إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

تحليل لكتاب الغيبة لشيخ الطائفة العلامة الطوسي الجزء السابع

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • السادن
    عضو نشيط
    • 18-02-2009
    • 389

    تحليل لكتاب الغيبة لشيخ الطائفة العلامة الطوسي الجزء السابع

    مع الشيخ الطوسي في غيبته - 6 / وُلدَ أم لمْ يلده من أحد أبدا -1

    إبراهيم عبد علي


    وهنا نصل مع الشيخ الطوسي إلى أهم مباحث الكتاب ، وهو ولادة " مهدي الإثني عشرية " محمد بن الحسن العسكري ، واستدلالات المؤلف ، وإثباتاته ، لهذه القضية ـ الفرضية .. فيؤكد " رحمه الله " أنّ الدليل لديه ، على ولادة ابن الحسن ، ذو شقين ؛ إعتباري ـ عقلي ، وإخباري ـ نقلي ...

    ( فأما الإعتبارية ؛ فهو أنه إذا ثبت " ت " إمامته ، بما دللنا عليه من الأقسام ، وإفساد " قول " كل قسم منها ، إلا القول بإمامته ؛ ثبتَ " لدينا " إمامته ، وعلمنا بذلك صحة ولادته " وإنْ " لم يرد فيه خبر ، اصلا ... وأيضا ما دللنا عليه من أنّ الأئمة إثنا عشر ؛ يدلّ على صحة ولادته ، وما دللنا " أيضا " على أن صاحب هذا الأمر ، لا بدّ له من غيبتين ؛ يؤكد " أيضا " ذلك ، لأنّ كل ذلك ، مبنيّ على صحة ولادته ) ـ1ـ

    وقد مرّ معنا ، فيما سبق ، مناقشات تفصيلية ، حول الأدلة العقلية الثلاث التي أوردها الشيخ ، لأثبات " مهدوية " و " وجود " إمامه " الحجة بن الحسن " ...

    ثم يبدأ المؤلف ، بعد مقدمته تلك ، بإيراد أدلته النقلية ، التي تشير إلى ولادة ابن الحسن " عليه السلام " ، وقبل أن نتناول هذه " الأدلة " استعراضا ، وتحليلا ، ونقدا ؛ أرى أن نتوقف مع رواية ذكرها الشيخ " قدّس الله نفسه الزكية " قبل بحثه لموضوع " الولادة " ، عنونها بـ "معاجز الإمام الحسن العسكري ، الدالة على إمامته " ، وذلك لإرتباط هذه الرواية بموضوع بحثنا حول " ولادة الإمام " ، وكذلك ، لأهميتها ، وشهرتها ، لدى أبناء الطائفة الإثني عشرية الكريمة ...

    ( أخبرني جماعة ، عن أبي المفضّل الشيباني ، عن أبي الحسين محمد بن بحر بن سهل الشيباني الرهني قال : قال بشر بن سليمان النخاس : .................... الخ ) ـ2ـ

    ويُكمل الشيخ هذه الرواية " الطويلة جدا " بحوالي " 5 " صفحات ، أرجو مراجعتها هناك ، ودعونا الآن نحاول ، معا ، قراءة الرواية من جديد ، ومعرفة ما ورد فيها ، مع إيرادنا لمجموعة من الملاحظات تخص المتن بشكل أساسي ...

    1ـ الرواية بالغة الطول ، وتتسم بلغة سجعية واضحة ، ورؤية غرائبية ، وتكاد لا تخلو ، في كل مفاصلها ، من الخوارق ، والإستغراق في عالم المنام والرؤى ..

    2ـ رجال السّند من الضعف والإهمال والهشاشة ، للدرجة التي لا يستحقون فيها النظر إليهم ، إلا من مُوَق العين فقط ..

    3ـ يذكر المؤلف هذه الرواية ، من ضمن إستدلالاته ، وعرضه ، لمعاجز سيدنا الحسن العسكري " ع " ، فيما لا نرى من معجزة للـ " العسكري " هنا ..

    4ـ يقول " الهادي " عن الجارية التي بعث أحد مواليه وجيرانه إليها ، أنها " رومية " ، وهنالك ، خلال النص ، ما يؤكد لغتها " الرومية " فعلا ، عن طريق صرختها من وراء حجاب ، وترجمة " الهادي " للرسول ، بأنّ ما تقوله الجارية هو " وا هتك ستراه " ، إضافة إلى أنّ " الكتاب " المرسل للجارية من قبل " الهادي " كان بلغة رومية ، وخط رومي ، وهذا أيضا يؤكد عدم معرفتها للـ " العربية " ..

    5ـ نُفاجأ ، أثناء القصة ، أنّ الجارية تتكلم اللغة العربية ، ببلاغة ، وفصاحة إبن اللغة ، لا إبن لغة أخرى ..

    6ـ لا نلمح ذكرا " واقعيا " للعسكري ، على الرغم من أهميته ، ومركزيته ، في الحدث ، لا في بدْأ حوار " الرسول " مع الجارية ، ولا عند ورودها إلى سامراء ، فقط نجد " العسكري " حاضرا ، وبشدة ، في " حُلم " الجارية ، و " رؤاها " ..

    7ـ الجارية تبكي بكاءً شديدا ، بمجرد رؤيتها وقراءتها لـ " كتاب " الهادي ، وتهدّد " النخّاس " بأنها ستقتل نفسَها ، إن لم يبعها من وكيل صاحب هذا " الكتاب " ..

    8ـ الجارية تلثم ، بخلوتها ، الكتاب ، وتطبقه على جفنيها ، وتضعه على خدّها ، وتمسح به بدنها ، لدرجة توحي بأن هذا الكتاب ، هو من " حبيبها " العسكري ، وليس من أبيه الهادي ..

    9ـ الجارية تخبر مولى الإمام ، بأنّ إسمها " مليكة " بنت يشوعا بن قيصر ، ملك الروم ، وأنّ أمها من وُلد الحواريين ، تنتسبُ إلى وصيّ المسيح " شمعون " ..

    10ـ مليكة " بنت الحسب والنسب " تُسرد للذي اشتراها لمولاه ، قصتها بأدق التفاصيل ، ولا أدري ما هو المبرّر لذلك السّرد التفصيلي ، من قبلها ، لشخص " المولى " ..

    11ـ مليكة " أم إمامنا المنتظر " بعد رؤيا في منتهى العجائبية ، ويطغى على مفرداتها ، جو الثقافة الإسلامية ، لا المسيحية ؛ تقول ، بلوعة عاشقة محرومة : ( وضرب صدري بمحبة أبي محمد " ع " ، حتى امتنعتُ من " عن " الطعام والشراب ، فضعفتْ نفسي ، ودقّ شخصي ، ومرضتُ مرضا شديدا ) فجلبوا إليها كلَّ أطباء الدنيا ، فما شفيت من دائها ، ولا برئت من علتها ، وهل من شفاء للعاشق ، دون عناق معشوقه ؟ ..

    12ـ بعد أيام ترى " مليكة الدنيا " رؤيا أخرى ، ولننظر ، معا ، ماذا رأت ، ولننتبه للمفردات التي تستعملها " مليكتنا " والتي تنغرس " عنيتُ المفردات " حتى القاع ، بأجواء الثقافة الإسلامية ـ الشيعية ، كما لا ينبغي أن يغيب عنا ، أنّ هذه " الرؤى " المتكررة ، والتي تسردها " مليكة الزمان " للـ " النخّاس " كانت قبل ورودها إلى سامراء ، وتأثرها بأجواء البيت العلوي هناك ، فحديثها ما زال لـ " جار " الإمام الهادي " بشر النخّاس " وهما ما زالا معا ، في بغداد ...

    تقول " سيدتنا " : رأيتُ ( كأنّ سيدة نساء العالمين ، فاطمة عليها السلام ، قد زارتني ، ومعها ابنة عمران ، وألف من وصائف الجنان ، فتقول لي مريم : " هذه سيدة نساء العالمين ، أم زوجك ، أبي محمد " فأتعلق بها ، وأشكو إليها إمتناع أبي محمد من زيارتي ) علما ، أنها ، هي نفسها ، لم تذكر أبدا ، أنّ " أبي محمد " قد زارها ، في الرؤيا ، قبلا ، فكيف تشكو ، الآن ، للسيدة الزهراء " عليها السلام " من انقطاع زيارة " حبيبها " إليها ؟!..

    وهنا تخبرها الزهراء بـ ( أنّ أبا محمد إمتنع عن زيارتكِ " في الحلم طبعا " لأنكِ مشركة بالله تعالى ، على مذهب النصارى ، وهذه أختي مريم بنت عمران ، تبرأ إلى الله من دينك ) ولا أدري كيف خطبها " أي الجارية " جدّ " أبي محمد " وأبيه ، والزهراء نفسها ، قبل أربعة عشرة يوما ، حسب ما قالته لنا " مليكة " نفسها من قبل ، وتمّتْ الموافقة ، على الخطوبة ، من قبل كل الأطراف ، ألم يكونوا يعلمون ، من قبْل ، بأنها مشركة ، لتأتي الزهراء " ع " بعد أربعة عشر يوما من الخطوبة " المباركة " لتقول لها بأن إبني الحسن العسكري امتنع عن زيارتكِ ، لأنكِ مشركة ؟!..

    المهم ، طلبتْ منها سيدتنا فاطمة " رضي الله عنها " الدخولَ إلى الإسلام ، فوافقت الجارية ، ونطقتْ الشهادتين ، ولذا أخبرتها الزهراء ، بأنها ستبعث بأبي محمد إليها قريبا " طبعا البعث هنا ، من قبَل السيدة فاطمة " ع " هو في الرؤيا ، وليس في الواقع ، فمليكة تريد منه أن يعاود زيارتها في منامها من جديد ، ولا أدري كيف ستبعث مولاتنا الزهراء بأبي محمد إليها ؟ " ..

    وفي الليلة التي تلتْ هذه الحوارية ، وإذا بحبيبها ، مقبلاً ، بحنو عاشقٍ ، لهِفٍ ، إليها ، لتبدأه قبل نطقه ( جفوتني يا حبيبي ، بعد أن أتلفت نفسي معالجة حبّكَ ) فقال ، مِلأ الدمع ، لها ( ما كان تأخري عنكِ ، إلا لشرككِ ، فقد أسلمتِ ، الآن ، وأنا زائركِ كلّ ليلة ، إلى أن يجمع الله شملنا ، في العيان ) .. وتكمل " العاشقة " حديث صبوتها ، قائلة ( فما قطع عني زيارته ، بعد ذلك ، إلى هذه الغاية ) ..

    ثمّ تخبرُ " بشرا " الراوي ، عملية أسرها ، من خلال " خطة ذكية " ومحكمة التفاصيل ، أخبرها بها ، وبضرورة تنفيذها ، حرفيا ، حبيبها الحسن العسكري " في الرؤيا بالطبع " ، ثم تقول ( ولقد سألني الشيخ الذي وقعتُ إليه في سهم الغنيمة ، عن إسمي ، فأنكرتُه ، وقلتُ نرجس ) ..

    ثمّ ، وبعد أن سردتْ له كل هذه التفاصيل ، يأتي بها " بشر " إلى دار الإمام الهادي ، في سامراء " وأيضا لا نرى هنا من أثر ، واقعيّ ، لمن " شغفها حبا " ، على أنّ منطق الأحداث ، يتطلب ، لهفة العاشقَينِ ، أحدُهما للآخر ، وعناقا يذيب جوى الإشتياق " فيقول لها الإمام الهادي ( إني أحببتُ أن أكرمك ، فما أحبُّ إليكِ ، عشرة آلآف دينار ، أم بشرى لك بشرف الأبد ؟ ، فأجابتْ : " بل البشرى بولد لي " ) ولا أدري كيف عرفت " مليكة / نرجس " أنّ شرف الأبد الذي يعنه الهادي هو " البشرى بولد لها " ؟ فقال لها الإمام ( أبشري بولد ، يملك الدنيا شرقا وغربا ، ويملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما مُلئت ظلما وجورا ) فقالت ( ممّن ؟ ) بالله عليكم ، أبعد كل هذه التفاصيل ، والمعاجز ، والخوارق ، والزيارات المتكررة ، والحب الذي ملأ شغاف القلب ، والخطوبة التي شهد عليها الجميع ، أبعدَ كل هذا ، يُطرَح من قبَل العاشقة ، سؤال كهذا ؟!..فأجابها الهادي ( ممّن خطبكِ رسول الله " ص " له ليلة كذا ، في شهر كذا ، من سنة كذا بالرومية ) فقالت : تعني الذي خطبوني إليه ( مِن المسيح ووصيّه ؟ ) فقال لها ( ممّن زوّجكِ المسيح ووصيّه ؟ ) قالت ( من إبنكَ أبي محمد عليه السلام ) فقال لها ( هل تعرفينه ؟ ) قالت ( وهل خلتْ ليلة لم يرني فيها ، منذ الليلة التي أسلمتُ فيها على يد سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها ) فقال مولانا الهادي ( يا كافور ، إدع أختي حكيمة ) فلمّا دخلتْ قال لها ( ها هيَ ) فاعتنقتها " حكيمة " وسُرّتْ بها كثيرا ، فقال لها أبو الحسن " ع " ( يا بنت رسول الله ؛ خذيها إلى منزلك ، وعلميها الفرائض والسنن ، فإنها زوجة أبي محمد ، وأمّ القائم ) ..

    وهكذا تنتهي " روايتنا " الأسطورية تلك ، هذه النهاية السعيدة ، لكن غير المكتملة ، فما زال ينقصها الحديث عن لقاء العاشقَين ، بعد فراق أضنى الفؤاد ، وسلبَ من العين الرّقاد ...

    وما دمنا في أجواء العشق والزواج ، فهنالك رواية أخرى يذكرها الشيخ " رحمه الله " عن زواج سيدنا العسكري " ع " :

    ( ورويَ أنّ بعض أخوات الحسن ، عليه السلام ، كانت له " ا " جارية ربّتها ، تسمّى نرجس ، فلمّا كبرتْ ، دخلَ أبو محمد ، فنظر إليها ، فقالت له " أراكَ ، يا سيدي ، تنظر إليها " فقال " إني ما نظرتُ إليها إلا تعجّبا .. أما إنّ المولود الكريم على الله تعالى يكون منها " ثمّ أمرها أن تستأذنَ أبا الحسن في دفعها إليه ، ففعلتْ ) ـ8ـ

    وهنا نحن أمام رواية تنسف الرواية السابقة نسفا ، وتذرها قاعا صفصفا ، فالجارية ، هنا ، هي طفلة " من الجواري " ربّتها لديها أخت سيدنا العسكري " رض " ولمّا كبرتْ رآها العسكريّ ، واستأذن أباه ، بأن يبعث له بها ، ليتزوّجها ، فالقائم المؤمول منها ...

    وعلى كل حال ، فهذه هي الروايتين ، اللتين ، يذكرهما المؤلف حول زواج الحسن العسكري ، وبشارة الولادة بـ " المهدي " ، أحببتُ فقط أن أشير إليهما ، وعذرا لأنهما أخذا كل هذا الحيّز ، فـ " الرواية الأولى " المعتمَدة لدى " الإثني عشرية " بشكل مذهل ، لا قيمة لها ، على الإطلاق ، لا من ناحية السند ، ولا من ناحية المتن ، للملاحظات التي أوردناها سابقا ، ولعدم إمكانية تصديقها لإستغراقها في الخيال ، والأجواء الخرافية ، وعالم الرؤى ، إضافة لتناقضاتها التي أشرنا لبعضها ، ولعدم وقوع معركة ما بين " الروم " والمسلمين في تلك الفترة الزمنية التي تتحدث عنها الرواية ، وحتى ـ على سبيل الإفتراض ـ لو سلّمنا بوقوعها ، فلمَ لم يحدّثنا التأريخ عن عملية البحث عن " إبنة قيصر " ملك الروم ، وهي مَن هي من الأهمية بالنسبة للـ " الملك " ؟ ..

    أمّا " الرواية الثانية " فهي أكثر عقلانية من الأولى ، ويمكن قبولها ، إن صحّتْ روايتها ، لكن الغريب ، في هذه الرواية ، هو أنّ الشيخ الطوسي ، يذكرها لنا هكذا ، دونما سند ، وبدون أن يذكر لنا ؛ مَن هو الذي روى له تلك الرواية ، علما أنّ المؤلف " رحمه الله " يفصله عن زمن " الحدث " أكثر من مائة عام ، وبالتالي ؛ فالرواية ، أيضا ، ساقطة عن الإعتبار ، ويُضرَب بها ، دونما أسفٍ ، عرض الجدار ...

    وفي الختام أودّ الإعتذار لمقام سيدي ومولاي وإمامي الحسن العسكري " صلوات الله وسلامه عليه " عمّا بدر من سخرية ، أثناء سرد " قصة العشق والزواج " التي ذكرها لنا الشيخ ، أو أثناء التعليق عليها ، وبالتأكيد ، فليس المقصود بتلك السخرية سيدنا العسكري " رحمنا الله به ، ولا حرمنا يوم القيامة شفاعة جده الحبيب المصطفى ، وشفاعته " ، إنما محلّ السخرية هوالرواية بشكل عام ، وما ورد فيها من إساءة لأهل البيت الأطهار " رض " ، دونما شعور من الرواي بتلك الإساءة ، بل بالعكس من ذلك ، فهو يظنّ ، أنه بمثل تلك الروايات " المختلقة " يُعلي من شأنهم ، ويبيّن للناس عظيم منزلتهم .. يا للحماقة ! ...

    ودعونا نُكمل باسم المولى العليّ القدير ، ما بدأناه ....



    ــــــــــــ

    1ـ الكتاب : 137

    2ـ الكتاب : 124 ـ 128

    3ـ الكتاب : 147
Working...
X
😀
🥰
🤢
😎
😡
👍
👎