إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

كتاب " الأوبانيشاد " أقدم دستور ديني

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • نجمة الجدي
    مدير متابعة وتنشيط
    • 25-09-2008
    • 5279

    كتاب " الأوبانيشاد " أقدم دستور ديني




    الأوبانيشاد تترجم إلى العربية لأول مرة


    كتاب " الأوبانيشاد " أقدم دستور ديني


    الأوبانيشاد تعني (سر الأسرار ، او السر الأكبر )

    القاهرة: صدر في القاهرة مؤخرا كتاب الأوبانيشاد عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام؛ للكاتب والأكاديمي المقيم في السويد عبد السلام زيان، ويقع الكتاب في نحو 232 صفحة من القطع الكبير.

    والأوبانيشاد وفقاً لجريدة "الاتحاد" الإماراتية هو أحد الكتب المقدسة الهندوسية القديمة، ويحتوي على معلومات عن الحقيقة السامية وأسطورة الخلق، ويعد المرجع الرئيسي للسلطة الدينية للهندوس. وهذه النصوص لم تعرفها اللغة العربية في أي عصر من عصورها، بل ربما لم تسمع الثقافة العربية بها منذ العهد العباسي حتى اليوم. فحسب الوثائق التاريخية، أقدم أبوالريحان البيروني المولود في 973 م في العصر العباسي على ترجمة جزء من بهاجافاد جيتا، ولقد ضاعت مخطوطته ولم يعثر عليها حتى اليوم.

    ويورد المترجم في مقدمته بأن الكتب المقدسة الهندوسية قديمة جدا وكلها مكتوبة بلغة السانسكريت، وهي تتكون من جزءين: جزء نظري وآخر عملي تطبيقي، والجزء الأول يحتوي على معلومات عن الحقيقة السامية ويسمى الأوبانيشاد، والجزء الثاني يحتوي على الأناشيد الدينية وقوانين الطقوس والحفلات الدينية وقوانين تخص الحياة اليومية.

    والترجمة الحرفية لـأوبانيشاد حسبما ذكرت "الاتحاد" هي "أن تجلس عن قرب بخشوع" وهذا يعني التلميذ الذي يجلس بكل احترام أمام معلمه ليتلقى منه العلم. كما تعني أيضاً "المذهب السرّي" وتعني كذلك "علوم عن البراهمن" وهو العلم الذي يكسر قيود الجهل ويقود إلى الحرية السامية. ولا أحد يعرف كم كان عدد الحكماء الذين كتبوا الأوبانيشاد، فالمثبت حالياً مئة وثمانية، بعضهم كتب بضعة مئات من الكلمات، وآخرون كتبوا عدة آلاف، البعض كتب على شكل قصائد وآخرون كتبوا على شكل نثر، ومنهم من مزج الشعر بالنثر. ومحتوى النصوص يختلف حتى في نفس الكتاب، حيث إننا نجد في بعض الأماكن حوارات وحكايات بسيطة جدا، وفي أماكن أخرى نجد نصوصا نظرية فلسفية.

    ويذكر على لسان آرتو شوبنهاور (1860-1788) أحد اشهر الفلاسفة الألمان على الإطلاق: إن ترجمة الأوبانيشاد إلى اللاتينية سنة 1818 هو أكبر إنجاز لهذا القرن مقارنة بكل القرون الماضية.

    جدير بالذكر أن الهندوسية ديانة وثنية يعتنقها أهل الهند، وقد تشكلت عبر مسيرة طويلة من القرن الخامس عشر قبل الميلاد إلى وقتنا الحاضر، وتتخذ عدة آلهة بحسب الأعمال المتعلقة بها فلكل منطقة إله، ولكل عمل أو ظاهرة إله.

    للهندوس عقائد تصور دورة حياة الإنسان، حيث يرون أن روح الإنسان خلقت من الإله ثم ركبت في هذا الجسد الفاني، والهندوس لا يؤمنون بجنة ولا بنار مثل شريعة المسلمين ، ولكنهم يؤمنون بجزاء آخر للمحسن والمسيء فيقولون : " إن المحسن عندما يموت، يموت جسده وتبقى روحه باقية لا تموت، لأنها جزء من الإله فتجازى بأن توضع في جسد صالح وهو ما يعرف بتناسخ الأرواح أو انتقالها " فجزاء المحسن أن توضع روحه في جسد صالح تتنعم فيه وجزاء المسيء أن توضع روحه في جسد شقي تشقى به ، بحسب الاعتقاد الهندوسي.

    يعتقد الهندوس أن أرواحهم إذا كانت طيبة ستتحد بإله يدعونه " براهما " ولكن هذا لن يحصل وفقا لمعتقداتهم إلا إذا تخلصت النفس من شرورها ونزعاتها وشهواتها ورغباتها وهو ما يسمونه مرحلة الانطلاق .

    تحتل البقرة عند الهندوس مكانة هامة تصل إلى حد التأليه والتقديس ، يقول مهاتما غاندي : " عندما أرى بقرة لا أعدني أرى حيونا لأني أعبد البقرة، وسأدافع عن عبادتها أمام العالم أجمع"، ويقول "وأمي البقرة تفضل أمي الحقيقية من عدة وجوه، فالأم الحقيقة ترضعنا مدة عام أو عامين وتتطلب منا خدمات طول العمر نظير هذا ، ولكن أمنا البقرة تمنحنا اللبن دائما ، ولا تتطلب منا شيئا مقابل ذلك سوى الطعام العادي . وعندما تمرض الأم الحقيقية تكلفنا نفقات باهظة ، ولكن أمنا البقرة لا نخسر لها شيئا ذا بال ، وعندما تموت الأم الحقيقية تتكلف جنازتها مبالغ طائلة، وعندما تموت أمنا البقرة تعود علينا بالنفع كما كانت تفعل وهي حية لأننا ننتفع بكل جزء من جسمها حتى العظم والجلد والقرون ".

    وقال الكاتب والأكاديمي التونسي عبدالسلام زيان المقيم في السويد عن ترجمته للأوبانيشاد " هذه النصوص لم تعرفها اللغة العربية فى أى عصر من عصورها، بل ربما لم تسمع الثقافة العربية بها منذ العهد العباسى حتى اليوم. فحسب الوثائق التاريخية التى توفرت لدى، أقدم محمد بن أحمد البيروني فى العصر العباسى على ترجمة جزء من "بهاجافاد جيتا" ولكن لسوء الحظ ضاعت مخطوطته ولم يعثر عليها حتى اليوم. والبهاجافاد جيتا هو أحد الكتب المقدسة الرئيسية فى الديانة الهندوسية، وهو ما كانت أعود إليه دائما أثناء ترجمتى لنصوص الأوبانيشاد، لأتأكد من دقة المعانى وصحة التأويلات، مستعيناً بعدد من الترجمات الغربية بلغات مختلفة وهى جميعها منقولة مباشرة من (السانسكريتية) لغة النصوص الأصلية. بقى أن أقدم اعتذاراً مسبقاً لمعتنقى الدين الهندوسى خشية أن أكون قد ارتكبت أى هفوة فى تأويلى وترجمتى ".



    وقد صدرت عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام في القاهرة الترجمة العربية لـ"الأوبانيشاد" وهو أقدم دستور ديني في العالم, فعمره يصل إلى ستة آلاف عام، ويمثل المرجع الرئيس للهندوس. وهذه الترجمة أنجزها الكاتب والأكاديمي التونسي عبدالسلام زيان المقيم في السويد، وهي الترجمة الأولى إلى اللغة العربية, إذا تم استثناء الجزء الذي ترجمه محمد بن أحمد البيروني في العهد العباسي وضاع للأسف.

    و"الفيدا" هي مجموعة الكتب الدينية لدى الهندوس، تنقسم إلى قسمين، قسم نظري يحتوي على معلومات عن الله سبحانه وتعالی والحقيقة السامية ويتمثل في "الأوبانيشاد"، وقسم عملي يحتوي على الأناشيد الدينية وقوانين الطقوس والحفلات الدينية والطب وقوانين فحص الحياة اليومية، ومنها كتاب "الغاب" الذي يجب على الهندوسي قراءته عندما يكون وحيداً في الغابة. و"البراهمن" وهو من أهم رموز الأوبانيشاد والفيدا إذ يمثل الإله المطلق والقائم بذاته والحقيقة العليا وهو خال من كل الصفات ولا يمكن الحديث عنه بالكلمات. تبدأ الاوبانيشاد مع "فاجاسرافا" وابنه "ناخيكيتا" الذي يتعرض لابتلاء تلخصه قصة شديدة الشبه بقصة نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام وتقديم إسماعيل نفسه قرباناً لله تعالیولا نجد الشبه فقط في الخطوط العامة للقصة بل حتى في بعض الجمل.



    يا أبتِ أهبك نفسي فافعل بها ما تشاء
    ستجدني من الطيعين الممتثلين


    لكن ناخيكيتا يتعلم على يد إلهة الموت الكثير من الحكمة والأسرار حتى يخرج من هذا الاختبار أكثر حكمة وعمقاً وتفهماً لذاته والوجود و البراهمن. تقدم الأوبانيشاد التعاليم والنصائح التي تمكّن الفرد من بلوغ حقيقة مؤداها أن البراهمن هو الطاقة التي تجدها وراء كل تعابير حياة الإنسان والطبيعة، ومن يصل إلى هذه الحقيقة يتجاوز الموت ويصل إلى الأبدية السامية. ومن التعاليم التي تؤكدها الأوبانيشاد أن الإنسان يتماهى مع بقية أرجاء الكون: أنا هو الذات/ الذات هي الحياة التي لا تموت/ انتصر على الأكوان/ أنا المملوء بالنور الذهبي/ الذين يعرفونني يحيون الحقيقة. وتطرح مجموعة من التساؤلات التي تبرز أهمية العناصر الخمسة الأولى: الهواء والنار والماء والأثير والأرض التي تتكون منها الموجودات كافة.وفي ختام الأوبانيشاد مجموعة ضخمة من الأسئلة والحوادث والقصص تجمع مفاهيم الديانة ومعتقداتها وحدودها وقوانينها وتفسيراته
    قال يماني ال محمد الامام احمد الحسن (ع) ليرى أحدكم الله في كل شيء ، ومع كل شيء ، وبعد كل شيء ، وقبل كل شيء . حتى يعرف الله ، وينكشف عنه الغطاء ، فيرى الأشياء كلها بالله ، فلا تعد عندكم الآثار هي الدالة على المؤثر سبحانه ، بل هو الدال على الآثار
  • نجمة الجدي
    مدير متابعة وتنشيط
    • 25-09-2008
    • 5279

    #2
    رد: كتاب " الأوبانيشاد " أقدم دستور ديني

    كذلك انقل لكم بعض كلمات الكاتب التونسي عبد السلام زيان

    منقول من موقع الجمعية العربية للمترجمين العرب


    كان ذلك منذ سنوات بعيدة عندما صادفتني كلمة "أوبانيشاد" لأول مرة بينما كنت في جولة دراسية في بلاد أرمينيا بالقرب من جبل العرارات (يقال إن سفينة نوح مدفونة داخله). كنت وقتها شابا يدرس الأديان والفلسفة. بمرور السنوات, وبتعمقي في البحث, اكتشفت مدى تأثير هذه النصوص التي كتبها حكماء الهندوسية منذ آلاف السنين بذلك الأسلوب البسيط ، كبار فلاسفة الإغريق كأرسطو وإفلاطون... إلى أبي مدرسة الإسكندرية إفلوطين المصري. كما أدركت تأثيرها المباشر على بعض فلاسفة العصر الحديث مثل شوبنهاور الذي قال: "إن ترجمة الأوبانيشاد الى اللاتينية سنة 1818 هو أكبر إنجاز لهذا القرن مقارنة بكل القرون الماضية ,.... الأوبانيشاد هم عزائي في الحياة وسيكونون كذلك في لحظة موتي". ناهيك عن الدور الذي لعبته هذه النصوص في تغيير مجرى حياة بعض شعراء الرومانسية الألمان, وعديد من كبار مثقفي أوروبا وقت ظهور ترجماتها إلى اللغات الغربية.
    هذه النصوص لم تعرفها اللغة العربية في أي عصر من عصورها كترجمة, بل ربما لم تسمع الثقافة العربية بها منذ العهد العباسي حتي اليوم, . فحس, الوثائق التاريخية التي توفرت لدي، أقدم محمد بن أحمد البيروني في العصر العباسي على ترجمة جزء من "بهاجافاد جيتا", ، ولكن لسوء الحظ ضاعت مخطوطته ولم يعثر عليها حتى اليوم. والبهاجافاد جيتا هو أحد الكتب المقدسة الرئيسية في الديانة الهندوسية, ، وهو ما كنت أعود إليه دائما, أثناء ترجمتي لنصوص الأوبانيشاد, ،لأتأكد من دقة المعاني وصحة التأويلات, ، مستعينا بعدد من الترجمات الغربية بلغات مختلفة وهي جميعها منقولة مباشرة من السانسكريت - لغة النصوص الأصلية.
    بقي أن أقدم اعتذارا مسبقا لمعتنقي الدين الهندوسي خشية أن أكون قد إرتكبت أي هفوة في تأويلي وترجمتي للأوبانيشاد, ، ولو حدث, ، فبدون شك, ، لم يكن ذلك عن قصد.


    تمهيد

    يبدو أنه لا يمكن عزل أي منطقة كانت تسمى بالعالم القديم عن المناطق الأخرى. لقد كان هناك اتصالات بين الفراعنة والصينيين وأهل بابل وآسيا ككل وشمال إفريقيا والمشرق منذ الأزمنة الغابرة. والعلاقة الدينية بين ما يسمى بالمشرق الإسلامي الحالي وآسيا قديمة جدا, ، حيث نرى مثلا في العهد البابلي حوالي ( 1600 ق م ) آلهة تحمل أسماء هندوسية. والغريب في الأمر أن السلالة الحاكمة في ذلك العهد كانت شرقية, . ورغم أن المنطقة لم تكن خاضعة لاحتلال خارجي، سواء من طرف العلاميين او غيرهم، فإننا نجد ملكا من الملوك يحمل اسم آلهة هندوسية بلغة السانسكريت "مارات", ونجد كذلك أن سكان المنطقة عبدوا الإلهة "شورياش"- بلغة السانسكريت سوريا, وهي الإلهة "شمس" أو "شمش". في ذلك العهد كانت بلاد فارس جزءا من الهند في عدة فترات (نجد عند أهل بابل مثلا اسم الله هو باجاش وبالفارسية نجده تحت اسم باجا) ونجد كذلك عند الحيثيين في ذلك العهد كثيرا من الآلهة المستوردة من الهند.
    يقول الهندوس إن دينهم أبدي وعالمي. وكلمة "الهند" هي كلمة فارسية, لكن بلغة السانسكريت اسمها "سندو", وقد أخذ الإغريق الإسم الفارسي ولقبوها بالهند, وأعطوا حتى للنهر الكبير المقدس الذي يتعمد فيه الهندوس نفس الإسم.
    من الصعب جدا الحديث يإطناب عن تاريخ الهند القديم إذ لا يمكن الإحاطة بالحقيقة التاريخية لهذه المنطقة مهما توفرت المعلومات عنها ومهما بلغت دقتها . هناك شعب فقط يقال إنهم السكان الأصليون للهند وهم شعب الـ "فيدا", وهؤلاء كانوا أقلية بجزيرة سايلون. أصبحت الهند الآن خليطا من الشعوب والأجناس.

    الكتب المقدسة :
    الكتب المقدسة الهندوسية قديمة جدا وكلها مكتوبة بلغة السانسكريت التي لا يحسنها إلا البعض من رجال الدين. تحمل هذه الكتب إسم فيدا أي المعرفة, وهي أهم كتبهم, وفيها يجد المؤمنون الهندوس منبع قناعتهم الدينية, وهي تعد المرجع الرئيسي للسلطة الدينية.
    تتكون هذه الكتب من جزءين: جزء نظري وجزء عملي تطبيقي. يحتوي الجزء الأول على معلومات عن الله والحقيقة السامية ويسمى بالأوبانيشاد, والجزء الثاني يحتوي على الأناشيد الدينية وقوانين الطقوس والحفلات الدينية وقوانين تخص الحياة اليومية.
    هناك أربعة كتب فيدا :
    1- "ريك فيدا" ويتكون من عشرة أجزاء تحتوي على ألف وثمانية وعشرين قصيدة, هذه القصائد يرتلها رجل الدين المكلف بتقديم القرابين هوتار(لهوتار من هو؟).
    2- كتاب "سامافيدا" وبه مجموعة من الأغاني يتم تجويدها بـحيث إن المغنين لا ينطقون بالكلمة دفعة واحدة, بل يقسمونها إلى عدة مقاطع.
    3- كتاب "ياجورفيدا" يتحدث عن الطب, كما أنه يتعلق بتقديم القرابين وطقوسها وكذلك حفلاتها وهو خاص بالبراهمن,
    4- كتاب "أتهرفا فيدا", وكتاب "أرانياكاس" أي كتاب الغاب, ويجب على الإنسان أن يقرأه عندما يكون وحيدا بالغابة, ويحتوي على فلسفة دينية سرية حيث يمنع منعا باتا الإطلاع عليه ولو في القرى الصغيرة, .و يتألف الكتاب من ثمانية وأربعين ألف بيتا من الشعر.
    ومن المهم أن نشير إلى أنه في هذا الكتاب قد تحدث عن البطل "راما" مع زوجته الجميلة "سيتا" وأخيه الوفي "لاكسمانا" يقومون بمغامرة في شكل رحلة عبر أدغال "ديكان" وكيف أن ملك جزيرة "سايلون" يحاول بخدعة ماكرة مضاجعة "سيتا". ويتمكن الأخوان من إنقاذها في آخر الأمر. ورغم أن "سيتا" أثبتت وفاءها لــ "راما" ومحبتها الخالصة له إلا أنه طلقها وطردها من حياته, وكجزاء له صار "راما" إلها وتناسخ روح "فيشنو".
    هناك أيضا كتاب "ماهابهادراتا" والبعض ينطقه "ماهابهاراتا", وبه مائة ألف مقطع من الشعر, يتكون كل مقطع من بيتين. يضم الكتاب إذن يبن صفحاته مائتي ألف بيت من الشعر. ويعتبر أضخم كتاب شعري من حيث المادة المتوفرة فيه. يحتوي هذا الكتاب على أسطورة سلالة "بهاراتا" التي كانت تحكم البلاد و نجد بطل الأسطورة المنجم "فياسا" وابنيه الاثنين: الضرير فاقد البصر والذي أنجبت زوجاته مائة ولد وبنت, وابنه الآخر "باندو" (أي الشاحب الهزيل) والذي أنجبت زوجته خمسة أولاد تزوجوا كلهم بنفس المرأة. ويتصارع أبناء العم أي أبناء الضرير وأبناء أخيه ويدخلون في معارك دامية تنتهي بموتهم جميعا وبعد موتهم يحشرون في نوع من أنواع جهنم (انظر الى فرجيليوس ودانتي وهوميروس وأبو العلاء المعري وبعدها يستقرون في سماء إندرا, وهناك ينتهي عذابهم.
    الترجمة الحرفية لـ "أوبانيشاد" هي : أن تجلس عن قرب بخشوع, وهذا يعني التلميذ الذي يجلس بكل إحترام أمام معلمه ليتلقى منه العلم.
    تعني كذلك كلمة أوبانيشاد : المذهب السرّي (التقية مثل الدروز), ويقول الهندوس إنه سري لأن به أفكار لا يستوعبها الا من بلغ مرحلة متقدمة من النضج الروحي.
    نجد كذلك "سهانكارا" ذوا الشهرة الواسعة، يقول إن كلمة أوبانيشاد تعني : علوم عن البراهمن.. العلم الذي يكسر قيود الجهل ويقود الى الحرية السامية.
    إن الوثائق التاريخية والنصوص التي بحوزتنا لا تمكننا من حصر الأشخاص من فلاسفة أو مؤرخين الذين كتبوا عن الأوبانيشاد.
    إلا أننا توصلنا حاليا لتعداد وجرد مئة وثمانية ومما تجدر ملاحظته أن هذه الكتابات أو الأدبيات اختلفت من حيث غزارة المادة أو من حيث الشكل. فمنهم من اختار شكل قصائد ومنهم من كتب في شكل نثر, ومنهم من مزج الشعر بالنثر.
    ويتمادى الإختلاف ليشمل محتوى النصوص في نفس الكتاب, . حيث إننا نجد في بعض الأماكن حوارات وحكايات بسيطة جدا, وفي أماكن أخرى نجد نصوصا نظرية فلسفية. على أنه يمكننا الإقراربوضوح أسلوب الأوبانيشاد , حيث إنهم ينقلون الإنسان من موضوع جدي يبحث في كل ما هو باطني مباشرة, إلى حكاية صغيرة سهلة الفهم, ويقال إنهم يقومون بذلك عمدا حتى لا يقلقوا التلميذ.

    من هم الأوبانيشاد؟ لا نعرف عن حياتهم إلا النزر القليل وحسب "سهانكارا" هناك من نعرف أسمائهم وهم : إيشا , كينا , مونداكا , كاتها , براسما , ماندوكيا , تايتيريا , أئتيريا , شاندوجيا , لبريهادارانياسكا , كايفاليا وسفيتاصفاتارا , وهؤلاء يعتبرون المراجع الرئيسية بالنسبة للهندوس. كما تعتبر كتب الفيدا, بجانب عدة كتب أخرى, كتبا مقدسة للهندوسي, وكل حرف بها مرتبط بالبراهمن


    الآلهة :

    للهندوس حوالي ثلاثة آلاف إله, وسنتناول بالذكر بعضا منها فقط لأنه في العقيدة الهندوسية هناك آلهة كاملة وأنصاف آلهة وأرباع آلهة... الخ. ولهم ما يسمون بالثلاثة, وهم الذين خرجوا من بيضة الكون التي وضعها الأعلى أو السبب الأول :

    الفرق بين براهم وبراهمن وبراهمين :

    1- براهم هو الخالق, وهو الإله الأول من بين ثلاثة آلهات يليه "فيشنو" الذي مهمته التغذية والبناء و "شيفا" الذي يهدم ويحطم (أي الشيطان).

    2– براهمن : وهو المطلق, والقائم بذاته, و الحقيقة العليا, . و براهمن خال من كل الصفات (نيرجونا براهمان) ولا يمكن الحديث عنه بالكلمات.

    وفي الأوبانيشاد يستعملون كلمة “هو” عندما يتكلمون عنه... يقولون إنه مثل البحر, حيث نجده مرة هادئ ومرة هائج بأمواجه, لكنه نفس البحر ونفس الماء...البراهمن الذي ليس له حدود وليس له شكل, عندما يأخذ شكل الله وروح الكون ويخلق ويغذي ويهدم, يصير اسمه “ساجونا براهمان” أي براهمن صاحب الخصال والأوصاف ... جسد البراهمن هو الروح, شكله هو النور, أفكاره هي الحقيقة.




    يقول الأوبانيشاد إن من يعيش هذا الشعور بالبراهمن الأعلى لن يولد مرة أخرى في عالم جاهل ... ويقولون عندما يكتشف الإنسان أن المكان والزمان وأسباب الحركة الأولى كلها خدع وأنها لا وجود لها, يتحرر من كل المفاهيم الضيقة ومن قيود الجهل, وهذا لا يعني أنه لن يكون موجودا أو أنه لن يشعر بالوجود بل سيصير واحدا مع البراهمن. ويقولون : هنا يستيقظ الإنسان من الحلم الذي كان يعيش فيه ويدخل عالم الحقيقة المطلقة.


    3 – براهمين :
    المجتمع الهندوسي ينقسم إلى عدة أقسام :
    ا – براهمين : رجال الدين ويدعون أنهم أبناء الآلهة وأنهم مقدسون ويفعلون ما يحلو لهم
    ب – كشاتريا : رجال الحرب
    ج – فايشيا : التجار وملاك الأراضي
    د – شودرا : الخدم وأصحاب الحرف كالنجار والبناء…الخ
    ه – شاندالا : الذين لا ينتمون إلى “الكاست” أي نظام الطبقات, أي غير الطاهرين

    الله الأعلى أبدي, لم يخلق, هو الذي يوزع النور والأشعة وهو منبعهم.

    والآلهة هناك من خلقها وتخضع لقانون الولادة والموت مثل كل الكائنات الحية لكنهم يعيشون حياة طويلة جدا مقارنة بالبشر.

    بعد موت الإنسان الذي لم يفعل الشر, تطير روحه إلى السماء, التي هي مسكن الآلهة, هناك يعيش معهم حياة كلها رفاهية, لكن عندما تفرغ الكارما الطاهرة التي تحصلوا عليها, يموتون ويولدون من جديد كبشر.. فقط كإنسان يمكن للشخص أن يتحرر من الولادة والموت.

    فيشنو : الذي يحافظ على المخلوق.

    شيفا : المدمر أو الذي يقوم بتحطيم كل شيء (شرير حسب ما فهمت أو الشر نفسه).

    هانومان : نصف إنسان برأس قرد ( وهو الذي يساعد راما في إنقاذ سيتا).

    أديتيا : مهمته الحكم (فارونا, ميترا).

    رودرا : مهمته الحرب (إندرا, أجني).

    فاسو : مهمته التغذية (أسفينس).

    أوشاس : إلهة الصباح الباكر, والتي جمعت كل الكتب المقدسة ومهمتها إمداد الكائنات الحية بالهواء للتنفس.

    شيساناجا : الأفعى الكبيرة النائمة ببحر من حليب وعليها يجلس "فيشنو" لينال راحته (أو نارايانا).

    سيتا : هي زوجة "راما" , اختطفها "رافانا" الذي تناسخ روح "فيشنو" , وسيتا تناسخت روح سيري (في بعض الأحيان نجده يحمل إسم لاكشيمى).
    امريتا : نوع من الشراب خاص بالآلهة لكي تكون محصنة ضد الموت.

    بعض المصطلحات(حسب ما فهمت) :

    قانون الكارما :
    الكارما حسب ما فهمت تعني سلسلة أعمال كل كائن على هذه البسيطة, والتي لها تأثير كبير على تناسخاته المتتالية. أي أنها حصيلة الأعمال التي يقوم بها الإنسان في حيواته السابقة (يقولون إن الذنب يمكن أن يأتينا من الآلهة التي يمكنها أن تذنب)


    لكن هناك جناح آخر من الهندوسية يمكن لي أن ألقبه بيسار الهندوسية أو المعتزلة عندهم, نجدهم لا يعترفون بنتائج الأعمال أو قانون الكارما. فنجد مثلا الشاعر “بهارتريهار” الذي عاش حوالي 600 م يقول :

    ننحني إجلالا أمام الآلهة, لكنها هي الأخرى تخضع لقانون وسيطرة هذا القدر اللئيم … إذن هل يجب على الإنسان عبادة القدر؟؟؟ لا, حتى القدر لا يجازي إلا على الأعمال التي هي مقررة .. مادام أجر الأعمال التي نقوم بها هو نتيجة الأعمال المقررة من قبل, فبماذا ستنفعنا الآلهة أو المصير؟؟؟ (المرجع مقطع من قصيدته
    ونرى "ماهابهاراتا" يقول : يدعي “يانالفاكاياس” في كتابه (القانون) أن المصير مرتبط بنتيجة أو حصاد الأعمال التي قام بها الإنسان في الحياة التي عاشها قبل الحياة التي يعيشها الآن, يقول مهابهاراتا إن المصير تحول من سلطة غامضة إلى مبدإ قانوني يحكم ويشرع.

    اليوجا :
    أي الإجتماع بالله أو البراهمن أو الخالق. يقولون إن أسرع الطرق إلى اليوجا هو الولاء الكامل لله. الله هو روح بعيد عن التحول ولا يخضع للتغييرات.

    عند الله المعرفة ليس لها حدود, لكن ما يصل إليه الإنسان من معرفة لا يزن ذرة. الله ليس له حدود زمنية, إنه أكبر من المكان والزمان حسب فهمنا.

    عن أسطورة الخلق يقول البعض :
    الكون ليس له بداية ولا نهاية, ولا توجد آلهة خلقت الكون, وكل كلام عن البداية والنهاية وكيفية الخلق الأول للكائنات والأرض والكون لا يعدو أن يكون مجرد حشو وثرثرة.. ويقولون إن ما نسميه نحن خلق وموت ما هو إلا تحويل الطاقة إلى أسماء وأشكال (ناماروبا).

    حول الشر يقول نيكهيلالاندا :
    منبع الشر هو الإنسان ولا أحد غيره… ويقول: إن ما نسميه الذنب هو فقط الأخطاء التي نرتكبها نتيجة افتقادنا للمعلومات عن الحقيقة وجهلنا بها.
    ماهاتمان : أي روح أو نفس العالم . يقولون إن النفوس كلها هي نفس واحدة وليست خاصة بالإنسان فقط , حتى الحيوانات لها نفوس تماما مثل البشر, كما أن هناك إلها يقول إن النفس خاصة بالبشر فقط فهو المجرم وهو الأسوأ والأدهى من الشياطين ..

    الخلاص “موكتي” هو التحرر من الجهل. الإنسان يجب عليه أن يخترق الحد أو الجدار الذي بناه حول نفسه كما يجب عليه أن يكتشف طبيعته الأصلية الكونية التي ليس لها حدود. ويقال إنه عندما يكتشف الإنسان توحده مع الحياة يتغلب على الحزن وعلى الموت.

    ونرى مثلا أن "فيفيكاناندا" يقول: روح حرة وكاملة لا يمكن أن تكون لها أمنيات. الله ليس له أي أمنية .. عندما يتمنى الله شيئا فهو ليس بإله .. إن كانت له أماني, فهو ليس بكامل, وهذا سبب قولهم إن الادعاء بأن الله يغضب أو يتمنى أو يريد هذا أو ذاك عندما يرى التحول, ما هو إلا كلام صبيان لا معنى له.

    ليس لله شخصية, ولو كان الله شخصا له أوصاف, فذلك معناه أن هناك شيطانا. ويقولون إن العالم ما هو إلا خليط من الخير والشر والأفراح والأحزان والحياة والموت, أي أن العالم لا يحقق وجوده بغير توفر كل ما هو متقابل فيه…الخ, ويقولون إن الذين يؤمنون بالله معتبرين إياه شخصا هم الذين ينتمون إلى ديانات بدائية مازالت في بداية تطورها.

    المتضادات :
    يقولون إن المتضادات لم يكن لها وجود. هناك شيء واحد وكائن واحد (إكا) تنفس لكن لم يكن له نفس في نفسه .. المادة الأولى هي الماء, وكل شيء كان ماء.
    أناندا : السعادة الروحانية
    أريان : الذي يعيش حسب تعاليم كتب الفيدا
    أسورا : الذي يقف ضد تعاليم الرب
    أفيديا : الجهل
    بهاكتا : مخلص لله
    بهاكتي : الخدمة بكل إخلاص للمعبود الأعلى
    بهافا : النشوة أو الحالة التي يصلها الإنسان بحبه الخالص للرب
    ديفا : نصف إلهة أو إنسان تقي جدا
    ديانا : تأمل
    جاندارفاس : الموسيقى والأغاني السماوية لنصف الآلهات
    جسفاني : الإنسان الذي يسيطر السيطرة الكاملة على حواسه
    جوناس : الخصال الثلاثة للعالم المادي – 1 الخير - 2 التألم - 3 الجهل
    جيفا : الذات الشخصية الأبدية
    كالي يوجا : زمن النفاق والإضطرابات الذي بدأ منذ حوالي 5000 سنة وسيتواصل 432000 سنة قادمة
    ماهاتما : النفس الكبرى, أي الإنسان المتحرر والمدرك بكريشنا
    موني : حكيم
    نيرفانا : التحرر من الوجود المادي
    بريما : طاهر, عفوي, مخلص للحب الإلهي
    دارما : الحقيقة, الأخلاق, الواجب, النظرية, أسس الدين, القانون
    جونا : الخيط , حسب الثنائية عند فلسفة “سامخيا” نجد أن “براكريتي” أي الطبيعة أو المادة بها ثلاث خصال أولية:
    1– ساتفا : التوازن, الخير, التواضع
    2 – راجاس : الرغبة والتألم
    3 – تاماس : البخل والتهور والتشدد واللؤم
    هذه الخيوط الثلاثة هي التي تربط الإنسان بالعالم النسبي

    جورو : المعلم الروحي أي مدرس الدين, ويلقبونه بـ “جوروديفا” أي المدرس المقدس. والعلاقة بين المدرس او المعلم وتلميذه “سيشيا” علاقة وطيدة جدا, وكتبوا عنها الكثير, المعلم هو همزة الوصل بين المعلم الذي علمه وبين تلميذه, والتلميذ يرى أن معلمه هو الإبراهمن بعينه. ومن عادة المعلم ألا يحاول الضغط على التلميذ لأن يتخلى عما في حوزته من مفاهيم, بل يبني على تلك المفاهيم كل ما هو روحاني لكي لا يشعر التلميذ بأنه تخلى عن شيء واحد من قناعاته, ويبقى التلميذ وفيا لمعلمه إلى أن يصل درجة التوحّد مع البراهمن.

    أتمان : الشاهد الساكن الأبدي داخل كل الكائنات, في قلب كل شيء مهما كان, وهو الوعي الفردي الذي هو واحد مع البراهمن - الوعي الأعلى والمطلق. مثل الشرارة تصير هي النار.

    بريهاسباتي : معلم الألهة , معلم الحكمة , الطهارة الكاملة , والخطابة

    موكاشا : التحرر الروحي الاخير, ويحيا الإنسان هذه اللحظة عندما يعي أن "أتمان" والبراهمن هما واحد. هذا يعني أن الأنا الفردية هي واحد مع الأنا الكبرى, هذه المعلومة لايصلها الإنسان عن طريق المعرفة والكتب, لكن عن طريق حياة طاهرة والتأمل. وموكاشا هي تجربة مباشرة, في هذه التجربة تذوب كل الشكوك والتوترات, كل من يصل الى التحرر لن يُقيّد مرة أخرى, وفي هذه الحالة يتحرر الإنسان من النقص ومن محدوديته, ويتحرر من الولادة والموت. ويصل الإنسان الى موكاشا, إما في الحياة أو في لحظة الموت, إن جعل موكاشا هدفا له في نضاله. وعندما يصل الإنسان الى موكاشا تصير ذاته واحدا مع ذات البراهمن.
    كل الكائنات تصل أخيرا الى موكاشا والعذاب الأبدي ينتهي.
    رِجل البراهمن (أو قدم) البراهمن : برواية ساتياكاما نجد أن الكون يتكون من ستة عشر جزء, و نجد أن ساتياكاما يجب عليه أن يتأمل في الجزء الأول من أربعة 1\ 4 وهو :
    البراهمن يسكن بالشمال والجنوب والشرق والغرب
    ونجد أن ساتياكاما يجب عليه أن يتأمل في المليء بالنور وهذا الجزء الثاني من أربعة :
    البراهمن يسكن بالأرض والسماوات والبحار والكون
    الربع الثالث من قدم البراهمن التي يجب على ساتياكاما التأمل فيه هو الذي بلا حدود :
    البراهمن يسكن بالنار والشمس والقمر والبرق
    الربع الرابع من قدم البراهمن الذي يجب على ساتياكاما التأمل فيه هو المشع :
    البراهمن يسكن بالتنفس وبالعين وبالأذن وبالحاسة


    الهندوسية قسّمت الحياة إلى أربعة اقسام :

    1 –براهماشاريا : تعني أن الولد يعيش حياة تقشف أو تصوف مع معلمه, واجبه هو دراسة الكتب المقدسة وتعلم كيفية تقديم القرابين والمحافظة على النار مشتعلة دائما. وعندما ينهي دراسته, يجب عليه أن يعمل ويتصرف حسب ما درسه وحسب معلمه. (في العهد القديم كانت البنت كذلك يمكن لها دراسة الكتب المقدسة مثل الولد).
    2 – جارهاستيا : تعني تكوين العائلة وهنا يجب على الشاب وزوجته تقديم القرابين معا ودراسة الكتب المقدسة وترتيل الأغاني الدينية والمشاركة في العمل الديني والسياسي.
    3 –فانابراتها : عندما يكبر الإنسان ويظهر الشيب برأسه وتظهر التجاعيد بوجهه, يجب عليه أن ينسحب مع زوجته إلى الغابة ويترك مسؤولية العائلة لأحفاده.
    4 – سانياسا : المرحلة الأخيرة وأهم مرحلة في حياة الهندوسي, هي عندما يتخلص ويتحرر الإنسان من كل شيء يربطه بالحياة فيتحول الهندوسي إلى سانياسين:
    أي أن الإنسان لم يعد في حاجة لعبادة الرب برموز باطنية أو ظاهرية. إنه يعايش مباشرة كل شيء حي ويصير جزءا من كل الكائنات, ويعيش متسولا على ما يقدمه له الآخرون. في الحقيقة فلسفة الأوبانيشاد موجهة لهذه المجموعة التي تحررت من كل شيء.
    الأوبانيشاد تكلموا عن المعايشة المباشرة للرب التى تحرر الإنسان من روابطه بهذا العالم النسبي. كل فترة في الحياة لها واجباتها والتزاماتها, وبكتب الفيدا نجد أن الإنسان ليس في حاجة لأن يتبع فترات الحياة, ويمكن له في مراحل حياته الأولى أن يتخلص من كل شيء ويعايش الرب ويصير جزءا من كل الكائنات



    الجزء الأول

    كاتا والموت


    عسى أن يحمينا البراهمن
    عسى أن يدلنا على الطريق
    عسى أن يمنحنا القوة
    عسى أن يلهمنا الفهم الصحيح
    عسى أن يسود الحب والوئام بيننا
    أووم ...
    سكون .. هدوء .. صفاء


    كان فاياسرافاسا يقوم بشعائره الدينية عن طيب خاطر طلبا رضاءالآلهة
    طلبت الآلهة منه , لكي تغض عنه الطرف ,
    أن يتخلى عن كل ممتلكاته
    وأن يتقرب إليها ويقدم لها قرابينا
    لا يكون بينها ماشية هزيلة أو عمياء أو عرجاء أو مسنة أو عقيمة.
    اعتبر إبنه الصغير ناخيكيتا نفسه مِلكا لأبيه فاجاسرافاسا
    وإذ غمرت الحقيقة التي يتعلمها الناس مــن الكتب قلبه ..
    فكر في سريرته وقال :
    من يقدم الماشية الهزيلة كقرابين لن يعرف النور
    وسيحكم عليه بالمكوث في السواد والظلام الشامل .
    تدبر ناخيكيتا في الأمر ..
    وقرر أن يهب نفسه لأبيه يتصرف فيه كما يشاء
    قال :
    يا أبت , إني أهبك نفسي فافعل بها ماتشاء
    ستجدني من المطيعين الممتثلين
    فلمن تهبني ؟
    لزم الأب الصمت ولم يرد
    تشبث الإبن بالأمر وألح في السؤال
    و أعاده مرارا إلى أن فقد الأب السيطرة على نفسه وقال :
    أهبك إلى الموت (أي إلى إلهة الموت)
    تساءل الإبن في صمته :
    إني أفضل أبناء أبي وأحسن تلاميذه وأكثرهم قبولا عند الناس
    فما فائدة أن أصبح قربانا لملكة الموت ؟
    رغم هذا التساؤل ..
    اتخذ الإبن قرارا بألا يعصي أباه وأن يمتثل لأوامره
    قال :
    يا أبت لا تندم
    لا تتراجع عن عهدك
    تدبر مليا كيف مرت الحياة وانتهت من قبلنا
    تأمل كيف تمضي الحياة وتنتهي من يعيش الآن
    يا أبت إن الإنسان ينضج كما تنضج الحبوب
    ويسقط منه كما يسقط منها على الأرض
    فإذا ما حان موعد هذا الذي سقط ..
    طفا ونبت من جديد .
    بعد أن قال الإبن ذلك لأبيه
    توجه إلى مسكن إلهة الموت
    لم تكن إلهة الموت هناك
    ترقب ناخيكيتا ثلاث ليال إلى أن قدمت إلهة الموت
    عندما وصلت , استقبلها الخدم وأخبروها :
    يوجد براهمين بمسكنك
    نزل ضيفا منذ ثلاث ليال بينما كنتِ غائبة
    هو أشبه ما يكون بقبس من نار
    فلنقدم له هدية سلام
    فالطقوس تنص على أن تستقبلي ضيفك الاستقبال الحسن
    فإذا لم يستضف رب البيت البراهمين ضيافة تليق بمكانته ..
    خسر خسرانا مبينا .
    استقبلت إلهة الموت الإبن بكلماتٍ كلها احترام وتقدير
    قالت :
    سلامي لك أيها البراهمين
    لا ريب أنك تستحق كل الاحترام
    أتوسل لك أن لا يمسسني شر
    لقد قضيت ثلاث ليال بمسكني دون كرم مني
    فاطلب مقابلها طلبات ثلاثة ..
    إني مدينة لك بما تطلبه
    أجاب الإبن قائلا :
    ليكن ذلك يا موت
    طلبي الأول :
    أتوسل إليكِ ألا يصاب أبي بهلع من أجلي
    وأن يزول غضبه عني وأن يعرفني ويستقبلني يوم تردينني إليه .
    ردت إلهة الموت قائلة :
    بإرادتي سيتعرف أبوك عليك ويحبك مثلما في السابق
    ستصير نفسه مطمئنة
    وينام هانئا عندما تبعث حيا
    رد الإبن قائلا :
    بما أن الموت غير موجود هناك ..
    فبحق السماء لا تجعلي الخوف مسيطرا
    لا تجعلي أحدا يخشى أن يصير عجوزا
    لا تجعلي أحدا يجوع أو يعطش
    اجعلي الجميع يشعر بالغبطة والفرح ..
    اجعليهم يعيشون بعيدا عن الحزن والتألم
    يا ملكة الموت ..
    يا من تعرفين النار التي تقدم كقربان للوصول إلى السماء
    علميني كيف أستعمل هذه النار
    إني واهبك نفسي وإني لمفعم بالإيمان
    هذا هو مطلبي الثاني .
    وافقت إلهة الموت على هذا الطلب
    وعلّّمت الإبن كل ماله علاقة بتقديم النار كقربان
    كرّر الإبن كل ما تعلمه
    وصاحت إلهة الموت إني راضية عنك
    إني أهبك هدية أطلق عليها من الآن إسم "قربان ناخيكيتا”
    فما هو طلبك الثالث ؟
    سيطر الإبن على نفسه وقال :
    طلبي الثالث هو :
    أن ترفعي الشك والإرتياب الذي يصاحب الناس عند موتهم
    فمن قائل بالبعث والحياة بعد الموت ..
    إلى قائل بعدم الحياة بعده
    ألهميني ما ترينه من حقيقة في هذه المسألة
    ردت إلهة الموت قائلة :
    الآلهة ذاتها احتارت من هذا الحدث الغامض
    من الصعب الحصول على هذه الحقيقة أو فهمها
    تخل عن هذا الطلب واطلب شيئا آخر
    تشبث الإبن بطلبه وقال :
    تقولين يا موت إن الآلهة ذاتها احتارت في هذا الأمر الغامض
    وإنه ليس من السهل فهم الموت
    أنا واثق أنه لا يوجد معلم غيرك قادر على تعليمي هذه المسألة
    ويشرح لي هذا الحدث الغامض
    أنا واثق أيضا أنه لا وجود لهدية أثمن من الجواب عن هذا السؤال
    وأي طلب أخر ثمنه تفويت الإجابة عن هذه المعضلة .
    أرادت إلهة الموت أن تجرب الإبن فقالت :
    اطلب ذرية وأبناء يعيشون مئات السنين
    اطلب ماشية وفيرة
    فيلة
    خيولا
    ذهبا
    اختر مملكة قوية
    اطلب إن أردت حكما مطلقا
    اطلب أي شيئ تريده لتنعم بالحياة
    إني مستجيبة لك بكل ما تطلبه
    مستجيبة لك حتى بجزء من السماء بجواري رغم كونها لم تجعل للفانين ..
    لكن لا تطلب جوابا عن سر الموت
    أصر الإبن وازداد تشبثا وقال :
    يا موت إن ما ستعوضين به طلبي ..
    وما ستقدمينه لي من نعم بدل سؤالي عن الموت ..
    جميعها أشياء فانية لن تمتد في الزمن
    لن يتجاوز نعيمها صباح الغد
    إن ما تقدمينه للتنعم والتلذّذ بالحياة يُرهق ..
    بل يحطم النفس والحواس
    احتفظي لديك بالرقص والغناء والجواري واجعليها لك
    ياموت إنه - وإن يطلب كل الذين سنتقابل معهم وجها لوجه - كل الملذات ..
    فلن أتنازل عن مطلبي ولن أغيره
    وكيف يمكن لي أن أطلب طول حياة وقد رأيت أن الذي بمملكتكم لا يتحول ولا يموت ..
    في حين تريني أنا الذي عرفت ملذات الجسد ..
    أسير نحو الموت
    افش لي ياملكة الموت هذا السر الذي ترك الإنسان محتارا وفكر فيه دوما
    ليس لي طلب أخر غير هذا الذي أطلب .
    سُرّت ملكة الموت وبدأت في تعليمه السّر ..
    قالت :
    إعلم أن هناك فارقا بين الرغبة في إشباع الحواس وبين الخير الأسمى
    كلاهما يحركان الإنسان للنشاط والعمل
    لكنهما ينتهيان إلى أهداف مختلفة
    فكما يمكن للإنسان أن يشبع رغباته الحسية ..
    يمكن له كذلك أن يصل إلى مرتبة الخير الأسمى
    الحكيم من استطاع أن يميز بين هذين الأمرين ..
    فيتشبث بالطيبة والخير الأسمى ..
    ويتخلى عن الشهوات الحسية
    والجاهل الأحمق من ترك الرغبات الحسية تسيّره
    وأردفت ملكة الموت للإبن قائلة :
    أنت الذي لم تفتن بالشهوات وأعرضت عنها رغم وفرتها
    أنت الذي تخليت عن السير في ركاب الجهلة وسموت بنفسك عن سبيلهم المهين
    أنت الذي لم تخدعك كثرتهم ولم تنقاد بآرائهم المشينة
    إن الحمقى والمخدوعين يعيشون في سجن أنانيتهم
    يظنون أنهم حكماء وما هم بحكماء
    يحيط بهم الجهل وهم لا يعلمون
    عُمي يقودهم عميان
    الجهل والمعرفة يختلفان وطرقهما تختلف
    وإني لأراك من الذين ينشدون طريق المعرفة
    إن الطريق الذي يقود إلى الأبدية ليس في متناول العامة
    إذ لا يدرك هذا الطريق صبي غض إنجذب إلى الأرض قائلا :
    هذه هي حياتنا وهذا هو كوننا ولا وجود لعالم غيره .
    هكذا يظن ..
    فتراه في كل مرة ينزل فيها إلى الأرض ..
    يعود إليها مردودا بأفواهي
    الكثيرون لم يعوا معنى الذات ولم يدركوها ..
    رغم سماعهم بها
    فهنيئا للذي أدرك معناها
    إعلم أن حقيقة الذات لا يمكن فهمها أو إدراكها من خلال تعليم معلم
    إنها تحتاج إلى تبصر وتـأمل
    والنتيجة بين التعلم والتبصر ليست واحدة
    هنيئا لك يا بني لأنك تبحث عن الأبدي
    كم أرجو أن يكون لي تلاميذ من أمثالك
    إعلم أن خزائن الأرض زائلة زوال صباح الغد
    ألم أقدم بنفسي قربان النار لأحقق أمنية أن أصير ملكة الموت ؟
    ألم يكن القربان سريع الزوال ؟
    ألم تكن المكافأة محدودة وحكمي لن يدوم طوال الزمن ؟
    إن الغاية الأساسية لكثير من الناس في شقائهم وعملهم على الأرض
    هي الحصول على الذهب
    أمنية السعادة السماوية لا تحضرهم إلا لحظة القيام بالشعائر الدينية فقط
    لقد سموت بنفسك يا بني عن كل هذا
    واخترت طريقا مخالفا حتى تدرك ما “به” يكون ” الأصل”
    الأصل هو الروح التي تختفي في عمق القلب
    والحكيم وحده هو الذي يقطع طريق التأمل ..
    فيتحرر من الإستمتاع ويتحرر من الألم
    الإنسان الذي يدرك أن النفس منفصلة عن الجسم وعن عالم الحواس
    الإنسان الذي يعايش الحقيقة الداخلية التي هي الجوهر ..
    هذا الإنسان يعي ذاته ويمتلئ غبطة ً وفرحا
    إنه يعثر فعلا على مصدر الهدوء والسكينة
    يقينا يا بني ..
    بنهجك هذا , ستظل أبواب الغبطة مفتوحة لك
    رد الإبن قائلا :
    سألازمك يا ملكة الموت كي تعلميني كل ما تعرفينه :
    ما وراء الخير والشر
    السبب والنتيجة
    ما وراء الماضي والحاضر والمستقبل
    ردت ملكة الموت :
    سأقول لك باختصار :
    إن كتب الـفيدا قد بلّغتنا أن أساس كل نضال للتعبد هو أووم
    ذلك المقطع اللفظي هو البراهمن
    إنه يقينا الأعلى
    من يدرك معنى أووم يبلغ كل أمانيه
    أووم ..
    السند الأقوى
    هي أعلى صورة للحواس
    مَثل الذي يدركها كمَثل الذي يشعر بوجود البراهمن
    أووم هي صورة حواس الذات
    هي الله
    هي الأصل
    الواحد الذي لم يولد
    أبدية
    لا تفسد
    ليست السبب
    ولا هي النتيجة
    لا تموت رغم زوال الهيكل الجسمي
    إن ظن القاتل أنه يقوم بفعل القتل ..
    وإن ظن المقتول أنه ميت ..
    فإنهما لا يعرفان الحقيقة
    الذات لا تموت ..
    ولا يمكن قتلها
    هذه الذات التي هي أصغر الأشياء صغرا
    وأكبرها حجما ..
    تسكن في كل القلوب إلى الأبد
    تسافر بحرية حتى لو كانت ساكنة
    تضع كل شيء في سيرورة وحركة ..
    حتى لو كانت في حالة استرخاء وراحة
    الإنسان الذي تحرر من الرغبة ..
    يصبح وعيه طاهروكذلك حواسه
    يكسب صفاء الذات
    لا يصاب بالأذى ولا بالحزَن
    الأكثر طهرا بإمكانه معايشة هذه الروح الأصيلة التي هي الابتهاج ..
    وهي ما وراء الابتهاج
    هي بغير شكل ومسكنها ذو شكل
    هي بين كل شيء يسير ويطفو
    هي الباقية
    الأبدية
    المتعالية
    المتوغلة في كل شيء
    من يشعر بكونها مخلوقة ..
    لن يجني إلا الحزن والأسى
    إدراكها لا يتم عن طريق دراسة وكتب ..
    ولا عن طريق الإدراك الحسي أو التحصيل المعرفي
    الإنسان الذي لديه شوق إليها هو الذي يعرفها
    له تكشف النقاب عن حقيقتها
    الإنسان الذي لا يتجنب فعل كل ما هو شر
    الذي لا يسيطر على حواسه
    الذي لا يستطيع تهدئة ما بداخله
    الذي لا يستطيع التمرن على التأمل ..
    لن يتمكن من معرفة الذات
    بالنسبة لهذا الإنسان ..
    ليس البراهمن وكشاتاريا إلا غذاء
    بالنسبة له ..
    ليس الموت إلا بمثابة التوابل
    مسكن الذات هو عمق القلب
    هو المسكن الأعلى
    الذين يعرفون البراهمن ويقدمون النار قربانا ..
    هم الذين يدركون الخيط الفارق بين الظل ولا الظل
    عسى أن نقدم قربان ناخيكيتا التي هي جسر فوق عالم الألم
    عسى أن نعايش البراهمن الذي لا يزول
    البراهمن الذي هو خال من الخوف
    الذي هو الهدف
    الذي هو الملجأ لمن يبحث عن الحرية
    إعلم أن الذات هي الفارس والجسم هو العربة
    أن الإدراك هو السيطرة على القيادة والحواس هي اللجام
    الحكيم يعتبر أن الحواس هي الخيل
    وأن الطرق التي تقطعها ..
    هي الممرات التي يهيمون فيها والتي تمثل الرغبة
    فإذا ما اتحدت النفس مع الجسد والحواس ..
    يعتقد الحكيم أن الذات بلغت سعادتها
    اعلم أن الإنسان الذي يفتقر للتمييز ..
    الذي لا يستطيع السيطرة على ما بداخله ..
    تنفلت منه الحواس ولا يستطيع قيادتها
    ومن كان قادرا على التمييز وعلى السيطرة ..
    تطيعه الحواس ..
    ويتحكم بذلك في اللجام .
    من خلا قلبه من الطهر ويفتقر إلى التمييز ..
    لا يمكن له بلوغ الهدف
    ويولد المرة تلو الأخرى
    وحده طاهر، القلب الذي يميز بين النفس و الجسد
    وحده طاهر ، القلب القادر على بلوغ الهدف ..
    ولن يبعث بعدها مرة أخرى
    اعلم أن البراهمن هو نهاية الرحلة
    هو الهدف الأسمى
    النفس مختفية في أعماق كل الكائنات
    غير واضحة للجميع
    إلا أنها النور الذي ينبلج لذوي القلوب الطاهرة ..
    للمتميزين في أعماقهم
    لهؤلاء فحسب يكون البراهمن واضحا
    اعلم أن الحكيم من جعل حواسه تطيع عقله
    وجعل عقله يطيع وعيه
    وجعل وعيه يطيع ذاته
    وجعل ذاته الفردية تطيع الذات الكبرى
    إنهض ..
    استيقظ ..
    إقترب من أقدام المعلم
    تمعن كيف تدرك الذات
    إحذر ..
    فالطريق بالنسبة للحكيم مثله مثل حدّ السكين ..
    شائك
    من الصعب تخطيه أو الدوس عليه
    الذات هادئة
    بدون صوت
    بدون شكل
    بدون مذاق
    بدون رائحة
    بدون بداية ولا نهاية
    لا يمكن الإمساك بها
    أبدية لا تتغير
    إنها هناك وراء الطبيعة
    من يدركها يتحرر من الموت
    وقالت ملكة الموت :
    الحكيم هو ذاك الذي يدرك أن الذات أبدية فلا يعبأ بما هو زائل
    الحمقى والمجانين هم من تحركهم الشهوة
    فيسقطون في حبل مشنقة الموت المرة تلو الأخرى
    الله الموجود في كل مكان ..
    هو الذي يهب الإنسان الذوق
    الشم
    السمع
    الحس
    الشعور بالبهجة
    يقينا ..
    من كان واعيا بالنفس التي لا تزول ولا تفنى ..
    يكون واعيا بكل الأشياء
    بالنفس يعيش الإنسان في اليقظة وفي النوم
    من يعي بها لا يفجع أبدا
    ومن يرى الولادة الأولى - التي هي في حاسة البراهمن والتي كانت قبل خلق الماء-
    ويرى أنها تسكن بلوتس القلب
    وأنها حية بين المواد الأولى للجسم ..
    يستطيع بالفعل رؤية البراهمن
    ذلك أن هذه الولادة الأولى هي ولادة النفس التي لا تموت
    أجْني يبصر كل شيء موجود ..
    وهو مختف في وقود حجر الصوان
    مثله مثل الجنين الذي وضع في قرار مكين
    أجني الذي يُعبد من قبل المستنيرة أرواحهم
    المتقربين بالقرابين للنار المقدسة
    هو أجني
    هو الذات التي لا تموت
    هو الذات التي بها الشمس تصعد وبها تنزل
    التي بها أصل القوى الطبيعية والحواس
    التي لا يضاهيها في إشعاعها شيء
    إنها الذات التي لا تموت
    الشيء الذي يكون في داخلنا ..
    يكون هو ذاته في محيطنا
    والذي هو في محيطنا يكون في داخلنا
    من يفصل بين الظاهر وبين الباطن ..
    يكون مصيره الموت
    المرة تلوالأخرى
    فقط عن طريق الحواس الطاهرة ..
    يمكن الوصول الى البراهمن
    الواحد الذي لا يتجزأ
    البراهمن هو الواحد ..
    ولا شيء آخر
    من يرى التعددية في الكون ولا يرى الحقيقة الواحدة ..
    يسقط دائما في حبل مشنقة الموت
    المرة تلوالأخرى
    هذا الكائن الذي بحجم الإبهام ..
    يسكن في عمق القلب
    يحكم الزمن
    الماضي والمستقبل
    يقينا ..
    إنه الذات التي لا تموت
    هذا الكائن الذي بحجم الإبهام ..
    يشبه لهبا من النار بغير دخان
    يسيطر على الزمن
    الماضي والحاضر
    اليوم وغدا
    يقينا ..
    إنه الذات التي لا تموت
    من يرى التعددية في الذات ..
    يتعرض للولادة تلو الولادة .
    مثل المطر الذي ينزل على قمة الجبل
    ينزل على سفحه
    ناخيكيتا , الذات مثل الماء النقي
    إن وضعته مع الماء النقي ..
    يبقى نقيا
    الذات تبقى نقية عندما تتحد مع البراهمن
    المدينة التي بها أحد عشر بابا ..
    هي المدينة التي تنتمي للذي لم يولد وفي إدراكه نور
    يبرق إلى الأبد
    من يتأمل حاكم هذه المدينة ..
    لن يشعر بالحزن
    يصل إلى التحرر
    ولن يبعث بعد ذلك أو يموت
    حاكم هذه المدينة الذي لا يفنى هو الذات
    هي بمثابة الشمس التي تسبح في السماء
    هي الريح التي تنفخ في الفضاء
    هي النار التي تشع في المحراب
    هي الضيف الذي يسكن بالمنزل
    هي كل البشر
    هي السمك الذي يتكاثر في الماء
    هي العشب الذي ينمو بالأرض
    هي النهر الذي يرمي بنفسه من أعلى الجبل
    هي التي لا تتغير
    هي الحقيقة التي لا تنتهي
    موجودة بالآلهة
    موجودة بكل مكان
    موجودة أينما توجد الحقيقة
    يقينا ..
    هي التي تسكن الجسم فتجعل من العجز قوة
    حية
    لا تموت
    إذا كان الإنسان لا يحيا بغير تنفس ..
    فلا يمكن له أن يحيا إلا بها
    بدونها لا يكون قادرا على التنفس
    من ليس لديهم معرفة بالذات ..
    سيدخل البعض منهم في أرحام الكائنات
    ويدخل البعض الآخر في الأعشاب
    كل يجازى حسب عمله
    إعلم أنها المستيقظة فينا حتى في نومنا
    يقينا ..
    هي البراهمن الذي لا يموت
    مثل النار ..
    رغم كونها واحدة ..
    تأخذ شكل كل شيء تحرقه
    كذلك الذات ..
    رغم أنها واحدة ..
    تأخذ شكل كل شيء تسكنه
    مثل الهواء ..
    رغم كونه واحدا ..
    يأخذ شكل كل شيء يتوغل فيه
    كذلك الذات ..
    رغم كونها واحدة ..
    تأخذ شكل كل شيء تسكنه
    مثل الشمس للبصير
    تكشف له كل شيء
    لا تتأثر الشمس بالعين الشريرة
    لا تتأثر بالأشياء غير الطاهرة التي تنظر إليها
    الذات الواحدة التي تسكن في كل شيء ..
    لا يمسها شر الكون ..
    هي أسمى من كل شيء
    الذات التي في عمق كل الأشياء واحدة
    حاكمة
    مسيطرة
    الذات لها شكل
    وخلقت كل الأشكال
    ليس غير الإنسان الذي أشرقت الذات في قلبه من يفوز بالسعادة الأبدية ..
    ولا أحد آخر
    ولا أحد آخر
    هي الإدراك عند المدركين
    الأبدية بين كل ما هو فان
    فيها وحدها ما يتوق إليه الكثيرون
    ليس غير الإنسان الذي أشرقت الذات في قلبه من يعرف إلى الأبد
    السكون والهدوء والصفاء ..
    ولا أحد آخر
    ولا أحد آخر
    ناخيكيتا :
    يا ملكة الموت ..
    أين أجد هذه الذات المليئة بالسعادة السامية التي عايشها الحكماء ؟
    أيتها الملكة
    هل هذه الذات مشعة بنورها أم أنها تـُشع بنور شيء آخر ؟
    ملكة الموت :
    لا الشمس ولا القمر
    لا النجوم ولا البرق
    لا النيران التي نشعلها بالأرض تنيرها
    هي النور الذي ينير كل شيء
    أشعتها الباهرة تغمر كل الأشياء
    هذا الكون هو شجرة حياتها الأبدية
    جذورها تمتد الى الأعلى
    أغصانها تغوص في الأسفل
    جذر الشجرة الطاهر هو البراهمن الذي لا يفنى
    به تسكن الأكوان الثلاثة ..
    ولا يمكن لأي كان أن يصل خلفهم
    يقينا ..
    إنها الذات
    كل الكون خرج من البراهمن
    كل الكون يتحرك وسط البراهمن
    البراهمن قوي
    مريع
    مثل صدى الرعد عندما يضرب السماوات
    الموت لا يخيف من يراه .
    عند لقائنا بالبراهمن :
    النار تشتعل
    الشمس تشرق
    المطر ينزل
    الريح تعصف
    الموت يُميت خشية منه
    من لم يعايش البراهمن قبل أن يُرمى بجسمه ..
    يجب عليه أن يرتدي جسما آخر في عالم الأشياء المخلوقة .
    مثل المرآة ..
    يمكن معايشة البراهمن بكل وضوح في الذات الخاصة بالإنسان
    مثل النور منفصلا عن الظلام ..
    يمكن معايشة البراهمن بكل وضوح في سمائه
    في عالم الأجداد يظهر مثل الحلم
    في عالم الملائكة تظهر صورته معكوسة في الماء
    الأحساسيس النابعة من الحاسة سببها الأشياء المختلفة
    يمكن لها أن تكون فعالة ونشطة كما في حالة اليقظة
    ويمكن لها أن تكون راكدة وخاملة كما في حالة النوم
    من يدرك أنها تختلف عن الذات التي لا تزول ..
    لن يعرف الحزن بعدها أبدا
    أعلى من الحواس يكون التعقل
    أعلى من التعقل تكون الحكمة
    أعلى من الحكمة تكون الذات الشخصية
    أعلى من الذات الشخصية تكون بذرة الحياة التي لا تظهر والتي هي السبب الأول
    أعلى من بذرة الحياة التي لا تظهر , يقينا يكون البراهمن
    الروح التي تتوغل في كل شيء وغير مرتبطة بشيء
    من عايش البراهمن يصل إلى الحرية
    يدخل في الأبدية
    لا يمكن لأي كان أن يراه بعينيه
    إذ ليس له شكل ظاهر
    مع هذا ..
    هو يظهر في القلب عن طريق الانضباط والتأمل
    من يعايشه لا يموت
    عندما تهدأ كل الحواس
    عندما يستريح ما بالباطن
    عندما لا يرفرف الإدراك
    حينذاك يقول الحكيم إنه قد وصل الذروة السامية
    عندما تهدأ الحواس ويصفو التفكير تكون اليوجا
    من يدرك هذا يتحرر من المغالطة والخداع والنفاق
    الذين لا يتحررون من المغالطة والخداع والنفاق ..
    ما نسميه بالهدوء يكون عندهم ضبابيا وغير آمن
    الكلمات لا تُظهر البراهمن
    العقل لا يصل الى البراهمن
    العين لا يمكنها أن ترى البراهمن
    هناك ذاتان إثنتان مختلفتان :
    - ذات مزعومة
    - وذات حقيقية
    بين هاتين الإثنتين ..
    يجب معايشة الذات الحقيقية فقط ..
    ولا غيرها
    الإنسان الذي شعر بأنها الوحيدة الحقيقية في الوجود ..
    تكشف له عن كائنها الداخلي
    من لوتس القلب يُُشع مئة عصب
    واحدٌ فقط يرتفع من بينهم في اتجاه الألف ورقة باللوتس.
    عند موت الإنسان ..
    تصعد قوة الحياة لتخرج عن طريق هذا العصب
    هذا الإنسان دخل في الأبدية
    لكن إن خرجت من عصب آخر ..
    يذهب صاحبها إلى عالم الموتى
    يصير عبدا لحياة وموت مرة أخرى
    بوروشا , الذات التي بالباطن بحجم الإبهام ..
    تسكن دائما وسط قلب كل الكائنات
    أووم ...
    سكون .. هدوء .. صفاء
    Last edited by نجمة الجدي; 01-04-2012, 00:39.
    قال يماني ال محمد الامام احمد الحسن (ع) ليرى أحدكم الله في كل شيء ، ومع كل شيء ، وبعد كل شيء ، وقبل كل شيء . حتى يعرف الله ، وينكشف عنه الغطاء ، فيرى الأشياء كلها بالله ، فلا تعد عندكم الآثار هي الدالة على المؤثر سبحانه ، بل هو الدال على الآثار

    Comment

    • نجمة الجدي
      مدير متابعة وتنشيط
      • 25-09-2008
      • 5279

      #3
      رد: كتاب " الأوبانيشاد " أقدم دستور ديني

      الجزء الثاني


      إيشا



      الكون والله واحد بحيث يمكن توحيدهما معا ..
      يمكن للإنسان الوصول لهذا التصور من خلال العمل والنشاط الدائم ,
      شريطة ألا يجعل ذاته رهينتهما .
      على الإنسان التضحية الجسمية والعيش في الفاقة والزهد ,
      على أن تهدف هذه الأفعال إلى التخلص من الأنانية وليس التخلص من الحياة نفسها .
      الهدف من العمل والتضحية الجسمية هو الوصول الى معرفة الذات والبراهمن من حولها ..
      واتحاد الذات بالبراهمن
      الذات هي البراهمن والبراهمن هو كل شيء
      عندما تمتليء الذات بالبراهمن ..
      فإنها تشاهد كل شيء ,
      ولا تشاهد أي شيء
      كل الأشياء التي نشاهدها ممتلئة بالبراهمن
      كل الأشياء التي لا نشاهدها ممتلئة بالبراهمن
      من البراهمن تدفق كل ما هو موجود
      كل شيء أتى من البراهمن ..
      والبراهمن لا يتغير
      أووم ...
      سكون .. هدوء.. صفاء







      في قلب كل شيء ..
      وبكل شيء موجود بالكون ..
      يوجد الله
      هو الحقيقة الواحدة .
      تخلّ عن كل المظاهر الزائفة والإبتهاج بها
      اعرض بذاتك عن اشتهاء ثروة الآخر
      الإنسان الذي يشعر بالسعادة والغبطة ..
      هو ذاك الذي يعيش فترة من الزمن دون أن يكون سلوكه مشروطا بعمل ما
      يعمل بكل حماس دون غاية
      دون انتظار لنتيجة أعماله
      أما الجهلة الذين عملوا على قتل الذات ..
      فسيحشرون في أكوان مظلمة بعد الموت
      هذه الأكوان يلفها الظلام ولا تنيرها الشموس
      الذات واحدة غير متحركة
      تعمل بأسرع من الفكرة
      لا يمكن للحواس الالتحاق بها ,
      لأن الذات تسبق الحواس دائما ..
      وبدون الذات ..
      ليس للحياة وجود
      الجهلة وحدهم هم الذين يعتبرون الذات تتحرك في حين أنها لا تتحرك ..
      يرونها بعيدة في حين أنها قريبة
      الذات نجدها في كل شيء وخارج كل شيء
      من يرى الذات في كل شيء
      ويرى كل الكائنات في الذات ..
      لن يكره أحدا
      روح الشخص المستنير ترى الذات كل شيء
      من يرى الأشياء بهذا التصور ..
      يُرفع عنه الوهم والجهل
      كيف يمكن أن يكون هناك وهما وتصورا خاطئا
      أو حزنا وأسى لمن يرى وحدة عميقة بين كل الأشياء ؟
      الذات في كل مكان .
      مشع بدون جسم
      بدون عظام
      بدون لحم
      خال من الشر
      ناظر ومراقب
      مفكر
      الواحد فوق كل شيء
      أوجد نفسه بنفسه
      مؤسس النظام الكامل بين الأشياء والكائنات من غابر الزمن
      خال ٍ من كل خدش
      الكمال بذاته
      لا بداية له
      إلى الظلمة كل من كرس حياته لما هو أرضي
      والذين لا يكرسون حياتهم إلا للتأمل ..
      يذهبون إلى ظلمة أعمق وأشدّ
      من كرس نفسه للحياة بالأرض دون أن يغفل عن التأمل ..
      ينتصر على الموت عن طريق الحياة بالأرض
      وعن طريق التأمل ينتصر على اللا موت
      الظلام مصير من يكتفي بإحياء الجسد
      والظلام الأشد مصير من يكتفي بإحياء الروح
      من يُحيي الجسم والروح ..
      وحده هو الذي ينتصر على الموت عن طريق الجسم ..
      ويصل الى الأبدية عن طريق الروح .
      أيتها الشمس ..
      وجه الحقيقة مختف وراء أكاليل أشعتك الذهبية
      اسحبي الغشاء عني كي أشاهد , أنا المخلص , حقيقة بريقها
      أيتها الشمس ..
      يا من تصِلين إلى كل شيء
      يا من تحرسين كل شيء
      أيتها المشعة ..
      يا منبع كل الكائنات ..
      اسحبي نورك
      جمّعي أشعتك
      عسى أن أرى شكلك المبارك عن طريق رحمتك
      الكائن الذي يسكن بالداخل هو الذات
      عسى أن يصير جسمي ضمن ما يتوغل في الحياة
      عسى أن يصير جسمي رمادا
      أووم ...
      أيتها الحاسة ..
      يا حاستي
      تذكري البراهمن
      أيتها الحاسة ..
      يا حاستي
      تذكري أعمالك في القدم
      تذكري البراهمن
      تذكري أعمالك في القدم ..
      أجني , أيها المخلوق الممتاز ..
      دلنا على البركة
      أنت تعلم كل أفعالنا
      احمنا من غضب الخطيئة التي تتجاذبنا
      إننا نحييك ونحييك


      الجزء الثالث

      كينا





      البراهمن هو الطاقة التي نجدها وراء كل تعابير حياة الإنسان والطبيعة
      الإنسان الذي يبلغ هذه الحقيقة يتجاوز الموت
      عسى أن يسود الهدوء أعضاء جسمي ..
      كلامي
      تنفسي
      عيني
      أذني
      عسى أن تتطور حواسي وتصير قوية واضحة
      عسى ان يظهر لي البراهمن
      عسى ألا أجحد البراهمن
      عسى ألا يجحدني البراهمن
      أنا واحد معه
      هو واحد معي
      عسى أن نحيا معا دائما
      عسى أن تظهر لي حقيقة الأوبانيشاد المقدسة
      أنا المخلص للبراهمن
      أووم ...
      سكون .. هدوء .. صفاء



      من الذي يجعل الفكر يعي ويتأمل
      من الذي يجعل الجسم يعيش
      من الذي يجعل اللسان يتكلم
      من ذلك الكائن المشع الذي يسوق العين للأشكال والألوان
      من ذلك الكائن المشع الذي يقود الأذن للصوت
      ليست الذات إلا أذن الأذن
      وعي الوعي
      كلمة الكلام
      عين العين
      تنفس التنفس
      الحكيم من يتخلى عن المفهوم الخاطئ للذات ..
      من يعرض عن التصور الذي يحصرها في الحواس والوعي ..
      من يعتبر أن الذات هي البراهمن ..
      بذلك لن يموت عندما يفارق هذه الحياة .
      تعالى على رؤية كل عين
      تسامى عن وصف كل لسان
      تنزه عن كل وصف وإدراك
      لا نعرفه ولا يمكن تقديم معرفة عنه
      هو مختلف في آن عن الشيء الذي نعرفه ولا نعرفه
      عين الحكمة هذا ومنطق الحكماء ..
      يعبده الإنسان
      لا يمكن التعبير عنه بالكلام ..
      لكنه من أنطق اللسانَ كلاما
      إنه البراهمن ..
      والبراهمن ليس هو الكائن الذي يعبده الإنسان
      لا تراه العين ..
      لكنه من جعل العين تبصر
      إنه البراهمن ..
      والبراهمن ليس هو الكائن الذي يعبده الإنسان
      لا تسمعه الأذن ..
      لكنه من جعل الأذن تسمع
      إنه البراهمن ..
      والبراهمن ليس هو الكائن الذي يعبده الإنسان
      لا نشم له رائحه ..
      لكنه من وهب الروائح للأشياء
      إنه البراهمن ..
      والبراهمن ليس هو الكائن الذي يعبده الإنسان
      إن ظننت أنك تعرف حقيقته ..
      فأنت لا تعرف عنه إلا القليل
      إن ظننت أن البراهمن في ذاتك أو في الآلهة فأنت واهم ,
      ومحاولة تعلم الحقيقة تقينا هذا الوهم
      لا يمكن القول بمعرفة البراهمن أو بعدم معرفته
      من يفهمه جيدا يدرك معنى هذه الكلمات :
      كل ما أعرفه أنني لا أعرف ما هو البراهمن
      هذا الإنسان في حقيقة الأمر يعرف البراهمن ,
      ويعرف أيضا أنه وراء المعرفة
      أما الذي يظن أنه يعرف فهو لا يعرف
      الجهلة يظنون أنهم قادرون على فهم البراهمن
      وحده الحكيم هو الذي يدرك أن البراهمن فوق كل معرفة
      فوق كل قدرة عقلية
      من يحيا موقناً بأن البراهمن موجود في كل الظواهر ,
      وفي حياة كل كائن - سواء كان ذلك بالإدراك أو الملاحظة أو الكشف أو التفكير - ..
      ينتصر على اللا موت
      المعرفة بالبراهمن هي التي تمدنا بالطاقة والقوة
      المعرفة بالبراهمن هي التي تمنحنا الانتصار على الموت
      طوبي لمن أدرك البراهمن في حياته
      وخسرانا مبينا لمن لم يدركه
      الحكماء هم أولئك الذين يدركون أن البراهمن هو الذات التي في كل الكائنات
      هم لا يموتون عندما يغادرون هذه الحياة
      انتصرت الآلهة ذات مرة على الجن والشياطين بمعونة البراهمن ,
      فأصبحت شجاعة فــمتهورة ..
      وفكرت في سرها :
      نحن اللواتي تغلبن على أعدائنا فلنا بهذا كل الفخر والشرف
      رأى البراهمن أن الآلهة قد صارت مختالة فظهر لها فلم تعرفه
      فقالت الآلهة لإلهة النار :
      أيتها النار تعرفي على هذه الروح الغامضة وأخبرينا من هي
      استجابت إلهة النار للطلب
      دنت من الروح
      من أنت ؟ سألت الروح
      أنا إلهة النار وأنا في الواقع معروفة جدا
      أية سلطة تمارسين ؟
      يمكن أن أحرق أي شيء بالكون
      إحرقي هذا إن استطعت , وأعطتها عشبة صغيرة
      هاجمت إلهة النار قطعة العشب بكل قواها ..
      لكنها لم تستطع التهامها أو حرقها
      رجعت إلى الآلهة وقالت :
      لم أستطع كشف ومعرفة هذه الروح الغامضة
      نظرت الآلهة إلى إلهة الريح وقالت :
      اكشفي أنت لنا عن هذه الروح
      سأفعل ذلك , ردت إلهة الريح
      اقتربت من الروح
      من أنت ؟ سألت الروح
      أنا إلهة الريح ، وأنا في الواقع معروفة جدا بسرعة طيراني في الفضاء
      أية سلطة تمارسين ؟
      يمكنني أن أنفخ أي شيء في الكون وأرسله بعيدا
      انفخي بعيدا بهذا إن استطعت , وأعطت الروحَ عشبة صغيرة
      نفخت إلهة الريح بكل ما أوتيت من قوة فلم تحركها
      عادت مسرعة إلى الآلهة وقالت :
      لم أتمكن من كشف ومعرفة هذه الروح الغامضة
      نظرت الآلهة إلى إندرا صاحب المقام الرفيع بينها وقالت :
      نتوسل إليك أنت أيها المحترم أن تكشف لنا عن صاحب هذه الروح
      سأفعل ذلك , رد إندرا
      اقترب من الروح
      لكنها اختفت وظهرت مكانها أوما مشعة بجمالها ومتحلية بكل أنواع الماس فسألها إندرا :
      من صاحب تلك الروح التي ظهرت لنا ؟
      إنه البراهمن ردت أوما
      البراهمن الذي انتصرتم عن طريقه على الجن والشياطين ولم تنتصروا
      بهذه الطريقة عرفت آلهة النار والريح وإندرا البراهمن
      فهم أول من اقتربوا منه وتفوقوا على كل الآلهة
      أسمَى هذه الآلهة هو إندرا ..
      باعتباره الوحيد الذي اقترب أكثر من البراهمن والذي تعرف إليه عن قرب .
      البراهمن هو القوة التي نشاهدها في وميض البرق وفي رَمش العين
      هذه هي حقيقة البراهمن وعلاقته بالطبيعة :
      القوة التي تظهر نفسها في نور البرق أو في رمشات العين ..
      هي البراهمن
      هذه هي حقيقة البراهمن وعلاقته بالإنسان :
      القوة التي تظهر نفسها في عالم الحواس ..
      هي البراهمن
      لذلك على الإنسان أن يتأمل في البراهمن ليل نهار
      هو الإلهي في كل الكائنات
      تأمل فيه
      من يتأمل فيه ..
      يكون له شرفا على سائر الكائنات .
      التلميذ :
      سيدي المبجل زدني علما بالبراهمن
      الحكيم :
      لقد أعطيتك سر المعرفة :
      الانضباط الشخصي
      السيطرة على النفس
      القيام بالواجب دون التفكير في الجزاء
      كتب الفيدا هي أعضاء جسد المعرفة ,
      والحقيقة هي ذاتها
      من يحصل على هذه المعرفة عن البراهمن ..
      يتحرر من كل شر
      يجد الأبدية السامية
      أووم ...
      سكون .. هدوء .. صفاء


      الجزء الرابع

      براسنا



      أووم ...
      عسى أن نسمع بآذاننا كل ما هو طيب
      عسى أن نرى العدل بأعيننا
      عسى نحن الذين نعبدك أن نجد الهدوء والسكينة
      أووم ...
      سكون .. هدوء .. صفاء

      سوكيشا , كاباندي , بهارجافا , كوساليا , جارجيا , ساكياكاما ,
      تلاميذ وباحثون عن حقيقة البراهمن الجليل ..
      اقتربوا بخشوع وتواضع من الحكيم بيبيلادا
      قال الحكيم :
      تمرنوا على الانضباط الشخصي
      كونوا متحفظين ومؤمنين لمدة سنة
      ثم بعدها وجهوا إلي أي سؤال تريدونه ..
      وإذا تمكنتُ من الإجابة عن أسئلتكم سأرد عليكم .
      بعد سنة عاد كاباندي للحكيم وسأله :
      سيدي كيف خلقت الكائنات ؟
      رد الحكيم :
      سيد الكائنات تعمق في تأمله وخلق برانا أصل الحياة
      وخلق رايي ليعطي الطاقة شكلها ..
      ثم أراد للمؤنث والمذكر أن يخلقوا له كائنات ..
      برانا الطاقة الأصلية للحياة وهي الشمس
      رايي أعطى شكلا للطاقة هو القمر
      عسى أن يكون معروفا أن الكون المرئي والكون اللا مرئي كلاهما واحد مع رايي
      كذلك الكون هو واحد مع برانا
      عندما تصعد الشمس إلى مكانها العالي ..
      تضيء الشرق وتملأ كل الكائنات بالطاقة
      كذلك عندما تصل أشعتها الى الجنوب والشمال والغرب والأوج والنظير والأكوان التي بينهم ..
      فإنها تهب الحياة لكل الكائنات التي تسكن هناك
      برانا هو ذات كل الكون
      هو النور الذي يعطي الحياة والوضوح لكل شيء كما هو مدون بالكتب المقدسة ..
      اتحاد برانا وراي يقسّم السنة
      طريق الشمس اثنان ..
      والطريق الذي يسلكه الإنسان بعد موته اثنان :
      طريق الشمال
      وطريق الجنوب
      الذين يتمنون أن تكون لهم سلالة ,
      ويكرسون حياتهم لتقديم الصدقة للفقراء
      ويعملون حسب الشعائر الدينية
      ويرون أن هذين الركنين هما الهدف الأسمى في الحياة ..
      يذهبون بعد موتهم إلى القمر
      ثم يولدون بالأرض مرة أخرى من جديد
      إنهم يسلكون طريق الجنوب ..
      طريق الأجداد
      طريق رايي خالق شكل الطاقة
      لكن الذين يعبدون الذات
      ويتبعون إنضباطا نفسيا صارما
      ويؤمنون ويتعلمون ويكونون متحفظين ..
      فإنهم يسلكون الطريق الآخر وهو عالم الشمس ..
      النور ..
      الذي هو في الحقيقة منبع طاقة الحياة
      إنه أبدي
      لا يفنى
      ولا يعرف الخوف
      إنه الهدف الأعلى والأسمى
      الذين يذهبون للشمس بعد موتهم ..
      لا يولدون ولا يموتون مرة اخرى
      الشمس تمحق الموت والولادة .
      معاً برانا ورايي يعطون للشهر قالبا
      النصف المظلم لرايي
      والنصف المنير لبرانا
      الحكماء , لمعرفتهم , يقومون بالعبادة في النصف المنير
      والحمقى , لجهلهم , يقومون بها في النصف المظلم
      برانا ورايي هما الغذاء
      منهما نشأت البذور
      ومن البذور خلقت كل الكائنات .
      الذين يعبدون عالم الخلق ينجبون أبناء
      لكن الثابتين في تحفظهم وتأملهم ..
      يصلون إلى عالم البراهمن ..
      عالم البراهمن الطاهر لا يصل اليه الأشرار ..
      ولا الكاذبون .

      * * *
      حوار بهارجافا

      اقترب بهارجافا من المعلم وسأله :
      أيها المقدس ..
      كم عدد القوى التي تمسك سويا هذا الجسم ؟
      أية قوة منهن تظهر نفسها به جليا ؟
      وأية منهن نجدها في الصدارة ؟
      رد الحكيم :
      القوى هي :
      الماء والهواء والأثير والنار والتراب
      هذه العناصر الخمسة معا يشكلون الجسم ,
      ومعهم نجد :
      مقدرة النطق بالكلمة , الإدراك , العين , الأذن , والحواس الأخرى .
      ذات مرة تفاخرت هذه العناصر مدعية :
      إننا نحن من يمسك سويا بهذا الجسم ونحن من يمده بالغذاء .
      إلا أن برانا الطاقة الأصلية للحياة والمميز بين الجميع قال لهم :
      لا تخدعوا أنفسكم
      أنا الذي قسمت نفسي خمسة أجزاء
      أنا من يمسك سويا بهذا الجسم ..
      وأنا من يغذيه .
      لكن العناصر الخمسة رفضت أن تصدقه
      ولكي يبرهن على صحة ما قاله ..
      تظاهر برانا بأنه سيترك جسمه
      وعندما وقف وأراد أن يسلك طريقه
      فهمت العناصر أن برانا إنْ مشى ..
      فسيجدون أنفسهم مرغمين على أن يصاحبوه ..
      لكن عندما رجع برانا إلى جسمه ..
      عثر كل عنصر على مكانه .
      مثل النحل يطيرون عندما تطير ملكتهم ,
      ويعودون إلى خليتهم عندما ترجع إلى خليتها ..
      هكذا كان حال مقدرة النطق بالكلمة والإدراك والنظر والسمع وباقي الحواس .
      اقتنعت العناصر الخمسة بالخطأ الذي ارتكبوه ..
      فمجدوا برانا وقالوا له :
      مثل النار تلتهب
      مثل الشمس تُشع
      مثل السحاب تمطر
      مثل إندرا تسيطر على الآلهة
      مثل الريح تنفخ
      مثل القمر قريب أنت من كل شيء
      أنت المختفي والذي يمكن مشاهدته
      أنت الحياة التي لا تموت
      مثل البرامق المثبتة في محور دولاب العجلة :
      صاما , ياجور , كل القرابين , رجال الحرب , رجال الدين , الأثرياء ..
      كل شيء مثبت في برانا .
      برانا سيد الخلق ..
      إنك تتحرك في رحم المرأة وتولد مرة أخرى .
      أنت الذي تسكن في الجسم مثل التنفس ..
      تقدم القرابين إلى كل الكائنات
      مثل النار ..
      تهب القرابين إلى الآلهة ..
      عن طريقك يتسلم الأجداد القرابين .
      لكل حاسة من الحواس أعطيت مهمة
      برانا ..
      أنت الخالق وأنت المخرب بشجاعتك
      أنت الحماية والدفاع والوقاية
      إنك تتحرك في السماء في شكل الشمس ..
      وأنت سيد نور السماوات
      برانا إنك عندما تترك الأمطار تهطل ..
      تبتهج مخلوقاتك
      ويتمنون أن يعثروا على الغذاء الذي يطلبون .
      أنت النقاء
      أنت حاكم كل شيء في الوجود
      أنت النار التي تبتلع القرابين
      نحن أعضاء الحواس نقدم لك القرابين لتتغذى بها
      أبو الجميع أنت
      قوتك التي تسكن في أعضاء الكلام والأذن والعين وتتوغل في القلب ..
      تجعلك رحيما ولا تهجرنا
      كل شيء بالكون عائد إليك
      برانا ..
      إحمنا مثلما تحمي الأم أبناءها
      إهدنا النجاح والسعادة
      وهبنا الحكمة .
      وعندما أتى دور كونصالياس كان سؤاله :
      أيها الحكيم من أين وكيف ولد برانا ؟
      كيف دخل الجسم ؟
      كيف يعيش هناك بعد أن يقسّم ويوزع نفسه ؟
      كيف يترك الجسم ؟
      كيف يعلم ما يجري خارج جسمه ؟
      كيف يمسك سويا أجزاءَ الجسم والحواس والإدراك ؟
      رد الحكيم :
      كونصالياس إنك تسأل أسئلة صعبة
      ولأنك تسعى بصدق لمعرفة حقيقة البراهمن ..
      فأنا مرغم ان أرد عليك
      برانا ولد من الذات
      مثل الانسان وظله
      فالذات وبرانا لا ينفصلان
      برانا يدخل الجسم عند الولادة
      كذلك أمنيات الحواس التي عاشت بعد الحياة السابقة ..
      يمكن لها أن تتحقق .
      مثل الملك له حاشية تخدمه وتسوق الرعية في أنحاء مملكته ..
      يوحّد برانا ويربط مع نفسه أربع قوى أخرى هي أجزاء منه ..
      كل واحدة منهن لها مهمتها الخاصة .
      بالعين وبالاذن وبالفم وبالأنف ..
      نجد برانا
      آبانا الذي هو الطاقة الأخرى لبرانا ..
      يقود الأعضاء ويوجهها كي تتكاثر .
      سامانا الطاقة الثالثة لبرانا يسكن في السرة ,
      يقوم بهضم الطعام ويأخذ ما يغذي الجسم
      الذات نجدها بزهرة اللوتس التي في القلب ..
      من هناك ينطلق مئة وأحد عصب مشع
      من كل عصب منها ينطلق مئة عصب أصغر
      من كل عصب من تلك ينطلق اثنان وسبعون ألف عصب أدق
      وسط كل هذه الأعصاب ..
      يتحرك فيانا الذي هو الطاقة الرابعة .
      في لحظة الموت ..
      يقود أودانا الذي هو الطاقة الخامسة لبرانا الإنسانَ العادل عن طريق عصب بالعمود الفقري
      إلى الأعلى ..
      لكي يولد ولادة سامية
      والإنسان الذي ارتكب الخطيئة يقوده الى الأسفل ..
      ليولد ولادة منحطة
      أما الذي ارتكب الخطيئة وكان مع ذلك فاضلا ..
      فإنه يأخذه ليولد مرة أخرى في عالم البشر .
      الشمس هي كون برانا ..
      تبزغ لتساعده في عين الإنسان لكي يرى
      طاقة الأرض تحافظ في الإنسان على آبانا
      الأثير بين الشمس والأرض هو سامانا
      فايانا هو الهواء
      أودانا هو النار
      لذلك يموت كل جسم تزول حرارته .
      بعد ذلك تدخل الحواس في الإدراك ..
      ويولد الإنسان من جديد.
      ما يفكر فيه الإنسان لحظة الموت ..
      هو الذي يجمعه ببرانا
      وبرانا بدوره يرتبط بأودانا وبالذات
      ويقود الإنسان للولادة من جديد في العالم الذي يستحقه .
      كل من له معرفة ببرانا مثلما كشفت لك ..
      لا يموت قبل أن يترك سلالة ..
      وهو بدوره لا يموت .
      قالوا منذ القدم :
      إن الذي يعرف برانا ..
      ويعرف من أين أصله
      وكيف يدخل في الجسم
      وكيف يعيش بعدما يقسم نفسه الى أجزاء
      وما هي مهامه..
      هذا الشخص يدخل في الأبدية
      نعم في الأبدية .
      سأل جارجيا :
      أيها الحكيم ..
      عندما ينام جسم الإنسان ..
      من الذي ينام بداخله ؟
      من الذي يستيقظ ؟
      من الذي يشعر بالسعادة ؟
      من الذي يحلم ؟
      ومع من تتحد كل الحواس ؟
      رد عليه الحكيم :
      مثل أشعة الشمس عندما تنزل ..
      تجمع نفسها في شكل اسطوانة من النور
      لكي تشع من جديد عندما تبزغ ..
      تجتمع كل الحواس في الإدراك ..
      الحاسة العليا بينهم جميعا .
      لذلك ..
      عندما لا يسمع الإنسان
      ولا يرى
      ولا يتكلم
      ولا يتذوق
      ولا يفهم
      ولا يفرح ..
      نقول إنه نائم
      ماعدا طاقات برانا نجدها في حالة يقظة بالجسم ..
      والإدراك يقود الذات
      بالأحلام يعيش الإدراك مرة أخرى إنطباعاته السابقة ..
      كل ما رآه يراه مرة أخرى
      كل ما سمعه يسمعه مرة أخرى
      كل ما استمتع به بكل البلدان وبكل جهات الأرض المختلفة ..
      يستمتع به مرة أخرى
      ما رآه ولم يره
      ما سمعه ولم يسمعه
      ما استمتع به ولم يستمتع
      كل ما هو واقعي وغير واقعي يراه ..
      نعم يرى كل شيء .
      كل من يحس بالذي لا يتغير ..
      النقي
      الذي لا جسم له
      ولا ظل
      ولا لون ..
      يصل إلى البراهمن
      ذلك الإنسان سوف يدرك كل شيء .
      والآن يا صديقي سنرى رد الحكيم بخصوص لفظة أووم ومغزاها ..
      إقترب صاتياكاما من الحكيم وقال له :
      أيها المبجل ..
      أن يكرس الإنسان حياته كلها للتأمل في مقطع أووم
      ماذا سيكون جزاؤه بعد الموت ؟
      رد عليه الحكيم :
      صاتياكاما , إن أووم هي البراهمن
      هي السبب ..
      وهي التي ليست سبب
      ذاتية وغير ذاتية
      عن طريق التأمل في أووم ..
      يمكن للحكيم أن يصل إما إلى الأولى أو الثانية .
      من يتأمل في لفظة أووم وله معرفة محدودة بمغزاها ..
      فإنه بعد موته مباشرة
      يولد مرة أخرى فوق هذه الأرض ..
      ويكرس حياته الجديدة للانضباط الشخصي ..
      للتحفظ وللإيمان
      ويصل روحيا إلى درجة عظيمة .
      وإن تأمل مرة أخرى في لفظة أووم بمعرفة أكبر بمغزاها ..
      يصعد بعد موته إلى القمر
      وبعدما يأخذ جزءا من سعادتها ..
      يعود إلى الأرض مرة أخرى .
      لكن إن تأمل في أووم بكل وعي بأنها واحد مع البراهمن ..
      يجتمع بعد موته بالنور الشمسي
      يتحرر من كل ألم ..
      مثل الثعبان الذي يتحرر من جلده
      بعدها يصعد إلى مقر البراهمن
      هناك يحيا ويشعر بالبراهمن
      الكائن أبدا في قلب كل الكائنات ..
      براهمن الأكبر .
      وقال الحكيم عن مقطع الكلمة المقدسة أووم :
      كتبوا قديما :
      إن أووم ليست طريقا للوصول إلى الأبدية ..
      عندما لا يكون مغزاها الكامل مفهوما
      وعندما يكون مغزاها مفهوما ..
      والتأمل فيها مركزا بطريقة صحيحة ..
      يتحرر الإنسان من الخوف سواء كان :
      مستيقظا , حالما , أو نائما نوما خاليا من الأحلام
      إنه يحيا ويشعر بالبراهمن .
      الإنسان الذي لا يعرف عن أووم إلا قليلا ..
      يعود مرة أخرى إلى الأرض بعد موته
      ومن له معرفة أوسع وأعمق ..
      فإنه يصل إلى الأجرام السماوية
      ومن يفهم مغزاها كاملا ..
      يعلم نفسه ما لا يعلمه إلا الأنبياء الذين يعلمون الغيب .
      عن طريق أووم يصل الحكيم إلى البراهمن المتحرر من كل خوف
      البراهمن الذي لا يموت .
      أتى أخيرا دور سوكيشا
      إقترب من الحكيم وقال له :
      أيها المقدس أمير كوسالا ..
      المقدسُ هيرانيانابا سألني ذات مرة إن كنتُ أعرف الذات وأجزاءها الستة عشر
      فكان ردي عليه :
      لا أعرف ..
      حقا لو كنت أعرفهم لعلمتك إياهم ..
      لا أريد ان أكذب
      لأن الكذاب سيكون مكانه في الدرك الأسفل
      وسيزول ولن يبقى منه شيئا
      فصعد الأمير إلى عربته ومضى في حاله .
      وقال سوكيشا :
      الآن أسالك أيها الحكيم أين الذات ؟
      رد عليه الحكيم :
      بهذا الجسم يا بني ..
      هناك الذات التي خرجت منها الأجزاء الستة عشر الذين كونوا الكون ..
      وبهذه الطريقة صاروا إلى ما هم عليه الآن .
      الذات فكرت :
      إن أرجع الى ما خلقته ..
      فما الذي يربطني به ؟
      ماذا يخرج منه عندما أخرج
      وماذا يبقى به إن بقيت ؟
      تأملت فيما فكرت فيه
      وكرد ٍ على الفكرة ..
      خلقت برانا
      ومن برانا خلقت الرغبة العارمة
      ومن الرغبة العارمة خلقت :
      الماء والأثير والهواء والنار والتراب والحواس والإدراك والتغذية
      ومن التغذية خلقت :
      الطاقة والعلاج وفيدا والطقوس المقدسة وكل الأكوان
      بعدها خلقت أسماء العوالم والمواد الأولى ..
      بهذه الطريقة خلقت الستة عشر جزءا .
      مثل الأنهار التي تجري ..
      تزول في البحر عندما تصل إليه ,
      وتفقد أسماءها وأشكالها
      والإنسان لا يتكلم إلا عن البحر ..
      كذلك بالنسبة للستة عشر جزء الذين خلقوا منها .
      عن طريق الذات الشاهدة الأبدية ..
      يعودون إليها ويفقدون أسماءهم
      ويتلاشون في مكانهم الأصلي
      لأن ذلك هو هدفهم ..
      والإنسان لا يتكلم إلا عن الذات .
      ختم الحكيم كلامه قائلا :
      لا يوجد أي شيء آخر يمكن إضافته لما رويته لكم عن الذات ..
      البراهمن الأكبر
      لا توجد أية كلمة أخرى يمكن إضافتها .
      حيا التلاميذ الحكيم وقالوا :
      أنت في الحقيقة أبونا ..
      لقد هديتنا
      وجعلتنا نترك البحر المظلم الذي يغمره الجهل ..
      إننا ننحني أمام كل الذين يتنبأون بالمستقبل
      أووم ...
      سكون .. هدوء .. صفاء
      قال يماني ال محمد الامام احمد الحسن (ع) ليرى أحدكم الله في كل شيء ، ومع كل شيء ، وبعد كل شيء ، وقبل كل شيء . حتى يعرف الله ، وينكشف عنه الغطاء ، فيرى الأشياء كلها بالله ، فلا تعد عندكم الآثار هي الدالة على المؤثر سبحانه ، بل هو الدال على الآثار

      Comment

      Working...
      X
      😀
      🥰
      🤢
      😎
      😡
      👍
      👎