إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • هيئة الاشراف العلمي للحوزة
    هيئة الاشراف العلمي العام على الحوزات المهدوية
    • 07-02-2012
    • 74

    عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    دروس مادة

    عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

    رابط الكتاب


    Last edited by اختياره هو; 10-10-2013, 11:52.
  • علاء السالم
    مشرف الساحة الفقهية
    • 01-01-2012
    • 290

    #2
    رد: عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وال محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليما
    التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا

    تمهيد:

    قبل الشروع في درس عقائد الاشاعرة ينبغي التنويه إلى عدة ملاحظات:
    الأولى / إن معرفة عقيدة الاشاعرة أمر مهم، والأهمية تتضح إذا ما عرفنا:
    أولا: إن الاشاعرة هو المذهب العقائدي الرسمي لغالبية أهل السنة.
    وثانياً: انه يفوت الفرصة على الوهابيين الذين صادروا أخيرا أهل السنة وصاروا ينطقون باسم أهل السنة جميعا .. وسنرى شدة المخالفة بين عقيدة (الاشاعرة) وبين الوهابيين السفيانيين (عبدة هبل).
    نبذة عن المذهب الاشعري الكلامي:
    1- تاسس على يد ابي الحسن الاشعري (260 – 324 هـ) بعد ان ترك منهج استاذه ابي علي الجبائي، فاسس منهجه الخاص به فانتسب من اتى بعده اليه فسموا اشاعرة.
    2- كبار ائمة الاشاعرة هم: البيهقي، النووي، الغزالي، الفخر الرازي، ابن حجر العسقلاني، القرطبي، السبكي، ابن عساكر .. وغيرهم.
    3- يعتمد الاشاعرة المنهج العقلي المعتمد على مقدمات كلامية أو فسلفية ومنطقية في الاستدلال العقائدي إلى جنب النصوص، كما يعتمدون منهج التأويل في صرف النصوص آيات وروايات عن ظواهرها عند عدم إمكان الأخذ بظواهرها، وهذان الأمران من بين أهم الفوارق المنهجية الذي يفترق به الاشاعرة عن الوهابيين السلفيين.
    الثانية / إن الدراسة ستكون مبنية على الاختصار ومعرفة أساسيات عقائد الاشاعرة، وبيان المصطحات المتداولة في علم الكلام عندهم وما يكون مهماً معرفته من قبل الطالب، وأما التفاصيل والتفريعات الأخرى فتترك لدراسات أعمق.
    الثالثة / إن الدراسة ستكون قدر الإمكان مقارنة بالحق في بعض المواضع، وتوضيحية فقط في مواضع أخرى بحسب توفر مادة الحق التي يتم العرض عليها .. وعلى كل حال، فالغرض من الدراسة متحقق إن شاء الله وهو معرفة عقائد الاشاعرة.
    الرابعة / إن الكتاب الذي اختير للدراسة هو متن موجز ومختصر مهم اعتنى بشرحه الكثير من علماء أهل السنة، وهو الموسوم بـ (أم البراهين الصغرى) لمؤلفه أبو عبد الله السنوسي محمد بن يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي نسبة لقبيلة بالمغرب وهو كبير علماء تلمسان (مدينة بالمغرب). من المتفق عليه بين أغلب المؤرخين أنه ولد بعد سنة 830 للهجرة. وتوفي سنة 895 للهجرة.

    • مقدمة: بيان معنى الحكم الشرعي والعادي والعقلي:
    يقول المؤلف: (( بسم الله الرحمن الرحيم. الَحْمُد للهِ. وًالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.
    أعْلَمْ أّنَّ الْحُكْمَ العَقْليَّ يَنْحَصِرُ فِي ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ: الْوُجُوبِ، وَالاِسْتِحَالَةِ، وَالجَوَازِ.
    فَالْوَاجِبُ: مَا لا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ عَدَمُهُ.
    وَالمُسْتَحِيلُ: مَا لاَ يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ وُجُودُهُ.
    وَالجَائِزُ: مَا يَصِحُّ فِي الْعَقْلِ وَجَودَهَ وَعَدَمُهُ.
    الحكم هو اثبات امر ونفيه. والحاكم بذلك اما الشرع او العادة او العقل فلهذا انقسم الحكم الى ثلاثة أقسام شرعي وعادي وعقلي
    )).

    التوضيح:
    لما كان البحث كله معقود لبيان ما يرتبط بأساس العقيدة والإلهيات وبيان ما يتصف به الحق سبحانه وتعالى مما يتنزه عنه، ابتدأ المؤلف بذكر مقدمة أراد من خلالها توضيح معاني يدركها العقل ولا يخلو حكمه (إدراكه) عن واحدة منها، وهي: (الوجوب، الاستحالة، الجواز) .. وسيأتي بيان معانيها.
    والأمر الآخر: انه ابتدأ بهذه المقدمة العقلية باعتبار أن المنهج المعتمد لدى الاشاعرة في المعرفة العقائدية هو المنهج العقلي لا السمعي (وهو بهذا يشابهون علماء الكلام الشيعة)، لنفس السبب الذي سمعناه من الشيخ المظفر عند دراستنا لكتاب عقائد الامامية في المرحلة السابقة. والجواب المذكور هناك في بيان المنهج المعرفي الحق في الأساس الديني العقائدي وغيره يأتي هنا أيضا بلا أي فرق.
    الأمر الثالث: إن المؤلف بيّن في عبارته معنى الحكم وقال هو (إثبات أمر أو نفي)، بمعنى أن الحكم مرة يكون بالإيجاب كحكمنا بان احمد (ع) حق، وأخرى يكون بالنفي كحكمنا ببطلان وعدم أحقية علماء السوء.
    ثم إن الحاكم بذلك الحكم؛ إما الشرع فيسمى الحكم حينئذ بالحكم الشرعي، وإما العادة فيسمى بالحكم العادي، وإما العقل فيمسى بالحكم العقلي.
    Last edited by يماني الهدى احمد; 06-11-2013, 23:42.

    Comment

    • علاء السالم
      مشرف الساحة الفقهية
      • 01-01-2012
      • 290

      #3
      رد: عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

      التسجيل الصوتي للمحاضرة : الحكم الشرعي + الحكم العادي ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا
      الحكم الشرعي:
      وفي بيان معنى الحكم الشرعي يقول المؤلف:
      (( فالشرعي هو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالطلب أو الاباحة أو الوضع لهما، فدخل في قولنا بالطلب اربعة:
      الإيجاب وهو طلب الفعل طلبا جازما كالإيمان بالله تعالى وبرسله وكقواعد الاسلام الخمسة.
      والندب إليها: وهو طلب الفعل طلبا غير جازم كسنة الفجر ونحوها.
      والتحريم: وهو طلب الكف عن الفعل طلبا جازما كالشرك والزنا ونحوهما.
      والكراهة: وهو طلب الكف عن الفعل طلبا غير جازم كقراءة القران مثلا في الركوع والسجود.
      وأما الاباحة: فهي التخير بين الفعل والترك كالنكاح والبيع ونحوهما.
      وأما الوضع لهما اي للطلب والإباحة فعبارة عن نصب الشارع سبباً او شرطاً او مانعاً لما ذكر من احكام الخمسة الداخلة في كلامنا تحت الطلب والإباحة.
      فالسبب: ما يلزم من عدمه العدم ومن وجوده الوجود بالنظر الى ذاته كالزوال مثلا فان الشارع وضعه سببا لوجوب الظهر فلزم من وجوده وجوب الظهر ومن عدمه عدم وجوبها وأما قلنا بالنظر الى ذاته لأنه قد لا يلزم من وجود السبب وجود المسبب لعروض مانع او تخلف شرط وذلك لا يقدح في تسميته سببا لأنه لو نظر الى ذاته مع قطع النظر عن موجب التخلف لكان وجوده مقتضيا لوجود المسبب.
      وأما الشرط: فهو ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، ومثاله الحول بالنسبة الى وجوب الزكاة في العين والماشية فانه يلزم من عدم تمام الحول وجوب الزكاة فيما ذكروه ولا يلزم من وجود تمام الحول وجوب الزكاة ولا عدمها لتوقف وجوب الزكاة على ملك النصاب ملكا كاملا.
      وأما المانع: فهو ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته، مثاله: الحيض فانه يلزم من وجوده عدم وجوب الصلاة مثلا ولا يلزم من عدمه وجوب الصلاة ولا عدم وجوبها لتوقف وجوبها على اسباب اخرى قد تحصل عند عدم الحيض وقد لا تحصل. فخرج لك من هذا ان السبب يؤثر بطرفيه اعني طرفي وجوده وعدمه والشرط يؤثر بطرف عدمه فقط في العدم فقط والمانع يؤثر بطرف وجوده فقط ومحل استيفاء ما يتعلق بمباحث الحكم الشرعي في فن الاصول
      )).

      التوضيح:
      عرف الحكم الشرعي بأنه الخطاب الإلهي المتعلق بأفعال لمكلفين وهو ينقسم الى قسمين:
      الأول: الحكم الشرعي التكليفي، وهو طلب الفعل أو الترك من المكلفين أو اباحته لهم. وهذا الطلب على أربعة صور:
      مرة يكون طلب الفعل بنحو إلزامي وجازم ويسمى الوجوب كالصلاة،
      وأخرى يكون طلب الفعل غير إلزامي ويسمى استحباب مثل صلاة النافلة.
      وثالثة يكون طلب الترك إلزامي ويسمى حرمة كالكذب.
      ورابعة يكون طلب الترك غير إلزامي ويسمى كراهة كالنوم بعد الفجر.
      وأما الإباحة فهي تعني التخيير بين الفعل والترك، وكل امر لم يكن واجبا ولا مستحبا ولا محرما ولا مكروها فهو مباح.
      الثاني: الحكم الشرعي الوضعي، وهو ان يجعل الشارع سببا او شرطا او مانعا في طلبه (فعلاً أو تركاً) من المكلفين بعض الأمور أو إباحتها لهم، ومثل تلك الاسباب والشروط والموانع تسمى أحكام شرعية وضعية.
      والسبب: هو ما يلزم من وجوده وجود الشيء ومن عدمه عدم الشيء، مثاله: الزوال بالنسبة الى وجوب صلاة الظهر، فوجوده سبب لوجوبها وعدمه سبب لعدم وجوبها.
      والشرط: هو ما يلزم من عدمه عدم الشيء ولكن لا يلزم من وجوده وجود الشيء ولا عدمه، مثاله: الطهارة بالنسبة الى الصلاة، فصحتها مشروط بها، فلو انعدم ذلك الشرط انعدمت الصلاة الصحيحة، ولكن لا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة الصحيحة لتوقف صحتها على أمور أخرى كما هو معروف.
      والمانع: هو ما يلزم من وجوده عدم الشيء ولكن لا يلزم من عدمه وجود الشيء ولا عدمه، مثاله: الحيض بالنسبة الى وجوب الصلاة، فان وجوده يلزم منه عدم وجوب الصلاة ولكن لا يلزم من عدمه وجود الصلاة ولا عدمها اذ وجودها يتوقف على أمور أخرى قد تحصل وقد لا تحصل.
      وعلى كل حال، فان مثل هذا الأحكام تسمى وضعية.
      هذا ما يتعلق في بيان الحكم الشرعي بقسميه التكليفي والوضعي.
      Last edited by يماني الهدى احمد; 06-11-2013, 23:42.

      Comment

      • علاء السالم
        مشرف الساحة الفقهية
        • 01-01-2012
        • 290

        #4
        رد: عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

        الحكم العادي:
        وفي بيان معنى الحكم العادي، يقول:
        (( وأما الحكم العادي: فحقيقته اثبات الربط بين امر وأمر وجودا او عدما بواسطة تكرر الاقتران بينهما على الحس، مثال ذلك: الحكم على النار بأنها محرقة فهذا حكم عادي اذ معناه ان الاحتراق يقترن بمس النار في كثير من الاجسام لمشاهدة تكرر ذلك على الحس وليس معنى هذا الحكم ان النار هي التي تؤثر في احراق ما مسته او في تسخينه اذ هذا المعنى لا دلالة للعادة عليه اصلا وإنما غاية ما دلت عليه العادة الاقتران فقط بين الامرين اما تعين فاعل ذلك فليس للعادة فيه مدخل ولا منها يتلقى على ذلك وقس على ذلك سائر الاحكام العادية ككون الطعام مشبعا والماء مرويا والشمس مضيئة والسكين قاطعة ونحو ذلك مما لا يحصى وإنما يتلقى العلم بفاعل هذه الاثار المقارنة لهذه الاثار من دليل العقل والنقل وقد اطبق العقل والنقل على انفراد المولى جل وعز باختراع جميع الكائنات عموما وانه لا اثر لكل ما سواه تعالى في اثر ما جملة وتفصيلا وغلط قوم في تلك الاحكام العادية فجعلوها عقلية وأسندوا وجود كل اثر منها لما جرت عليه العادة انه يوجد معه اما بطبعه او بقوة اودعت فيه قد باؤوا بهوس عظيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم نسأله سبحانه النجاة الى الممات من مضلات الفتن والمرور ظاهرا وباطنا على اهدى سنن بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم )).

        التوضيح:
        قلنا إنّ الحكم الشرعي هو خطاب إلهي، وأما الحكم العادي فهو في الحقيقة اثبات ربط بين أمرين من حيث الوجود او العدم، ويكون ذلك الربط اعتمادا على ملاحظة الحس للاقتران المتكرر بين ذلك الامرين.
        مثاله: أن يقترن اتيان زيد بالطعام بصوت المؤذن مثلاً، بحيث تكرر تلك الحالة مرارا وصار زيد يحكم عند سماع الأذان بقرب اتيانه بالطعام او العكس، فمثلا هذا الحكم يسمى حكما عاديا ليس منشؤه سبب ومسبب حقيقي وانما هو حكم مبني على الاقتران بين الامرين بسبب مشاهدة الحس لتكرر ذلك الاقتران.
        ولكن المؤلف ولأنه أشعري، والاشاعرة لديهم مبنى عقائدي اشتهروا به وهو انكار علاقة السببية بين الاسباب والمسببات في هذا العالم، بدعوى ان ذلك هو مقتضى التوحيد في الخالقية، فهم يؤمنون ان كل شيء يحصل في هذا العالم سببه وخالقه هو الله تعالى وبشكل مباشر وأنكروا توسط اي مخلوق في مطلق التأثير فضلاً عن توسطه في الخلق واتصافه به.
        وعلى هذا، فالأمثلة التي ساقها المؤلف مبنية على هذا الاعتقاد، لذا تراه صور العلاقة بين النار وبين الاحتراق او التسخين مجرد عادة ومن ثم اطلق على الحكم بأن النار محرقة او مسخنة حكم عادي. ومثله الحكم بان الشمس مضيئة او السكين قاطعة، لأنه ينكر سببية الشمس للإضاءة والسكين للقطع ويرى ان ذلك مجرد عادة، وهكذا في باقي الأمثلة التي ذكرها رغم وضوح علاقة السبيية فيها.
        وهو فهم خاطئ منهم ومغلوط؛ فإن الحفاظ على التوحيد (اس دين الله) لا يتحقق (كما توهم الاشاعرة) بحصر الخلق والتأثير به سبحانه ونفي كل تأثير لغيره من خلقه، كيف والله سبحانه هو القائل:
        - (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ المؤمنون 14.
        - (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ آل عمران 49.
        - (فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً) النازعات 5.
        - (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ الأنبياء 28.
        - (وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ) الأنعام 61.
        إذن هناك (خلق وإبراء وإحياء وتدبير وشفاعة وقبض ارواح ... الخ) يقوم بها خلق أذن الله لهم وأقدرهم على انجاز تلك الأفعال، اذن هناك اسباب ويتبعها مسببات تحصل بعد حصول أسبابها، والإيمان بذلك واجب بعد تصريح القرآن، وأكيد هو ليس فقط لا ينافي التوحيد بل هو عين التوحيد.
        يقول السيد احمد الحسن (ع) وهو يبين كلمة التوحيد "لا اله الا الله" إنها: ((.. تبين ضمناً أن الاتصاف بصفة الألوهية المقيدة بالافتقار إليه سبحانه وتعالى تشمل خاصة من خلقه يفزع إليهم في الحوائج أي يؤله إليهم، فهم يقضون الحوائج بإذن الله ويخلقون بإذن الله ويشفعون بإذن الله سبحانه وتعالى ﴿وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ آل عمران 49.
        ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ المائدة 110.
        وقال تعالى: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ المؤمنون 14، أي إنه يوجد خالقون غيره سبحانه وتعالى يخلقون بحوله وقوته وهو أحسنهم ؛ لأنه غني وهم فقراء إليه سبحانه. وقال تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ الأنبياء 28، والآيات الدالة على ذلك كثيرة ..
        )) كتاب التوحيد.

        Comment

        • علاء السالم
          مشرف الساحة الفقهية
          • 01-01-2012
          • 290

          #5
          رد: عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

          التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا
          الحكم العقلي:
          وفي بيان معنى الحكم العقلي، يقول السنوسي:
          (( وأما الحكم العقلي: فهو عبارة عما يدرك العقل ثبوته او نفيه من غير توقف على تكرر ولا وضع واضع وهذا القسم الثالث هو الذي تعرضنا له في اصل العقيدة فقولنا (الحكم العقلي) احتراز عن الشرعي والعادي وقدر عرفت معناهما )).

          التوضيح:
          إن الحكم العقلي يعني إدراك العقل، وهذا الإدراك مرة يكون على مستوى الإثبات أي ثبوت الشيء، وأخرى على مستوى النفي أي نفي الشيء. وأيضاً الإدراك العقلي لا يتوقف على تكرار المشاهدة كما في الحكم العادي، ولا يتوقف أيضا على خطاب الهي كما في الحكم الشرعي.
          والسؤال الآن: هل ما يريد المؤلف إثباته في أبحاثه العقائدية التالية هي أحكام شرعية أم عادية أم عقلية ؟
          أجاب: انه يعتمد الحكم العقلي دون صاحبيه العادي والشرعي.
          وهذا يعني أن أصل العقيدة يتم إثباتها عقلاً بنظر الاشاعرة، تماماً كما عرفناه من الشيخ المظفر في بداية دراسة كتاب عقائد الامامية، والجواب الذي تم ذكره هناك يأتي أيضاً.
          وخلاصته: إن المعرفة الإلهية ومصدرها وسبيل تحصيلها وما يرتبط بها كله متقوم بخليفة الله في أرضه، وإن أصحاب العقول السليمة لا سبيل لهم إلا الإيمان به في زمانهم، ليحصلوا منه غاية خلقتهم ويستقوا منه المعرفة الإلهية بشتى تفاصيلها، أما ما زعموه من منهج عقلي وإدراك للعقول في تحصيل أصول الاعتقاد بالاجتهاد والتفكر بمعزل عن خليفة الله وكلامه فهو هراء لا قيمة له، لذا ورد عنهم (ع): (لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها) لأنه (ع) المحقق لهدف الخلق وهو المعرفة، وصدور خلق بلا هدف سفه لا يصدر من الحكيم المطلق سبحانه. لهذا، كان لخليفة الله القسط الكبير من كتاب الله وسنة خلفائه التي تحدثت عن خليفة الله ومقامه ومختصاته وطريق التعرف عليه وأنّ الإيمان به إيمان بالله وطاعته طاعته ورضاه رضاه ومعصيته معصيته سبحانه وان كل اعتقاد وعمل لا قيمة له إلا بالإيمان به والتسليم له.

          Comment

          • علاء السالم
            مشرف الساحة الفقهية
            • 01-01-2012
            • 290

            #6
            رد: عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

            التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا
            التسجيل الصوتي للمحاضرة (تتمة)ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا

            • أقسام الحكم العقلي (الواجب والمستحيل والجائز):
            وبعد أن بيَّن المؤلف السنوسي معنى الحكم العقلي ذكر له ثلاثة أقسام، فقال:
            (( قوله (ينحصر في ثلاث أقسام) يعني أن كل ما يتصوره العقل أي يدركه لا يخلو من ذات أو صفات وجودية أو سلبية أو أحوالا قديمة أو حادثة لا تخلوا من هذه الأقسام الثلاثة أي لابد أن يتصف بواحد منها إما بالوجوب أو الاستحالة أو الجواز.
            قوله (فالواجب ما لا يتصور في العقل عدمه) يعني أن الواجب العقلي هو الأمر الذي لا يدرك في العقل عدمه يعني إما ابتداء بلا احتياج إلى سبق نظر ويسمى الضروري كالتحيز مثلا للجرم فان العقل ابتداء لا يدرك انفكاك الجرم عن التحيز أي أخذه قدر ذاته من الفراغ، وإما بعد سبق نظر ويسمى نظريا كالقدم لمولانا جل وعز فان العقل إنما يدرك وجوبه له تعالى إذا تفكر العقل وعرف ما يترتب على الحدوث له جل وعز من الدور أو التسلسل الواضحي الاستحالة وقد عرفت بهذا انقسام الواجب إلى ضروري ونظري.
            قوله (والمستحيل ما لا يتصور في العقل وجوده) يعني أيضا إما ابتداء أو بعد سبق نظر فمثال الأول: عروّ الجرم عن الحركة والسكون أي تجرده عنهما معاً بحيث لا يوجد فيه واحد منهما فان العقل ابتداء لا يتصور ثبوت هذا المعنى للجرم.
            ومثال الثاني: كون الذات العلية جرماً تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فان استحالة هذا المعنى عليه جل وعز إنما يدركه العقل بعد سبق نظر فيما يترتب على ذلك من المستحيل وهو الجمع بين النقيضين وذلك انه قد وجب لمولانا جل وعز القدم والبقاء لئلا يلزم الدور أو التسلسل إذ لو كان تعالى جرما لوجب له الحدوث تعالى عن ذلك علوا كبيرا لما تقرر من وجوب الحدوث لكل جرم فيلزم إذن أن لو كان جرما أن يكون واجب القدم لإلوهيته واجب الحدوث لجرميته تعالى عن ذلك وذلك جمع بين النقيضين لا محالة. فقد عرفت أيضا بهذا انقسام المستحيل أيضا إلى ضروري ونظري.
            قوله (والجائز ما يصح في العقل وجوده وعدمه) يعني أيضا إما ضروري وإما نظري. مثال الأول: اتصاف الجرم بخصوص الحركة مثلا فان العقل يدرك ابتداء صحة وجودها للجرم وصحة عدمها له.
            ومثال الثاني: تعذيب المطيع الذي لم يعص الله طرفة عين فان العقل إنما يحكم بجواز هذا التعذيب في حقه بعد أن ينظر في برهان الوحدانية ويعرف أن الأفعال كلها مخلوقة لمولانا جل وعز ولا اثر لكل ما سواه تعالى في اثر ما البتة فيلزم من ذلك استواء الإيمان والكفر والطاعة والمعصية عقلا وان كل واحد من هذه يصلح أن يجعل أمارة على ما جعل الآخر عليه والظلم على مولانا جل وعز مستحيل كيف ما فعل أو حكم إذ الظلم هو التصرف على خلاف الأمر ومولانا جل وعز هو الآمر الناهي المبيح فلا أمر ولا نهي يتوجه إليه تعالى ممن سواه إذ كل ما سواه ملك له لا يبدي شيئا ولا يعيده ولا اثر له في شيء البتة ولا شريك له تعالى في ملكه ولا يسال عما يفعل فصح إذن أن يدرك العقل لكل من المؤمن والكافر والمطيع والعاصي صحة وجود الثواب والعقاب وعدمهما واختصاص كل واحد منهما بما اختص له من ذلك إنما هو بمحض اختيار مولانا جل وعز لا أن السبب العقلي اقتضى ذلك لكن إدراك العقل لجواز هذا المعنى موقوف على تحقيق النظر الذي قدمناه.
            فبان لك بهذا أن الجائز ينقسم أيضا إلى ضروري ونظري كما انقسم القسمان اللذان قبله، واتضح بهذا أن الأقسام الثلاثة قد تفرعت إلى ستة أقسام من ضرب ثلاثة في اثنين إذ كل قسم منها فيه قسمان.
            وإنما قيدنا الصحة بالعقل في حق الجائز فقلنا فيه (ما يصح في العقل) ليدخل فيه نحو جواز العذاب في حق المطيع فان العقل هو الحاكم بصحة وجود العذاب وعدمه في حقه بمعنى انه لو وقع كل شيء منهما لم يلزم من وقوعه نقص في حقه تعالى ولا محال البتة.
            أما الشرع فقد تبين أن الله تعالى قد اختار بمحض فضله للمؤمن المطيع احد الأمرين الجائزين في حقه وهو الثواب والنعيم المقيم كما اختار تعالى بعدله للعاصي والكافر الجائز الآخر وهو النار والعذاب الأليم
            )).

            التوضيح:
            في كلام المؤلف عدة أمور:
            الأول: إن ما يدركه العقل مرة يكون ذاتاً (كالذات المقدسة)، وأخرى يكون صفات تتصف بها الذات بنحو الإيجاب (كالعلم والقدرة ..الخ)، أو صفات سلبية أي تسلب عن الذات ولا تتصف بها (كعدم الاتصاف بالجسمية والحركة ..الخ)، وثالثة يكون أحوال قديمة لم تسبق بعدم، او أحوال حادثة.
            والأحوال هي نفسها الصفات والمعاني، كالعلم والقدرة وغيرها، فالاشاعرة يسمونها معاني والمعتزلة يسمونها احوالاً. (انظر: الملل والنحل للشهرستاني: ج1 ص 49 وص86). والمراد بالمعاني: العلم والقدرة و.. و.. الزائدة على الذات بنظرهم، بان تكون الذات شيئا والعلم شيئا آخر قائم بها. (انظر: كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد: 321).
            الثاني: كل هذه المدركات العقلية لا تخلوا ان تكون قسما من الأقسام الثلاثة: (الوجوب أو الاستحالة أو الجواز). وإما معناها:
            فالواجب: هو ما لا يتصور في العقل عدمه، بمعنى أنه أمر لا يمكن سلبه وفرض عدمه بحسب العقل، وهو على نحوين:
            أ- أن يدرك العقل وجوده بداهة وضرورة وبلا حاجة إلى نظر وفكر وبحث وإقامة دليل، ويسمى بالضروري، كما في أدراك العقل أن كل جرم لابد له من تحيز يملا الفراغ الذي يحتاج إليه.
            ب- أن يدرك العقل وجوده بعد نظر وإقامة برهان، ويسمى بالنظري، كادراك صفة القدم لله سبحانه، فإنها تثبت له سبحانه بعد إقامة الدليل والنظر، وملخصه: إن الذات المقدسة لا تخلو من الاتصاف بالقدم أو الحدوث، ولكن اتصاف الله سبحانه بالحدوث يستلزم أن يكون محتاج إلى علة أوجدته من العدم باعتبار أن كل حادث محتاج إلى محدث أوجده، وهذا باطل بالضرورة، فثبت انه سبحانه قديم.
            والمستحيل: هو ما لا يتصور في العقل وجوده، وهو على صورتين ايضا:
            أ- أن يدرك العقل امتناع وجوده بداهة، كما في تجرد وخلو الجسم من الحركة والسكون معاً، فانه أمر مستحيل ولا يمكن تصوره عقلاً، فان كل جسم لا يخلو من أن يكون إما ساكن أو متحرك.
            ب- أن يدرك العقل امتناع وجوده بعد نظر، ومثاله: اتصاف الذات المقدسة بالجرمية وبالتالي حاجتها للتحيز ومقدار من الفراغ تشغله، فان هذا أمر مستحيل وتتنزه عنه الذات المقدسة ولكن استحالة ذلك تثبت بعد إقامة برهان وملخصه: إن القول بذلك يؤدي إلى الجمع بين النقيضين وهو باطل جزماً. أما كيف ؟ فقد عرفنا سابقا أن الحق سبحانه واجب القدم ويستحيل في حقه الحدوث (أي أن العدم يسبقه) أو الفناء (أي أن العدم يلحقه)، إذن فالحق سبحانه واجب القدم لإلوهيته. وأما الجرمية والتحيز فهي من مختصات الأمور الحادثة المسبوقة او الملحوقة بالعدم، فلو كان الهت يتصف بها لكان سبحانه واجب الحدوث لجرميته، وفي نفس الوقت هو واجب القدم لإلوهيته، وهل هذا إلا جمع بين النقيضين ؟!!
            والجائز: هو ما يصح في العقل وجوده وعده، فلا هو مما لا يتصور عدمه فيكون واجباً ولا هو مما لا يتصور وجوده فيكون مستحيلاً، وهو مثل سابقيه مرة يكون جوازه ضروري وبديهي وأخرى يكون نظري بحاجة إلى دليل.
            ومثال الأول: اتصاف جرم ما بالحركة، فهو أمر قد يتصوره العقل في الجرم وقد يمنعه فاتصافه بالحركة أو بعدمها إذن أمر جائز عقلاً.
            وأما مثال الجواز النظري، فالمؤلف يذكر مثالا مبني على قولهم (أي الاشاعرة) بانحصار التأثير في عالم الخلق بالله سبحانه ولا تأثير لسواه أصلاً ولو بإذنه سبحانه، كما تقدم بيانه، فيضرب مثلا للجواز النظري بتعذيب الله للمطيعين وإرسالهم إلى النار وإرسال العاصين إلى الجنة، فيقول إن هذا أمر جائز عقلاً، لان الأفعال لما كانت كلها بمخلوقة له سبحانه حقيقة فلا أثر لإيمان المؤمن أو لعصيان العاصي وكلها تكون على حد سواء بنظر العقل بحسب زعمهم ويقولون أن هذا هو مقتضى الإيمان بوحدانية الله ونفي الشريك عنه ولا يسال عما يفعل وهم يسالون !!
            وفاتهم أن الله سبحانه حكيم ولا يصدر منه ما يجانب الحكمة أصلاً، واقل ما يقال لمولى يأمر عبده بفعل ثم يقوم بمعاقبته على فعله له انه جانب للحكمة، وكذا الحال في صورة النهي. فصحيح انه سبحانه لو عامل خلقه بعدله هلكوا ولكنه وعد عباده المطيعين المخلصين رضاه والجنة كما وعد العاصين غضبه والنار، فهل يرى الاشاعرة انه سبحانه اخلف وعده فحكموا بجواز العكس عقلاً ؟!
            أما مبدأ الحفاظ على وحدانية الله ونفي الشريك فهي لا تعني نفي تأثير غيره سبحانه إذا كانت بإذنه كما تقدم بيانه.
            س/ لماذا لما ذكر المؤلف الصحة في (الجائز) قيدعا بالعقل فقال: (ما يصح في العقل وجوده وعدمه ) ؟
            ج/ يجيب المؤلف ويقول إني ذكرت العقل باعتبار انه هو الذي يدرك جواز الثواب والعقاب في حق المطيع. وأما بحسب الشرع فقد اختار الله بفضله للمطيع الجنة وللعاصي النار.
            والخلاصة: إن كل واحد من (الواجب والمستحيل والجائز) ينقسم إلى ضروري ونظري، فمجموع الأقسام ستكون ستة.
            ثم يقول المؤلف :
            (( واعلم أن الحركة والسكون للجرم يصح أن يمثل بهما لأقسام الحكم العقلي الثلاثة فالوجوب العقلي ثبوت احدهما لا بعينه للجرم والمستحيل نفيهما معاً عن الجرم والجائز ثبوت احدهما بالخصوص للجرم.
            واعلم أن معرفة هذه الأقسام الثلاثة وتكريرها تأنيساً للقلب بأمثلتها حتى لا يحتاج الفكر في استحضار معانيها إلى كلفة أصلا بما هو ضروري على كل عاقل يريد أن يفوز بمعرفة الله تعالى ورسله عليهم الصلاة والسلام بل قال إمام الحرمين وجماعة إن معرفة هذه الأقسام الثلاثة هي نفس العقل فمن لا يعرف معانيها فليس بعاقل أصلاً وبالله التوفيق
            )).



            الاسئلة:
            1- أذكر أقسام الحكم، وبين معناها باختصار .
            2- ما هي أقسام الحكم الشرعي ؟
            3- لماذا ذكر المؤلف أمثلة واضحة فيها علاقة السبب والمسبب (كالسكين والقطع والشمس والاضاءة) ضمن أمثلة الحكم العادي ؟
            4- يؤمن الاشاعرة بأن لا مؤثر في الوجود إلا اهاج، والسؤال:
            a) ما الذي دعاهم الى هذا الاعتقاد ؟
            b) إلى أين أوصلهم ؟
            c) هل تقبل قولهم ؟
            5- أذكر أقسام الحكم العقلي .
            Last edited by علاء السالم; 30-03-2013, 13:57.

            Comment

            • علاء السالم
              مشرف الساحة الفقهية
              • 01-01-2012
              • 290

              #7
              رد: عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

              التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا
              • ما يجب على المكلف في الاعتقاد:
              1- المعرفة بالعقائد واجبة شرعاً على المكلف:
              يقول المؤلف: (( وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ شَرْعًا أّنْ يَعْرِفَ مَا يَجِبُ فِي حَقِّ مَوْلاَنَا جَلَّ وَعَزَّ، وَمَا يَسْتَحِلُ، وَمَا يَجُوزُ. وَكَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ مِثْلَ ذلِكَ فِي حَقِّ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وّالسَّلاَمُ.
              يعني يجب شرعاً على كل مكلف وهو البالغ العاقل ان يعرف ما ذكرناه لأنه بمعرفة ذلك يكون مؤمنا محققا لإيمانه على بصيرة في دينه. وإنما قال (يعرف) ولم يقل يجزم اشارة الى ان المطلوب في عقائد الايمان المعرفة وهي "الجزم المطابق عن دليل لما في نفس الأمر واحترز بقوله "الجزم" عن الظن والشك والوهم، ولا يكفي الظن والشك والوهم في العقائد بالإجماع. واحترز بقوله "المطابق" اي الحق الموافق لما في نفس الامر من الجزم غير المطابق للحق كالجزم بالكفريات على سبيل التقليد لائمة الكفر. واحترز بقوله "عن دليل" من الجزم المطابق للحق كجزم المقلد من غير دليل، ولا يكفي فيها التقليد وهو الجزم المطابق في عقائد الايمان بلا دليل
              )).

              التوضيح:
              المكلف هو الشخص البالغ والعاقل، وتحديد البلوغ امر واضح ومحدد في الفقه. ومثل ذلك المكلف يجب عليه أن يتعرف على العقيدة، وهنا أمور:
              الأول: يجب عليه شرعاً أن يتعرف على ما يجب ان يتحلى به الحق سبحانه مما يستحيل أن يتصف وما هو جائز (أي الأمور الثلاثة المتقدمة). ومثله الرسل الكرام فأيضاً يجب على المكلف ان يعرف ما يجب ان يتصفون به مما يستحيل اتصافهم به وما يجوز اتصافهم به.
              الثاني: انّ الحاكم بذلك الوجوب هو الشرع، بخلاف ما سمعناه عن الشيخ المظفر وغيره من ان وجوب المعرفة عقلي وليس شرعي.
              الثالث: انّ المؤلف أوجب على المكلف المعرفة فقال (يجب أن يعرف)، والمعرفة عرفها: (الجزم المطابق عن دليل).
              فعبر بـ (الجزم) لكي يخرج الظن والشك والوهم فهي لا تنفع في العقيدة.
              وعبر بـ (المطابق) أي أن يكون الجزم حقاً مطابقاً للواقع لكي يخرج الجزم الذي لا يطابق الواقع كالموجود عند الكفرة فهم يجزمون بأمور يقلدون بها أئمة الكفر فيحصل عندهم جزم ولكنه غير مطابق للحق والواقع.
              وعبر بـ (عن دليل) لكي يخرج مثل جزم المقلد فهو جزم من غير دليل ولا يكون مثله كافيا في العقيدة. وهذا مزيد بيان لعدم الاكتفاء بالتقليد في العقائد.

              2- هل يجوز التقليد في العقيدة ام لابد من النظر ؟
              قال: (( والى وجوب المعرفة وعدم الاكتفاء بالتقليد ذهب جمهور اهل العلم كالشيخ الاشعري والقاضي ابي بكر الباقلاني وإمام الحرمين وحكا ابن القاضي عن مالك ايضا. ثم اختلف الجمهور القائلون بوجوب المعرفة اي الجزم المطابق لما في نفس الامر عن دليل، فقال بعضهم: المقلد مؤمن إلا انه عاص بترك المعرفة التي نتيجتها النظر الصحيح، وقال بعضهم: انه مؤمن ولا يعصي إلا اذا كان فيه اهلية لفهم النظر الصحيح، وقال بعضهم: المقلد ليس بمؤمن اصلا. وقد انكره بعضهم.
              ولإمام الحرمين في الشامل تقسيم المكلفين الى اربعة أقسام: فمن عاش بعد البلوغ زمانا طويلا يسعه النظر ونظر لم يختلف في صحة ايمانه وان لم ينظر لم يختلف في عدم صحة ايمانه، ومن عاش بعد البلوغ زمنا لا يسعه النظر او شغل ذلك الزمان اليسير بما يقدر عليه فيه من بعض النظر لم يختلف في صحة ايمانه وان اعرض عن اشغال نظره فيما يسعه ذلك الزمان اليسير من النظر ففي صحة ايمانه قولان والأصح عدم الصحة.
              قلت: ولعل هذا التقسيم انما هو فيمن لا جزم معه في عقائد الايمان اصلا ولو بالتقليد.
              وذهب غير الجمهور الى ان النظر ليس بشرط في صحة الايمان بل وليس بواجب اصلا وإنما هو من شروط الكمال فقط وقد اختار هذا القول الشيخ العارف الولي ابن ابي جمرة والإمام ابو حامد الغزالي والعشيري وابن رشيد وجماعة.
              والحق الذي يدل عليه الكتاب والسنة وجوب النظر الصحيح مع التردد في كونه شرطا في صحة الايمان او لا وقد عزي ابن العربي القول بانه تعالى يعلم بالتقليد الى المبتدعة ونصه في كتابه المتوسط في الاعتقاد " واعلموا اعلمكم الله ان هذا العلم المكلف به لا يحصل ضرورة ولا الهاما ولا يصح التقليد فيه ولا يجوز ان يكون الخبر طريقا اليه وإنما الطريق اليه النظر ورسمه انه الفكر المرتب في النفس على طريق يفضي الى العلم او الظن يطلب به من قام به علما في المعلومات او غلبة الظن في المظنونات ولو كان هذا العلم يحصل ضرورة لأدرك ذلك جميع العقلاء او الهاما لوضع الله تعالى ذلك في قلب كل حي ليتحقق به التكليف وأيضا فان الالهام نوع ضرورة وقد ابطلنا الضرورة ولا يضح ان يقال انه يعلم بالتقليد كما قالت جماعة من المبتدعين لأنه لو عرف بالتقليد لما كان قول واحد من المقلدين اولى بالإتباع والانقياد اليه من الاخر وأقوالهم متضادة ومختلفة ولا يجوز ان يقال ايضا انه يعلم بالخبر لان من لم يعلم الله كيف يعلم ان الخبر خبره فثبت ان طريقه النظر وهو اول واجب على المكلف اذ المعرفة اول الواجبات ولا تحصل الا به فبضرورة تقديمه عليها ثبت له صفة الوجوب قبلها وإيجاب المعرفة بالله معلوم من دين الامة ضرورة" انتهى كلام ابن العربي
              )).

              التوضيح:
              في النص عدة نقاط يطرحها المؤلف:
              الأولى: إنّ جمهور علماء الاشاعرة كالشيخ الاشعري والباقلاني والجويني وغيرهم يقولون بوجوب المعرفة وعدم جواز التقليد فيها.
              وبخصوص إيمان المقلد فيها افترقوا إلى ثلاث فرق:
              الأولى: ترى أن المقلد مؤمن ولكنه عاصي بترك المعرفة والنظر فيها سواء كانت عنده أهلية للنظر أم لا.
              الثانية: ترى ان المقلد مؤمن وغير عاصي إذا لم تكن عنده أهلية للنظر والبحث.
              الثالثة: ترى أن المقلد ليس بمؤمن اصلاً.
              الثانية: ذكر المؤلف أربعة تقسيمات للمكلف من حيث وجوب النظر وعدمه، أوضحها الجويني (ت: 478 هـ) في كتابه "الشامل في أصول الدين" وهي كالتالي:
              1- صحة إيمان المكلف إذا عاش زمانا طويلا بعد البلوغ وكان يمكنه النظر والبحث وقد نظر وبحث ثم اعتقد.
              2- عدم صحة إيمان المكلف إذا عاش زمانا طويلا بعد البلوغ وكان يمكنه النظر ولم يفعل.
              3- صحة إيمان المكلف إذا عاش بعد البلوغ زمانا يسيرا لا يسعه فيه النظر والبحث او اشغل ذلك الزمان اليسير بالبحث.
              4- الأصح عدم صحة إيمان المكلف إذا عاش بعد البلوغ زمانا يسيرا ولم يشغله بالبحث والنظر.
              ثم يقول المؤلف معقباً على هذا التقسيم: لعل هذا التقسيم يختص بمن لا جزم عنده في العقائد، وأما إذا كان عنده جزم ولو من خلال التقليد فصاحب الجزم إيمانه مقبول.
              الثالثة: نقل المؤلف قولاً لبعض العلماء كالغزالي وابن ابي جمرة والعشيري وغيرهم، مفاده: ان النظر والبحث في العقائد ليس بشرط في صحة ايمان المكلف (بمعنى: انه لو حصل عقائده لا عن طريق البحث والنظر فإيمانه صحيح ومقبول ولكنه يعتبر عاصي فقط من جهة تركه وجوب النظر)، بل ليس بواجب أصلاً - كما ذهب إليه جمهور علماء الاشاعرة - وإنما هو من شروط كمال الايمان (أي تحصيل مرتبة عالية منه).
              الرابعة: س/ ما هو رأي المؤلف السنوسي في هذه المسألة (مسألة وجوب النظر في العقائد وهل هو شرط في صحة ايمان المكلف ام لا) ؟؟
              ج/ يقول: إنّ الذي يدل عليه الكتاب والسنة هو أنّ النظر الصحيح في تحصيل العقائد أمر واجب.
              ولكن هل هو شرط في صحة الايمان ام لا ؟ لم يجزم بشيء وبقت المسألة مرددة عنده وغير محسومة. وانتهى اخيرا الى الاحتياط بتحصيل العلم الصحيح في العقائد، كما سيتضح لاحقاً.
              Last edited by ya fatema; 30-03-2013, 21:49.

              Comment

              • علاء السالم
                مشرف الساحة الفقهية
                • 01-01-2012
                • 290

                #8
                رد: عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

                التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا

                ثم نقل المؤلف كلاماً لابن العربي في هذه المسألة، ثم قال:
                (( قلت: هذا كلام ابن العربي وهو حسن وقد استشكل القول بأن المقلد ليس بمؤمن لأنه يلزم عليه تكفير أكثر أعوام المؤمنين وهم معظم هذه الامة وذلك مما يقدح فيما ان سيدنا ومولانا محمدا صلى الله عليه وسلم اكثر الانبياء اتباعاً وورد ان امته المشرفة ثلثا اهل الجنة )).
                توضيح:
                أي أنّ ابن العربي لم يقبل القول بأنّ المقلِّد في العقائد ليس بمؤمن وأنّ النظر شرط في صحة الإيمان، واستشكل على هذا القول بأنه يلزم منه تكفير معظم المسلمين وهذا مخالف لما ورد ان النبي (ص) أكثر الانبياء أتباعاً.
                ثم ذكر السنوسي جواباً على اشكال ابن العربي، فقال:
                (( وأجيب: بأنّ المراد بالدليل الذي تجب معرفته على جميع المكلفين هو الدليل الجملي الذي يحصل في الجملة للمكلف العلم والطمأنينة بعقائد الايمان بحيث لا يقول قلبه فيها لا ادري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته. ولا يشترط معرفة النظر على طريق المتكلمين من تحرير الادلة وترتيبها ودفع الشبهة الواردة عليها ولا القدرة على التعبير عما حصل في القلب من الدليل الجملي الذي حصلت به العلماء.
                ولا شك أنّ النظر على هذا الوجه غير بعيد حصوله لمعظم هذه الامة او لجميعها فيما قبل آخر الزمان الذي يرفع فيه العلم النافع ويثبت فيه الجهل المضر ولا يبقى فيه التقليد المطابق فضلاً عن المعرفة عند كثير ممن يظن به العلم فضلاً عن كثير من العامة، ولعلنا ادركنا هذا الزمان بلا ريب والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
                وفي الحديث عن ابي امامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون فتنة في اخر الزمان يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً إلا من أجاره الله تعالى بالعلم، وفي رواية: إلا من احياه الله بالعلم
                )).
                توضيح:
                إنّ المؤلف بعد أن ذكر إشكال ابن العربي على عدم كفاية التقليد في العقائد وإيجاب النظر وإقامة الدليل على المكلفين، أجاب عليه وأوضح أن المراد بالدليل الذي يقيمه المكلف على عقائده هو الدليل الجملي لا التفصيلي أي أن يعرف عقائده ويعلم بها بالجملة بحيث لا يقول قلبه عنها لا أدري أو هكذا سمعت الناس يقولون، وهذا امر متيسر لأغلب الناس، وليس المطلوب منه اقامة الدليل على طريقة علماء الكلام من ترتيب الأدلة وتحريرها ودفع الشبه عنها وما شابه حتى يقال أن هذا أمر متعسر على أغلب الامة.
                وأخيراً ينتهي المؤلف الى القول بالاحتياط، أي ان المكلف عليه أن يحتاط ويحصل اعتقاده بالتعلم والنظر الصحيح ولا يكتفي فيها بالتقليد، يقول:
                (( وبالجملة فالاحتياط بالأمور هو أحسن ما سلك العاقل في أموره لا سيما في هذا الامر الذي هو رأس المال وعليه مبنى كل خبر فكيف يرضى ذو همة ان يرتكب منه ما يكدر مشربه من التقليد المختلف فيه ويترك المعرفة والتعليم للنظر الصحيح الذي يأمن معه كل مخوف ثم يلحق معه بدرجة العلماء الداخلين في سلك قوله تعالى: (شهد الله انه لا اله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط)، فلا يتقاصر عن هذه المرتبة المأمونة الزكية إلا ذو نفس ساقطة وهمة خسيسة )).
                ثم راح المؤلف يذكر نصائح وإرشادات تتلخص في سعي المكلف لاختيار صحبة العالم المؤيد بنور البصيرة الذي يحقق له سبيل الاعتقاد الصحيح وهو قليل جداً كما يقول، ويحذر من التعلم عند كل من يدعي علماً فان مخاطر صحبته والأخذ منه كبيرة في الدنيا والآخرة.
                يقول: (( لكن على العاقل أن ينظر أولاً فيمن يحقق له هذا العلم ويختاره للصحبة من الائمة المؤيدين من الله بنور البصيرة الزاهدين بقلوبهم في هذا العرض الحاضر المشفقين على المساكين الرؤفاء على ضعفاء المؤمنين، فمن وجد أحداً على هذه الصفة في هذا الزمان القليل الخير جداً فليشدد يده عليه وليعلم أنه لا يجد له - والله تعالى اعلم - ثانياً في عصره من يكون على هذه الصفة أو قريباً منها لا يكون منهم في الزمان إلا الواحد او ما يقرب منه على ما نص عليه العلماء ثم الغالب عليه في هذا الزمان الخفاء بحيث لا يرشد اليه إلا القليل من الناس وليشكر الله سبحانه وتعالى الذي اطلعه على هذه الغنيمة العظمى اناء الليل وأطراف النهار اذ اظفره مولاه الكريم جل وعز بمحض فضله بكنز عظيم من كنوز الجنة ينفق منه ما شاء وكيف شاء وقل ان يتفق اليوم وجود مثل هذا إلا نادرا من السعداء.
                وأما من يقرأ هذا العلم على كل من يتعاطى التعرض له وليس على الصفة التي ذكرناها فمفاسد صحبة هذا دنياً وأخرى أكثر من مصالحها وما اكثر وجودها ولا الذي لا يرضي ان يقوله عاقل وربما يؤثر بعض الحمقى هوسهم على الاشغال بما يعنيه على التفقه في امور الدين او فروعه على طريق السلف الصالح والعمل بذلك ويرى هذا الخبيث لانطماس بصيرته وطرده عن باب فضل مولاه تعالى الى باب غضبه ان المشتغلين بالتفقه في دين الله العظيم واكتساب الفوائد دنيا وأخرى بليد الطبع ناقص الذكاء فما اجهل هذا الخبيث وأقبح سريرته واعمى قلبه حتى رأى الظلمة نورا والنور ظلمة ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا اولئك الذين لم يرد الله ان يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة عذاب عظيم سماعون للكذب أكالون للسحت، نسأله سبحانه ان يعاملنا ويعامل جميع احبتنا الى الممات بمحض فضله وان يلطف بجميع المؤمنين ويقيهم في هذا الزمان الصعب مورد الفتن بجوده وكرمه بجاه أشرف الخلق سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم
                )).
                توضيح:
                إن العالم لا يكون ربانياً ويحقق لأتباعه النجاة إلا بمعرفته بكتاب الله وعدم مفارقته له، ومن صفته كذلك هو الامام من ال محمد (ع) لا غير، بنص حديث الثقلين المتواتر ذكره في مصادر المسلمين.



                الاسئلة:
                1- ما هو الامر الواجب على المكلف الاعتقاد به ؟ وهل العقل أوجب عليه ذلك ام الشرع بنظر الاشاعرة ؟
                2- ذكر المؤلف المعرفة الاعتقادية وقال عنها: (الجزم المطابق عن دليل)، بين معنى كلامه .
                3- ما هو رأي جمهور علماء الاشاعرة في التقليد في العقيدة ؟
                4- هل من يقلد في العقيدة، ايمانه مقبول بنظرهم ؟
                5- ما هو رأي المؤلف في وجوب النظر في العقائد وهل هو شرط في صحة ايمان المكلف ام لا ؟
                Last edited by ya fatema; 31-03-2013, 20:17.

                Comment

                • علاء السالم
                  مشرف الساحة الفقهية
                  • 01-01-2012
                  • 290

                  #9
                  رد: عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم


                  الصفات الخبرية بنظر الاشاعرة :
                  المراد بالصفات الخبرية: مجموع الصفات السمعية التي مصدرها السمع فقط، أي ما كان طريق إثباتها الكتاب والسنة فقط دون استناد إلى نظر عقلي كصفة الوجه واليدين والعينين... وهي تتضمنها نصوص دينية اصطلح على تسميتها بالنصوص المتشابهة، في مقابل النصوص المحكمة الواضحة التي لا تحتاح إلى تأويل.
                  تنقسم الصفات الخبرية بنظرهم إلى قسمين:
                  صفات ذاتية: (وهي التي تكون لازمة للذات أزلا وأبدا لم يزل تعالى ولا يزال موصوفا بها) الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد للبيهقي، ص: 61. التمهيد للباقلاني، ص: 298.
                  صفات فعلية: ترجع إلى مشيئته تعالى وقدرته كصفة الاستواء والنزول والإتيان والمجيء...

                  مذهب السلف والخلف فيها :
                  يرى علماء الاشاعرة أن مذهب السلف من أهل العلم قبل القرن الثالث الهجري، وهم الصحابة والتابعون وتابعوهم، والخلف وهم من كان من العلماء بعد نهاية القرن الثالث الهجري قائم على صرف النصوص المتشابهة عن ظواهرها المستحيلة، واعتقاد أن هذه الظواهر غير مرادة للشارع قطعا، استنادا إلى آيات محكمات.
                  وإذا كان السلف والخلف يتفقون على صرف النصوص عن ظواهرها المستحلية، فإن السلف يفوضون معاني هذه المتشابهات إلى الله تعالى وحده بعد تنزيهه عن ظواهرها، وهذا ضرب من التأويل الإجمالي للنصوص المتشابهة، فإن الخلف اختاروا التأويل التفصيلي للنصوص المتشابهة، أي حمل اللفظ على معنى يسوغ في اللغة العربية ويليق بالله تعالى.

                  الاشعري يحدد منهج التعامل في الصفات الخبرية :
                  يحدد الأشعري معالم المنهج الذي ينبغي اتباعه في باب الصفات عموما فيقرر أن السلف: "أجمعوا على وصف الله تعالى بجميع ما وصف به نفسه أو وصفه به نبيه من غير اعتراض فيه، ولا تكييف له، وأن الإيمان به واجب، وترك التكييف له لازم." رسالة إلى أهل الثغر للإمام الأشعري، ص: 236.
                  ففي الباب الذي خصصه للأصول التي أجمع عليها السلف قال الاشعري: "ونبهوا بالأدلة عليها، وأمروا في وقت النبي صلى الله عليه وسلم بها" رسالة إلى أهل الثغر لأبي الحسن الأشعري، ص: 205.
                  ويذكر أنهم "أجمعوا على أنه عز وجل يسمع ويرى، وأن له تعالى يدين مبسوطتين، وأن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، من غير أن يكون جوارح، وأن يديه تعالى غير نعمته... وأجمعوا على أنه عز وجل يجيء يوم القيامة والملك صفا لعرض الأمم وحسابها وعقابها وثوابها... وليس مجيئه حركة ولا زوالا وإنما يكون المجيء حركة وزوالا إذا كان الجائي جسما أو جوهرا، فإذا ثبت أنه عز وجل ليس بجسم ولا جوهر لم يجب أن يكون مجيئه نقلة أو حركة... وأنه تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس نزوله نقلة لأنه ليس بجسم ولا جوهر..." رسالة إلى أهل الثغر لأبي الحسن الأشعري، ص: 225.
                  ويقول في الفصل الذي خصصه لإبانة قول أهل الحق والسنة "... إن الله تعالى استوي على العرش على الوجه الذي قاله، وبالمعنى الذي أراده، استواء منزها عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال... وأن له سبحانه وجها بلا كيف، كما قال: صلى الله عليه وسلم وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ صلى الله عليه وسلم [الرحمن: 27]. وأن له سبحانه يدين بلا كيف كما قال سبحانه: صلى الله عليه وسلم خَلَقْتُ بِيَدَيَّ صلى الله عليه وسلم [ص: 75]. وكما قال: صلى الله عليه وسلم بَلْ يداه مبسوطتان صلى الله عليه وسلم [المائدة: 66]. وأن له سبحان عينين بلا كيف كما قال سبحانه صلى الله عليه وسلم تَجْرِي بَأَعْيُنِنَا صلى الله عليه وسلم [القمر: 14]... الإبانة لأبي الحسن الأشعري، ص: 21.
                  وهذا يعني ان الاشعري ينفي ان تكون مثل هذه الصفات ثابتة له سبحانه على نحو الحقيقة، بل ينفي أن يكون الاتصاف بها حقيقي (وليس مجيئه حركة ولا زوال .. الخ)، فهو ينزه الحق سبحانه عن ظواهر تلك الصفات ويفوض له معناها.

                  الصفات الخبرية بنظر متأخري الاشاعرة :
                  إذا ما انتقلنا إلى شيوخ المذهب المتأخرين نرى كثيرا منهم كأبي حامد الغزالي وأبي المعالي الجويني في أحد قوليه، وعبد القاهر البغدادي وأبي المظفر الأسفرايني وسيف الدين الآمدي وفخر الدين الرازي... يتجهون إلى تأويل الصفات الخبرية ويجتهدون في إرجاع مضامينها إلى الصفات المعنوية، وكان هدف هؤلاء جميعا هو تحقيق التنزيه بشكل مباشر، وفي صورة مطلقة، اعتمادا على أحكام العقل، وما تزخر به اللغة العربية من ضروب الاتساع في الاستعارات، فيحملون مثلا لفظ اليدين على القدرة، والوجه على الوجود، والعينين على البصر... الإرشاد للجويني، ص: 155.
                  ومن الأمور التي اهتموا بتأويلها مسألة الاستواء، في قوله تعالى: "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" [طه: 5].
                  قال أبو منصور البغدادي وهو من متكلمي الأشاعرة: (... فزعمت المعتزلة أنه بمعنى استولى، وهو باطل، لأنه يوجب أنه لم يكن مستوليا عليه قبل استوائه عليه، وزعمت المشبهة أن استواءه على العرش، بمعنى كونه مماسا لعرشه من فوقه، وبدلت الكرامية لفظ المماسة بالملاقات... واختلف أصحابنا في هذا، فمنهم من قال: إن آية الاستواء من المتشابه الذي لا يعلمه إلأ الله. وهذا قول مالك بن أنس وفقهاء المدينة كالأصمعي. وروي أن مالكا سئل عن الاستواء فقال: الاستواء معقول، وكيفيته مجهولة، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب. ومنهم من قال: إن استواءه على العرش فعل أحدثه في العرش سماه استواء...
                  وهذا قول أبي الحسن الأشعري ... والصحيح عندنا تأويل العرش في هذه الآية على الملك، كأنه أراد: أن الملك ما استوى لأحد غيره...) كتاب أصول الدين، ص:121
                  وخلاصة مذهب الأشاعرة في هذا الباب، وهو الضيغة النهائية للمذهب، أن المكلف مخير بين أن يسلم بتلك الصفات الخبرية، وتمر كما جاءت، دون أن يعتقد حقيقة مدلولاتها اللغوية التي يتنزه البارئ تعالى عنها كما هو مذهب السلف. أو يؤولها تأويلا تفصيليا يصرفها عن ظواهرها المستحيلة، على نحو تقبله اللغة، ويشهد له الشرع، وهذا مذهب الخلف.

                  الاسئلة:
                  1- ما معنى الصفات الخبرية ؟
                  2- وضح باختصار عقيدة الاشاعرة المتقدمين والمتأخرين فيها.

                  Comment

                  • علاء السالم
                    مشرف الساحة الفقهية
                    • 01-01-2012
                    • 290

                    #10
                    رد: عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

                    التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا

                    ما يجب لله سبحانه :
                    تقدم سابقا ان الحكم العقلي ينقسم إلى: الواجب، المستحيل، الجائز.
                    والآن صار المؤلف بصدد تطبيق ذلك في الاعتقاد بالحق سبحانه، حتى يعرف المكلف ما يجب ان يتصف به سبحانه مما يستحيل اتصافه به، وايضا ما يجوز اتصافه به.
                    وابتدأ بإثبات ما يجب له سبحانه فقال:
                    (( فِمَمَّا يَجِبُ لِمَوْلاِنَا جَلَّ وَعَزَّ عِشْرُونَ صِفَةً،
                    أشار بمن التبعيضية ان صفات مولانا جل وعز الواجبة له لا تنحصر في هذه العشرين صفة اذ كمالاته تعالى لا نهاية لها لكن العجز عن معرفة ما لم ينصب عليه دليل عقلي ولا نقلي لا نأخذ به بفضل الله تعالى
                    )).
                    توضيح:
                    1- ذكر المؤلف عشرين صفة كمالية يدرك العقل وجوب اتصاف الحق سبحانه بها، ولكن الحقيقة انها ليست منحصرة بالعشرين وأنها لا نهاية لها ولا حصر، وسبب ذكر العشرين صفة انما هو قيام الدليل العقلي او النقلي عليها، وعدم ذكر غيرها سببه الجهل وفقدان الدليل بقسميه على حد زعم المؤلف.
                    أقول: بعض علماء العقائد عد صفات الكمال ثلاثة أساسية ترجع إليه باقي الصفات وهي (العلم والقدرة والحياة)، وبعضهم جعلها سبعة كما هو قول الاشاعرة وبعض علماء الشيعة. وكذلك بعضهم جعل عددا محددا للصفات السلبية، ولكن العد والحصر غير صحيح، والصحيح انه سبحانه تجلى لخلقه باللاهوت المطلق والكمال المطلق (الله) ليعرفه الخلق وبالتالي فهو موصوف بكل كمال مطلق ومنزه عن كل نقص.
                    وعليه، فما قاله المؤلف من ان الصفات الكمالية لا نهاية لها صحيح.
                    2- الصفات الكمالية (الثبوتية): هي الصفات التي يتم فيها اثبات اتصاف الذات المقدسة بكمال مثل العلم والحياة والقدرة. بخلاف الصفات السلبية: التي يتم فيها سلب نقص عن الذات المقدسة مثل سلب الجسمية والحركة والتركب.
                    3- لمطالعة بعض تلك الكمالات التي يتصف بها الحق سبحانه يمكن قراءة دعاء الجوشن الكبير للإمام زين العابدين (ع).
                    4- انّ عقيدة الاشاعرة بالصفات تتلخص بالقول بزيادتها على الذات، بمعنى ان الذات المقدسة شيء ولها حقيقة معينة، وكل صفة من الصفات شيء اخر ولها حقيقة مغايرة للذات، تعرض عليها فتتصف الذات بها.
                    أقول: هذا قول باطل، والصحيح أنّ صفاته عين ذاته.
                    قال السيد احمد الحسن (ع): (( فالتوحيد بالمرتبة الأولى: معرفة انطواء جميع هذه الأسماء في الذات الإلهية، أي أن الله رحمن رحيم والرحمة ذاته، وقادر والقدرة ذاته. ومعرفة أن جميع هذه الأسماء مترشحة من باب الرحمة باطنه الرحيم وظاهره الرحمن. ومعرفة إن جميع هذه الأسماء غير منفكة عن الذات بل هي الذات عينها. ومعرفة أن جميع هذه الأسماء والصفات هي لجهة حاجة الخلق إليها، فوجودها من جهة افتقار الخلق لا من جهة متعلقة به سبحانه وتعالى ...)) كتاب التوحيد.
                    وقال: ((.. فإذا تبين وحدة هذه الأسماء في الذات الإلهية أو الله وفناؤها فيها عرفنا أن الوحدة الأحدية متحققة في الذات الإلهية أو الله سبحانه وتعالى، وهذه هي المرتبة الأولى المقصودة في التوحيد، وهي كما قدمت وحدة جميع الأسماء والصفات في الذات الإلهية أو الله وحدة حقيقية أي أن الله واحد أحد وجميع الأسماء والصفات عين ذاته وليست أعراضاً تتصف بها الذات، ولا جواهر تتركب منها فهو الله الرحمن القادر ...)) كتاب التوحيد.
                    فقول الاشاعرة يخالف محكم الكتاب القاضي بأحدية الذات (( قل هو الله احد )).

                    الاسئلة:
                    1- أوضح عقيدة الاشاعرة في الصفات الكمالية ومعنى قولهم ان صفاته زائدة على ذاته ؟
                    2- بين بطلان قولهم وأوضح باختصار القول الحق.

                    * * *


                    وأما الصفات العشرون التي يوجب العقل اتصاف اله سبحانه بها فهي:
                    1/ صفة الوجود:
                    قال المؤلف: (( وَهِيَ: الْوَجُودُ.
                    معناه ظاهر، وفي عد الوجود صفة على مذهب الشيخ الاشعري تسامح لأنه عنده عين الذات وليس بزائد عليها والذات ليست صفة لكن لما كان الوجود توصف به الذات في اللفظ فيقال ذات مولانا جل وعز موجودة صح ان تعد صفة على الجملة وأما على مذهب من جعل الوجود زائدا على الذات كالإمام الرازي فعده من الصفات صحيح لا تسامح فيه ومنهم من جعله زائدا على الذات في الحادث دون القديم وهو مذهب الفلاسفة
                    )).
                    توضيح:
                    ينقل المؤلف ثلاثة اقوال في صفة الوجود:
                    الأول: قول بعض الاشاعرة المتقدمين كالشيخ الاشعري، الذي يرى ان صفة الوجود هي الصفة الوحيدة التي تكون عين الذات المقدسة دون سائر الصفات الزائدة عليها. وعلى هذا القول فإنّ عد صفة الوجود من الصفات الكمالية فيه تسامح ومبني على الجواز، باعتبار ان الوجود عين الذات وليس بشيء اخر والذات ليست صفة فالوجود ليس صفة حقيقة أيضاً.
                    ومنشأ ذلك الجواز هو إطلاق اللفظ، فانه لما كان ينسب الوجود للذات بحسب الالفاظ فيقال: (الذات موجودة) كان ذلك سبباً في عده ضمن الصفات.
                    الثاني: قول بعض الاشاعرة المتأخرين كالفخر الرازي، فانه يرى ان الوجود زائد على الذات المقدسة حاله حال بقية الصفات الأخرى، وعلى هذا القول فان صفة الوجود تعد حقيقة - لا مجاز – صفة كمالية كبقية الصفات الكمالية الاخرى.
                    الثالث: قول الفلاسفة، وهو التفصيل بين القديم والحادث، فهم يرون ان الوجود يكون عين الذات بالنسبة للقديم، وزائد عليها بالنسبة للحادث.
                    والخلاصة:
                    1- ان معنى الوجود واضح ولا يحتاج الى تعريف.
                    2- ان صفة الوجود صفة حقيقية عند من يرى الوجود زائداً على الذات، ومجازية عند من يرى انه عين الذات.
                    3- انها صفة نفسية، بمعنى أنّ للوجود معنى ايجابي في نفسه، بخلاف بعض الصفات الاتية كالقدم والبقاء والوحدانية وغيرها فان معناها سلبي كما سيتضح.
                    أقول: ان تفريقه بين الوجود وبين غيره ليس بصحيح، فان التوحيد الحق يكون بالتسبيح والتنزيه لا بالوصف كما بينه الامام (ع) في كتاب التوحيد.


                    الاسئلة:
                    1- هل صفة الوجود حقيقية ام مجازية ؟
                    2- هل معنى الوجود الذي يتصف به سبحانه ايجابي ام سلبي بنظر المؤلف السنوسي ؟
                    3- هل تفريق المؤلف بين الوجود وغيره من الصفات حيث جعل معناه ايجابياً وجعل معناها سلبياً صحيح ؟
                    Last edited by علاء السالم; 28-04-2013, 19:27.

                    Comment

                    • علاء السالم
                      مشرف الساحة الفقهية
                      • 01-01-2012
                      • 290

                      #11
                      رد: عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

                      التسجيل الصوتي للمحاضرة (القدم ــ البقاء) ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا

                      2/ القدم
                      قال المؤلف: (( والقدم.
                      الاصح ان القدم صفة سلبية ليست بمعنى موجود في نفسها كالعلم مثلا وإنما هي عبارة عن سلب العدم السابق على الوجود وان شئت قلت عبارة عن عدم الاولية للوجود وان شئت قلت هو عبارة عن عدم افتتاح الوجود والعبارات الثلاثة بمعنى واحد. هذا معنى القدم في حقه تعالى باعتبار ذاته العلية وصفاته الجلية السنية.
                      وأما معناه اذا اطلق في حق الحادث كما اذا قلت مثلا هذا بناء قديم وعرجون قديم فهو عبارة على طول مدة وجوده وان كان حادثا مسبوقا بالعدم كما قاله تعالى انك لفي ضلالك القديم وقوله تعالى كالعرجون القديم والقديم بهذا المعنى على الله تعالى محال لان وجوده جل وعز لا يتقيد بزمان ولا مكان لحدوث كل منهما فلا يتقيد بواحد منهما إلا ما هو حادث.
                      وهل يجوز ان يتلفظ بلفظ القديم في حقه تعالى فيقال هل جل وعز قديم لان معناه واجب له عقلا ونقلا او لا يتلفظ بذلك وإنما يقال يجب له تعالى القدم ونحوه من العبارات ولا يطلق عليه في اللفظ اسم القديم لان اسماءه جل وعز توقيفية ؟
                      هذا مما تردد فيه بعض المشايخ لكن قال العراقي في شرح اصول السبكي عده الحليمي في الاسماء وقال لم يرد في الكتاب نص ولكن في السنة قال العراقي واشر بذلك الى ما رواه ابن ماجة في سننه قال من حديث ابي هريرة رضي الله عنه وفيه عد القديم من التسعة والتسعين اسما
                      )).

                      التوضيح:
                      اشار المؤلف في عبارته الى نقطتين:
                      الأولى: ان صفة القدم التي يدرك العقل وجوب اتصافه سبحانه بها معناها سلبي، اذ تقدم بيان ان الصفات تارة يكون لها معنى ايجابي ونفسي، وأخرى يكون لها معنى سلبي، وصفة القدم من النوع الثاني، ويمكن التعبير عنها بأحد العبارات التالية:
                      1- سلب العدم السابق على الوجود.
                      2- عدم الاولية للوجود.
                      3- عدم افتتاح الوجود.
                      وكل هذه العبارات والتعريفات بمعنى واحد وهو معنى سلبي كما لا يخفى.
                      الثانية: ان القدم اذا اطلق على الموجود الحادث كما لو قلت: (هذا البيت قديم) فمعناه هو: طول مدة وجوده. والقدم بهذا المعنى يستحيل اتصاف الله سبحانه به بسبب ان الطول المتضمن في معناه هو طول زماني، والله سبحانه لا يتقيد بزمان ولا مكان وهو منزه عنهما، لان كل منهما حادث ولا يتقيد بهما إلا الشيء الحادث كما هو معلوم.
                      الثالثة: إن العقل يدرك بكل تأكيد ان الله سبحانه يتصف بالقدم (ذي المعنى السلبي) فهو سبحانه لا يسبق وجوده عدم، ووجوده لا بداية له، والنصوص الشرعية أكدت ذلك أيضاً، وعليه فمعنى القدم مما يتصف به سبحانه وفق ما دل عليه الدليل العقلي والنقلي،
                      ولكن السؤال الآن: هل نطلق عليه (قديم) باللفظ فنقول: الله قديم، او ندعوه به فنقول يا قديم كما نقول يا رحمن مثلاً، وسبب اطلاق القديم عليه لفظا هو دلالة الدليل العقلي والنقلي على ان معنى القدم امر واجب اتصافه سبحانه به .. هل يصح هذا ؟؟
                      او لا يصح، ونقول: ان الدليل العقلي والنقلي وان دل على ان معنى القدم مما يجب اتصافه سبحانه به، ولكن من المعلوم ان اسماءه سبحانه توقيفية وأمرها بيد الشارع ولم يدل الدليل الشرعي (وفق وجهة نظر المؤلف) على جواز اطلاق لفظ (القديم) عليه سبحانه ؟؟
                      ما هو الصحيح في هذه المسألة ؟
                      لم يجزم المؤلف السنوسي بشيء واكتفى بالقول ان هذه المسألة مما تردد فيها بعض مشايخ الاشاعرة، ثم نقل قولا لشارح اصول السبكي العلامة العراقي: ان الحليمي عد القديم من بين اسمائه سبحانه، ودليله هو السنة وأما الكتاب فلم يرد فيه ذلك.

                      والخلاصة:
                      1- ان (القدم) يطلق ويراد به احد امرين:
                      الأول: معنى سلبي (لا اول له ولا بداية، لا يسبق وجوده عدم).
                      الثاني: معنى ايجابي (طول مدة وجوده).
                      والذي يدرك العقل وجوب اتصافه سبحانه به هو المعنى الأول دون الثاني الذي تتصف به الحوادث.
                      2- ان المؤلف لم يجزم بصحة اطلاق لفظ القديم على الله رغم اعتقاده بان معنى القدم مما يجب ان يتصف به سبحانه وفق ما دل عليه الدليل العقلي والنقلي.
                      وهذا نموذج مما ورد عن ال محمد (ع) عن اتصافه سبحانه بالقدم:
                      عن الفتح بن يزيد ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : ( سألته عن أدنى المعرفة فقال : الاقرار بأنه لا إله غيره ولا شبه له ولا نظير وأنه قديم مثبت موجود غير فقيد وأنه ليس كمثله شئ ) الكافي: ج1 ص86.

                      الاسئلة:
                      1- ما هو معنى القدم الذي يتصف به سبحانه ؟
                      2- القدم الذي يتصف به الحادث ما هو معناه، ولماذا يستحيل اتصاف الله به ؟
                      3- هل يصح اطلاق لفظ القديم على الله بنظر المؤلف ؟
                      4- ما معنى ان اسماء الله توقيفية ؟
                      Last edited by ya fatema; 21-04-2013, 23:53.

                      Comment

                      • علاء السالم
                        مشرف الساحة الفقهية
                        • 01-01-2012
                        • 290

                        #12
                        رد: عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

                        3/ البقاء
                        قال المؤلف: (( والبقاء. هو عبارة عن سلب العدم اللاحق للوجود وان شئت قلت هو عبارة عن عدم الآخرية للوجود والعبارتان بمعنى واحد.
                        وبعض الائمة يقول معنى البقاء في حقه تعالى استمرار الوجود في المستقبل الى غير نهاية كما ان معنى القدم في حقه استمرار الوجود في الماضي الى غير نهاية، وكأن هذه العبارة يحتاج قائلها الى ان يقول القدم والبقاء صفتان نفسيتان لأنهما عنده الوجود المستمر في الماضي والمستقبل والوجود نفسي لعدم تحقق الذات بدونه.
                        وهذا المذهب ضعيف لأنهما لو كانا نفسيتين لزم ان لا تعقل الذات بدونهما وذلك امر باطل بدليل ان الذات يعقل وجودها ثم يطلب البرهان على وجوب قدمها وبقائها.
                        وشذ قوم فقالوا ان القدم والبقاء صفتان موجودتان يقومان بالذات كالعلم والقدرة. ولا يخفى ضعفه لأنه يلزم عليه ان يكون القدم والبقاء قديمين ايضا بقدم اخر موجود وباقيين ببقاء اخر موجود ثم ينقل الكلام الى هذا القدم الاخر وهذا البقاء فيلزم فيهما ما لزم في الاولين ويلزم التسلسل.
                        واضعف من هذا القول قول من فرق وقال القدم سلبي والبقاء وجودي.
                        والحق الذي عليه المحققون انهما صفتان سلبيتان اي كل منهما عبارة عن نفي ما يليق به تعالى وليس لهما معنى موجود في الخارج عن الذهن
                        )).

                        التوضيح:
                        الصفة الثالثة التي يدرك العقل وجوب اتصافه سبحانه بها هي صفة البقاء، والدليل العقلي والشرعي اكد ذلك، فلا سبيل للفناء الى ساحته المقدسة، تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
                        والمؤلف السنوسي اشار الى عدة اراء في معنى البقاء يمكن اجمالها بما يلي:
                        الأول: ان معنى البقاء الذي يتصف به سبحانه بنظر المؤلف ومحققي الاشاعرة معناه سلبي كما تقدم في صفة القدم، ويمكن التعبير عنه بـ:
                        1- سلب العدم اللاحق للوجود.
                        2- عدم الآخرية للوجود.
                        الرأي الثاني: ان معنى البقاء إيجابي، وهو: (استمرار الوجود في المستقبل الى غير نهاية)، والقدم بنظره ايجابي ايضا ومعناه: (استمرار الوجود في الماضي الى غير نهاية). فالقدم والبقاء - بنظر هذا القائل - معناهما نفسي ايجابي وليس سلبياً، فهما الوجود الماضي والمستقبلي، والوجود صفة نفسية ومعناها ايجابي ولا يمكن ان تعقل الذات بدونه.
                        والمؤلف السنوسي يقول ان هذا الرأي في تفسير البقاء باطل، لان البقاء والقدم لو كانا امرين نفسيين لكان معنى ذلك ان الذات المقدسة لا يمكن تعقلها وإدراك وجودها بدونهما، وهذا ليس بصحيح فإننا نتعقل وجود الذات بدون معرفة وجوب اتصاف الذات بالبقاء والقدم أصلاً، ثم بعد ذلك التعقل نطلب البرهان على وجوب اتصاف الذات بهما، وهذا دليل على ان البقاء والقدم ليسا نفس الوجود الذي تتصف به الذات.
                        الرأي الثالث: ان البقاء والقدم امران موجودان قائمان بالذات حالهما حال العلم والقدرة. وهو قول باطل لأنه يلزم منه التسلسل.
                        توضيح بطلانه: ان الصفات القائمة بالذات كالعلم والقدرة والحياة والإرادة ... الخ، هي زائدة على الذات وقديمة بقدمها وباقية ببقائها، فلو كانت صفتا القدم والبقاء مثلها لكانت صفة القدم قديمة وصفة البقاء باقية، ثم ننقل الكلام الى هذا القدم والبقاء الاخرين فأيضاً يكونا قديمين وباقيين وهكذا نقل السؤال الى القدم والبقاء الجديدين حتى يتسلسل الامر، والتسلسل باطل.
                        الرأي الرابع: التفريق بين القدم والبقاء، فمعنى القدم سلبي ومعنى البقاء وجودي.
                        وهو قول باطل بنظر المؤلف ايضاً والتفريق المذكور بلا دليل معتبر.

                        تنبيه:
                        أما كون معنى صفاته سبحانه سلبياً فهو امر صحيح لأننا عرفنا سابقاً أن توحيده سبحانه إنما يكون بتسبيحه وتنزيهه لا في وصفه ووضع معاني ثبوتية لصفاته وكمالاته، فأنّى للمحدود أن يحيط باللامحدود.
                        ولكن الاختلاف في بيان معنى البقاء والقدم مبني على معتقد الاشاعرة من ان صفاته زائدة على ذاته، وهو باطل كما عرفنا، والحق ان صفاته عين ذاته.
                        وعن اسم (الباقي) الذي يطلق عليه سبحانه، يقول الامام الصادق ع: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، وهي : الله ، الإله ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، الأول ، الآخر ، السميع ، البصير ، القدير ، القاهر ، العلي ، الأعلى ، الباقي ....) التوحيد للصدوق: ص194.

                        الاسئلة:
                        1- اذكر باختصار الاراء التي نقلها السنوسي في بيان صفة البقاء، وبين ما اختاره منها.
                        2- هل صحيح قول المؤلف ان صفة البقاء معناها سلبي، ولماذا ؟

                        Comment

                        • علاء السالم
                          مشرف الساحة الفقهية
                          • 01-01-2012
                          • 290

                          #13
                          رد: عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

                          التسجيل الصوتي لمحاضرة (المخالفة للحوادث + قيامه بنفسه) ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا

                          4/ المخالفة للحوادث
                          قال المؤلف: (( وَمُخَالَفَتُهَ تَعَالَى لِلْحَوَادِثِ.
                          اي لا يماثله تعالى شيء منها مطلقا لا في الذات ولا في الصفات ولا في الافعال قال تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فأول هذه الاية تنزيه وآخرها اثبات فصدرها يرد على المجسمة وأضرابهم وعجزها يرد على المعطلة النافين لجميع الصفات، وحكمة تقديم التنزيه في الاية وان كان من باب تقديم السلب على الاثبات وان كان الاولى في كثير من المواطن العكس لأنه لو بدا بالسمع والبصر لأوهم التشبيه اذ الذين يقولون بالتشبيه يقولون في السمع انه بأذن وفي البصر انه بحدقة وان كلا منهما انما يتعلق بالشاهد ببعض الموجودات دون بعض وعلى صفة مخصوصة من عدم البعد جدا او نحو ذلك فبدا في الاية الكريمة بالتنزيه ليستفاد منه نفي التشبيه له تعالى مطلقا حتى في السمع والبصر اللذين ذكرا بعد فان سمعه تعالى وبصره ليسا كسمع الخلق وبصرهم لان سمع الله تعالى وبصره صفتان قائمتان بذاته العلية التي يستحيل عليها الجرمية والجارحة ولوازمهما واجبتا القدم والبقاء متعلقتان بكل موجود قديماً كان او حادثاً ذاتاً كان او صفة ظاهراً كان او باطناً
                          )).

                          التوضيح:
                          الصفة الرابعة من الصفات التي يدرك العقل وجوب اتصافه سبحانه بها هي صفة المخالفة للحوادث.
                          والحادث (مفرد حوادث): هو ذلك الموجود الذي يسبق وجوده العدم، أي انه لم يكن ثم كان، فهو يحتاج الى علة لإيجاده وإخراجه من العدم الى الوجود.
                          ومعنى مخالفته سبحانه للحوادث هو انه سبحانه لا يماثله أو يشابهه شيء منها، لا على مستوى ذاته ولا على مستوى صفاته، قال تعالى: (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )).
                          هذا أولاً.
                          وثانياً: بين المؤلف معاني عقائدية مستفادة من هذه الاية الكريمة فيقول: ان هذه الاية فيها مقدم وهو (ليس كمثله شيء) ومؤخر وهو (وهو السميع البصير)، والمقدم بحسب وجهة نظره فيه رد على قول المجسمة وما شابههم الذي جسّموا الله وشبههوه بخلقه تعالى عن ذلك علوا كبيراً، والآية كذبت معتقدهم اذ بينت انه سبحانه ليس كمثله شيء، والجسم شيء تتصف به الحوادث كما هو معلوم.
                          وأما مؤخر الاية ففيه رد على المعطلة وهم الذين نفوا صفاته وقالوا انه سبحانه لا يتصف بصفة كمالية أصلاً، والآية بينت بطلان معتقدهم اذ قالت (وهو السميع البصير) فوصفته سبحانه بالسمع والبصر.
                          وثالثاً: في نفس الاية الكريمة قدم الحق سبحانه التنزيه على اثبات الوصف، والسؤال: ان الاولى في كثير من الاحيان تقديم الاثبات على النفي في الكلام، فيقال مثلاً: سافر القوم ولم يسافر محمد، وهو اولى من تقديم النفي على الإثبات، وفي الاية رأينا تقديم السلب والتنزيه على الإثبات، فلماذا كان ذلك ؟
                          يجيب المؤلف فيقول: ان هذا كان لحكمة وهي نفي التشبيه والمماثلة له سبحانه، فان البعض اثبت لله تعالى السمع والبصر بالات جارحة، فاثبت السمع بإذن والبصر بحدقة (تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً)، وان كلاً منهما يتعلق ببعض الموجودات وليس بجميعها وفق شروط خاصة مثل عدم البعد جداً ونحو ذلك من الشروط التي حددوها ..
                          فالله سبحانه بدأ بالسلب لأنه لما اراد ان يذكر السمع والبصر في كلامه (ولأن ذلك قد يورث التشبيه في الاذهان) قدم عليه ذكر التنزيه ونفي التشبيه فقال (ليس كمثله شيء)، حتى لا يخطر في بال احد ذلك، ثم بعد ان نفاه اثبت السمع والبصر اللذين لا يشبههما سمع وبصر الخلق مطلقاً. فلا سمعه كسمع خلقه ولا بصره كذلك.
                          ورابعاً: بين المؤلف عقيدة الاشاعرة بصفة السمع والبصر، وهما:
                          - صفتان كماليتان،
                          - زائدتان على ذاته،
                          - قائمتان بها، ولما كانتا قائمتان بذاته فهما – أي السمع والبصر - منزهان عن الجارحة والجرمية ولوازمهما.
                          - قديمتان بقدم ذاته سبحانه، وباقيتان ببقائها،
                          - متعلقتان بكل الموجودات سواء كان قديماً او حادثاً، ذاتاً أو صفة، ظاهراً كان او باطناً.
                          وسيأتي مزيد من التوضيح لصفة السمع والبصر لاحقاً ان شاء الله.

                          الاسئلة:
                          1- ما معنى اتصافه سبحانه بالمخالفة للحوادث ؟
                          2- أوضح السنوسي ان اية (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) فيها رد على المجسمة والمعطلة، أوضح ذلك ؟

                          Comment

                          • علاء السالم
                            مشرف الساحة الفقهية
                            • 01-01-2012
                            • 290

                            #14
                            رد: عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

                            5/ قيامه بنفسه
                            قال المؤلف: (( وَقِيَامُةُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ: أَيْ لاَ يَفْتَقِرُ إِلَى مَحَلَّ، وَلاَ مُخصِّصٍ.
                            يعني انه مما يجب له تعالى أن يقوم بنفسه أي بذاته ومعنى قيامه تعالى بنفسه سلب افتقاره تعالى إلى شيء من الأشياء فلا يفتقر تعالى إلى محل اي ذات سوى ذاته تعالى فيوجد فيها كما توجد الصفة في الموصوف لان ذلك لا يكون إلا في الصفات وهو تعالى ذات موصوفة بالصفات وليس جل وعز بصفة كما تدعيه النصارى ومن في معناهم من الباطنية اهلك الله جمعهم وسيأتي برهان ذلك عند تعريف البراهين.
                            وكذلك لا يفتقر إلى مخصص أي فاعل يخصصه بالوجود لا في ذاته ولا في صفة من صفاته وإنما يحتاج إلى المخصص اي الفاعل من يقبل العدم ومولانا جل وعز لا يقبله لوجوب القدم والبقاء لذاته تعالى ولجميع صفاته فإذن يستحيل الافتقار عموما.
                            وبهذا تعرف ان مرادنا بالمحل في اصل العقيدة الذات ومرادنا بالمخصص الفاعل، فبعدم افتقاره الى محل اي ذات اخرى لزم انه جل وعز ذات لا صفة، وبعدم افتقاره الى مخصص اي فاعل لزم ان ذاته جل وعز ليست كسائر الذوات التي لا تفتقر هي ايضا الى محل كالأجرام مثلا لان هذه وان كانت مستغنية عن المحل اي عن ذوات تقوم بها قيام الصفة بالموصوف فهي مفتقرة ابتداء ودواما افتقارا ضروريا لازما الى المخصص اي الفاعل وهو مولانا جل وعز.
                            فإذن القيام بالنفس هو عبارة عن الغنى المطلق وذلك لا يمكن ان يكون إلا لمولانا تبارك وتعالى قال جل من قائل (يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد) وقال تعالى (الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا احد) فاثبت الله تعالى بقوله (الله الصمد) افتقار كل ما سواه اليه اذ الصمد الذي يصمد اليه في الحوائج اي يقصد فيها ومنه تسال ولا شك ان كل ما سواه تعالى صامد له اي مفتقر اليه ابتداء ودواما بلسان حاله او بلسان مقاله او بهما معاً. واثبت الله تعالى بقوله (لم يلد ولم يولد) وجوب الغناء له جل وعز عن المؤثر فلا حاجة له تعالى الى المؤثر ولا علة لوجوده تعالى واليه الاشارة بقوله تعالى (لم يلد) اي لم يتولد وجوده عن شيء اي لا سبب لوجوده تعالى لوجوب قدمه وبقائه. وكذلك لا حاجة له تعالى الى الاثر وهو ما اوجده تعالى من الحوادث ولا غرض له جل وعز في شيء منها تعالى عن الاعراض والأغراض فلا معين له تعالى في شيء منها بل هو جل وعز فاعل بمحض الاختيار بلا واسطة ولا معالجة ولا علة واليه الاشارة بقوله تعالى (لم يلد) اي لم يتولد وجود شيء عن ذاته العلية بان يكون بعضا منها او ناشئا عنه من غير قصد او ناشئا عنه تعالى باستعانة ممن يزاوجه على ذلك او ثم غرض يحمله على ذلك في جميع ما ذكر اذ لو كان تعالى كذلك لزم ان يماثل الحوادث كيف وهو تبارك وتعالى ليس كفؤا احد فلا والد له اذن ولا صاحبة ولا ولد ولا مماثلة بينه وبين الحوادث بوجه من الوجوه فتبارك وتعالى
                            )).

                            التوضيح:
                            من الصفات التي يدرك العقل وجوب اتصافه سبحانه بها، هي: (قيامه تعالى بذاته).
                            وهذه الصفة معناها سلبي أيضاً حالها حال صفة القدم والبقاء.
                            فمعنى قيامه بنفسه او بذاته هو: عدم احتياجه الى محل ومخصص.
                            والمحل: هو الذات التي ينوجد الموجود من خلالها.
                            والمخصص: هو الفاعل المؤثر الموجِد.
                            ومعنى عدم احتياجه الى محل: هو انه سبحانه يقوم بذاته المقدسة ولا يحتاج الى ذات اخرى او شيء اخر يقوم به وينوجد من خلاله كما تنوجد الصفة في الموصوف، فمثلاً: صفة العلم تعرض على ذات اخرى فتتصف تلك الذات بالعلم ويقال عنها عالم، ان الأمر في وجود الله تعالى ليس كذلك، فهو سبحانه غني مطلق ويقوم بذاته المقدسة ولا يفتقر الى شيء من الاشياء ينوجد به، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
                            وبعبارة أخرى: ان من يحتاج الى القيام بذات اخرى هو الصفة، فهي تحتاج الى موصوف تعرض عليه وتتصف به وتنوجد من خلاله، والله سبحانه ذات وليس صفة كما تدعي بعض الفرق الباطلة كالنصارى والباطنية على حد تعبير المؤلف.
                            أقول: ان كان المؤلف يقصد الالوهية فهي صفة كباقي الصفات الاخرى، وتعالى سبحانه ان تكون الالوهية كنهه وحقيقته كما اوضحه السيد احمد الحسن (ع) في مطلع كتاب التوحيد.
                            وأما معنى عدم احتياجه سبحانه الى مخصص: هو انه سبحانه لا يحتاج الى فاعل موجد، ومؤثر يخصص له طرف الوجود في قبال طرف العدم.
                            توضيح ذلك: ان الموجود الممكن تتساوى نسبته الى الوجود والعدم، أي يجوز عليه الوجود والعدم، وبالتالي فحتى ينوجد يحتاج الى فاعل يخصص له طرف الوجود. وواضح ان مثل هذا الامر انما يكون في وجود الممكن، والله سبحانه واجب الوجود ووجوده عين ذاته ومن ثم فهو غني عن الفاعل الذي يخصص له طرف الوجود، وليس وجوده ممكناً حتى يحتاج الى مخصص وفاعل أو علة توجده، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
                            وبهذا ثبت أنه سبحانه قائم بنفسه (أي غير محتاج إلى محل ومخصص) وهو الصفة الخامسة.
                            س/ ان بقية الذوات الاخرى ايضا قائمة بأنفسها وغير محتاجة الى محال تنوجد من خلالها، فمثلاً: زيد يقوم وينوجد بذاته ولا يحتاج الى ذات أخرى ينوجد فيها ومن خلالها، فهل معنى ذلك انه يتصف بنفس الصفة التي نحن بصدد اثبات وجوب اتصاف الحق سبحانه بها ؟
                            ج/ ان زيد (وجميع الذوات ممكنة الوجود) وان كان قائم بذاته ولا يحتاج الى ذات اخرى ينوجد فيها، ولكنه بحاجة الى مخصص وفاعل وعلة تخرجه من العدم الى الوجود، على مستوى الابتداء وعلى مستوى الدوام ايضاً. وتبقى الذات الوحيدة التي تتصف بالغنى المطلق وعدم الافتقار إلى المحل والمخصص معاً هو الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: (يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد).
                            وكما انه سبحانه غير محتاج الى المحل والمؤثر (العلة)، فكذلك هو سبحانه غير محتاج الى الاثر (أي المخلوق)، فهو سبحانه موجد الاشياء وفاعل الافعال باختياره، اوجدها لا باضطرار او إلجاء، وهو غني بذاته وغير مفتقر الى ما سواه تبارك وتعالى.

                            الأسئلة:
                            1- أوضح معنى اتصافه سبحانه بالقيام بنفسه.
                            2- بقية الذوات الاخرى ايضا قائمة بانفسها، فما فرق قيامه سبحانه بنفسه عنها ؟
                            3- هل لك ان تذكر نصاً دينياً على هذه الصفة وتوضح الاستشهاد به ؟

                            Comment

                            • علاء السالم
                              مشرف الساحة الفقهية
                              • 01-01-2012
                              • 290

                              #15
                              رد: عقائد السنة: أم البراهين السنوسية الصغرى بشرح السنوسي ـــ شيخ علاء السالم

                              التسجيل الصوتي للمحاضرة ( الوحدانية ــ صفات المعاني والصفات المعنوية ــ صفات المعاني : القدرة والارادة ) ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا
                              6/ الوحدانية
                              قال المؤلف: (( وَالْوَحْدَانِيَّةُ: أَيْ لاَ ثَانِيَ لَهُ فِي ذَاتِهِ، وَلاَ فِي صِفَاتِهِ، وَلاَ فِي أَفْعَالِهِ.
                              يعني ان الوحدانية في حقه تعالى تشتمل على ثلاثة اوجه احدها: نفي الكثرة في ذاته تعالى ويسمى الكم المتصل. الثاني: نفي النظير له في ذاته او في صفة من صفاته ويسمى الكم المنفصل. الثالث: انفراده تعالى بالإيجاد والتدبير العام بلا واسطة ولا معالجة فلا مؤثر سواه تعالى في اثر ما عموما قال جل من قائل "ان كل شيء خلقناه بقدر" وقال تعالى "ذلكم الله ربكم لا اله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه" وقال جل وعز "له ملك السموات والأرض" وقال تبارك وتعالى "والله خلقكم وما تعملون"
                              )).

                              التوضيح:
                              الصفة السادسة من الصفات التي يحكم العقل بوجوب الاتصاف بها هي الوحدانية، والمؤلف يرى أن معناها سلبي ايضا كسابقاتها.
                              ومعنى صفة الوحدانية: هو انه سبحانه لا ثاني له في ذاته، وفي صفاته، وفي افعاله.
                              ففي هذه الصفة ثلاث انواع من النفي وسلب النقص عنه سبحانه:
                              الأول: انه سبحانه واحد في ذاته، بمعنى انه لا ثاني له فيها، فلا كثرة فيها وليست مركبة من اجزاء (ويصطلح عليه بالكم المتصل).
                              الثاني: انه سبحانه واحد في ذاته وصفاته، بمعنى انه لا نظير له ولا شبيه في ذاته وصفاته، فلا يوجد موجود يناظره في ذاته او في صفة من صفاته (ويصطلح عليه بالكم المنفصل).
                              الثالث: انه سبحانه واحد في افعاله.
                              ويفسر المؤلف الوحدانية هنا بانفراده سبحانه بالإيجاد والتدبير بلا واسطة وانه سبحانه المؤثر الوحيد ولا مؤثر في عالم الخلق سواه.
                              أقول: اما انه سبحانه لا يحتاج الى احد في الايجاد والتدبير فمما لا شك فيه، وأما نفي تأثير من سواه في عالم الخلق مطلقاً ولو كان بإذنه سبحانه فهو غير صحيح لأنه مما نطق به القران الكريم والسنة الشريفة، وقد تقدم بيان ذلك.

                              الاسئلة:
                              1- ما معنى وحدانيته سبحانه ؟
                              2- اوضح معنى وحدانيته في افعاله وعلق عليه ان كان يحتاج الى تعليق.

                              Comment

                              Working...
                              X
                              😀
                              🥰
                              🤢
                              😎
                              😡
                              👍
                              👎