إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

جانب من خطبة الجمعة في سيدني بتاريخ 8 جمادي الثاني 1434

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • from_au
    عضو نشيط
    • 29-08-2011
    • 131

    جانب من خطبة الجمعة في سيدني بتاريخ 8 جمادي الثاني 1434

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد و آل محمد الائمة و المهديين و سلم تسليما كثيرا

    لقد تناولنا في هذه الجمعة الى موضوع الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و مدى أهمية هذه الفريضة الإلهية

    الخطبة الأولى
    بسم الله الرحمن الرحيم
    وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون
    ورد في رواية عن النبي (ص): ((أَوْحَى اللَّهُ فِيمَا مَضَى قَبْلَكُمْ إِلَى جَبْرَئِيلَ، وَ أَمَرَهُ أَنْ يَخْسِفَ بِبَلَدٍ يَشْتَمِلُ عَلَى الْكُفَّارِ وَ الْفُجَّارِ- فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: يَا رَبِّ أَخْسِفُ بِهِمْ إِلَّا بِفُلَانٍ الزَّاهِدِ لِيَعْرِفَ مَا ذَا يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ. فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: بَلِ اخْسِفْ بِفُلَانٍ قَبْلَهُمْ.
    فَسَأَلَ رَبَّهُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ- عَرِّفْنِي لِمَ ذَلِكَ وَ هُوَ زَاهِدٌ عَابِدٌ قَالَ: مَكَّنْتُ لَهُ وَ أَقْدَرْتُهُ، فَهُوَ لَا يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَ لَا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَ كَانَ يَتَوَفَّرُ عَلَى حُبِّهِمْ فِي غَضَبِي لَهُمْ.
    فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ كَيْفَ بِنَا وَ نَحْنُ لَا نَقْدِرُ عَلَى إِنْكَارِ مَا نُشَاهِدُهُ مِنْ مُنْكَرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ لَتَنْهُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيَعُمَّنَّكُمْ عِقَابُ اللَّهِ- ثُمَّ قَالَ: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُنْكِرْهُ بِيَدِهِ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، فَحَسْبُهُ أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ لِذَلِكَ كَارِه))
    وعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ‏: أَنَّ عَلِيّاً ع قَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ لَمْ يَهْلِكْ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا بِحَيْثُ مَا أَتَوْا مِنَ الْمَعَاصِي وَ لَمْ يَنْهَهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبَارُ فَلَمَّا تَمَادَوْا فِي الْمَعَاصِي وَ لَمْ يَنْهَهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبَارُ عَمَّهُمُ اللَّهُ بِعُقُوبَةٍ فَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِكُمْ مِثْلُ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ وَ اعْلَمُوا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ‏ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ لَا يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ وَ لَا يَنْقُصَانِ‏ مِنْ رِزْقٍ فَإِنَّ الْأَمْرَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ كَقَطْرِ الْمَطَرِ إِلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا قَدَّرَ اللَّهُ لَهَا مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ فِي نَفْسٍ أَوْ أَهْلٍ أَوْ مَالٍ فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِكُمْ نُقْصَانٌ فِي ذَلِكَ وَ رَأَى لِأَخِيهِ عَفْوَةً فَلا يَكُونَنَ‏ لَهُ فِتْنَةً فَإِنَّ الْمَرْءَ الْمُسْلِمَ مَا لَمْ يَغْشَ‏ دَنَاءَةً يَظْهَرُ فَيَخْشَعُ لَهَا إِذَا ذُكِرَتْ وَ تُغْرَى بِهَا لِئَامُ النَّاسِ كَانَ كَالْيَاسِرِ الْفَالِجِ يَنْتَظِرُ أَوَّلَ فَوْزِهِ مِنْ قِدَاحِهِ‏ يُوجِبُ لَهُ بِهَا الْمَغْنَمَ وَ يَذْهَبُ عَنْهُ بِهَا الْمَغْرَمُ فَذَلِكَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ الْبَرِي‏ءُ مِنَ الْخِيَانَةِ يَنْتَظِرُ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ‏ إِمَّا دَاعِيَ اللَّهِ فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لَهُ وَ إِمَّا رزق [رِزْقاً] مِنَ اللَّهِ واسع [وَاسِعاً] فَإِذَا هُوَ ذُو أَهْلٍ وَ مَالٍ وَ مَعَهُ حَسَبُهُ‏ الْمَالُ وَ الْبَنُونُ حَرْثُ الدُّنْيَا وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ حَرْثُ الْآخِرَةِ وَ قَدْ جَمَعَهُمَا اللَّهُ لِأَقْوَامٍ».
    و جاء في كتاب سليم بن قيس: ((و لا تَتْرُكُنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ‏ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَيُوَلِّيَ اللَّهُ الْأَمْرَ أَشْرَارَكُمْ وَ تَدْعُونَ‏ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ))
    و ما وصلت إليه الأمة اليوم هو لأنهم تركوا هذه الفريضة الإلهية و هي الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و هي كما حكى رسول الله (ص):
    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:‏ ((حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) حِجَّةَ الْوَدَاعِ فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: أَ لَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَ كَانَ أَدْنَى النَّاسِ مِنْهُ يَوْمَئِذٍ سَلْمَانُ رَحْمَةُ اللَّه عَلَيْهِ، فَقَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ (ص): إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ الْقِيَامَةِ إِضَاعَةَ الصَّلَوَاتِ وَ اتِّبَاعَ الشَّهَوَاتِ، وَ الْمَيْلَ إِلَى الْأَهْوَاءِ وَ تَعْظِيمَ أَصْحَابِ الْمَالِ، وَ بَيْعَ الدِّينِ بِالدُّنْيَا، فَعِنْدَهَا يَذُوبُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ فِي جَوْفِهِ- كَمَا يُذَابُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ مِمَّا يَرَى مِنَ الْمُنْكَرِ- فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَهُ، قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ! إِنَّ عِنْدَهَا يَلِيهِمْ أُمَرَاءُ جَوَرَةٌ وَ وُزَرَاءُ فَسَقَةٌ، وَ عُرَفَاءُ ظَلَمَةٌ، وَ أُمَنَاءُ خَوَنَةٌ، فَقَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ (ص) إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ إِنَّ عِنْدَهَا يَكُونُ الْمُنْكَرُ مَعْرُوفاً وَ الْمَعْرُوفُ مُنْكَراً- وَ يُؤْتَمَنُ الْخَائِنُ وَ يُخَوَّنُ الْأَمِينُ- وَ يُصَدَّقُ الْكَاذِبُ وَ يُكَذَّبُ الصَّادِقُ، قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ (ص): إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
    يَا سَلْمَانُ! فَعِنْدَهَا تَكُونُ إِمَارَةُ النِّسَاءِ وَ مُشَاوَرَةُ الْإِمَاءِ- وَ قُعُودُ الصِّبْيَانِ عَلَى الْمَنَابِرِ وَ يَكُونُ الْكَذِبُ طَرَفاً- وَ الزَّكَاةُ مَغْرَماً وَ الْفَيْ‏ءُ مَغْنَماً- وَ يَجْفُو الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ وَ يَبَرُّ صَدِيقَهُ، وَ يَطْلُعُ الْكَوْكَبُ الْمُذْنِبُ، قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِي و الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ وَ عِنْدَهَا تُشَارِكُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي التِّجَارَةِ وَ يَكُونُ الْمَطَرُ قَيْظاً وَ يَغِيظُ الْكِرَامُ غَيْظاً- وَ يُحْتَقَرُ الرَّجُلُ الْمُعْسِرُ فَعِنْدَهَا تَقَارَبُ الْأَسْوَاقُ إِذْ قَالَ هَذَا لَمْ أَبِعْ شَيْئاً- وَ قَالَ هَذَا لَمْ أَرْبَحْ شَيْئاً فَلَا تَرَى إِلَّا ذَامّاً لِلَّهِ، قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
    سَلْمَانُ! فَعِنْدَهَا يَلِيهِمْ أَقْوَامٌ إِنْ تَكَلَّمُوا قَتَلُوهُمْ- وَ إِنْ سَكَتُوا اسْتَبَاحُوا حَقَّهُمْ- لَيَسْتَأْثِرُونَ أَنْفُسَهُمْ بِفَيْئِهِمْ وَ لَيَطَئُونَ حُرْمَتَهُمْ- وَ لَيَسْفِكُنَّ دِمَاءَهُمْ وَ لَيَمْلَأُنَّ قُلُوبَهُمْ دَغَلًا وَ رُعْباً، فَلَا تَرَاهُمْ إِلَّا وَجِلِينَ خَائِفِينَ مَرْعُوبِينَ مَرْهُوبِينَ، قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، يَا سَلْمَانُ! إِنَّ عِنْدَهَا يُؤْتَى بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الْمَشْرِقِ وَ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْمَغْرِبِ يُلَوَّنُ أُمَّتِي، فَالْوَيْلُ لِضُعَفَاءِ أُمَّتِي مِنْهُمْ وَ الْوَيْلُ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ، لَا يَرْحَمُونَ صَغِيراً وَ لَا يُوَقِّرُونَ كَبِيراً- وَ لَا يَتَجَاوَزُونَ مِنْ مُسِي‏ءٍ- جُثَّتُهُمْ جُثَّةُ الْآدَمِيِّينَ وَ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ، قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ! وَ عِنْدَهَا يَكْتَفِي الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ وَ النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ- وَ يُغَارُ عَلَى الْغِلْمَانِ كَمَا يُغَارُ عَلَى الْجَارِيَةِ فِي بَيْتِ أَهْلِهَا- وَ تُشْبِهُ الرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ وَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ وَ لَتَرْكَبَنَّ ذَوَاتُ الْفُرُوجِ‏ السُّرُوجَ- فَعَلَيْهِنَّ مِنْ أُمَّتِي لَعْنَةُ اللَّهِ، قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ! إِنَّ عِنْدَهَا تُزَخْرَفُ الْمَسَاجِدُ- كَمَا تُزَخْرَفُ الْبِيَعُ وَ الْكَنَائِسُ وَ تُحَلَّى الْمَصَاحِفُ، وَ تُطَوَّلُ الْمَنَارَاتُ وَ تَكْثُرُ الصُّفُوفُ بِقُلُوبٍ مُتَبَاغِضَةٍ- وَ أَلْسُنٍ مُخْتَلِفَةٍ.
    قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّه؟ِ قَالَ: إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَ عِنْدَهَا تُحَلَّى ذُكُورُ أُمَّتِي بِالذَّهَبِ- وَ يَلْبَسُونَ الْحَرِيرَ وَ الدِّيبَاجَ وَ يَتَّخِذُونَ جُلُودَ النُّمُورِ صِفَافاً قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: إِي وَ الَّذِي‏ نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ. وَ عِنْدَهَا يَظْهَرُ الرِّبَا وَ يَتَعَامَلُونَ بِالْعِينَةِ وَ الرُّشَى- وَ يُوضَعُ الدِّينُ وَ تُرْفَعُ الدُّنْيَا، قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ! وَ عِنْدَهَا يَكْثُرُ الطَّلَاقُ، فَلَا يُقَامُ لِلَّهِ حَدٌّ- وَ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً- قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ! وَ عِنْدَهَا تَظْهَرُ الْقَيْنَاتُ وَ الْمَعَازِفُ‏ وَ يَلِيهِمْ أَشْرَارُ أُمَّتِي، قَالَ سَلْمَانُ وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ص: إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ! وَ عِنْدَهَا تَحُجُّ أَغْنِيَاءُ أُمَّتِي لِلنُّزْهَةِ- وَ تَحُجُّ أَوْسَاطُهَا لِلتِّجَارَةِ- وَ تَحُجُّ فُقَرَاؤُهُمْ لِلرِّيَاءِ وَ السُّمْعَةِ- فَعِنْدَهَا يَكُونُ أَقْوَامٌ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ لِغَيْرِ اللَّهِ- وَ يَتَّخِذُونَهُ مَزَامِيرَ، وَ يَكُونُ أَقْوَامٌ يَتَفَقَّهُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ- وَ تَكْثُرُ أَوْلَادُ الزِّنَا، وَ يَتَغَنَّوْنَ بِالْقُرْآنِ، وَ يَتَهَافَتُون‏ بِالدُّنْيَا- قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ص: إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.
    يَا سَلْمَانُ ذَاكَ إِذَا انْتُهِكَتِ الْمَحَارِمُ، وَ اكْتَسَبَتِ الْمَآثِمُ، وَ تَسَلَّطَ الْأَشْرَارُ عَلَى الْأَخْيَارِ، وَ يَفْشُو الْكَذِبُ وَ تَظْهَرُ اللَّجَاجَةُ، وَ تَغْشُو الْفَاقَةُ وَ يَتَبَاهَوْنَ فِي اللِّبَاسِ وَ يُمْطَرُونَ فِي غَيْرِ أَوَانِ الْمَطَرِ، وَ يَسْتَحْسِنُونَ الْكُوبَةَ وَ الْمَعَازِفَ- وَ يُنْكِرُونَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ‏ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ- حَتَّى يَكُونُ الْمُؤْمِنُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَذَلَّ مِنَ الْأَمَةِ- وَ يُظْهِرُ قُرَّاؤُهُمْ وَ عُبَّادُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمُ التَّلَاوُمَ، فَأُولَئِكَ يُدْعَوْنَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ الْأَرْجَاسَ وَ الْأَنْجَاسَ، قَالَ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، يَا سَلْمَانُ! فَعِنْدَهَا لَا يَحُضُّ الْغَنِيُّ عَلَى الْفَقِيرِ- حَتَّى إِنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ فِيمَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ- لَا يُصِيبُ أَحَداً يَضَعُ فِي كَفِّهِ شَيْئاً قَال‏ سَلْمَانُ: وَ إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ص: إِي وَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ يَا سَلْمَانُ! عِنْدَهَا يَتَكَلَّمُ الرُّوَيْبِضَةُ، فَقَالَ: وَ مَا الرُّوَيْبِضَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي قَالَ ص: يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَتَكَلَّمُ- فَلَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى تَخُورَ الْأَرْضُ خَوْرَةً- فَلَا يَظُنُّ كُلُّ قَوْمٍ إِلَّا أَنَّهَا خَارَتْ فِي نَاحِيَتِهِمْ فَيَمْكُثُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَنْكُتُونَ فِي مَكْثِهِمْ- فَتُلْقِي لَهُمُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا ذَهَباً وَ فِضَّةً- ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْأَسَاطِينِ- فَقَالَ مِثْلَ هَذَا فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ ذَهَبٌ وَ لَا فِضَّةٌ.


    الخطبة الثانية و هي قصة نبي الله عزير (ع)

    أَوْ كَالَّذي مَرَّ عَلى‏ قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى‏ عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيي‏ هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى‏ طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَ انْظُرْ إِلى‏ حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدير
    عن هارون بن خارجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما عملت بنو إسرائيل المعاصي و عتوا عن أمر ربهم، أراد الله أن يسلط عليهم من يذلهم و يقتلهم، فأوحى الله تعالى إلى إرميا: يا إرميا، ما بلد انتجبته «3» من بين البلدان، فغرست فيه من كرائم الشجر، فأخلف فأنبت خرنوبا؟ «4» فأخبر إرميا أحبار «5» بني إسرائيل، فقالوا له: راجع ربك، ليخبرنا ما معنى هذا المثل.
    فصام إرميا سبعا، فأوحى الله إليه: يا إرميا، أما البلد فبيت المقدس، و أما ما أنبت فيه فبنو إسرائيل الذين أسكنتهم فيها، فعملوا بالمعاصي، و غيروا ديني، و بدلوا نعمتي كفرا، فبي حلفت، لأمتحننهم بفتنة يظل الحليم فيها حيرانا، و لا سلطن عليهم شر عبادي ولادة، و شرهم طعاما، فيسلطن عليهم بالجبرية فيقتل مقاتليهم، و يسبي حريمهم، و يخرب ديارهم التي يغترون بها، و يلقي حجرهم الذي يفتخرون به على الناس في المزابل مائة سنة.
    فأخبر إرميا أحبار بني إسرائيل، فقالوا له: راجع ربك، فقل له: ما ذنب الفقراء و المساكين و الضعفاء؟
    فصام إرميا سبعا، ثم أكل أكلة فلم يوح إليه شي‏ء، ثم صام سبعا «1»، فأوحى الله إليه: يا إرميا، لتكفن عن هذا، أو لأردن وجهك إلى قفاك». قال: «ثم أوحى الله تعالى إليه: قل لهم لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه.
    فقال أرميا: رب، أعلمني من هو حتى آتيه، فآخذ لنفسي و أهل بيتي منه أمانا؟ قال: ائت موضع كذا و كذا، فانظر إلى غلام أشدهم زمانة ، و أخبثهم ولادة، و أضعفهم جسما، و شرهم غذاء، فهو ذلك.
    فأتى إرميا ذلك البلد فإذا هو بغلام في خان، زمن «أي مريض»، ملقى على مزبلة وسط الخان، و إذا له أم ترمي بالكسر، و تفت الكسر في القصعة، و تحلب عليه خنزيرة لها، ثم تدنيه من ذلك الغلام فيأكله.
    فقال إرميا: إن كان في الدنيا الذي وصفه الله فهو هذا. فدنا منه، فقال له: ما اسمك؟ قال: بخت نصر. فعرف أنه هو، فعالجه حتى برئ. ثم قال له: تعرفني؟ قال: لا، أنت رجل صالح. قال: أنا إرميا نبي بني إسرائيل، أخبرني الله أنه سيسلطك على بني إسرائيل فتقتل رجالهم، و تفعل بهم كذا و كذا- قال-: فتاه «تحيّر» الغلام في نفسه في ذلك الوقت، ثم قال إرميا: اكتب لي كتابا بأمان منك. فكتب له كتابا، و كان يخرج إلى الجبل و يحتطب، و يدخله المدينة و يبيعه، فدعا إلى حرب بني إسرائيل فأجابوه، و كان مسكنهم في بيت المقدس، و أقبل بخت نصر و من أجابه نحو بيت المقدس، و قد اجتمع إليه بشر كثير، فلما بلغ إرميا إقباله نحو بيت المقدس، استقبله على حمار له و معه الأمان الذي كتبه له بخت نصر، فلم يصل إليه إرميا من كثرة جنوده و أصحابه، فصَير الأمان على قصبة أو خشبة و رفعها، فقال: من أنت؟ فقال: أنا أرميا النبي الذي بشرتك بأنك سيسلطك الله على بني إسرائيل، و هذا أمانك لي.
    فقال: أما أنت فقد أمنتك، و أما أهل بيتك فإني أرمي من هاهنا إلى بيت المقدس، فإن وصلت رميتي إلى بيت المقدس فلا أمان لهم عندي، و إن لم تصل فهم آمنون. و انتزع قوسه و رمى نحو بيت المقدس، فحملت الريح النشابة حتى علقتها في بيت المقدس، فقال: لا أمان لهم عندي.
    فلما وافى نظر إلى جبل من تراب وسط المدينة، و إذا دم يغلي وسطه، كلما ألقي عليه التراب خرج و هو يغلي، فقال: ما هذا؟ فقالوا: هذا [دم‏] نبي كان لله، فقتله ملوك بني إسرائيل و دمه يغلي، و كلما ألقينا عليه التراب خرج يغلي.
    فقال بخت نصر: لأقتلن بني إسرائيل أبدا حتى يسكن هذا الدم. و كان ذلك الدم دم يحيى بن زكريا (عليه السلام)، و كان في زمانه ملك جبار يزني بنساء بني إسرائيل، و كان يمر بيحيى بن زكريا، فقال له يحيى: اتق الله- أيها الملك- لا يحل لك هذا. فقالت له امرأة من اللواتي كان يزني بهن حين سكر: أيها الملك اقتل يحيى. فأمر أن يؤتى برأسه، فأتوا برأس يحيى (عليه السلام) في طشت، و كان الرأس يكلمه، و يقول له: يا هذا، اتق الله، لا يحل لك هذا. ثم غلى الدم في الطشت حتى فاض إلى الأرض، فخرج يغلي و لا يسكن، و كان بين قتل يحيى و بين خروج بخت نصر مائة سنة.
    و لم يزل بخت نصر يقتلهم، و كان يدخل قرية قرية، فيقتل الرجال و النساء و الصبيان، و كل حيوان، و الدم يغلي حتى أفناهم، فقال: بقي أحد في هذه البلاد؟ فقالوا: عجوز في موضع كذا و كذا. فبعث إليها فضرب عنقها على الدم فسكن، و كانت آخر من بقي.
    ثم أتى بابل فبنى بها مدينة، و أقام و حفر بئرا، فألقى فيها دانيال، و ألقى معه اللبوة، فجعلت اللبوة تأكل من طين البئر، و يشرب دانيال لبنها، فلبث بذلك زمانا. فأوحى الله إلى النبي الذي كان في بيت المقدس: أن اذهب بهذا الطعام و الشراب إلى دانيال، و أقرئه مني السلام. قال: و أين دانيال، يا رب؟ قال: في بئر ببابل في موضع كذا و كذا.
    فأتاه فاطلع في البئر، فقال: يا دانيال؟ فقال: لبيك، بصوت غريب. قال: إن ربك يقرئك السلام، و قد بعث إليك بالطعام و الشراب. فدلاه إليه- قال- فقال دانيال: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، الحمد لله الذي لا يخيب من دعاه، الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه، الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره، الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانا، الحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة، الحمد لله الذي يكشف ضرنا عند كربتنا، الحمد لله الذي هو ثقتنا حين تنقطع الحيل منا، الحمد لله الذي هو رجاؤنا حين ساء ظننا بأعمالنا».
    قال: «فرأى بخت نصر في منامه كأن رأسه من حديد، و رجليه من نحاس، و صدره من ذهب- قال-:فدعا المنجمين، فقال لهم: ما رأيت في المنام؟ قالوا: ما ندري، و لكن قص علينا ما رأيت. فقال: أنا اجري عليكم الأرزاق منذ كذا و كذا، و لا تدرون ما رأيت في المنام؟! و أمر بهم فقتلوا».
    قال: «فقال له بعض من كان عنده: إن كان عند أحد شي‏ء فعند صاحب الجب، فإن اللبوة لم تتعرض له، و هي تأكل الطين و ترضعه، فبعث إلى دانيال، فقال: ما رأيت في المنام؟ قال: رأيت كأن رأسك من حديد، و رجليك من نحاس، و صدرك من ذهب. فقال: هكذا رأيت، فما ذاك؟ قال: قد ذهب ملكك، و أنت مقتول إلى ثلاثة أيام، يقتلك رجل من ولد فارس قال: «فقال: إن علي سبع مدائن، على باب كل مدينة حرس، و ما رضيت بذلك حتى وضعت بطة من نحاس على باب كل مدينة، لا يدخل غريب إلا صاحت عليه، حتى يؤخذ- قال- فقال له: إن الأمر كما قلت لك».
    قال: «فبث الخيل، و قال: لا تلقون أحدا من الخلق إلا قتلتموه كائنا من كان. و كان دانيال جالسا عنده، و قال:لا تفارقني هذه الثلاثة أيام، فإن مضت هذه الثلاثة أيام و أنا سالم قتلتك. فلما كان في اليوم الثالث ممسيا أخذه الغم، فخرج فتلقاه غلام كان يخدم ابنا له، من أهل فارس، و هو لا يعلم أنه من أهل فارس، فدفع إليه سيفه، و قال: يا غلام، لا تلقى أحدا من الخلق إلا و قتلته، و إن لقيتني أنا فاقتلني.
    فأخذ الغلام سيفه فضرب به بخت نصر ضربة فقتله. فخرج إرميا على حمار و معه تين قد تزوده، و شي‏ء من عصير، فنظر إلى سباع البر و سباع البحر و سباع الجو تأكل الجيف، ففكر في نفسه ساعة، ثم قال: أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها و قد أكلتهم السباع، فأماته الله مكانه و هو قول الله تبارك و تعالى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى‏ قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى‏ عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ أي أحياه. فلما رحم الله بني إسرائيل، و أهلك بخت نصر، رد بني إسرائيل إلى الدنيا، و كان عزير لما سلط الله بخت نصر على بني إسرائيل، هرب و دخل في عين و غاب فيها، و بقي إرميا ميتاً مائة سنة، ثم أحياه الله تعالى، فأول ما أحيا منه عيناه في مثل غرقئ البيض، فنظر، فأوحى الله تعالى إليه: كم لبثت؟ قال لبثت يوما. ثم نظر إلى الشمس و قد ارتفعت فقال: أو بعض يوم. فقال الله تعالى: بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى‏ طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ أي لم يتغير وَ انْظُرْ إِلى‏ حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فجعل ينظر إلى العظام البالية المنفطرة تجتمع إليه و إلى اللحم الذي قد أكلته السباع يتألف إلى العظام من هاهنا و هاهنا، و يلتزق بها حتى قام، و قام حماره، فقال: أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ».
    عن الفضل بن شاذان، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن قاسم الحضرمي، عن أبي سعيد الخراساني، قال: ((قلت لأبي عبد الله (ع) لأي شيء سمي القائم ؟ قال: لأنه يقوم بعدما يموت، إنه يقوم بأمر عظيم يقوم بأمر الله سبحانه))
    عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر (ع) يقول: ((مثل أمرنا في كتاب الله مثل صاحب الحمار أماته الله مائة عام ثم بعثه))

    و هذه الروايات لا تشير الى الامام محمد بن الحسن المهدي (ع), لانه لم يمت و حي يرزق, إذاً هذه الروايات تشير الى شخص آخر و هو المهدي الأول (ع).

    خادمكم ابوفاطمة
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎