إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • علاء السالم
    مشرف الساحة الفقهية
    • 01-01-2012
    • 290

    #16
    رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

    بسم الله الرحمن الرحيم
    والحمد لله رب العالمين
    وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
    التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنــــــــــــــا
    النص:
    6 - عقيدتنا في التوحيد
    ونعتقد بأنه يجب توحيد الله تعالى من جميع الجهات، فكما يجب توحيده في الذات ونعتقد بأنه واحد في ذاته ووجوب وجوده، كذلك يجب - ثانيا - توحيده في الصفات، وذلك بالاعتقاد بأن صفاته عين ذاته كما سيأتي بيان ذلك، وبالاعتقاد بأنه لا شبه له في صفاته الذاتية، فهو في العلم والقدرة لا نظير له وفي الخلق والرزق لا شريك له وفي كل كمال لا ند له.
    وكذلك يجب - ثالثا - توحيده في العبادة فلا تجوز عبادة غيره بوجه من الوجوه، وكذا إشراكه في العبادة في أي نوع من أنواع العبادة، واجبة أو غير واجبة، في الصلاة وغيرها من العبادات. ومن أشرك في العبادة غيره فهو مشرك كمن يرائي في عبادته ويتقرب إلى غير الله تعالى، وحكمه حكم من يعبد الأصنام والأوثان، لا فرق بينهما.
    أما زيارة القبور وإقامة المآتم فليست هي من نوع التقرب إلى غير الله تعالى في العبادة، كما توهمه بعض من يريد الطعن في طريقة الإمامية، غفلة عن حقيقة الحال فيها، بل هي من نوع التقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة كالتقرب إليه بعيادة المريض وتشييع الجنائز وزيارة الأخوان في الدين ومواساة الفقير، فإن عيادة المريض - مثلا - في نفسها عمل صالح يتقرب به العبد إلى الله تعالى. وليس هو تقربا إلى المريض يوجب أن يجعل عمله عبادة لغير الله تعالى أو الشرك في عبادته. وكذلك باقي أمثال هذه الأعمال الصالحة التي منها زيارة القبور، وإقامة المآتم، وتشييع الجنائز، وزيارة الأخوان. أما كون زيارة القبور وإقامة المآتم من الأعمال الصالحة الشرعية فذلك يثبت في علم الفقه وليس هنا موضع إثباته. والغرض أن إقامة هذه الأعمال ليست من نوع الشرك في العبادة كما يتوهمه البعض. وليس المقصود منها عبادة الأئمة، وإنما المقصود منها إحياء أمرهم، وتجديد ذكرهم، وتعظيم شعائر الله فيهم (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب). فكل هذه أعمال صالحة ثبت من الشرع استحبابها، فإذا جاء الإنسان متقربا بها إلى الله تعالى طالبا مرضاته، استحق الثواب منه ونال جزاءه.


    البيــــــــان:
    هذه خلاصة ما بينه المظفر في هذه النقطة:
    1- انه قسم التوحيد إلى أقسام ثلاثة: التوحيد في الذات، وفي الصفات، وفي العبادة.
    2- التوحيد في الذات يعني أن ذاته عز وجل واحدة وليس فيها أي جهة من جهات الكثرة.
    3- التوحيد في الصفات (التي لا شبيه له سبحانه فيها فهو في علمه وقدرته وخلقه ورقه لا نظير له ولا شبيه)، والتوحيد فيها: يعني أن صفاته عين ذاته، بخلاف الفرق العقائدية الأخرى كالأشاعرة الذين يقولون بان صفاته زائدة على ذاته، أو المعتزلة الذين ينفون الصفات ويرون أن الذات تنوب عنها ولذا سموا بـ(المعطلة).
    4- التوحيد في العبادة: يعني لا يجوز عبادة غيره سبحانه كالأصنام والأوثان، ولا إشراك غيره معه فيها كالرياء، فمن يفعل مثل ذلك يعد مشركا غير موحد.
    5- استعراض امر عبادي وشرعي، توهم بعض المتسمين بالإسلام (كالوهابيين) انه ينافي التوحيد بالعبادة، بمعنى أن فاعله يعبد غير الله بنظره، وهو: زيارة القبور وإقامة المأتم، وبين المظفر أنها لا تعني الشرك في العبادة بل إنها أعمال صالحة بيَّن الفقه استحبابها وبالتالي فالإتيان بها بنية التقرب يوجب المثوبة.

    البحث الاول / أقسام التوحيد كما ذكروها:
    ذكر الشيخ المظفر اقساما ثلاثة للتوحيد، وهي: التوحيد الذاتي والصفاتي والعبادي.
    وأوصلها بعضهم الى سبعة اقسام، اما الثلاثة الاولى فقد تم بيانها، واما الاربعة الاخرى فهي:
    - التوحيد الأفعالي: والمراد به ان كل ما يقع عالم الخلق من أسباب ومسببات واثار وانظمة وتدبيرات بل كل شيء، فكلها بإرادته سبحانه، فهو المؤثر بالوجود لا غير.
    - التوحيد التشريعي: والمراد به ان حق التشريع والتقنين بيده سبحانه فقط، وحتى انبيائه ورسله فهم ينقلون قوانينه وشرعه وحتى فيما ورد اذنه سبحانه لهم في تشريعه فهو راجع اليه ايضا.
    - التوحيد الاستعاني: أي انه سبحانه من يستعان به لا غير.
    - التوحيد الحبي: أي انه سبحانه من يستحق المحبة اصالة لا غير.
    وجعلوا من ادلة اثبات وجود الله العقلية هي بنفسها تدل على هذه الاقسام، وكذلك الفطرة.
    ومثل هذه التقسيمات قد لا يكون لها فائدة اذا ما عرف الانسان التوحيد الحقيقي وهو التوحيد في مرتبة الكنه والحقيقة. كما ان معرفتها مع جهل التوحيد الحقيقي خسارة كبيرة وتضييع للهدف الذي خلق الانسان لأجله.

    البحث الثاني/ مراتب التوحيد:
    اقتصر نظر علماء الشيعة العقائديين – بما فيهم الشيخ المظفر - على الذات المقدسة (الله) وجعلوا المعرفة والتوحيد في رتبتها هي الغاية القصوى، فالتوحيد بما ذكروه من اقسام يقف على مرتبة الذات كما راينا. ولكن قد اتضح ان الذات هي باب الكنه والحقيقة وظهور وتجلي لها وقد عرفنا أيضاً سبب تجليه بالألوهية.
    قال السيد احمد الحسن (ع) موضحاً مرتبة التوحيد في مرتبة الذات وعدم خلوها من الشرك: (.. الحقيقة أن هذه المرتبة من التوحيد لا تخلو من الشرك في مرتبة ما لجهتين:
    الجهة الأولى: هي أننا لا يمكن أن نرفع كثرة الأسماء الملازمة للذات الإلهية عن أوهامنا، وإن كانت كثرة إعتبارية، فالله هو: الرحمن الرحيم القادر القاهر الجبار المتكبر العليم الحكيم ... وهذه الكثرة وإن كانت لا تخل بوحدة الذات الإلهية أو الله ولكنها كثرة، وتحمل معنى الكثرة فهي مخلة بالتوحيد في مرتبة أعلى من هذه، قال أمير المؤمنين (ع): (..... أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف).
    والجهة الثانية: هي جهة الألوهية، فكوننا نتأله في حوائجنا إلى الذات الإلهية فإن علاقتنا معه سبحانه وتعالى غير خالية - والحال هذه - من الطمع والحاجة لسد النقص من جهة معينة، إذن فالعبادة غير خالصة بل هي طلب للكمال وسد النقص في أحسن صورها على هذا الحال، وهذه المرتبة شرك، فالإخلاص الحقيقي هو قطع النظر عمن سواه سبحانه وتعالى حتى عن الأنا والشخصية، وهذا هو الأولى والأحجى بل هو أصل المطلوب، إذن فالتوحيد الحقيقي يتحقق بعد معرفة فناء جميع الأسماء والصفات في الذات الإلهية، ثم فناء الذات الإلهية في الحقيقة أي فناء الألوهية في حقيقته سبحانه، ولا يتحقق هذا الامر الا بفناء الأنا وشخصية الانسان فلا يبقى إلا الشاهد الغائب سبحانه وتعالى عما يشركون، وإذا كان هناك لفظ دال عليه فيكون (هو) ضمير الغائب، والهاء لإثبات الثابت والواو لغيبة الغائب وهذا التوجه - المتحصل من هذه المعرفة - هو التوجه الصحيح لأنه توجه إلى الحقيقة والكنه، وهذا هو التوحيد الحقيقي، توحيد الحقيقة والكنه أو الإسم الأعظم الأعظم الأعظم، أو الإسم المكنون المخزون والذي ينبع من داخل الإنسان بعد فناء الأنا وبقاء الله، وهذه هي المرتبة الأخيرة المقصودة في التوحيد واليها تشير بسملة التوحيد وسورة التوحيد ..
    ).
    وقال (ع) أيضاً: (﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾: هو ضمير الغائب يشير إلى الاسم الأعظم الأعظم الأعظم أو الكنه والحقيقة، فالمراد هنا قل لهم إذا كانوا يريدون معرفة حقيقته وكنهه سبحانه وتعالى فهو يعرف بمعرفة الذات الأحدية، فالذات هي حجاب الكنه والحقيقة ولا يعرف ما بعد الحجاب إلا باختراق الحجاب، ولا يخترق الحجاب إلا بالمعرفة، فإذا عرفتم فناء الأسماء الإلهية في الذات أو الله وأحدية الذات ونظرتم فيها ومن خلالها باعتبارها حجاب الكنه والحقيقة عرفتم أن تمام معرفة الحقيقة هي العجز عن المعرفة.
    و ﴿هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ تشير إلى معنيين: الأول: هو فناء الأسماء الإلهية في الذات وأحدية الذات في التوحيد الأحدي.
    والثاني: هو فناء الألوهية في الحقيقة في المرتبة الأخيرة، لأن الألوهية فيها الكثرة الاعتبارية لأنها تعني الكمال، وبالتالي التأله إليه لسد النقص والحصول على الكمال وللكمال جهات كثيرة.
    وفي المعنى الأول مرتبتان:
    ففي المرتبة الأولى: الله أحد أي أنه قادر والقدرة ذاته، وراحم والرحمة ذاته، وفي هذه المرتبة الأسماء الإلهية فانية في الذات ولكنها تلاحظ تفصيلاً أي الله القادر العليم الحكيم.
    وفي المرتبة الثانية: الله أحد أي أنه كامل يؤله إليه لسد النقص وتحصيل الكمال، والأسماء الإلهية فانية فيه دون ملاحظتها تفصيلاً بل إجمالاً باعتبارها جهات الكمال، أي النظر إلى الله سبحانه وتعالى الكامل دون النظر أو الالتفات إلى الأسماء الكمالية، ولا يخفى أن في هذا الإجمال تبقى الكثرة كالنار تحت الرماد، فالمقصود هو سد النقص وتحصيل الكمال سواء كان هذا القصد تفصيلياً أم إجمالياً.
    أما المعنى الثاني: الذي تشير له ﴿هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ فهو فناء الألوهية والكمال في الكنه والحقيقة، فلا ينظر إلا للمعبود سبحانه وتعالى باعتباره معبوداً، فلا يبقى للألوهية في هذه المرتبة من التوحيد وجود، بل لا يبقى إلا النظر إلى الحقيقة والكنه أو الاسم الأعظم الأعظم الأعظم (هو) وهذه هي أعلى مراتب التوحيد، وغاية الإنسان وكماله الحقيقي هو عبادة الحقيقة والكنه، ولذلك وصف الرسول الأكرم في أعلى مراتب الارتقاء بالعبد ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ ..
    ) كتاب التوحيد.
    وبهذا توضح كيف تكون الذات (الله) باباً وقبلة وحجاباً للكنه والحقيقة وأن المعرفة في (مرتبة الذات الاحدية بعد فناء الصفات فيها) تكون مدعاة لمعرفة العجز عن معرفة الكنه والحقيقة وهي اقصى غايات المعرفة والتوحيد الحقيقي. فـ(الله) هو الكمال المطلق الذي يتأله له الخلق، وإنما تجلى به وظهر به للخلق لحاجتهم وفقرهم .. الآن هو تجلى بالكمال المطلق (الله) ليأله له فلولا الخلق لكان الوجود فقط للكنه والحقيقة بلا قبلة وباب وحجاب لها وهي الذات المقدسة التي ظهر وتجلى بها لخلقه لحاجتهم وفقرهم وتحقيق غاية خلقهم وهو المعرفة "كنت كنزا مخفيا فأحببت أن اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف".
    والحق: أن كل موجود يظن الكمال هو ما يعرفه هو .. فالإنسان يظن أن غاية الكمال هو القدرة الكاملة العلم الكامل وهكذا والسبب انه يملك بعض القدرة وبعض العلم فهو يظن أن عالم قادر التي يتصورها هي غاية ما يمكن أن يصف به الله. ولكن المطلوب منه أن يتحرك باتجاه المعرفة إلى أن يعرف انه عاجز عن المعرفة وان الكمال الذي واجهه به سبحانه إنما أراد منه سبحانه أن يوصله إلى هذه الحقيقة التي هي المعرفة الحقيقية .. إنما واجهنا بالكمال المطلق ليوصلنا لحقيقة أننا عاجزون عن المعرفة .. وبالتالي نعرف أنفسنا ونعرف الحقيقة التي أوجدتنا، نعرفها عندما نعرف عجزنا التام عن معرفتها .. معرفة عجزنا هي معرفة الحقيقة .. "من عرف نفسه عرف ربه" .. وهذه حقائق لا تعرف بالكلام بل عندما يكون الإنسان فيها.

    البحث الثالث / صفاته عين ذاته .. يأتي ان شاء الله.
    والحمد لله رب العالمين.
    Last edited by ya fatema; 08-04-2012, 21:13.

    Comment

    • علاء السالم
      مشرف الساحة الفقهية
      • 01-01-2012
      • 290

      #17
      رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

      بسم الله الرحمن الرحيم
      والحمد لله رب العالمين
      وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما

      التسجيل الصوتي للمحاضرة
      ــ للاستماع والتحميل اضغط هنـــــا
      التسجيل الصوتي تتمة الدرس ـ للاستماع والتحميل اضغط هنــــــــــــــا

      البحث الثالث / صفاته سبحانه عين ذاته:
      من البيان السابق توضح كيف ان صفاته سبحانه عين ذاته وانه مقتضى احدية الذات الالهية، وهو قول الله تعالى وخلفائه الطاهرين، قال تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾، كما تبيَّن في الفقرة السابقة.
      وفي قبال هذا القول الحق، شذت فرق اسلامية سنية وكانت لها اقوالا اخرى، وهم:
      الأشاعرة (اتباع ابو الحسن الاشعري، ولد بالبصرة سنة 260 ه وتوفي في بغداد سنة 324 ه) قالوا بزيادة الصفات على الذات، وقالوا ان الصفات سبعة وهي بنظرهم: (الحياة والعلم والقدرة والارادة والسمع والبصر والكلام النفسي)، واما باقي الصفات فهم يقومون بتأويلها. وقالوا ايضا: ان هذه الصفات زائدة على الذات ومتمايزة عنها ولذا قالوا بالقدماء الثمانية. ومن راجع كتاب الابانة لابي الحسن الاشعري لرأى تصريحاته بزيادة صفات الذات على الذات.
      وهي عقيدة مخالفة بكل وضوح لوحدة الذات واحديتها في نفس الوقت كما توضح سابقاً.
      ويبين علماء العقائد بطلان القول بزيادة الصفات على الذات بأن زيادتها على الذات مع فرض أنها قديمة (لأنه يستحيل أن يكون سبحانه محلا للحوادث لأنه يلزم منه التغير والتبدل والله سبحانه منزه عن كل ذلك)، يعني تعدد القدماء وواجب الوجود، وهو ينافي عقيدة التوحيد.
      والمعتزلة (اتباع ابي علي الجبائي او واصل بن عطاء تلميذ الحسن البصري، وكانت بدايتهم في اوائل القرن الثاني الهجري)، وقد قدسوا العقل وقدموه على النقل بشكل كبير، ورغم ان خلافهم عن بقية السنة ابتدأ بمسألة ولكنه توسع حتى اصبحت لهم منظومة عقائدية خاصة بهم، وكانت لهم ايضا اصول خمسة كالتالي: (1. التوحيد، 2. العدل، 3. المنزلة بين المنزلتين "وهذا الأصل يوضح حكم الفاسق في الدنيا، وهي المسألة التي اختلف فيها واصل بن عطاء مع الحسن البصري، إذ يعتقد المعتزلة أن الفاسق في الدنيا لا يسمى مؤمنا بوجه من الوجوه، ولا يسمى كافرا بل هو في منزلة بين هاتين المنزلتين، فإن تاب رجع إلى إيمانه، وإن مات مصرا على فسقه كان من المخلدين في عذاب جهنم"، 4. الوعد والعيد، 5. الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) والاصل الاخير حقيقته ردة فعل نشأت عندهم من الراي السني الرسمي القائل بطاعة الحكام مهما صدر منهم.

      البحث الرابع / التوحيد في العبادة:
      العبادة الحقيقية للإنسان هي التوحيد الحقيقي الحاصل منه والذي يحصل بالتوجه الى الكنه والحقيقة كما توضح، قال (ع): (والمطلوب من الإنسان التوحيد في هذه المرتبة، مرتبة الحقيقة والكنه؛ لأنها تمثل نفي الصفات عنه سبحانه وتمام الإخلاص له سبحانه وتعالى في العبادة الحقيقية والسجود الحقيقي، وما سوى هذه العبادة وهذا الإخلاص وهذا التوجه لا يخلو من شرك في مرتبة ما) كتاب التوحيد.
      فان يجعل الانسان من الحقيقة (هو) معبوده الحقيقي فذاك هو التوحيد الحقيقي، واما التوجه الى ما سواها فيكون عبارة عن تاله لسد النقص وطلب الكمال وبالتالي هي عبادة غير خالصة وفيها طمع وتفكير بالربح والخسارة.
      ثم ان هذا الهدف لا يتحقق الا بالإيمان بخليفة الله والتسليم له، فخليفة الله هو باب التوحيد والمعرفة الالهية، لان خلفاء الله هم تجليات اسمائه وظل صفاته (نحن اسماء الله الحسنى) (بنا عرف الله) .. ولما كان الانسان محدود وناقص وصفاته سبحانه مطلقة، اذن لا يمكنه والحال هذه معرفتها معرفة حقيقية وتامة، وان أقصى ما يستطيع الانسان معرفته هو معرفة صفاته سبحانه من خلال معرفة مظهر اسمائه وصفاته وهو خليفة الله.
      ولما كان هدف خلقة الانسان هو اساس وجوده وهو (المعرفة)، وهي لا تتحقق الا بخليفة الله كان السجود لادم (ع) (عنوان خليفة الله) هو ما يرضيه سبحانه لان هذا السجود هو ما يحقق غاية خلقة الانسان.
      والوهابيين لانهم غفلوا عن هذا، صاروا يضعون مقياساً للتوحيد بأهوائهم، وما يرونه مخالفا له يصفونه بالشرك والكفر، وليس اخرها مسالة زيارة القبور والاستشفاع والتبرك بآثار الاولياء وما شابه. وهو ما نترك مناقشته لنقطة اخرى قادمة ان شاء الله.
      * * *
      وهذه اهم الاسئلة المتعلقة بالنقطتين الخامسة والسادسة :
      1- انتهى الشيخ المظفر الى ان الذات المقدسة هي الغاية والمعبود الحقيقي، هل هذا صحيح ؟
      2- من يقول بقول يؤدي به الى ان الذات المقدسة مركبة من اجزاء حقيقية كيف ترد عليه ؟
      3- ما هي اقسام التوحيد التي ذكرها الشيخ المظفر وماذا يعني بها ؟
      4- ذكر السيد احمد الحسن (ع) عدة خطوات معرفية يخطوها الموحد ابتداء، اذكرها باختصار ؟
      5- لماذا التوحيد في مرتبة الذات المقدسة لا يخلو من الشرك ؟
      6- (قل هو الله احد) يشير الى معنيين، ما هما ؟



      Last edited by ya fatema; 16-04-2012, 09:31.

      Comment

      • علاء السالم
        مشرف الساحة الفقهية
        • 01-01-2012
        • 290

        #18
        رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

        للاستماع للمحاضرة اضغط هنــا

        بسم الله الرحمن الرحيم
        والحمد لله رب العالمين
        وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما

        النص:
        7- عقيدتنا في صفاته تعالى
        ونعتقد أن من صفاته تعالى الثبوتية الحقيقية الكمالية التي تسمى بصفات (الجمال والكمال)، كالعلم والقدرة والغنى والإرادة والحياة - هي كلها عين ذاته ليست هي صفات زائدة عليها، وليس وجودها إلا وجود الذات، فقدرته من حيث الوجود حياته.وحياته قدرته، بل هو قادر من حيث هو حي، وحي من حيث هو قادر، لا اثنينية في صفاته ووجودها وهكذا الحال في سائر صفاته الكمالية.
        نعم هي مختلفة في معانيها ومفاهيمها، لا في حقائقها ووجوداتها، لأنه لو كانت مختلفة في الوجود وهي بحسب الفرض قديمة وواجبة كالذات للزم تعدد واجب الوجود ولانثلمت الوحدة الحقيقية، وهذا ما ينافي عقيدة التوحيد.
        وأما الصفات الثبوتية الإضافية كالخالقيةوالرازقية والتقدم والعلية فهي ترجع في حقيقتها إلى صفة واحدة حقيقية وهي القيومية لمخلوقاته وهي صفة واحدة تنتزع منها عدة صفات باعتبار اختلاف الآثار والملاحظات.
        وأما الصفات السلبية التي تسمى بصفات (الجلال)، فهي ترجع جميعها إلى سلب واحد هو سلب الإمكان عنه، فإن سلب الإمكان لازمة بل معناه سلب الجسمية والصورة والحركة والسكون والثقل والخفة وما إلى ذلك، بل سلب كل نقص.
        ثم إن مرجع سلب الإمكان في الحقيقة إلى وجوب الوجود، ووجوب الوجود من الصفات الثبوتية الكمالية، فترجع الصفات الجلالية (السلبية) آخر الأمر إلى صفات الكمالية (الثبوتية).
        والله تعالى واحد من جميع الجهات لا تكثر في ذاته المقدسة ولا تركيب في حقيقة الواحد الصمد. ولا ينقضي العجب من قول من يذهب إلى رجوع الصفات الثبوتية إلى الصفات السبية لما عز عليه أن يفهم كيف أن صفاته عين ذاته فتخيل أن الصفات الثبوتية ترجع إلى السلب ليطمئن إلى القول بوحدة الذات وعدم تكثرها، فوقع بما هو أسوأ، إذ جعل الذات التي هي عين الوجود ومحض الوجود والفاقدة لكل نقص وجهة إمكان، جعلها عين العدم ومحض السلب أعاذنا الله من شطحات الأوهام وزلات الأقلام.
        كما لا ينقضي العجب من قول من يذهب إلى أن صفاته الثبوتية زائدة على ذاته فقال بتعدد القدماء ووجود الشركاء لواجب الوجود، أو قال بتركيبه تعالى عن ذلك، قال مولانا أمير المؤمنين وسيد الموحدين عليه السلام: (وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصفه سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه جزأه، ومن جزأه فقد جهله ...).


        البــيان:
        هذا خلاصة ما أفاده الشيخ المظفر:
        1- تنقسم الصفات إلى ثبوتية "كمالية جمالية"، وسلبية "جلالية".
        2- إن الصفات الثبوتية عين ذاته سبحانه وليست بزائدة عليها. وقد تقدم بحث ذلك.
        3- هناك نوع من الصفات الثبوتية يسمى بالثبوتية الإضافية كالخالقية والرازقية (التي تحتاج إلى متعلق أي مخلوق ومرزوق ثم يتصف الله بتلك الصفات، فبعد أن خلق يوصف بأنه خالق وبعد أن رزق يوصف بأنه رازق).
        4- وأما الصفات السلبية فإنها ترجع أيضا إلى صفة واحدة كما يقولون وهي (سلب الإمكان عنه).
        5- ثم هناك خلاف بينهم في أن الصفات الثبوتية هل ترجع إلى السلبية أو العكس، والشيخ المظفر يختار رجوع السلبية إلى الثبوتية.
        6- إن الله سبحانه واحد في ذاته وليس في ذاته كثرة أو تركب (لان المركب محتاج لأجزائه والاحتياج نقص والله منزه عن النقص). ومن قال برجوع الصفات الثبوتية إلى سلبية ربما لم يستطع أن يثبت نفي الكثرة عن الذات المقدسة إلا بهذه الطريقة كما يقول المظفر.
        وتفصيل البحوث كالتالي:

        البحث الأول/ تقسيم الصفات بنظر علماء العقائد:
        يقسم علماء العقائد صفاته سبحانه إلى تقسيمات متعددة:
        منها: تقسم الصفات إلى ثبوتية وسلبية.
        ومعنى الثبوتية: وتسمى بالصفات الكمالية أو الجمالية أيضاً، هي الصفات التي يكون فيها إثبات اتصاف الذات المقدسة بكمال كالعلم والحياة والقدرة وما شابه.
        وهي على قسمين أيضا:
        أ‌- الصفات الذاتية: وهي الصفات التي يكفي في انتزاعها ملاحظة نفس الذات المقدسة، كالعلم والحياة، فان علمه وحياته سبحانه تنتزع من نفس الذات بلا أن نفترض وجود شيء آخر.
        ب‌- الصفات الفعلية (الإضافية): وهي الصفات التي تنتزع بعد ملاحظة شيء آخر غير الذات وهو فعله سبحانه، كاتصافه بالخلق والرزق والغفران وما شابه فأنها تحصل بعد وجود تلك الأفعال.
        والفرق بين صفات الذات وصفات الفعل كما يقول علماء العقائد يتلخص في أمرين:
        الأول/ إن صفات الذات تكفي ملاحظة الذات في انتزاعها، فان اتصافه بالعلم والقدرة والحياة يكون بملاحظة نفس الذات المقدسة، بخلاف صفات الفعل فإنها تنتزع بعد ملاحظة فعله سبحانه، فبعد صور الخلق منه يوصف بأنه خالق وبعد غفرانه لذنوب عباده يوصف بأنه غافر وهكذا.
        والثاني/ إن صفات الذات لا يصح الوصف بضدها لأنها عين ذاته سبحانه ولا تنفك عنه، فتقول: (الله عالم وقادر) ولا يصح أن تنسب له الجهل والعجز (ضد العلم والقدرة) تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، في حين أن صفات الفعل يصح الوصف بها وبضدها، فالله سبحانه يغفر لبعض خلقه ولا يغفر لآخرين، وهكذا في باقي صفات الفعل.
        هذا ما يتعلق بالصفات الثبوتية.

        وأما الصفات السلبية (الجلالية)، فهي سلب كل صفة لا تليق به تعالى وفيها سلب نقص عنه مثل أنه ليس بجسم ولا مرئي ولا جاهل ولا متحرك ولا ساكن ولا محدود ولا جوهر ولا عرض ولا محتاج ولا مركب ولا شريك له ولا كفؤ ولا هو ظالم ولا يصدر منه القبيح ....... الخ.
        ودليل تنزيه الله تعالى عن مثل تلك الصفات هو أنها صفات تستلزم الحاجة والنقص والمحدودية والتركيب وما شابه، والكمال المطلق منزه عن كل نقص وحاجة. وبالتالي فهي منفية عنه سبحانه وتعالى.

        البحث الثاني / رجوع الصفات بعضها لبعض:
        علماء العقائد يقولون: إن الصفات الكمالية يرجع بعضها إلى بعض، فمثلا: القدرة والعلم يرجعان إلى الحياة، وكذلك صفتا السمع والبصر يرجعان إلى العلم، هذا مثال في الكمالية.
        وكمثال في الجلالية: رجوع نفي الرؤية إلى كونه ليس بجسم، ورجوع نفي الجسمية إلى نفي التركيب، ورجوع نفي التركيب إلى نفي الحاجة والنقص. وبالنتيجة قالوا: إن كل الصفات السلبية ترجع إلى صفة واحدة وهي (سلب الإمكان عنه)، وسلب الإمكان عنه يعني سلب كل صفة نقص تلازم الممكنات كالصورة والجسم والحركة والسكون والخفة والثقل وما شابه.
        أو قولهم برجوع الصفات الإضافية (الفعلية) إلى صفة واحدة وهي (القيومية) ويقولون: إن كل الصفات الإضافية ترجع إليها، ولكن باختلاف الأثر الصادر منها تتنوع الصفات فيتصف مرة بأنه خالق وأخرى رازق وثالثة متقدم ورابعة علة وهكذا.
        والبحث الأساس هنا هو: هل أنّ الصفات الثبوتية ترجع إلى السلبية أم العكس ؟
        يجيب المظفر واغلب علماء العقائد بان الصحيح هو رجوع الصفات السلبية إلى صفات ثبوتية، والسبب برأيهم: إن سلب الإمكان يرجع في حقيقته إلى إثبات وجوب الوجود، فان الموجود إما واجب الوجود (أي لا يمكن فرض العدم فيه مطلقا) أو ممكن الوجود (أي أن نسبة الوجود والعدم إليه سواء فلم يكن موجودا ثم وجد)، فلما يسلب الإمكان عن موجود فلا يبقى إلا أن يكون ذلك الموجود واجب الوجود، ووجوب الوجود صفة ثبوتية، وبالتالي فان الصفات السلبية ترجع إلى الصفات الثبوتية.

        توضيح اكثر ياتي ان شاء الله تعالى
        والحمد لله رب العالمين.
        Last edited by ya fatema; 17-04-2012, 11:47.

        Comment

        • علاء السالم
          مشرف الساحة الفقهية
          • 01-01-2012
          • 290

          #19
          رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

          بسم الله الرحمن الرحيم
          والحمد لله رب العالمين
          وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
          التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنا

          البحث الثالث / القول الحق في الصفات:
          الحق أن نقول كما أوضحه يماني أل محمد (ع):
          أولاً: إن ما ذكروه واصطلحوا عليه بالصفات الثبوتية بمعنى إثبات كمال، والسلبية بمعنى تنزيهه عن النقص، فهو لا إشكال فيه، فان اتصافه تعالى بالصفات الكمالية (الثبوتية) بمعنى اتصافه بالكمال المطلق قد ورد في كتاب الله وفي روايات خلفائه الطاهرين وادعيتهم. كما لا إشكال في الصفات السلبية بمعنى نفي النقص عن ساحته المقدسة، فهي الأخرى واردة في الكتاب والسنة.
          لكن الإشكال في تحديد الصفات الثبوتية والسلبية، فبعضهم عد صفات الكمال بثلاثة أساسية ترجع إليه باقي الصفات وهي (العلم والقدرة والحياة)، أو بعدد معين كسبعة كما عدها الاشاعرة وبعض علماء الشيعة. وكذلك عدهم الصفات السلبية، فان العد والحصر غير صحيح.
          والصحيح انه سبحانه تجلى لخلقه باللاهوت المطلق والكمال المطلق (الله) ليعرفه الخلق وبالتالي فهو موصوف بكل كمال مطلق ومنزه عن كل نقص. ومعرفتنا بذلك يكون من خلال تعريف خلفائه الطاهرين.
          هذا بالنسبة للصفات الذاتية.
          وأما الصفات الفعلية فان تسميتها وبيان ما ذكروه في التفريق بينها وبين الصفات الذاتية – وقد تقدم سابقا – من كونها حادثة ومرتبطة بالفعل وبالتالي فهي إضافية بالنسبة إلى الذات المقدسة فهو أيضا لا إشكال فيه، ولكن هناك تصوير آخر للصفات الفعلية لا تكون به حادثة ومرتبطة بفعل الله وإنما مرتبطة بذاته وبالتالي ترجع إلى كونها ذاتية وغير مرتبطة بالفعل.
          وتوضيحه يكون بهذا المثال: فصفة الخالق مثلا يمكن أن نفهم منها فعل خلق المخلوقات وحينها تكون مرتبطة بالفعل وحادثة بحدوثه وهي بذلك صفة فعل، ويمكن أن نفهم منها أنها القدرة على الخلق وحينها تكون صفة ذاتية لان القدرة صفة ذاتية وليست حادثة ولا يمكن أن يوصف بضدها أي (العجز عن الخلق). وكلا الفهمين صحيح.
          ثانياً: بالنسبة إلى رجوع صفات الكمال إلى السلبية أو العكس، فان الشيخ المظفر اختار الصفات السلبية إلى الكمالية واعتبر العكس من شطحات الأوهام.
          ولكن الحق أن التوحيد في التسبيح والتنزيه لا في الوصف كما بين السيد احمد الحسن (ع)، وسببه يتضح بمعرفة التالي:
          1- إن غاية التوحيد والمعرفة هو معرفة العجز عن معرفة الكنه والحقيقة كما تقدم بيانه. والعجز كما هو واضح سلب وتنزيه وليس وصف واثبات.
          2- إن المخلوق محدود، وصفات الذات مطلقة بإطلاق الذات نفسها لأنها عينها، وهل يعقل أن يحيط المحدود باللامحدود أو يعرفه ؟!
          يقول السيد احمد الحسن (ع): (التوحيد في التسبيح لا في الوصف: التوحيد مما مضى تبين أنه في التسبيح لا في الوصف، أي أنّ التوحيد الحقيقي يكون بتنـزيهه سبحانه عن المعرفة بكنهه وحقيقته، وإنما تكون غاية معرفته هي في معرفة العجز عن المعرفة، فغاية ما يصل إليه الإنسان من الوصف أو الأسماء الذاتية الكمالية هو الوصول إلى هذه المعرفة - اي معرفة العجز عن المعرفة - التي يتجلّى للإنسان من خلالها بوضوح أن التوحيد الحقـيقي في التسبيح، قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ﴾، وذلك لأن المخلصين يعرفون أن الصفات ترجع في حقيقتها إلى التنـزيه عن النقص أو التسبيح والتقديس، أي أن ساحته سبحانه وتعالى خالية من النقص، أي أنه سبحانه وتعالى نور لا ظلمة فيه.
          فعن أبي عبد الله (ع)، قال: إن الله علم لا جهل فيه، حياة لا موت فيه، نور لا ظلمة فيه) التوحيد – الشيخ الصدوق : ص137.
          وعن يونس بن عبد الرحمن، قال: قلت لأبى الحسن الرضا (ع): (روينا أن الله علم لا جهل فيه، حياة لا موت فيه، نور لا ظلمة فيه، قال (ع): كذلك هو) التوحيد – الشيخ الصدوق : ص138.
          والحقيقة، إن معرفة عجزنا عن معرفة اللاهوت هي الممكنة لنا، ومنها نعرف عجزنا عن معرفة الحقيقة؛ لأننا لا يمكن أن نعرف عجزنا عن معرفة حقيقته سبحانه إلا من خلال معرفتنا لعجزنا عن معرفة اللاهوت المطلق؛ لأن اللاهوت المطلق هو المواجه لنا وهو يناسب حالنا ويمكن أن نبحر في ساحة معرفته من خلال نقصنا الذي نعرفه؛ لأن اللاهوت المطلق هو الكمال المطلق الذي نأله إليه ليسد نقصنا.
          ولكن هل يمكن مثلاً معرفة العجز عن معرفة الرحمة المطلقة دون أن نعرف رحمة ما ؟ أكيد إن الجواب سيكون: لا. وبالتالي فلكي نعرف عجزنا عن معرفة الرحمة المطلقة أو (الرحمن الرحيم سبحانه) لابد أن نعرف رحمة ما، وكلما كانت هذه الرحمة التي عرفناها أعظم وكلما كانت معرفتنا بها أعظم كانت النتيجة هي إن معرفة عجزنا عن معرفة الرحمة المطلقة أعظم، وبالتالي ستكون معرفة عجزنا عن معرفة الحقيقة التي واجهتنا بالرحمة المطلقة أعظم، فمعرفة الرحمة المطلقة تكون بمعرفة تجليها في الخلق، ومعرفة اللاهوت المطلق تكون بمعرفة تجليه في الخلق، كما أن معرفة الحقيقة تكون بمعرفة اللاهوت المطلق.
          إذن، فلابد لنا من معرفة خلفاء الله في أرضه؛ لأنهم تجلي الله في الخلق، وبمعرفتهم يعرف الله أي يعرف العجز عن معرفته، وبالتالي يعرف العجز عن معرفة الحقيقة وهذا هو التوحيد المطلوب من ابن آدم، وهذا هو سر وعلة بعث الأنبياء والأوصياء الحقيقية أي إن بعثهم ضروريٌ؛ لأن المعرفة تتم بهم ومن خلالهم ..............) كتاب التوحيد.
          * * *

          وفي خاتمة بحث الصفات اطرح الاسئلة التالية:
          1- ما هي اقسام الصفات، اذكرها مع بيان معناها وبعض الامثلة لها باختصار ؟
          2- ما هو الفرق بين صفات الذات والفعل ؟
          3- هل تحديدهم لصفات الكمال او الجلال بعدد معين صحيح ؟
          4- وضح باختصار كيف ان صفات الفعل ترجع الى انها صفات ذاتية بمثال ؟
          5- هل الصحيح رجوع الصفات الثبوتية الى السلبية ام العكس، ولماذا ؟
          Last edited by ya fatema; 23-04-2012, 12:04.

          Comment

          • علاء السالم
            مشرف الساحة الفقهية
            • 01-01-2012
            • 290

            #20
            رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

            بسم الله الرحمن الرحيم
            والحمد لله رب العالمين
            وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
            التسجيل الصوتي للمحاضرة ـ1 ـ للاستماع والتحميل اضغط هنـــا
            التسجيل الصوتي للمحاضرة ـ 2 ـ للاستماع والتحميل اضغط هنـــا
            النص :
            8 ـ عقيدتنا في العدل
            ونعتقد: أنّ من صفاته تعالى الثبوتية الكمالية أنّه عادل غير ظالم، فلا يجور في قضائه، ولا يحيف في حكمه؛ يثيب المطيعين، وله أن يجازي العاصين، ولا يكلِّف عباده ما لا يطيقون، ولا يعاقبهم زيادة على ما يستحقّون.
            ونعتقد: أنّه سبحانه لا يترك الحسن عند عدم المزاحمة، ولا يفعل القبيح؛ لاَنّه تعالى قادر على فعل الحسن وترك القبيح، مع فرض علمه بحسن الحسن، وقبح القبيح، وغناه عن ترك الحسن وعن فعل القبيح، فلا الحسن يتضرّر بفعله حتى يحتاج إلى تركه، ولا القبيح يفتقر إليه حتى يفعله. وهو مع كل ذلك حكيم؛ لا بدّ أن يكون فعله مطابقاً للحكمة، وعلى حسب النظام الاَكمل.
            فلو كان يفعل الظلم والقبح ـ تعالى عن ذلك ـ فانّ الأمر في ذلك لا يخلو عن أربع صور:
            1ـ أن يكون جاهلاً بالأمر، فلا يدري أنّه قبيح.
            2ـ أن يكون عالماً به، ولكنّه مجبور على فعله، وعاجز عن تركه.
            3ـ أن يكون عالماً به، وغير مجبور عليه، ولكنه محتاج إلى فعله.
            4ـ أن يكون عالماً به، وغير مجبور عليه، ولا يحتاج إليه، فينحصر في أن يكون فعله له تشهّياً وعبثاً ولهواً.
            وكل هذه الصور محال على الله تعالى، وتستلزم النقص فيه وهو محض الكمال، فيجب أن نحكم أنه منزَّه عن الظلم وفعل ما هو قبيح.
            غير أن بعض المسلمين جوَّز عليه تعالى فعل القبيح (3) ـ تقدَّست أسماؤه ـ فجوَّز أن يعاقب المطيعين، ويدخل الجنّة العاصين، بل الكافرين، وجوَّز أن يكلِّف العباد فوق طاقتهم وما لا يقدرون عليه، ومع ذلك يعاقبهم على تركه، وجوَّز أن يصدر منه الظلم والجور والكذب والخداع، وأن يفعل الفعل بلا حكمة وغرض ولا مصلحة وفائدة، بحجّة أنّه (لا يُسئَلُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُم يُسئَلونَ) الانبياء 21: 23.
            فربُّ أمثال هؤلاء الذين صوَّروه على عقيدتهم الفاسدة: ظالم، جائر، سفيه، لاعب، كاذب، مخادع، يفعل القبيح ويترك الحسن الجميل، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً، وهذا هو الكفر بعينه، وقد قال الله تعالى في محكم كتابه: (وَمَا اللهُ يُريدُ ظُلْماً للعِبَادِ) غافر 40: 31. وقال: (وَاللهُ لا يُحِبُّ الفَسَادَ) البقرة 2: 205. وقال: (وَمَا خَلَقْنَا الْسَّمواتِ والاَرضَ وَمَا بَيْنَهُما لاعِبِينَ) الدخان 44: 38. وقال: (وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ والاِنْسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ) الذاريات 51: 56. إلى غير ذلك من الآيات الكريمة، سبحانك ما خلقت هذا باطلاً.


            البيان:
            هذا هو الأصل الثاني من أصول الدين بنظر علماء العقائد الشيعة، وبالرغم من كونه صفة من الصفات التي يتصف بها الله سبحانه وهم يقرون بذلك، ولكنهم في ذات الوقت يعترفون أن إفرادهم له كان باجتهادهم والسبب كما يقولون هو كثرة الإشكالات التي أثيرت حوله، وصيرورته موضع خلاف بين الفرق العقائدية المسلمة.
            وعلى أي حال، سنشير إلى مجموعة نقاط باختصار تسهم بتوضيح فقرة الكتاب هذه:

            أولاً: هل العدل صفة ذات أم فعل ؟
            عرفنا أنّ صفة الذات هي الصفة التي تتصف بها الذات المقدسة بلا نظر إلى أي شيء آخر غيرها، بخلاف صفة الفعل التي تنتزع من فعله سبحانه (أي بعد صدور الفعل منه).
            والشيخ المظفر في عبارته أوضح أن العدل صفة ذاتية ثبوتية، وقد خالفه في ذلك من شرحوا كتابه حيث بينوا أن العدل صفة فعل لا ذات (انظر: بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الامامية: ج1). وهو قول العلامة الحلي وكبار علماء الشيعة العقائديين (انظر شرح الباب الحادي عشر – مبحث العدل).
            والحق: أننا أوضحنا أن هناك فهما آخر في بيان صفات الفعل ورجوعها للصفات الذاتية أوضحه السيد احمد الحسن (ع)، وقد تقدم في الدرس السابق، بمعنى يمكن أن نقول: إن العدل راجع إلى قدرته سبحانه عليه، والقدرة صفة ذاتية، وقد تقدم توضيح ذلك.

            ثانياً: ما هو معنى العدل ؟
            هذه أهم التعريفات التي ذكروها للعدل:
            1- المساواة في العطاء.
            2- التناسب والتوازن في قبال الاختلال.
            3- إعطاء كل ذي حق حقه.
            4- إعطاء كل مستعد وصاحب قابلية ما هو مستعد له وبحسب قابليته.
            أما المعنى الأول والثاني فهما غير مقصودان في العدل الإلهي، كما يقولون، كما أن المعنى الثاني من أوصاف المركبات، والله سبحانه حقيقة غير مركبة كما هو واضح.
            وأما المعنى الثالث للعدل، فقد اختاره جملة من علماء العقائد الشيعة، ولكن المتأخرين منهم قالوا انه معنى غير صحيح؛ لأنه يتضمن الاعتراف بان للمخلوق حقا على ربه سبحانه، وهو باطل بكل تأكيد فان العبد بل كل ما في عوالم الخلق هي ملكه سبحانه ولا احد من خلقه حق عليه.
            ولهذا اختاروا كصاحب الميزان وغيره أن يكون العدل بالمعنى الرابع. ولكنه أيضا لا يخلو من الإشكال إذ لم يفسر لنا معنى اختلاف الاستعدادات والقابليات بين البشر.
            ثم إنّ السبب في أنهم كلما وضعوا تعريفا أشكل عليه آخرون ولم يسلم لهم تعريف من النقض، هو أنهم انتهجوا مبدأ الوصف دون التسبيح والتنزيه.
            والحق: أن التوحيد على مستوى الذات والصفات يتلخص في التسبيح والتنزيه لا الوصف كما تقدم بيانه، وبالتالي فما نعرفه نحن من كونه سبحانه عادل هو انه ليس بظالم، أما معنى كونه سبحانه عادل مطلقا فمن أين للمخلوق المحدود أن يعرف حقيقة عدله المطلق ؟!!!

            ثالثاً: ما هو دليل اتصافه بالعدل ؟
            اغلب علماء العقائد يطرحون هنا الدليل العقلي كبيان وحيد لإثبات انه سبحانه عادل، وبرغم كون دليلهم العقلي مقبول لأن فقراته وردت في ايات الكتاب الكريم وفي استدلال خلفاء الله كما في رواياتهم، ولكن كان الأولى بالمؤمن أن يطرح ما ذكره سبحانه في وصف عدله، ثم ذكر ما بينه خلفاؤه في ذلك.
            وما ربك بظلام للعبيد ............. يا من هو عادل لا يجور ..................
            وأما الدليل العقلي الذي أقامه علماء العقائد على إثبات عدله سبحانه فهو على نحوين:
            الأول: إن الله سبحانه هو الكمال المطلق، والكامل لا يترك الأمر الحسن ولا يفعل القبيح، لأنه كامل، والمفروض انه عالم وقادر وغني وغير محتاج لفعل القبيح، والظلم قبيح كما هو واضح، وبالتالي فلا يصدر عن الكامل.
            الثاني: إن من يفعل الظلم القبيح لا يخلو حاله من أربعة صور:
            - إما أن يكون جاهلا به فيفعله.
            - أو يكون عالما به ولكنه مجبور على فعله.
            - أو يكون عالما به وغير مجبور عليه ولكنه عاجز عن تركه.
            - أو يكون عالما به وغير مجبور عليه وغير عاجز عن تركه ولكن يفعله عبثا ولهوا.
            وكل هذا منفي عنه سبحانه، وبالتالي لا يصدر منه الظلم والقبح مطلقا.

            رابعاً: ما ذكره المظفر عن بعض فرق المسلمين !!
            قال المظفر: (غير أن بعض المسلمين جوَّز عليه تعالى فعل القبيح ـ تقدَّست أسماؤه ـ فجوَّز أن يعاقب المطيعين، ويدخل الجنّة العاصين، بل الكافرين، وجوَّز أن يكلِّف العباد فوق طاقتهم وما لا يقدرون عليه، ومع ذلك يعاقبهم على تركه، وجوَّز أن يصدر منه الظلم والجور والكذب والخداع، وأن يفعل الفعل بلا حكمة وغرض ولا مصلحة وفائدة، بحجّة أنّه (لا يُسئَلُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُم يُسئَلونَ) الأنبياء 21: 23).
            يشير الشيخ المظفر بقوله إلى فرقة الاشاعرة السنية التي جوزت على الله فعل كل شيء مستدلين بالآية الكريمة. وكان ذلك ناشئاً من إنكارهم لمسالة الحسن والقبح العقلي، وتصويرها باختصار:
            انقسم المسلمون إلى فريقين: منهم من قال بان الأفعال تتصف في حد نفسها بالحسن والقبح العقلي، والشرع يكشف عن ذلك، وهم الامامية والمعتزلة. ومنهم من قال بان الأفعال ليس فيها هذا الوصف والحسن هو ما حسنه الشرع والقبيح هو ما قبحه وهم الاشاعرة. والاشاعرة رتبوا على قولهم هذا الايمان بان الله يفعل كل شيء أياً كان ذلك الفعل.
            وتفصيل المسالة وما قيل فيها متروك لدراسة أوسع لأنها من كبريات المسائل التي كثر فيها الكلام، ويكفينا نحن الآن أن نعرف انه سبحانه عادلا حكيما عالما وقد وصف نفسه بذلك، كما بين خلفاؤه أيضا، وانه سبحانه لا يصدر منه السفه والعبث والجهل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

            وهذه اهم الاسئلة المرتبطة بهذا البحث:
            1- اعتبر بعض علماء العقائد ان العدل صفة فعل، هل هناك فهم اخر ؟
            2- ما هو معنى العدل الذي يتصف به الله سبحانه والذي بوسع الانسان معرفته ؟
            3- بين باختصار الدليل على اتصاف الله بالعدل ؟
            4- هناك بعض المسلمين جوزوا على الله سبحانه فعل القبيح ما هو السبب الذي دعاهم لذلك ؟
            Last edited by ya fatema; 28-05-2012, 22:10.

            Comment

            • علاء السالم
              مشرف الساحة الفقهية
              • 01-01-2012
              • 290

              #21
              رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

              بسم الله الرحمن الرحيم
              والحمد لله رب العالمين
              وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
              التسجيل الصوتي للمحاضرة ـ للاستماع والتحميل اضغط هنــا
              المتن:
              9 ـ عقيدتنا في التكليف
              نعتقد: أنّه تعالى لا يكلِّف عباده إِلاّ بعد إقامة الحجّة عليهم، ولا يكلِّفهم إلا ما يسعهم ما يقدرون عليه وما يطيقونه وما يعلمون؛ لأنه من الظلم تكليف العاجز والجاهل غير المقصِّر في التعليم.
              أمّا الجاهل المقصِّر في معرفة الأحكام والتكاليف فهو مسؤول عند الله تعالى، ومعاقَب على تقصيره؛ إذ يجب على كلّ إنسان أن يتعلَّم ما يحتاج إليه من الأحكام الشرعية.
              ونعتقد: أنّه تعالى لابدَّ أن يكلِّف عباده، ويسنَّ لهم الشرائع، وما فيه صلاحهم وخيرهم؛ ليدلّهم على طرق الخير والسعادة الدائمة، ويرشدهم إلى ما فيه الصلاح، ويزجرهم عمّا فيه الفساد والضرر عليهم وسوء عاقبتهم، وإن علم أنّهم لا يطيعونه؛ لاَنّ ذلك لطف ورحمة بعباده، وهم يجهلون أكثر مصالحهم وطرقها في الدنيا والآخرة، ويجهلون الكثير ممّا يعود عليهم بالضرر والخسران، والله تعالى هو الرحمن الرحيم بنفس ذاته، وهو من كماله المطلق الذي هو عين ذاته، ويستحيل أن ينفك عنه. ولا يرفع هذا اللطف وهذه الرحمة أن يكون العباد متمرّدين على طاعته، غير منقادين إلى أوامره ونواهيه.


              البيان:
              في هذا البحث ثلاث نقاط ينبغي الاشارة لها:
              النقطة الاولى / وقفة مع بحث التكليف:
              وهي تتضح بمطالعة التالي:
              1- ذكر العلماء عدة تعاريف لبيان معنى (التكليف)، وهو بحث لا نفع فيه، ويكفينا أن نعرف ان التكليف يعني ذلك الامر الذي يضعه المشرع في عهدة المكلف لأجل الاتيان به سواء كان فعلاً او تركاً.
              2- ان البحث هذا (التكليف وشروطه) لا ربط له بالبحوث العقائدية وعادة ما يبحثه العلماء في اصول الفقه. وبالتالي فهو موضوع تبعي ولكن لان له ارتباط ولو بنحو ما بالعدل الالهي بنظر الشيخ المظفر قام بذكره هنا.
              3- ان عنوان البحث (التكليف)، فكنا ننتظر من المظفر ان يبين الشرائط التي يتصف بها التكليف بنظرهم، ولكن الحقيقة ان ما ذكره هي صفات يتصف بها المكلف وليس التكليف نفسه، والشرائط التي ذكرها هي:
              - القدرة على الفعل.
              - العلم بالتكليف وقيام الحجة عليه.
              فبدون هذين الشرطين يرى المظفر وغيره من علماء العقائد ان التكليف يوجب الظلم، والظلم لا يصدر منه سبحانه.
              وهناك شرائط اخرى ولكن الشيخ المظفر ترك ذكرها، منها: العقل والبلوغ.

              النقطة الثانية / الجاهل القاصر والمقصر
              يقصد بالجاهل المقصر: الجاهل الذي بوسعه التعلم والمعرفة ولكنه يقصر في تعلمه فيخالف التكاليف، بخلاف الثاني فهو جاهل بالتكاليف ولكنه لا عن تعمد وتقصير. وقالوا: ان المسؤولية والحساب يلحق الجاهل المقصر دون القاصر فهو معذور ولا يحاسب على مخالفته. وذكروا لذلك ادلة :
              منها: الاجماع. ومنها: العقل، بتصوير: ان العقل لا يعذر الجاهل في عدم معرفته بالتكاليف الدينية ان كان قادرا على التعلم ولكنه قصر وأهمل.
              ومنها: روايات تدل على وجوب التعلم وهي كثيرة، وكذلك روايات تدل على استحقاق الجاهل المقصر للعقاب والعتاب في سوح الحساب ولا ينفعه تعذره بعدم العلم، وكمثال لها ما ورد عن الامام الصادق عليه السلام عندما سئل عن قوله تعالى: (قلْ فَلِلّهِ الحُجَّةُ البالِغَةُ) فقال عليه السلام: (إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة عبدي أكنت عالماً؟ فان قال نعم قال له: أفلا عملت بما علمت؟! وإن قال: كنت جاهلاً، قال له: أفلا تعلّمت حتى تعمل؟! فيخصم، فتلك الحجة البالغة) الاَمالي للشيخ الطوسي: ص9 ح10.
              وبغض النظر الان عن الحساب التي يتعامل معه علماء العقائد والشريعة على حد سواء واعتبارهم مسالة الجنان والنيران غاية فهمهم وحركتهم، بغض النظر عن هذا فالحق ان الجهل سواء كان عن قصور او تقصير محكوم على صاحبه بالخسارة الواضحة، يتضح ذلك بمعرفتنا ان الغاية الاساسية التي خلق الانسان من اجلها هي المعرفة، هذه المعرفة لا يناسبها جهل الانسان بالحقيقة التي ينبغي للعبد الايمان بها والعمل على طبقها، مع اعتقادنا ان جهل الحقيقة العقائدية خسارتها أكبر بكثير من خسارة الجهل بقضية فقهية، ذلك ان العقيدة هي البناء الاساس الذي ترتكز عليه عبادات الانسان وبدونه لا تبقى قيمة لأي بناء لا يستند الى اساس وعقيدة حقة.

              النقطة الثالثة / علة التشريع وسنّ التكاليف
              يقول المظفر: (( ونعتقد: أنّه تعالى لابدَّ أن يكلِّف عباده، ويسنَّ لهم الشرائع، وما فيه صلاحهم وخيرهم؛ ليدلّهم على طرق الخير والسعادة الدائمة، ويرشدهم إلى ما فيه الصلاح، ويزجرهم عمّا فيه الفساد والضرر عليهم وسوء عاقبتهم، وإن علم أنّهم لا يطيعونه؛ لاَنّ ذلك لطف ورحمة بعباده )).
              لعلماء المسلمين أقوال ومذاهب في بيان علة التشريع، أهمها:
              الأول: ما بينه الشيخ المظفر من أن علة التكليف وسن التشريعات هي اللطف الإلهي ، بمعنى ان مقتضى لطفه ورحمته بعباده – بعد جهلهم بطرق الخير والسعادة من جهة وجهلهم بما يسبب سوء عاقبتهم من جهة أخرى – أن يشرع لهم ما يقربهم من الاول ويبعدهم عن الثاني.
              الثاني: انّ العلة من التشريعات والتكاليف الالهية هي إرادة الله ومشيئته لا غير وليس بالضرورة ان يكون وراءها حكمة او علة تقف وراءها ، كما قالت بذلك المجبرة.
              الثالث : ان علة التشريع تتضح بمعرفتنا علة بعث الانبياء والرسل ؛ ذلك ان التشريعات التي ياتون بها اكيد انها تحفظ الغاية والهدف من بعثتهم وتنسجم معها غاية الانسجام. والهدف بكلمة واحدة هو قطع عذر المعتذرين امام ربهم، قال تعالى: ﴿رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ النساء : 165. وسيأتي توضيحه بشكل مفصل في بحوث النبوة ان شاء الله تعالى.

              الاسئلة:
              1- ما هو معنى الجاهل القاصر والمقصر ؟
              2- من المحاسب منهما برأي علماء العقائد وما هو دليلهم ؟
              3- ذكر الشيخ المظفر شرطين من شرائط المكلف ما هما ؟
              4- بين باختصار كيف ان الجهل سواء كان عن قصور او تقصير يسبب خسارة كبيرة للانسان ؟


              والحمد لله رب العالمين.
              Last edited by ya fatema; 11-06-2012, 22:51.

              Comment

              • علاء السالم
                مشرف الساحة الفقهية
                • 01-01-2012
                • 290

                #22
                رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                بسم الله الرحمن الرحيم
                والحمد لله رب العالمين
                وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
                التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنــا
                التسجيل الصوتي لتتمة المحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنــا
                المتن:
                10 ـ عقيدتنا في القضاء والقدر
                ذهب قوم ـ وهم المجبرة ـ الى انه تعالى هو الفاعل لأفعال المخلوقين، فيكون قد اجبر الناس على فعل المعاصي، وهو مع ذلك يعذبهم عليها، واجبرهم على فعل الطاعات ومع ذلك يثيبهم عليها؛ لأنهم يقولون: ان افعالهم في الحقيقة أفعاله وإنما تنسب اليه الطبيعة بين الأشياء وانه تعالى هو السبب الحقيقي لا سبب سواه. وقد انكروا السببية الطبيعية بين الأشياء اذ ظنوا ان ذلك هو مقتضى كونه تعالى هو الخالق الذي لا شريك له. ومن يقول بهذه المقالة فقد نسب الظلم إليه تعالى عن ذلك.
                وذهب قوم آخرون ـ وهم المفوضة ـ الى انه تعالى فوض الافعال إلى المخلوقين، ورفع قدرته وقضاءه وتقديره عنها، باعتبار أنّ نسبة الأفعال إليه تعالى تستلزم نسبة النقص إليه، وأنّ للموجودات أسبابها الخاصة، وإن انتهت كلُّها إلى مسبِّب الأسباب والسبب الأول، وهو الله تعالى. ومن يقول بهذه المقالة فقد أخرج الله تعالى من سلطانه، وأشرك غيره معه في الخلق.
                واعتقادنا في ذلك تبع لما جاء عن أئمتنا الأطهار عليهم السلام من الأَمر بين الأمرين، والطريق الوسط بين القولين، الذي كان يعجز عن فهمه أمثال أولئك المجادلين من أهل الكلام، ففرَّط منهم قوم وأفرط آخرون، ولم يكتشفه العلم والفلسفة إلاّ بعد عدة قرون.
                وليس من الغريب ممَّن لم يطّلع على حكمة الأَئمّة عليهم السلام وأقوالهم أن يحسب أنّ هذا القول ـ وهو الأمر بين الاَمرين ـ من مكتشفات بعض فلاسفة الغرب المتأخرين، وقد سبقه إليه أئمتنا قبل عشرة قرون. فقد قال إمامنا الصادق عليه السلام لبيان الطريق الوسط كلمته المشهورة: «لا جبر ولا تفويض، ولكن أمر بين أمرين».
                ما أجلَّ هذا المغزى، وما أدقّ معناه، وخلاصته: إنّ أفعالنا من جهة هي أفعالنا حقيقة ونحن اسبابها الطبيعية، وهي تحت قدرتنا واختيارنا، ومن جهة أخرى هي مقدورة لله تعالى، وداخلة في سلطانه؛ لاَنّه هو مفيض الوجود ومعطيه، فلم يجبرنا على افعالنا حتى يكون قد ظلمنا في عقابنا على المعاصي؛ لاَنّ لنا القدرة والاختيار فيما نفعل، ولم يفوِّض إلينا خلق أفعالنا حتى يكون قد أخرجها عن سلطانه، بل له الخلق والحكم والأمر، وهو قادر على كل شيء ومحيط بالعباد.
                وعلى كل حال، فعقيدتنا : أنّ القضاء والقدر سر من أسرار الله تعالى، فمن استطاع أن يفهمه على الوجه اللائق بلا إفراط ولا تفريط فذاك، وإلاّ فلا يجب عليه أن يتكلّف فهمه والتدقيق فيه؛ لئلاّ يضل وتفسد عليه عقيدته؛ لاَنّه من دقائق الأمور، بل من أدق مباحث الفلسفة التي لا يدركها إلاّ الأوحدي من الناس، ولذا زلّت به أقدام كثير من المتكلّمين.
                فالتكليف به تكليف بما هو فوق مستوى مقدور الرجل العادي، ويكفي أن يعتقد به الانسان على الاجمال اتّباعاً لقول الأئمة الأطهار عليهم السلام من أنّه أمر بين الأمرين؛ ليس فيه جبر ولا تفويض. وليس هو من الاصول الاعتقادية حتى يجب تحصيل الاعتقاد به على كل حال على نحو التفصيل والتدقيق.


                البيان:
                توضيح عبارة الشيخ المظفر المرتبطة بالقضاء والقدر تتطلب الالفات الى بحوث ثلاثة:
                الأول / الجبرية والمفوضة:الجبر والتفويض عقيدتان اعتقد بكل منهما جماعة من المسلمين وهذا بيانه، فسمي المعتقدين بالجبر بالمجبرة وسمي المعتقدون بالتفويض بالمفوضة.
                اما الجبرية او المجبرة فهم الذين اعتقدوا بأن مقتضى كون الله سبحانه خالقاً (بل هو الخالق الوحيد بنظرهم ولا خالق سواه)، هو ان يكون سبحانه السبب الحقيقي والوحيد لنشوء الأفعال، وبالتالي فهو الخالق لما يصدر من الانسان من أفعال ولا ربط او علاقة بين الانسان وفعل المعصية مثلاً، بل الله هو من خلقها فيه، ومن ثم فهو مجبور على فعلها، ولكن مع ذلك يعاقبه الله على صدورها منه. وكذلك ليس هو الفاعل للطاعات وإنما الفاعل المباشر لها الله، ولكن مع ذلك يثيبه عليها. طبعاً، هم توسعوا للأبعد من الانسان وأنكروا علاقة السببية بين الاسباب والمسببات جميعا. وهذا هو اعتقاد فرقة الاشاعرة السنية.
                ولازم قولهم واعتقادهم هذا هو أن الانسان مجبور على فعل الطاعات وكذلك مجبور على فعل المعاصي، والسبب الذي قادهم لمثل هذا الاعتقاد الباطل كما قلنا هو تصورهم ان هذا هو مقتضى كونه سبحانه خالق.
                وهي عقيدة باطلة بكل وضوح؛ لأنها تستلزم نسبة الظلم اليه سبحانه.
                طبعاً، كان لحكام بني امية دور كبير في نشوء وترسيخ عقيدة الجبر في اذهان المسلمين تبريرا لحكم المسلمين ودعوى ان الله هو من اراد ذلك وإلا لما كانوا في مواقعهم التي هم فيها، وحيث انه مراد الله اذن يجب على الجميع قبول ذلك والرضا به. هكذا يستخفون الناس، وهو ذاته الذي نسمعه اليوم عن الامويين الجدد اعني الوهابيين وهم يبررون صنيع خلفائهم.
                وفراراً من اللازم الباطل للقول بالجبر اعتقدت فرقة سنية أخرى بخلاف ذلك تماماً وسميت بالمفوضة وهم المعتزلة، وخلاصة قولهم: انهم يرون ان افعال العباد مفوضة اليهم ولا مدخلية لإرادة الله وإذنه ومشيئته وقضاءه وقدره فيها أصلاً. والسبب في ذلك بنظرهم: ان القول بمدخليته سبحانه فيها يستلزم نسبة النقص (كالظلم) اليه وهو باطل.
                وهو قول باطل أيضاً؛ لأنه يستلزم اخراج الله سبحانه عن سلطانه وعزله عن مملكته.
                لذا اوضح ائمة الهدى (ع) موقفهم من كلا العقيدتين وقالوا بنصوص واضحة: (( لا جبر ولا تفويض ولكن امر بين أمرين )) .

                البحث الثاني / قول الشيخ المظفر :
                أما ما يراه الشيخ المظفر - وغيره من علماء العقائد الشيعة - في مسالة القضاء والقدر وعقيدة المجبرة والمفوضة فهو ما يلي:
                1- ان كلا عقيدتي الجبر والتفويض باطلتان للأسباب المتقدمة.
                2- ان العقيدة الصحيحة في القضاء والقدر هي (الامر بين الامرين) وبيان ذلك كما يقول: ان الافعال من الانسان من جهة هي افعالهم حقيقة وصدرت منهم وبالتالي فان كانت معاصي يحاسبون وإن كانت طاعات يثابون، ولكن هي من جهة ثانية واقعة تحت سلطان الله سبحانه وليست بخارجة عنه والإنسان إنما يفعلها بحول الله وقوته وهو من أفاض الوجود على الإنسان فلا الانسان مجبر على فعلها ولا أنه قد فوض إليه خلق أفعاله ورفع الله يده عن سلطانه وحاشاه سبحانه.
                3- ان مسألة القضاء والقدر سر من أسرار الله وبالتالي فمن استطاع ان يفهمه بما بينه اهل البيت ع فهو، وإلا فالإنسان غير مكلف بهمها على نحو التفصيل والتدقيق.
                4- انها ليست من اصول الاعتقاد الذي يجب فيه الاعتقاد على التفصيل بل يكفي فيه الاعتقاد الاجمالي.

                البحث الثالث / القضاء والقدر وفق الاعتقاد الحق:
                وتوضيحه يكون بملاحظة ما يلي:
                أولاً: القضاء يعني الحكم والإمضاء .. والقدر يعني التقدير، والقضاء لا يكون إلا بعد قدر وتقدير يسبقه. انظر قول السيد أحمد الحسن (ع) في (( كتاب المتشابهات ج3 )) عند بيان كلمات جده أمير المؤمنين (ع) في دعاء كميل.
                ثانياً: هل بوسع الانسان التدخل وتغيير ما قضي به عليه ، هل اذن الله سبحانه بذلك وحدد بعض ادوات التغيير التي بإمكان الانسان استعمالها ؟
                اجابة على ذلك نقول : حث أهل البيت (ع) على بعض الامور التي لها اثر في تغيير القضاء كالدعاء مثلاً ، فقد ورد عنهم (ع) : ( ان الدعاء يرد القضاء المبرم ) ، قال تعالى : ( قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ).
                قص اخ انصاري رؤيا منذرة كان قد سمعها وسببت حزنه على السيد احمد الحسن (ع) فكان من جوابه ان قال له : (ولمَ تحزن، سأخبرك بشيء الآن : الله سبحانه أليس يقول "ادعوني"، بداية الإنسان ربما تكون في الدعاء ..) كتاب مع العبد الصالح.
                وكذلك الصدقة، فهي الاخرى لها دور كبير في تغيير ما قضي على الانسان ، وروايات اهل البيت ع في ذلك كثيرة ايضا.
                وهذا كله بفضله سبحانه ورحمته .
                ثالثاً: إن منهج آل محمد (ع) في مسألة القضاء والقدر هو ما أوضحته رواياتهم الشريفة من أن الحق فيه هو الامر بين الامرين فلا جبر أو إكراه من جهة ولا تفويض وفصل المملكة عن مالكها من جهة اخرى ، وتوضيحه يكون بملاحظة ما يلي :
                1- إنّ الله سبحانه حكيم عادل مطلقا كما تقدم ، ومن كانت هذه صفته لا يتصور صدور الظلم منه ابداً.
                2- كما انه سبحانه قادر على كل شيء ، ومن كانت هذه صفته لا يخرج عن سلطنته ومملكته شيء أبدا.
                3- وبالتالي : فكل ما يصدر في هذا العالم هو بقضاء الله وتقديره السابق عليه ، ولا يشذ عن ذلك شيء مطلقاً .
                4- لكننا نعرف أنّ الله سبحانه قد قدّر وقضى لهذا العالم ان يكون عالم امتحان واختبار كما أوضحته الايات والروايات ، والإنسان ممتحن فيه ، وكونه كذلك يعني أنه مختار في افعاله وما يصدر منه ليتحقق للامتحان هدفه وغايته ، لكن لا كون الانسان مختاراً يعني ان الله سبحانه قد عُزل عن مملكته وحاشاه بل ان ما صدر من الانسان باختياره كان بتقديره وقضائه سبحانه ، ولا كون ما صدر من الانسان بقضاء الله وقدره يعني ان الانسان مجبر ومكره على ما صدر منه ، ذلك ان الانسان في عالم امتحان كما قلنا وهذا يعني ان قضاء الله سبحانه وقدره قد شمل طرفي الطاعات والمعاصي على حد سواء ، والإنسان العاصي يحاسب على اختياره المعصية والمطيع يثاب على اختيار الطاعة.
                5- ثم انه ليس كل ما يقدره الله ويقضي حصوله من الانسان في عالم الامتحان هو راض به، لذا كان من رحمته سبحانه أن أوضح لخلقه سبل الخير والطاعات (اي ما يرضيه سبحانه) في عالم الاختبار ورغب فيها ، وأوضح لهم ايضا سبل الغي والمعاصي (اي ما يسخطه سبحانه) وحذر منها ، قال تعالى : (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّيها * فَألْهَمهَا فُجُورَهَا وتَقْوَيها) ، (انا هديناه السبيل اما شاكرا وإما كفورا) ، وقال: (قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها)، وكان رسله (خلفاؤه الطاهرون) قادة سبيله اليه وهم المبشرين بما يرضيه والمنذرين عما يسخطه ، وكان الهدف من ذلك (لئلا تكون للناس على الله حجة بعد الرسل) ولا يبقى عذر لمعتذر عند اختياره عصيان الله المؤدية به الى النيران على طاعته المؤدية به الى جنان الله ورضوانه.
                وهذه روايتان تؤكدان ما اشرنا اليه :
                الاولى : سأل أبو حنيفة الامام أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام عن أفعال العباد، ممن هي؟ فقال له عليه السلام: «إنّ أفعال العباد لا تخلو من ثلاثة منازل؛ إمّا أن تكون من الله تعالى خاصّة، أو من الله ومن العبد على وجه الاشتراك فيها، أو من العبد خاصّة. فلو كانت من الله تعالى خاصة لكان أولى بالحمد على حسنها والذم على قبحها ولم يتعلق بغيره حمد ولا لوم فيها. ولو كانت من الله ومن العبد لكان الحمد لهما معاً فيها والذم عليهما جميعاً فيها، وإذا بطل هذان الوجهان ثبت انها من الخلق، فان عاقبهم الله تعالى على جنايتهم بها فله ذلك، وإن عفا عنهم فهو أهل التقوى وأهل المغفرة». تصحيح الاعتقاد من مصنفات الشيخ المفيد: 5|44.
                الثانية : ما رواه الاَصبغ بن نباته في حديث طويل: «إنّ شيخاً قام إلى أمير المؤمنين عليه السلام في منصرفه عن صفين فقال: أخبرنا عن مسيرنا إلى الشام أكان بقضاء الله وقدره؟ فقال: والذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة، ما وطأنا موطئاً، ولا هبطنا وادياً إلاّ بقضاء الله وقدره، فقال الشيخ: عند الله تعالى احتسب عنائي؛ ما أرى لي من الأجر شيئاً. فقال له عليه السلام: مه! أيّها الشيخ! لقد عظّم الله أجركم في مسيركم وانتم سائرون. وفي منصرفكم وأنتم منصرفون، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليها مضطرين. فقال الشيخ: فكيف والقضاء والقدر ساقانا؟ فقال عليه السلام: ويحك لعلك ظننت قضاءاً لازماً وقدراً حتماً؟ لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب، والوعد والوعيد، والامر والنهي، ولم تأت لائمة من الله لمذنب ولا محمدة لمحسن ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسيء، ولا المسيء أولى بالذم من المحسن. تلك مقالة عبدة الأوثان، وجنود الشيطان، وشهود الزور وأهل العمى عن الصواب. وهم قدرية هذه الامة ومجوسها؛ إنّ الله تعالى أمر تخييراً ونهى تحذيراً، وكلّف يسيراً. لم يعص مغلوباً، ولم يطع مكرهاً، ولم يرسل الرسل عبثاً، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً ( ذَلِكَ ظَنُّ الّذينَ كَفروُا فَوَيلٌ للّذينَ كفَرُوا مِنَ النَّارِ ) [سورة ص 38: 27]. فقال الشيخ: وما القضاء والقدر اللذان ما سرنا إلاّ بهما؟ فقال عليه السلام: هو الأمر من الله تعالى والحكم، وتلى قوله تعالى: ( وَقَضَى ربُّكَ الاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إيّاهُ ) [الاسراء 17: 23] فنهض الشيخ مسروراً وهو يقول:
                أنت الامام الذي نرجوا بطاعته * يوم النشور من الرحمن رضوانا
                أوضحت من ديننا ما كان ملتبساً * جزاك ربّك عنّا منه إحساناً
                * * *
                وبما عرفناه نستطيع اجابة ما يطرحه الوهابيون اليوم اذ يقولون تبريرا لخلافة كبارهم : (( انهم اعتلوا هذا المنصب بقضاء الله وقدره وبالتالي فهو راض بذلك ، ومن يقول ببطلانهم فهو ينازع الله ويعترض على قضائه وقدره )) !!


                الاسئلة :
                1- ما معنى القضاء ومعنى القدر ؟
                2- من هم الجبرية والمفوضة وماذا اعتقدوا ؟
                3- اذكر خلاصة عقيدة المظفر في القضاء والقدر.
                4- هل لبعض الاعمال الصالحة دور في تغيير ما قدر على الانسان وقضي به عليه ؟
                5- بين باختصار العقيدة الحقة بالقضاء والقدر.
                6- كيف تجيب على القائلين ان من خلف النبي (ص) وتصدى لحكم المسلمين يجب طاعته لان اعتلائه كان بقضاء الله وقدره ؟؟
                Last edited by ya fatema; 17-06-2012, 20:32.

                Comment

                • علاء السالم
                  مشرف الساحة الفقهية
                  • 01-01-2012
                  • 290

                  #23
                  رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  والحمد لله رب العالمين
                  وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
                  التسجيل الصوتي للمحاضرة ـ الجزء الاول ـ للاستماع والتحميل اضغط هنــا
                  التسجيل الصوتي للمحاضرة ـ الجزء الاول ـ للاستماع والتحميل اضغط هنــا

                  المتن:
                  11 ـ عقيدتنا في البداء
                  البداء في الإنسان: أن يبدو له رأي في الشيء لم يكن له ذلك الرأي سابقاً، بأن يتبدَّل عزمه في العمل الذي كان يريد أن يصنعه؛ إذ يحدث عنده ما يغيِّر رأيه وعلمه به، فيبدو له تركه بعد أن كان يريد فعله، وذلك عن جهل بالمصالح، وندامة على ما سبق منه. والبداء بهذا المعنى يستحيل على الله تعالى. لاَنّه من الجهل والنقص، وذلك محال عليه تعالى، ولا تقول به الامامية.
                  قال الصادق عليه السلام: «مَن زعم أنّ الله تعالى بدا له في شيء بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله العظيم». وقال أيضاً: «من زعم أن الله بدا له في شيء ولم يعلمه أمس فأبرأ منه».
                  غير أنّه وردت عن أئمتنا الأطهار عليهم السلام روايات توهم القول بصحة البداء بالمعنى المتقدِّم، كما ورد عن الصادق عليه السلام: «ما بدا لله في شيء كما بدا له في اسماعيل ابني» ولذلك نَسبَ بعض المؤلّفين في الفرق الاسلامية إلى الطائفة الامامية القول بالبداء طعناً في المذهب وطريق آل البيت، وجعلوا ذلك من جملة التشنيعات على الشيعة.
                  والصحيح في ذلك أن نقول كما قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد: (يَمْحوُا اللهُ ما يَشَآءُ وَيُثبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتَابِ). ومعنى ذلك: أنّه تعالى قد يُظهر شيئاً على لسان نبيِّه أو وليِّه، أو في ظاهر الحال لمصلحة تقتضي ذلك الاِظهار، ثم يمحوه فيكون غير ما قد ظهر أولاً، مع سبق علمه تعالى بذلك، كما في قصة اسماعيل لما رأى ابوه إبراهيم أنّه يذبحه.
                  فيكون معنى قول الامام عليه السلام: أنّه ما ظهر لله سبحانه أمر في شيء كما ظهر له في اسماعيل ولده؛ إذ اخترمه قبله ليعلم الناس أنّه ليس بإمام، وقد كان ظاهر الحال أنّه الاِمام بعده؛ لاَنّه أكبر ولده.
                  وقريب من البداء في هذا المعنى نسخ أحكام الشرائع السابقة بشريعة نبيِّنا صلّى الله عليه وآله، بل نسخ بعض الأحكام التي جاء بها نبينا صلّى الله عليه وآله.


                  البيان:معنى البداء لدى الانسان:
                  البداء لغة: هو الظهور، بدا الامر لفلان أي ظهر له.
                  فالبداء في الإنسان أي ظهور الامر له بعد خفائه عليه. وسبب خفاء الأمر عليه هو جهله ثم علمه وهذا يؤدي به الى ان يبدل رأيه نتيجة ظهور الامر الخافي عنه سابقاً.
                  وأكيد أن مثل هذا المعنى لا يجوز نسبته الى الله سبحانه والقول باتصافه به، لأنه متضمن للجهل وهو منفي عنه تعالى الله عن ذلك علوأ كبيراً.
                  لذا قال الامام الصادق (ع): ( من زعم ان الله بدا له في شيء بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله العظيم )، وقوله (ع): ( من زعم أن الله بدا له في شيء ولم يعلمه أمس فأبرأ منه ).
                  إذن هناك بداء يستلزم الندامة والجهل كما يكون عادة لدينا نحن بني البشر، وهو منفي عنه سبحانه، وليس هو البداء الذي نؤمن به والذي لا يستلزم جهل او ندامة ، كما أكده كتاب الله وروايات خلفائه الطاهرين (ع)، كما يأتي توضيحه.

                  المخالفون لأهل البيت (ع) يتهمون الشيعة بنسبة الجهل الى الله تعالى:
                  ولأن المخالفين آثروا لأنفسهم نهجا مغايراً لآل محمد (ع) وقرروا السير بعيدا عن هديهم ولم يقتبسوا من نورهم، صاروا يتهمون ائمة الهدى (ع) وشيعتهم بأنهم ينسبون الجهل الى الله سبحانه لأنهم يقولون بالبداء، ولست بحاجة الى بيان نماذج من التهريج والتشنيع الذي انتهجه المخالفون الذين لم يمنحوا انفسهم فرصة لفهم معنى البداء الذي قال به آل محمد (ع) وآمن به أتباعهم ، والإنسان عدو ما جهل كما هو معروف.

                  بعض روايات الطاهرين (ع) في البداء:
                  ورد في كتاب الكافي في الجزء الاول ص146 ، باب البداء روايات تتحدث عن البداء وهذه بعضها :
                  عن زرارة بن أعين، عن أحدهما عليهما السلام قال : ما عبد الله بشئ مثل البداء . وفي رواية ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام ما عظم الله بمثل البداء.
                  عن مالك الجهني قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : لو علم الناس ما في القول بالبداء من الاجر ما فتروا عن الكلام فيه .
                  عن الريان بن الصلت قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول ما بعث الله نبيا قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء .
                  عن هشام بن سالم وحفص بن البختري وغيرهما، عن أبي عبد الله عليه السلام قال في هذه الآية : " يمحو الله ما يشاء ويثبت " قال : فقال : وهل يمحى إلا ما كان ثابتا وهل يثبت إلا ما لم يكن ؟
                  عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ما بعث الله نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خصال : الاقرار له بالعبودية ، وخلع الأنداد ، وأن الله يقدم ما يشاء ، ويؤخر ما يشاء .
                  عن زرارة عن حمران ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن قول الله عز وجل : " قضى أجلا و أجل مسمى عنده " قال : هما أجلان : أجل محتوم وأجل موقوف .
                  عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : العلم علمان : فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه وعلم وملائكته ورسله ، فما علمه ملائكته ورسله فإنه سيكون ، لا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله ، وعلم عنده مخزون يقدم منه ما يشاء ، ويؤخر منه ما يشاء ، ويثبت ما يشاء .

                  قائم آل محمد (ع) يوضح معنى البداء:
                  ولكي نعرف معنى البداء وأين يكون، علينا ان نقرا النص التالي للسيد أحمد الحسن (ع) وهو يوضح فيه ام الكتاب ولوح المحو والإثبات اجابة على سؤال في الفرق بين المحكم والمتشابه، فيقول:
                  (( ج/ ... ولمعرفة الفرق بين المحكم والمتشابه يجب معرفة إن القرآن والأحاديث القدسية وكلام الأنبياء والأئمة عليهم السلام (ع) تحتوي على :
                  1/ كلام من أم الكتاب (كتاب المحكمات) وهو اللوح الذي لا يحصل لما كتب فيه بداء أو تبديل وهو علم ما كان أو يكون الى يوم القيامة دونما أي تبديل وهو علم الغيب الذي لا يطلع عليه الله سبحانه أحد ألا الأنبياء والمرسلين والأئمة فهو سبحانه يطلعهم على بعضه بحسب ما تقتضيه مصلحة تبليغ الرسالة أو القيام بمهام الإمامة (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً*إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً)
                  2/ كلام من لوح المحو والإثبات (كتاب المتشابهات) وهو أيضاً علم ما كان أو يكون ولكن على وجوه كثيرة واحتمالات عديدة لنفس الواقعة أحدها سيقع وهو الموجود في أم الكتاب أما البقية فلا تحصل لسبب ما ربما يكون حدث معين يمنع وقوعها وللمثال (( نقول فلان عمره 50 سنه مكتوب له في هذا اليوم عند الصباح أن يموت بلدغة عقرب ولكنه إذا تصدق سيدفع عنه هذا الشر ويعيش عشر سنوات أخرى وبعد مضي العشر سنوات إذا بر والديه فانه سيمد عمره خمس سنوات أخرى )) فهنا في لوح المحو والإثبات احتمالات كثيرة لحياة الإنسان فهذا الشخص في المثال ربما لن يعيش بعد أن يلدغه العقرب وربما يتصدق قبل اللدغة فيعيش عشر سنوات أخرى وربما بعد العشر سنوات يموت وربما يبر والديه فيعيش خمس سنوات أخرى .
                  ولولا هذا التقدير الإلهي لبطل العمل والدعاء قال تعالى (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحديد 22) أما في أم الكتاب فمكتوب لهذا الشخص شيء واحد فقط من هذه الأشياء لا يحتمل التغيير فمثلا مكتوب فلان يعيش 65 سنة أو مكتوب فلان يعيش 60 سنة أو 50 سنة واحد من هذه الاحتمالات هو الموجود في لوح أم الكتاب فقط أذن فلوح المحو والإثبات هو لوح المتشابهات ...
                  .) المتشابهات ج1
                  ويقول أيضاً:
                  (( {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ} الأعراف 143. ولم يكن سبحانه وتعالى يجهل أن الميقات أربعين ليلة ، ولم يكن سبحانه وتعالى يكذب على موسى سبحانه وتعالى علوا كبيرا ، وإنما واعده ثلاثين ليلة ، وكانت العشر التمام للأربعين معتمدة على أمر أخر لم يحدث بعد ، كدعاء أو صدقة أو أي عمل يقوم به موسى (ع). أو تقصير من جماعة بني إسرائيل يعاقبون عليه بغياب موسى (ع) عشر ليالي إضافية ، ففي علم الله سبحانه أن موسى سيغيب أربعين ليلة ، لكن في لوح المحو والإثبات أن موسى سيغيب ثلاثين ليلة ، فان حصل الأمر الفلاني من موسى (ع) أو بني إسرائيل فانه سيتمها أربعين ليلة قال تعالى : (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) الرعد:39 .
                  وهذا يشبه دعاء أيٌ منّا ليدفع الله عنه البلاء ، أو يرزقه من رحمته ما يشاء . فلو كانت الأمور لا تتبدل لبطل الدعاء ولأمسى لغوا لا نفع فيه ، لكن الله سبحانه قدر المقادير ويداه مبسوطتان يوسع على من يشاء ، ويقتر كيفما يشاء ، وهو احكم الحاكمين ، وهذا هو البداء الحق المبين في الذكر الحكيم ، الذي أنكره الجاهلون وقالوا أن الله فرغ من كل شيء . وجعلوا يداه مغلولتان يظاهون قول اليهود
                  )) كتاب العجل ج1.
                  فالبداء الذي أكدته الآيات والروايات هو ان تكون هناك عدة مقادير في لوح المحو والإثبات وهذه المقادير مرتبطة بأعمال صالحة كالدعاء والصدقة وصلة الرحم وما شابه، ولتلك الاعمال تأثير في تحديد تقدير معين من بين تلك التقديرات والخيارات المتعددة، وبالنهاية يتحقق ما هو مثبت في (ام الكتاب) ، ولكن حيث انه خافٍ على الانسان فسيكون ذلك باعثا للعبد للجد والسعي وعمل الخير. وهذا مدعاة لتنمية فضيلة الرجاء في قلبه. هذا من جهة.
                  ومن جهة اخرى بالنسبة للمؤمن يكون مدعاة لتنمية فضيلة الخوف منه سبحانه، اذ ليس بوسعه – بعد ايمانه بالبداء بمعناه الحق - ان يركن لعمل عمله ويقول ان عاقبته قد ختمت بخير وهو لا زال في دنيا الامتحان ، اذ تضمن لوح المحو والاثبات لعدة تقديرات يجعل من قلبه خائفا ومتعلقا بربه الى نهاية المطاف .
                  ومن ثم ، فلا خوف المؤمن ينقطع ولا رجاؤه، لذا ورد عن ائمة الهدى (ع) : ( ما عبد الله بشيء مثل البداء ) . فلولاه لبطل الدعاء (مخ العبادة) وفعل الخيرات.

                  البداء بالمعنى الحق يؤمن به بعض المخالفين:
                  قال السيد أحمد الحسن (ع) في تتمة كلامه السابق عن البداء : ( هذا وهناك من علماء السنة من يثبت البداء كابن الجوزية في كتابه الجواب الكافي في فصل الدعاء وهو وان لم يصرح باللفظ فقد اثبت المعنى سواء بالروايات عن النبي (ص) أو بمناقشته لفائدة الدعاء ) كتاب العجل: ج1.
                  ويقول النووي في بيان "من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه" ما حاصله: ( ينسأ مهموز أي يؤخر والأثر الأجل لأنه تابع للحياة في أثرها وبسط الرزق توسيعه وكثرته وقيل البركة فيه واما التأخير في الأجل ففيه سؤال مشهور وهو أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تزيد ولا تنقص فإذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون وأجاب العلماء بأجوبة الصحيح منها أن هذه الزيادة بالبركة في عمره والتوفيق للطاعات وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة وصيانتها عن الضياع في غير ذلك والثاني أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ ونحو ذلك فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه فان وصلها زيد له أربعون وقد علم الله سبحانه وتعالى ما سيقع له من ذلك وهو من معنى قوله تعالى الله ما يشاء ويثبت ..) شرح مسلم: ج16 ص114.
                  وذكر المناوي ما يلي : ( "من بر والديه طوبى له زاد الله في عمره " قال الحكيم : زيادة العمر في هذا ونحوه على وجهين أحدهما البركة فالقصير من العمر إذا احتشى من أعمال البر أربى على كثير . الثاني أنه تعالى قدر الآجال والأرزاق والحظوظ بين أهلها ثم أثبت ذلك في أم الكتاب الذي عنده لا يطلع عليه أحد ، فما في أم الكتاب لا زيادة فيه ولا نقص وما في صحف الملائكة يمحو منه ما يشاء ويثبت ما يشاء بالإحداث التي تكون من أهلها في الأرض ) فيض القدير: ج6 ص123.
                  وغيرها، وهي واضحة في اثبات البداء وان لم يتم التصريح بلفظه، ولكنه غير مهم بعد ايمانهم بمضمونه الذي يقول به اتباع ال محمد ع.

                  النسخ في الاحكام:
                  أخيراً أشار الشيخ المظفر في عبارته الى موضوع النسخ فقال : ( وقريب من البداء في هذا المعنى نسخ أحكام الشرائع السابقة بشريعة نبيِّنا صلّى الله عليه وآله ، بل نسخ بعض الأحكام التي جاء بها نبينا صلّى الله عليه وآله ) .
                  أما لماذا كان النسخ قريب من البداء ؟
                  فلأنه قد يقال ان النسخ يستلزم نسبة الجهل الى الله سبحانه كالبداء بمعناه المتعارف عند الانسان ، لأن الحكم قد تم بيانه بنحو انه حكم مستمر ولا امد له ، ولكنه نسخ وارتفع عن ساحة التشريع .
                  والصحيح أنّ النسخ يعني : أن يأتي حكم بدلالة دليل عليه (اية او رواية)، ثم يرتفع حكم الاول بدليل أخر ثان ينسخ حكم الاول مع بقاء الدليل الأول، مثل آية عدة المتوفى عنها زوجها فقد كان سنة، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) البقرة: 240، ونسختها آية أن العدة أربعة أشهر وعشرة أيام، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) البقرة: 234.
                  وواضح ان معناه لا يستلزم نسبة الجهل الى الله تعالى عن ذلك ، بل ان هناك مصلحة وحكمة دعت المشرع الحكيم ان يوضح حكمه بنحو الاستمرار وعند انتهاء تلك الغاية والأجل قام برفع الحكم بناسخ نسخ الحكم السابق.

                  الاسئلة:
                  1- ما معنى البداء في الانسان والذي لا يمكن نسبته الى الحق سبحانه ؟
                  2- وضح باختصار معنى البداء الذي ورد ذكره في كتاب الله وكلام خلفائه الطاهرين ؟
                  3- كيف يكون الايمان بالبداء امر عظيم وما عبد الله بشيء مثله ؟
                  4- بعض كبار علماء اهل السنة يؤمنون بالبداء وان لم يصرحوا به، بين ذلك ؟
                  5- ما هو معنى النسخ وكيف انه يشبه البداء ؟
                  Last edited by ya fatema; 24-06-2012, 20:39.

                  Comment

                  • علاء السالم
                    مشرف الساحة الفقهية
                    • 01-01-2012
                    • 290

                    #24
                    رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    والحمد لله رب العالمين
                    وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما


                    التسجيل الصوتي للمحاضرة (عقيدتنا في النبوة) ـ للاستماع والتحميل اضغط هنـا

                    التسجيل الصوتي ( تتمة للمحاضرة: عقيدتنا في النبوة) ـ للاستماع والتحميل اضغط هنـا


                    المتن:
                    13 ـ عقيدتنا في النبوّة
                    نعتقد: أنّ النبوّة وظيفة إلهية، وسفارة ربّانية، يجعلها الله تعالى لمن ينتجبه ويختاره من عباده الصالحين وأوليائه الكاملين في إنسانيّتهم، فيرسلهم إلى سائر الناس لغاية إرشادهم إلى ما فيه منافعهم ومصالحهم في الدنيا والآخرة، ولغرض تنزيههم وتزكيتهم من درن مساوئ الأخلاق ومفاسد العادات، وتعليمهم الحكمة والمعرفة، وبيان طرق السعادة والخير؛ لتبلغ الانسانية كمالها اللائق بها، فترتفع إلى درجاتها الرفيعة في الدارين دار الدنيا ودار الآخرة.
                    ونعتقد: أنّ قاعدة اللطف ـ على ما سيأتي معناها ـ توجب أن يبعث الخالق ـ اللطيف بعباده ـ رسله لهداية البشر، وأداء الرسالة الاصلاحية، وليكونوا سفراء الله وخلفاءه.
                    كما نعتقد: أنّه تعالى لم يجعل للناس حق تعيين النبي أو ترشيحه أو انتخابه، وليس لهم الخيرة في ذلك، بل أمر كلّ ذلك بيده تعالى؛ لاَنّه (أَعلمُ حَيثُ يَجعَلُ رِسَالَتهُ) الانعام : 124.
                    وليس لهم أن يتحكَّموا فيمن يرسله هادياً ومبشِّراً ونذيراً، ولا أن يتحكَّموا فيما جاء به من أحكام وسنن وشريعة.


                    البيان:
                    خلاصة عقيدة المظفر بالنبوة:
                    1- عرّف النبوة بأنها وظيفة الهية وسفارة ربانية.
                    2- لم يجعل الله لخلقه الحق في تعيين النبي او ترشيحه او انتخابه.
                    3- ان الغاية من بعث النبي بنظر المظفر هو ارشاد الخلق لما فيه خير الآخرة والدنيا وتنزيههم وتزكيتهم وتعليمهم محاسن الاخلاق وبلوغ الدرجات الرفيعة.
                    4- قاعدة اللطف – التي يأتي بيانها – هي التي اوجبت على الله ارسال الرسل والأنبياء.

                    وهذا بيان قاعدة اللطف بقوله:
                    14 ـ النبوّة لطف
                    إنّ الانسان مخلوق غريب الأطوار، معقَّد التركيب في تكوينه وفي طبيعته وفي نفسيّته وفي عقله، بل في شخصية كلّ فرد من أفراده، وقد اجتمعت فيه نوازع الفساد من جهة، وبواعث الخير والصلاح من جهة أخرى .
                    فمن جهة قد جُبل على العواطف والغرائز من حب النفس، والهوى، والاثرة، وإطاعة الشهوات، وفطر على حب التغلُّب، والاستطالة، والاستيلاء على ما سواه، والتكالب على الحياة الدنيا وزخارفها ومتاعها كما قال تعالى: (إنَّ الاِنسنَ لَفِي خُسْرٍ) العصر: 2، و(إنَّ الاِنسنَ لَيَطْغَى * أَنْ رآهُ استَغنَى) العلق: 6-7، و(إنَّ النَّفْس لاَمَّارَةٌ بالسُّوءِ) يوسف: 53، إلى غير ذلك من الآيات المصرِّحة والمشيرة إلى ما جُبلت عليه النفس الاِنسانية من العواطف والشهوات.
                    ومن الجهة الثانية، خلق الله تعالى فيه عقلاً هادياً يرشده إلى الصلاح ومواطن الخير، وضميراً وازعاً يردعه عن المنكرات والظلم ويؤنبه على فعل ما هو قبيح ومذموم.
                    ولا يزال الخصام الداخلي في النفس الانسانية مستعراً بين العاطفة والعقل، فمن يتغلَّب عقله على عاطفته كان من الأعلين مقاماً، والراشدين في انسانيتهم، والكاملين في روحانيتهم، ومن تقهره عاطفته كان من الأخسرين منزلة، والمتردّين إنسانية، والمنحدرين إلى رتبة البهائم.
                    واشد هذين المتخاصمين مراساً على النفس هي العاطفة وجنودها، فلذلك تجد أكثر الناس منغمسين في الضلالة، ومبتعدين عن الهداية، بإطاعة الشهوات، وتلبية نداء العواطف (وَمَا أَكثَرُ النَّاسِ ولو حَرَصتَ بِمُؤمِنيِنَ) يوسف: 103.
                    على أنّ الانسان لقصوره، وعدم اطّلاعه على جميع الحقائق، وأسرار الأشياء المحيطة به، والمنبثقة من نفسه، لا يستطيع أن يعرف بنفسه كل ما يضرّه وينفعه، ولا كل ما يسعده ويشقيه؛ لا فيما يتعلَّق بخاصّة نفسه، ولا فيما يتعلّق بالنوع الانساني ومجتمعه ومحيطه، بل لا يزال جاهلاً بنفسه، ويزيد جهلاً، أو ادراكاً لجهله بنفسه، كلّما تقدّم العلم عنده بالأشياء الطبيعية، والكائنات المادية.
                    وعلى هذا، فالانسان في أشدّ الحاجة ليبلغ درجات السعادة إلى من ينصب له الطريق اللاحب، والنهج الواضح إلى الرشاد واتّباع الهدى؛ لتقوى بذلك جنود العقل، حتى يتمكن من التغلب على خصمه اللَّدود اللجوج عندما يهيىء الانسان نفسه لدخول المعركة الفاصلة بين العقل والعاطفة.
                    وأكثر ما تشتد حاجته إلى من يأخذ بيده إلى الخير والصلاح عندما تخادعه العاطفة وتراوغه ـ وكثيراً ما تفعل ـ فتزيِّن له أعماله، وتحسّن لنفسه انحرافاتها؛ إذ تريه ما هو حسن قبيحاً، أو ما هو قبيح حسناً، وتلبس على العقل طريقه إلى الصلاح والسعادة والنعيم، في وقت ليس له تلك المعرفة التي تميّز له كلّ ما هو حسن ونافع، وكل ما هو قبيح وضار. وكل واحد منّا صريع لهذه المعركة من حيث يدري ولا يدري، إلاّ من عصمه الله.
                    ولأجل هذا يعسر على الانسان المتمدِّن المثقَّف ـ فضلاً عن الوحشي الجاهل ـ أن يصل بنفسه إلى جميع طرق الخير والصلاح، ومعرفة جميع ما ينفعه ويضرّه في دنياه وآخرته، فيما يتعلَّق بخاصة نفسه أو بمجتمعه ومحيطه، مهما تعاضد مع غيره من أبناء نوعه ممّن هو على شاكلته وتكاشف معهم، ومهما أقام بالاشتراك معهم المؤتمرات والمجالس والاستشارات.
                    فوجب أن يبعث الله تعالى في الناس رحمة لهم ولطفاً بهم (رَسُولاً مِنهُم يَتلوُا عَلَيهِم ءايتِه وَيُزكِّيهِم ويُعلّمُهُمُ الكِتبَ والحكمَةَ) الجمعة: 2، وينذرهم عمّا فيه فسادهم، ويبشّرهم بما فيه صلاحهم وسعادتهم.
                    وإنّما كان اللطف من الله تعالى واجباً، فلأنّ اللطف بالعباد من كماله المطلق، وهو اللطيف بعباده الجواد الكريم، فإذا كان المحل قابلاً ومستعدّاً لفيض الجود واللطف، فإنّه تعالى لا بد أن يفيض لطفه؛ إذ لا بخل في ساحة رحمته، ولا نقص في جوده وكرمه.
                    وليس معنى الوجوب هنا أنّ أحداً يأمره بذلك فيجب عليه أن يطيع تعالى عن ذلك، بل معنى الوجوب في ذلك هو كمعنى الوجوب في قولك: إنّه واجب الوجود (أي اللزوم واستحالة الانفكاك).


                    بيان قاعدة اللطف عند المظفر:
                    بين الشيخ المظفر في عبارة طويلة نوعاً ما قاعدة اللطف، وتوضيح عبارته يكون بمطالعة النقاط التالية:
                    1- الانسان مخلوق غريب الاطوار والعادات وتجتمع فيه نوازع الخير والصلاح من جهة، والشر وحب النفس والهوى والشهوات من جهة اخرى.
                    2- النزاع بين جهتي الانسان المتقدمة مستمر ولا ينقطع.
                    3- لقصور الانسان وجهله بالحقائق فلا يستطيع ان يعرف ما ينفعه مما يضره.
                    4- فوجب على الله ان يبعث في الناس نبياً يعلمهم ويزكيهم وينذرهم عما فيه فسادهم.
                    5- وسبب هذا اللطف منه سبحانه هو انه الكمال المطلق ومن حاله كذلك فهو لطيف بعباده ولا ينفك عنه اللطف.

                    النبوة وفق قول القائم احمد (ع):
                    يقول السيد أحمد الحسن ع في معناها: (( معنى كلمة نبي (الديني)؛ هو الشخص الذي يَعرف الأخبار من السماء. فكلمة نبي في الأصل مأخوذة من (نبأ) أي خبر، وليس من كلمة (نبا) أي ظهر وارتفع )) فالنبي اذن هو من يعرف بعض اخبار السماء.
                    وأما كيف تصل أخبار السماء الى الانسان ؟؟
                    يقول (ع): (( وأخبار السماء تصل إلى الإنسان بسبل متعدّدة – وإن كان يجمعها طريق واحد في الأصل – فيمكن أن يكلّم الله الإنسان مباشرة من وراء حجاب، أو يوحي له ما شاء، أي يكتب في صفحة وجود الإنسان ما شاء سبحانه وتعالى، أو يرسل ملائكة يكلمون الإنسان مباشرة، أو يكتبون في صفحة وجوده ما شاء الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) الشورى: 51.
                    أمّا طريقة هذا الكلام والوحي والكتابة؛ فهي ربما كانت بالرؤيا في المنام، أو بالكشف في اليقظة. وأقول الكشف؛ لأنّ عالم الأرواح غير هذا العالم الجسماني، فلكي يطلّع عليه الإنسان ويتّصل به لابد أن يكشف عنه حجاب هذا العالم الجسماني
                    )).
                    ومنه يظهر اهمية الرؤيا والكشف، فان لها ارتباط وثيق جداً بالنبوة ومقام النبوة، كما سيتضح.
                    ولكن: هل كل نبي يرسله الله الى الناس ؟؟
                    وبعبارة ثانية: هل يتمكن الانسان من الوصول الى مقام النبوة ويتعرف على بعض انباء الغيب ولكن لا يرسله الله الى الناس ؟؟
                    يقول (ع): (( وليس ضرورياً أن يكون كل نبي (هنا هامش منه ع هذا نصه: كما قدّمت إنّ النبي هو الذي يعرف بعض أخبار السماء فيطلعه الله على الحق وبعض الغيب بالرؤيا أو الكشف، وليس المراد هنا النبي المرسل المعصوم) هو مرسل من الله سبحانه وتعالى، بل ربما كان هناك أكثر من نبي في زمن واحد، ولكن الله سبحانه وتعالى يرسل أحدهم ويكون حجّة عليهم، وعلى غيرهم من الناس. وبالطبع هذا الشخص الذي اصطفاه الله من بينهم هو أفضلهم، ويَعصمه الله سبحانه وتعالى، ويُطلعه على ما يحتاج إليه من الغيب بفضل منه سبحانه وتعالى. (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) الجن: 26-27.
                    وهؤلاء الملائكة الذين يسخّرهم الله لهذا النبي المُرسل: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) الرعد: 11. يكونون من بين يديه، ومن خلفه ليحفظونه بأمر الله سبحانه وتعالى من شر شياطين الإنس والجن، ومن إلقاءاتهم وباطلهم. فهذا الرصد الملائكي يكون مانعاً وصاداً للشياطين من التدّخل أو الإلقاء في رسالة السماء عند نزولها إلى هذا العالم السفلي الجسماني، وبالتالي تصل رسالة السماء إلى النبي المُرسل صحيحة ونقيّة ومحفوظة من إلقاء الشيطان: (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) فصلت: 42، (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر: 9.
                    أمّا أولئك الأنبياء أو الذين حصلوا على مقام النبوّة في فترة من الزمن، أي إنّهم اطلعوا على أخبار السماء بإذن الله سبحانه وتعالى بعد طاعتهم وعبادتهم له سبحانه وارتقائهم في ملكوت السماوات في فترة من الزمن، فهم أيضاً داخلون في الامتحان بهذا النبي المُرسل لهم ولغيرهم، والمفروض أن يكون الأمر أسهل عليهم؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى يطلعهم وبمرتبة عالية على إرساله الرسول، ولكن لابد أن تبقى نسبة ضئيلة من الجهل بالواقع لديهم للامتحان؛ ليكون إيمانهم وبمرتبة معينة هو إيمان بالغيب: (ألم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) البقرة: 1- 3.
                    وطبعاً، هذا التمييز لهم عن باقي الناس هو حق لهم بسبب تميّزهم بالطاعة والعبادة السابقة، ولكن من يَكفر منهم بسبب الحسد والأنا يسقط في هاوية الجحيم، كما حصل لبلعم بن باعوراء، فقد كان مطّلعاً على بعض أخبار السماء، وعَلِم من الله برسالة موسى(ع)، ولكنّه كفر برسالة موسى (ع)، وجعل الشبهات عاذراً لسقطته التي أردته في هاوية الجحيم، ولم تنفعه طاعته وعبادته السابقة، كما لم تنفع إبليس (لعنه الله) من قبل لما كفر بآدم النـبي المُرسـل (ع)، وأمسى من أقبح خلق الله بعد أن كان طاووس الملائكة، وفي الروايات إنّ ابن باعوراء كان عنده الاسم الأعظم ويَرى ما تحت العرش .
                    .)) كتاب النبوة الخاتمة.
                    فظهر:
                    ‌أ- ليس بالضرورة أن يكون كل نبي مرسل من قبل الله الى الناس، وهذا يعني ان الباب مفتوح للناس لكي يصلوا الى مقام النبوة فيعرفوا اخبار السماء بفضل الله عليهم عبر طرق وحيه (الرؤى والكشوفات)، وهذا في الحقيقة ما فطرهم ربهم عليه.
                    ‌ب- من الممكن اجتماع اكثر من نبي في وقت واحد، ولكن الحجة المرسل من الله منهم واحد والبقية محجوجون به وهو حجة عليهم وعلى جميع الناس، وأكيد هو افضلهم ويعصمه الله بنحو لا يدخل الناس في باطل ولا يخرجهم من حق ابداً.
                    ‌ج- ان هذا النبي (الحجة، الخليفة، المرسل من قبل الله) مخصوص بالاحاطة برصد ملائكي من بين يديه ومن خلفه يصدون تدخل الشياطين والقاءاتهم، ليوصل رسالة السماء بشكل صحيح، اما بقية من يصلون مقام النبوة فليس عندهم هذا، لذا يعد هو العاصم لهم، ولذا كان هو من الميعاد وأما هم فقد يسلب منهم هذا المقام بما كسبت أيديهم، لهذا قال ع: (أمّا أولئك الأنبياء أو الذين حصلوا على مقام النبوّة في فترة من الزمن، أي إنّهم اطلعوا على أخبار السماء بإذن الله سبحانه وتعالى بعد طاعتهم وعبادتهم له سبحانه وارتقائهم في ملكوت السماوات في فترة من الزمن، فهم أيضاً داخلون في الامتحان بهذا النبي المُرسل لهم ولغيرهم ..).
                    ‌د- ان الامتحان دائما وأبداً يكون بخليفة الله (النبي المرسل)، وحتى من يصل مقام النبوة من الناس ويطلع على بعض اخبار السماء يكون امتحانه به، واطلاعه عليها لا يعني قهره على الايمان بل لابد ان يبقى للامتحان وجود وللإيمان بالغيب مساحة ليقبل الله إيمانهم. نعم المفروض ايمانه يكون اسهل من غيره ولكن المتمرد منهم يكون عقابه عسيرا.
                    Last edited by ya fatema; 03-07-2012, 16:32.

                    Comment

                    • علاء السالم
                      مشرف الساحة الفقهية
                      • 01-01-2012
                      • 290

                      #25
                      رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                      التسجيل الصوتي للمحاضرة ـ للاستماع والتحميل اضغط هنـا
                      الارتباط الوثيق بين الرؤيا والنبوة:
                      يقول السيد احمد الحسن ع: (( القرآن حافل بوحي الله سبحانه وتعالى للأنبياء المرسلين بالرؤيا، منهم إبراهيم (ع)، ومحمـد (ص)، ويوسف (ع) ... ثم إنّ الله يمدح إبراهيم؛ لأنّه صدّق الرؤيا: ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ الصافات: 105... ويجب الالتفات أنّ رؤى الأنبياء (ع) كانت قبل إرسالهم وبعد إرسالهم، أي إنّ وحي الله سبحانه وتعالى لهم بدأ بالرؤيا، ثم وحتى بعد إرسالهم لم ينقطع هذا السبيل (الرؤيا) من سُبل وحي الله سبحانه وتعالى عنهم.
                      والرسول محمد (ص) كان يرى الرؤى قبل بعثته وإرساله، وكانت تقع كما يراها، ولولا أنّ الأنبياء المرسلين (ع) صدّقوا وآمنوا وعملوا بتلك الرؤى التي رأوها قبل إرسالهم؛ لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من المقام العالي، والقرب من الله سبحانه وتعالى ؛ ولما اصطفاهم الله أصلاً لرسالاته: ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.
                      بل هم (ع) كانوا يؤمنون ويصدقون برؤى المؤمنين الذين كانوا معهم، وهذا رسول الله محمد (ص) كان يسأل أصحابه عن رؤاهم ويهتم بسماعها، وبعد صلاة الصبح، وكأنّ سماعها ذكر وعباده لله سبحانه .. عن الرضا (ع)، قال: (إنّ رسول الله (ص) كان إذا أصبح قال لأصحابه: هل من مبشّرات؟ يعني به الرؤيا) الكافي: ج8 ص90. بل إنّ النبي محمد (ص) كان يعتبرها من مبشّرات النبوّة، عن النبي (ص) قال: (ألا إنّه لم يبق من مبشّرات النبوّة إلاّ الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له) بحار الأنوار: ج85 ص192، بل وكان (ص) يعتبرها نبوّة، عنه (ص) قال: (لا نبوّة بعدي إلاّ المبشّرات. قيل يا رسول الله، وما المبشرات ؟ قال: الرؤيا الصالحة) بحار الأنوار: ج58 ص192 .. ويجب الالتفات إلى أنّ قول الرسول محمد (ص) لم يبق من النبوّة إلاّ الرؤيا الصادقة لا يعني أنّ كل من يرى رؤيا صادقة هو نبي مُرسل من الله، بل ما يعنيه أنّ الرؤيا الصادقة؛ هي نبأ وخبر صادق جاء من ملكوت السماوات إلى الرائي
                      )).
                      وفي هذا النص الشريف نلاحظ:
                      1- ان الله بدا وحيه مع انبيائه بالرؤيا، ولذا كان الانبياء يرون الرؤى قبل ارسالهم وبعد ارسالهم.
                      2- ان الله مدح انبيائه لتصديقهم بالرؤيا، ولولا ايمان الانبياء وتصديقهم وعملهم بالرؤيا قبل ارسالهم لما وصلوا الى ما وصلوا اليه من المقام العالي والقرب منه سبحانه.
                      3- بل كانوا يؤمنون ويصدقون برؤى المؤمنين ولهذا اهتم بها النبي الكريم (ص)، وأوضح قدرها في انها جزء من اجزاء النبوة.
                      وبهذا يظهر الارتباط الوثيق بين الرؤيا والنبوة.

                      الرؤى الصادقة احد ادلة دعوة الحق:
                      دلت الاحاديث الكثيرة على أنّ الرؤيا من اجزاء النبوة، وأنها بمثابة كلام يتكلم به الرب مع عبده، وبخصوص اخر الزمان فقد ورد فيه بالخصوص ان رؤيا المؤمن فيه لا تكاد تكذب، عن الإمام الصادق (ع): (رأي المؤمن ورؤياه في آخر الزمان على سبعين جزء من أجزاء النبوة) الكافي: ج8 ص90 ح58.
                      بل ورد عن ائمة الهدى (ع) أن لها ارتباط بصاحب هذا الأمر، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (ع) عن الرؤيا فأمسك عني، ثم قال: (لو أنّا أعطيناكم ما تريدون كان شراً لكم وأُخذ برقبة صاحب هذا الأمر) مختصر بصائر الدرجات: ص104.
                      ثم إننا في طرحنا لدليل الرؤيا على أحقية يماني آل محمد (ع) لا نتكلم عن مطلق الرؤى والأحلام، بل خصوص الرؤى التي تحوي الحكمة باعتبار أنها كلمات الله، وكلمات الله حكيمة وحاشاها من السفه، وعليه فما يعنينا:
                      1- الرؤى التي يكون فيها شهادة من الله (كأن يكون فيها معصوم) تشخص للرائي مصداق خليفة الله، باعتبار أنّ المعصومين لا يتمثل بهم الشيطان، بنصوص واضحة عند الفريقين أيضاً.
                      2- أو تحتوي الرؤيا رمزاً معيناً يخفى على صاحبها، فيُعِين تعبيرها له من قبل خليفة الله على التعرّف على أحقيته وصدقه.
                      وعلى هذين الأمرين تدور سورة قرآنية كاملة وهي سورة يوسف (ع): فأما أنّ الرؤيا دليل تشخيص لخليفة الله، فها هو يعقوب النبي (ع) يعتبرها كذلك، ويحذر ابنه يوسف من قصها على إخوته؛ لان قصها عليهم سيؤدي إلى معرفتهم بأنه خليفة الله ووصي أبيه، ﴿قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ يوسف: 5.
                      وبهذا الطريق الإلهي الشريف كان:
                      أ- مجيء السيدة نرجس (ع) واقترانها بالإمام الحسن العسكري (ع).
                      ب- اهتداء وهب النصراني لنصرة الإمام الحسين (ع) واستشهاده بين يديه في يوم عاشوراء.
                      ج- اسلام بعض الواقفية بالإمام الرضا (ع).
                      د- إسلام بعض الصحابة كخالد بن سعيد بن العاص وجندب بن جنادة وغيرهم.
                      فهل يشكك المنكرون اليوم بإيمان هؤلاء وغيرهم لما كانت الرؤيا سبيل تشخيصهم لخليفة الله في زمانهم وإيمانهم به ؟!!
                      وأما أنّ الرؤيا التي تحوي رمزاً، ساهم تعبيره في اهتداء صاحبها إلى خليفة الله، بل كان نفس التعبير والتأويل إحدى "البينات الإلهية" التي يبعث الله بها خلفاءه، فهو ما نطالعه في سورة يوسف أيضاً، وهذا الأمر بقدر ما يكشف عن علم خليفة الله وأحقيته للناس، يفضح في ذات الوقت العلماء غير العاملين ويبين جهلهم للجميع.
                      رأى عزيز مصر رؤيا تحوي رموزاً بكل تأكيد وأخذت من صاحبها مأخذاً كبيراً، فعرضها على العلماء في وقته فكان الجواب أن قالوا: ﴿أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعَالِمِينَ﴾ يوسف: 44، بل إنّ بعض من شابه فعلهم من المعترضين كان موقفهم: ﴿بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ﴾ الأنبياء: 5، أي لم يكتفِ مدعو العلم بالسكوت على جهلهم، وأنهم لا يعرفون تأويل الرؤى، بل إنّ الوحيد الذي سيعبر تلك الرؤى لأصحابها وتسمع الناس عنه ليس إلا مفتري وشاعر فلا تسمعوا له !!
                      بل وصل حالهم الى التقول والكذب بادعاء رؤى على خلاف الحق، وسبب فعلهم هذا هو التشويش على هذا الطريق الالهي العظيم وصرف الناس عن استماع كلمات الله والتصديق بشهادته لخليفته.

                      علة بعث الانبياء:
                      اختار بعضهم كالشيخ المظفر وغيره أن علة بعث الانبياء قاعدة اللطف كما رأينا، وبعضهم اختار ان يكون الغرض هو وصول النظام الى الناس او اقامة العدل على الارض، وثالث يراه هداية الناس إلى الحق، ورابع يراه الفوز بالجنان والنجاة من النيران، وخامس يجعله تبليغ الخلق، وسادس معرفة الله، وهكذا.
                      ولو سألهم أحد: هل هناك دليل على اقوالهم ؟؟ ولو كان عندهم (نص اية او رواية محكمة) فلماذا تعددت اراؤهم اذن ؟؟ هذا اولا.
                      وثانياً: إذا كان الغرض احد الامور المتقدمة، فماذا إذا صد الناس عن خلفاء الله كما هي سيرتهم دائماً، ويبقى أقل القليل من يصدقهم، فهل يرون انتقاض الغرض من بعثتهم بعد عدم إيمان الناس بهم وعدم رضوخهم لتعليم وتزكية الخلفاء او اهتدائهم على ايديهم اوعدم تمكنهم من تطبيق النظام او العدالة الالهية بسبب رفض الناس ؟! فصحيح أنّ إقامة العدل الإلهي واهتداء الناس وتعلمهم ونجاتهم أمر حاصل جزماً فيما لو مُكِّن لخليفة الله في أرضه وقرر الناس طاعته، ولكن هل هذا هو الهدف من بعثتهم ؟؟ وماذا لو لم يُمكَّن (النبي أو الرسول أو الإمام) بسبب عدم المؤمنين أو قلتهم ورفض الناس لهم وصدهم عن الهدى، فهل تكون بعثتهم بلا هدف وغرض ؟؟ معاذ الله.
                      وقد يقال: هناك فرق بين الهدف وتحقق الهدف، فبعثة الأنبياء الهدف منها هو إقامة العدل او التعليم او الهداية او .. مما تقدم ذكره، ولكنه قد لا يتحقق بسبب رفض الناس، فنقول: بالنتيجة لم يتحقق الهدف، ولسنا نتحدث الآن عن سبب عدم التحقق بقدر ما نريد أن نقول إنّ أفعال الله سبحانه تتصف بالحكمة وغاياتها معها لا تنفك عنها أبداً، الأمر الذي لم يستطع السيد الخباز المحافظة عليه.
                      وثالثاً: إنّ النص الصريح قد حدد الهدف من بعثة خلفاء الله (انبياء ورسل وائمة) بكلمة واحدة هو قطع عذر المعتذرين والجاحدين، قال تعالى: ﴿رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ النساء: 165. وفي كلامه لكميل بن زياد، قال أمير المؤمنين (ع): (بلى اللهم لا تخلو الأرض من حجة لله إما ظاهر معلوم، أو خائف مغمور، لئلا تبطل حجج الله وبيناته) نهج البلاغة: من كلام له قاله لكميل بن زياد.
                      هذا، ولم يكن موقف الناس مع الرسل لقصور في حجتهم بكل تأكيد، كيف وهم يبعثون ببينات الله، وكم تكرر قول الله في كتابه (أرسلنا رسلنا بالبينات)، ولكن انظر النتيجة التي ذكرها سبحانه بعد مجيء رسله بالبينات تجدها الكفر والصد والاستهزاء .. الخ.
                      ولا يخفى ان الغرض من بعثة خلفاء الله الذي اوضحته الاية المتقدمة والرواية (قطع عذر المعتذرين) حاصل سواء آمن الناس بهم أم لم يؤمنوا، نصروهم أو آثروا الدنيا الفانية عليهم، والحمد لله على كل حال.

                      الاسئلة:
                      1- ما معنى النبوة، وما هي علة بعث الانبياء بنظر الشيخ المظفر ؟
                      2- اوضح باختصار قاعدة اللطف التي جعلوها سببا لبعث الانبياء والمرسلين.
                      3- ما هو تفسير القائم (ع) للنبوة والسبل التي يعرف الانسان بها اخبار السماء ؟
                      4- هل كل نبي يرسله الله الى الناس ؟ اوضح ذلك.
                      5- هل هناك ارتباط بين الرؤيا والنبوة ؟ بين ذلك.
                      6- لما نقول: (ان الرؤيا احد ادلة التعرف على الحق)، فماذا نعني بذلك ؟
                      7- ما هي العلة الحقيقية وراء بعث الانبياء والمرسلين ؟
                      Last edited by ya fatema; 08-07-2012, 21:19.

                      Comment

                      • علاء السالم
                        مشرف الساحة الفقهية
                        • 01-01-2012
                        • 290

                        #26
                        رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        والحمد لله رب العالمين
                        وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
                        التسجيل الصوتي للمحاضرة ـ للاستماع والتحميل اضغط هنـا
                        التسجيل الصوتي لتتمة المحاضرة ـ للاستماع والتحميل اضغط هنـا
                        المتن:
                        15 ـ عقيدتنا في معجزة الأنبياء
                        نعتقد: أنّه تعالى إذ ينصّب لخلقه هادياً ورسولاً لابدّ أن يعرِّفهم بشخصه، ويرشدهم إليه بالخصوص على وجه التعيين، وذلك منحصر بأن ينصب على رسالته دليلاً وحجّة يقيمها لهم؛ إتماماً للطف، واستكمالاً للرحمة.
                        وذلك الدليل لا بدّ أن يكون من نوع لا يصدر إلا من خالق الكائنات، ومدبر الموجودات ـ أي فوق مستوى مقدور البشر ـ فيجريه على يدي ذلك الرسول الهادي؛ ليكون معرِّفاً به، ومرشداً إليه، وذلك الدليل هو المسمى بالمعجز أو المعجزة؛ لاَنّه يكون على وجه يعجز البشر عن مجاراته والاِتيان بمثله.
                        وكما أنّه لا بد للنبي من معجزة يظهر بها للناس لاِقامة الحجة عليهم، فلا بد أن تكون تلك المعجزة ظاهرة الاِعجاز بين الناس على وجه يعجز عنها العلماء وأهل الفن في وقته، فضلاً عن غيرهم من سائر الناس، مع اقتران تلك المعجزة بدعوى النبوّة منه؛ لتكون دليلاً على مدَّعاه، وحجة بين يديه، فإذا عجز عنها أمثال أولئك عُلم أنّها فوق مقدور البشر، وخارقة للعادة، فيُعلم أنّ صاحبها فوق مستوى البشر، بما له من ذلك الاتصال الروحي بمدبِّر الكائنات.
                        وإذا تمَّ ذلك لشخص، من ظهور المعجز الخارق للعادة، وادّعى ـ مع ذلك ـ النبوة والرسالة، يكون حينئذٍ موضعاً لتصديق الناس بدعواه، والايمان برسالته، والخضوع لقوله وأمره، فيؤمن به من يؤمن، ويكفر به من يكفر.
                        ولأجل هذا وجدنا أنّ معجزة كل نبي تناسب ما يشتهر في عصره من العلوم والفنون، فكانت معجزة موسى عليه السلام هي العصا التي تلقف السحر وما يأفكون؛ إذ كان السحر في عصره فنّاً شائعاً، فلما جاءَت العصا بطل ما كانوا يعملون، وعلموا أنّها فوق مقدروهم، وأعلى من فنّهم، وأنّها ممّا يعجز عن مثله البشر، ويتضاءل عندها الفن والعلم.
                        وكذلك كانت معجزة عيسى عليه السلام، وهي إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى؛ إذ جاءَت في وقت كان فن الطب هو السائد بين الناس، وفيه علماء وأطباء لهم المكانة العليا، فعجز علمهم عن مجاراة ما جاء به عيسى عليه السلام.
                        ومعجزة نبينا الخالدة هي القرآن الكريم، المعجز ببلاغته وفصاحته، في وقت كان فن البلاغة معروفاً. وكان البلغاء هم المقدَّمين عند الناس بحسن بيانهم وسموِّ فصاحتهم، فجاء القرآن كالصاعقة؛ أذلّهم وأدهشهم، وأفهمهم أنّهم لا قِبَل لهم به، فخنعوا له مهطعين عندما عجزوا عن مجاراته، وقصروا عن اللحاق بغبارة».
                        ويدلّ على عجزهم أنّه تحدّاهم بإتيان عشر سور مثله فلم يقدروا، ثمّ تحدّاهم أن يأتوا بسورة من مثله فنكصوا، ولمّا علمنا عجزهم عن مجاراته ـ مع تحدّيه لهم، وعلمنا لجوءهم إلى المقاومة بالسنان دون اللسان ـ علمنا أنّ القرآن من نوع المعجز، وقد جاء به محمد بن عبد الله مقروناً بدعوى الرسالة. فعلمنا أنّه رسول الله، جاء بالحق وصدق به، صلى الله عليه وآله.


                        البيان:
                        هذه خلاصة عقيدة المظفر في بحث معجزة الانبياء:
                        1- ان الله سبحانه هو من ينصب الأنبياء، وهو كذلك من يحدد للناس الدليل المعرف بشخصه على وجه التعيين.
                        2- ان قاعدة اللطف هي التي توجب على الله أن يحدد الدليل على رسالة الانبياء وأحقيتهم.
                        3- على أن ذلك الدليل لابد أن يكون فوق مستوى البشر (أي معجزة) ليثبت أنه من الله.
                        4- ثم ان تلك المعجزة لابد ان يكون اعجازها ظاهرا لجميع الناس؛ العلماء وغيرهم.
                        5- ولابد أيضاً: ان يقترن مع تلك المعجزة ادعاء النبي للنبوة لكي تعرف الناس انه نبي.
                        6- ان السبب في مشابهة معاجز الانبياء لما هو السائد في عصرهم هو: اثبات ان معاجز الانبياء فوق مقدور ما عندهم واعلى مما بين أيديهم، فكانت عصا موسى (ع) تلقف السحر في زمن انتشاره، وكان اشفاء المرضى من قبل عيسى (ع) ليفوق على الطب المنتشر، وكان القران معجزة النبي (ص) في زمن انتشار البلاغة والفصاحة. كمثال لإثبات صدق نبوة نبي يطرح المظفر كيفية اثبات صدق النبي (ص) في دعوته فيقول: ان النبي محمد (ص) ادعى انه نبي ورسول من الله، وجاء بالقران دليلاً على أحقيته، وقد تحداهم بالإتيان بسورة من مثله فلم يقدروا، فثبت أنه حق.

                        دليل صدق الداعي الالهي:
                        يتم ذلك من خلال معرفتنا بقانون الله في خلفائه، فمن كرمه سبحانه أنه أبان لخلقه ذلك منذ اليوم الأول على هذه الأرض، وأي تصور غير هذا يعني منح المعترضين على صاحب الحق الالهي العذر بادعاء عدم امكان التعرف عليه. والقانون الإلهي لمعرفة خليفة الله في أرضه (نبيا كان او رسولا او اماما) باختصار هو:
                        - النص، فالله سبحانه هو من ينص على خليفته في أرضه.
                        - العلم، فخليفة الله يعلَّمه الله الأسماء كلها.
                        - دعوته الى حاكمية الله، وأمر الله الخلق جميعاً بطاعته.
                        قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ..)، (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)، (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) سورة البقرة.
                        إنّ هذه الأمور الثلاثة هي ما أكدته روايات الطاهرين (ع).
                        * فبالنص أو الوصية: احتج جميع الانبياء (ع) على أقوامهم، قال الإمام الرضا (ع) في بيان ذلك: (.. وقد كان آدم أوصى هبة الله أن يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة فيكون يوم عيد لهم، فيتعاهدون بعث نوح في زمانه الذي بعث فيه، وكذلك جرى في وصية كل نبي حتى بعث الله تبارك وتعالى محمداً ..) كمال الدين وتمام النعمة: ص215.
                        وهكذا جرت الوصية إلى أن وصلت رسول الله محمداً (ص) الذي نص عليه عيسى (ع) باسمه، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) الصف: 6.
                        * وبالعلم: عرف إبراهيم (ع): (يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً) مريم: 43، وموسى (ع): (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) القصص: 14، وعيسى (ع): (وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) الزخرف: 63، ومحمد (ص): (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) الجمعة: 2.
                        * وأما طاعة خليفة الله ودعوته إلى حاكمية الله ورفض حاكمية الناس فالنصوص فيه أكثر من أن تحصى.
                        إنّ هذا القانون الإلهي هو ذاته الذي أشار إليه أئمة الهدى (ع) لما سئلوا عن طريق التعرف عليهم، فذكروا النص والعلم طريقاً يهتدي به المهتدون إليهم، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي الحسن (ع): جعلت فداك بم يعرف الإمام؟ فقال: (بخصال: أما أولها فإنه بشيء قد تقدم من أبيه فيه بإشارة إليه لتكون عليهم حجة، ويُسأل فيجيب ..) الكافي: ج1 ص285 ح7.
                        وعن الامام علي بن الحسين (ع)، قال: (الامام منا لا يكون إلا معصوماً، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها ولذلك لا يكون إلا منصوصاً) معاني الاخبار للصدوق: ص132.
                        ولما سئل الصادق (ع): بأي شيء يعرف الإمام ؟ قال: (بالوصية الظاهرة وبالفضل، إن الإمام لا يستطيع أحد أن يطعن عليه في فم ولا بطن ولا فرج فيقال: كذاب ويأكل أموال الناس وما أشبه ذلك) الكافي: ج1 ص284 ح3.
                        ولهذا وردت الوصية والعلم سبيلاً للتعرف على داعي الله عند انطلاقه بدعوته الإلهية للتمهيد لقيام دولة العدل الالهي، عن الحارث بن المغيرة النصري، قال: قلت لأبي عبد الله (ع): بم يعرف صاحب هذا الأمر؟ قال: (بالسكينة والوقار والعلم والوصية) الخصال للصدوق: ص200. وروى المفضل بن عمر عنه (ع) أيضاً: (.. إن ادعى مدع فاسألوه عن تلك العظائم التي يجيب فيها مثله) الغيبة للنعماني: ص178.
                        كما أنّ هذا القانون يدركه الانسان بالبداهة وبكل بساطة، فأي انسان يملك مصنع أو مزرعة او سفينة أو أي شيء فيه عمال يعملون له فيه، لابد ان يعين لهم شخصاً منهم يرأسهم ينص عليه بالاسم وإلا ستعم الفوضى، كما ولابد أن يكون أعلمهم وأفضلهم، ثم بعد ذلك يأمرهم بطاعته ليحقق ما يرجو، وإلا فإن أي خلل سيحصل نتيجة ترك أيٍّ من الامور المذكورة يكون هو المسؤول عنه، إضافة لما في تركه ذلك من مجانبة الحكمة إلى السفه، المنزه عنه الحق سبحانه.
                        هذا، ولكن الشيخ المظفر اقتصر على ذكر المعجزة وهو اضافة الى مخالفته لكتاب الله وسنة خلفائه، مخالف ايضا لقول كبار علماء الشيعة في طريق التعرف على خليفة الله.

                        المظفر يخالف قول علماء الشيعة:
                        ان القانون الالهي الفطري المتقدم هو ما كان واضحاً لدى علماء الشيعة رحمهم الله، وهذه بعض نصوصهم:
                        قال الشيخ الطوسي: (.. لأنّ الإمام لا يُعلم أنه إمام إلا ينصّ عليه نبي، فإذا نص عليه النبي، أو ادعى هو الإمامة جاز أن يظهر الله تعالى على يده علماً معجزاً، كما نقوله في صاحب الزمان إذا ظهر، فصار النص هو الأصل ..) الاقتصاد: ص194.
                        وقال الشيخ المفيد: (.. فأما السمة للمذهب بالإمامة ووصف الفريق من الشيعة بالإمامية فهو عَلَم على من دان بوجوب الإمامة ووجودها في كل زمان، وأوجب النص الجلي والعصمة والكمال لكل إمام ..) أوائل المقالات: ص38.
                        وقال العلامة الحلي: (الإمام يجب أن يكون منصوصاً عليه، لأن العصمة من الأمور الباطنة التي لا يعلمها إلا الله تعالى، فلابدّ من نصّ من يعلم عصمته عليه، أو ظهور معجزة على يده تدل على صدقه) الباب الحادي عشر: ص48.
                        بل إنّ إجماع الشيعة على أنّ معرفة الامام تكون بالنص، قال المقداد السيوري في شرح كلام العلامة المتقدم: (هذه إشارة إلى طريق تعيين الإمام، وقد حصل الإجماع على أنّ التنصيص من الله ورسوله، وإمام سابق سبب مستقل في تعيين الإمام (ع) وإنما الخلاف في أنه هل يحصل تعيينه بسبب غير النص أم لا، فمنع أصحابنا الإمامة من ذلك مطلقا وقالوا لا طريق إلا النص ..) شرح الباب الحادي عشر: ص94.
                        وأما المعجزة فهي ان ذكرت في كلماتهم فتذكر كأحد الطرق للتعرف على صدق المدعي والتي لا يشترط حصولها أصلاً، فهي ان حصلت كانت احدى دلائل صدقه، كما ان عدم حصولها لا يعني ان الداعي ليس صادقا، لان المدار على الشيء الاساس الذي لا يفارق حجة من الحجج الالهيين وهو ما ذكر في القانون الالهي المتقدم.
                        وهذا نص ورد في مقدمة كتاب دلائل الامامة لابي جعفر الطبري، فبعد ان ذكر المقدم خمس امور كدلائل للامامة وهي (النص من قبل الله او نبيه، والاستقامة، والعلم، والاحاديث والاثار، ونص الامام السابق)، خصص فقرة برقم (7) للمعجزة وقال تحتها: (إن الإيمان بإمامة الأئمة لا يصح أن ينحصر في النظر إلى معجزاتهم وكراماتهم، كما لا يصح إثبات نبوة موسى (ع) بقلب العصا ثعبانا، أو نبوة عيسى (ع) بخلق الطير من الطين، ما لم تجتمع القرائن الأخرى التي تجعل ظهور المعجزة زيادة في ظهور صدقه ليس إلا. وإلا فإن خوارق العادات قد تجري على أيدي الكثيرين من طرق وفنون وحيل كثيرة، ولكن ما أن تعرض أصحابها على تلك الشرائط والقرائن والدلائل المتقدمة حتى تجد حظوظهم منها حظوظ الفقراء إن لم يكونوا عراة منها على الإطلاق)
                        ثم قال: ( د - إن الغرض من المعجزة هو أن تتم بها الحجة ويتوقف عليها التصديق، وأما ما خرج عن هذا فلا يجب على الله إظهاره، ولا تجب على النبي أو الإمام الإجابة إليه ولو كان على سبيل التحدي.
                        هـ - إن إقامة المعجزة ليست أمرا اختياريا للنبي أو الإمام، وإنما ذلك بيد الله يظهره متى شاء واقتضت حكمته
                        ) دلائل الامامة ج3 ص 27.
                        ولا اعرف بعد هذا كيف حصر المظفر طريق التعرف على خليفة الله بالمعجزة، بل صورها دليلا اساسيا في صدق النبي محمد (ص)، والله تعالى يقول: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) الاعراف: 157. ويقول على لسان عيسى ع: (ومبشرا برسول ياتي من بعدي اسمه احمد) الصف: 6.


                        طلب المعجزة في كتاب الله:
                        لنسمع أولاً لكتاب الله وهو يتحدث عن رسل الله لما يبعثون بالبينات التي يريدها الله سبحانه، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ ...﴾ الروم: 47. وإحدى آيات الله وبيناته المرسل بها رسله شهادته سبحانه لهم بالحق: ﴿... وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً﴾ النساء: 79. كما أن التزكية وتعليم الكتاب والحكمة آية أخرى من آياته التي يرسل بها رسله سبحانه: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾ البقرة: 151.
                        ولابد أن تبقى مساحة للإيمان بالغيب حتى بعد إرسال الله الرسل بآياته البينة وتأييدهم بالمعاجز، تلك هي سنته سبحانه في طلب الإيمان بالغيب من خلقه ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ... وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ الحديد: 25. فالله سبحانه لا يريد من العبد إيماناً قهرياً - والذي يحصل بالمعجزة القاهرة على الإيمان - ولا يقبل مثل هكذا إيمان كالذي حصل لفرعون من إيمان، (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾، ولكنه سبحانه لم يقبله ﴿آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ يونس: 90 – 91. واراد من خلقه أن يتعظوا بما فعل فرعون، وأن لا يكرروا طلبه وينتهجوا نهجه، وإلا فيكون مصيرهم مصيره، قال تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾ يونس: 92.
                        والعجيب اننا لو نظرنا إلى بعض من يطلب المعجزة اليوم نجده من كبراء القوم وممّن يدعي علماً بدين الله، يطلب ذلك وهو يقرأ قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ الرعد: 38.
                        ثم إنّ ما يأتي به الرسل والحجج من آيات وبينات هي في الحقيقة كلها آيات معجزة للغير عن الإتيان بمثلها، فمَنْ غير الحجج يستطيع أن يأتي بوصية من الحجج السابقين عليه تذكره باسمه وصفته ؟ ومن منهم يستطيع أن يأتي بحكمة الرسل وعلمهم بالكتاب والتزكية ؟ ومن غيرهم يستطيع أن يأتي بشهادة من الله على صدقه فيقف الملكوت كله مؤيداً وناصراً ؟ وهكذا في كل آياتهم التي يأتون بها، وهي كلها معاجز كما نلاحظ. ولكن المعترضين في الحقيقة في طلبهم للآية (من غير ما أتى به الرسل) ليس هو شوقاً منهم للتعرف على آيات الله، بقدر ما هو استعجال للعذاب بطلب الآية القاهرة والملجئة التي تكون مع العذاب قريناً كما عرفنا.
                        والخلاصة:
                        - المعجز هو ما يعجز البشر العادي أن يأتي بمثله.
                        - المعجزة آية، وآيات الله التي بعث بها الحجج كلها معاجز، ولكنهم في الحقيقة يطلبون آية عذاب.
                        - هم يطلبون آية قاهرة ملجئة لا قيمة للامتحان بعدها، ولا مساحة للإيمان بالغيب بعدها، ومثل هذا غير مقبول عند الله.
                        - هم يطلبون ما لا ينفع الإيمان بعده، وفي الحقيقة هم يطلبون آية لهلاكهم.
                        - هم يطلبون آية تنقلهم مباشرة للنتيجة، والحال أنه لابد من آيات للهداية قبل ذلك ويكون ما يطلبونه نتيجة حتمية للتكذيب بها، فهم في الحقيقة يستعجلون آيات العذاب قبل آيات الهداية، فكأنهم يقولون لربهم: آتنا بنتيجة كفرنا الآن.
                        - وأخيراً: هم ينتظرون (بعض آيات ربك) في قوله تعالى: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ﴾ الأنعام: 158. عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: (الآيات: الأئمة، والآية المنتظرة: القائم (ع)، فيومئذٍ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف وإن آمنت بمن تقدم من آبائه ع) كمال الدين وتمام النعمة: ص336 ح8 .

                        الاسئلة:
                        1- ما هو الدليل بنظر الشيخ المظفر على صدق النبي عند ابتدائه بدعوته، ولماذا لابد ان يكون ذلك الدليل فوق مستوى البشر ومشابهاً لما هو السائد عندهم ؟
                        2- هل تؤيد نصوص الكتاب والسنة والبداهة والفطرة الشيخ المظفر في قانونه الذي جعله طريقا للتعرف على النبي ام هناك قانون اخر ؟ بين ذلك القانون باختصار.
                        3- هل وافق علماء الشيعة المظفر في عقيدته بجعل المعجزة الاساس الذي به تثبت احقية الداعي ؟ بين قولهم باختصار.
                        4- ما هو المقصود بالمعجزة وهل فقرات القانون الالهي لمعرفة الخليفة تعتبر معاجز ام لا؟
                        5- لماذا لا تصل بينات الرسل والانبياء الى حد قهر الناس على الايمان ؟
                        Last edited by ya fatema; 14-07-2012, 23:57.

                        Comment

                        • علاء السالم
                          مشرف الساحة الفقهية
                          • 01-01-2012
                          • 290

                          #27
                          رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          والحمد لله رب العالمين
                          وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما
                          التسجيل الصوتي للمحاضرة ـ للاستماع والتحميل اضغط هنـا
                          المتن:
                          16 ـ عقيدتنا في عصمة الأنبياء
                          ونعتقد: أنّ الأنبياء معصومون قاطبة، وكذلك الأئمة عليهم جميعاً التحيات الزاكيات، وخالَفَنا في ذلك بعض المسلمين، فلم يوجبوا العصمة في الأنبياء، فضلاً عن الأئمة.
                          والعصمة: هي التنزُّه عن الذنوب والمعاصي صغائرها وكبائرها، وعن الخطأ والنسيان، وإن لم يمتنع عقلاً على النبي أن يصدر منه ذلك، بل يجب أن يكون منزَّهاً حتى عمّا ينافي المروءة، كالتبذل بين الناس من أكل في الطريق أو ضحك عال، وكل عمل يستهجن فعله عند العرف العام.
                          والدليل على وجوب العصمة؛ أنّه لو جاز أن يفعل النبي المعصية، أو يخطأ وينسى، وصدر منه شيء من هذا القبيل، فإمّا أن يجب اتّباعه في فعله الصادر منه عصياناً أو خطأً أو لا يجب، فإن وجب اتّباعه فقد جوّزنا فعل المعاصي برخصة من الله تعالى، بل أوجبنا ذلك، وهذا باطل بضرورة الدين والعقل.
                          وان لم يجب اتّباعه فذلك ينافي النبوَّة التي لا بدّ أن تقترن بوجوب الطاعة أبداً.
                          على أن كل شيء يقع منه من فعل أو قول فنحن نحتمل فيه المعصية أو الخطأ، فلا يجب اتّباعه في شيءٍ من الأشياء، فتذهب فائدة البعثة، بل يصبح النبي كسائر الناس، ليس لكلامهم ولا لعملهم تلك القيمة العالية التي يعتمد عليها دائماً، كما لا تبقى طاعة حتمية لأوامره، ولا ثقة مطلقة بأقواله وأفعاله.
                          وهذا الدليل على العصمة يجري عيناً في الامام؛ لان المفروض فيه أنه منصوب من الله تعالى لهداية البشر خليفة للنبي، على ما سيأتي في فصل الاِمامة.


                          البيان:
                          خلاصة عقيدة المظفر في العصمة يبينها بالتالي:
                          * ان الانبياء كلهم معصومون ومثلهم الائمة (ع)، بخلاف من شكك في ذلك (أي عصمة الانبياء والأئمة)، او فصل فاعتبر الانبياء معصومون دون الائمة. او فصل حتى في عصمة الانبياء كقولهم انه معصوم فيما يتعلق بالشريعة وإيصال الرسالة دون ما سوى ذلك.
                          * اوضح المظفر العصمة بانها: (التنزُّه عن الذنوب والمعاصي صغائرها وكبائرها، وعن الخطأ والنسيان، وإن لم يمتنع عقلاً على النبي أن يصدر منه ذلك، بل يجب أن يكون منزَّهاً حتى عمّا ينافي المروءة، كالتبذل بين الناس من أكل في الطريق أو ضحك عال، وكل عمل يستهجن فعله عند العرف العام).
                          * اقام الشيخ المظفر دليلين عقليين على عصمة النبي او الامام:
                          الأول: لا شك ان النبي او الامام المنصب من الله يجب اتباعه وطاعته، وإذا صدر منه معصية او خطا ونسيان، فإما يجب اتباعه في تلك الحالة او لا، ان قلنا: يجب اتباعه فإذن جوزنا على الله الترخيص في فعل المعصية. وان قلنا: لا يجب اتباعه فهذا ينافي وجوب طاعة النبي او الامام. اذن فالنبي والإمام لا يصدر منه معصية او خطا ونسيان.
                          الثاني: ان النبي أو الامام لا تصدر منه المعصية ولا خطا ولا نسيان، لان لو كان ذلك ممكن ان يصدر منه فإننا سوف نتوقع ان كل ما يصدر منه يكون قد صدر على وجه المعصية او الخطأ او النسيان وبالتالي فلا يجب علينا طاعته في كل ما يصدر منه وتذهب فائدة بعثتهم هباء، وهذا باطل بالضرورة.

                          ما هي العصمة ؟
                          قال السيد احمد الحسن (ع) في تعريفها: (( العصمة هي: الاعتصام بالله عن محارم الله ولها جهة من العبد هي الإخلاص، وجهة من الرب سبحانه وهي التوفيق. فكل إنسان - والحال هذه - مودع في فطرته قابلية العصمة، وما يمتاز به الحجج (ع) هو:
                          مقدار إخلاصهم، فهم قد وصلوا بالإخلاص لله سبحانه وتعالى إلى درجة أن يكون التوفيق النازل عليهم ولهم حصناً يحصنهم عن محارم الله.
                          وأيضاً الحجج يمتازون: أن من يعرف الحقائق ومآل كل إنسان وما يصير إليه قد نص على عصمتهم وأوجب إتباعهم لأنهم لا يدخلون الناس في ضلال ولا يخرجونهم من هدى
                          )) كتاب رحلة موسى الى مجمع البحرين.
                          وهذا ما قاله ال محمد (ع) في رواياتهم في بيان معنى المعصوم.
                          وفي معاني الأخبار: عن هشام، قال: قلت لأبي عبد الله (ع): ما معنى قولكم إن الإمام لا يكون إلا معصوماً ؟ فقال (ع): (المعصوم هو الممتنع بالله من جميع محارم الله، قال تعالى: وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) معاني الأخبار للشيخ الصدوق: ص132.
                          وقال أبو عبد الله الصادق (ع): (المعصوم هو المعتصم بحبل الله، وحبل الله القرآن، والقرآن يهدي إلى الإمام كما قال تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) معاني الأخبار للشيخ الصدوق: ص132.

                          هل المعصوم لا ينسى ولا يغفل مطلقاً ؟
                          بعد ان عرفنا ان المعصوم هو المعتصم بالله عن محارم الله بنحو لا يدخل الناس في باطل ابدا ولا يخرجهم من حق ابدا، اتضح ان هذا هو المطلوب في عصمة خليفة الله .. اما الاكثر من ذلك مما تقترحه عقول الرجال فلا قيمة له بل الدليل بخلافه، كمسالة عدم سهو المعصوم وعدم نسيانه مطلقا .. يقولون هذا في ذات الوقت الذي ورد تخصيص اللاهوت المطلق سبحانه بانه الوحيد الذي ورد وصفه بأنه نور لا ظلمة فيه. وكل ما سواه من خلقه فهم لديهم شائبة من ظلمة الوجود والخلق وبالتالي فصدور النسيان والغفلة ولو كانت ضئيلة امر ممكن بل تحصل ، طبعا مقدارها يرجع الى مقدار الاخلاص الذي ينطوي عليه صدر الخليفة الطاهر.
                          يقول السيد احمد الحسن (ع) في توضيح ذلك : (( يوشع (ع) وصي موسى (ع) ومعصوم، ومع هذا ﴿قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾، فنسيانه للحوت ثابت في القرآن ولكن هذا النسيان لا يخرجه من دائرة العصمة؛ لأن النسيان وإن وقع لعلة الظلمة (الشيطان) الموجودة في صفحة يوشع (ع) ولكنه وقع ضمن إرادة ومشيئة الله حتماً، ولما كانت إرادة الله ومشيئته أن يعصم يوشع (ع) فلن يكون لهذا النسيان تأثير سلبي بل على العكس شاء الله سبحانه وتعالى الذي يبدل السيئات بالحسنات بجوده وكرمه أن يقلب هذا الحدث الذي وقع بسبب الشيطان - أي الظلمة - إلى خير وبركة وعاقبة حسنة تؤدي إلى أن يكون هذا النسيان سبباً لمعرفة العبد الصالح والوصول له، وهو كان الهدف الذي يطلبه موسى(ع): "... وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ" يوسف: 21.
                          أما ما يتوهمه بعضهم أن المعصوم لا يغفل أو لا ينسى مطلقاً فهذا منقوض ببساطة؛ لأن لازم قولهم هذا إن المعصوم نور لا ظلمة فيه، وهذا باطل؛ لأن النور الذي لا ظلمة فيه هو الله سبحانه وتعالى (اللاهوت المطلق) فيبقى أن المعصوم نور وشائبة ظلمة - وهي هوية وجوده - ولها تأثير في حركته، وكونها ظلمة فيكون أثرها نسياناً وغفلة وغيرها مما يطرأ على المخلوق، ولكن في هذا العبد المخلص (المعصوم) يكون وجود هذه الأمور أقل ما يمكن وربما لا تكاد تذكر في بعض الحالات، ولكنها تبقى موجودة ويمكن أن تحصل كما مر في حادثة نسيان يوشع (ع).
                          وهذه الظلمة التي سببت النسيان هي التي عبر عنها يوسف ويوشع (ع) بأنها الشيطان ﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾ يوسف: 42، ﴿قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً﴾ الكهف: 63، والشيطان هنا يعني الشر (وشائبة الظلمة) وليس كما يتوهم بعضهم أن المقصود إبليس والعياذ بالله، فليس لإبليس سلطان على يوشع (ع) وحركته؛ لأنه محفوظ عن وصول هذا الخبيث إليه وإضلاله عن سواء السبيل ﴿إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً﴾ الجن: 27 - 28.
                          وبالتالي فالمعصوم معصوم بغيره - بالله سبحانه وتعالى- لا أنه معصوم بنفسه أو عاصم لنفسه كما توهموا، فالمعصوم هو المعتصم بالله عن محارم الله، فالله هو الذي يعصمه؛ لأنه فقير وناقص وهويته الظلمة فلا يمكن أن يستغني بنفسه لا ابتداءً ولا دواماً وبقاءً، وبالتالي ففي أي آن يكون لشائبة الظلمة تأثير على هذا الإنسان المخلص، ولكن تأثيرها ضئيل ومواجه بالنور المهيمن على صفحة وجود هذا العبد المخلص، فلا يكون لها اثر يجعل هذا العبد يخرج من هدى أو يدخل في ضلال، هذه هي العصمة في العوالم العلوية: أن يكون النور في صفحة وجود المعصوم بقدر مهيمن على شائبة الظلمة في صفحة وجوده بحيث لا يكون لشائبة الظلمة اثر يسبب له الخروج من هدى أو الدخول في ضلال.
                          وتوضيح أكثر أقول: إن صفحة وجود الإنسان هي ظلمة ونور فكلما علم وعمل وأخلص الإنسان زاد النور في صفحة وجوده وانحسرت الظلمة حتى تكون شائبة، ويكون أثرها ضئيلاً لا يخرج الإنسان من هدى ولا يدخله في ضلال، وهذه هي العصمة.
                          وحري الالتفات إلى أن الله سبحانه وتعالى لم ينسب النسيان إلى يوشع (ع) فقط بل إلى موسى (ع) أيضاً ﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾ وهو الحق، فإذا كان يوشع (ع) قد نسي باعتباره المسؤول المباشر عن حمل الحوت فموسى (ع) أيضاً مسؤول عن هذا النسيان لأنه القائد، بل مسؤولية موسى (ع) أكبر ونسبة النسيان له أحق وحق من عند الحق
                          )) رحلة موسى الى مجمع البحرين.
                          وهو ما اشارت اليه روايات اهل البيت (ع) ايضا:
                          فمنها ما ورد في (الكافي) مرفوعاً إلى أبي عبد الله - عليه السلام - أنّه قال: (إنّ رسول الله صلّى بالناس الظهر ركعتين، ثمَّ سها فسلّم، فقال له ذو الشمالين: يا رسول الله، أنزل في الصلاة شيء؟! قال: وما ذاك؟! قال: إنّما صلّيت ركعتين. فقال: رسول الله /: أتقولون مثل قوله؟! قالوا: نعم. فقام / فأتمَّ بهم الصلاة، وسجد بهم سجدتي السهو ... ).
                          وعن الهروي، قال: قلت للرضا - عليه السلام -: يابن رسول الله، إن في الكوفة قوماً يزعمون أن النبي لم يقع عليه السهو في صلاته، فقال: (كذبوا لعنهم الله إن الذي لا يسهو هو الله الذي لا إله إلا هو) عيون أخبار الرضا - للصدوق: ج1 ص219.

                          الدليل على عصمة النبي والإمام:
                          المفروض ان هذا امر مفروغ عنه عند المؤمنين، ذلك ان قانون الله في خلفائه والذي بمقتضاه صدقوا بخليفة الله يكفيهم في اثبات عصمة الخليفة الالهي، لان الانسان اذا امن بخليفة الله صدقه في قوله وكان من اقوال خلفاء الله هو انهم معصومون، وفي ذلك روايات كثيرة :
                          عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أمير المؤمنين علياً عليه السلام يقول: (... إنما الطاعة لله ولرسوله ولولاة الأمر، وإنما أمر الله عز وجل بطاعة الرسول لأنه معصوم مطهر، لا يأمر بمعصيته وإنما أمر بطاعة أولي الأمر لأنهم معصومون مطهرون لا يأمرون بمعصيته) الخصال للصدوق: الباب الثالث الحديث 158 ص139.
                          وعنه (ع) قال: (إن الله تبارك وتعالى طهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه، وحجته في أرضه، وجعلنا مع القرآن، وجعل القرآن معنا، لا نفارقه ولا يفارقنا) الكافي: ج1 ص191 ح5
                          عن الإمام علي بن الحسين - عليه السلام -، قوله: (الإمام منا لا يكون إلا معصوماً، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيُعرف بها ولذلك لا يكون إلا منصوصاً).
                          والروايات كثيرة.
                          فالطريق لمعرفة المعصوم هو النص عليه، فطالما كانت العصمة أمراً باطنياً، والباطن لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ومن أعلمه الله، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً}.
                          وعلى هذا الاساس ورد في كتاب الجواب المنير ج3 س235 ما يلي:
                          (( س3: ما هي أدلة عصمة الائمة / النقلية والعقلية .....
                          ج س3: العصمة أمر باطن، فالدليل عليها هو الدليل على الخلافة الإلهية، وهو قانون معرفة الحجة، وقد فصلته في أكثر من كتاب وموضع ومنها الإضاءات )).

                          نعم ممكن الاستفادة من الدليل العقلي المقبول من خلفاء الله (مثل ان لازم عدم عصمة الخليفة هو ان الله يأمر بالمعصية) واكيد انه لا يصدر من الله سبحانه، ولكن ان يحصر الدليل في اثبات عصمة الخليفة الالهي بالدليل العقلي كما هي عادة اغلب علماء العقائد فهو في الحقيقة امر مخجل وليس بصحيح.

                          الاسئلة:
                          1- بيّن معنى العصمة ودليل اتصاف خليفة الله بها بنظر الشيخ المظفر.
                          2- اوضح المعنى الصحيح للعصمة.
                          3- هل المعصوم لا ينسى ولا يغفل مطلقاً ولماذا ؟
                          4- كيف تستدل على عصمة خليفة الله نبيا كان او اماما ؟
                          Last edited by ya fatema; 15-07-2012, 21:39.

                          Comment

                          • علاء السالم
                            مشرف الساحة الفقهية
                            • 01-01-2012
                            • 290

                            #28
                            رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                            بسم الله الرحمن الرحيم
                            والحمد لله رب العالمين
                            وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما

                            التسجيل الصوتي للمحاضرة ــ للاستماع والتحميل اضغط هنـا

                            17 ـ عقيدتنا في صفات النبي
                            ونعتقد: أنّ النبي ـ كما يجب أن يكون معصوماً ـ يجب أن يكون متّصفاً بأكمل الصفات الخلقية والعقلية وأفضلها، من نحو: الشجاعة، والسياسة، والتدبير، والصبر، والفطنة، والذكاء؛ حتّى لا يدانيه بشر سواه فيها؛ لاَنّه لولا ذلك لما صحّ أن تكون له الرئاسة العامة على جميع الخلق، ولا قوَّة إدارة العالم كله. كما يجب ان يكون طاهر المولد أميناً صادقاً منزَّهاً عن الرذائل قبل بعثته أيضاً؛ لكي تطمئنّ إليه القلوب، وتركن إليه النفوس، بل لكي يستحق هذا المقام الاِلهي العظيم.

                            اقول:
                            تقدم ان خليفة الله (سواء كان نبيا او رسولا او اماما) يعرف بقانون إلهي، وهذا هو المهم الذي يخص الناس، وأما صفات المعصومين وكيف ينبغي ان تكون فانه من الواضح ان اصطفاء الله لهم يغنيهم عن شهادة الخلق لهم، وكل ما يعنيهم هو وجوب التعرف عليهم بالقانون الالهي وطاعتهم، وبالنسبة لصفاتهم فيكفينا الرجوع في معرفتها الى ما قاله ربهم فيهم وما قالوه هم صلوات الله عليهم في بيان صفات من اصطفاهم الله لحمل رسالته.

                            18 ـ عقيدتنا في الأنبياء وكتبهم
                            نؤمن على الاجمال بأنّ جميع الأنبياء والمرسلين على حق، كما نؤمن بعصمتهم وطهارتهم، وأمّا إنكار نبوتّهم، أو سبّهم، أو الاستهزاء بهم فهو من الكفر والزندقة؛ لاَنّ ذلك يستلزم إنكار نبينا الذي أخبر عنهم وصدّقهم.
                            أمّا المعروفة أسماؤهم وشرائعهم، كآدم ونوح وإبراهيم وداود وسليمان وموسى وعيسى وسائر من ذكرهم القرآن الكريم بأعيانهم، فيجب الايمان بهم على الخصوص، ومن أنكر واحداً منهم فقد أنكر الجميع، وأنكر نبوّة نبينا بالخصوص. وكذلك يجب الايمان بكتبهم وما نزل عليهم.
                            وأمّا التوراة والانجيل الموجودان الآن بين أيدي الناس، فقد ثبت أنّهما محرَّفان عمّا أُنزلا بسبب ما حدث فيهما من التغيير والتبديل، والزيادات والاضافات بعد زماني موسى وعيسى عليهما السلام بتلاعب ذوي الأهواء والأطماع، بل الموجود منهما أكثره ـ أو كلّه ـ موضوع بعد زمانهما من الأتباع والأشياع.

                            اقول:
                            ما ذكره من وقوع التحريف في التوارة والإنجيل وان كان صحيحاً، ولكنه لم يكن ليطال كل ما فيهما، وإنما بقي فيهما من الحق ما يكفي لإثباته على طلابه، والحق يعرفه صاحبه لان الامر يخصه، وأما ما اراد المظفر الايحاء به من ان وقوع التحريف في التوراة والإنجيل يفرض تركهما بالمرة فهو غير صحيح نهائياً. وإلا بماذا سيحتج المهدي في اخر الزمان على اهل تلك الديانات ؟!! وها هو المهدي الاول السيد احمد الحسن (ع) يحتج على اتباع تلك الديانات بما يقره ابتاعها وبما هو موجود في التوراة والإنجيل مما تشابه عليهم وهو مسطر في الكثير من كتبه.

                            19 ـ عقيدتنا في الاِسلام
                            نعتقد: أنّ الدين عند الله الاسلام، وهو الشريعة الاِلهية الحقّة التي هي خاتمة الشرائع وأكملها، وأوفقها في سعادة البشر، وأجمعها لمصالحهم في دنياهم وآخرتهم، وصالحة للبقاء مدى الدهور والعصور، لا تتغيّر ولا تتبدّل، وجامعة لجميع ما يحتاجه البشر من النظم الفردية والاجتماعية والسياسية.
                            ولمّا كانت خاتمة الشرائع، ولا نترقَّب شريعة أُخرى تُصلح هذا البشر المنغمس بالظلم والفساد، فلا بدَّ أن يأتي يوم يقوى فيه الدين الاِسلامي، فيشمل المعمورة بعدله وقوانينه ....
                            ولا بدَّ من إمام ينفي عن الاسلام ما علق فيه من أوهام، وأُلصق فيه من بدع وضلالات، وينقذ البشر وينجّيهم ممّا بلغوا إليه من فساد شامل، وظلم دائم، وعدوان مستمر، واستهانة بالقيم الاَخلاقية والاَرواح البشرية، عجَّل الله فرجه وسهَّل مخرجه.

                            اقول:
                            الاسلام كشريعة الهية تحتاج بكل تأكيد الى منفذ يقوم بتطبيقها على الناس. وهذا هو مقتضى ايماننا بحاكمية الله، فهي (أي الحاكمية الالهية) كما توجب ان تكون الشريعة من الله سبحانه توجب ايضا ان يكون المنفذ لها هو رجل الهي ايضا هو يختاره وينصبه علما وهاديا لخلقه، وهو خليفة الله في ارضه. وأي فصل بين هذين الامرين يوجب رفض حاكمية الله وعدم الايمان بها حقيقة.

                            20 ـ عقيدتنا في مشرِّع الاِسلام
                            نعتقد: أنّ صاحب الرسالة الاسلامية هو محمد بن عبد الله، وهو خاتم النبيين، وسيِّد المرسَلين، وأفضلهم على الاطلاق، كما أنّه سيِّد البشر جميعاً؛ لا يوازيه فاضل في فضل، ولا يدانيه أحد في مكرمة، ولا يقاربه عاقل في عقل، ولا يشبهه شخص في خلق، وأنّه لعلى خلق عظيم. ذلك من أول نشأة البشر إلى يوم القيامة.

                            اقول:
                            ان مقام رسول الله (ص) لا يدانيه مقام بشر اطلاقاً، وخير من عرّفه لبقية الخلق هم اله الطاهرون، ولما كانوا دوما مقهورين مظلومين مشردين فالقائم من ولده هو من يلقى على عاتقه بيان مقام جده وآباءه (ع)، وهذا ما يقوم به السيد احمد الحسن اليوم حيث بث في كتبه الشريفة كالتوحيد والمتشابهات والنبوة الخاتمة وغيرها بعض مقام جده المصطفى (ص) وابائه صلوات الله عليهم اجمعين.
                            وها هنا نقطة مهمة جداً تتعلق بالإيمان برسول الله (ص) وهي الايمان بكتابه العاصم من الضلال والتصديق بما ورد فيه، خصوصا والكتاب (الوصية) يعد عصارة جهده وتضحيته في حياته الشريفة في سبيل هداية الخلق الى الله سبحانه، وإلا فادعاء الايمان به (ص) مع انكار واحد من خلفائه الطاهرين يعد انكارا له وكفرا به (فالمنكر لآخرهم كالمنكر لأولهم).

                            21 ـ عقيدتنا في القرآن الكريم
                            نعتقد: أنّ القرآن هو الوحي الاِلهي المنزَّل من الله تعالى على لسان نبيه الاَكرم فيه تبيان كل شيء، وهو معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن مجاراتها في البلاغة والفصاحة، وفيما احتوى من حقائق ومعارف عالية، لا يعتريه التبديل والتغيير والتحريف.
                            وهذا الذي بين أيدينا نتلوه هو نفس القرآن المنزَّل على النبي، ومن ادّعى فيه غير ذلك فهو مخترق أو مغالط أو مشتبه، وكلّهم على غير هدى؛ فانه كلام الله الذي (لا يَأتيِه البطلُ مِنْ بَينِ يَدَيهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ).
                            ومن دلائل إعجازه: أنّه كلّما تقدَّم الزمن، وتقدَّمت العلوم والفنون، فهو باق على طراوته وحلاوته، وعلى سموِّ مقاصده وأفكاره، ولا يظهر فيه خطأ في نظرية علمية ثابتة، ولا يتحمل نقض حقيقة فلسفية يقينية، على العكس من كتب العلماء وأعاظم الفلاسفة، مهما بلغوا في منزلتهم العلمية ومراتبهم الفكرية؛ فانّه يبدو بعض منها ـ على الاَقل ـ تافهاً أو نابياً أو مغلوطاً كلّما تقدَّمت الاَبحاث العلمية، وتقدمت العلوم بالنظريات المستحدثة، حتى من مثل أعاظم فلاسفة اليونان كسقراط وأفلاطون وأرسطو الذين اعترف لهم جميع مَن جاء بعدهم بالاَبّوة العلمية، والتفوّق الفكري.
                            ونعتقد أيضاً: بوجوب احترام القرآن الكريم، وتعظيمه بالقول والعمل، فلا يجوز تنجيس كلماته حتى الكلمة الواحدة المعتبرة جزءً منه على وجه يقصد أنّها جزء منه.
                            كما لا يجوز لمن كان على غير طاهرة أن يمسّ كلماته أو حروفه (لا يَمَسُّهُ إلاّ المُطَهَّرُونَ) سواء كان محدثاً بالحدث الاَكبر كالجنابة والحيض والنفاس وشبهها، أو محدِثاً بالحدث الاَصغر حتى النوم، إلاّ إذا اغتسل أو توضأ على التفاصيل التي تذكر في الكتب الفقهية.
                            كما أنّه لا يجوز إحراقه، ولا يجوز توهينه بأيّ ضرب من ضروب التوهين الذي يُعد في عرف الناس توهيناً، مثل رميه، أو تقذيره، أو سحقه بالرجل، أو وضعه في مكان مُستحقَر، فلو تعمَّد شخص توهينه وتحقيره ـ بفعل واحد من هذه الاَمور وشبهها ـ فهو معدود من المنكرين للاِسلام وقدسيته، المحكوم عليهم بالمروق عن الدين والكفر بربِّ العالمين.

                            اقول:
                            ينتهي المظفر الى ان القران:
                            - وحي الهي منزل من قبل الله على لسان نبيه الكريم.
                            - ان ما نتلوه اليوم هو نفسه المنزل على النبي الكريم.
                            - من دلائل اعجازه حلاوته وطراوته مهما امتد الزمن.
                            - وجوب احترامه وتعظيمه.
                            - عدم جواز احراقه واهانته.
                            أقول:
                            بالنسبة الى مسألة نقص القرآن او زيادته فهو بحث تعرض له كبار علماء المسلمين شيعة وسنة وانتهى بعضهم الى نتائج يخالف اصحابها الرأي السائد عند الطرفين من ان الموجود بين ايدينا هو الذي نزل على صدر رسول الله (ص)، وروى الفريقان ايضا عشرات الروايات التي تؤكد نقص الموجود ما بأيدينا عن القران النازل.
                            قال بذلك كبار الصحابة عند اهل السنة كعمر وعائشة وأبي بن كعب وغيرهم. كما قال انتهى بعض علماء الشيعة الى وقوع النقص كصاحب الكفاية.
                            والسيد احمد الحسن (ع) عرض أدلة كلا الطرفين في كتابه العجل. كما اننا نعتقد ان القران كما انزله الله محفوظ عند اهله المخاطبين به وهم عدله وترجماته. هذا اولا.
                            وثانياً: ان القران حي غض طري ويجري في الناس مجرى الشمس والقمر، وهذا احد وجوه إعجازه، ولكن عدله هو المخصوص بمعرفته وبيانه وكل ما سواه فهو جاهل يتخبط عشواء.
                            وثالثاً: كما ان الشيخ المظفر ذكر في بحثه عدم جواز توهين القران الكريم وبين بعض امثلة التوهين كرمي الكتاب او سحقه بالرجل او تقذيره والعياذ بالله، فإننا نرى ان خوض غير اهله في بيانه هو توهين له ايضا ولذا ورد ذم الخائضين فيه والمفسرين له باراهم لأنهم سيصورونه بكل تأكيد اما بشكل يصادم بعضه بعضا او بإلغاء حقائق عالية وكبيرة او بإعطاء مصاديق رخيصة ولا قيمة لها كبيان للآيات الكريمة وما شابه ذلك.

                            22 ـ طريقة إثبات الإسلام والشرائع السابقة
                            لو خاصمنا أحد في صحّة الدين الاسلامي، نستطيع أن نخصمه بإثبات المعجزة الخالدة له، وهي القرآن الكريم على ما تقدّم من وجه إعجازه. وكذلك هو طريقنا لإقناع نفوسنا عند ابتداء الشك والتساؤل اللَّذين لا بدَّ أن يمرا على الانسان الحر في تفكيره عند تكوين عقيدته أو تثبيتها ..... الخ.

                            اقول:
                            أطال الشيخ المظفر في هذا البحث في كيفية اثبات الاسلام لأصحاب الديانات الأخرى، والحقيقة اننا في غنى عن كل ذلك فالإيمان بالدعوة الالهية لا ينفك عن الايمان بصاحبها، ولا يمكن لأحد ان يدعي ايماناً بدعوة الهية بلا ايمان بصاحبها ؟؟
                            واليوم، فإذ ابتدئ داعي الله وصاحب اهدى الرايات ومن اوجب الله وخلفائه طاعته ونصرته اعني السيد احمد الحسن، فالإيمان به والحال هذه ايمان بالله ورسالاته وأنبيائه وكتبه، وإنكاره والعياذ بالله انكار لكل ذلك، فالإسلام كما لا يخفى هو التسليم لله ولخليفته وهو دين الله الواحد من ادم والى اخر يوم على هذه الارض. فالدعوة الى الاسلام تكون بدعوة الخلق الى نصرته وطاعته والإيمان به.
                            الاسئلة:
                            1- هل القول بتحريف القران والإنجيل مطلقا صحيح ؟؟ ولماذا ؟؟
                            2- كيف يكون خوض غير خلفاء الله في بيان القران توهين له ؟؟
                            3- بماذا تتلخص دعوة الناس الى الاسلام اليوم ؟؟
                            Last edited by ya fatema; 01-09-2012, 17:14.

                            Comment

                            • علاء السالم
                              مشرف الساحة الفقهية
                              • 01-01-2012
                              • 290

                              #29
                              رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                              بسم الله الرحمن الرحيم
                              والحمد لله رب العالمين
                              وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما

                              التسجيل الصوتي للمحاضرة ـ للاستماع والتحميل اضغط هنـا
                              التسجيل الصوتي لتتمة المحاضرة ـ للاستماع والتحميل اضغط هنـا
                              التسجيل الصوتي لتكملة المحاضرة ـ للاستماع والتحميل اضغط هنـا

                              23- عقيدتنا في الامامة:
                              نعتقد: أنّ الامامة أصل من اُصول الدين لا يتم الاِيمان إلاّ بالاعتقاد بها، ولا يجوز فيها تقليد الآباء والاَهل والمربّين مهما عظموا وكبروا، بل يجب النظر فيها كما يجب النظر في التوحيد والنبوّة.
                              وعلى الاَقل أنّ الاعتقاد بفراغ ذمّة المكلَّف من التكاليف الشرعية المفروضة عليه يتوقّف على الاعتقاد بها ايجاباً أو سلباً، فإذا لم تكن أصلاً من الاُصول لا يجوز فيها التقليد؛ لكونها أصلاً، فإنّه يجب الاعتقاد بها من هذه الجهة، أي من جهة أنّ فراغ ذمة المكلَّف من التكاليف المفروضة عليه قطعاً من الله تعالى واجب عقلاً، وليست كلّها معلومة من طريقة قطعية، فلا بدَّ من الرجوع فيها إلى من نقطع بفراغ الذمة باتّباعه، أمّا الامام على طريقة الامامية، أو غيره على طريقة غيرهم.
                              كما نعتقد: أنّها كالنبوَّة لطف من الله تعالى؛ فلا بدَّ أن يكون في كل عصر إمام هادٍ يخلف النبي في وظائفه من هداية البشر وارشادهم إلى ما فيه الصلاح والسعادة في النشأتين، وله ما للنبي من الولاية العامّة على الناس، لتدبير شؤونهم ومصالحهم، وإقامة العدل بينهم، ورفع الظلم والعدوان من بينهم.
                              وعلى هذا، فالامامة استمرار للنبوّة، والدليل الذي يوجب إرسال الرسل وبعث الاَنبياء هو نفسه يوجب أيضاً نصب الاِمام بعد الرسول.
                              فلذلك نقول: إنّ الامامة لا تكون إلاّ بالنص من الله تعالى على لسان النبي أو لسان الاِمام الذي قبله، وليست هي بالاختيار، والانتخاب من الناس ، فليس لهم إذا شاؤوا ينصبوا أحدا نصّبوه ، واذا شاء وا أن يعيّنوا إمام لهم عيّنوه ، ومتى شاؤوا أن يتركوا تعيينه تركوه، ليصح لهم البقاء بلا إمام، بل «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة» (4)على ما ثبت ذلك عن الرسول الاَعظم بالحديث المستفيض.
                              وعليه لا يجوز أن يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة، منصوب من الله تعالى؛ سواء أبى البشر أم لم يأبوا، وسواء ناصروه أم لم يناصروه، أطاعوه أم لم يطيعوه، وسواء كان حاضراً أم غائباً عن أعين الناس؛ إذ كما يصح أن يغيب النبي ـ كغيبته في الغاروالشعب ـ صحَّ أن يغيب الامام، ولا فرق في حكم العقل بين طول الغيبة وقصرها.
                              قال الله تعالى: (وَلِكُلِ قومٍ هَادٍ ). وقال: (وإِن مِـن أُمّـةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيها نَذِيرٌ ) .


                              خلاصة عقيدة المظفر في الامامة:
                              يوضح الشيخ المظفر رأيه في الامامة ويرى:
                              1- انها اصلا من اصول الدين الخمسة بنظرهم.
                              2- يجب النظر والبحث فيها ولا يجوز فيها تقليد الاباء وغيرهم.
                              3- ان الاعتقاد بالإمامة يكون من جهتين:
                              - اما من جهة كونها اصلا من اصول الدين كما تقدم.
                              - وإما من جهة ان هناك تكاليف شرعية في ذمة المكلف ويجب عليه عقلا امتثالها، وليست كلها بمتناول يده ويعرفها، اذن يجب عليه اتباع شخص يحصل باتباعه فراغ ذمته من تلك التكاليف، وهو الامام.
                              4- ان الامامة لطف كالنبوة. أي ان قاعدة اللطف (التي اقتضت بعث الانبياء) هي بنفسها اوجبت وجود الامام في كل زمان، وبالتالي فالامامة استمرار للنبوة.
                              5- طريق معرفة الامام يكون بنص رسول الله (ص) او بنص الامام السابق ولا سبيل للاختيار وانتخاب الناس فيها.
                              6- لا يمكن ان يكون الناس بعد النبي (ص) بلا امام لقوله ص: "من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية". وقوله تعالى: "لكل قوم هاد" وقوله: "وان من امة الا خلا فيها نذير".
                              7- لا يخلو عصر من العصور من الامام المفترض الطاعة من الله سواء اطاعه الناس ام لا، وسواء كان حاضرا ام غائبا.
                              واذا اشكل احد : كيف يكون امام وهو غائب ؟
                              الجواب : كما غاب النبي (ص) في الغار والشعب ، وأما مجرد كون غيبة النبي قصيرة والإمام طويلة فهذا لا يعد فرقاً بنظر العقل، اذ لو كانت الغيبة ممتنعة على خليفة الله وتطعن في خلافته فهي لا تصح سواء طالت فترتها ام قصرت.
                              * * *
                              وهذه اهم البحوث المرتبطة بالموضوع:
                              ما هي الامامة ؟
                              الامامة في اللغة هي: عبارة عن تقدّم شخص ليتبعه الناس ويقتدون به، فيكون المقتدى هو الامام والمقتدون هم المأمومون. فالاِمام: المؤتم به إنساناً، كأن يقتدي بقوله أو فعله، وجمعه: أئمة.
                              أما المعنى الاصطلاحي لكلمة الامامة فهي: منصب ومقام إلهي يخص به الله سبحانه بعض خلفائه .. فبعض خلفاء الله ائمة وليس العكس. فخليفة الله مرة يكون اماماً وأخرى يكون نبياً وثالثة يكون رسولاً.
                              وقد تقدم في أول بحوث هذه الدراسة وتحديداً عند بيان أصل الدين الواحد (الاستخلاف) ان طبيعة اختلاف مقام الخليفة الالهي تابع لاختلاف التكليف الالهي الذي يحمله الخليفة من قبل ربه سبحانه الى الناس.
                              وعل كل حال، فإننا نقصد بالإمام هو ذلك الرجل الذي بيده حق الأمر والنهي والطاعة وتدبير أمر الناس بأمر الله سبحانه وتعالى.

                              مقام الامامة أرفع من النبوة:
                              ان التمايز بين الرسل واضح وذكره الله تعالى فقال: (تلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)، فمنهم من له مقام النبوة ومنهم من له مقام الإمامة، والثاني اعظم عند الله قدراً، وللتدليل عليه هناك امور عدة، هذان أمران منها:
                              أولا: ان ابراهيم (ع) قد أوتي مقام الامامة بعد ان كان نبيا وابتلي من قبل ربه بكلمات فأتمهن، وبعد ان اجتاز ذلك الامتحان تفضل الله سبحانه عليه بمقام الامامة. قال تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة : 124]
                              ثانياً: ان الله سبحانه يسلم على خليفته الذي له مقام النبوة وهو من يعطيه الأمان، وأما الامام فهو يسلم على نفسه ويعطي لنفسه وللناس الامان؛ لانه مثل ربه بصورة اعلى فصار امانه امان الله. وهذا ما نجده في كلام أبي الحسن الرضا (عليه السلام) اذ يقول: (إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن: يوم ولد و يخرج من بطن امه فيرى الدنيا، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها، ويوم يبعث حيا فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا، وقد سلم الله عز وجل على يحيى (ع) في هذه الثلاثة مواطن وآمن روعته، فقال: وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا وقد سلم عيسى بن مريم (ع) على نفسه في هذه الثلاثة مواطن، فقال: وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) الكافي.
                              قال السيد احمد الحسن (ع): ( قال تعالى مخبراً عن عيسى - عليه السلام -: {وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً}، أي إنّ عيسى عليه السلام نال مرتبة الإمامة، فهو يعطي الأمان لنفسه وللناس. وأشار تعالى إلى من لم ينل مرتبة الإمامة منهم كيحيى عليه السلام قال تعالى: {وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً}، أي إنه لم يصل إلى مرتبة الإمامة لكي يعطي للناس ولنفسه الأمان، وإنما هو مهَّدَ الطريق لعيسى عليه السلام ووجّه الناس إليه عليه السلام ) المتشابهات: ج4 س128.
                              ويترتب على هذا:
                              ان الاعلى مقاما ينطوي على المقام الادنى بكل تأكيد، فخليفة الله الذي له مقام الامامة اكيد ان له مقام النبوة .
                              يقول السيد احمد الحسن رادا زعم من قال ان العبد الصالح اعلم بالباطن وموسى اعلم بالشريعة ما يلي: (( .. فالعلم من الله سبحانه وتعالى في طرق السماوات والشرائع، والغيب يحدده مقام الإنسان فلا يمكن أن الله سبحانه وتعالى يفيض على عبد في مقام أدنى علماً أعظم من علم يفاض على عبدٍ في مقام أعلى، ليس لأنه سبحانه غير قادر بل لأن الأمر واحد في حقيقته أي إفاضة العلم والمقام فلا يمكن القول إنّ موسى اعلم في أشياء والعبد الصالح أعلم في أخرى، فالأعلم هنا أعلم في الأمور جميعاً، فلسنا نتكلم عن كتابي فيزياء وكيمياء بل نتكلم عن ملكوت السماوات والشريعة، نتكلم عن دين الله سبحانه الذي جاء به الأنبياء ونسبة أمور الدين للنبي والوصي المرسل واحدة وليست متعددة أو متفاوتة، فمن يعلم منهم بنسبة ما في ملكوت السماوات يعلم بنفس النسبة في الشريعة، فإذا كان العبد الصالح أعلم بالأمور الغيبية وطرق السماوات من موسى فهو حتماً أعلم من موسى في الشريعة أيضاً. وإذا كان موسى أعلم من العبد الصالح في الشريعة فهو حتماً أعلم منه في الأمور الغيبية وطرق السماوات )) .

                              دليل الامامة:
                              تقدم ان اوضحنا عقيدتنا وهي ان : (( أصل الدين أو العقيدة الإلهية في هذه الأرض هو الاستخلاف فمنذ أن خلق الله أول إنسان ارضي وهو آدم ع جعله خليفته في أرضه
                              وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة : 30] وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة : 31] قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [البقرة : 32] قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ [البقرة : 33]
                              فهنا مُستَخلِف ومُسَتخلَف وعلم يودع عند المُستَخلَف، وباعتبار صفات الخليفة وحيثيات عمله أو تكليفه من المستخلف يمكن أن نصفه وما يحمله ونصف مستخلفه فنقول باعتبار انه يتلقى أنباء الغيب فهو نبي يحمل أنباء وينبئه من يوحي إليه بالأصل، وباعتبار انه حامل رسالة فهو رسول يحمل رسالة من مرسل، فأصل الدين وهو الاستخلاف يتضمن أصول ثلاثة هي المستخلف والخليفة والعلم أو منبئ ونبي وأنباء أو مرسل ورسول ورسالة ويمكن أن نصف الخليفة بأنه إمام إذا كان له مقام الإمامة . هذا مختصر لمن يطلب دليل من القرآن على الإمامة
                              )) .
                              وقد ذكرت الامامة في القران بأنها منصب وتنصيب الهي لا دخل للناس فيه:
                              قال تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) [الأنبياء : 73]
                              وقال : (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) [السجدة : 24]
                              وقال: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة : 124]
                              فالإمامة اذن بتنصيب من الله وهي مقام خص الله به بعض خلفائه.
                              وبخصوص إمامة آل محمد (ع) فهي بجعل وتنصيب الهي أيضاً، وقد تضمن الكتاب الكريم وسنة رسول الله (ص) المؤكدة الكثير منها، وهي مسطرة في مصادر المسلمين ولا ينكرها إلا مكابر. وسيأتي الحديث في امامتهم بالخصوص ان شاء الله.

                              مناهج أخرى لدى المسلمين في الامامة:
                              ترى بقية مذاهب المسلمين - غير الشيعة - ان الامامة هي رئاسة دنيوية ومنصب حكومي ليس إلا، واختاروا أن يكون المنهج فيها هو الشورى واختيار الناس حصراً مستدلين بقوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم).
                              هذا، والآية الكريمة:
                              أولاً: لم يحكموا دلالتها على المراد، ذلك ان الامامة كما مر بنا هي من امر الله وليست من امر الناس لتدخل ضمن دائرة الشورى فيما بينهم.
                              وثانياً: ان الاية نزلت على محمد وفي حياة محمد (ص)، فلو كانت في الحكم والحاكم لكان للمسلمين أن يختاروا غير محمد وينصبوه عليهم !! ولو كانت في الحكم والحاكم لشاور محمد المسلمين في الأمر قبل أن يعلن تنصيب علي بن أبي طالب - عليه السلام - بعده في غدير خم !! ولو كانت حتى في تنصيب أمير على جيش يخرج لقتال الكفار لشاور رسول الله المسلمين قبل أن ينصب أسامة بن زيد، بل كان كثير منهم غير راضين بهذا التنصيب، فلماذا لم يقبل رسول الله مشورتهم واعتراضهم على صغر سن أسامة بن زيد إذا كان مأموراً بأخذ مشورتهم في أمور الحكم ؟؟!!
                              وثالثاً: توجد احاديث صحيحة عند أهل السنة تؤكد أنّ أمر الحكم والإمامة بيد الله وليست بيد الناس، هذا مثال منها: عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل رضى لكم ثلاثاً وكره لكم ثلاثاً رضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأن تنصحوا لمن ولاه الله أمركم وان تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ...) والحديث صحّحه الالباني.
                              ورابعاً: صرح بعض كبار علماء السنة بان الامامة تثبت بالنص وجعلوا الشورى أو البيعة مجرد أحد الخيارات، قال الشنقيطي: ( فاعلم أن الإمامة تنعقد له بأحد أمور : الأول : ما لو نص صلى الله عليه وسلم على أن فلانا هو الإمام . فإنها تنعقد له بذلك ... الثاني : هو اتفاق أهل الحل والعقد على بيعته ... الثالث : أن يعهد إليه الخليفة الذي قبله كما وقع من أبي بكر لعمر ... الرابع : أن يتغلب على الناس بسيفه وينزع الخلافة بالقوة ...) اضواء البيان: ج1 ص23.
                              وخامساً: لماذا لم يفهم أبو بكر وعمر وعثمان نفس فهمهم هذا عن مبدأ الشورى في اختيار امام المسلمين وقائدهم، وتركوا الشورى المزعومة كسبيل لاختيار الحاكم، حتى وجدنا أنّ أبا بكر أوصى الى عمر وقام بتعيينه ؟! بل بعضهم اكتفى بالاستدلال على المسلمين أنه من قريش فقط كما حصل في السقيفة ؟!
                              هذه بعض المناقشات التي تبطل استدلالهم بالآية على منهج اختيار الامام.
                              وهناك ادلة اخرى نترك طرحها الى دراسة اوسع ان شاء الله تعالى.

                              علة بعث الائمة وإرسالهم:
                              ان العلة من ارسال الامام وبعثه الى الناس هي ذاتها العلة من بعث الخلفاء الالهيين من انبياء ورسل، وليست هي قاعدة اللطف كما تقدم وانما هي قطع عذر المعتذرين وحجتهم امام ربهم، قال تعالى: (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) [النساء : 165]. وعليه، فما قاله الشيخ المظفر غير صحيح.

                              طريق معرفة الامام:
                              ويتم عبر قانون الله الذي خص به خلفاءه وأوضحه منذ اليوم الاول على هذه الأرض، وقد تقدم قانون صدق الداعي الالهي في فصل النبوة وهو ذاته طريق التعرف على الامام بلا اي فرق.

                              الاسئلة:
                              1- اوضح باختصار عقيدة المظفر في الامامة.
                              2- ماذا تعني الامامة وكيف انها ارفع قدرا من النبوة ؟
                              3- كيف تستدل على اثبات الامامة من القران ؟
                              4- بماذا تجيب من يستدل بآية الشورى كنهج يثبت به امامة الامام ؟
                              5- ما هي علة ارسال الائمة وكيف يتم التعرف عليهم ؟

                              Last edited by ya fatema; 03-09-2012, 20:36.

                              Comment

                              • علاء السالم
                                مشرف الساحة الفقهية
                                • 01-01-2012
                                • 290

                                #30
                                رد: عقائد : عقائد الامامية للمظفر ـ شيخ علاء ـ المرحلة 1 ـ الدروس المكتوبة والتسجيلات

                                بسم الله الرحمن الرحيم
                                والحمد لله رب العالمين
                                وصلى الله على محمد وال محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما

                                التسجيل الصوتي للمحاضرة ـ للاستماع والتحميل اضغط هنـا
                                التسجيل الصوتي لتكملة المحاضرة ـ للاستماع والتحميل اضغط هنـا

                                24 ـ عقيدتنا في عصمة الإمام
                                ونعتقد: أنّ الاِمام كالنبي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش، ما ظهر منها وما بطن، من سنِّ الطفولة إلى الموت، عمداً وسهواً.
                                كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان؛ لاَنّ الاَئمّة حفظة الشرع، والقوَّامون عليه، حالهم في ذلك حال النبي، والدليل الذي اقتضانا أن نعتقد بعصمة الاَنبياء هو نفسه يقتضينا أن نعتقد بعصمة الاَئمة، بلا فرق.

                                أقول:
                                قد تقدم الحديث عن عصمة الانبياء ودليلها وهو ذاته الكلام في عصمة الائمة عليهم السلام.
                                وأما تحديد وقت عصمتهم وهل هو من زمن الولادة أو بعده، فما يهمنا نحن كمكلفين ومأمورين بطاعة خلفاء الله هو ان خليفة الله حينما يدعو الناس الى الله يكون معصوما ولا يخرج الناس من حق ولا يدخلهم في باطل، والأكثر من ذلك لا يعنينا وليس من شاننا.
                                يبقى ان السهو والغفلة والنسيان لا تنافي العصمة وقد مضى الحديث في ذلك ايضا.

                                25 ـ عقيدتنا في صفات الاِمام وعلمه
                                ونعتقد: أنّ الاِمام كالنبي يجب أن يكون أفضل الناس في صفات الكمال، من شجاعة، وكرم، وعفّة، وصدق، وعدل، ومن تدبير، وعقل وحكمة وخلق. والدليل في النبي هو نفسه الدليل في الامام ...
                                أمّا علمه؛ فهو يتلقّى المعارف والاَحكام الاِلهية وجميع المعلومات من طريق النبي أو الاِمام من قبله.
                                وإذا استجدّ شيء لا بدَّ أن يعلمه من طريق الاِلهام بالقوة القدسية التي أودعها الله تعالى فيه، فإنْ توجّه إلى شيء وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي، لا يخطىَ فيه ولا يشتبه، ولا يحتاج في كلّ ذلك إلى البراهين العقلية، ولا إلى تلقينات المعلِّمين، وإن كان علمه قابلاً للزيادة والاشتداد، ولذا قال صلّى الله عليه وآله في دعائه: «رَبِّ زدني علماً».
                                أقول: لقد ثبت في الاَبحاث النفسيّة أنّ كل انسان له ساعة أو ساعات في حياته قد يعلم فيها ببعض الاَشياء من طريق الحدس الذي هو فرع من الاِلهام؛ بسبب ما أودع الله تعالى فيه من قوّة على ذلك، وهذه القوّة تختلف شدّة وضعفاً، وزيادة ونقيصة في البشر باختلاف أفرادهم، فيطفر ذهن الانسان في تلك الساعة إلى المعرفة من دون أن يحتاج إلى التفكير وترتيب المقدّمات والبراهين أو تلقين المعلّمين، ويجد كل إنسان من نفسه ذلك في فرص كثيرة في حياته.
                                وإذا كان الاَمر كذلك، فيجوز أن يبلغ الانسان من قوّته الالهامية أعلى الدرجات وأكملها، وهذا أمر قرَّره الفلاسفة المتقدّمون والمتأخرون.
                                فلذلك نقول ـ وهو ممكن في حدِّ ذاته ـ : إنّ قوّة الالهام عند الامام ـ التي تسمّى بالقوة القدسية ـ تبلغ الكمال في أعلى درجاته، فيكون في صفاء نفسه القدسية على استعداد لتلقّي المعلومات في كلّ وقت وفي كل حالة، فمتى توجَّه إلى شيء من الاَشياء وأراد معرفته استطاع علمه بتلك القوّة القدسية الالهامية بلا توقّف ولا ترتيب مقدمات ولا تلقين معلِّم، وتنجلي في نفسه المعلومات كما تنجلي المرئيات في المرآة الصافية، لاغطش فيها ولا إبهام.
                                ويبدو واضحاً هذا الاَمر في تاريخ الاَئمّة عليهم السلام كالنبي محمد صلّى الله عليه وآله؛ فإنّهم لم يتربَّوا على أحد، ولم يتعلَّموا على يد معلِّم، من مبدأ طفولتهم إلى سن الرشد، حتى القراءة والكتابة، ولم يثبت عن أحدهم انه دخل الكتاتيب، أو تلمذ على يد استاذ في شيء من الاشياء، مع ما لهم من منزلة علمية لا تجارى. وما سُئلوا عن شيء إلا أجابوا عليه في وقته، ولم تمر على ألسنتهم كلمة (لا أدري)، ولا تأجيل الجواب إلى المراجعة أو التأمّل أو نحو ذلك.
                                في حين أنّك لا تجد شخصاً مترجماً له من فقهاء الاِسلام ورواته وعلمائه إلاّ ذكرت في ترجمته تربيته وتلمذته على غيره، وأخذه الرواية أو العلم على المعروفين، وتوقّفه في بعض المسائل، أو شكِّه في كثير من المعلومات، كعادة البشر في كلِّ عصر ومصر.


                                هذه خلاصة عقيدة المظفر في صفات الامام وعلمه:
                                1- ان الائمة (ع) افضل الناس في جميع صفات الكمال.
                                2- ان طريق علم الامام هو النبي ص او الامام الذي قبله.
                                3- المستجدات يعلمها الامام بالإلهام بقوة قدسية مودعة فيه.
                                4- الامام يعلم بالأشياء على وجهها الحقيقي ولا يحتاج الى معلمين مطلقا.
                                5- البحوث الفلسفية اثبتت امكان وصول الانسان الى المعرفة بلا حاجة الى مقدمات وبراهين وتربية معلمين، وبالتالي فحصول مثل ذلك في الامام امر ممكن.
                                6- ان الائمة لم يتربوا على يد احد ولم يتعلموا من احد حتى القراءة والكتابة.
                                7- الامام لا يُسأل عن شيء ويقول لا أدري.

                                صفات الائمة:
                                بالنسبة الى صفات الائمة فهي ذاتها صفات خلفاء الله في أرضه ومنهم عيسى وموسى وإبراهيم ومحمد وجميع خلفاء الله الباقين التي اوضحها كتاب الله الكريم، نعم هم أفضل منهم ما عدا جدهم المصطفى (ص) لأنهم خلفاء له وهو (ص) أفضل الخلق طراً وأعلمهم، والأئمة (ع) لما كانوا خلفاءه وورثة علمه فبكل تأكيد يكونون أفضل منهم، ولذا لما يجتمع عيسى (ع) مع المهدي (ع) يأتم به ويصلي خلفه دون العكس.
                                والأمر الآخر: إن الصفات الواردة للائمة (ع) في الروايات نقبل منها ما يتم عرضه على المعصوم اليوم، ولا يمكن لنا الاخذ بكل رواية ولو كانت اتية من قبل الغلاة الذين تقولوا على آل محمد (ع)، كما ليس بوسعنا الرد لمجرد عدم التعقل، والمنهج الصحيح اليوم هو العرض على المعصوم الذي تفضل الله به علينا.
                                اما كونهم (ع) افضل الخلق بعد جدهم وأشجعهم وأعلمهم ووو فهذا مما لا شك فيه وتضمنته روايات عديدة. ومثله انهم واسطة (قبلة) الى الله وانهم ظل اسمائه الحسنى وتتنزل عليهم الملائكة وتعرض عليهم اعمال العباد وأنهم خلقوا من نور العظمة وأنهم محدثون وما شابه فهذا كله وغيره ثابت لهم بنص كلامهم (ع)، مما بينه ابنهم السيد احمد الحسن في كتبه العديدة.
                                وأما مثل انهم لا يسهون ولا ينسون مطلقا او انهم يحملون في الجنوب دون الارحام او انهم يتحدثون بكل لغة او تطبع اقدامهم في الاحجار وأنهم لا ظل لهم اينما مشوا ، فهو غير صحيح نعم قد يحصل ذلك على سبيل المعجزة متى ما شاءها الله ، وهذا مما لا شك فيه ولكن لا يشترط ان يكون ذلك ملازماً لهم بحيث يكون هو الطريق المعرف بهم كما يروم البعض من انصاف المتعلمين طرحه اليوم، وانما الامام يعرف بما عرفه الله به وأما ما ذكر فان شاء الله اجرائه على يديه وعلمه منطق الطير كما علم سليمان (ع) او ألسنة الناس المختلفة فهو له سبحانه وذلك فضل منه، وإلا فلا يضر بعدم كونه اماما، والا فلماذا بعث النبي (ص) مثلا رسائله الى كسرى وقيصر باللغة العربية، ولماذا احتاج امير المؤمنين (ع) الى مترجم ليتعرف على ما في ألواح موسى (ع) كما نصت على ذلك الروايات ؟!!
                                وهذا رواية تدل على ان الامام علياً (ع) عرف ما في الواح موسى بالمعجزة:
                                (( حدثنا محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن القاسم عن صباح المزني عن الحرث بن حصيرة عن حبة بن جوين العرني قال سمعت أمير المؤمنين عليا ع يقول إن يوشع بن نون كان وصي موسى بن عمران وكانت ألواح موسى عن زمرد أخضر فلما غضب موسى أخذ الألواح من يده فمنها ما تكسر ومنها ما بقي ومنها ما ارتفع فلما ذهب عن موسى الغضب قال يوشع بن نون أعندك تبيان ما في الألواح قال نعم فلم يزل يتوارثها رهط من بعد رهط حتى وقعت في أيدي أربعة رهط من اليمن وبعث الله محمدا ص بتهامة و بلغهم الخبر فقالوا ما يقول هذا النبي ص قيل ينهى عن الخمر والزنا ويأمر بمحاسن الأخلاق وكرم الجوار فقالوا هذا أولى بما في أيدينا منا فاتفقوا أن يأتوه في شهر كذا و كذا فأوحى الله إلى جبرئيل أن ائت النبي ص فأخبره فأتاه فقال إن فلانا وفلانا وفلانا وفلانا ورثوا ألواح موسى وهم يأتوك في شهر كذا و كذا في ليلة كذا وكذا فسهر لهم تلك الليل فجاء الركب فدقوا عليه الباب وهم يقولون يا محمد قال نعم يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان أين الكتاب الذي توارثتموه من يوشع بن نون وصي موسى بن عمران قالوا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك محمدا رسول الله ص والله ما علم به أحد قط منذ وقع عندنا قبلك قال فأخذه النبي ص فإذا هو كتاب بالعبرانية دقيق فدفعه إلي ووضعته عند رأسي فأصبحت بالكتاب وهو كتاب بالعربية جليل فيه علم ما خلق الله منذ قامت السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة فعلمت ذلك )) بصائر الدرجات: ص146.


                                علم الامام (ع):
                                تقدم أنّ العلم هو الفقرة الثانية من فقرات قانون معرفة الحجة، فبالعلم يعرف خليفة الله.
                                عن هشام بن الحكم، عن الامام الصادق (ع) أنّه قال: «إنّ الله لا يجعل حجّته في أرضه يُسأل عن شيء فيقول لا أدري» الكافي: ج1 ص177.
                                ولذا يقول أمير المؤمنين (ع): «أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني، فلاَنا بطرق السماء أعلم منّي بطرق الاَرض» نهج البلاغة / الخطبة: 184.
                                وقد تقدمت بعض الروايات عند استعراض قانون معرفة الحجة في فصل النبوة.
                                وهذه عدة نقاط بخصوص علمهم (ع) :
                                أولاً: طريقة علمهم (ع) تكون :
                                1- بتعليم رسول الله (ص) لهم.
                                عن أبي عبد الله ع، قال: سمعته يقول: (إنّا لو كنا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنا من الهالكين، ولكنها آثار من رسول الله ص أصل علم، نتوارثها كابر عن كابر عن كابر، نكنزها كما يكنز الناس ذهبهم وفضتهم).
                                وقال امير المؤمنين (ع): «والله لو شئت أن أخبر كل رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت، ولكن أخاف أن تكفروا فيّ برسول الله صلّى الله عليه وآله، ألا وإنّي مفضيه إلى الخاصة ممّن يؤمن ذلك منه. والذي بعثه بالحق واصطفاه على الخلق ما أنطق إلاّ صادقاً، وقد عهد إليّ بذلك كله وبمهلك من يهلك ومنجى من ينجو ومآل هذا الاَمر، وما أبقى شيئاً يمر على رأسي إلاّ أفرغه في اذني وأفضى به إليّ» نهج البلاغة: الخطبة 175.
                                وغيرها من الروايات الدالة على أنّ علمهم (ع) من الله عن طريق النبي (ص).
                                2- بتعليم الله سبحانه لهم، مما هو مودع في عقولهم التامة.
                                فعن سؤال: كيف يستزيد المعصوم من العلم كما هو وارد عنهم (ع) ؟ وهل هو يجهل ثم يعلم ؟
                                اجاب السيد احمد الحسن ع في المتشابهات ج4/ سؤال157 بما يلي: ( ... إذا كان المراد أنه يجهل بمعنى لا يعلم ثم يعلم فلا، وهذا خطأ، لكنه يدرك ما أودع في عقله التام بالله سبحانه وتعالى، حيث إنه (ع) محجوب بالجسد عند نزوله إلى عالم الأجسام في هذه الدنيا للامتحان، أي كما أنه محتاج إلى الله سبحانه وتعالى ليوصل قطرة الدم التي أودعها الله في قلبه إلى أطراف جسمه، كذلك هو محتاج لله، ومفتقر إلى الله سبحانه وتعالى ليوصل له العلم الذي أودعه في عقله التام إلى نفسه في هذا العالم، أي أنه يعلم ويزداد علماً مما أودع في عقله التام، أي وجوده في بيت الله (المقامات العشرة، عشرة الإيمان)، أي أنه يزداد علماً من علمه المكنون المخزون في قلبه أو عقله التام، (وليس العلم في السماء ولا في الأرض، ولكنه في الصدور فاستفهم الله يفهمك)، فـ (الجامعة) و(الجفر) و(مصحف فاطمة) كلها علم وليست هي العلم، بل العلم هو ما يحدث في كل ساعة، وهو من المعصوم وإلى المعصوم ، … وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
                                ثانياً: وهل هو علم بكل العلوم ؟
                                اكيد ان الواجب هو العلم بالأديان كلها، وكل ما يتعلق بالمعرفة الالهية التي تسهم بهداية الخلق، وهذا هو الذي لا يتخلف عن خلفاء الله حتماً، وأما باقي العلوم فهو ايضا يعلم بها خليفة الله على سبيل المعجزة متى ما توفر سببها وعند الضرورة ، ولا تحصل هكذا.
                                (( س // هناك مسألة بخصوص علم المعصوم ربما هي موضع شبهة على كثير من الانصار يعني مثلا هل المعصوم يعلم بكل شيء .. أو هو مقتصر على جهة معينة من العلم ؟
                                ج // كل العلوم .. من أعقد علم دنيوي الى أبسط علم دنيوي ، ولكن هذه معجزة ولا تكون دون سبب وبسفاهة .. طبعاً إضافة الى العلم الواجب وهو علم الأديان لابد أن تكون كل العلوم ، وإلا فكيف يقود وكيف يرد عندما يحتاج الرد الاحاطة بالعلوم .
                                عند الضرورة لابد أن يعلم ، مثلاً : لو حكم لابد أن يعلم بالاقتصاد وأمور أخرى ... الخ ، ولكن هذه أمور معجزة يعني ليس هو يعلم منذ ولد في هذا العالم الجسماني بل يعلمه الله عند الضرورة تماماً كالعصى التي أصبحت افعى
                                )) .
                                ثالثاً: هل يضر تعلمهم علوم أو مهن دنيوية بخلافتهم الالهية ؟
                                الجواب: كلا ، لأنهم (ع) لا يستدلون على الناس بهذا النوع من العلوم، انما بعلمهم بالله ورسالته وكتبه ودينه وكل ما يرتبط بذلك.
                                وهذا عيسى (ع) وهو نبي من اولي العزم يتعلم النجارة من حبيب النجار ، وكذا داود (ع) تعلم مهنة الحدادة مع انه خليفة لله سبحانه.
                                قال الشريف المرتضى: ((معاذ الله ان نوجب للإمام من العلوم الا ما تقتضيه ولايته، واسند إليه من الأحكام الشرعية....... لا يجب ان يعلم الإمام بالحرف والمهن والصناعات، وما إلى ذاك ممّا لا تعلق له بالشريعة. ان هذه يرجع فيها إلى اربابها، وان الإمام يجب ان يعلم الأحكام، ويستقل بعلمه بها، ولا يحتاج إلى غيره في معرفتها، لأنّه ولي اقامتها، وتنفيذها.)) الشافي ـ ص 188 ـ 189
                                وبخصوص ال محمد (ع) فلا يضر تعلمهم مثل ذلك بإمامتهم، ففي الوقت الذي كان الامام الحسن المجتبى (ع) يتعلم القراءة والكتابة عند المعلم نجد ان امير المؤمنين (ع) يرشد السائل في امر ديني اليه وهذا نص الرواية:
                                ففي مستدرك الوسائل - الميرزا النوري - ج 9 - ص 266 – 271:
                                ( .. عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : أن أعرابيا بدويا خرج من قومه حاجا محرما ، فورد على أدحى نعام فيه بيض فأخذه واشتواه ، وأكل منه ... إلى قوله: وقالوا : يا إعرابي أقصص قصتك على أبي الحسن ( عليه السلام ) ، فقال الاعرابي : فلم أرشدتموني إلى غير خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ فقالوا : يا أعرابي خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أبو بكر ، وهذا وصيه في أهل بيته ، وخليفته عليهم ، وقاضي دينه ، ومنجز عداته ، ووارث علمه . قال : ويحكم يا أصحاب رسول الله ، والذي أشرتم إليه بالخلافة ليس فيه من هذه الخلال خلة ! فقالوا : يا اعرابي سل عما بدا لك ، ودع ما ليس من شأنك قال الاعرابي : يا أبا الحسن ، يا خليفة رسول الله ، إني خرجت من قومي محرما ، فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " تريد الحج ، فوردت على أدحى وفيه بيض نعام ، فأخذته واشتويته وأكلته " فقال الاعرابي : نعم يا مولاي . فقال له : " وأتيت تسأل عن خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فأرشدت إلى مجلس أبي بكر وعمر ، فأبديت بمسألتك فاختصم القوم ولم يكن فيهم من يجيبك على مسألتك " فقال : نعم ، يا مولاي . فقال له : " يا اعرابي الصبي الذي بين يدي مؤدبه صاحب الذؤاب ، فإنه ابني الحسن ( عليه السلام ) ، فسله فإنه يفتيك " . قال الاعرابي : إنا لله وإنا إليه راجعون ، مات دين محمد ( صلى الله عليه وآله ) بعد موته ، وتنازع القوم وارتدوا . فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " حاش لله يا أعرابي ما مات دين محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، ولن يموت " . قال الاعرابي : أفمن الحق أن أسأل خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وحواريه وأصحابه ، فلا يفتوني ، ويحيلوني عليك فلا تجيبني ، وتأمرني أن أسأل صبيا بين يدي المعلم، ولعله لا يفصل بين الخير والشر. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام ) : " يا أعرابي لا تقف ما ليس لك به علم ، فاسأل الصبي فإنه ينبئك " ... الخ الرواية ).

                                الاسئلة:
                                1- هل من الضروري ان يعرف المكلف منذ متى تبدأ عصمة المعصوم، ولماذا ؟
                                2- لخص عقيدة المظفر في صفات علم الامام .
                                3- هل نقبل كل صفة وردت للائمة ع في الروايات .. بين المنهج الحق في ذلك .
                                4- من اين يحصل الامام (ع) على علمه ؟
                                5- هل الامام يعلم كل شيء بشكل عادي، وهل يضر تعلمه ما لا يرتبط بعلم الاديان بإمامته؟ وضح ذلك .





                                Last edited by ya fatema; 10-09-2012, 22:38.

                                Comment

                                Working...
                                X
                                😀
                                🥰
                                🤢
                                😎
                                😡
                                👍
                                👎