إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الشورى في المـــــيزان - الحلقة الخامسة

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • Be Ahmad Ehtadait
    مشرف
    • 26-03-2009
    • 4471

    الشورى في المـــــيزان - الحلقة الخامسة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما

    تأسيس الشورى لإقصاء علي بن أبي طالب (ع):
    عرفنا مما تقدم كيف طرحت فكرة الشورى ومتى طرحت وكيف أنها طرحت بالتهديد بالقتل بقتل المبايع والمبايع له كما سنّها عمر بن الخطاب، وجعلها قراراً لا يقبل الخدشة فيه من أحد.
    وحينما فقد الخليفة من تمناهم كأبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ اختار في قرارة نفسه أن تكون الخلافة لعثمان بن عفان، لكنه أراد أبطال مشروع الآخرين الذين يريدون بيعة علي بن أبي طالب (ع)، وهددهم بالقتل، فأراد إقصاء علي بطريقة لا تسبب له الإتهام فجعلها في ستة كما تقدم.
    ومن هنا لابد أن يفكر الخليفة بطريقة توصله إلى اختيار عثمان ومع ذلك تكون عن طريق الشورى المزعومة، فأسس لها شروطاً:
    1- إنها شورى بين ستة نفر، وحسب، يعينهم الخليفة وحده دون الأمة !
    2- أن يكون الخليفة المنتخب واحداً من هؤلاء الستة، لا من غيرهم !
    3- إذا اتفق أكثر الستة على رجل وعارض الباقون، ضربت أعناقهم !
    4- إذا اتفق اثنان على رجل، واثنان على آخر، رجحت الكفة التي فيها عبد الرحمن بن عوف – أحد الستة – وإن لم يسلم الباقون ضربت أعناقهم !
    5- ألا تزيد مدّة التشاور على ثلاثة أيام، وإلاّ ضربت أعناق الستة أهل الشورى بأجمعهم !!
    6- يتولى صهيب الرومي مراقبة ذلك في خمسين رجلاً من حملة السيوف، على رأسهم أبو طلحة الأنصاري ([1]) !
    هذا هو القرار الملزم الذي صدر من الخليفة عمر والذي لم يترك لأحد من المسلمين أن يعمل بمبدأ الشورى المزعوم، ولا يمكن أن يسمى هذا الأمر شورى بين المسلمين أبداً، ولا بين أهل الحل والعقد.
    فجعل الأمر بيد عبد الرحمن بن عوف ، لكن عبد الرحمن بن عوف لا بد وأن يدبر القضية بحيث تطبق كما يريد عمر بن الخطاب وكما اتفق معه عليه ، إنه يعلم رأي علي في خلافة الشيخين ، ويعلم مخالفة علي لسيرة الشيخين ، فجاء مع علمه بهذا ، واقترح على علي أن يكون خليفة على أن يسير بالناس على الكتاب والسنة وسيرة الشيخين ، يعلم بأن علياً سوف لا يوافق ، أما عثمان فسيوافق في أول لحظة ، فطرح هذا الأمر على علي ، فأجاب علي بما كان يتوقعه عبد الرحمن ، من رفض الالتزام بسيرة الشيخين ، وطرح الأمر على عثمان فقبل عثمان ، أعادها مرة ، مرتين ، فأجابا بما أجابا أولا فقال علي لعبد الرحمن : أنت مجتهد أن تزوي هذا الأمر عني . فبايع عبد الرحمن عثمان . فقال علي لعبد الرحمن : والله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك أو عليك . فقال له : بايع وإلا ضربت عنقك . فخرج علي من الدار . فلحقه القوم وأرجعوه حتى ألجأوه على البيعة . وهكذا تمت البيعة لعثمان طبق القرار.
    ولكن هل بقي عثمان على قراره مع عبد الرحمن ؟ إنه أرادها لبني أمية ، يتلقفونها تلقف الكرة ، فثار ضد عثمان كل أولئك الذين كانوا في منى وعلى رأسهم طلحة والزبير ، اللذين كانت لهما اليد الواسعة الكبيرة العالية في مقتل عثمان ، لأنهما أيضا كانا يريدان الأمر ، وقد قرأنا في بعض المصادر أن بعض القائلين قالوا لو مات عمر لبايعنا طلحة ، وطلحة يريدها وعائشة أيضا تريدها لطلحة ، ولذا ساهمت في الثورة ضد عثمان . أما عبد الرحمن بن عوف ، فهجر عثمان وماتا متهاجرين ، أي لا يكلم أحدهما الآخر حتى الموت ، لأن عثمان خالف القرار ، وقد تعب له عبد الرحمن بأكثر ما أمكنه من التعب ، وراجعوا المعارف لابن قتيبة ، فيه عنوان المتهاجرون ، أي الذين انقطعت بينهم الصلة وحدث بينهم الزعل، ومات عبد الرحمن بن عوف وهو مهاجر لعثمان . وهكذا كانت الشورى ، فكرة لحذف علي.
    كما أن معاوية طالب بالشورى عند خلافة علي ومبايعة المهاجرين والأنصار معه ، طالب بالشورى ، لماذا ؟ لحذف علي ع، أراد أن يدخل من نفس الباب الذي دخل منه عمر ، ولكن عليا ع كتب إليه: (إنما الشورى للمهاجرين والأنصار) ([2]).
    ومن الواضح أن معاوية ليس من الأنصار، وليس من المهاجرين، لأن الهجرة لمن هاجر قبل الفتح، ومعاوية من الطلقاء ولا هجرة بعد الفتح، فأراد معاوية أن يستفيد من نفس الأسلوب لحذف علي، ولكنه ما أفلح. وكل من يطرح فكرة الشورى، يريد حذف النص، وكل من يطرح الشورى يريد حذف عليu.
    أين أدلة الشورى ؟
    من خلال ما تقدّم يعرف القارئ عدم وجود ذكر لنظرية الشورى في عهد الخليفة أبي بكر ولم تأتِ بيعته عن طريق الشورى بل مسألة الشورى غائبة في تلك الحقبة الزمنية بالمرة، وكذلك عرفنا الرأي الأولي للخليفة الثاني حيث إنّه يصرّح بنظرية التنصيب والتنصيص على معاذ أو سالم مولى أبي حذيفة، والشورى أمر طارئ على طريقة التنصيب للخليفة، فبيعة أبي بكر كانت فلتة ولم تكن بقانون قد رسمه الإسلام، وكذا بيعة عمر بنص من أبي بكر، ولم يكن للشورى عين ولا أثر لم يطالب بالشورى أحد من المسلمين، بل كما تقدم أنّ كبار الصحابة كانوا يرغبون ببيعة علي بن أبي طالب (ع) بعد موت عمر، فهؤلاء كانت فكرة الشورى غائبة عنهم أيضاً إذ في الحقيقة أنهم يعلمون أن الخلافة لا بالفلتة ولا بالشورى بل بالنص من الحجة.
    ولكون أبي بكر فاقد الحجية اعترض عليه المسلمون في تنصيب عمر بكونه فظاً غليظاً، لكن الخليفة لم يعبأ باعتراضات الصحابة وأصر على تنصيب عمر بن الخطاب.
    وفي ذلك الوقت لم يكن لنظرية الشورى أثر فضلاً عن أدلتها، وإنما جاءت الأدلة اليوم لتبرير خلافة الخلفاء لا أكثر.
    فلم يستدل لا الخليفة الأول ولا الثاني ولا الثالث بالأدلة اليوم التي تساق للشورى أبداً، وإنما جاء الاستدلال اليوم للتبرير فقط.
    ومن هنا وعلى الرغم من أنّ الأدلة التي احتج بها غير ناظرة لتنصيب الخليفة فلا بأس في بيان أدلة الشورى التي استدل بها اليوم ونقدها نقداً علمياً بعيداً عن التعصب بل نقداً علمياً وبكل حياد.
    أدلة نظرية الشورى:
    لقد استدل القائلون بنظرية الشورى استدلوا بنصوص عديدة سنتعرض لأهمها:
    النص الأول: قوله تعالى:﴿ وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾([3]).
    ونورد عدّة مناقشات لهذا النص:
    المناقشة الأولى: جاءت هذه الآية الكريمة ضمن سياق آيات تتحدث عن صفات المجتمع الأمثل، فوصفته بصفات متعددة، قال تعالى:﴿ فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ @ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ @وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ @ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ ﴾ ([4]).
    فالآيات ناظرة إلى ظواهر يتميز بها المجتمع الإسلامي التي تمثل أهداف الإسلام وآدابه، فمع ما يتحلون به من الإيمان، وحسن التوكل على الله تعالى، واجتناب الكبائر والفواحش، والعفو والمسامحة، والاستجابة لأمر ربهم، وإحياء الصلاة، ورد البغي والعدوان، فهم أيضاً شأنهم المشاورة بينهم في أمورهم الحياتية في حدود ما شرعة الله سبحانه وتعالى.
    وهذا ليس محل النقاش كما تقدم في بداية البحث فالمشورة في الأمور الشخصية الاجتماعية وغيرها محبذ في الإسلام، حتى بين الاسلام شروط الشخص المستشار وحق المستشير على المستشار إلى غير ذلك مما يتعلق في بحث المشورة، ونقلنا فيما تقدم روايات كثيرة في ذلك.
    منها: قال (ص) : ( لا مظاهرة أوثق من مشاورة ) ([5]).
    ومنها:قال أمير المؤمنين ع: ( ما عطب امرؤ استشار ) ([6]).
    ومنها: قال ع : ( لا رأي لمن انفرد برأيه ) ([7]).
    إنما الكلام هل يمكن أن يستدل بهذه الآية بتنصيب الخليفة الواجبة طاعته على الناس، بمعنى الخروج عن طاعته يكون خروجاً عن طاعة الله تعالى. والآية أجنبية عن ذلك، وهذا ما نقوله لأبناء العامة. بل في الآية إشارة إلى أنهم أهل الرشد وإصابة الواقع، يمعنون في استخراج صواب الرأي بمراجعة العقول، فإن من استشار ضم عقول الناس إلى عقله، وخبراتهم إلى خبرته، فالآية قريبة المعنى من قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ﴾ ([8]).
    ولذا قال المفسرون وغيرهم انطلاقاً من هذه الآية باستحباب مشاورة الناس لمن أهمه أمر، والاسترشاد بعقول الآخرين وآرائهم الناضجة، دائرين في دائرة ذلك البعد الاجتماعي الذي تقدم آنفاً، وليست الاستشارة فريضة ربانية في مطلق الأمور، فاعتبارها في اختيار الخليفة الذي تجب طاعته من الله سبحانه توسع في دائرة المستفاد من الآية وهو لا دليل عليه.
    قال ابن عبد البر: قال أبو عمر في هذا الخبر ما كانوا عليه من المشورة في أمورهم وقد أتى الله على من كان أمرهم شورى بينهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الحروب ليقتدى به وفيه أن الرئيس حق عليه الحذر على جيشه وأن لا يقدمهم على الهلكة ولذلك أوصى بعض السلف من الأمراء أمير جيشه فقال له كن كالتاجر الكيس الذي لا يطلب ربحا إلا بعد إحراز رأس ماله ([9]).
    وقال الجصاص: قوله تعالى : ( وشاورهم في الأمر ) . اختلف الناس في معنى أمر الله تعالى إياه بالمشاورة مع استغنائه بالوحي عن تعرف صواب الرأي من الصحابة ، فقال قتادة والربيع بن أنس ومحمد بن إسحاق : ” إنما أمره بها تطييبا لنفوسهم ورفعا من أقدارهم ، إذ كانوا ممن يوثق بقوله ويرجع إلى رأيه ” . وقال سفيان بن عيينة : “ أمره بالمشاورة لتقتدي به أمته فيها ولا تراها منقصة كما مدحهم الله تعالى بأن أمرهم شورى بينهم ” . وقال الحسن والضحاك : “ جمع لهم بذلك الأمرين جميعا ، في المشاورة ليكون لإجلال الصحابة ولتقتدي الأمة به في المشاورة ” . وقال بعض أهل العلم : ” إنما أمره بالمشاورة فيما لم ينص له فيه على شئ بعينه ” فمن القائلين بذلك من يقول : إنما هو في أمور الدنيا خاصة ، وهم الذين يأبون أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم يقول شيئا من أمور الدين من طريق الاجتهاد ، وإنما هو في أمور الدنيا خاصة ، فجائز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم يستعين بآرائهم في ذلك ويتنبه بها على أشياء من وجوه التدبير ما جائز أن يفعلها لولا المشاورة واستشارة آراء الصحابة ، وقد أشار الحباب بن المنذر يوم بدر على النبي صلى الله عليه وسلم بالنزول على الماء فقبل منه ، وأشار عليه السعدان سعد بن معاذ وسعد بن عبادة يوم الخندق بترك مصالحة غطفان على بعض ثمار المدينة فينصرفوا فقبل منهم ، وخرق الصحيفة في أشياء من نحو هذا من أمور الدنيا . وقال آخرون : كان مأمورا بمشاورتهم في أمور الدين والحوادث التي لا توقيف فيها عن الله تعالى ، وفي أمور الدنيا أيضا مما طريقه الرأي وغالب الظن ، وقد شاورهم يوم بدر في الأسارى وكان ذلك من أمور الدين ، وكان صلى الله عليه وسلم إذا شاورهم فأظهروا آراءهم ارتأى معهم وعمل بما أداه إليه اجتهاده ([10]).
    وقال الثعالبي: وقوله تعالى ( والذين استجابوا ) مدح لكل من آمن بالله وقبل شرعه ومدح الله تعالى القوم الذين أمرهم شورى بينهم لأن في ذلك اجتماع الكلمة والتحاب واتصال الأيدي والتعاضد على الخير وفي الحديث ” ما تشاور قوم قط الا هدوا لأحسن ما بحضرتهم ” ([11]).
    وقال ابن كثير : ( وأمرهم شورى بينهم ) أي لا يبرمون أمرا حتى يتشاوروا فيه ، ليتساعدوا بآرائهم ، في مثل الحروب وما جرى مجراها ، كما قال تبارك وتعالى : ( وشاورهم في الأمر ) ولهذا كان صلى الله عليه وآله وسلم يشاورهم في الحروب ونحوها ليطيب بذلك قلوبهم .
    قال الشيخ كاشف الغطاء: وأمّا ما يذهب إليه البعض من أن تعيين الإمام أو الوصي يتم بواسطة مبدأ الشورى الذي يشير إليها قوله تعالى : [ وأمرهم شورى بينهم ] ، وقوله تبارك وتعالى [ وشاورهم بالأمر ] فإن قولهم هذا لا ينهض كحجة شرعية يعتد بها في نفي النص واعتماد الشورى ، لأن المشاورة هنا لا يراد بها قطعا مسألة الخلافة ، حيث يعد ضربا من المحال اتفاق آراء الأمة على فرد معين ، وفيها الجاهل والمنافق والمناوئ وغيرهم ([12]).

    [1]- الكامل في التاريخ:ج3/ص66.
    [2]- سنورد في الفصل الثالث قول الإمام عليu لمعاوية ومناقشته.
    [3]- الشورى: 38.
    [4]- الشورى:36-39.
    [5]- الوسائل طبعة آل البيت:ج12/ص39.
    [6]- مستدرك الوسائل:ج8/ص341.
    [7]- كنز الفوائد:ص171.
    [8]- الزمر:18.
    [9]- الاستذكار:ج 5/ص 18.
    [10]- أحكام القرآن:ج 2/ص 51.ولا نريد التعليق على العبارة بل أتركها على حالها.
    [11]- تفسير الثعالبي:ج 5/ص 165.
    [12]- أصل الشيعة وأصولها: ص 33.


    (صحيفة الصراط المستقيم – العدد 24 – السنة الثانية – بتاريخ 4-1-2011 م – 29 محرم 1432 هـ.ق)



    متى يا غريب الحي عيني تراكم ...وأسمع من تلك الديار نداكم

    ويجمعنا الدهر الذي حال بيننا...ويحظى بكم قلبي وعيني تراكم

    أنا عبدكم بل عبد عبد لعبدكم ...ومملوككم من بيعكم وشراكم

    كتبت لكم نفسي وما ملكت يدي...وإن قلت الأموال روحي فداكم

    ولي مقلة بالدمع تجري صبابة...حرام عليها النوم حتى تراكم

    خذوني عظاما محملا أين سرتم ...وحيث حللتم فادفنوني حذاكم
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎