إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

دراسة في شخصية اليماني الموعود -الحلقة 1- للشيخ ناظم العقيلي

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • المدير العام
    مدير عام المنتدى
    • 17-09-2008
    • 879

    دراسة في شخصية اليماني الموعود -الحلقة 1- للشيخ ناظم العقيلي

    دراسة في شخصية اليماني الموعود
    وبعض ما يتعلق به
    ( الحلقة الأولى )


    بقلم: الشيخ ناظم العقيلي


    بسم الله الرحمن الرحيم

    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى اله الائمة والمهديين وسلم تسليما.

    عن الامام الباقر ( عليه السلام ) : ( ... خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة ، في شهر واحد ، في يوم واحد ، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا فيكون البأس من كل وجه ، ويل لمن ناواهم ، وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني ، هي راية هدى ، لأنه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على الناس وكل مسلم ، وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدى ، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ، لأنه يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم ... ) الغيبة للنعماني ص262 – 264 بـ 14 ح13.

    وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( خروج الثلاثة : السفياني والخراساني واليماني ، في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد ، وليس فيها راية أهدى من راية اليماني ، لأنه يدعو إلى الحق ) الإرشاد للمفيد ج 2 ص 375 / إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي ج 2 ص 284 / الغيبة للطوسي ص 446 – 447 ح 443 بتفاوت يسير.

    الأوصاف الواردة عن اليماني في روايات أهل البيت (ع) أوصاف جليلة وعظيمة لا يمكن أن تتوفر إلا في حجج الله تعالى والمعصومين (ع)، ومن خلال روايات أهل البيت (ع) يتبين أن امتحان الأمة الأول هو باليماني وقبل قيام الإمام المهدي (ع)، وانه قسيم النار والجنة في عصر الظهور وان عَجِبتَ فيزول عَجَبُك عندما تسمع الإمام الباقر يصف الملتوي عليه بأنه من أهل النار ، أي حتى لو كان مقرا – بلسانه - بجميع الأئمة (ع) يكون من أهل النار إن التوى على اليماني .

    وهذا الامتحان والخروج عن الولاية واستحقاق النار قبل قيام الإمام المهدي (ع) حذر منه الأئمة (ع):
    عن الإمام الصادق (ع) في تفسير بعض الآيات القرآنية قال: ( وقوله [ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ] يعني بذلك الشيعة وضعفاءها... الى قوله : وقوله : [ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ .. لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ] قال : اليوم قبل خروج القائم من شاء قبل الحق وتقدم إليه ومن شاء تأخر عنه ....... ) بحار الأنوار ج 24 ص 325 - 326 / تأويل الآيات لشرف الدين الحسني ج2 ص 734 – 735.

    فمن تقدم إلى قبول الحق تأخر عن سقر، ومن تأخر عن قبول الحق تقدم إلى سقر، إذن فالالتواء على اليماني ومعاداته يُخرج الناس عن الولاية ويوردهم سقر – والعياذ بالله – وسيتبين أن اليماني هو واعية أهل البيت (ع) في عصر الظهور ومن سمعه ولم ينصره أكبه الله في النار على وجهه، كما قال الإمام الحسين (ع):
    ( ... فإنه من سمع واعيتنا أهل البيت ثم لم يجبنا ، كبه الله على وجهه في نار جهنم ) الأمالي للصدوق ص 219.
    والواعية هي الدعوة، والكلام في هذا الموضوع طويل اتركه إلى محله...

    ولنسلط الضوء الان على صفات اليماني الموعود التي وردت في كلام الباقر والصادق عليهما السلام:
    1 – ( وليس في الرايات راية أهدى من راية اليماني): فهو أهدى الرايات في عصر الظهور، وهذا يعني بأنه الممهد الرئيسي لقيام الإمام المهدي (ع) ، وكل راية أو دعوة تعارضه فهي باطل وانحراف، ولا يمكن أن يُقرَن به احد مهما كان.

    2 - ( يدعو إلى صاحبكم ): أي إلى الإمام المهدي (ع)، وهذا يعني انه صاحب دعوة وفكر يختلف عن غيره من أصحاب الرايات، أي ان دعوته خاصة بالإمام المهدي (ع) لا الى مرجعية دينية ولا إلى حزب سياسي ولا غير ذلك، كما هو متعارف عند أهل هذا الزمان.

    3 – ( وإذا خرج اليماني فانهض إليه فان رايته راية هدى ): وفرض طاعة اليماني الموعود على الناس لا يمكن أن يكون إلا إذا كان اليماني معصوما عن الضلال والانحراف ، وإلا لزم من اتباعه ضلال الناس وانحرافهم
    عن عيون أخبار الرضا ( ع ): فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون : ( لا يفرض الله تعالى طاعة من يعلم أنه يضلهم ويغويهم ولا يختار لرسالته ولا يصطفي من عباده من يعلم أنه يكفر به وبعبادته ويعبد الشيطان دونه ) بحار الأنوار ج 25 ص 199.
    وعن أمير المؤمنين (ع) انه قال : ( إنما الطاعة لله عز وجل ولرسوله ولولاة الأمر ، وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته ) علل الشرائع ج1 ص123 بـ 102.

    4 - ( لا يحل لمسلم ان يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار ): أي ان الملتوي على اليماني مهما صام أو صلى .... الخ، فهو من أهل النار، ومن المعلوم أن أهل النار هم الخارجين عن ولاية أهل البيت (ع) ، وأما الموالين فهم ليس من أهل النار أبدا، وقوله (ع) : ( من أهل النار ) أي انه آهل فيها ومنها كما يكون الشخص من أهله أي انه منهم واليهم.

    وقد رويت كثير من الروايات تنص على أن الذي يدين بإمامة الأئمة الذين نصبهم الله تعالى لا يكون من أهل النار وان كانت أعماله سيئة وقبيحة ، أي ان الله تعالى يوفقه للتوبة قبل الموت، وان الله تعالى لا يعفو عن أي شخص ينكر إمامة إمام منصب من الله وان كانت أعماله برة تقية:
    عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : ( قال الله عز وجل : لأعذبن كل رعية في الإسلام دانت بولاية كل إمام جائر ليس من الله وإن كانت الرعية في أعمالها برة تقية ، ولأعفون عن كل رعية دانت بولاية كل إمام عادل من الله وإن كانت الرعية في أعمالها ظالمة مسيئة ) الغيبة للنعماني باب7 ح 13 ص 131 / الكافي ج1 ص376.

    وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال : ( إن الله لا يستحيي أن يعذب أمة دانت بإمام ليس من الله وإن كانت في أعمالها برة تقية وإن الله ليستحيي أن يعذب أمة دانت بإمام من الله وإن كانت في أعمالها ظالمة مسيئة )الكافي ج1 ص376.

    وعن عبد الله بن أبي يعفور ، قال: " قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : إني أخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلانا وفلانا لهم أمانة وصدق ووفاء ، وأقوام يتولونكم ليس لهم تلك الأمانة ولا الوفاء ولا الصدق .
    قال : فاستوى أبو عبد الله ( عليه السلام ) جالسا وأقبل علي كالمغضب ، ثم قال : لا دين لمن دان بولاية إمام جائر ليس من الله ، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله .
    قلت : لا دين لأولئك ، ولا عتب على هؤلاء ؟ !
    قال : نعم ، لا دين لأولئك ، ولا عتب على هؤلاء ، ثم قال : أما تسمع قول الله عز وجل : ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) يعني من ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كل إمام عادل من الله ، ثم قال : ( والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ) فأي نور يكون للكافر فيخرج منه ، إنما عنى بهذا أنهم كانوا على نور الإسلام ، فلما تولوا كل إمام جائر ليس من الله خرجوا بولايتهم إياهم من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر فأوجب الله لهم النار مع الكفار فقال : ( أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) كتاب الغيبة للنعماني باب 7 ح 14 ص 131 – 132/ الكافي ج 1 ص 374 .

    إذن فما دام أن الالتواء على اليماني يسبب دخول النار والكون من أهلها – والعياذ بالله – فلابد أن يكون اليماني إماما منصبا من الله تعالى وحجة إلهية، لأنه لو لم يكن كذلك لما كان الملتوي عليه من أهل النار، ولكان الملتوي عليه غير خارج عن ولاية أهل البيت (ع) ويكون من أهل الجنة لا من أهل النار.

    والحجج والأئمة هم المنصوص عليهم بوصية الرسول محمد (ص) اثنا عشر إماما واثنا عشر مهديا من ذرية الإمام المهدي (ع)، وقد مضى من الأئمة احد عشر إماما ( سلام الله عليهم )، وبقي منهم الإمام المهدي (ع)، وطبعا اليماني ليس هو الإمام المهدي (ع)، إذن لابد أن يكون اليماني هو وصي الإمام المهدي (ع) وأول المهديين من ذريته والموصوف بوصية الرسول محمد (ص) بان اسمه ( احمد ) وهو أول المؤمنين ، أي أول المؤمنين بالإمام المهدي (ع)، أي انه يكون موجودا قبل قيام الإمام المهدي (ع)، وهذا الموضوع تم تفصيله في كتاب ( الوصية والوصي احمد الحسن ) وغيره ، فمن أراد التفصيل فليراجع.
    إذن فمعرفة اليماني غير مقتصرة أبدا على جهة أو مكان خروجه أو ظهوره، بل يعرف بوصية الرسول محمد (ص) التي لا يمكن أن يدعيها غير صاحبها، ويعرف أيضا بالعلم الإلهي ، وكذلك بأنه أهدى الرايات ودعوته للإمام المهدي (ع).

    5 - ( يدعو إلى الحق والى طريق مستقيم ): والدعوة إلى الحق والصراط المستقيم لا يمكن أن تكون إلا من قبل المعصوم، لان غير المعصوم محتمل الصواب والخطأ، وإذا كان محتمل الخطأ لا يكون معصوما ، ولا يسمى ويوصف بأنه يهدي إلى طريق أو صراط مستقيم ، لان الاستقامة تعني عدم الانحراف والخطأ أبدا في هداية الأمة، أي انه لا يدخل الأمة في ضلال ولا يخرجهم من هدى.
    وقولي بأن غير المعصوم لا يهدي إلى الحق والصراط المستقيم ، أي على نحو الحتم والجزم، كما هو الحال في اليماني ، لا على نحو الجزئية والاحتمال، فأي إنسان ممكن أن يدعو إلى حق أو إلى الصراط المستقيم عموما كمن يدعو الناس إلى اتباع أهل البيت (ع)، ولكن هذا الشخص لا يمكن وصفه بأنه يدعو إلى تمام الحق والى حقيقة الصراط المستقيم – على نحو الجزم – فهو قد يدعو إلى عموم الحق ولكنه قد يخطأ في مصداقه أو في تفاصيله، أو انه ظاهرا مثلا: يدعو إلى أهل البيت (ع) ولكن حقيقته غير ذلك أو انه يسير بخلاف منهج اهل البيت (ع)، فهو قد يكون ضالا ذاتاً أو منهجاً أو انه يصيب أشياءً ويخطأ أشياءً أخرى ... إذن فاتباعه يؤدي إلى الضلال أو لا اقل انه محتمل الضلال.
    أما اليماني فقد وصف بنص كلام الطاهرين بأنه ( يدعو إلى الحق ... ) والحق هنا محلى بـ ( ألـ ) مما يفيد كل الحق المطلوب لهداية الناس، واليماني مأمور بأتباعه ونصرته على نحو الإطلاق ، وكذلك منهي عن الالتواء عليه على نحو الإطلاق، فإذن هو يدعو إلى الحق قولا ومنهجا وفعلا على نحو الحتم والجزم لا على نحو الجزئية أو الاحتمال ... الخ.
    ولو تتبعنا هذه الصفة ( يهدي إلى طريق مستقيم ) في القران والسنة المطهرة، لوجدنا صفة للثقلين، أي القران والعترة وكذلك الأنبياء والرسل (ع).
    قال الله تعالى حكاية عن قول الجن عندما سمعوا القران: { قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ } الأحقاف30.
    فلاحظ وصف القران في هذه الآية بأنه ( يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ ) تجده تماما كوصف اليماني في رواية الإمام الباقر (ع) ( يدعو إلى الحق والى طريق مستقيم )، ولا يتصور احد أن هذا مجرد صدفة ، لان أهل البيت (ع) حكماء علماء يحسبون لكل كلمة ولكل حرف حسابه.

    وقد وصف الإمام المهدي (ع) أبيه وكل أجداده بهذا الوصف - يهدي إلى الحق والى طريق مستقيم - ، في احد التوقيعات الصادرة عنه (ع):
    ( ... أو لم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهم صلى الله عليه وآله واحدا بعد واحد إلى أن أفضى الامر بأمر الله عز وجل إلى الماضي - يعني الحسن بن علي عليهما السلام - فقام مقام آبائه عليهم السلام يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ، كانوا نورا ساطعا ، وشهابا لامعا ، و قمرا زاهرا ، ثم اختار الله عز وجل له ما عنده فمضى على منهاج آبائه عليهم السلام حذو النعل بالنعل على عهد عهده ، ووصية أوصى بها إلى وصي ستره الله عز وجل بأمره إلى غاية وأخفى مكانه بمشيئة للقضاء السابق والقدر النافذ ، وفينا موضعه ، ولنا فضله ، ولو قد أذن الله عز وجل فيما قد منعه عنه وأزال عنه ما قد جرى به من حكمه لأراهم الحق ظاهرا بأحسن حلية ، وأبين دلالة ، وأوضع علامة ، ولابان عن نفسه وقام بحجته ولكن أقدار الله عز وجل لا تغالب وإرادته لا ترد وتوفيقه لا يسبق .... ) كمال الدين وتمام النعمة باب45 ح42 ص 511.
    وعن الرسول محمد (ص) في وصف أمير المؤمنين وعترته (ع): ( ... ومن اقتدى بهم هدي إلى صراط مستقيم ، لم يهب الله عز وجل محبتهم لعبد إلا أدخله الله الجنة ) الأمالي للشيخ الصدوق ص 74.

    وقال تعالى: { وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } الملك 101.
    وهذه الآية تدل على أن اليماني معصوم ، وليس مجرد ممهد، والدليل على ذلك أن ذيل الآية مكون من فعل شرط وجواب شرط ، وفعل الشرط هو ( وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ )، وجوابه هو ( فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )، أي ان الذي يعتصم بالله يهتدى إلى صراط مستقيم ، فكيف بمن هو يهدي ويدعو إلى صراط مستقيم ؟ أي انه هو من يعرف الناس ويدعوهم إلى الصراط المستقيم، فيكون هو أكثر الناس اعتصاما بالله تعالى.

    فإن قيل: كثير من الناس يهتدون إلى الصراط المستقيم مع أنهم غير معصومين !
    أقول: لا يخفى أن مفهوم العصمة مفهوم مشكك وليس متواطئ أي انه متفاوت وليس متساوي النسبة بين البشر، فكل من يهتدي إلى الصراط المستقيم لابد أن يكون معصوما بنسبة ما وكل بحسبه وقدر اخلاصه واعتصامه بالله تعالى، كما أن الهداية إلى الصراط المستقيم أيضا نسبية أي تختلف باختلاف اليقين والمعرفة والنصرة ... الخ.
    واليماني موصوف بأنه ( أهدى الرايات )، أي انه أكثر الناس اعتصاما بالله تعالى على الإطلاق ، و ( يدعو إلى الحق والى طريق مستقيم )، أي انه ليس أهدى الرايات فقط، بل انه هاد لغيره وعاصم لغيره ويعرف الناس بالصراط المستقيم ويدعوهم إليه، قال تعالى: { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } يونس35.

    اذن فاليماني مستغن عن كل الناس وكل الناس تحتاج إليه للهداية إلى الصراط المستقيم ، إذن فاليماني معتصم بالله وقد عصمه الله عن كل ضلال وانحرف عن الصراط المستقيم ، وان لم يكن كذلك لما صح وصفه بأنه : ( يدعو إلى الحق والى طريق مستقيم ).
    ويزداد الأمر تأكيدا عندما نلاحظ أن اليماني مأمور بطاعته ( وإذا خرج اليماني فانهض إليه )، ومنهي عن معصيته ( ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه فمن فعل ذلك فهو من أهل النار )، فلو كان اليماني ممكن أن يضل أو ينحرف لما أطلق الأئمة (ع) وجوب طاعته وحرمة معصيته أو الالتواء عليه، بل ان الالتواء عليه يستلزم أن يكون الملتوي من أهل النار !

    والآن نرجع إلى قوله تعالى: ( وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )، فقد اتضح لدينا بأن اليماني أهدى الناس، وهذا يعني انه أكثرهم اعتصاما بالله تعالى، بل ان اليماني هو من يعرف الناس بالصراط المستقيم ويدعوهم إليه، وواجب عليهم اتباعه وامتثال أوامره.

    فإن قيل: سلمنا بأن اليماني حسب الروايات بأنه أهدى الناس إلى الصراط المستقيم ، والهداية إلى الصراط المستقيم لا تكون إلا بالاعتصام بالله ، إذن فهو أكثر الناس اعتصاما بالله، ولكن هل أن العصمة هي مجرد الاعتصام بالله تعالى وما هو الدليل الشرعي على ذلك ؟!
    أقول:
    لا يخفى أن لا حول ولا قوة للإنسان إلا بالله العلي العظيم، وإذا أوكل الله الإنسان إلى نفسه لا يهتدي إلى حق، وان أفضل ما يصعد إلى السماء الإخلاص وأفضل ما ينزل من السماء التوفيق، أي كلما زاد المؤمن إخلاصا واعتصاما بالله تعالى زاد توفيقا وتسديدا من الله جل جلاله، حتى يكون أهدى الناس ويكون هاديا لغيره، أو يكون حجة على غيره ويجب اتباعه ويحرم معصيته.

    إذن فالعصمة هي من الله تعالى وتابعة إلى مقدار اعتصام الإنسان بالله جل جلاله، وقد نص الأئمة (ع) على ذلك في بعض الروايات:
    الشيخ الصدوق بسنده عن علي بن الحسين (ع) قال : حدثني موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين عليهم السلام ، قال :
    ( الامام منا لا يكون إلا معصوما وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها ولذلك لا يكون إلا منصوصا . فقيل له : يا ابن رسول الله فما معنى المعصوم ؟ فقال : هو المعتصم بحبل الله ، وحبل الله هو القرآن لا يفترقان إلى يوم القيامة ، والامام يهدي إلى القرآن والقرآن يهدي إلى الامام ، وذلك قول الله عز وجل : " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) معاني الأخبار باب معنى عصمة الامام ح1 ص 132.

    الشيخ الصدوق بسنده عن حسين الأشقر ، قال : قلت لهشام بن الحكم : ما معنى قولكم : " إن الامام لا يكون إلا معصوما " ؟ فقال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك فقال : ( المعصوم هو الممتنع بالله من جميع محارم الله ، وقال الله تبارك وتعالى : " ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم " ) معاني الأخبار باب معنى عصمة الامام ح2 ص 132.

    وعن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ( ... ومن اعتصم بالله عصمه الله ... ) الكافي ج 2 ص 65.

    وعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : قال إبليس : خمسة [ أشياء ] ليس لي فيهن حيلة وسائر الناس في قبضتي : من اعتصم بالله عن نية صادقة واتكل عليه في جميع أموره ... ) الخصال للشيخ الصدوق ص 285.

    وعن الكاظم ( عليه السلام ) ، أنه قال لهشام في خبر طويل : ( عليك بالاعتصام بربك والتوكل عليه ، وجاهد نفسك لتردها عن هواها ، فإنه واجب عليك كجهاد عدوك ، قال هشام : [ فقلت له : ] فأي الأعداء أوجبهم مجاهدة ؟ قال : أقربهم إليك ، واعداهم لك ، وأضرهم بك ، وأعظمهم لك عداوة ، وأخفاهم لك شخصا مع دنوه منك ، ومن يحرض أعداءك عليك ، وهو إبليس الموكل بوسواس القلوب فلتشتد عداوتك له ، ولا يكونن أصبر على مجاهدتك لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته ، فإنه أضعف منك ركنا في قوته ، وأقل منك ضررا في كثر شره ، إذا أنت اعتصمت بالله ( ومن اعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ) مستدرك الوسائل للميرزا النوري ج 11 ص 141 – 142، ح12654.
    وعن صفوان قال : قال جعفر بن محمد عليهما السلام : ( من اعتصم بالله عز وجل هدي ... ) بحار الأنوار ج 66 ص 399.

    إذن فاليماني معصوم ، ويدل على ذلك القران والعترة الطاهرة، فقوله تعالى: ( وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )، يدل على أن الهداية لا تكون إلا بالاعتصام بالله تعالى، وبما أن اليماني راية هدى وأهدى الرايات ويدعو إلى الحق والى طريق مستقيم ومأمور بطاعته ومنهي عن معصيته، إذن فهو معتصم بالله تعالى بل أكثر الناس اعتصاما بالله بدليل انه أهداهم أي انه لا يدخل في ضلال ولا يخرج من حق أبدا.

    ولا ننسى تعريف الأئمة (ع) للعصمة بقولهم: ( هو المعتصم بحبل الله ، وحبل الله هو القرآن )، ( المعصوم هو الممتنع بالله من جميع محارم الله ).
    وقال الله تعالى: { وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } الملك 73.
    فهنا الله تعالى يصف رسوله (ص) بأنه يدعوا إلى صراط مستقيم ، وكذلك نجد هذا الصف لليماني بقول الباقر (ع): ( يدعو إلى الحق والى طريق مستقيم )، وكذلك في قوله تعالى: { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } الملك52
    وقال الله تعالى: { أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } الملك 22.
    وفي الآية السابقة نجد الله تعالى قد وصف ( الأهدى ) بأنه: ( يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )، وأيضا نجد اليماني قد وصف بأنه ( أهدى الرايات )، ( ويدعو ... إلى طريق مستقيم )، أي انه يمشي سويا بدون انحراف على صراط مستقيم لا عوج فيه.
    وقد روي في تفسير هذه الآية : عن الفضيل قال : دخلت مع أبي جعفر ( عليه السلام ): ( ... ثم تلا هذه الآية : " أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشى سويا على صراط مستقيم " يعني والله عليا ( عليه السلام ) والأوصياء ( عليهم السلام ) ... ) الكافي ج 8 ص 288.
    والمتحصل مما سبق ان مجموع أوصاف اليماني تدل على انه إمام مفترض الطاعة ومعصوم، ولا يوجد في دعوته أي انحراف أو ضلال، وهكذا شخص يُعرف من خلال دعوته ومن خلال النص لا من خلال جهة أو مكان ظهوره، ولاسيما إذا لاحظنا أن الروايات تنص على أن الزمان والمكان متعرض للبداء والتغيير.

    وقبل أن اختم هذه النقطة أود أن أسلط الضوء أكثر على ( الصراط المستقيم )، لنرى دقة وصف الأئمة (ع) عندما وصفوا اليماني بأنه يهدي إلى طريق مستقيم.
    الصفار: حدثنا محمد بن الحسين عن النضر بن سويد عن خالد بن حماد ومحمد بن الفضيل عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال:
    ( أوحى الله إلى نبيه " فاستمسك بالذي أوحى إليك انك على صراط مستقيم " قال: إنك على ولاية علي وعلي هو الصراط المستقيم ) بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار ص 91 – 92 / الكافي ج 1 ص 416 – 417..
    الصفار: حدثنا عبد الله بن عامر عن أبي عبد الله البرقي عن الحسين بن عثمان عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال سئلت أبا جعفر عليه السلام: ( .................. الى قوله (ع): واما قوله " وانك لتهدى إلى صراط مستقيم " انك لتأمر بولاية علي عليه السلام وتدعو إليها وعلي هو الصراط المستقيم وأما قوله " فاستمسك بالذي أوحى إليك انك على صراط مستقيم " انك على ولاية على وعلى هو الصراط المستقيم واما قوله " فلما نسوا ما ذكروا " يعنى فلما تركوا ولاية على وقد أمروا بها " فتحنا عليهم أبواب كل شئ " يعنى مع دولتهم في الدنيا وما بسط إليهم فيها، واما قوله " حتى إذا فرحوا بما أوتوا اخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون " يعنى قيام القائم ) بصائر الدرجات ص 97 – 98.

    فالروايتان تنصان على أن ( الصراط المستقيم ) هو علي بن أبي طالب (ع) وولايته، وان الذي يدعو إلى ( صراط مستقيم ) يدعو إلى ولاية علي بن أبي طالب (ع)، والرواية الأخيرة تشير إلى أمر مهم وهو أن ولاية الإمام علي (ع) ستترك في آخر الزمان وقبل قيام القائم (ع)، ويكون ذلك مزامنا لدولة مبسوطة قد فتح الله على أهلها النعيم الدنيوي، وعند فرحهم بذلك يأخذهم الله بغتة بقيام القائم (ع).

    وعن محمد بن الفضيل – في حديث طويل -، عن أبي الحسن الماضي ، عليه السلام قال : ( سألته عن قول الله عز وجل ...... قلت : " أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم " قال : إن الله ضرب مثل من حاد عن ولاية علي كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لامره وجعل من تبعه سويا على صراط مستقيم ، والصراط المستقيم أمير المؤمنين عليه السلام ...... قلت: " حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا " يعني بذلك القائم وأنصاره ..... ) الكافي ج 1 ص 432 – 435.

    إذن فعلي (ع) هو الصراط المستقيم ، والدعوة إلى ولايته وولاية أوصياءه هي الدعوة إلى الصراط المستقيم، واليماني الموعود موصوف بأنه: ( يدعو إلى الحق والى طريق مستقيم )، أي انه يدعو إلى ولاية أمير المؤمنين والأئمة من ذريته والى القائم (ع)، حيث أن اليماني أيضا موصوف بأنه ( يدعو إلى صاحبكم )، أي الإمام المهدي (ع)، أي ان اليماني يدعو إلى التنصيب والاختيار الإلهي المتمثل بأوصياء الرسول (ص) المنصوص عليهم بوصيته (ص)، بخلاف غيره من الرايات في عصر الظهور التي تكون اما انها تدعو إلى حاكمية وتنصيب الناس واما انها مشوبة بذلك، ولذلك وصف اليماني بأنه : ( أهدى الرايات ) و ( يدعو إلى الحق والى طريق مستقيم ).
    وهذه أهم صفة في دعوة اليماني ، حيث نجد الإمام الباقر (ع) جعل علة الأمر بطاعة اليماني والنهي عن مخالفته أو الالتواء عليه هو : ( لأنه يدعو إلى الحق والى طريق مستقيم ).
    وسأذكر تمام العبارة ليكون الأمر واضحا للقارئ اللبيب: ( ... فإذا خرج اليماني فانهض إليه فان رايته راية هدى، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار، لأنه يدعو إلى الحق والى طريق مستقيم ).
    والدعوة إلى الحق أي كل الحق ، والى الصراط المستقيم ، أي الذي لا اعوجاج فيه أبدا، أي انه يدعو إلى ولاية أمير المؤمنين (ع) بحقيقتها الناصعة، لا إلى صورتها التي شوهها فقهاء آخر الزمان، وجعلوها فقط كلمات تقال على المنابر لتدر عليهم الأموال وكثرة الأتباع والجاه، وافتوا بشرعية التشريع والحكم الطاغوتي ، وكأن الدين لا يصلح إلا أن يكون من مخدرات المساجد والصوامع !!
    ويؤيد ذلك ما روي عن الإمام الصادق (ع):
    عن هشام ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : لما خرج طالب الحق قيل لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : نرجو أن يكون هذا اليماني ؟ فقال: ( لا ، اليماني يوالي عليا عليه السلام ، وهذا يبرأ " منه "[1] ) الأمالي للشيخ الطوسي ح1375 ص 661.
    فلا يخفى تأكيد الإمام الصادق (ع) على صفة ( ولاية أمير المؤمنين ) والتي هي الصراط المستقيم، التي يمتاز بها اليماني.
    ومما يؤيد ذلك أن بعض الشيعة كاتب الإمام الصادق (ع) عندما ظهرت الرايات السود من خراسان آنذاك بأنهم قدَّروا أن يكون التمكين للإمام الصادق (ع)، أي انهم توقعوا أن هذه الرايات هي الرايات الممهدة أو رايات اليماني الموعود كما في الرواية السابقة، مع علمهم أنها اتجهت من خراسان وليس من بلاد اليمن:
    الكافي : بسنده عن المعلى بن خنيس قال : ذهبت بكتاب عبد السلام بن نعيم وسدير وكتب غير واحد إلى أبي عبد الله عليه السلام حين ظهرت المسودة قبل أن يظهر ولد العباس بأنا قد قدرنا أن يؤول هذا الامر إليك فما ترى ؟ قال : ( فضرب بالكتب الأرض ، ثم قال : أف أف ما أنا لهؤلاء بإمام ، أما يعلمون أنه إنما يقتل السفياني ) الكافي ج8 ح 509 ص331 / بحار الأنوار ج 47 ص 297.
    وقول الإمام (ع): ( أما يعلمون أنه إنما يقتل السفياني )، الظاهر رجوع الضمير في ( انه ) إلى صاحب الرايات السود ( أبي مسلم الخراساني ) الذي ظنوا به انه اليماني الموعود ، أو الممهد الذي به يؤول الأمر إلى أهل البيت (ع)، فبين لهم الإمام (ع) بأن ذلك إنما يقتل السفياني، وليس هذا – أبو مسلم الخراساني – الذي لم يخرج معه السفياني – عندما خرج للقتال ورفع الرايات السود -، وعلى هذا يكون الذي يقتل السفياني هو اليماني الموعود، بملاحظة الروايات التي تذكر مواجهة وقتال اليماني والسفياني ... والله العالم.

    وعلى أي حال فان صفة حاكمية الله والدعوة إلى ولاية أمير المؤمنين – الصراط المستقيم – هي من أبرز صفات اليماني التي يعرف بها ، ولا يوجد تأكيد على أن من علاماته خروجه من بلاد اليمن تحديدا، وسيأتي الكلام عن ذلك ومناقشته تفصيلا إن شاء الله تعالى.

    والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وعلى اله الأئمة والمهديين ولعنة الله على ظالميهم ومنكري حقوقهم إلى يوم الدين.

    ___
    [1]- ( منه ) زيادة في بحار الأنوار ج 47 ص 297.
    Last edited by المدير العام; 11-01-2010, 23:49.
    من كلمات الامام أحمد الحسن ع وصي ورسول الامام المهدي ع و اليماني الموعود:
    نقلا عن التوراة:


    1- توكل علي بكل قلبك 2- لا تعتمد على فهمك 3-في كل طريق اعرفني وأنا أقوم سبيلك
    4-لا تحسب نفسك حكيماً 5- أكرمني 6-أدب نفسك بقولي .


Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎