إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

رجـــال عرفهـــم التاريـــخ

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • صبر العقيلة
    عضو مميز
    • 30-12-2011
    • 1333

    رجـــال عرفهـــم التاريـــخ


    بســم الله الرحمــن الرحيــم
    اللهــم صـلأِ علـى محمــد وآل محمــد الأئمــه والمهدييــن وسلـم تسليمــاً كثيــراً




    مالك الأشتر


    إنه مالك بن الحارث بن عبد يغوث النخعي

    كنيته: أبو إبراهيم. ولقبه الأشتر ( لإصابته برموش عينيه )، وكبش العراق ( لأنّه المقدّم على جيش الإمام عليّ عليه السلام

    وحامل رايته ).

    ولد في اليمن في بني نخع، الذين انتقلوا إلى الكوفة بعد امتداد الإسلام، ثم توزّع أفراد نخع على مدن العراق. ورغم أن مالكاً أسلم

    على يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، وحسن إسلامه، فإن شهرته تقوم على كونه كان قائداً لجيش الإمام، و حامل

    لوائه.

    وصفه عارفوه فقالوا: كان فارساً مغواراً، مديد القامة، مهيب الطلعة. وكان عالماً، شاعراً، وكان سيد قومه بلا منازع..

    كانت له مواقف عديدة وكان من خواص شيعة امير المؤمنين عليه السلام حتى قال فيه :كان لي مالك كما كنت لرسول الله ص

    وكان مالك من زعماء العراق الشرفاء ووجهاء قومه بني نفع وفارسأ صنديدا شديد البأس ومن ابرز قادة جيش الامام علي(ع).

    اما عمله فكان حازما حيث كان يجمع بين اللين والصرامة وشهد له بذلك الامام علي (ع) قائلأ : (انه من لا يخاف ضعفه ولا بطؤه).

    واستطاع بفصاحة لسانه أن يخمد الكثيرمن الفتن التي عجزالسيف عن اخمادها وسارع في مواقفه الئ نصرة الحق ومحاربة

    الباطل .

    ومالك الاشتر من القلائل الذين حضروا وفاة الصحابي الجليل أبي ذر، وشارك في دفنه بعد نفيه الى صحراء الربذة مظوما من قبل

    عثمان.

    وفي معركة الجمل اخذ والي الكوفة أبو موسى الاشعري يخوف الناس ويمنعم من الذهاب لنصرة الامام علي(ع)، فذهب مالك

    الاشتراليه يحمل امرالامام (ع) بعزله من منصبه فدخل عليه المسجد وانزله من المنبر وطرده وعبأ كتاب الجيش للمعركة.

    وقررمعاوية التخلص من مالك باعتماده على خبث ومكر عمرو بن العاص الذي وعد أحد رجاله أن يسقي السم لمالك مقابل اعفائه

    من الضراب مدى الحياة، فقام هذا الرجل الشريربحيلة سقى خلالها العسل المسموم لهذا البطل الشجاع فاستشهد مظوما وفجع

    به أمير المؤمنين (ع) وقال عنه : (اللهم ان احتسبه عندك فان موته من مصائب الدهر).

    وهكذا انتهت حياة هذا الرجل الشجاع بعد حياة حافلة بالجهاد والتضحية والاخلاص.

    .....نذكر هذين البيتين كنموذج قالهما لعمرو بن العاص في صفين :

    يا ليت شعري كيف لي بعمرو*****ذاك الذي أجبت فيه نذري

    ذاك الذي أطلبه بوتري *****ذلك الذي فيه شفاء صدري



    وكان من خطبه في أحد أيام صفين قوله :


    ( الحمد لله الذي جعلَ فينا ابنَ عمِّ نبيِّه ، أقدَمُهُم هجرة ، وأوّلُهم إسلاما ، سيفٌ من سيوف الله صَبَّه على أعدائه ، فانظروا إذا

    حمِيَ الوَطيسُ ، وثار القَتام ، وتكسَّر المُرَّان ، وجالَت الخيلُ بالأبطال ، فلا أسمع إلا غَمغمةً أو همهمة ، فاتَّبِعوني وكوني في

    أثري ) .

    المعذرة اقتصرنا على هذا القليل.في حق هذه الشخصية التاريخية العظيمة





    مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
    وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
    وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

    نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

  • صبر العقيلة
    عضو مميز
    • 30-12-2011
    • 1333

    #2
    رد: رجـــال عرفهـــم التاريـــخ




    ابو ذر الغفاري



    هو جندب بن جناده من قبيلة غفار من اصحاب رسول الله (ص) الذين أبلوا البلاء الحسن في الإسلام وقد قال عنه رسول الله (ص) (ما أظلت آلخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر).

    وقد كان أبو ذر في الجاهلية مؤمنأ بالله تعالى وما عبد الأصنام قط ، وحين بعث النبي (ص) قدم إلى مكة فأتى المسجد ليتعرف على النبي (ص) حتى أدركه الليل فاضطجع في المسجد فمر به علي (ع)

    فقال : كأن الرجل غريب ؟

    قال : نعم .

    فدعاه إلى منزله . وبقي عند علي ثلاثة أيام وبعد أن عرف علي أن أبا ذر يريد النبي (ص) أوصله اليه فسلم على النبي بتحية الاسلام قائلأ:

    السلام عليك يا رسول .

    فقال النبي (ص)وعليك السلام من أنت ؟

    قال أبو ذر، أنا من غفار فعرض علي الإسلإم فاسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدأ رسول الله .

    وبايع رسول الله على أن لا تأخذه في الله لومة لائم وأن يقول الحق ولو كان على نفسه ولو كان مرا.

    فكان أول عمل قام به أبو ذر بعد أن اسلم انه جاء إلى المسجد ونادى بأعلى صوته اشهد أن لا إله إلآ الله وأشهد أن محمدأ رسول الله. فقام إليه المشركون وضربوه ، فجاء العباس بن عبدالمطلب وخلصه منهم وهكذا فعل ثلاثة أيام
    .

    وطب النبي منه الرجوع إلى قومه فرجع بو ذر ودعا قومه إلى الإسلام فأسلم أخوه انيس ثم أسلمت أمهما ثم أسلم بعد ذلك نصف قبيلة غفار وأسلم النصف الثاني منهم حينما هاجر النبي (ص) إلى المدينة .

    وكان أبو ذر رابع رجل أسلم وقيل الخامس .

    وبقي أبو ذر رضوان الله تعالى عليه على عهده وتحمل ما تحمل من أجل ذلك حتى نفاه الخليفة الثالث إلى الشام. وفي الشام رأى أمورأ منكرة فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فنهاه معاوية وأعاده إلى المدينة ثم نفاه الخليفة مرة

    اخرى الى صحراء الربذة ومنع الناس من توديعه، لذا لم يودعه إلا علي والحسنان (ع) وعقيل.

    ولقد كان رضوان الله تعالى عليه زاهدأ صائمأ قائمأ يخشى الله تعالى، فقد قال الإمام الصادق (ع): بكى أبو ذر من خشية الله حتى اشتكى بصره فقيل له : يا أبا ذر لو دعوت الله أن يشفي بصرك ؟ فقال : إني عنه لمشغول وما هو من

    أكبر همي. قالوآ له وما يشغلك ؟ قال العظيمتان الجنة والنار. هكذا كان أبو ذر الغفاري مخلصأ لله تعالى ولرسوله (ص) ولأمير المؤمنين (ع)وقد دفع ثمن ذلك الإخلاص غاليأ في حياته حيث نفي وعاش بعيدأ عن الأهل والوطن، وكانت

    خاتمة حياة هذا الصحابي الجليل بعد طول الصحبة وعظيم الجهاد بين يدي الله ورسوله أن يبعد إلى الربذة . وكما أخبره رسول الله (ص) : (يا أبا ذر تعيش وحدك وتموت وحدك وتحشر وحدك
    ).




    ..............
    مقتطفات


    من أقوال رسول الله وأهل بيته(عليهم السلام) فيه

    1ـ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «ما أظلّت الخضراء وما أقلّت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر»

    2ـ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أبو ذرّ في أُمّتي شبيه عيسى بن مريم في زهده»

    3ـ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) مخاطباً الإمام عليّ(عليه السلام): «الجنّة تشتاق إليك، وإلى عمّار، وسلمان، وأبي ذر، والمقداد»

    4ـ قال الإمام عليّ(عليه السلام): «خلقت الأرض لسبعة بهم يرزقون، وبهم يمطرون، وبهم ينصرون: أبو ذرّ وسلمان والمقداد وعمّار وحذيفة وعبد الله بن مسعود... وأنا إمامهم، وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة(عليها السلام)»

    5ـ قال الإمام الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر... وهؤلاء أوّل السابقين، وأوّل

    المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين
    »



    موقفه من خلافة أبي بكر


    أنكر(رضي الله عنه) على أبي بكر جلوسه على عرش الخلافة، وتقدّمه على الإمام علي(عليه السلام) بقوله: «أمّا بعد، يا معشر المهاجرين والأنصار، لقد علمتم وعلم خياركم أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: الأمر لعليّ(عليه

    السلام) بعدي، ثمّ للحسن والحسين(عليهما السلام)، ثمّ في أهل بيتي من ولد الحسين. فأطرحتم قول نبيّكم؟ وتناسيتم ما أوعز إليكم، واتّبعتم الدنيا، وتركتم نعيم الآخرة الباقية التي لا تهدم بنيانها ولا يزول نعيمها، ولا يحزن أهلها

    ولا يموت سكّانها، وكذلك الأُمم التي كفرت بعد أنبيائها بدّلت وغيّرت فحاذيتموها حذو القذّة بالقذّة، والنعل بالنعل، فعمّا قليل تذوقون وبال أمركم وما الله بظلاّم للعبيد»



    موقفه من عثمان




    ساءه(رضي الله عنه) ما رأى من ممارسات عثمان في المدينة، وعامله معاوية في دمشق من مثل محاباته قُرباه بالأعمال المهمّة، ودفعه الأموال الطائلة، وكنز الثروات، والتبذير والإسراف، وانتهاك السُنّة النبوية، فامتعض منهما وغضب عليهما.
    فنفاه عثمان إلى الشام، ولمّا وصل إلى الشام بقي هناك على نهجه في التصدّي إلى مظاهر الإسراف والتبذير لأموال المسلمين، وظلّ صامداً بالرغم من محاولات معاوية في ترغيبه في الدنيا وتطميعه
    .

    وكان يقول: «والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها، والله ما هي في كتاب الله ولا سنّة نبيّه، والله إنّي لأرى حقّاً يطفأ، وباطلاً يحيا، وصادقاً مكذّباً، وأثرة بغير تقى، وصالحاً مستأثراً عليه»

    وبعد أن عجز عنه معاوية راسل عثمان في شأنه، فطلب عثمان من معاوية أن يُرجع أبا ذرّ إلى المدينة بُعنف، فأركبه معاوية على جمل بلا غطاء ولا وطاء.

    ولمّا دخل المدينة منهكاً متعباً حاول عثمان أن يسترضيه بشيءٍ من المال، فرفض ذلك، وواصل انتقاده للنظام الحاكم والأسرة الأموية، فغضب عثمان وأمر بنفيه إلى الرَبَذة، ليُبعده عن الناس


    رحم الله الصحابي الجليل أبا ذر،



    مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
    وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
    وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

    نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

    Comment

    • صبر العقيلة
      عضو مميز
      • 30-12-2011
      • 1333

      #3
      رد: رجـــال عرفهـــم التاريـــخ



      عمار ابن ياسر

      يعد عمار بن ياسر رضي الله عنه من صحابة رسول الله المخلصين ، وممن كانوا اوفياء لأمير المؤمنين (ع)، وقد قدم للدين كل ما عنده وتحمل من أجل ذلك الكثير من المصاعب والآلام .

      ويرجع نسبه الى قبيلة مذحج ، وقد ولد فى مكة ونشأ فيها، وقيل أنه اقرب الناس سنا الى النبي الكريم (ص)، وقد كان ذكيا فطنا. وعندما ظهرت دعوة الاسلام الحنيف في ربوع مكة كان سابع من أسلم ، ثم أسلم أبواه ياسر وسمية


      رضوان الله تعالى عليهما، فغاظ ذلك أبو جهل فعذب عائلة عمار عذابا شديداحتى استشهد الأب والأم في سبيل الله. وكان رسول الله (ص) قد مر بهم يوما والصخور الحارة فوق صدورهم وهم تحت الشمس المحرقة فوقف (ص) يمسح

      رأس ياسر وهو يقول : صبرا يا آل ياسر فان موعدكم الجنة.

      اما عمار فتحتل من تعذيب المشركين وأذاهم الشيء الكثير ، وأنقذه الله تعالى من أياديهم بعد ذلك .

      شارك عمار في معركة بدر وكافة معارك المسلمين الى جانب رسول الله (ص ). ويعتبر من تلاميذ رسول الله (ص) العلماء بسبب مواهبه الشخصية وقربه من خاتم الأنبياء (ص
      ).

      وينقل لنا التاريخ عبر صفحاته قصة بناء المسجد في المدينة ، حيث كان كل مسلم يحمل حجرا واحدا وعمار حمل حجرين ، فقال له النبي (ص): ألا تحمل كما يحمل أصحابك ؟!

      فأجاب : اريد الأجر والثواب . فراح النبي (ص) ينفض التراب عن رأس عمار وهو يقول له : يا عمار تقتلك الفئة الباغية ، تدعوهم الى الجنة ويدعونك الى النار.

      وبعد رحيل رسول الله (ص) وقف عمار الى جانب امير المؤمنين (ع) الى ان استشهد على يد معاوية وبني امية.

      وكان عمار من القلة الذين شيعوا سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء الى مثواها الأخير
      .

      ومن ابرز صفات عمار (رض) انه كان شجاعآ وكريمآ وزاهدآ وصادقآ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولهذا كان رسول الله (ص) يقول : إن الجنة تشتاق الى اربعة ، علي وعمار وسلمان وأبي ذر.

      شارك عمار في حرب الجمل وصفين مع امير المؤمنين (ع)، وقال : أمرني رسول الله (ص) أن اقاتل عع علي (ع) الناكثين وقد قاتلناهم ، والقاسطين وهم معاوية وحزبه ، ولا آدري هل آدرك المارقين وهم الخوارج ؟


      وفي صفين جاء الى أمير المؤمنين (ع) وطلب منه الإذن في القتال قائلآ: أتأذن لي يا أخا رسول الله في القتال؟

      فأجابه الامام (ع): مهلا يرحمك الله.

      ثم جاء ثانية وسمع نفس الجواب ، وجاء ثالثة بأصرار، فأذن له أمير المؤمنين (ع) بالقتال ففرح عمار (رض) وقال : (والله ما تبعتك يا أمير المؤمنين إالا لأنك على الحق كما أخبرني رسول الله (ص)، ثم طلب قليلآ من الماء فجيء اليه

      باللبن ، وقالوا له ليس معنا مإء، فشربه وتبسم ، وقال : هكذا وعدني رسول الله (ص) أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن ، ثم برز للقتال واستشهد على يد أحد جلاوزة معاوية ويدعى ابو العادية الفزاري ففرح معاوية وعمرو بن

      العاص لمقتله. وهكذا خسرت الدنيا احد اهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
      .


      ............مقتطفات

      .. سأل سائلٌ الإمام الصادق عليه السّلام:

      أرأيت أن أختار القتل ـ أي الاستشهاد ـ دون البراءة ـ أي من أمير المؤمنين عليه السّلام إجباراً ـ ؟ فأجابه الإمام عليه السّلام قائلاً:

      واللهِ ما ذلك عليه وما له، إلاّ ما مضى عليه عمّار بن ياسر، حيث أكرهه أهل مكّة وقلبه مطمئن بالإيمان، فأنزل الله عزّوجلّ: إلاّ مَن اُكرِهَ وقلبُه مُطمئنٌّ بالإيمان ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله عندها: يا عمّار، إن عادوا فعُد؛ فقد أنزل

      الله عزّوجلّ عُذرك، وأمرك أن تعود إن عادوا
      .


      وعن أبي جعفر الباقر عليه السّلام، وكذا عن ابن عبّاس في قوله تعالى: أوَ مَن كانَ مَيْتاً فأحيَيناهُ وجَعَلْنا له نوراً يمشي به في الناس.. أنّه عمّار بن ياسر حين آمن، كمَن مثَلُه في الظُلماتِ ليس بخارجٍ منها ؟! أنه أبو جهل. وفي

      الروايات: وجَعَلْنا له نوراً يمشي به في الناس النور: الولاية، أو الإمام الذي يأتمّ به، يعني عليَّ بن أبي طالب صلوات الله عليه.


      وقد كان عمّار رضوان الله عليه من أهل الولاية، ومن الموالين لأمير المؤمنين عليه السّلام والمخلصين المتفانين في محبّته، والمستشهَدين على هداه
      .

      أمّا كلمات رسول الله صلّى الله عليه وآله في عمّار فهي كثيرة ووافرة، وصريحة ومتظافرة.. تشير إلى جلالته ورفعة مقامه وسموّ درجاته في الدنيا والآخرة، من ذلك:

      ـ إنّ عمّاراً مُلئ إيماناً من قَرنه إلى قدمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه.

      ـ مرحباً بالطيِّب المطيَّب.. ائذنوا له.

      ـ دم عمّار ولحمه وعظمه حرام على النار.

      ـ الجنّة تشتاق إليك [ أي: يا عليّ ] وإلى عمّار وإلى سلمان، وإبي ذرّ والمِقداد


      من بعض اقواله الخالدة



      طلحةُ فيها والـزبيرُ غـادرُ*** والحـقّ في كفّ عليٍّ ظاهرُ


      سيروا إلى الأحزابِ أعداءِ النبي *** سيروا فخيرُ الناس أتباعُ عليّ



      ...
      استشهد الصحابي الجليل وسمع معاوية الخبر فأظهر فرحه وشماتته بشهادة هذا الصحابيّ الجليل، فكان يقول: كانت لعليّ بن أبي طالب يدان يمينان، قُطعت إحداهما يوم صفّين ـ يعني عمّار بن ياسر..


      أمّا أمير المؤمنين عليه السّلام فقد أبّنه أروع تأبين، واقفاً عليه وقفة إكبار وإجلال واعتزاز، إذ جاءه إلى مصرعه وجلس إليه ووضع رأسه في حِجره وأنشد يقول:


      ألا أيّها الموت الذي هو قاصدي أرحني فقد أفنيتَ كلّ خليلِ


      أراك بـصـيـراً بالذين أحبُّهُم كـأنّك تنحو نحوَهم بدليلِ

      ثمّ حمله، وجعل يمسح الدم والتراب عن وجهه وهو يقول:


      وما ظبيةٌ تسبي القلوب بطَرفِها إذا التـفـتَـت خِلْنا بأجفانها سِحْرا

      بأحسنَ ممّن كلّل السيفُ وجهَهُ دَماً في سبيل الله حتّى قضى صبرا

      ثمّ قال عليه السّلام: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، إنّ امرأً لم تدخل عليه مصيبة مِن قتل عمّار فما هو من الإسلام في شيء. ثمّ قال: رحم الله عمّاراً يوم يُبعث، ورحم الله عمّاراً يوم يُسأل... قاتلُ عمّار، وسالب عمّار، وشاتم عمّار في النار
      .


      ثمّ إنّه عليه السّلام صلّى عليه، ودفنه بثيابه.



      مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
      وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
      وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

      نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

      Comment

      • صبر العقيلة
        عضو مميز
        • 30-12-2011
        • 1333

        #4
        رد: رجـــال عرفهـــم التاريـــخ



        جعفر بن ابي طالب


        جعفر بين ابي طالب هو احد ابطال الاسلام الذين ضحوا من اجل الدين والعقيدة كما ضحى أبوه أبو طالب بن عبدالمطلب واخوته علي وعقيل وطالب.

        ولد في مكة بعد عام الفيل بعشرين سنة ، وهو من المسلمين الأوائل الذين جاهدوا في سبيل الله وكان ثالث شخص امن برسالة النبي(ص) حتى قال فيه: (علي أصلي وجعفر فرعي) كما قال : (رأيت جعفرأ يطير في الجنة مع

        الملائكة ).
        وكان حاملا للاخلاق الحميدة والصفات الطيبة كصدق الحديث وحب الخير للناس ومساعدتهم والابتعاد عن الذنوب . وعندما أسلم سارعت قبيلة قريش الى إيذاء المسلمين ومنع الآخرين من دخول الإسلام بالقوة رغم وجود ابي طالب

        وهو شيخ من شيوخ قريش إلأ ان النبي (ص) دعا قسما من المسلمين للهجرة الى الحبشة . فهاجر منهم حوالي 80 مسلما يقودهم جعفر بن ابي طالب، ولم تتركهم قريش عند هذا بل عملت على إرسال وفد يترأسه عمرو بن

        العاص وعمارة بن الوليد حاملين معهم هدايا الى النجاشي ملك الحبشة وحاشيته يطلبون منه أن يسلمهم المسلمين،

        وقالوا له : ان هؤلاء قد خالفوا ديننا ورفضوا عبادة الهتنا، نطلب منك أن تردهم الينا.

        ولم يتعجل ملك الحبشة الأمر، فبعث الى جعفر بن أبي طالب يسأله فأجاب بقول بليغ :

        ان هؤلاء القوم ليس لهم علينا دين . ولا نحن عبيدهم . لقد اذونا فجئنا عندك طلبا للأمان بعد ان امنا بالنبي(ص) الذي أمرنا بترك الظلم والحرام ، وان نحسن الى ذي القربئ ونأمر بالعدل والإحسان .

        فقال النجاشي وكان من المسيحيين : بهذا ارسل الله تعالى عيسى (ع) ثم بكى بعد ان قرا عليه جعفر شيا من القران وقال: والله هذا هو الحق ، ونجى المسلمون من عذاب الكافرين وبقي جعفر وأصحابه في الحبشة حتى عادوا الى

        المدينة في السنة السابعة للهجرة عندما فتح النبي(ص) خيبر وجاء معه سبعون رجلا من اهل الحبشة بعد أن اسلموا على يده ، وفرح الرسول الكريم (ص) كثيرا بعودته بعد غياب طويل ، وقد كافأه النبي(ص) بأن علمه صلاة خاصة

        سميت فيما بعد بصلاة جعفر الطيار بعد ان ظن الناس انه سيعطيه هدية من الذهب والفضة.

        وكان لجعفر بن ابي طالب أولاد هم : عبد الله الذي ولد في الحبشة وهو أول مولود للمسلمين فيها، وقال فيه رسول الله (ص ): عبد الله يشبه خَلقي وخُلقي. ولم يبايع النبي(ص ) من الأطفال إلا عبد الله والحسن والحسين وعبد الله

        بن عباس .ولجعفر ولدان آخران هما عون ومحمد ممن ولد في الحبشة أيضأ.

        وأرسله الرسول (ص) لقتال جيش الروم شرق نهر الاردن ، وكان جيش العدو أكبر منهم بكثير. ومع ذلك قرر أن يقاتلهم لمنعهم من الهجوم على المدينة حتى أستشهد في معركة مؤتة، بعد أن قطعوا يديه لذا عوضه الله تعالى بجناحين

        يطير بهما في الجنة فسمي بذلك جعفر الطيار ، وكانت شهادته فاجعة كبيرة للمسلمين خاصة الرسول (ص ) حيث حزن عليه كثيرألأنه من قادته الابطال فقد قال فيه : (رحم الله عمي أبا طالب لو ولد الناس كلهم لكانوا شجعانأ
        ).



        ................ مقتطفات

        كنيته ..يكنى بالطيار لما قطعت يداه في الحرب قال ص لق ابدله الله بهما جناحين يطير بهما في الجنة. كما سمي بذي الجناحين


        وكني كذلك بذي الهجرتين لانه هاجر الى الحبشة ثم المدينة

        .. وقد وصف أحد الجنود جعفراً في المعركة بقوله: لكأني أنظر إلى جعفر يوم مؤتة حين اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها وأخذ يقول:


        يا حبـذا الجنـة واقترابـها *** طيبـة وبـارد شرابهـا

        والروم روم قد دنا عذابـها *** كافـرة بعيدة أنسابـها

        عليّ إذا لاقيتها ضرابـها

        فأخذ اللواء بيمينه فحارب حتى قطعت يمينه، فأخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتى قتل، فسقط مضرجاً بدمائه دون أن يسقط اللواء على الأرض، حيث التقطه بعض الجنود.

        ..عن عبد الله بن عمر قال: ((فقدنا جعفر يوم مؤتة فوجدنا فيما أقبل من جسمه بضعاً وتسعين جرحاً ما بين ضربة سيف أو طعنة رمح أو رمية سهم

        ويروى أن زوجه أسماء بنت عميس قالت ترثيه:


        فآليت لا تنفك عيني حزينـة ***عليك .. ولا ينفك جلديَ أغبرا

        فلله عينا من رأى مثلـه فتى *** أكــرّ وأحمى في الهياج وأصبرا




        ..........
        فلا يُبعِدَنّ اللهُ قتلى تتابعوا

        بـ « مُؤتةَ »، منهم « ذوالجناحَينِ جعفرُ »

        « وزيدٌ » و « عبدُالله » حين تتابعوا

        جميعاً، وأسبابُ المنيّة تخطرُ

        غداةَ مضَوا بالمؤمنينَ يقودُهُم

        إلى الموتِ ميمونُ النَّقيبةِ أزهَرُ

        أغرُّ كضوءِ البدر مِن آل هاشمٍ

        أبيٌّ إذا سِيمَ الظُّلامةَ مُجْسِرُ

        فصارَ مع المُستشهَدين ثوابُه

        جِنانٌ، وملتفُّ الحدائق أخضر
        !



        مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
        وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
        وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

        نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

        Comment

        • صبر العقيلة
          عضو مميز
          • 30-12-2011
          • 1333

          #5
          رد: رجـــال عرفهـــم التاريـــخ



          سلمان المحمدي

          هو ابو عبد الله سلمان المحمدي وكان اسمه قبل الاسلام مابه وقيل: روزبة بن بودخشان.روي الكشي في رجاله بسند عن الحسن بن حبيب عن ابي جعفر (ع): قال: ذكر عنده سلمان الفارسي، فقال ابو جعفر ((مهلاً لاتقولوا سلما ن


          الفارسي، ولكن سلمان المحمدي، ذاك رجل منا اهل البيت))..قال امير المؤمنين (ع) في سلمان (ع): ((سلمان ادرك العلم الاول والعلم الآخر، بحر لايدرك قعره، وهو منا أهل البيت) ويقال له: سلمان ابن الاسلام وسلمان الخير، أصله من رام

          هرمز، وقيل: من اصفهان

          وكان عالماً زاهداً وكان اذا خرج عطاؤه تصدق به، وينسج الخوص ويأكل من كسب يده،،،وروى صاحب (أسد الغابة) عن أني بن مالك، قال: قال رسول الله (ص) ((أن الجنة تشتاق الى ثلاثة علي وعمار وسلمان)) وكان سلمان من خيار الصحابة


          وزهادهم وفضلائهم وذوي القرب من رسول الله (ص)...

          كان سلمان المحمدي (ع) من أصحاب رسول الله (ص) الأوفياء ومن أصحاب الإمام علي (ع) المخلصين كان من أوائل الرجال اللذين أعتنقوا الأسلام.وقد أشاد رسول الله (ص) بجهاده وقال فيه أقوالاً عديدة منها قوله (ص) ((أمرني ربي بحب

          أربعة وأخبرني سبحانه بحبهم، علي وأبو ذر والمقداد وسلمان)) وقال (ص) السابقون أربعة – أنا سابق العرب، وصهيب سابق الروم، وسلمان سابق فارس، وبلال سابق الحبشة

          وقال (ص) ((...أشتاقت الجنة الى ثلاثة علي وعمار وسلمان)) وغيرها من أقوال الرسول (ص) في هذا الرجل العظيم...نكتفي بهذا الحد

          ...وبعد وفاة الرسول (ص) أصبح سلمان من أشد المقربين للإمام علي (ع)......احد خطبه يبين فيها فضائل امير المؤمنين ,

          ........دعا سلمان كبار المسلمين للأجتماع وما أن تم ذلك الأجتماع حتى قام فيهم وخطب تلك الخطبة الرائعة التي أثنى فيها على الإمام علي (ع) وبين فضائله ومناقبه وقال فيما قال:-((...أيها الناس ويحكم مالنا وأبو فلان، أجهلتم أم

          تجاهلتم، أم حسدتم أم تحاسدتم والله لتردن كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف، يشهد الشاهد على الناجي بالهلكة ويشهد مع الكافر بالنجاة، الا واني المحجلين وأمام الصديقين والشهداء والصالحين.

          كانت له وصايا رائعة ذات العلم الوفير، نذكر احدها , فمن وصاياه أنه يقول:- .. العلم كثير والعمر قصير، فخذ من العلم ماتحتاج إليه في أمر دينك، ودع ماسواه فلا تعاناه.

          أما الإمام الصادق (ع) فقد سأله أصحابه: ما أكثر ما نسمع منك يا سيدي ذكر سلمان الفارسي فقال (ع):- أتدرون ما كثرة ذكري له؟ قالوا لا، قال (ع): لثلاث خلال احدها أيثاره أمير المؤمنين (ع) على هوى نفسه، والثانية، حبه للفقراء،

          وأختياره أياهم على أهل الثروة والعدد، والثالث حبه للعلم والعلماء، ان سلمان كان عبداً صالحاً حنيفاً مسلماً وماكان من المشركين..

          وقال الإمام موسى بن جعفر (ع):- ((.. اذا كان يوم القيامة نادى مناد: اين حواري محمد بن عبد الله رسول الله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد...

          عن جابر الأنصاري قال: صلى بنا أمير المؤمنين صلاة الصبح ثم أقبل علينا فقال: معاشر الناس أعظم الله أجوركم في أخيكم سلمان فقالوا في ذلك، فلبس عمامة رسول الله (ص) ودراعته وأخذ قضيبه وسيفه وركب على العضباء وقال لقنبر عد


          عشراً قال:- ففعلت فأذا نحن على باب سلمان... قال زاذان:- فلما أدركت سلمان الوفاة قلت له:- من المغسل لك؟ قال من غسل رسول الله (ص) فقلت انك بالمدائن وهو بالمدينة فقال:- يازاذان: اذا شددت لحيي تسمع الوجبة فلما شددت

          لحيته سمعت الوجبة وادركت الباب فاذا أنا بأمير المؤمنين (ع) فقال:- يازادان قضى ابو عبد الله سلمان؟ قلت:- نعم ياسيدي فدخل وكشف الرداء عن وجهه فتبسم سلملن الى أمير المؤمنين فقال له:- مرحباً يا أبا عبد الله اذا لقيت رسول الله

          فقل له ما مر على أخيك من قومك....

          فسلمان المحمد (ع) من أعاظم أصحاب رسول الله (ص) في علو الشأن وجلالة القدر، وعظم المنزلة، وسمو المرتبة، ووفور العلم والتقوى والزهد

          وقد أتفق أهل الأسلام قاطبة على علو شأنه وجلالة قدره...وقد عده الإمام الصادق والرضا (ع) من المؤمنين الذين تجب ولايتهم والبراءة من أعدائهم.وهو من السبعة الذين وفوا لرسول الله (ص) في مودة القربى ومن الذين خلقت الأرض لهم

          وبهم يمطرون وبهم ينصرون ومن الذين شهدوا الصلاة على الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع).وأنه كان محدثاً يبعث الله إليه ملكاً ينقر في أذنيه

          ... تلك شخصية سلمان المحمدي (ع) الشامخة التي خدمت الشريعة الأسلامية بمواقفها المشرفة وبعلمها الغزير وبولائها لأمير المؤمنين (ع) وأبنائه الكرام...فألف تحية لهذا الرجل العظيم والصحابي الجليل الذي أنعم الله عليه بتلك السعادة

          الأبدية، وتشيع سلمان المحمدي (ع) وأنقطاعه لأهل البيت (ع) حتى قال فيه رسول الله (ص) ((سلمان منا أهل البيت)) لايختلف فيه أثنان وذلك من أسلامه وحتى آخر يوم في عمره ومواقفه تشهد بذلك وقضية دفنه من قبل علي أمير

          المؤمنين (ع) بطريق المعجزة (طي الأرض) خير شاهد ودليل على أرتباطه بأهل البيت (عليهم السلام
          )



          ابيات شعر للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام ) بحق سلمان المحمدي (ع)


          لعمرك مـا الإنسـان إلا بدينـــه*****فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب


          فقد رفع الاسلامُ سلمـانَ فـارسٍ***** وَقَدْ وَضَعَ الشِّرْكُ الشَّرِيْفَ أَبَا لَهَــــبْ



          مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
          وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
          وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

          نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

          Comment

          • صبر العقيلة
            عضو مميز
            • 30-12-2011
            • 1333

            #6
            رد: رجـــال عرفهـــم التاريـــخ



            كميل ابن زياد

            وُلِدَ كميل بن زياد قبل الهجرة النبويّة بعدّة سنين في اليمن. وكانت عائلته واحدة من ‏أكبر العائلات المعروفة باليمن، قدَّمت هذه القبيلة خدمات جليلة للإِسلام، فمالك ‏الأشتر، وهلال بن نافع، وسوادة بن عام، وغيرهم كلّهم من قبيلة كميل بن

            زياد.

            سكن معظم أفراد هذه القبيلة بعد الإِسلام في الكوفة. يعتبر كميل بن زياد من التابعين، ‏ومن حواري أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولم يسجّل التاريخ بأنّ كميل كانت له ‏فعّاليّات في عهد الخلفاء الثلاثة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله)،

            ولكن ورد ‏بأنّ الحجّاج قتله بتهمة الإِشتراك في قتل عثمان.

            لقد بدأت حياة «كميل» الجهاديّة المشرقة في عهد الإِمام علي (عليه السلام) وقد ‏أُعتبر من كبار أنصاره ومؤيّديه خلال فترة خلافته.

            لقد بلغ قرب كميل من الإِمام (عليه السلام) إلى درجة أنّه كان يخرج معه في جوف ‏اللّيل للمناجاة، وبثّه بعض الحِكَم والأسرار.

            وعندما استلم الإِمام (عليه السلام) زمام اُمور المسلمين، عزل بعض الولاة والقادة ‏غير المؤهّلين، وعيّن مكانهم من هو أهل لهذه المناصب، وضمن سلسلة التعيينات ‏هذه، عيّن الإِمام (عليه السلام) كميلاً والياً وحاكماً على مدينة «هيت»

            التي تقع على ‏نهر الفرات في العراق، وطلب منه أن يقف بحزم في وجه أطماع معاوية.

            وقد بلغت ثقة الإِمام (عليه السلام) بـ «كميل بن زياد» إلى درجة أنّه كتب إلى ‏كاتب بيت المال «عبيد الله بن أبي رافع» يقول فيه سيصلك عشرة من الثقاة لإِجراء ‏تصفية الحسابات الخاصّة والمتعلّقة ببيت المال، فلمّا استفسر عبيد الله عن

            أسمائهم، ‏سمّاهم الإِمام (عليه السلام) وكان كميل بن زياد أحدهم، وكان لفترة مسؤولاً عن بيت ‏المال.

            كما كان على مستوى رفيع من العلم والمعرفة والفضيلة، مع زهد، وعبادة، وحيطة ‏في كلّ أُموره لا سيّما في عقيدته ودينه، وكان كثير السؤال من الإِمام (عليه السلام) ‏في شتّى الاُمور، وكان الإِمام (عليه السلام) يجيبه عنها ويهتمّ بها لا


            سيّما بأسئلته ‏العلميّة والفقهيّة ضمن سلسلة من المواعظ والحِكَم، على مسمع من الحاضرين ‏ليستفيدوا منه. ‏

            إنّ تعليم الإِمام (عليه السلام) الدعاء المشهور بإسمه، وما جاء فيه من رفيع الأدب، ‏وفنون التهجّد والعبادة، لدليل على ما كان يتمتّع به ( كميل ) من المعرفة العالية، ‏والمنزلة الرفيعة والقابليّات الفذّة التي تستوعب ذلك، وكان دائم الحضور في

            مجلس ‏الإِمام (عليه السلام) أيّام تواجده في الكوفة. ‏

            عن المغيرة قال: لما وُلِّي الحجّاج طلب كميل بن زياد فهرب منه، فحرم ‏قومه عطاءهم، فلمّا رأى كميل ذلك قال: أنا شيخ كبير فقد نفذ عمري، لا ينبغي أن ‏أُحرم قومي عطيّاتِهم، فخرج فدفع بيده إلى الحجّاج، فلمّا رآه قال له: لقد كنت أحبُّ أن

            ‏أجد عليك سبيلاً.

            فقال له كميل: لا تصرف عليَّ أنيابك ولا تهدِّم عليَّ، فواللهِ ما بقي ‏مِن عُمري إلاّ مثل كواسل الغبار، فاقضِ ما أنت قاض فإنّ الموعد الله وبعد القتل ‏الحساب، ولقد خبّرني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) إنّك قاتلي; ‏قال: فقال

            له الحجّاج: الحجّة عليك إذن.

            فقال كميل: ذاك إن القضاء كان إليك.

            قال: ‏بلى قد كُنتَ فيمن قتل عثمان بن عفّان، اضربوا عنقه فضُربت عنقه، فقُتل صابراً ‏محتسباً وصعدت روحه الطاهرة إلى مصاف أرواح الصدِّيقين والشهداء والصالحين ‏وحسن اُولئك رفيقاً.


            والسلام عليه يوم ولد، ويوم آمن وجاهد، ويوم اسشتهد ويوم يبعث حيّاً.

            استشهد سنة 82 للهجرة، وهو ابن سبعين عاماً على يد الطاغية الحجّاج ‏الثقفي فيمن استشهد من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام).

            ..................قال كميلُ بن زياد : كنت جالساً مع مولاي أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) في مسجد البصرة و معه جماعة من أصحابه .

            فقال بعضهم : ما معنى قول الله عَزَّ و جَلَّ : { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } ؟

            قال ( عليه السَّلام ) : " ليلة النصف من شعبان ، و الذي نفس علي بيده إنه ما من عبد إلا و جميع ما يجري عليه من خير و شر مقسوم له في ليلة النصف من شعبان إلى آخر السنة في مثل تلك الليلة المقبلة ، و ما من عبد يحييها و يدعو

            بدعاء الخضر ( عليه السَّلام ) إلا أجيب ( له ) " .

            فلما انصرف طرقته ليلاً .


            فقال ( عليه السَّلام ) : " ما جاء بك يا كميل " ؟

            قلت : يا أمير المؤمنين دعاء الخضر .

            فقال : " اجلس يا كميل ، إذا حفظت هذا الدعاء فادعُ به كل ليلة جمعة ، أو في الشهر مرة ، أو في السنة مرة ، أو في عمرك مرة ، تُكْفَ وَ تُنْصَر وَ تُرْزَق ، وَ لَنْ تُعْدَم المغفرة .

            يا كميل : أوجَبَ لك طولُ الصحبة لنا أن نَجُودَ لكَ بما سألت " .

            ثم قال : " اَللّـهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء ... و ذَكَرَ الدعاء
            .

            "
            اَللّـهُمَّ اِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء، وَبِقُوَّتِكَ الَّتِي قَهَرْتَ بِها كُلَّ شَيْء وَخَضَعَ لَها كُلُّ شَيْء، وَذَلَّ لَها كُلُّ شَيْء وَبِجَبَرُوتِكَ الَّتِي غَلَبْتَ بِها كُلَّ شَيْء، وَبِعِزَّتِكَ الَّتِي لا يَقُومُ لَها شَيْءٌ وَبِعَظَمَتِكَ الَّتِي مَلأَتْ، كُلَّ شَيْء وَبِسُلْطانِكَ

            الَّذِي عَلا كُلَّ شَيْء وَبِوَجْهِكَ الْباقِي بَعْدَ، فَنآءِ كُلِّ شَيْء وَبِأَسْمائِكَ الَّتِي مَلأَتْ أَرْكانَ كُلِّ شَيْء، وَبِعِلْمِكَ الَّذِي أَحاطَ بِكُلِّشَىْء وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضآءَ لَهُ، كُلُّ شيْء يا نُورُ يا قُدُّوسُ يا أَوَّلَ الأوَّلِينَ وَيا آخِرَ الاْخِرينَ.

            اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تَهْتِكُ الْعِصَمَ، اَللّـهُمَّ اغْفِـرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُنْزِلُ النِّقَمَ، اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُغَيِّـرُ النِّعَمَ، اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لي الذُّنُوبَ الَّتي تَحْبِسُ الدُّعاءَ، اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُنْزِلُ الْبَلاءَ، اَللّهُمَّ اغْفِرْ لي كُلَّ ذَنْب اَذْنَبْتُهُ، وَ

            كُلَّ خَطيئَة اَخْطَأتُها ....




            مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
            وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
            وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

            نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

            Comment

            • صبر العقيلة
              عضو مميز
              • 30-12-2011
              • 1333

              #7
              رد: رجـــال عرفهـــم التاريـــخ



              ابي حمزه الثمالي

              ثابت بن دينار الكوفي يكنى أبو حمزة الثمالي، وكنية دينار أبو صفية،والثمالي عشيرة من عشائر الأزد، ثقة عالم جليل، ورع تقي، تربى بآداب أهل البيت (عليهم السلام)، وحمل علومهم ومعارفهم

              نشأ أبو حمزة في الكوفة التي كانت مركزاً للتشيع والولاء لأهل البيت (عليهم السلام)، وقد أخذ علومه من مشايخها الذين كانوا يحملون علوم أهل البيت وفقههم، وقد صار من أبرز علمائها ومشايخها وزهادها.

              وأجمع المترجمون له على وثاقته، وعدالته، وصدق حديثه، وأنه كسلمان الفارسي في زمانه حسبما يقول الإمام الصادق (عليه السلام) وجرحه ابن معين لتشيعه وولائه لأهل البيت (عليهم السلام) الذين فرض الله مودتهم على المسلمين.

              كان من أبرز علماء عصره في الحديث والفقه وعلوم اللغة وغيرها، وقد روى عنه ابن ماجة في كتاب الطهارة وكانت الشيعة ترجع إليه في الكوفة، وذلك لإحاطته بفقه أهل البيت (عليهم السلام).

              وفي منزلته يقول الإمام الرضا ( عليه السلام ) : أبو حَمْزة الثمالي في زمانه ، كَسَلمان الفارسي في زمانه، وذلك أنه خدم أربعة منا: علي بن الحسين، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد، وبرهة من عصر موسى بن جعفر ( عليهم السلام ).

              روى طائفة كبيرة من الأحاديث عن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) فقد روى عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) والإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) كما روى عن أبي رزين الأسدي، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وروى عنه أبو أيوب،

              وأبو سعيد المكاري وابن رئاب، وابن محبوب، وابن مسكان، وأبان بن عثمان وغيرهم.

              ....من أحاديثة

              حديث ثابت بن أبي صفية عن الإمام الباقر (عليه السلام)، وفيه: ((ان الحسين (عليه السلام) قال: يظهر الله قائمنا، فينتقم من الظالمين. فقيل له: يا ابن رسول الله، من قائمكم؟ قال: السابع من ولد ابني محمد بن علي. وهو الحجة بن

              الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابني. وهو الذي يغيب مدة طويلة، ثم يظهر، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً))


              ألف مجموعة من الكتب في مختلف العلوم، تدلل على غزارة علمه، ومن بينها....كتاب (النوادر). كتاب (الزهد). كتاب (تفسير القرآن). رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (عليه السلام)......

              توفي هذا العالم الجليل سنة (150هـ) وقد خسر المسلمون بفقده علماً من أعلام الفكر والجهاد في عصره
              .



              "
              اِلهي لا تُؤَدِّبْني بِعُقُوبَتِكَ ، وَ لا تَمْكُرْ بي في حيلَتِكَ ، مِنْ اَيْنَ لِيَ الْخَيْرُ يا رَبِّ وَ لا يُوجَدُ إلاّ مِنْ عِنْدِكَ ، وَ مِنْ اَيْنَ لِيَ النَّجاةُ وَ لا تُسْتَطاعُ إلاّ بِكَ ، لاَ الَّذي اَحْسَنَ اسْتَغْنى عَنْ عَوْنِكَ وَ رَحْمَتِكَ ، وَ لاَ الَّذي اَساءَ وَ اجْتَرَأَ عَلَيْكَ وَ لَمْ يُرْضِكَ خَرَجَ

              عَنْ قُدْرَتِكَ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ ( حتّى ينقطع النّفس ) ، بِكَ عَرَفْتُكَ وَ اَنْتَ دَلَلْتَني عَلَيْكَ وَ دَعَوْتَني اِلَيْكَ ، وَ لَوْلا اَنْتَ لَمْ اَدْرِ ما اَنْتَ .

              اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي اَدْعوُهُ فَيُجيبُني وَ اِنْ كُنْتُ بَطيئاً حينَ يَدْعوُني ، وَ اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي اَسْأَلُهُ فَيُعْطيني وَ اِنْ كُنْتُ بَخيلاً حينَ يَسْتَقْرِضُني ، وَ الْحَمْدُ للهِ الَّذي اُناديهِ كُلَّما شِئْتُ لِحاجَتي ، وَ اَخْلُو بِهِ حَيْثُ شِئْتُ لِسِرِّي بِغَيْرِ شَفيع فَيَقْضى لي حاجَتي ،

              اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا اَدْعُو غَيْرَهُ وَ لَوْ دَعَوْتُ غَيْرَهُ لَمْ يَسْتَجِبْ لي دُعائي ، وَ الْحَمْدُ للهِ الَّذي لا اَرْجُو غَيْرَهُ وَ لَوْ رَجَوْتُ غَيْرَهُ لاَ خْلَفَ رَجائي ، وَ الْحَمْدُ للهِ الَّذي وَكَلَني اِلَيْهِ فَاَكْرَمَني وَ لَمْ يَكِلْني اِلَى النّاسِ فَيُهينُوني ، وَ الْحَمْدُ للهِ الَّذي تَحَبَّبَ اِلَىَّ وَ هُو

              غَنِيٌّ عَنّي ، وَ الْحَمْدُ للهِ الَّذي يَحْلُمُ عَنّي حَتّى كَاَنّي لا ذَنْبَ لي ، فَرَبّي اَحْمَدُ شَيْيء عِنْدي وَ اَحَقُّ بِحَمْدي.....




              مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
              وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
              وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

              نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

              Comment

              • صبر العقيلة
                عضو مميز
                • 30-12-2011
                • 1333

                #8
                رد: رجـــال عرفهـــم التاريـــخ



                سعيد بن جبير

                سعيد بن جُبَير الأسدي الكوفي، تابعيّ مشهور بالفقه والزهد والعبادة، وعلم تفسير القرآن، وكان أخَذَ العلم عن أهل البيت عليهم السلام وبعضَه بواسطة ابن عبّاس، وكان يُسمّى جِهْبِذَ العلماء ( أي نَقّادهم وخبيرهم ). قتله الحجّاج سنة

                ( 95 هجريّة ) وهو ابن تسعٍ وأربعين سنة. قيل: لم يَبقَ بعده الحجّاج إلاّ خمس عشرة ليلة او شهر ، وحُكي أنّ الحجّاج لم يَقتُل بعد سعيدٍ أحداً؛ لدعاء سعيد قبيلَ شهادته: اَللهمّ لا تُسلّطْه على أحدٍ يقتله بعدي. وذكر القاضي الشهيد

                التستري أنّ قبر سعيد بن جبير في مدينة واسط ( الكوت ) بالعراق

                كان رضوان الله عليه من الأصحاب الخاصّين للإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السلام،

                عن الإمام الصادق عليه السلام قولَه: « إنّ سعيد بن جُبَير كان يأتمّ بعليّ بن الحسين عليه السلام، وكان عليٌّ ( أي السجّاد ) عليه السلام يُثني عليه، وما كان سببُ قتلِ الحجّاج له إلاّ على هذا الأمر، وكان مستقيماً ».

                ذُكر سعيد عند أئمّة المذاهب الأربعة أنّه جِهبذ العلماء ( أي نَقّادهم وخبيرهم ). وصحاحهم من البخاري وغيره تزخر برواياته، وكتبهم الفقهية لا تخلو من فتاواه، وقد وصفوه بـ « الشهيد »، ونقموا على الحجّاج لقتله إيّاه.

                ولا غرابة في ذلك وسعيد بن جبير هو مَن أخذ العلم عن أهل بيت الوحي والرسالة، وكتب أحمد بن حنبل في العلل : قال إبراهيم: ما ترك سعيدٌ بعدَه مِثلَه,كذلك كتب العِجليّ في الثّقات ما كان يُفتي الناسَ بالكوفة قبل معركة الجماجم إلاّ
                سعيدُ بن جُبير.
                عن عامر الشعبي قال: بعث إليّ الحجّاج ذاتَ ليلة، فخَشِيتُ فقمت فتوضأت وأوصيت، ثمّ دخلتُ عليه فنظرت، فإذا نِطعٌ منشور والسيف مسلول، فسلّمتُ عليه فردّ علَيّ السلام وقال: لا تَخَف فقد أمِنتُك الليلة وغداً إلى الظُّهر. وأجلَسَني

                عنده، ثمّ أشار فأُتيَ برجلٍ مقيَّدٍ بالكُبول والأغلال فوضعوه بين يديه، فقال: إنّ هذا الشيخ يقول: إنّ الحسن والحسين كانا ابنَي رسول الله، لَيَأتينّي بحُجّةٍ من القرآن وإلاّ لأضربنّ عنقه! فقلت: يجب أن تحلّ قيده، فإنه إذا احتجّ فإنّه لا محالةَ

                يذهب، وإن لم يحتجّ فإنّ السيف لا يقطع هذا الحديد
                .

                فحلُّوا قيوده وكبوله، فنظرتُ فإذا هو سعيد بن جبير! فحزنت بذلك وقلت: كيف يجد حُجّةً على ذلك من القرآن ؟! فقال له الحجّاج: إئتِني بحجّةٍ من القرآن على ما ادّعيتَ وإلاّ أضرب عنُقَك! فقال له سعيد: انتَظِرْ. فسكت ساعةً ثمّ قال له مثل

                ذلك، فقال: انتظر. فسكت ساعةً ثمّ قال له مثل ذلك فقال سعيد:

                أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:

                وَوَهَبْنا لَه إسحاقَ ويعقوبَ كُلاًّ هَدَينا، ونوحاً هَدَينا مِن قَبلُ ومِن ذُرّيّتِهِ داودَ وسليمانَ وأيّوبَ ويُوسُفَ وموسى وهارون، وكذلك نَجْزي المحسنين [ الأنعام:84 ]، ثمّ سكت وقال للحجّاج: إقرأْ ما بعده. فقرأ: وزكريّا ويَحيى وعيسى وإلْياسَ كُلُّ مِنَ

                الصالحين ، فقال سعيد بن جبير: كيف يليق ها هنا عيسى ؟ قال: إنّه كان من ذريّته، وقال سعيد: إن كان عيسى مِن ذريّة إبراهيم ولم يكن له أب، بل كان ابنَ ابنته فنُسِب إليه مع بُعدِه، فالحسن والحسين أَولى أن يُنسَبا إلى رسول الله

                صلّى الله عليه وآله مع قُربهما منه. فأمر له الحجّاج بعشرة آلاف دينار، وأمر بأن يحملوها معه إلى داره، وأذن له في الرجوع.

                قال الشعبي: فلمّا أصبحتُ قلت في نفسي: قد وَجَب علَيّ أن آتيَ هذا الشيخ فأتعلّم منه معاني القرآن؛ لأنّي كنت أظنّ أنّي أعرفها، فإذا أنا لا أعرفها. فأتيتُه فإذا هو في المسجد وتلك الدنانير بين يديه يُفرّقها عشراً عشراً ويتصدّق بها، ثمّ

                قال: هذا كلُّه ببركة الحسن والحسين عليهما السلام، لَئن كنّا أغمَمْنا واحداً ( أي الحجّاج ) لقد أفرَحْنا ألفاً، وأرضَينا اللهَ ورسوله صلّى الله عليه وآله.

                وفي ( تذكرة الحفّاظ 76:1 ) كتب الذهبي: لمّا أُتي بسعيد بن جبير الحجّاجَ قال له: أنت شقيُّ بن كُسَير ؟! قال أنا سعيد بن جُبَير، قال: لأقتُلَنّك! قال: أنا إذن كما سَمَّتْني أمّي. وقال: دَعُوني أصلّي ركعتين، قال الحجّاج: وَجِّهُوه إلى قبلة

                النصارى، قال سعيد: فأينَما تُوَلُّوا فَثَمّ وَجْهُ الله .

                وقيل ايضا في سِيَر أعلام النبلاء للذهبي : أُدخِل سعيد على الحجّاج فقال له: ما اسمُك ؟ قال: سعيد بن جُبَير، قال: أنت شقيُّ بن كُسَير، قال: بل أُمّي كانت أعلمَ باسمي منك، قال: شَقِيتَ أنت وشَقِيَت أمُّك، قال سعيد: الغيب يعلمه

                غيرك، قال: لأُبدلنَّك بالدنيا ناراً تَلظّى، قال سعيد: لو علمتُ أنّ ذلك بيدط لاتّخذتُك إلهاً! قال: فما قولك في محمّد ؟ قال: نبيُّ الرحمة إمام الهدى، قال: فما قولك في عليّ، أفي الجنّة هو أم في النار ؟ قال سعيد: لو دخلتُها فرأيتُ أهلها عَرَفت،

                قال: فما قولك في الخلفاء ؟ قال: لستُ عليهم بوكيل، قال: فأيُّهم أعجبُ إليك ؟ قال: أرضاهم لخالقه، قال: فأيُّهم أرضى للخالق ؟ قال: علمُ ذلك عنده سبحانه، قال الحجّاج: أبَيتَ أن تَصْدُقَني، قال سعيد: إنّي لم أُحبَّ أن أكْذِبَك.

                ..كان سعيد بن جبير يملك لسانًا صادقًا وقلبًا حافظًا، لا يهاب الطغاة، ولا يسكت عن قول الحق، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، فألقى الحجاج بن يوسف القبض عليه بعد أن لفق له تهمًا كاذبة، وعقد العزم على التخلص منه، لم يستطع

                الحجاج أن يسكت لســانه عن قول الحق بالتـهديد أو التخويف، فقد كان سعيد بن جبير مؤمنًا قوي الإيمان، يعلم أن الموت والحياة والرزق كلها بيد الله، ولا يقدر عليه أحد سواه.


                اتبع الحجاج مع سعيد بن جبير طريقًا آخر، لعله يزحزحه عن الحق، أغراه بالمال والدنيا، وضع أموالا كثيرة بين يديه، فما كان من هذا الإمام الجليل إلا أن أعطى الحجاج درسًا قاسيًا، فقال: إن كنت يا حجاج قد جمعت هذا المال لتتقي به فزع

                يوم القيامة فصالح، وإلا ففزعة واحدة تذهل كل مرضعة عما أرضعت. لقد أفهمه سعيد أن المال هو أعظم وسيلة لإصلاح الأعمال وصلاح الآخرة، إن جمعه صاحبه بطريق الحلال لاتـِّقاء فزع يوم القيامة..{يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله


                بقلب سليم} [الشعراء:88-89]. ومرة أخرى تفشل محاولات الحجاج لإغراء سعيد، فهو ليس من عباد الدنيا ولا ممن يبيعون دينهم بدنياهم، وبدأ الحجاج يهدد سعيدًا بالقضاء عليه، ودار هذا المشهد بينهما: الحجاج: ويلك يا سعيد! سعيد: الويل

                لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار. الحجاج: أي قتلة تريد أن أقتلك؟ سعيد: اختر لنفسك يا حجاج، فوالله ما تقتلني قتلة إلا قتلتك قتلة في الآخرة. الحجاج: أتريد أن أعفو عنك؟ سعيد: إن كان العفو فمن الله، وأما أنت فلا براءة لك ولا عُذر.

                الحجاج: اذهبوا به فاقتلوه. فلما خرجوا ليقتلوه، بكي ابنه لما رآه في هذا الموقف، فنظر إليه سعيد وقال له: ما يبكيك؟ ما بقاء أبيك بعد سبع وخمسين سنة؟ وبكي أيضًا صديق له، فقال له سعيد: ما يبكيك؟ الرجل: لما أصابك. سعيد: فلا تبك،

                كان في علم الله أن يكون هذا، ثم تلا: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} [الحديد:22] ثم ضحك سعيد، فتعجب الناس وأخبروا الحجاج، فأمر بردِّه، فسأله الحجاج: ما أضحكك؟ سعيد: عجبت من

                جرأتك على الله وحلمه عنك. الحجاج: اقتلوه. سعيد: {وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين} [الأنعام: 79]. الحجاج: وجهوه لغير القبلة. سعيد: {فأينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة: 115]. الحجاج: كبوه على

                وجهه. سعيد: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} [طه: 55]. الحجاج: اذبحوه. سعيد: أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، خذها مني يا حجاج حتى تلقاني بها يوم القيامة، ثم دعا

                سعيد ربه فقال: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي.

                مات سعيد شهيدًا في 11 رمضان 95 هـ الموافق 714م، وله من العمر تسع وخمسون سنة، مات ولسانه رطب بذكر الله



                .......اخر كلام لسعيد ابن جبير:أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَاَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. (صلى الله عليه وآله وسلم(

                ثم دعا فقال: اللهم لا تسلّطهُ على أحد من بعدي. ولم تمض سوى لحظات قليلة حتى كان دم سعيد بن جبير الطاهر يجري بأمر من الحجّاج.وقتل سعيد بن جبير، واستجاب الله دعاءه، فثارت ثائرة بثرة في جسم الحجاج، فأخذ يخور كما يخور

                الثور الهائج ، شهراً كاملاً، لا يذوق طعاماً ولا شراباً، ولا يهنأ بنوم، وكان يقول: والله ما نمت ليلة إلا ورأيت كأني أسبح في أنهار من الدم، وأخذ يقول : مالي وسعيد ، مالي وسعيد، إلى أن مات ....!و يقول هذا الظالم عن نفسه قبل أن يموت

                ( الحجاج ) : رأيت في المنام كأن القيامة قامت، و كأن الله برز على عرشه للحساب فقتلني بكل مسلم قتلته مره ، إلا سعيد بن جبير قتلني به على الصراط سبعين مره ...!!



                الله اكبر رجال صدقوا ما عاهدوا ...



                مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً الأحزاب 23



                مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
                وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
                وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

                نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

                Comment

                • صبر العقيلة
                  عضو مميز
                  • 30-12-2011
                  • 1333

                  #9
                  رد: رجـــال عرفهـــم التاريـــخ



                  جون مولى أبي ذر الغفاري رضي الله عنه

                  اسمه ونسبه
                  جون بن حوي، مولى أبي ذرّ الغِفاري.
                  جوانب من حياته


                  كان(رضي الله عنه) عبداً أسوداً، قد اشتراه الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، ووهبه لأبي ذرّ الغِفاري(رضي الله عنه)، فكان عنده يخدمه، وخرج معه عندما نُفي إلى (الربذة)، فلمّا تُوفّي أبو ذرّ رجع إلى المدينة المنوّرة، وانضمّ إلى الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، ثمّ من بعده انضمّ إلى الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام)، ثمّ من بعده انضمّ إلى الإمام الحسين(عليه السلام)، وبقي ملازماً له حتّى في خروجه إلى كربلاء، وقاتل دونه حتّى قُتل، وعدّ من أصحابه(عليه السلام) الذين نالوا شرف الشهادة وطيب الريح بين يديه(عليه السلام).
                  وزاده شرفاً تخصيص الإمام الحجّة المنتظر(عجلّ الله تعالى فرجه) إيّاه بالتسليم عليه في زيارتي الناحية والرجبية.
                  من أقوال العلماء فيه

                  قال الشيخ محيي الدين المامقاني(قدس سره): «إنّ مَن تربّى في حجر الصحابي الجليل أبي ذرّ رضوان الله تعالى عليه، وقضى حياته في ظلّ سيّدي شباب أهل الجنّة، لحريّ أن ينال الشرف العظيم ـ شرف الشهادة ـ بين يدي سيّد شباب أهل الجنّة، وشرف السلام عليه من الإمام المعصوم الحجّة علي بن الحسن(عليهما السلام)، فأقلّ ما يُوصف به الوثاقة، فهو من أوثق الثقات، بل أرفع شأناً من ذلك».
                  شهادته


                  جاء(رضي الله عنه) يوم العاشر من المحرّم إلى الإمام الحسين(عليه السلام) يستأذنه للقتال.
                  فقال(عليه السلام) له: «أنت في إذن منّي، فإنّما تبعتنا طلباً للعافية فلا تبتل بطريقتنا.
                  فقال: يابن رسول الله، أنا في الرخاء ألحس قصاعكم، وفي الشدّة أخذلكم، والله إنّ ريحي لمنتن، وحسبي للئيم، ولوني لأسود، فتنفّس عليّ بالجنّة، فيطيب ريحي، ويشرف حسبي، ويبيض وجهي، لا والله لا أفارقكم حتّى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم».
                  أذن له الإمام الحسين(عليه السلام) فبرز مرتجزاً:
                  «كيف يرى الكفّار ضرب الأسود ** بالسيف ضرباً عن بني محمّد
                  أذبّ عنهم باللسان واليد ** أرجو به الجنّة يوم المورد»
                  فقتل خمساً وعشرين رجلاً، ثمّ سقط شهيداً في أرض كربلاء، يوم العاشر من المحرّم الحرام عام 61ﻫ.
                  وقف الإمام الحسين(عليه السلام) على مصرعه قائلاً: «اللّهم بيّض وجهه، وطيّب ريحه، واحشره مع الأبرار، وعرّف بينه وبين محمّد وآل محمّد.
                  وروي عن الباقر(عليه السلام) عن عليّ بن الحسين(عليهما السلام) أنّ الناس كانوا يحضرون المعركة، ويدفنون القتلى، فوجدوا جوناً بعد عشرة أيّام يفوح منه رائحة المسك، رضوان الله عليه».


                  كيف تَرى الفُجّارُ ضَربَ الأسْودِ

                  بالمـشـرفـيِّ القـاطعِ المُـهنَّدِ
                  أحمـي الخيـارَ مِن بنـي محمّدِ

                  أذُبُّ عنـهم بـاللـسـانِ واليـدِ
                  أرجو بذاك الفـوزَ عندَ المـوردِ

                  مِـن الإلهِ الـواحدِ المـوحَّدِ



                  مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
                  وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
                  وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

                  نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

                  Comment

                  • صبر العقيلة
                    عضو مميز
                    • 30-12-2011
                    • 1333

                    #10
                    رد: رجـــال عرفهـــم التاريـــخ



                    حبيب ابن مظاهر


                    اسمه وكنيته ونسبه

                    أبو القاسم، حبيب بن مظاهر بن رئاب الأسدي الكندي.


                    ولادته

                    لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلاّ أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.

                    صحبته

                    کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام أمير المؤمنين والإمام الحسن والإمام الحسين(عليهم السلام)، بالإضافة إلى أنّه رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله).

                    جوانب من حياته
                    * كان(رضي الله عنه) مع الإمام عليّ(عليه السلام) في جميع حروبه، وكان من أصفياء أصحابه وحملة علومه، ومن شرطة خميسه.

                    * كان حافظاً للقرآن الكريم، وكان يختمه في كلّ ليلةٍ من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر.
                    * كان من جملة الذين كتبوا إلى الإمام الحسين(عليه السلام) لمّا امتنع من بيعة يزيد، وكان مع مسلم بن عقيل لمّا ورد الكوفة.
                    «قال أهل السير: جعل حبيب ومسلم بن عوسجة يأخذان البيعة للإمام الحسين(عليه السلام) في الكوفة، حتّى إذا دخلها عبيد الله بن زياد وخذّل أهلها عن مسلم بن عقيل، وتفرّق أنصاره، حبسهما عشائرهما وأخفياهما.

                    فلمّا ورد الإمام الحسين(عليه السلام) كربلاء خرجا إليه مختفيين يسيران الليل ويكمنان النهار حتّى وصلا إليه».
                    * زاده شرفاً تخصيص الإمام الحجّة المنتظر(عجلّ الله تعالى فرجه) إيّاه بالتسليم عليه في زيارتي الناحية والرجبية.

                    من أقوال العلماء فيه

                    قال الشيخ ابن داود الحلّي: «قُتل مع الحسين(عليه السلام)، وكان من السبعين الذين نصروه وصبروا على البلاء حتّى قتلوا بين يديه، رحمهم الله تعالى». -قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي: «من خواص أصحاب أمير المؤمنين والحسن والحسين صلوات الله عليهم... في غاية الجلالة والنبالة».
                    ـ قال الشيخ محيي الدين المامقاني: «إنّ المترجم في عداد خواص أمير المؤمنين(عليه السلام) ومن حملة أسراره، ويُعدّ في طبقة حجر بن عدي وميثم التمّار، ومع هذه الخصوصيات كيف يمكن عدّه حسناً؟! فهو عندي من أوثق الثقات، وأجلّ الرجال»


                    عنده علم المنايا والبلايا

                    كان(رضي الله عنه) ممّن علّمهم الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) علم المنايا والبلايا، وهذه الحادثة خير شاهد على ذلك:

                    «عن فضيل بن الزبير قال: مرّ ميثم التمّار على فرس له، فاستقبل حبيب بن مظاهر الأسدي عند مجلس بني أسد، فتحدّثا حتّى اختلفت أعناق فرسيهما.

                    ثمّ قال حبيب: لكأنّي بشيخ أصلع، ضخم البطن، يبيع البطّيخ عند دار الرزق، قد صُلب في حُبّ أهل بيت نبيّه(عليه السلام)، يُبقر بطنه على الخشبة.

                    فقال ميثم: وإنّي لأعرف رجلاً أحمر له ضفيرتان، يخرج لنصرة ابن بنت نبيّه(صلى الله عليه وآله) فيُقتل، ويُجال برأسه في الكوفة. ثمّ افترقا، فقال أهل المجلس: ما رأينا أحداً أكذبُ من هذين.

                    قال: فلم يفترق أهل المجلس حتّى أقبل رشيد الهجري فطلبهما، فسأل أهل المجلس عنهما، فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا.

                    فقال رشيد [الهجري]: رحم الله ميثماً، ونسي ويُزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مائة درهم، ثمّ أدبر .

                    فقال القوم: هذا والله أكذبهم.

                    فقال القوم: والله ما ذهبت الأيّام والليالي حتّى رأيناه مصلوباً على دار عمرو بن حُريث، وجيء برأس حبيب بن مظاهر قد قُتل مع الحسين(عليه السلام)، ورأينا كلّ ما قالوا
                    »

                    خطابه للسيّدة زينب(عليها السلام) ليلة العاشر من المحرّم

                    جاء(رضي الله عنه) ومعه أصحابه ليلة العاشر من المحرّم، ووقفوا عند خيام بنات رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وخاطب السيّدة زينب(عليها السلام) بقوله:

                    «السلام عليكم يا معشر حرم رسول الله(صلى الله عليه وآله)، هذه صوارم فتيانكم آلوا أن لا يغمدوها إلاّ في رقاب مَن يبتغي السوء فيكم، وهذه أسنة غلمانكم آلوا أن لا يركزوها إلاّ في صدور مَن يفرق بين ناديكم.

                    فخرج إليهم الحسين(عليه السلام) وقال: أصحابي جزاكم الله عن أهل بيت نبيّكم خيراً».
                    من مواقفه يوم العاشر من المحرّم

                    ـ جعله الإمام الحسين(عليه السلام) قائداً على ميسرة جيشه في معركة الطف، كما جعل زهير بن القين على الميمنة.
                    ـ مزح(رضي الله عنه) يوم العاشر، «فقال له يزيد بن حصين الهمداني، وكان يقال له سيّد القرّاء: يا أخي! ليس هذه بساعة ضحك، قال: فأيّ موضع أحقّ من هذا بالسرور، والله ما هو إلاّ أن تميل علينا هذه الطغاة بسيوفهم، فنعانق الحور».

                    ـ لمّا ردّ شمر بن ذي الجوشن على إحدى مواعظ الإمام الحسين(عليه السلام) قائلاً: «يعبد الله على حرف إن كان يدري ما تقول، فقال له حبيب بن مظاهر: والله إنّي لأراك تعبد الله على سبعين حرفاً، وأنا أشهد أنّك صادق ما تدري ما يقول، قد طبع الله على قلبك».

                    ـ لمّا صُرع مسلم بن عوسجة الأسدي، مشى إليه الإمام الحسين(عليه السلام) وحبيب بن مظاهر الأسدي، فدنا منه حبيب فقال: «عزّ عليّ مصرعك يا مسلم، أبشر بالجنّة.

                    فقال له مسلم قولاً ضعيفاً: بشّرك الله بخير.

                    فقال له حبيب: لولا أنّي أعلم أنّي في أثرك، لاحق بك من ساعتي هذه، لأحببت أن توصيني بكلّ همّك حتّى أحفظك في كلّ ذلك، بما أنت أهل له في القرابة والدين.

                    قال: بل أنا أُوصيك بهذا رحمك الله ـ وأهوى بيده إلى الحسين(عليه السلام) ـ أن تموت دونه.

                    قال: أفعل وربّ الكعبة».

                    ـ برز إلى المعركة وهو يقول:



                    «أنا حبيب وأبي مظهر ** فارس هيجاء وحرب تسعر

                    وأنتم عند العديد أكثر ** ونحن أعلى حجّة وأظهر

                    وأنتم عند الوفاء أغدر ** ونحن أوفى منكم وأصبر


                    حقّاً وأنمى منكم وأعذر»
                    قاتل قتالاً شديداً حتّى قُتل، فهدّ مقتله الحسين(عليه السلام)، فقال: «أحتسب نفسي وحماة أصحابي».
                    وقال(عليه السلام): «لله درّك يا حبيب، لقد كنت فاضلاً، تختم القرآن في ليلة واحدة
                    »

                    شهادته

                    استُشهد(رضي الله عنه) في العاشر من المحرّم عام 61ﻫ بأرض كربلاء، وقبره في رواق حرم الإمام الحسين(عليه السلام) منفصل عن قبور الشهداء في كربلاء المقدّسة



                    مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
                    وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
                    وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

                    نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

                    Comment

                    • صبر العقيلة
                      عضو مميز
                      • 30-12-2011
                      • 1333

                      #11
                      رد: رجـــال عرفهـــم التاريـــخ



                      حجر بن عدي

                      هذاحجر
                      ابن عَدِيّ الكِندي، وفد على النبيّ صلّى الله عليه وآله مع أخيه هانئ، وأصبح أحد قادة الجيش الفاتح للشام، ووُفّق لفتح « مرج عذراء » ( مدينة تبعد عن دمشق 30 كيلومتراً تقريباً ). كان حُجر من خواصّ أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام والمقدّمين من أصحابه، وقد شهد معه: معركة الجمل، وصفّين، والنهروان، وكان فيها من قادتها، إذ كان على كِندةَ يومَ صفّين، وعلى الميسرة يوم النهروان.
                      أرسله أمير المؤمنين عليه السلام في أثر الضحّاك بن قيس الفِهري لمّا أغار على بعض نواحي العراق، فلَقِيه بنواحي « تَدمُر »، وقَتَل تسعة عشر رجلاً من أصحاب الفهري وانهزم الباقون.
                      قتله معاوية بن أبي سفيان سنة 51 هـ في عذراء مع ستّةٍ من أصحابه، وذُكر أنّ ابناً له كان آستُشهِد معه. وحُجر هو أوّل مَن قُتل صبراً في الإسلام، وقد أحدث قتلُه استياءً بين المسلمين. أمّا قبره فمَزار مشهود يقصده المسلمون.


                      مآثر
                      • شاء الله تبارك وتعالى أن يُعرَّف حجر بن عَدِيّ بـ « حُجر الخير »، كرامةً من الله عزّوجلّ لهذا المؤمن بين المسلمين، بينما كان له ابن عمّ اسمه حُجر أيضاً، ولكنّه اشتهر بين الناس بـ « حُجر الشرّ »!
                      • دعا له أمير المؤمنين عليه السلام يوماً قائلاً
                      : « اللهمّ نَوِّرْ قلبَه بالتُّقى، وآهدهِ إلى صراطٍ مستقيم، ولَيتَ في جُندي مئةً مِثلَك »، فقال حجر: إذاً واللهِ يا أمير المؤمنين صحّ جُندُك، وقَلّ فيهم مَن يَغُشُّك. ثمّ قام حجر فقال: يا أمير المؤمنين، نحن بنو الحرب وأهلُها، الذين نُلقِحُها ونُنتِجُها، قد ضارَسَتْنا وضارَسناها، ولنا أعوانٌ ذوو صلاح، وعشيرةٌ ذات عدد، ورأيٌ مجرَّب، وبأس محمود، وأزمّتُنا منقادةٌ لك بالسمع والطاعة، فإنْ شرّقتَ شرَّقْنا، وإن غرّبتَ غرَّبْنا، وما أمرتَنا به مِن أمرٍ فَعَلْناه.
                      فقال له الإمام عليه السلام: «
                      أكُلُّ قومِك يَرى مِثل رأيك ؟! » قال حجر: ما رأيتُ منهم إلاّ حَسَناً، وهذه يدي عنهم بالسمع والطاعة، وبِحُسن الإجابة. فقال له الإمام عليٌّ عليه السلام خيراً . ( وقعة صفّين لنصر بن مزاحم المنقري:104 ).
                      أقبل الضحّاك بن قيس الفهري ـ بأمرٍ من معاوية ـ يأخذ الأموال، ويقتل مَن لقي من سكّان البادية، حتّى مرّ بالثعلبيّة، فأغار بخيله على الحُجّاج وأخذ أمتعتهم، ثمّ أقبل مُقْبِلاً فلقيَ عمرَو بن عُمَيس بن مسعود، ابنَ أخ عبدالله بن مسعود الصحابيّ، فقتله في طريق الحجّ عند القَطقَطانة، وقتل معه ناساً من أصحابه!
                      قال أبو روق: حدّثني أبي أنه سمع عليّاً عليه السلام وقد خرج إلى الناس وهو يقول على المنبر: « يا أهلَ الكوفة، أُخرُجوا إلى العبد الصالح عَمْرِو بن عميس، وإلى جيوشٍ لكم قد أُصيب منها طرف، اخرجوا فقاتلوا عدوَّكم، وامنعوا حريمكم إن كنتم فاعلين ». قال: فردُّوا عليه ردّاً ضعيفاً، ورأى منهم عجزاً وفشلاً، فقال: « واللهِ لَوَدِدتُ أنّ لي بكلّ مئة رجلٍ منكم رجلاً منهم. وَيْحكُم! اخرجوا معي ثمّ فُرّوا عنّي إن بدا لكم، فَواللهِ ما أكرهُ لقاء ربّي على نيّتي وبصيرتي، وفي ذلك رَوحٌ لي عظيم، وفَرَج من مُناجاتكم ومُقاساتكم ومُداراتكم... ».
                      ثمّ خرج عليه السلام يمشي حتّى بلغ الغَريَّين، ثمّ دعا حُجرَ بن عَديّ الكِندي من خيله، فعقد له رايةً على أربعة آلاف، ثمّ سرّحه فخرج حتّى مرّ بالسماوة، فلقيَ بها امرأ القيس بن عديّ الكلبي، أصهار الحسين عليه السلام، فكانوا أدلاءَه على الطريق وعلى المياه، فلم يزل مُغِذّاً في أثر الضحّاك حتّى لقيه بناحية « تدمر » فوافقه، فاقتتلوا ساعة، فقُتل من أصحاب الضحّاك (19) رجلاً، وقُتل من أصحاب حُجرٍ رجلان، ثمّ حجز الليلُ بينهم، فمضى الضحّاك، فلمّا أصبحوا لم يجدوا له ولا لأصحابه أثراً. ( الغارات لإبراهيم بن محمّد الثقفي:294 ).
                      • في ( تاريخ الطبري 254:5 ): أوصى معاويةُ بن أبي سفيان المُغيرةَ بنَ شُعبة قائلاً له: ولستُ تاركاً إيصاءَك بِخَصلة: لا تَتَحَمَّ ( أي لا تتورّعْ ) عن شتمِ عليٍّ وذمّه، والترحّمِ على عثمان والاستغفارِ له، والعيبِ على أصحاب عليٍّ والإقصاءِ لهم وترك الاستماع منهم، وبإطراءِ شيعة عثمان والإدناء لهم والاستماع منهم!
                      ثمّ يذكر الطبري في الصفحة التالية أنّ حُجر بن عَدِيّ قام فنَعَر نَعرةً بالمغيرة سمعها كلُّ مَن كان في المسجد وخارجاً منه، وقال له: إنّك لا تدري بمَن تولع من هرمك... مُرْ لنا بأرزاقنا وأُعطياتنا، فإنّك قد حَبَستَها عنّا، وليس ذلك لك، ولم يكن يطمع في ذلك مَن كان قبلَك، وقد أصبحتَ مُولَعاً بذمّ أمير المؤمنين، وتقريظ المجرمين!
                      قال الراوي: فقام مع حُجرٍ أكثر من ثُلثَي الناس يقولون: صدَقَ ـ واللهِ ـ حُجرٌ وبَرّ، مُرْ لنا بأرزاقنا وأُعطياتنا، فإنّا لا ننتفع بقولك هذا، ولا يُجْدي علينا شيئاً. وأكثَروا في مثل هذا القول ونحوِه. ( تاريخ الطبري 255:5 ).
                      • ويروي الطبري في ( تاريخه 262:5 ) مجابهةَ حُجرٍ لزياد ابن أبيه، وتَجمُّعَ أصحاب حُجرٍ عند زياد في المسجد، وكلام زياد مع الوجوه، ثمّ أمر شدّادَ بن الهيثم الهلالي أميرَ شَرَطته قائلاً له: انطلقْ إلى حُجر، فإن تَبِعك فَأْتِني به، وإلاّ فَمُرْ مَن معك فَلْينتزعوا عُمد السوق، ثمّ شُدّوا بها عليهم حتّى يأتوني به، ويضربوا مَن حال دونه. فأتاه الهلاليّ فقال لحجر: أجِبِ الأمير، فقال أصحاب حجر: لا ولا نعمة عين، لانُجيبه. فقال الهلاليُّ لأصحابه: شُدّوا على عُمد السوق! فاشتدّوا إليها، فأقبلوا بها حتّى انتزعوها... وضرب رجلٌ رأس عَمْرِو بنِ الحَمِق بعمودٍ فوقع!
                      • نزل حُجر « مرج عذراء » هو وأصحابه، فحُبِسوا بها، ثمّ إنّ زياداً أتبعهم برجلَين، فجاء رسول معاوية بتخلية ستّةٍ وبقتل ثمانية، فقال لهم رسول معاوية: إنّا قد أُمرنا أن نعرض عليهم البراءة من عليّ واللعن له، فإن فعلتُم تركناكم، وإن أبيتُم قتلناكم، وإنّ ( معاوية ) يزعم أنّ دماءكم قد حلّت له بشهادة أهل مصركم عليكم، غيرَ أنّه قد عفا عن ذلك، فابرؤوا مِن هذا الرجل نُخَلِّ سبيلكم. قال حجر وأصحابه: اللهمّ إنّا لسنا فاعلي ذلك.
                      فأمر بقبورهم فحُفرت، وأُدنيت أكفانهم، وقاموا الليلَ كلَّه يصلّون، فلمّا أصبحوا قال لهم أصحاب معاوية: يا هؤلاء، لقد رأيناكم البارحة قد أطَلتُم الصلاة وأحسنتم الدعاء، فأخبِرونا ما قولُكم في عثمان ؟
                      قالوا: هو أوّل مَن جار في الحكم، وعَمِل بغير الحقّ، فقال أصحاب معاوية: معاويةُ كان أعلمَ منكم. ثمّ قاموا إليهم فقالوا لهم: تَبرؤون من هذا الرجل ؟ ( يعنون أمير المؤمنين عليّاً عليه الصلاة والسلام )، قالوا: بل نتولاّه، ونتبرّأ ممّن تبرّأ منه. فأخذ كلُّ رجلٍ من أصحاب معاوية رجلاً ليقتله! ( تاريخ الطبري 272:5 ).

                      كرامة
                      • في ( الاستيعاب 358:1 ) كتب مؤلّفه ابن عبدالبرّ: قال أحمد بن حنبل: قلت ليحيى ابن سليمان: أبَلَغَك أنّ حُجْراً كان مستجابَ الدعوة ؟ قال: نعم، وكان من أفاضل أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم.
                      • وفي ( الإصابة في تمييز الصحابة 315:1 ) كتب مؤلّفه ابن حجر العسقلاني الشافعي: إنّ حُجر بن عديٍّ أصابَتْه جنابة، فقال للموكَّل به في سجنه: أعطِني شرابي أتطهّر به، ولا تُعطني غداً شيئاً. فقال الموكَّل: إنّي أخاف أن تموت عطشاً فيقتلني معاوية! قال الراوي: فدعا حُجر ربَّه، فانسكبت له سحابةٌ بالماء، فأخذ منها الذي احتاج إليه، فقال له أصحابه: أُدعُ الله أن يُخلّصنا، فقال: اللهمّ خِرْ لنا. فقُتل هو وطائفةٌ منهم. ( وقد اختار الله تبارك وتعالى أن يكونوا شهداء، ومَدّ لأعدائهم حتّى يُلزمَهم حُجّته ويسوقَهم إلى أشدّ العذاب ).


                      الخاتمة المحمودة
                      كتب محمّد بن سعد في ( الطبقات الكبرى 219:6 ): أنّ معاوية كتب إلى أزلامه أن أخرجوا الأسرى إلى عذرى فاقتلوهم هناك.
                      فحُمِلوا إلى هناك، فقال حُجر بن عَدِي: ما هذه القرية ؟ قالوا: عذراء، فقال: الحمد لله، أمَا واللهِ إنّي لأوّلُ مسلمٍ نَبّح كلابَها في سبيل الله! ( أي كنتُ أوّلَ الجيش الإسلامي الفاتح لها )، ثمّ أُتِيَ بيَ اليومَ إليها مصفوداً!
                      ودُفع كلُّ رجلٍ مِن أصحاب حجر إلى رجلٍ من أهل الشام ليقتله، فقال حُجر لأهل الشام: يا هؤلاء! دَعُوني أُصلّي ركعتين. فتركوه، فتوضّأ وصلّى ركعتين، فطوّل فيهما، فقيل له: طوَّلْت ؟! أجَزِعْت ؟! فانصرف قائلاً: ما توضّأتُ قطُّ إلاّ صلّيت، وما صلّيتُ صلاةً قطُّ أخفَّ مِن هذه، ولئن جَزِعتُ لقد رأيتُ سيفاً مشهوراً، وكفناً منشوراً، وقبراً محفوراً!
                      ثمّ قال ( للسيّاف ): إن كنتَ أُمِرتَ بقتل ولدي، فقدِّمْه ( أي اضرب عنقه قبلي )، فقيل له: تعجّلتَ الثُّكْل! ( أي فَقْد الولد )، فقال: خِفتُ أن يَرى وَلَدي هولَ السيف على عنقي فيَرجعَ عن ولاية أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام. ( أعيان الشيعة للسيّد محسن الأمين 585:4 ـ عن: المرزباني ).
                      • وبقيت وصمة العار في وجوه القَتَلة، لا تُمحى ولا تُنسى، وقد كتب الإمام الحسين عليه السلام يوماً إلى طاغية الشام معاوية: « ألستَ القاتلَ حُجْراً أخا كِندة، والمصلّين العابدين الذين كانوا يُنكرون الظلم، ويستعظمون البِدَع، ولا يخافون في الله لومة لائم ؟! ثمّ قتَلْتَهم ظُلماً وعدواناً مِن بعدما كنتَ أعطيتَهم الأيمان المغلَّظة والمواثيق المؤكَّدة أن لا تأخذهم بِحَدثٍ كان بينك وبينهم، ولا بإحنةٍ تجدها في نفسك عليهم! »( بحار الأنوار 149:10 ـ الطبعة القديمة ).
                      • وقال الحسن البصري: أربع خصالٍ كنّ في معاوية، لو لم يكن فيه منهنّ إلاّ واحدةٌ لكانت مُوبقة: إنتزاؤُه على هذه الأُمّة بالسفهاء حتّى ابتزّها أمرَها بغير مشورةٍ منهم، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة. واستخلافُه ابنَه ( يزيد ) بعده سِكّيراً خِميّراً، يلبس الحرير، ويضرب بالطنابير. وادّعاؤُه زياداً، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « الولدُ للفراش، وللعاهر الحَجَر ». وقتلُه حُجْراً، ويلاً له من حُجر، ويلٌ له مِن حُجر! ( تاريخ الطبري 279:5 ).
                      • وقال ابن إسحاق ( المؤرّخ ): أدركتُ الناس وهم يقولون: إنّ أوّل ذُلٍّ دخل الكوفة: موتُ الحسن بن عليّ، وقتلُ حُجر بن عديّ، ودعوة زياد! (تاريخ الطبري 279:5).
                      • وقال ابن سيرين: فبلَغَنا ـ لمّا حضرته الوفاة ( أي معاوية ) ـ جعل يُغَرغر بالصوت ويقول: يومي منك ـ يا حُجرُ ـ يومٌ طويل! ( تهذيب تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 383:2 ).


                      توديع الشعراء
                      • حين سُيّر حُجرٌ أسيراً إلى معاوية، قالت هند بنت زيد بن مخربة الأنصاريّة:

                      تَرَفّعْ أيُّهـا القمـرُ المنيـرُ

                      ترفّعْ هل ترى حُجراً يسيـرُ
                      تَجَبّرتِ الجبابر بعدَ حُجـرٍ

                      وطاب لها الخِوَرَنقُ والسَّديرُ
                      ألا يا حُجْرُ حُجرَ بَني عَدِيٍّ

                      تَلَقّتْك السلامـةُ والسـرورُ
                      أخاف عليك ما أردى عَدِيّـاً

                      وشيخاً في دِمشقَ له زئيـرُ
                      فإن تَهِلكْ فكلُّ عميـدِ قـومٍ

                      إلى هُلْكٍ من الدينـا يصيـرُ
                      ( الطبقات الكبرى 220:6)
                      • وقال عبدالله بن خليفة الطائيّ من قصيدةٍ طويلة:


                      فَـدَعْ عنـك تَذكـارَ الشبـاب وفَقـدَهُ

                      وآثـارَه إذ بـان مـنـك فأقـصَـرا
                      وبَـكِّ علـى الخِـلاّنِ لَمّـا تَخرَّمـوا

                      ولم يَجِدوا عن مَنهلِ المـوت مصـدرا
                      على أهل عـذراءَ السـلامُ مُضاعَفـاً

                      مِـن الله، وَلْيَسـقِ الغَمـامُ الكُهُـوَّرا
                      ولاقى بهـا حُجـرٌ مِـن الله رحمـةً

                      فقد كان أرضـى اللهَ حُجـرٌ وأعـذرا
                      فنِعـمَ أخـو الإسـلام كنـت، وإنّنـي

                      لأطمـعُ أن تُوتـى الخلـودَ وتُخبَـرا
                      وقد كنتَ تُعطي السيف في الحرب حقَّهُ

                      وتَعـرِفُ معروفـاً، وتُنكِـر مُنـكَـرا

                      ( تاريخ الطبري 282:5 )
                      • وقال قيس بن فهدان يرثيه:


                      يا حُجرُ ياذا الخيرِ والحجـرِ

                      ياذا الفضـا ونابِـهَ الذِّكْـرِ
                      كنتَ المُدافعَ عـن ظُلامتِنـا

                      عند الظلومِ.. ومانـعَ الثَّغْـرِ
                      إمّـا قتلـتَ فأنـت خيرُهـمُ

                      في العُسرِ ياذا الفضل واليُسْرِ
                      فسُعِدتَ مُلتَمِسَ التُّقى، وسقى

                      قبراً أجَـدَّك مُسبِـلَ القَطْـرِ

                      ( تهذيب تاريخ دمشق 90:4 )
                      • وخاطب الشاعر محمّد مجدوب معاوية فقال له:


                      هذا ضريحُك لو بَصُرتَ ببؤسِهِ

                      لأسال مَدمعَك المصيرُ الأسودُ
                      كُتَلٌ من التُّرب المَهين بِخَربـةٍ

                      سَكَر الذبابُ بها فَراحَ يُعَرْبِـدُ
                      قُمْ وارمُقِ النجفَ الأغرَّ بنظرةٍ

                      يَرتدَّ طَرْفُك وهو بـاكٍ أرمَـدُ

                      وقبله قال ابنُ أبي الحديد المعتزليّ:

                      يا بَرقُ إن جئتَ الغَريَّ فقلْ له:

                      أتُراك تعلمُ مَن بأرضِك مُودَعُ!
                      فيك آبنُ عِمران الكليمُ وبَعـدَهُ

                      عيسـى يُقفّيـهِ وأحمـدُ يَتْبَـعُ
                      بل فيك نورُ اللهِ جَـلَّ جلالُـهُ

                      لذوي البصائر يستضيء ويلمعُ

                      وقد شاء الله تعالى أن تُمحى آثار الطغاة القتلة، وتخلد آثار الشهداء المظلومين، فكان لحُجرٍ في « عذراء » بناءٌ قائم، ومسجدٌ عامر، ومزار يقصده الزوّار من شرق الأرض وغربها، يُجِلّون مواقفه، ويستنكرون على ظالمه وقاتله. وتلك كرامةٌ حصلت لحجر بعد أن كان يقول داعياً:

                      يا ربَّنـا سِلِّـمْ لنـا عليّـا

                      سَلِّم لنـا المهـذَّبَ النَّقيّـا
                      المؤمنَ المسترشَدَ المَرْضيّا

                      واجعَلْه هادي أُمّةٍ مَهْديّـا
                      واحفَظْه ربّي حِفْظَك النبيّا

                      فإنّـه كـان لـه ولـيّـا

                      ( وقعة صفّين:381 )

                      قالوا في حُجْر
                      رُوي عن الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال: « حُجرُ بن عديّ وأصحابه كأصحاب الأُخدود، وما نَقَمُوا مِنهُم إلاّ أن يُؤمِنُوا باللهِ العزيزِ الحميد ». ( شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 57:1، والآية في سورة البروج:8 )
                      • وعنه سلام الله عليه أيضاً أنّه خطب يوماً في أهل الكوفة فقال لهم: «
                      سيُقتَل منكم سبعةُ نفر، هم من خياركم بعذراء، مَثَلُهم كمَثَلِ أصحاب الأُخدود ».



                      مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
                      وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
                      وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

                      نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

                      Comment

                      • صبر العقيلة
                        عضو مميز
                        • 30-12-2011
                        • 1333

                        #12
                        رد: رجـــال عرفهـــم التاريـــخ



                        ابراهيم بن مالك الاشتر رضوان الله عليه


                        اسمه ونسبه :


                        إبراهيم بن مالك بن الحارث ... بن يَعرُب بن قحطان الأشتر النخعي ، والنَخَعي نسبة إلى النخع قبيلة باليمن ، وهم من مذحج .

                        صفاته :

                        كان إبراهيم فارساً شجاعاً شهماً مقداماً رئيساً ، عالي النفس بعيد الهمّة ، وفياً شاعراً فصيحاً ، موالياً لأهل البيت ( عليهم السلام ) ، كما كان أبوه متميّزاً بهذه الصفات ، ومن يشابه أباه فما ظلم .
                        وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي وائل قال : أنّ الرجل ليتكلّم في المجلس بالكلمة من الكذب ليضحك بها جلساءه فيسخط الله عليهم جميعاً ، فذكروا ذلك لإبراهيم النخعي فقال : صدق أبو وائل ، أو ليس ذلك في كتاب الله ( فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) .

                        موقفه يوم صفّين :

                        كان إبراهيم مع أبيه مالك يوم صفّين يقاتل مع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو غلام ، وأبلى فيها بلاءً حسناً ، فقد تقدّم نحو القوم وهو يقول :
                        يا أيّها السائلُ عنّي لا تــرع ** اقدم فإنّـي من عرانين النخع
                        كيف ترى طعن العراقي الجذع ** أطير في يوم الوغى ولا اقع
                        ما ساءكم سر وما ضرّكم نفـع ** أعددت ذا اليوم لهول المطلع
                        وحمل إبراهيم على الحميري ـ غلام من عشيرة حمير ـ فالتقاه الحميري بلوائه ورمحه ، ولم يبرحا يطعن كلّ واحد منهما صاحبه حتّى سقط الحميري قتيلاً
                        .
                        موقفه مع المختار الثقفي :

                        قال أصحاب المختار : يا مختار إن أجابنا إلى أمرنا إبراهيم بن الأشتر رجونا القوّة على عدوّنا ، فإنّه فتى رئيس وابن رجل شريف ، له عشيرة ذات عزّ وعدد ، فخرجوا إلى إبراهيم وسألوه مساعدتهم ، فأجابهم إلى الطلب بدم الحسين ( عليه السلام ) .
                        فبعث المختار إبراهيم في سبعة مائة فارس وستمائة راجل لقتال عبيد الله بن زياد ، فحمل إبراهيم على القوم وهو يقول : اللهم إنّك تعلم إنّا غضبنا لأهل بيت نبيّك ، ثرنا لهم على هؤلاء القوم ، فقاتل قتالاً شديداً حتّى قتل عبيد الله بن زياد وانهزم جيشه .
                        قال سراقة البارقي يمدح إبراهيم بن الأشتر بعد مقتل ابن زياد :
                        أتاكم غلام من عرانين مذحـج ** جرئ على الأعداء غير نكولِ
                        جزى الله خيراً شرطة الله أنّهم ** شفوا من عبيد الله حر غليلـي

                        شهادته :

                        قتل ( رضوان الله عليه ) عام 71 هـ في معركة دارت بينه وبين عبد الملك بن مروان ، ودفن قرب سامراء ، وقبره مزور وعليه قبة .
                        وقال مصعب بن الزبير بعد قتله : يا إبراهيم ولا إبراهيم لي اليوم .
                        *** *** ***
                        صورة لقبره الشريف بعد ان فجره اعداء الاسلام من عصابات البعث العنصري النازي وازلام الأعراب النواصب القادمين من خارج الحدود.
                        يقع القبر الشريف على بعد اربع فراسخ من نهر دجلة وعلى الشارع



                        مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
                        وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
                        وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

                        نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

                        Comment

                        • صبر العقيلة
                          عضو مميز
                          • 30-12-2011
                          • 1333

                          #13
                          رد: رجـــال عرفهـــم التاريـــخ



                          دعبل الخزاعي


                          اتخذ أشعاره سلاحاً
                          لفضح مظالم الحكام


                          وأكتـمُ حُبَّيكـم مخافـة كـاشـحٍ

                          عنيفٍ بأهل الحـقِّ غيـر مـؤاتي
                          ديارُ رسـولِ الله أصبحـن بلقعـاً

                          وآل زيـادٍ تسـكـن الحُـجـراتِ
                          بناتُ زيادٍ في القصـور مصـونةٌ

                          والُ رسـولِ الله فـي الفـلـواتِ
                          سأبكيهمُ ما ذرَّ في الأرض شـارقٌ

                          ونادى منادي الخيـر والصلـواتِ
                          وما طلعت شمسٌ وحانَ غروبُهـا

                          وبالليـلِ أبكـيهِمْ وبالغَـدواتِ
                          .. إن في سيرة دعبل الخزاعي الطويلة ملامحَ من العزم والقوة والاستمرار على المبدأ.
                          فدعبل يختلف عن شعراء عصره الذين أكثروا شعر المديح في الحكّام العباسيين، فهو كان يعبر بصراحة وصدق عما يراه ويشاهده من أحداث عاشها وعانى منها الكثير، وكان يوجّه النقد الصريح الحاكمين دون خوف أو وجل، ممّا لوّن شعره بطابع الهجاء ولهذا أصبح محلاً للتجريح من قبل البعض الممالئن للحكام.
                          وقد كان أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني في مقدمة أولئك الذين حشروا الأخبار والروايات حشراً، وجعل من دعبل رجلاً خطيراً، وهجّاء خبيث اللسان، لم يسلم منه أحد من الخلفاء ولا من وزرائهم ولا أولادهم ولا ذو نباهة أحسن إليه أو لم يُحسن إليه.
                          ويرى عبدالصاحب الدجيلي أن مصدر الروايات التي قيلت في دعبل كلها واحد هو أبو خالد الخزاعي، والظن أن طابع الوضع عليها واضح بقصد تهويل أمر دعبل


                          اسمه ولقبه:

                          لم يتفق المؤرخون في اسم دعبل وكنيته كما اتفقوا في لقبه، فقد ذكرت بعض المصادر التاريخية والأدبية دعبلاً باسم: الحسن، وعبدالرحمن ومحمد، مع أنه لم يعرف بأحد هذه الأسماء، وعُرف بلقبه دعبل ، الذي اشتهر به. « ودعبل بكسر الدال وسكون العين وكسر الباء » ، وإن اختلفت هذه المصادر والمراجع فأغلبها كان يُطلق عليه لفظ: « دعبل بن عليّ الخزاعي ». دون أن يذكر له اسماً صريحاً، فالبغدادي في كتابه تاريخ بغداد يقول: « دعبل بن عليّ بن رزين بن عثمان بن عبدالله بن بديل بن ورقاء، أبو علي الخزاعي » وإن تضاربت الأقوال في ذكر اسمه فإنها تتفق جميعاً في ذكر لقبه « دعبل ».


                          مولده وأسرته:

                          ولد دعبل في بيت أكثر رجاله شعراء، فكان أبوه: « علي بن رزين »، شاعراً مجيداً، وردت له ترجمة في « معجم الشعراء » للمرزباني. وكذلك كان عمّه « عبدالله بن رزين » كما ذكره القيرواني في كتابه « العمدة » وكان أخوه « رزين بن عليّ » شاعراً حسن النظم والقول، وكذلك كان ابناه الحسين وعلي.
                          ولد دعبل سنة 148هـ واختُلف في أصل أسرته: فقيل من الكوفة، وقيل من قرقيسيا على نهر الخابور في الفرات، وقيل من واسط قرب الحيّ .
                          ومهما يكن من أمر، فقد قضى دعبل سني شبابه الأولى في مدينة الكوفة وقد يكون ولد في غيرها، ثم انتقلت أسرته إلى الكوفة وهو لم يزل صبياً.
                          نشأته وحياته:

                          نشأ دعبل وترعرع في الكوفة، وفيها كان قد تعلم القراءة والكتابة في كتاتيب تلك المدينة التي كانت مهد الأدب والنحو والشعر والعلوم اللغوية والدينية، فتنقل بين أيدي علمائها وشعرائها حتّى تمكّن من تهذيب قريحته وصقلها واستطاع بعدها أن يقول الشعر مُجيداً، ثم بدأ يُنمّي موهبته الشعرية حتّى ارتقى إلى الدرجة التي اعتُبر بها شاعراً لا يمكن إغفاله. ولم يكد عمره يصل إلى العشرين حتّى انتشرت أشعاره. وممّا اشتهر منها هذا البيت


                          لا تعجبي يا سَلْم من رجـلٍ

                          ضحك المشيب برأسه فبكى

                          وعلى هذا لم يترك دعبل الكوفة إلاّ على إثر طلب الرشيد إحضاره، وقد وصل بغداد وعمره يزيد على العشرين وهو شاعر مجيد حسن القول، وكان اتصاله بالرشيد مفروضاً عليه، وليس في نفسه شوق إليه، إذ كان دعبل يمقت الرشيد ولا يود صحبته، لذلك نرى دعبلاً سرعان ما يندفع لهجاء الرشيد بعد موته مباشرة وبعد أن غمره الرشيد بعطاياه وجوائزه، فمن قوله عندما دفن الرشيد بجوار المكان الذي دفن فيه الإمام عليّ الرضا عليه السّلام فيما بعد:


                          قبرانِ في طوس خيـر الناس كلهـمُ

                          وقبـر شـرّهـم هـذا مـن العِبَـرِ
                          ما ينفع الرجسَ من قرب الزكيّ ولا

                          على الزكيّ بقرب الرجس من ضررِ

                          ويريد بالرجس قبر الرشيد، وبالزكي قبر الرضا، وهما مدفونان بطوس.
                          ويلاحظ أنه في الفترة التي حدثت خلالها الفتنة بين الأمين والمأمون غادر دعبل وأخوه رزين بن عليّ بغداد بعد أن بويع المأمون وجعل الإمام علي بن موسى الرضا عليه السّلام ولياً لعهده ، فقصد الإمام عليّاً الرضا عليه السّلام في خراسان ومدحه وأهل البيت عليهم السّلام وهو على أشد ما يكون من الفرح والسرور بقصيدته التائية المشهورة المتضمنة للرثاء فضلاً عن المدح ومنها:


                          ذكـرتُ محـلَّ الـربـع من عرفـاتِ

                          فأجـريـت دمـعَ العيـنِ بالعـبـراتِ
                          وفكّ عُرى صبري وهَـاجَت صبـابتي

                          رسـومُ ديــارٍ أقـفـرت وعِــراتِ
                          مـدارسُ آيـات خـلـتْ مـن تـلاوةٍ

                          ومـنـزلُ وحـي مقـفـرُ العرصـات
                          لآلِ رسـول الله بالخِـيـفِ مـن منـى

                          وبالركـنِ والتـعـريـفِ والجمـراتِ
                          ديـارُ علـيّ والحـسـيـنِ وجعـفـر

                          وحمـزة والسجـادِ ذي الثَّفَـنـاتِ
                          منـازلُ جبـريـلُ الأميـن يـزورهـا

                          مـن الله بـالتسـلـيـم والـرحمـاتِ
                          منـازلُ وحـي الله مـعـدنُ عـلمـهِ

                          سبـيـلُ رشـادٍ واضـحُ الطـرقـاتِ
                          قِـفا نـسألِ الدارَ التـي خـفَّ أهلُهـا

                          متـى عهـدُها بـالصـوم والصلـواتِ
                          وأيـن الألى شطـت بهم غُربةُ النـوى

                          أفانـينَ فـي الأطـراف منـقبضـاتِ
                          هـمُ أهـل ميراثِ النبـيّ إذا اعتـزوا

                          وهـم خـيـرُ قـاداتٍ وخيـرُ حُمـاةِ
                          مطـاعيـم في الأعسارِ في كلِّ مشهـدٍ

                          لقـد شـرُفوا بالفـضـلِ والبـركـاتِ
                          أئـمّـة عـدلٍ يُـقـتـدى بـفعـالهـمْ

                          وتُـؤمَـنُ مـنـهـم زلـةُ العـثـراتِ


                          ويخاطب الزهراء عليها السّلام بقوله:


                          أفـاطِمُ لو خِلتِ الحسيـنَ مجـدَّلاً

                          وقد مات عطشـاناً بشـط فُـراتِ
                          إذاً لَلَطَمْـتِ الخـدّ فـاطمُ عنـده

                          وأجريتِ دمع العين في الوجَنـاتِ
                          أفاطِمُ قومي يا ابنة الخير وانـدبي

                          نجـومَ سمـاوات بـأرض فَـلاةِ
                          قبـور بكـوفانٍ وأخـرى بطِيبـةٍ

                          وأخـرى بفـخٍ نالـها صـلواتـي
                          قبور بجنب النهر من أرض كربلا

                          معـرّسـهم فيـها بشـط فـراتِ
                          تُوفّوا عُطـاشى بالفـرات فليتنـي

                          تُوفّيتُ فيـهم قبـل حيـن وفـاتي
                          إلى الله أشكو لوعة عنـد ذكرهـم

                          سقتني بكـأس الثُّكـل والفظعـاتِ
                          سأبكيـهـم مـا حـجّ لله راكـب

                          وما ناح قُمـريّ على الشجـراتِ
                          وإنـي لَمَـولاهم وقـالٍ عدوَّهـم

                          وإنـي لمحـزون بطـول حيـاتي
                          إلى أن يقول:

                          وأكتـمُ حُبَّيكـم مخافـة كـاشـحٍ

                          عنيفٍ بأهل الحـقِّ غيـر مـؤاتي
                          ديارُ رسـولِ الله أصبحـن بلقعـاً

                          وآل زيـادٍ تسـكـن الحُـجـراتِ
                          بناتُ زيادٍ في القصـور مصـونةٌ

                          والُ رسـولِ الله فـي الفـلـواتِ
                          سأبكيهمُ ما ذرَّ في الأرض شـارقٌ

                          ونادى منادي الخيـر والصلـواتِ
                          وما طلعت شمسٌ وحانَ غروبُهـا

                          وبالليـلِ أبكـيهِمْ وبالغَـدواتِ

                          كان دعبل قويَّ البنية مبسوط الجسم، قصير اللحية، علا الشيب رأسه مبكراً، كان معروفاً بحسن الإنشاد، وكان كريماً أبيّ النفس رغم فاقته وفقره، وفي ذلك يقول:

                          عـلِّـلانـي بـسـمـاعٍ وطـلا

                          وبضيـفٍ طـارقٍ يبـغي القـرى
                          نغمـاتُ الضيـف أحلـى عندنـا

                          من ثـغاءِ الشـاءِ أو ذات الرُّغـا
                          نُنزل الضيـف إذا مـا حـلَّ فـي

                          حبـةِ القـلـبِ وألـواذِ الحـشـا
                          أبـغـض المـالَ إذا جـمّـعتُـهُ

                          إنّ بُغضَ المَالِ من حب العُلى


                          وقد امتاز دعبل الخزاعي عن شعراء عصره ومذهبه بأنه كان جريئاً غاية الجرأة، وكان إذا ضرب لا يتهاون في ذلك، وإذا هجا فلا يهمه أن يكون هجاؤه في خليفة أو غير خليفة وما ذلك إلاّ لصدق نيّته وشجاعته وإيمانه وصلابة عزيمته.
                          ودعبل الخزاعي كان يتناول في شعره حق أهل البيت الذين كان يؤمن بحقهم الصريح، وهجاؤه للحكّام العباسيين يُثبت بكل صدق ووضوح تلك الطاقة وتلك القوة الكامنة في نفس هذا الشاعر الثائر. وإن شاعراً كدعبل يصف المعتصم ـ مع شدته وقسوته ـ بكلب أهل الكهف بل أدنى منه منزلة، جديرٌ بأن يلقب بالسيف، لأن رجلاً يقول هذا الكلام في حاكمٍ عباسي سفاك يجب أن يُحمل على الرؤوس، لأنه كان يفهم حقيقة ضميره ومسؤوليته.. وهناك بعض من يتهمون دعبل بالزندقة والتظاهر بالتشيع رغبة في كسب المال والشهرة، والواقع يثبت عكس ذلك، فالتشيع ـ كما هو معلوم ـ هو مناصرة أهل بيت النبوة، وإذا كان دعبل ممن يناصر الأئمّة من أهل بيت النبي عليه السّلام فهل يعني ذلك غير إيمانه بالله ورسوله وعترة رسوله صلّى الله عليه وآله والسير على المنهاج الإسلامي القويم ؟ فكيف يجتمع في قلب المرء زندقة وموالاة لأهل البيت النبوي ؟!

                          وإذا كان غرض دعبل هو كسب المال من أئمة أهل البيت عليهم السّلام لكان بمقدوره أن يضع لسانه في سوق الارتزاق كما فعل غيره، ولو فعل دعبل ذلك لفاق أقرانه ولجمع الأموال التي لا يمكن حصرها من الحكّام والأمراء، ولكنه أبى إلاّ أن يضحّي بالغالي والنفيس من أجل عقيدة كان يناصرها ضميره، وليس هناك مجال للتظاهر بالتشيع ما دام التشيّع محارَباً من قبل الحكومة العباسية. وحين هجا دعبل أولئك الذين أكرموه وأحسنوا إليه كالرشيد مثلاً، فلأنه كان يفهم جيداً أن ذلك ليس إحساناً قبل أن يكون وسيلة لشراء الضمائر والتسلط على ألسنة الشعراء .
                          لم يكن دعبل قليل الوفاء، ولم يضلّه المال كما أضلَّ غيره من قبل، وهجاؤه لمناوئي أهل البيت لم يكن بدافع شخصي أو مادي قط، وإنما كان بدافع العقيدة الذي يملي عليه ذلك، بغضّ النظر عن سوء النتائج أو حسنها، وقد أصرّ على ما هو عليه دون أن يتردّد أو يقلّ من عزمه حدّ. وكان يؤمن بأن الشعراء الذين يقولون ولا يفعلون هم ليسوا من المؤمنين الذين يستحقون الجنة والخلود، لذلك نلاحظ أنه يتخذ أشعاره سلاحاً في عقاب الحكّام العباسيين لإظهار مساوئهم ومعايبهم وحقائقهم التي يخفونها وراء أقنعتهم، فقال في خلفاء بني العباس مصوّراً ما هم عليه من مطاردة لأهل البيت وتعذيب ونهب وتقتيل:


                          أرى أميّـة مـعـذوريـن إن غـدروا

                          ولا أرى لبنـي العبـاس مـن عُـذُرِ
                          قتـل وأسـرٌ وتـحـريـقٌ ومـنهبـةٌ

                          فعلَ الغزاةِ بأرضِ الرومِ والخَزَرِ


                          فهو يعذر بني أمية في أفعالهم حيال بني هاشم لانهم يبغضونهم ويخالفونهم في الدين والسياسة، ولكنه لا يرى لبني العباس من عذر فقد ناصرهم العلويون في قيام دولتهم ونجاح ثورتهم، وكانوا يحقدون على بني أمية لتقتيلهم آل البيت وما قاموا إلاّ لأخذ الثأر الذي رفعوه شعاراً ولكنهم فاقوا ما فعله الأمويون.


                          مكانته العلمية:

                          يُعدّ دعبل من العلماء والمتكلمين، ومن حملة الأدب والتاريخ، والواقفين على اللغة والفصحاء، والعارفين بأيّام العرب والرواية والشعراء المبرزين..
                          ذكر محمد بن زكريا الفرعاني قال: « سمعت دعبلاً يقول في كلام جرى: « ليسك » فأنكرته عليه، فقال: دخل زيد الخيل على النبي صلّى الله عليه وآله فقال له: يا زيد، ما وصِف لي رجل إلاّ رأيته دون وصفه ليسك، يريد غيرك » وورد أيضاً عن محمد بن يزيد النحوي أنه قال: « كان عبدالله فصيحاً » ، وجاء في الخلاصة: « دعبل بن عليّ الخزاعي، أبو علي الشاعر المشهور في أصحابنا حاله، مشهورٌ بالإيمان وعلوّ المنزلة، عظيم الشأن » .
                          ويذكر ابن شهرآشوب: أنه من أصحاب الكاظم والرضا ، ويقول صاحب كتاب روضات الجنات: إن دعبلاً أدرك أربعة أئمّة من أهل البيت عليهم السّلام ، وولد سنة وفاة الإمام جعفر الصادق عليه السّلام.


                          مؤلفاته وآثاره:

                          لدعبل مؤلفات عديدة منها:
                          1 ـ ديوان شعره نحو ثلاث مئة ورقة وقد عمله الصولي .
                          2 ـ كتاب الواحدة في مثالب العرب ومناقبها: ذكره غير واحد من المؤلفين، ولم ينته إلينا.
                          3 ـ كتاب طبقات الشعراء: ويظهر أنه من التآليف المهمة الضخمة، والأصول المعوّل عليها في الأدب والتراجم وأخبار الشعراء في الحجاز والبصرة وبغداد وغيرها، وقد نقل عنه كثير من المؤرخين أو أشاروا إليه.
                          وليس بعيداً أن تجدّ بعض العناصر في إتلاف ديوان دعبل وآثاره كما اجتهدت السلطات التي عاصرها في القضاء عليه، والسعي لتحطيمه سَعْيَه هو الآخر في تحطيمها والقضاء على سلطانها.


                          وفاة دعبل:

                          كان المنافقون من الشعراء يحرّضون المأمونَ على دعبل، ولكن المأمون كان يفهم جيداً ما يجب أن يتخذه لتثبيت مركزه وحاكميّته، فكيف يقتل شاعراً معروفاً بولائه لأهل بيت الرسول صلّى الله عليه وآله، وعلى مرأى من الناس، لذا أعطى لدعبل الأمان، ولما مات المأمون خلفه أخوه أبو إسحاق محمد المعتصم سنة 218هـ، فطارد الطالبيين ونكّل بهم وكان دعبل يرى في المعتصم خصماً عنيداً وعدواً لا يمكن تركه، لذلك لم يمدحه بل أكثر به الانتقاد اللاذع والهجاء الذي يفتت القلب ويمحو الصبر. وكان المعتصم يطلبه دائماً ليفتك به ويتخلص من لسانه ووضع عليه العيون والجواسيس » .
                          وعندما بلغ دعبل أن المعتصم يريد قتله هرب وقال من قصيدة يهجوه بها:


                          ملوك بني العباسِ في الكتبِ سبعةٌ

                          ولم تأتِنـا عن ثامـن لـهمُ كُتـبُ
                          كذلك أهل الكهفِ في الكهفِ سبعةٌ

                          خيـارٌ إذا عُـدُّوا وثامنـهم كلـبُ
                          وإنـي لأُعلـي كـلبَهم عنك رفعةً

                          لأنَّك ذو ذنْب وليس له ذنْـبُ

                          بعد قصيدة الهجاء هذه أهدر المعتصم دمه، « فهرب إلى طوس وقُتل صبراً سنة 220 هـ » .
                          وبذلك تكون نهاية شاعر ملأت شهرته الآفاق وبقي شعره خالداً رغم الموت.


                          وأكتـمُ حُبَّيكـم مخافـة كـاشـحٍ عنيفٍ بأهل الحـقِّ غيـر مـؤاتي ديارُ رسـولِ الله أصبحـن بلقعـاً وآل زيـادٍ تسـكـن الحُـجـراتِ بناتُ زيادٍ في القصـور مصـونةٌ والُ رسـولِ الله فـي الفـلـواتِ سأبكيهمُ ما ذرَّ في الأرض شـارقٌ ونادى منادي الخيـر والصلـواتِ وما طلعت شمسٌ وحانَ غروبُهـا وبالليـلِ أبكـيهِمْ وبالغَـدواتِ



                          مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
                          وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
                          وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

                          نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

                          Comment

                          • صبر العقيلة
                            عضو مميز
                            • 30-12-2011
                            • 1333

                            #14
                            رد: رجـــال عرفهـــم التاريـــخ



                            المختار الثقفي


                            المختار هو ابن عبيدة بن مسعود الثقفي ولد في السنة الاولى للهجرة وقتل سنة 67 هجرية على يد مصعب بن الزبير , طالب بالثأر لاستشهاد الامام الحسين (ع) في كربلاء عام واحد وستين للهجرة وحملت ثورته شعار يالثارات الحسين , وتمكن من قتل اغلب من شارك في قتل الامام الشهيد.

                            حملة التشوية والافتراء التي تعرض لها المختار

                            تعرضت شخصية المختار لعملية تشويه ممنهجة من قبل قتلته من الزبيريين وشاركهم فيها خصومهم الأمويون , فدفع ثمن مواقفه المشرفة من آل البيت عليهم السلام , فاتُهم انه إدعى نزول الوحي عليه واعتماده السجع وانه من السبيئة والكيسانية ووأنه اتخذ كرسيا ادعى انه كرسي الامام علي(ع) وانه كالتابوت في بني اسرائيل وانه عثماني الهوى وانه وانه....

                            ومن اجل فهم الاسباب التي جعلت المختار يتحول الى هذه الصورة التي رسمها له الزبيريون والامويون لابد من الرجوع قليلا الى الوراء لمعرفة الظروف التي شكلت هذا الوعاء الذي اتخم بكل هذا التدليس والذي لا يصمد امام النقد التاريخي كما سيمرّ علينا.

                            المختار هو ابن عبيدة بن مسعود الثقفي ولد في السنة الاولى للهجرة وقتل سنة 67 هجرية على يد مصعب بن الزبير , طالب بالثأر لاستشهاد الامام الحسين (ع) في كربلاء عام واحد وستين للهجرة وحملت ثورته شعار يالثارات الحسين , وتمكن من قتل اغلب من شارك في قتل الامام الشهيد.

                            ثورة السبط الشهيد الامام الحسين (ع)

                            اصطدم يزيد بعد موت والده معاوية الذي مهد طريق الخلافة له بشتى السبل ومن بينها نكثه عهود الصلح مع الامام الحسن(ع) , اصطدم بشخصية كبرى لم تكن على استعداد ان تبايعه في اي حال من الاحوال , هذه الشخصية مع ما تمثله من قيم لم تكن لترضخ في اي ظرف من الظروف امام تلك التاويلات والتبريرات التي كانت تتحول شيئا فشيئا الى مبادىء سدت كل المنافذ امام المجتمع الاسلامي للتفكير في اصلاح الامور والتصدي للسلطان الجائر." من غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي امير المؤمنين فلا يَحلّ لاحد يؤمن بالله واليوم الاخر ان يبيت ولايراه إماما برّا كان او فاجرا"

                            هذه الشخصية هي الحسين , وبحقه قال النبي (ص): " حسين مني وانا من حسين .. أحب الله من أحب حسينا , حسين سبط من الاسباط"

                            أعلن الحسين ثورته الحمراء وغادر المدينة الى مكة واقام فيها اربعة اشهر والتقى هناك بوفود من اهل العراق وهم يحملون اليه الرسائل من زعماء القبائل يطلبون منه ان يقدم اليهم وبايعوه على النصرة ضد يزيد, فترك الحسين مكة وهاجر الى العراق الا ان والي يزيد الجديد الى الكوفة عبيد الله بن زياد تمكن من السيطرة على الكوفة قبل ان يصل الامام الحسين اليها , وارتكب جيش بن زياد بقيادة عمرابن سعد مجزرة بشعة بحق ال النبي (ص) في العاشر من محرم عام 61 , وسطر الامام الشهيد وال بيت النبي (ص) واصحابه الميامين ملحمة الفداء والتضحية من اجل المبادىء وهم يقدمون جماجمهم للاسلام العظيم رافعين الشعار الخالد للامام الشهيد "هيهات منا الذلة".

                            وعندما أخذ جيش يزيد حرائر رسول الله (ص) سبايا وحمل رؤوس اكثر من سبعين من الانصار وعشرين من آل بيت النبي (ص) على الرماح بينها رأس الامام الشهيد الى الشام وادخلهم على يزيد الذي اخذ رأس الامام الشهيد ينكث ثناياه بمخصرته ويتمثل بأبيات ابن الزبعري:
                            "ليت اشياخي ببدر شهدوا **جزع الخزرج من وقع الاسل
                            لأهلوا واستهلوا فرحا**ثم قالوا يا يزيد لاتشل
                            قد قتلنا القرم من ساداتهم **وعدلناه ببدر فاعتدل
                            لعبت هاشم بالملك فلا **خبر جاء ولا وحي نزل
                            لست من خندف ان لم انتقم **من بني هاشم ما كان فعل"

                            حركة المدينة المنورة (63هجرية)

                            بعد واقعة كربلاء كانت مدينة النبي(ص) تعيش تحت وقع الصدمة واخذ التذمر من يزيد ينتشر بين الناس فخاف الاخير على سلطانه و أراد ان يغير بعض سلوكه مع الناس لدفع ما هو اسوء فعزل الوليد بن عتبة عن المدينة وولاها عثمان بن محمد بن ابي سفيان , الذي اوصى يزيد ان يدعو كبار المدينة الى الشام ويكرمهم حتى يقلل من حدة الاحتقان الذي تعيشه المدينة , وهذا ما حدث فسار وفد من اشراف المدينة وعلى رأسه عبدالله بن حنظلة غسيل الملائكة وعبدالله بن ابي عمرو بن خوص والمنذر بن الزبير , واكرم يزيد وفادتهم واغدق عليهم ولكن بعد عودتهم الى المدينة نقلوا ماشاهدوه الى الناس.

                            بعد واقعة كربلاء كانت مدينة النبي(ص) تعيش تحت وقع الصدمة واخذ التذمر من يزيد ينتشر بين الناس فخاف الاخير على سلطانه و أراد ان يغير بعض سلوكه مع الناس لدفع ما هو اسوء فعزل الوليد بن عتبة عن المدينة وولاها عثمان بن محمد بن ابي سفيان , الذي اوصى يزيد ان يدعو كبار المدينة الى الشام ويكرمهم حتى يقلل من حدة الاحتقان الذي تعيشه المدينة

                            وقال المنذر بن الزبير"والله لقد اجازني بمائة الف درهم , وانه لا يمنعني ما صنع الي ان اصدقكم عنه , والله انه ليشرب الخمر , وانه ليسكر حتى يدع الصلاة". اما عبدالله بن حنظلة فقال "والهر ماخرجنا على يزيد حتى خفنا ان نرمى بالحجارة من السماء , انه رجل ينكح امهات الاولاد والبنات والاخوات ويشرب الخمر يدع الصلاة".

                            وقصدوا المنبر وخلعوا يزيد , فوجه الاخير اليهم جيشا بقيادة مسلم بن عقبة و قال له "ادع القوم ثلاثا فان اجابوك والا فقاتلهم , فاذا ظهرت عليهم فابحثها ثلاثا فما فيها من مال او سلاح او طعام فهي للجند" , فلما توجه ابن عقبة بجيشه الى المدينة أراد من عبدالملك بن مرون ان يشير عليه في شيء ينفعه في قتل اهل المدينة , فنصحه ان يأتي المدينة من قبل الحرة فاتاهم وطلب منهم النزول عند طاعة يزيد فابوا فامهلهم ثلاثة ايام فدارت حرب طاحنة بين الجانبين وكانت الغلبة لجيش يزيد , واباح مسلم المدينة ثلاثا لجيشه ووقعوا على النساء حتى ولدت الف امرة بعد الحرة من غير زوج.

                            ثم دعا مسلم الناس الى البيعة ليزيد بوصفهم عبيد وخوّل له فقتل كل من رفض ذلك . وسئل الزهري: كم كانت القتلى يوم الحرة ؟ قال : سبعمائة من وجوه الناس من قريش والانصار والمهاجرين ووجوه الموالي , وممن لا يعرف من عبد وحر وامرأة عشرة الاف.

                            هذا التفصيل كله نقله صاحب كتاب تاريخ الاسلام الثقافي والسياسي عن رواية المدائني , اخذه عنه ابو الفرج و ابن الجوزي , وتراه مفرّقا في روايات الطبري المفصلة باسانيده عن ابي مخنف , وعوانة بن الحكم , واحمد بن زهير في رواية الذهبي وابن كثير ايضا عن المدائني وعن غيره..

                            ثورة التوابين (65 هجرية)

                            هذه الانتفاضة قادها الصحابي الجليل سليمان بن صرد الخزاعي الذي ارسل للحسين ليأتي الى الكوفة الا انه لم يقدر على الالتحاق به بعد ان سجنه عبيدالله بن زياد فندم اشد الندم على ذلك واقسم ان يفعل شيئا يكفر عن ذنبه بعدم نصرة الامام الشهيد عسى ان يتوب عليه الهد سبحانه وتعالى ’ انضم اليه كبار الصحابة في الكوفة واجتع حوله نحو خمسة الاف وسار بهم سليمان صوب الشام وعسكر الجيش في (عين الرمانة) وهناك التقي بجيش الشام بقيادة عبيد الله بن زياد على راس جيش تجاوز العشرين الفا ونشبت بينهما معركة ضارية انتصر فيها جيش الشام وتمكن رفاعة بن شداد ان يعود الى الكوفة بما بقي من جيش سليمان بن صرد الخزاعي الذي قتل في المعركة.
                            حركة عبدالله بن الزبير61-73 هجرية

                            تعتبر حركة عبد الله بن الزبير من الحركات التي هددت وبقوة وجود الدولة الاموية الا انها وبعد ان سيطرت على مساحات كبيرة من الدولة الاسلامية انهزمت امام جيش الامويين ودب فيها الضعف حتى قتل عبدالله بن الزبير بيد الحجاج بن يوسف الثقفي سنة 73 هجرية.

                            لم يعمل ابن الزبير العدل بين الرعية حاله حال الامويين كما لم يحيي المعالم التي درست في زمن الامويين , فقد وصل بغضه لآل البيت عليهم السلام فكان يتهرب من ذكر النبي(ص) والصلاة عليه وعندما عوتب على فعله هذا قال"اني لاارغب عن ذكره , ولكن له اهيل سوء اذا ذكرته لتلعو اعناقهم , فانا احب ان اكبتهم". وكان شديد القسوة مع اهل البيت (ع) حتى ان جمعهم وسجنهم واحاطهم بالحطب لحرقهم اذا لم يبايعوه , وكان بينهم عبدالله بن عباس ومحمد بن الحنفية , ولم ينقذهم الا جيش المختار الذي فكهم من الحصار.

                            وعندما ظفر مصعب بن الزبير بالمختار وقتله لم يكتف بذلك بل قتل حتى الذين منحهم الامان الامر الذي عابه عليه عبدالله بن عمر عندما سأله كم قتلت فقال مصعب "خمسة الاف" , فسبح ابن عمر ثم قال :" يامصعب , لو ان امرا اتي ماشية الزبير فذبح خمسة الاف شاة في غادة , أكنت تعده مسرفا؟" قال : نعم .قال :"فتراه اسرافا في البهائم , وقتلت من وحد الله , أما كان فيهم مكره أو جاهل ترجى توبته" .

                            كما عاب عليه الكثيرون خلال واخلاق عبدالله بن الزبير "كانت فيه خلال لاتصح معها الخلافة , كان بخيلا ضيق العطاء , سيء الخلق , حسودا , وكثير الخلاف". حتى عرف عنه قوله لجنده "اكلتم تمري وعصيتم امري" . وتعرض المسجد الحرام في عهده للتدمير والحرق مرتين , مرة على يد جيش يزيد بقيادة الحصين بن نمير سنة 63 هجرية والكرة الثانية على يد جيش عبدالملك بن مروان بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي سنة 73 هجرية , حيث رمي المسجد الحرام بالمنجنيق والنار وهدمت الكعبة مرتين .

                            ثورة المختار (65-76 هجرية)

                            تعتبر ثورة المختار امتدادا لثورة التوابين وقد التفّ حوله من تبقى منهم واستولى على الكوفة وطرد امير الكوفة عامل ابن الزبير بعد قتاله واخذ يتتبع قتلة الحسين(ع) فقتلهم واحدا واحدا ومن ابرزهم عمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وعبيد الله بن زياد و خولي بن يزيد الاصبحي الذي اجتز راس الحسين (ع) وحرملة بن كاهل وحكيم السنبسي و زيد بن ورقاء وابن انس. وحارب المختار الامويين والزبيريين الى ان بعث اليه ابن زبير اخاه مصعب بجيش كبير والتقى الجيشان وكان الظفر لمصعب وقتل المختار عام 67 للهجرة



                            مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
                            وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
                            وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

                            نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

                            Comment

                            • صبر العقيلة
                              عضو مميز
                              • 30-12-2011
                              • 1333

                              #15
                              رد: رجـــال عرفهـــم التاريـــخ



                              ميثم التمار

                              جوانب من حياته

                              كان ميثم عبداً لامرأة من بني أسد ، فاشتراه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) منها ، وأعتقه ، وكان يُكنَّى بـ : أبو سالم .
                              وكان ميثم التمَّار خطيب الشيعة بالكوفة ومتكلِّمها ، وفي مرّة قال لابن عباس : ( سَلْني ما شئت من تفسير القرآن ، فإنِّي قرأت تنزيله على أمير المؤمنين
                              (
                              عليه السلام ) ، وعلَّمني تأويله ) .

                              وقال الإمام علي ( عليه السلام ) لميثم : ( إِنَّك تُؤخَذ بعدي ، فَتُصلَب وتُطعَن بِحَربة . فإذا كان اليوم الثالث ، ابتدر منخرَاك وفمُك دماً ، فيخضِّب لحيتك ، فانتظر ذلك الخضاب . وتُصلب على باب دار عمرو بن حريث ، عاشر عشرة ، أنت أقصرهم خشبة ، وأقربهم من المُطهِّرة ، وامضِ حتَّى أُريك النخلة التي تُصلَب على جذعها ) .

                              فأراه إيَّاها ، فكان ميثم يأتيها ويصلِّي عندها ، ويقول : ( بوركتِ من نخلة ، لكِ خُلقتُ ، ولي غُذِّيتِ ) . ولم يزل يتعاهدها حتَّى قُطعت ، وحتَّى عَرف الموضع الذي يُصلب فيه .

                              وكان يلقى عمرو بن حريث فيقول له : ( إنِّي مجاورك ، فأحسن جواري ) ، فيقول له عمرو : أتريد أن تشتري دار ابن مسعود أو دار ابن حكيم ؟ وهو لا يعلم ما يقصد بكلامه .

                              ودخل مرة على أمِّ سلمة ( رضوان الله عليها ) ، فقالت له : من أنت ؟ فقال : عراقي . فسألته عن نسبه ، فذكر لها أنّه كان مولى الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) . فقالت : أنت هيثم ؟ قال : بل أنا ميثم . فقالت : سبحان الله ، والله ـ لرُبَّما سمعتُ رسول الله ( صلَّى الله عليه وآله ) يوصي بك علياً في جوف الليل .

                              فسألها عن الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، فقالت : هو في حائط له . فقال : ( أخبريه أنِّي قد أحببتُ السلام عليه ، ونحن ملتقون عند ربِّ العالمين إن شاء الله ، ولا أقدر اليوم على لقائه ، وأريد الرجوع ) .

                              فدعت بطِيبٍ فطيَّبت لحيته ، فقال لها : ( أمّا أنَّها ستُخضَّب بدم ) . فقالت : مَن أنبأَك هذا ؟ فقال : ( أنبأَني سيِّدي ) . فبكَت أمّ سلمة ، وقالت له : إنّه ليس بسيِّدك وحدك ، وهو سيِّدي وسيِّد المسلمين ، ثمَّ ودَّعته .
                              ـ شهادته :

                              قدِم ميثم التمَّار ( رضوان الله عليه ) الكوفة ، فأخذه عبيد الله بن زياد ، فأُدخِل عليه ، فقيل : هذا كان من آثر الناس عند عليّ .
                              فقال : ويحكم ، هذا الأعجمي ؟!
                              فقيل له : نعم .
                              فقال له عبيد الله : أين ربُّك ؟
                              فقال : ( بالمرصاد لكلِّ ظالم ، وأنت أحد الظَّلَمة ) .
                              فقال : إنَّك على عُجْمتك لتبلغ الذي تُريد ، ما أخبرك صاحبك أنِّي فاعلٌ بك ؟
                              فقال : ( أخبرني أنَّك تصلبني عاشر عشرة ، أنا أقصرهم خشبة ، وأقربهم من المطهرة ) .
                              فقال : لَنُخالفنَّه .
                              فقال : ( كيف تخالفه ؟! ، فوَ الله ـ ما أخبرني إلاّ عن النبيّ ( صلَّى الله عليه وآله ) ، عن جبرائيل ( عليه السلام ) ، عن الله تعالى ، فكيف تخالفُ هؤلاء ؟! ولقد عرفتُ الموضع الذي أُصلَب عليه أين هو من الكوفة ، وأنا أوَّل خلق الله أُلجمُ في الإسلام ) .
                              فحبسه ابن زياد ، وحبس معه المختار بن أبي عبيد الثقفي ، فقال ميثم التمَّار للمختار : ( إنَّك تفلتُ ، وتخرج ثائراً بدم الحسين ( عليه السلام ) ، فتقتل هذا الذي يقتلنا ) .
                              فلمَّا دعا عبيد الله بالمختار ليقتله ، طلع البريد بكتاب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن زياد ، يأمره بالإفراج عنه ، وذاك أنّ أخته كانت زوجة عبد الله بن عمر بن الخطَّاب ، فسألت بعلها أن يشفع فيه إلى يزيد ، فشفع فأمضى شفاعته ، وكتب بتخلية سبيل المختار على البريد ، فوافى البريد ، وقد أُخرج ليُضْرَب عنقه ، فأطلق .
                              أمّا ميثم ( رضوان الله عليه ) ، فأُخرج بعدَهُ لِيُصلَب ، فجعل ميثم ( رضوان الله عليه ) يُحدِّث بفضائل بني هاشم ، ومخازي بني أميَّة ، وهو مصلوب على الخشبة . فقيل لابن زياد : قد فضحَكُم هذا العبد . فقال : ألجموه .
                              فلمَّا كان في اليوم الثاني ، فاضت منخراه وفمه دماً . ولمَّا كان في اليوم الثالث ، طُعن بحربة ، فكبَّر ، فمات .
                              وكانت شهادته ( رضوان الله عليه ) في الثاني والعشرين من شهر ذي الحجَّة الحرام 60 هـ ، أي قبل قدوم الإمام الحسين ( عليه السلام ) إلى العراق بعشرة أيّام




                              مـآ طـآح العلـم بالكَـآع ... حضـر سـآعتهـآ مهدينـآ
                              وطــخ للكَـآع ابـو صـآلـح ... وشـآل العلـم بيمينـه
                              وانطــه عهـد يـآخـذ الثـآر ... واحنـه الثـآر تـآنينـه

                              نصــــر مـن الله وفتـــح قريـــــب

                              Comment

                              Working...
                              X
                              😀
                              🥰
                              🤢
                              😎
                              😡
                              👍
                              👎