إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • هيئة الاشراف العلمي للحوزة
    هيئة الاشراف العلمي العام على الحوزات المهدوية
    • 07-02-2012
    • 74

    تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    دروس مادة
    تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي

    رابط الكتاب

    الجواب المنير عبر الاثير وهو لحد الآن ستة اجزاء تجدونه هنا
    http://almahdyoon.org/imam/esdarat/kotob-al-imam
    Last edited by اختياره هو; 10-10-2013, 12:34.
  • د. توفيق المغربي
    مشرف
    • 13-02-2012
    • 259

    #2
    رد: تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي



    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

    الدرس الاول من درس مختارات من الجواب المنير
    التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا
    التسجيل الصوتي للمحاضرة (تتمة) ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا

    لم افهم حقيقة شجرة آدم ع وكيف ان المكلف مامور ان ياخذ من علم ال محمد ع ولا يجوز له ان ياخذ منها بدون اذن


    ج/ بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
    المؤمن مامور ان يأخذ علم محمد وآل محمد ع من الواسطة أي محمد وآل محمد ع، فالناس مامورون باخذ المعرفة عن طريق محمد وآل محمد ع وليس لهم تجاوز هذه الواسطة وإلا فحتى لو توفر هذا العلم بمتناول أيديهم دون الواسطة فسيكون بمثابة طلاسم، الناس غير قادرين على حلها أو إدراكها، وعندها سيكون بدون فائدة فعلية لهم فإذا كانوا مع ذلك مأمورين بعدم تناوله ومع هذا تجرأوا ومدوا أيديهم اليه فسيجنون خسارة المعصية دون المعرفة لانهم أصلا لايعرفونه دون الواسطة ،

    أما إذا تجراوا وأدعوا انهم أصحاب هذا العلم الذي يجهلونه فبهذا يكونون مدعين مبطلين أدعوا ماليس لهم وأئمة ضلال ظالمين حاسدين لمحمد وال محمد ع،

    وبالنسبة لما حصل مع آدم فهو في المرتبة الأولى أي انه مد يده الى علم نهي عن مد يده اليه وهو في مقام لا يؤهله لمعرفته فجنى الخسارة فقط ولكن آدم ع لم يدعي ماليس له أي مقام محمد وآل محمد ع ولهذا فوصفه بالحسد إنما هو بمعنى أنه سلك سبيل الحسد وخطى خطواته الأولى أي تجرأ على الشجرة لا بمعنى انه تمنى ان يزول مقام آل محمد ع منهم ع وان يناله هو ع.

    فما حصل مع آدم ع هو أمتحان له ع حيث أن الامتحان تمثل بإتاحة هذا العلم بمتناول يد آدم ع وفي نفس الوقت أمره الله ان لايمد يده اليه وهذا الامر ليس عبثيا بل لان آدم أصلا لايمكنه الانتفاع من هذا العلم لانه علم في مقام أعلى منه، وهو ع غير قادر على أدراكه إلا بالواسطة إي محمد وآل محمد ع.

    روي عنهم عليهم السلام :

    ((نقلا عن كتاب معاني الأخبار ..... أحمد بن الهيثم عن ابن زكريا القطان عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن أبيه عن محمد بن سنان عن المفضل قال قال أبو عبد الله ع إن الله تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم صلوات الله عليهم فعرضها على السماوات و الأرض و الجبال فغشيها نورهم فقال الله تبارك و تعالى للسماوات و الأرض و الجبال هؤلاء أحبائي و أوليائي و حججي على خلقي و أئمة بريتي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منهم لهم و لمن تولاهم خلقت جنتي و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري فمن ادعى منزلتهم مني و محلهم من عظمتي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين و جعلته و المشركين في أسفل درك من ناري و من أقر بولايتهم و لم يدع منزلتهم مني و مكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناتي و كان لهم فيها ما يشاءون عندي و أبحتهم كرامتي و أحللتهم جواري و شفعتهم في المذنبين من عبادي و إمائي فولايتهم أمانة عند خلقي فأيكم يحملها بأثقالها و يدعيها لنفسه دون خيراتي فأبت السماوات و الأرض و الجبال أن يحملنها و أشفقن من ادعاء منزلتها و تمني محلها من عظمة ربها فلما أسكن الله عز و جل آدم و زوجته الجنة قال لهما كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ يعني شجرة الحنطة فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ فنظر إلى منزلة محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا يا ربنا لمن هذه المنزلة فقال الله جل جلاله ارفعا رءوسكما إلى ساق عرشي فرفعا رءوسهما فوجدا اسم محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين ع و الأئمة صلوات الله عليهم مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجبار جل جلاله فقالا يا ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك و ما أحبهم إليك و ما أشرفهم لديك فقال الله جل جلاله لولاهم ما خلقتكما هؤلاء خزنة علمي و أمنائي على سري إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد و تتمنيا منزلتهم عندي و محلهم من كرامتي فتدخلا بذلك في نهيي و عصياني فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ قالا ربنا و من الظالمون قال المدعون لمنزلتهم بغير حق قالا ربنا فأرنا منازل ظالميهم في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك فأمر الله تبارك و تعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال و العذاب و قال الله عز و جل مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها و كلما نضجت جلودهم بدلوا سواها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ يا آدم و يا حواء لا تنظرا إلى أنواري و حججي بعين الحسد فأهبطكما عن جواري و أحل بكما هواني فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَ قالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ و حملهما على تمني منزلتهم فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة فعاد مكان ما أكلا شعيرا فأصل الحنطة كلها مما لم يأكلاه و أصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه فلما أكلا من الشجرة طار الحلي و الحلل عن أجسادهما و بقيا عريانين وَ طَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ ف قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ قال اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش فلما أراد الله عز و جل أن يتوب عليهما جاءهما جبرءيل فقال لهما إنكما إنما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز و جل إلى أرضه فسلا ربكما بحق الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما فقالا اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة إلا تبت علينا و رحمتنا فتاب الله عليهما إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ فلم تزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة و يخبرون بها أوصياءهم و المخلصين من أممهم فيأبون حملها و يشفقون من ادعائها و حملها الإنسان الذي قد عرف فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة و ذلك قول الله عز و جل إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا)) بحار الانوار ج11 ص 173-174

    احمد الحسن
    ربيع الثاني 1434 هـ.ق

    Comment

    • د. توفيق المغربي
      مشرف
      • 13-02-2012
      • 259

      #3
      رد: تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي



      بسم الله الرحمن الرحيم
      والحمد لله رب العالمين
      وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

      الدرس الثاني من درس مختارات من الجواب المنير
      التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا


      السؤال/ 310 الجواب المنير الجزء الرابع :
      وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ

      السلام عليكم سيدنا الجليل.
      أنا سمعت منك أنك أعلم من المرجعية بالقرآن وأنا كان لدي سؤال حول القرآن لم أحصل على جواب له من قبل المرجعية وأتمنى آخذ الجواب منك؛ لأنك أعلم منهم بالقرآن.
      السؤال هو: أن الله تعالى يقول عن القرآن: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾([37])، والآية تقول إن الله نزل القرآن لتوضيح كل شيء، وأنا لا أجد كل شيء في القرآن، فإذا القرآن كان موضحاً لكل شيء فأين البكتيريا من القرآن، أو أين القطار من القرآن، أو أين أجد من القرآن مكونات الخشب وهو شيء والقرآن بين كل شيء ؟
      أرجو منكم سيدنا أن تبينوا لي كيف للقرآن أن يبين لي كل شيء من أمور الدين والدنيا، (عفوا هنالك أحاديث كثيرة لم أذكرها تدل على شمولية القرآن الكريم لكل الأحكام والمعاملات، ونحن طبعاً لا نجدها في القرآن فارجوا التوضيح السريع).
      وشكراً لك وجعلنا الله من المتبعين لك.
      المرسل: هاشم العلوي - الكويت

      الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
      والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماًَ.

      قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾([1]).

      وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاءُ اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾([2]).

      قبل أن نبحث في القرآن وكيف يكون تبياناً لكل شيء دنيوي وديني لابد أن تلتفت إلى أن بيان القانون الكلي الذي تندرج تحته جزئيات كثيرة أو حتى قوانين جزئية هو بمثابة بيان لتلك الجزئيات أو القوانين الجزئية، وكمثال على هذا الأمر أقول:

      لو قلت (كل شيء لك طاهر حتى يتبين لك أنه نجس بعينه) فهذا قانون شرعي عام تنطوي تحته قوانين كثيرة، منها أن الماء المجهول الحال في الطريق طاهر، وإن الإناء المجهول الحال والملقى على الأرض طاهر، وإن الحصير المجهول الحال الموضوع في قارعة الطريق أو في فناء الدار طاهر، وهكذا يمكنك تفريع قوانين كثيرة عن هذا القانون الكلي.
      أيضاً في مجال العلم الجسماني المعروف لو قلت: (لكل فعل ردة فعل) فهذا قانون فيزيائي عام تتفرع عنه قوانين كثيرة جداً، فمن رد الفعل من تصادم الذرات وأجزاءها إلى قوانين الاحتكاك، إلى قوانين الطيران، إلى قوانين كثيرة جداً كلها تقع ضمن هذا القانون العام وهو (لكل فعل ردة فعل).

      الآن نعود للقرآن ونقول كيف بيّن القرآن كل شيء ؟ وأين بيّن القرآن كل شيء ؟
      ويكون بحثنا في جهتين على الأقل هما جهة الدين وجهة الدنيا، أما جهة الدين فقد أعطى القرآن العقيدة التي بها النجاة وهي حاكمية الله ووجود خليفته سبحانه الذي يمتحن به خلقه على هذه الأرض في كل زمان، والدين منطوٍ تحت جناح خليفة الله في كل زمان، فالنجاة في إتباعه والعمل بما يأمر به ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾([3])، كما بيّن القرآن قوانين العبادة الكلية، فالصلاة بيّن أنها قراءة قرآن وركوع وسجود، والصيام بيّن أنه ترك للشهوات في شهر رمضان، وهكذا بيّن القرآن قوانين كلية والباقي فيما يخص العبادات المذكورة يأخذ مما يسنه خليفة الله في أرضه.

      أما فيما يخص الدنيا فالقرآن بيّن مثلاً قانوناً عاماً وهو أن عالم الأجسام كله يعود إلى القوة الأولى التي خلق منها ولا يزال دائماً ومتقوماً بها، ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾([4])، وبالتالي فالقرآن بيّن أن المادة الجسمانية تعود إلى القوة أو الطاقة كما يسمونها فالمادة ما هي إلا تكثف طاقة، وهذا الأمر تبين الآن بعد أكثر من ألف عام من خلال تطبيق نظرية اينشتاين النسبية الخاصة ومن خلال التجارب المختبرية وتحويل المادة إلى طاقة وكذا العكس.
      فهذا قانون عام يحكم هذا العالم الجسماني وتندرج تحته قوانين.
      إذن فتبيان كل شيء موجود في القرآن سواء كان تبيان هذا العالم الجسماني وما فيه أم تبيان الدين، أما ما ضمنته سؤالك من الأمثلة الجسمانية فهي تندرج كجزئيات ضمن البيان الكلي والعام في القرآن لهذا العالم الجسماني، فبيان القانون الكلي الذي يحكمها وجوداً وبقاءً وتركيباً بياناً لها، وأرجو أن لا يكون هناك خلط بين الذكر التفصيلي والبيان الذي نحن بصدده، فذكر هذه الأمور الجسمانية التي ذكرتها أنت بالتحديد غير موجود في القرآن؛ لأن القرآن ليس كتاب ذكر وإحصاء للموجودات في عوالم الملك والملكوت، وهناك كتاب إحصاء هو غير القرآن، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾([5])، التفت إلى اختلاف هذه الآية عن الآية التي نحن بصددها ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾ فهناك فرق كبير بين إحصاء كل شيء وبين تبيان كل شيء، فتبيان الموجودات في القرآن موجود ضمن البيان العام لعوالم الخلق وحقيقتها، أما عدم إدراك الناس لهذا البيان الكلي فهو ليس لعدمه بل لقصورهم عن الإدراك، وهذا القصور أيضاً هم سببه وإلا فهم يمتلكون في فطرتهم القدرة على إدراك هذا البيان.

      فهم في الحقيقة إيمانهم مشوب بالشك والريب الذي يجعلهم على أقل تقدير يبتعدون عن تدبر الصادر وإن ادعوا الإيمان بالمصدر، فمثلاً عندما يصرخ بهم القرآن منذ أكثر من ألف عام بقوله تعالى: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾([6])، وعندما يقول لهم الأنبياء والأوصياء إنكم في هذه الدنيا تعيشون في الوهم والحقيقة هي الحياة الأخرى يضحكون منهم.

      نعم، فالذين في زمانهم يضحكون منهم وبصلافة؛ لأنهم يكذبونهم أصلاً، والذين يأتون بعدهم يكذبون رواياتهم بحجة أنها غير معقولة ولا يقبلها العقل، إذن فالناس لا يقبلون من الغيب؛ لأنهم لا يؤمنون بالغيب بل يؤمنون بهذه الأجسام فقط، ولذا تجدهم لا يصدقون ما ورد وما يرد عن الأنبياء والأوصياء والقرآن من أن الدنيا دار ممر، وأن المادة الجسمانية مجرد وهم، وأن الآخرة هي الحقيقة الثابتة، في حين عندما يخبرهم مختبر تجريبي مثلاً المختبر الأوربي بأن المادة وهم ولا وجود لها وأن الموجود هو فقط قوة واحدة والمادة تكثف قوى تعود في الأصل لقوة واحدة فهم يستقبلون هذا الإخبار برحابة صدر ويصدقونها، حتى وإن لم يمكنهم تعقلها أو إدراكها، فهم يثقون بعلماء الفيزياء وبأقوالهم مثلاً لأنهم لمسوا تطبيقاً في هذا العالم الجسماني لكلامهم في السابق، في حين أن كلام الأنبياء والأوصياء هو غيبي وبعيد في أكثر الأحيان عن هذا العالم الجسماني، ويحتاج أن يثق الناس بالغيب والقوة الغيبية الحقيقية ليلمسوا آثاره، أي إن الثقة هنا تسبق الأثر في حين أنهم لمسوا الآثار الجسمانية للمادي الجسماني ثم وثقوا به، وبما أن الناس كل تركيزهم على هذا العالم ولا يكادون يرون سواه فتكون النتيجة أنهم يؤمنون بالمادي الجسماني ولا يؤمنون بالغيب، أو يؤمنون إيماناً ضعيفاً مهزوزاً يحاولون إيجاده في نفوسهم أو تقويته من خلال آثار جسمانية ملموسة أيضاً، أي إنه نصف إيمان أو ربع إيمان أو عشر إيمان ولكنه أبداً لن يكون إيماناً كاملاً بالغيب، والحال هذه وهي أنه مشوب بالأثر الجسماني الملموس أو المعجزة أو الكرامة كما يسمونها.

      مع الأسف فإن خيار أكثر الناس الذي لا يكاد يتبدل هو هذا العالم الجسماني وما فيه، وحتى إن أرادوا اختيار الإيمان بالغيب فهم يعمدون إلى أن يكون هذا الإيمان من خلال هذا العالم الجسماني فيقعون في تناقض كبير عندما يطلبون وبإصرار أن يكون المعرف بالغيب هو حدث جسماني معجز، بل ويصرون في كثير من الأحيان أن يكون قاهراً وغير قابل للتأويل أو الشك، فهم يريدون أن يتحول الغيب إلى جسماني محض فيكون الإيمان بالغيب صفر في ساحة إيمانهم المدعاة، ومع هذا فهم يعتبرون طلبهم صحيحاً ومشروعاً ليؤمنوا بالغيب، هل ترى كم هو في تناقض صارخ هذا الذي يطلبون هم مع ما يطلبه الله منهم وهو الإيمان بالغيب ؟ فإذا عرفنا أن الله سبحانه وتعالى هو الغيب الحقيقي وتدبرنا حال هؤلاء لوجدناهم تماماً عبدة أصنام مئة بالمئة، فهم قد عَبَّدوا أنفسهم لهذا الصنم الأكبر أو العالم الجسماني.
      نعم، هناك استثناء وهم ثلة قليلة نصروا الغيب والحقيقة فرأوا آثارها في أنفسهم وفي الأفاق، حتى كأني أسمعهم جميعاً يقولون: (يا ليت قومي يعلمون)، إذن فالحقيقة المرة التي لابد أن يعترف بها الإنسان الذي يدعي الإيمان أولاً ويواجه بها نفسه لكي يعرف الحقيقة هي أنه لا يمتلك إيماناً نقياً خالصاً، بل إن إيمانه - إن كان يمتلك نسبة إيمان بالغيب - مشوب بالشك والريب، وطالما هناك شك بالمصدر فلا يمكن الاستفادة والانتفاع من الصادر.

      نعم، فهذه هي الحقيقة التي انطوت عليها نفوس كثير من الناس الذين يدعون الإيمان، ولا يهمني إن اعترفوا بها أم أنكروها في العلن، فهم يؤمنون بوجود الطعام والشراب، وبوجود أمريكا، وبوجود القنبلة النووية، وبوجود هذا العالم الجسماني أكثر ألف مرة من إيمانهم بوجود الله سبحانه وتعالى، هذه هي الحقيقة وهذا هو الداء وإن لم يواجهوا أنفسهم به وإن لم يكتشفوه ويكاشفوا أنفسهم به فلن يجدوا الدواء ولن يشفوا من مرضهم العضال أبداً.

      أحمد الحسن
      ذو القعدة/ 1430 هـ ق


      [1]- النحل: 89.
      [2]- الرعد: 31.
      [3]- البقرة: 30.
      [4]- الأنعام: 73.
      [5]- يس: 12.
      [6]- العنكبوت: 64.
      Last edited by ya fatema; 12-03-2013, 23:40.

      Comment

      • د. توفيق المغربي
        مشرف
        • 13-02-2012
        • 259

        #4
        بسم الله الرحمن الرحيم
        والحمد لله
        الدرس الثالث من درس مختارات من الجواب المنير

        التسجيل الصوتي للمحاضرة

        الدرس الثالث : الولاية والميثاق

        البداية من بعض الروايات :
        1. عن أبي جعفر (ع) في قول الله عزوجل: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) قال: (عهدنا إليه في محمد والأئمة من بعده، فترك ولم يكن له عزم أنهم هكذا وإنما سمي أولوا العزم أولي العزم؛ لأنه عهد إليهم في محمد والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته وأجمع عزمهم على أن ذلك كذلك والإقرار به) الكافي: ج1 ص416.
        2. عن حبة العرني، قال: قال أمير المؤمنين (ع): (إن الله عرض ولايتي على أهل السماوات وعلى أهل الأرض، أقربها من أقر، وأنكرها من أنكر، أنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتى أقر بها) مدينة المعاجز- للسيد هاشم البحراني: ج2 ص35.
        3. وقال أمير المؤمنين (ع) لسلمان المحمدي (ع) في حديث بينهما: (... أتدري ما قصة أيوب وسبب تغير نعمة الله عليه ؟ قال: الله أعلم وأنت يا أمير المؤمنين. قال: لما كان عند الانبعاث للمنطق شك [أيوب في ملكي] وبكى فقال: هذا خطب جليل وأمر جسيم. قال الله عزوجل: يا أيوب أتشك في صورة أقمته أنا ؟ قد ابتليت آدم بالبلاء، فوهبته له وصفحت عنه بالتسليم عليه بإمرة المؤمنين فأنت تقول: خطب جليل وأمر جسيم ؟ فوعزتي لاذيقنك من عذابي أو تتوب إلي بالطاعة لأمير المؤمنين. (ثم أدركته السعادة بي)) مدينة المعاجز- للسيد هاشم البحراني: ج2 ص32.

        فما هو المقصود من الولاية ؟ وكيف ممكن فهم هذه الروايات ؟ وكيف الجمع بين هذه الروايات وبين كونهم انبياء ومرسلين ويقرون بولاية النبي محمد (ص) وآل محمد (ع) ؟
        هل الولاية هي حاكمية الله ؟ وهل الخلافة الالهية


        السؤال/ 72 من الجواب المنير الجزء الثاني
        ما تفسير هذه الآية: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾([110]) ؟
        المرسل: حسن علي

        الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
        أولاً: الاصطفاء يعني الاختيار، والذي اختار هنا هو الله سبحانه وتعالى، بل وفي الاصطفاء معنى آخر غير الاختيار، وهو الفضل على من اختير من بينهم ولذا كان من بين أشهر أسماء النبي محمد (ص) هو المصطفى.
        وفي الآية أيضاً وصفٌ لهؤلاء المصطفين، وهو أنّهم عباد الله، وهو فضل عظيم لهم بلا شك، فأنت تجد أنّ خير ما تشهد به لرسول الله محمد (ص) أنّه عبد الله، وهذا الاسم لرسول الله (ص) (عبد) ورد في القرآن وفي موضع مدح عظيم لرسول الله محمد (ص) في سورة النجم ([111]).
        ثم إنّ هؤلاء العباد المصطفين أورثوا الكتاب، وورثة الكتاب هم الأنبياء والأوصياء لا غيرهم.
        فهنا تجد أوصافاً لا تنطبق إلاّ على نبي أو وصي، وهي أنّهم عباد الله حقاً، والشاهد لهم الله أنهم مصطفون، والذي اصطفاهم الله، إنّهم ورثة الكتاب والذي أورثهم الله سبحانه.
        ويبقى إنّهم ثلاث مراتب:
        1- ظالم لنفسه، 2- مقتصد، 3- سابق بالخيرات.
        والسابق بالخيرات: هم فقط محمد وآل محمد (ع).
        والمقتصد: هم نوح وإبراهيم (عليهما السلام)، والأنبياء والمرسلون الأئمة من ولد إبراهيم (ع).
        وظالم لنفسه: هم باقي الأنبياء والمرسلين (ع) الذين سبقوا إبراهيم ومن ذرية إبراهيم (ع)([112]).
        قال تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾([113]).
        أي الظالمون من الأنبياء، وظلم الأنبياء ليس بمعصية، بل هو تقصيراً في أداء العمل نسبة إلى غيره من الأنبياء الأئمة (ع)، فنفس العمل إذا كلّف به يونس (ع) ومحمد (ص) لن يكون أداء يونس (ع) له بنفس مستوى أداء محمد (ص)، فهذا التقصير من يونس هو ظلم، سبّب له أن لا يكون من الأئمة من ولد إبراهيم (ع)، وسبّب له أن لا يكون بمرتبة محمد (ص) ([114]).
        إقرأ المتشابهات إذا أردت تفصيلاً أكثر لهذه الآية ([115]
        ).

        Last edited by د. توفيق المغربي; 01-05-2013, 12:23.

        Comment

        • د. توفيق المغربي
          مشرف
          • 13-02-2012
          • 259

          #5
          رد: تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي

          بسم الله الرحمن الرحيم
          والحمد لله
          الدرس الرابع من درس مختارات من الجواب المنير
          التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا


          الدرس الرابع : سؤال 93 من الجواب المنير الجزء الثاني

          1- متى كان علمكم بأنّكم اليماني (ع) ؟
          4- لقد علمت من أحد الأنصار أنّكم تقبلتم دور نبي الله عيسى (ع) في التعذيب والصلب، وقد رأى المتحدّث معي آثار ذلك على يدكم الكريمة، فهل تم ذلك بجسدكم الحالي ؟ أو أرجعكم الله تعالى إلى ذلك الزمان وقمتم بالدور ومن ثم أعادكم ؟
          5- لقد كانت من آيات الله تعالى أن يميت بعض خلقه ويحيهم بعد مدّة من الزمن كما في أصحاب الكهف، فهل حصل العكس، أي يرجعهم إلى زمان متأخر ومع من ؟ وإذا كان الجواب لا فلماذا ؟


          الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
          قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾([160]).
          عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) عَنِ الْعِلْمِ أَهُوَ عِلْمٌ يَتَعَلَّمُهُ الْعَالِمُ مِنْ أَفْوَاهِ الرِّجَالِ أَمْ فِي الْكِتَابِ عِنْدَكُمْ تَقْرَءُونَهُ فَتَعْلَمُونَ مِنْهُ ؟ قَالَ: (الْأَمْرُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَوْجَبُ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ﴾. ثُمَّ قَالَ: أَيَّ شَيْ‏ءٍ يَقُولُ أَصْحَابُكُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، أَيُقِرُّونَ أَنَّهُ كَانَ فِي حَالٍ لَا يَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا يَقُولُونَ. فَقَالَ لِي: بَلَى، قَدْ كَانَ فِي حَالٍ لَا يَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى الرُّوحَ الَّتِي ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ، فَلَمَّا أَوْحَاهَا إِلَيْهِ عَلَّمَ بِهَا الْعِلْمَ وَالْفَهْمَ، وَهِيَ الرُّوحُ الَّتِي يُعْطِيهَا اللَّهُ تَعَالَى مَنْ شَاءَ فَإِذَا أَعْطَاهَا عَبْداً عَلَّمَهُ الْفَهْمَ) ([161]).
          نحن بني آدم أنزلنا الله إلى هذا العالم الدنيوي الظلماني للامتحان الثاني، وحجبنا بالأجساد وأنسانا ما كنّا فيه من الامتحان الأول في عالم الذر الذي سبق وكنا فيه. وفي عالم الذر تحدّد حال كل منّا فأشقى الأشقياء من قصر نظره على نفسه فلم يرَ إلاّ الأنا، والفائز بالسباق صلوات الله عليه وعلى آله مَن قصر نظره على ربّه ولم يلتفت إلى نفسه لما تجلّى لنا الله سبحانه.
          قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾([162])، وبين هذين المقامين ترتب بقية بني آدم. ولم يكن هذا الامتحان الثاني إلاّ ليحتج الله على الناس ولئلا يقول أحد لم نُعط فرصة ثانية، ولم يكن هذا الامتحان الثاني إلاّ لكرم الله سبحانه وتعالى، وسيكون هناك امتحان ثالث لمن محض الإيمان محضاً ولمن محض الكفر محضاً؛ لأنّ ثواب أولياء الله عظيم وعقاب أعداء الله شديد فيدخلون امتحاناً ثالثاً لبيان أنّ نتيجتهم هي هي، ﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾([163])، ولتتم حجة الله على الخلق بتفضيل أوليائه والانتقام من أعدائه (الذين محضوا الإيمان والذين محضوا الكفر)، فلا يقُل أحد لِمَ أعطيت هؤلاء هذا المقام العظيم، ولِمَ عذبت هؤلاء هذا العذاب الذي لم تعذّبه أحداً من العالمين؟؟ وهم مع تكرّر الفرص التي أعطاهم الله ومع أنّ الله أعاد امتحانهم لن يكتفوا بل سيقولون: ﴿رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾ ([164])، والله حذّر الناس أن تكون عاقبتهم بعد الموت الندم، وهذا القول: ﴿رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾([165]).
          فأرجو أن تكون قد فهمت أنّ ولادة الإنسان في هذا العالم لا تعني أول خلقه، بل غاية ما تعنيه أنّها أول دخوله إلى هذا العالم الجسماني للامتحان الثاني، وبعد أن أنساه الله الامتحان الأول ونتيجته فيه.
          قال تعالى: ﴿نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ﴾([166])، أي: على أن نحييكم في حياة جديدة وفي عالم جديد، بل أنتم كنتم في حياة سابقة فلماذا لا تتذكرون، بل ولا يتذكر الإنسان إلاّ بمشيئة الله وإرادته سبحانه.
          أظن في هذا الكلام جواباً لكل أسئلتك إن تدبّرته، وكمثال سأجيبك على بعضها من خلال هذا الكلام:
          (إعلم إنّي اليماني قبل أن أُولد، ولم أعلم في هذا العالم الجسماني حتى ذكرنّي وعرّفني الله).
          (تعلّمت بعض علوم هذا العالم الجسماني كما تعلّم الأنبياء (ع) من قبلي، فعيسى (ع) كان نجّاراً، وتعلّم النجارة من يوسف النجار).
          (أعلم الكثير، ولكنّي لا أعلم شيئاً حتى يذكّرني الله بما موجود في صفحة وجودي).
          وأذكرك أيضاً أنّ العلم ليس في السماء فينزل إليكم ولا في الأرض فيخرج إليكم، ولكنه في الصدور فاستفهم الله يفهمك ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾([167]).
          أنت وأنا وكل إنسان نحن جميعاً محتاجون أن نعود إلى الله ليخبرنا من نحن ومن أين أتينا وإلى أين نحن ذاهبون.
          واعلم أنّ أي إنسان لن تحصل له الطمأنينة إلاّ إذا أجابه الله وعرف الحق من الله، عندها لا يبالي إن وقع على الموت أو وقع الموت عليه، عندها لن تكون الحياة أحب إليه من الموت ولا الموت أحب إليه من الحياة، بل سيكون حبيبه الله، ولن تكون له إرادة ولا مشيئة إلاّ إرادة ومشيئة حبيبه سبحانه. سيسهر الليل الوقت الذي ينام فيه الناس؛ ليخلو بحبيبه الذي لا ينام، عندما يصلّي ويقرأ القرآن يعلم يقيناً أنّ حبيبه يسمعه ويصغي إليه؛ لذا ستفيض عيناه بالدموع ﴿وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾([168]).


          [160]- الشورى: 52.
          [161]- الكافي: ج1 ص273.
          [162]- لأعراف: 172.
          [163]- الأنعام: 28.
          [164]- غافر: 11.
          [165]- المنافقون: 10.
          [166]- الواقعة: 60 – 62.
          [167]- البقرة: 282.
          [168] - المائدة:83.


          شبهة تطرح : هل الرسول (ص) ما كان يدري ما الكتاب او الايمان ؟ هل يعني انه لم يكن مؤمنا والعياذ بالله ؟
          الرسول (ص) كان مؤمنا على دين آباءه (ع) وهو الدين الحنيفي فمحمد (ص) كان يعرف من الدين والايمان الدين الحنيفي و الدين المحمدي الذي سياتي به والايمان المحمدي هو اكمل واعلى درجة مقارنة بالدين الحنيفي. فالمعرفة التي ستعطى للنبي محمد (ص) وهي على مستوى اعلى من الدين الابراهيمي انما جاء فيما بعد.

          *************

          السؤال/ 96: السيد أحمد الحسن (ع) رسول ووصي ويماني الإمام المهدي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          حول ما ورد في كتاب المتشابهات الجزء الرابع بخصوص شبيه عيسى المصلوب الذي هو المهدي الأول من الأوصياء، فالمعلوم إنّ وجود المهدي الأول في ذلك الزمن كان بنحو النور أو الحقيقة، فهل نزل المهدي الأول كجسد أم كروح حلّت في جسد معين ؟ وهل أنّ المهدي الأول الآن يعيش في نفس الجسد الذي صلب به ؟ وإذا كان حلّ بغير هذا الجسد فهل يمكن أن تحل الروح بأكثر من جسد ؟

          الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
          النطفة المتعلّقة بالنفس لا تتبدل، ولكنّها يمكن أن تتشكل في هذا العالم الجسماني بأكثر من صورة، ألا ترى أنّ صورتك الجسمانية تتغير وتتبدّل مع الزمن، فصورتك وأنت طفل صغير ليست تماماً كصورتك وأنت شاب ﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾([174])، والنطفة المقصودة هي النازلة من عالم الذر، وليس النطفة المنوية، بل هي تتعلق بها كتعلق النفس بها.
          وليس ضرورياً أن تتعلق النطفة النازلة من عالم الذر بالنطفة المنوية ليوجد الإنسان في هذا العالم الجسماني، كما ترى هذا بوضوح في نطفة عيسى (ع)، فلم تتعلق بنطفة منوية، بل هي نفخت إلى رحم مريم (ع) مباشرة.
          فيمكن أن يتجسد الإنسان في هذا العالم الجسماني قبل أن يدخل إليه للامتحان (أي قبل أن يولد فيه)، وكذا يمكن بعد أن ينتهي امتحانه (أي بعد موته)، فكم من ميت بعثه الله بعد موته والقرآن شاهد على ذلك. والنفس هي هي والنطفة هي هي، أمّا الصورة الجسمانية فربما نفسها أو يتبدّل بعضها أو كلها.
          الذي يجب أن تفهمه: إنّ ولادة الإنسان في هذا العالم لا تعني أول خلقه، بل تعني أول دخوله إلى هذا العالم الجسماني للامتحان. فالإنسان مخلوق قبل ذلك، بل وجرى عليه الامتحان الأول في عالم الذر، وهذا الذي نحن فيه هو الامتحان الثاني


          [174]- ق: 15.
          اقوال علماء الاديان في لبس الملائكة وهم ارواح اجساما مادية في هذا العالم ـ تعليق كتاب الحواري الثالث العشر.


          *************

          السؤال/ 77: بسم الله الرحمان الرحيم، والحمد لله رب العالمين.
          هذه مجموعة أسئلة من أخوتي أنصار الله في مدينة الرفاعي وليست خاصة بي:
          قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً * فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً * فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً * فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً* فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً﴾([137]).

          س3: كيف يهب لها هل عن طريق الزواج أو نفخ، وهل النفخ مادي أو روحي، وماهي كيفية الحمل وما هي مدّة الحمل وكيفية عدم اكتشاف الحمل وهل الحمل بصورة طبيعية ؟

          الجواب:
          بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
          ...
          ج3: النفخ هو إيصال النطفة النفسية المتعلقة بالنفس إلى رحم مريم، وهي غير النطفة المادية، ولا يحتاج إيصالها إلى الزواج، بل هي نطفة لطيفة منها تتشكل صورة الانسان، ويمكن أن تدخل من أي مكان، من الفم، الأنف، البطن، فهي ليست مادية ليعارض ولوجها المادة.
          عيسى (ع) ولد من أم ومن غير أب، أي إنّه (ع) يختلف عن آدم (ع) الذي خُلق من غير أب وأم. فعيسى (ع) خلقه الله في هذا العالم الجسماني من خلية كاملة أوجدها الله في رحم مريم(ع) وبالصورة الطبيعية، أي إنّها بويضة وجاءت من المبيض، ولكنّها امتازت بأنّها كاملة ولا تحتاج التلقيح. فقط تحتاج الاتصال بنطفة نفسية، وقد بيّنتها في أكثر من موضع. والروح جاء بهذه النطفة النفسية وأوصلها إلى الاتصال بالخلية الكاملة التي خُلق منها عيسى (ع).
          فالحالة الطبيعية أنّ النطفة المادية الجسمانية متصلة بالنطفة النفسية، والنفس تلحق النطفة النفسية وتتصل بها عند الشهر الرابع من الحمل تقريباً. أمّا في حالة عيسى (ع) فلم تكن هناك نطفة جسمانية؛ ولذا جاء الروح بالنطفة النفسية ليوصلها بالبويضة المتكاملة (التي لا تحتاج التلقيح)؛ ليتسنّى بعد ذلك للنفس المتعلقة بهذه النطفة النفسية الاتصال بها، وبالتالي الاتصال بهذا الجسم المخلوق الجديد.
          ومدّة الحمل تسعة أشهر، ولكن الله جعله حملاً خفيفاً، فلم يكن ظاهراً بوضوح ليميزه الناس إلاّ في الساعات الأخيرة؛ ولذا خرجت من محرابها ومكان عبادتها وخلوتها بالله سبحانه ﴿فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً﴾([138]).
          ...

          [137]- مريم: 16 – 24.
          [138]- مريم: 22.

          Comment

          • د. توفيق المغربي
            مشرف
            • 13-02-2012
            • 259

            #6
            رد: تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي



            بسم الله الرحمن الرحيم
            والحمد لله
            الدرس الخامس من درس مختارات من الجواب المنير

            التسجيل الصوتي للدرس للمحاضرة 1
            التسجيل الصوتي للمحاضرة 2


            الدرس الرابع : سؤال 537 من الجواب المنير الجزء السادس.

            الرفع

            السؤال/ 537: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. والصلاة والسلام على خير الخلق محمد وعلى آل يس والأئمة المهديين وسلم تسليماً.
            إلى الإمام أحمد الحسن والأنصار، الله يشهد والملائكة وأنتم أعلم بما هو عليه الآن من اليقين من قراءة كتبكم وبياناتكم وحججكم، ولكن أسرد موضع لي لكي يطمئن قلبي:
            أولاً: قصة وزير النبي سليمان (ع) آصف بن برخيا، نريد من الإمام أن يبين لنا الحجة علينا؛ لأنه عالم آل بيت وبقية الله لا شك فقط للاطمئنان.
            س1: ما هي قصة وزير النبي سليمان (ع) آصف بن برخيا في حين أتى بالعرش بلقيس؟
            س2: ما هو الاسم الصحيح الذي تعرفونه لوزير النبي سليمان (ع) ؟
            س3: ما هو اسم الكتاب الذي أخذ العلم منه كما سرد في القرآن الكريم ؟
            س4: ما هو العلم الذي أخذه من الكتاب ؟
            س5: هل أتى آصف بالعرش عن طريق الدعاء، أو ماذا ؟ أذكر ؟ إذا كان دعاء أو جملة ثانية أرجو الذكر ؟
            س6: اشرح حالة انتقال العرش من مكان إلى مكان ؟
            وزادكم الله من علمه اللدنيّ وأفاض نوركم والأنوار أنصاركم الذي لا ينطفئ ولو كره المشركون.
            أرجو من الأنصار إرسال أسئلتي إلى الإمام المعصوم وأن يتوسل عنده بالدعاء لي بظهر قلب بالتوفيق وإتباع خلفاء الله والبيعة ورؤية الطلعة البهية. المرسل: أبو الرضا - عمان

            الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
            والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
            ﴿قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾([69]).
            وفقك الله لكل خير، هو وصي سليمان وهو آصف (ع)، وأما كيفية جلبه للعرش فبالرفع وقد شرحته وبيّنته، وهو منشور في الكتب ويمكنك قراءتها، وبالتالي فليس هناك زمان أو مكان يؤثر على عملية النقل؛ لأن كل ما في الأمر هو تحديد مكاني الانتقال ومن ثم رفع العرش من مكان وإعادته من الرفع في المكان الثاني في آن واحد، وفي حال الرفع ليس هناك زمان ولا مكان وبالتالي فليس هناك حركة يلزم منها تأخر النقل.
            وأما ما هو العلم من الكتاب فهو ليس ألفاظ ولا معان بل هي حقائق تظهر وتتجلى في صفحة وجود الإنسان عندما يخلص لله سبحانه وتعالى وكل إنسان بحسبه، فكما ترى أن ما تجلى في آصف (ع) هو شيء من الكتاب ﴿قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ﴾، أما ما تجلى في محمد وآل محمد (ع) فهو الكتاب كله حتى أصبحوا هم كتاب الله سبحانه.
            قال تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾([70])، فهذا الشاهد هو علي (ع)، وقد بيّن الله بوضوح أن علياً (ع) هو كتاب الله وكل شيء محصى فيه، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾([71]).
            فاعلم وفقك الله أن هذا الكتاب من جهة هو تجلي الله في الخلق وهو صورة الله وهو الإنسان الكامل وهو محمد وآل محمد (ع)، ولو أنكم تقرؤون ما كتبت في الكتب فإن شاء الله توفقون لمعرفة إجابة هذه الأسئلة وكثير غيرها وفقكم الله وسدد خطاكم لمعرفة الحق.
            والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
            هذا بعض ما موجود في كتاب (مع العبد الصالح) عن الرفع وهو منشور في موقع أنصار الإمام المهدي (ع) ويمكنك قراءته:

            (معنى الرفع):
            وأما بخصوص الرفع وبيان معناه، وهو الأمر الثاني الذي تبقّى من السؤال الذي تقدم حيث سألت العبد الصالح (ع) فيه، وقلت: إننا لا نوفق في بيان الرفع، أو لا أقل غير واضح جيداً عند بعضنا.
            فأجابني (ع): (بالنسبة للرفع أعطيك مثالاً، ولكن هل تعرف التفاضل والتكامل في الرياضيات ؟ لأن المثال يعتمد عليه نوعاً ما).
            فقلت: ما أعرف ذلك.
            فقال (ع): (الحمد لله، تعرف المستقيم، تعرف (غير متناهي) ماذا تعني في الرياضيات ؟
            على كل حال، سأحاول أن أجعله في أبسط صورة ممكنة، افرض أنك لديك عصا ضعها عمودية، أعلى موضع فيها هو نفس إنسانٍ ما، أو أعلى مقام لذلك الإنسان، وأوطأ موضع فيها هو الجسد، ولكن أرجو أن تلتفت أنه مثال وليس الواقع كما هو.
            الآن، قسّم هذه العصا إلى شرائح في ذهنك، ولكن لكي تكون الحالة أفضل ما يكون لابد أن تكون هذه الشرائح أصغر ما يمكن، الآن انظر للشرائح كم عددها ؟ لكي تعرف ذلك لابد من أن تقسّم طول العصا على طول الشريحة، فإذا كان مثلاً طول العصا 1، وطول الشريحة أصغر ما يمكن، هل تعرف أصغر رقم كم يساوي ؟ أصغر رقم يعبّر عن وجود، هو ليس صفراً ولكنه أقرب ما يكون إلى الصفر، وبما أنّ الأعداد غير متناهية، فهو لا يمكن حصره ولكن يمكن تصوره، فهو ليس واحداً بالعشرة؛ لأن واحداً بالمائة أصغر، وهكذا واحد بالألف أصغر، وهكذا يمكنك إضافة أصفار إلى ما لا نهاية؛ لأن الأعداد غير متناهية، فيكون تصورنا للنتيجة من خلال نتيجة التقسيم على صفر.
            فنتيجة تقسيم طول العصا على صفر يساوي ما لا نهاية، غير متناهي، وبما أنّ الرقم ليس صفراً بل قريب منه تكون النتيجة كما قال تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا﴾ يعني ممكن العد، من جهة الإمكان ممكن العد ولكن في الواقع هل يمكن عده ؟ لا، ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا﴾.
            الآن، هذه الآية أيضاً تبيّن لك معناها، ربما سابقاً سألت نفسك: كيف لا تعد نعم الله عليّ كيف لا أحصيها، مع أنها بحسب الظاهر معدودة، أليس كذلك ؟ كم هو عدد النعم، فليكن أي رقم فإنه معدود، ولكن تبيّن لك لماذا هي غير قابلة للإحصاء، أو أنّ إحصاءها غير ممكن في الواقع؛ لأنها في الحقيقة مفاضة على كل وجود الإنسان، على كل تجلياته، وتجليات الإنسان إن أردت عدها هل يمكنك إحصاؤها ؟ قد وضحت في المثال أنّ هذا غير ممكن، هل هذا واضح الآن ؟
            ).
            فقلت: نعم.
            فقال (ع): (لا تقل: "نعم" إن كان هناك شيء مبهم).
            وفعلاً كان هناك أمر مبهم غير واضح، أوضحته في سؤالي فقلت: هل أنّ تجليات الإنسان تعني حالاته المختلفة التي يمرّ بها كالقيام والجلوس و.. و...
            فقال (ع): (لا، الآن أضرب لك مثالاً آخر: لنفرض أنّ الإنسان عبارة عن ضوء أُريد له أن يصل إلى مكان، وفتحت أنت مصدر الضوء في مكانٍ ما، فانتقال الضوء من المصدر ومن مكانه إلى المكان الآخر كيف يحصل ؟ يحصل بتجليه خطوة خطوة باتجاه الهدف، هذه الخطوات - خطوات الحركة - هي تجليات الإنسان، وفي الحقيقة أنها باقية كخطوات دائماً ومتجددة دائماً؛ لأن المصدر دائم البث، ولو انقطع البث لفني الإنسان وعاد عدماً.
            الآن، لو أرجعتك كم خطوة إلى الوراء لا يتغير فيك شيء، فقط تكون غير مرئي في العالم الجسماني، وسيكون لديك جسد أكثر نورانية وغير مثقل بالظلمة، هذا هو الرفع وهو مراتب. لو أردتك أن تعود أقدمك كم خطوة فتكون تُرى وتحتاج ما يحتاج أهل ذلك العالم الجسماني مما يبقيهم فيه، فالمرفوع هو في الناس وليس فيهم.
            ولأنّ الإنسان عبارة عن وجود تجلياته التي عددها قريب من لا متناهي، فإنّ النعم الإلهية عليه لا تعد، فالإنسان (فطرة الإنسان) قريب من اللامتناهي وهو الله سبحانه وتعالى، فهو صورة اللاهوت، ولذا قال علي (ع) في وصف حال الإنسان: "تحسب نفسك جرماً صغيراً وفيك انطوى العالم الأكبر". قد أتعبتك ربما أو أزعجتك فاعذرني
            ).
            أحمد الحسن
            محرم الحرام/ 1432 هـ

            Comment

            • د. توفيق المغربي
              مشرف
              • 13-02-2012
              • 259

              #7
              رد: تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي

              بسم الله الرحمن الرحيم
              والحمد لله
              الدرس الخامس من درس مختارات من الجواب المنير

              التسجيل الصوتي للمحاضرة الاولى
              التسجيل الصوتي للمحاضرة الثانية

              الدرس الرابع : مقامات النبي محمد (ص)

              1/ سؤال 229 من الجواب المنير الجزء الثالث.



              السؤال/ 229: صار لدي ربط بين الأذان ورؤيا إبراهيم (ع) حيث إنه رأى كوكباً فكأن اعترافه بربوبيته له هو: (أشهد أنّ المهدي والمهديين من ولده حجج الله) وقمراً، واعترافه هو: (أشهد أنّ علياً والأئمة من ولده حجج الله) وشمساً، واعترافه هو: (أشهد أنّ محمداً رسول الله) ووصوله إلى مقام التوحيد هو: (أشهد أن لا إله إلاّ الله)، وهذه هي مراتب المعرفة الحق كما فهمت، ولكل مرتبة عشر درجات.
              فهل هذا الفهم صحيح ؟ وهذا الربط صحيح ونافع ؟؟؟ أ تزيدني مولاي حفظك الله سبحانه ورعاك ومكنك ؟
              المرسل: استاذ زكي

              الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
              أمّا أنّ الشهادات الثلاث مرتبطة برؤيا إبراهيم (ع) فنعم، وأمّا علاقة الشهادات الثلاث في الآذان والمشاهدات الثلاث لإبراهيم (ع) بالمعرفة والتوحيد فهي الثلاث التي في الحج (أي الولاية)،
              ﴿فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾([40])،
              أي: إنّ الثلاثة هي سرادق العرش الأعظم والعرش الأعظم والكرسي.
              وهذه الثلاثة كلها محمد (ص)،
              فهم (ع) كلهم محمد (ص)،
              وأيضاً لكل منهم مقامه ودوره،
              فمحمد (ص) هو سرادق العرش الأعظم فهو (ص) الحجاب بين الخالق وخلقه ولولاه لم تفاض المعرفة فهو (ن) في قوله تعالى: ﴿نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾([41])،
              والأئمة هم العرش الأعظم فمنهم تفاض المعرفة فهم (القلم) في قوله تعالى: ﴿نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾،
              والمهديون هم الكرسي فبهم تتحقق المعرفة فهم الذين يسطرون في قوله تعالى: ﴿نْ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾،
              فالمهديون يمثلون القدرة، قال تعالى: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾([42])،
              فالكرسي يمثل القدرة والهيمنة على السماوات السبع والأرض؛
              ولهذا شيعت هذه الآية عند نزولها ملائكة السبع الشداد؛ لأنها متعلقة بمن يمثلون القدرة وستتحقق بهم المعرفة بحروفها السبعة والعشرين، ولأنّ نزولها أيضاً يعني قرب تحقق القدرة والحاكمية الإلهية.
              أحمد الحسن

              2/من السؤال/ 35 من الجواب المنير الجزء الاول
              ((وأبيّن لك شيئاً من سر الرقم (37).
              قال تعالى: ﴿فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾([83]).
              والعشرة هي السموات السبع (العرش العظيم) والكرسي والعرش الأعظم وسرادق العرش الأعظم، وهذه الثلاثة هي بيت الله ومدينة الكمالات الإلهية في الخلق ومدينة العلم (محمد (ص))، فمن كان من آل محمد عشرته كلها في الحج أي في بيت الله، أي في مدينة العلم، أي في بيت النبوة ومعدن الرسالة وللمزيد ولتتوضح لك الصورة أكثر اقرأ المتشابهات ج3 (سؤال حول سر الأربعين، سؤال حول العرش والكرسي).))

              سؤال/ 93 من المتشابهات الجزء 3: ما سرّ الأربعين، فللميت أربعين، وللمولود أربعين، وللإخلاص أربعين؟!
              الجواب: أسماؤه سبحانه وتعالى أربعة، ثلاثة ظاهرة وواحد غائب، أما الظاهرة فهي: الله الرحمن، الرحيم. وأما الغائب فهو الكنه والحقيقة، ويرمز له بـ (هو)، أو الاسم الأعظم الأعظم الأعظم.
              وبتجلي هذه الأسماء في جميع العوالم تتجلى الموجودات وتظهر بعد أن لم تكن شيئاً مذكوراً، والعوالم عشرة، وهي: السماوات السبع، والكرسي، والعرش الأعظم، وسرادق العرش الأعظم. وهي ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجعتم:
              ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ ([176]).
              والثلاثة في الحج - أي في بيت الله – هي: الكرسي، والعرش الأعظم، وسرادق العرش الأعظم. أما السبعة إذا رجعتم، فهي: السماوات السبع. ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام: أي لمن ليس من آل محمد (ع).
              والصيام هنا عن (الأنا) في (عشرة مقامات): ثلاثة في الحج: الكرسي والعرش وسرادق العرش، وسبعة إذا رجعتم: السماوات السبع، وفي كل مقام أربعة حالات هي تجليات وظهور الأسماء الأربعة، فيصبح الصيام عن الأنا في أربعين حالة، من أخلص لله أربعين صباحاً جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه ([177]).
              والنفس تحتاج هذه الحالات الأربعين لتنتقل من عالم إلى آخر انتقالاً كلياً، فلا تستقر نفس المولود إلا بعد الأربعين، ولا تستقر نفس الميت إلا بعد الأربعين. والكلام في الأربعين يطول ولكن فيما تقدم كفاية.
              ))


              ===========================

              الرد على فهم مغلوط لبعض كلمات الامام احمد الحسن (ع) :

              سؤال/ 28 المتشابهات الجزء الثاني
              ((الحجب الظلمانية: هي جنود الجهل التي ذكرها الإمام الصادق (ع) ([49])، والأخلاق الذميمة و (الأنا) المغروسة في فطرة الإنسان، فكلما زادت (الأنا) عند الإنسـان زادت هذه الحجب، وكلما قلَّت (الأنا) عند الإنسان قلت هذه الحجب، فهذه الحجب منشؤها الظلمة والعدم والمادة، وهي ليست إلا سلب لكل خير.
              أما الحجب النورانية: فهي كلمات الله سبحانه وتعالى، والفيض النازل منه سبحانه إلى خلقه ولها حال في كل مقام ولكل إنسان سالك الطريق إلى الله سبحانه وتعالى، فهي
              بالنسبة لخير الخلق محمد (ص) (القرآن أو الحجاب الذي يخفق))))

              سؤال/ 81: القرآن هل هو مخلوق، أم هو خالق؟ وهل هو محدث، أم هو قديم؟ فقد ورد في رواية عن أهل البيت (ع) أنه مخلوق، وفي رواية أنه خالق، وفي رواية أنه كلام الله لا خالق ولا مخلوق؟!
              الجواب: ..............
              والقرآن مُحْدَث وليس أزلي، والقرآن هو نور الله سبحانه وتعالى الذي خلق منه محمد (ص)، وهو بهذا المعنى خالق محمد (ص)، فمحمد (ص) خُلِقَ من القرآن (نور الله) بقدرة الله وقضائه سبحانه وتعالى وتبارك الله أحسن الخالقين.
              والقرآن هو نقطة النون، وهو الفيض النازل من الله لمحمد (ص) عبد الله،
              والقرآن وجه الله الذي واجه به محمداً (ص)، والقرآن هو الحجاب النوري بين الله ومحمد (ص)، كما ورد في الرواية عن الصادق (ع): (... وبينهما حجاب يخفق ...) ([126]).
              والقرآن هو سرادق عرش الله الأعظم، وهو عرش الله الأعظم المواجه لباب الله أو الذات (الرحمن)،........... فباب الله (الرحمن) احتجب بالعرش، وتجلّى لمحمد (ص) بالعرش الأعظم أو القرآن،
              ........))

              سؤال : من الكلمات التالية ياتي اشكال : ان هناك خلق افضل من محمد (ص) وهو الحجاب بين الله ومحمد (ص) وربما يقول قائل انه تجلى بانسان وهو افضل من محمد (ص) ؟ في ضوء ما تقدم كيف ترد على هذا الفهم هو المغلوط والخاطئ ؟

              * * *
              Last edited by د. توفيق المغربي; 01-05-2013, 11:45.

              Comment

              • د. توفيق المغربي
                مشرف
                • 13-02-2012
                • 259

                #8
                رد: تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي

                بسم الله الرحمن الرحيم
                والحمد لله
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



                40 سؤالا من من مادة المختارات من الجواب المنير

                1.
                ما هي الشجرة التي نهي آدم (ع) ان يقربها ؟
                2. المؤمن مأمور ان يأخذ بعلم محمد وآل محمد (ع) من محمد وآل محمد ع فهل يجوز له تجاوز هذه الواسطة ؟ وهل يمكن الانتفاع بعلم محمد وال محمد ع (أي اذا توفر هذا العلم بمتناول أيدي الناس وكان متاحا) دون وساطتهم عليهم السلام ؟
                3. اذكر بعض مراتب الحسد من الناس لمحمد وآل محمد (ع) ؟ وما معنى وصف آدم (ع) بالحسد لمحمد وآل محمد (ع)؟
                4. لماذا امر الله سبحانه وتعالى آدم (ع) بعدم الاخذ من علم محمد وآل محمد (ع) ؟
                5. اعط امثلة (وناقشها) لعلم خاص بمحمد وال محمد ع اخذ منه الناس بدون اذنهم عليهم السلام.
                6. هل يجوز تاويل اوتفسير القرآن استنادا الى بعض ما روي عن محمد وال محمد ع الماضين منهم عليهم السلام مما في كتب التفسير والحديث ؟ ولماذا ؟
                7. هل الرؤيا وتعبيرها من علمهم الخاص بهم عليهم السلام ام لا ؟ مع التفصيل.
                8. هل معصية آدم (ع) باطل ام حق وكيف الجمع بين هذه المعصية وبين عصمة آدم (ع) ؟
                9. وضح كيف ان بيان القانون الكلي هو بيان للجزئيات واعط مثالا من الفقه ومثالا من العلم المادي الجسماني المعروف؟
                10. بين كيف ان القرآن تبيان لكل شيء من جهة الدين ومن جهة الدنيا.
                11. بين الفرق بين الذكر التفصيلي للامور وبين التبيان لكل شيء في قوله تعالى : ((وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ)) .
                12. لماذا لا يدرك اغلب الناس بيان كل ما يوجد في القرآن ؟
                13. لماذا يثق الناس بعلماء الفيزياء مثلا وما يثبتونه في المختبرات التجريبية ولا يثقون بما جاء عن الأنبياء والاوصياء ؟ واعط مثالا على هكذا موقف.
                14. لماذا لا يمكن ان يكون الايمان بالغيب من خلال هذا العالم الجسماني ؟
                15. ما هي الحقيقة التي يجب ان يعترف بها الذي يدعي اليمان أولا لكي يعرف الحقيقة ؟
                16. ما هو المقصود بالولاية والعهد والميثاق في الروايات الآتية وما علاقة ذلك بحاكمية الله ؟
                ـ عن أبي جعفر (ع) في قول الله عزوجل: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) قال: (عهدنا إليه في محمد والأئمة من بعده، فترك ولم يكن له عزم أنهم هكذا وإنما سمي أولوا العزم أولي العزم؛ لأنه عهد إليهم في محمد والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته وأجمع عزمهم على أن ذلك كذلك والإقرار به) الكافي: ج1 ص416.
                ـ عن حبة العرني، قال: قال أمير المؤمنين (ع): (إن الله عرض ولايتي على أهل السماوات وعلى أهل الأرض، أقربها من أقر، وأنكرها من أنكر، أنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتى أقر بها) مدينة المعاجز- للسيد هاشم البحراني: ج2 ص 35.
                ـ عن أمير المؤمنين (ع) لسلمان المحمدي (ع) في حديث بينهما: (... أتدري ما قصة أيوب وسبب تغير نعمة الله عليه ؟ قال: الله أعلم وأنت يا أمير المؤمنين. قال: لما كان عند الانبعاث للمنطق شك [أيوب في ملكي] وبكى فقال: هذا خطب جليل وأمر جسيم. قال الله عزوجل: يا أيوب أتشك في صورة أقمته أنا ؟ قد ابتليت آدم بالبلاء، فوهبته له وصفحت عنه بالتسليم عليه بإمرة المؤمنين فأنت تقول: خطب جليل وأمر جسيم ؟ فوعزتي لاذيقنك من عذابي أو تتوب إلي بالطاعة لأمير المؤمنين. (ثم أدركته السعادة بي)) مدينة المعاجز- للسيد هاشم البحراني: ج2 ص32.

                17. كيف الجمع بين الروايات السابقة وبين كون آدم ع ويونس ع وايوب ع انبياء ومرسلين ويقرون بولاية النبي محمد (ص) وآل محمد (ع) ؟
                18. ما معنى اسم النبي محمد (ص) المصطفى ؟
                19. قال تعالى : ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ كيف تثبت ان المقصودين بالآية كلهم صالحين ؟
                20. فصل المقصود من مراتب هؤلاء المصطفين ؟
                21. ما معنى ظلم الأنبياء ؟
                22. متى علم الامام احمد الحسن (ع) انه هو اليماني الموعود؟
                23. بين متى تكون الامتحانات الالهية الثلاث : عالم الذر , وعالم الاجسام , وعالم الرجعة وفي أي عالم ومن يمتحن فيها ؟ وما الحكمة من تكرار الامتحان ؟
                24. بين حقيقة الامتحان الالهي وكيف يمكن اختصاره في كلمتين.
                25. هل اتى على الرسول (ص) حين لم يكن يعرف انه رسول الله ص ؟ ومتى عرف ذلك ؟ وما هو السبب ؟
                26. هل قوله تعالى (ماكنت تدري ما الكتاب ولا الايمان) يعني انه (ص) لم يكن مؤمنا بالله ؟
                27. هل ولادة الانسان في هذا العالم الجسماني هي بداية خلق ذلك الانسان ؟ وضح ذلك
                28. ما هي النطفة النفسية وهل هي نفسها النطفة المادية ؟
                29. ما هو نصيب الموجودات في هذا العالم الجسماني من الوجود ؟
                30. هل الصورة الجسمانية ثابتة ؟ وضح.
                31. هل من الضروري أن تتعلق النطفة النازلة من عالم الذر بالنطفة المنوية ليوجد الإنسان ؟
                32. هل يمكن ان تحل الروح بأكثر من جسد في هذا العالم الجسماني ؟ وضح ذلك
                33. ما معنى النفخ في قوله تعالى [وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ] [الأنبياء:91])) ؟
                34. اشرح كيفية ولادة عيسى (ع) من غير اب ؟ وما الفرق بينه وبين خلق آدم ع ؟
                35. في الحالة الطبيعية تكون النطفة المادية الجسمانية متصلة بالنطفة النفسية...فما الذي حصل في حالة نبي الله عيسى (ع) ؟
                36. قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ)) من هو الذي عنده علم من الكتاب في هذه الآية ؟ وكيف استطاع جلب العرش ؟ اشرح ذلك.
                37. ما هو الكتاب في الآية وما هو العلم من الكتاب ؟ وكيف يكون ذلك العلم اهو باكتساب او بشيء آخر ؟
                38. اشرح معنى الرفع كما ورد عن الامام احمد الحسن (ع).
                39. اشرح الآية ((﴿فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ كما بينها الامام احمد الحسن (ع)
                40. من هو افضل خلق الله سبحانه وتعالى وما هو اقرب شئ اليه سبحانه وما الدليل من محكم ما ورد عن الامام احمد الحسن (ع)؟ اطرح بعض الاشكالات والشبهات الواردة التي تم تناولها في الدرس وناقشها.

                اسال الله لكم التوفيق والاخلاص.
                والحمد لله رب العالمين
                د. توفيق المغربي

                Comment

                • ya fatema
                  مدير متابعة وتنشيط
                  • 24-04-2010
                  • 1738

                  #9
                  رد: تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي

                  س217 ج 3 ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا
                  حجر الزواية ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا
                  حجر الزواية ( تتمة ) ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا
                  حجر الزواية تتمة 2 ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا
                  موسى عليه السلام ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا
                  س 529 ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا

                  ملاحظة : سيتم دمج التسجيلات مع الدروس الكتبية عندما يضعها مدرس المادة ان شاء الله

                  Last edited by ya fatema; 07-08-2013, 15:27.
                  عن أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين الإمام علي بن أبي طالب وصي رسول الله محمد صلوات الله عليهما
                  : ( إلهي كفى بي عزاً أن اكون لك عبداً وكفى بي فخراً أن تكون لي رباً أنت كما أحب فاجعلني كما تحب )

                  Comment

                  • د. توفيق المغربي
                    مشرف
                    • 13-02-2012
                    • 259

                    #10
                    رد: تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي

                    بداية النصف الثاني من المرحلة الثانية

                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    والحمد لله

                    س217 ج 3 ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا

                    محور الدرس :
                    السؤال والجواب ـ 217 من الجزء 3 للجواب المنير للامام احمد الحسن (ع).
                    الدرس تطرح فيه اربع شبهات وجوابها من الامام احمد الحسن (ع)


                    1. شبهة : "ظهور الحجة على شريط فيديو"


                    جاء في الجواب المنير ج 3 ضمن السؤال 217 ما هذا نصه :

                    "لماذا لا يظهر صاحب الزمان في شريط فيديو بذلك يطمئن محبيه وتقام الحجة على المنكرين ولا يُعرف مكانه ؟"

                    ج س1/
                    الامام احمد الحسن (ع) :
                    ((وهل تعتقد أنّ فقط خروج شخص بشريط فديو وقوله أنه المهدي ينهي كل شيء وتصدقه الناس ويؤمن المنكرون للمهدي بالمهدي ؟؟؟!!! هل قرأت القرآن ؟؟ وهل سمعت بنبي اسمه نوح، وهل تعلم كم دعى قومه، وهل تعلم كم منهم آمن به ؟؟ وهل سمعت بإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (ص)، وهل تعلم كم عانوا من الناس الذين طمسوا بصائرهم في المادة وهذه الحياة الدنيا؟؟؟))

                    تعليق :
                    ــ كثيرا ما يطرح هذا الاشكال وهو في الواقع مشترك بين من لا يؤمن بالمهدي كبعض السنة رغم انه ثابت عندهم كعقيدة وبين المخالفين المنكرين للمهدي الاول من المهديين الاثني عشر أي احمد الحسن (ع) وفي كلتا الحالتين يجب ملاحظة التالي :
                    عقيدة المهدي والمهديين (ع) ثابتة بالدليل القطعي اليقيني ولا يجد المخالف ـ من أي خلفية كان ـ ما يرد به الدليل القطعي على هذه العقيدة وأما المصداق فايضا ثابت بالدليل القطعي اليقيني سواء مصداق المهدي محمد بن الحسن (ع) كإمام ثاني عشر من ائمة اهل البيت (ع) او مصداق المهدي الاول احمد الحسن (ع).
                    وبالتالي فيجب الانتباه الى ان الاشكال كما صاغه صاحب السؤال في حد ذاته اقرار بدليل عقيدة المهدي عموما وعقيدة المهديين خصوصا بل وإقرار بقوة دليل كون محمد بن الحسن واحمد الحسن مصداق لهذه العقيدة الحق وان هذا الاشكال مبني على مغالطة لا غير فهو كما لو انه يقول:
                    "لو كان محمد بن الحسن (ع) حق وحجة وهو المهدي او لو كان احمد الحسن (ع) حق وهو حجة وهو المهدي الاول اذن لظهر للناس في شريط فيديو وأقام الحجة عليهم وانتهى كل شيء"

                    ــ القاعدة المبني عليها الاشكال باطلة وهي "ظهور الحجة في شريط فيديو يكفي ليصدقه الناس وليقيم الحجة على المنكرين " وذلك في قوله : ((لماذا لا يظهر صاحب الزمان في شريط فيديو بذلك يطمئن محبيه وتقام الحجة على المنكرين ولا يُعرف مكانه ؟))
                    انتبه ايضا الى قول السائل ((يظهر...في شريط فيديو...ولا يُعرف مكانه ؟)) أي انه يريد بقوله انه لو كان الحكمة او الغرض في تخفي الحجة هي ان لا يعرف مكانه او لا يصل اليه الاعداء فيكفي ان يظهر في شريط فيديو دون ان يظهر مكانه.
                    ــ اذن جواب الامام احمد الحسن (ع) يبدأ اولا بطرح سؤال يبين فيه "القاعدة " التي استعملها السائل وبين ايضا انها امر عقائدي أي انه لا بد فيه من دليل يقيني قطعي 100%
                    فقال (ع) : ((وهل تعتقد أنّ فقط خروج شخص بشريط فديو وقوله أنه المهدي ينهي كل شيء وتصدقه الناس ويؤمن المنكرون للمهدي بالمهدي ؟؟؟!!!))
                    فاذا قال نعم فالمفروض ان ياتي على هذه العقيدة بدليل قطعي 100% وهو مفقود
                    مناقشة المسالة : ما الذي يترتب عن ظهور الحجة على شريط فيديو او في قناة او تلفزيون او ما شابه ؟
                    اعظم الادلة على احقية الحجج (ع) هي سيرتهم الطاهرة واخلاقهم الحميدة ودعوتهم الناس الى الله والى الرجوع الى الفطرة السليمة وهذا الامر يتحقق اما بالمباشرة او بالنقل عمن باشرهم عليهم السلام وعاشرهم وايضا بما صدر عنهم عليهم السلام وكل هذه الامور متحققة سواء مع الامام محمد بن الحسن ع او الامام احمد الحسن ع وليس من الضروري ان تتحقق من خلال الصورة او الصوت بل يكفي النقل....ومع ذلك فالناس ولكونهم لوثوا فطرتهم التي فطرهم الله عليها لم تعد سيرة او اخلاق الانبياء وكلامهم ودعوتهم الى الله والى الاخلاق الطيبة بالفعل والقول تنفعهم بل احتاجوا الى الادلة وتفصيلها وهذا ايضا متحقق في الامام محمد بن الحسن ع وفي الامام احمد الحسن ع.
                    اما المباشرة فليست كافية لتنهي المسالة ولا واجبة لان الحجة تقام بالادلة والبراهين سواء لمن كان حاضرا مباشرا للحجة او لمن بلغته الدعوة وان بعد في المكان والزمان !

                    · ثم في المرحلة الثانية ينقض الامام احمد الحسن (ع) الاشكال مستعملا المثال كما نصح عليه السلام بذلك من قبل ((نقض الإشكال بالمثال؛ لأن معظم الناس يفهمون المثال والمثال أقرب شيء لهم؛ لأن المقارنة تسهل عليهم))
                    وهذا الإشكال ينقض بهذا المثال من القرآن : ((هل قرأت القرآن ؟؟ وهل سمعت بنبي اسمه نوح، وهل تعلم كم دعى قومه، وهل تعلم كم منهم آمن به ؟؟))
                    لماذا اختار الامام عليه السلام (نوح ع) ؟
                    نوح عليه السلام حجة ونبي ومن اولي العزم ودعى قومه 950 سنة
                    ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (15) ))
                    والقرآن ذكر في مواضع كثيرة قصته مع قومه وسيرته في دعوتهم بل وتوجد سورة كاملة باسم سورة نوح (ع) تبين حاله مع قومه ودعوته سرا وجهرا وبكل الوسائل المتاحة له (ع) :
                    ((بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4) قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20) قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25) وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28))) ومن اراد التفصيل في دعوة نوح عليه السلام يقرا كتاب الاضاءات للامام احمد الحسن (ع).


                    اذن نوح (ع) وهو حجة كان فيهم ومعهم ويعاملهم ويعاملونه ويراهم ويرونه بالمباشر وليس فقط من خلال شريط فيديو
                    فلو كان الاعتقاد بان مجرد ظهور الحجة على فيديو يجعل الناس تصدق والمنكرين يذعنوا صحيحا اذن لآمن قوم نوح (ع)
                    او على الاقل لآمن عدد لا باس به من قومه بينما نجد ان المؤمنين كانوا قلة :
                    ((وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39) حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40)))
                    بل ولم يؤمن به حتى من كانوا قريبا منه عليه السلام بحسب المادة والظاهر كما هو حال امراته :
                    ((ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) ))

                    ثم يكمل الامام احمد الحسن (ع) بالأمثلة التي تنقض قاعدة السائل الباطلة فيقول (ع) :
                    ((وهل سمعت بإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (ص)، وهل تعلم كم عانوا من الناس الذين طمسوا بصائرهم في المادة وهذه الحياة الدنيا؟؟؟))
                    فإبراهيم (ع) لم يؤمن له إلا القليل ايضا مثل زوجته سارا (ع) ولوط (ع)
                    وموسى (ع) كذلك رغم انه بحسب الظاهر كان عدد بني اسرائيل كبير ولكن المؤمنون حقا بان موسى (ع) حجة ومفترض الطاعة من الله كانو قلة قليلة وفي القرآن بيان ذلك في مواضع كثيرة
                    وعيسى (ع) لم يتعدى عدد المؤمنين بدعوته التلاميذ وقلة قليلة جدة ممن آمنوا به قبل مأساة الصلب
                    ومحمد (ص) كذلك وان كان ايضا العدد يبدو كبيرا بعد الفتح ولكن لمعرفة الحقيقة يكفي النظر في تاريخهم مع علي (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) بعد استشهاد النبي (ص) بل وحتى قبل ان يمكنه الله منهم بالقوة فقد اخرجوه من بلده وضربوه وهو منهم ومعهم ويعرفونه حق المعرفة بل ويلقبونه الصادق الامين.....!

                    وهناك تفصيل في كتب الامام عليه السلام لسيرتهم (ع) مع قومهم وكيف عانوا من الناس القريبين جدا منهم (ع) بحسب الظاهر ...راجع كتاب الاضاءات والعجل وغيرها.

                    والحمد لله.

                    *******************
                    اسئلة :
                    1. طرح عليك اشكال من مخالف يقول ((لما لا يظهر احمد الحسن في فيديو وتقام الحجة على الناس دون ان يعرف مكانه)). اجب على الاشكال باختصار على غرار جواب الامام احمد الحسن (ع).
                    2. ما هي القاعدة التي بني عليها الاشكال ؟ بين بطلانها
                    3. ما هي اعظم الادلة على احقية الحجج (ع) ؟
                    4.لماذا طرح الامام احمد الحسن (ع)امثلة في جوابه ؟
                    5.لماذا اختار الامام عليه السلام (نوح ع) ؟
                    6. اشرح كلام الامام احمد الحسن (ع) التالي باسلوبك ((وهل سمعت بإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (ص)، وهل تعلم كم عانوا من الناس الذين طمسوا بصائرهم في المادة وهذه الحياة الدنيا؟؟؟))



                    ====================================================================== =======



                    1. شبهة : "ما ذنب من لم يصله القران ؟"

                    قال السائل : ((ما هو ذنب من لم يصله القران ؟))
                    ج س2/
                    ((أنت تقصد ما هو ذنب من لم يصله القرآن ومات كافراً بنبوة محمد (ص) ....، وهذا الأمر قد بينته في أحد الكتب، وهو إضاءات من دعوات المرسلين، وأنقل لك بعض الأسطر من هذا الكتاب:

                    (إضاءة من فاتحة سورة يوسف:
                    قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لَأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ * قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾
                    في هذه الآيات تفتتح مسيرة يوسف (ع) إلى الله، إنها تذكير من الله العليم الحكيم ليوسف(ع) بحقيقته التي ارتقاها في عالم الذر وغفل عنها بسبب حجاب الجسد لما خلقه الله وأنزله إلى هذا العالم الظلماني (عالم الأجسام).
                    قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ﴾، أي إنكم كنتم في عالم الذر مخلوقين وأمتحنكم الله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾
                    وهذه الآية فيها رد على من يقول ما ذنب من لم يصل إليه الإسلام ولم يبلغ برسالات السماء كمن عاش في مجاهل أفريقيا أو في أطراف الأرض أو في أرض بعيدة عن أرض المرسلين (ع)، والرد أنّ الآية الأولى تثبت أنّ الناس تم امتحانهم وكل أخذ مقامه وتبين حاله واستحقاقه، والآية الثانية تبيّن أنهم غير معذورين باتباع ضلال آبائهم في هذه الأرض أو أنهم عاشوا في أرض لم يطأها نبي ولم يصل لها الحق ولم يبلغهم به أحد؛ لأنّ الله يقول لهم إني امتحنتكم في عالم الذر وعلمت حالكم واستحقاقكم، فلا تقولوا: ﴿إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾، أي: إنّ الله يقول لهم أنا أعلم أنه لو جاءكم الأنبياء والأوصياء والمرسلون وبلغكم برسالات السماء المبلغون لما آمنتم ولما صدقتم، ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾، أمّا من يقول فلماذا لم يسووا مع الكفار في أرض الرسالات في إيصال البلاغ ؟ فالرد إنّ تبليغ هؤلاء فضل على من لا يقبل الفضل ولا يستحقه، وأنت تعلم علماً مسبقاً أنه لا يقبله يقيناً فعرضه عليه تحصيل حاصل وبالتالي فلا يضر أن تعرضه على بعضهم لبيان أنّ الباقي كهؤلاء الذين عرض عليهم الحق فلم يقبلوه، فالعرض على بعضهم لإتمام الحجة، وإنه لا عذر لمن يقول: ﴿إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ﴾؛ لأنّ نظرائهم عرض عليهم الحق فاختاروا ضلال ابائهم على هدى المرسلين: ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾، بل جعلوا ضلال أبائهم هو الهدى والحق: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾
                    .))


                    تعليق :
                    الامام (ع) ابتدأ الجواب بقوله (ع) :
                    ((أنت تقصد ما هو ذنب من لم يصله القرآن ومات كافراً بنبوة محمد (ص) )) لماذا وما هو الفرق بين السؤال وبين ما ذكره الامام (ع) ؟
                    الفرق واضح وهو ان الاشكال له موضع من البحث في حال من مات وهو كافر بدعوة ونبوة محمد (ص) او ـ كما سيبين الامام (ع) ـ عموما على من مات وهو كافر باحد الرسل او الانبياء او الحجج (ع) او من لم تصلهم الرسالات او من لم يأتهم بالأساس الرسل والأنبياء (ع) وماتوا على كفرهم بالرسل او بالكتب السماوية او كافرون بوجود الاله ؟
                    تنبيه : ينبغي الانتباه ان الكفر هنا يشمل من لم تصله اصلا الرسالات وليس فقط من عرف بها وجحدها او انكرها وهؤلاء لا حجة لهم ولا عذر كما تبين من جواب الامام (ع)
                    وأما من لم يصله القرآن ومع ذلك كان مؤمنا بنبوة محمد (ص) او لم تصله الكتب السماوية او الرسالات كاملة ومع ذلك هو مؤمن بالرسل فليس موضع اشكال وكم من شخص آمن بمحمد (ص) دون ان يصله القرآن ؟!
                    تنبيه : بلى هناك فرق في معرفة مصير من انكر مع المعرفة او مع بعث الرسل وبين من لم يبعث له الرسل ...ولكن هذا الفرق ليس بمعنى العذر او الحجة لمن لم يرسل لهم الرسل وانما هو من باب انهم مرجوون لأمر الله وإلا فلو كان القابل موجودا لبعث الله لهم الحجة والرسول ... ومثل ذلك ازمنة الفترات بين الرسل او زمن غيبة الامام المهدي (ع)...فمن كفر وجحد الحجة بعد المعرفة ومات على ذلك فهو اكيد في النار ومن لم يبعث لهم فليس لهم عذر لعدم قابليتهم وهم مرجوون الى امر الله.
                    ــ الامتحان في هذه الحياة الدنيا هو امتحان ثاني والنتيجة نفسها نتيجة الامتحان الاول في عالم الذر فلا عذر عموما لمن يقول ما ذنب من لم تصله الرسالات السماوية ولا المرسلين او اخبارهم ودعواتهم ((لأنّ الله يقول لهم إني امتحنتكم في عالم الذر وعلمت حالكم واستحقاقكم، فلا تقولوا: ﴿إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾، أي: إنّ الله يقول لهم أنا أعلم أنه لو جاءكم الأنبياء والأوصياء والمرسلون وبلغكم برسالات السماء المبلغون لما آمنتم ولما صدقتم، ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾،))

                    الشبهة الاخرى التي يطرحها الامام (ع) ويرد عليها هي لو قيل : ((اذن فلما ارسل الى الكفار الموجودين في ارض الرسالات؟)) ثم ((لماذا لم يساوى بين من لم تصلهم الرسالات وبين هؤلاء الذين وجودوا في ارض الرسالات)؟)
                    وجوابه عليه السلام محكم واضح ولا يحتاج الى تعليق :

                    ((أمّا من يقول فلماذا لم يسووا مع الكفار في أرض الرسالات في إيصال البلاغ ؟
                    فالرد
                    إنّ تبليغ هؤلاء فضل على من لا يقبل الفضل ولا يستحقه، وأنت تعلم علماً مسبقاً أنه لا يقبله يقيناً
                    فعرضه عليه تحصيل حاصل
                    وبالتالي فلا يضر أن تعرضه على بعضهم لبيان أنّ الباقي كهؤلاء الذين عرض عليهم الحق فلم يقبلوه،
                    فالعرض على بعضهم لإتمام الحجة،
                    وإنه لا عذر لمن يقول: ﴿إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ﴾؛
                    لأنّ نظرائهم عرض عليهم الحق فاختاروا ضلال ابائهم على هدى المرسلين: ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾، بل جعلوا ضلال أبائهم هو الهدى والحق: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾
                    .))
                    والحمد لله

                    اسئلة :
                    1. ما ذنب من مات كافرا ولم يعرف بدعوة الرسول محمد (ص) ؟
                    2. لماذا صحح الامام احمد الحسن صياغة السؤال .. وما الفرق بين سؤال المستشكل والسؤال الذي صاغه الامام احمد الحسن (ع) ؟
                    3. ما معنى المرجوون لامر الله ؟
                    4. لما ارسل الى الكفار الموجودين في ارض الرسالات؟ او لماذا لم يساوى بين من لم تصلهم الرسالات وبين هؤلاء الذين وجودوا في ارض الرسالات؟



                    ====================================================================== =======


                    3. شبهة : "مسالة العذاب الابدي على ذنب محدود في الزمن"

                    في نفس السؤال 217 من الجزء 3 للجواب المنير طرح السائل اشكالا هذا نصه :
                    "كيف يعذبنا الله وهو الرحمن الرحيم على ذنب محدود في الزمن بعذاب لا محدود في الأبد (النار خالدين فيها أبداً) ؟"

                    ج س2/
                    (( أولاً: لابد أن تعرف ما هو العذاب ثم لك بعدها أن تختار الاعتراض من عدمه:
                    إقرأ هذه الآية: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾
                    واعلم أنّ العذاب ما هو إلاّ كشف الحقيقة للإنسان وتركه وما اختار هو بنفسه،

                    فمن اختار هذه الأرض وهذه الدنيا فقط سيكتشف اختياره، سيكشف عنه الغطاء ليرى الحقائق كما هي فيرى كل حاسد وهو عقرب يحيط به وكل شهوة محرّمة أنفذها صديد ومقامع من حديد قيّد - هو وليس أحد غيره - نفسه بها، إنّ هذه الأرض شفير جهنم ولكنكم لا تعلمون، بل وتعتقدون أنها جنة الخلد ولهذا تتلهفون على امتلاك واقتناء أكثر ما يمكن اقتناءه منها.
                    إذن فهل تجد عدلاً أعظم من عدل الله سبحانه وتعالى فهو لن يفعل شيئاً من الشر لكم، بل فقط سيحقق لكم اختياركم، فمن اختار هذه الأرض أو أشد منها مادية سيبقى فيها إو ينقل إلى طبقات أسفل منها في جهنم وهذا هو اختياره، فقط ما سيفعله الله أن يكشف غطاء الإنسان ليرى الحقيقة ويرى ويعرف اختياره، وأيضاً حتى كشف الغطاء هو من لوازم تقدّم الفلك الأعظم باتجاه الآخرة.
                    إذن فالعذاب ليس في حقيقته إلاّ اختياركم أنتم، وقد حذّركم سبحانه وتعالى من هذا الاختيار ولكنكم لا تحبّون الناصحين.
                    ))

                    تعليق :
                    الاشكال المطروح مبني على قياس تعذيب المخلوق لمخلوق آخر او الانتقام منه او عقابه على فعل فعله وليس الامر في حقيقته كذلك ولذآ قال عليه السلام ((أولاً: لابد أن تعرف ما هو العذاب ثم لك بعدها أن تختار الاعتراض من عدمه))
                    فالحقيقة ان العذاب انما هو كشف الاختيار الذي اتخذه الانسان بنفسه ولم يقبل منه سبحانه الحقيقة التي اوصلها له سواء بالغيب او من خلال الرسل والحجج عليهم السلام الذين حذروه من كون هذه الحياة الدنيا هي دار امتحان وانها ليست حقيقية وانما هي لعب ولهو واوهام ...وان المحرمات والشهوات قد زينها له عدوه ليخدعه وان البقاء فيها لمدة قصيرة وفي آخر الطريق توجد النتيجة التي اختارها :
                    ((..﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾...فالعذاب ما هو إلاّ كشف الحقيقة للإنسان وتركه وما اختار هو بنفسه))
                    فالله سبحانه وتعالى دعى الانسان الى الحقيقة ومعرفة الحقيقة وحذره ان هذه الدنيا هي دار فناء وان له عدوا يخدعه ويزين له المساويء ليحرفه عن الطريق وذكره ووعظه ((فمن اختار هذه الأرض وهذه الدنيا فقط سيكتشف اختياره، سيكشف عنه الغطاء ليرى الحقائق كما هي))

                    مثال (تقريبي) لمسالة الاختيار:
                    فاذا اردنا التمثيل بمثال يقرب مسالة الاختيار للذهن ـ ولكن فقط للتقريب ـ اقول :
                    افترض ان لديك مادة خطيرة في معمل اوشركة تستعمل في التصنيع (ولها بعض المنافع ) ولكن بحذر شديد وضمن قوانين معينة وان لديك عمالا قد حذرتهم وبينت لهم خطر المادة وبين لهم كيفية استعمالها ومتى يمكن ذلك ومتى لا يمكن ثم بالغت في التحذير وجعلت علامات حولها تذكر بخطرها وجعلت منبهات بين الفترة والأخرى...الخ ثم ان عاملا عندك في المعمل خرق قوانين التعامل مع تلك المادة و بسبب ذلك فقد عضوا من اعضائه مثلا يده فعاش الرجل بعد ذلك طول حياته بدون يد ...فهل سيقال ان هذا الحال والاذى الدائم (في هذه الحياة الدنيا) الذي اصاب هذا الشخص ولاجل خطئ ارتكبه في ثواني يمكن الاعتراض عليه ونسبة القسوة لك مثلا او الاشكال عليك ؟!
                    بل انه اختياره هو وقد كشف له على هذا الامر وحقيقة خطر المادة بعد ان اختار وقرر بنفسه وهو عارف وبمحض ارادته !!

                    مثال (تقريبي) لمسالة كشف حجاب الحقيقة:
                    يمكن ايضا ان نضرب مثالا آخر للتقريب الى الذهن مسالة الحقيقة والوهم:
                    لناخذ ما توصل اليه العلم الحديث والتكنولوجيا في قضية الواقع الافتراضي والكثير قد سمع او قراء او جرب بنفسه تاثيراته على الدماغ وعلى تصرفات الانسان. فبواسطة ما يسمى بالقباب (ذت الابعاد الثلاثية) او بذلات خاصة يمكن جعل الدماغ يتعامل مع الواقع الافتراضي وكانه الحقيقة فينسى الانسان وجوده ويتعامل مع المحيط المختلق والاجسام والاحاسيس وردات الفعل كما لو كان فعلا داخل العالم الافتراضي. وينبغي الانتباه الى ان المسالة جدية وليست منحصرة في الالعاب او السينما بل تتعدى الى استعمالات في ميدان الطب ومعالجة الآلام وبعض الامراض كالخوف المبالغ فيه وغيرها وكذلك يستعمل اليوم في تقنيات دقيقة جدا للتحكم عن بعد وفي مجال الروبوتات (الرجال الآليون) وغير ذلك.
                    وما يهمنا هو ان هذا المثال يعطي تقريبا للذهن على امكانية العيش في عالم وهمي تماما والاهم من ذلك هو امكانية الغفلة عن هذا الوجود وتصديق فقط ما ياتي من العالم الافتراضي أي ان الانسان يمكن ان يختار العالم الافتراضي الخيالي على عالمه الجسماني هذا وهو فيه وربما كانت لبعض قرارته في العالم الافتراضي تاثيرات لا يمكن التراجع عنها او الغاؤها بعد ان يعود الى التنبه الى حاله هنا ...وتوجد امثلة كثيرة وجدية جدا منها كما ذكرت سابقا مسالة التصرف مع آلام بعض الامراض او البتر لبعض الاعضاء
                    بل ويمكن ان تكون هناك آثار لقرارات و تفاعلات الانسان مع العالم الافتراضي حتى من خلال الالعاب الاكترونية وما شابه وهذا امر لا يحتاج الى ان ابينه فالكل يعلم مدى تاثير الالعاب على الاطفال.
                    ولست بصدد التفصيل هنا ولكن يمكن الاطلاع على بعض الدراسات والفيديوات في المجال لمن اراد التفصيل.
                    ويمكن ايضا الاشارة الى مدى تفاعل الانسان في بعض الاحيان مع الرؤيا او الاحلام وتاثره بها في الواقع الخارج.
                    بالنتيجة : يمكن لاي انسان الآن ان يتصور وبسهولة (ان لم يكن مصدقا باخبار الله واخبار اولياء الله ع) وجود حقيقة محجوبة عنه وهو في هذا العالم الجسماني وان موته انما هو كشف للغطاء عن هذه الحقيقة التي يعيش فيها بل ويبني حاله فيها.
                    فلا يبقى هناك اشكال على مسالة الاختيار ولا مسالة الحقيقة وراء هذا العالم الجمسماني ...فتبين ان جواب الامام ع فيه رفع شبهة كبيرة وهي مسالة العدل أي عدل الله سبحانه وتعالى وكيف يمكن ان يكون عادلا وهو يجعل مخلوقا اذنب في فترة محدودة في العذاب الابدي لانه بكل بساطة انما يحقق له اختياره الذي اختاره بنفسه ((إذن فهل تجد عدلاً أعظم من عدل الله سبحانه وتعالى فهو لن يفعل شيئاً من الشر لكم، بل فقط سيحقق لكم اختياركم، فمن اختار هذه الأرض أو أشد منها مادية سيبقى فيها إو ينقل إلى طبقات أسفل منها في جهنم وهذا هو اختياره، فقط ما سيفعله الله أن يكشف غطاء الإنسان ليرى الحقيقة ويرى ويعرف اختياره، وأيضاً حتى كشف الغطاء هو من لوازم تقدّم الفلك الأعظم باتجاه الآخرة.))

                    والحمد لله

                    ملحق :
                    توجد ابحاث عديدة حول موضوع تفاعل الدماغ مع العالم الافتراضي وتطبقياتها واكتفي هنا بهذا الرابط لشريط فديو بعنوان "euronews futuris : عالم افتراضي بلا حدود"
                    من بين الكثير من الفيديوات التي يمكن الاستفادة منها لمن اراد الاطلاع :
                    http://ar.euronews.com/ اليوم، بالإمكان السيطرة على الأفكار، الرجل الآلي له القدرة على منح الإنسان الأحاسيس الحقيقية، كالجسم البشري الحقيقي. وهذا يعد أملاً ك...


                    اسئلة
                    1. كيف يعذبنا الله عن ذنب محدود بعذاب لا محدود ؟
                    2. ما هو مفهوم السائل للعذاب ؟ وما هو المفهوم الصحيح الذي وضحه الامام احمد الحسن (ع) ؟
                    3. اعط مثالا تقريبيا من حياتنا عن عقاب مدى الحياة عن خطا لثواني يلام فيه المعاقب (بفتح القاف).
                    4. قم ببحث قصير عن تطبيق من تطبيقات الواقع الافتراضي وربطه بجواب الامام احمد الحسن (ع) . يمكنك نشره في المنتدى او صحيفة الصراط المستقيم لانصار الامام المهدي.




                    ====================================================================== =======


                    4. الاشكال الرابع "الدليل على أن الإنسان له روح وأنه يبعث بعد الموت وأنه ليس مجرد الجسد الذي ينتهي إلى تراب ؟"


                    ج س4/
                    (( إذا ثبت عندك الله ثبت عندك ما أخبرنا به، وإن كنت كافراً بالله فاخبرنا لنثبت لك وجوده مع أني أقول عميت عين لا تراه سبحانه.
                    أحمد الحسن

                    ))
                    تعليق :
                    الجواب هنا مختصر لماذا ؟

                    ذلك لحكمة او لنقل لعدة حكم والله العالم نذكر منها ما تيسر وفهمناه :

                    * ان مسالة وجود الروح ووجود البعث هي كلها مسائل متفرعة عن مسالة "وجود الاله"
                    فلاثبات وجود الروح لمؤمن بالله او وجود حساب وبعث يكفي فيها الاخبار منه سبحانه وتعالى من خلال الرسل والحجج (ع)
                    فلذلك يكون من يشكل على وجود الروح او وجود البعث او وجود عالم آخر او عوالم اخرى هو في الحقيقة يشكل على مسالة وجود اله والا فكل الديانات تقر ذلك!
                    بل حتى بعض العلماء الملحدين والمنظرين للالحاد يقول بوجود عوالم اخرى غير مرئية او وراء عالمنا هذا وانما انكارهم للروح لاجل انكار مسالة حرية الاختيار ولاجل ما يترتب على مسالة قبول وجود شيء لا تقوده فقط قوانين الطبيعة او الفيزياء او البايلوجيا.
                    فاالاقرار بوجود شئ خارج حدود المادة يتدخل في هذا العالم الجسماني يعني انتهاء اطروحتهم التي تقول ان الوجود كل الوجود منحصر في هذا العالم او في العوالم التي تصفها النظريات ولا وجود لشيء خارج النموذج العلمي.
                    وان شاء الله يمن الله علينا ويتفضل علينا بالاطلاع وفهم ما سينشر بحول الله وقوته من الامام احمد الحسن عليه السلام بخصوص الالحاد من جهة وبخصوص الروح من جهة اخرى ولن اخوض في الموضوع باكثر مما علمناه

                    اسئلة :
                    1. ما الدليل على ان الانسان له روح ؟
                    2. اذكر وجها محتملا لسبب اجابة الامام احمد الحسن (ع) عن السؤال بجواب مختصر.

                    والحمد لله وحده
                    Last edited by اختياره هو; 17-10-2013, 12:05.

                    Comment

                    • د. توفيق المغربي
                      مشرف
                      • 13-02-2012
                      • 259

                      #11
                      رد: تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي

                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      والحمد لله

                      حجر الزواية ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا
                      حجر الزواية ( تتمة ) ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا
                      حجر الزواية تتمة 2 ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا

                      [FONT=arial][SIZE=4]

                      كتب احد الاخوة في الجواب المنير ج 4 في السؤال 327 قصة حصلت معه في الحج هذا نصها :
                      ((السلام على يماني آل محمد ورحمة الله وبركاته.. اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
                      في عام 1424هـ قمت بأداء مناسك الحج وكانت الحجة الثانية لي ولله الحمد ومعي زوجتي، وكنا مع أحد حملات الحج المشهورة في الإحساء، وكان لنا عبر وقصص في تلك الحجة المباركة، فعندما كانت ليلة عرفة حصلت حادثة لنساء الحملة فسمعوا ليلة عرفة بعد أعمال تلك الليلة صيحة قويه (صراخاً قوياً) تكرر مرتين أيقظ النائمة من نومها، والغريب أن بعض الجالسين من النساء لم يسمعوا تلك الصيحة، فهذه الصيحة أرعبت النساء وإخافتهم ولم يعرفوا من أين هذا الصوت.
                      والقصة الثانية والأهم هي عندما دخلت أنا وزوجتي الحرم لطواف الحج شاهدت زحاماً شديداً، وخشيت أن لا أستطيع تطويف زوجتي طواف الحج، وقال لنا المرشد الديني للحملة عندما تشاهدون زحاماً قولوا يا عليم يا عظيم ينفك الزحام، حيث جربت هذا الذكر في طواف العمرة ولاحظت الزحام ينفك، عموماً قلت مرة واحده يا عليم يا عظيم وإذا برجل يأتي فوراً من بين الركن والمقام ويشق صفوف الحجيج بعد انتهائي من الذكر وكأنه آتٍ لنا من طوافه أو قبل أن ينتهي طوافه حيث لم يعبر الركن والمقام واستقبلنا مخصوصاً والكعبة خلفه ولم يكن في طريقه لنا أحد من الحجيج، وقال لي: تعال خلفي أطوفكما، وذهبت خلفه مع زوجتي وطوفنا طواف الحج ولم نشعر بأي زحام أو ضيق، وكان يقرأ أدعية وأذكار ومن بينها دعاء كميل وأنا أكثر الصلاة على محمد وآل محمد وأقول في نفسي ربما يكون هذا المهدي محمد بن الحسن (ع)، ولكن أقول من أنا حتى يخرج لي المهدي ويطوفني ؟ وأثناء الشوط الأول من الطواف كانت زوجتي خلفي، وقال لي: دع زوجتك أمامك، وأمرتها أن تكون أمامي وخلفه، أي وسطنا وهو قصد أن يعلمني كيف أحافظ على زوجتي، أثناء الطواف وعند وصولنا إلى الحجر الأسود يشير إليه بيمينه ويقول: الله اكبر، وعندما انتهينا من الشوط السابع بعد مقام إبراهيم (ع) قلت له: أريد أن أطوف طواف النساء معك، فقال لي: إن شاء الله، وكأنه يودعني وقابلني بوجهه وهو يمشي عني إلى الوراء وكأنه أزاح تلك الآلاف من الناس وهو يمشي إلى الخلف، واتسع له المكان ومضى وكأن الحجيج بحر وهو موجة قوية أزاحت مياه البحر.
                      أما أوصاف هذا الرجل فهو: غائر العينين، مشرف الحاجبين، طويل نحيف، أسمر اللون، شعره أسود طويل، والغريب أنه يلبس لباساً أخضر فاتح يوم طواف الحج وعلى رأسه غطاء نسميه نحن بالخليجي الطاقية.
                      سؤالي: من هو هذا الرجل، هل هو يماني آل محمد (ع)، ومن أنا حتى يأتي يماني آل محمد (ع) ويطوفني، أم هو الخضر بما أنه لابس لباس أخضر، أم أنه من أنصار الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع)؟ وسألت أحد طلبة الحوزة وقال أنه الإمام (ع)، وسألت أحد المؤمنين وقال ربما يكون الخضر (ع) أو أحد أعوان الإمام (ع).
                      سمعت قصه حصلت لأحد الأنصار وقصها عليّ ووصفه لي وهي نفس الصفات التي رأيتها، ولو رأيت الرجل الذي طوفني بعد هذه السنين عرفته من بين مليون رجل.
                      السلام على يماني آل محمد ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
                      المرسل: أبو الرحمات – السعودية ))


                      فجاء جواب الامام احمد الحسن (ع) مفصلا وفيه من العلم الكثير وسنجعل الجواب على اقسام ونعنونها ونعلق على بعضها بما يتيسر ويوفقنا الله له ويناسب الدرس ان شاء الله.
                      • المقدمة الاولى من الامام (ع):
                      التوجيه الى الله سبحانه
                      قال الامام احمد الحسن (ع) : ((بسم الله الرحمن الرحيموالحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.اعلم أن الله ذاكر من ذكره ويعطي الكثير بالقليل، وأنت ذكرته سبحانه في بيته بإخلاص فذكرك وأعانك ويسر أمرك، أسأل الله أن يوفقك دائماً للإخلاص له سبحانه والعمل لما يرضيه.أما عبد الله الذي أعانك فهو أعانك بحول الله وقوته، وعندما أمره الله أن يعينك فالفضل كله لله سبحانه، فاشكر الله سبحانه وتعالى الذي منَّ عليك بهذا ولو أن الله أمره أن يخبرك باسمه لأخبرك.))
                      • تعليق 1 :
                      ابتدا الامام (ع) جوابه ببيان للسائل ان ما جرى معه هو نتيجة لإخلاص هذا العبد وذكره لله سبحانه وتعالى في بيته ...ولكن ما ينبغي الوقوف عليه والانتباه له هو هذا الامر الذي لا يفارق خلفاء الله وهو :دعوة خلفاء الله (ع) الى الله سبحانه والى التوحيد الحقيقي ونسبتهم الخير اليه سبحانه والعون والتيسير اليه هو.فلاحظ الاقرار بالعبودية في قوله (ع) ((أما عبد الله الذي أعانك)) ولاحظ الاقرار بان لا قوة لهم بانفسهم وانما القوة والحول له سبحانه في قوله (ع) ((فهو أعانك بحول الله وقوته)) ولاحظ ان حتى ارادة الاعانة والمساعدة منهم (ع) انما هي بأمره وإرادته ((هو سبحانه)) في قوله (ع) ((وعندما أمره الله أن يعينك)) فلاحظ كيف يرجعون الفضل له سبحانه صلوات الله عليهم ولا يرون لأنفسهم فضلا ((فالفضل كله لله سبحانه)) وان الشكر له سبحانه وتعالى ((فاشكر الله سبحانه وتعالى الذي منَّ عليك بهذا)) .....صلوات الله عليهم خلفاء الله حقا صدقا وبحق هم ((الله في الخلق)) ...كلهم وكل صادر منهم عليهم السلام يذكرك بالله ويدعوك اليه سبحانه.
                      بقي امر وهو مسالة الاسم وقوله عليه السلام ((ولو أن الله أمره أن يخبرك باسمه لأخبرك.)) فما هي الحكمة يا ترى في عدم الاخبار بالاسم ؟ وهذا ما سيتبين في الفقرة الآتية وما سيليها من الجواب ان شاء الله.
                      • المقدمة الثانية من الامام (ع) :
                      توجيه الى الحجر وأهميته ورمزيته.
                      قال الامام احمد الحسن (ع) : (( أما إن هذا العبد عندما كان يصل الحجر يقول الله أكبر فهذا تكليفه هو، أما أنت وغيرك من الناس فتكليفكم أن تقولوا عند وصول الحجر: (اللَّهُمَّ أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا، وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوَافَاةِ، اللَّهُمَّ تَصْدِيقاً بِكِتَابِكَ وَعَلَى سُنَّةِ نَبِيِّكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأنَّ عَليّاً وَالأئمَّة مِنْ وِلْدِهِ حُجَجُ الله وَأَنَّ المَهْديَّ وَالمَهْديينَ مِنْ وِلْدِهِ حُجَجُ الله - وتعدهم إلى حجة الله في زمانك - آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَبِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ وَعِبَادَةِ كُلِّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ).ودين الله كله يكاد يكون مسألة واحدة فتح بها خلق الإنسان الأرضي ذكرها تعالى بقوله: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾، والقرآن كله في الفاتحة، والفاتحة في البسملة، والبسملة في الباء، والباء في النقطة، والنقطة علي (ع)، قال أمير المؤمنين: (أنا النقطة) ، وماذا كان أمير المؤمنين علي (ع) غير أنه خليفة الله في أرضه، إذن فالنقطة والباء والبسملة والفاتحة والقرآن والدين كله هو خليفة الله في أرضه، والقرآن والدين كله هو العهد والميثاق الذي أخذ على العباد بإطاعة خلفاء الله، وأودعه الله في حجر الأساس أو الحجر الأسود أو حجر الزاوية أو الحجر المقتطع من محمد (ص)لهدم حاكمية الشيطان والطاغوت، وقد ذكر هذا الحجر في الكتب السماوية وفي الروايات.))

                      تعليق 2: اذن قد ظهر لنا من جواب الامام (ع) وهذه المقدمة الثانية حكمة القصة ولماذا عدم التعريف او التصريح باسم العبد الذي اعان هذا المؤمن بأمر الله فالعبد اعان الرجل وزوجته لان هذا العبد اخلص لله فجازاه سبحانه ان اعانه واما ما اراد الله سبحانه ان يعرف هذا المؤمن وكل من تصله القصة فهو اهمية الحجر في الدين الالهي وسيبين الامام عليه السلام امورا عديدة فيما سياتي من الجواب يمكن ان نذكر منها ما يلي :


                      ارتباط الحجر بالعهد والميثاق الماخوذ على العباد
                      العهد والميثاق هو اطاعة خليفة الله في الارض فالكلمات التي كلفنا ان نذكرها عند وصولنا الى الحجر واضحة في ارتباط الحجر بالعهد والميثاق والامانة وصريحة في بيان ان هذا العهد والميثاق هو العهد بالايمان واطاعة خلفاء الله (ع)....ولذلك بدا الامام عليه السلام بهذه الكلمات المباركة وتكليف الناس (اللَّهُمَّ أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا، وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوَافَاةِ، اللَّهُمَّ تَصْدِيقاً بِكِتَابِكَ وَعَلَى سُنَّةِ نَبِيِّكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأنَّ عَليّاً وَالأئمَّة مِنْ وِلْدِهِ حُجَجُ الله وَأَنَّ المَهْديَّ وَالمَهْديينَ مِنْ وِلْدِهِ حُجَجُ الله - وتعدهم إلى حجة الله في زمانك - آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَبِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ وَعِبَادَةِ كُلِّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ).
                      بيان ان الدين كله والقرآن يكاد يكون هو مسالة واحدة = خليفة الله في ارضه وان الحجر هو الذي اودع فيه العهد والميثاقأي ان الامر مرتبط كله بخلافة الله في الارض وبحاكمية الله(وقد تقدم التطرق الى هذا الامر في دروس سابقة فليراجعها منا ارادها)
                      بيان فضل الحجر ببيان اهتمام النبي محمد ص واهل بيته بالحجر
                      بيان ارتباط وهذا الحجر باحد خلفاء الله تحديدا واشارته اليه وهو المخلص والمنقذ الذي يقيم حاكمية الله والذي مهد لحركته وظهوره كل الانبياء والمرسلين عليهم السلام.
                      ذكره في النصوص من الانبياء السابقين عليهم السلام على خليفة الله المقيم لحاكمية الله في آخر الزمان
                      بيان الرموز التي يشير اليها
                      • اسم الحجر
                      • وموضع الحجر في البيت
                      • اشارة الحجر الجغرافية
                      • لون الحجر
                      • حكمة السجود اتجاه الحجر
                      • حكمة حمل رسول الله (ص) للحجر
                      • الحكمة من الابتداء به والختم به
                      • الرموز المرتبطة به في التوراة والانجيل

                      • اهتمام محمد (ص) بالحجر وحمله له اشارة الى ان القائم سيكون من ذريته
                      قال الامام احمد الحسن (ع) :((وقريش عندما اختلفوا فيمن يحمل الحجر كانوا يعلمون أن هذا الحجر يشير إلى أمر عظيم ولهذا اختلفوا فيمن يحمله وكانت مشيئة الله أن محمداً (ص) هو من حمل الحجر ووضعه في مكانه لتتم آية الله وإشارته سبحانه؛ أن قائم الحق والعبد الذي أودعه الله العهد والميثاق الذي يشير له هذا الحجر سيخرج من محمد (ص) الذي حمل الحجر.
                      عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع)، قَالَ: (إِنَّ قُرَيْشاً فِي الْجَاهِلِيَّةِ هَدَمُوا الْبَيْتَ فَلَمَّا أَرَادُوا بِنَاءَهُ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ وَأُلْقِيَ فِي رُوعِهِمُ الرُّعْبُ حَتَّى قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَيَأْتِي كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِأَطْيَبِ مَالِهِ وَلَا تَأْتُوا بِمَالٍ اكْتَسَبْتُمُوهُ مِنْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ حَرَامٍ، فَفَعَلُوا فَخُلِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بِنَائِهِ فَبَنَوْهُ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَتَشَاجَرُوا فِيهِ أَيُّهُمْ يَضَعُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ، فَحَكَّمُوا أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ رسول الله (ص) فَلَمَّا أَتَاهُمْ أَمَرَ بِثَوْبٍ فَبَسَطَ ثُمَّ وَضَعَ الْحَجَرَ فِي وَسَطِهِ ثُمَّ أَخَذَتِ الْقَبَائِلُ بِجَوَانِبِ الثَّوْبِ فَرَفَعُوهُ ثُمَّ تَنَاوَلَهُ (ص) فَوَضَعَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَخَصَّهُ اللَّهُ بِهِ.))

                      تعليق :
                      ما ينبغي الانتباه اليه وقد نبه اليه الامام عليه السلام ونحن هنا فقط نركز على ما بينه وهو:ـ ان اهمية الحجر كانت معلومة عند قريش وان كانوا لا يعلمون علة الاهمية والا فلما اختلفوا بينهم حتى كادوا يقتتلونـ والامر الثاني هو ادراك قريش لطهارة البيت وقدسيته (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَيَأْتِي كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِأَطْيَبِ مَالِهِ وَلَا تَأْتُوا بِمَالٍ اكْتَسَبْتُمُوهُ مِنْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ حَرَامٍ) وإدراكهم ان الحجر اخص من البيت (حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَتَشَاجَرُوا فِيهِ أَيُّهُمْ يَضَعُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ)ـ وأما الامر الثالث فهو ان حمل الحجر في الظاهر= يرمز الى حمل ما يرمز له الحجر

                      • وبما ان الحجر يرمز الى العهد والميثاق الذي اخذ على العباد لإطاعة خليفة الله فمحمد (ص) هو صاحب العهد والميثاق وهو خليفة الله الحقيقي الكامل
                      • وبما ان الحجر يشير الى الخطيئة فمحمد (ص) بحمله له يكون هو الحامل الحقيقي للخطيئة والمتحمل للعناء لاجل انقاذ اصحاب الخطيئة الناسين للعهد والميثاق
                      • وبما ان الحجر يشير الى القائم الذي يقيم حاكمية الله في آخر الزمان فمحمد (ص) بحمله له يكون هو الحامل في صلبه ذلك الخليفة الآتي أي انه من ذريته.


                      • اشارة الحجر الاسود الى حامل الخطيئة والى لون الراية التي يحملها القائم (ع)

                      قال الامام احمد الحسن (ع) :
                      ((فمحمد (ص) حمل الحجر الأسود وهذه إشارة إلى أن القائم وحامل الخطيئة وحامل الراية السوداء التي تشير إليها سيخرج من محمد (ص)، وأيضاً محمد (ص) هو من يحمله في صلبه؛ لأنه مستودع في فاطمة بنت محمد (ص)، ولذا يكون حامل الخطيئة الحقيقي هو رسول الله محمد (ص).أما اللون الأسود الذي شاء الله أن يكتسي به هذا الحجر فهو يشير إلى ذنوب العباد ويذكرهم بخطاياهم لعلهم يتوبون ويستغفرون وهم في بيت الله، وهو نفسه لون رايات قائم الحق قائم آل محمد السوداء، فالرايات السود تشير إلى الحجر والحجر يشير إليها وكلاهما يشيران بلونهما الأسود إلى خطيئة نقض العهد والميثاق المأخوذ على الخلق في الذر، وأيضاً يشيران إلى ما يتحمله من عناء حامل هذه الخطيئة - وحامل الراية السوداء التي تشير إلى الخطيئة - العبد الذي أوكل بكتاب العهد والميثاق وهو الحجر الأسود وهو قائم آل محمد.))

                      • ارتباط الحجر بمسالة الفداء في الدين الالهي وبيان معنى تحمل الرسل لخطايا اممهم
                      قال الامام احمد الحسن (ع) :((والحجر مرتبط بمسألة الفداء الموجودة في الدين الإلهي وعلى طول المسيرة المباركة لهذا الدين فدين الله واحد؛ لأنه من عند واحد، والفداء قد ظهر في الإسلام بأجلى صورة في الحسين (ع)، وقبل الإسلام تجد الفداء في الحنيفية دين إبراهيم (ع) بإسماعيل، وتجده أيضاً بعبد الله والد الرسول محمد (ص)، وأيضاً تجده في اليهودية دين موسى (ع) بيحيى بن زكريا (ع)، وتجده في النصرانية بالمصلوب وبغض النظر عن كون النصارى يتوهمون أن المصلوب هو عيسى (ع) نفسه فإنهم يعتقدون بأن المصلوب هو حامل الخطيئة ومعتقداتهم وإن كان بها تحريف ولكن هذا لا يعني أنها جميعاً جاءت من فراغ تام وليس لها أي أصل في دين الله سبحانه حرفت عنه، بل كثير من العقائد المنحرفة في الحقيقة هي تستند إلى أصل ديني أخذه علماء الضلال غير العاملين وحرفوه وبنوا عليه عقيدة فاسدة، فقضية كون الرسل يتحملون بعض خطايا أممهم ليسيروا بالأمة ككل إلى الله موجودة في دين الله ولم تأتِ من فراغ، ويمكنك مراجعة نصوص التوراة مثلاً للإطلاع على تحمل موسى (ع) عناءً إضافياً لما يقترفه قومه من الخطايا، ورسول الله محمد (ص) تحمل خطايا المؤمنين.قال تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾، وتفسيرها في الظاهر أنه تحمل خطايا أمته وغفرها الله له.عن عمر بن يزيد بياع السابري، قال: قلت لأبي عبد الله (ع): (قول الله في كتابه: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ﴾، قال: ما كان له من ذنب ولا همّ بذنب، ولكن الله حمّله ذنوب شيعته ثم غفرها له).وتحمل الرسل لخطايا أممهم لا يعني أنهم يتحملون خطيئة نقض العهد والميثاق عن منكري خلفاء الله الذين يموتون على هذا الإنكار، بل هم يتحملون خطيئة من غفل عن تذكر العهد والميثاق ونقضه مدة من الزمن في هذه الحياة الدنيا، كما أن تحملهم لخطايا أممهم لا يعني أنهم يصبحون أصحاب خطيئة عوضاً عن أممهم، بل معناه: أنهم يتحملون أثقالاً إضافية وعناءً إضافياً في تبليغ رسالاتهم في هذه الدنيا للناس، وهذا طبعاً بإرادتهم هم؛ لأنهم هم من يطلب هذا، فالأب الرحيم بأبنائه يتحمل نتائج أخطائهم في كثير من الأحيان، وإن كانت تسبب له عناءً ومشقة، وربما الآلام وقتل في سبيل الله كما هو الحال في الحسين (ع)؛ وذلك لأن الأب يرجو صلاح أبنائه في النهاية، وربما كثيرون لا يتذكرون العهد حتى يراق دم أبيهم ولي الله فيكون سبباً لتذكرهم العهد والميثاق، ولهذا تجد الحسين (ع) الذي شاء الله أن يجعله سبباً لتذكر عدد كبير من الخلق قد ترك الحج وأقبل يحث الخطى إلى مكان ذبحه (ع).))
                      • انكار فضل الحجر ممن ينكر العهد والميثاق (مثال عمر) ...

                      قال الامام احمد الحسن (ع) :
                      ((أما علاقة الحجر بخطيئة آدم (ع) فهذا أمر قد تكفل الأئمة (ع) بيانه، وإن كان ربما خفي فيما مضى على الناس لعلة أرادها الله سبحانه، بل وعلاقة الحجر بخطايا الخلق أيضاً قد تكفلوا بيانه، وقد بيَّن هذا الأمر رسول الله محمد (ص) بأوضح بيان بالعمل - عندما قبّل الحجر - ولكنه بيان لمن لهم قلوب ويعون أفعال محمد (ص) الحكيم الذي يعمل الحكمة، لا كعمر بن الخطاب الذي يصرح أنه لا يفهم لماذا رسول الله محمد (ص) قبّل الحجر ويصرح أن نفسه وحقيقته لا تتقبل تقبيل الحجر ولكنه يفعله فقط لأنه رأى رسول الله محمداً (ص) يفعل ذلك أمام آلاف المسلمين ولا يمكنه مخالفة محمد (ص)؛ لأنه يدعي أنه خليفته، فهو يسفه فعل محمد (ص) ويستن به مجبراً فأي مكر هذا.
                      روى البخاري ومسلم وأحمد: (أن عمر جاء إلى الحجر فقبّله وقال: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك).

                      وروى أحمد بسنده عن سويد بن غفلة، قال: (رأيت عمر يقبّل الحجر ويقول: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولكني رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم بك حفياً).

                      فعمر بن الخطاب عندما قبّل الحجر صرَّح بأنه كاره لهذا الفعل ومنكر له ومستخف بهذا الحجر وكونه الشاهد على العباد بالوفاء بالعهد والميثاق المأخوذ عليهم في الذر، ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾، وهذه إشارة جلية لمن لهم قلوب يفقهون بها، بأن عمر بن الخطاب منكر للعهد والميثاق المأخوذ ولذا فنفسه تشمئز من الحجر الشاهد، وبالتالي يحاول عمر إنكار كون الحجر شاهداً حقيقياً، فيخاطب عمر بن الخطاب الحجر الشاهد والحجر الأساس والحجر الأسود بقوله: (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع)، وبما أن الناس الذين كانوا يحيطون بعمر في هذا الموقف قد رأوا رسول الله محمداً (ص) حفي بهذا الحجر شديد الاهتمام به ويُقبِّل هذا الحجر ويسجد عليه، بل هم أنفسهم قد ورثوا عن حنيفية إبراهيم (ع) تقديس هذا الحجر والاهتمام به، لذا تدارك عمر قوله بفعله فقبَّل الحجر ولكن بعد ماذا ؟! بعد أن سفّه عمر تقبيل الحجر الأسود بأنه حجر لا يضر ولا ينفع، وبالتالي فلا حكمة في تقبيله، وبالتالي فإن عمر بقوله وفعله أراد أن يهمش الحجر الأسود وينفي كونه شاهداً، ويجعل تقبيل رسول الله (ص) للحجر وسجوده عليه أمراً مبهماً غير مفهوم خالٍ من الحكمة، والحقيقة أنه لو كان الحجر الأسود لا يضر ولا ينفع لكان فعل رسول الله (ص) وحاشاه خالياً من الحكمة، ولا يمكن أن يكون فعل رسول الله (ص) له معنى وحكيماً إن لم يكن هذا الحجر يضر وينفع بإذن الله وبحوله وقوته سبحانه، إذن فمشيئة الله أن يظهر ما يبطنه عمر من موقف تجاه الحجر أو العبد الموكل بالعهد والميثاق أو قائم آل محمد، وسبحان الله لا يضمر الإنسان سوءاً إلا أظهره الله في فلتات لسانه.))

                      • بيان أهمية الحجر بأقوال وأفعال محمد وآل محمد (ع)
                      ـ سجود الرسول (ص) عليه وتقبيله ((وقد تكفل رسول الله محمد (ص) ببيان أهمية الحجر الأسود وفضله، بأقواله وأفعاله، ويكفي أن تعرف أن رسول الله (ص) قبّله وسجد عليه ولم يسجد رسول الله (ص) على جزء من الكعبة غير الحجر الأسود وبلغ عظيم هذا الأمر وأهميته أن رسول الله (ص) قال: (استلموا الركن، فإنه يمين الله في خلقه، يصافح بها خلقه مصافحة العبد أو الدخيل، ويشهد لمن استلمه بالموافاة) ، والمراد بالركن أي الحجر الأسود؛ لأنه موضوع فيه.
                      وتابع الأئمة (ع) نهج رسول الله (ص) في بيان أهمية الحجر بأقوالهم وأفعالهم،
                      فبيّنوا أن الحجر هو حامل كتاب العهد والميثاق وأن آدم قد بكي أربعين يومياً ونصب مجلساً للبكاء بقرب الحجر ليكفر عن خطيئته في نقض العهد: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً﴾، وأن الحجر كان درة بيضاء تضيء ولكنه في الأرض تحول للسواد بسبب خطايا العباد، فهذه الكلمات والأفعال المباركة التي كرروها مرات أمام أصحابهم كلها تأكيد وبيان لأهمية الحجر الأسود ولعلاقة الحجر بالخطيئة الأولى، بل والخطايا على طول مسيرة الإنسانية في هذه الأرض.
                      عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: (سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) لِأَيِّ عِلَّةٍ وَضَعَ اللَّهُ الْحَجَرَ فِي الرُّكْنِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَلَمْ يُوضَعْ فِي غَيْرِهِ، وَلِأَيِّ عِلَّةٍ تُقَبَّلُ، وَلِأَيِّ عِلَّةٍ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ، وَلِأَيِّ عِلَّةٍ وُضِعَ مِيثَاقُ الْعِبَادِ وَالْعَهْدُ فِيهِ وَلَمْ يُوضَعْ فِي غَيْرِهِ، وَكَيْفَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ تُخْبِرُنِي جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ فَإِنَّ تَفَكُّرِي فِيهِ لَعَجَبٌ. قَالَ: فَقَالَ: سَأَلْتَ وَأَعْضَلْتَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاسْتَقْصَيْتَ فَافْهَمِ الْجَوَابَ وَفَرِّغْ قَلْبَكَ وَأَصْغِ سَمْعَكَ أُخْبِرْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَضَعَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَهِيَ جَوْهَرَةٌ أُخْرِجَتْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى آدَمَ (ع)، فَوُضِعَتْ فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ لِعِلَّةِ الْمِيثَاقِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ حِينَ أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَفِي ذَلِكَ الْمَكَانِ تَرَاءَى لَهُمْ، وَمِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ يَهْبِطُ الطَّيْرُ عَلَى الْقَائِمِ (ع)، فَأَوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ ذَلِكَ الطَّائِرُ وَهُوَ وَاللَّهِ جَبْرَئِيلُ (ع)، وَإِلَى ذَلِكَ الْمَقَامِ يُسْنِدُ الْقَائِمُ ظَهْرَهُ وَهُوَ الْحُجَّةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْقَائِمِ، وَهُوَ الشَّاهِدُ لِمَنْ وَافَاهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَالشَّاهِدُ عَلَى مَنْ أَدَّى إِلَيْهِ الْمِيثَاقَ وَالْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ (عز وجل) عَلَى الْعِبَادِ.
                      وَأَمَّا الْقُبْلَةُ وَالِاسْتِلَامُ فَلِعِلَّةِ الْعَهْدِ تَجْدِيداً لِذَلِكَ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ وَتَجْدِيداً لِلْبَيْعَةِ لِيُؤَدُّوا إِلَيْهِ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي الْمِيثَاقِ فَيَأْتُوهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيُؤَدُّوا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْعَهْدَ وَالْأَمَانَةَ اللَّذَيْنِ أُخِذَا عَلَيْهِمْ، أَ لَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوَافَاةِ وَوَاللَّهِ مَا يُؤَدِّي ذَلِكَ أَحَدٌ غَيْرُ شِيعَتِنَا، وَلَا حَفِظَ ذَلِكَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ أَحَدٌ غَيْرُ شِيعَتِنَا، وَإِنَّهُمْ لَيَأْتُوهُ فَيَعْرِفُهُمْ وَيُصَدِّقُهُمْ، وَيَأْتِيهِ غَيْرُهُمْ فَيُنْكِرُهُمْ وَيُكَذِّبُهُمْ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ غَيْرُكُمْ، فَلَكُمْ وَاللَّهِ يَشْهَدُ وَعَلَيْهِمْ وَاللَّهِ يَشْهَدُ بِالْخَفْرِ وَالْجُحُودِ وَالْكُفْرِ، وَهُوَ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَجِي‏ءُ وَلَهُ لِسَانٌ نَاطِقٌ وَعَيْنَانِ فِي صُورَتِهِ الْأُولَى يَعْرِفُهُ الْخَلْقُ وَلَا يُنْكِرُهُ، يَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ وَجَدَّدَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ عِنْدَهُ بِحِفْظِ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَيَشْهَدُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَنْكَرَ وَجَحَدَ وَنَسِيَ الْمِيثَاقَ بِالْكُفْرِ وَالْإِنْكَارِ.
                      فَأَمَّا عِلَّةُ مَا أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَهَلْ تَدْرِي مَا كَانَ الْحَجَرُ ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: كَانَ مَلَكاً مِنْ عُظَمَاءِ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ اللَّهِ، فَلَمَّا أَخَذَ اللَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمِيثَاقَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَأَقَرَّ ذَلِكَ الْمَلَكُ فَاتَّخَذَهُ اللَّهُ أَمِيناً عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ فَأَلْقَمَهُ الْمِيثَاقَ وَأَوْدَعَهُ عِنْدَهُ وَاسْتَعْبَدَ الْخَلْقَ أَنْ يُجَدِّدُوا عِنْدَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ الْإِقْرَارَ بِالْمِيثَاقِ وَالْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ (عز وجل) عَلَيْهِمْ، ثُمَّ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعَ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ يُذَكِّرُهُ الْمِيثَاقَ وَيُجَدِّدُ عِنْدَهُ الْإِقْرَارَ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَلَمَّا عَصَى آدَمُ وَأُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ أَنْسَاهُ اللَّهُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى وُلْدِهِ لِمُحَمَّدٍ (ص) وَلِوَصِيِّهِ (ع) وَجَعَلَهُ تَائِهاً حَيْرَانَ، فَلَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَى آدَمَ حَوَّلَ ذَلِكَ الْمَلَكَ فِي صُورَةِ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ فَرَمَاهُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى آدَمَ (ع) وَهُوَ بِأَرْضِ الْهِنْدِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ آنَسَ إِلَيْهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ جَوْهَرَةٌ وَأَنْطَقَهُ اللَّهُ (عز وجل) فَقَالَ لَهُ: يَا آدَمُ، أَ تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَجَلْ اسْتَحْوَذَ عَلَيْكَ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاكَ ذِكْرَ رَبِّكَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ مَعَ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ لآِدَمَ: أَيْنَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ ؟ فَوَثَبَ إِلَيْهِ آدَمُ وَذَكَرَ الْمِيثَاقَ وَبَكَى وَخَضَعَ لَهُ وَقَبَّلَهُ وَجَدَّدَ الْإِقْرَارَ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، ثُمَّ حَوَّلَهُ اللَّهُ (عز وجل) إِلَى جَوْهَرَةِ الْحَجَرِ دُرَّةً بَيْضَاءَ صَافِيَةً تُضِي‏ءُ، فَحَمَلَهُ آدَمُ (ع) عَلَى عَاتِقِهِ إِجْلَالًا لَهُ وَتَعْظِيماً، فَكَانَ إِذَا أَعْيَا حَمَلَهُ عَنْهُ جَبْرَئِيلُ (ع) حَتَّى وَافَى بِهِ مَكَّةَ فَمَا زَالَ يَأْنَسُ بِهِ بِمَكَّةَ وَيُجَدِّدُ الْإِقْرَارَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ (عز وجل) لَمَّا بَنَى الْكَعْبَةَ وَضَعَ الْحَجَرَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ؛ لِأَنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حِينَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ أَخَذَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَفِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَلْقَمَ الْمَلَكَ الْمِيثَاقَ وَلِذَلِكَ وَضَعَ فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ وَنَحَّى آدَمَ مِنْ مَكَانِ الْبَيْتِ إِلَى الصَّفَا وَحَوَّاءَ إِلَى الْمَرْوَةِ وَوَضَعَ الْحَجَرَ فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ، فَلَمَّا نَظَرَ آدَمُ مِنَ الصَّفَا وَقَدْ وُضِعَ الْحَجَرُ فِي الرُّكْنِ كَبَّرَ اللَّهَ وَهَلَّلَهُ وَمَجَّدَهُ فَلِذَلِكَ جَرَتِ السُّنَّةُ بِالتَّكْبِيرِ وَاسْتِقْبَالِ الرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ مِنَ الصَّفَا، فَإِنَّ اللَّهَ أَوْدَعَهُ الْمِيثَاقَ وَالْعَهْدَ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ (عز وجل) لَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَلِمُحَمَّدٍ (ص) بِالنُّبُوَّةِ وَلِعَلِيٍّ (ع) بِالْوَصِيَّةِ اصْطَكَّتْ فَرَائِصُ الْمَلَائِكَةِ، فَأَوَّلُ مَنْ أَسْرَعَ إِلَى الْإِقْرَارِ ذَلِكَ الْمَلَكُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَشَدُّ حُبّاً لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ (ص) مِنْهُ وَلِذَلِكَ اخْتَارَهُ اللَّهُ مِنْ بَيْنِهِمْ وَأَلْقَمَهُ الْمِيثَاقَ وَهُوَ يَجِي‏ءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ لِسَانٌ نَاطِقٌ وَعَيْنٌ نَاظِرَةٌ يَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ وَافَاهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَحَفِظَ الْمِيثَاقَ).))
                      ـ ابتداء رسول الله بالحجر وختمه به ((ورسول الله محمد (ص) دخل بيت الله فبدأ بالحجر وختم بالحجر وأمر أصحابه أن يكون آخر عهدهم بالبيت استلام الحجر، بل ويستحب أن يستلم الحجر في كل طواف، ومس الحجر يسبب غفران الذنوب وحط الخطايا، بل وسجد رسول الله محمد (ص) على الحجر الأسود ووضع جبهته عليه بعد أن قبَّله، فماذا يمكن أن تفهم من هذا غير أن الحجر هو أهم ما في البيت.عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع): (ذَكَرَ رسول الله (ص) الْحَجَّ فَكَتَبَ إِلَى مَنْ بَلَغَهُ كِتَابُهُ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ رسول الله (ص) يُرِيدُ الْحَجَّ يُؤْذِنُهُمْ بِذَلِكَ لِيَحُجَّ مَنْ أَطَاقَ الْحَجَّ ................... فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ وَذَكَرَ ابْنُ سِنَانٍ أَنَّهُ بَابُ بَنِي شَيْبَةَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ فَلَمَّا طَافَ بِالْبَيْتِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ (ع) وَدَخَلَ زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْماً نَافِعاً وَرِزْقاً وَاسِعاً وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَسُقْمٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: لِيَكُنْ آخِرُ عَهْدِكُمْ بِالْكَعْبَةِ اسْتِلَامَ الْحَجَرِ، فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا).وروى البهيقي عن ابن عباس، قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد على الحجر).))

                      • الحجر الاسود قبلة في ركعتي الطواف للساجدين العارفين وغيرهم
                      ((ولابد من الالتفات إلى أمر مهم جداً وهو أن رسول الله (ص) قد سن ركعتي الطواف عند مقام إبراهيم وكان رسول الله (ص) والأئمة (ع) يصلون عند مقام إبراهيم (ع)، والذي يقف في صلاته عند مقام إبراهيم (ع) يكون الحجر الأسود بين يديه وفي قبلته، وهذا يبين بوضوح تام انطباق هذه الآية على قائم آل محمد أو يوسف آل محمد أو الحجر الأسود: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾، وقد بيَّنت سابقاً ما معنى هذا السجود عندما بيَّنت تأويل هذه الآية في الإمام المهدي (ع)، ولكن السجود هنا عندما تأوّل في القائم يكون لفاطمة والسر المستودع فيها معاً، تماماً كما أن السجود للكعبة والحجر الأسود المودع فيها، فيكون هنا الشمس محمد (ص)، والقمر علي (ع)، والأحد عشر كوكباً هم الأئمة (ع) من ولد علي (ع) وفاطمة (ع)، وهم (الحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن ومحمد)، وسجودهم بمعنى أنهم يمهدون للقائم ولإقامة العدل وإنصاف المظلوم وبالخصوص أخذ حق صاحبة المظلومية الأولى والأعظم منذ خلق الله الخلق وإلى أن تقوم الساعة.
                      أما سجود بقية الخلق ممن فرض عليهم أن يسجدوا إلى الكعبة وبالتالي إلى الحجر الأسود فهو بمثابة إشارة واضحة وبيان أنهم بأجمعهم يمهدون للقائم سواء شاءوا أم أبوا،
                      قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾. فالكل يمهد للوارث أو القائم شاءوا أم أبوا، فالشمس والقمر والنجوم يمهدون للقائم، وأيضاً من حق عليه العذاب يمهد للقائم وكل بحسبه، فحركة الخلق ومسيرتهم العامة هي تمهيد للقائم الذي ينصِفُ المظلومين، وإن كان أكثر الخلق يجهلون هذا، تماماً كطوافهم بالكعبة والحجر الأسود المودع فيها، مع أنهم لا يكادون يفقهون شيئاً من طوافهم.))

                      تعليق :
                      الكلام واضح ولا يحتاج أي تعليق ولكن تبقى فقط مسالة تأويل الآية الكريمة فربما يشكل عليكم هذا الامر.وبيان هذه المسالة لا يحتاج الى تفسير فالامام احمد الحسن (ع) قد احكمها في مواضع اخرى (متفرقة) واعطى الحل الكامل للاشكال :
                      اولا بالنسبة للقرآن وكذلك الحال بالنسبة للكتب الاخرى كالتوراة والانجيل ولكلام الانبياء والاوصياء عليهم السلام فهو كلام حكمة وما جاء فيها من القصص وتفاصيل الرسالات السابقة يراد منها ان ينتفع منها الناس في المستقبل
                      فالهدف مثلا في قصة يوسف عليه السلام هو النبوة والرؤيا بالخصوص فـ((سرد القصص في القرآن يراد منه أن يتعظ الناس ولا يعيدوا الكرة مرة بعد أخرى، فموسى (ع) تذكر قصته في القرآن أكثر من مرة، وكل مرة يراد منها إعطاء صورة للقارئ تختلف عن سابقتها، وبهذا تكتمل عنده الصورة، بل ويصبح يعرف موسى (ع) إذا رآه من الأمام أو الجانب أو الخلف، والهدف القرآني ليس موسى بن عمران (ع) بعينه، بل الذي يأتي ويمثل موسى (ع)، وفي قصة يوسف (ع) فإن الهدف هو النبوة،
                      بل بالخصوص الرؤيا، وكونها طريقاً لوحي الله سبحانه وتعالى، فالمراد لفت الانتباه إلى علاقة الرؤيا بيوسف الآتي، يوسف آل محمد (المهدي)))
                      الآن اذا بينا ارتباط الرؤيا بالمهدي او القائم عليه السلام نكون قد حررنا الاشكال الاول وهو امكانية تاويل الآية في غير يوسف عليه السلام وفي زمن آخر.
                      ثم ننتقل الى الاشكال الثاني.
                      اما علاقة المهدي عليه السلام بيوسف عليه السلام فمن جهات عديدة بينها اهل البيت (ع) والقرآن الكريم بل والتوراة والإنجيل
                      اما الرابط الاول فهو خلافة الله والتمكين في الارض وكلاهما خليفتين لله (وان كان المهدي افضل مقاما من يوسف ع) وكلاهما يحكمان (وان كان حكم المهدي ع اشمل واكمل)
                      اما الرابط الثاني الذي ذكره اهل البيت (ع) فالسجن
                      عن الشيخ الصدوق قال حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهما قالا : حدثنا عبد الله ابن جعفر الحميري ، عن محمد بن عيسى ، عن سليمان بن داود ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : في صاحب هذا الامر أربع سنن من أربعة أنبياء ، سنة من موسى ، وسنة من عيسى ، وسنة من يوسف ، وسنة من محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، فأما من موسى فخائف يترقب ، وأما من يوسف فالسجن ، وأما من عيسى فيقال له : إنه مات ولم يمت ، وأما من محمد صلى الله عليه وآله فالسيف)) كمال الدين وتمام النعمة - الشيخ الصدوق - ص 152 – 153وهذا الحديث قد تكلف بعضهم تاويله فاخطؤوا في مواضعقال الشيخ الطوسي
                      وروى سليمان بن داود ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : في صاحب هذا الامر أربع سنن من أربعة أنبياء سنة من موسى ، وسنة من عيسى ، وسنة من يوسف ، وسنة من محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، أما [ من ] موسى فخائف ، يترقب ، وأما [ من ] يوسف فالسجن ، وأما [ من ] عيسى فيقال : مات ولم يمت وأما [ من ] محمد صلى الله عليه وآله فالسيف . فما تضمن هذا الخبر . من الخصال كلها حاصلة في صاحبنا . فإن قيل صاحبكم لم يسجن في الحبس . قلنا : لم يسجن في الحبس وهو في معنى المسجون لأنه بحيث لا يوصل إليه ولا يعرف شخصه على التعيين فكأنه مسجون .)) الغيبة - الشيخ الطوسي - ص 60
                      وهذا تكلف من الشيخ الطوسي اخطاء رحمه الله فيه كما اخطا في روايات القائم التي تصفه بانه يحيي بعدما يموت فهم عليهم السلام قالوا سنة من يوسف (ع) وهي السجن فلابد ان يكون هناك سجن واقعي
                      وقد شاء الله سبحانه وتعالى ان جرى على المهدي (ع) السجن مرتين :
                      ـ اولهما في قضية الصلب بدل عيسى (ع) حيث سجنه اليهود والرومان وعذبوه وصلبوه
                      ـ واما في زمن مملكته عليه السلام فهذا السجن وقع ليس عليه ولكن على انصاره بل ومنهم من سجن في مصر بالتحديد
                      فبعد مناظرات الوهابية على قناة صفا في نفس الارض التي سجن فيها يوسف (ع) أي مصر سجن انصار المهدي (ع) لانهم رفعوا رايته
                      وتحقق بذلك اخبار غيبي ثاني مقترنا بالاخبار الاول الا وهو قوله عليه السلام : ((…مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا…)).
                      بل ان ((يوسف في زمن ظهور الإمام المهدي (ع) هو وصيه (اليماني)، فقولهم (ع): إن فيه سنة من يوسف وهي السجن، قطعاً ليست في الإمام المهدي (ع)، لأنه لا يسجن كما هو معروف، بل هي في المهدي الأول (اليماني) ))((إذن فلابد أن تتكرر مع المهدي الأول قصة يوسف (ع) (بل وقصص الأنبياء والأئمة (ع))، فتكون الرؤيا محوراً أساسياً لإثبات حقه، كما كانت محوراً أساسياً لإثبات حق يوسف (ع)))
                      والامر الثالث وهو المحور الاساسي في قصة يوسف (ع) ـ قد تكلف ببيانه الامام احمد الحسن (ع) في الاضاءات ـ وهو الرؤيا وكونها كلمات الله ووحيه وكونها طريق لمعرفة خلفاءه (ع)
                      ((عن عبد الله بن عجلان، قال: (ذكرنا خروج القائم (ع) عند أبي عبد الله (ع) فقلت: كيف لنا نعلم ذلك ؟ فقال (ع): يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة اسمعوا وأطيعوا )
                      ((وهذه الصحيفة هي رؤيا رآها النائم قبل أن يستيقظ صباحاً.))
                      عن البيزنطي، قال: (سألت الرضا (ع) عن مسألة الرؤيا، فأمسك ثم قال (ع): إنا لو أعطيناكم ما تريدون لكان شراً لكم وأخذ برقبة صاحب هذا الأمر(ع))
                      (( أي أن الرؤيا مرتبطة برقبة صاحب هذا الأمر، أي أن الرؤيا دليل يدل المؤمنين على المهدي الأول.))
                      عن أبي بكر الحضرمي، قال: (دخلت أنا وأبان على أبي عبد الله (ع) وذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان، فقلنا: ما ترى، فقال: اجلسوا في بيوتكم فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح)
                      ((واجتماع أهل البيت (ع) على رجل في زمن الظهور لا يكون إلا في الرؤيا.))
                      اذا عرفنا هذا فقد انحل الاشكال الاول
                      فيكون عندنا تفسير الرؤيا وتاويلها في زمن يوسف (ع) هكذا :
                      ((...هذه رؤيا رآها يوسف (ع) وقد تحققت، ومعناها: الشمس والقمر، يعقوب (ع) وراحيل أم يوسف، والأحد عشر كوكباً إخوة يوسف، وسجودهم ليوسف (ع) أي إنّ يوسف قبلة لهم.
                      والقبلة تقصد ويحجّ إليها ، وقد تحقق هذا فقد قصدوا في النهاية يوسف (ع)، وحجوا إليه واستقروا معه في مصر، وبقيت ذرية يعقوب (ع) في مصر إلى أن بعث موسى (ع) وأخرجهم من مصر، هذا فيما مضى وخبر من كان قبلكم. ))
                      واما فيما بقي اي بعد زمان يوسف عليه السلام
                      ـ بالامام المهدي (ع)
                      ((فالشمس: رسول الله محمد (ص)، والقمر: علي (ع)، والأحد عشر كوكباً هم: فاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي (ع)، أما يوسف فهو الإمام المهدي (ع).
                      وسجودهم له:
                      أي إنه يُقصد إليه وقبلتهم التي يرومون الوصول إليها صلوات الله عليهم فهو خاتمهم، والإمام المهدي (ع) هو المنفذ لشريعة الله في أرضه، والرسول محمد (ص) جاء بالشريعة الإسلامية ليطبقها وينفذها في النهاية الإمام المهدي (ع)، فالرسول (ص) والإمام علي (ع) وفاطمة (ع) والأئمة (ع) جميعهم ممهدون لدولة لا إله إلا الله التي سيقيمها الإمام المهدي (ع) على الأرض، بل إنه صلوات الله عليه قبلة جميع الأنبياء والمرسلين، فجميعهم مهدوا ويمهدون لإعلاء كلمة الله، والإمام المهدي (ع) هو من سيعلي كلمة الله، فهو قبلة لهم من حيث إنه منفذ شريعة الله.
                      ولا تتوهم أنّ القبلة أفضل ممن يستقبلها على الدوام، فرسول الله محمد (ص) يستقبل الكعبة وهو أفضل منها قطعاً. وقد رآه رسول الله (ص) في المعراج هو والأئمة (ع) وقد ميزه رسول الله (ص) عنهم، فقال ما معناه: وقائمهم في أوسطهم وكأنه كوكب دري ؛ وذلك لأن نوره سيشرق على كل بقعة في الأرض وسلطانه سيهيمن على كل الأرض ، قال تعالى : ﴿ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ﴾ ، ورب الأرض : هو الإمام المهدي (ع) كما ورد عنهم (ع).))

                      ـ تاويل الرؤيا بالقائم المهدي الاول (ع)
                      ((ولكن السجود هنا عندما تأوّل في القائم يكون لفاطمة والسر المستودع فيها معاً، تماماً كما أن السجود للكعبة والحجر الأسود المودع فيها، فيكون هنا الشمس محمد (ص)، والقمر علي (ع)، والأحد عشر كوكباً هم الأئمة (ع) من ولد علي (ع) وفاطمة (ع)، وهم (الحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن ومحمد)،وسجودهم بمعنى أنهم يمهدون للقائم ولإقامة العدل وإنصاف المظلوم وبالخصوص أخذ حق صاحبة المظلومية الأولى والأعظم منذ خلق الله الخلق وإلى أن تقوم الساعة. ))
                      ـ وهنا ربما يطرح الاشكال الاخير وهو مركب
                      ـ تعدد المصاديق فمرة يوسف ع يكون هو المهدي عليه السلام ومرة يكون الامام المهدي (ع) وهما في موجودان في زمن واحد او على الاقل توجد فترة زمنية يوجد فيها الاثنان معا (ع)
                      ومن جهة اخرى في التاويل بالمهدي الاول يكون يوسف هو المهدي الاول (ع) ولكن السجود يكون لفاطمة (ع) وله (ع) معا
                      وهذا ايضا قد تكفل ببيانه الامام احمد الحسن (ع) في كتاب الحواري الثالث عشر فلنتتبع كلماته (ع) ونرتبها بالوضع الذي ينفع لرد الاشكال هنا
                      قلنا ان الآية يمكن ان تؤول في غير يوسف (ع) وفي زمن آخر
                      وهذا ينتج منه اذن ان الرؤيا نفسها تؤول في زمن آخر
                      وبما انها قد نزلت في القرآن الكريم أي في زمن النبي محمد (ص) فستكون اذن (عند تاويلها بغير يوسف الماضي) كرؤيا تخبر عن أحداث قادمة وتتناسب مع رموز الرؤيا
                      قال الامام احمد الحسن (ع) :
                      ((الرؤيا عندما تبين أحداث فهي تبين أمور غيبية تحدث في المستقبل عادة، وإلا فما معنى أن نرى ماحصل أمس في رؤيا لنخبر به الناس مثلاً ونحن أصلاً نعرفه، وأي فائدة ستترتب على إخبار الناس به))
                      والأحداث القادمة بالنسبة لزمن رسول الله (ص) هي إقامة دولة العدل الالهي والتمكين لخليفة الله (ع) محمد بن الحسن (ع) الذي سيجلس على العرش
                      ولكن ليس فقط !
                      فهذا الحدث يحتوي على احداث اخرى يراد ايصالها للناس لا تقل اهمية عنه وهي ان الممهد الرئيسي لهذا الحدث هو خليفة الهي آخر وهو المهدي الاول وصي ورسول الامام المهدي (ع) والذي سيبقى بعد ظهور الامام المهدي (ع) وبعد التمكين ويكون هو وذريته عليهم السلام من يحكمون في هذه الدولة المباركة
                      قال الامام احمد الحسن (ع) ((يجب الالتفات إلى أنّ الرؤى هي كلمات الله، وبالتالي فهي كالقرآن والتوراة والإنجيل تجري في أحوال مجرى الشمس والقمر من حيث التجدد وانطباقها على أكثر من مصداق في أزمان مختلفة، ومن حيث كونها رموزاً ولها معاني متعددة، فالشمس والقمر في الرؤيا يمكن أن يكونا الرسول والوصي،أوالأم والأب الجسمانيين،أوالأم والأب الروحانيين، وكذا في أحيان يمكن أن ترى شخصاً في الرؤيا والمراد ليس هو بل اسمه فقط، وربما ترى مدينة وليست هي المقصودة بل مدينة تشابهها في بعض صفاتها،أو ربما اسمها.
                      فالرؤى كلمات الله وربما جاءت برموز وبإشارات وبحكمة إلهية تماماً كما هو الوحي وكلام الأنبياء وكلام الله في كتبه المنزلة.))
                      إذا تبين هذا أقول: لم يبقى أي اشكال والحمد لله في ان يكون التاويل الاول في الامام المهدي (ع) وفي التاويل الثاني يكون السجود لفاطمة (ع) كونها تحمل السر المستودع فيها المهدي الاول.
                      اما كون محمد بن الحسن (ع) مرة هو يوسف ومن ضمن الساجدين في المرة الثانية (او كون فاطمة (ع) قبلة في تاويل وقبلة في التاويل الآخر)
                      فلا اشكال فيه ايضا بعدما تبين المقصود من السجود والمراد من القبلة
                      فالامام المهدي (ع) قبلة من حيث كونه هو الحاكم الالهي في دولة العدل الالهي
                      وهو ايضا قد مهد لابنه المهدي الاول (ع) لانه يظهر قبله في زمن الظهور المبارك وايضا هو وارثه والذي يحكم بعده (ع).

                      • الحجر في التوراة والانجيل
                      • الحجر من امة اخرى غير اليهود والنصارى وهو علة اعطاء الملكوت لأمة اخرى

                      ((أما في الأديان السابقة فقد ذكر الحجر أيضاً في التوراة والإنجيل:
                      (قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية ومن قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا لذلك أقول لكم أن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى الأمة التي تعمل إثماره ومن سقط عليه هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه).
                      فالحجر الذي تكلم عنه عيسى (ع) هو في أمة أخرى غير الأمة التي كان يخاطبها، فالملكوت ينزع من الأمة التي كان يخاطبها عيسى (ع)، وهم بنو إسرائيل والذين آمنوا بعيسى (ع) - لأنه كان يخاطب بهذا الكلام تلاميذه المؤمنين به وغيرهم من بقية الناس - ويعطى للأمة المرتبطة بالحجر التي تعمل إثمار الملكوت، فكلام عيسى (ع) واضح كل الوضوح؛ أنه في بيان فضل حجر الزاوية، وإن الملكوت سينزع في النهاية ممن يدعون أتباع عيسى ويعطى لأمة الحجر وهم أمة محمد وآل محمد (ص)، فعيسى (ع) ربط بحكمة بين الحجر وبين الأمة التي تعطى الملكوت في النهاية، وأيضاً قابل هذه الأمة ببني إسرائيل ومن يدعون اتباعه وبيَّن أنهم لن يناولوا الملكوت في النهاية، فعيسى (ع) جعل الحجر علة إعطاء الملكوت لأمة أخرى غير الأمة التي تدعي اتباع موسى (ع) وعيسى (ع)، أي إن من يشهد لهم الحجر بأداء العهد والميثاق ومن ينصرونه هم من سيرثون الملكوت سواء كان في هذه الأرض بإقامة حاكمية الله، أم في السماوات عندما يكشف الله لهم عن ملكوته ويجعلهم ينظرون فيه، أم في النهاية عندما يسكنهم الله الجنان في الملكوت. ))

                      تعليق :
                      يمكن ان يقال ان عيسى (ع) كان يخاطب اليهود الكتبة والفريسيين ومن لم يؤمن به والشاهد على ذلك ان الكلام كان ولكي يتضح الامر سوف انقل الاصحاح باكمله من انجيل متى الذي جاء فيه النص إنجيل متى الإصحاح 21 : ((1 ولما قربوا من أورشليم وجاءوا إلى بيت فاجي عند جبل الزيتون، حينئذ أرسل يسوع تلميذين2 قائلا لهما: اذهبا إلى القرية التي أمامكما، فللوقت تجدان أتانا مربوطة وجحشا معها، فحلاهما وأتياني بهما 3 وإن قال لكما أحد شيئا، فقولا: الرب محتاج إليهما. فللوقت يرسلهما 4 فكان هذا كله لكي يتم ما قيل بالنبي القائل 5 قولوا لابنة صهيون: هوذا ملكك يأتيك وديعا، راكبا على أتان وجحش ابن أتان 6 فذهب التلميذان وفعلا كما أمرهما يسوع 7 وأتيا بالأتان والجحش، ووضعا عليهما ثيابهما فجلس عليهما 8 والجمع الأكثر فرشوا ثيابهم في الطريق. وآخرون قطعوا أغصانا من الشجر وفرشوها في الطريق 9 والجموع الذين تقدموا والذين تبعوا كانوا يصرخون قائلين: أوصنا لابن داود مبارك الآتي باسم الرب أوصنا في الأعالي 10 ولما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها قائلة: من هذا11 فقالت الجموع: هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل 12 ودخل يسوع إلى هيكل الله وأخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل، وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام 13 وقال لهم: مكتوب: بيتي بيت الصلاة يدعى. وأنتم جعلتموه مغارة لصوص 14 وتقدم إليه عمي وعرج في الهيكل فشفاهم 15 فلما رأى رؤساء الكهنة والكتبة العجائب التي صنع، والأولاد يصرخون في الهيكل ويقولون: أوصنا لابن داود، غضبوا 16 وقالوا له: أتسمع ما يقول هؤلاء؟ فقال لهم يسوع: نعم أما قرأتم قط: من أفواه الأطفال والرضع هيأت تسبيحا 17 ثم تركهم وخرج خارج المدينة إلى بيت عنيا وبات هناك 18 وفي الصبح إذ كان راجعا إلى المدينة جاع 19 فنظر شجرة تين على الطريق، وجاء إليها فلم يجد فيها شيئا إلا ورقا فقط. فقال لها: لا يكن منك ثمر بعد إلى الأبد. فيبست التينة في الحال 20 فلما رأى التلاميذ ذلك تعجبوا قائلين: كيف يبست التينة في الحال 21 فأجاب يسوع وقال لهم : الحق أقول لكم: إن كان لكم إيمان ولا تشكون، فلا تفعلون أمر التينة فقط، بل إن قلتم أيضا لهذا الجبل: انتقل وانطرح في البحر فيكون 22 وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه 23 ولما جاء إلى الهيكل تقدم إليه رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب وهو يعلم، قائلين: بأي سلطان تفعل هذا؟ ومن أعطاك هذا السلطان 24 فأجاب يسوع وقال لهم : وأنا أيضا أسألكم كلمة واحدة، فإن قلتم لي عنها، أقول لكم أنا أيضا بأي سلطان أفعل هذا 25 معمودية يوحنا: من أين كانت؟ من السماء أم من الناس؟ ففكروا في أنفسهم قائلين: إن قلنا: من السماء، يقول لنا: فلماذا لم تؤمنوا به 26 وإن قلنا: من الناس ، نخاف من الشعب، لأن يوحنا عند الجميع مثل نبي 27 فأجابوا يسوع وقالوا : لا نعلم. فقال لهم هو أيضا: ولا أنا أقول لكم بأي سلطان أفعل هذا 28 ماذا تظنون؟ كان لإنسان ابنان، فجاء إلى الأول وقال: يا ابني، اذهب اليوم اعمل في كرمي 29 فأجاب وقال: ما أريد. ولكنه ندم أخيرا ومضى 30 وجاء إلى الثاني وقال كذلك. فأجاب وقال: ها أنا يا سيد. ولم يمض 31 فأي الاثنين عمل إرادة الأب؟. قالوا له: الأول. قال لهم يسوع: الحق أقول لكم: إن العشارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله 32 لأن يوحنا جاءكم في طريق الحق فلم تؤمنوا به، وأما العشارون والزواني فآمنوا به. وأنتم إذ رأيتم لم تندموا أخيرا لتؤمنوا به 33 اسمعوا مثلا آخر: كان إنسان رب بيت غرس كرما، وأحاطه بسياج، وحفر فيه معصرة، وبنى برجا، وسلمه إلى كرامين وسافر34 ولما قرب وقت الأثمار أرسل عبيده إلى الكرامين ليأخذ أثماره 35 فأخذ الكرامون عبيده وجلدوا بعضا وقتلوا بعضا ورجموا بعضا 36 ثم أرسل أيضا عبيدا آخرين أكثر من الأولين، ففعلوا بهم كذلك 37 فأخيرا أرسل إليهم ابنه قائلا: يهابون ابني 38 وأما الكرامون فلما رأوا الابن قالوا فيما بينهم: هذا هو الوارث هلموا نقتله ونأخذ ميراثه 39 فأخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه 40 فمتى جاء صاحب الكرم ، ماذا يفعل بأولئك الكرامين 41 قالوا له: أولئك الأردياء يهلكهم هلاكا رديا، ويسلم الكرم إلى كرامين آخرين يعطونه الأثمار في أوقاتها 42 قال لهم يسوع: أما قرأتم قط في الكتب: الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية؟ من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا 43 لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى لأمة تعمل أثماره 44 ومن سقط على هذا الحجر يترضض، ومن سقط هو عليه يسحقه 45 ولما سمع رؤساء الكهنة والفريسيون أمثاله، عرفوا أنه تكلم عليهم 46 وإذ كانوا يطلبون أن يمسكوه، خافوا من الجموع، لأنه كان عندهم مثل نبي))الاصل اذن تبين وهو ان عيسى (ع) كان يكلم الجميع ويخاطب بخطابه الجميع وليس فقط رؤساء الكهنة والفريسيين
                      بل ان هؤلاء اصلا كانوا منكرين ليحيى (ع) فاي ملكوت يكون لهم حتى ينزع منهم ((الحق أقول لكم: إن العشارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله 32 لأن يوحنا جاءكم في طريق الحق فلم تؤمنوا به، وأما العشارون والزواني فآمنوا به. وأنتم إذ رأيتم لم تندموا أخيرا لتؤمنوا به)) ايضا نلاحظ كيف ان كاتب الانجيل بين بكل وضوح ان الكلام كان عاما وشاملا : ((ولما سمع رؤساء الكهنة والفريسيون أمثاله، عرفوا أنه تكلم عليهم)) أي ان يسوع كان في الحقيقة يتكلم بامثال للجميع ويخاطب الجميع ولذلك اضاف كاتب انجيل متى ((عرفوا انه تكلم عليهم)) وهو تاويل منه وهو لا يلزمنا بل يلزم المعترض فلو كان عيسى (ع) يقصد فقط الفريسيين ورؤساء الكهنة فلما احتاج "متى" الى اضافة هذه الجملة الاخيرة !!

                      • النقض على من يقول ان عيسى هو المقصود بحجر الزواية
                      ومن يريد أن يُفسِّر هذا الكلام بصورة أخرى ويقول إن عيسى أراد بهذا الكلام نفسه ويصر على هذا القول فإنه يغالط ولا يطلب معرفة الحقيقة، وإلا فليقرأ أصل القول وهو لداود (ع) في المزامير فأيضاً يمكن أن يقول اليهود إن داود قصد نفسه، وهكذا لا ينتهي الجدل ولكن الحقيقة أن داود (ع) وعيسى (ع) أرادوا المخلص الذي يأتي باسم الرب في آخر الزمان، وقد بشَّر به عيسى (ع) في مواضع أخرى في الإنجيل وسماه المعزي والعبد الحكيم وهنا سماه حجر الزاوية، فيكون السؤال: من هو الذي عرف أو يمكن أن يعرف بأنه حجر الزاوية، هل إن داود أو عيسى (عليهما السلام) عرفوا بأنهم حجر الزاوية في بيت الرب أو ذكروا في موضع آخر على أنهم حجر الزاوية في بيت الرب، وهل هناك حجر موضوع في زاوية بيت الرب أو الهيكل عند اليهود والنصارى يدل على داود أو عيسى (عليهما السلام) ؟ الحقيقة أن هذا غير موجود ولكنه موجود في الأمة الأخرى من ولد إبراهيم (ع)، وفي بيت الرب الذي بناه إبراهيم (ع) وإسماعيل (ع) ابنه، وموجود في الزاوية وبالذات الزاوية التي اسمها الركن العراقي، وكل هذه الأمور تشير إلى أمر واحد هو المخلص الذي يأتي في آخر الزمان أو الذي أشار إليه داود في المزامير أنه حجر الزاوية والآتي باسم الرب.
                      (...............19
                      افتحوا لي أبواب البر. أدخل فيها وأحمد الرب. 20 هذا الباب للرب. الصديقون يدخلون فيه. 21 أحمدك لأنك استجبت لي وصرت لي خلاصاً. 22 الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية. 23 من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا 24 هذا هو اليوم الذي صنعه الرب. نبتهج ونفرح فيه. 25 آه يا رب خلص. آه يا رب أنقذ. 26 مبارك الآتي باسم الرب. باركنا كم من بيت الرب .........)

                      .
                      تعليق : النقض اعلاه واضح ولا يرده الا معاند ولا باس ان نضيف بعض الملاحظات لمن يعاند فنقول : ان النص لم يطبقه عيسي (ع) على نفسه ولا حتى "متى" مع انه (أي متى ) كان حريصا على التصريح بالنبؤات لتي تنطبق على عيسى (ع) فمثلا : (1 ولما قربوا من أورشليم وجاءوا إلى بيت فاجي عند جبل الزيتون، حينئذ أرسل يسوع تلميذين2 قائلا لهما: اذهبا إلى القرية التي أمامكما، فللوقت تجدان أتانا مربوطة وجحشا معها، فحلاهما وأتياني بهما 3 وإن قال لكما أحد شيئا، فقولا: الرب محتاج إليهما. فللوقت يرسلهما 4 فكان هذا كله لكي يتم ما قيل بالنبي القائل 5 قولوا لابنة صهيون: هوذا ملكك يأتيك وديعا، راكبا على أتان وجحش ابن أتان 6)بين متى كيف انها انطبقت على عيسى (ع) وكذلك ينقل متى تطبيق عيسى (ع) للنص التالي على نفسه : ((فلما رأى رؤساء الكهنة والكتبة العجائب التي صنع، والأولاد يصرخون في الهيكل ويقولون: أوصنا لابن داود، غضبوا 16 وقالوا له: أتسمع ما يقول هؤلاء؟ فقال لهم يسوع: نعم أما قرأتم قط: من أفواه الأطفال والرضع هيأت تسبيحا))وهذا النص موجود في العهد القديم ـ المزامير : ((من أفواه الأطفال والرضع أسست حمدا))بينما هنا لم يطبق النص الذي يتكلم عن حجر الزاوية عليه ولا قال ان الحجر رمز له بل هو ذكر حرفيا النص الاصلي من داود (ع) وتركه على حاله ولم يطبقه على نفسه ولا طبقه "متى" عليه.ونفس الامر نجده ايضا في موضع آخر ونص آخر وله ارتباط ايضا بالحجر والمخلص والمعزي الآتي في آخر الزمان ( 1 روح السيد الرب علي لان الرب مسحني لابشر المساكين ارسلني لاعصب منكسري القلب لانادي للمسبيين بالعتق و للماسورين بالاطلاق 2 لانادي بسنة مقبولة للرب و بيوم انتقام لالهنا لاعزي كل النائحين) سفر اشعياء ـ الاصحاح 61. ((...فنجد في الإنجيل عيسى (ع) في مقام الاستدلال والاحتجاج بالنص على دعوته احتج فقط بالموضع الخاص به وترك النبوة التي لا تخصه وتخص المعزي كما ترك هنا الاحتجاج بالنص على الحجر دون تطبيقه على نفسه :في انجيل لوقا ـ الاصحاح 4(16 و جاء الى الناصرة حيث كان قد تربى و دخل المجمع حسب عادته يوم السبت و قام ليقراء 17 فدفع اليه سفر اشعياء النبي و لما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوبا فيه 18 روح الرب علي لانه مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق و للعمي بالبصر و ارسل المنسحقين في الحرية 19 و اكرز بسنة الرب المقبولة 20 ثم طوى السفر و سلمه الى الخادم و جلس و جميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه 21 فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم) فعيسى (ع) وقف عند قوله (و اكرز بسنة الرب المقبولة ) ليبين بالدليل القطعي أن الفقرة (و بيوم انتقام لإلهنا لأعزي كل النائحين) فهي نص على شخص آخر وظيفته ان يعزي كل النائحين (أي الانبياء والاوصياء (ع) والمؤمنين بهم) فصح ان هذا الشخص يسمى "المعزي" والذي يأتي آخر الزمان فلذلك لم يقراء عيسى (ع) هذه الفقرة ولا احتج بها على دعوته. نعم عيسى (ع) نادى به وبشر به (ع) في آخر ايام رسالته (راجع يوحنا 14 ـ 15 ـ 16 ) وبين ان مجيئه لن يتحقق حتى ينطلق (... لانه إن لم انطلق لا يأتيكم المعزي ...) فثبت بما لم يبقى معه أي لبس ان هذه الفقرة من النص ليست خاصة بعيسى (ع) وإنما هي نص على المعزي السيد احمد الحسن (ع)....))
                      • تاكيد من التوراة ان المراد بحجر الزاوية هو المخلص في الرؤيا التي فسرها دانيال (ع)
                      وللتأكيد أكثر على أن المراد بحجر الزاوية في التوراة وفي الإنجيل هو المخلص الذي يأتي في آخر الزمان وفي العراق وهو قائم الحق أورد هذه الرؤيا التي رآها ملك العراق في زمن دانيال النبي (ع) وفسرها دانيال النبي (ع) وهي تكاد لا تحتاج إلى توضيح.
                      وهذا قول دانيال النبي (ع) لملك العراق وهو يخبره برؤياه وتفسيرها كما في التوراة الموجود: (................31 أنت أيها الملك كنت تنظر وإذا بتمثال عظيم هذا التمثال العظيم البهي جداً وقف قبالتك ومنظره هائل. 32 رأس هذا التمثال من ذهب جيد. صدره وذراعاه من فضة. بطنه وفخذاه من نحاس. 33 ساقاه من حديد. قدماه بعضهما من حديد والبعض من خزف. 34 كنت تنظر إلى أن قطع حجر بغير يدين فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما. 35 فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً وصارت كعصافة البيدر في الصيف فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان. أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلاً كبيراً وملأ الأرض كلها. 36 هذا هو الحلم. فنخبر بتعبيره قدام الملك 37 أنت أيها الملك ملك ملوك لأن إله السموات أعطاك مملكة واقتداراً وسلطاناً وفخراً. 38 وحيثما يسكن بنو البشر ووحوش البر وطيور السماء دفعها ليدك وسلطك عليها جميعها. فأنت هذا الرأس من ذهب. 39 وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر منك ومملكة ثالثة أخرى من نحاس فتتسلط على كل الأرض. 40 وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد لأن الحديد يدق ويسحق كل شيء وكالحديد الذي يكسر تسحق وتكسر كل هؤلاء. 41 وبما رأيت القدمين والأصابع بعضها من خزف والبعض من حديد فالمملكة تكون منقسمة ويكون فيها قوة الحديد من حيث إنك رأيت الحديد مختلطا بخزف الطين. 42 وأصابع القدمين بعضها من حديد والبعض من خزف فبعض المملكة يكون قوياً والبعض قصماً. 43 وبما رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطين فإنهم يختلطون بنسل الناس ولكن لا يتلاصق هذا بذاك كما أن الحديد لا يختلط بالخزف. 44 وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السموات مملكة لن تنقرض أبداً وملكها لا يترك لشعب آخر وتسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد. 45 لأنك رأيت أنه قد قطع حجر من جبل لا بيدين فسحق الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب. الله العظيم قد غرف الملك ما سيأتي بعد هذا. الحلم حق وتعبيره يقين).
                      إذن فالحجر أو المخلص الذي ينقض هيكل الباطل وحكم الطاغوت والشيطان على هذه الأرض، ويكون في ملكه نشر الحق والعدل في الأرض، يأتي في آخر الزمان ويأتي في العراق كما هو واضح في رؤيا دانيال، وهو الحجر الذي ينسف الصنم أو حكم الطاغوت والأنا، بينما لا عيسى (ع) ولا داود (ع) أرسلوا في العراق وفي آخر الزمان، فلا يمكن أن يكون أي منهما هو حجر الزاوية المذكور، بل تبين بوضوح من كل ما تقدم أن حجر الزاوية في اليهودية والنصرانية هو نفسه الحجر الأسود الموضوع في زاوية بيت الله الحرام في مكة.
                      فالحجر الأسود الموضوع في ركن بيت الله والذي هو تجلي ورمز للموكل بالعهد والميثاق، هو نفسه حجر الزاوية الذي ذكره داود وعيسى (عليهما السلام)، وهو نفسه الحجر الذي يهدم حكومة الطاغوت في سفر دانيال (ع)، وهو نفسه قائم آل محمد أو المهدي الأول الذي يأتي في آخر الزمان كما روي عن رسول الله محمد (ص) وأهل بيته (ع).

                      والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

                      أحمد الحسن

                      شوال/ 1430 هـ ق
                      ))

                      تعليق :
                      ((....الحجر في رؤيا دانيال هو الذي ينسف الصنم أو حكم الطاغوت والأنا فهو إذن رمز للمخلص الذي ينقض هيكل الباطل وحكم الطاغوت والشيطان على هذه الأرض.ولا معنى لتفسير المملكة التي يقيمها الله بالمملكة السماوية كما يفعل بعض المسيحيين فكل المملكات التي تتعاقب في الرؤيا ابتداءا من مملكة نبوخذنصر وانتهاءا بالمملكة الرابعة التي يسحقها الحجر هي على هذه الأرض (... أنت أيها الملك ... فأنت هذا الرأس من ذهب. 39 وبعدك تقوم مملكة أخرى ... ومملكة ثالثة أخرى من نحاس فتتسلط على كل الأرض. 40 وتكون مملكة رابعة ...... وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السموات مملكة لن تنقرض أبداً...)وإلا فما معنى قوله (وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم اله السماوات مملكة لن تنقرض أبدا و ملكها لا يترك لشعب أخر وتسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد) لو كانت المملكة في السماوات ؟؟!! وما معنى ان الحجر (صار جبلا كبيرا وملأ الأرض كلها ) ؟؟!!إذن : ـ الحجر هو المخلص و يكون ظهوره في العراق بالتحديد، ـ ويكون في ملكه نشر الحق والعدل في الأرض (فصار جبلا كبيرا وملأ الأرض كلهاـ تكون مملكته في الأرض وتبقى إلى الأبد (لن تنقرض أبداً ..........وهي تثبت إلى الأبد)،ـ والأمة المرتبطة بالحجر يعطى لها الملكوت ولا ينزع منها أبدا لان المملكة التي يقيمها الحجر(...ملكها لا يترك لشعب آخر...)ـ ويأتي في آخر الزمان كما بينه دانيال (ع) في نفس الإصحاح (28....يوجد اله في السماوات كاشف الاسرار و قد عرف الملك نبوخذنصر ما يكون في الأيام الأخيرة ...).ـ بقي أن نعرف ولو باختصار إلى ماذا يشير الجبل المقتطع منه الحجر ولماذا قيل "لا بيدين".
                      • من هو الجبل وما معنى أن الحجر مقتطع منه لا بيدين؟
                      ـ اعتقد أن الأمر لا يحتاج إلى عناء لفهم أن المقصود من الجبل الذي يكون المخلص جزء منه هو أيضا خليفة من خلفاء الله وعظيم عند الله بل وأعظم من الحجر فالحجر أو المخلص هو من ذرية ذلك الجبل.ولزيادة تأكيد أقول : نفس الرؤيا التي قال عنها دانيال أنها سمى فيها خليفة الله المخلص أو الحجر جبلا (فصار جبلا كبيرا وملأ الأرض كلها).فالجبل هنا هو خليفة الله الكامل محمد (ص) والسيد احمد الحسن (ع) بين انه ذلك الحجر المقتطع من محمد (ص) كما سيأتي بيانه. ـ أما كونه وصف بأنه (قطع لا بيدين) من الجبل فربما (والله العالم ) يشير إلى خفاء طريق انتسابه إلى الجبل فاليدين تشيران إلى الواسطة هنا في خروج الحجر من الجبل،أي أن ولادة المخلص من خليفة الله محمد (ص) تخفى على الناس كما يخفى على من ينظر لحجر مقتطع ويرى جبلا ولا يرى الواسطة بينهما....))

                      انتهى
                      والحمد لله


                      الهوامش

                      [62] - مستدرك سفينة البحار للنمازي الشاهرودي ج3 ص133.
                      [63]- الكافي: ج4 ص217.
                      [64]- الفتح: 2.
                      [65]- تفسير القمي: ج2 ص314.
                      [66]- الأعراف: 172.
                      [67]- المحاسن: ج1 ص65.
                      [68]- طه: 115.
                      [69]- الكافي: ج4 ص184 – 186، علل الشرائع: ج2 ص429 – 431.
                      [70]- الكافي: ج4 ص249.
                      [71] - البداية والنهاية لابن كثير ج5 ص173.
                      [72]- يوسف: 4.
                      [73]- الحج: 18.
                      [74]- انجيل متى الاصحاح الحادي والعشرون.
                      [75]- التوراة – مزامير – المزمور المائة والثامن عشر – العهد القديم والجديد ج1 – مجمع الكنائس الشرقية: ص915.
                      [76]- التوراة – سفر دانيال – الاصحاح الثاني.

                      * * *

                      اسئلة
                      لما اعان هذا العبد الاخ الانصاري ابو رحمات كاتب السؤال ؟
                      ما الحكمة من عدم اخباره بهويته ؟
                      لما اختلفت قريش في من يحمل الحجر ؟ ولما شاء الله ان يحمله النبي محمد ص ؟
                      الى ما يشير الحجر الاسود ؟ والى ما يشير لونه ؟
                      ما هو ارتباط الحجر بالفداء في الدين الالهي ؟
                      ما معنى تحمل الرسل لخطايا اممهم ؟
                      وما السر في تسفيه عمر للحجر وعدم رغبته في تقبيله ؟
                      كيف بين الرسول ص فضل الحجر ؟
                      ما معنى سجود محمد وآل محمد (ع) للحجر ؟ وما معنى سجود بقية الخلق له ؟
                      ما هي اوجه التشابه بين يوسف (ع) والقائم (ع) ؟
                      كيف يمكن فهم تعدد المصاديق : فمرة يوسف ع يكون هو المهدي عليه السلام ومرة يكون الامام المهدي (ع) وهما موجودان في زمن واحد ؟
                      (قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية ومن قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا لذلك أقول لكم أن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى الأمة التي تعمل إثماره ومن سقط عليه هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه) كيف تثبت ماهية الحجر في هذه الآيات ؟
                      بما ترد على مسيحي يخبرك بان الحجر هنا هو يسوع وانه كان يكلم الفريسيين ومن كفروا به عندما قال ان ملكوت الله ينزع منكم ؟
                      بين من التوراة وبالضبط من سفر دانيال كيف ان الحجر المقصود هو المخلص في آخر الزمان.
                      من هو الجبل في رؤيا دانيال واذكر فهما محتملا لمعنى أن الحجر مقتطع منه لا بيدين؟
                      Last edited by د. توفيق المغربي; 30-10-2013, 20:35.

                      Comment

                      • د. توفيق المغربي
                        مشرف
                        • 13-02-2012
                        • 259

                        #12
                        رد: تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي

                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        والحمد لله


                        تفسير قول الله سبحانه وتعالى :

                        ﴿إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً﴾


                        موسى عليه السلام ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا

                        السؤال/ 59 الجزء الثاني :

                        ما تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً﴾([22]) ؟
                        المرسل: إبراهيم رغيل
                        الجواب:

                        بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
                        يد الإنسان تَبْيضّ مع العدل وتَسْودّ مع الظلم في ملكوت السماوات، وهذا ما أظهره الله سبحانه وتعالى مع موسى (ع) في هذه الحياة الدنيا ﴿وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ﴾([23]). ﴿وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى﴾([24]).﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ﴾([25]). ﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ﴾([26]). والجناح والجيب ملاصق للصدر، وهو موضع اتصال روح الإنسان بجسده، أي: كأنّه يخرج ما في روحه من عدل وقدس وطهارة للناس في يده ليريهم حاله.
                        وأيام الله قريبة عند الله وعند أولياء الله، وبعيدة عند الكافرين ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً﴾([27])،([28]). وهي يوم قيام القائم ويوم الرجعة ويوم القيامة الكبرى ([29])، وعندها يرى الإنسان ويرى الناس ما في يد كل إنسان من عدل أو ظلم عندما تتكشف الحقائق لهم ([30])، ويرون ما لم يكونوا يرونه، عندها يندم المبطلون الظالمون، ويقولون: يا ليتنا جئنا بالولاية لولي الله وحجته على خلقه ﴿… يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً﴾([31]). وعلي ابن أبي طالب (ع) هو صاحب الولاية الكبرى، وهو أبو تراب ([32]).


                        السؤال/ 60: ورد في القران الكريم هذه الآية: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ ما المقصود بهذه الآية ؟
                        المرسل: فاضل
                        الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
                        قال تعالى: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً﴾([33]).
                        النعل في رجل أي إنسان يقيها، ولكنه أيضاً يُبطّئ من سرعة سيره. ولم يُرِد سبحانه وتعالى فقط النعلين الماديين اللتين تبطّئان من سرعة سيره (ع) للوصول إلى الشجرة التي كُلم منها، بل أيضاً كان سبحانه يريد من موسى (ع) أن ينزع من نفسه كل ما يعيقها في سيرها إلى الله سبحانه، فكان سبحانه يريد من موسى (ع) أن ينزع حبّه لما سوى الله، وأن ينزع خوفه مما سوى الله. فلا يقي نفسه بالخوف والحذر، بل بالله سبحانه وتعالى، ويكون حبّه لأي إنسان بالله ومن خلال حبّه لله سبحانه وتعالى ([34]).
                        والخوف من الطواغيت - كفرعون - من صفات العلماء غير العاملين، فقلوبهم مليئة بالخوف من الطاغوت، أو كما يسميهم الله سبحانه في القرآن الكريم بالحمير، قال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ …﴾ ([35])،([36]).
                        وقال تعالى: ﴿إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾([37]).
                        وقال تعالى: ﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ﴾([38])، ([39]).
                        ورد عن الصادق (ع) في تفسير هذا الخطاب الإلهي لموسى (ع): ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ﴾: (لأنّها كانت من جلد حمار ميّت) ([40])، فلم يرد الصادق (ع) إلاّ بيان هذه الصفة، وهي الخوف من الطاغوت على النفس وهي من صفات العلماء غير العاملين ([41]) أو الحمير، ولم يكن الصادق(ع) يريد أنّ في قلب موسى خوف من الطاغوت بعد دخوله ساحة القدس الإلهي.
                        فالله سبحانه وتعالى يقول لموسى (ع): أنت وصلت إلى ساحة القدس الإلهية، ﴿لا تَخَافُ دَرَكاً ولا تَخْشَى﴾؛ لأنّ الذي يدافع عنك هو الله، فأنت الآن في ساحة قدسه، الوادي المقدس طوى، ولم يكن في قلب موسى (ع) بعد أن وصل إلى ساحة القدس الإلهي أي خوف من الطواغيت، ولكنْ في هذا الخطاب الإلهي تعليم من الله سبحانه وتعالى لكل إنسان يريد الوصول إلى الساحة المقدّسة (الوادي المقدّس طوى)، أنّ عليه أولاً وليكون أهلاً أن يلج هذه الساحة المقدّسة، أن ينزع من قلبه الخوف من الطواغيت كفرعون، ويوقن أن الذي يدافع عنه هو الله سبحانه وتعالى القادر على كل شيء، في مقابل من لا يقدرون على شيء.
                        فالمطلوب من موسى (ع) الآن وهو يلج ساحة القدس، أن ينزع من قلبه الخوف مما سوى الله ولو كان مثقال ذرة، ثم أن يملأ قلبه خوفاً من الله سبحانه وتعالى.
                        أمّا قول موسى (ع): ﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾([42])، فقد أراد موسى (ع) الخوف على الرسالة الإلهية وليس على نفسه، فهو يخاف أن يقتلوه قبل أن يتم تبليغ الرسالة الإلهية المكلف بها، فلما أجابه الله تعالى بقوله: ﴿كَلَّا فَاذْهَبَا بِآياتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ﴾([43])، ذهب موسى مسرعاً إلى الطاغية، وأبلغه بالرسالة وبلّغ بني إسرائيل وأتم تبليغ الرسالة بفضل الله القادر على كل شيء.


                        هوامش : .


                        [22]- النبأ: 40.
                        [23]- الأعراف: 108، و الشعراء: 33.
                        [24]- طـه:22.
                        [25]- النمل: 12.
                        [26]- القصص: 32.
                        [27]- المعارج: 7.
                        [28]- وجاء في الدعاء عنهم (ع): (... اللهم وسر نبيك محمداً (ص) برؤيته، ومن تبعه على دعوته، وارحم استكانتنا بعده، اللهم اكشف هذه الغمة عن الأمة بحضوره، وعجل لنا ظهوره، إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً، العجل العجل يا مولاي يا صاحب الزمان، برحمتك يا أرحم الراحمين ...) بحار الأنوار: ج35 ص96 ، وأغلب كتب الأدعية. (المعلق).
                        [29]- عن أبي جعفر (ع) يقول: (أيام الله ثلاثة يوم يقوم القائم ويوم الكرة ويوم القيامة) بحار الأنوار: ج15 ص50. (المعلق).
                        [30]- ولذلك ترى أن الله تعالى يوم القيامة الكبرى يُظهر الكافرين والمنافقين على حقيقتهم السوداء المظلمة فتكون وجوههم سوداء كالحة وإن كانت في الدنيا بيضاء ناعمة، ويظهر المؤمنون بالولاية بوجوه بيضاء نيرة، وإن كانوا في هذه الدنيا بوجوه مغبرة من العناء والبلاء والاستضعاف من قبل الظالمين، ففي عالم الملكوت كل يظهر على حقيقته وباطنه.
                        عن جعفر بن محمد (ع) قال: (يحشر يوم القيامة شيعة علي رواءاً مرويين مبيضة وجوههم، ويحشر أعداء علي يوم القيامة وجوههم مسودة ظامئين) ثم قرأ: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ). بحار الأنوار: ج7 ص194.
                        وعن أبي جعفر (ع) قال: (إن رسول الله (ص) قال - وعنده نفر من أصحابه وفيهم علي بن أبي طالب (ع) - قال: إن الله تعالى إذا بعث الناس يوم القيامة يخرج قوم من قبورهم بياض وجوههم كبياض الثلج، عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن، وعليهم نعال من ذهب، شراكها - والله - من نور يتلالؤ، فيؤتون بنوق من نور عليها رحال الذهب قد وشحت بالزبرجد والياقوت، أزمة نوقهم سلاسل الذهب، فيركبونها حتى ينتهوا إلى الجنان، والناس يحاسبون ويغتمون و يهتمون وهم يأكلون ويشربون، فقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع): من هم يا رسول الله ؟ قال: هم شيعتك وأنت إمامهم، وهو قول الله تعالى: (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً) بحار الأنوار: ج7 ص194. (المعلق).
                        [31]- النبأ: من الآية40.
                        [32]- عن عباية ابن ربعي، قال: قلت لعبدالله بن عباس: لم كنى رسول الله (ص) علياً (ع) أبا تراب ؟ قال: لأنه صاحب الأرض وحجة الله على أهلها بعده وبه بقاؤها واليه سكونها، ولقد سمعت رسول الله (ص) يقول: إنه إذا كان يوم القيامة ورأى الكافر ما أعد الله تبارك وتعالى لشيعة علي من الثواب والزلفى والكرامة قال: يا ليتني كنت ترابا - يعني من شيعة علي - وذلك قول الله عزوجل: (وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً) علل الشرائع للشيخ الصدوق: ج1 ص156.
                        وعن أبي عبد الله (ع)، قال: (قوله تعالى: (يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً) يعني علوياً أتوالى أبا تراب) بحار الأنوار: ج7 ص194. (المعلق).
                        [33]- طـه:12.
                        [34]- قال الشيخ الصدوق (رحمه الله): وروي في قوله عزوجل: (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) أي خوفيك: خوفك من ضياع أهلك وخوفك من فرعون. كمال الدين وتمام النعمة: ص151.
                        وعن الإمام المهدي (ع) انه قال في حديث طول: (... إن موسى ناجى ربه بالواد المقدس فقال: يا رب إني قد أخلصت لك المحبة مني، وغسلت قلبي عمن سواك - و كان شديد الحب لأهله - فقال الله تعالى: (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) أي أنزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة، وقلبك من الميل إلى من سواي مغسولاً) كمال الدين وتمام النعمة: ص460. (المعلق).
                        [35]- الجمعة: 5.
                        [36]- قال الرسول محمد (ص) في حديث طويل: (... ويقول الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً). يا ابن مسعود، يأتي على الناس زمان الصابر على دينه مثل القابض على الجمرة بكفه. يقول (يقال) لذلك الزمان إن كان في ذلك الزمان ذئباً وإلا أكلته الذئب. يا ابن مسعود، علماؤهم وفقهاؤهم خونة، فجرة، ألا إنهم أشرار خلق الله وكذلك أتباعهم ومن يأتيهم ويأخذ منهم ويحبهم ويجالسهم ويشاورهم أشرار خلق الله، يدخلهم نار جهنم (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ) بحار الأنوار: ج47 ص98.
                        وقال علي بن إبراهيم القمي في تفسيرة: ج2 ص366: (ثم ضرب مثلا في بنى إسرائيل فقال: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً) قال: الحمار يحمل الكتب ولا يعلم ما فيها ولا يعمل بها، كذلك بنو إسرائيل قد حملوا مثل الحمار لا يعلمون ما فيه ولا يعملون به).
                        وقال الشيخ الطوسي (رحمه الله) في التبيان: ج10 ص5: (قال ابن عباس: الأسفار الكتب واحدها سفر؛ لأنها تكشف عن المعنى باظهار حاله، يقال: سفر الرجل عن عمامته إذا كشف، وسفرت المرأة عن وجهها وهي سافرة، وإنما مثلهم بالحمار؛ لأن الحمار الذي يحمل كتب الحكمة على ظهره لا يدري بما فيها، ولا يحس بها كمثل من يحفظ الكتاب ولا يعمل به، وعلى هذا من تلا القرآن ولم يفهم معناه وأعرض عن ذلك إعراض من لا يحتاج إليه كان هذا المثل لاحقاً به. وإن من حفظه وهو طالب لمعناه وقد تقدم حفظه فليس من أهل هذا المثل).(المعلق).
                        [37]- لقمان: 19.
                        [38]- المدثر:50.
                        [39]- نجد أن الأئمة (ع) لا ينفكون عن تشبيه العلماء غير العاملين بالحمير، فهنا نجد الإمام الصادق (ع) يطلق قوله تعالى: (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ) في حديثه مع يونس على العلماء الذين خالفوه وعارضوه وكان قطاع طريق دون الإمامة الحقة، المتمثلة بالإمام الصادق (ع) حيث قال: (... فهذه صفة من لم يعرف الله حق معرفته ولم يحبه حق محبته، فلا يغرنك صلاتهم وصيامهم ورواياتهم وعلومهم، فإنهم حمر مستنفرة. ثم قال: يا يونس، إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت، فإنا ورثناه و أوتينا شرع الحكمة وفصل الخطاب) بحار الأنوار: ج63 ص404. وهنا الإمام الصادق (ع) ينص على أن علة صحة علوم الأئمة وتفضيلهم على غيرهم؛ لأنهم ورثوا ذلك العلم عن جدهم رسول الله (ص) دون غيرهم من الناس، وهذا يدل على اختصاص أهل البيت (ع) بصفة (ورثة الأنبياء)، وإن كل من وصف نفسه بذلك غيرهم فهو سارق ما ليس له كائناً من كان. (المعلق).
                        [40]- علل الشرائع: ج1 ص66.
                        [41]- قال علي بن إبراهيم القمي في تفسيره: ج2 ص366: (قوله: (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) قال: إن في التوراة مكتوب أولياء الله يتمنون الموت). وقال المجلسي في البحار: ج6 ص125: (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) الخطاب وإن توجه ظاهراً إلى اليهود لكنه تعريض عام لكل من يدعي ولاية الله ويكره الموت). (المعلق).
                        [42]- الشعراء: 14.
                        [43]- الشعراء: 15.



                        ***********

                        الجواب المنير الجزء الخامس السؤال/465:

                        السؤال الرابع: ما تفسير قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي @ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي @ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي @ يَفْقَهُوا قَوْلِي @ وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي﴾([47]) ؟
                        والسؤال خامس: ما هو تفسير الخطبة الكوثرية ؟

                        ج س4: قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي @ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي @ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي @ يَفْقَهُوا قَوْلِي @ وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي﴾.
                        وقال تعالى: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ @ قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ @ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ @ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ﴾([48]).
                        دعاء موسى (ع) واضح بأنه طلب من الله الآتي:
                        اشْرَحْ لِي صَدْرِي.
                        وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي.
                        وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي.
                        يَفْقَهُوا قَوْلِي.
                        وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي.
                        وفي الآيات علل موسى (ع) طلبه (حل عقدة لسانه) بأنه ليفقهوا ما يقول. وأيضاً علل طلبه أن يشرح صدره؛ لأنه يخاف أن يضيق صدره ولا ينطلق لسانه.
                        النتيجة الواضحة؛ إن هناك مشكلة في النطق وإيصال المعلومة للآخرين عند موسى (ع)، وهذه المشكلة حلت جزئياً عند موسى (ع) بالخصوص، وحلت كلياً في رسالة موسى (ع) ببعث هارون (ع) كوزير له يعينه على إيصال الرسالة.
                        فاستجابة الله لدعاء موسى (ع) قد تمت وبغاية الحكمة، فموسى أراد أن تتحسن قدرته على تبليغهم، وطلب أن يبعث معه هارون كوزير، وقد حسّن الله قدرة موسى (ع) على التبليغ بقدر معين، وأتمها بهارون (ع)، فبعث الله هارون (ع) استجابة لطلب موسى (ع)، وجعل بعثه في غاية الحكمة وهو أنه أتم به حل مشكلة موسى (ع) في تبليغ فرعون والقوم الذين أرسل إليهم موسى (ع)، ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى﴾([49]).
                        وقد بيَّن تعالى أن هناك بقية من الخلل في بيان موسى (ع) لم ترفع عندما قص كلام فرعون: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾([50]).
                        وقال تعالى في قص قول موسى (ع): ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾([51]).
                        إذن موسى (ع) شخصياً بقي عنده شيء من الخلل في البيان، وهذه مشيئة الله ليكون هذا الخلل سبباً يتعلل به المدعون بالباطل من أمثال فرعون وجنده ومن استخفهم بأنهم أحق من موسى وبأنهم على الحق وأن موسى (ع) وحاشاه باطل: ﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ @ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ @ فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ @ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ﴾([52]).
                        التفت إلى أن خطاب فرعون ديني لا يكاد يفرق عن خطاب فقهاء الضلال اليوم، فهو يقول الآتي: ﴿يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾: أي إنه يقول لقومه انظروا؛ إن الله نصرني ومكنني من حكم مصر ويسَّر أمور الحكم لي، فلو كان موسى (ع) هو الحق لكان الله مكنه ويسرها له. هذه هي المغالطة الدينية الأولى عند فرعون وفقهاء الضلال في كل زمان.
                        ﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾: فرعون يقول إن موسى (ع) لا يكاد يبين، فلو كان مع الله سبحانه وتعالى لأصلح الله لسانه بصورة كاملة، ولم يعد هناك خلل عنده في النطق. إذن النتيجة؛ فرعون يعتبر نفسه أنه أفضل؛ لأنه أقدر على البيان ولا يوجد خلل في لسانه، وهذه المغالطة الثانية، وقد تنكبها فقهاء الضلال ومن يطبل لهم اليوم، وكأن فرعون إمامهم ومعلمهم، لا يكادون يفارقون أقواله وأفعاله.
                        ﴿فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾: فرعون قال وفقهاء الضلال ومن يتبعهم اليوم معه ويشاركونه في قوله: الذي يرسله الله والذي يرسله الإمام المهدي لابد أن يغنيه ويوفر له كل القدرة، من قدرة مالية وقدرة إعجازية يقهرنا بها على الإيمان.
                        هل تلاحظ الآية بوضوح وكيف أن فرعون قال قبل آلاف السنين قولاً، أعاده نفسه تماماً فقهاء الضلال اليوم ﴿فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾، معنى هذا فليأتِ بشيء خارج عن العادة فليأتنا بمعجز، فليثبت بالمعجز القاهر الواضح إن الله معه والملائكة معه.
                        هم يريدون أن يقهروا على الإيمان، فلا تنفعهم عصا تحولت أفعى؛ لأن هناك كثيرين غير موسى يفعلون هذا، فإذا كانوا سحرة فهو ساحر، وإن غلبهم فهو كبيرهم وأمهر منهم، ولكن أبداً لا يمكن أن يكون رسولاً من الله.
                        ولا تنفعهم يد بيضاء تشير لنقاء موسى (ع)، وكيف تنفعهم ؟! ولو كانت تنفعهم لما احتاجوا لها، وهل طهارة ونقاء قلب موسى (ع) كان خفياً عليهم وهم قد عاشروه وعرفوه قبل أن يُرسَل وبعد أن أرسل.
                        ولا ينفعهم نيل يتحول إلى اللون الأحمر، فيمكنهم الاحتجاج بسهولة أن هذا أمر طبيعي أن يصبغ النيل بالدم نتيجة معارك دموية حصلت على مجرى النيل قبل أن يصلهم، وببساطة يقولون وما علاقة موسى (ع) بهذا الأمر ؟! فالنتيجة من كان يريد التكذيب يعلل كل شيء بأي شيء، فهم استحبوا العمى والضلال على الإبصار والهدى، ولهذا فلا يحتاج فرعون وفقهاء الضلال للكثير بل يكفي كلمات قليلة، يكفي أن يقول فرعون إن موسى (ع) عنده خلل في إيصال الكلام، وموسى (ع) لم يأتِ بمعجزة بينة لا لبس فيها، ليجد فرعون وفقهاء الضلال أكثر الناس قد اتبعوهم وبغباء منقطع النظير كما هم دائماً وللأسف.
                        ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ﴾. ويا له من استخفاف مرير جعل علياً (ع) يقول إنه يحس مرارته مغروسة كالنصل في فمه (وفي الحلق شجى) ([53]).
                        إنه لأمر مرير حقاً، إنك تجد الله سبحانه وتعالى يفضح الفراعنة وفقهاء الضلال على رؤوس الأشهاد ويبين باطلهم بأيديهم وبأفعالهم وبتناقضاتهم وبسلوكهم المنحرف وباتباعهم الأهواء وبطلبهم الدنيا ومع كل هذا يتبعهم الناس، ويعللون لهم بأعذار واهية تصرفاتهم وأقوالهم وسلوكياتهم المنحرفة المحرفة للشريعة.
                        والحمد لله رب العالمين.



                        اسئلة
                        ما تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً﴾ ؟
                        ورد في القران الكريم هذه الآية: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾ ما المقصود بهذه الآية ؟
                        ا تفسير قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي @ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي @ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي @ يَفْقَهُوا قَوْلِي @ وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي﴾ ؟
                        * * *
                        Last edited by د. توفيق المغربي; 01-11-2013, 11:16.

                        Comment

                        • د. توفيق المغربي
                          مشرف
                          • 13-02-2012
                          • 259

                          #13
                          رد: تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي

                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          والحمد لله

                          محور الدرس :
                          السؤال والجواب ـ 529 ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا
                          الحروف المقطعة في اوائل السور


                          الهدف من هذا الدرس ـ اضافة الى ما في النصوص من فائدة وعلم ـ هو التركيز على ان التقديم في بعض الروايات لشخصية على اخرى لا يعني الافضلية مطلقا ....وكذلك توقف شيء على شئ لا يلزم منه بالضرورة افضلية الشرط على المشروط مطلقا ....

                          ومثال ذلك ما جاء في ((اللهم صل على محمد وال محمد كما صليت على ابراهيم وال ابراهيم))

                          مثال ذلك ايضا ما جاء في رواياتهم (ع) :

                          (( عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله (ص) عن الله سبحانه: (يا أحمد لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما)..)) ربما يظهر منه ان علي (ع) علة خلق محمد (ص) وبالتالي هو افضل منه او هو الهدف المراد الاوصول اليه وكذلك ربما يتوهم ان فاطمة علة لخلق محمد (ص) وعلي (ع) وبالتالي هي افضل منهما


                          ومثال ذلك ايضا قولهم (ع) ((فاطمة (ع) ام ابيها))

                          وكذلك قوله (ص) : (( حسين مني وانا من حسين ))

                          وغيرها



                          جاء السؤال بهذه الصورة :
                          السؤال/ 529: ما هو تفسير أوائل السور: (حم، يس، حم عسق) ؟؟
                          شكراً. المرسلة: شمس الصباح - العراق

                          فكان جواب الامام احمد الحسن (ع) كالتالي :
                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
                          وفقكم الله لكل خير، قد بيَّنت في المتشابهات معنى الحروف المقطعة في أوائل السور، فأرجو منكم الإطلاع وقراءة ما مكتوب في كتاب المتشابهات، وأيضاً هذا سؤال وجوابه وهو في نفس الموضوع يمكنكم الاستفادة منه:
                          س/ ماذا تعني الحروف المقطعة في أوائل السور ؟
                          ج/ قال تعالى: (الم، المر، حم، يس).
                          الألف: أي فاطمة الزهراء (عليها السلام)، والألف أصل الحروف وأولها وهو أول ما نشأ بعد النقطة،

                          ومنه تتركب باقي الحروف،
                          وهو حرف فاطمة الزهراء (عليها السلام) التي نقل رسول الله (ع) عن الله سبحانه قوله فيها: (يا أحمد، لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما).

                          ولهذا قدم حرف الزهراء (عليها السلام) الـ (ا) على حرف علي (ع) الـ (ل) وعلى حرف محمد (ص) الـ (م)،

                          فالتقديم في هذا المقام لبيان أن (لولا فاطمة لما خلقتكما) أي لولا الآخرة والتي فيها المعرفة الحقيقية،

                          فلولا المعرفة لما خلق الخلق فالله خلقهم ليعرفوا ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.

                          واللام: لعلي (ع)، وإذا كان علي ظاهر الباب وباطنه فاطمة (عليها السلام)، فالتفت إلى أن الـ (ا) والـ (ل) إذا مزجتا فهذه صورتهما: (لا) فتكتب الـ (ا) في باطن الـ (ل)، فالـ (ل) هو الظاهر المحيط بالـ (ا)، وهذه هي (لا) الرفض لحاكمية الناس والتي افتتحت بها كلمة التوحيد لا اله إلا الله، وهي نفسها (لا) الثورة الحسينية التي قامت على رفض حاكمية الناس وإقامة حاكمية الله، فلا اله إلا الله أو (لا) الحسين باطنها فاطمة (الرحمة) وطلب هداية الظالمين، وظاهرها علي (القوة) وقتال الظالمين؛ لأن اللام هي ألف مطوي بالقوة، أي أنه يشير إلى قوة الله سبحانه ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾، وأيضاً باطنها الـ (ا) هو الرحمة بالمؤمنين وظاهرها الـ (ل) هو النقمة على الكافرين بالقائم، وقد عبر عن القائم في بعض الروايات بأنه علي بن أبي طالب أو دابة الأرض، وهي لقب مشترك بين القائم وعلي بن أبي طالب.
                          والميم: محمد تكررت (17) مرة في القرآن، والميم هي قوس الصعود، وهي على شكل واو مقلوبة ( ).
                          والراء: الحسن (ع).
                          والحاء: الحسين (ع).
                          والسين: الإمام المهدي (ع).
                          يس: أي أن النهاية (س)؛ لأن الياء هنا إشارة إلى النهاية.
                          والسين تكررت خمس مرات على عدد أصحاب الكساء؛ لأن المهدي (ع) يمثل أصحاب الكساء الخمسة.
                          وانظر إلى كلمة التوحيد (لا اله إلا الله) فيها ثلاثة حروف، هي: (الألف واللام والهاء)، وقد عرفت الألف واللام، أما الهاء فهي لإثبات الثابت؛ لأنها الحرف الأول من (هو) الاسم الأعظم، فالهاء لإثبات الثابت وبيان وجوده ومعرفته وشهوده، والواو لبيان غيبته وعدم إدراكه، فهو سبحانه الشاهد الغائب.
                          إذن، فالهاء دليل الشهود والمعرفة، وبمحمد (ص) عُرف الله، فمحمد صاحب الفتح المبين (إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً)، فهو الهاء؛ لأن به عُرف الله سبحانه، وهو مدينة الكمالات الإلهية.
                          فالتوحيد بهذه الحروف الثلاثة (أ، ل، هـ) وهي: (فاطمة، علي، محمد).
                          والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
                          أحمد الحسن
                          محرم الحرام/ 1432 هـ

                          * * *


                          فيكون بهذا قد تبين معنى الحروف والرموز التي ترمز لها هذه الحروف كذا تبين علة التقديم في المقام ....

                          ايضا بين من قبل الامام احمد الحسن (ع) علة قوله (ص) ((وانا من حسين)) :

                          ((الحسين (ع) في كل العوالم من رسول الله (ص)، ودون رسول الله هذا أكيد، ولكن الذي يظهر أمر رسول الله (ص) وفضله ومقامه الرفيع وحقه ويعرفه لأهل الأرض هو الإمـام المهدي (ع)، ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾.
                          فالدين الإسلامي المحمـدي الأصيل يظهر على الأرض بالإمـام المهدي (ع)، والإمـام المهدي (ع) من ولد الحسين (ع)، وثورة الإمام المهدي (ع) أساسها ومرتكزها الحقيقي هو ثورة الحسين (ع)، فبالإمام المهدي (ع) تتحقق هذه الآية: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾، ويعرف أهل الأرض محمـداً (ص) وعظيم شأنه ومقامه الرفيع، والإمـام المهدي (ع) ثمرة من ثمرات الحسين (ع)، وثورة الإمام المهدي (ع) الإصلاحية العالمية ما هي إلا الثمرة الحقيقية التي أنتجتها ثورة الحسين (ع)، فبالحسين (ع) بقي الإسلام وبقي محمد (ص)، وبالحسين يظهر الإسلام ويظهر محمد (ص)، وبالحسين يعرف الإسلام ويعرف محمد (ص).))


                          وبين ايضا فيما تقدم علة الصلاة على محمد وال محمد كما صلى الله على ابراهيم وال ابراهيم :
                          ((الصلاة على محمد وآل محمد تعني الطلب من الله سبحانه وتعالى أن يفرج عن محمد وآل محمد ويظهر قائمهم،
                          ولذلك قرنت بالصلاة على إبراهيم وآل إبراهيم؛

                          لأن الله سبحانه وتعالى عجّل فرج إبراهيم وآل إبراهيم (ع) وأظهر قائمهم، وهو نبي الله موسى (ع).

                          فالطلب من الله بالصلاة على محمد وآل محمد كما صلى على إبراهيم وآل إبراهيم، يعني:

                          يا الله أظهر قائم آل محمد (ع) كما أظهرت قائم آل إبراهيم (ع) وهو موسى (ع)،

                          وكان بنو إسرائيل ينتظرون موسى (ع) كما ينتظر المسلمون الإمام المهدي (ع) الآن
                          .))


                          والحمد لله وحده

                          الاسئلة
                          ما هو معنى حرف الاله في (الم الر) ؟ ولما قدمه الله سبحانه وتعالى ؟
                          وما هو حرف اللام ؟
                          فالتفت إلى أن الـ (ا) والـ (ل) إذا مزجتا فهذه صورتهما: (لا). كيف وضح معناها الامام احمد الحسن (ع) ؟
                          وما معنى الميم ؟ والراء ؟ والحاء ؟ والسين في الحروف المقطعة في اوائل السور ؟
                          كلمة التوحيد (لا اله إلا الله) فيها ثلاثة حروف. كيف فسر الامام احمد الحسن (ع) ذلك ؟
                          ما معنى قول الرسول (ص) انا من حسين ؟
                          ما علة الصلاة على محمد وال محمد كما صلى الله على ابراهيم وال ابراهيم مع ان محمد وآل محمد (ع) افضل ؟
                          Last edited by د. توفيق المغربي; 01-11-2013, 10:23.

                          Comment

                          • د. توفيق المغربي
                            مشرف
                            • 13-02-2012
                            • 259

                            #14
                            بسم الله الرحمن الرحيم
                            والحمد لله


                            محور الدرس :

                            الرد على شبهة القتال والجهاد في الدين الالهي عموما وفي الاسلام خصوصا وبيان الحق في المسالة من خلال كتاب الجواب المنير عبر الاثير مع اضافة بعض الفقرات من كتاب الجهاد باب الجنة وكتاب الحواري الثالث عشر للامام احمد الحسن (ع)


                            مختارات 15 من الجواب المنير ـ س113 https://www.4shared.com/mp3/_C7x4Yr1..._13082013.html




                            https://www.4shared.com/mp3/9npbwUwS..._27082013.html مختارات 16 من الجواب المنير ـ الجهاد في الدين الاسلامي ورد الشبهات- 27.08.2013


                            https://www.4shared.com/mp3/r_3-T1ZH..._03092013.html مختارات 17 من الجواب المنير ـ الجهاد في الدين الاسلامي ورد الشبهات- 03.09.2013


                            السؤال/ 113 من الجواب المنير :

                            السلام عليكم أيّها الأخ العزيز: الدعاء إلى الله الواحد الأوحد الذي لا شريك له أن يرشدني طريق الصواب.
                            كتابنا المقدّس يخبرنا إنّ المعين هو الروح القدس الذي لازال لحد الآن معنا يساعدنا لفهم كلمة الله، ويساعدنا أن نبقى أمناء لله رغم كل الاضطهاد من قبل المسيحية واليهودية والإسلام التي بعض متبعيها لا يريدون أن يعرفوا الله الحق، الله هو الذي أعطى البشر الحياة، وهو الوحيد الذي من حقه أن يستردها إليه، ونحن نتعرّض للقتل من أتباع الديانات الثلاثة. وسؤالنا إذا كانوا يؤمنون بالله السلام، فلماذا هذا القتل ؟ ونشر دياناتهم مع أنبيائهم بالقتل والسيف على عكس المسيح الذي بعثه الله إلى الأرض من أجل السلام، والمدعين المسيحية اليوم بعيدين كل البعد عن السلام في الماضي والحاضر ؟ أرجو دوام المراسلة.
                            المرسل: عادل الموحد


                            الجواب:


                            بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
                            نعم، روح القدس معين ونعم المعين، ولكن لمن يستعينون بالله وبإخلاص وتجرّد عن الأنا، ليعرفوا الحق من الحق سبحانه وتعالى. وأنا العبد المسكين الجاهل كنت دائماً أقول من أراد الحق فليسأل الله وليعرف من الله.
                            أمّا بالنسبة للقتال من أجل نشر الدين الإلهي الحق في كل زمان، فهو ما صدر من أنبياء الله ورسله (ع)، وأمرهم هو أمر الله؛ لأنّهم بأمر الله يعملون، ولا يتصرفون وفق أهوائهم أو آرائهم، بل لا يريدون ولا يشاؤون إلاّ ما يشاء الله سبحانه وتعالى. وأنت كمسيحي ألا تؤمن أنّ موسى وهارون ويوشعاً وداود وسليمان (عليهم سلام الله) أنبياء مرسلون من الله سبحانه ؟ فاقرأ التاريخ والعهد القديم لترى أنّ الله أمرهم بقتال الكافرين وفتح الأرض المقدّسة وبناء الهيكل ونشر الدين الإلهي الحق في حينها. ثم عيسى (ع) ألم يقل من أراد أن يتبعني فليحمل صليبه معه ؟ ماذا تعتقد أنّه أراد بهذا ؟ هل يمكن أنّك تعتقد أنّه أراد أنّ من يتبعه ويتبع الحق الذي جاء به من الله سبحانه يستسلم للكافرين به وبالحق فيقتلونه ويصلبونه، أم أنّ هذه الكلمات: (من أراد أن يتبعني فليحمل صليبه معه) كانت تعني الثورة على الكفر والظلم والطغيان ؟ ([264]).
                            أمّا كون عيسى (ع) لم يقاتل بالفعل أئمة الكفر والضلال والطغيان سواء علماء اليهود غير العاملين أم الرومان، فلأن القتال يحتاج إلى العدّة والعدد، ولم يكن مع عيسى (ع) لا العدّة ولا العدد، فمن هم الذين آمنوا به وكم هم الذين كانوا مستعدين أن يفدونه بحياتهم ؟!! أجب هذا السؤال لتجد أنّ عيسى (ع) لم يكن يملك إلاّ اللجوء إلى الله سبحانه ليرفعه إليه. ألم يطلب عيسى (ع) من الذين كانوا يدَّعون الإيمان به الامتناع عن دفع الجزية (الضرائب) لقيصر فهل امتنعوا ؟! وإذا كانوا يخذلونه بهذا فخذلانهم له في القتال أبين وأوضح. يجب أن تنظر بموضوعية لدعوات الأنبياء (ع)، فكون عيسى (ع) لم يقاتل أعداء الله بالسيف لا يعني أنّ الأنبياء الذين قاتلوا أعداء الله بالسيف باطل وحاشاهم عليهم صلوات الله وسلامه. أنا قلت في أكثر من موضع فيما كتبت سابقاً ([265]):
                            إنّ دعوة عيسى إلى الله سبحانه وتعالى لها خصوصيات وظروف محيطة بها جعلتها من أصعب الدعوات الإلهية، فعيسى (ع) لم يواجه قوماً يعبدون أصناماً من حجارة، ولم يواجه قوماً يكفرون بالله، بل واجه قوماً يدَّعون أنّهم موحدون ويؤمنون بالله وبأنبيائه، واجه علماء اليهود غير العاملين الذين كانوا يظهرون الصلاح ويوهمون الناس أنّهم ورثة الأنبياء المرسلين السابقين (ع)، وفي نفس الوقت يداهنون الرومان الوثنيين الذين يحتلون الأرض المقدسة. عيسى (ع) جاء ليواجه هؤلاء الضالين المضلين بينما الشعب يعتبرهم علماء الدين الصالحين الذين يمثلون موسى (ع) والأنبياء (ع). فلم يكن سبيلٌ لفضحهم وبيان فسادهم وضلالهم إلاّ زهد عيسى (ع) ومأساة الصلب التي بينت وأظهرت قسوة قلوبهم وبعدهم عن الرحمة الإلهية التي كانوا يدَّعون تمثيلها.
                            هذا فيما يخص الأنبياء (ع)، وإذا أردت التوسع في هذه المسألة فارجع إلى قراءة كتاب: «الجهاد باب الجنة».
                            أمّا باقي الناس الذين لم يستضيئوا بنور نبي أو وصي وبالتالي ملؤوا الأرض ظلماً وجوراً فهم صنيعة الشيطان وعمال الشيطان، ولذا تجدهم يستميتون للحفاظ على مملكة الشيطان والشر في هذه الأرض وكل منهم بطريقته، فالذي يعرف الحقيقة التي يرضاها الله يعلم أنّ الامبراطورية الأموية والامبراطورية العباسية والامبراطورية العثمانية التي كانت تدَّعي أنّها تمثل محمداً (ص) والإسلام، ما هي إلاّ دول شيطانية ومثلت الشيطان ليس إلاّ، ولا علاقة لها بمحمد (ص) والإسلام، إلاّ بقدر ما يحقق مصلحة حكّامها الطغاة الفراعنة (لعنهم الله)، تماماً كأمريكا وبوش اليوم وكالقاعدة (قاعدة الشيطان) والقتلة المجرمين المنظمين تحت لوائها، لواء الشيطان (لعنه الله).



                            اضافات وتعليقات :




                            ـ بالنسبة لمسالة معنى الجهاد والهدف منه وكيف يكون وما هي شروطه وما يجب ان نعتقد به فارجوا مراجعة ككتاب الجهاد باب الجنة لمن اراد التفصيل ولكن اركز هنا فقط على مسالة واحدة وهي
                            معرفة ما هو اعتقادنا كانصار الامام المهدي (ع) في الجهاد ؟
                            * هل نحن نحمل فكر مسالم 100% ولا نعتقد بالقتال ؟
                            * هل نحن نعتقد فقط بالجهاد الدفاعي ولا نعتقد بالجهاد الهجومي ؟
                            * هل نعتقد بالجهاد الدفاعي والهجومي معا ؟
                            والجواب اننا نؤمن ونعتقد بان الجهاد الهجومي والدفاعي واجب من الله على الامة المؤمنة لاعلاء كلمة الله وهناك شروط
                            وهذه بعض النصوص من كلام الامام (ع) في كتاب الجهاد باب الجنة :
                            ((الجهاد لماذا ؟
                            للإجابة على هذا السؤال يجب بيان أنّ الجهاد والقتال في سبيل الله على نوعين:
                            الأول: هجومي، والثاني: دفاعي. وسيتبين الجواب من خلال البحث فيهما، وسأعرض لكل منهما وأبين أسباب كل منهما:
                            أولاً: الجهاد الهجومي
                            وهذا الجهاد
                            هو فرض واجب على الأمة المؤمنـة التي تحمل راية خليفـة الله في أرضه في زمانهم، ويتمثل بمهاجمة وقتال كل الأمم والأقوام التي لا تعترف بدين الحق وخليفة الله في أرضه في ذلك الزمان حتى يذعنوا لكلمة لا إله إلاّ الله ودين الحق المرضي عند الله، ويسلموا زمام أمورهم لخليفة الله في أرضه في زمانهم، وقد قام به كثير من أنبياء الله ورسله وذكرته الكتب السماوية وكتب التاريخ بشكل لا لبس فيه، فقد قاتل قتالاً هجومياً لنشر التوحيد وإعلاء كلمة لا إله إلاّ الله يوشع بن نون (ع) وداوود (ع) وسليمان (ع) ومحمد (ص) وعلي (ع) وهم أنبياء الله ورسله وعملهم حجة دامغة، وقاتلوا بأمر الله سبحانه وتعالى فلا سبيل لإنكار هذا العمل ووصفه بأنّه جهل أو تخلف أو عصبية أو طائفية أو مذهبية وتحت مسميات الثقافة والحضارة والحرية ، على أني سآتي على مناقشة هذه الحضارة والثقافة والحرية إن شاء الله.
                            ولهذا الجهاد شروط وقيود ربما لم تكن ثابتة تفصيلاً في كل الأديان وفي كل الأزمان، وربما تبدلّت في نفس الدين الواحد بين فترة وأخرى بحسب الأوامر التي يأتي بها الأنبياء والرسل من الله سبحانه وتعالى، ولكنها إجمالاً ثابتة.
                            ))

                            ايضا
                            ((والنتيجة قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾([72]).
                            هذا أمر من الله سبحانه وتعالى
                            بالجهاد الهجومي والدفاعي، فكما قال تعالى :
                            ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾([73])، قال أيضاً: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ ..﴾.
                            وكما أن المسلمين يجب عليهم الصيام إذا حضر وقته وتمت شروطه، ويجب عليهم الحج إذا حضر وقته وتمت شروطه، وإلاّ فإنّ المتخلف عن أداء الصيام والحج وهو مستطيع يعاقب بنار جهنم وساءت مصيراً، كذلك فإن الجهاد إذا حضر وقته وتمت شروطه وجب، ومن يتخلف عنه فإنه كتارك الصلاة والصوم والحج فتكون عاقبته إلى جهنم وساءت مصيراً.
                            ))

                            اما الجهاد الدفاعي
                            ((وهو قتال المؤمنين ودفاعهم عن الأرض التي يدين أهلها بدين الحق عندما يهاجم هذه الأرض الكفار أو المشركون، وجميع الأديان الإلهية تجيز الجهاد الدفاعي بل وتوجبه على المؤمنين، بل هو مسألة فطرية وغريزية حتى لدى الحيوانات فهي تدافع عن أعشاشها وأوكارها وجحورها.
                            ولا يختلف الناس في جواز القتال دفاعاً عن الأرض، وحتى القوانين العلمانية في الأمم المتحدة الآن تعتبر مقاومة المحتلين من قبل أهل البلد الأصليين مشروعة. والعجب كل العجب أنّ أئمة الضلالة في هذا الزمان أضطرونا للدفاع عن هذا الحق الذي شرعه الله ووافق الفطرة والغريزة وأقره جميع الناس، ولكنهم خونة خانوا الله سبحانه وتعالى ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها واشتروا الحياة الدنيا ورضا أمريكا والغرب المادي بسخط الله، قال تعالى:
                            ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾
                            ))

                            الآن وقد تبين هذا لا باس من اضافة نص آخر فيه فائدة كبيرة ان شاء الله في رد شبهات العلمانيين والمتدينين من المسيحيين واليهود وهو قد ورد في كتاب الحواري الثالث عشر

                            ((السلام عليكم ورحمة الله
                            س1/ هناك مَنْ يشكل على الإسلام بالعنف لا اليوم فقط، بل من عهد النبي وأنه انتشر بالسيف ؟ فكيف تُفسَّر هذه النصوص القرآنية التي تحث على القتل والإقصاء والتهميش (سورة آل عمران 85، 91، 83، سورة التوبة 29، النساء 91، سورة محمد 4) ؟ وكيف تُفسَّر آيات الإرث والشهادة والتي تنتهك الحقوق المدنية للمرأة ؟ ([1])
                            - (الجهاد في الدين الإلهي...)


                            جواب الإمام أحمد الحسن u:
                            بسم الله الرحمن الرحيم
                            والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
                            مسألة الجهاد في الدين الإلهي عموماً وليس في الإسلام فقط بيَّنتها في كتاب الجهاد باب الجنة، وأما الآيات التي في القرآن ويعتبرونها تحريض على العنف أو تهميش الآخرين:
                            أولاً: آل عمران، ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ (19).
                            ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ (83).
                            ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (85).
                            المعنى: آل عمران، ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ @ قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ @ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (83 – 84).
                            الآية (84) من سورة آل عمران تبين بوضوح معنى الإسلام في الآيات بأنه التسليم لله ولخليفة الله في أرضه في كل زمان المنصب وفق قانون خلافة الله في أرضه الذي كان منذ اليوم الأول للإنسان الأول على هذه الأرض وهو نبي الله آدم u الذي نصبه الله خليفته في أرضه.
                            فهذه الآيات ليست بصدد تهميش أحد أو الحكم على أحد، إنما هي بصدد بيان قانون الإيمان المقبول عند الله وهو التسليم له ولخليفته في أرضه.
                            أما إن كنت تعتبر أنّ وضع قانون للإيمان هو تهميش للآخرين الذين لا يقبلونه، فمعنى كلامك أنّ كل أصحاب دين - باعتبار أن عندهم قانون إيمان - يهمشون غيرهم بل يتعدى الأمر إلى كل مجموعة يؤمنون بفكر معين ([2]).
                            ثانياً: التوبة، ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: 29].
                            المعنى: القرآن وحدة متكاملة، وما يفعله الوهابيون لتمرير عقائدهم الباطلة وفتاواهم في قتل الناس وما يفعله المسيحيون وغيرهم هذه الأيام للطعن في القرآن هو عملية اقتطاع آيات من كتاب هو عبارة عن وحدة متكاملة لا يمكن أن يؤخذ منها جزء بمعزل عن الكل أو بقية الأجزاء ([3])، وقد بيّن الله في القرآن أنه وحدة متكاملة لا يصح تجزئتها، وإن من يجزئها هو شخص مغرض إما أنه يريد الطعن بصورة عبثية عشوائية كمن يقول لمن قال لا إله إلا الله أنت كافر وتنكر وجود الله؛ لأنك قلت لا إله، وإما أنه شخص يريد أن يمرر عقيدة أو فتوى فاسدة لغرض في نفسه كما فعل الوهابيون (أو المتسمون بالسلفية).
                            وهذه آيات قرآنية تنهى عن هذا السلوك المنحرف المغرض في تجزئة القرآن: ﴿..... أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 85].
                            الحجر، ﴿الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ @ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ @ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الحجر: 91 – 93].
                            أما الآية 29 من سورة التوبة فنحتاج أن نقرأ الآيات بعدها لنتبين لماذا حث الله المؤمنين على القتال هنا ([4]) ؟
                            التوبة، ﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ @ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ @ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ @ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ @ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (29 – 33).
                            إذن، الله يحث على قتالهم؛ لأنهم هم من بدأ بالحرب ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾، ولا اعتقد أن التحريض على قتل الآخر أو أن التهيؤ لقتل الآخر أو أن إعداد العدة لقتل الآخر ليس حرباً، واعتقد أن إرادة إطفاء نور الله بأفواههم تحتمل هذه الأمور وأكثر.
                            وإن كانت الآيات المتقدمة تحتمل الأخذ والرد وأنها متشابهة فهناك آية واضحة ومحكمة تبين أنّ الله يحث المؤمنين على قتال من يقاتلونهم وينهى الله المؤمنين عن الاعتداء على الآخرين، والمتشابه يرجع إلى المحكم. قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: 190].
                            ثم إن فعل الرسول محمد واضح، فاليهود - وهم أهل كتاب - كانوا يعيشون معه في المدينة بأمان ولم يمسهم بسوء حتى بدؤوا هم بمحاربته وإعانة من يقاتلونه صلى الله عليه وآله.
                            وأيضاً يجب الانتباه أنّ الإسلام والدين الإلهي لا يعتبر أنّ الدين مفصول عن السياسة، بل إنّ الحكم والسياسة جزء من الدين وبالتالي فكثير من الآيات في القرآن هي عبارة عن قوانين عسكرية تبين حقوق الجندي في المعركة وما يجوز له أن يفعله تجاه من يقاتله، فالمؤمن لا يقتل - حتى من يقاتله - إلا بأمر الله؛ ليؤجر، ولهذا شرع الله للمؤمنين في ساحة المعركة قتل من يقاتلهم وبين هذا الأمر في آيات قرآنية، كما تسن - الآن وقبل الآن- الدول القوانين لجيوشها وتبين فيها حقوق جنودها في ساحة المعركة وما يجوز وما لا يجوز.. الخ.
                            ثالثاً: ﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً﴾ [النساء: 91].
                            أين الإشكال في هذه الآية ؟ هي تحث على مقاتلة الكافر المحارب الذي لا يكف يده عن أذى المؤمنين.
                            إضافة إلى أنّ الآية التي قبلها من نفس السورة فيها بيان أيضاً لجواز مهادنة من يطلب السلام ولا يحارب المؤمنين ولا يطلب أذاهم.
                            ﴿إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً﴾ [النساء: 90].
                            رابعاً: ﴿فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: 4].
                            المعنى: هذه الآية تبين بعض حقوق الجنود المؤمنين - في الجيش الإسلامي - أثناء الحرب وفي ساحة المعركة، وهو أنّ من حقهم أن يقتلوا الكافر الذي يقاتلهم، وتبين أن من حقهم أيضاً أخذ الأسرى وتعطيهم الحرية في التعامل مع الأسرى، فإما أن يطلقونهم بدون مقابل أو يبادلونهم أو يفدونهم .. الخ.
                            فأين الإشكال في هذه الآية، وقد قلنا إنّ القرآن عبارة عن قانون إلهي ليس للعبادة فقط بل يبين أيضاً السياسة والحكم الإلهي وحقوق المؤمنين وما يجب عليهم .. الخ.))



                            تعليق :



                            1ـ ينبغي الإشارة إلى أنّ هذه الآيات تحديداً اختارها السائل وهو ليس من الأنصار، وجواب الإمام أحمد الحسن u فيه الرد على عموم شبهة الحث على القتل والإقصاء والتهميش التي يمكن أن تطرح حول نصوص أخرى لم تَرِد في السؤال.
                            [2]- جاء في مقدمة كتاب قانون الإيمان للبابا شنودة:
                            (... وأهمية قانون الإيمان هو أن جميع كنائس العالم المسيحي تؤمن بقانون إيمان واحد تقره جميع الكنائس ولذلك كان لابد أن يضعه مجمع مسكوني يضم ممثلي كل الكنائس المسكونة.
                            القانون الذي بين أيدينا صيغ في مجمع نيقية المسكوني سنة 325 م وهو أول المجامع المسكونية، وذلك رداً على البدعة الأريوسية التي أنكرت لاهوت المسيح. وكان يمثل الكنيسة القبطية في ذلك المجمع البابا ألكسندروس بابا الإسكندرية التاسع عشر. ومعه شماسه أثناسيوس الذي قام بصياغة كل بنود القانون وأضيف الجزء الخاص بلاهوت الروح القدس في مجمع القسطنطينية المسكوني الذي عقد سنة 381 م. رداً على مقدونيوس الذي أنكر لاهوت الروح.
                            كل كنائس العالم - وإن اختلفت في بعض العقائد - تؤمن بكل بنود قانون الإيمان. هذا وأية طائفة لا تؤمن بكل ما في قانون الإيمان لا تعتبر مسيحية. مثل شهود يهوه والسبتيين، الذين يؤمنون بالكتاب المقدس بعهديه (حسب ترجمه خاصة بهم). ولكنهم لا يؤمنون بكل العقائد المسيحية التي وردت في قانون الإيمان ....) مقدمة كتاب قانون الإيمان للبابا شنودة.
                            إذاً قانون الإيمان - بحسب البابا شنودة - هو ما يحدد من يكون مسيحياً ومن تحرمه الكنيسة وإن كان يعتقد بالكتاب وخالف بعضاً من بنود القانون ... بل إنه صيغ أصلاً لإقصاء طائفة كبيرة من المسيحيين خالفت عقيدتها في السيد المسيح u فهُمِّشوا وأُخرِجوا من دائرة المؤمنين بالسيد المسيح u، مثل آريوس فيما مضى وعدد كبير من كبار العلماء المسيحيين في وقته ومن كانوا يؤمنون بمثل ما يؤمن به آريوس، ومثل شهود ياهو اليوم وغيرهم الكثير ممن تسميهم الكنيسة بهراطقة !
                            [3]- استخدام الآية الواحدة بمعزل عن باقي الكتاب أمر يحذر من خطورته أيضاً المسيحيون ويرفضه علماءهم، ولذلك نجد مثلاً البابا شنودة عقد فصلاً خاصاً في كتابه (كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي) واسماه (خطورة استخدام الآية الواحدة)، وكذلك الأنبا بيشوي مطران دمياط في كتاب سلسلة محاضرات تبسيط الإيمان حيث الفقرة 115 أيضاً تحمل نفس العنوان (خطورة استخدام الآية الواحدة).
                            وهذا نص كلام البابا شنودة: [في موضوع الخلاص أيها الإخوة - كما في أي موضوع آخر - احترسوا جداً من خطورة استخدام آية واحدة من الكتاب المقدس.
                            إن الكتاب المقدس ليس هو مجرد آية أو آيات، وإنما هو روح معينة تتمشى في الكتاب كله.
                            الشخص الجاهل يضع أمامه آية واحدة، أو أجزاء من آية، فاصلاً إياها عن ظروفها وملابساتها وعن المعنى العام كله، أما الباحث الحكيم، الذي يتوخى الحق فإنه يجمع كل النصوص التي تتعلق بموضوع بحثه، ويرى على أي شيء تدل ....
                            ... لا يصح مطلقاً أيها الأحباء أن نسير بطريقة الآية الواحدة، فهي طريقة خاطئة وخطر وغير أرثوذكسية. إن أتاك أحد في يوم من الأيام بآية من الآيات، مهما كانت صريحة وواضحة، فقل له: أنا لا تنفعني الآية الواحدة (لنضع أمامنا جميع النصوص التي تتعلق بهذا الموضوع، ثم نتفاهم معاً (احترسوا من أن تخدعكم الآية الواحدة، فربما لها مناسبة معينة، وربما لها تكملة، وهذه التكملة هي التي توضح معناها ...] خطورة استخدام الآية الواحدة - كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي - البابا شنودة.
                            [4]- لابد من الالتفات أنّ الحث هنا على القتال هو أولاً بأمر من الله سبحانه وتعالى. وثانياً هو دفاعي، وجميع الأديان الإلهية تجيز الجهاد الدفاعي بل وتوجبه على المؤمنين، بل كلها تقر وجوب الجهاد والقتال الهجومي إن كان بأمر الله سبحانه كما سيتبين.

                            * بعض النصوص في الجهاد من التوراة:

                            - إبراهيم u أبو الأنبياء يقاتل ويخرج للجهاد دفاعاً عن لوط u:
                            «14: 14 فلما سمع ابرام أن أخاه سبي جر غلمانه المتمرنين ولدان بيته ثلاث مئة وثمانية عشر وتبعهم إلى دان 14: 15 وانقسم عليهم ليلاً هو وعبيده فكسرهم وتبعهم إلى حوبة التي عن شمال دمشق 14: 16 واسترجع كل الاملاك واسترجع لوطا أخاه أيضاً وأملاكه والنساء أيضاً والشعب» العهد القديم - سفر التكوين - الأصحاح 14.

                            - موسى u يبدأ ثورته الإلهية على الظلم بقتل أحد زبانية فرعون الطاغية المتسلط على رقاب الناس الذي كان يقتل ويسلب وينهب ويستضعف أهل الأرض دونما رادع:

                            «2: 11 وحدث في تلك الأيام لما كبر موسى أنه خرج إلى إخوته لينظر في اثقالهم فرأى رجلاً مصرياً يضرب رجلاً عبرانياً من إخوته 2: 12 فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد فقتل المصري وطمره في الرمل» العهد القديم - سفر الخروج - الأصحاح 2.
                            وأيضاً بعد الخروج من مصر وعبور البحر: «17: 1 ثم ارتحل كل جماعة بني إسرائيل من برية سين بحسب مراحلهم على موجب أمر الرب ونزلوا في رفيديم ولم يكن ماء ليشرب الشعب .... 17: 8 وأتى عماليق وحارب إسرائيل في رفيديم 17: 9 فقال موسى ليشوع انتخب لنا رجالاً واخرج حارب عماليق وغداً أقف أنا على راس التلة وعصا الله في يدي 17: 10 ففعل يشوع كما قال له موسى ليحارب عماليق وأما موسى وهرون وحور فصعدوا على راس التلة 17: 11 وكان إذا رفع موسى يده أن إسرائيل يغلب وإذا خفض يده أن عماليق يغلب 17: 12 فلما صارت يدا موسى ثقيلتين أخذا حجراً ووضعاه تحته فجلس عليه ودعم هرون وحور يديه الواحد من هنا والآخر من هناك فكانت يداه ثابتتين إلى غروب الشمس 17: 13 فهزم يشوع عماليق و قومه بحد السيف ...» العهد القديم - سفر الخروج - الأصحاح 17.
                            ثم موسى u يأمر (بأمر الله سبحانه وتعالى) يوشع u وصيه وخليفته بالجهاد والقتال ودخول الأرض المقدسة، وقد تقدم ذكر النصوص في ما نقلناه من كتاب الإمام أحمد الحسن u.
                            · الجهاد والقتال في الدين الإلهي من أقوال علماء المسيحيين:

                            - أولاً من قاموس الكتاب المقدس شرح كلمة (قتل):
                            (القتل الجائز ويكون القتل حلالاً أو واجباً في الحالات الآتية كما ذُكِر من أحداث الكتاب:

                            أ- قتل من حُكِمَ عليه بالموت لأنه قتل أو عمل ذنباً آخر يستحق الإعدام مما ذكر في خر 21: 15 - 17 أو في لا 20: 10 و 24: 14 - 16 و 23 وغير ذلك (راجع مادة قصاص).

                            ب- إذا أدرك وليّ القتيل قاتله خارج مدن الملجأ وقبل أن يموت الكاهن العظيم الذي حدثت الجريمة في عهده. وتمنع الشريعة افتدائه (عد 35: 32).
                            ج- وتقضي الشريعة بقتل الأعداء في الحرب بلا هوادة. وقد أوصى بعض الأنبياء بتحريم بعض أعداء الله الاردياء أي أوصى بابادتهم هم ومواشيهم (1 صم 15: 3 وقض 5: 22-31) ....) قاموس الكتاب المقدس - شرح كلمة (قتل).

                            يقول القس انطونيوس فكري: (قد يتصور البعض أنه ما دمنا نحن نحيا في العهد الجديد فلا حاجة بنا للعهد القديم وهذا تصور خاطئ. ...
                            ‌... نرى في العهد القديم حروب ودماء كثيرة، ولعنات أصابت البشر فنري غضب الله على الخطية. فنعرف قداسة الله وبغضه للخطية. ..) مقدمة عن العهد القديم - شرح الكتاب المقدس - القس أنطونيوس فكري.
                            · الجهاد ومقاومة المحتل والعدو من الثوابت الفطرية ومن القيم الثابتة عالمياً:

                            الجهاد مسألة فطرية وغريزية حتى لدى الحيوانات فهي تدافع عن أعشاشها وأوكارها وجحورها.
                            ولا يختلف الناس في جواز القتال دفاعاً عن الأرض، وحتى القوانين العلمانية في الأمم المتحدة الآن تعتبر مقاومة المحتلين من قبل أهل البلد الأصليين مشروعة.
                            يقول البابا شنودة: (... ومن القيم الثابتة الأساسية التي تلزم لكل إنسان: محبة الوطن والدفاع عنه، والتضحية من أجله بالدم، إذا احتاج الأمر....) مقالة (القيم والمبادئ .. بين مسميات ومفاهيم) - مقالات البابا شنودة الثالث المنشورة في جريدة الأهرام - مقال يوم الأحد 6/ 8/ 2006.
                            الآن نقول: إذا كان الله هو من أمر الأنبياء والرسل بالجهاد في العهد القديم، واليهود والمسيحيون يؤمنون بهذا فهو إذاً من سنة الله، وسنته سبحانه وتعالى لا تتغير ولا تتبدل ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً:
                            - يقول البابا شنودة في الاستدلال على العقيدة من خلال العهد القديم:
                            (... يعترض البعض بأن الكهنوت أمر خاص بالعهد القديم فقط. وهذا يدعونا أن نطرح سؤالاً هاماً وهو:
                            - هل الله في العهد القديم غير الله في العهد الجديد ؟
                            أقول هذا، لأننا كلما نثبت عقيدة بآيات من العهد القديم، يتجرأ البعض على العهد القديم ويحقرونه ! ويعتبرون أن العهد القديم مجرد ناموس بعيد عن النعمة، ويتكلمون عنه بطريقة خالية من الاحترام اللائق بكلام الله. كما لو كانت تعاليم العهد القديم قد ألغيت ! أو أن العهد الجديد قد نسخ العهد القديم !!
                            وللأسف فإن بعض الذين يهاجمون العهد القديم يضعون في أغلفة كتبهم ومؤلفاتهم كليشيه كبير للآية المشهورة: "كل الكتاب موحى به من الله" .. فلماذا هذه الجرأة على العهد القديم، وهو جزء من الكتاب ؟ ثم هل الله في علاقته بالبشر قد تغير ؟
                            هل هو في العهد القديم يقبل وسطاء بينه وبين الناس، وفي العهد الجديد يرفض ؟ هوذا يعقوب الرسول يقول: إن الله "ليس عنده تغيير ولا ظل دوران" (يع 1: 17). بل هو أمس واليوم وإلى الأبد.
                            والسيد المسيح نفسه حينما تعرض للعهد القديم، في العظة على الجبل، قال كلمات جميلة جداً، نذكر من بينها: "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل. فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل.." (مت 5: 17، 18).
                            إذن لا نقول فقط إن العهد القديم لم يلغ، بل أنه حتى حرف واحد أو نقطه منه لا يمكن أن تزول ......) كتاب الكهنوت للبابا شنودة الثالث - فصل (ليس عند الله تغيير).
                            فمن يدعي أن الجهاد والقتال بأمر الله سبحانه وتعالى منحصر بزمان العهد القديم يناقض قول عيسى u ويناقض اعتقاده، إن ما جاء من عقيدة وتشريع في العهد القديم هما حق ومن عند الله ... ولا يُلتفَت لمن يحاول أن يوهم عوام المسيحيين أن الجهاد بعد مجيء السيد المسيح u انحصر في الجهاد الروحي فقط لعدم وجود دليل واحد على هذا الادعاء. وعلى أي حال ففي التوراة التي يؤمن بها المسيحيون الرد الكافي.
                            بالنتيجة: الجهاد والقتال أمر مشروع وقد تبين من العقل والواقع والنقل من التوراة والإنجيل وأيضاً من أقوال العلماء، بل وهو أمر فطري غريزي وتقره المجتمعات الإنسانية اللادينية أو العلمانية.

                            الاسئلة
                            كيف ترد على مسيحي يقول ان الاسلام هو دين قتل ؟
                            ما معنى قول السيد المسيح (ع) (من أراد أن يتبعني فليحمل صليبه معه) ؟
                            لما لم يقاتل عيسى (ع) ائمة الكفر والرومان ؟ مع بيان خصوصية دعوة عيسى (ع).
                            بما ترد على مسيحي يقول ان الاسلام دين قتال ضاربا مثلا ما يفعله الوهابية ؟ او ما فعلته الامراطوريات العربية من قبل ؟
                            ما هو اعتقادنا كانصار الامام المهدي (ع) في الجهاد ؟ هل نحن نحمل فكر مسالم 100% ولا نعتقد بالقتال ؟ هل نحن نعتقد فقط بالجهاد الدفاعي ولا نعتقد بالجهاد الهجومي ؟ هل نعتقد بالجهاد الدفاعي والهجومي معا ؟
                            اشكل عليك مسيحي بالآيات :﴿قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: 29] و ﴿سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً﴾ [النساء: 91]. بما ترد ؟


                            Last edited by د. توفيق المغربي; 01-11-2013, 10:50.

                            Comment

                            • د. توفيق المغربي
                              مشرف
                              • 13-02-2012
                              • 259

                              #15
                              رد: تفسير وعلوم الدعوة : مختارت من الجواب المنير ـــ د. توفيق المغربي

                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              والحمد لله

                              حصص المراجعة :

                              https://www.4shared.com/mp3/0Rc9dvcx..._10092013.html مختارات 18 من الجواب المنير ـ حصة مراجعة 1- 10.09.2013

                              https://www.4shared.com/mp3/3kD9N1UF..._17092013.html مختارات 19 من الجواب المنير ـ حصة مراجعة 2 حجر الزواية- 17.09.2013



                              الواجب معرفته للامتحان هو النصوص من الامام احمد الحسن (ع) واما التعليقات فهي للشرح والتفصيل وهي موضوعة لمساعدة وليس الطالب مطالبا بالاتيان بها ولكن بما اشارت اليه من المادة الموجوة في النص الاصلي


                              للامتحان في مادة المختارات من الجواب المنير ـــ
                              ـ بداية النصف الثاني من المرحلة الثانية
                              من المشاركة رقم 10 الى ما بعدها
                              Last edited by د. توفيق المغربي; 30-10-2013, 21:50.

                              Comment

                              Working...
                              X
                              😀
                              🥰
                              🤢
                              😎
                              😡
                              👍
                              👎