إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

توضيح لآية :"اذكرني عند ربك"

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • ya howa
    مشرف
    • 08-05-2011
    • 1106

    توضيح لآية :"اذكرني عند ربك"

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمدلله
    وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما



    "..وأوحى الله ليوسف (ع): إن هذا السجين سينجو وسيكون قريباً من الملك (برؤيا السجين)، وأوحى الله ليوسف (ع): إن الملك سيخرجه من السجن وإن هذا السجين سيكون سبب خروجه من السجن، ولهذا قال له يوسف (ع): ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾، أراد بهذا أن يبين لهذا السجين علمه بالغيب، عندما سيضطر في المستقبل إلى ذكره عند الملك، كما أراد لفت انتباه السجين إلى حاله وليذكره في المستقبل عند الملك إذا رأى الرؤيا التي ستكون سبباً في خروج يوسف (ع) من السجن.
    وهنا التفت يوسف (ع) إلى الأسباب، ومع أنه لم يغفل عن مسبب الأسباب كما توهم بعضهم أنه طلب معونة السجين والملك وغفل عن الله سبحانه، ولكن مع هذا فإن يوسف (ع) أشرك عندما جعل للأسباب قيمة ووزناً في ميزانه، وهو (ع) الذي لمس آيات الله ومعجزاته التي نجا بها فيما مضى من حياته، وهذا الشرك الخفي ذُكر في آخر سورة يوسف
    ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾.
    عن شعيب العقرقوفي، عن أبي عبد الله (ع)، قال:
    (إن يوسف أتاه جبرائيل فقال له: يا يوسف إن رب العالمين يقرؤك السلام ويقول لك من جعلك في أحسن خِلقة ؟ قال: فصاح ووضع خده على الأرض، ثم قال أنت يا رب، ثم قال له: ويقول لك من حببك إلى أبيك دون إخوتك ؟ قال: فصاح ووضع خده على الأرض وقال أنت يا رب، قال ويقول لك: من أخرجك من الجب بعد أن طرحت فيها وأيقنت بالهلكة ؟ قال: فصاح ووضع خده على الأرض، ثم قال أنت يا رب، قال: فإن ربك قد جعل لك عقوبة في استغاثتك بغيره فلبثت في السجن بضع سنين، قال: فلما انقضت المدة، وأذن الله له في دعاء الفرج، فوضع خده على الأرض، ثم قال: (اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فاني أتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب) ففرج الله عنه.
    قلت: جعلت فداك أندعو نحن بهذا الدعاء ؟ فقال ادع بمثله: اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فاني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة(ع)
    ) .
    قال يوسف (ع) للسجين:
    ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾، وسبب التفات يوسف للأسباب هو الشيطان ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾ فكانت النتيجة: ﴿فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾، وهذا الشيطان (أي الشر) هو الظلمة التي لا يخلو منها مخلوق، فالنور الذي لا ظلمة فيه هو الله سبحانه، ومع ان هذه الظلمة قليلة في كيانات الأنبياء النورانية المقدسة، ولكنها موجودة ولها أثر على حركتهم (ع)، ولهذا فهم يحتاجون إلى العصمة من الله ﴿إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً﴾.
    فلولا هذه الظلمة لما احتاجوا إلى العصمة، ومن يعتقد غير هذا فهو ينـزلهم منـزله الله سبحانه عما يشركون، وهذه المغالاة في التنـزيه لهم (ع) حتى يوصلهم بعض من يجهل الحقيقة إلى مرتبة نور لا ظلمة فيه، هي شرك يخطأ من يعتقده، كما ان من يستخف بعصمتهم وبحقهم ومرتبتهم يكفر بحقهم ويخطأ، وقد بيَّن سبحانه في القرآن أثر هذه الظلمة في مسيرة الأنبياء في مواضع كثيرة، قال تعالى:
    ﴿قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً﴾، والذي نسى وأنساه الشيطان هو فتى موسى (ع) وهو يوشع بن نون نبي من أنبياء بني إسرائيل ووصي موسى (ع) الذي فتح الأرض المقدسة، ومع هذا فلا بد من ملاحظة ان الله سبحانه وتعالى جعل الأنبياء محط نظره، فحتى ما يحصل بسبب هذه الظلمة يكون في النتيجة سبباً يوصلهم ﴿وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً﴾ فأصبح نسيان الحوت سبباً دلهم على العالِم (ع) ﴿قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً﴾ ، أو يزيد علمهم ﴿قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ﴾، فبعد أن تعلم داود (ع) من هذه الحادثة أن لا يتكلم إلا بعد أن يسمع الخصمين، خاطبه تعالى: ﴿يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ .
    ثم استفاد يوسف (ع) من هذه الحادثة قبل وبعد خروجه من السجن وهو في مسيرته التكاملية إلى الله
    ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ .
    إذن، يوسف (ع) يقول:
    ﴿يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ﴾، فالذي أخرجه من السجن الله فقط لا غير، والذي جاء بأهله إلى مصر الله فقط لا غير، عمي يوسف عن الأسباب ولم يعد يرى إلا مسبب الأسباب، فمن ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ إلى أن الله فقط هو الذي (أَحْسَنَ بِي، أَخْرَجَنِي، وَجَاءَ بِكُمْ)،لم يعد يوسف يرى إلا الله، أما الملك الذي كان سبباً في خروجه من السجن، فلم يكن يوسف ليراه الآن، وهو الذي جاء بأهله من البدو ومع ذلك لا يرى نفسه، لقد انتقل يوسف (ع) إلى مرتبة أعلى وارتقى في ملكوت السماوات، لقد أصبح يوسف (ع) يرى بوضوح كامل انه لم يصب خيراً قط إلا من الله، ولم يصرف عنه سوءاً قط أحد سوى الله.
    إذن يوسف عرف الحقيقة الآن، والذي يعرف الحقيقة يكون كحمامة الزاجل همها الرجوع إلى البيت الذي أُطلِقت منه، وهكذا لم يكن دعاء يوسف (ع) في النهاية بعد أن أتاه الله الملك والعلم إلا ..... تَوَفَّنِي .....
    ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ ، فلأن يوسف عرف الحقيقة يريد أن يعود إلى الحقيقة التي عرفها والتي خرج منها، وهكذا يدعو الحسين (ع) في يوم عرفة (يوم معرفة الله): (إلهي أمرت بالرجوع إلى الآثار، فأرجعني إليك بكسوة الأنوار وهداية الاستبصار، حتى ارجع إليك منها كما دخلت إليها منك، مصون السر عن النظر إليها،ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها إنك على كل شيء قدير) .
    ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾."
    ********
    اضاءات ج3ق1
    نزل صامتاً، وصلب صامتاً، وقـُتل صامتاً، وصعد الى ربه صامتاً، هكذا إن أردتم أن تكونوا فكونوا...
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎