إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

نبذة مختصرة عن حياة أباذر الغفاري رضي الله عنه

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • يوسف آل محمد
    عضو جديد
    • 22-03-2009
    • 34

    نبذة مختصرة عن حياة أباذر الغفاري رضي الله عنه

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد و آل محمد الأئمة و المهديين و سلم تسليماً

    نقف في بحثنا هذا مع نخبة من الصحابة الأوائل الذين رافقوا النور و ساروا الى النور و لم يقبلوا الا بنور لا ظلمة معه وضيف هذه السطور هوالصحابي الجليل المجاهر بالحق أباذر الغفاري رضي الله عنه



    المجاهر بالحق أبي ذر الغفاري


    هو جندب بن جنادة ، أبو ذر الغفاري ، الصحابي الكبير ، أول من حيى رسول الله صلى الله عليه وآله بتحية الاسلام ، وفيه قال النبي صلى ا لله عليه وآله وسلم : ما أظلت الخضراء ، ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، أسلم بعد أربعة وكان خامسا .


    قصة إسلام أباذر الغفاري


    عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع لرجل من أصحابه أ لا أخبرك كيف كان سبب إسلام سلمان و أبي ذر رحمة الله عليهما فقال الرجل و أخطأ أما إسلام سلمان فقد علمت فأخبرني كيف كان سبب إسلام أبي ذر فقال أبو عبد الله الصادق ع إن أبا ذر رحمة الله عليه كان في بطن مر يرعى غنما له إذ جاء ذئب عن يمين غنمه فهش أبو ذر بعصاه عليه فجاء الذئب عن يسار غنمه فهش أبو ذر بعصاه عليه ثم قال و الله ما رأيت ذئبا أخبث منك و لا شرا فقال الذئب شر و الله مني أهل مكة بعث الله إليهم نبيا فكذبوه و شتموه فوقع كلام الذئب في أذن أبي ذر فقال لأخته هلمي مزودي و إداوتي و عصاي ثم خرج يركض حتى دخل مكة فإذا هو بحلقة مجتمعين فجلس إليهم فإذا هم يشتمون النبي ص و يسبونه كما قال الذئب فقال أبو ذر هذا و الله ما أخبرني به الذئب فما زالت هذه حالتهم حتى إذا كان آخر النهار و أقبل أبو طالب قال بعضهم لبعض كفوا فقد جاء عمه فلما دنا منهم أكرموه و عظموه فلم يزل أبو طالب متكلمهم و خطيبهم إلى أن تفرقوا فلما قام أبو طالب تبعته فالتفت إلي ما حاجتك فقلت هذا النبي المبعوث فيكم قال و ما حاجتك إليه فقال له أبو ذر أؤمن به و أصدقه و لا يأمرني بشي‏ء إلا أطعته فقال أبو طالب تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله قال فقلت نعم أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ص قال فقال إذا كان غدا في هذه الساعة فأتني قال فلما كان من الغد جاء أبو ذر فإذا الحلقة مجتمعون و إذا هم يسبون النبي ص و يشتمونه كما قال الذئب فجلس معهم حتى أقبل أبو طالب فقال بعضهم لبعض كفوا فقد جاء عمه فكفوا فجاء أبو طالب فجلس فما زال متكلمهم و خطيبهم إلى أن قام فلما قام تبعه أبو ذر فالتفت إليه أبو طالب فقال ما حاجتك فقال هذا النبي المبعوث فيكم قال و ما حاجتك إليه قال فقال له أؤمن به و أصدقه و لا يأمرني بشي‏ء إلا أطعته فقال أبو طالب تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فقال نعم أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله قال فرفعني إلى بيت فيه جعفر بن أبي طالب قال فلما دخلت سلمت فرد علي السلام ثم قال ما حاجتك قال فقلت هذا النبي المبعوث فيكم قال و ما حاجتك إليه قلت أؤمن به و أصدقه و لا يأمرني بشي‏ء إلا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله قال قلت أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فرفعني إلى بيت فيه حمزة بن عبد المطلب فلما دخلت سلمت فرد علي السلام ثم قال ما حاجتك فقلت هذا النبي المبعوث فيكم قال و ما حاجتك إليه قلت أؤمن به و أصدقه و لا يأمرني بشي‏ء إلا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله قال قلت أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله قال فرفعني إلى بيت فيه علي بن أبي طالب ع فلما دخلت سلمت فرد علي السلام ثم قال ما حاجتك قلت هذا النبي المبعوث فيكم قال و ما حاجتك إليه قلت أؤمن به و أصدقه و لا يأمرني بشي‏ء إلا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله قال قلت أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله قال فرفعني إلى بيت فيه رسول الله ص و إذا هو نور في نور فلما دخلت سلمت فرد علي السلام ثم قال
    ما حاجتك قلت هذا النبي المبعوث فيكم قال و ما حاجتك إليه فقلت أؤمن به و أصدقه و لا يأمرني بشي‏ء إلا أطعته قال تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا رسول الله قلت أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا رسول الله فقال ص أنا رسول الله يا با ذر انطلق إلى بلادك فإنك تجد ابن عم لك قد مات فخذ ماله و كن بها حتى يظهر أمري قال أبو ذر فانطلقت إلى بلادي فإذا ابن عم لي قد مات و خلف مالا كثيرا في ذلك الوقت الذي أخبرني فيه رسول الله ص فاحتويت على ماله و بقيت ببلادي حتى ظهر أمر رسول الله ص فأتيته .
    عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
    دخل جندل بن جنادة بن جبير اليهودي على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا محمد أخبرني عما ليس لله وعما ليس عند الله وعما لا يعلمه الله ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : أما ما ليس لله فليس لله شريك ، وأما ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم للعباد ، وأما ما لا يعلمه الله فذلك قولكم يا معشر اليهود : إن عزيرا ابن الله ، والله لا يعلم أن له ولدا ، بل يعلم أنه مخلوقه وعبده . فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله حقا وصدقا . ثم قال : إني رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران فقال : يا جندل أسلم على يد محمد خاتم الأنبياء واستمسك بأوصيائه من بعده . فقلت : أسلم ! فلله الحمد أسلمت وهداني بك . ثم قال : أخبرني يا رسول الله عن أوصيائك من بعدك لأتمسك بهم ، قال : أوصيائي الاثنا عشر ؟ قال جندل : هكذا وجدناهم في التوراة وقال : يا رسول الله سمهم لي
    فقال : أولهم سيد الأوصياء أبو الأئمة علي ، ثم ابناه الحسن والحسين فاستمسك بهم ، ولا يغرنك جهل الجاهلين ، فإذا ولد علي بن الحسين زين العابدين يقضي الله عليك ، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه . فقال جندل : وجدناه في التوراة وفي كتب الأنبياء : إيليا وشبر وشبير فهذه أسماء علي والحسن والحسين .
    فمن بعد الحسين ما أساميهم ؟
    قال ( صلى الله عليه وآله ) : إذا انقضت مدة الحسين فالإمام ابنه علي ويلقب بزين العابدين ( عليه السلام ) ، فبعده ابنه محمد يلقب بالباقر ، فبعده ابنه جعفر يدعى بالصادق ، فبعده ابنه موسى يدعى بالكاظم ، فبعده ابنه علي يدعى بالرضا ، فبعده ابنه محمد يدعى بالتقي والزكي ، فبعده علي يدعى بالنقي والهادي ، فبعده ابنه الحسن يدعى بالعسكري ، فبعده ابنه محمد يدعى بالمهدي والقائم والحجة فيغيب ثم يخرج ، فإذا خرج يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، طوبى للصابرين في غيبته ، طوبى للمقيمين على محبتهم ، أولئك الذين وصفهم الله في كتابه وقال : ( هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ) ثم قال تعالى : ( أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون )
    فقال جندل : الحمد لله الذي وفقني بمعرفتهم .

    كان أبو ذر من الإخلاص والجرأة بحيث وقف في الكعبة ، وأعداء الرسالةكانوا فيها ، ونادى بأعلى صوته : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله .
    كانت هذه الصيحة أول صيحة تهز قريشا ، من رجل غريب ليس له في مكة نسبا ولا حمى ، فأحاط به الكافرون وضربوه حتى صرعوه ، وأنقذه العباس عم النبي بالحيلة فقد حذر الكافرين من قبيلته اذا علمت ، فقد تقطع عليهم طريق تجارتهم ، لذا تركه المشركين ، ولا يكاد يمضي يوما آخر حتى يرى أبو ذر -رضي الله عنه- امرأتين تطوفان بالصنمين ( أساف ونائلة ) وتدعوانهما ، فيقف مسفها مهينا للصنمين ، فتصرخ المرأتان ، ويهرول الرجال اليهما ، فيضربونه حتى يفقد وعيه ، ثم يفيق ليصيح -رضي الله عنه- مرة أخرى أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ).

    وبهذه الصورة افتتحتحدِّيه للأصنام ، وتحدِّيه للحكّام الجائرين المتكبرين في مكة ، وأعلن رفضه التامالصريح لهم ، وما كان للمسلمين - يومذاك - مثل هذه الجرأة من التحدي لقريش .



    قصة أبي ذر مع أسلام و غفار

    ويعود أبي ذر-رضي الله عنه- إلى قبيلته ، فيحدثهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعن الدين الجديد ، وما يدعو له من مكارم الأخلاق ، فدخل قومه الاسلام ، ثم يتوجه إلى قبيلة ( أسلم ) فيرشدها إلى الحق وتسلم ، ومضت الأيام وهاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة ، واذا بموكب كبير يقبل على المدينة مكبرا ، فاذا هو أبو ذر -رضي الله عنه- أقبل ومعه قبيلتي غفار و أسلم ، فازداد الرسول -صلى الله عليه وسلم- عجبا ودهشة ، و نظر اليهم وقال غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله ) وأبو ذر كان له تحية مباركة من الرسول الكريم حيث قال ماأقلت الغبراء ، ولا أظلت الخضراء ،أصدق لهجة من أبي ذر ).


    قصة غنيمات أبا ذر و الأسد


    جاء أبي ذر ذات يوم الى النبي ص فقال يا رسول الله إن لي غنيمات قدر ستين شاة فأكره أن أبدو فيها و أفارق حضرتك و خدمتك و أكره أن أكلها إلى راع فيظلمها و يسي‏ء رعايتها فكيف أصنع فقال رسول الله ص ابد فيها فبدا فيها فلما كان في اليوم السابع جاء إلى رسول الله ص فقال رسول الله ص يا با ذر قال لبيك يا رسول الله قال ما فعلت غنيماتك قال يا رسول الله إن لها قصة عجيبة قال و ما هي قال يا رسول الله بينا أنا في صلاتي إذ عدا الذئب على غنمي فقلت يا رب صلاتي و يا رب غنمي فآثرت صلاتي على غنمي و أخطر الشيطان ببالي يا با ذر أين أنت إن عدت الذئاب على غنمك و أنت تصلي فأهلكتها و ما يبقى لك في الدنيا ما تتعيش به فقلت للشيطان يبقى لي توحيد الله تعالى و الإيمان برسول الله ص و موالاة أخيه سيد الخلق بعده علي بن أبي طالب ع و موالاة الأئمة الهادين الطاهرين من ولده و معاداة أعدائهم و كل ما فات بعد ذلك جلل فأقبلت على صلاتي فجاء ذئب فأخذ حملا فذهب به و أنا أحس به إذ أقبل على الذئب أسد فقطعه نصفين و استنقذ الحمل و رده إلى القطيع ثم ناداني يا با ذر أقبل على صلاتك فإن الله قد وكلني بغنمك إلى أن تصلي فأقبلت على صلاتي و قد غشيني من التعجب ما لا يعلمه إلا الله تعالى حتى فرغت منها فجاءني الأسد و قال لي امض إلى محمد فأخبره أن الله تعالى قد أكرم صاحبك الحافظ لشريعتك و وكل أسدا بغنمه يحفظها فعجب من حول رسول الله ص فقال رسول الله ص صدقت يا أبا ذر و لقد آمنت به أنا و علي و فاطمة و الحسن و الحسين فقال بعض المنافقين هذا لمواطاة بين محمد و أبي ذر يريد أن يخدعنا بغروره و اتفق منهم عشرون رجلا و قالوا نذهب إلى غنمه و ننظر إليها و ننظر إليه إذا صلى هل يأتي الأسد فيحفظ غنمه فيتبين بذلك كذبه فذهبوا و نظروا و أبو ذر قائم يصلي و الأسد يطوف حول غنمه و يرعاها و يرد إلى القطيع ما شذ عنه منها حتى إذا فرغ من صلاته ناداه الأسد هاك قطيعك مسلما وافر العدد سالما ثم ناداهم الأسد معاشر المنافقين أنكرتم لولي محمد و علي و آلهما الطيبين و المتوسل إلى الله بهم أن يسخرني الله ربي لحفظ غنمه و الذي أكرم محمدا و آله الطيبين الطاهرين لقد جعلني الله طوع يد أبي ذر حتى لو أمرني بافتراسكم و هلاككم لأهلكتكم و الذي لا يحلف بأعظم منه لو سأل الله بمحمد و آله الطيبين أن يحول البحار دهن زنبق و بان و الجبال مسكا و عنبرا و كافورا و قضبان الأشجار قضب الزمرد و الزبرجد لما منعه الله ذلك فلما جاء أبو ذر إلى رسول الله ص قال له رسول الله ص يا با ذر إنك أحسنت طاعة الله فسخر الله لك من يطيعك في كف العوادي عنك فأنت من أفاضل من مدحه الله عز و جل بأنه يقيم الصلاة


    دعاء أبي ذر الغفاري رض

    عن أبي عبد الله ع قال إن أبا ذر أتى رسول الله ص و معه جبرئيل في صورة دحية الكلبي و قد استخلاه رسول الله ص فلما رآهما انصرف عنهما و لم يقطع كلامهما فقال جبرئيل يا محمد هذا أبو ذر قد مر بنا و لم يسلم علينا أما لو سلم لرددنا عليه يا محمد إن له دعاء يدعو به معروفا عند أهل السماء فاسأله عنه إذا عرجت إلى السماء فلما ارتفع جبرئيل ع جاء أبو ذر إلى النبي ص فقال له رسول الله ص ما منعك يا أبا ذر أن تكون سلمت علينا حين مررت بنا فقال ظننت يا رسول الله أن الذي معك دحية الكلبي قد استخليته لبعض شأنك فقال ذاك جبرئيل ع و قد قال أما لو سلم علينا لرددنا عليه فلما علم أبو ذر أنه كان جبرئيل ع دخله من الندامة حيث لم يسلم عليه ما شاء الله فقال له رسول الله ص ما هذا الدعاء الذي تدعو به فقد أخبرني جبرئيل ع أن لك دعاء تدعو به معروفا في السماء فقال نعم يا رسول الله أقول :
    اللهم إني أسألك الأمن و الإيمان و التصديق بنبيك و العافية من جميع البلاء و الشكر على العافية و الغنى عن شرار الناس



    زهد أبي ذر رض

    قال أبو ذر رحمه الله:
    جزى الله الدنيا عني مذمة بعد رغيفين من الشعير أتغدى بأحدهما و أتعشى بالآخر و بعد شملتي الصوف أتزر بإحداهما و أرتدي بالأخرى.
    و قال رض:
    كان قوتي على عهد رسول الله ص صاعا من تمر فلست بزائد عليه حتى ألقى الله.
    و يروى ان عثمان أرسل إلى أبي ذر موليين له و معهما مائتا دينار فقال لهما انطلقا إلى أبي ذر فقولا له إن عثمان يقرئك السلام و يقول لك هذه مائتا دينار فاستعن بها على ما نابك فقال أبو ذر هل أعطى أحدا من المسلمين مثل ما أعطاني قالا لا قال إنما أنا رجل من المسلمين يسعني ما يسع المسلمين قالا له إنه يقول هذا من صلب مالي و بالله الذي لا إله إلا هو ما خالطها حرام و لا بعث بها إليك إلا من حلال فقال لا حاجة لي فيها و قد أصبحت يومي هذا و أنا من أغنى الناس فقالا له عافاك الله و أصلحك ما نرى في بيتك قليلا و لا كثيرا مما يستمتع به فقال بلى تحت هذا الإكاف الذي ترون رغيفا شعير قد أتى عليهما أيام فما أصنع بهذه الدنانير لا و الله حتى يعلم الله أني لا أقدر على قليل و لا كثير و قد أصبحت غنيا بولاية علي بن أبي طالب ع و عترته الهادين المهديين الراضين المرضيين الذين يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ و كذلك سمعت رسول الله ص يقول فإنه لقبيح بالشيخ أن يكون كذابا فرداها عليه و أعلماه أني لا حاجة لي فيها و لا فيما عنده حتى ألقى الله ربي فيكون هو الحاكم فيما بيني و بينه
    عن أبي عبد الله ع قال جاء رجل إلى أبي ذر فقال يا با ذر ما لنا نكره الموت فقال لأنكم عمرتم الدنيا و أخربتم الآخرة فتكرهون أن تنقلوا من عمران إلى خراب فقال له فكيف ترى قدومنا على الله فقال أما المحسن منكم فكالغائب يقدم على أهله و أما المسي‏ء فكالآبق يرد على مولاه قال فكيف ترى حالنا عند الله قال اعرضوا أعمالكم على الكتاب إن الله يقول إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ قال فقال الرجل فأين رحمة الله قال رحمة الله قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قال أبو عبد الله ع و كتب رجل إلى أبي ذر رضي الله عنه يا با ذر أطرفني بشي‏ء من العلم فكتب إليه أن العلم كثير و لكن إن قدرت على أن لا تسي‏ء إلى من تحبه فافعل فقال له الرجل و هل رأيت أحدا يسي‏ء إلى من يحبه فقال نعم نفسك أحب الأنفس إليك فإذا أنت عصيت الله فقد أسأت إليها

    ما أخبر به النبي ص أباذر رض بأنه من أهل الجنه

    عن ابن عباس قال كان النبي ص ذات يوم في مسجد قباء و عنده نفر من أصحابه فقال أول من يدخل عليكم الساعة رجل من أهل الجنة فلما سمعوا ذلك قام نفر منهم فخرجوا و كل واحد منهم يحب أن يعود ليكون هو أول داخل فيستوجب الجنة فعلم النبي ص ذلك منهم فقال لمن بقي عنده من أصحابه سيدخل عليكم جماعة يستبقوني فمن بشرني بخروج آزار فله الجنة فعاد القوم و دخلوا و معهم أبو ذر فقال لهم في أي شهر نحن من الشهور الرومية فقال أبو ذر قد خرج آزار يا رسول الله فقال قد علمت ذلك يا با ذر و لكن أحببت أن يعلم قومي أنك رجل من الجنة و كيف لا تكون كذلك و أنت المطرود عن حرمي بعدي لمحبتك لأهل بيتي فتعيش وحدك و تموت وحدك و يسعد بك قوم يتولون تجهيزك و دفنك أولئك رفقائي في جنة الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ

    كتابه رض الى حذيفة بن اليمان يشكوا اليه فعل عثمان

    كان ابي ذر رض ثائراً على حكام الباطل و سراق الخلافة فكان يصرخ بالناس و يبين لهم فضائل أمير المؤمنين ع و أهل بيته و يفضح عثمان و بني أميةعلى رؤوس الأشهاد اينما دب عندما رأى الجور يعمل به جهاراً في بلاد المسلمين ، و هذا الأصطدام الشديد مع عثمان و بني أمية جعل اباذر وحيداً منبوذا في قومه غريبا بين الناس و حُرِم من العطاء .
    و نرى معاناه أبي ذر من عثمان واضحه في كتابه الى حذيفه بن اليمان حيث كتب اليه كتابا يشكوا اليه ما صنع به عثمان قائلاً :

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

    أما بعد يا أخي فخف الله مخافة يكثر منها بكاء عينيك و حرر قلبك و سهر ليلك و انصب بدنك في طاعة ربك فحق لمن علم أن النار مثوى من سخط الله عليه أن يطول بكاؤه و نصبه و سهر ليله حتى يعلم أنه قد رضي الله عنه و حق لمن علم أن الجنة مثوى من رضي الله عنه أن يستقبل الحق كي يفوز بها و يستصغر في ذات الله الخروج من أهله و ماله و قيام ليله و صيام نهاره و جهاد الظالمين الملحدين بيده و لسانه حتى يعلم أن الله أوجبها له و ليس بعالم ذلك دون لقاء ربه و كذلك ينبغي لكل من رغب في جوار الله و مرافقة أنبيائه أن يكون يا أخي أنت ممن أستريح إلى الضريح إليه بثي و حزني و أشكو إليه تظاهر الظالمين علي إني رأيت الجور يعمل به بعيني و سمعته يقال فرددته فحرمت العطاء و سيرت إلى البلاد و غربت عن العشيرة و الإخوان و حرم الرسول ص و أعوذ بربي العظيم أن يكون هذا مني له شكوى إن ركب مني ما ركب بل أنبأتك أني قد رضيت ما أحب لي ربي و قضاه علي و أفضيت ذلك إليك لتدعو الله لي و لعامة المسلمين بالروح و الفرج و بما هو أعم نفعا و خير مغبة و عقبى و السلام.
    فكتب إليه حذيفة:

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

    أما بعد يا أخي فقد بلغني كتابك تخوفني به و تحذرني فيه منقلبي و تحثني فيه على حظ نفسي فقديما يا أخي كنت بي و بالمؤمنين حفيا لطيفا و عليهم حدبا شفيقا و لهم بالمعروف آمرا و عن المنكرات ناهيا و ليس يهدي إلى رضوان الله إلا هو لا إله إلا هو و لا يتناهى من سخطه إلا بفضل رحمته و عظيم منه فنسأل الله ربنا لأنفسنا و خاصتنا و عامتنا و جماعة أمتنا مغفرة عامة و رحمة واسعة و قد فهمت ما ذكرت من تسييرك يا أخي و تغريبك و تطريدك فعز و الله علي يا أخي ما وصل إليك من مكروه و لو كان يفتدى ذلك بمال لأعطيت فيه مالي طيبة بذلك نفسي يصرف الله عنك بذلك المكروه و الله لو سألت لك المواساة ثم أعطيتها لأحببت احتمال شطر ما نزل بك و مواساتك في الفقر و الأذى و الضرر لكنه ليس لأنفسنا إلا ما شاء ربنا يا أخي فافزع بنا إلى ربنا و لنجعل إليه رغبتنا فإنا قد استحصدنا و اقترب الصرام فكأني و إياك قد دعينا فأجبنا و عرضنا على أعمالنا فاحتجنا إلى ما أسلفنا يا أخي و لا تأس على ما فاتك و لا تحزن على ما أصابك و احتسب فيه الخير و ارتقب فيه من الله أسنى الثواب يا أخي لا أرى الموت لي و لك إلا خيرا من البقاء فإنه قد أظلتنا فتن يتلو بعضها بعضا كقطع الليل المظلم قد ابتعثت من مركبها و وطئت في حطامها تشهر فيها السيوف و ينزل فيها الحتوف فيها يقتل من اطلع لها و التبس بها و ركض فيها و لا تبقى قبيلة من قبائل العرب من الوبر و المدر إلا دخلت عليهم فأعز أهل ذلك الزمان أشدهم عتوا و أذلهم أتقاهم فأعاذنا الله و إياك من زمان هذه حال أهله فيه لن أدع الدعاء لك في القيام و القعود و الليل و النهار و قد قال الله و لا خلف لموعوده ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ فنستجير بالله من التكبر عن عبادته و الاستنكاف عن طاعته جعل الله لنا و لك فرجا و مخرجا عاجلا برحمته و السلام عليك.



    قصة نفيه إلى الربذة

    أن عثمان نفى أبا ذر أولا إلى الشام ثم استقدمه إلى المدينة لما شكا منه معاوية ثم نفاه من المدينة إلى الربذة لما عمل بالمدينة نظير ما كان يعمل بالشام و أصل هذه الواقعة أن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم و غيره بيوت الأموال و اختص زيد بن ثابت بشي‏ء منها جعل أبو ذر يقول بين الناس و في الطرقات و الشوارع بشر الكافرين بِعَذابٍ أَلِيمٍ و يرفع بذلك صوته و يتلو قوله تعالى وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ فرفع ذلك إلى عثمان مرارا و هو ساكت ثم إنه أرسل إليه مولى من مواليه أن انته عما بلغني عنك فقال أبو ذر أ ينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله تعالى و عيب من ترك أمر الله فو الله لأن أرضي الله بسخط عثمان أحب إلي و خير لي من أن أسخط الله برضى عثمان فأغضب عثمان ذلك و أحفظه فتصابر و تماسك إلى أن قال عثمان يوما و الناس حوله أ يجوز للإمام أن يأخذ من بيت المال شيئا قرضا فإذا أيسر قضى فقال كعب الأحبار لا بأس بذلك فقال أبو ذر يا ابن اليهوديين أ تعلمنا ديننا فقال عثمان قد كثر أذاك لي و تولعك بأصحابي الحق بالشام فأخرجه إليها فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها فبعث إليه معاوية يوما ثلاثمائة دينار فقال أبو ذر لرسوله إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا قبلتها و إن كانت صلة فلا حاجة لي فيها و ردها عليه ثم بنى معاوية الخضراء بدمشق فقال أبو ذر يا معاوية إن كانت هذه من مال الله فهي الخيانة و إن كانت من مالك فهي الإسراف و كان أبو ذر يقول بالشام و الله لقد حدثت أعمال ما أعرفها و الله ما هي في كتاب الله و لا سنة نبيه إني لأرى حقا يطفأ و باطلا يحيا و صادقا مكذبا و أثرة بغير تقى و صالحا مستأثرا عليه فقال حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام فتدارك أهله إن كان لك فيه حاجة.

    مواجهة أبا ذر رض مع معاوية

    و روى أبو عثمان الجاحظ عن جلام بن جندل الغفاري قال كنت عاملا لمعاوية على قنسرين و العواصم في خلافة عثمان فجئت إليه يوما أسأله عن حال عملي إذ سمعت صارخا على باب داره يقول أتتكم القطار بحمل النار اللهم العن الآمرين بالمعروف التاركين له اللهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له فازبأر معاوية و تغير لونه و قال يا جلام أ تعرف الصارخ فقلت اللهم لا قال من عذيري من جندب بن جنادة يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت ثم قال أدخلوه فجي‏ء بأبي ذر بين قوم يقودونه حتى وقف بين يديه فقال له معاوية يا عدو الله و عدو رسوله تأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع أما إني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك و لكني أستأذن فيك قال جلام و كنت أحب أن أرى أبا ذر لأنه رجل من قومي فالتفت إليه فإذا رجل أسمر ضرب من الرجال خفيف العارضين في ظهره حناء فأقبل على معاوية و قال ما أنا بعدو لله و لا لرسوله بل أنت و أبوك عدوان لله و لرسوله أظهرتما الإسلام و أبطنتما الكفر و لقد لعنك رسول الله ص و دعا عليك مرات أن لا تشبع
    سمعت رسول الله ص يقول إذا ولي الأمة الأعين الواسع البلعوم الذي يأكل و لا يشبع فلتأخذ الأمة حذرها منه
    فقال معاوية ما أنا ذلك الرجل قال أبو ذر بل أنت ذلك الرجل أخبرني بذلك رسول الله ص
    و سمعته يقول و قد مررت به اللهم العنه و لا تشبعه إلا بالتراب
    و سمعته يقول أسيت معاوية في النار
    فضحك معاوية و أمر بحبسه و كتب إلى عثمان فيه فكتب عثمان إلى معاوية أن احمل جنيدبا إلي على أغلظ مركب و أوعره فوجه به من سار به الليل و النهار و حمله على شارف ليس عليها إلا قتب حتى قدم به المدينة و قد سقط لحم فخذيه من الجهد فلما قدم بعث إليه عثمان أن الحق بأي أرض شئت قال بمكة قال لا قال ببيت المقدس قال لا قال بأحد المصرين قال لا قال و لكني مسيرك إلى الربذة فسيره إليها فلم يزل بها حتى مات.


    مواجهة أباذر مع عثمان

    أن أبا ذر لما دخل على عثمان قال له :
    لا أنعم الله بقين عينا نعم و لا لقاه يوما زينا تحية السخط إذا التقينا.
    فقال أبو ذر ما عرفت اسمي قينا.
    و في رواية أخرى لا أنعم الله بك عينا يا جنيدب فقال أبو ذر أنا جندب و سماني رسول الله ص عبد الله فاخترت اسم رسول الله ص الذي سماني به على اسمي فقال له عثمان أنت الذي تزعم أنا نقول يد الله مغلولة و أن الله فقير و نحن أغنياء فقال أبو ذر لو كنتم لا تقولون هذا لأنفقتم مال الله على عباده
    و لكني أشهد لسمعت رسول الله ص يقول إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا و عباده خولا
    فقال عثمان لمن حضر أ سمعتموها من رسول الله ص قالوا لا قال عثمان ويلك يا أبا ذر أ تكذب على رسول الله ص فقال أبو ذر لمن حضر ما تدرون أني صدقت قالوا لا و الله ما ندري فقال عثمان ادعوا لي عليا فلما جاء قال عثمان لأبي ذر اقصص عليه حديثك في بني أبي العاص فأعاده فقال عثمان لعلي ع أ سمعت هذا من رسول الله ص قال لا و صدق أبو ذر فقال كيف عرفت صدقه
    قال لأني سمعت رسول الله ص يقول ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر.
    فقال من حضر أما هذا فسمعناه كلنا من رسول الله ص.
    فقال أبو ذر أحدثكم أني سمعت هذا من رسول الله ص فتتهموني ما كنت أظن أني أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد ص.
    قال الواقدي :
    ثم إن عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر أو يكلموه فمكث كذلك أياما ثم أتى به فوقف بين يديه فقال أبو ذر ويحك يا عثمان أ ما رأيت رسول الله ص و رأيت أبا بكر و عمر هل هديك كهديهم أما إنك لتبطش بي بطش جبار فقال عثمان اخرج عنا من بلادنا فقال أبو ذر ما أبغض إلي جوارك فإلى أين أخرج قال حيث شئت قال أخرج إلى الشام أرض الجهاد قال إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها أ فأردك إليها قال أ فأخرج إلى العراق قال لا إنك إن تخرج إليها تقدم على قوم أولي شبه و طعن على الأئمة و الولاة قال أ فأخرج إلى مصر قال لا قال فإلى أين أخرج قال إلى البادية قال أبو ذر أصير بعد الهجرة أعرابيا قال نعم قال أبو ذر فأخرج إلى بادية نجد قال عثمان بل إلى الشرف الأبعد فأقصى امض على وجهك هذا فلا تعدون فخرج إليها.
    و روي أيضاً :
    لما أخرج عثمان أبا ذر الغفاري رحمه الله من المدينة إلى الشام كان يقوم في كل يوم فيعظ الناس و يأمرهم بالتمسك بطاعة الله و يحذرهم من ارتكاب معاصيه و يروي عن رسول الله ص ما سمعه منه في فضائل أهل بيته عليه و عليهم السلام و يحضهم على التمسك بعترته فكتب معاوية إلى عثمان أما بعد فإن أبا ذر يصبح إذا أصبح و يمسي إذا أمسى و جماعة من الناس كثيرة عنده فيقول كيت و كيت فإن كان لك حاجة في الناس قبلي فأقدم أبا ذر إليك فإني أخاف أن يفسد الناس عليك و السلام. فكتب إليه عثمان أما بعد فأشخص إلي أبا ذر حين تنظر في كتابي هذا و السلام. فبعث معاوية إلى أبي ذر فدعاه و أقرأه كتاب عثمان و قال له النجاء الساعة فخرج أبو ذر إلى راحلته فشدها بكورها و أنساعها فاجتمع إليه الناس فقالوا له يا با ذر رحمك الله أين تريد قال أخرجوني إليكم غضبا علي و أخرجوني منكم إليهم الآن عبثا بي و لا يزال هذا الأمر فيما أرى شأنهم فيما بيني و بينهم حتى يستريح برا و يستراح من فاجر و مضى و سمع الناس بمخرجه فاتبعوه حتى خرج من دمشق فساروا معه حتى انتهى إلى دير المران فنزل و نزل معه الناس فاستقدم فصلى بهم ثم قال أيها الناس إني موصيكم بما ينفعكم و تارك الخطب و التشقيق احمدوا الله عز و جل قالوا الحمد لله قال أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله فأجابوه بمثل ما قال فقال أشهد أن البعث حق و أن الجنة حق و أن النار حق و أقر بما جاء من عند الله و اشهدوا علي بذلك قالوا نحن على ذلك من الشاهدين قال ليبشر من مات منكم على هذه الخصال برحمة الله و كرامته ما لم يكن للمجرمين ظهيرا و لا لأعمال الظلمة مصلحا و لا لهم معينا أيها الناس اجمعوا مع صلاتكم و صومكم غضبا لله عز و جل إذا عصي في الأرض و لا ترضوا أئمتكم بسخط الله و إن أحدثوا ما لا تعرفون فجانبوهم و ازرءوا عليهم و إن عذبتم و حرمتم و سيرتم حتى يرضى الله عز و جل فإن الله أعلى و أجل لا ينبغي أن يسخط برضا المخلوقين غفر الله لي و لكم أستودعكم الله و أقرأ عليكم السلام و رحمة الله فناداه الناس أن سلم الله عليك و رحمك يا با ذر يا صاحب رسول الله أ لا نردك إن كان هؤلاء القوم أخرجوك أ لا نمنعك فقال لهم ارجعوا رحمكم الله فإني أصبر منكم على البلوى و إياكم و الفرقة و الاختلاف فمضى حتى قدم على عثمان فلما دخل عليه قال له لا قرب الله بعمرو عينا فقال أبو ذر و الله ما سماني أبواي عمرا و لكن لا قرب الله من عصاه و خالف أمره و ارتكب هواه فقام إليه كعب الأحبار فقال له أ لا تتقي الله يا شيخ تجبه أمير المؤمنين بهذا الكلام فرفع أبو ذر عصا كانت في يده فضرب بها رأس كعب ثم قال له يا ابن اليهوديين ما كلامك مع المسلمين فو الله ما خرجت اليهودية من قلبك بعد فقال عثمان و الله لا جمعتني و إياك دار قد خرفت و ذهب عقلك أخرجوه من بين يدي حتى تركبوه قتب ناقته بغير وطاء ثم انجوا به الناقة و تعتعوه حتى توصلوه الربذة فنزلوه بها من غير أنيس حتى يقضي الله فيه ما هو قاض فأخرجوه متعتعا ملهوزا بالعصي و تقدم ألا يشيعه أحد من الناس فبلغ ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فبكى حتى بل لحيته بدموعه ثم قال أ هكذا يصنع بصاحب رسول الله ص إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ثم نهض و معه الحسن و الحسين ع و عبد الله بن العباس و الفضل و قثم و عبيد الله حتى لحقوا أبا ذر فشيعوه فلما بصر بهم أبو ذر رحمه الله حن إليهم و بكى عليهم و قال بأبي وجوه إذا رأيتها ذكرت بها رسول الله ص و شملتني البركة برؤيتها ثم رفع يديه إلى السماء و قال اللهم إني أحبهم و لو قطعت إربا إربا في محبتهم ما زلت عنها ابتغاء وجهك و الدار الآخرة فارجعوا رحمكم الله و الله أسأل أن يخلفني فيكم أحسن الخلافة فودعه القوم و رجعوا و هم يبكون على فراقه


    اخبار النبي ص بما سيجري على أباذر رض


    وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَ لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ
    الآية فإنها نزلت في أبي ذر و عثمان بن عفان و كان سبب ذلك لما أمر عثمان بنفي أبي ذر رحمه الله إلى الربذة دخل عليه أبو ذر و كان عليلا متوكيا على عصاه و بين يدي عثمان مائة ألف درهم قد حملت إليه من بعض النواحي و أصحابه حوله ينظرون إليه و يطمعون أن يقسمها فيهم فقال أبو ذر لعثمان ما هذا المال فقال عثمان مائة ألف درهم حملت إلي من بعض النواحي أريد أن أضم إليها مثلها ثم أرى فيها رأيي فقال أبو ذر يا عثمان أيما أكثر مائة ألف درهم أو أربعة دنانير فقال عثمان بل مائة ألف درهم فقال أ ما تذكر أنا و أنت و قد دخلنا على رسول الله ص عشيا فرأيناه كئيبا حزينا فسلمنا عليه فلم يرد علينا السلام فلما أصبحنا أتيناه فرأيناه ضاحكا مستبشرا فقلنا له بآبائنا و أمهاتنا دخلنا عليك البارحة فرأيناك كئيبا حزينا و عدنا إليك اليوم فرأيناك فرحا مستبشرا فقال نعم كان قد بقي عندي من في‏ء المسلمين أربعة دنانير لم أكن قسمتها و خفت أن يدركني الموت و هي عندي و قد قسمتها اليوم فاسترحت منها فنظر عثمان إلى كعب الأحبار فقال له يا أبا إسحاق ما تقول في رجل أدى زكاة ماله المفروضة هل يجب عليه فيما بعد ذلك فيها شي‏ء قال لا و لو اتخذ لبنة من ذهب و لبنة من فضة ما وجب عليه شي‏ء فرفع أبو ذر عصاه فضرب به رأس كعب ثم قال له يا ابن اليهودية الكافرة ما أنت و النظر في أحكام المسلمين قول الله أصدق من قولك حيث قال الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ فقال عثمان يا با ذر إنك شيخ خرفت و ذهب عقلك و لو لا صحبتك لرسول الله ص لقتلتك فقال كذبت يا عثمان أخبرني حبيبي رسول الله ص فقال لا يفتنونك يا أبا ذر و لا يقتلونك و أما عقلي فقد بقي منه ما أحفظ حديثا سمعته من رسول الله ص فيك و في قومك قال و ما سمعت من رسول الله ص في و في قومي قال سمعته يقول ص إذا بلغ آل أبي العاص ثلاثين رجلا صيروا مال الله دولا و كتاب الله دغلا و عباده خولا و الفاسقين حزبا و الصالحين حربا فقال عثمان يا معشر أصحاب محمد هل سمع أحد منكم هذا من رسول الله فقالوا لا ما سمعنا هذا فقال عثمان ادع عليا فجاء أمير المؤمنين فقال له عثمان يا أبا الحسن انظر ما يقول هذا الشيخ الكذاب فقال أمير المؤمنين ع مه يا عثمان لا تقل كذاب فإني سمعت رسول الله ص يقول ما أظلت الخضراء و ما أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر فقال أصحاب رسول الله ص صدق علي ع فقد سمعنا هذا من رسول الله ص فبكى أبو ذر عند ذلك فقال ويلكم كلكم قد مد عنقه إلى هذا المال ظننتم أني أكذب على رسول الله ص ثم نظر إليهم فقال من خيركم فقال أنت تقول إنك خيرنا قال نعم خلفت حبيبي رسول الله ص في هذه الجبة و هي علي بعد و أنتم قد أحدثتم أحداثا كثيرة و الله سائلكم عن ذلك و لا يسألني فقال عثمان يا أبا ذر أسألك بحق رسول الله ص إلا ما أخبرتني عن شي‏ء أسألك عنه فقال أبو ذر و الله لو لم تسألني
    بحق رسول الله ص أيضا لأخبرتك فقال أي البلاد أحب إليك أن تكون فيها فقال مكة حرم الله و حرم رسوله أعبد الله فيها حتى يأتيني الموت فقال لا و لا كرامة لك فقال المدينة حرم رسول الله قال لا و لا كرامة لك قال فسكت أبو ذر فقال عثمان أي البلاد أبغض إليك أن تكون فيها قال الربذة التي كنت فيها على غير دين الإسلام فقال عثمان سر إليها فقال أبو ذر قد سألتني فصدقتك و أنا أسألك فأصدقني قال نعم فقال أخبرني لو بعثتني في بعث من أصحابك إلى المشركين فأسروني فقالوا لا نفديه إلا بثلث ما تملك قال كنت أفديك قال فإن قالوا لا نفديه إلا بنصف ما تملك قال كنت أفديك قال فإن قالوا لا نفديه إلا بكل ما تملك قال كنت أفديك قال أبو ذر الله أكبر قال لي حبيبي رسول الله ص يوما يا با ذر كيف أنت إذا قيل لك أي البلاد أحب إليك أن تكون فيها فتقول مكة حرم الله و حرم رسوله أعبد الله فيها حتى يأتيني الموت فيقال لك لا و لا كرامة لك فتقول المدينة حرم رسول الله فيقال لك لا و لا كرامة لك ثم يقال لك فأي البلاد أبغض إليك أن تكون فيها فتقول الربذة التي كنت فيها على غير دين الإسلام فيقال لك سر إليها فقلت و إن هذا لكائن يا رسول الله فقال إي و الذي نفسي بيده إنه لكائن فقلت يا رسول الله أ فلا أضع سيفي هذا على عاتقي فأضرب به قدما قدما قال لا اسمع و اسكت و لو لعبد حبشي و قد أنزل الله فيك و في عثمان آية فقلت و ما هي يا رسول الله فقال قوله تبارك تعالى وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَ لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَ أَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَ تُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ إِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَ تَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ


    الوداع الأخير

    لما أخرج أبو ذر إلى الربذة أمر عثمان فنودي في الناس أن لا يكلم أحد أبا ذر و لا يشيعه و أمر مروان بن الحكم أن يخرج به فتحاماه الناس إلا علي بن أبي طالب ع و عقيلا أخاه و حسنا و حسينا ع و عمار بن ياسر فإنهم خرجوا معه يشيعونه فجعل الحسن ع يكلم أبا ذر فقال له مروان إيها يا حسن أ لا تعلم أن أمير المؤمنين قد نهى عن كلام ذلك الرجل فإن كنت لا تعلم فاعلم ذلك فحمل علي ع على مروان فضرب بالسوط بين أذني راحلته و قال تنح لحاك الله إلى النار فرجع مروان مغضبا إلى عثمان فأخبره الخبر فتلظى على علي ع و وقف أبو ذر فودعه القوم و معه ذكوان مولى أم هانئ بنت أبي طالب قال ذكوان فحفظت كلام القوم و كان حافظا
    فقال علي ع :
    يا با ذر إنك غضبت لله إن القوم خافوك على دنياهم و خفتهم على دينك فامتحنوك بالقلا و نفوك إلى الفلا و الله لو كانت السماوات و الأرض على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل له منهما مخرجا يا با ذر لا يؤنسنك إلا الحق و لا يوحشنك إلا الباطل ثم قال لأصحابه ودعوا عمكم و قال لعقيل ودع أخاك
    فتكلم عقيل فقال:
    ما عسى أن نقول يا با ذر أنت تعلم أنا نحبك و أنت تحبنا فاتق الله فإن التقوى نجاة و اصبر فإن الصبر كرم و اعلم أن استثقالك الصبر من الجزع و استبطاءك العافية من اليأس فدع اليأس و الجزع
    ثم تكلم الحسن ع فقال:
    يا عماه لو لا أنه لا ينبغي للمودع أن يسكت و للمشيع أن ينصرف لقصر الكلام و إن طال الأسف و قد أتى القوم إليك ما ترى فضع عنك الدنيا بتذكر فراقها و شدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها و اصبر حتى تلقى نبيك ص و هو عنك راض
    ثم تكلم الحسين ع فقال :
    يا عماه إن الله تعالى قادر أن يغير ما قد ترى و الله كل يوم في شأن و قد منعك القوم دنياهم و منعتهم دينك فما أغناك عما منعوك و أحوجهم إلى ما منعتهم فاسأل الله الصبر و النصر و استعذ به من الجشع و الجزع فإن الصبر من الدين و الكرم و إن الجشع لا يقدم رزقا و الجزع لا يؤخر أجلا
    ثم تكلم عمار رحمه الله مغضبا فقال :
    لا آنس الله من أوحشك و لا آمن من أخافك أما و الله لو أردت دنياهم لآمنوك و لو رضيت أعمالهم لأحبوك و ما منع الناس أن يقولوا بقولك إلا الرضا بالدنيا و الجزع من الموت و مالوا إلى ما سلطان جماعتهم عليه و الملك لمن غلب فوهبوا لهم دينهم و منحهم القوم دنياهم فخسروا الدنيا و الآخرة أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ.
    فبكى أبو ذر رحمه الله و كان شيخا كبيرا و قال رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله ص ما لي بالمدينة سكن و لا شجن غيركم إني ثقلت على عثمان بالحجاز كما ثقلت على معاوية بالشام و كره أن أجاور أخاه و ابن خاله بالمصرين فأفسد الناس عليهما فسيرني إلى بلد ليس لي به ناصر و لا دافع إلا الله و الله ما أريد إلا الله صاحبا و ما أخشى مع الله وحشة.
    و رجع القوم إلى المدينة


    مسك الختام

    سلام الله على الصحابي الجليل و الثائر المجاهر أبي ذر الغفاري رضي الله عنه
    فقد كان من أوائل المسلمين و خلص الصحابة لرسول لله ص و لوصيه امير المؤمنين ع .
    لم يهدأ له بال و لم يسكت عن فضح عثمان و بني أميه على رؤوس الأشهاد
    قال رسول الله ص في شأنه ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر يعيش وحده و يموت وحده و يبعث وحده و يدخل الجنة وحده و هو الهاتف بفضائل أمير المؤمنين ع و وصي رسول الله ص و استخلافه إياه فنفاه القوم عن حرم الله و حرم رسوله بعد حملهم إياه من الشام على قتب بلا وطاء و هو يصيح فيهم قد خاب القطار بحمل النار سمعت رسول الله ص يقول إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا دين الله دخلا و عباد الله خولا و مال الله دولا فقتلوه فقرا و جوعا و ضرا و صبرا
    أغمض الثائر العظيم عينيه ، وودَّع الدنيا شهيداً ، وكانت وفاته ( رضوان الله عليه ) سنة ( 31 هـ ) أو ( 32 هـ)
    اللهم اجعلنا كما تريد يا رب
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎