إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

الشورى في المـــــيزان – الحلقة الأولى

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • Be Ahmad Ehtadait
    مشرف
    • 26-03-2009
    • 4471

    الشورى في المـــــيزان – الحلقة الأولى

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما

    لقد بذل النبي ص كل ما بوسعه لإرشاد الأمة وسوقها إلى ما فيه صلاحها في الدارين، وبعد أن التحق بالرفيق الأعلى ظهرت الضغائن التي كانت في صدور قوم لآل بيت النبي وخليفته الشرعي علي بن أبي طالب ع ، وتقمصوا الخلافة بقصة معروفة مشهورة في التاريخ لا يستطيع المغرضون إخفائها رغم المحاولات التي بذلت ولازالت تبذل من أجل تحريف الواقعة.
    فالنبي الكريم (ص) كان هو الخليفة والقائد الإلهي والإمام المتبع، بيد أن المسلمون بعد وفاته ارتدوا وانقلبوا على أعقابهم وتركوا تعاليم النبي الواضحة ونصوصه الصريحة على الخليفة من بعده.
    وفي هذه الدراسة الموجزة نريد أن نسلط الضوء على معالم الحكم في الإسلام بعرضنا لنظرية الشورى المبتدعة ومناقشتها كي يتبيّن للقارئ المنصف الحق الصراح من الباطل المزيف وأن لبس بلباس الحق.
    فالنبي (ص) لم يغفل عن مستقبل الأمة، بل كان ينظر لها عبر نافذة الغيب التي يطلعه الله عليه، ونصب لهم ميزاناً يرجعون إليه ألا وهو الإمام الذي نص عليه في مواطن كثيرة.
    إلاّ أنّ الأمة اختلفت بعد نبيها الكريم ولا زالت في اختلافات وانقسامات متتابعة إلى أن تنحصر النجاة بفرقة واحدة كما قال (ص)، في حديثه عن افتراق الأمة من بعده، ونرى اليوم خلافاً كبيراً في بيان الطريقة التي من خلالها يكون تنصيب الحاكم والخليفة والإمام.
    فالشيعة يقولون بالنص والتعيين من قبل النبي (ص)، والسنة يقولون بأنّ النبي ترك الأمر إلى المسلمين، فهم يعينون من يريدوه حاكماً وخليفة وإماماً، وهذا ما يسمى بالشورى عندهم.
    1- الشورى.
    2- عهد الخليفة لمن بعده.
    3- القهر والغلبة.
    وهذه الطرق لا أصل لها في التشريع الإسلامي بل هي جاءت طارئة عليه، ومن هنا يقال: أن أبا بكر تعين كخليفة بالشورى، وهو الطريق الأول، وعمر تعين بالطريق الثاني وهو نص الخليفة عليه، و معاوية أصبح خليفة من خلال الطريق الثالث.
    وهذه الطرق الثلاثة ليس لها أثراً في نصوص الشريعة لا من القرآن ولا من السنة،فلم يأت بهذه الطرق الثلاثة وحياً إلهياً ولا نصاً نبوياً، مع العلم بأن النبي (ص) قبل أن يلتحق بالرفيق الأعلى بين كل شيء للمسلمين وكان المسلمون يقرؤون ( اليوم أكملت لكم دينكم ) فالدين كامل قبل اختراع هذه الطرق.
    فمن أين جاءت هذه الطرق ؟
    في الحقيقة أنّ هذه الطرق الثلاثة جاءت لتبرير ما هو موجود في الساحة التاريخية التي مر بها المسلمون بعد رحيل النبي (ص)، ولا تمت إلى الإسلام بصلة، بل أوجدوها واخترعوها أهل الأهواء وعلماء الضلالة الذين يستجيبون لنداء السلاطين بائعين دينهم لهم وصاروا أبواقاً لهم ينطقون بما تفرضه السلطة عليهم في كل زمان، فهم وعاظ السلاطين الذين حرفوا الدين وتلاعبوا بقيم الإسلام، مما جعل المستشرقين وغيرهم يوجهون اتهامهم للنبي بمجانبة الحكمة – وحاشاه ص- وراحوا ينتقدون القائد الأول لهذا الدين وهو خاتم الأنبياء محمد (ص).
    يقول المستشرق ويلز : ( ترك محمد أمته من غير نظام لتكوين حكومة ثابتة يظهر فيها أثر الرأي العام، وكذلك لم يعين لها أسلوباً عملياً لتحقيق نظام الديمقراطية ) ([1]).
    وقال أحمد أمين : ( إنّ ترك الأمر – الخلافة – مفتوحاً لمن شاء، جعل المسلمين طوال عصرهم يختلفون على الخلافة ) ([2]).
    وقال إبراهيم فوزي : ( وعند وفاة النبي ( ص)لم يكن قد وضع لهذه الدولة أي تشريع يبين شكل الحكم فيها ) ([3]).
    ولم يعتمدوا في ذلك على دليل قرآني أو روائي محكم، بل استدلوا على ذلك بأمور منقوضة، وكل ذلك منهم لتبرير الخلافة التي جاءت بعد النبي (ص)، فهم ينظرون إلى الأدلة لكي يبرروا ما فعله ما يسمّون بأصحاب رسول الله ص من بعده وكيف استولوا على دفة الحكم كالخليفة الأول والثاني والثالث، ولم ينظروا إلى الأدلة بموضوعية وإنصاف، بل جاءوا بحكم مسبق وبحثوا عن مبرر من الشرع لذلك الحكم.
    والحكم المسبق هو أحقيقة أبي بكر بالخلافة بعد النبي (ص)، ثم يليه عمر، ثم يليه عثمان، ثم يليه علي بن أبي طالب ع . ورتبوا أفضليتهم بهذا الترتيب أيضاً.
    وفي هذه الدراسة سنتعرّض لقول السنة الذين قالوا بالشورى بشكل موجز كي يتضح الحق للقارئ الكريم، تاركين له الحكم والاختيار.
    نظرية الشورى:
    خلاصة هذه النظرية تتبنى القول بأن أمر تعيين الخليفة يكون بالشورى وبالانتخاب وبالديمقراطية بلغة اليوم.
    ولكي تتضح حقيقة الأمر في هذه النظرية لابد من معرفة أمرين:
    الأول: الشورى في القضايا الخاصة، من قبيل القضايا الاجتماعية والشخصية، وفي هذه الحدود نجد الشرع قد حث عليها؛ لأنها في الحقيقة ضم خبرات الآخرين والاستفادة منها، فمن شاور الناس شاركهم في عقولهم.
    قال (ص) : ( لا مظاهرة أوثق من مشاورة ) ([4]).
    وقال أمير المؤمنين ع : ( ما عطب امرؤ استشار )([5]).
    قال ع : ( لا رأي لمن انفرد برأيه ) ([6]).
    وقال ع : ( من شاور ذوي الأسباب، دل على الرشاد)([7]).
    وقد بيّن آل محمد حتى صفات الشخص الذي يُستشار، فلابد أن يكون متقياً ورعاً ناصحاً عاقلاً ومن ذوي الخبرة.
    قال النبي ( ص): (استرشدوا العاقل، ولا تعصوه فتندموا)([8]).
    عن أمير المؤمنين ع ، أنه قال : ( خير من شاورت ذوو النهى والعلم، وأولو التجارب والحزم )([9]).
    وقال الصادق ع : ( شاور في أمورك ما يقتضي الدين من فيه خمس خصال : عقل ، وعلم ، وتجربة، ونصح، وتقوى، فإن [ لم ] تجد فاستعمل الخمسة، واعزم وتوكل على الله، فإن ذلك يؤديك إلى الصواب، وما كان من أمور الدنيا التي هي غير عائدة إلى الدين، فاقضها ولا تتفكر فيها ، فإنك إذا فعلت ذلك أصبت بركة العيش ، وحلاوة الطاعة، وفي المشاورة اكتساب العلم، و العاقل من يستفيد منها علما جديدا ، ويستدل بها على المحصول من المراد، ومثل المشورة مع أهلها، مثل التفكر في خلق السماوات والأرض وفنائهما ، وهما غنيان عن العبد، لأنه كلما ( قوى تفكره فيهما ) غاص في بحار نور المعرفة ، وازداد بهما اعتبارا ويقينا ، ولا تشاور من لا يصدقه عقلك ، وإن كان مشهورا بالعقل والورع ، وإذا شاورت من يصدقه قلبك ، فلا تخالفه فيما يشير به عليك ، وإن كان بخلاف مرادك ، فإن النفس تجمح عن قبول الحق ، وخلافها عند قبول الحقائق أبين ، قال الله تعالى : ( وشاورهم في الأمر )، وقال الله تعالى : ( وأمرهم شورى بينهم )، أي: متشاورون فيه)([10]).
    وغير ذلك من الروايات التي ذكروها في محلها والتي تتكلم عن المشاورة في الأمور الشخصية والاجتماعية التي لا مساس لها في تعيين الخليفة والحاكم والإمام.
    الثاني: الشورى في اختيار الإمام أو الخليفة. وهذه ليس للإنسان دور فيها أبداً، فلم يعط الإنسان هذه الصلاحية في انتخاب الحاكم والإمام والخليفة.
    وحديثنا حول الأمر الثاني، أي: الشورى في اختيار الإمام والحاكم، فهل يجوز للناس تنصيب الخليفة أم لا يجوز لهم ذلك؟.
    ما هي الشورى؟
    قال الطريحي: قوله تعالى: ( وأمرهم شورى بينهم ) [ 42 / 38 ] يقال صار هذا الشئ شورى بين القوم : إذا تشاوروا فيه، وهو فعلى من المشاورة وهو المفاوضة وفي الكلام ليظهر الحق، أي لا ينفردون بأمر حتى يشاوروا غيرهم فيه. قوله: ( وشاورهم في الأمر ) [ 3 / 159 ] أي في أمر الحرب تطييباً لقلوبهم، أي استخرج آراءهم واستعلم ما عندهم ([11]).
    وجاء في معالم المدرستين: التشاور، والمشاورة، والمشورة في لغة العرب: استخراج الرأي بمراجعة البعض البعض الآخر. وشاوره: استخرج ما عنده من رأي. وأشار عليه بالرأي، يشير: إذا ما وجه الرأي. ( وأمرهم شورى بينهم ) من صار هذا الشيء شورى بين القوم إذا تشاوروا فيه.
    لم يتغير معنى مشتقات هذه المادة في استعمال القرآن الكريم، والحديث الشريف، ولدى المسلمين عما كانت عليه في لغة العرب وإنما الكلام في مورد الشورى والمشاورة في الشرع الإسلامي وحكمها ([12]).
    وقال الدكتور عبد الهادي الفضلي: ( وأمرهم شورى بينهم ) ([13]).
    والشورى لغة – اسم من المشاورة ، يقال : شورى ومشاورة وتشاور ومشورة – بضم الشين وسكون الواو – ومشورة بسكون الشين وفتح الواو – . وتعني المفاوضة في الكلام بمراجعة البعض إلى البعض لاستخراج الرأي . وهي من قولهم ( شرت العسل ) إذا اتخذته من موضعه واستخرجته منه . وتطلق أيضا على الأمر الذي يتشاور فيه ، يقال : ( صار هذا الشيء شورى بين القوم ) إذا تشاوروا فيه ([14]).
    [1]- وركبت السفينة: مروان خليفات: ص502.
    [2]- وركبت السفينة: مروان خليفات: ص502.
    [3] – وركبت السفينة: مروان خليفات: ص502.
    [4]- الوسائل طبعة آل البيت:ج12/ص39.
    [5]- مستدرك الوسائل:ج8/ص341.
    [6]- كنز الفوائد:ص171.
    [7]- مستدرك الوسائل:ج8/ص342.
    [8]- مستدرك الوسائل:ج8/ص344.
    [9]- مستدرك الوسائل:ج8/ص343.
    [10]- مستدرك الوسائل:ج8/ص344.
    [11]- مجمع البحرين:ج 2/ص 557.
    [12]- معالم المدرستين:ج 1/ ص 152.
    [13]- الشورى: 38.
    [14]- خلاصة علم الكلام:ص 296.


    ( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 16 - السنة الثانية – بتاريخ 9-11-2010 م – 3 ذوالحجة 1431 هـ.ق)



    متى يا غريب الحي عيني تراكم ...وأسمع من تلك الديار نداكم

    ويجمعنا الدهر الذي حال بيننا...ويحظى بكم قلبي وعيني تراكم

    أنا عبدكم بل عبد عبد لعبدكم ...ومملوككم من بيعكم وشراكم

    كتبت لكم نفسي وما ملكت يدي...وإن قلت الأموال روحي فداكم

    ولي مقلة بالدمع تجري صبابة...حرام عليها النوم حتى تراكم

    خذوني عظاما محملا أين سرتم ...وحيث حللتم فادفنوني حذاكم
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎