إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

اختصار احد الكتب في الرد على المسيحية

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • يوسف 313
    عضو نشيط
    • 16-02-2009
    • 207

    اختصار احد الكتب في الرد على المسيحية

    [align=justify]
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الائمة والمهديين وسلم تسليما
    اقدم بين يدي الاخوة الكرام اختصار لاحد الكتب التي اراها مهمة وهو كتاب ( هبة السماء ) لمؤلفه علي الشيخ وهو مسيحي الاصل ثم استسلم، وهو يطرح ردود مهمة وايضاحات حول الديانة المسيحية، وباسلوب سهل، فارتأيت ان اختصر هذا الكتاب على اهم الامور ، عسى ان تتم الفائدة منه باسرع وقت، ولا انسى ان اذكر ان المؤلف قد يخطأ احيانا في تفسير بعض النصوص الانجيلية.
    ونسألكم الدعاء.

    العهد الجديد
    أن كتاب العهد الجديد له مكانته الخاصة عند المسيحيين، فهو يعتبر متمما ومصدقا لما جاء في العهد القديم، وهو الأساس لكل العقائد المسيحية ولهذا فأني سأحاول التوسع فيه بعض الشئ.
    ويعتقد بعض علماء الكتاب المقدس أن العهد الجديد قد كتب بلغة يونانية تسمى (بالكوني) وهي اللغة العامية ممزوجة ببعض الاصطلاحات العبرانية، وأهم النسخ الكاملة من العهد الجديد هي النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية إذ يعتقد أنهما كتبتا في القرن الرابع الميلادي، وكذلك النسخة الاسكندرانية المكتوبة في القرن الخامس الميلادي.
    ويتألف العهد الجديد من (27) سفرا وهي: الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل وعدة رسائل لبولس وبطرس ويعقوب ويهوذا ويوحنا مع رؤية يوحنا، وإليك نبذة تاريخية مختصرة عن كل واحد من هذه الأسفار.

    (الأناجيل الأربعة)
    1 - إنجيل متي:
    وهو أول الأناجيل ويرجح أن يكون كاتبه هو الرسول متي أحد الاثني عشر رسولا، وهو لاوي بن حلفي وكان عشارا يجمع الأموال للحكومة الرومانية. وقد أختلف القول بخصوص هذا الإنجيل في لغته وزمان تأليفه فذهب البعض إلى أنه كتب أولا بالعبرانية أو الآرامية (التي كانت لغة فلسطين في تلك الأيام) وترجم بعد ذلك إلى اليونانية، وذهب آخرون إلى أنه كتب باليونانية كما هو الآن. وأما زمان تأليفه فقد أختلف فيه أيضا إذ يحتمل أنه كتب بين 37 إلى 63 ميلادي. ويسمى هذا الإنجيل مع إنجيلي مرقس ولوقا بالأناجيل المتوافقة أو الإزائية وذلك لأنها متشابهة إلى حد كبير.
    و يتميز هذا الإنجيل عن الأناجيل الثلاثة الباقية بأنه يحكي حوادث وأمثالا لا توجد في الإنجيل الأخرى، كما أنه الإنجيل الوحيد الذي يشير إلى الكنيسة ويذكرها باسم (الكنيسة) على وجه التخصيص.
    2 - إنجيل مرقس:
    ويعتقد بأن مؤلف هذا الإنجيل هو مرقس أحد تلامذة بطرس الرسول، فهو ليس من تلاميذ السيد المسيح (عليه السلام).
    وكان الاعتقاد السائد في أواخر القرن الأول الميلادي أن هذا الإنجيل قد كتب في روما ووجه إلى المسيحيين الرومانيين.
    فقد كتب بابيوس مستندا إلى ما استقاه من يوحنا الرسول:
    هذا أيضا ما قاله الشيخ أن مرقس وقد كان مفسرا لبطرس ومترجما لآرائه، سجل جميع الأشياء التي تذكرها من أقوال المسيح (عليه السلام) وأعماله وذلك لم يسمع الرب (يسوع) ولا كان من أتباعه ولكنه أتبع بطرس فيما بعد.
    وأما تاريخ هذا الإنجيل فهو يتراوح بين سنة 64 م وسنة 70 م.
    وفي هذا الصدد يقول الأب (إيرينيوس) أحد آباء الكنيسة الأولين أن مرقس كتب البشارة التي تحمل اسمه قائلا بعد أن نادى بطرس وبولس بالإنجيل في روما وبعد انتقالهما سلم لنا مرقس كتابة مضمون ما نادى به بطرس وعلى هذا يحتمل كتابة هذا الإنجيل بين عام 65 م و 68 م.
    ومرقس هذا كما زعم البعض فهو الشاب الذي تبع يسوع لما أخذه اليهود في بستان الزيتون وأقاموا الدليل على ذلك أن مرقس انفرد برواية ما جرى لذلك الشاب وكأنه يريد أن يشير إلى نفسه
    فيقول:
    وتبعه شاب ليس عليه غير إزار فأمسكوه. فتخلى عن الإزار وهرب عريانا (إنجيل مرقس 14: 51 - 52). وكان مرقس نسيب الرسول برنابا، أحد وجهاء كنيسة أورشليم القدس وكبار المبشرين بالإنجيل وكان ابن امرأة اسمها مريم ساكنة في أورشليم والظاهر أنه اهتدى إلى الإيمان المسيحي بواسطة خدمة بطرس الذي كان يتردد على بيت أمه، وصاحب بولس وبرنابا في أورشليم إلى أنطاكية، ولكنه فارقهما لأسباب لم تعرف. ويعتبر إنجيل مرقس أقصر الأناجيل الأربعة.
    3 - إنجيل لوقا:
    حسب الاعتقاد السائد في القرن الثاني للميلاد فإن كاتب هذا الإنجيل هو لوقا وهو رفيق وصديق بولس، ويحتمل أيضا أنه كاتب سفر أعمال الرسل، ولهذا فما هو معروف عنه مأخوذ من سفر الأعمال حيث يذكر أنه كان مع بولس في قسم من أسفاره. ولد لوقا من أبوين يونانيين في أنطاكية - سورية - وكان يمارس الطب وزعم البعض أنه كان رساما، وتتلمذ لبولس وكان غالبا في صحبته إلى أن استشهد بولس فتركه، إلا أنه لا يعرف أين قضى بقية عمره ولا أين مات غير أن الكنيسة تكرمه تكريم الشهداء (1).
    وكتب هذا الإنجيل باللغة اليونانية، وأما تاريخ كتابة هذا الإنجيل فيعتقد أن أعمال الرسل قد كتب بعد كتابة الإنجيل بوقت قصير، ويرجح أن سفر أعمال الرسل كتب سنة 62 أو 63 ميلادية ولهذا يحتمل علماء الكتاب المقدس أنه مكتوب في سنة 60 ميلادية تقريبا. كما قد ورد في هذا الإنجيل بعض الحوادث التي لم تذكر في غيره من الأناجيل. ويظهر من مقدمة إنجيله أنه لم يكن معاينا للحوادث التي كتبها بل ألف إنجيله من شهادة الذين عرفوا السيد.
    ومما يخص به هو نقل الحوادث التي جرت قبل ولادة المسيح (عليه السلام). وبعدها والظاهر أنه أخذها عن كتابة ربما نقلت عن أم الرب (مريم) لأنه لم يعرف أحد غيرها كثيرا مما ذكر بهذا الشأن.
    4 - إنجيل يوحنا:
    وهو الإنجيل الرابع والذي يختلف كثيرا عن الأناجيل الثلاثة، إذ يعتقد أن 90 % من هذا الإنجيل غير موجود في الأناجيل الثلاثة، وهو من أكثر الأناجيل التي دارت حولها الشكوك بين علماء الكتاب المقدس، فذهب البعض إلى أن كاتبه هو يوحنا ابن زبدي الرسول وأحد التلاميذ المقربين جدا ليسوع المسيح (عليه السلام)، ويذكر المؤرخون أن يوحنا الرسول كان تلميذا ليوحنا المعمدان (يحيى) (عليه السلام) ومن ثم دعاه عيسى (عليه السلام) فاتبعه وأخيه يعقوب، فأصبح هو ويعقوب وبطرس من التلامذة المقربين ليسوع (عليه السلام).
    وينقل أيضا أن كاتب هذا الإنجيل هو يوحنا الشيخ ويعتقد أنه (يوحنا الشيخ) هو نفسه يوحنا الرسول. وقد ذكر أن الهدف من كتابة هذا الإنجيل هو تثبيت الكنيسة الأولى في الإيمان بحقيقة لاهوت المسيح (عليه السلام) وناسوته ودحض البدع المضلة التي كان فسادها آنذاك قد تسرب إلى الكنيسة، كبدع الدوكنيين، والغنوسيين وغيرها.
    ويوحنا هذا مع أنه هرب مع بقية التلاميذ لما أمسك بالمسيح (عليه السلام) ولكنه كما ينقل يوحنا في إنجيله (19 - 26) أودعه المسيح (عليه السلام) العناية بأمه العذراء مريم (عليها السلام).
    ويشكك بعض علماء العهد الجديد في صحة نسبة هذا الإنجيل إلى يوحنا، إذ ينقل (برطشنيدر) إن هذا الإنجيل كله وكذا رسائل يوحنا ليست من تصنيفه، بل إنما صنفه بعضهم في ابتداء القرن الثاني ونسبه إلى يوحنا ليعتبره الناس. ورجح البعض الآخر أن هذا الإنجيل هو من تأليف طالب من طلبة الاسكندرية. وأما زمن كتابة هذا الإنجيل فيحتمل أنه كتب بين سنة 96 - 100 ميلادية.
    وإذا عرف زمان شهادة يوحنا الرسول لأمكن معرفة صحة انتساب هذا الإنجيل إليه أو لا، ولكن في زمن شهادته اختلاف أيضا، إذ يقول البعض أنه استشهد سنة 100 ميلادية، بينما يعتقد آخرون أنه كان سنة 70 ميلادية.
    وأما مضمون هذا الإنجيل فإنه يختلف تماما عن بقية الأناجيل كما ذكرنا، إذ أنه يجسد بوضوح الناحية الإلهية من حياة يسوع المسيح (عليه السلام). والمسيحيون يعتمدون على هذا الإنجيل في إثبات ألوهية المسيح (عليه السلام) أكثر من بقية الأناجيل، إضافة إلى ذلك فإنه ينقل للمسيح (عليه السلام) بعض المعاجز التي لم تذكر في أي من الأناجيل السابقة.
    سفر أعمال الرسل
    هذا هو عنوان السفر الخامس من أسفار العهد الجديد. وترجع هذه التسمية إلى القرن الثاني الميلادي، وفي الحقيقة فإن هذا الاسم لا يدل على أن السفر يذكر كل أعمال الرسل، بل القصد من السفر هو إظهار كيفية تأسيس الكنيسة المسيحية، وانتشار المسيحية بين اليهود.
    وابرز شخصية في القسم الأول من السفر هي شخصية بطرس الرسول رئيس الكنيسة، وأما الشخصية البارزة في القسم الثاني من السفر فهي شخصية بولس.
    إضافة إلى ذلك فإن السفر يذكر شخصيات وأعمال غيرهما من الرسل في مناسبات عدة.

    والسفر معنون باسم رجل يدعى ثاوفيليس، وهو نفسه الذي كان قد أهداه الإنجيل. ويعتقد أن مؤلف هذا السفر هو نفسه لوقا الإنجيلي، وقد كتب بين سنة 64 - 70 ميلادية، باللغة اليونانية التي كتب بها إنجيل لوقا.
    الرسائل
    وتتألف الرسائل من قسمين رئيسين، أولهما رسائل بولس وثانيهما الرسائل العامة.
    رسائل بولس: نرى من الضروري قبل كل شئ التعريف بشخصية بولس فنذكر نبذة مختصرة عن حياته:
    أن المعلومات المتوفرة عن شخصية بولس موزعة بين سفر أعمال الرسل ورسائله.
    ولد بولس في طرسوس من قيلقيية في السنة العاشرة للميلاد تقريبا، وكان أبوه يهوديا من سبط بنيامين، وكسائر صبيان اليهود تعلم حرفة صنع الخيام للاكتساب منها، وبدأ تحصيله في طرسوس التي كانت مركزا علميا إذ كانت مركزا للفلسفة الرواقية التي ظهر تأثيرها في كثير من تعبيرات بولس عن المبادئ المسيحية.
    وسافر بولس إلى أورشليم - القدس وعمره 20 أو 22 سنة
    حينما شرع المسيح برسالته.
    وبولس له اسمان الأول عبري وهو شاؤل ومعناه (المطلوب) وهو المذكور في أعمال الرسل حتى الفصل الثالث عشر. والآخر بولس ومعناه (الصغير) وهو المذكور في بقية فصول سفر أعمال الرسل وفي كل الرسائل.
    وحضر في أورشليم عند أحد أكابر علماء الشريعة اليهودية واسمه (جملاييل): وكانت له ثقافة يونانية - رومانية إضافة إلى ثقافته اليهودية، وكان يعرف اللغة الآرامية والعبرية واليونانية. وكان حارا حاذقا شديد الانفعال، وكان من طبعه أنه لا ينقاد إلى الاتفاق مع الذين يخالفونه، على أن الله قهر عنفه الطبيعي وحدة خلقه.
    والنقطة المهمة والمتيقن منها في حياة بولس هي أنه تبوأ مكانة عند علماء اليهود، وعند ظهور الدعوة المسيحية شن حربا شعواء ضد المسيحيين، فقد كان يضطهدهم كثيرا، وكان من الذين ساقوا التهم إلى أول شهيد في المسيحية (إستفانوس)! فكان شخصا متعصبا لليهودية، وكان له النصيب الأوفر في ملاحقة أتباع المسيح (عليه السلام) وقطع دابرهم، ولم يكتف بملاحقتهم في أورشليم بل لا حقهم خارجها أيضا.
    فالتمس من عظيم الأحبار في أورشليم رسائل إلى مجامع دمشق حتى يسوق إلى أورشليم كل من كان على هذه الملة، وفي طريقة إلى دمشق وحسب سفر أعمال الرسل: تراءى له يسوع المسيح (عليه السلام) وقاله له شاول، وشاول لماذا تضطهدني فانقلب حاله ثم دخل دمشق وبعد ثلاثة أيام جاءه حننيا وعمده، فتحول بولس من مضطهد إلى مناصر للمسيحية، وبعدها أختاره المسيح (عليه السلام) ليبشر بالعقيدة المسيحية إلى الوثنيين.
    فبدأ تبشيره إلى جميع الأمم في آسيا وأوربا فذهب إلى بلاد العرب وفلسطين وسوريا ولبنان وتركيا ويونان وقبرص ورومية وربما أيضا إسبانيا، وكانت خاتمة حياته أنه استشهد في روما سنة 67 م.
    وفي الحقيقة نستطيع القول أن بولس هذا صار الرجل الأول في المسيحية بعد يسوع (عليه السلام) إذ أنه ارتفع صيته وشهرته حتى على الرسل الاثني عشر، وترجع أغلب عقائد المسيحية إليه وسنشير إلى ذلك لاحقا أن شاء الله تعالى.
    ولم يكتب بولس أكثر هذه الرسائل بل أملاها على غيره وكثيرا ما كان يخرج عن موضوعه لسبب عروض كلمة أو أمر تذكره أو كان يخشاه.

    ............... هذه هي الأسفار التي يشتمل عليها العهد الجديد، ويظهر أنها كتبت خلال نصف قرن تقريبا ما بين سنة 55 - 110 ميلادية، فهي لم تر النور دفعة واحدة، ومما يلفت النظر فإن المسيحيين يعتقدون أن المسيح (عليه السلام) لم يكتب شيئا ولم يأمر أحدا من تلاميذه بتدوين أقواله وأعماله، ولكن قد طلب منهم أن يشهدوا ويبشروا بما رأوا وسمعوا فكانت نقطة الانطلاق للرسل هي البشارة والشهادة للمسيح (عليه السلام).
    ومن هنا بدأ التقليد المسيحي وهو التذكير المشترك بهذه الحوادث من جيل إلى جيل. (ولهذا فالتقليد الشفوي يعتبر الينبوع الذي نهل منه الرسل وتلاميذ الرسل ليدونوا أسفار العهد الجديد. على أن هذا التدوين للتقليد الشفوي لم يتم بإرادة الرسل أيضا فمرقس مثلا حسب أوزابيوس قد دفعه إلى التدوين المستمعون لبطرس الرسول الذي وجد نفسه أمام الأمر الواقع، فبطرس حسب اكليمنضوس لم يتدخل لا راضيا ولا رافضا).
    وأما الشروع في كتابة الأناجيل رغم عدم طلب يسوع المسيح (عليه السلام) من التلاميذ ذلك فيعزونه إلى أسباب عديدة منها، (رغبة المسيحيين بالحصول على معلومات أكثر عن حياة وتعاليم المسيح (عليه السلام) يحتفظون بها، وكذلك تقدم السن بالرسل الأولين وشدة الاضطهادات التي كانت تحيط بهم، إضافة إلى ظهور الأفكار العقائدية الباطلة تحت تأثير الوثنية واليهودية والتي انتشرت بسرعة مسببة القلق والشك في صفوف المؤمنين الجدد، وغيرها من الأمور، كل ذلك دفع بالمسيحيين الأولين إلى تدوين تعاليمهم حتى لا تنسى).
    والمسألة المهمة في هذا الموضوع هي أن الكنيسة تعتقد أن الأناجيل كتبت بالوحي والإلهام الإلهي، فنرى في مقدمة الإنجيل مكتوبا: كتب العهد الجديد بوحي من الروح القدس في مدة لا تتعدى المائة من السنين، ولقد حفظ الله الإنجيل في هذه النصوص على مر السنين رغم الاضطهادات والأخطار).
    ومما يجدر الإشارة إليه أن الكنيسة الأولى لم تكن تعرف هذه الكتب على أساس أنها مكتوبة بالإلهام والوحي، بل إنما اعتبرت كذلك بعد كتابة هذه الكتب بعدة قرون، ففي القرون الأولى للميلاد وحتى القرن الرابع الميلادي لم يكن أحد يتكلم عن الالهام في هذه الكتب، بل حتى الكنيسة لم تكن تقبل سوى العهد القديم كتابا مقدسا، إلا أن تعدد الكتب في القرن الأول والثاني للميلاد والتي تجاوزت المائة، وظهور العقائد المختلفة في الكنيسة، دفعت الكنيسة إلى تشكيل المجامع المحلية والتي تعددت كثيرا (كمجمع نيقية 325، مجمع هيبون في 393، وقرطجنة 397 و 418) ومن خلال هذه المجامع أعطيت اللوائح الرسمية للعهد الجديد وتم اختيار (27 سفرا) على أنها مكتوبة بالوحي والإلهام الإلهي.
    وأما الكتب الأخرى فقد ألغيت ولم تقبلها الكنيسة، وأول من اعتبر هذه الأسفار (27) هو مجمع نيقية السكوني سنة (325) م ثم جاء البابا جيلاسيوس الأول (492 - 496)، إذ أعطى المرسوم الرسولي سنة 495 ميلادي مقدما اللائحة التي نملكها اليوم للعهد الجديد. وأعتقد أن إلغاء كل تلك الكتب الأخرى أضاع تراثا عظيما كان يمكن الاعتماد عليه لفهم الحقائق عن المسيحية بصورة أفضل وأدق وأقرب للواقع. وأما سبب اختيار هذه الكتب دون غيرها، فلأنها (على حد قول المسيحيين) (تعطي بشكل أفضل ما كانت تؤمن به الكنيسة الأولى، ولكن هذا لا يعني أن الكنيسة هي التي منحت صفة الالهام لهذه الأسفار، بل أن محتوى الأسفار ذاته هو الذي دفع بالكنيسة لتمييزها عن الكتب الأخرى).
    وأما كيفية الوحي والإلهام في كتابة هذه الأسفار فيعتقد المسيحيون أن الالهام الكتابي الذي يقصدونه هو غير الالهام النبوي، فالإلهام الكتابي يدل على عمل الله (فوق الطبيعي) الذي يمارسه على مؤلفي الكتاب ليدفعهم إلى تدوين الحقائق التي أوحاها وأعطاها للبشر وذلك بمساعدته الدائمة والمباشرة.
    فالكاتب يعبر عما يريد الله أن يطلع الناس عليه ولكنه ليس كقطعة الإسفنج في نقل الماء، تحمله ولكن لا تفعل غير ذلك.
    أن وحي الكتاب المقدس يختلف في مفهومه عن مفهوم الوحي في الإسلام، إذ يعتقد المسلمون أن النبي لم يكن سوى ناقل لكلام الله، ولا دخل له فيه، وأما الوحي الكتابي عند المسيحيين، فهو من عمل الله والانسان معا، فالكاتب في هذا الالهام يحتفظ بشخصيته وعبقريته وأسلوبه في الكتابة، وأما الإلهام النبوي فإن النبي لا يعدو كونه أداة طيعة يتكلم بأسم الرب لا غير، ومن هنا فالإلهام الكتابي يختلف عن الالهام النبوي، ولهذا نرى التمايز بين الأسفار المكتوبة بالإلهام تبعا لتغاير أسلوب كتابها.
    وعلى ذلك فإن الكاتب الملهم من قبل الله يكون معصوما عن الخطأ فيما يكتبه، لأن الله لا يخطأ ولا يخدع أحدا، وأما دائرة العصمة (والقول للمسيحيين) فهي تشمل الحقائق الدينية والالهية الموحاة من قبله، وأما الحقائق الدنيوية التي ليست من حقل الحقائق الإلهية فيمكن للكاتب أن يخطأ فيها، فالله سبحانه لا يبتغي أن يجعل منه رجلا كاملا في العلوم.
    هذا باختصار نبذة عن العهد الجديد واعتقاد المسيحيين به، فهو الأساس لكل العقائد المسيحية.
    وقبل الإشارة إلى بعض النقاط والتساؤلات التي تدور حول هذه الأسفار، وتتميما للفائدة نشير بإيجاز إلى بعض الكتب الأخرى التي رفضتها الكنيسة لتتضح لنا صورة ما عنها:
    [/align]
  • يوسف 313
    عضو نشيط
    • 16-02-2009
    • 207

    #2
    رد: اختصار احد الكتب في الرد على المسيحية

    [align=justify]
    الكتب الأخرى
    أو كما يسميها المسيحيون (الكتب المنحولة) وهي على ما يذكر المؤرخون قد وصلت إلى مائة كتاب خلال القرنين الأول والثاني للميلاد، وأن مقدمة إنجيل لوقا تشير إلى ذلك حيث يقول: إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا ولكن للأسف فإن معظمها قد ضاع و أهمل، وهنا نشير إلى بعضها.
    1 - إنجيل يعقوب: (ويعود إلى القرن الثاني للميلاد، وهو يتحدث عن سيرة العذراء مريم (عليها السلام) منذ مولدها إلى ولادتها للمسيح (عليها السلام) وإقامتها في الهيكل. وهي تطابق إلى حد ما قصة مريم (عليها السلام) في القرآن الكريم إذ يذكر كيف أن والديها قدماها للهيكل للخدمة وكان الملاك يأتيها بالطعام وكفالة يوسف لها.
    2 - إنجيل متي: وهو الآخر يروي قصة العذراء، ولادتها ونزول الطعام عليها من قبل الملاك، ويروي ميلاد يسوع وهروبه إلى مصر وبعض معجزاته التي رافقته.
    3 - إنجيل الطفولية (العربي): يعود إلى القرن الخامس، وهو الآخر يروي المعجزات عند ولادة يسوع المسيح (عليه السلام) وكذلك خلال هروبه إلى مصر، ونجد فيه معجزة (تحويل الطير من طين إلى طير حي بنفخة منه).
    وهناك أناجيل أخرى كثيرة: كإنجيل نيقوديموس، إنجيل الأبيونيين المصريين، إنجيل العبرانيين، إنجيل بطرس، إنجيل توما وغيرها من الرسائل الأخرى الكثيرة...
    وأما الإنجيل الآخر الذي أود الإشارة إليه فهو إنجيل برنابا، الذي أحدث منذ ظهوره ضجة كبيرة بين المسلمين والمسيحيين على حد سواء، وبالحقيقة فقد كتبت بحوث ودراسات عديدة عن هذا الإنجيل، فهو يوافق بشكل عام القرآن في عامة قصصه، و كذلك فهو يذكر النبي الخاتم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) صريحا باسمه.
    وأصل هذا الكتاب قد عثر عليه باللغة الإيطالية كما ينقل عن الترجمة الإسبانية له، فيذكر المترجم، أن الأصل الإيطالي قد عثر عليه راهب يدعى فرامرينو، في زمن البابا (سكست كنت الخامس) سنة (1585 - 1595) ميلادي. فقرأ الراهب الكتاب فأعتنق الدين الاسلامي وترك ديانته السابقة، وفي الحقيقة فإن النقاش ما زال قائما إلى الآن حول هذا الإنجيل، حيث يعتقد المسيحيون أنه كان هناك إنجيل أو رسالة لبرنابا الرسول ولكنها كانت تعترف (بأن المسيح (عليه السلام) هو ابن الله المتجسد، وأنه صلب وقام وظهر لتلاميذه وصعد إلى السماء) فهي كانت تحافظ على التعليم الرسولي. ولكن الكنيسة لم تعتبرها من الكتب الملهمة رغم محافظتها على التعليم الرسولي!! ومن أراد التوسع في حقيقة هذا الإنجيل فليراجع مقدمة الدكتور خليل سعادة مترجم هذا الإنجيل من الإنجليزية إلى العربية 1908. وكذلك مقدمة محمد رشيد رضا..
    وهنا أود أن أشير إلى بعض النقاط والتساؤلات المهمة التي تدور حول صحة هذه الأسفار ونسبتها إلى الوحي الإلهي:
    أولا: السؤال الأول الذي يمكن طرحه هو أن النسخ الأصلية لهذه الأسفار مفقودة، بل نسخ النسخ مفقودة كذلك، حيث أن أقدم نسخة موجودة تعود إلى القرن الرابع الميلادي، فلو سلمنا بأن مؤلفي هذه الأسفار قد كتبوها بالوحي الإلهي، فهل من المعقول أن ندعي بأن النسخ المنقولة عن الأصل هي الأخرى قد نقلت بالوحي الإلهي، ولم تتدخل الآراء والإبداعات للناسخ فيها من زيادة ونقيصة.
    ولعدم توفر النسخ الأصلية، فلا يمكن القطع بأن النص الأصلي لم يدخل عليه الزيادة والنقصان فلا يمكن التثبت من أن النسخ الموجودة بين أيدينا هي مطابقة تماما للنسخ الأصلية وخصوصا مع الجهل بالأشخاص الذين قاموا بنسخها وبعقائدهم.
    ثانيا: أن الكنيسة الأولى وإلى القرن الرابع تقريبا - كما ذكرنا - لم تكن تعترف بأن هذه الكتب إنما كتبت بالإلهام والوحي الإلهي، بل تم ذلك في مجمع نيقية المسكوني سنة (325) ميلادية، فقد تم جمع الكثير من الأناجيل والأسفار وتم اختيار هذه الأسفار وعددها (27) ككتاب مقدس وملهم، وأما الكتب الأخرى مع أنه قد كتب بعضها الرسل أنفسهم (كإنجيل أو رسالة برنابا) ولم تكن تغاير التعاليم الرسولية على حد زعمهم، ولكنها رفضت وأهملت.
    وهنا نستطيع التساؤل هل اختار هذا المجمع هذه الكتب بوحي سماوي أو لا؟ فإن كان الجواب نفيا (وهو كذلك إذ لو كان الاختيار بوحي سماوي لم لم يتم هذا الوحي إلى الكنيسة الأولى وحتى القرن الرابع؟)، فإنه إذن من اختيار البشر، والبشر معرضون للصواب والخطأ، فعلى أبعد الاحتمالات فإن الإنسان العاقل يشك في أن هذه الأسفار هي الإنجيل الموحى.
    ثالثا: النقطة الأخرى هي أن بعض النصوص المعتمدة كانت قد ترجمت من لغتها الأصلية إلى لغة أخرى والأصل المترجم عنه قد فقد، وما هو مشهور ومعروف أن المترجم مهما كان ذكيا وبارعا وذا إلمام باللغة يجد صعوبة في نقل المراد بشكل دقيق، لأنه غالبا ما يجد كلمات ليس لها مكافئ في اللغة المترجم إليها، فيضطر إلى وضع

    الكلمات التي يعتقد أنها أقرب للمعنى، وبالتالي فيمكن أن يتغير المعنى المراد أصلا، ولهذا فلا يمكن الاعتماد بشكل قاطع على الترجمة. ومراجعة سريعة لحال الأسفار (المقدسة) تكشف لنا أن بعض النسخ الموجودة هي ترجمة للنسخ الأصلية المفقودة.
    رابعا: أن من الأمور التي يحكم بها العقل هي أن الكتاب السماوي يجب أن لا يشوبه التناقض والاختلاف لأن الله تعالى عالم وحكيم فيستحيل نسبة الاختلاف والتناقض إلى وحيه، وحتى بمعنى الوحي والإلهام الكتابي الذي يعتقد به المسيحيون إذ يكون المعنى من الله والكلمة والأسلوب من المؤلف، وذلك لأن الله سبحانه يستحيل أن يوحي إلى شخص معنى يختلف عن الذي أوحاه إلى آخر في نفس المورد، أو معنى واحد لقصة واحدة تنقل في أسلوبين.
    مثلا: في قصة صلب عيسى (عليه السلام) تنقل بعض الأسفار أنه سقي خمرا مرا، وفي البعض الآخر يقول خلا، فهذه قصة واحدة ولكن تختلف من سفر لآخر، فإذا كان الاثنان مكتوبين بالوحي الإلهي، فيكون واحد منها صحيحا (بحكم العقل) لا كلاهما، والأسفار مليئة بهذه التناقضات، ولولا أن قصدي في هذا البحث الاختصار قد الإمكان لبينت العشرات من هذه الاختلافات في العهد الجديد وأكتفي هنا بذكر بعضها ومن أراد المزيد فليطالع العهد الجديد بنفسه.
    1 - الاختلاف في نسب عيسى (عليه السلام) في الأناجيل، ومهما حاول المسيحيون إيجاد تبريرات لهذه الاختلافات لم يتمكنوا من إيجاد جواب مقنع لها. إذ ينقل كتاب (قاموس الكتاب المقدس) ما نصه النسب المذكور في إنجيلي متي ولوقا هناك شئ من الصعوبة في فهم جدوليهما، إذ نجد فروقا جمة فسرت تفاسير شتى. وهذه الفروق تبرهن استقلال كل من البشيرين عن الآخر في ما كتبه واعتماده على مصادر تختلف عن مصادر أخرى.
    ويذكر ثلاثة آراء لهذه الاختلافات يبطل اثنين منها ويبقي الآخر، ولكنه أيضا غير مقنع. فإن لوقا يذكر 25 اسما بين داود وزربابل، أما متي فذكر خمسة عشر اسما فقط، وجميع الأسماء تقريبا مختلفة الواحد عن الآخر في الجدول.
    2 - في إنجيل متي ومرقس ولوقا يذكر أن رجلا أسمه سمعان هو الذي حمل صليب عيسى (عليه السلام) وأما في إنجيل يوحنا فيذكر أن عيسى (عليه السلام) هو الذي حمل صليبه إلى جلجثة.
    3 - أن المسيح (عليه السلام) بعد قيامته وحسب إنجيل متي أمر التلاميذ بالذهاب إلى جميع الأمم وأن يعمدوهم (باسم الأب والابن والروح القدس) أما في إنجيل مرقس فأمرهم بالذهاب إلى العالم أجمع وأن يكرزوا بالإنجيل. وفي إنجيل لوقا وأن يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم. وغيرها الكثير. مما سنذكره في مسألة الصلب والقيامة.
    خامسا: وإضافة إلى ذلك فإن عددا كبيرا من علماء الكتاب المقدس يرون أن هذه الأسفار الموجودة في العهد الجديد ليست كلها على الأقل مكتوبة بالوحي الإلهي، والاختلافات فيها قائمة إلى يومنا هذا، رغم محاولات الخنق التي قامت بها الكنيسة للآراء والعقائد المخالفة لها.
    فمثلا ينقل عن الدكتور موريس بوكاي أن قراءة كاملة للأناجيل يمكنها أن تشوش المسيحيين بصورة هائلة إذ بعد دراسته للعهد الجديد وجد أن التناقضات وعدم التجانس تجتمع على حقيقة أن الأناجيل تحتوي على فصول ومقاطع ما هي إلا الانتاج الوحيد للخيال البشري. وكذلك يقول: الدكتور كنيث كراج: أن الأناجيل جاءت من خلال فكر الكنيسة وآراء المؤلفين وأن الأناجيل تمثل التجربة والتاريخ. أما كارل أندري أستاذ الفلسفة والدراسات الدينية في جامعة بول فيقول أن الأناجيل الأربعة قد كتبت من قبل أشخاص متحمسين في الحركة المسيحية المبكرة وأنها تعطينا فقط جانبا واحدا من القصة وهي إلى درجة كبيرة نتاجات افتراضات المؤلفين.
    وكذلك الدكتور جراهام سكروجي الذي يقول: نعم إن الكتاب المقدس بشري... هذه الكتب قد مرت عبر عقول الناس، وهي مكتوبة بلغة الناس وخطت بأقلام الناس وأيديهم وتحمل في أساليبها خصائص البشر. وغيرهم الكثير، فمنذ القرون الأولى لقبول الكنيسة لهذه الكتب كان يدور هناك النقاش والجدال حول صحتها.
    وخلاصة البحث نقول أن العهد الجديد الذي تتمسك به الكنيسة على أنه كتاب سماوي وإلهي، وتستمد منه عقائدها، لا يمكن على أقل تقدير نسبته جميعه إلى الوحي الإلهي، إن لم نقل أنه كتاب تاريخي يحكي بعض الوقائع عن زمان يسوع المسيح (عليه السلام) فهو كتاب من نتاج الخيال البشري ليس إلا. إذ أنه مجموعة من القصص كما ذكر ذلك لوقا، فلا يد للغيب فيه ...........
    [/align]

    Comment

    • يوسف 313
      عضو نشيط
      • 16-02-2009
      • 207

      #3
      رد: اختصار احد الكتب في الرد على المسيحية

      [align=justify]
      الصلب والقيامة

      أن قصة صلب المسيح (عليه السلام) في الأناجيل الأربعة فيها الكثير من الاختلاف، وكذلك قيامته.
      ففي الأناجيل الثلاثة المتوافقة وعند القاء القبض عليه ينقل أن يهوذا الإسخريوطي تقدم إلى المسيح (عليه السلام) وقبله، وكان قد اتفق مع العسكر على علامة وهي تقبيله للمسيح (عليه السلام) فألقوا القبض عليه (متي: 26: 47 - 55) (مر: 14 - 43 - 46) (لو: 22 - 47 - 51). وأما في إنجيل يوحنا فينقل أن المسيح (عليه السلام) هو الذي خرج إليهم وقال من تطلبون؟، أجابوه يسوع الناصري، قال لهم يسوع (عليه السلام) أنا هو وكان يهوذا واقفا معهم (يو: 18: 2 - 9).
      فلا ينقل يوحنا تقبيل يهوذا للمسيح (عليه السلام) بل أن المسيح (عليه السلام) هو الذي عرف نفسه، فهرب التلاميذ كلهم بعد تسليم المسيح (عليه السلام) نفسه، فلم يشهدوا ماذا جرى بعد ذلك، إلا أنها تنقل أن بطرس تبعه من بعيد.
      وكذلك تختلف الأناجيل في قصة محاكمته عند بيلاطس، وكذلك في حمله للصليب فتقول الأناجيل المتوافقة أن رجلا قيروانيا اسمه سمعان هو الذي حمل الصليب، (لو: 23: 26 - 27) وأما في إنجيل يوحنا فينقل أن المسيح (عليه السلام) هو الذي حمل صليبه: فخرج وهو حامل صليبه، (يو: 19: 17).
      وعند موته أيضا (عليه السلام) تختلف الأناجيل فيما بينها، إذ ينقل متي ومرقس أن يسوع المسيح (عليه السلام) وقبل أن يسلم روحه صاح بصوت عظيم معاتبا ربه (إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لماذا تركتني) (مت: 7 2: 46 - 50) ومن ثم صرخ أيضا بصوت عظيم وأسلم الروح، أما لوقا فإنه ينقل أن المسيح (عليه السلام) لم يعاتب ربه، بل أسلم روحه بكل طمأنينة فيقول: ونادى يسوع بصوت عظيم وقال يا أبتاه في يديك أستودع روحي ولما قال هذا أسلم الروح (لو: 23: 45 - 47). وأما يوحنا فإنه لم ينقل شيئا عن تلك الصرخة العظيمة بل ينقل أنه عندما أخذ يسوع الخل الذي سقوه قال قد أكمل ونكس رأسه و أسلم الروح (يو: 19: 30).
      وأما دفنه فتنقل الأناجيل المتوافقة أنه نحت في صخر، وأما إنجيل يوحنا فيقول: (إنه كان في الموضع الذي صلب فيه بستان و في البستان قبر جديد) (يو: 19 - 40 - 41).
      وأما عن قيامته فالاختلاف أكثر، لأن الأناجيل المتوافقة هي أيضا مختلفة، فبعد ما طلب رؤساء الكهنة من بيلاطس أن يضع حراسا على القبر كي لا يسرقه التلاميذ ويدعون أنه قد قام استجاب لأمرهم، وعند فجر أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم أخرى معها فنظرتا إلى القبر، فحدثت زلزلة عظيمة لأن ملاك الرب نزل من السماء و دحرج الحجر الذي على باب القبر وجلس عليه، وكان لباسه أبيض (متي: 28: 1 - 3).
      وأما مرقس فإنه ينقل أنهن لم يسمعن صوت الزلزلة العظيمة، وأن الحجر كان قد دحرج والملك بصورة شاب جالس في داخل القبر على اليمين (مر: 16: 4 - 6)، وأما لوقا فإنه ينقل أنهن دخلن القبر فلم يجدن يسوع (عليه السلام) وفيما هن محتارات في ذلك إذا رجلان وقفا بهن بثياب براقة (لو: 24 - 1 - 4) ويزيد لوقا أنه كان مع النساء أناس آخرون.
      وأما يوحنا في إنجيله فإنه يقول أن مريم المجدلية كانت لوحدها، وعندما جاءت ونظرت الحجر مرفوعا عن القبر، ركضت إلى سمعان (بطرس)، والتلميذ الآخر وقالت لهما أخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم أين وضعوه، وجاء بطرس ومعه التلميذ إلى القبر، فدخل بطرس ورأى الأكفان موضوعة، ومن ثم دخل التلميذ الآخر فآمن، لأنهم لم يكونا بعد يعرفون أنه ينبغي أن يقوم من الأموات، فمضى التلميذان وبقيت مريم المجدلية وهز تبكي فنظرت إلى القبر وإذا بملاكين بثياب بيض (يو: - 20: 1 - 13).
      وأما ظهوره لتلاميذه ولآخرين فهو الآخر مختلف فيه، فمتي ينقل أنه ظهر لمريم المجدلية ومريم الأخرى وسجدتا له وأمرهما أن يقولا لأخوته أن يذهبوا إلى الجليل وهناك يرونه (متي: 28: 9 - 20) وذهب التلاميذ ولما رأوه سجدوا له وبعضهم شكوا (متي 28: - 16 - 18).
      وأما مرقس فإنه يذكر في إنجيله أن الملاك الذي رأته مريم المجدلية هو الذي قال لها وللنساء اللاتي معها (إذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس إنه يسبقكم إلى الجليل هناك ترونه) (مر: 16: 7 - 8)، ويردف مرقس أنه ظهر أولا لمريم المجدلية وحدها التي كان قد أخرج منها سبعة شياطين، فذهبت هذه وأخبرت الذين كانوا معه ولم يصدقوا (مر: 16: 9 - 12) وبعد ذلك ظهر لاثنين منهم وأخبرا البقية فلم يصدقوا (مر: 16 - 12 - 13) وأخيرا ظهر للأحد عشر وهم متكئون ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام (مر: 16: 14 - 16).
      وأما لوقا فإنه ينقل أن الرجلين اللذين وفقا بهن بثياب براقة هما اللذان ذكرا النساء بأن المسيح (عليه السلام) قال إنه يقوم من القبر، فتذكرن كلامه (عليه السلام) فأخبرن الأحد عشر ولم يصدقوهن (لو: 24: 4 - 12) ويضيف لوقا أنه ظهر لاثنين منهم ويسرد القصة بتفصيل عجيب كأنه كان معهم (لو: 24 - 13 - 33). ويردف لوقا قائلا: (ورجعا إلى أورشليم ووجدا الأحد عشر مجتمعين هم والذين معهم ويقولون إن الرب قام بالحقيقة وظهر لسمعان (لو: 24: 34 - 35) وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم سلام لكم فجزعوا وخافوا وظنوا أنهم نظروا روحا، فأكل معهم سمكا وعسلا (لو: 24: 35 - 44).
      وأما يوحنا في إنجيله فهو ينقل: عندما رأت مريم المجدلية الملاكين، قالا لها (لماذا تبكين؟ قالت لهما أنهم أخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه، ولما قالت هذا التفت إلى الوراء فنظرت يسوع وافقا ولم تعلم أنه يسوع، قال لها يسوع يا امرأة لماذا تبكين؟ من تطلبين؟ فظنت أنه البستاني فقالت له يا سيدان كنت أنت قد حملته فقل لي أين وضعته وأنا آخذه، قال لها يسوع يا مريم. فالتفتت وقالت ربوني الذي تفسيره يا معلم. قال لها يسوع لا تلمسيني لأني لم أصعد بعد إلى أبي، ولكن اذهبي إلى أخوتي وقولي لهم أني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم. فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ) (يو:
      20: 12 - 19)، ويضيف يوحنا في إنجيله أيضا (أنه ظهر للتلاميذ عشية ذلك اليوم أول الأسبوع وسلم عليهم وأراهم يديه وجنبه وقال لهم كما أرسلني الرب أرسلكم أنا، أما توما أحد الاثني عشر فلم يكن معهم حين جاء يسوع (عليه السلام) وعندما أخبروه قال لا أؤمن حتى أراه وبعد ثمانية أيام كان تلاميذه أيضا داخلا وتوما معهم فجاء يسوع (عليه السلام) وسلم عليهم، فآمن توما أيضا) (يو: 20: 19 - 28)، ويذكر يوحنا أيضا (وآيات أخرى كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب، وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه) (يو: 20 - 30 31).
      ويذكر في إنجيل يوحنا أيضا في الأصحاح الذي يشك الكثير من علماء الكتاب فيه، ويقولون بأنه إلحاقي وليس من تأليف يوحنا، (والكلام الذي ذكرناه آنفا يدل على أن يوحنا قد أنهى إنجيله ولم يذكر شيئا آخر، وأما الكنيسة فقد اعتمدته وقبلته ضمن إنجيل يوحنا) أنه ظهر (عليه السلام) للتلاميذ على بحر طبرية ويسرد القصة بالتفصيل. (يو: 21:1 - 23).
      هذه هي خلاصة ما ذكرته الأناجيل عن قصة صلب يسوع وقيامته وظهوره لتلاميذه ولآخرين، وفي الحقيقة فإن القارئ للأناجيل الأربعة ينتابه الشك في هذه القصص، فإن صدق بواحدة منها كذب الأخرى، لأنه لا يمكن الجمع بينهما، لهذا لا أعتقد أن هناك باحثا أو محققا يستطيع الجزم بمسألة صلب المسيح (عليه السلام) وقيامة وظهوره من خلال مطالعته للأناجيل، حيث يصيبه الشك في صحتها لتناقضها.

      وهنا أقف على بعض النقاط التي أرى لا بد من التوقف عندها فأقول: - أن من الأمور المتيقنة في قصة القبض على المسيح (عليه السلام) والتي لا تختلف حولها الأناجيل هي أن التلاميذ كلهم قد هربوا وتركوه (مر:
      14 = 51) (متي: 26 = 56) والذي تبعه حسب بعض الأناجيل هو بطرس فقط، وهو حسب الأناجيل أنكر معرفة المسيح (عليه السلام) وحلف ولعن إني لا أعرف الرجل، وعند صياح الديك خرج وبكى (متي: 26:
      71 - 75)، والتفاصيل في قصة متابعة بطرس للمسيح (عليه السلام) وجلوسه أو وقوفه خارج أو داخل الدار كلها متناقضة في الأناجيل، فيبقى السؤال هنا: كيف ينقل متي ويوحنا وهما من التلاميذ قصة حوار رئيس الكهنة مع المسيح (عليه السلام) وهما لم يكونا موجودين؟
      فيأتي الجواب من قبل المسيحيين بأننا نقول بأن الالهام والوحي الإلهي هو الذي أوحى إليهما بذلك، ولكن من خلال متابعة قصة القبض على عيسى (عليه السلام) وحتى تفاصيل المحاكمة وصلبه كلها كانت غير متطابقة بل ومتناقضة، فأحدهم يذكر أنه حمل صليبه، والآخر يقول غيره قد حمل الصليب، والبعض يقول قد سقي خمرا والآخر يقول خلا.
      فلا يبقى مجال للشك بأن الذي كتب في هذه الأناجيل هو ما كان متداولا على ألسن الناس في ذلك الزمان، والدليل على ذلك قصة ظهور المسيح (عليه السلام) للرجلين حسب إنجيل لوقا (24: 18) إذ يذكر لوقا بالنص فأجاب أحدهما الذي اسمه كليوباس وقال له هل أنت متغرب وحدك في أورشليم ولم تعلم الأمور التي حدثت فيها في هذه الأيام.
      فمسألة صلب المسيح (عليه السلام) لم ينقلها التلاميذ شهودا، ولا يد للوحي والإلهام الإلهي فيها، بل هي مذكورة كما كانت متداولة بين الناس في ذلك الوقت، والحدث الذي يدور على ألسنة الناس ومن فم إلى فم لا يسلم دائما من الزيادة والنقصان فلا يمكن الوثوق به.
      وكذلك مسألة قيامة المسيح (عليه السلام) فهي الأخرى دونت بسبب تداولها بين الناس، إذ نجد في الأناجيل أن مسألة القيامة من أكثر المسائل تناقضا في الأناجيل، فإنجيل يذكر أن من رأى القبر قد دحرج عنه الحجر هي مريم المجدلية ومريم أخرى، والبعض الآخر يقول جاء معهما أناس، وإنجيل آخر أنهن كن نسوة كثيرات، وأيضا الملاك الذي دحرج الحجر، وأحدث زلزلة عظيمة رأته مريم المجدلية جالسا عليه (الحجر) هذا حسب متي (28: 1 - 3) و أما مرقس فإنه يقول أن مريم المجدلية رأت الملاك في داخل القبر على اليمين (مر:16: 4 - 6)، وأما لوقا، فإنه يؤكد أن النسوة لم يجدن الملاك لا جالسا على الحجر، ولا داخل القبر، بل يذكر فيما هن محتارات إذا رجلان وقفا بهن بثياب براقة (لو 24: 1 - 4) وأما يوحنا فإنه كما ذكرنا يذكر أن مريم المجدلية لم تر ملاكا قط، بل ذهبت إلى بطرس وجاءت به، وبعد مضي بطرس والتلميذ نظرت مريم المجدلية إلى القبر فرأت ملاكين بثياب بيض (يو: 20: 1 - 13).
      فهذه القصة لم يروها شاهد عيان، ويبقى السؤال: كيف ينقل كاتب شيئا لم يره؟ فيأتي الجواب كالسابق أن الوحي والإلهام الإلهي هو الذي ألقى في روع الكاتب تدوين هذه القصة، وأعتقد أن هذا الجواب أقبح من السكوت مع هذه التناقضات في هذه القصة.
      فلا يبقى لنا سوى أن نقول: أن مسألة صلب المسيح (عليه السلام) وموته وقيامته كانت نتيجة ما انتشر بين الناس من أحاديث، وأعتقد أن الكتب الأخرى التي حرمتها الكنيسة لو كانت موجودة لكشفت لنا الكثير من الحقائق، ولكنها للأسف ضاعت أو ضيعت.
      وأما مسألة ظهوره لتلاميذه فهي الأخرى ليست بأحسن حال من الصلب والقيامة وما ذكرته من الاختلافات فيها يكفي لردها..
      والمسألة الأخرى المهمة أيضا هي يهوذا الإسخريوطي، فالأناجيل الأربعة لا تذكر عنه شيئا إلا إنجيل متي (27: 3) حيث يذكر (أن يهوذا ندم ورد الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ ثم مضى وخنق نفسه، فأخذ رؤساء الكهنة الفضة واشتروا بها حقل الفخاري مقبرة للغرباء).
      وأما في أعمال الرسل فيذكر لوقا نهاية أخرى ليهوذا إذ ينقل عن بطرس في حديثه عن يهوذا فإن هذا أقتني حقلا من أجرة الظلم وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها، وصار ذلك معلوما عند جميع سكان أورشليم حتى دعي ذلك الحقل في لغتهم حقل دما أي حقل دم أعمال الرسل: 1: 15 - 20)، وكلام بطرس كان بين التلاميذ الذين يذكرهم لوقا بأسمائهم، ومن ضمنهم (متي) صاحب الإنجيل، فكيف خفي على (متي) نهاية يهوذا وأنه هو الذي اشترى الحقل لا رؤساء الكهنة، وأنه سقط وانسكبت أحشاؤه فمات، ولم يمت مخنوقا، فإذا كانت هذه القصة حسب أعمال الرسل مشهورة ومعلومة عند سكان أورشليم كيف خفي ذلك على (متي) الرسول؟
      إذن اعتقد أن مسألة خيانة يهوذا صحيحة ولكن كيفية موته ونهايته متناقضة، لذا فإن التفسير الاسلامي لمسألة صلب المسيح (عليه السلام) وأنه يصلب ولكن شبه لهم هي الصحيحة، ويؤيد ذلك إنجيل برنابا الذي يذكر أن يهوذا هو الذي صلب بدل عيسى (عليه السلام) ويحتمل أن نهايته هذه كانت قد ذكرت في الكتب (المنحولة) الأخرى التي رفضتها الكنيسة.
      والآن يمكننا أن نفهم لماذا رفضت الكنيسة في القرن الرابع الميلادي كل تلك الكتب، واختارت كل ما يصب في صالح العقيدة التي تريد أن تلبسها للمسيح (عليه السلام) وتعاليمه فتجعلها ديانة منسوبة إليه أسما.
      والمسألة الأخرى التي أراها مهمة هي أن الأناجيل كلها والأسفار لم تذكر شيئا واحدا عن مريم العذراء (عليها السلام) وهي والدة المسيح (عليه السلام) والشخصية المقدسة الثانية في المسيحية بعد المسيح (عليه السلام) فهي لم يذكر عنها أنها رأت المسيح (عليه السلام) بعد قيامته ولم تحضر عند قبره، وهل يعقل أن المسيح (عليه السلام) يظهر لمريم المجدلية التي أخرج منها سبعة شياطين، ولا يظهر لأمه العذراء مريم (عليها السلام) ليهدئ ويخفف من آلامها وحزنها؟ ألم تكن هي الأجدر بالظهور لها، لأنها أمه أولا ولمنزلتها الرفيعة المباركة ثانيا؟ وأعتقد أن لهذا السكوت دلائل ومؤشرات وتساؤلات نتركها لعلماء الكنيسة ليجيبوا عنها..
      كانت هذه خلاصة عن صلب المسيح (عليه السلام) وقيامته وأما قصة الفداء والخطيئة الأصلية فنشير إليها مختصرا.
      [/align]

      Comment

      • يوسف 313
        عضو نشيط
        • 16-02-2009
        • 207

        #4
        رد: اختصار احد الكتب في الرد على المسيحية

        [align=justify]
        الفداء والخطيئة الأصلية

        أن من العقائد الأساسية والمهمة في الديانة المسيحية، والتي كنت أعتقد بها هي مسألة الفداء. ومن أجل فهم هذه العقيدة يجب الرجوع، إلى الخطيئة الأولى التي اقترفها أبونا آدم (عليه السلام).
        فنحن كمسيحين كنا نعتقد أن آدم وحواء (عليهما السلام) وبسبب خطيئتهما منذ الزمن الأول، فإن الإنسان قطع علاقته مع ربه وخالقه، وتخلى عن الله سبحانه، وآدم (عليه السلام) بهذه الخطيئة جعل ذريته كلها في حال ابتعاد وانفصال عن الله، وكان نتيجة هذا الانفصال موت الإنسان، وهكذا دخل الموت إلى جميع الناس كعقاب للخطيئة.
        وهذا الموت هو روحي وأبدي وانتقلت هذه الخطيئة إلى ذريته جيلا بعد جيل، فيولد الإنسان وهو حامل لها، ومتلوث بها، وبسبب هذه الخطيئة خسر الإنسان الطهارة وبانت عورته شهواته وأهواؤه الآثمة.
        وآدم (عليه السلام) بعمله هذا هدم صورة الله فيه وحطم التضامن والمحبة بينه وبين الله، ولكن بما أن آدم (عليه السلام) قد تاب من خطيئته وقبل الله توبته، لم يتخل الله عنه نهائيا، وذلك بسبب توبته الصادقة، بل وعده بالخلاص وبانتصاره على عدوه اللدود (الشيطان)، ووعد بإرسال المخلص والمفدي الذي يفدي البشرية عن خطاياها، ويحمل هو تلك الخطايا عنهم، فتفتح أبواب الملكوت بمجيئه وتتم المصالحة بين الله والانسان من خلاله.
        وعندما تم الزمان بعد طول انتظار أرسل الله سبحانه ابنه الحبيب ليفدي البشرية كلها عن خطاياها ويفتح عهدا جديدا بين الله والانسان، وبالآلام والصلب الذي يتحمله هذا الابن (الوحيد) ترفع الخطيئة عن كاهل الإنسان ويتطهر منها، ليعيش حياة جديدة وسعيدة مع هذا الحدث الإلهي الموعود.
        هذا باختصار ما كنا نؤمن به من عقيدة الفداء، ولهذا ومن أجل إكمال فصول هذه العقيدة رأينا كيف أن العهد الجديد يذكر لنا قصة آلام المسيح (عليه السلام) وصلبه وقيامته ويؤكد عليها.
        ومما تجدر الإشارة إليه أن هذه العقيدة (الخطيئة الأصلية والفداء) لا نجدها في الأناجيل الأربعة المهمة، فهذه الأناجيل لم تتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى موضوع آدم وخطيئته الأولى، وأنما ظهرت هذه العقيدة من رسائل بولس ولا سيما رسالته إلى الرومانيين، فهو يقول في (5: 12) (من أجل ذلك كأنما بانسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم وبالخطيئة الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع، فإنه حتى الناموس كانت الخطيئة في العالم).
        فبولس هو أول من تكلم عن الخطيئة الأصلية وأن البشرية كلها قد تلوثت بسبب هذه الخطيئة، ويعود بولس مجددا ليبين أنه كما بانسان واحد دخلت الخطيئة والموت إلى العالم كذلك الحياة والخلاص يكون بانسان واحد وهو المسيح (عليه السلام)، إذ يقول بولس في رسالته إلى الرومانيين (5: 17 - 19) لأنه كان بخطيئة الواحد قد ملك الموت بالواحد فبالأولى كثيرا الذين ينالون فيض النعمة وعطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح (عليه السلام). فإذا كما بخطيئة واحدة صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة هكذا ببر واحد صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة.
        فهنا وجه شبه بين آدم (عليه السلام) والمسيح (عليه السلام) وهو أنه كما كان آدم سبب الخطيئة و الموت لكل الذين يتعلقون به بالولادة الطبيعية كذلك المسيح (عليه السلام) هو علة التبرير والحياة لجميع الذين يتعلقون به بالولادة الروحية.
        فيمكننا القول بأن واضع حجر الأساس لهذه العقيدة هو بولس وليس المسيح (عليه السلام)، وهنا أيضا نشير إلى بعض التساؤلات والنقاط حول هذه العقيدة فنقول:
        أن مسألة مهمة وأساسية في العقيدة المسيحية (كمسألة الخطيئة الأصلية والفداء) هل يمكن القول أن المسيح (عليه السلام) تجاهلها أو نساها فلم يتحدث عنه (على الأقل حسب ما تنقل الأناجيل الأربعة الملهمة) وسكت، وجاء بعد ذلك رجل متعصب لليهودية (بولس) ومضطهد وقاتل لأتباع المسيح (عليه السلام) فيعلن عن هذه العقيدة فقبلتها الكنيسة واعتبرتها ركنا من أركانها، هل يليق هذا بالمسيح (عليه السلام)؟ ومع أن هدفه (والقول للمسيحيين) خلاص البشرية و فدائها، ولكنه لا يوضح المهمة الأساسية التي أرسل من أجلها، ولا يفهم الناس أنهم كلهم ملوثون بخطيئة آدم (عليه السلام) الأولى وهو الذي ينقذهم من هذه الخطيئة، بل يوكل الأمر إلى بولس ليبينها ويعلنها مع أنه ليس من التلاميذ الذين أختارهم المسيح (عليه السلام) في حياته.
        أولم يكن من الأولى للمسيح (عليه السلام) أن يبين هذه العقيدة بشكل واضح لتلاميذه على أقل تقدير، ليتسنى لهم توضيحها للناس وخصوصا أنه أرسلهم إلى كل الأمم ليبشروا بالإنجيل وتعاليمه.
        فنحن نجد أن الأناجيل الأربعة ولا سيما إنجيلي متي ويوحنا (الذين يزعم المسيحيون أنهما منسوبان لمتي ويوحنا الرسولين) لا تتحدث ولا تشير إلى خطيئة آدم (عليه السلام) أبدا، بل حتى مرقس (تلميذ الوصي والرسول بطرس) هو الآخر لم يذكرها في إنجيله مع أنه حسب ما ينقل كان من المقربين لبطرس، بل أن إنجيله كما يذكر هو زبدة تعاليم بطرس، وإضافة إلى ذلك فقد كان مرافقا لبولس نفسه فكيف لم يسمع بهذه المسألة المهمة ولم يدونها، وكذلك الحال بالنسبة إلى لوقا فإنه كان رفيق بولس في بعض أسفاره، ولكنه لم يذكر شيئا عن الخطيئة الأصلية والفداء.
        وتساؤلات أخرى كلها تثير الشكوك حول هذه العقيدة، التي لم ينطق بها المسيح (عليه السلام) ولا تلاميذه ورسله، بل كانت من وحي وخيال بولس، وأعتقد أن بولس باضطهاده وقتله للمسيحيين بشدة قبل توبته أشعرته بعظم الخطيئة التي ارتكبها بعد التوبة والإيمان، وللخلاص من تأنيب الضمير وتبرير تلك الأفعال والخطايا التي قام بها، جاء بهذه الفكرة وألبس البشرية كلها ثوب الخطيئة والمصيبة إذا عمت هانت هذا كله إذا أحسنا الظن بالقديس بولس وإيمانه وتوبته الصادقة وصحة الرسائل المنسوبة إليه.
        إضافة إلى كل هذا يبقى هناك سؤال مهم يطرح نفسه حول هذه العقيدة وهو: ما ذنب الناس منذ القرون الأولى للبشرية أي منذ زمن آدم (عليه السلام) حتى زمن المسيح (عليه السلام)، فهل كلهم خطاة ولم يغفر لهم، مع أن فيهم كما يذكر الكتاب المقدس بعهديه، أنبياء وأولياء وأتقياء وشهداء استشهدوا في سبيل الله كما يذكر عيسى (عليه السلام) نفسه في العهد الجديد عن مقتل زكريا، فماذا كان مصيرهم؟
        وللحرج الذي يقع فيه المسيحيون من هذا السؤال يجيبون عنه جوابا أعتقد أنه مخالف للفطرة والعقل البشري وفيه إهانة كبيرة إلى كل الأنبياء العظام فيقولون أما مصير الذين ماتوا قبل هذه الساعة فقد هلك الخطاة، وأما أصحاب القلوب النقية - يقول المسيحيون - فقد ماتوا على رجاء الخلاص، وهذا ما يفسر بوضوح نزول المسيح (عليه السلام) إلى الجحيم ليحرر هذه النفوس التي كانت تنتظر مجيئه.
        فعلى هذا يجب أن نقول أن نوحا نبي الله وإبراهيم خليل الله وموسى كليم الله وداود وإسحاق ويعقوب والأنبياء العظام كلهم (صلوات الله وسلامه عليهم) يصلون الجحيم منتظرين نزول المسيح (عليه السلام) إليهم لإنقاذهم!!!
        فأي عقل سليم يقبل مثل هذا الهراء؟ إضافة إلى ذلك فإنه مخالف للعهد الجديد نفسه إذ يقول متي في إنجيله (8 - 1 1) وأقول لكم أن كثيرين سيأتون من المشارق المغارب ويتكئون مع إبراهيم و إسحاق ويعقوب في ملكوت السموات.
        وأيضا من تصريح المسيح (عليه السلام) من أن الأطفال والأولاد لهم ملكوت السموات، فإن كان المسيح (عليه السلام) يعظم الأنبياء في أماكن كثيرة من العهد الجديد ويؤكد أنهم في ملكوت السموات، فلا أدري من أين جاءوا بمثل هذه الأقاويل ونسبوها زورا وتحريفا إلى السيد يسوع المسيح (عليه السلام) فهل يعقل أن يختار الله سبحانه في هذه الدنيا أنبياء وأولياء قضوا جل أعمارهم في طاعته وعبادته وقدموا أرواحهم وأنفسهم في سبيل تبليغ تعاليمه وهداية الناس إليه، فمنهم الخليل والكليم وغيرهما الكثير، وبعد موتهم يلقيهم في جهنم جزاء لخطيئة آدم (عليه السلام) وإلى أن يرسل المسيح (عليه السلام) ويخلصهم!!
        وفي الواقع فأني وقفت متحيرا وذاهلا كيف كنت أقبل مثل هذه العقائد واعتبرها من الأمور المسلمة، ليس سوى أن الكنيسة قد اعتبرتها وقبلتها وأن كانت مخالفة للعقل والفطرة.
        وأختم الحديث عن هذا الموضوع فأقول أن هذه العقيدة مخالفة للكتاب المقدس أيضا، إذ نجد عكس هذه المسألة تماما في كتاب العهد القديم، مثلا يقول حزقيل النبي (18: 20) من أخطأ فهو الذي يموت والابن لا يحمل خطيئة أبيه، وكذلك الأب لا يحمل خطيئة ابنه، فالبار سيحاسب على بره، والشرير سيحاسب على شروره. وغيرها الكثير، ولأني تعمدت الاختصار قدر الإمكان في هذا الكتاب اكتفي بهذا المقدار، على أني سأتوسع في البحث في هذا الموضوع في رسالة مستقلة بإذن الله، ونفرق هناك بين الخطيئة الفردية والجماعية كما يزعم المسيحيون وكما يفسرون مثل هذه الكلمات في الكتاب المقدس.
        [/align]

        Comment

        • يوسف 313
          عضو نشيط
          • 16-02-2009
          • 207

          #5
          رد: اختصار احد الكتب في الرد على المسيحية

          [align=justify]
          من هو المسيح (ع)؟

          السؤال المهم الذي يطرح في العقيدة المسيحية هو: من هو المسيح (عليه السلام) وللإجابة عن هذا السؤال نلجأ إلى الكتاب المقدس (العهد الجديد). فيعرف لنا المسيح (عليه السلام) بأنه (ابن الإنسان، ابن الله، الله المتجسد) فالعهد الجديد يعطي هذه الألقاب للمسيح (عليه السلام)، ونحن هنا بدورنا نستعرض هذه الأسماء لنرى هل نستطيع أن نوفق بين كل هذه الصفات والألقاب بأن تكون لكائن واحد لا غير؟
          ابن الإنسان
          من يطالع العهد الجديد بدقة يجد أن المسيح (عليه السلام) يؤكد على هذا اللقب له بصورة كبيرة، وأني هنا أقدم إحصاء بسيطا عن هذا اللقب في الأناجيل الأربعة: فقد ذكر المسيح (عليه السلام) حسب إنجيل متي هذا الاسم (27 مرة) لا حظ متي: (8: 21، 9: 6، 10: 23، 11: 19، 12: 8، 13: 32، 13: 41، 13: 37، 13: 40، 16: 14، 16: 27، 17: 9، 17: 12، 24: 28، 24: 40، 25: 13، 25: 31، 26: 1، 26: 23، 26: 46، 26: 64).
          وحسب إنجيل مرقس (12 مرة) أنظر مرقس: (2: 10، 2:
          28، 8: 31، 9: 10، 9: 31، 10: 33، 10: 44، 13: 25، 14: 21، 14: 41، 14: 62). وحسب إنجيل لوقا (21 مرة) أنظر لوقا: (5: 24، 6: 5، 7: 34، 9: 22، 9: 45، 11: 30، 12: 8، 2: 10، 6: 22، 9:
          56، 9: 57، 12: 40، 17: 22، 17: 25، 17: 26، 17: 30، 18: 8، 18: 32، 19: 10، 21: 27، 21: 36، 22: 22، 22: 48، 22: 68).
          وحسب إنجيل يوحنا (10 مرات) أنظر يوحنا (1: 51، 3:
          31، 5: 27، 6: 27، 6: 53، 6: 63، 8: 28، 12: 23: 12: 34، 3:
          14).
          وأعتقد أن تأكيد المسيح (عليه السلام) على أنه ابن إنسان فيه دلالة وإشارة واضحة وجنبته الإنسانية، فإنه كان يمارس حياته العادية كباقي البشر، فهو يجوع ويعطش و ينام ويفرح ويتألم ويحتاج في حياته إلى الكثير من الأمور الأخرى، فهو بتأكيده هذا يريد أن يبين أنه لا يعدو كونه انسانا كسائر الناس، ولكنه يختلف عنهم بأنه نبي يوحى إليه، فهو على ارتباط مع السماء، كباقي الأنبياء.
          ولكن المسيحيين يرون في هذا اللقب بعد آخر، وهو أن المسيح (عليه السلام) شاركنا في حالتنا من الاتضاع والألم، ولكن بما أنه كان ابن الإنسان ذا الأصل السماوي، فهو آدم الجديد، رأس البشرية المجددة فهو آدم السماوي الذي يلبس القائمون من بين الأموات صورته.
          ويعتقدون أن ابن الإنسان عبارة غامضة توحي بجانب من السمو العالق بشخصية المسيح (عليه السلام) وتحجبه في الوقت نفسه. فعبارة ابن الإنسان عند المسيحيين لها شمول أعمق بكثير مما نفترضه للوهلة الأولى، وهذه العبارة (حسب المسيحيين) عندما يتكلم بها يسوع المسيح (عليه السلام) فهو يريد أن يحقق بذلك ما كان مذكورا في العهد القديم، حسب رؤيا دانيال الذي يتحدث عن ابن الإنسان وعن القديم (يقصد به الله) محاكما جميع الناس والملوك (دنيا: 7).
          فكان التقليد اليهودي واعيا للميزة الفائقة لابن الإنسان، ولوجوده السابق للعالم.
          ولهذا فهم اليهود من خلال هذا اللقب أنه تجديف كما يذكر ذلك إنجيل متي: (متي: 26: 65 (فأجاب رئيس الكهنة، وقال له أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله، قال له يسوع أنت قلت، وأيضا أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء... فقال رئيس الكهنة قد جدف)، فكان من الواضح لهم أن يسوع كان يدعي أكثر من ذلك، إذ رفع نفسه إلى درجة الألوهية.
          وفي الواقع فالانسان يبقى مندهشا عند سماعه لمثل هذا الكلام، فما معنى أن يكون المسيح (عليه السلام) انسانا وابن إنسان ولكنه الله في نفس الوقت وابن الله، نعم من الممكن أن يصل إلى درجة عالية من القرب الإلهي من خلال العبادة والطاعة لمولاه، فيقول للشئ كن فيكون، أما أن يكون الإنسان انسانا وإلها في آن واحد، فهو مما لا يحتمله العقل البشري.
          ابن الله
          أن الكنيسة تعتبر هذا اللقب هو السر الذي يشير إلى حقيقة المسيح (عليه السلام) وتصر على تسمية المسيح (عليه السلام) به. إذ من خلال قبول هذا اللقب للمسيح (عليه السلام) تكتمل فصول عقيدة الفداء والخلاص، وكذلك عقيدة الثالوث الأقدس، إذ أن المسيح (عليه السلام) في هذا الثالوث هو الاقنيم الثاني.
          ومما يثير الدهشة أن المسيح (عليه السلام) لم يسم بهذا الاسم ولا مرة واحدة في الأناجيل الموافقة (متي، مرقس، لوقا)، بل كما رأينا فهو دائما يطلق على نفسه ابن الإنسان، وما تذكره الأناجيل لهذه التسمية (ابن الله) هو إما من تعبير الكاتب، أو يذكره نقلا عن لسان آخرين، بل كان كل الذي ذكره في بعض المواضع من هذه الأناجيل هو أنه يشير إلى الله سبحانه بكلمة أبي، والتي سوف نتعرض لها من خلال البحث.
          نعم حسب إنجيل يوحنا فإنه يسمي نفسه (ابن الله) في ثلاثة مواضع، وكذلك يشير إلى نفسه بالابن وإلى الله بالأب في بعض كلامه، ويعتقد المسيحيون أن هذا اللقب ليس مجازيا في حق المسيح (عليه السلام) بل هو حقيقي.
          وبعد تدوين العهد الجديد أعلنت ألوهيته بشكل علني ورسمي، فالإيمان المسيحي يعلن أن يسوع هو ابن الله، وهو الله ذاته.
          ولكن بالرغم من هذا فهم يعتقدون أن الله الأب له امتيازات عن الابن السماوي له، (فإن كانت كرامة يسوع تجعله مساويا لله، فإن هذا لا يمنع الأب من الاحتفاظ بامتيازاته الأبوية، بشهادة المسيح (عليه السلام) نفسه، وشهادة كتبة العهد الجديد، فالأب مصدر كل الأشياء وغايتها، ولذا فالابن الذي لا يعمل إلا تبعا له سيخضع له في آخر الأزمنة، خضوعه لرأسه).
          والحديث عن ابن الله سيقودنا طبيعيا إلى البحث عن الثالوث الأقدس، ونقف هنا عند سر الأسرار (الثالوث الأقدس) ونبينه من وجهة نظر المسيحيين. ثم نناقش مسألة (ابن الله) والتثليث معا إن شاء الله.
          [/align]

          Comment

          • يوسف 313
            عضو نشيط
            • 16-02-2009
            • 207

            #6
            رد: اختصار احد الكتب في الرد على المسيحية

            [align=justify]
            الثالوث الأقدس

            أن عقيدة الثالوث الأقدس تعتبر السر الأول في العقيدة المسيحية، فهي الأساس الذي بنيت عليه المسيحية، كما أن التوحيد هو الأساس في الإسلام، فنحن في كل عمل كنا نقوم به نبدأ (باسم الأب والابن والروح القدس) وهو أول شئ تعلمته منذ نعومة أظفاري، فعند الأكل نبتدأ به، وعند الدخول إلى الكنيسة وعند الصلاة، ولهذا لا أعتقد أن هناك عقيدة مترسخة في نفس كل مسيحي كعقيدة التثليث، ولكن بالرغم من هذا ففهمها مشكل جدا، بل مستحيل فنحن نعتقد أن التثليث ولأنه يرتبط بحقائق إلهية فائقة الوصف، فهو بعيد عن متناول عقل الإنسان، ولذا فهو يبقى سراغا مضا لا يفهم. فهو فوق الادراك البشري.
            وقبل الدخول في البحث عن هذه العقيدة، لا يفوتني أن أذكر من أن المسيحيين لا يعتقدون بثلاثة آلهة كما يتصور البعض، بل هم يؤمنون بإله واحد له ثلاثة أقانيم وهي (الأب والابن والروح القدس).
            في الواقع أن كلمة (التثليث أو الثالوث) لم ترد في الكتاب المقدس، ويظن أن أول من صاغها واستعملها هوترتوليان في القرن الثاني للميلاد، ثم ظهر سبيليوس في منتصف القرن الثالث وحاول أن يفسر العقيدة بالقول أن التثليث ليس أمرا حقيقيا في الله، لكنه مجرد إعلان خارجي، فهو حادث مؤقت وليس أبديا ثم ظهر أريوس الذي نادى بأن الأب وحده هو الأزلي بينما الابن والروح القدس مخلوقان متميزان عن سائر الخليقة، وأخيرا ظهر أثناسيوس الذي وضع أساس العقيدة (الثالوث الأقدس) وبعد مناقشات وتشاجرات بين علماء المسيحية وكبار قادة الكنيسة الذين افترقوا بين مؤيد لأريوس، ومؤيد لأثناسيوس دفعت بالامبراطور قسطنطين إلى الدعوة لعقد أول مجمع مسكوني في عام 320 ميلادي في نيقية - وحضر هذا الاجتماع أكابر العلماء والأساقفة، وبعد شهر أو أكثر من النقاش والجدال، انتصرت عقيدة أثناسيوس وكسبت أكثر الآراء، وتم تشكيل عقيدة التثليث والتي نصت على ما يلي:
            نحن نعبد إلها واحدا في الثالوث، والثالوث في التوحيد لأن هناك شخصا للأب وآخر للابن وأخر لروح القدس، أنهم ليسوا ثلاثة آلهة ولكن إله واحد. فكل الأشخاص الثلاثة هو أزليون معا و متساوون معا، وهكذا فإن الإنسان الناجي هو ذلك الذي يعتقد بالثالوث.
            ولقد تبلور قانون الإيمان الاثناسيوسي على يد أغسطينوس في القرن الخامس، و صار القانون عقيدة الكنيسة الفعلية من ذلك التاريخ إلى يومنا هذا. ففي عام (451) الميلادي وفي مجمع خلقيدونيا المسكوني تم إقرار التثليث على أنه موثوقة رسمية ولا تقبل المناقشة، والكلام ضد الثالوث يعتبر كفرا ومن يقترفه يستحق الموت أو التشويه.
            ولكن استمر الاصلاح في هذه العقيدة وترميمها وتطويرها، إذ يعترف المسيحيون أن هذه العقيدة بحاجة إلى تنبير ولا يستطيع دارس هذه العقيدة أن ينسى المصلح جون كلفن، الذي عاش في القرن السادس عشر، ونبر على التساوي التام بين الأقانيم الثلاثة في هذه العقيدة، التي يلزمها مثل هذا التنبير من وقت إلى آخر على مر الزمن).
            والقانون الذي وضعته الكنيسة (قانون الإيمان) يشير بوضوح إلى هذه العقيدة.
            وأذكر أني حفظت (قانون الإيمان) في فترة (التناول) في سن السابعة تقريبا ونصه هو:
            أؤمن باله واحد، أب ضابط الكل خالق السماء والأرض وكل ما يرى وما لا يرى، وأؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الأب قبل كل الدهور، إله من إله، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساو للأب في الجوهر، الذي به كان كل شئ، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد بالروح القدس ومن مريم العذراء، وصار انسانا وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي، تألم وقبر، وقام في اليوم الثالث كما في الكتب، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الأب، وسيأتي بمجد ليدين الأحياء والأموات الذي ليس لملكه انقضاء. وأؤمن بالروح القدس الرب المحيي المنبثق من الأب والابن، الذين هو مع الأب والابن، يسجد له ويمجد، الناطق بالأنبياء، وأؤمن بكنيسة واحدة مقدسة جامعة ورسولية، واعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا، وأترجى قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي، آمين).
            فالمسيحيون يلخصون عقيدة التثليث في النقاط الستة التالية:
            1 - الكتاب المقدس يقدم لنا ثلاث شخصيات يعتبرهم شخص الله.
            2 - هؤلاء الثلاثة يصفهم الكتاب بطريقة تجعلهم شخصيات متميزة الواحدة عن الأخرى.
            3 - هذا التثليث في طبيعة الله ليس مؤقتا أو ظاهرا بل أبدي وحقيقي.
            4 - هذا التثليث لا يعني ثلاثة آلهة بل أن هذه الشخصيات جوهر واحد.
            5 - الشخصيات الثلاث الأب والابن والروح القدس متساوون.
            6 - لا يوجد تناقض في هذه العقيدة.
            والمسيحيون يؤكدون على التوحيد، وأن خالق هذا العالم والذي يدير شؤونه هو واحد لا أكثر، ولكن في تعريفهم لحقيقة هذا الواحد يقولون أنه يتألف من ثلاثة أقانيم أو أشخاص وهم (الأب والابن والروح القدس) وهم متساوون في القدرة والمجد.
            ويؤكدون أن هذه المعرفة كانت تدريجية، فالله سبحانه لم يكشف عن نفسه مرة واحدة، لشدة نوره الذي يبهر العيون، بل تمت معرفته في يسوع المسيح (عليه السلام)، فالخالق العظيم كانت حقيقته مجهولة للإنسانية، ولم يستطع أحد التعرف على كنهه، وبمجئ المسيح (عليه السلام) كشف ربنا عن كنهه وحقيقته بتجسده في عيسى المسيح (عليه السلام).
            وأما إثبات هذه العقيدة من الكتاب المقدس، (والكلام للمسيحيين) فالعهد القديم لم يوضح الثالوث الأقدس، بل كان جل اهتمامه وهدفه هو أن يركز مفهوم وحدانية الله سبحانه في نفوس بني إسرائيل، وكفهم عن عبادة الأوثان، وهذا الموضوع احتاج إلى وقت طويل ليفهمه ويعتقده هذا الشعب، فنحن نرى أن موسى (عليه السلام) عندما صار إلى ميقات ربه فتأخر، رجع بني إسرائيل إلى عبادة العجل الذهبي، فكانت عبادة الأوثان ما تزال مؤثرة في نفوسهم، ولهذا فمن يطالع العهد القديم يرى بوضوح أن وحدانية الله بارزة في أكثر تعاليمه بل هي أول الوصايا، كما ذكر في (تث: 6 - 4) (اسمع يا إسرائيل أن الرب إلهنا رب واحد).
            ولذا فنحن لا نعثر في العهد القديم على أي إشارة إلى هذا الثالوث، نعم استعملت في العهد القديم كلمة (الأب) وأرادوا به الله سبحانه، فهو أب الأبرار والصالحين ولكن كان يفهم منها المعنى المجازي لا الحقيقي، وكذلك كلمة الابن هي الأخرى استعملت في العهد القديم وأيضا كان يفهم المعنى المجازي لا البنوة الحقيقية، والروح القدس هو الآخر مذكور كثيرا، ولكن له معاني كثيرة مختلفة، إذ كان يقصد منه مثلا، نفخة الحياة، النفس، الريح، وغيرها... وكأن الله سبحانه (والقول للمسيحيين) كان يهئ البشرية للخطة النهائية التي سيكشف فيها عن نفسه بأنه (أب، وابن، وروح القدس) في العهد الجديد.

            وعند مجئ المسيح (عليه السلام) أكد هو الآخر على وحدانية الله سبحانه وذلك من خلال ما نجده في العهد الجديد، مثلا نرى في جوابه لأحد الكتبة عن أول الوصايا، قال: (الوصية الأولى هي اسمع يا إسرائيل أن الله ربنا رب واحد) (مر: 12: 29).
            وهو بمجيئه هذا كشف السر الإلهي الذي يصعب على عقل الإنسان تصوره وفهمه، ولكن المسيح (عليه السلام) أيضا أخذ يكشف ذلك السر تدريجيا، فاستعمل كلمة (الأب) وأراد بها الله سبحانه وتعالى، فهو أب لجميع المؤمنين والأبرار والصالحين، وهو الأب الرحيم العطوف بأبنائه وخلقه، أنظر (متي: 3010، 5 - 16) (مر: 11: 25 - 26) وغيرها.
            ولكنه (حسب المسيحيين) استعمل هذه الكلمة بالمعنى الحقيقي عندما كان يخاطب الله ويقول (أبي) انظر (متي: 11: 25 - 27) و غيرها، فالله الأب هنا هو الأب الخاص للمسيح (عليه السلام) فانتقل اللفظ من المعنى المجازي إلى المعنى الحقيقي في شخص يسوع (عليه السلام)، فكان لفظ الأب إشارة إلى الأقنيم الأول!
            وأما كلمة الابن فقد أشرنا إليها سابقا، فالمسيح (عليه السلام) أيضا استخدم كلمة أبناء الله، في حق المؤمنين انظر (متي: 5: 9) (5: 45) وغيره، ولكنه أراد منها المعنى المجازي، في حين أنه عندما استعملها لنفسه فإنه أراد بها المعنى الحقيقي، فهو الابن الخاص والوحيد للباري تعالى! أنظر (يو: 9 - 35) (10: 37) وغيرها.
            وأما روح القدس فهو الآخر مذكور في العهد الجديد، ولكنه لم يفهم منه أنه أحد الأقانيم الثلاثة المؤلفة لله سبحانه، إلا يوم العنصرة إذ تجلى بوضوح في ذلك اليوم (أي عند نزول الروح القدس).
            فنحن رأينا أن الأقانيم الثلاثة مذكورة في العهد الجديد وهي منفصلة.
            وأما أنه هل ذكرت أسفار العهد الجديد هذه العقيدة الأساسية في المسيحية بوضوح أم لا؟ نقول: نعم هناك إشارة واحدة فقط صريحة في الأناجيل تشير إلى التثليث أنظر إنجيل (متي: 28: 19) وهي اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس.
            نعم كانت هناك إشارة أخرى في إنجيل يوحنا (5: 7) ولكن الباحثين اعترفوا في القرن التاسع عشر بأن كلمات (أب، وابن، وروح القدس) هي استنتاجات، وأن نصا بهذا لم يعثر عليه في النسخ القديمة، ولذلك فإن هذه الكلمة قد حذفت من إنجيل يوحنا، فلا توجد في نسخ العهد الجديد المعاصرة.
            وأيضا، يزعم بعض المسيحيين أن في رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس، إشارة واضحة إلى التثليث وهي (2 كو: 13: 14) نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم ولكن الأقانيم غير مذكورة بالاسم.
            وفي الواقع فإن عقيدة التثليث لم تذكر بشكل صريح في العهد الجديد إلا في إنجيل متي، ولذا نجد أن المسيحيين يعترفون بهذه المسألة هم أيضا، فإن لفظة التثليث والثالوث، غير مذكورة ويقدمون تعليلا لذلك فالعهد الجديد لا يحتوي على ألفاظ (ثالوثية) وليس هناك نصوص تأتي بعقيدة يعبر عنها بألفاظ مجردة، بل إن الله كشف عن حياته الخاصة بتدبيره الخلاصي حيث يدنو البشر من الأب في الروح والابن.
            ولا يفوتني هنا أن أذكر أن التثليث له جذوره العميقة في التاريخ، فهو ليس وليد المسيحية، بل كان منتشرا في مصر وفلسطين والصين والهند وغيرها من البلاد قبل مجئ المسيح (عليه السلام) وأهم قصة للتثليث مشابهة تقريبا للعقيدة المسيحية، هي أسطورة (أوزيريس) المصرية وتقول هذه الأسطورة أن (أوزيريس) قتله أخاه (ست)، وعثرت (أيزيس) على جسده فحنطته، ثم قام من بين الأموات، وأصبح إله العالم السفلي، وحملت (أيزيس) من (أوزيريس) بعد موته، وولدت له هورس، وكانت عبادة الإله (أوزيريس) في مصر في عصر البطالسة.

            ودفع هذا التشابه إلى قول بعض الآباء المسيحيين الأوائل أن في ديانة (أوزيريس) تمهيد الطريق وإعدادها لمجئ الإنجيل، إلا أن القصة المصرية، قصة الإله الذي مات وقام أسطورة وخرافة، أما سجل حياة يسوع المسيح (عليه السلام) وموته وقيامته كما ورد في الإنجيل فهو سجل تاريخي وواقعي.
            في الواقع هذا عرض إجمالي لعقيدة الثالوث الأقدس عند المسيحيين الذين يعتقدون أن الله سبحانه قد تجسد في شخص المسيح (عليه السلام) ومعنى قولهم أن (الكلمة، الله) قد تجسد، أي أن الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس صار جسدا، واتخذ الطبيعة البشرية، فصار يشبهنا في كل شئ (ما عدا الخطيئة) والكلمة صار جسدا، وحل بيننا (يو: 1: 14).
            فإن الله ليكشف عن نفسه نزل إلى الأرض، والتقى الإنسان بالصورة البشرية، فقد زار الله شعبه في يسوع المسيح (عليه السلام) بل زار البشرية كلها.
            ولكنه إذ أصبح انسانا بشرا، فهذا الأمر لم يخسره شيئا من ألوهيته، فلقد اكتفى أن يخفيها ويسترها متخليا وقتيا عن أمجاده الإلهية التي كانت في سلطته وحوزته.

            ولنا هنا بعد هذا العرض لعقيدة الثالوث الأقدس، تساؤلات وإشكالات نوردها ونبين مدى صحة هذه العقيدة، عقلا ونقلا من العهد الجديد نفسه.. كما سأتجنب التعرض للمباحث الفلسفية في هذا العرض، بل أقدمه بشكل سهل لا يصعب فهمه فنقول:
            أولا: أن أول إشكال يواجه الباحث في عقيدة اللاهوت المسيحي (الثالوث الأقدس) والتبني والتجسيد عامة، هو أن المسيحيين يغلقون باب العقل ويعطلونه، فهم يتمسكون بأن هذه العقيدة لا يمكن أن يمسها العقل والادراك البشري، بل هي فوقهما، فهي سر لا يفهم إلا بالإيمان الحقيقي والثابت بالمسيح (عليه السلام).
            وهنا أقدم مقدمة بسيطة لتوضيح مسألة مهمة وهي: أن الأمور والقضايا التي تواجهنا لا تخرج عن ثلاث حالات حسب العقل وهي:
            1 - ما هو موافق للعقل: وهي الأمور التي يقبلها العقل ويذعن لها، كالقضية القائلة بأن الجزء أصغر من الكل، فالعقل البشري يوافقها ويصدقها.
            2 - ما هو مخالف للعقل: وهي الأمور التي يرفضها العقل ويحكم ببطلانها، كاجتماع النقيضين أو ارتفاعهما، فالعقل يرفض هذه القضية مطلقا، مثلا أن نقول (زيد موجود وليس بموجود في نفس الوقت) فالعقل هنا يؤكد استحالة مثل هذه القضية، فهي من المحالات العقلية، فأما أن يكون زيد موجودا أولا.
            3 - ما هو فوق العقل: وهي الأمور والحقائق الغيبية التي تقصر يد العقل عن تناولها والوصول إليها: فإن هناك أمورا فوق العقل، ولولا أخبار الوحي الإلهي عنها لم يكن للانسان أن يتعرف عليها، كبعض الأحكام الشرعية وكيفيتها، وكذلك الرابطة بين الأفعال الاختيارية للانسان في الحياة الدنيا ونتائجها الأخروية، فهذه الرابطة يعجز العقل عن إدراكها فهي لا تدخل في دائرته لأنها ترتبط بعالم الغيب، وغيرها من الأمور..
            ولكن بقي هنا مسألة مهمة وهي أن القضايا التي هي فوق العقل والادراك البشري، يجب أن لا تدخل تحت الشق الثاني، أي أن لا تكون مخالفة للعقل وإلا صارت من المحالات التي يرفضها العقل ويبطلها، وهذا ما نجده بالضبط في عقيدة التثليث.
            فالمسيحيون حينما يواجهون هذه الإشكالات العقلية حول هذه العقيدة، يلجأون إلى لجم العقل وتعطيله بالقول أن العقل قاصر عن إدراك مثل هذه المسائل، لأنها من عالم الغيب الذي لا حظ للعقل فيه، ولأن الوحي قد جاء بها فيجب قبولها والاذعان لها، وإن كانت مخالفة للعقل، ويؤكدون أن الكثير من المسائل الدينية يحيلها العقل، وتقبل تعبدا وهذه العقيدة منها.
            وهذا الجواب فيه تناقض صريح، إذ كيف يستطيع الإنسان أن يميز دين الحق عن الباطل، أليس بالعقل؟ وحتى المسيح (عليه السلام) وتلاميذه فأنهم كانوا يجادلون ويناقشون اليهود بالأدلة والاستدلالات لكي يثبتوا أن المسيح (عليه السلام) مرسل من الله سبحانه، وأنه يدعوهم إلى أتباع العقل من خلال تطبيق ما تنبأ به العهد القديم بالنبي الموعود وحياة المسيح (عليه السلام) فهو النبي المنتظر والموعود حسب ما يدعيه المسيحيون.. فإذا كان العقل له الدور الرئيسي في تشخيص الدين الحق من الباطل، فكيف يقبل بعقيدة تشتمل على محالات وتناقضات يرفضها؟
            وأما كيفية مخالفتها للحق فهي واضحة وبينة، وقد اعترف بها عدة من علماء التثليث، فالواحد حقيقة لا يمكن أن يكون ثلاثة حقيقة، فالمسيحيون كما ذكرنا يؤمنون بثلاثة أشخاص وأقانيم حقيقية متميزة الواحد عن الآخر ولكنهم متساوون في الجوهر، فهل يعقل أن يكون الواحد ثلاثة والثلاثة واحد!!!
            وأيضا يستلزم منه التركيب، فالإله الواحد مركب من ثلاثة أجزاء، وعلى هذا فهو بحاجة إلى أجزائه لتكتمل ألوهيته، والاحتياج والتركيب ينافيان الغنى والبساطة والتي هي من صفات الإله (واجب الوجود).
            إضافة إلى هذا فإن الله سبحانه بسيط الذات من جميع الجهات فيستحيل انفصال شئ منه (كما يدعي المسيحيون)، وحلوله في مخلوق أو اتحاده معه، كما أن ذلك يلزم أن يكون الإله عرضة للتغير والتحول وهو مستحيل... وغيرها من الإشكالات الفلسفية الكثيرة التي تواجه هذه العقيدة المتناقضة..
            ثانيا: إضافة إلى ما ذكرنا فإن نسبة هذه العقيدة إلى المسيح (عليه السلام) والوحي الإلهي هي الأخرى غير صحيحة، فكما أشرنا في بحثنا للثالوث الأقدس، تبين أن هذه العقيدة لم ينطق باسمها أحد، ولم تظهر إلى الوجود إلا في القرن الثاني وعلى لسان (ترتوليان)، فالمسيح (عليه السلام) والرسل والتلاميذ لم يشيروا إلى هذه العقيدة، وقول المسيحيين بأن المسيح (عليه السلام) وبعض الرسل، ولا سيما بولس، كانوا قد هيأوا العناصر الأساسية للعقيدة، وأن العلماء وآباء الكنيسة لم يقوموا بشئ سوى أنهم أطلقوا اسم الأقنوم على الأشخاص الثلاثة وأظهروا هذه العقيدة بوضوح، هو الآخر مجرد ادعاء، إذ أنه إلى القرن الرابع الميلادي لم تكن هذه العقيدة محط نظر المسيحيين ومورد اعتمادهم، ومن الأصول المهمة في العقيدة المسيحية.
            وكما أوردنا فإن المؤسس العلني لها وبشكلها الموجود الآن هو (أثناسيوس)، ولم تقبلها الكنيسة إلا بعد مناقشات وجدال طويل في مجمع نيقية سنة 325 ميلادي، وأعدتها في هذا القالب الذي بين أيدينا الآن، فهي نتيجة الخيال البشري، ولهذا فأنا نجد فيها التناقض الكثير (حتى أنه قيل أن (أثناسيوس) وهو الأب الذي صاغ هذه العقيدة قد أعترف بأنه كلما كتب أكثر حول هذه المسألة أصبح أقل قدرة على التعبير بوضوح عن أفكاره بخصوصها).
            فالقول بأن هذه العقيدة يجب أن تقبل لأن الوحي قد جاء بها أمر غير صحيح أطلاقا والدليل على ذلك أن علماء المسيحية أنفسهم كانوا مختلفين فيها، والباحث في المذاهب المسيحية في القرنين الأول والثاني، يجد كثرة الآراء المتضاربة حول شخصية المسيح (عليه السلام).
            بل وحتى بعد قبول هذه العقيدة رسميا، ومعاقبة كل مخالف لها، وبالرغم من عمليات تفتيش العقائد، والقتل والسجن التي مارستها الكنيسة، والتي يذكرها التاريخ، فإن صيحات المعارضة لها كانت تعلو بين الحين والآخر، معلنة بأن هذه العقيدة غير مقبولة عقلا، وأن المسيح (عليه السلام) لم ينطق بها.
            ثالثا: لو رجعنا إلى كتب العهد القديم لنرى من هو الإله (الله) وما هي صفاته التي تنعته بها، لوجدنا أن ما يقوله المسيحيون مخالف للعهد القديم الذي يعتبرونه كلام الله الموحى، وحتى لو قلنا بأن الله سبحانه لم يعرف نفسه في العهد القديم بشكل تام، بل تم ذلك في العهد الجديد بالمسيح (عليه السلام)، لا يمكننا القول بأن العهد الجديد يناقض ما جاء به العهد القديم، فهو متمم له حسب ادعاء المسيحيين.
            فالله في العهد القديم هو (الموجود الذي ليس له بداية ولا صيرورة فهو الأول والآخر) (أشعيا: 41: 4،..) وهو (الخالق المدبر، فالعالم كله من صنعه وخلقه جل وعلا، وتحت أمرته وتدبيره، وهو الحي الذي لا يموت أبدا فهو يختلف عن الإنسان (لأني أنا الله لا إنسان) (هو شع 11: 9)، وأيضا فهو سبحانه لا شبيه له، فهو يحرم كل تصوير له، وكل صورة يجعلها الإنسان له فهي وثن، فليس من شئ يشابهه (أشعيا: 31: 3).
            وغيرها من الأوصاف الكثيرة التي يذكرها العهد القديم لله سبحانه وتعالى، والتي تخالف ما يدعيه المسيحيون في عقيدة الثالوث، فإذا ما قايسنا بين هذه الأوصاف والنعوت وبين ما يعتقده المسيحيون من أن الله سبحانه وتعالى قد تجسد في صورة إنسان، وصار انسانا، يجد التناقض الواضح بين العهد القديم والاعتقاد المسيحي، فالخالق والصانع لكل العالم، صار مخلوقا، والحي الذي لا يموت، صلب ومات، والأزلي الذي لا بداية له ولا صيرورة، ولد من أحشاء امرأة، والذي ليس كالانسان أصبح انسانا يأكل ويشرب وينام ويحزن ويفرح، والغني المطلق يحتاج إلى غيره لإدامة حياته، والعشرات من التناقضات الأخرى، والتي يرفضها العقل والوجدان، وتنتقص من قدسية الخالق المتعال الذي ليس كمثله شئ.
            رابعا: إذا سلمنا للمسيحيين وقلنا بأن الله (سبحانه) له أقانيم ثلاثة، نتساءل: هل هذه الأقانيم متساوية أم لا؟ والجواب يكون كما يذكره المسيحيون، نعم كلها متساوية في الجوهر والقدرة والمجد...
            ولكننا نرى أيضا أن العهد الجديد يؤكد أن المسيح (عليه السلام) (الأقنوم الثاني) يبقى خاضعا للأب بشهادة المسيح (عليه السلام) أنظر (متي:
            11: 27) وهو لا يعلم الساعة (القيامة) بل الأب وحده يعلمها (24:
            37)، والأب هو مصدر كل الأشياء وغايتها (اكو 8: 6) والابن لا يعمل إلا تبعا للأب (يو 5: 19) والأب أعظم من الابن (يو: 14: 28) وغيرها...
            فهذا يؤكد أن الأقانيم الثلاثة غير متساوية أطلاقا، فالأب هو الأصل والمصدر الوحيد للقدرة، والابن ليس له القدرة والقابلية على القيام بشئ دون إذن الأب، فالأب لا يحتاج إلى الابن ولا إلى غيره في شئ، إذن نستطيع أن نقول أن الأب مستغن عن الابن دون العكس.
            و هذا هو الذي يقبله العقل ويؤيده العهد الجديد، وعلى هذا فإن الله سبحانه هو الأب وحده فهو لا يحتاج إلى شئ إطلاقا، وأما الابن فهو مخلوق له وخاضع وتابع إليه، لا يفعل إلا ما يأمره الأب به، ومن يطالع العهد الجديد يلمس هذه المسألة بوضوح..
            فكيف يصح أن نقول أن الابن (الأقنوم الثاني) هو مساو للأب في الجوهر والألوهية والقدرة والمجد، وهو في نفس الوقت خاضع إليه في كل شئ، فأين ألوهيته؟؟؟
            خامسا: أن العهد الجديد كثيرا ما يذكر الله سبحانه بأنه أب لجميع المؤمنين والصالحين والأبرار، فهذا المسيح (عليه السلام) يقول (أبيكم الذي في السموات) (متي: 6: 2، وفي صلاتنا اليومية كنا نقول كما علمنا المسيح (عليه السلام) أن نصلي أبانا الذي في السموات ليتقدس اسمك (متي: 6: 9) وكذلك أيضا (متي: 6: 149) (فإن غفرتم للناس يغفر لكم أبوكم السماوي) وغيرها الكثير.
            وأيضا يعترف العهد الجديد بأن المؤمنين هم أبناء الله، أنظر (متي: 5: 9) (طوبى لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يدعون) وكذلك (لو: 20: 36) (لأنهم مثل الملائكة، وهم أبناء الله إذ هم أبناء القيامة) وغيرها. فلماذا يدعي المسيحيون بأن هذه الأسماء كلها تحمل على المعنى المجازي لها، ولكن حين يقول المسيح (عليه السلام) (أبي) إشارة إلى الله سبحانه، فإنه يستعمله في المعنى الحقيقي، ويجيبون على ذلك بقولهم: (أن المسيح (عليه السلام) أجرى الكثير من المعجزات كإحياء الموتى، وإشفاء المرضى وغيرها)، فإذا قلنا بأن الأنبياء أيضا جرت على أيديهم المعاجز مثل إيليا وأليشع وموسى وغيرهم، قالوا (نعم، ولكن الطريقة التي كان يجري بها المعاجز تميزه عن باقي الأنبياء صانعي العجائب، فالآخرون كانوا يصنعون المعجزات بقدرة الله وسلطانه، في حين أن المسيح (عليه السلام) كان يجريها بسلطته الخاصة، وذلك بإشارة واحدة، أو حركة، وغالبا بلكمة كان مفعولها يتم حالا ولهذا فإنه كان يظهر ألوهيته من خلال هذه المعاجز...
            ولكن هذا الكلام مخالف للعهد الجديد ولتعاليم المسيح (عليه السلام) الذي يعترف مرارا بأنه لا يفعل هذه المعاجز باستقلاليته وقوته الخاصة بل بمشية أبيه وربه حيث يقول أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا، كما أسمع أدين ودينونتي عادلة، لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الأب الذي أرسلني (يو: 5: 30) وكذلك هذا ما يذكره لوقا في إنجيله أنظر (لو: 11: 20) أن كنت بأصبع الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله فالاصبع إشارة إلى القدرة الإلهية كما هو واضح.
            والإشارة الأكثر وضوحا نجدها في (أعمال الرسل) وعلى لسان وصيه (بطرس) حيث يقول: أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال، يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله، بقوات وعجائب وآيات، صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم أيضا تعلمون (أعمال الرسل: 2: 22). وغيرها، فهل يبقى مجال لمدعي أن يقول أن المسيح (عليه السلام) كان يجري المعجزات باستقلالية وبسلطته الخاصة؟! فلا معنى لفهم كلمة (أب) و (وابن الله) بالمعنى الحقيقي لشخص عيسى (عليه السلام).
            سادسا: مما تبين سابقا فإن هذه الأقانيم الثلاثة لم تذكر مجتمعة إلا في موضع واحد، وهو في آخر إنجيل متي، فهو بعد ما يتحدث عن قيامة المسيح (عليه السلام) من بين الأموات، يذكر أنه (عليه السلام) ظهر لتلاميذه، وقال لهم فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم (باسم الأب والابن والروح القدس) (متي: 28: 19)، ويورد على هذا النص ما يلي:
            أ - هذا النقل مخالف لنقل آخر عن نفس القصة حسب إنجيل مرقس ولوقا، فمرقس يذكر (مر: 16: 14) (أخيرا ظهر للأحد عشر وهم متكئون ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم، لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام وقال لهم اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. وأما لوقا فإنه ينقل الحديث بشكل آخر مختلف فهو يذكر وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث، وأن يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم. (لو: 24: 47)..
            فهذه الكلمات التي ذكرها متي إضافية، ولعلها أضيفت إلى إنجيل متي بعد كتابته بقرون عديدة، فالإنجيل الذي بين أيدينا هو نسخ عن نسخ ووقوع الزيادة والنقصان غير بعيد...
            ب - أن المعمدانية في أيام الكنيسة الأولى كانت تعطى فقط باسم عيسى كما يذكر بولس في رسائله. وبالروح القدس أن يوحنا عمد بالماء وأما أنتم فستعمدون بالروح القدس (أعمال الرسل: 11:
            17).
            ح‍ - مع تسليمنا بصحة هذا القول فهو يذكر الأقانيم الثلاثة، دون الإشارة إلى أنها أجزاء كائن إلهي واحد.
            سابعا: تبقى المسألة المهمة وهي أن المسيح (عليه السلام) ومن خلال ما يذكره العهد الجديد، كان كثير العبادة، إذ أنه صام أربعين يوما قبل أن يجريه الشيطان اللعين، وكذلك صلاته الشديدة، وخلوته للعبادة، كلها تشير إلى معنى كونه عبدا يؤدي واجبات العبودية لمعبوده وخالقه، فهل يعقل أن يكون الله سبحانه يسجد ويصلي ويصوم لنفسه فأي عقل يقبل مثل هذه الأفكار!!
            وغيرها الكثير من الإشكالات التي كلها تقضي ببطلان هذه العقيدة المتناقضة. فالمسيح (عليه السلام) لم يكررها قط، بل كان يؤكد (عليه السلام) أنه ابن الإنسان، وأنه نبي أما يسوع فقال لهم ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه (متي: 13: 57)، ويؤكد بأنه ليس صالحا إلا الله وحده لماذا تدعونني صالحا ليس أحد صالحا إلا واحد وهو الله (متي:
            19: 17)، فهو ينفي عنه كل ألوهية، وهو (عليه السلام) كان يوصي الذين يشفيهم أن لا يظهروا ذلك وتبعته جموع كثيرة فشفاهم جميعا وأوصاهم أن لا يظهروه (متي: 12: 16) وغيرها، إذ كان يخشى أن ينسب الناس إليه شيئا من الألوهية ولذا كان يأمر بإخفاء هذه المعاجز، وكان يحذر الناس ويقول طوبى للذي لا يعثر في (متي:
            11: 6) وذلك بأن ينسب إليه بأنه إله، أو ابن الله حقيقة..
            فلا يبقى إلا أن نقول بأن هذه العقيدة لم تظهر في زمن المسيح (عليه السلام) وهي ليس من تعاليمه، بل مخالفة لها، فلا يصح نسبتها إلى الوحي الإلهي.
            [/align]

            Comment

            • يوسف 313
              عضو نشيط
              • 16-02-2009
              • 207

              #7
              رد: اختصار احد الكتب في الرد على المسيحية

              [align=justify]
              الشريعة

              ومن المسائل المهمة الأخرى في المسيحية، هي إهمال وإلغاء الشريعة بمجئ المسيح (عليه السلام). ولإيضاح المطلب نذكر نبذة مختصرة عن الشريعة ومن ثم نبين كيف رفضها المسيحيون فنقول: - الشريعة أو الناموس: هي الشريعة التي جاء بها الكليم موسى (عليه السلام) بوحي من الله سبحانه، أوحى بها إليه في جبل سيناء، والشريعة الموسوية يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء وهي:
              1 - الوصايا الأخلاقية: تختصرها الشريعة في الوصايا العشر، وهي الوصايا التي أوحاها الله سبحانه إلى موسى (عليه السلام) على جبل سيناء وكتبها في لوحين من حجر. وقد كسر موسى (عليه السلام) اللوحين لما غضب على الشعب عند عودته، ثم أعاد نحتهما من جديد (خر: 34:
              1 - 5). والوصايا العشر هي حسب ما يذكرها سفر الخروج (خر: 20 - 1) (أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر، من دار العبودية لا يكن لك آلهة سواي، لا تصنع لك تمثالا منحوتا ولا صورة شئ مما في السماء من فوق.. لا تسجد لها ولا تعبدها، لأني أنا الرب إلهك إله غيور... لا تحلف باسم الرب إلهك باطلا لأن الرب لا يبرر من يحلف باسمه باطلا... أذكر يوم السبت وكرسه لي، في ستة أيام تعمل وتنجز جميع أعمالك، واليوم السابع سبت للرب ألهك... أكرم أباك وأمك ليطول عمرك في الأرض... لا تقتل... لا تزن... لا تسرق... لا تشهد على غيرك شهادة زور... لا تشته بيت غيرك... لا تشته امرأة غيرك ولا عبده ولا جاريته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئا مما له... ففي هذه الوصايا تلخيص للخلق المثالي للديانة اليهودية...
              2 - الحقل العبادي: وهي مجموعة الشعائر التي دعا موسى (عليه السلام) إلى اتباعها في التقرب إلى الله سبحانه، وقد أوحى بها الله سبحانه إليه في جبل سيناء أيضا، وكان القصد منها تنظيم العبادات والذبائح والتقدمات والمواسم والأعياد والصلوات والصيام والتطهير.
              وكانت هذه الشرائع العبادية عرضة للتعديل، وحسب تطورات الحياة. وموسى (عليه السلام) نفسه وضع بعض تعديلاتها بعد ثمان وثلاثين سنة من وضعها، وهذا فرق أساسي بين الوصايا الأخلاقية والجانب العبادي في الشريعة. فالوصايا العشر ثابتة لا تتبدل لأنها صالحة لكل زمان ومكان، وأما الطقوس العبادية فهي معرضة لطبيعة الظروف إلى حد بعيد.
              3 - المعاملات المدنية (الأسرية، الاجتماعية، الاقتصادية، القضائية): وهي كثيرة ومنها قصاص القاتل (تك: 8: 6) والزانية (تك:
              38: 24) والتمييز بين الحيوانات الطاهرة والنجسة (تك 8: 20) وعدم أكل ما قدم للأوثان والمخنوقة. وغسل مس الجثة (عد 19:
              11) وغيرها الكثير..
              هذه باختصار الشريعة الموسوية، ولنرى الآن موقف المسيح منها من خلال العهد الجديد..
              فالمسيح (عليه السلام) جاء مكملا لشريعة موسى (عليه السلام) وهذا ما كان يقوله في تعاليمه لتلاميذه والناس لا تظنوا أني جئت لأبطل الشريعة وتعاليم الأنبياء، ما جئت لأبطل، بل لأكمل، الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة من الشريعة، حتى يتم كل شئ. فمن خالف وصية من أصغر هذه الوصايا وعلم الناس أن يعملوا مثله عد صغيرا في ملكوت السموات وأما من عمل بها وعلمها فهو يعد عظيما في ملكوت السموات (متي 5: 17).
              وهو يوصي تلاميذه بأن يفعلوا كل يأمر به معلمو الشريعة وخاطب يسوع تلاميذه قال: معلمو الشريعة والفريسيون على كرسي موسى (عليه السلام) جالسون فافعلوا كل ما يقولونه لكم واعملوا به، ولكن لا تعملوا مثل أعمالهم لأنهم يقولون ولا يفعلون. (متي: 23: 1 - 4).
              وهو يؤكد على عدم ترك الشريعة ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تعشرون النعنع والشب والكمون وتركتم أثقل الناموس الحق والرحمة والإيمان، كان ينبغي أن تعملوا هذه ولا تتركوا تلك. (متي: 23: 23)..
              وعمليا فإن المسيح (عليه السلام) التزم بالشريعة الموسوية فإنه (عليه السلام) اختتن في اليوم الثامن من ولادته حسب شريعة موسى (عليه السلام) وقدم والداه الذبيحة للرب بحسب الشريعة (لو: 2: 21 - 23)، وقد دفع ضريبة الهيكل (متي: 17: 24) وغيرها من الأعمال.
              والذي يطالع العهد الجديد يتضح له جليا أن المسيح (عليه السلام) لم يلغ الشريعة بمجيئه أبدا، بل على العكس من ذلك فإنه أوصى بها قولا، وعمل بها فعلا، نعم هو أكد على الالتفات إلى باطن الشريعة أيضا دون الاكتفاء بالافعال الخارجية والظاهرية ولكنه لم يبطل أبدا الشريعة الظاهرية..
              ولكننا نرى الآن أن المسيحيين قد تخلوا عن الشريعة الموسوية، وهم ينظرون إلى الشريعة والديانة اليهودية بأنها شريعة وقتية وغير كاملة، بل أعدت استعدادا لمجئ المسيح (عليه السلام).
              فيطرح الآن السؤال المهم وهو: إذا كان المسيح (عليه السلام) قد أوصى وأكد على الشريعة كما رأينا، وأمر بحفظها والعمل بها، فمن هو الذي عطلها وأهملها وأكتفي بالإيمان بالمسيح (عليه السلام) بدلا عنها؟ فالمسيحي المؤمن بعيسى (عليه السلام) المخلص لم يعد بحاجة إلى شريعة!!!
              فيأتينا الجواب من العهد الجديد، هو بولس القديس ولنوضح كيفية ذلك:
              يقص لنا سفر أعمال الرسل، أنه نتيجة للتبشير الذي قام به الرسل، آمن بالمسيح (عليه السلام) عدد كثير من الوثنين على يد بطرس وبولس وبرنابا، دون أن يمروا بالديانة اليهودية، فكانوا ذوي غلف (أي غير مختونين) (أعمال الرسل: 11: 2).
              وفي انطاكية جرى خلاف وجدال شديد بين بولس وبرنابا من جهة وبين المؤمنين بالمسيحية من اليهود، إذ أخذوا يعلمون المؤمنين الجدد بأن لا خلاص لكم إلا إذا اختتنتم على شريعة موسى (أعمال الرسل: 15: 1 - 2) وبولس يعارضهم في ذلك، وانبرى يدافع عن حرية الوثنين والمهتدين تجاه الأوامر التي تأمر بها الكنيسة.
              فأجمعوا أن يراجعوا الرسل في أورشليم و والشيوخ في هذه المسألة، فلما وصلوا إلى أورشليم، أخبروهم بالمسألة فقام بعض المؤمنين الذين كانوا قبلا على مذهب الفريسيين وقالوا يجب أن يختتن غير اليهود ويعملوا بشريعة موسى (أعمال الرسل: 15: 5).
              فأجتمع الرسل والشيوخ للنظر في هذه المسألة وبعد جدال طويل، قام بطرس وقال لهم أيها الإخوة تعرفون أن الله اختارني من بينكم من زمن بعيد... فلماذا تجربون الله الآن بأن تضعوا على رقاب التلاميذ نيرا عجز آباؤنا وعجزنا نحن عن حمله (أعمال الرسل: 15: 7 - 11).
              واستمر بولس وبرنابا يرويان الآيات التي جرت بين غير اليهود فقام يعقوب (راعي الكنيسة في أورشليم) وقال: أرى أن لا نثقل على الذين يهتدون إلى الله من غير اليهود، بل نكتب إليهم أن يمتنعوا عن ذبائح الأصنام النجسة، والزنا، والحيوان المخنوق والدم، فلشريعة موسى من قديم الزمان معلمون في كل مدينة يقرأونها كل سبت في المجامع (أعمال الرسل: 15: 19 - 21).
              وكان هذا أول تباعد عن بعض أحكام الشريعة التي أوصى المسيح (عليه السلام) بحفظها، حيث أن (تيطس) رفيق بولس لم يختتن (غل:
              2: 1 - 10) والوثنيين الذين آمنوا بالمسيح (عليه السلام) أيضا لم يوجب عليهم الختان..
              ولكن لم تنته المسألة إلى هذا الحد، فبولس بدأ شيئا فشيئا بنشر أفكاره وآرائه الجديدة، فبولس الذي ليس من الرسل وبخ بطرس (الوصي) ولامه على فعله كما يذكر ذلك في رسالته: وعندما جاء بطرس إلى أنطاكية قاومته وجها لوجه لأنه كان يستحق اللوم، فقبل مجئ قوم من عند بعقوب (أورشليم) كان بطرس يأكل مع غير اليهود فلما وصلوا تجنبهم وانفصل عنهم خوفا من دعاة الختان وجاراه سائر اليهود في ريائه (غلاطية: 2: 11)، وبعد أن رأى بولس أن بطرس الوصي لا يستقيم مع البشارة وبخه (غل: 2: 14) وأعلن نظريته الجديدة أن الله لا يبرر الإنسان لأنه يعمل بأحكام الشريعة، بل لأنه يؤمن بيسوع المسيح (عليه السلام). ولذلك آمنا بالمسيح يسوع ليبررنا الإيمان بالمسيح، لا العمل بأحكام الشريعة، فالانسان لا يتبرر لعمله بأحكام الشريعة (غلو: 2: 16)، فهو يقول أن العمل بالشريعة لوحده لا يكفي في النجاة، بل يجب الإيمان بالمسيح (عليه السلام).
              وإذا سألنا القديس بولس، هل نفهم من هذا الكلام أن الإيمان والعمل بالشريعة هما اللذان ينجيان الإنسان؟ يجيبنا بالنفي، فهو يقول: أما الذين يتكلمون على العمل بأحكام الشريعة فهم ملعونون جميعا (غل: 3: 10) ويضيف (والمسيح حررنا عن لعنة الشريعة، بأن صار لعنة لأجلنا) (غل: 3: 13)، ويكمل بولس نظريته ويدعي أن الشريعة وإن كان مصدرها الله ولكنها أعطيت للبشر عن واسطة الملائكة وهذا دليل على ضعفها. (غل: 3: 19) فهي مع أنها مقدسة وروحانية (رومة: 7: 12 - 14) ولكني ما عرفت الخطيئة إلا بالشريعة فلولا قولها لي: لا تشته لما عرفت الشهوة (رومة: 7: 7)، ولكنها أضعف من أن تخلص الإنسان المباع لسلطان الخطيئة (رومة: 7:
              14)، فالشريعة بدلا من أن تخلص البشر من الشر، تكاد لو جاز هذا التعبير تغمسهم فيه وتعدهم للعنة. ويستمر بولس في بيان عقيدته فيقول: (أن الشريعة باعتبارها مؤدبا وحارسا لشعب الله في مرحلة الطفولة (غل: 3: 23 - 24) كانت تجعله يشتهي برا يستحيل تحقيقه وذلك حتى يدرك بطريقة أفضل حاجته المطلقة إلى مخلص للعالم الأوحد. فالمسيح (عليه السلام) بمجيئه أنهى الشريعة فهو نهاية الشريعة وغايتها (رومة: 1 - 4).
              وفي الواقع فهذه العقيدة الجديدة هي من نتاج بولس، وإذا قلنا له: إذن نحن لا نحتاج إلى أي عمل سوى الإيمان بالمسيح (عليه السلام)، أو بمعنى آخر فالمسيحية يكفيها الإيمان بالمسيح (عليه السلام) عوضا عن الشريعة فلا تعود بحاجة إلى شريعة، أجابنا بولس قائلا: أن الشريعة كلها تلخصت في وصية واحدة وهي المحبة لا يكن لأحد دين إلا محبة بعضكم لبعض، فمن أحب غيره أتم العمل بالشريعة، فالوصايا التي تقول لا تزن، لا تقتل، لا تسرق، لا تشته، وسواها من الوصايا تتلخص في هذه الوصية أحب قريبك مثلما تحب نفسك، فالمحبة تمام العمل بالشريعة (رومة: 13: 8 - 10)...
              وأعتقد أن المسألة تبدو الآن أكثر وضوحا، فالمسيح (عليه السلام) جاء متمما ومكملا للشريعة (متي: 5: 17) وأكد كثيرا على حفظ الشريعة والعمل بها مع الإيمان به، فهو لم ينقض الشريعة أطلاقا ولم يهملها، بل عمل بها وأمر بعدم تركها (متي: 23: 23).
              وأنما أبطلت الشريعة وأهملت بعده وبالتحديد على يد بولس الذي لم ير المسيح (عليه السلام) أبدا وليس من تلاميذه ورسله، فلا أدري كيف يرفض المسيحيون وهم أتباع المسيح (عليه السلام) توصياته بحفظ الشريعة، ويقبلون بآراء وأفكار رجل كان من أشد أعداء المسيح (عليه السلام) وأتباعه ثم اعتنق المسيحية، ويدعون أنها تعاليم المسيح (عليه السلام).
              فالمسيح (عليه السلام) اختتن وهو ابن ثمانية أيام حسب الشريعة والناموس (لو: 2: 12) ولكننا نجد الآن المسيحيين لا يختتنون أبدا عملا بوصية بولس فأنا بولس أقول لكم إذا اختتنتم، فلا يفيدكم المسيح شيئا (غل: 5: 2).
              ولهذا قال بعض الباحثين أن المسيحية الحالية لجديرة بأن تسمى (البولسية) بدلا للمسيحية، لأنها من أتباع تعاليم بولس لا المسيح (عليه السلام).

              الخلاصة
              قد تبين خلال البحث بعض المسائل أوردها باختصار:
              أولا: إن الكتاب المقدس (العهد القديم، العهد الجديد) يدور حوله العديد من الإشكالات والإبهامات، تقلل من احتمال كونه كتابا إلهيا وموحى به، حتى لو قبلنا الوحي الكتابي كما يعتقد به المسيحيون، أي أنه يشترك فيه الله والانسان معا...
              فالعهد القديم، يختلف حوله علماء الكتاب المقدس أنفسهم اختلافا عظيما، في عدد أسفاره، ومؤلفيه وتاريخ التأليف، وأن النسخ القديمة كلها اندثرت، والتي بين أيدينا هي نسخ عن نسخ لا يعرف ناسخها، ولا نستطيع التأكد من أن يد التحريف لم تصل إليها. أضافة إلى ذلك فإن فيه توهينا للأنبياء (عليهم السلام)، من خلال نسبة الفواحش والأعمال القبيحة إليهم، فالعهد القديم مشحون بها، وكثرة التناقضات فيه، كلها تشير إلى أنه ليس وحيا إلهيا.

              وأخيرا فإن مجمع الفاتيكان (1962 - 1965) أصدر مقولة حول العهد القديم تؤيد هذا المعنى، فهو يصرح بأن كتب العهد القديم تنطوي على مادة بالية لا تتصف بالكمال.
              وأما العهد الجديد فهو ليس بأحسن حالا من العهد القديم، فهو الآخر نسخه الأصلية مفقودة، والموجود هو نسخ مأخوذة عن نسخ، والبعض الآخر مترجم من لغة الكتاب الأصلية إلى اللغة اليونانية، وقد أختلف علماء المسيحية أيضا في مؤلفيها حتى أن البعض منها بقي إلى يومنا هذا مجهول المؤلف (رسالة العبرانيين)، وكذلك فإن هذه الأسفار لم تكن حتى القرن الرابع يعترف بها كأسفار إلهية موحاة، ولكن الكنيسة ومن أجل وحدة الكلمة، اختارت هذه الأسفار على أنها أسفار إلهامية، وإلهية، ومنعت الكتب الأخرى واعتبرتها كتب أساطير، وسمتها بالكتب المنحولة.
              فالحقيقة أن الكنيسة هي التي ألصقت صفة الالهام بها زورا، أضف إلى ذلك الاختلافات الكثيرة فيما بينها، والتي دفعت بالمسيحيين إلى اصطناع التبريرات لهذه التناقضات الكثيرة دون جدوى.
              كما أن العهد الجديد يسئ إلى المسيح (عليه السلام) جدا، فإنه يصفه بأنه صانع للخمر الجيد (أنظر: يو: 2: 1 - 10) فإن المسيح (عليه السلام) في هذه المعجزة، يسئ أولا إلى أمه العذراء فهو ينهرها ويقول مالي ولك يا امرأة وقد تكررت هذه الاساءة في الأناجيل لأمه، وأكثر من ذلك أيضا. وأما في هذه القصة يقول يوحنا حسب إنجيله " قال رئيس المتكأ للعريس - بعد تقديم الخمر الذي صنعه عيسى (عليه السلام) - كل إنسان إنما يضع الخمر الجيدة أولا ومتى سكروا فحينئذ الدون ". فهل يقبل مؤمن نسبة هكذا فعل إلى المسيح (عليه السلام) هذا النبي الطاهر الذي بعثه الله لهداية الناس وإذا به - والعياذ بالله - يصنع الخمر للناس كي يسكروا؟!
              والمسيح (عليه السلام) أيضا كما يعتقد بولس (ملعون) لأنه مصلوب على خشبة، وكل من يصلب على خشبة فهو ملعون، وعلى حد قوله فهو صار لعنة لأجلنا!! (حاشاه عن ذلك) لا أدري كيف يفسر هذه اللعنة علماء المسيحية، فهل اللعنة إلا الطرد من رحمة الله تعالى؟ فمن هو المطرود؟!
              وأما المشكلة الأكثر تعقيدا فهي أن العهد الجديد يصف لنا المسيح (عليه السلام) بأنه إنسان وابن إنسان، وهو في نفس الوقت ابن الله، والله المتجسد والكلمة، وعلماء المسيحية حاولوا بشتى الوسائل والطرق تفسير هذه التناقضات والصفات وتوجيهها، ولكن هيهات، فالتناقض واضح وبين، فالإله لا يكون أنسانا، والإنسان لا يكون إلها.
              وأخيرا اعترفوا بهذه التناقضات في عقيدة التثليث، ولكنهم صرحوا بأن هذه العقيدة هي وحي ألهي وفوق الادراك البشري، فهي سر من أسرار الله لا يكشف إلا لمن امتلأ بالروح القدس، ولكننا رأينا من خلال البحث أن هذه العقيدة ليست وحيا إلهيا بل هي من اختراع الأب أثناسيوس أوائل القرن الرابع الميلادي، أضافة إلى كل هذا فإن العهد الجديد يصف المسيح الإله بأنه ضعيف ومهزوز، فهو يتوسل إلى (الأب) لتعبر عنه هذه الكأس (كأس الموت)، ولكن عندما لم يستجب له (الأب) عاتبه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة لأنه تركه، فيصرخ بصوت عظيم بعد صلبه وقبل موته إلهي إلهي لماذا شبقتني، أي إلهي إلهي لماذا تركتني (متي: 27 - 46)، وقد رأينا في حياتنا من هو مؤمن عادي يتقبل الموت والشهادة بكل أنس وشوق ويتلذذ بهذا الموت لأنه محب لله الذي سوف يلاقيه، فهل يعقل أن المسيح (عليه السلام) روح الله وكلمته ونبيه ورسوله يعاتب الله الرحيم لأنه أسلمه للموت والشهادة!!
              فهذه المسائل وغيرها الكثير تدفع بالانسان المنصف إلى اليقين بأن هذه الأناجيل والأسفار هي قصص ونتاجات البشر، ذكر فيها قصة المسيح (عليه السلام) كما يؤكد لنا لوقا نفسه في بداية إنجيله حيث يقول: إذا كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا، رأيت أنا أيضا إذ قد تتبعت كل شئ من الأول أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس (لو: 1: 3)..
              وأما موضوع الصلب والقيامة في العهد الجديد فهو أحداث متناقضة تنقلها لنا هذه الأسفار، فالمتيقن هو أن التلاميذ هربوا كلهم عندما جاء اليهود للامساك بعيسى (عليه السلام) ولم يبق أحد منهم، ليتأكد لنا هل أن الذي قبض عليه هو المسيح (عليه السلام) أو أنه استطاع أن يهرب من وسطهم كما فعل ذلك كثيرا سابقا، فيوحنا ينقل في إنجيله فرفعوا حجارة ليرجموه، أما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل مجتازا في وسطهم ومضى هكذا (يو: 8: 59)، والمسيح (عليه السلام) يؤكد أنهم لن ينالوا منه أبدا لأنه سيذهب إلى مكان لا يقدرون الوصول إليه، (أنظر:
              يو: 8: 22) قال لهم يسوع أيضا أنا أمضي وستطلبونني وتموتون في خطيتكم، حيث أمضي أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا، فقال اليهود ألعله يقتل نفسه حتى يقول حيث أمضي أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا، فقال لهم أنتم من أسفل، أما أنا من فوق، فهو يؤكد (عليه السلام) بأنهم لن يمسكوا به أبدا.
              وما يؤكد لنا أن المسيح (عليه السلام) شبه لهم، هو قصة مقتل يهوذا الخائن، فالعهد الجديد لا يذكر شيئا عن مصيره إلا في موضعين، والمصير والخاتمة التي كانت عليها حياة يهوذا الخائن مختلفة تماما كما رأينا، والمختلف في نقلها وصي عيسى (عليه السلام) بطرس، وأحد التلاميذ الاثنى عشر وهو (متي)، وهذا بعد ثلاثين سنة على أبعد الحدود من رفع السيد المسيح (عليه السلام) وهذا يدل على أن مصير يهوذا كان مجهولا وإلا تطرق له بقية الكتاب الملهمون في أناجيلهم، وما أختلف فيه التلامذة المقربون من عيسى (عليه السلام) في مصيره.
              وموضوع القيامة أيضا تدور حوله الشكوك، فالمسيح (عليه السلام) الذي قال إنه سيبقى في القبر ثلاثة أيام وثلاث ليال كما تذكر ذلك الأناجيل أنظر (متي: 12: 40) لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال. لم يبق في القبر كما تذكر الأناجيل سوى ليلتين ويوم واحد، فالدفن كان مساء يوم الجمعة بل قبل فجر السبت أنظر (لو: 23: 54) ووضعه في قبر منحوت حيث لم يكن أحد وضع قط، وكان يوم الاستعداد والسبت يلوح والقيامة كانت فجر يوم الأحد أنظر (يو: 20: 1) (وفي أول الأسبوع الأحد جائت مريم المجدلية إلى القبر باكرا والظلام باق، فهذا الاختلاف يقودنا إلى القول بأن أمر القيامة مشكوك فيه في أحسن الأحوال.
              واعتقد أن بولس هو الذي جاء بهذه العقيدة في رسائله والتي كتبت - كما ذكرنا - قبل الأناجيل فهو يقول: أذكر يسوع المسيح المقام من الأموات من نسل داود بحسب إنجيلي (2 تيموثاوس: 2: 8).
              وأخيرا رأينا موقف المسيح (عليه السلام) من الشريعة الموسوية التي التزم وعمل بها، وأكد عليها فهو جاء ليتمم الشريعة والناموس، وأوصى تلاميذه بحفظها والعمل بها، في حين نجد أن بولس ومن خلال تعاليمه، نقض الناموس والشريعة، وتركها جانبا، واعتبر الإيمان بالمسيح (عليه السلام) وحده كافيا لنيل الخلاص والنجاة، ولهذا فإن لبولس الدور الرئيسي في تأسيس أغلب العقائد التي تؤمن بها الكنيسة حاليا، وكما ذكرنا فإن بعض المحققين يطلقون على المسيحية الحالية اسم (البولسية).
              [/align]

              Comment

              • يوسف 313
                عضو نشيط
                • 16-02-2009
                • 207

                #8
                رد: اختصار احد الكتب في الرد على المسيحية

                [align=justify]
                دلائل نبوته (ص)
                أي النبي محمد (ص) -

                إن للتعرف على صدق مدعي النبوة بصورة عامة طرقا، منها تنصيص النبي السابق به، أو أظهر المعاجز وخوارق العادة لإثبات ارتباطه بالسماء والغيب، ولأجل إثبات نبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سنشير باختصار إلى هذين الطريقين:
                أولا: البشارة به في العهد الجديد
                إن القرآن الكريم كتاب الوحي السماوي يشير في بعض آياته إلى مسألة مهمة وهي أن اليهود والنصارى كانوا يعرفون أن هناك نبي في آخر الزمان، ومعرفتهم به من خلال الأوصاف والعلامات الموجودة في كتبهم (العهدين) لا تقبل الشك، فالقرآن يشير إلى هذا المعنى في آيات كثيرة منها قوله تعالى الذين يتبعون الرسول الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وأيضا قوله تعالى * (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وأن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) *.
                فالقرآن الكريم احتج على أهل الكتاب بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد بشر به في التوراة والانجيل وإن كان هذا الادعاء غير صحيح، لاحتج أهل الكتاب بذلك على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولأنكروا البشارة به في كتبهم، ولكنهم على العكس من ذلك لاذوا بالصمت واختلاق التهم وإخفاء الحق وتفسير الكتاب وفق أهوائهم، لإبعاد أتباعهم عن قبول الحق والإيمان بالنبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم)، والباحث في التاريخ يجد أن البعض من علماء أهل الكتاب ولا سيما من النصارى بعد ما أدركوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو سمعوا بدعوته ورسالته آمنوا به واعتنقوا الإسلام، لمعرفتهم بأنه النبي المنتظر في آخر الزمان، وقصة بحيرا الراهب وسلمان الفارسي وغيرهم الكثير تؤيد هذا المدعى. وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة في قوله تعالى * (ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا أمنا فاكتبنا مع الشاهدين) * ويؤكد القرآن الكريم بأن يسوع المسيح (عليه السلام) قد بشر بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باسمه الصريح كما في قوله تعالى وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة، ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ويمكن إثبات هذه الحقيقة حتى في الأناجيل (العهد الجديد) المتداولة بين أيدينا الآن، وبالخصوص من إنجيل يوحنا، وإليك عزيزي القارئ بعض النصوص من إنجيل يوحنا بهذا الخصوص:
                يقول (إذا كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من الأب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد) (يو: 14: 15 - 16). وأيضا (يو: 14: 26) وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي فهو يعلمكم كل شئ ويذكركم بكل ما قلته لكم وأيضا (يو: 15: 26) ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الأب روح الحق الذي من عند الأب ينبثق فهو يشهد لي وتشهدون أنتم أيضا لأنكم معي من الابتداء وأيضا يو: 16: 7 - 8 لكني أقول لكم الحق، إنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي ولكني إن ذهبت أرسله إليكم ومت ء 2 ى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة وأيضا (يو: 16: 13) وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتيه...
                وهذه النصوص كلها تشير بالحقيقة إلى الاسم الصريح للنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد أستدل على ذلك مؤلف كتاب " أنيس الأعلام في نصرة الإسلام " وأثبت أن النصوص الآنفة الذكر من إنجيل يوحنا كلها تشير إلى النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولكن علماء الكتاب المقدس ومفسريه هم الذين حرفوا معنى هذه الكلمة، ونذكر هنا استدلاله باختصار، فيقول:
                وجه الاستدلال يتوقف على بيان نكتة، وهي أن المسيح (عليه السلام) كان يتكلم بالعبرية (وكانت اللغة السائدة في فلسطين مع اللغة الأرامية) وكان يعظ تلاميذه بها، لأنه ولد وشب بين ظهرانيهم هذا من جانب، ومن جانب آخر أن المؤرخين أجمعوا على أن الأناجيل الثلاثة (لوقا، مرقس، يوحنا) كتبت من أول يومها باللغة اليونانية، وأما إنجيل متي فكان عبريا من أول إنشائه (وثم ترجم إلى اليونانية ولا وجود للنسخة العبرية الآن).
                وعلى هذا فالمسيح (عليه السلام) بشر بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باللغة العبرية، وإنما نقله إلى اليونانية كاتب الإنجيل الرابع (يوحنا) وكان عليه التحفظ على لفظ المسيح (عليه السلام)، لأن القاعدة الصحيحة تقتضي عدم تغيير الإعلام والاتيان بنصها الأصلي، لا ترجمة معناها. ولكن يوحنا لم يراع هذا الأصل، وترجمة إلى اليونانية فضاع لفظه الأصلي الذي تلكم به المسيح (عليه السلام)، وفي غب ذلك حصل الاختلاف في المراد منه، وأما اللفظ اليوناني الذي وضعه الكاتب يوحنا مكان اللفظ العبري فهو مردد بين كونه (پاراقليطوس، pericletos) الذي هو بمعنى المعزي والمسلي والمعين، أو (پريقليطوس pericletos) الذي هو بمعنى المحمود، الذي يرادف أحمد.
                ولأجل تقارب الكلمتين في الكتابة والتلفظ والسماع، حصل التردد في المبشر به، ومفسرو ومترجمو إنجيل يوحنا، يصرون على الأول ولأجل ذلك ترجموه إلى العربية ب‍ (المعزي) وإلى اللغات الأخرى بما يعادله ويرادفه، وادعوا أن المراد منه هو روح القدس، وأنه نزل على الحواريين في اليوم الخمسين بعد فقدان المسيح (عليه السلام) (يوم العنصرة)...
                ولكن القرائن الكثيرة كلها تأبى هذا التفسير لهذه الكلمة ب‍ (المعزي) بل كون معناها المحمود، أحمد أقرب إلى الظاهر وإليك بعض القرائن على ذلك، كما ينقلها الأستاذ العلامة السبحاني: -
                1 - إنه وصف المبشر به بلفظ (آخر) وأنا أطلب من الأب فيعطيكم معزيا آخر، وهذا لا يناسب كون المبشر به نظير روح القدس لعدم تعدده، وانحصاره في واحد، بخلاف الأنبياء فإنهم يجيئون واحدا بعد الآخر.
                2 - إنه ينعت ذلك المبشر به بقوله ليمكث معكم إلى الأبد وهذا يناسب نبوة النبي الخاتم التي لا تنسخ.
                3 - إنه يقول وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي، فهو يعلمكم كل شئ ويذكركم بكل ما قلته لكم وهذه الجملة تناسب أن يكون المبشر به نبيا يأتي بعد فترة من رسالة النبي السابق بعد أن تصير الشريعة السابقة على وشك الاضمحلال والاندثار، فيأتي النبي اللاحق يذكر بالمنسي، وأما لو كان المراد هو الروح القدس فقد نزل على الحواريين بع خمسين يوما من فقد المسيح (عليه السلام) حسب ما ينص عليه كتاب أعمال الرسل (1: 5، 2:
                1 - 4)، أفيظن أن الحواريين نسوا في هذه المدة اليسيرة معالم المسيح (عليه السلام) وتعاليمه حتى يكون النازل هو الموعود به؟!.
                4 - أنه يقول لأنه إن لم أنطلق، لا يأتيكم المعزي ولكن أن ذهبت أرسله إليكم وهذا يناسب أن يكون المبشر به نبيا حيث علق مجيئه بذهابه، لأنه جاء بشريعة عالمية، ولا تصح سيادة شريعتين مختلفتين على أمة واحدة في وقت واحد ولو كان المبشر به هو روح القدس، لما كان لهذا التعليق معنى لأن روح القدس حسب تصريح إنجيلي متى ولوقا، نزل على الحواريين عندما بعثهم المسيح (عليه السلام) للتبشير والتبليغ (أنظر متى: 10 - 11) (لو: 10 - 11).
                5 - ويقول ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة... وهذا يؤيد أن يكون المبشر به نبيا إذ لو كان المراد هو روح القدس، فهو نزل في يوم الدار على الحواريين حسب زعمهم، فما وبخ اليهود الذين لم يؤمنوا به أصلا، لعدم رؤيتهم إياه.
                ولم يوبخ الحواريين لأنهم كانوا مؤمنين به.
                6 - ويقول ومتى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية. وهذا يتناسب مع كون المبشر به نبيا خاتما، صاحب شريعة متكاملة، لا يتكلم إلا بما يوحى إليه، وهذه كلها صفات الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
                وأكتفي بهذه القرائن على أن المحققين قد ذكروا قرائن أخرى كثيرة تثبت أن المراد من المبشر به هو النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن أراد التوسع فليطالع كتبهم.
                وختاما لهذا المختصر أنقل قصة ذكرها مؤلف كتاب أنيس الأعلام في نصرة الإسلام بهذا الخصوص تتمة للفائدة، يقول المؤلف: مؤلف هذا الكتاب أبا عن جد من أكابر القساوسة المسيحيين، وولادتي كانت في أرومية في ايران، وتعلمت العلوم الدينية عند العلماء والمعلمين النصارى ومن جملتهم الأب (يوحنا بكير) والقس (يوحناى جان) وغيرهم من فرقة البروتستانت، ومن فرقة الكاثوليك الأب (تالو) والقس (كوركز) وغيرهم من المعلمين التاركين للدنيا.
                وفي سن الثانية عشرة أكملت الدراسة الأولية وتخرجت بدرجة قسيس، وبعد ذلك أحببت التوسع في البحث عن العقائد والملل المختلفة، ولا سيما المذاهب المسيحية، وطفت البلدان الكثيرة من أجل العلم إلى أن انتهى بي المطاف عند عظيم القساوسة، المطران صاحب المقام الرفيع في فرقة الكاثوليك، وكان صاحب منزلة وشأن عظيم ومشهورا في ذلك المذهب بعلمه وتقواه وزهده، بحيث أن الملوك والسلاطين والأشراف والرعية من فرقة الكاثوليك كانوا يلجؤون إليه في سؤالاتهم الدينية وينهلون منه معالم دينهم، ويبعثون إليه بالهدايا الكثيرة، ويتشرفون بالتبرك به.
                وقد تعلمت الأصول والعقائد للمذاهب المختلفة عند هذا العالم الجليل، وكان يحضر درس هذا الأستاذ أيضا الكثير من التلاميذ وكان يصل عددنا تقريبا إلى خمسمائة تلميذ وبيننا الكثير من الأخوات التاركات للدنيا الراهبات، وكانت لي مع العالم علاقة خاصة، إذ كان له أنس ومحبة واهتمام خاص بي، ولهذا فقد سلمني مفاتيح المدرسة (المسكن والمخزن وغيرها) كلها باستثناء مفتاح لغرفة صغيرة خاصة به، وكنت أظن أن فيها أمواله الشخصية، ولذا كنت أحدث نفسي وأقول أن هذا العالم الجليل الزاهد في الظاهر لعله من أهل الدنيا وأنه (ترك الدنيا للدنيا)...
                وامتدت مدة دراستي عنده إلى السنة الثامنة عشرة تقريبا، وفي أحد الأيام نزل بالمطران الكبير مرض أقعده عن الدرس في ذلك اليوم، وأمرني أن أبلغ التلاميذ بأنه لا يستطيع حضور الدرس، لأن مزاجه لا يساعد على التدريس، وفعلا خرجت إلى التلاميذ لا بلاغهم أمر الأستاذ، فرأيت التلاميذ مجتمعين يتباحثون في مسألة علمية، وكان حديثهم يدور حول كلمة (فارقليطا) في السرياني و (پيرقليطوس) باليوني، الذي ذكرها (يوحنا) في إنجليه نقلا عن المسيح (عليه السلام). وكثر الجدال والنقاش حول هذه الكلمة، واختلفت الآراء في معنى هذه الكلمة، وانتهى النقاش وانصرف التلاميذ دون الوصول إلى نتيجة...
                وبعدها رجعت إلى غرفة المطران الأعظم فسألني: يا بني عند غيابي اليوم بأي موضوع تباحثتم؟ فذكرت له أن التلاميذ اختلفوا في معنى كلمة (فارقليطا) وأوضحت له الآراء التي طرحها التلاميذ في هذه المسألة فسألني: وما كان رأيك في هذه الكلمة؟ فأجبته بأنني قد اخترت قول المفسر الفلاني. فقال لي لست مقصرا، ولكن الحق خلاف هذه الأقوال جميعا، لأنه لا يعرف معنى تفسيرها هذا الاسم الشريف في زماننا إلا القليل من الراسخين في العلم، فدنوت منه وجلست عند قدميه، واستعطفته قائلا: أيها الأب الأعظم، إنك تعلم شدة تعصبي للمسيحية، وإني قد صرفت عمري من أوله إلى الآن في طلب العلم وتحصيله، فماذا يحدث لو تتفضل وتتلطف علي، وتوضح لي معنى هذا الاسم الشريف...
                فرأيت عينيه اغرورقت بالدموع وأجهش الشيخ بالبكاء، وقال : يا بني إنك والله أعز الناس عندي، ولك منزلة خاصة، ومع أن هذا الاسم الشريف له فائدة عظيمة، ولكن بمجرد انتشار هذا المعنى فإن المسيحيين سوف يقتلوننا معا، إلا أن تعاهدني الله على أنك لا تفشي هذا السر في حياتي ولا تذكر اسمي بعد مماتي أيضا، لأن المسيحيين إن علموا أن هذا التفسير أنا الذي كشفته فإنهم سيخرجونني من قبري ويحرقونني...
                فأغلظت له الأيمان بالله العظيم القاهر الغالب، وبحق عيسى ومريم (عليهما السلام) وبحق كل الأنبياء والانجيل، بأني سوف لن أبوح بهذا السر عنك أبدا، ولا أذكر اسمك في الحياة وبعد الممات. فطمأن لي وقال: يا بني إن هذا الاسم هو من الأسماء المباركة لنبي المسلمين (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو بمعنى أحمد ومحمود، ومن ثم ناولني مفتاح تلك الغرفة الصغيرة، وقال افتح الصندوق الفلاني ستجد الكتاب الفلاني والفلاني فاتني بهما، فذهبت وجئته بالكتابين، وكانا باليوناني والسرياني ومكتوبان على جلد قديم، وقد ترجم لفظ (فارقليطا) فيهما بمعنى أحمد ومحمد فقال لي: إعلم يا بني أن العلماء والمترجمين المسيحيين قبل ظهور نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكونوا مختلفين في معنى (أحمد ومحمد) ولكن بعد ظهوره (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن العلماء والقساوسة الكبار حرفوا كل الكتب والتراجم التي تفسر هذه الكلمة إلى هذا المعنى، من أجل حفظ رئاستهم ومنافعهم الدنيوية وأيضا حسدا وعنادا وتكبرا، وابتدعوا معنى جديدا لهذا الاسم الشريف، وهذا المعنى الجديد لم يكن أبدا المقصود لكاتب الإنجيل ، ويمكن بسهولة ومن خلال ترتيب ونسق الآيات الموجودة حاليا في إنجيل يوحنا، معرفة المعنى الحقيقي لهذا الاسم وأن معنى المسلي والمعزي والروح القدس لم يكن المقصود لكاتب الإنجيل.
                لأن المسيح (عليه السلام) اشترط في مجيئ (فارقليطا) ذهابه ورحيله ، لأنه لا يجوز اجتماع نبيين مستقلين صاحبي شريعة عامة في زمان واحد، بخلاف روح القدس الذي نزل يوم العنصرة (يوم الخمسين) بعد المسيح (عليه السلام)، لأنه مع وجود عيسى (عليه السلام) والحواريين نزل الروح القدس عليه وهو واضح في إنجيل متى (3: 16 - 17) إذ يقول أن الروح القدس نزل على المسيح (عليه السلام) بعد تعميده من قبل يوحنا المعمدان بصورة حمامة...
                وفي ختام القصة يضيف المؤلف فسألت الحبر الأعظم: فما المانع من قبولك للإسلام ومتابعة سيد الأنام مع أنك تعلم فضيلة الإسلام وأن متابعة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو طريق النجاة والصراط المستقيم المؤدي إلى الله؟ فأجاب: يا بني إني قد اطلعت على هذه الحقيقة في أواخر عمري وأنا شيخ كبير السن وفي الحقيقة أني لا أستطيع ترك هذه الرياسة العظيمة والعزة والشأن والمقام الرفيع بين النصارى، ولكني في الباطن مسلم وبحسب الظاهر نصراني، وإذا ما أعلنت إسلامي فأنهم سوف يقتلونني.... فقلت له: إذن هل تأمرني أن أعتنق الإسلام؟ فقال إن أردت النجاة يجب عليك قبول دين الحق ، ولأنك شاب في مقتبل العمر عسى أن يهيئ لك الله سبحانه أسباب الحياة الدنيوية أيضا، وإني سوف أكثر الدعاء لك، على أني أشهدك يوم القيامة بأني باطنا من المسلمين والتابعين لسيد المرسلين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). واعلم أن أغلب العلماء والقساوسة الكبار في باطنهم لهم نفس حالتي، ولكنهم لا يستطيعون ترك الرياسة الدنيوية، وإلا فليس هناك أي شك وشبهة في أن الإسلام اليوم هو دين الله على الأرض.
                نعم يا عزيزي القارئ أنها الحقيقة التي لا غبار عليها، وهي واضحة وجلية لكل باحث، ولا شك ولا ريب فيها ولكن التعصب وجب الدنيا هي التي تمنع الإنسان من الاذعان والخضوع للحق، واعتقد أن هذه الحقيقة لوحدها كافية لكل عاقل ذي لب يروم الوصول إلى الحق، ولمن يستمع القول فيتبع أحسنه. فيؤمن بأن النبي الخاتم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو النبي المبشر به في التوراة والانجيل، وهو نبي آخر الزمان. وأن الإسلام هو الدين الحق.
                [/align]

                Comment

                • يوسف 313
                  عضو نشيط
                  • 16-02-2009
                  • 207

                  #9
                  رد: اختصار احد الكتب في الرد على المسيحية

                  [align=justify]
                  كيف وصف القرآن الكريم المسيح (ع) وأمه
                  إن القارئ للقرآن الكريم يجد أن هذا الكتاب الإلهي ذكر صفات للمسيح (عليه السلام) وأمه، قل ما ذكرها لأحد الأنبياء والنساء، فقد ذكر لهذا النبي المكرم خصال رفع بها قدره، وكذلك الحال بالنسبة لأمه الطاهرة. وإني من هنا أدعو كل مسيحي محب للسيد المسيح (عليه السلام) وأمه العذراء بمطالعة هذا السفر الإلهي المحمدي ومقارنته بما ذكره الإنجيل (العهد الجديد) من صفات وأفعال لهذا النبي العظيم، ليرى الفارق الكبير بين الكتابين وأيهما قد أماطا اللثام عن شخصية عيسى الحقيقية وأمه، القرآن أم الإنجيل؟
                  وأنا هنا أكتفي بذكر بعض هذه الصفات لهذا النبي وأمه في القرآن، وأشير أيضا إلى بعض ما ذكرته الأناجيل من أوصافه (عليه السلام) وأترك الحكم للقارئ العزيز.
                  ولنبدأ أولا بذكر ما ورد في القرآن عن الصديقة مريم العذراء،
                  ونستطيع القول بأنها المرأة الوحيدة التي قص القرآن قصتها بالتفصيل فينقل القرآن عنها: - - إن الله قد اصطفاها وطهرها واصطفاها على نساء العالمين كما في قوله تعالى: * (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) *.
                  - كانت (عليها السلام) مقبولة عند الله وقد تكفل الله سبحانه تربيتها وإنباتها كما في قوله تعالى (عليهم السلام) * (فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا...) *.
                  كانت محدثة حدثتها الملائكة (وهي الوحيدة من النساء اللاتي ذكر القرآن أن الملائكة قد حدثتها) كما في قوله تعالى * (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم...) *.
                  - كانت من آيات الله للعالمين كما في قوله تعالى: * (والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين) *.
                  وغيرها من الأوصاف الأخرى التي ذكرها القرآن الكريم لهذه الصديقة الطاهرة.

                  وأما ما جاء في القرآن الكريم عن السيد المسيح (عليه السلام) فيمكن القول بأنها من المقامات الرفيعة التي خص بها هذا النبي المقرب ونلخصها بما يلي:
                  - كان (عليه السلام) عبدا لله وكان نبيا كما في قوله تعالى: * (قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا) *.
                  - وكان رسولا إلى بني إسرائيل كما في قوله تعالى * (ورسولا إلى بني إسرائيل إني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بأذن الله...) *.
                  - وكان واحدا من الخمسة أولي العزم صاحب شرع وكتاب وهو الإنجيل كما في قوله تعالى * (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى...) * وأيضا في قوله تعالى * (وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور...) *.
                  - وكان (عليه السلام) قد سماه الله سبحانه بالمسيح عيسى وكان وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين كما في قوله تعالى: * (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين) *.
                  - وكان (عليه السلام) كلمة لله وروحا منه كما في قوله تعالى: * (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ...) *.
                  - وكان من الصالحين والمجتبين كما في قوله تعالى: * (وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين) *.
                  - وكان (عليه السلام) مباركا أينما كان وكان زكيا بارا بوالدته كما في قوله تعالى * (وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا * وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا) *.
                  - وكان (عليه السلام) مسلما على نفسه كما في قوله تعالى: * (والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا) * .
                  - وكان (عليه السلام) ممن علمه الله الكتاب والحكمة كما في قوله تعالى: * (ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل) *.
                  - وكان مبشرا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما في قوله تعالى: * (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد...) * ، وأوصاف وخصال أخرى كثيرة نكتفي بما ذكرناه.
                  ولكن أود الإشارة هنا إلى المحاورة التي ينقلها الله سبحانه بينه وبين نبيه عيسى ابن مريم، لنرى الأدب الرائع والعبودية التامة لهذا النبي أمام رب العزة، وكيف ينفي ما نسب إليه من ألوهية وأنه برئ من هذه العقائد الباطلة، فيقول سبحانه وتعالى:
                  * (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب * ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد * إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم * قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم) *.
                  فالمسيح (عليه السلام) ينفي بشدة ما ينسبه المسيحيون إليه من مقام الألوهية.
                  يقول العلامة الطباطبائي في تفسيره القيم (الميزان) عن هذه المحاورة وهذا الكلام العجيب الذي يشتمل من العبودية على عصارتها، ويتضمن من بارع الأدب على مجامعه يفصح عما كان يراه عيسى المسيح (عليه السلام) من موقفه تلقاء ربوبية ربه، وتجاه الناس وأعمالهم فذكر أنه كان يرى نفسه بالنسبة إلى ربه عبدا لا شأن له إلا الامتثال لا يرد إلا عن أمر، ولم يؤمر إلا بالدعوة إلى عبادة الله وحده ولم يقل لهم إلا ما أمر به ربه: أن اعبدوا الله ربي وربكم.
                  ولم يكن له من الناس إلا تحمل الشهادة على أعمالهم فحسب، وأما ما يفعله الله فيهم وبهم يوم يرجعون إليه فلا شأن له في ذلك:
                  غفر أو عذب.
                  والمسيح (عليه السلام) بهذا البيان أيضا ينفي كونه فاديا ومتحملا للخطيئة عوضا عن الناس كما يزعم المسيحيون.
                  هذا باختصار ما أورده القرآن حول شخصية هذا العبد الصالح والرسول المبارك عيسى ابن مريم وأمه العذراء.
                  ولنطالع الإنجيل (العهد الجديد) ونرى بماذا وصف هذا النبي من أوصاف يأباها العقل والذوق السليم وسنكتفي اختصارا بذكر بعضها ومن شاء المزيد فليراجع العهد الجديد ويرى العجب.
                  - المسيح (ع) صانع الخمر (الجيدة)
                  من المؤسف حقا أن ينسب هكذا فعل إلى النبي المكرم المسيح (عليه السلام) والأعجب أن يكون بأمر من أمه الصديقة مريم (عليه السلام)، فنحن نعلم أن الخمر قد حرم في الشريعة الموسوية ولا سيما المسكر منه، ولكن نجد في العهد الجديد أن المسيح (عليه السلام) لم يكتفي بأنه لم يحرمه بل هو الذي يصنع الخمر (الجيدة) المسكرة ليذهب بعقول الناس، وأنا أذكر أنه عندما كنت مسيحيا وللاعتقاد الراسخ في نفوسنا بحرمة الخمر كنت أسأل والدي عن أسباب حرمة الخمر فكان يحدثني عن مضرات الخمر، وكلما كانت تذكر هذه (المعجزة) كان بعض المتدينين يحاولون تفسير هذه المعجزة بشكل أو بآخر، ويجيبون بأن هذه الخمر الذي صنعها المسيح (عليه السلام) لم تكن مسكرة، ولكن الإنجيل يرى خلاف ذلك، وهذه المعجزة لم تذكر إلا في إنجيل يوحنا في الأصحاح الثاني فيذكرها أول معجزة صدرت من النبي عيسى المسيح (عليه السلام) فيقول:
                  وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل وكانت أم يسوع هناك، ودعي أيضا يسوع وتلاميذه إلى العرس، ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له ليس لهم خمر، قال لها يسوع مالي ولك يا امرأة، لم تأت ساعتي بعد، قالت أمه للخدام مهما قال لكم فافعلوه، وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود يسع كل واحد مطرين أو ثلاثة، قال لهم يسوع املأوا الأجران ماء، فملأوها إلى فوق، ثم قال لهم استقوا الآن وقدموا إلى رئيس المتكأ فقدموا، فلما ذاق رئيس المتكأ الماء المتحول خمرا ولم يكن يعلم من أين هي لكن الخدام الذين كانوا قد استقوا الماء علموا، دعا رئيس المتكأ العريس وقال له:
                  كل إنسان إنما يضع الخمر الجيدة أولا ومتى سكروا فحينئذ الدون، أما أنت فقد أبقيت الخمر الجيدة إلى الآن، هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل وأظهر مجده. أنظر (يوحنا 2: 12)، فالظاهر من حديث رئيس المتكأ أن الخمر التي صنعها المسيح (عليه السلام) كانت من الخمر الجيدة والتي تعطى عادة في الأعراس أولا حتى يسكر الناس فتذهب عقولهم ثم يأتون بالخمر الدون (الرديئة) بعد ذلك فلا يميز الناس بينها وبين الخمر الجيدة لسكرهم. فلا أدري هل جاء السيد المسيح (عليه السلام) لتنوير العقول وإرشادها إلى الحق، أم لتخديرها وإتلافها؟!
                  - المسيح (والعياذ بالله) عاق لأمه
                  وأيضا تنسب الأناجيل إلى المسيح (عليه السلام) أنه ظاهرا لم يكن بارا بوالدته، بل إنه كان ينهرها بشكل غير لائق، فخلال قصة الخمر الآنفة الذكر مثلا تطلب منه أمه أن يصنع لهم خمرا، ولكنه ينهرها بحدة كما تنقل القصة قال لها يسوع مالي ولك يا امرأة بل إنه لا يعتبرها ضمن المؤمنين ويحط من منزلتها أمام تلاميذه، كما ينقل لنا إنجيل متي ذلك في الأصحاح الثاني عشر: أنظر 12 - 46 - 50 وفيما هو يلكم الجموع إذا أمه وإخوته قد وقفوا خارجا طالبين أن يكلموه، قال له واحد، هو ذا أمك وإخوتك واقفون خارجا طالبين أن يكلموك، فأجاب وقال للقائل له: من هي أمي ومن هم أخوتي ، ثم مد يده نحو تلاميذه وقال ها أمي وإخوتي، لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السموات هو أخي وأختي وأمي. ولا أدري كيف يمكن توجيه هذا التعامل القاسي مع أمه الصديقة، مع إننا نرى أنه (عليه السلام) كان يوصي ويؤكد على إكرام الوالدين كما ينقل ذلك إنجيل متي نفسه: أنظر 15 - 4 فإن الله أوصى قائلا أكرم أباك وأمك ومن يشتم أبا أو أما فليمت موتا.
                  - المسيح (ع) (والعياذ بالله) صار ملعونا
                  واقعا أن الإنسان ليقف متحيرا من هذا القول في شخص هذا النبي المبارك، فبولس يصف المسيح (عليه السلام) بأنه ملعون (والعياذ بالله) فهو يذكر في رسالته إلى أهل غلاطية يقول: المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة (غلاطية: 3: 13) فهل يوصف باللعنة إلا الأثيم المرتكب للخطايا؟ وهل اللعنة غير الطرد والإبعاد عن رحمة الله سبحانه؟
                  - المسيح (ع) تقبل قدميه (الخاطئات)
                  وأيضا ينقل لنا العهد الجديد قصة تقبيل قدمي المسيح (عليه السلام) من قبل امرأة (خاطئة) والقصة كما ينقلها إنجيل لوقا هي أنظر لوقا: 7:
                  36 وإذا امرأة في المدينة كانت خاطئة، إذ علمت أنه متكئ في بيت الفريسي جائت بقارورة طيب ووقفت عند قدميه من وراءه باكية وابتدأت تبل قدميه بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها وتقبل قدميه وتدهنهما بالطيب، فلما رأى الفريسي الذي دعاه ذلك، تلكم في نفسه قائلا لو كان هذا نبيا لعلم من هذه الامرأة التي تلمسه وما هي، أنها خاطئة... فقد أنكر الفريسي هذا الفعل من المسيح (عليه السلام) إذ كيف يقبل نبي أن تلامسه وتقبل قدميه امرأة أجنبية خاطئة. بل أن القصة كما يذكرها إنجيل يوحنا، يعترض هناك يهوذا على فعل المسيح (عليه السلام) من جهة أن هذا الطيب الذي مسحت هذه المرأة قدمي المسيح (عليه السلام) به كان يقدر قيمته بثلاثمائة دينارا فلماذا لم يبع ويعط للفقراء الموجودين، والقصة كما ينقلها يوحنا في إنجيله هي فأخذت مريم منا من طيب نار دين خالص كثير الثمن ودهنت قدمي يسوع ومسحت قدميه بشعرها، فامتلأ البيت من رائحة الطيب فقال واحد من تلاميذه وهو يهوذا سمعان الإسخريوطي المزمع أن يسلمه ، لماذا لم يبع هذا الطيب بثلاثمائة دينارا ويعط للفقراء...، فقال يسوع أتركوها إنها ليوم تكفيني قد حفظته لأن الفقراء معكم في كل حين وأما أنا فلست معكم في كل حين (أنظر: يوحنا: 12: 3 - 8).
                  - المسيح (ع) مفرق للرحم والأقارب
                  أن الاعتقاد السائد عند المسيحيين أن يسوع المسيح (عليه السلام) هو الداعي إلى المحبة والسلام بين الناس جميعا، ولكننا نجد خلاف هذا الاعتقاد في كتب العهد الجديد، فهذا إنجيل متي ينقل عن المسيح (عليه السلام) قوله لا تظنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض، ما جئت لألقي سلاما بل سيفا، فأني جئت لا فرق الإنسان ضد أبيه والابنة ضد أمها والكنة ضد حماتها وأعداء الإنسان أهل بيته. (أنظر متى: 10: 34 - 36) بل لم يكتفي بذلك حتى أضرمها نارا كما ينقل لوقا في إنجيله (أنظر لوقا: 12: 49 - 53) جئت لألقي نارا على الأرض فماذا أريد لو اضطرمت أتظنون أني جئت لأعطي سلاما على الأرض. كلا أقول لكم، بل انقساما... ولكن بالرغم من هذا فنحن نجد أن المسيحيين يصفون المسيح (عليه السلام) بأنه نبي الرأفة والمحبة والسلام ويعتقدون أن النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء بالقوة والسيف، ويعتبرون الإسلام دين السيف!
                  - المسيح (ع) يجزع من الموت ويعاتب الله سبحانه
                  إذ تنقل كتب العهد الجديد أن المسيح (عليه السلام) وعند اقتراب ساعة (موته) قد جزع حتى الموت وتوسل بالله سبحانه أن تعبر عنه هذه الكأس، ولما لم يستجب له الله سبحانه عاتبه وهو معلق على الخشبة لماذا تركه، والقصة كما يذكرها إنجيل متى هي ثم أخذ معه بطرس وابني زبدي وابتدأ يحزن ويكتئب، فقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت، أمكثوا هنا واسهروا معي، ثم تقدم قليلا وخر على وجهه وكان يصلي قائلا يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس أنظر متى 26: 37 - 40 وفي تلك الليلة صلى ثلاث مرات قائلا ومكررا لذلك الكلام بعينه. وبعد أن ألقوا القبض عليه وصلبوه وأرادوا قتله، صرخ بصوت معاتبا ربه لماذا تركه، كما ينقل لنا ذلك متى في إنجيله أيضا (أنظر متي: 27 - 46) ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لماذا تركتني. فلا أدري كيف يمكن تفسير هذه الحادثة، فهل الموت بالنسبة للانسان المؤمن إلا انتقال من عالم إلى عالم آخر خير منه، وهذا ما يؤكد عليه الإسلام، فهذا وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي ابن أبي طالب ينقل عنه كلمته المشهورة لابن أبي طالب أنس بالموت من الطفل بثدي مه ويقول الله سبحانه في القرآن الكريم: * (يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ) *. فإن المؤمن يلتذ بالموت ولا سيما إذا كان قتلا في سبيل الله، ولكننا نرى المسيح (عليه السلام) (ابن الله) يجزع منه حتى الموت.
                  وما هذا إلا غيض من فيض ومن شاء التعرف أكثر على شخصية المسيح (عليه السلام في الأناجيل، فليطالع العهد الجديد ليرى ما وصفت به المسيح (عليه السلام) من تناقضات في شخصيته، وفي الواقع فإن القرآن الكريم هو الذي أجلى الحقيقة عن شخصية هذا النبي العظيم.
                  فالقرآن نزه ساحة عيسى المسيح (عليه السلام) عن كل شائبة ونقص، فقد صور لنا المسيح (عليه السلام) نبيا ورسولا مباركا وديعا بارا، لا جبارا ولا شقيا، وعبدا موحدا خاضعا لله، وغير مدع لشئ غير معقول من ألوهية أو اتحاد أو حلول، ثم نجده في القرآن عزيزا محترما مرفوعا إلى السماء مصانا بالعزة الإلهية، وأنه روح الله وكلمته وصنيعه، ومستودع أسراره وحكمته.
                  وعلى العكس من ذلك نرى المسيح (عليه السلام) في العهد الجديد، رجلا صانع للخمر وشريب لها عاقا لأمه قاطعا ومفرقا للرحم، مسرف يستأنس بمسح الامرأة الأجنبية (الخاطئة) لقدميه وتقبيلها وتدهينها بالطيب الغالي الثمن، وأيضا أنه ملعون لأنه مصلوب على خشبة، ويلصقون به الألوهية عنوة، فهو الله وابن الله، وغيرها من الأوصاف الكثيرة التي يرفضها العقل ويأباها.
                  فلا يبقى شك ولا ريب في أن (بارقليطا) الذي أشار إليه المسيح (عليه السلام) في الإنجيل والذي سيشهد له بالحق (كما ذكر ذلك إنجيل يوحنا قائلا: ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الأب روح الحق الذي من عند الأب ينبثق فهو يشهد لي أنظر:
                  يوحنا: 15: 26 - 27) هو النبي الخاتم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي شهد له بالحق، ورفع قدره، ونزه ساحته المقدسة عن كل سوء، وذلك من خلال الكتاب الإلهي الموحى إليه من قبل السماء، أي (القرآن الكريم).

                  [/align]

                  Comment

                  • لبيك_أحمد
                    مشرف
                    • 14-08-2009
                    • 731

                    #10
                    رد: اختصار احد الكتب في الرد على المسيحية

                    اللهم صلي على محمد و آل محمد الأئمة و المهديين و سلم تسليما


                    وفقكم الله لكل خير أخي يوسف 313


                    جعلنا الله و إياكم من الثابتين مع اليماني و آله عليهم السلام
                    قال الامام احمد الحسن (ع) المنقذ العالمي لكل الناس

                    أدعو كل عاقل يطلب الحقيقة ليحمل فأساً كما حمله ابراهيم (ع) ويحطم كل الأصنام التي تعبد من دون الله بما فيها الصنم الموجود بين جنبيه وهو الأنا .

                    [/CENTER]

                    Comment

                    • Habibi-Ahmed
                      عضو نشيط
                      • 26-02-2010
                      • 914

                      #11
                      رد: اختصار احد الكتب في الرد على المسيحية

                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      هذا جزء من رؤيا..

                      رأيت هذا الموضوع مكتوب على شكل كتاب كامل و متكامل لانصار الامام المهدي عليه السلام للاخ يوسف-313 ولفت نظري بشكل غريب وقلت سبحان الله هذا موضوع اخونا يوسف-313 في المنتدى وكان يباع مع باقي الكتب ومنها كتاب كبير جدا جدا وثقيل جدا جدا لابو محمد الانصاري وغيرها من الكتب وايضا كتاب جديد للامام ع


                      مع اني رأيت هذه الرؤيا منذ مدة ، ولكني لا اعلم لماذا الان اذكرها قد يكون فيها خيرا او بداية لشيء

                      Comment

                      • اختياره هو
                        مشرف
                        • 23-06-2009
                        • 5310

                        #12
                        رد: اختصار احد الكتب في الرد على المسيحية

                        سبحان الل ان شاء الله يكون خيرا
                        جزاكم الله خيرا
                        السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة والنبوة ومعدن العلم وموضع الرسالة

                        Comment

                        Working...
                        X
                        😀
                        🥰
                        🤢
                        😎
                        😡
                        👍
                        👎