إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الحجر الاسود .. ماهيته وعلاقته بالقائم (ع)

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • GAYSH AL GHADAB
    مشرف
    • 13-12-2009
    • 1797

    الحجر الاسود .. ماهيته وعلاقته بالقائم (ع)

    عبر الازمان الى الزمن الحاضر علماء متقدمين وادعياء العلم المتاخرين لم يبينوا حقيقة واهمية الحجر الاسود.
    فضلوا يتخبطوا العشواء باهوائهم ولو تركوا الخوض فيه لكان خيرا لهم وهاهو اليوم منقذ البشرية مهدي اخر الزمان ويماني ال محمد (ع).
    يبين شيء من حقيقة هذا الحجر وماهيته للناس كافة يفهمه العامي قبل العالم.
    والحمد لله رب العالمين على فضله وهدايته…

    النص: بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين وسلم تسليماً.
    اعلم أن الله ذاكر من ذكره ويعطي الكثير بالقليل، وأنت ذكرته سبحانه في بيته بإخلاص فذكرك وأعانك ويسر أمرك، أسأل الله أن يوفقك دائماً للإخلاص له سبحانه والعمل لما يرضيه.
    أما عبد الله الذي أعانك فهو أعانك بحول الله وقوته، وعندما أمره الله أن يعينك فالفضل كله لله سبحانه، فاشكر الله سبحانه وتعالى الذي منَّ عليك بهذا ولو أن الله أمره أن يخبرك باسمه لأخبرك.
    أما إن هذا العبد عندما كان يصل الحجر يقول الله أكبر فهذا تكليفه هو، أما أنت وغيرك من الناس فتكليفكم أن تقولوا عند وصول الحجر: (اللَّهُمَّ أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا، وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوَافَاةِ، اللَّهُمَّ تَصْدِيقاً بِكِتَابِكَ وَعَلَى سُنَّةِ نَبِيِّكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأنَّ عَليّاً وَالأئمَّة مِنْ وِلْدِهِ حُجَجُ الله وَأَنَّ المَهْديَّ وَالمَهْديينَ مِنْ وِلْدِهِ حُجَجُ الله - وتعدهم إلى حجة الله في زمانك - آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَبِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ وَعِبَادَةِ كُلِّ نِدٍّ يُدْعَى مِنْ دُونِ اللَّهِ).
    ودين الله كله يكاد يكون مسألة واحدة فتح بها خلق الإنسان الأرضي ذكرها تعالى بقوله: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾، والقرآن كله في الفاتحة، والفاتحة في البسملة، والبسملة في الباء، والباء في النقطة، والنقطة علي (ع)، قال أمير المؤمنين: (أنا النقطة) ([1])، وماذا كان أمير المؤمنين علي (ع) غير أنه خليفة الله في أرضه، إذن فالنقطة والباء والبسملة والفاتحة والقرآن والدين كله هو خليفة الله في أرضه، والقرآن والدين كله هو العهد والميثاق الذي أخذ على العباد بإطاعة خلفاء الله، وأودعه الله في حجر الأساس أو الحجر الأسود أو حجر الزاوية أو الحجر المقتطع من محمد لهدم حاكمية الشيطان والطاغوت، وقد ذكر هذا الحجر في الكتب السماوية وفي الروايات.
    وقريش عندما اختلفوا فيمن يحمل الحجر كانوا يعلمون أن هذا الحجر يشير إلى أمر عظيم ولهذا اختلفوا فيمن يحمله وكانت مشيئة الله أن محمداً هو من حمل الحجر ووضعه في مكانه لتتم آية الله وإشارته سبحانه؛ أن قائم الحق والعبد الذي أودعه الله العهد والميثاق الذي يشير له هذا الحجر سيخرج من محمد الذي حمل الحجر.
    عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع)، قَالَ: (إِنَّ قُرَيْشاً فِي الْجَاهِلِيَّةِ هَدَمُوا الْبَيْتَ فَلَمَّا أَرَادُوا بِنَاءَهُ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ وَأُلْقِيَ فِي رُوعِهِمُ الرُّعْبُ حَتَّى قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَيَأْتِي كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِأَطْيَبِ مَالِهِ وَلَا تَأْتُوا بِمَالٍ اكْتَسَبْتُمُوهُ مِنْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ حَرَامٍ، فَفَعَلُوا فَخُلِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بِنَائِهِ فَبَنَوْهُ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَتَشَاجَرُوا فِيهِ أَيُّهُمْ يَضَعُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ، فَحَكَّمُوا أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ فَلَمَّا أَتَاهُمْ أَمَرَ بِثَوْبٍ فَبَسَطَ ثُمَّ وَضَعَ الْحَجَرَ فِي وَسَطِهِ ثُمَّ أَخَذَتِ الْقَبَائِلُ بِجَوَانِبِ الثَّوْبِ فَرَفَعُوهُ ثُمَّ تَنَاوَلَهُ فَوَضَعَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَخَصَّهُ اللَّهُ بِهِ) ([2]).
    فمحمد (ص) حمل الحجر الأسود وهذه إشارة إلى أن القائم وحامل الخطيئة وحامل الراية السوداء التي تشير إليها سيخرج من محمد ، وأيضاً محمد هو من يحمله في صلبه؛ لأنه مستودع في فاطمة بنت محمد ، ولذا يكون حامل الخطيئة الحقيقي هو رسول الله محمد .
    أما اللون الأسود الذي شاء الله أن يكتسي به هذا الحجر فهو يشير إلى ذنوب العباد ويذكرهم بخطاياهم لعلهم يتوبون ويستغفرون وهم في بيت الله، وهو نفسه لون رايات قائم الحق قائم آل محمد السوداء، فالرايات السود تشير إلى الحجر والحجر يشير إليها وكلاهما يشيران بلونهما الأسود إلى خطيئة نقض العهد والميثاق المأخوذ على الخلق في الذر، وأيضاً يشيران إلى ما يتحمله من عناء حامل هذه الخطيئة – وحامل الراية السوداء التي تشير إلى الخطيئة – العبد الذي أوكل بكتاب العهد والميثاق وهو الحجر الأسود وهو قائم آل محمد.
    والحجر مرتبط بمسألة الفداء الموجودة في الدين الإلهي وعلى طول المسيرة المباركة لهذا الدين فدين الله واحد؛ لأنه من عند واحد، والفداء قد ظهر في الإسلام بأجلى صورة في الحسين (ع)، وقبل الإسلام تجد الفداء في الحنيفية دين إبراهيم (ع) بإسماعيل، وتجده أيضاً بعبد الله والد الرسول محمد ، وأيضاً تجده في اليهودية دين موسى (ع) بيحيى بن زكريا (ع)، وتجده في النصرانية بالمصلوب وبغض النظر عن كون النصارى يتوهمون أن المصلوب هو عيسى (ع) نفسه فإنهم يعتقدون بأن المصلوب هو حامل الخطيئة ومعتقداتهم وإن كان بها تحريف ولكن هذا لا يعني أنها جميعاً جاءت من فراغ تام وليس لها أي أصل في دين الله سبحانه حرفت عنه، بل كثير من العقائد المنحرفة في الحقيقة هي تستند إلى أصل ديني أخذه علماء الضلال غير العاملين وحرفوه وبنوا عليه عقيدة فاسدة، فقضية كون الرسل يتحملون بعض خطايا أممهم ليسيروا بالأمة ككل إلى الله موجودة في دين الله ولم تأتِ من فراغ، ويمكنك مراجعة نصوص التوراة مثلاً للإطلاع على تحمل موسى (ع) عناءً إضافياً لما يقترفه قومه من الخطايا، ورسول الله محمد تحمل خطايا المؤمنين.
    قال تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾([3])، وتفسيرها في الظاهر أنه تحمل خطايا أمته وغفرها الله له.
    عن عمر بن يزيد بياع السابري، قال: قلت لأبي عبد الله (ع): (قول الله في كتابه: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ﴾، قال: ما كان له من ذنب ولا همّ بذنب، ولكن الله حمّله ذنوب شيعته ثم غفرها له) ([4]).
    وتحمل الرسل لخطايا أممهم لا يعني أنهم يتحملون خطيئة نقض العهد والميثاق عن منكري خلفاء الله الذين يموتون على هذا الإنكار، بل هم يتحملون خطيئة من غفل عن تذكر العهد والميثاق ونقضه مدة من الزمن في هذه الحياة الدنيا، كما أن تحملهم لخطايا أممهم لا يعني أنهم يصبحون أصحاب خطيئة عوضاً عن أممهم، بل معناه: أنهم يتحملون أثقالاً إضافية وعناءً إضافياً في تبليغ رسالاتهم في هذه الدنيا للناس، وهذا طبعاً بإرادتهم هم؛ لأنهم هم من يطلب هذا، فالأب الرحيم بأبنائه يتحمل نتائج أخطائهم في كثير من الأحيان، وإن كانت تسبب له عناءً ومشقة، وربما الآلام وقتل في سبيل الله كما هو الحال في الحسين (ع)؛ وذلك لأن الأب يرجو صلاح أبنائه في النهاية، وربما كثيرون لا يتذكرون العهد حتى يراق دم أبيهم ولي الله فيكون سبباً لتذكرهم العهد والميثاق، ولهذا تجد الحسين (ع) الذي شاء الله أن يجعله سبباً لتذكر عدد كبير من الخلق قد ترك الحج وأقبل يحث الخطى إلى مكان ذبحه (ع).
    أما علاقة الحجر بخطيئة آدم (ع) فهذا أمر قد تكفل الأئمة بيانه، وإن كان ربما خفي فيما مضى على الناس لعلة أرادها الله سبحانه، بل وعلاقة الحجر بخطايا الخلق أيضاً قد تكفلوا بيانه، وقد بيَّن هذا الأمر رسول الله محمد بأوضح بيان بالعمل – عندما قبّل الحجر – ولكنه بيان لمن لهم قلوب ويعون أفعال محمد الحكيم الذي يعمل الحكمة، لا كعمر بن الخطاب الذي يصرح أنه لا يفهم لماذا رسول الله محمد قبّل الحجر ويصرح أن نفسه وحقيقته لا تتقبل تقبيل الحجر ولكنه يفعله فقط لأنه رأى رسول الله محمداً يفعل ذلك أمام آلاف المسلمين ولا يمكنه مخالفة محمد ؛ لأنه يدعي أنه خليفته، فهو يسفه فعل محمد ويستن به مجبراً فأي مكر هذا.
    روى البخاري ومسلم وأحمد: (أن عمر جاء إلى الحجر فقبّله وقال: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك).
    وروى أحمد بسنده عن سويد بن غفلة، قال: (رأيت عمر يقبّل الحجر ويقول: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولكني رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم بك حفياً).
    فعمر بن الخطاب عندما قبّل الحجر صرَّح بأنه كاره لهذا الفعل ومنكر له ومستخف بهذا الحجر وكونه الشاهد على العباد بالوفاء بالعهد والميثاق المأخوذ عليهم في الذر
    ، ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾([5])، وهذه إشارة جلية لمن لهم قلوب يفقهون بها، بأن عمر بن الخطاب منكر للعهد والميثاق المأخوذ ولذا فنفسه تشمئز من الحجر الشاهد، وبالتالي يحاول عمر إنكار كون الحجر شاهداً حقيقياً، فيخاطب عمر بن الخطاب الحجر الشاهد والحجر الأساس والحجر الأسود بقوله: (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع)، وبما أن الناس الذين كانوا يحيطون بعمر في هذا الموقف قد رأوا رسول الله محمداً حفي بهذا الحجر شديد الاهتمام به ويُقبِّل هذا الحجر ويسجد عليه، بل هم أنفسهم قد ورثوا عن حنيفية إبراهيم (ع) تقديس هذا الحجر والاهتمام به، لذا تدارك عمر قوله بفعله فقبَّل الحجر ولكن بعد ماذا ؟! بعد أن سفّه عمر تقبيل الحجر الأسود بأنه حجر لا يضر ولا ينفع، وبالتالي فلا حكمة في تقبيله، وبالتالي فإن عمر بقوله وفعله أراد أن يهمش الحجر الأسود وينفي كونه شاهداً، ويجعل تقبيل رسول الله للحجر وسجوده عليه أمراً مبهماً غير مفهوم خالٍ من الحكمة، والحقيقة أنه لو كان الحجر الأسود لا يضر ولا ينفع لكان فعل رسول الله وحاشاه خالياً من الحكمة، ولا يمكن أن يكون فعل رسول الله له معنى وحكيماً إن لم يكن هذا الحجر يضر وينفع بإذن الله وبحوله وقوته سبحانه، إذن فمشيئة الله أن يظهر ما يبطنه عمر من موقف تجاه الحجر أو العبد الموكل بالعهد والميثاق أو قائم آل محمد، وسبحان الله لا يضمر الإنسان سوءاً إلا أظهره الله في فلتات لسانه.
    وقد تكفل رسول الله محمد بيان أهمية الحجر الأسود وفضله، بأقواله وأفعاله، ويكفي أن تعرف أن رسول الله قبّله وسجد عليه ولم يسجد رسول الله على جزء من الكعبة غير الحجر الأسود وبلغ عظيم هذا الأمر وأهميته أن رسول الله قال: (استلموا الركن، فإنه يمين الله في خلقه، يصافح بها خلقه مصافحة العبد أو الدخيل، ويشهد لمن استلمه بالموافاة) ([6])، والمراد بالركن أي الحجر الأسود؛ لأنه موضوع فيه.
    وتابع الأئمة نهج رسول الله في بيان أهمية الحجر بأقوالهم وأفعالهم، فبيّنوا أن الحجر هو حامل كتاب العهد والميثاق وأن آدم قد بكي أربعين يومياً ونصب مجلساً للبكاء بقرب الحجر ليكفر عن خطيئته في نقض العهد: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً﴾([7])، وأن الحجر كان درة بيضاء تضيء ولكنه في الأرض تحول للسواد بسبب خطايا العباد، فهذه الكلمات والأفعال المباركة التي كرروها مرات أمام أصحابهم كلها تأكيد وبيان لأهمية الحجر الأسود ولعلاقة الحجر بالخطيئة الأولى، بل والخطايا على طول مسيرة الإنسانية في هذه الأرض.
    عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: (سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) لِأَيِّ عِلَّةٍ وَضَعَ اللَّهُ الْحَجَرَ فِي الرُّكْنِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَلَمْ يُوضَعْ فِي غَيْرِهِ، وَلِأَيِّ عِلَّةٍ تُقَبَّلُ، وَلِأَيِّ عِلَّةٍ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ، وَلِأَيِّ عِلَّةٍ وُضِعَ مِيثَاقُ الْعِبَادِ وَالْعَهْدُ فِيهِ وَلَمْ يُوضَعْ فِي غَيْرِهِ، وَكَيْفَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ تُخْبِرُنِي جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ فَإِنَّ تَفَكُّرِي فِيهِ لَعَجَبٌ. قَالَ: فَقَالَ: سَأَلْتَ وَأَعْضَلْتَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاسْتَقْصَيْتَ فَافْهَمِ الْجَوَابَ وَفَرِّغْ قَلْبَكَ وَأَصْغِ سَمْعَكَ أُخْبِرْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَضَعَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَهِيَ جَوْهَرَةٌ أُخْرِجَتْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى آدَمَ (ع)، فَوُضِعَتْ فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ لِعِلَّةِ الْمِيثَاقِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ حِينَ أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَفِي ذَلِكَ الْمَكَانِ تَرَاءَى لَهُمْ، وَمِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ يَهْبِطُ الطَّيْرُ عَلَى الْقَائِمِ (ع)، فَأَوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ ذَلِكَ الطَّائِرُ وَهُوَ وَاللَّهِ جَبْرَئِيلُ (ع)، وَإِلَى ذَلِكَ الْمَقَامِ يُسْنِدُ الْقَائِمُ ظَهْرَهُ وَهُوَ الْحُجَّةُ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْقَائِمِ، وَهُوَ الشَّاهِدُ لِمَنْ وَافَاهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَالشَّاهِدُ عَلَى مَنْ أَدَّى إِلَيْهِ الْمِيثَاقَ وَالْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عز وجل عَلَى الْعِبَادِ.
    وَأَمَّا الْقُبْلَةُ وَالِاسْتِلَامُ فَلِعِلَّةِ الْعَهْدِ تَجْدِيداً لِذَلِكَ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ وَتَجْدِيداً لِلْبَيْعَةِ لِيُؤَدُّوا إِلَيْهِ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي الْمِيثَاقِ فَيَأْتُوهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيُؤَدُّوا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْعَهْدَ وَالْأَمَانَةَ اللَّذَيْنِ أُخِذَا عَلَيْهِمْ، أَ لَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوَافَاةِ وَوَاللَّهِ مَا يُؤَدِّي ذَلِكَ أَحَدٌ غَيْرُ شِيعَتِنَا، وَلَا حَفِظَ ذَلِكَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ أَحَدٌ غَيْرُ شِيعَتِنَا، وَإِنَّهُمْ لَيَأْتُوهُ فَيَعْرِفُهُمْ وَيُصَدِّقُهُمْ، وَيَأْتِيهِ غَيْرُهُمْ فَيُنْكِرُهُمْ وَيُكَذِّبُهُمْ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ ذَلِكَ غَيْرُكُمْ، فَلَكُمْ وَاللَّهِ يَشْهَدُ وَعَلَيْهِمْ وَاللَّهِ يَشْهَدُ بِالْخَفْرِ وَالْجُحُودِ وَالْكُفْرِ، وَهُوَ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَجِي‏ءُ وَلَهُ لِسَانٌ نَاطِقٌ وَعَيْنَانِ فِي صُورَتِهِ الْأُولَى يَعْرِفُهُ الْخَلْقُ وَلَا يُنْكِرُهُ، يَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ وَجَدَّدَ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ عِنْدَهُ بِحِفْظِ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَيَشْهَدُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَنْكَرَ وَجَحَدَ وَنَسِيَ الْمِيثَاقَ بِالْكُفْرِ وَالْإِنْكَارِ.
    فَأَمَّا عِلَّةُ مَا أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَهَلْ تَدْرِي مَا كَانَ الْحَجَرُ ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: كَانَ مَلَكاً مِنْ عُظَمَاءِ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ اللَّهِ، فَلَمَّا أَخَذَ اللَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمِيثَاقَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَأَقَرَّ ذَلِكَ الْمَلَكُ فَاتَّخَذَهُ اللَّهُ أَمِيناً عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ فَأَلْقَمَهُ الْمِيثَاقَ وَأَوْدَعَهُ عِنْدَهُ وَاسْتَعْبَدَ الْخَلْقَ أَنْ يُجَدِّدُوا عِنْدَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ الْإِقْرَارَ بِالْمِيثَاقِ وَالْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِمْ، ثُمَّ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعَ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ يُذَكِّرُهُ الْمِيثَاقَ وَيُجَدِّدُ عِنْدَهُ الْإِقْرَارَ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَلَمَّا عَصَى آدَمُ وَأُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ أَنْسَاهُ اللَّهُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى وُلْدِهِ لِمُحَمَّدٍ وَلِوَصِيِّهِ (ع) وَجَعَلَهُ تَائِهاً حَيْرَانَ، فَلَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَى آدَمَ حَوَّلَ ذَلِكَ الْمَلَكَ فِي صُورَةِ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ فَرَمَاهُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى آدَمَ (ع) وَهُوَ بِأَرْضِ الْهِنْدِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ آنَسَ إِلَيْهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ جَوْهَرَةٌ وَأَنْطَقَهُ اللَّهُ عز وجل فَقَالَ لَهُ: يَا آدَمُ، أَ تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَجَلْ اسْتَحْوَذَ عَلَيْكَ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاكَ ذِكْرَ رَبِّكَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ مَعَ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ لآِدَمَ: أَيْنَ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ ؟ فَوَثَبَ إِلَيْهِ آدَمُ وَذَكَرَ الْمِيثَاقَ وَبَكَى وَخَضَعَ لَهُ وَقَبَّلَهُ وَجَدَّدَ الْإِقْرَارَ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، ثُمَّ حَوَّلَهُ اللَّهُ عز وجل إِلَى جَوْهَرَةِ الْحَجَرِ دُرَّةً بَيْضَاءَ صَافِيَةً تُضِي‏ءُ، فَحَمَلَهُ آدَمُ (ع) عَلَى عَاتِقِهِ إِجْلَالًا لَهُ وَتَعْظِيماً، فَكَانَ إِذَا أَعْيَا حَمَلَهُ عَنْهُ جَبْرَئِيلُ (ع) حَتَّى وَافَى بِهِ مَكَّةَ فَمَا زَالَ يَأْنَسُ بِهِ بِمَكَّةَ وَيُجَدِّدُ الْإِقْرَارَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَمَّا بَنَى الْكَعْبَةَ وَضَعَ الْحَجَرَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ؛ لِأَنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حِينَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ أَخَذَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَفِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَلْقَمَ الْمَلَكَ الْمِيثَاقَ وَلِذَلِكَ وَضَعَ فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ وَنَحَّى آدَمَ مِنْ مَكَانِ الْبَيْتِ إِلَى الصَّفَا وَحَوَّاءَ إِلَى الْمَرْوَةِ وَوَضَعَ الْحَجَرَ فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ، فَلَمَّا نَظَرَ آدَمُ مِنَ الصَّفَا وَقَدْ وُضِعَ الْحَجَرُ فِي الرُّكْنِ كَبَّرَ اللَّهَ وَهَلَّلَهُ وَمَجَّدَهُ فَلِذَلِكَ جَرَتِ السُّنَّةُ بِالتَّكْبِيرِ وَاسْتِقْبَالِ الرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ مِنَ الصَّفَا، فَإِنَّ اللَّهَ أَوْدَعَهُ الْمِيثَاقَ وَالْعَهْدَ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل لَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَلِمُحَمَّدٍ بِالنُّبُوَّةِ وَلِعَلِيٍّ (ع) بِالْوَصِيَّةِ اصْطَكَّتْ فَرَائِصُ الْمَلَائِكَةِ، فَأَوَّلُ مَنْ أَسْرَعَ إِلَى الْإِقْرَارِ ذَلِكَ الْمَلَكُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَشَدُّ حُبّاً لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهُ وَلِذَلِكَ اخْتَارَهُ اللَّهُ مِنْ بَيْنِهِمْ وَأَلْقَمَهُ الْمِيثَاقَ وَهُوَ يَجِي‏ءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ لِسَانٌ نَاطِقٌ وَعَيْنٌ نَاظِرَةٌ يَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ وَافَاهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَحَفِظَ الْمِيثَاقَ
    ) ([8]).
    ورسول الله محمد دخل بيت الله فبدأ بالحجر وختم بالحجر وأمر أصحابه أن يكون آخر عهدهم بالبيت استلام الحجر، بل ويستحب أن يستلم الحجر في كل طواف، ومس الحجر يسبب غفران الذنوب وحط الخطايا، بل وسجد رسول الله محمد على الحجر الأسود ووضع جبهته عليه بعد أن قبَّله، فماذا يمكن أن تفهم من هذا غير أن الحجر هو أهم ما في البيت.
    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع): (ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ الْحَجَّ فَكَتَبَ إِلَى مَنْ بَلَغَهُ كِتَابُهُ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ يُرِيدُ الْحَجَّ يُؤْذِنُهُمْ بِذَلِكَ لِيَحُجَّ مَنْ أَطَاقَ الْحَجَّ ………………. فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ وَذَكَرَ ابْنُ سِنَانٍ أَنَّهُ بَابُ بَنِي شَيْبَةَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ فَلَمَّا طَافَ بِالْبَيْتِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ (ع) وَدَخَلَ زَمْزَمَ فَشَرِبَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْماً نَافِعاً وَرِزْقاً وَاسِعاً وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ وَسُقْمٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: لِيَكُنْ آخِرُ عَهْدِكُمْ بِالْكَعْبَةِ اسْتِلَامَ الْحَجَرِ، فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا) ([9]).
    وروى البهيقي عن ابن عباس، قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد على الحجر)([10]).
    ولابد من الالتفات إلى أمر مهم جداً وهو أن رسول الله قد سن ركعتي الطواف عند مقام إبراهيم وكان رسول الله والأئمة يصلون عند مقام إبراهيم (ع)، والذي يقف في صلاته عند مقام إبراهيم (ع) يكون الحجر الأسود بين يديه وفي قبلته، وهذا يبين بوضوح تام انطباق هذه الآية على قائم آل محمد أو يوسف آل محمد أو الحجر الأسود: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾([11])، وقد بيَّنت سابقاً ما معنى هذا السجود عندما بيَّنت تأويل هذه الآية في الإمام المهدي (ع)، ولكن السجود هنا عندما تأوّل في القائم يكون لفاطمة والسر المستودع فيها معاً، تماماً كما أن السجود للكعبة والحجر الأسود المودع فيها، فيكون هنا الشمس محمد ، والقمر علي (ع)، والأحد عشر كوكباً هم الأئمة من ولد علي (ع) وفاطمة ، وهم (الحسن والحسين وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن ومحمد)، وسجودهم بمعنى أنهم يمهدون للقائم ولإقامة العدل وإنصاف المظلوم وبالخصوص أخذ حق صاحبة المظلومية الأولى والأعظم منذ خلق الله الخلق وإلى أن تقوم الساعة.
    أما سجود بقية الخلق ممن فرض عليهم أن يسجدوا إلى الكعبة وبالتالي إلى الحجر الأسود فهو بمثابة إشارة واضحة وبيان أنهم بأجمعهم يمهدون للقائم سواء شاءوا أم أبوا، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾([12]). فالكل يمهد للوارث أو القائم شاءوا أم أبوا، فالشمس والقمر والنجوم يمهدون للقائم، وأيضاً من حق عليه العذاب يمهد للقائم وكل بحسبه، فحركة الخلق ومسيرتهم العامة هي تمهيد للقائم الذي ينصِفُ المظلومين، وإن كان أكثر الخلق يجهلون هذا، تماماً كطوافهم بالكعبة والحجر الأسود المودع فيها، مع أنهم لا يكادون يفقهون شيئاً من طوافهم.
    أما في الأديان السابقة فقد ذكر الحجر أيضاً في التوراة والإنجيل:
    (قال لهم يسوع أما قرأتم قط في الكتب الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية ومن قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا لذلك أقول لكم أن ملكوت الله ينزع منكم ويعطى الأمة التي تعمل إثماره ومن سقط عليه هذا الحجر يترضض ومن سقط هو عليه يسحقه) ([13]).
    فالحجر الذي تكلم عنه عيسى (ع) هو في أمة أخرى غير الأمة التي كان يخاطبها، فالملكوت ينزع من الأمة التي كان يخاطبها عيسى (ع)، وهم بنو إسرائيل والذين آمنوا بعيسى (ع) - لأنه كان يخاطب بهذا الكلام تلاميذه المؤمنين به وغيرهم من بقية الناس – ويعطى للأمة المرتبطة بالحجر التي تعمل إثمار الملكوت، فكلام عيسى (ع) واضح كل الوضوح؛ أنه في بيان فضل حجر الزاوية، وإن الملكوت سينزع في النهاية ممن يدعون أتباع عيسى ويعطى لأمة الحجر وهم أمة محمد وآل محمد ، فعيسى (ع) ربط بحكمة بين الحجر وبين الأمة التي تعطى الملكوت في النهاية، وأيضاً قابل هذه الأمة ببني إسرائيل ومن يدعون اتباعه وبيَّن أنهم لن يناولوا الملكوت في النهاية، فعيسى (ع) جعل الحجر علة إعطاء الملكوت لأمة أخرى غير الأمة التي تدعي اتباع موسى (ع) وعيسى (ع)، أي إن من يشهد لهم الحجر بأداء العهد والميثاق ومن ينصرونه هم من سيرثون الملكوت سواء كان في هذه الأرض بإقامة حاكمية الله، أم في السماوات عندما يكشف الله لهم عن ملكوته ويجعلهم ينظرون فيه، أم في النهاية عندما يسكنهم الله الجنان في الملكوت. ومن يريد أن يُفسِّر هذا الكلام بصورة أخرى ويقول إن عيسى أراد بهذا الكلام نفسه ويصر على هذا القول فإنه يغالط ولا يطلب معرفة الحقيقة، وإلا فليقرأ أصل القول وهو لداود (ع) في المزامير فأيضاً يمكن أن يقول اليهود إن داود قصد نفسه، وهكذا لا ينتهي الجدل ولكن الحقيقة أن داود (ع) وعيسى (ع) أرادوا المخلص الذي يأتي باسم الرب في آخر الزمان، وقد بشَّر به عيسى (ع) في مواضع أخرى في الإنجيل وسماه المعزي والعبد الحكيم وهنا سماه حجر الزاوية، فيكون السؤال: من هو الذي عرف أو يمكن أن يعرف بأنه حجر الزاوية، هل إن داود أو عيسى (عليهما السلام) عرفوا بأنهم حجر الزاوية في بيت الرب أو ذكروا في موضع آخر على أنهم حجر الزاوية في بيت الرب، وهل هناك حجر موضوع في زاوية بيت الرب أو الهيكل عند اليهود والنصارى يدل على داود أو عيسى (عليهما السلام) ؟ الحقيقة أن هذا غير موجود ولكنه موجود في الأمة الأخرى من ولد إبراهيم (ع)، وفي بيت الرب الذي بناه إبراهيم (ع) وإسماعيل (ع) ابنه، وموجود في الزاوية وبالذات الزاوية التي اسمها الركن العراقي، وكل هذه الأمور تشير إلى أمر واحد هو المخلص الذي يأتي في آخر الزمان أو الذي أشار إليه داود في المزامير أنه حجر الزاوية والآتي باسم الرب.
    (……………19 افتحوا لي أبواب البر. أدخل فيها وأحمد الرب. 20 هذا الباب للرب. الصديقون يدخلون فيه. 21 أحمدك لأنك استجبت لي وصرت لي خلاصاً. 22 الحجر الذي رفضه البناؤون قد صار رأس الزاوية. 23 من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا 24 هذا هو اليوم الذي صنعه الرب. نبتهج ونفرح فيه. 25 آه يا رب خلص. آه يا رب أنقذ. 26 مبارك الآتي باسم الرب. باركنا كم من بيت الرب ………) ([14]).
    وللتأكيد أكثر على أن المراد بحجر الزاوية في التوراة وفي الإنجيل هو المخلص الذي يأتي في آخر الزمان وفي العراق وهو قائم الحق أورد هذه الرؤيا التي رآها ملك العراق في زمن دانيال النبي (ع) وفسرها دانيال النبي (ع) وهي تكاد لا تحتاج إلى توضيح.
    وهذا قول دانيال النبي (ع) لملك العراق وهو يخبره برؤياه وتفسيرها كما في التوراة الموجود: (…………….31 أنت أيها الملك كنت تنظر وإذا بتمثال عظيم هذا التمثال العظيم البهي جداً وقف قبالتك ومنظره هائل. 32 رأس هذا التمثال من ذهب جيد. صدره وذراعاه من فضة. بطنه وفخذاه من نحاس. 33 ساقاه من حديد. قدماه بعضهما من حديد والبعض من خزف. 34 كنت تنظر إلى أن قطع حجر بغير يدين فضرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما. 35 فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً وصارت كعصافة البيدر في الصيف فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان. أما الحجر الذي ضرب التمثال فصار جبلاً كبيراً وملأ الأرض كلها. 36 هذا هو الحلم. فنخبر بتعبيره قدام الملك 37 أنت أيها الملك ملك ملوك لأن إله السموات أعطاك مملكة واقتداراً وسلطاناً وفخراً. 38 وحيثما يسكن بنو البشر ووحوش البر وطيور السماء دفعها ليدك وسلطك عليها جميعها. فأنت هذا الرأس من ذهب. 39 وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر منك ومملكة ثالثة أخرى من نحاس فتتسلط على كل الأرض. 40 وتكون مملكة رابعة صلبة كالحديد لأن الحديد يدق ويسحق كل شيء وكالحديد الذي يكسر تسحق وتكسر كل هؤلاء. 41 وبما رأيت القدمين والأصابع بعضها من خزف والبعض من حديد فالمملكة تكون منقسمة ويكون فيها قوة الحديد من حيث إنك رأيت الحديد مختلطا بخزف الطين. 42 وأصابع القدمين بعضها من حديد والبعض من خزف فبعض المملكة يكون قوياً والبعض قصماً. 43 وبما رأيت الحديد مختلطاً بخزف الطين فإنهم يختلطون بنسل الناس ولكن لا يتلاصق هذا بذاك كما أن الحديد لا يختلط بالخزف. 44 وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إله السموات مملكة لن تنقرض أبداً وملكها لا يترك لشعب آخر وتسحق وتفني كل هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد. 45 لأنك رأيت أنه قد قطع حجر من جبل لا بيدين فسحق الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب. الله العظيم قد غرف الملك ما سيأتي بعد هذا. الحلم حق وتعبيره يقين) ([15]).
    إذن فالحجر أو المخلص الذي ينقض هيكل الباطل وحكم الطاغوت والشيطان على هذه الأرض، ويكون في ملكه نشر الحق والعدل في الأرض، يأتي في آخر الزمان ويأتي في العراق كما هو واضح في رؤيا دانيال، وهو الحجر الذي ينسف الصنم أو حكم الطاغوت والأنا، بينما لا عيسى (ع) ولا داود (ع) أرسلوا في العراق وفي آخر الزمان، فلا يمكن أن يكون أي منهما هو حجر الزاوية المذكور، بل تبين بوضوح من كل ما تقدم أن حجر الزاوية في اليهودية والنصرانية هو نفسه الحجر الأسود الموضوع في زاوية بيت الله الحرام في مكة.
    فالحجر الأسود الموضوع في ركن بيت الله والذي هو تجلي ورمز للموكل بالعهد والميثاق، هو نفسه حجر الزاوية الذي ذكره داود وعيسى (عليهما السلام)، وهو نفسه الحجر الذي يهدم حكومة الطاغوت في سفر دانيال (ع)، وهو نفسه قائم آل محمد أو المهدي الأول الذي يأتي في آخر الزمان كما روي عن رسول الله محمد وأهل بيته .
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    أحمد الحسن
    الجواب المنير – الجزء الرابع
    الصفحة(57-68)

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    [1] - مستدرك سفينة البحار للنمازي الشاهرودي ج3 ص133.
    [2]- الكافي: ج4 ص217.
    [3]- الفتح: 2.
    [4]- تفسير القمي: ج2 ص314.
    [5]- الأعراف: 172.
    [6]- المحاسن: ج1 ص65.
    [7]- طه: 115.
    [8]- الكافي: ج4 ص184 – 186، علل الشرائع: ج2 ص429 – 431.
    [9]- الكافي: ج4 ص249.
    [10] - البداية والنهاية لابن كثير ج5 ص173.
    [11]- يوسف: 4.
    [12]- الحج: 18.
    [13]- انجيل متى الاصحاح الحادي والعشرون.
    [14]- التوراة – مزامير – المزمور المائة والثامن عشر – العهد القديم والجديد ج1 – مجمع الكنائس الشرقية: ص915.
    [15]- التوراة – سفر دانيال – الاصحاح الثاني.
    sigpic
  • اختياره هو
    مشرف
    • 23-06-2009
    • 5310

    #2
    رد: الحجر الاسود .. ماهيته وعلاقته بالقائم (ع)

    (قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ ؟ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا! 43 لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44 وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ!)

    المهدي القائم (ع) هو الحجر الذي صار راس الزاوية !
    السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

    Comment

    • ahmad_ahmad_1
      عضو جديد
      • 17-11-2010
      • 26

      #3
      رد: الحجر الاسود .. ماهيته وعلاقته بالقائم (ع)

      احسنت اخي الحبيب جيش الغضب وجزاك الله عن محمدا وال محمد ع خير الجزاء
      [frame="3 98"]
      [CENTER]هذا توقيع إفتراضي

      [URL="http://www.al-mahdyoon.org/"]الموقع الرسمي للدعوة المباركة[/URL]
      [URL="http://www.al-mahdyoon.org/vb/"]منتديات أنصار الإمام المهدي (ع)[/URL]
      [URL="http://www.nsr313.com/"]صحيفة الصراط المستقيم[/URL]
      [URL="http://www.al-imam-almahdy-ahmad.com/"]موقع غرفة أنصار الإمام المهدي الصوتية[/URL]
      [/CENTER][/frame]

      Comment

      • المهتدية بأحمد
        مشرف
        • 27-04-2012
        • 632

        #4
        رد: الحجر الاسود .. ماهيته وعلاقته بالقائم (ع)

        ما شاء الله كل هذا عن الحجر الاسود !!! صلوات ربي على محمد وال محمد وعلى المهدي الاول احمد الحسن اليماني ،،
        الحجر الاسود اتجاهه الى المشرق ،، الى العراق من حيث يقوم القائم عليه السلام
        فسبحان الله رب العالمين
        - ونشركم على نقل الموضوع جزاكم الله خير
        sigpic
        قال الامام احمد الحسن ع:
        لنفتح صفحة جديدة ونقول نحن من الان نحب في الله ونبغض في الله لنكون بذلك احب الخلق لله سبحانه.



        Comment

        • اختياره هو
          مشرف
          • 23-06-2009
          • 5310

          #5
          رد: الحجر الاسود .. ماهيته وعلاقته بالقائم (ع)

          ((...فهل تدري ما كان الحجر؟ قلت : لا قال كان ملكا من عظماء الملائكة عند الله فلما أخذ الله من الملائكة الميثاق كان أول من آمن به وأقر ذلك الملك فاتخذه الله أمينا على جميع خلقه فألقمه الميثاق وأودعه عنده واستعبد الخلق أن يجددوا عنده في كل سنة الاقرار بالميثاق والعهد الذي أخذ الله عز وجل عليهم، ثم جعله الله مع آدم في الجنة يذكره الميثاق ويجدد عنده الاقرار في كل سنة....)) الكليني في الكافي ج 4 - ص 184 - 186
          كيف نجمع بين القول انه ملك وبين القول انه حجة من حجج الله من آل محمد (ع) ؟
          للاجابة هنا http://vb.al-mehdyoon.org/showthread.php?t=19794
          السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

          Comment

          Working...
          X
          😀
          🥰
          🤢
          😎
          😡
          👍
          👎