إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

ما هو لغز الثابت الكوني في النظرية النسبية لاينشتاين ؟

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • الرؤيا الصادقة
    عضو نشيط
    • 24-08-2010
    • 281

    ما هو لغز الثابت الكوني في النظرية النسبية لاينشتاين ؟




    لغز الثابت الكوني


    الدكتور هشام غصيب


    فرضية الثابت الكوني

    بدأ علم الكون بوصفه علماً حين طبق آينشتاين نظريته في النسبية العامة على الكون بوصفه كلاً. وكان ذلك عام 1917، أي بعد عامين من نشره ورقته المشهورة في النسبية العامة. وكان طموح آينشتاين أن يضع أنموذجاً للكون يجسد مجموعة من المبادئ، التي أعتبرها آينشتاين شبه مسلمات ومعقولات أساسية. ومن ضمن هذه المبادئ:

    (1) الارتباط العضوي بين الزمكان والمادة، بحيث تنبع خصائص الواحد من الآخر. إذ ارتأى آينشتاين أن خصائص المكان تحديداً ينبغي أن تنبع من توزيع المادة فيه، وذلك تأكيداً لما يسمى مبدأ ماخ، وهو المبدأ الذي سبق أن وضعه الفيلسوف والفيزيائي النمساوي، إرنست ماخ، في سياق نقد نظرية نيوتن. وعلى هذا الأساس، فقد اعتبر آينشتاين المكان محدوداً من حيث الحجم من دون أن يكون له نهايات وحواف، على غرار سطح الكرة في بعدين. لذلك أسمى آينشتاين هندسة الكون كرية أو كروية، ورأى في ذلك مخرجاً منطقياً مرضياً من مآزق الكون النيوتني اللانهائي. فكتلة كون آينشتاين وحجمه وكثافته كلها محدودة من دون أن يقضي ذلك بوجود نهايات أو حواف للمكان.

    (2) اعتمد آينشتاين ما يسمى مبدأ كوبرنيكوس في نظرته إلى توزيع المادة. وينص هذا المبدأ على أنه ليس هناك ما يميز أي نقطة مكانية عن أي نقطة أخرى، الأمر الذي قاد آينشتاين إلى فكرة تجانس مادة الكون موضعاً واتجاهاً. وهذا يعني أن كثافة المادة الكونية لا تتغير من نقطة إلى أخرى ولا من اتجاه إلى آخر. وسنناقش هذه الفكرة لاحقاً بالتفصيل، بالنظر إلى أهميتها الفائقة.

    (3) افترض آينشتاين أن المكان ساكن على الصعيد الكوني، بمعنى أنه لا يتقلص ولا يتمدد بوصفه كلاً كونياً واحداً. إذ اعتبر آينشتاين هذه الفكرة الموروثة بديهية.

    وكم كانت صدمة آينشتاين كبيرة حيت تبين له استحالة هذا الأنموذج وفق معادلاته المجالية، بمعنى انعدام الانسجام المنطقي بين المبادئ التي قام عليها أنموذجه وبين معادلاته المجالية. كان على آينشتاين إما أن يضحي ببعض مبادئ أنموذجه وإما أن يعدل معادلاته المجالية، فاختار الإجراء الثاني. لقد عز عليه التضحية بأي من هذه المبادئ، التي اعتبرها أكثر يقينية من معادلاته المجالية التي كان قد اكتشفها للتو. فبرغم إيمانه القوي بأفكاره الجديدة، وبرغم ثوريته الطافحة، إلا أنه لم يستطيع هذه المرة الصمود في وجه الموروث وتحيزاته الراسخة. وكم تندم آينشتاين لاحقاً على اتخاذه الخيار الثاني. إذ اعتبره أكبر غلطة ارتكبها في حياته. لكن، هل كان بالفعل كذلك ؟ وكيف عدل آينشتاين معادلاته المجالية حتى تنسجم ومبادئ أنموذجه؟ أقنع آينشتاين نفسه بأن أنموذجه يصبح ممكناً إذا أضاف إلى معادلاته المجالية حداً يقيس أثره ثابت أسماه آينشتاين الثابت الكوني. ومغزاه الفيزيائي هو الآتي: فلئن كان أثر المادة الكتلية العادية هو الجذب، ومن ثم التقلص المكاني، فإن أثر الثابت الكوني هو التنافر، أي التمدد المكاني، وكأنه يمثل قوة جاذبية نافرة وتكون محصلة الأثرين حالة السكون والاستقرار والثبات التي سعى إليها آينشتاين. هذا هو الدافع الذي حدا آينشتاين أصلاً إلى افتراض مفهوم الثابت الكوني. وسرعان ما انتفى الدافع، لكن المفهوم أبى أن ينتفي أو ينحسر. ولنر كيف تم ذلك.



    عام 1922، وضع الروسي، ألكساندر فريدمان، أنموذجاً كونياً حلاً لمعادلات آينشاتين المجالية الأصلية الخالية من الثابت الكوني، أبقى فيه على افتراض تجانس المادة الكونية، لكنه أسقط افتراض سكونية الكون، الأمر الذي مكنه من إيجاد حل منطقي لمعادلات آينشتاين من دون الحاجة إلى الثابت الكوني. وكون فريدمان هو كون متمدد أو متقلص.




    وفي عام 1927، تمكن الفيزيائي البلجيكي، لوميتر، من وضع أنموذج كوني متمدد ارتكازاً إلى معادلات آينشتاين المعدلة، التي تتضمن الثابت الكوني، مؤيداً بذلك نتائج فريدمان ومبيناً أن الثابت الكوني لا يقود بالضرورة إلى كون ساكن.



    ثم جاءت اكتشافات الأمريكي إدوين هابل التجريبية والرصدية تدعم أنموذجي فريدمان وليميتر، وتشير بقوة إلى أن الكون آخذ في التمدد، الأمر الذي يتبدى في التباعد المطرد للمجرات عن بعضها. وقد أقر آينشتاين ببطلان الدافع الذي ألجأه إلى افتراض الثابت الكوني، لكنه استنتج من ذلك بطلان الافتراض ذاته، بل واعتبره أكبر خطأ وقع فيه في حياته. ولم يكن يدري أن اكتشافه الثابت الكوني يعد أخطر اكتشافاته على الإطلاق وأساساً لفيزياء المستقبل، فيزياء القرن الحادي والعشرين.




    عام 1930، اكتشف الفلكي الإنجليزي، السير آرثر إدنغتون، أن إدخال الثابت الكوني في معادلات آينشتاين المجالية لا يحل إشكال آينشتاين لأنه لا يضمن سكونية المكان. إذ بين أن حلول المعادلات المعدلة هي أيضاً من صنف حلول فريدمان، وأنها تقضي بتمدد الكون أو تقلصه، وأن الكون الساكن، الذي تصوره آينشتاين، غير مستقر، بمعنى أنه ينهار أو يبدأ بالتمدد لأي هزة أو ذبذبة داخلية على الصعيد الكوني. وقد عزز هذا الاكتشاف شعور آينشتاين بالخطأ الفادح الذي ظن أنه ارتكبه، لكنه، من جهة أخرى، دعم مشروعية الثابت الكوني، حيث بين أنه ينسجم وحقيقة أن الكون يتمدد. كذلك تبين أن معادلات آينشتاين المجالية المعدلة، التي تضمنت الثابت الكوني، هي الترجمة الأكثر عمومية لمبادئ النسبية العامة، بمعنى أن المعادلات الأصلية غير المعدلة هي حالة خاصة من المعادلات المعدلة. من ثم، فإن الثابت الكوني ليس مجرد حد مصطنع أدخله آينشتاين عنوة في معادلاته لإنقاذ تحيز تقليدي، وإنما هو عنصر أساسي في هذه المعادلات يعبر عن المبادئ الجوهرية في النسبية العامة. بذلك، تحولت المشكلة من تبرير إدخال هذا الثابت في معادلات آينشتاين إلى تبرير غيابه في أنموذج فريدمان، بمعنى أن افتراض غيابه لم يعد شيئاً طبيعياً، وأن تحديده أضحى مسألة أساسية في علم الكون على الصعيدين النظري والعملي.

    لكن أمر الثابت الكوني لم يقف عند هذا الحد. فمع تنامي ميكانيك الكونتم ونظرية المجال الكونتمي بدأت تبرز مشكلة الخلاء وخصائصه الفيزيائية. إذ تبين أولاً أن الخلاء يتضمن مجالات غير مألوفة تسمى المجالات غير المتجهة، وهي تختلف في خصائصها الجاذبية كلياً عن المجالات المادية المألوفة. إذ تبين أنها تؤثر بضغوط سالبة، بعكس المادة المألوفة التي تؤثر بضغوط موجبة، الأمر الذي يجعل جاذبيتها تنافرية، تماماً كما هو الحال مع الثابت الكوني. بل إنها تظهر في معادلات آينشتاين المجالية على صورة ثابت كوني. ومن جهة أخرى، فقد تبين أن مبادئ ميكانيك الكونتم تحظر أن يكون الحد الأدنى لطاقة الخلاء صفرا. فالخلاء يعج بالطاقة حتى بعد إزالة كل أشكال المادة منه. وهذه الطاقة أيضاً تؤثر بضغوط سالبة، الأمر الذي يجعلها تؤثر بجاذبية نافرة وتظهر في معادلات آينشتاين على صورة ثابت كوني. بذلك، فهناك ثلاثة مصادر للثابت الكوني: طبيعة المكان، المجالات غير المتجهة، وطاقة الخلاء. لكن هذه الاكتشافات النظرية أدخلت الفيزياء برمتها في نوع من المأزق يعتبره كثير من الفيزيائيين اليوم المأزق الأكبر الذي تمر فيه فيزياء اليوم. وأساس هذا المأزق هو التناقض الصارخ بين فيزياء الجسيمات والرصدات الفلكية. إذ تدل الأخيرة على أن مقدار الثابت الكوني لا يتجاوز حداً معيناً، وأن هذا الحد لا يتجاوز واحداً مقسوماً على عشرة للقوة مائة وعشرين من المقدار الذي اشتق من فيزياء الجسيمات ( أو ما يسمى نظرية المجال الكونتمي). وبتعبير آخر، فإن نظرية المادة الحديثة، التي ترتكز على حشد كبير من التجارب والتحليلات والبيانات، تقود إلى مقدار للثابت الكوني يفوق المقدار الفعلي، الذي تشير إليه الرصدات الفلكية، بعشرة للقوة مائة وعشرين مرة. انه لأمر مربك حقاً، حيث إن الفرق صارخ. إنه بالفعل يشكل أكبر تحد اليوم لنظرية المادة. هناك تكهنات بصدد أسباب هذا الفرق المذهل، لكنها ليست أكثر من ذلك. ومن جهة أخرى، فإنه من الضروري حسم مسألة ما إذا كان الثابت الكوني صفراً أم لا. إننا نعلم أن مقداره قريب من الصفر مقارنة بتوقعات نظرية المادة، ولكن هل هو صفر حقاً؟ لقد دلت الرصدات الأخيرة إلى أن الكون يتسارع في تمدده. وهذا يشير إلى أن الثابت الكوني ليس صفراً. وهذا يعقد أمر تفسير الثابت الكوني كثيراً. إذ علينا أن نفسر كيف تلغي الإسهامات المتنوعة للثابت الكوني بعضها بعضاً، من دون أن تفعل ذلك كلياً، بحيث تبقى مخلفات تسرع الكون. هذا هو التحدي الذي يجابه فيزياء اليوم: كيف نفسر صغر مقدار الثابت الكوني مقروناً بكونه ليس صفراً ؟


    لغز الطاقة الكونية الداكنة


    كما أسلفنا، فقد كان أول أنموذج واقعي للكون هو الأنموذج الذي وضعه الرياضي الروسي، الكساندر فريدمان ، عام 1922، على أساس المعادلات الأصلية غير المعدلة لآينشتاين في نظرية النسبية العامة. ويمكن القول إن هذا الأنموذج ما زال هو الأنموذج المعياري المتبع حتى يومنا هذا. ويفترض هذا الأنموذج أن مادة الكون متجانسة في توزيعها. وتعطي معادلات آينشتاين المجالية نتيجة مفادها أن الكون إما أن يكون مغلقاً، بحيث يتمدد من حالة النقطة المنفردة، حتى يصل حدا يتوقف عنده التمدد، ويبدأ الكون بعده بالانكماش، وإما أن يستمر في التمدد إلى ما لا نهاية. ويعتمد ذلك على كثافة مادة الكون. فإذا كانت دون حد معين، يسمى الكثافة الحرجة، ظل الكون يتمدد إلى ما لا نهاية. أما إذا فاقت هذا الحد، توقف التمدد عند حد وبدأ الكون بعده بالانكماش.

    ولكن، كيف نقيس كثافة مادة الكون؟

    ابتداء كانت هناك طريقتان: تقدير عدد المجرات في الكون ومتوسط كتلها، أو قياس معدل تباطؤ تمدد الكون عبر مقارنة سرع المجرات البعيدة بسرع المجرات القريبة. فالأولى تعبر عن سرعة تمدد الكون قبل مليارات السنين، في حين أن الثانية تعبر تقريباً عن الوضع الحالي. لكن حركة المجرات وعناقيدها سرعان ما بينت أن الكون يعج بالمادة غير المرئية، وأن المادة المرئية أو المشعة لا تشكل سوى نسبة صغيرة من مجمل مادة الكون.

    من ثم، برزت مشكلة تحديد كتلة المادة غير المرئية وطبيعتها. وتبين، من دراسة نسبة الهيدروجين الثقيل في الكون، أن جل هذه المادة من نوع مجهول يختلف نوعياً عن المادة المألوفة، التي تتكون منها المجرات. ومن جهة أخرى، فقد ظلت عملية قياس بعد المجرات البعيدة جدا عنا تشكل معضلة كبرى طوال القرن العشرين. لذلك، ساد الاعتقاد بأن مسألة حسم ماَل التمدد الكوني مسألة جد معقدة وصعبة، وقد تكون أقرب إلى المستحيل. لكن تطورات هائلة على الصعيدين النظري والتجريبي حدثت في نهاية القرن العشرين قلبت هذا الوضع رأسا على عقب.

    لقد اتضح نظريا أن ما يسمى إشعاع الخلفية الذي يملأ الكون بصورة متجانسة يحمل في طياته معلومات كونية حول هندسة الكون وتوزيع المادة فيه وحالته الحركية. لكن استخراج هذه المعرفة يستلزم دقة متناهية في القياس، الأمر الذي جعل الكثيرين في فترة من الفترات يعتقدون بأن ذلك مجرد أضغاث أحلام نظرية. لكن العالم فوجئ، مع مطلع الألفية الثالثة، بابتكار أساليب جديدة للقياس مكنت العلماء من استخراج المعلومات الكونية اللازمة، وفي مقدمتها أن المكان غير منحن، أي مستو، بمعنى أنه يطيع هندسة أقليدس المستوية، وكأنه سطح مستو في ثلاثة أبعاد. وهذه النتيجة تدعم نظرية الانتفاخ الكوني. فهي تؤكد أن كثافة مادة الكون تساوي الكثافة الحرجة تماما، بالضبط كما تتنبأ النظرية المذكورة. لكن القياسات ذاتها تشير إلى أن المادة الكتلية ، سواء كانت مرئية أو غير مرئية، لاتتجاوز نسبتها الثلاثين بالمائة من الكثافة الحرجة.

    ما طبيعة السبعين بالمائة المتبقية؟

    ومن جهة أخرى، بدأت تطبق، في نهائة الألفية الثانية، طرائق قياس في غاية الدقة على المجرات البعيدة. وكم كانت المفاجأة كبيرة حين تبين أن التمدد الكوني آخذ في التسارع، وذلك بعكس التوقعات جميعا. إذ كان هناك إجماع على تباطؤ التمدد الكوني، وانصب الاختلاف على مدى هذا التباطؤ. لكن النتائج جاءت مغايرة لكل التوقعات. والسؤال هو: ما الذي يدفع التمدد الكوني إلى التسارع، وكيف يرتبط ذلك بكون المكان غير منحن؟!

    إن تسارع تمدد الكون يدفعنا لا محالة إلى فكرة أن الكون لا يحوي المادة الكتلية الجاذبة شبه المألوفة فقط، وإنما يحوي أيضا مادة غريبة نافرة، إن جاز التعبير، بمعنى أنها تؤثر بمجال جاذبي تنافري يدفع المكان إلى التسارع في تمدده بدلا من التباطؤ. وقد أسميت هذه المادة الغريبة حقا الطاقة الداكنة. وفي ضوء التحليل أعلاه، فإن السبعين بالمائة المتبقية من مادة الكون المشار إليها أعلاه هي طاقة داكنة تدفع تمدد الكون إلى التسارع. من ثم، فإن المادة المرئية لا تشكل سوى خمسة بالمائة من مادة الكون، في حين تشكل المادة غير المرئية الجاذبة حوالي خمسة وعشرين بالمائة. أما حصة الأسد فتذهب إلى الطاقة الداكنة المسرعة للتمدد.

    ولكن، ماهي بالضبط هذه الطاقة الداكنة؟

    هناك العديد من الأفكار النظرية في هذا الصدد. فهناك من يقول إنها طاقة الخلاء، التي تتمظهر على صورة ثابت كوني في معادلات آينشتاين المجالية. وهذا الثابت هو المسؤول عن التسارع المشار إليه.

    وهناك من يقول إنها مادة من نوع جديد، وقد أطلقوا عليها اسم الخلاصة أو الزبدة. ولاندري بالضبط ماهي، فالدراسات في هذا المضمار مازالت في بداياتها وتعد بمفاجآت مذهلة لن يطول أمد تحققها.
    Last edited by نجمة الجدي; 29-06-2013, 07:57.
    قال يماني آل محمد الامام احمد الحسن (ع) ..أيها الأحبة تحملوا المشقة واقبلوا القليل من الحلال واقلوا العرجة على الدنيا ولا تداهنوا الطواغيت وأعوانهم فان فرج آل محمد وفرجكم قريب إن شاء الله إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎