود الحرب هو المهدي الأول (ع) لا كما يعتقد الناس انه الإمام (ع) وهو من يملئها عدلا بأمر الإمام المهدي (ع) والذي يؤكد أن الرواية مختصة بالمهدي الأول (ع) هو ختام كلام أمير المؤمنين (ع) حيث قال
    ( يكون له غيبة وحيرة ، تضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون . فقلت : يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة ؟ قال : ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين)
    أنظر الرواية عند كل من الشيخ الكليني في ( الكافي ) ([166]) ، والشيخ علي اليزدي الحائري في ( إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب ) ([167]) ، وصاحب كتاب ( قد يكون الإمام المعصوم غائباً ) ([168]) الصادر عن مركز المصطفى (ص) .
    فهل يعقل عاقل إنها مختصة بالإمام المهدي (ع) وقد مر على غيبته ما يربوا الآلف سنة ، وعلى العموم فان الذين رووا هذه الرواية بأسانيد عدة هم الصدوق في الإكمال والمجلسي في البحار ، وكفاية الأثر ، وإعلام الورى ، و الإمامة والتبصرة لابن بابويه القمي وغير ذلك من رواة الحديث ، وعن الباقر (ع) قال
    ( في صاحب هذا الأمر سنة من موسى وسنة من عيسى وسنة من يوسف وسنة من محمد (ص) ... وأما من يوسف فالسجن و الغيبة ، وأما محمد (ص) فالقيام بسيرته وتبين آثاره ، ثم يضع السيف على عاتقة ثمانية اشهر فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عز وجل)[169] ، فانتبه عزيزي القاري إلى (( السجن والغيبة )) .
    والإمام المهدي لم يسجن ولا يسجن (بقوة الله تعالى) لكن المهدي الأول من كانت له سنة يوسف السجن والغيبة ، وغيبته أما ستة أيام أو ستة اشهر أو ستة سنين كما أخبر أمير المؤمنين (ع) ، وهو الذي يضع السيف على عاتقه ثمانية اشهر كما في الحديث السابق (بجيشه العقائدي) فالحديث يتمم بعضه بعضا ، ومن الأحاديث التي تؤكد هذا السياق ما ورد عن أبي الحسن (ع) أنه قال :
    (( كأني برايات من مصر مقبلات خضر مصبغات ، حتى تأتي الشامات فتهدى إلى ابن صاحب الوصيات ))[170] .
    ومن المعلوم أن صاحب الوصيات هو (الإمام المهدي) (مكن الله له في الأرض) إلى غير ذلك من الأحاديث .




    الفصل الثامن


    الـــخــطة العــسكرية


    لآل البيت (ع) في حركة المهدي الأول

    بعد كل هذا الذي طالعناه لابد أن يسأل الإنسان إذا كان هذا الاستدلال كله قائم على (القرآن والحديث الشريف) فلماذا لم يقف على هذه الأحاديث الشريف صالح العلماء السابقين ولماذا لم ينبهوا الناس عليه بل ولم يطرح هذا الطرح من قبل ، لماذا لم يطََّلع السلف الصالح من الشيعة الإمامية عامة على هذه النقاط الأساسية التي هي من الأمور الاعتقادية والتي لابد لكل فرد البحث فيها ، والتي هي فرض على كل مسلم ومسلمة ؟ . وقبل الإجابة والخوض في هذه النقطة نسير سوية في مقدمة بسيطة هي من بديهيات النظام العسكري وهي :
    (أن كل قائد حملة عسكرية يكون حريص كل الحرص على أن لا يكشف خطته العسكرية)
    فان فعل ذلك فهو من أهل الحمق وغير جدير بالقيادة العسكرية التي تتطلب السرية والمحافظة على السر إلى آخر لحظة من تحركه ، بل إلى أن يفتح الله له ، وبعد الفتح أيضاً يتطلب العمل السري . فالعمل يقتضي السرية في الأعم الأغلب ، قال رسول الله (ص) (استعينوا على قضاء حوائجكم بالصبر والكتمان) . فكيف يمكن لعاقل أن يصدق انه سينجح في خطته ويقود جيشه إلى الانتصار وقد كشف أوراق تحركه .
    لذا تجد الأئمة (ع) أكدوا في الكثير من أحاديثهم (ع) على هذه النقطة ، فهم (ع) يتخذون أسلوب التلميح البعيد تارة وأخرى يتخذون أسلوب تداخل الكلام ، بل إن من كلامهم ما يتعمدون فيه إبعاد الناس عن الخطوات الأساسية لحركة ظهور الإمام المهدي (ع) ، كيف لا وحركة الظهور مهد لها (124) ألف نبي فكل الأنبياء والمرسلين والأوصياء وجميع المعصومين مهدوا لدولة قائم آل محمد (ع) ، كلهم مهدوا لدولة العدل الإلهي ، مهدوا
    (لحاكمية الله لا حاكمية الناس) ، مهدوا (لتوجه الناس له سبحانه لا للتوجه لخلقه) .
    فإذا كان الأمر بهذه الخطورة ، وهذه المنـزلة العظيمة فلابد أن يرافقها احتراس وتحوط لا اقل بمقدار مساوي لدفع كيد الأعداء وحيل الدجالة .
    صحيح إن هناك أصول رسمها القرآن الكريم لنا في إدارة الحروب كقوله تعالى (فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً)، ولكن هذا شيء وأن يكشف القائد خطة عمله شيء آخر . ومن هذا المنطلق نرى إن رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع) والأئمة من بعدهما (ع) ساروا على هذا النهج ، ونستطيع أن نكشف هذا بالتمعن فيما مضى بل نستطيع أن نستدل على صحة هذا الكلام بالكثير من الروايات ، ولكن سنقتصر على ما يثبت الكلام لمن طلب الهداية والرشاد ، ويلجم من أراد الشقاق والنفاق : (العاديات:3)
    (1)- استعمال لفظ المهدي للمهد الأول لدولة العدل الإلهي والذي يقابله لفظ الإمام المهدي . لهذا لا يتم التمييز إذا ورد التكلم من الرسول (ص) وأمير المؤمنين والأئمة (ع) في المهدي الأول ، فلا يقام الفرق بين المهدي الأول والإمام المهدي (ع) إلا عند قيام أمره وهذا سر من أسرار آل محمد ، ففيه يحدث التداخل بين شخصيتي الإمام المهدي والمهدي الأول (ع) فالحديث الذي يطلق على المهدي الأول سينصرف إلى الإمام المهدي ، ومن هنا فان المترقب والمتابع لحديث أهل البيت (ع) والذي يكون همه الإيقاع بالإمام المهدي (ع) ستفوت عليه الفرصة ، ولن يجني من مكره شيئاً ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (لأنفال:30) .
    نعم هم يمكرون والله تعالى يمكر بهم ولهذا عبر الإمام في الحديث السابق قائلا انك سألتني عن أمر لو أن بني فاطمة عرفوه لحرصوا على أن يقطعوه قطعة ، قطعة ، هذا في أبناء عمومته ، فكيف بغيرهم . فهذه أمريكا لو علمت إن أول قيام الإمام المهدي (ع) لا يكون بالمباشرة منه (ع) ، بل يكون في المجتمع شخص آخر يقوم مقام الإمام ويتولى المهام عنه (ع) ، أو قل تقوم في المجتمع شخصية الإمام المهدي (ع) لا شخصه ، لسارعتْ أمريكا إليه ، ولما أمكن أن تكون قاعدة للإمام المهدي في المجتمع ، بل لضربت منذ أول نشوئها . ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .

    1. (2) - إن وصية رسول الله (ص) السابقة نصت على تسمية الأئمة (ع) كلهم واحد بعد واحد ، وقطعاً بان الأئمة (ع) أكرم وأعظم منـزلة عند الله من المهدي الأول (ع) ، إلا إن الرسول (ص) لما وصل إلى المهدي الأول اخذ خطابه (ص) منحى جديد وتوجهاً جديد ، فالأئمة (ع) بأجمعهم ومن ضمنهم المستحفظ من آل محمد (ع) الإمام المهدي ( محمد بن الحسن العسكري ) باسم واحد لك منهم ، إلا انه (ص) لما وصل إلى المهدي الأول أعطاه ثلاثة أسماء (اسم كاسمي واسم أبي – عبد الله – واحمد والاسم الثالث المهدي) والحديث الوارد عنهم (ع) بان الذي ( يبايع بين الركن والمقام له ثلاث أسماء عبد الله واحمد والاسم الثالث المهدي فهذه أسماؤه ثلاثتها)[171] ، وهذا أمر له من الأهمية درجة كبيرة ، وانتبه عزيزي القارئ إلى خاتمة الحديث الشريف (فهذه أسماؤه ثلاثتها) فهي على درجة من الأهمية والإمام (ع) يريد أن يقول إن هذا المهدي هو المهدي الأول لا الإمام المهدي لان الإمام (ع) اسمه (محمد) واسم المهدي الأول منحصر في هذه الثلاثة .
    (3)- لو تدبرنا الوصية السابقة لوجدناها تستعمل الرمز والإيحاء ولا تعتمد على التصريح ، فإيراد رسول الله (ص) لحركة ظهوره المقدس تنص على إن المهدي الأول هو الذي يقوم بالأمر ، وهو الذي ينشر الدعوة ، وذلك من خلال إشارة الحديث الشريف بلفظة : (أول المؤمنين) ، ولكن هذه الإشارة لم يحن الكشف عنها إلا بعد ظهور الوصي المنصور بالله وحده السيد احمد الحسن ، فله الحمد وله المنّة على عظيم نعمائه . فانتبه إلى عدم تطرق الباحثين إلى بيان هذه الأحاديث على الرغم من خوضهم في كل صغيرة وكبيرة بل وخوضهم في كتب أبناء العامة وكتب غير المسلمين بل وغير الموحدين أيضاً.


    (4)– إن الأمر مخفي إلى وقت خروج القائم (ع) وهذا ما أكد عليه أهل البيت (ع) فقالوا إن هذا الأمر من المستور الذي لا يكشف إلا بوقته ولا ينبغي للإنسان التكذيب به أو إنكاره فقد ورد عن أبي عبيدة الحذاء : قال : سألت أبا جعفر (ع) عن هذا الأمر ، متى يكون ؟ قال : ( إن كنتم تؤملون أن يجيئكم من وجه ، ثم جاءكم من وجه فلا تنكرونه)[172] ، والمقصود بهذا الأمر كما هو معلوم أمر صاحب الزمان (ع) وقيام دولة العدل الإلهي والإمام هنا يحذر الناس من مغبة التكذيب لان الأمر سيخرج لهم من وجه لم يحسبوا خروجه منه .
    (5)نبه أهل البيت (ع) وأشاروا إلى أن الذي يلي أمر إدارة شؤون الإمام المهدي (ع) هو ولده بإشارات متعددة ، وان كانت من طرف خفي . ومنها الحديث الوارد عن الإمام الصادق (ع) حيث يقول : ( قلنا لكم في الرجل منا قولا فلم يكن فيه كان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك ان الله اوحى إلى عمران اني واهب لك ذكرا مباركا يبرئ الاكمه والابرص ويحيي الموتى باذنى وجاعله رسولا إلى بني اسرائيل فحدث بذلك امرأته حنة وهي ام مريم فلما حملت بها كان حملها عند نفسها غلاما " فلما وضعتها انثى قالت رب اني وضعتها انثى وليس الذكر كالانثى " لان البنت لا تكون رسولا يقول الله " والله اعلم بما وضعت " فلما وهب الله لمريم عيسى عليه السلام كان هو الذي بشر الله به عمران ووعده إياه فإذا قلنا لكم في الرجل منا شيئا فكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك ))[173] .
    (6)الإشارة إلى هذا الغموض في كلامهم (ع) فتارة لا يطلقون عليه اسما بل يكتفون بذكر (فلان بن فلان) أو (باسمه واسم أبيه) وهذا مما شاع عنهم (ع) وتارة أخرى يحرمون على أي شخص كان تسميته بل وينعتون من سماه بالكفر وثالثة يشيرون (ع) إلى أن هذا الأمر من المكنون الذي لا يباح به إلى وقت الظهور . إلى غير ذلك من المبادئ التكتمية التي سار عليها الأئمة (ع) في حفظ خطهم المهدوي ، وسيأتي ما يوضح هذه النقطة .
    (7)– الأحاديث الواردة بكتمان سر آل محمد (ع) وهي أحاديث كثيرة جداً أورد الشيخ النعماني قسماً منها في بداية كتاب الغيبة ، حتى إن قسما من الأحاديث تخرج من أباح سرهم عن خط الولاية الإلهية ، فراجع .
    (8)- إن ما كان مع رسول الله (ص) يكون مع الإمام المهدي (ع) حتى قال فيه أهل البيت (ع) انه (ع) يستأنف الإسلام كما استأنف رسول الله (ص) من قبله ، واليوم أعيدت فينا معجزة من معاجز الرسول الأعظم محمد بن عبد الله (ص) في القرآن ألا وهي معجزة الصرف . وفحواها إن الله سبحانه وتعالى تحدى في القرآن الكريم الناس عامة أن يأتوا بسورة واحدة من مثله ( فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّه) (البقرة:23)
    ولكن الله تعالى صرف الناس عن هذا التحدي ولم يحاول أحد في بداية الدعوة الإسلامية إلى أن أتم النبي (ص) قاعدته وثبت أركان دولته والناس مُصرفون عن هذا التحدي ، وسبحان الله عادة الكرة اليوم مع الإمام المهدي ووصيه بالمعجزة ذاتها ، فالأحاديث على الرغم من كل هذا الوضوح ، لم تكشف ولم يطلع عليها أحد إلا من اصطفى الله سبحانه ، فأنت تطالع اليوم بان من يخلف الإمام المهدي هم أثنى عشر مهدياً ولا شبهة في هذا الأمر ، إلا لمن يريد أن يساير أبناء العامة بإنكارهم حادثة يوم الغدير . فأنت تطالع اليوم إن مسألة تعدد المهديين في عصر الظهور مسألة طبيعية أيضاً ( بعث المهدي للمهدي بالبيعة ) ، وان مسألة أولاد الإمام المهدي مسألة طبيعية ، وان مسألة الممهد الذي يلي البيعة عن الإمام المهدي (ع) مسألة واضحة وجليه من رواياتهم (ع) . و … و … و … الخ
    (9)- أن الأئمة (ع) اعتمدوا الدلالة الرمزية للوصول إلى أن الإمام المهدي لا يلي الحرب بل يقوم مقامه شخص آخر هو من يتولى التهيئة والبيعة والحروب وإدارة الأمور ومن هذه الأحاديث حديث رسول الله لجعفر ( فقال (ص) : يا جعفر ألا أبشرك ؟ ألا أخبرك ؟ قال : بلى يا رسول الله ، فقال : كان جبرائيل عندي آنفا فأخبرني أن الذي يدفعها إلى القائم هو من ذريتك ) [174]، ومنها الحديث القائل (إنها تأتيه وهو جالس في بيته) أو الحديث الوارد عن رسول الله (ص) في هذا المضمار حيث يقول : (... فأما القائم فتاتيه الخلافة لم يهرق فيها محجمة من دم ... )[175] ، وغير ذلك من الأحاديث الشريفة التي لا تخفى على من طالع الأحاديث المهدوية . فالأئمة (ع) يؤكدون على مسألة استلام الإمام المهدي (ع) الأمور جاهزة من قبل شخص معين من قبل الله تعالى ، إلا إنهم يشيرون إلى ذلك تلميحاً لا بشكل مكشوف وواضح .
    (10)- الحديث الوارد عن آل بيت العصمة ومهبط الوحي والتنـزيل حيث يقول علي بن أبي طالب (ع)
    (لا تقوم القيامة حتى تفقأ عين الدنيا ، وتظهر الحمرة في السماء ، وتلك دموع حملة العرش على أهل الأرض حتى يظهر فيهم عصابة لا خلاق لهم يدعون لولدي ، وهم براء من ولدي ، تلك عصابة رديئة لا خلاق لهم ، على الأشرار مسلطة ، وللجبابرة مفتنة ، وللملوك مبيرة ، تظهر في سواد الكوفة ، يقدمهم رجل أسود اللون والقلب ، رث الدين ، لا خلاق له)[176] .
    فعلي بن أبي طالب قصد في كلمة ولدي الأولى الإمام المهدي ( محمد بن الحسن – روحي فداه - ) وفي الكلمة الثانية المهدي الأول ( أو قل السيد احمد الحسن ) وهذا واضح من جهتين الأولى من الناحية النحوية والبلاغية لا يجوز تكرار الكلمة إن أمكن استعمال الضمير إلا في حالات وهي من الضعف والركاكة ، وقد فصلوا القول بها . وعلي بن أبي طالب قطعاً سيد البلغاء والمتكلمين (ع) فلو أراد بعودة الضمير على الشخص السابق لقال (وهم براء منه) .
    أما من الناحية الثانية فكيف يكون المرء معلن التولي لشخص وفي الوقت ذاته بريء منه إلا أن يكون دجالا في لباس الدين والإيمان ( نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)(الأنعام: 143) .


    (11)- كلمة أمير المؤمنين (ع) مع الاصبغ بن نباته والتي نقلناها في هذا الكتاب من مصادر متعددة والتي تحفظ الكثير عليها حتى أن بعضهم غير النص وأشار في هامش تحقيقه إلى ذلك ، مستندا بذلك إلى عقله القاصر ولم يعرف المراد منها ومن هو هذا الشخص الثالث عشر والذي يطلق عليه تسمية المهدي ، وأشار إلى ذلك في الهامش على اعتبار إن هذا الأمر مخالف لمعتقد الإمامية .
    (12)- الاسم الذي يعلن في الصيحة وردت فيه الروايات انه يكون باسم (فلان ابن فلان) ، أو أن الحق مع (فلان وشيعته) ، أو غيرها المهم انه لم يقع التصريح باسم الإمام المهدي ، مع العلم إن اسمه محمد بن الحسن (ص) معروف ولا حاجة لإخفائه . بل إن هذا لهو تصرح من أهل البيت (ع) بان المقصود منه هو المهدي الأول وليس الإمام المهدي . وخذ هذا الحديث منهم (ع) فقد ورد عن حمران بن أعين ، قال : " سألت أبا جعفر (ع) ، فقلت له : أنت القائم ؟ فقال … قد عرفت حيث تذهب ، صاحبك المبدح البطن ، ثم الحزاز برأسه ، ابن الارواع ، رحم الله فلانا )[177]، ويورد آل البيت (ع) هذا المعنى بأكثر من حديث ليؤكدوه لشيعتهم المتمسكين بحبلهم ، فقد ورد عن الإمام الصادق (ع) حينما سأله الحكم بن عبد الرحيم القصير قال : قلت لأبي جعفر (ع) : ( قول أمير المؤمنين (ع) بأبي ابن خيرة الإماء أهي فاطمة ؟ قال : فاطمة خير الحراير قال : المبدح بطنه المشرب حمرة رحم الله فلانا )[178] ، بل والاهم من هذا كله انه (ع) – أي المهدي الأول حينما يقف بين الركن والمقام يشير إلى اسمه – كما سيتضح – فقد ورد في الرواية عنهم (ع) ذلك وقد اشرنا إليه سابقا ، وقد انتبه بعض الأعلام من مدرسة آل البيت (ع) إلى هذا المورد وأشاروا إليه إشارات متفرقة ومختلفة ومنها ما أفاده العلامة المجلسي في بحاره ، وما قاله السيد الصدر في هذا المجال وقد سبقت فيما مضى .
    (13)- ورد عن الإمام الصادق (ع) (أما أني لأعرفه باسمه واسم أبيه) وهو نص يؤكد على أن المقصود هنا هو غير الإمام المهدي ، هذا بعد أن انكشف الغطاء وظهر أمر قائم آل محمد (ع) ، وإلا فلا داعي لهذا التبطين في الكلام فالإمام المهدي (ع) معروف الاسم منذ عهد رسول الله (ص) ، بل ولا داعي لان يقول الإمام (ع) انه يعرفه كميزة خاصة به . وقد مر الكلام في هذه النقطة بباب فروق التسمية .
    (14)- ورد إن أحمد بن محمد بن أبي نصر سأل الإمام أبا الحسن الرضا (ع) عن مسألة في الرؤيا فأبى الإمام وأمسك ، ثم قال له : (( لو أعطيناكم كلما تريدون كان شرا لكم واخذ برقبة صاحب هذا الأمر))[179] وما هذا إلا لاقتران علامات الظهور والخروج بالرؤيا على اعتبارها وحي الله الذي نبه آل البيت (ع) عليه وأشاروا إلى مرتبته في آخر الزمان فقد ورد عن الإمام الصادق (ع) حين خرجت الرايات السود من خرسان انه قال
    (اسكنوا ما سكن الليل والنهار فإذا رأيتمونا اجتمعنا على شخص فانهدوا إليه بالسلاح)
    فهو أمر يتهلل له أهل السماوات فرحاً وأهل الأرض عنه غافلون فالذي يحصل اليوم هو وحي عظيم كما عبر يماني آل محمد (ع) ، فالسماوات قد تزينت مستبشرة حتى ظهرت بوادر هذا الاستبشار بفتح نافذة الاتصال بين عالمي الملك والملكوت – اقصد الرؤيا – ولهذا السبب قرنت الرؤيا مع الإمام الصاحب (ع) في آخر الزمان وفي هذا ورد الكثير من الأحاديث ومنها ما ورد عن رسول الله (ص) قال
    ( إذا تقارب الزمان لم تكذب رؤيا المؤمن و أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا ) .
    ورد عن النبي (ص) (صلى الله عليه وآله) انه قال ( إذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ، و أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا ) .
    وورد أن النبي (ص) - قال ( رؤيا المؤمن جزء من ستة و أربعين جزءا من النبوة ) ، فالمسألة لم تكشف قبل الظهور بل هي محفوظة من قبل الله سبحانه وتعالى إلى أن خرج السيد احمد الحسن ، فهم (ع) يريدون أن يقولوا أن الأمر موكل إلى وقته لذا كان هذا التركيز على الجانب الغيبي ، بل وورد عنهم (ع) التصريح بعدم ذكر اسمه بل حرمة ذلك الفعل إلى يوم الوقت المعلوم كما سبق في حديث الإمام أمير المؤمنين والإمام الصادق (ع) ولا يمكن بحال من الأحول حمل كلامهم (ع) في الإمام المهدي لأنه محدد الاسم منذ عهد رسول الله (ص) والأئمة من بعده يصرحون بتسميته فلماذا هذا الامتناع منهم في تسميته . وقد سبق التفصيل في باب التسمية . فراجع .
    (15)- ما ورد عنهم (ع) في باب الغيبة بان الإمام المهدي (ع) له غيبة صغرى وغيبة كبرى أو تامة على اختلاف تعبير الروايات ، بينما نجد المهدي الأول له غيبة واحدة ، فهو باب من أبواب التداخل حيث تحمل الجملة التي تخص المهدي الأول على الجنس فتكون شاملة للغيبتين فيتداخل المفهوم بين الغيبة الواحدة والغيبتين . وقد سبق شيء من التفصيل في مواضع سابقة .
    (16)- تداخل الشخصيات حيث ذكر أهل البيت (ع) الشخصية الواحدة بعدة أسماء ، وهذا من أحد المصاديق الرئيسية لداخل أحداث أيام الظهور المقدس ، فمثلا نجد أن المعروف بين الناس بل والمشهور إن النفس الزكية هو حسني ، ولكن لو دققنا في الأحاديث الشريفة لوجدنا انه حسيني من ذرية الإمام الحسين (ع) وأما نسبه إلى الإمام الحسن فيرجع لكونه من ذرية الإمام العسكري لا إلى الحسن المجتبى (ع) ، بل إن بعض الروايات تسميه بـ (الحسيني) . وهذا من تداخل الأحداث قطعا لقطع السبيل على كل منتحل صفة المهدوية أو أحد رجال الظهور المقدس .










    المهدي الأول


    هو


    ( المولى الذي ولي البيعة )

    ورد في الحديث ( يقبل القائم (ع) في خمسة وأربعين من تسعة أحياء : من حي رجل ، ومن حي رجلان ومن حي ثلاثة ، ومن حي أربعة ، ومن حي خمسة ، ومن حي ستة ، ومن حي سبعة ، ومن حي ثمانية ، ومن حي تسعة ، ولا يزال كذلك حتى يجتمع له العدد )
    ولو طلبنا من آل محمد (ع) أن يميطوا اللثام عن معنى هذا الحديث وبيان السر لأتانا الجواب منهم (ع) في حديث الإمام الباقر (ع) عن أول المهديين وهو المولى الذي يتولى بيعة الإمام المهدي قبل خروجه ، حيث قال أبو جعفر محمد بن علي (ع) :-
    " يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب - وأوما بيده إلى ناحية ذي طوى حتى إذا كان قبل خروجه أتى المولى الذي كان معه حتى يلقى بعض أصحابه ، فيقول : كم أنتم ههنا ؟ فيقولون : نحو من أربعين رجلا ، فيقول : كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم ؟ فيقولون : والله لو ناوى بنا الجبال لناويناها معه ، ثم يأتيهم من القابلة ويقول : أشيروا إلى رؤسائكم أو خياركم عشرة ، فيشيرون له إليهم ، فينطلق بهم حتى يلقوا صاحبهم ، ويعدهم الليلة التي تليها . ثم قال أبو جعفر (ع) : والله لكأني أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر )[180] .
    فالحديث يقول كم انتم ها هنا فيقولون : نحو من أربعين رجلا ، والحديث الأول يقول هم خمسة وأربعون رجلا ، وهذا المولى الذي ذكره الحديث الشريف (أتى المولى) هو ذلك المولى الذي خصه الله تبارك وتعالى بان يكون حامل سر الإمام والمطلع على محل سكناه وموضعه وكل هذا وغيره له تفسير وربط وعلاقة بالحديث الشريف :
    ( له غيبتان ، أولهما قصيرة لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته ، والأخرى طويلة لا يطلع على موضعه فيها إلا خاصة مواليه في دينه ، وفي حديث إلا المولى الذي يلي أمره )[181] .
    فالذي يكون مع الإمام ويلي أمره ، لحري بان يكون هو الذي يعرف مكان الإمام دون سائر الخلق ، ولو كان شخصا غيره لبعثه الإمام لأنه اكتم لسره وأحصن جانبا لأمانه (ع)[182] .









    الفصل التاسع


    السيد احمد الحسن


    هو اليماني الموعود والركن الشديد


    وأول المهديين

    التطابق بين الروايات في النهوض له (ع) فلننظر إلى روايات آل محمد ثم بعد ذلك نستخرج المراد من الجمع :
    وأول ما يطالعنا منها وصية رسول الله (ص) السابقة والتي تقول إن الإمام المهدي (ع) يوكل الأمر من بعده إلى ابنه أول المهديين (ع) وان المهدي الأول يكون هو (أول المؤمنين) وهو الداعي الأول لذا فان الإمام (ع) يأمر ولده المهدي ليتكفل أمر الظهور المقدس .
    فالحجج على الخلق أربعة عشرون حجة ( الأئمة والمهديين –ع- ) ومن المعلوم إن اليماني تسبق حركته قيام آل محمد (ع) فهو غير الإمام المهدي قطعا ، إذاً فلابد أن يكون أحد الشخصين – المهدي الأول و اليماني - حجة على الآخر فان حركة اليماني هي حركة تمهيدية لتمكين آل محمد (ع) . فأما أن تقول : إن المهدي الأول حجة على اليماني وبهذا يكون التطابق مع وصية رسول الله (ص) ، لكن يعارض هذا أمر آل محمد (ع) بالبيعة ليماني آل محمد (ع) والأمر بالقدوم له ولو حبوا على الثلج هذا أولا . وأما أن تقول إن آل البيت (ع) أمرونا ببيعة اليماني (ع) فتقع عند ذلك بمخالفة وصية رسول الله التي تقول إن الوصي لا يمكن أن يكون عليه حجة إلا إمام زمانه (ع) فالحسين (ع) ليس عليه حجة إلا الإمام الحسن (ع) وهكذا باقي الأئمة (ع) ، ولهذا أكد ونبه سيدي ومولاي يماني آل محمد السيد احمد الحسن (ع) بان شخصية المهدي الأول (ع) هي نفسها شخصية اليماني الموعود فقال :
    (أما بالنسبة لحدود شخصية اليماني فقد ورد في الرواية عن الباقر(ع) ( وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ، هي راية هدى ، لأنه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حَرَمَ بيع السلاح على الناس وكل مسلم ، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى ، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم )[183] . وفيها :-
    أولاً / (لا يحل لمسلم أن يلتوي عليه فمن فعل ذلك فهو من أهل النار) : وهذا يعني أن اليماني صاحب ولاية إلهية فلا يكون شخص حجة على الناس بحيث إن إعراضهم عنه يدخلهم جهنم وإن صلوا وصاموا إلا إذا كان من خلفاء الله في أرضه وهم أصحاب الولاية الإلهية من الأنبياء والمرسلين والأئمة والمهديين .
    ثانياً / ( أنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) : والدعوة إلى الحق والطريق المستقيم أو الصراط المستقيم تعني أن هذا الشخص لا يخطأ فيُدخل الناس في باطل أو يخرجهم من حق أي انه معصوم منصوص العصمة وبهذا المعنى يصبح لهذا القيد أو الحد فائدة في تحديد شخصية اليماني أما افتراض أي معنى آخر لهذا الكلام (يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم) فانه يجعل هذا الكلام منهم (ع) بلا فائدة فلا يكون قيداً ولا حداً لشخصية اليماني وحاشاهم (ع) من ذلك.
    النتيجة مما تقدم في أولاً وثانياً إن اليماني حجة من حجج الله في أرضه ومعصوم منصوص العصمة ، وقد ثبت بالروايات المتواترة والنصوص القطعية الدلالة إن الحجج بعد الرسول محمد (ص) هم الأئمة الإثني عشر (ع) وبعدهم المهديين الإثني عشر ولا حجة لله في الأرض معصوم غيرهم وبهم تمام النعمة وكمال الدين وختم رسالات السماء . وقد مضى منهم (ع) أحد عشر إمام وبقي الإمام المهدي (ع) والإثنى عشر مهدياً ، واليماني يدعوا إلى الإمام المهدي (ع) فلابد أن يكون اليماني أول المهديين لان الأحد عشر مهدياً بعده هم من ولده (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (آل عمران:34) ويأتون متأخرين عن زمن ظهور الإمام المهدي (ع) بل هم في دولة العدل الإلهي والثابت أن أول المهديين هو الموجود في زمن ظهور الإمام المهدي (ع) وهو أول المؤمنين بالإمام المهدي (ع) في بداية ظهوره وتحركه لتهيئة القاعدة للقيام كما ورد في وصية رسول الله (ص) . ومن هنا ينحصر شخص اليماني بالمهدي الأول من الإثني عشر مهدياً .)[184] .
    وبعد أن أتضح الحق بشكل عام لمن أراد الحق في إن شخص المهدي الأول هو اليماني الموعود وإنها خطة رسمها آل البيت (ع) للحفاظ على التخطيط الإلهي لليوم الموعود – كما مر علينا في فصل سابق . أما من أراد الوقوف على الخطوط التفصيلية فقد تفضل بها احد الأخوة أنصار الإمام المهدي ((الشيخ حيدر الزيادي)) بكتاب تحت اسم ( اليماني الموعود حجة الله ) وسيصدر قريباً إن شاء الله تعالى .
    ومن الشخصيات الأخرى المزامنة لعصر الظهور والتي تأخذ الدور الأساسي في الحركة هي الرايات المقبلة من خرسان ، فلنطالع هذه الروايات ونقف عند حدود الممكن منها :-
    الرواية الأولى – ما ورد في الحديث عن الإمام الباقر (ع) بقوله :-
    ( إن لله تعالى كنزا بالطالقان ليس بذهب ولا فضة ، اثنا عشر ألفا بخراسان شعارهم : " أحمد ، أحمد " يقودهم شاب من بني هاشم على بغلة شهباء ، عليه عصابة حمراء ، كأني أنظر إليه عابر الفرات . فإذا سمعتم بذلك فسارعوا إليه ولو حبوا على الثلج )[185].


    الرواية الثانية - إخبار أمير المؤمنين (ع) عن ظهور الأمام المهدي (ع) :-
    ( وأن رجلا من ولدك مشوم ملعون جلف جاف منكوس القلب فظ غليظ قد نزع الله من قلبه الرأفة والرحمة ، أخواله من كلب ، كأني أنظر إليه ولو شئت لسميته ووصفته وابن كم هو . فيبعث جيشا إلى المدينة فيدخلونها فيسرفون فيها في القتل والفواحش ، ويهرب منه رجل من ولدي زكي نقي ، الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا . وإني لأعرف اسمه وابن كم هو يومئذ وعلامته . وهو من ولد ابني الحسين الذي يقتله ابنك يزيد ، وهو الثائر بدم أبيه . فيهرب إلى مكة ويقتل صاحب ذلك الجيش رجلا من ولدي زكيا بريا عند أحجار الزيت) [186]
    الرواية الثالثة :- قال رسول الله (ص) :
    ( يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تجئ الرايات السود فيقتلونهم قتلا لم يقتله قوم ثم يجيء خليفة الله المهدي فإذا سمعتم به فائتوه فبايعوه فانه خليفة الله المهدي) [187]
    الرواية الرابعة :- قال رسول الله (ص) :
    ( تجيء الرايات السود من قبل المشرق كأن قلوبهم زبر الحديد فمن سمع بهم فليأتهم فبايعهم ولو حبوا على الثلج ) [188]
    الرواية السادسة :- عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال : ( ويحا للطالقان فإن الله عز وجل بها كنوزا ليست من ذهب ولا فضة ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته وهم أيضا أنصار المهدي في آخر الزمان ) [189]
    الرواية الخامسة :– وفي حديثهم الوارد عنهم (ع) :
    ( ثم تجئ الرايات فيقتلونهم ثم يجئ خليفة الله المهدي فإذا سمعتم به فأتوه فبايعوه ، فإنه خليفة الله المهدي) [190]
    الرواية السادسة :- عن عبد الله بن مسعود قال : كنا جلوسا حول رسول الله (ص) إذ دخل فتية لبني هاشم فتغير لونه فقلنا : يا رسول الله ما نزال نرى في وجهك الذي نكره فقال :
    (( إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءا وتطريدا وتشريدا حتى يجئ قوم من هاهنا - وأومى بيده نحو المشرق - أصحاب رايات سود فيسألون الحق فلا يعطونه - قالها مرتين أو ثلاثا - فيقاتلونهم فينصرون عليهم فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا فمن أدرك ذلك فليأتها ولو حبوا على الثلج ) [191]
    الرواية السابعة :- كنا جلوسا عن النبي (ص) ذات يوم ، إذ أقبل فتية من بني عبد المطلب ، فلما نظر إليهم رسول الله (ص) اغرورقت عيناه . فقلنا : ( يا رسول الله ، لا نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه ؟ قال :
    (( إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتطريدا وتشريدا ، حتى يجئ قوم من هاهنا – وأشار بيده إلى المشرق – أصحاب رايات سود ، يسألون الحق فلا يعطونه – حتى أعادها ثلاثا – فيقاتلون فينصرون ، ولا يزالون كذلك حتى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي ، فيملاها قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا ، فمن أدركه منكم فليأته ولو حبوا على الثلج ) [192]
    الرواية الثامنة :- علي بن أبي طالب (ع) ، قال :
    ( قال لي رسول الله (ص) : لا تقوم الساعة حتى يقوم قائم الحق ، وذلك حين يأذن الله (عز وجل) له ، فمن تبعه نجا ، ومن تخلف عنه هلك ، الله ، الله ، عباد الله ، فأتوه ولو حبوا على الثلج ، فإنه خليفة الله (عز وجل) وخليفتي) [193]
    الرواية التاسعة :- أنه روي عن رسول الله (ص) - أنه ذكر المهدي - فقال :
    ( من رآه فليتابعه ولو حبوا على الثلج - النار - فانه خليفة الله في أرضه) [194]
    الرواية العاشرة :- عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (ع) قال : قال لي :
    ( يا أبا - الجارود إذا دار الفلك وقالوا : مات أو هلك ، وبأي واد سلك ، وقال الطالب له : أنى يكون ذلك وقد بليت عظامه فعند ذلك فأرتجوه ، وإذا سمعتم به فأتوه ولو حبوا على الثلج ) [195] .
    الرواية الحادية عشر :- وورد عن النبي (ص) انه قال
    ( إنا أهل بيت اختار لنا الله الآخرة على الدنيا ، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا ، حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود . يسألون الحق فلا يعطونه . فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه ، حتى يدفعوا إلى رجل من أهل بيتي ، فيملؤها قسطا كما ملئوها جورا ، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج) [196] .
    الرواية الثانية عشر :- قال رسول الله (ص)
    ( يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا تصير إلى واحد منهم ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقاتلوهم قتالا لا يقاتله قوم ثم ذكر شابا فقال إذا رأيتموه فبايعوه فانه خليفة المهدي) [197]
    الرواية الثانية عشر :- ورد عن رسول (ص) قوله :
    ( إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فائتوها ولو حبوا على الثلج فان فيها خليفة الله المهدي )[198] .






    التفصيل في الروايات :-


    وبعد هذا السرد لروايات آل البيت (ع) نلتمس منهم المخرج من الفتن و الابتلاءات ونرى نقاط الاشتراك في حديثهم في أي النقاط كان ، وفي أي النقاط كان الافتراق .
    نقاط الاشتراك في الأحاديث :-
    ونقبل أولاً على نقاط الاشتراك في هذه الروايات ونجدها مشتركة فيها ما يلي :
    1- الأحاديث كلها تتحدث عن زمن الظهور المقدس . وهذا واضح جلي .
    2- إقبال الرايات من المشرق ، وتكون هذه الرايات طالبة للبيعة . وإلا فكيف تبايع رجل لم يطالب بالبيعة هذا أولا وثانيا إن رسول الله (ص) لـمَّا أمر بوجوب بيعة هذا الشاب إنما عني أن الأمر فيه وإلا لما أمر رسول الله (ص) بذلك ، فان كان رسول الله (ص) يطلب له البيعة فكيف يحق له أن يتخلف عن الأمر الإلهي الصادر والمكلف بتنفيذه . وهذا علي بن أبي طالب (ع) يقول فيها ما مضمونه ( والله إنها لعندي أهون من عفطة عنـز ) .
    3- الروايات تذكر أن هناك ظلم لآل محمد ، وتشريد ، وطرد من الأقطار . حتى إنهم يطلبون الحق فلا يعطونه ، ويفعلون ذلك مرة أخرى فلا يعطونه أيضاً . ولقد تحقق ذلك ولله المنة والحمد فقد طالبهم السيد احمد الحسن بما انزله الله في شأنه بل ببعضه ، فأبوا وأستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ، فانا لله وإنا إليه راجعون .
    4- اشتهار الاقتتال والحروب ، وامتلاء الأرض ظلما وجورا .
    5- جميع الروايات ناصة على أن هناك شخص محدد يقود هذه الرايات .
    6- لابد أن يكون هذا الشخص معصوما ، بل وحجة من حجج الله على الخلق ، ولذا أمر أهل البيت (ع) بوجوب بيعته ووجوب الإقبال إليه ومناصرته . بل وان تسميته منا آل البيت (ع) دال على العصمة بعد أن عرفنا معنى البيت ومعنى الآل ([199]) .
    7- على الجميع تحمل أي نوع من أنواع الضغوط والقدوم إليه ولو زحفاً على الثلج . وشده المبالغة في النصرة واضحة جدا ولا تحتاج إلى تعليق . و تحمل الحملات التي ستمارس ضده حيث يسقط في المجتمع هو وأتباعه إلى درجة إن الروايات تصفهم (بأناس لا خلاق لهم يومئذ عند أهل الكوفة) .
    8- هذا التشدد من آل البيت في التبليغ يحمل في طياته إن هناك جهات متعددة تكون مناهضة له وتقود ضده حروبا إعلامية تكون مسموعة من قبل المجتمع ، وهذا التعتيم الإعلامي الضخم من قبل أعداء آل محمد (ص) لقطع حلقة الوصل بين آل البيت والناس سواء في هذا باستدراج الناس إلى الدنيا أو بتزييف الحقائق - بحيث يمتنع الناس عن مناصرة الحق المتمثلة برجل من آل البيت ( أتاح الله برجلٍ منا آل البيت ) ، فيطلبون الحق اكثر من مرة فلا يعطونه ، ولا يستجيب له الناس إلا بصولة السلاح .
    تنوير :-

    قبل الانتقال إلى جوانب الافتراق بين هذا الأحاديث لابد من إطلالة على موضوع البيعة التي أمر أهل البيت (ع) أتباعهم ولزومهم لهذا الشخص . فنقول وعلى الله الاتكال :-
    إن هذه الراية الخرسانية لم تأتِ من فراغ ، أو ظهرت إلى صعيد المطالبة بالاستخلاف الإلهي فجأة ، ودون سابق مطالبة ، بل أن الروايات دالة على إنهم طالبوا بهذا الأمر ، بل طالبوا بهذا الحق أكثر من مرة كما تصفه الروايات كما في الحديث عن الرسول الأمين (ص) :
    ( … يسألون الحق فلا يعطونه . فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه ، حتى يدفعوا إلى رجل من أهل بيتي ، فيملؤها قسطا كما ملئوها جورا ، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج ) اهـ .
    وفي حديث آخر عنه (ص)
    ( حتى يجئ قوم من هاهنا – وأومى بيده نحو المشرق – أصحاب رايات سود فيسألون الحق فلا يعطونه – قالها مرتين أو ثلاثا - - فيقاتلونهم فينصرون عليهم … ) اهـ .
    وغير ذلك من الأحاديث الدالة على هذا ، إذاً فالروايات تصفه بأنه طلب حق ، أي أن مطالبته بالحكم وتشكيل حكومته العالمية بأنه حق ، فيظهره الله بقوة السلاح لا على هذه البقعة فقط ، بل في الكرة الأرضية جميعاً ، هذا من جانب . ومن جانب آخر بما أن أهل البيت (ع) قالوا فبايعوه دل هذا على ثلاثة أشياء لا اقل وهي :-
    1- انه يطالب الناس بالبيعة ، وإلا فكيف تتم البيعة لشخص لم يرشح نفسه للبيعة أساساً ، وقد مر علينا انه يطالب بالبيعة ويطلب الحق الذي فرضه الله تعالى له ، فالإنسان بين مسألتين أما أن يطلب ما ليس له وهذا باطل ومحرم عليه ، وأما أن يطلب حق أوجبه الله تعالى له ولهذا يجب عليه البروز لأمر الذي كلفه الله تعالى به ، إن وجد الناصر والمعين . ولهذا فقد طالب هذا الرجل بالحق الذي أوجبه الله تعالى له فلم يعط ، وسيفتح الله على يديه البلاد جميعا .
    2- إن البيعة لهذا المقبل والتي تصفه الروايات تارة برجل من آل البيت –ع- ، وتارة أخرى تصفه بفتى من بني هاشم ، وتارة تصفه بأنه خليفة المهدي ، وتارة تصفه بأنه خليفة الله ، وأخرى تصفه بأنه المهدي . فيوجب آل البيت –ع- على الناس هذه البيعة بل ولا يعذر أي متخلف عنها حتى تجتمع الروايات على وجوب الإقدام لها ومناصرتها ولو حبوا على الثلج .


    3- إن هذا الشخص معصوم ، وإلا فلا يمكن بأي حال أن يوجب أهل البيت (ع) بيعته والقدوم إليه – ولو حبوا على الثلج – لما عرفنا من إن أهل البيت لا يأمرون بالبيعة لشخص لم ينصبه الله تعالى وفي خبر طويل رواه أبو جعفر الطبري في كتابه دلائل الإمامة عن الإمام المهدي (ع) :
    ( إن شخصاً سأله قائلا أخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار إماما لأنفسهم . قال : مصلحاً أو مفسد؟ . قلت : مصلح قال هل يجوز أن تقع خيرتهم على الفساد بعد أن لا يعلم احد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد ؟ قلت بلى : قال فعي العلة أوردها ببرهان ينقاد بذلك عقلك : اخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله وانزل عليهم علمه ، وأيدهم بالوحي والعصمة ، إذ هم أعلام الأمم ، وأهدى للاختيار منهم ، مثل موسى وعيسى (ع) هل يجوز مع وفور عقلهم وكمال علمها إذا هم هما بالاختيار أن تقع خيرتهما على المنافق وهما يضنان انه مؤمن ؟ . قلت : لا . قال (ع) : فهذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا ، ممن لم يشك في إيمانهم وإخلاصهم فوقعت خيرته على المنافقين قال الله عز وجل (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا )(لأعراف:155) وقوله تعالى (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (البقرة:55) فلما وجدنا اختيار من اصطفاه الله تعالى لنبوته واقعا على الأفسد دون الأصلح وهو يظن انه الأصلح دون الأفسد ، علما أن لا اختيار إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور ، وتكن الضمائر وتنصرف عليه السرائر ، وان لا خطر من لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح ) [200] ، بل إن هذا المنع من اختيار الناس هو الثابت عند أتباع المذهب ألإمامي فهذا العلامة الحلي يقول ( والإمامة يثبت عندنا بالنص ، وليس الطريق إليها الاختيار ولا الإجماع ، بل لا يثبت إلا بالنص من النبي (ص) كما نص على علي (ص) والأئمة من ولده الأحد عشر وقد بينا ذلك في علم الكلام )[201] .
    لكن سبحان الله حق قولهم (ع) والله لتغربلن ولتمحصن وليخرج من الغربال خلقٌ كثير ، فإنا لله وإنا إليه راجعون فقد نادى علماء آخر الزمان بديمقراطية أمريكا بل ووجوب الانتخابات أيضا . وسيأتي كلام آخر في هذا الشأن في موضوع قادم إن شاء الله تعالى

    *** *** *** *** ***



    نقاط الافتراق في الأحاديث :-

    أما نقاط الافتراق في الرايات السود فقد وقعت في جهات ، فلنأتي عليها ولننظر هل يمكن الجمع بينها ، فان القاعدة التي يسير عليها القوم تقول ( إن جمع الأحاديث خير من طرحها ) من باب ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم . ومن هذا الاختلاف في :-
    1- إن الرايات المقبلة تارة تقول الرواية من المشرق ، وأخرى تقول إنها من الطالقان ، وثالثة تقول إنها من خرسان ، فأي الروايات أدق وأيها نأخذ .
    والحق إن هذا مما تحفظ آل البيت (ع) في إظهاره ، كما قدمنا فيما تقدم لكي لا تستغل هذه الإشارة من قبل أعداء آل البيت الطامعين في الدنيا الدنية فيتلبسوا في الصفات علما إن آل البيت قد نوروا الدرب في هذا الشأن ولكن بصورة إشارات سريعة ومن غير إطالة وقوف حيث نجد الرواية التالية تحل هذا الإشكال يقول الإمام الباقر (ع) : (إن لله تعالى كنزا بالطالقان ليس بذهب ولا فضة ، اثنا عشر ألفا بخراسان شعارهم : " أحمد : أحمد " يقودهم شاب من بني هاشم على بغلة شهباء ، عليه عصابة حمراء ، كأني أنظر إليه عابر الفرات . فإذا سمعتم بذلك فسارعوا إليه ولو حبوا على الثلج)[202].
    فأنت ترى عزيزي القارئ أن الإمام الباقر تارة ينسب الحديث إلى منطقة الطالقان ( الكنز) وأخرى إلى منطقة خراسان لـ (الكنز) أيضاً ، ولا تظن إن الإمام (ع) يتحدث عن مجموعتين قوامهما ( اثنا عشر ألفا ) بل هما مجموعة واحدة وهذا واضح من الحديث لمن دقق .
    2- إن معالم الحديث غير واضحة فالقائد لهذا الجيش المقبل متنقل وغير ثابت في الروايات فهو تارة المهدي ، وتارة خليفة المهدي ، وثالثة شابا من بني هاشم ، ورابعة اليماني الموعود ، وخامسة خليفة الله . وسادسة خليفة رسول الله (ص) فما هو المخرج من هذا التناقض .
    والجواب حول هذا السؤال متيسرة الآن : - فبعد هذه الجولة في الحديث الشريف حيث إن المهدي الأول اسمه الثالث ( المهدي) وهو خليفة الله لان حيث رسول الله (ص) السابق قال فيه (هو خليفتي وهو خليفة الله) كما سبق فراجع ، وأما قول قسما من الروايات ( شاباً ) فان المهدي الأول يخرج شابا موفقا على تعبير روايات آل محمد ابن اثنان وثلاثين عاما كما مر في كتاب (النور المبين في أخبار الصادقين) وغيره من كتب الأنصار ، إذاً فالجميع متفقة على شخصية واحدة وهي شخصية المهدي الأول – السيد احمد الحسن (ع) .
    3- ولا شك أن وجوب هذه البيعة من الأئمة (ع) توجب أشياء كثيرة . منها النص على العصمة وإلا فلا يمكن لعاقل أن يقول إن الأئمة (ع) يوجبون بيعة غير المعصوم فالمعصوم (لا يخرج الناس من هدى ، ولا يدخلهم في باطل) كما ورد عنهم (ع) وبيعة غير المعصوم تدخل الناس في باطل شاء الإنسان أم أبى ، ومن ها هنا وردت روايات عنهم (ع) إن هناك دولة معصومة تقوم قبل الإمام المهدي تسلمه الراية ، ومنها الرواية التي رواها عن أمير المؤمنين علي (ع)
    (( فإذا انقضى ملك بني فلان ، أتاح الله لأل محمد برجل منا أهل البيت يسير بالتقى ويعمل بالهدى ، ولا يأخذ في حكمه الرشا ، والله أني لا عرفه باسمه واسم أبيه … ثم يأتينا ذو الخال والشامتين العادل الحافظ لما استودع فيملأها قسطاً وعدلاً ))[203]
    فهذا نص منهم (ع) على عصمة هذه الحكومة فمميزاته في حكومته انه :-
    - يسير بالتقى في حكومته .
    - يعمل بالهدى في حكومته .
    - ولا يؤخذ في حكمه الرشا في حكومته أيضاً .
    وسوف نأتي في مستقبل البحوث القادمة - إن شاء الله - على توضيح هذه الشخصية التي أكد عليها آل البيت (ع) والذي يعرفه أمير المؤمنين (ع) باسمه واسم أبيه ، والتي … والتي … والتي .
    1- تقبل الروايات الدالة على أن الرايات السود تقبل وفيها خليفة الله المهدي ومنها رواه الشيخ علي الكوراني في معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) :
    (( ومن تبعه نجا ومن تخلف عنه هلك . الله ، الله عباد الله فأتوه ولو حبوا على الثلج ، فإنه خليفة الله عز وجل )) [204] .


    ومنها ما رواه في باب آخر من المعجم :-
    (( يقتتل عند كنـزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ، ثم لا يصير إلى واحد منهم ، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ، ثم ذكر شيئاً لا أحفظه فقال : فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج ، فإنه خليفة الله المهدي )) [205] .
    ومن المفروغ منه إن النهوض يكون للإمام المهدي وإلا فاسكنوا ما سكن الليل والنهار على حد تعبير الروايات ، أو كما في حديث ثاني إن كل راية ترفع قبل القائم فهي راية طاغوت ، وفي حديث ثالث كن حلساً من أحلاس بيتك ، وفي حديث إذا رأيتمونا اجتمعنا على شخص ... إلى غير ذلك الكثير .












    الفصل العاشر



    في الرايات


    التي يقترن بها عصر الظهور



    بعد أن ثبت لنا وجود المهديين بالتواتر المقطوع به ، وعرفنا إن المهدي الأول يكون وجوده سابق على قيام الإمام المهدي (ع) وملئ الأرض قسطا وعدلا ، وبهم يكون التطبيق للقانون الإلهي وهم من يمهدون للإمام المهدي (ع) سلطانه ، هيا بنا ننطلق حول بحث آخر هو تزامن عصر الظهور لحركات أخرى مضلة ، تمتاز بحيز القدسية والتلبس بالحق ، لذا لابد أولا أن نطالع حديثهم (ع) ليعطوننا القول الفصل في هذا المجال لنتجنب السقوط في الهاوية ولا نقول مع القائلين (ارجع يابن فاطمة) أو نتأول عليه القرآن كما أخبرنا بذلك أهل البيت (ع) متبعين في كل ذلك أهل الضلالة والعمى .
    ومن خلال حديثهم (ع) نلاحظ أن هناك ظهور ثلاث فرق متزامنة ومنتحلة ذات الصفة التي يخرج بها القائم (ع) ، أي صفة القدسية والشريعة ، ومن هنا فهي تمثل حركة مضادة لحركة الإمام المهدي (ع) من جهتين الأولى في تصديها السافر للإمام المهدي والثانية في إسقاط محل القدسية الشرعية في نفوس الناس لما يرونه في هؤلاء الدجالة من ابتعاد عن جانب الحق والصواب وممارسة أبشع أنواع الاستغلال لحقوق الغير والأقسام الثلاث هي :-
    1- خروج سبعين دجالا .
    2- اثني عشر راية كل راية تدعي مودة آل البيت (ع) .
    3- راية ترفع من احد أبناء الحسن وهي راية ضلالة .
    أولا :- إن خروج القائم (ع) أي الممهد الأول للإمام المهدي (ع) من مدينته مدينة البصرة ، فقد ورد عن أمير المؤمنين (ع) في خبر طويل (( … فقال (ع) ألا وان أولهم من البصرة وأخرهم من الإبدال … ))[206]. كما سبق أن أثبتنا ذلك في موضوع سابق[207] ، ليكون هذا الظهور مقرونا بظهور أحد الذين انتحلوا ، صفة الموالين للمهدي الأول ، وقد خرج هذا بصفته داعيا للإمام المهدي ورسوله السيد المنصور بالله احمد الحسن ، فانشق هذا الدجال ((وهو حيدر مشتت)) ، وهو من أهالي ميسان ، معروف النسب ، بل إن أعمامه من شيوخ آل بو محمد وهو مقدمة الدجالين كلهم كما ورد عن رسول الله (ص) بقوله
    ( يخرج الدجال من دجلة البصرة وهو مقدمة الدجالين كلهم وهو ليس مني ، أما بقية الدجالين فمني ) .
    علماً إن دجلة البصرة هي مدينة ميسان فقديما لم تكن معروفة باسم واحد ، فميسان دجلة البصرة والناصرية فرات البصرة فلا وجود لدجلة والفرات في مدينة البصرة ، بل إن النهرين يلتقيان في منطقة كرمة علي والذي يدخل إلى البصرة هو شط العرب فلا دجلة ولا فرات ، بل إن آل البيت (ع) قد بينوا هذا الأمر بما لا يحمل الشك فوصفوه بدقة رغم عدم معرف هذه المنطقة واشتهارها بهذا الاسم حيث ذكرت ( إن أول الدجالين من ميسان ) ، وهذا الدجال الأول هو الوحيد من بين الدجالين عامي النسب وان حاول إن يتزيا بغير زيه فأصبح ملعونا من جهتين من جهة وقوفه بوجه رسالة السماء ، ومن جهة أخرى بانتسابه إلى غير أبيه ( ملعون من انتسب إلى غير أبيه ) ثم يتبع هذا الدجال جماعة الدجالين وهم من ذرية النبي الأعظم ومن هذه الأحاديث ما ورد سليم بن قيس الكوفي قال : خطب علي بن أبي طالب " ع " بالكوفة فقال :
    ( أيها الناس ألزموا الأرض من بعدي ، وإياكم والشذاذ من آل محمد . فإنه يخرج شذاذ آل محمد ، فلا يرون ما يحبون ، لعصيانهم أمري ، ونبذهم عهدي . وتخرج راية من ولد الحسين ، تظهر بالكوفة بدعامة أمية . ويشمل الناس البلاء ، ويبتلى الله خير الخلق ، حتى يميز الخبيث من الطيب ، ويتبرأ الناس بعضهم من بعض ، ويطول ذلك حتى يفرج الله عنهم برجل من آل محمد ( ص ) . ومن خرج من ولدي فعمل بغير عملي ، وسار بغير سيرتي ، فأنا منه برئ ، وكل من خرج من ولدي قبل المهدي ، فإنما هو جزور وأيام . والدجالين من ولد فاطمة ، فإن من ولد فاطمة دجالين . ويخرج دجال من دجلة البصرة ، وليس مني ، وهو مقدمة الدجالين كلهم )[208] .
    فميسان كانت جزء من مدينة البصرة ((دجلة البصرة)) وتندرج فيها فإذا ذكرت البصرة ذكرت ميسان ضمناً ولبيان أوضح نأخذ من أهل البيت (ع) الحكم الفصل في هذه المسالة فقد ورد عن رسول الله (ص) انه قال علي (ع) :
    (( يا علي إن الله أهبط آدم بالهند وأهبط حواء بجدة والحية بإصبهان وإبليس بميسان )) [209]
    فهنا ذكر رسول الله (ص) لعلي إن هبوط إبليس (لع) بميسان بالتحديد ، وفي حديث آخر لعلي (ع) لابن عباس يقول فيه :
    (( إعلم أن البصرة مهبط إبليس ومغرس الفتن ... ))[210]


    وما ذلك إلا لما تقدم من إن ميسان جزء من مدينة البصرة حسب التقسيم القديم للمدينة البصرة . فسبحان الله فهذه التربة التي انطلق منها ابن امشتت (شتت الله عمره وعمر كل من عادى آل البيت) هي بعينها مهبط إبليس كما في الحديثين كما ورد عنهم (ع) أيضاً في حديثهم حول قصة آدم (ع) ومهبطه :
    ( وكان مهبطه من جنة عدن في شرقي الهند واهبط الله عز وجل حواء بجدة . . وإبليس في ساحل بحر الابلة )
    وساحل بحر الابلة هي ميسان قال فيها الفراهيدي في الصحاح (( مدينة إلى جنب البصرة ))[211] بل هي دجلة أي شاطئ البصرة بالتحديد ويحددها صاحب معجم البلدان لوجدت أن ( الابلة : بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى )[212] . وهذه المدينة التي خرج منها أول دجال على أمر الإمام المهدي ووصيه هي بعينها القرية التي دخلها العالم مع موسى (عليهما السلام) فاستطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما ففي رواية أبي اسحق عند مسلم ( أهل قرية لئاما فاستطعما أهلها قيل هي الابلة ) وهي من جملة المدن الثلاث عشر التي تقاتل الإمام (ع)[213] .
    ثانيا : - لقد نبه آل البيت (ع) إلى أن امة محمد (ص) ستفترق إلى ثلاث وسبعون فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة ، ستون منها تسلك مسالك العامة وثلاثة عشر فرقة تنتحل مودة أهل البيت ( أي شيعة ) وليس منها إلا فرقة واحدة ناجية إلا وهي الفرقة المتمسكة بالوصي كما مر سابقا في هذا الكتاب ، ومن هذه الأحاديث ما ورد عن سليم بن قيس الكوفي قال : سمعت علي بن أبي طالب (ع) يقول :
    (( إن الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة ، اثنتان وسبعون فرقة في النار وفرقة في الجنة . وثلاث عشرة فرقة من الثلاث والسبعين تنتحل محبتنا أهل البيت ، واحدة منها في الجنة واثنتا عشرة في النار . وأما الفرقة الناجية المهدية المؤملة المؤمنة المسلمة الموافقة المرشدة فهي المؤتمنة بي المسلمة لأمري المطيعة لي المتبرئة من عدوي المحبة لي والمبغضة لعدوي ، التي قد عرفت حقي وإمامتي وفرض طاعتي من كتاب الله وسنة نبيه ، فلم ترتد ولم تشك لما قد نور الله في قلبها من معرفة حقنا وعرفها من فضلها ، وألهمها وأخذها بنواصيها فأدخلها في شيعتنا حتى اطمأنت قلوبها واستيقنت يقينا لا يخالطه شك . إني أنا وأوصيائي بعدي إلى يوم القيامة هداة مهتدون ، الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه في آي من الكتاب كثيرة ، وطهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه وحجته في أرضه وخزانه على علمه ومعادن حكمه وتراجمة وحيه وجعلنا مع القرآن والقرآن معنا لا نفارقه )[214] .
    فأنظر عصمك الله من الزلل وخطل القول إلى حديث سيد الموحدين وأمير المؤمنين الذي يمير العلم ميرا ففيه تركيز على نقاط أهمها الآن أربعة نقط أولها : إن الأمة ستفترق إلى (73) فرقة . ثانيهما : تقسم هذه الفرق إلى ضالة ومهدية . من الضالة (60) فرقة تأخذ بركاب العامة ، و (12) من هذه الفرق الضالة تكون منتحلة لمودة آل البيت (ع) ، وفرقة واحدة ناجية مهدية . ثالثها : إن تمييز الفرقة الناجية هي الفرقة التي التزمت بالوصي – من علي بن أبي طالب إلى يوم القيامة أي الأئمة والمهديين (ع) – ( أنا وأوصيائي من بعدي إلى يوم القيامة ) كما يمكن أن يوجه الحديث الشريف التوجيه الصحيح والحقيقي له فمن المعلوم إن على كل إمام خارجة تخرج على وصي حجة الزمان فالرسول (ص) خرجت خارجته بمركب العامة (60 فرقة ) ثم واكب الأئمة (ع) كل إمام خارجة كانت في زمنه فالفرقة الثانية عشر من الاثنى عشر فرقة كلها تنتحل مودتنا أهل البيت (ع) فهذه الفرقة الثانية عشر تخرج على الإمام المهدي ووصية (ع) التي تخرج ورابع النقاط : إن معرفة الوصي تكون من خلال الوصية من رسول الله (ص) أو قل المبلغ الشرعي (من ثبتت شرعيته) ومن خلال ملازمته للقرآن الكريم :
    ( وخزانه على علمه ، ومعادن حكمه ، وتراجمة وحيه ، وجعلنا مع القرآن والقرآن معنا لا نفارقه ) .
    والأحاديث في هذا الشأن كثيرة جداً ومنها ما أورده الشيخ الطوسي عن علي (ص) يقول لرأس اليهود على كم افترقتم فقال على كذا و كذا فرقة. فقال علي (ع) كذبت يا أخا اليهود ، ثم أقبل على الناس فقال و الله لو ثنيت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم، و بين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، و بين أهل الزبور بزبورهم ، و بين أهل القرآن بقرآنهم . أيها الناس، افترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة، سبعون منها في النار، و واحدة ناجية في الجنة، و هي التي اتبعت يوشع بن نون وصي موسى (ع) ، و افترقت النصارى على اثنتين و سبعين فرقة، إحدى و سبعين في النار، و واحدة في الجنة، و هي التي اتبعت شمعون وصي عيسى (ع) ، و ستفترق هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة ، اثنتان و سبعون فرقة في النار، و فرقة في الجنة ، و هي التي اتبعت وصي محمد (ص) ، و ضرب بيده على صدره، ثم قال ثلاث عشرة فرقة من الثلاث و السبعين كلها تنتحل مودتي و حبي ، واحدة منها في الجنة و هم النمط الأوسط، و اثنتا عشرة في النار )[215] .
    ومنها ما ورد عن النبي (ص) انه قال :
    ( ستفترق هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة كلها هالكة إلا واحدة و تفترق الواحدة إلى اثنتي عشرة فرقة كلها هالكة إلا واحدة )[216] .
    ومنها ما ورد عن عَلِيٍّ (ع) انه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) :
    ( سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً فِرْقَةٌ مِنْهَا نَاجِيَةٌ وَالْبَاقُونَ هَالِكُونَ وَالنَّاجُونَ الَّذِينَ يَتَمَسَّكُونَ بِوَلَايَتِكُمْ وَيَقْتَبِسُونَ مِنْ عِلْمِكُمْ وَ لَا يَعْمَلُونَ بِرَأْيِهِمْ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ الْحَدِيثَ )[217] .


    ثالثا : - وهو الراية التي تشبه الحق وليست بحق ، والتي ذكرها أهل البيت (ع) قال الإمام الصادق (ع) لأحد أصحابه :
    ( أسكن ما سكن الليل والنهار فإذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك قلت : جعلت فداك هل قبل ذلك شيء ؟ قال : نعم ، وأشار بيده بثلاث أصابعه إلى الشام وقال : ثلاث رايات : راية حسنية ، وراية أموية ، وراية قيسية ، فبيناهم [ على ذلك ] إذ قد خرج السفياني فيحصدهم حصد الزرع ما رأيت مثله قط )[218] .
    فالراية الحسنية من العلامات الأكيدة التي تسبق تمكين الإمام المهدي من الأرض ، وهي راية ضلالة كما سمعنا ، بل إن القطع بكونها ضالة مضلة متحقق لأنها تكون مرافقة لفترة حركة اليماني الموعود ، وهي غير مقتدية ولا متبعة لحركة اليماني ، فهي ملتوية عليه . وهي بهذا من دعاة النار وهذا ما يؤكده الإمام الصادق (ع) في الحديث الوارد عنه بقوله (ع) بعد أن سأله ابن السراج :-
    ( متى فرج شيعتكم ؟ . قال : إذا اختلف ولد العباس ، ووهى سلطانهم ، وطمع فيهم من لم يكن يطمع ، وخلعت العرب أعنتها ورفع كل ذي صيصية صيصيته ، وظهر السفياني وأقبل اليماني ، و تحرك الحسني ، خرج صاحب هذا الأمر من المدينة إلى مكة بتراث رسول الله (ص) … )[219] .
    ويوجد أكثر من حديث في هذا المجال .








    الخاتمة


    ونـــلاحـــظ


    فـــيـــها أهـــــــــم النـقاط



    وبعد هذه الجولة من البحث تبين لنا ما يلي
    1- إن اللفظ المنصرف إلى صاحب الزمان (ع) : (المهدي) هو من الألفاظ الموزعة بين شخصية الإمام المهدي ، والمهدي الأول والأحاديث الواردة بهذا الاسم تارة يراد منها الإمام (ع) وتارة يراد منها الوصي (ع) على تفصيل سبق بيانه . وبهذا يندفع الكثير من الإشكالات التي تخص عصر الظهور على بيان سبق شرحه ، فراجع .
    2- إن الرسول (ص) قد نبه إلى أول المهديين (السيد احمد الحسن) وذكره تلميحاً في العديد من المواضع وتبعه على هذا الأمر الأئمة (ع) فله مزية على بقية الخلق بعد الأئمة الأطهار (ع) .
    3- استخدم أهل البيت (ع) مفهوم تداخل الشخصيات أو قل الترميز لشخصية عصر الظهور (قائم آل محمد –ع-) بعناوين كثيرة ومتفرقة كالمهدي واليماني والمنصور والحارث ودابة الأرض وطالع المشرق وأول المؤمنين ونجمة الصبح ونجمكم و ... و ... و ...
    4- إن التخطيط لمسألة ظهور المهديين (ع) وبروزهم على الساحة الاجتماعية من الأمور التي اختص بها أهل البيت (ع) ولم يبيحوا ويتكلموا بها إلا لخاصة مواليهم كجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو خالد الكابلي وأبو بصير وبعض من شيعتهم علما إنهم لم يعطوهم اسمه وبعض الأمور التي تتعلق بحركة الظهور على تفصيل مر علينا في ثنايا الكتاب ، فراجع .
    5- من خلال النقطة السابقة تنكشف التناقضات التي وردت في الكثير من الروايات والتي سبقت الإشارة إليها في طيات الكلام والتي لطالما توقف صالح العلماء الأوائل عندها فراجع .
    6- إن مسألة الاعتقاد بالمهديين من ضروريات المذهب الجعفري لورود أحاديث المهديين بشكل متواتر لدى الشيعة الإمامية . فقد رواه جمع من الثقاة الذين يستحيل تواطئهم على الخطأ أو الكذب ، وذكرنا قسما من هذه الأحاديث في أكثر من موضع في هذا الكتاب فراجع .
    7- انكشف لنا الإشكال الموجود منذ مئات السنين والقائم على كيفية توجيه الأحاديث التي تقول إن الأئمة (ع) (ثلاثة عشر) لا كما هو معروف (اثنى عشر) أو قل (اثنى عشر من ذرية علي ) ، بعد استعراض الأحاديث الدالة على هذا المطلب وبيان إنها أحاديث متواترة معنى ، على تفصيل سبق بيانه في ثنايا الكتاب فراجع .
    8- إن الخط العام الذي رسمه أهل البيت (ع) هو الرسالة ومثَّلها الرسول الأعظم (ص) في أمته ، ثم خط الإمامة ومثلها اثنا عشر إماماً منذ استشهاد الرسول (ص) إلى الإمام المهدي ( محمد بن الحسن العسكري ) (ع) ، ثم خط الهداية ومثلها اثنا عشر مهديا من صلب الإمام المهدي (ع) . وهذين الخطـين (خط الإمامة وخط الهداية) هما الذين عناهما رسول الله (ص) بتبليغه لأمر الله بقوله : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (المائدة:67) حيث قال الرسول (ص) : (هذه في علي وفي أوصيائي إلى يوم القيامة) على تفصيل سبق بيانه فراجع .
    9- إن الانتقالة في المنهج الإلهي تكون تدريجية لتعريف الناس وجعلهم يتقبلون الانتقال ، ولهذا جاءت الغيبة الصغرى ثم تلتها الغيبة الكبرى ، ومن هذا الباب جاء الظهور الأصغر للإمام المهدي بوصيه ورسوله ثم يعقبه الظهور الأكبر له (ع)
    10- لابد من ابتلاء امة محمد الحقيقية (أي الفرقة الناجية) بالعقبة (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ) أي بوصي الإمام المهدي قبل قيام الإمام (ع) أي قبل قيام دولة العدل الإلهي وبهذا ينكشف السر الإلهي في الحديث الشريف (ستفترق هذه الأمة إلى ثلاثة وسبعون فرقة كلها في النار إلا واحدة) على بيان سبق شرحه فراجع .
    11- لابد من قيام الرايات الضالة المضلة التي تتشبه بصوت الحق وليست فيه من شيء فترفع اثنى عشر راية كلها تنتحل مودة أهل البيت (ع) لا يعرف أي من أي فيعيش المجتمع التخبط وعندها يتخلون عن ركيزة الدين وهي حاكمية الله وينادون بحاكمية الناس (وعندها تنطق الرويبضة) كما هو حال الأمة اليوم فترى الناس سكارى وما هم بسكارى فلا هم يهود ولا هم نصارى ، على بيان سبق تفصيله فراجع .
    12- من الرايات التي أكدت عليها الروايات وأعطتها جانباً من الأهمية لكيلا ينخدع الناس بها وتستميلهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون هي راية الحسني التي ليست بشيء كما في الحديث الشريف التي تتشبه بلباس الدين ، وراية السفياني التي تغدق الأموال وعليها مسحة إسلامية كما في الروايات على بيان سبق تفصيله .
    13- وفي الكتاب تفاصيل وكشف لإشكالات محكمة في المذهب الجعفري تكفل هذا الكتاب بحلها بالقرآن الكريم وسنة آل البيت (ع) ، وما كان توصل الباحث إليها إلا بفضل السيد المنصور بالله يماني آل محمد السيد احمد الحسن (ع) فالكتاب لا يعدُ إلا كونه تدوين لبعض كلماته الطاهرة فالسلام عليه يوم ولد ، ويوم يستشهد ، ويوم يبعث حيا . سلاماً دائما .

    والحمد لله وحده .








    [1] - أسرار الإمام المهدي (المتشابهات) جـ1 ص36 وغير هذا الموضع أيضاً .

    [2] - المناقب جـ2 ص 6 .

    [3] - المناقب جـ2 ص 6 . والأحاديث في هذا الشأن مستفيضة راجعها في مضانها .

    [4] - ورد في روايات آل محمد (ص) إن دابة الأرض هي زر الأرض وفي حديث آخر إن زر الأرض هم أثنى عشر إماما من ولد علي وفاطمة . وسيتضح المراد في ص؟؟؟؟؟من هذا الكتاب . كما ان هناك كتاب لأحد الأخوة الأنصار يجلي فيه هذه الحقيقة تحت اسم ( دابة الأرض ) .

    [5] - بحار الأنوار جـ 93 ص 345

    [6] - المصدر السابق ص 34

    [7] - تـفسير التبيان جـ 8 ص119

    [8] - بيان حول شخصية اليماني . منشور .

    [9] - المصدر السابق .

    [10] - بيان الثورة . منشور .

    [11] - بيان إلى كبيرهم . منشور .

    [12] - كتاب سليم بن قيس - تحقيق محمد باقر الأنصاري ص 130

    [13] - قال ابن الأثير في النهاية في لغة (( زرر )) وأصله من زر القلب ، وهو عظم صغير يكون قوام القلب به ، وقال وفي بحار العلامة المجلسي في قول النبي (ص) : ((وهو زر الأرض بعدى)) أقول : الزر بالكسر : أي قوامها والعالم بمصالحها . بحار الأنوار ج 32 ص 320

    [14]- أصول الكافي ، وسيأتي تفصل القول .

    [15] - بحار الأنوار ج 40 ص63

    [16] - بحار الأنوار ج 73 ص86

    [17] - بحار الأنوار جـ9 ص222.

    [18] - التفسير الصافي - الفيض الكاشاني جـ4 ص53 ، ومثله تفسير البرهان مج4 ص189 ، وتفسير القمي مج2 ص124 ، وغير ذلك من تفاسير الشيعة الإمامية . وهذه الحادثة ذكرها الفريقان ( أبناء الخاصة والعامة ) ومن جملة أبناء العامة المتقي الهندي في كتابة كنز العمال ج12 ص209 ، واحمد في مسنده ، والطبراني في معجمه .

    [19] - ذكر محمد حسين هيكل هذا الحديث في كتابه (حياة محمد) في طبعته الأولى ثم حذفها في باقي الطبعات ، لما قدمته له السعودية من أموال ، أنظر كتب الشيخ : محمد جواد مغنية .

    [20] - كتاب سليم بن قيس- تحقيق محمد باقر الأنصاري ص 296 ، وفي غيبة النعماني ص70 ، بحار الأنوار ج22 ص147 – 148 ، حياة أمير المؤمنين (ع) للشيخ محمد محمديان : ص69 .

    1- لتوضيح الصورة أكثر ننصح بقراءة كلام السيد احمد الحسن (ع) في أسرار الإمام المهدي (المتشابهات) : ج3 ص109–113 .

    [22] - كمال الدين وتمام النعمة- الشيخ الصدوق ص 358

    [23] - مختصر بصائر الدرجات للحلي ص 38 .

    [24] - غيبة الشيخ الطوسي : ص150 ، وفي بحار الأنوار جـ36 ص260، والبحار : جـ53 ص148 ، مختصر بصائر الدرجات- للحلي ص39 . مكاتيب الرسول : للميانجي ج2 : ص96 .

    [25]- إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب : جـ 1 ص 102.

    [26] - تم توسيع هذا الفصل والإضافة إليه واخرج بكتاب مستقل تحت تسمية (المهديين في حديث أهل البيت عليهم السلام ) علماً إنا لم نضف الروايات التي تخص المهدي الأول وتعده من الأئمة لا من المهديين هناك ، وان كنا قد جمعنا قسماً منها في هذا الكتاب . فراجع إن أردت المزيد .

    [27] - الجزء الثالث : سؤال حول وزير الإمام المهدي (ع) .

    [28]- هناك من ادخل قسما آخر وهو الحديث المستفيض وهو ما ورد بسندين أو أكثر .

    [29]- مصادر الحكم الشرعي : الشيخ علي كاشف الغطاء : جـ1 ص47 .

    [30]- مصادر الحكم الشرعي : جـ1 ص47 - 48 .

    [31]- مصادر الحكم الشرعي : جـ1 ص48 .

    [32] - وردت الوصية بالكامل في ص 33-34 من هذا الكتاب .

    [33]- تطرق أنصار الإمام المهدي (ع) للوصية في بيان منفصل فراجع .

    [34]- يقول أتباع المدرسة الأصولية : إن وردت رواية واحدة صحية وعاضدتها مجموعة روايات ضعيفة السند اخذ بالجميع رغم الضعف ، ومن باب طلب الهداية للجميع نذكر سند رواية واحدة وان كان العدد (أكثر من 40 رواية ) يكفي بحد ذاته ولكن نخرج واحدة لهداية من طلب الهداية (مع صحة سند بقية الروايات) وفي الوقت ذاته إلجام لمن أنكر حق آل البيت (ع) . وسندها هو – كما في كامل الزيارات ص 76 - عن جعفر بن محمد بن قولويه حدثني أبي ، عن سعد بن عبد الله ، عن أبي عبد الله محمد بن أبي عبد الله الرازي الجاموراني ، عن الحسين بن سيف بن عميرة ، عن أبيه سيف ، عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر (ع) .أما ابن قولويه وأبيه فهما من الثقات المتسالم عليهم عند المؤالف والمخالف ، وأما سعد بن أبي عبد الله فهو ثقة جليل وهذا الشيخ السبحاني في كتابه كليات في علم الرجال يوثقه ويطري عليه بل ويقيس وثاقة غيره عليه أنظر ص 304 ، أما محمد بن أبي عبد الله الجاموراني فثقة قال السيد الخوئي عنه (أن الرجل ثقة) ج61 ص191 ، وأما الحسين بن سيف فمن أصحاب الأئمة وذكره أصحاب الرجال دون الطعن عليه أنظر النجاشي ص56 ، وعن أبيه سيف بن عميرة فقد قال النجاشي ( سيف بن عميرة النخعي عربي كوفي ثقة) أنظر معجم رجال الحديث ج 9 ص382 وآخر الحلقة أبو بكر الحضرمي فهو إسماعيل بن أبي بكر الذي هو من أتباع مدرسة أهل البيت ومن رواتهم (ع) أنظر المعجم ج4 ص16.

    [35]- المهدي الموعود المنتظر: للشيخ نجم الدين العسكري : باب 20 ص:320 .

    [36] - بحار الأنوار جـ 52 ص 374 ، تهذيب الأحكام لشيخ الطائفة الطوسي جـ3 ص 245 ، الذكرى للشهيد الأول : 155 ، معجم أحاديث الإمام المهدي للكوراني : جـ3 ص113 .

    [37] - كمال الدين وتمام النعمة : للشيخ الصدوق : 358 .

    [38] - راجع لمزيد من المعرفة والإيضاح : أسرار الإمام المهدي (المتشابهات) جـ3 ص 100 ، سؤال حول الصلاة على محمد وال محمد (ص) .

    [39] - بحار الأنوار ج80 : ص390، دلائل الإمامة (للطبري الشيعي) ص562 ، وكذا غاية المرام . وهناك تفصيل في هذا الحديث لعل الله يرزقنا توضيحه في مجال آخر إن شاء الله تعالى .

    [40] - بحار الأنوار جـ 53 ص 148

    [41] - بحار الأنوار جـ 53 ص 145 ، ومختصر بصائر الرجات ص49 .

    [42] - البحار جـ53 ص145

    [43] - المتشابهات جـ3 . سؤال حول وزير الإمام المهدي .

    [44] - مفاتيح الجنان والعديد من مصادر الحديث ممن ينقلون هذا الحديث الشريف ، وكتاب السيد الصدر : تاريخ ما بعد الظهور .

    [45] - المصباح للشيخ الكفعمي ، ومفاتيح الجنان ، والعديد من كتب الدعاء ومصادر الحديث ممن ينقلون هذا الحديث الشريف .

    [46] - مكيال المكارم جـ 2 - ميرزا محمد تقي الأصفهاني ص 73

    [47]- شرح الأخبار : جـ 3 ص 400 ، وكذا في تخريج الأحاديث . وما بين القوسين من المصدر فراجع .

    [48]- غيبة الطوسي : ص28 ، بحار الأنوار 52 : ص22 ، وأيضاً جـ 91 : ص83 ، المزار ص670 ، صحيفة المهدي ص26 .

    [49]- مستدرك الوسائل - الميرزا النوري ج 3 ص414 .

    [50]- بحار الأنوار جـ 66 ص13 ، مستدرك الوسائل جـ8 ص333 ، وكتاب التمحيص لمحمد بن همام الإسكافي الشيعي ص9 ، ومستدرك سفينة البحار جـ7 ص174 .

    [51] - لمعرفة مصادر هذا الحديث انظر دلائل الإمامة للطبري ص529 وأصول الكافي للكليني ، والغيبة للطوسي والغيبة للنعماني ، والمجلسي في بحاره ، والكلبيكاني في منتخب الأثر ، والصدوق في كمال الدين ، والحاج حسين الشاكري في كتاب (المهدي المنتظر) (ع) جـ 1- ص 180 وروى الشيخ الكليني والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي وغيرهم بالإسناد عن الأصبغ بن نباتة ، الاختصاص للمفيد ص 209 : الحاشية 4 - 5 - 6 ، وصاحب كتاب قد يكون الإمام المعصوم غائبا - مركز المصطفى (ص) ص 94 ، عنه إثبات الهداة : 3 / 510 ح 329 وفي البحار : 52 / 112 ح 23 عنه وعن غيبة النعماني : 208 ح 16 - بإسناده عن محمد بن منصور الصيقل . وفي منتخب الأثر : 314 ح 1 ، وعن كمال الدين : 346 ح 32 - بإسناده عن منصور مختصرا نحوه . وأخرجه في البحار : 52 / 111 ح 20 عن الكمال . ورواه في الكافي : 1 / 370 ح 6 . قد يكون الإمام المعصوم غائبا - مركز المصطفى (ص) ص 98 .

    [52]- بحار الأنوار جـ 53 ص 94 :الإقبال ص689 ، المصباح للكفعمي : ص543 ، البلد الأمين ص185 ، مصباح المتهجد ص826 .

    [53] - غيبة النعماني : 242 ، الخصال للشيخ الصدوق جـ 1 ص200 ، بحار الأنوار للشيخ المجلسي جـ 35 ص139 .

    [54]- شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار- القاضي النعمان المغربي المتوفي (363هـ) جـ 3 ص400

    [55]- شرح الأخبار - القاضي النعمان المغربي جـ 3 ص4

    [56]- شرح الأخبار جـ 3 ص400 .

    [57]- إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب : للشيخ اليزدي جـ1 ص102

    [58]- للوقوف على سر هذه الحقيقة عليك بكتاب أسرار الإمام المهدي ( المتشابهات )

    [59]- بحار الأنوار جـ 49 : ص 349 ، واغلب كتب الأدعية .

    [60] - تاريخ ما بعد الظهور : السيد محمد الصدر ص644 .

    1- راجع المتشابهات جـ 3 : ص 37 ، سؤال حول وزير الإمام المهدي (ع) .

    [62] - مستدرك سفينة البحار ج1 ص516 .

    [63] - عصر الظهور ص 332 . غيبة الطوسي ص299

    [64] - منتخب الأثر في أخبار الإمام الثاني عشر للكلبايكاني : الباب الحادي عشر ص343 .

    [65] - منتخب الأنوار المضيئة : ص 343 . وسيأتي تمام الحديث في محل آخر .

    [66] - كمال الدين ج2 ص653 ب 57

    [67] - غيبة الطوسي ص303

    [68] - الغيبة للنعماني ص187.

    [69] - كتاب الغيبة للشيخ الطوسي ، وكتاب الغيبة للشيخ النعماني ، وكتاب النجم الثاقب للميرزا النوري ج2 ص69

    [70] - بحار الأنوار جـ 52 ص 306

    [71]- تاريخ ما بعد الظهور : السيد محمد الصدر : ص178

    [72]- هل من عاقل يتهم أمير المؤمنين (ع) بالكذب – استغفر الله – فعلي بن أبي طالب ذكر اسم الإمام المهدي (ع) في أكثر من مورد وهذا أحد الموارد وقد ذكر أمير المؤمنين (ع) المهديين في حديث له (ع) وقد سأله سائل عن ليلة القدر فقال (ع) : وأما قوله ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ ) فإنه لما بعث الله محمد (ص) ومعه تابوت من در أبيض له اثنا عشر بابا ، فيه رق أبيض فيه أسامي الاثني عشر فعرضه على رسول الله (ص) وأمره عن ربه أن الحق لهم وهم أنوار . قال : ومن هم يا أمير المؤمنين ؟ قال : أنا وأولادي الحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي ومحمد بن الحسن صاحب الزمان صلوات الله عليهم أجمعين ، وبعدهم أتباعنا وشيعتنا المقرون بولايتنا المنكرون لولاية أعدائنا ) فهل نقول أن أمير المؤمنين يقصد الإمام المهدي أم يقصد المهدي الأول .

    [73] - روضة الواعظين الفتال النيسابوري ص266

    [74] - كتاب الغيبة للنعماني ص 228 .

    [75] - كتاب سليم بن قيس تحقيق محمد باقر الأنصاري ص 309

    [76] - راجع حديث أمير المؤمنين مع الاصبغ بن نباتة ص 37 والأحاديث الأخرى إلى ص 42 من هذا الكتاب .

    [77] - راجع حديث الإمام (ع) ص 101 من هذا الكتاب .

    [78] - راجع حديث الإمام (ع) ص65 من هذا الكتاب .

    [79] - بحار الأنوار جـ 15 ص 31 .

    [80] - بحار الأنوار جـ 15 ص 33 .

    [81] - معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) للشيخ الكوراني جـ 5 ص 320

    [82] - بحار الأنوار جـ 49 : ص 349

    [83] - وفيات الأئمة- من علماء البحرين والقطيف ص 222

    [84]- الصراط المستقيم - علي بن يونس العاملي جـ 2 ص 142

    [85]- معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) للشيخ الكوراني جـ 5 ص 221

    [86] - الغيبة للنعماني ص : 170

    1 - كمال الدين جـ 2 ص370

    2- راجع في هذا الباب جنة المأوى وكتب السيد حسن الابطحي والكتب التي تخص لقاءات الإمام المهدي وغيرها .

    [89] - الملاحم والفتن - السيد بن طاووس الحسني ص 73

    [90] - غيبة النعماني : 215 .

    [91] - والأثر هو الذي يطلق عليه بالعامية العراقية ( الأخت )

    [92] - تاريخ ما بعد الظهور : السيد الصدر : ص368 - 369 .

    [93] - جـ 1 ص 403

    [94] - ((يا مالك بن ضمرة ، كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا – وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض - ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، ما عند ذلك من خير ؟ قال: الخير كله عند ذلك يا مالك ، عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلا يكذبون على الله وعلى رسوله (ص) فيقتلهم ، ثم يجمعهم الله على أمر واحد )) الغيبة ص214 ..

    [95] - الغيبة ص294 . وان أردت المزيد في هذه النقطة فراجع كتاب الشيخ ناظم العقيلي الرد الحاسم : 15 وما بعد .

    [96] - عصر ما بعد الظهور ص 168ـ 169.

    [97]- بحار الأنوار جـ 52 ص 222 .

    [98]- معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) الشيخ علي الكوراني جـ 1 ص 186 ، وفي : جـ 9 ص‍بسند آخر .

    [99]- معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) جـ 1 ص 453

    [100] - كتاب الغيبة للشيخ محمد بن إبراهيم النعماني ص 283

    [101] - عصر ما بعد الظهور ص368 .

    [102] - عصر ما بعد الظهور ص369 .

    [103]- عقد الدرر ص 129

    [104]- تاريخ الغيبة الكبرى : ص411

    [105] - غيبة الطوسي : ص 470 ، منتخب الأثر في أخبار الإمام الثاني عشر للكلبايكاني : الباب الحادي عشر ص468 .

    [106] - انظر ص من هذا الكتاب .

    [107] - راجع ص من هذا الكتاب .

    [108] - بحار الأنوار جـ 15 ص 30

    [109] - روضة الواعظين- الفتال النيسابوري ص266

    [110] - البحار جـ 52 ص223 .

    [111] - إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب جـ 1 ص 242

    [112] - الغيبة للنعماني ص : 164 .

    [113] - كمال الدين و بحار الأنوار جـ 52 ص 150 .

    [114] - تاريخ الغيبة الكبرى : للسيد الصدر : ص 132 .

    [115] - تاريخ الغبية الكبرى : ص 130

    [116] - بحار الأنوار جـ 52 ص 306

    [117] - البحار ج52 ص223 .

    [118] - راجع ص 47 من هذا الكتاب .

    [119] - كتاب الكافي : باب الحجة ص ، الاستنصار : للكراجكي : ص17 ، غيبة الطوسي ص152 ، مناقب آل أبي طالب ج1 : ص256 ، بحار الأنوار ج26 : ص72 ، وغير ذلك من مصادر الحديث كأعلام الورى للطبرسي ، وكشف الغمة ، .

    [120] - الكافي للشيخ الكليني جـ 1 ص 532 ، الغيبة للطوسي ص135 أشار المحقق إلى صحة السند فراجع تحقيق عبد الله الطهراني واحمد ناصح ، المناقب ج1 ص256 ، بحار الأنوار ج20 ص108 ، ج36 ص381 ، معجم أحاديث الإمام المهدي ج3 ص158 .

    [121] - شرح أصول الكافي للمازنراني ج7 ص373 ، من لا يحضره الفقيه ج4 ص180 ، كشف الغمة ج3 ، وسائل الشيعة بسندين ج11 ص490 ، ج16 ص244

    [122] - الكافي ج1 ص534 .

    [123] - شرح أصول الكافي للمازندراني : جـ2 : ص240 ، المعتبر : للمحقق الحلي جـ1 : ص57 ، الذكرى الشهيد الأول : ص115 .

    [124]- كفاية الأثر عن ما جاء عن انس بن مالك ، وكتاب لمحات- للشيخ الصافى ص 220

    [125]- كفاية الأثر في باب ما جاء عن الحسن (ع) ، كما أخرجه الصراط المستقيم ج2 ص128 ، والإنصاف ص121 ، ولمحات- الشيخ لطف الله الصافى ص 220

    [126] - (كتاب السقيفة ) لسليم بن قيس ص 380

    [127] - بحار الأنوار ج25 ص380 .

    [128] - الامالي ‏للطوسي : المجلس الثامن عشر : 523 – 524 ، كتاب سليم بن قيس الكوفي ص332 ، بحار الأنوار : جـ28 : ص4 مسند الإمام الرضا (ع) : جـ1 : ص123 ، بشارة المصطفى للطبري : ص334 .

    [129] - الصراط المستقيم : ج2 ، ص101 .

    [130] - أسرار الإمام المهدي (ع) (المتشابهات) جـ 4 .

    2- تطرقنا لهذه المسالة في كتاب ( إظهار بطلان منكر حجية القرآن ) فراجع .

    [132]- مختصر بصائر الدرجات- الحسن بن سليمان الحلي ص 76

    [133] - المصدر نفسه : 77

    [134] - المصدر نفسه : 77

    [135]- وهو ما سلكه القدامى كالسيد المرتضى العلامة المجلسي وغيرهما ، ومن المتأخرين الحر العاملي صاحب كتاب وسائل الشيعة .

    [136] - أصول الدين تأليف كاظم الحائري ص 290

    [137] - م . ن : ص292

    [138] - مختصر بصائر الدرجات- الحسن بن سليمان الحلي ص 77

    [139] - أصول الدين ص 292

    [140] - بحار الأنوار جـ 66 ص 80 .

    [141] - الانتصار للعاملي جـ 3 ص 414

    [142] - بشارة الإسلام ص 178 .

    [143] - بشارة الإسلام ص178

    [144] - يوم الخلاص ص274

    [145] - بحار الأنوار جـ 14 ص 329

    [146] - بحار الأنوار ج52 ص310 ح4 ، كمال الدين ص268 .

    [147] - لمزيد من المعلومات راجع ما خطه السيد الوصي (ع) في بيانه حول اليماني .

    [148] - غيبة النعماني : ص242 ، الإمامة والتبصرة للشيخ القمي ص137 ، الخصال للصدوق : ص 200 . وفي بحار الأنوار حديث قريب منه حيث ينقل عن أبي الجارود قال ، قلت لأبي جعفر (ع) : إذا مضى الإمام القائم من أهل البيت فبأي شيء يعرف من يجيء بعده ؟ قال : بالهدى و الإطراق وإقرار آل محمد صلى الله عليه وآله له بالفضل ، ولا يسأل عن شيء إلا بين جـ 25 ص 156

    [149] - تقف على أسرار هذا الحديث وغيره في كتاب أسرار الإمام المهدي (المتشابهات) ج1: ص 9. وللمزيد راجع أسرار الإمام المهدي (شيء من تفسير سورة الفاتحة)

    [150] - أسرار الإمام المهدي ( المتشابهات ) ج3 : ص .

    [151] - بحار الأنوار : جـ 25 ص 156

    [152] - كمال الدين للشيخ الصدوق : ص349 ، غيبة الشيخ النعماني : ص159 ، البحار ج52 : ص134 ، معجم أحاديث الإمام المهدي ج3 ص398 .

    [153] - معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) للكوراني جـ 4 ص45 ، المهدي المنتظر (ع) ج1 الحاج حسين الشاكري ص 529

    [154]- تفسير القمي ج1: ص ، تفسير الصافي ج2 : ص162 . تفسير البرهان مج 2 في تفسير الآية ، وغيرها من التفاسير .

    [155]- التفسير الصافي - الفيض الكاشاني جـ 4 ص 273 .

    [156]- كنز الدقائق في تفسير الآية ج11 ص 139 .

    [157] - مشارق أنوار اليقين للحافظ رجب البرسي ص 258 .

    [158] - اعلم عزيزي القارئ إن المهديين حجج الله على خلقه وهم خير الخلق بعد الأئمة الأطهار (ع) فلا يلحقهم السابقون ولا اللاحقون ، فبهم تشرق الأرض بعد استشهاد الإمام المهدي (ع) ، والحروف النورانية ترمز إلى المهديين أيضاً على تفصيل ذكره السيد احمد الحسن في المتشابهات .

    [159]- لان الأهلة من منازل القمر والمنازل بأجمعها مضيئة وان وقع التفاوت في درجة الضياء ، ولولا هذا الضياء لما كان قمراً أساساً .

    [160] - المتشابهات ج1 : ص

    [161] - وفي ختام الحديث نقول إن مسألة الإقرار بهذه الأحاديث علق الشريف المرتضى حول فحوى هذه الروايات بقوله (رحمه الله) في المجموعة الثالثة من رسائله :145:
    ( أن قلنا بوجود إمام بعده خرجنا من القول بالاثني عشرية ، وان لم نقل بوجود إمام بعده أبطلنا الأصل الذي هو عماد المذهب ، وهو قبح خلو الزمان من الإمام … يجوز أن يبقى العالم بعده زماناً كثيراً ، ولا يجوز خلو الزمان بعده من الأئمة ويجوز أن يكون بعده عدة أئمة يقومون بحفظ الدين ومصالح أهله ، وليس يضرنا ذلك فيما سلكناه من طرق الإمامة لأن الذي كلفنا إياه وتعبدنا منه أن نعلم إمامة هؤلاء الإثنى عشر ، ونبينه بياناً شافياً … ولا يخرجنا هذا القول عن التسمي بالإثني عشرية لأن هذا الاسم عندنا يطلق على من يثبت إمامة اثني عشر إماماً ، وقد أثبتنا نحن ولا موافق لنا في هذا المذهب ، فانفردنا نحن بهذا الاسم دون غيرنا ). هامش الرجعة للشهيد محمد مؤمن الأسترابادي ص99 . وفي هذا المجال علق العلامة المجلس كما علق صاحب الوسائل ، وعلى العموم فان القول بوجود المهديين بعد الأئمة الطاهرين واعتبارهم أئمة من بعد الأئمة لا يخرج الناس عن مذهب الأئمة الاثنى عشري .

    [162] - الغيبة للنعماني ص 283 . وبشارة الإسلام ص41

    [163] - وفي كتاب الفتن : لابن نعيم بن حماد المروزي : (( عن علي بن أبي طالب (ع) قال يخرج رجل قبل المهدي من أهل بيته بالمشرق يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل ويمثل ويتوجه إلى بيت المقدس ... )) ص 198، ولا يشترط بهذا القائد أن يكون المهدي الأول (ع) فلا دلالة على التحديد ، بل ربما يكون رجل يأتمر بأمر المهدي الأول (ع) ، ولهذا نوهت فلا اعتراض على التمام .

    [164] - الكافي ج 1 ص 338 ، الغيبة للشيخ الطوسي : ص 115 تحقيق علي اكبر الغفاري وهو من كبار المحققين ، ورواها بسند آخر ص 336 ، الهداية الكبرى ص362 ، نهج السعادة ج7 ص464 ، كتاب الغيبة للنعماني ص 60 ، الإمامة والتبصرة - ابن بابويه القمي ص 120 ، رواه الصدوق في الإكمال : 1 / 287 ح 4 ، البحار : 51 / 72 ح 16 وص 71 ح 13 عن الإكمال : ص 286 ح 1 ، وأورده في كفاية الأثر : ص 66 وإعلام الورى 424 عن ابن بابويه . دلائل الإمامة - محمد بن جرير الطبري (الشيعي) ص 529 ، إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب ج 1 للشيخ اليزدي الحائري ص 242 ، ونقله الحاج حسين الشاكري رواه وقال عنه (رواه الشيخ الكليني والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي وغيرهم بالإسناد عن الأصبغ بن نباتة) أنظر المهدي المنتظر (ع) ج1ص180 ، وصححه صاحب كتاب (الشيعة والبداء) مركز المصطفى (ص) ص 213 .

    [165] - في كتاب الغيبة للنعماني ص 60 وقد وضعها على خلاف النسخ أي أضاف الياء في عبارة (من ظهر) لتصبح (من ظهري) وأشار إلى ذلك في هامش تحقيقه ، كتاب الكافي ج1 ص338 وقد وضع المحقق الياء بين قوسين للدلالة على أجنبية هذا الحرف . ورواها العلامة في بحار الأنوار عن الكافي .

    [166] - جـ 1 ص 338 : ح 7

    [167] - جـ 1 ص 242

    [168] - ص 94 ، اخترت هذا التسلسل لتتبين رواته في كل الطبقات ، فانتبه .

    [169] - كمال الدين ص308

    [170] - الإرشاد : الشيخ المفيد ج 2 ص 376 .

    [171]- غيبة الطوسي : ص454 ، بحار الأنوار جـ 52 : ص291 ، معجم أحاديث الإمام المهدي للكوارني جـ1 : 453 ، الخرائج والجرائح للراوندي ص 1149 ، وفي منتخب الأنوار المضيئة للنجفي : ص50 : من غير اللاحقة الأخيرة (فهذه أسماؤه ثلاثتها) .

    [172] - الإمامة والتبصرة - ابن بابويه القمي ص 94 .

    [173] - تفسير القمي - علي بن ابراهيم القمي ج 1 ص 101

    [174] - غيبة النعماني : ص248

    [175] - راجع تمام الحديث في هذا الكتاب ص68 .

    [176] - الغيبة النعماني ص 149 ، وفي وبحار الأنوار وغيبة الطوسي وبشارة الإسلام مثله .

    [177] - غيبة النعماني : ص 216

    [178] - البحار جـ 51 : ص42 .

    [179] - الكافي ج 2 ص 224

    [180] - كتاب الغيبة للنعماني ص 182

    [181] - الغيبة للنعماني 170-171 / ح1 و2 و5 .

    [182] - ذكرنا تفصيل لهذه النقطة في كتاب (قراءة جديدة في رواية السمري) فراجع .

    [183] - غيبة النعماني ص 264 .

    [184] - من بيان للسيد احمد الحسن (ع) حول سؤال عن اليماني .

    [185] - منتخب الأنوار المضيئة ص 343

    [186] - كتاب سليم بن قيس تحقيق محمد باقر الأنصاري ص 309

    [187] - بحار الأنوار جـ 51 ص 83

    [188] - بحار الأنوار جـ 51 ص 84

    [189] - بحار الأنوار جـ 51 ص 87

    [190] - معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) الشيخ علي الكوراني جـ 1 ص 427

    [191] - مناقب أمير المؤمنين (ع) محمد بن سليمان الكوفي جـ 2 ص 110

    [192] - دلائل الإمامة الطبري : ص 442

    [193] - دلائل الإمامة : ص 452

    [194] - شرح الأخبار : للقاضي النعمان المغربي جـ 3 ص 359

    [195] - كتاب الغيبة : للنعماني ص 154

    [196] - معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) : للكوراني جـ 1 ص 381

    [197] - بشارة الإسلام : ص30

    [198] - بحار الأنوار جـ 51 ص 82

    [199] - المتشابهات جـ2 سؤال حول معنى الحج .

    [200] - دلائل الإمامة ص 274 ، معاجز الإمام المهدي للسيد هاشم البحراني ص 35 .

    [201] - منتهى المطلب (ط.ق) العلامة الحلي جـ 2 ص 984

    [202] - منتخب الأنوار المضيئة ص 343 .

    [203] - بشارة الإسلام ، الممهدون للكوراني : ص109

    [204] - معجم أحاديث الإمام المهدي : جـ 1 ص 403

    [205] - جـ 1 ص 425 .

    [206] - دلائل الإمامة للطبري (الشيعي) : ص 318 ، بشارة الإسلام ص 181.

    [207] - راجع كتاب النور المبين في أخبار الصادقين .

    [208] - الملاحم والفتن السيد بن طاووس الحسني ص 122 .

    [209] - تحف العقول- ابن شعبة الحراني ص 11

    [210] - بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 33 ص 492

    [211] - الإصحاح : ج 4 : ص 1619 .

    [212] - معجم البلدان 1 : 76

    [213] - راجع كتاب معجم أحاديث الإمام المهدي : للشيخ الكوراني ج 4 : ص 34 .

    [214] - كتاب سليم بن قيس - تحقيق محمد باقر الأنصاري ص 169

    [215] - الامالي ‏للطوسي : المجلس الثامن عشر .

    [216] - الصراط المستقيم : ج2 ، ص101 .

    [217] - وسائل‏الشيعة ج6 ص49 باب عدم جواز القضاء و الحكم بالري

    [218] - بحار الأنوار - جـ 25 ص 271

    [219] - بحار الأنوار - جـ 25 ص 242 الحمد لله وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا


    أنصار الله
    Last edited by المدير العام; 09-05-2010, 10:05. سبب آخر: تعديل
    من اقوال الامام احمد الحسن عليه السلام في خطبة الغدير
    ولهذا أقول أيها الأحبة المؤمنون والمؤمنات كلكم اليوم تملكون الفطرة والاستعداد لتكونوا مثل محمد (ص) وعلي (ص) وآل محمد (ص) فلا تضيعوا حظكم، واحذروا فكلكم تحملون النكتة السوداء التي يمكن أن ترديكم وتجعلكم أسوء من إبليس لعنه الله إمام المتكبرين على خلفاء الله في أرضه، أسأل الله أن يتفضل عليكم بخير الآخرة والدنيا.

  • نصر السياري
    عضو جديد
    • 27-08-2009
    • 85

    #2
    رد: المهدي والمهدين في القرأن والسنه

    اللهم صلى على محمــد و آل محمــد الأئمة والمهديين و عجل فرج سيدي ومولاي أحمد الحسن(ع) والعن اعدائه وظالميه من الأولين والآخرين -- بارك الله فيك اخى على هذا العرض الممتع والنفيس بما فيه من جواهر حقائق الوجود ونسئلكم الدعاء

    ياهو يا من لاهو الإ هو صلي على محمد وال محمد الائمة والمهديين وأغفر لنا وانصرنا على انفسنا وانصرنا على القوم الكافرين
    اشهد ان لا اله الا الله

    اشهد ان محمدا رسول الله
    اشهد ان عليا والائمة من ولده حجج الله
    اشهد ان احمد والمهديين من ولده حجج الله

    Comment

    Working...
    X
    😀
    🥰
    🤢
    😎
    😡
    👍
    👎