إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

جانب من خطبة الجمعة في سيدني - استراليا بتاريخ 3 جمادي الاول 1434

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • from_au
    عضو نشيط
    • 29-08-2011
    • 131

    جانب من خطبة الجمعة في سيدني - استراليا بتاريخ 3 جمادي الاول 1434

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد و آل محمد الائمة و المهديين و سلم تسليما كثيرا
    تعرضنا في الخطبة الاولى عن المعاندين و الكافرين بالله و بخلفاءه و أخذنا نموذجا من القرآن و هو فرعون لعنه الله
    قال الله: ﴿إن الذين كفروا سواءٌ عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون*ختم الله على قلوبهم و على سمعهم و على أبصارهم غشاوة و لهم عذاب عظيم﴾ بقرة 6-7
    في هذه الآية إشارة الى المعاندين و الكافرين بالله و بخلفائه بأن لا فائدة من إنذارهم و تبليغهم بدعوات الانبياء و الاوصياء (ع), و لهذا ختم الله على قلوبهم و على سمعهم و على أبصارهم غشاوة أي بمعنى أصبح بينهم و بين الحق حجاب و ظلمة, و هؤلاء مهما جاءتهم البينات لم يؤمنوا بخلفاءالله و ان ءامنوا بخلفاء الله بمعاجز قاهرة لم ينفعهم إيمانهم و لبيان ذلك أكثر نأخذ نموذج من القرآن و هو فرعون لعنه الله:
    عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله (ع)، قال: ((لما بعث الله موسى (ع) إلى فرعون أتى بابه، فاستأذن عليه، فلم يأذن له، فضرب بعصاه الباب، فاصطكت الأبواب ففتحت، ثم دخل على فرعون، فأخبره أنه رسول الله، و سأله أن يرسل معه بني إسرائيل. فقال له فرعون، كما حكى الله: ﴿أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَ لَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ﴾ أي قتلت الرجل وَ ﴿أَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ﴾ يعني كفرت نعمتي. قال موسى، كما حكى الله: ﴿فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ فقالَ فِرْعَوْنُ وَ ما رَبُّ الْعالَمِينَ﴾؟ و إنما سأله عن كيفية الله، فقال موسى: ﴿رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾، فقال فرعون- متعجبا- لأصحابه: أَلا تَسْتَمِعُونَ أسأله عن الكيفية، فيجيبني عن الصفات؟! فقال موسى: ﴿رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ قال فرعون لأصحابه: اسمعوا، قال: ربكم و رب آبائكم الأولي.
    ثم قال لموسى: ﴿لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾ قال موسى: ﴿أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْ‏ءٍ مُبِينٍ﴾. قال فرعون: ﴿فأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقى‏ عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ‏﴾ فلم يبق أحد من جلساء فرعون إلا هرب، و دخل فرعون من الرعب ما لم يملك به نفسه فقال فرعون: نشدتك بالله، و بالرضاع، إلا ما كففتها عني، فكفها، ثم نزع يده، فإذا هي بيضاء للناظرين، فلما أخذ موسى العصا رجعت إلى فرعون نفسه، و هَمّ بتصديقه، فقام إليه هامان، فقال له: بينما أنت إله تُعبد، إذ صرت تابعا لعبد! ثم قال فرعون للملأ الذين حوله: ﴿إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ﴾ إلى قوله: ﴿لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾. و كان فرعون و هامان قد تعلما السحر، و إنما غلبا الناس بالسحر، و ادعى فرعون الربوبية بالسحر، فلما أصبح بَعَثَ في المدائن حاشرين، مدائن مصر كلها، و جمعوا ألف ساحر، و اختاروا من الألف مائة، و من المائة ثمانين، فقال السحرة لفرعون: قد علمت أنه ليس في الدنيا أسحر منا، فإن غلبنا موسى فما يكون لنا عندك؟ قال: ﴿إِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ عندي، أشارككم في ملكي. قالوا: فإن غلبنا موسى، و أبطل سحرنا، علمنا أن ما جاء به ليس من قِبَل السحر، و لا من قِبَل الحيلة، و آمنا به، و صدقناه. فقال فرعون: إن غلبكم موسى، صدقته أنا أيضا معكم، و لكن أجمعوا كيدكم، أي حيلتكم.
    قال: ((و كان موعدهم يوم عيد لهم، فلما ارتفع النهار من ذلك اليوم، جمع فرعون الخلق، و السحرة، و كانت له قبة طولها في السماء ثمانون ذراعا، و قد كانت كُسيت بالحديد و الفولاذ المصقول، فكانت إذا وقعت الشمس عليها، لم يقدر أحد أن ينظر إليها، من لمع الحديد، و وهج الشمس، و جاء فرعون و هامان، و قعدا عليها ينظران، و أقبل موسى ينظر إلى السماء، فقالت السحرة لفرعون: إنا نرى رجلا ينظر إلى السماء، و لن يبلغ سحرنا إلى السماء، و ضمنت السحرة من في الأرض. فقالوا لموسى: ﴿إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَ إِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ﴾ قال لهم موسى: ﴿أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَ عِصِيَّهُمْ﴾ فأقبلت تضطرب، و صالت مثل الحيات، و هاجت، فقالوا: ﴿بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ﴾. فهال الناس ذلك، فأوجس في نفسه خيفة موسى، فنودي: ﴿لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى‏ وَ أَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَ لا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى﴾‏.
    فألقى موسى عصاه، فذابت في الأرض مثل الرصاص، ثم طلع رأسها، و فتحت فاها، و وضعت شدقها الأعلى على رأس قبة فرعون، ثم دارت، و أرخت شفتها السفلى، و التقمت عصي السحرة، و حبالها، و غلب كلهم، و انهزم الناس حين رأوها، و عظمها، و هولها، مما لم تر العين، و لا وصف الواصفون مثله قبل، فقتل في الهزيمة، من وطء الناس بعضهم بعضا، عشرة آلاف رجل و امرأة و صبي، و دارت على قبة فرعون- قال- فأحدث فرعون و هامان في ثيابهما، و شاب رأسهما، و غشي عليهما من الفزع.
    و مر موسى في الهزيمة مع الناس، فناداه الله: ﴿خُذْها وَ لا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى﴾‏ فرجع موسى، و لف على يده عباءة كانت عليه، ثم أدخل يده في فيها، فإذا هي عصا كما كانت، فكان كما قال الله: ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ﴾ لما رأوا ذلك، و ﴿قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى‏ وَ هارُونَ﴾، فغضب فرعون عند ذلك غضبا شديدا، و قال: ﴿آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ﴾ يعني موسى ﴿الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ فقالوا، كما حكى الله: ﴿لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
    فحبس فرعون من آمن بموسى في السجن، حتى أنزل الله عليهم الطوفان، و الجراد، و القمل، و الضفادع، و الدم، فأطلق فرعون عنهم فأوحى الله إلى موسى: ﴿أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ﴾، فخرج موسى ببني إسرائيل، ليقطع بهم البحر، و جمع فرعون أصحابه، و بعث في المدائن حاشرين، و حشر الناس، و قدم مقدمته في ست مائة ألف، و ركب هو في ألف ألف، و خرج كما حكى الله عزوجل: ﴿فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَ عُيُونٍ وَ كُنُوزٍ وَ مَقامٍ كَرِيمٍ كَذلِكَ وَ أَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ﴾، فلما قرب موسى من البحر، و قرب فرعون من موسى، قال أصحاب موسى: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾، قال موسى: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ أي سينجيني: فدنا موسى (ع) من البحر، فقال له: انفلق، فقال البحر له: استكبرت- يا موسى- أن تقول لي أنفلق لك، و لم أعص الله طرفة عين، و قد كان فيكم المعاصي؟ فقال له موسى: فأحذر أن تعصي الله و قد علمت أن آدم اخرج من الجنة بمعصيته، و إنما إبليس لعن بمعصيته، فقال البحر: ربي عظيم، مطاع أمره، و لا ينبغي لشي‏ء أن يعصيه فقام يوشع بن نون، فقال لموسى: يا رسول الله، ما أمرك ربك؟ قال: بعبور البحر. فاقتحم يوشع فرسه في الماء، فأوحى الله إلى موسى: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ﴾، فضربه فَانْفَلَقَ فَكانَ ﴿كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾، أي كالجبل العظيم، فضرب له في البحر اثني عشر طريقا، فأخذ كل سبط منهم في طريق، فكان الماء قد ارتفع، و بقيت الأرض يابسة، طلعت فيها الشمس، فيبست، كما حكى الله: ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَ لا تَخْشى﴾‏.
    و دخل موسى و أصحابه البحر، و كان أصحابه اثني عشر سبطا، فضرب الله لهم في البحر اثنى عشر طريقا، فأخذ كل سبط في طريق، و كان الماء قد ارتفع على رؤوسهم مثل الجبال، فجزعت الفرقة التي كانت مع موسى (ع) في طريقه، فقالوا: يا موسى أين إخواننا؟ فقال لهم: معكم في البحر. فلم يصدقوه، فأمر الله البحر، فصارت طاقات، حتى كان ينظر بعضهم إلى بعض، و يتحدثون و أقبل فرعون و جنوده، فلما انتهى إلى البحر، قال لأصحابه: ألا تعلمون أني ربكم الأعلى؟ قد فرج لي البحر. فلم يجسر أحد أن يدخل البحر، و امتنعت الخيل منه لهول الماء، فتقدم فرعون، حتى جاء إلى ساحل البحر، فقال له منجمه: لا تدخل البحر. و عارضه فلم يقبل منه، و أقبل على فرس حصان، فامتنع الحصان أن يدخل الماء، فعطف عليه جبرئيل، و هو على ماديانة، فتقدمه و دخل، فنظر الفرس إلى الرمكة فطلبها، و دخل البحر، و اقتحم أصحابه خلفه. فلما دخلوا كلهم، حتى كان آخر من دخل من أصحابه، و آخر من خرج من أصحاب موسى، أمر الله الرياح، فضربت البحر بعضه ببعض، فأقبل الماء يقع عليهم مثل الجبال، فقال فرعون عند ذلك:
    ﴿آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ فأخذ جبرئيل كفا من حمأ، فدسها في فيه، ثم قال: ﴿آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾.
    و ذكر الشيخ المفيد في (الإختصاص): عن عبد الله بن جندب، عن أبي الحسن الرضا (ع)، قال: «كان على مقدمة فرعون ست مائة ألف، و مأتي ألف، و على ساقته «ساقة الجيش, مؤخرّه» ألف ألف،- قال- لما صار موسى في البحر، اتبعه فرعون و جنوده- قال- فتهيب فرس فرعون أن يدخل البحر، فتمثل له جبرئيل على ماديانة، فلما رأى فرس فرعون الماديانة اتبعها، فدخل البحر هو و أصحابه، فغرقوا.

    الخطبة الثانية

    قال الله سبحانه و تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾
    عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمد (ع)، أنه قال: أخبرني عن خلق آدم، كيف خلقه الله تعالى؟
    قال: «إن الله تعالى لما خلق نار السموم، و هي نار لا حر لها و لا دخان، فخلق منها الجان، فذلك معنى قوله تعالى: وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ و سماه مارجا، و خلق منه زوجه و سماها مارجة، فواقعها فولدت الجان، ثم ولد الجان ولدا و سماه الجن، و منه تفرعت قبائل الجن، و منهم إبليس اللعين، و كان يولد الجان الذكر و الأنثى، و يولد الجن كذلك توأمين، فصاروا تسعين ألفا ذكرا و أنثى، و ازدادوا حتى بلغوا عدة الرمال.
    و تزوج إبليس بامرأة من ولد الجان يقال لها: لهبا بنت روحا بن سلساسل ، فولدت منه بيلقيس و طونة في بطن واحد، ثم شعلا و شعيلة في بطن واحد، ثم دوهر و دوهرة في بطن واحد، ثم شوظا و شيظة في بطن واحد، ثم فقطس و فقطسة في بطن واحد، فكثر أولاد إبليس (لعنة الله) حتى صاروا لا يحصون، و كانوا يهيمون على وجوههم كالذر، و النمل، و البعوض، و الجراد، و الطير، و الذباب. و كانوا يسكنون المفاوز و القفار، و الحياض، و الآجام، و الطرق، و المزابل، و الكنف، و الأنهار، و الآبار، و النواويس، و كل موضع وحش، حتى امتلأت الأرض منهم. ثم تمثلوا بولد آدم بعد ذلك، و هم على صور الخيل، و الحمير، و البغال، و الإبل، و المعز، و البقر، و الغنم، و الكلاب، و السباع، و السلاحف.
    فلما امتلأت الأرض من ذرية إبليس (لعنه الله) أسكن الله الجان الهواء دون السماء، و أسكن ولد الجن في سماء الدنيا، و أمرهم بالعبادة و الطاعة و هو قوله تعالى: ﴿وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.
    و كانت السماء تفتخر على الأرض، و تقول: إن ربي رفعني فوقك، و أنا مسكن الملائكة، و في العرش و الكرسي و الشمس و القمر و النجوم، و خزائن الرحمة، و مني ينزل الوحي. فقالت الأرض: إن ربي بسطني و استودعني عروق الأشجار و النبات و العيون، و خلق في الثمرات و الأنهار و الأشجار. فقالت لها السماء: ليس عليك أحد يذكر الله تعالى؟
    فقالت الأرض: يا رب، إن السماء تفتخر علي، إذ ليس علي أحد يذكرك. فنوديت الأرض: أن اسكني، فإني أخلق من أديمك صورة لا مثل لها من الجن، و أرزقه العقل و العلم و الكتاب و اللسان، و انزل عليه من كلامي، ثم أملأ بطنك و ظهرك و شرقك و غربك على مزاج تربك في اللون، و الحرية، و السرية، و افتخري يا أرض على السماء بذلك.
    ثم استقرت الأرض و سألت ربها أن يهبط إليها خلقا، فأذن لها بذلك، على أن يعبدوه و لا يعصوه- قال- و هبط الجن و إبليس اللعين و سكنا الأرض، فأعطوا على ذلك العهد، و نزلوا و هم سبعون ألف قبيلة يعبدون الله حق عبادته دهرا طويلا.
    ثم رفع الله إبليس إلى سماء الدنيا لكثرة عبادته، فعبد الله تعالى فيها ألف سنة، ثم رفع إلى السماء الثانية، فعبد الله تعالى فيها ألف سنة، و لم يزل يعبد الله في كل سماء ألف سنة حتى رفعه الله إلى السماء السابعة، و كان أول يوم في السماء الأولى السبت، و الأحد في الثانية، حتى كان يوم الجمعة صير في السماء السابعة، و كان يعبد الله حق عبادته، و يوحده حق توحيده، و كان بمنزلة عظيمة حتى إذا مر به جبرئيل و ميكائيل، يقول بعضهم لبعض:
    لقد أعطي هذا العبد من القوة على طاعة الله و عبادته ما لم يعط أحد من الملائكة.
    فلما كان بعد ذلك بدهر طويل، أمر الله تعالى جبرئيل أن يهبط إلى الأرض، و يقبض من شرقها و غربها و قعرها و بسطها قبضة، ليخلق منها خلقا جديدا، ليجعله أفضل الخلائق».
    5838/ [2]- و عنه: قال ابن عباس: فنزل إبليس (لعنه الله) فوقف وسط الأرض، و قال: يا أيتها الأرض، إني جئتك ناصحا لك، إن الله تعالى يريد أن يخلق منك خلقا يفضله على جميع الخلق، و أخاف أن يعصيه، و قد أرسل الله إليك جبرئيل، فإذا جاءك فاقسمي عليه أن لا يقبض منك شيئا. فلما هبط جبرئيل بإذن ربه، نادته الأرض، و قالت:
    يا جبرئيل، بحق من أرسلك إلي، لا تقبض مني شيئا، فإني أخاف أن يعصيه ذلك الخلق، فيعذبه في النار. قال: فارتعد جبرئيل من هذا القسم، و رجع إلى السماء و لم يقبض منها شيئا، فأخبر الله تعالى بذلك، فبعث الله تعالى ميكائيل ثانية، فجرى له مثل ما جرى لجبرئيل، فبعث الله عزرائيل ملك الموت، فلما هم بها أن يقبض منها، قالت له مثل ما قالت لهما، فقال: و عزة ربي لا أعصي له أمرا. ثم قبض منها قبضة من شرقها و غربها و حلوها و مرها و طيبها و مالحها و خسيسها و قعرها و بسطها، فقدم ملك الموت بالقبضة، و وقف أربعين عاما لا ينطق، فأتاه النداء أن يا ملك الموت، ما صنعت؟ فأخبره بجميع القضية. قال الله تعالى: و عزتي و جلالي لاسلطنك على قبض أرواح هذا الخلق الذي أخلقه لقلة رحمتك. فجعل الله نصف تلك القبضة في الجنة، و النصف الآخر في النار. قال:
    و خلق الله آدم من سبع أرضين: فرأسه من الأرض و الاولى، و عنقه من الثانية، و صدره من الثالثة، و يداه من الرابعة و بطنه و ظهره من الخامسة، و فخذاه و عجزه من السادسة، و ساقاه و قدماه من السابعة.
    بعد قراءة هذه الجوهرة من جواهر آل محمد (ع) علمنا مدى عظمة آدم (ع) و ما كان مقام إبليس (لعنه الله) قبل خلق آدم بل ورد في بعض الروايات ان إبليس لعنه الله وصل إلى مقام طاووس الملائكة و الوصول إلى هذا المقام يحتاج إلى علم و معرفة و إبليس كان عالماً و لكن ما نفعه علمه إذ انه لم يعمل به لأنه أراد ان يعبد الله من حيث يريد و جعل نفسه ميزان بأن عبادته لله سبحانه يجب أن تكون مباشرة لا عبر خليفة الله و الذي يمثل القبلة. و لذلك رفض السجود لآدم (ع) و كان سبب ذلك التكبر و الحسد الذي كان يحمله إبليس لآدم (ع) و هذا الداء يجب أن نتحذر منه كي لا نقع –والعياذ بالله- في نفس الهاوية التي وقع فيها إبليس لعنه الله.
    ورد عن الامام الكاظم)ع): ((ان الزرع ينبت في السهل و لا ينبت في الصفا , فكذلك الحكمة تنبت في قلب المتواضع و لا تعمر في قلب المتكبر الجبار لأن الله جعل التواضع الة العقل و جعل التكبر الة الجهل)) البحار ج 78 ص 312
    و الاخلاص في العمل ايضاً مما يورث الحكمة فقد ورد عنهم )ع): ((من أخلص لله أربعين صباحا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه)(
    فلنتعامل مع بعضنا بما يرضي الله و بما يريده رسوله)ص( و الائمة عليهم السلام و لنكن كالسهل الذي ينبت فيه الزرع, فالزرع يحتاج الى ارض مهيأة , فالإنسان الذي يريد ان يفوز في الدارين يجب أن يهيأ روحه و بدنه ليتخلق بأخلاق الله و أن يجاهد نفسه من اجل الحق , و ليتمكن من نقل هذه الاخلاق الى الغير .
    و نذكر في هذا المقام كلام السيد احمد الحسن)ع( ما مضمونه (عاملوا الناس بمثل ما تحبون ان تعاملوا , لا تقابلوا الاساءة بالإساءة بل قابلوا الاساءة بالإحسان الا تحبون ان يقابل الله اساءتكم بالإحسان).
    و التواضع يكسبك المهابة و ينشر الفضيلة أما التكبر فيظهر الرذيلة و العياذ بالله , و يعين الشيطان )لعنه الله( و أي رذيلة اكبر من انكار حجة الله و عدم الانصياع له )ع( . عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله) ع (قال : سمعته يقول : إن في السماء ملكين موكلين بالعباد ، فمن تواضع لله رفعاه ومن تكبر وضعاه (.الكافي ج 2 ص 122 .
    خادمكم ابوفاطمة

  • احمد حجة الله
    السيد حسن الحمامي
    • 21-09-2010
    • 91

    #2
    رد: جانب من خطبة الجمعة في سيدني - استراليا بتاريخ 3 جمادي الاول 1434

    بسم ألله ألرحمن ألرحيم ألحمد لله رب ألعالمين و صلى ألله على محمد و آل محمد ألأئمة و ألمهديين و سلم تسليماً كثيراً كثيراً كثيرا طيب ألله أنفاسكم و جزيتم خيراً في مواضيع يستفيد منها ألقاريء ألكريم و لنا وللجميع ألعبرة من خطب جمعة ألإمام ألمهدي عليه و آله ألصلاة و ألسلام زادنا ألله و إياكم من علوم قائم آل محمد صلوات ربي عليهم أجمعين و أحببت أن أذكر ما كتبتم من كلمات آل محمد ( عليهم ألصلاة و ألسلام ) لنعتبر بها و أنتم محسنون موفقون بما كتبتم يا أطهار : ورد عن الامام الكاظم)ع): ((ان الزرع ينبت في السهل و لا ينبت في الصفا , فكذلك الحكمة تنبت في قلب المتواضع و لا تعمر في قلب المتكبر الجبار لأن الله جعل التواضع الة العقل و جعل التكبر الة الجهل)) البحار ج 78 ص 312
    و الاخلاص في العمل ايضاً مما يورث الحكمة فقد ورد عنهم (ع): ((من أخلص لله أربعين صباحا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه)(
    فلنتعامل مع بعضنا بما يرضي الله و بما يريده رسوله(ص) و الائمة عليهم السلام و لنكن كالسهل الذي ينبت فيه الزرع, فالزرع يحتاج الى ارض مهيأة , فالإنسان الذي يريد ان يفوز في الدارين يجب أن يهيأ روحه و بدنه ليتخلق بأخلاق الله و أن يجاهد نفسه من اجل الحق , و ليتمكن من نقل هذه الاخلاق الى الغير .
    و نذكر في هذا المقام كلام السيد احمد الحسن)ع( ما مضمونه (عاملوا الناس بمثل ما تحبون ان تعاملوا , لا تقابلوا الاساءة بالإساءة بل قابلوا الاساءة بالإحسان الا تحبون ان يقابل الله اساءتكم بالإحسان).
    و التواضع يكسبك المهابة و ينشر الفضيلة أما التكبر فيظهر الرذيلة و العياذ بالله , و يعين الشيطان (لعنه الله) و أي رذيلة اكبر من انكار حجة الله و عدم الانصياع له (ع) . عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله) ع (قال : سمعته يقول : إن في السماء ملكين موكلين بالعباد ، فمن تواضع لله رفعاه ومن تكبر وضعاه (.الكافي ج 2 ص 122 . و ألحمد لله رب ألعالمين و صلى ألله على محمد و آل محمد ألأئمة و ألمهديين و سلم تسليماً كثيرا و دمتم بخير و سلامة في ألدين و ألآخرة و ألدنيا آمين رب ألعالمين ...
    [frame="3 98"]
    [/frame]

    Comment

    Working...
    X
    😀
    🥰
    🤢
    😎
    😡
    👍
    👎