إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

إبليس يـقــود الجاهــلية الأولى فــي الانـــقــلاب الأول - الحلقة الثالثة

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • Be Ahmad Ehtadait
    مشرف
    • 26-03-2009
    • 4471

    إبليس يـقــود الجاهــلية الأولى فــي الانـــقــلاب الأول - الحلقة الثالثة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وآل محمد الائمه والمهديين وسلم تسليما

    إن الحديث عن النظام السياسي في الاسلام حديث متشعب ويثير حساسية كبيرة عند جميع طوائف المسلمين، حيث ان المجتمع الاسلامي وبعد هذه الرحلة الطويلة منذ عهد رسول الله صلى الله عليه واله قد تشتت الى فرق وطوائف، وأصبح لكل فرقة طائفة منهاج وسنن، واشتملت هذه السنن على احاديث ووقائع من كتب السيرة والحديث التي عمل بها المسلمون طول هذه الفترة، وأخذت هوة الخلاف بين المذاهب الاسلامية تكبر اكثر فاكثر كلما ابتعدنا عن عصر الرسول صلى الله عليه واله، وكلما تسلط على الاسلام ساسة لاهمَّ لهم إلا الحكم والرئاسة والاستمتاع بملذات الدنيا، وقد ابتليت امتنا الاسلامية بعد الرسول محمد صلى اله عليه واله بالكثير من الذين تسلطوا على مقدراتها، الذين لا همّ لهم الا مصالحهم، وقد عاثوا فسادا في الدين والمجتمع، والمصيبة الكبرى أنهم وجدوا لهم حفنة من الذين ساروا على هدى انحرافهم ممن ينظر لهم اعمالهم بنظرياته التي يستمدها مما يضعه من احاديث وما يتقول به على رسول الله صلى الله عليه واله، حتى ان بعض الذين دخلوا في الاسلام متأخرين كأبي هريرة قد وضعوا من الاحاديث ما لم يصل عدده حتى العشرة المبشرين بالجنة برواياته، في كتب السنة، مدعيا مقدرته على الحفظ، ونحن نعلم إن المجتمع الإسلامي في حينه كان افراده يمتازون اجمالا بهذه الصفة، كما ان من الصحابة من عاشر الرسول وجاهد بين يديه بما لاتستوعبه احاديت ابو هريرة.
    و لكن النظر الى هذه المشكلة يؤدي بنا الى ان نرى انها كانت على شقين:
    الشق الاول: ان هناك من طمع بالرئاسة، ووصل الى الحكم بفلتة، او عثرة، ووجد نفسه قد تقلد امور الناس وأصبح يشار له بـ(امـير)، و استلذ الكرسي والحكم، وأحب السلطان والجاه الذي تمكن منه، فما يكون منه الا ان يبحث عن غطاءاً شرعيا مناسباً لوضعه الجديد، ليبرر وصوله الى الحكم، ولكونه يمتلك سطوة الحاكم، وبين يديه مقاليد الامور، فلا بد ان يجد له النظرية المناسبة التي تشرعن له المنصب، وتخفي عن الناس الانحراف والزيف الذي جاء به، وهو بما يملكه من مال وسطوة يستطيع ان يشتري من وعاظ السلاطين ووضّاع الحديث ما يشاء،
    والتعامل مع هذا الموقف بالنسبة للمؤمنين، وكشف زيفه ليس بالعسير، اذ ان مغتصبي الامر، ومهما بالغوا في وضع الاحاديث والتبريرات، واجتهدوا في التنظير الفارغ، فان المتتبع المتجرد من الاهواء المتكل على الله سبحامه وتعالى، سيجد في كتب الحديث من فلتات لسان الامير ووعاظه ومنظّريه ما يكفيه ليقلب السحر على الساحر والله المستعان. ﴿وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾ ﴿فاطر 10﴾.
    الشق الثاني: ان الاجيال اللاحقة، ورثت هذه الجملة من الاحاديث الموضوعة، والمقالات المحاكة، والنظريات التي وضعها المرتزقة من وعاظ السلاطين، مع العدد الكبير من المطبلين والعازفين ممن ربط مصيره بكرسي الحكم وشخص الحالكم، واصبح يردد على مسامع الناس نظريات المرتزقة، فقد ورثت الاجيال اللاحقة هذا الانحراف وجوقه الدعائي، لتسير على نغماته التي يطرب لها المولعون بالدنيا، بدون تدبر، وبدون ادنى تحقق من تطبيلهم للوقوف على مراميهم، لينتهي بها المطاف فئة منحرفة على هداى المنحرفين، وسائرة على خطى انقلاب الأولين دون دليل.
    فالإنسان (في يومنا) ليس باختياره يولد سني او شيعي بل هو دين الاباء، يكتسبه من بيئته التى ولد فيها، وهنا يكون بين اختيارين، اما ان يتحقق من دينه ودين آبائه بتجرد ليصل الى ما اراد الله سبحانه من الدين الحق، وهذا ما لا يفعله جُلَّهم لانشغالهم بالحياة المادية، واما أن يُؤثر دين ابائه ويتمسك به بعصبية وبدون تحقيق ويردد مايسمعه من ثقافة خطيب الجمعة، ما يجده في كتب آبائه، مؤمنا بها تارة لجهله بالامور، وكسله عن التحقق منها لانشغاله عن الله، ومستعينا بها تارة اخرى ليدافع عن دينه و دين ابائه، وان لم يعرف لها اساس من الدين ولم يتحقق من صحتها.
    (قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) (الشعراء:74)
    وامام هذا الواقع المرير كانت نداءات الائمة من آل محمد صلوات الله وسلامه عليهم تذهب ادراج الرياح ولم تلقى أي صدى في مسامع الناس، وهكذا دائما، يجد اولياء الله والقلّة من اصحابهم أنهم احيطوا بمجتمع جلّه من الهمج الرعاع، الذين يسيرون على دين آبائهم وملوكهم ولا هم لهم سوى هذه الحياة الدنيا، فها هم مجتمعين حول يزيد عندما جاء موكب السبايا من آل محمد صلوات الله عليهم من كربلاء، وحينها طلب الإمام علي ابن الحسين السجاد عليه السلام من يزيد ان يأذن له ليخطب في الناس، فرفض يزيد وَرَدّ قائلا “انه من بيت يزقّون العلم زقا فاذا صعد على المنبر فانه لا ينزل الا بفضيحتي وفضيحة آل سفيان” (لعنة الله عليهم) وكم كان يزيد ساذجا اذ ظنّ ذلك، فقد توقع من المسلمين الذين عرفوا الاسلام على يد ابيه، عند علمهم بأمر الاسارى من آل محمد صلوات الله عليهم الثورة والخروج على حكمه الى أن يفيء الى امر الله، ولكننا نرى إنهم بعد أن سمعوا خطبة الامام المعروفة وبعد أن عرفوا ما فعله يزيد بآل محمد صلوات الله عليهم، وبعد ان اتضح لهم زيف يزيد ودعواه (ليخدع الناس) انهم خوارج، فانهم لم يسجلوا اي موقف يتشرفون به يوم يلقون محمد وآله صلوات الله عليهم ويوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين كما صرخت بها زينب عليها السلام في مجلس يزيد لعنه الله. فلم كان موقفهم سوى الرفض الخجول الذي صدر من بعضهم لما فعله يزيد، ولكنهم لم يمانعوا ان يكون هو ولي امرهم في امور دينهم ودنياهم، وهم مطيعون له وسامعون، وقد علموا لتوهم انه قد استباح حرمة ودم آل محمد صلوات الله عليهم، وهم وإن كان بعضهم حديثوا عهد بالإسلام إلا إن بينهم الكثير من الصحابة و التابعين المحسوبين على الدين.
    فما عسانا نقول في موقف كهذا، بل الادهى والامرّ من ذلك انه في العصور اللاحقة يأتي من يضع التبريرات الواهية لما فعله يزيد، ولا يرد الناس عليه فعله، وانما على العكس اصبحوا يسوّقون ان الامر كله جناية من الحسين عليه السلام بخروجه على يزيد لعنه الله، ليشاركوا بقتل الحسين عليه السلام في كل حين، وليس هذا فحسب، بل ان وعاظ السلاطين لم يروا باستباحة حكام بني امية لمدينة الرسول ومكة المكرمة إساءة للإسلام بل نظَّروا لها وبرَّروها ، وهكذا نجد في كتب اليوم من يترضّى على حكام بني امية لعنة الله عليهم وهم الذين أساءوا للإسلام والمسلمين في كل يوم بل في كل ساعة من تاريخ الاسلام والى يومنا هذا.
    وهذا فضلا عن بني العباس ومن تبعهم إلى يومنا هذا.
    ان كتب السيرة و الحديث المتوفرة لدينا اليوم، و التي كتبت في زمن الامويين والعباسيين، قد أثَّر فيها كثيرا الاسلام السياسي المنفعي، الذي تم تشكيله بعد الانقلاب الاول، او اسلام انقلابيوا قريش ومن اسسوا لرزية الخميس، ومن تبعهم من بني امية وبني العباس، الذين حرَّفوا الدين ليبرِّروا وجودهم على رأس السلطة من جانب، وليخفوا فسادهم من جانب اخر، فأصبحت سياسة الدولة هي الاسلام، بعد أن ضحى الرسول صلى الله عليه واله وسلم طوال حياته الشريفة ليضع مبدأ أن الاسلام هو سياسة الدولة ونهج لحياة بأكملها.
    فبدل ان تستمد افعال الدول شرعيتها من الاسلام اصبح الاسلام يفسر تبعا لافعالهم، لـما لهم من سطوة على الدين، و لِما احيطوا به من وعاظ السلاطين، وجوقة المطبلين الذين ينعقون مع كل ناعق وفي كل حين.
    ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ * سَلْهُم أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ * أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ * يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ * فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ ﴿القلم 35-45﴾.

    صادق الحسيني

    (صحيفة الصراط المستقيم/عدد 6/سنة 2 في 31/08/2010 – 20 رمضان 1431هـ ق



    متى يا غريب الحي عيني تراكم ...وأسمع من تلك الديار نداكم

    ويجمعنا الدهر الذي حال بيننا...ويحظى بكم قلبي وعيني تراكم

    أنا عبدكم بل عبد عبد لعبدكم ...ومملوككم من بيعكم وشراكم

    كتبت لكم نفسي وما ملكت يدي...وإن قلت الأموال روحي فداكم

    ولي مقلة بالدمع تجري صبابة...حرام عليها النوم حتى تراكم

    خذوني عظاما محملا أين سرتم ...وحيث حللتم فادفنوني حذاكم
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎