إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

أية الوصية بين النسخ والاستحباب

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • فأس ابراهيم
    عضو مميز
    • 27-05-2009
    • 1051

    أية الوصية بين النسخ والاستحباب

    [align=center]

    بسم الله الرحمن الرحيم


    اللهم صل على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما



    ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ) البقرة180

    من ضمن الامور التي يحتج بها المخالفين سواء المتشيعة او المتسننة على الدعوة اليمانية المباركة هي اية الوصية .
    فمنهم من يقول ان الوصية ليست بواجبة , واخر يقول ان اية الوصية نسخت , نبحث ان شاء الله حول هذه الاشكالات الثلاثة نسال الله سبحانه التوفيق .
    اولا :
    القول بان الاية لا تنص على الوجوب :
    ابتدأت الاية الكريمة بقوله تعالى (( كتب عليكم )) كل المفسرين يجمعون على ان معنى ( كتب ) اي ( فرض )
    ورغم اعترافهم بمعنى الكلمة نراهم يؤولون الاية على انها استحباب وليس بالوجود كما يقول الراوندي في تفسيره فقه القران (( معنى كتب فرض الا أنه ههنا معناه الحث والترغيب دون الفرض والايجاب )) .
    لا اعرف كيف استدل على انها من باب الحث والترغيب دون الفرض ؟ وهو قد اقر ان معنى كتب هو فرض , فهل في عرفهم ان كلمة الفرض تعني الحث والترغيب ؟ ونسأل الذين يقولون بهذا القول لماذا لم تعتبروا الايات الاخرى من باب الحث والترغيب التي وردت بها كلمة (كتب عليكم ) ؟
    ام ان كلمة (كتب عليكم) في اية الوصية تفيد الترغيب وفي باقي الايات تفيد الوجوب ؟
    ومن تلك الايات :
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى ....) البقرة 178
    (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ) البقرة180
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة183
    (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )البقرة216
    فهل في هذه الايات تحمل كلمة (كتب عليكم) على الاستحباب او الحث والترغيب ؟ فالقصاص والصوم والقتال من واجبات الدين الاسلامي ..
    وكذلك يبررون قولهم بالاستحباب ان الاية مستحبة استحباباً مؤكداً ، ولو كانت واجبة لقالت الآية ، (حَقّاً عَلَى الْمُؤْمِنينَ).كما جاء في تفسير الامثل للشيرازي .
    المشكلة التي وقع بها الناس سواء الفقهاء او غيرهم انهم ابتعدوا عن ال محمد عليهم السلام وابتعدوا عن ترجمان القران وراحوا يفسرون الايات باهوائهم ويحملون كلمات الله على فهمهم ناسين ان القران لا يعرف تاويله الا من خوطب به وهم محمد واله الطاهرين عليهم صلوات الله اجمعين .
    وذكر المتقين في الاية يعني على الأمة أوجب واشد لأنهم مصداق المتقين الأكمل , وبما انها واجبة على المتقين فهي على المؤمنين كذلك واجبة , لأنها اذا كانت واجبة وفرض على الاعلى فالادنى تكون عليه واجبة بلاشك .
    وبذلك يسقط القول بان الاية تنص على الاستحباب وليس الوجوب وسوف نذكر ان شاء الله احاديث الرسول واهل بيته عليهم السلام حول الوصية ومن مضمون الاحاديث سوف يتضح لنا ان الوصية واجبة كوجوب بقية الفرائض .
    كما قال الطبري في تفسيره :
    قال أبو جعفر :يعني بقوله تعالى ذكره : (كتب عليكم ) فرض عليكم ، أيها المؤمنون ، الوصية ( إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا )
    والخير : المال للوالدين والأقربين الذين لا يرثونه .
    بالمعروف : وهو ما أذن الله فيه وأجازه في الوصية مما لم يجاوز الثلث ، ولم يتعمد الموصي ظلم ورثته ، حقا على المتقين يعني بذلك : فرض عليكم هذا وأوجبه ، وجعله حقا واجبا على من اتقى الله فأطاعه أن يعمل به .
    فإن قال قائل : أوفرض على الرجل ذي المال أن يوصي لوالديه وأقربيه الذين لا يرثونه ؟.
    قيل : نعم.
    فإن قال : فإن هو فرط في ذلك فلم يوص لهم ، أيكون مضيعا فرضا يحرج بتضييعه ؟
    قيل:نعم.
    فإن قال : وما الدلالة على ذلك ؟
    قيل : قول الله تعالى ذكره ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ) فأعلم أنه قد كتبه علينا وفرضه ، كما قال : (كتب عليكم الصيام ) سورة البقرة : 183 ، ولا خلاف بين الجميع أن تارك الصيام وهو عليه قادر مضيع بتركه فرضا لله عليه.فكذلك هو بترك الوصية لوالديه وأقربيه وله ما يوصي لهم فيه ، مضيع فرض الله عز وجل.تفسير الطبري بيان اية (كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ).
    ويقول ابن العربي :
    قوله تعالى : (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم )
    ( فيها أربع عشرة مسألة:المسألة الأولى:قوله تعالى: ( كتب عليكم ) :وقد تقدم ، وبديع الإشارة فيه ما أشرنا إليه في كتاب(المشكلين ) المحفوظ المعنى : ثبت عليكم في اللوح الأول الذي لا يدخله نسخ ولا يلحقه تبديل ... ) . مبتدأ احكام القران لابن عربي .

    ثانيا :
    القول بان أية الوصية منسوخة .
    وقد ذهب بهذا القول قسم من فسري الشيعة والسنة على السواء والقسم الاخر ذهب على عدم على عدم النسخ ولنستعرض القولين حتى نخرج بنتيجة وهي هل ان الاية نسخت ام لا ولنرى كل قول ودليله على قوله .
    الذين قالوا ان الاية منسوخة منهم من قال ان الاية نسخت باية المواريث :
    ( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً ) النساء11
    فأما من قال : إن الاية منسوخة بآية الميراث فقوله بعيد عن الصواب . لان الشئ إنما ينسخ غيره : إذا لم يمكن الجمع بينهما ، فأما اذا لم يكن بينهما تناف ولا تضاد بل أمكن الجمع بينهما ، فلا يجب حمل الاية على النسخ ، ولا تنافي بين ذكر ما فرض الله للوالدين وغيرهم من الميراث ، وبين الامر بالوصية لهم على جهة الخصوص ، فلم يجب حمل الاية على النسخ .
    وقول من قال : حصول الاجماع على أن الوصية ليست فرضا يدل على أنها منسوخة باطل ، لان اجماعهم على أنها لاتفيد الفرض ، لا يمتنع من كونها مندوبا إليها ومرغبا فيها ، ولاجل ذلك كانت الوصية للوالدين ، والاقربين الذين ليسوا بوارث ثابتة بالاية ولم يقل أحد أنها منسوخة في خبرهم .
    ومن قال : إن النسخ من الاية ما يتعلق بالوالدين ، وهو قول الحسن والضحاك ، فقد قال قولا ينافي ما قاله مدعي نسخ الاية - على كل حال - ومع ذلك فليس الامر على ما قال ، لانه لادليل على دعواه .
    وقال طاووس : إذا وصى لغير ذي قرابة لم تجز وصيته .
    وقال الحسن : ليست الوصية إلا للاقربين وهذا الذي قالاه عندنا وإن كان غير صحيح ، فهو مبطل قول من يدعي نسخ الاية . وإنما قلنا أنه ليس بصحيح ، لان الوصية لغير الوالدين ، والاقربين عندنا جائزة . التبيان في تفسير القران
    والحق : أن الاية ليست منسوخة . أما القول بنسخها بآية المواريث ، فيرده أن الايات قد دلت على أن الميراث مترتب على عدم الوصية ، وعدم الدين .
    ومع ذلك فكيف يعقل كونها ناسخة لحكم الوصية ؟ وقد قيل في وجه النسخ للاية : إن الميراث في أول الاسلام لم يكن ثابتا على الكيفية التي جعلت في الشريعة بعد ذلك ، وإنما كان الارث يدفع جميعه للولد ، وما يعطى الوالدان من المال فهو بطريق الوصية فنسخ ذلك بآية المواريث .
    وهذا القول مدفوع :
    اولا: أنه موقوف على تأخر آية المواريث عن هذه الاية ، وأنى للقائل بالنسخ إثبات ذلك ؟ أما دعوى القطع بذلك من بعض الحنفية فعهدتها على مدعيها .
    ثانيا : أن هذا لا يتم في الاقربين ، فإنه لا إرث لهم مع الولد ، فكيف يعقل أن تكون آية المواريث ناسخة لحكم الوصية للاقربين ؟ وعلى كل فإن آية المواريث من حيث ترتبها على عدم الوصية تكون مؤكدة لتشريع الوصية ونفوذها ،فلا معنى لكونها ناسخة لها . التبيان في تفسير القران .
    ويقول الطبري في تفسيره :
    فإن قال : فإنك قد علمت أن جماعة من أهل العلم قالوا : الوصية للوالدين والأقربين منسوخة بآية الميراث ؟
    قيل له : وخالفهم جماعة غيرهم فقالوا : هي محكمة غير منسوخة . وإذا كان في نسخ ذلك تنازع بين أهل العلم ، لم يكن لنا القضاء عليه بأنه منسوخ إلا بحجة يجب التسليم لها ، إذ كان غير مستحيل اجتماع حكم هذه الآية وحكم آية المواريث في حال واحدة على صحة ، بغير مدافعة حكم إحداهما حكم الأخرى - وكان الناسخ والمنسوخ هما المعنيان اللذان لا يجوز اجتماع حكمهما على صحة في حالة واحدة ، لنفي أحدهما صاحبه .
    وبما قلنا في ذلك قال جماعة من المتقدمين والمتأخرين .
    واختلف أهل العلم في حكم هذه الآية .
    فقال بعضهم : لم ينسخ الله شيئا من حكمها ، وإنما هي آية ظاهرها ظاهر عموم في كل والد ووالدة والقريب ، والمراد بها في الحكم البعض منهم دون الجميع ، وهو من لا يرث منهم الميت دون من يرث . وذلك قول من ذكرت قوله ، وقول جماعة آخرين غيرهم معهم. تفسير الطبري اية كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت .

    ومنهم من قال ان الاية نسخت بحديث رسول الله ص عن أَبِي أُمَامَةَ " سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول فِي خُطْبَته فِي حَجَّة الْوَدَاع : إِنَّ اللَّه قَدْ أَعْطَى كُلّ ذِي حَقّ حَقّه فَلَا وَصِيَّة لِوَارِثٍ "
    وأما دعوى نسخ الاية بالرواية المتقدمة فهي أيضا باطلة من وجوه :
    1 - ان الرواية لم تثبت صحتها ، والبخاري ومسلم لم يرضياها ، وقد تكلم في تفسير المنار الجزء الثاني ص 138 على سندهما .
    2 - أنها معارضة بالروايات المستفيضة عن أهل البيت عليهم السلام الدالة على جواز الوصية للوارث . ففي صحيحه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن الوصية للوارث فقال : تجوز . قال : ثم تلا هذه الاية : ( إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين ) وبمضمونها روايات اخرى .
    3 - أن الرواية لو صحت ، وسلمت عن المعارضة بشئ فهي لا تصلح لنسخ الاية ، لانها لا تنافيها في المدلول . غاية الامر أنها تكون مقيدة لاطلاق الاية فتختص الوصية بالوالدين إذا لم يستحقا الارث لمانع ، وبمن لا يرث من الاقربين وإذا فرض وجود المنافاة بينها وبين الاية فقد تقدم : أن خبر الواحد لا يصلح أن يكون ناسخا للقرآن بإجماع المسلمين ، فالاية محكمة وليست منسوخة . البيان في تفسير القران
    ومن هنا تعلم - أنه لا دليل على بطلان قول من قال : إن الوصية للوالدين الأقربين منسوخة بحديث ( لا وصية لوارث ) والعلم عند الله تعالى . اضواء البيان .محمد الامين الشنقيطي

    وننقل هنا كلام الرازي في كتابه ( مفاتيح الغيب ) حيث يقول :
    (( ألا لا وصية لوارث ) وهذا أقرب إلا أن الإشكال فيه أن هذا خبر واحد فلا يجوز نسخ القرآن به ، وأجيب عن هذا السؤال بأن هذا الخبر وإن كان خبر واحد إلا أن الأئمة تلقته بالقبول فالتحق بالمتواتر .
    ولقائل أن يقول : يدعى أن الأئمة تلقته بالقبول على وجه الظن أو على وجه القطع ، والأول مسلم إلا أن ذلك يكون إجماعاً منهم على أنه خبر واحد ، فلا يجوز نسخ القرآن به والثاني ممنوع لأنهم لو قطعوا بصحته مع أنه من باب الآحاد لكانوا قد أجمعوا على الخطأ وأنه غير جائز . وثالثها : أنها صارت منسوخة بالإجماع والإجماع لا يجوز أن ينسخ به القرآن . لأن الإجماع يدل على أنه كان الدليل الناسخ موجوداً إلا أنهم اكتفوا بالإجماع عن ذكر ذلك الدليل ، ولقائل أن يقول : لما ثبت أن في الأمة من أنكر وقوع هذا النسخ فكيف يدعى انعقاد الإجماع على حصول النسخ؟ ورابعها : أنها صارت منسوخة بدليل قياسي وهو أن نقول : هذه الوصية لو كانت واجبة لكان عندما لم توجد هذه الوصية وجب أن لا يسقط حق هؤلاء الأقربين قياساً على الديون التي لا توجد الوصية بها لكن عندما لم توجد الوصية لهؤلاء الأقربين لا يستحقون شيئاً ، بدليل قوله تعالى في آية المواريث : ( مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَا أَوْ دَيْنٍ (النساء : 11 وظاهر الآية يقتضي أنه إذا لم تكن وصية ولا دين ، فالمال أجمع مصروف إلى أهل الميراث ، ولقائل أن يقول : نسخ القرآن بالقياس غير جائز والله أعلم )) . مفاتيح الغيبأبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي .

    وبعد هذا كله نلاحظ ان هناك اية تؤكد على وجوب الوصية وكذلك تبين ان اية الوصية لم يحصل فيها النسخ وكذلك هي ردا على الشيرازي في تفسيره الامثل حيث قال ان الوصية مستحبة بقوله تعالى ( حقا على المتقين ولم يقل المؤمنين ) .

    ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ) المائدة-106
    سبب نزول الاية :
    أن تميم بن أوس وأخاه عدي بن زيد، وكانا نصرانيين خرجا إلى الشام للتجارة ومعهما بديل بن أبي مريم مولى عمرو بن العاص، وكان مسلماً مهاجراً، فلما قدموا الشام مرض بديل، وليس معه غيرهما، فأوصى إليهما وكتب فيه ما معه وطرحه في متاعه، ولم يخبرهما به وأمرهم أن يدفعا متاعه إلى أهله ومات، ففتشا متاعه، فأخذا إناء من فضة فيه ثلاثمائة مثقال منقوشاً بالذهب، ودفعا باقي المتاع إلى أهله، فأصاب أهل بديل الصحيفة فطالبوهما بالإناء فجحد، فرفعوهما إلى رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- فنزلت.
    قال العلامة المفسر المنتجب الهمداني :
    واختلف في قوله (منكم) و (من غيركم)، فقيل: (منكم) من أقاربكم، و (من غيركم) من الأجانب.
    يعني إن حضرت أسباب الموت في السفر، ولم يكن معكم أحد من عشيرتكم فاستشهدوا أجنبيين على الوصية، و (أو) للتفضيل لا للتخيير، لأن المعنى: أو آخران من غيركم إن لم تجدوا أحداً منكم ، عن ابن عباس وغيره –رضي الله عنه-.
    وإنما جعل الأقارب أولى ، لأنهم أعلم بأحوال الميت وبما هم أصلح ، وهم له أنصح ، وقيل (أو) للتخيير ، والموصى مخير فيمن يأتمنه فيهما.
    قال ابن كثير في تفسيره :
    اشتملت هذه الآية الكريمة على حكم عزيز ، قيل : إنه منسوخ رواه العوفي من ابن عباس وقال حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم :إنها منسوخة . وقال آخرون - وهم الأكثرون ، فيما قاله ابن جرير : بل هو محكم ; ومن ادعى النسخ فعليه البيان.


    جاء في تفسير التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور :
    استؤنفت هذه الآي استئنافا ابتدائيا لشرع أحكام التوثق للوصية لأنها من جملة التشريعات التي تضمنتها هذه السورة ، تحقيقا لإكمال الدين ، واستقصاء لما قد يحتاج إلى عمله المسلمون . وموقعها هنا سنذكره.
    وقد كانت الوصية مشروعةبآية البقرة كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية وتقدم القول في ابتداء مشروعيتها وفي مقدار ما نسخ من حكم تلك الآية وما أحكم في موضعه هنالك . وحرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على الوصية وأمر بها ، فكانت معروفة متداولة منذ عهد بعيد من الإسلام . وكانت معروفة في الجاهلية كما تقدم في سورة البقرة . وكان المرء يوصي لمن يوصي له بحضرة ورثته وقرابته فلا يقع نزاع بينهم بعد موته مع ما في النفوس من حرمة الوصية والحرص على إنفاذها حفظا لحق الميت إذ لا سبيل له إلى تحقيق حقه ، فلذلك استغنى القرآن عن شرع التوثق لها بالإشهاد ، خلافا لما تقدم به من بيان التوثق في التبايع بآية (وأشهدوا إذا تبايعتم ) والتوثق في الدين بآية ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين )إلخ ، فأكملت هذه الآية بيان التوثق للوصية اهتماما بها ولجدارة الوصية بالتوثيق لها لضعف الذياد عنها لأن البيوع والديون فيها جانبان عالمان بصورة ما انعقد فيها ويذبان عن مصالحهما فيتضح الحق من خلال سعيهما في إحقاق الحق فيها بخلاف الوصية فإن فيها جانبا واحدا وهو جانب الموصى له لأن الموصي يكون قد مات وجانب الموصى له ضعيف إذ لا علم له بما عقد الموصي ولا بما ترك ، فكانت معرضة للضياع كلها أو بعضها .
    وقد كان العرب في الجاهلية يستحفظون وصاياهم عند الموت إلى أحد يثقون به من أصحابهم أو كبراء قبيلتهم أو من حضر احتضار الموصي أو من كان أودععند الموصي خبر عزمه . فقد أوصى نزار بن معد وصية موجزة وأحال أبناءه على الأفعى الجرهمي أن يبين لهم تفصيل مراده منها .
    وقد حدثت في آخر حياة الرسول عليه الصلاة والسلام حادثة كانت سببا في نزول هذه الآية . ولعل حدوثها كان مقارنا لنزول الآي التي قبلها فجاءت هذه الآية عقبها في هذا الموضع من السورة .
    ذلك أنه كان في سنة تسع من الهجرة نزلت قضية ; هي أن رجلين أحدهما تميم الداري اللخمي والآخر عدي بن بداء ، كانا من نصارى العرب تاجرين ، وهما من أهل (دارين وكانا يتجران بين الشام ومكة والمدينة ) .

    ونستعرض شاهدا اخر من كتاب الله عز وجل عن الوصية حتى لا تبقى حجة لمحتج .


    ( فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ) يس50

    الطبرسي : روى الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ( ... قال : ذلك في آخر الزمان ، يصاح فيهم صيحة و هم في أسواقهم يتخاصمون ، فيموتون كلهم في مكانهم ، لا يرجع أحد منهم إلى منزله ، و لا يوصي بوصية ، و ذلك قوله : فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَ لا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُون َ) . البرهان في تفسير القرآن، ج‏4، ص: 578 .
    وهذا يعني إن الله تعالى يباغت الكافرين المشركين بالعذاب ولا يمهلهم لكي يوصوا الى أهليهم قبل وفاتهم وطبعاً يعتبر ذلك سوء عاقبة كتبها الله تعالى على الكافرين بما كسبت أيديهم فاضافة الى أنهم يموتون بالعذاب الألهي أيضاً لا يُمكنهم الله تعالى من الوصية عند الموت ومن مات ولم يوص مات ميتة جاهلية فيكونون في ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها وإذا كان عدم الايصاء عند الموت يعتبر سوء عاقبة لمن يبتليه الله بذلك من المنحرفين فكيف اعتبرها الغير انها مستحبة او منسوخة ؟وكا هو معروف عند كل المذاهب ان الله لا يعاقب على ترك المستحب .
    قال علي بن إبراهيم القمي ( رحمه الله ) في تفسيره : ( وقوله ) قال ذلك في آخر الزمان يصاح فيهم صيحة وهم في أسواقهم يتخاصمون فيموتون كلهم في مكانهم لا يرجع أحد منهم إلى منزله ولا يوصي بوصية وذلك قوله (فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) تفسير القمي 2 / 215.
    وقال الشيخ الطوسي (رحمه الله ) في التبيان : ( [فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً] أي لا يقدر بعضهم على أن يوصي إلى بعض [وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ] أي لا يردون إلى أهلهم فيوصون إليهم ) التبيان 8 / 464.
    وقال العلامة المجلسي (رحمه الله ) في بحاره : ( وقيل : وهم يختصمون هل ينزل بهم العذاب أم لا ( فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً ) يعني إن الساعة إذا أخذتهم بغتة لم يقدروا على الايصاء بشئ ( وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ) أي ولا إلى منازلهم يرجعون من الاسواق وهذا إخبار عما يلقونه في النفخة الاولى عند قيام الساعة ) بحار الأنوار6 /320.
    والامام الصادق عليه السلام يخص هذه الاية باخر الزمان حيث الناس تكذب وصي الامام المهدي عليه السلام ورسوله
    وهذه الصيحة التي تاخذهم هي التي ذكرها الله سبحانه ( مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ) يس49 . فهي واحدة من الصيحات الثلاثة التي ذكرتها السورة الكريمة فالصيحات الثلاث واحدة لرسول الامام المهدي عليه السلام : ( مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ) يس49
    وثانية للامام المهدي عليه السلام : ( إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ) يس29
    وثالثة لله سبحانه وتعالى : ( إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ) يس53

    ونأتي اخيرا الى ذكر الاحاديث التي وردت عن رسول الله صل الله عليه واله وسلم وعن اهل بيته عليهم السلام حول الوصية واهميتها :
    عن ابى عبد الله (ع) قال : قال رسول الله (ص) : (من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصاً في مروءته وعقله قيل : يا رسول الله وكيف يوصي الميت قال : إذا حضرته وفاته واجتمع الناس إليه قال : اللهم فاطر السماوات الارض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم اللهم انى أعهد اليك في دار الدينا إنى أشهد أن لا اله الا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك ...الى أن قال : ثم يوصى بحاجته) وتصديق هذه الوصية في القرآن في السورة التى يذكر فيها مريم في قوله عز وجل : ( لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً ) فهذا عهد الميت والوصية حق على كل مسلم أن يحفظ هذه الوصية ويعلمها وقال أمير المومنين (ع) : علمنيها رسول الله (ص) وقال رسول الله (ص) : علمنيها جبرئيل (ع) ) الكافي 7 / 2ـ3 /الفقيه 4 /188 ، التهذيب 9 /174.
    قال رسول الله ( ص) من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية .مشكاة الانوار ج1ص256 .
    فهل موتة الجاهلية هي ترك مستحب ؟
    وقال صل الله عليه واله وسلم : ما ينبغي لامرئ مسلم ان يبيت ليلة إلاووصيته تحت رأسه .مشكاة الانوار ج1ص256 .
    و أنه صل الله عليه واله وسلم يؤكد على اهمية الوصية وعدم تركها و عرف أن الإنسان لا يملك حفظ بقائه و سلامة أنفاسه فأمر أن لا يبيت أحد من المكلفين إلا و وصيته تحت رأسه.
    وقال الصادق عليه السلام : " الوصية حق على كل مسلم . مشكاة الانوار ج1ص256 .
    انتهي بهذا القدر سائلا المولى ان يتقبل منا ما قدمناه نصرة لمولانا صاحب العصر والزمان ارواحنا فداه وفرج الله عنه ومكنه في ارضه كما مكنه في سمائة .
    والحمد لله بر العالمين


    [/align]
  • محمد الانصاري
    MyHumanity First
    • 22-11-2008
    • 5048

    #2
    رد: أية الوصية بين النسخ والاستحباب

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الحمد لله وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

    موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

    بارك الله فيك و جزاك الله خير الجزاء



    ---


    ---


    ---

    Comment

    Working...
    X
    😀
    🥰
    🤢
    😎
    😡
    👍
    👎