إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

يحبه الله تعالى ورسوله (ص) واله (ع) ابو ذر الغفاري رض

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • السادن
    عضو نشيط
    • 18-02-2009
    • 389

    يحبه الله تعالى ورسوله (ص) واله (ع) ابو ذر الغفاري رض

    مجاهد منعثر منشد .


    نضع أمام اعينكم الكريمه بحثا عن الصحابي الطاهر الذي يعجز قلمي ويقصر ذهني في التعبير عنه .الا وهو جندب بن جناده الصحابي المهاجري , توفي بالربذة عام 32للهجرة عندما نفاه عثمان .
    وساذكر لكم التفاصيل فيما بعد ..

    لقبه | ابو ذر الغفاري .
    اسمه | جندب بن جنادة بن قيس بن عمرو بن مليل بن صعير بن حرام بن غفار
    وأما أمه : فهي رملة بنت الوقيعة من بني غفار 1.

    هذا الرجل الذي لم يعبد صنم , وخامس رجل دخل الاسلام , صوت العدالة والحرية أبو ذر الغفاري ، رضي الله عنه ، خدم الرسول ، وتعلم الأصول ، ونبذ الفضول 2 .

    كيف دخل في الاسلام
    كما يرويه البخاري في صحيحه بسنده عن أبي حمزة ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما - قال : لما بلغ أبا ذر مبعث النبي صلى الله عليه واله و سلم ،
    قال لأخيه : إركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء ، واسمع من قوله ، ثم ائتني ، فانطلق الأخ حتى قدمه ، ثم رجع إلى أبي ذر فقال له : رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ، وكلاما " ما هو بالشعر ،
    فقال : ما شفيتني مما أردت ، فتزود وحمل شنة له فيها ماء ، حتى قدم مكة . فأتى المسجد فالتمس النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يعرفه ، وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل ، فرآه علي فعرف أنه غريب ، فلما رآه تبعه ، فلم يسأل واحد
    منهما صاحبه عن شئ ، حتى أصبح ، ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد ، وظل ذلك اليوم ، ولا يراه النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى أمسى فعاد إلى مضجعه ، فمر به علي فقال : أما نال للرجل أن يعلم منزله فأقامه فذهب به معه ، لا يسأل
    واحد منهما صاحبه عن شئ ، حتى إذا كان يوم الثالث فعاد علي مثل ذلك فأقام معه ثم قال : ألا تحدثني ما الذي أقدمك ، قال : إن أعطيتني عهدا " وميثاقا " لترشدنني فعلت ، ففعل فأخبره ، قال : فإنه حق ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
    فإذا أصحبت فاتبعني ، فإني رأيت شيئا " أخاف عليك ، قمت كأني أريق الماء ، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي ففعلي ، فانطلق يقفوه ، حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ، ودخل معه ، فسمع من قوله ، وأسلم مكانه . فقال النبي صلى الله عليه وواله وسلم : إرجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري ، قال : والذي نفسي بيده ، لأصرخن بها بين ظهرانيهم ، فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا " رسول الله ، ثم قام القوم فضربوه حتى أضجعوه ، وأتى العباس فأكب عليه ، قال : ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار ، وأن طريق تجارتكم إلى الشام ، فأنقذه منهم ، ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إليه ، فأكب العباس عليه3.

    وجاء في صحيح مسلم فإن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال له : إرجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري ، فقال : والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم ، فخرج حتى أتى المسجد ( الكعبة ) فنادى بأعلى صوته ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا " رسول الله ، وثار القوم فضربوه حتى أضجعوه ، فأتى العباس فأكب عليه فقال : ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار ، وأن طريق تجارتكم إلى الشام عليهم ، فأنقذه منهم ، ثم عاد من الغد بمثلها ، وثاروا إليه فضربوه ، فأكب عليه العباس فأنقده .

    حضوره مع النبي (ص) عندما سار الى تبوك :ـ
    عن ابن مسعود قال : لما سار رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إلى تبوك 5، جعل لا يزال يتخلف الرجل ، فيقولون : يا رسول الله ، تخلف فلان ، فيقول : دعوه ، إن يكن فيه خير فسيلحقه الله بكم ، وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه ، حتى قيل : يا رسول الله ، تخلف أبو ذر ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ما كان يقوله ، فتلوم ( تمهل ) أبو ذر على بعيره ، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجعله على ظهره ، ثم خرج يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ماشيا " ، ونظر ناظر من المسلمين فقال : إن هذا الرجل يمشي على الطريق ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كن أبا ذر ، فلما تأمله القوم قالوا : يا رسول الله ، هو والله أبو ذر ، فقال رسول الله صلى الله عليه واله و سلم : يرحم الله أبا ذر ، يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويحشر وحده 6..

    بعض من أقوال الرسول (ص) والامام علي (ع) في ابا ذر :ـ
    قال (ص) : ياأبا ذر انك تعيش وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك .
    وقوله (ص) :ـ ابو ذر صديق هذه الامة .
    قال (ص) أبو ذر في أمتي على زهد عيسى بن مريم ، وقال الإمام علي : وعى أبو ذر علما " عجز الناس عنه ، ثم أو كي عليه فلم يخرج منه شيئا 7.
    وعن الإمام علي قال : لم يبق اليوم أحد لا يبالي في الله لومة لائم غير أبي ذر ، ولا نفسي ، ثم ضرب بيده إلى صدره 8.
    قال رسول الله : إنّ الله عزّ وجلّ يُحبّ من أصحابى أربعة ، أخبرنى أنّه يحبّهم ، وأمرنى أن اُحبّهم . قالوا : من هم يا رسول الله ؟
    قال : إنّ عليّاً منهم ، وأبو ذرّ الغفارى ، وسلمان الفارسى ، والمقداد بن الأسود الكندى 9.
    وقال (ص) ما أظلت الخضراءُ ولا أقلت الغبراءُ من ذي لَهجةٍ أصدق ولا أوفى من أبي ذرّ 10.

    فقد سمت منزلته في الايمان وصبره وثباته على المبدأ والعقيدة .
    كان ابو ذر أحد الاركان الاربعة من المسلمين ,وكان معلنا بفضل أمير المؤمنين (ع) , وأحقيته بخلافة المسلمين على من سواه لما سمعه من رسول الله (ص) فيه وكان ثقيلا على خلافاء سقيفة بني ساعده لانكاره المتواصل .
    موقف ابي ذر الغفاري في بيعة ابو بكر بعد استشهاد النبي (ص) :ـ
    كان ابا ذر من الصفوة التي أقبلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، رافضاً بيعة أبي بكر .
    وله قول مشهور هو ما أصبتم قناعة وتركتم قناعة . لو جَعَلتُم هذا الأمرَ في أهل بيتِ نبيِّكم ما اختلفَ عليكم اثنان 11.وقد تخلف عن بيعة ابو بكر 12.
    هذا المؤمن المجاهد ابو ذر الذي تشيّعَ أهل جبل عامل كان على يديه . في لبنان 13. فهو من الذين تشرفوا بصلاته علي الجثمان الطاهر لسيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع)، فقد كان فى عداد من صلّي عليها فى تلك الليلة المشوبة بالألم والغمّ والمحنة ..

    اسباب نفي ابو ذر من قبل عثمان
    أن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال ، واختص زيد بن ثابت بشئ منها ، جعل أبو ذر يقول بين الناس وفي الطرقات والشوارع : بشر الكافرين بعذاب أليم ، ويرفع بذلك صوته ، ويتلو قوله تعالى : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله * فبشرهم بعذاب أليم ) *، فرفع ذلك إلى عثمان مرارا "، وهو ساكت . ثم إنه أرسل إليه مولى من مواليه : أن انته عما بلغني عنك ، فقال أبو ذر : أو ينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله ، وعيب من ترك أمر الله تعالى ، فوالله لأن أرضي الله بسخط عثمان ، أحب إلي من أن أسخط الله برضى عثمان ، فأغضب ذلك عثمان وأحفظه ، فتصابر وتماسك ، إلى أن قال عثمان يوما " ، والناس حوله : أيجوز للإمام أن يأخذ من المال شيئا " قرضا " ، فإذا أيسر قضى ؟ فقال كعب الأحبار : لا بأس بذلك ، فقال أبو ذر : يا ابن اليهوديين ، أتعلمنا ديننا ؟ فقال عثمان : قد كثر أذاك لي ، وتولعك بأصحابي ، إلحق بالشام ، فأخرجه إليها 14.

    أن أبا ذر كان يقعد في مسجد رسول الله (ص) ، ويجتمع إليه الناس ، فيحدث بما فيه الطعن على عثمان ، وأنه وقف بباب المسجد ، فقال : أيها الناس ، من عرفني فقط عرفني ، ومن لم يعرفني
    فأنا أبو ذر الغفاري ، أنا جندب بن جنادة الربذي ، إن الله اصطفى آدم ونوحا " وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ، محمد الصفوة من نوح ، فالأول من إبراهيم ، والسلالة من إسماعيل ، والعترة الهادية من
    محمد ، إنه شرف شريفهم، واستحقوا الفضل في قوم هم فينا كالسماء المرفوعة ، وكالكعبة المستورة ، أو كالقبلة المنصوبة ، أو كالشمس الضاحية ، أو كالقمر الساري ، أو كالنجوم الهادية ، أو كالشجر الزيتونية أضاء زيتها ، وبورك زبدها ، ومحمد
    وارث علم آدم ، وما فضل به النبيون ، وعلي بن أبي طالب ، وصي محمد ، ووارث علمه . أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها ، أما لو قدمتهم من قدم الله ، وأخرتم من أخر الله ، وأقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيكم ، لأكلتم من فوق رؤوسكم ،
    ومن تحت أقدامكم ، ولما عال ولي لله ، ولا طاش سهم من فرائض الله ، ولا اختلف اثنان في حكم الله ، إلا وجدتم علم ذلك عنده من كتاب الله وسنة نبيه ، فأما إذا فعلتم ما فعلتم ، فذوقوا وبال أمركم ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون 15.

    لقد رأى ابو ذر (رض) الانحراف عن العقيدة الذي جاهد مـن اجلها رسـول الله (ص) ، فأخذ عثمان يكنز الأموال ويحتكر الثروات ، وغرق في الترف والتخمة وفرق في العطاء حتى أصبحت الأموال تحت رحمة حفنه من أقرباء عثمان من بني أميه الطلقاء ، ولم يرضى ذلك أباذر فأخذ بفضح الوضع المنحرف أمام ألامه .
    ويمضي ابوذر رحمه الله في فضحه للوضع المنحرف ، والإعلان عن انحراف الخلافة عن مستحقها الشرعي ، فيغضب ذلك خليفة المسلمين ألا شرعي عثمان ابن عفان فيقول لزمرته الفاسدة اشيرو علي في هذا الشيخ إما أن اضربه ، أو احبسه ، أو أقتله ، أو انفيه من أرض الإسلام فأنه قد فرق جماعة المسلمين ، وهذا شأن الظلمة والمستكبرين مع كل المخلصين والمجاهدين ، فنفاه إلي الشام ، ولم يسكت ابوذر رضوان الله تعالى عنه بل استمر في جهاده وفضحه للاموميين الفاسدين بين المسلمين حتى ضاق معاوية به ذرعا فأرسله مرة اخرى إلى عثمان في المدينة مع جلاوزة لايعرفون الرحمة ولايقدرون مكانة ذالك الصحابي العملاق فسارو به ليلا ونهار دون توقف حتى انسلخ لحم فخذيه وكاد أن يستشهد لكنه تحمل وصبر ، وكان معاوية قد نصبه عثمان على الشام وهو يعيش كالملوك ويضرب قوانين الاسلام بجدار الحائط ويصرف أموال المسلمين على ملذاته الشخصية .

    فأخذ يخطط عثمان مرة أخرى لإزاحة ابوذر عن الساحة فينظر إلى بني أمية يسأل منهم ، أرأيتم من زكي ماله هل فيه حق لغيره ؟ فيرد عليه ابن اليهودي كعب الأحبار لا أمير المؤمنين فنتفض ابن جناده وضربه على رأسه فشجه وقال كذبت يا ابن اليهودي ثم تلا قوله تعالى ليس البر أن تولوا وجهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من أمن بالله واليوم الأخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال علي حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتي الزكاة والموفون بهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون . وهنا صاح عثمان بأبي ذر اخرج عنا من بلادنا ، فقال أبو ذر ما أبغض إلي جوارك وفي حديث أتخرجني من حرم رسول الله ( ص ) فقال عثمان نعم وأنفك راغم " فقال ابوذر أخرج إلى مكة فقال عثمان لا ..ولا كرامة . إلى البصرة لا..ولا كرامه إلى الكوفة . لا ..ولا كرامه . فقال ابوذر : إلى أين أخرج؟ فأجابه عثمان . إلي الربذه 16 .. حتى تموت فيها من الجوع والعطش والغربة فأخرجه بالقوة .

    كتاب أبي ذر الى حذيفه بن اليمان
    كتب ابو ذر كتابا الى حذيفة بن اليمان (رض ) لما كان واليا على المدائن من قبل عثمان يشكو فيه ويعلمه ماصنع به عثمان ,
    روى الشيخ المجلسي (قدس سره ) في البحار باب 7 ج7 عن عن ابي امامه نص الكتاب :ـ
    بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد :ـ
    يااخي فخف الله مخافه يكثر منها بكاء عينيك , وحرر قلبك , واسهر ليلك ,وانصب بدنك في طاعة ربك , فحق لمن علم ان النار مثوى من سخط الله عليه , ان يطول بكاؤه , ونصبه وسهر ليله , حتى يعلم انه قد رضي الله عنه , وحتى لمن علم ان الجنة مثوى من رضي الله عنه , ان يسقبل الحق كي يفوز به , ويستصغر في ذات الله الخروج من اهله وماله , وقيام ليله ,وصيام نهاره ,وجهاد الظالمين الملحدين بيده ولسانه ,حتى يعلم ان الله اوجبها له , وليس بعالم ذلك دون لقاء ربه , وكذلك ينبغي لكل من رغب في جوار الله ومرافقة انبيائه ,ان تكون يااخي انت ممن استريح اليه بثي وحزني ,واشكوا اليه تظاهر الظالمين علي , اني رايت الجور يعمل به بعيني , وسمعته يقال فرددته فحرمت العطاء ,وسرت الى البلاد ,وغربت عن العشيرة والاخوان وحرم الرسول (ص) واعوذ بربي العظيم ان يكون هذا مني له شكوى وان ركب مني ماركب بل أنبأتك اني قدر رضيت ماأحب لي ربي وقضاه علي .
    واقضيت ذلك اليك لتدعو الله لي ولعامة المسلمين بالروح والفرج ,وبما هو اعم نفعا وخير مغبة وعقبى والسلام .
    وسنتطرق للصحابي الجليل حذيفه بن اليمان ببحث في وقت اخر . وانه من خلص الصحابه لرسول (ص) ووصيه امير المؤمنين وقد توفي بعد خلافة امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) بأربعين يوما واوصى ولديه صفوان وسعيد بملازمة امير المؤمنين (ع) واتباعه , ونفذا الوصيه واستشهدوا بين يديه (ع) في حرب صفين .

    وكان رد حذيفه جوابا على رسالة ابو ذر :ـ
    بسم الله الرحمن الرحيم فلقد بلغني كتابك تخوفني به وتحذرني فيه منقلبي وتحثني فيه على حظ نفسي , فقديما يااخي كنت بي وبالمؤمنين حفيا لطيفا , وعليهم حدبا شقيقا , ولهم بالمعروف أمرا , وعن المنكر ناهيا , وليس يهدي الى رضوان الله الاهو لااله الا هو , ولايتناهى من سخطه الا بفضل رحمته وعظيم منه , فنسأل الله ربنا لآنفسنا وخاصتنا وعامتنا , وجماعة أمتنا مغفرة عامة ورحمة واسعة .
    وقد فهمت ماذكرت من تسييرك يااخي وتغريبك وتطريدك , فعز والله علي يااخي ما وصل اليك من مكروه , الى ان يقول :
    فكأني واياك قد دعينا واجبا , وعرضنا على اعمالنا فاحتججنا الى ما اسلفنا , يا اخي ولا تأس على مافاتك ,ولاتحزن على ما اصابك , واحتسب فيه الخير , وارتقب فيه من الله أسنى الثواب .
    يااخي لاارى الموت لي ولك الا خيرا من البقاء فانه قد اضلتنا فتن يتلو بعضها بعضا كقطع الليل المظلم , قد تبعثث من مركبها ,ووظئت في حطامها , تشهر فيها السيوف وتنزل فيها الحتوف , يقتل فيها من اطلع لها والتبس بها وركض فيها , ولاتبقى قبيلة من قبائل العرب من الوبر والمدر الا دخلت عليهم ,فأعز اهل ذلك الزمان ,اشدهم عتوا واذلهم اتقاهم ,فأعاذنا الله تعالى واياك من زمان هذه حال اهله فيه , ولن ادع الدعاء لك في القيام والقعود والليل والنهار , وقد قال الله تعالى ( ولاخلف لموعوده ) ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) .
    فنستجير بالله عن التكبر عن عبادته , والاستنكاف عن طاعته ,جعل الله لنا ولك فرجا ومخرجا عاجلا برحمته والسلام عليك .

    وفاة ابا ذر الغفاري (رض) :ـ
    عندما توفى ولده (ذر) في منفى الربذة من الجوع والعطش ، وقف على قبره قائلا: ( رحمك الله يا ذر ، والله كنت بي بارا ، ولقد قبضت وأني عنك لراض ، أما والله ما بي فقدك ، وما بي من غضاضة ، ومالي أحد سوى الله من حاجة ، ولولا هول المطلع ، لسرني ، أن أكون مكانك ، ولقد شغلني الحزن لك عن الحزن عليك ، والله ما بكيت لك ، ولا كن بكيت عليك ، فليت شعري ما ذا قلت وما ذا قيل لك ( إشارة إلى سؤال منكر ونكير)
    (اللهم إني قد وهبت له ما إفترضت عليه من حقي ، فهب له ما إفترضت عليه من حقك ، فأنت أحق بالجود مني)
    اشتدَّ المرض بولده ، بعد أن ماتت زوجته من فرط الجوع ، فالتحق الولد بأمّه أيضاً ، فدفنه ورجع إلى الخيمة ليستريح . لكنه ( رضوان الله عليه ) كان جائعاً قد ألمَّ به الطوى ، فأصابه الذهول ، وانهارت قواه ، وهو شيخ طاعن في السن, فقد توفي ابو ذر الغفاري في فلاة من الآرض قرب قارعة الطريق وليس عنده الا ابنته التي أوصاها :ـ

    وروى ابن الأثير في الكامل ، قال أبو ذر لابنته : استشرقي يا بنية هل ترين أحدا " ؟ قالت : لا ، فما جاءت ساعتي بعد ، ثم أمرها فذبحت شاة ثم طبختها ، ثم قال : إذا جاءك الذين يدفنوني ، فإنه سيشهدني قوم صالحون ، فقولي لهم : يقسم عليكم أبو ذر أن لا تركبوا حتى تأكلوا ، فلما نضجت قدرها قال لها : أنظري هل ترين أحدا " ؟ قالت : نعم هؤلاء ركب ، قال : استقبلي بي الكعبة ، ففعلت ، فقال: بسم الله ، وعلى ملة رسول الله (ص) ، ثم مات . فخرجت ابنيه فتلقتهم وقالت: رحمكم الله ، اشهدوا أبا ذر ، قالوا : وأين هو ؟ فأشارت إليه ، قالوا : نعم ونعمة عين ، لقد أكرمنا الله بذلك ، وكان فيهم ابن مسعود فبكى ، وقال : صدق رسول الله (ص) ، يموت وحده ، ويبعث وحده ، فغسلوه وكفنوه ، وصلوا عليه ودفنوه ،وقالت لهم ابنته : إن أبا ذر يقرأ عليكم السلام ، وأقسم عليكم أن لا تركبوا حتى تأكلوا ، ففعلوا ، وحملوا أهله معهم حتى أقدموهم مكة ، ونعوه إلى عثمان ، فضم ابنته إلى عياله ، وقال : يرحم الله أبا ذر ، ويغفر له نزوله الربذة 17.

    و الركب ـ الوفد العراقي الذي أخبره عنه رسول الله (ص) حيث قال : يسعد به أقوام يتولون أمره واقباره .
    فكان كما أخبره الصادق الامين (ص) .
    جاء ركب من وجوه المسلمين من العراق قاصدين مدينة الرسول (ص) لكي يظهروا انكارهم وسخطهم على عثمان من جراء تصرفات واليه على الكوفه واعماله ,وكان عدد الركب ثلاثة عشر بقيادة مالك الاشتر , ومعه ابن مسعود ,وحجر بن عدي , فقد تولوا غسله والصلاة عليه ومواراته وحملوا ابنته معهم الى المدينة الى دار امير المؤمنين (ع) .
    وقد خافه عثمان على سلطانه وحكومته المسرفة بأموال المسلمين , وقد مناه عثمان بالاموال الطائلة لكي يكف لسانه عنه , فلم تجد الاموال ولم يكف من انكاره المنكر والامر بالمعروف , وفي يوم أحضره عثمان مؤنبا له , ومن جملة ما قال له :ـ
    والله لاجمعتني واياك دار , قد خرقت وذهب عقلك , أخرجوه من بين يدي حتى تركبوه فتب ناقته بغير وطاء , ثم انجوا به به الناقة وتعتعوه حتى توصلوه الربذة فأنزلوه بها من غير أنيس حتى يقضي الله فيه ماهو قاض
    فأخرجوه من المدينة متعتعا ملهوزا بالعصي .
    أمر عثمان بأن لايشيع صاحب رسول الله (ص) , وبلغ ذلك عليا أمير المؤمنين (ع) فبكى حتى بل لحيته بدموعه , وقال (ع) : أهكذا يصنع
    بصاحب رسول الله ؟ انا لله وانا اليه راجعون .
    قال ابن ابي الحديد في شرح النهج : ولما خرج ابو ذر الى الربذة أمر عثمان فنودي في الناس أن لايكلم أحد ابا ذر ولايشيعه , وامر مروان بن الحكم أن يخرج به فتحاماه الناس الا علي بن ابي طالب (ع) , وعقيلا أخاه , وحسنا وحسينا , وعمار بن ياسر , فانهم خرجوا معه يشيعونه , فجعل الامام الحسن (ع) يكلم أباذر فقال : له مروان ايها ياحسن الاتعلم ان امير المؤمنين عثمان قد نهى عن كلام ذلك الرجل ؟ فان كنت لاتعلم ذلك فأعلم ذلك , فحمل علي (ع) على مرون وضرب بالسوط بين اذني راحلته وقال (ع) : تنح انحاك الله الى النار .
    رجع مروان مغضبا الى عثمان فأخبره الخبر فتلظى على علي (ع) ووقف ابو ذر فودعه القوم كلهم بكلمات تقريظ وتسلية , وكان معه ذكوان مولى أم هاني بنت ابي طالب ,قال ذكوان : فحفظت كلام القوم وكان حافظا .
    قال علي (ع) : يا ابا ذر انك غضبت لله , ان القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك , فامتحنوك بالقلاء ,ونفوك الى الفلا ,والله لو كانت السموات والارض على عبد رتقا ثم أتقى الله لجعل له منها مخرجا ياابا ذر لايؤنسك الا الحق ,ولايوحشك الا الباطل .
    ثم قال لاصحابه : ودعوا عملكم ,وقال لعقيل : ودع اخاك , وقال للحسنين r (ع) ودعوا عمكم 18.
    ومات المجاهد العظيم شهيدا صابرا محتسبا ، فرحمك الله يا أباذر حين ولدت وحين عشت وحيدا وحين تموت وحيدا وحين تبعث وحيدا .

    ــــــــــــــــــ


    الهوامش
    1. أسد الغابة 6 / 99 ، وانظر طبقات ابن سعد 4 / 61 ..
    2. حلية الأولياء 1 / 156 - 157
    3. صحيح البخاري 5 / 59 - 60 .
    4. صحيح مسلم 34|16 ط بيروت 1981 .
    5. أنظر عن غزوة تبوك : الواقدي : كتاب المغازي 3 / 989 - 1076 - تحقيق مارسدن جونس بيروت 1984 ،
    سيرة ابن هشام 4 / 379 - 396 تحقيق أحمد حجازي السقا ، ابن قيم الجوزية : زاد المعاد في هدى خير العباد - تحقيق شعيب وعبد القادر الأرناؤوط 3 / 526 - 538 ( بيروت 1985 ) ، ابن كثير : السيرة النبوية 4 / 3 - 52 القاهرة 1966،
    السيرة الحلبية 3 / 99 - 133 القاهرة 1964 ، محمد بيومي مهران : السيرة النبوية الشريفة 2 / 457 - 486 بيروت 1990 .
    6. أسد الغابة 6 / 101 4. أسد الغابة 6 / 101 .
    7. أسد الغابة 6 / 101
    8. طبقات ابن سعد 4 / 170
    9. المستدرك علي الصحيحين : ; ، الطبقات الكبري : ; ، سير أعلام النبلاء : ; ، تاريخ الطبرى : ; / المستدرك علي الصحيحين :; ، سير أعلام النبلاء :
    10. صحيح الترمذي كتاب 50 المناقب باب 36 حديث 3802 و 3801 ، وسنن ابن ماجة المقدمة باب 11 ، حديث 156 ، مسند أحمد ج2 ، ص163 و175 و223 وج5 ، ص197 وج6 ، ص442 ، المستدرك على الصحيحين للحاكم ج3 ، ص342 ، كنز العمال ج11 ، حديث 33220 و33221 و33225 - 33229 وج13 حديث 36898 و36890 ، تهذيب الكمال في أسماء الرجال ج33 ص296 .
    11. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج2 ، ص268 ط مكتبة الحياة وج6 ، ص13 بتحقيق محمد أبو الفضل .
    12. تاريخ اليعقوبي ج2 ، ص103 ط سوريا ، شرح النهج لابن أبي الحديد ج1 ، ص183 و 311 ط مكتبة الحياة وج1 ، ص221 بتحقيق محمد أبو الفضل ، الإمامة والسياسة ج1 ، ص14 ، الرياض النضرة ج1 ، ص167
    13. . مصادر ترجمة أبي ذر :
    رجال الطوسي ص36 ، رجال الكشي ص24 ، الفهرست للطوسي ص80 ، رجال العلامة ص36 ، رجال البرقي ص1 ، رجال ابن داود ص67 ، اتقان المقال ص35 ، أعيان الشيعة ج4 ، ص225 ، أعلام نهج البلاغة ص13 ، تأسيس الشيعة ص334 ، تنقيح المقال ج1 ، ص234 ، جامع الرواة ج1 ، ص168 ، الغدير ج1 ، ص41 و151 و165 و200 ، الفوائد الرجالية ج2 ، ص142 و149 و152 و168 و332 و340 ، قاموس الرجال ج2 ، ص245 ، الكنى والألقاب ج1 ، ص74 ، مجمع الرجال ج2 ، ص245 ، معجم رجال الحديث ج4 ، ص164 ، منتهى المقال ص84 ، ومجالس المؤمنين ج1 ، ص216 ، نقد الرجال ص76 ، أصحاب أمير المؤمنين ج1 ، ص118 ، الدرجات الرفيعة ص225 ، نهج البلاغة خطبة 130 .
    14. ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة 8 / 252 - 256 بيروت 1966.

    15. تاريخ اليعقوبي 2 / 171 بيروت 1980 . وانظر تفصيلات أخرى المسعودي : مروج الذهب ومعادن الجوهر - المجلد الأول - بيروت 1982 ص 630 - 632 .
    16. فقد جاء في معجم البلدان عن الربذة ( من قرى المدينة على ثلاثة أميال قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز اذا رحلت من (فيد ) تريد مكة ,وبهذا الموضع قبر ابي ذر الغفاري ( رضي الله عنه ) , وكان قد خرج اليها مغاضبا عثمان بن عفان ,فأقام بها الى أن مات سنة 32 هـ .وكانت قرى الربذة في صدر الاسلام قليلة السكان .
    17. وانظر : تاريخ الطبري 4 / 308 - 309 ، ابن كثير : البداية والنهاية 7 / 180 .
    18. المراقد ج1 ص 101 .
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎