إعـــــــلان

Collapse
No announcement yet.

مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

Collapse
X
 
  • Filter
  • الوقت
  • Show
Clear All
new posts
  • راية اليماني
    مشرف
    • 05-04-2013
    • 3021

    #16
    رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

    بداية خلق الله للإنسان



    الله سبحانه وتعالى بدأ خلْق آدم في السماء الأولى (سماء الأَنْفُس)، ولكنْ لكي يكون آدم وذريته مؤهّلين للنزول إلى الأرض والاتّصال بالأجساد، فلا بدّ من رفع الطّينة للسماء الأولى وخلْق نفس آدم (عليه السلام) وبقيّة الناس منها، فهذا أمرٌ ضروريّ حيث إنّ الروح بُثَّت في هذه الطينة المرفوعة وأصبحت هذه الطينة المرفوعة هي آلة اتصال الروح بالجسد، فالروح لا يمكن أن تمسّ الجسد لأنهما في -و من- عالمين مختلفين وبينهما عوالم، فكان لا بدّ من وجود آلةٍ لها وجود في كل مراتب التدرّج والعوالم بين السماء الجسمانية والسماء الأولى وعندما يُرفع الجسم يكون له هذه المراتب فله أن يتحرك ضمن حدودها.



    وهكذا، فالطينة التي رُفعت (وهي تمثّل كل ما في الأرض) أصبح لها هذا المجال في الحركة بين عالمي الأجسام والأرواح، أو لِنَقُل: بين عالم الأجسام عند بداية السماء الأولى وصولاً للتَّماسّ بالسماء الثانية، أو لِنَقُل: عالم الأرواح عند بداية السماء الثانية (سماء الروح، والجنة الملكوتية).

    أيضاً : كانت بداية خلق آدم من طين الأرض ومائها لتحمل نَفْسَه التي ستُخلق في السماء الأولى ما في الأرض من قوةٍ وشهوةٍ تؤهله للتكاثر وللعيش في كل بقعة على الأرض وتؤهله ليهيمن على الأرض، فأخذت الملائكة بأمر من الله سبحانه شيئاً من تراب وماء الأرض ورُفِع إلى السماء الأولى وصُبَّ منه جسم آدم اللطيف في السماء الأولى ووُضِع في الجنّة الدُنيوية، أيْ في نهاية السماء الأولى أي في باب السماء الملكوتية (السماء الثانية)، وهي أوْلى الجنان الملكوتية تمرّ عليه الملائكة.

    عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال : [كانت الملائكة تمرّ بآدم (عليه السلام) أيْ بصورته وهو مُلقى في الجنّة من طين فتقول: لأمر ما خلقت] (1). أي مُلقى في الجنة الموجودة في السماء الأولى، قال الباقر (عليه السلام) : [فخَلَق الله آدم فبقي مصوّرًا يمرّ به إبليس اللعين فيقول: لأمر ما خلقت] (2).



    (فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ) -طه:117-
    ثم إنّ الله سبحانه وتعالى لمّا تهيأت الأرض لاستقبال آدم (عليه السلام) خليفة الله، نفخ الله روح الإيمان في جسد آدم المثاليّ الموجود في السماء الأولى، فتكوّنت النَفْس الإنسانية الأوْلى كما في قوله تعالى : (فَإِذَا سَوَّيْتُه.... )، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُم) وهي في مرتبة عالم الأنفس أو السماء الأولى.



    ثم نَفَخ في آدم روح القدس كما في قوله تعالى: (....ُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي)، وقوله تعالى : (ثُمَّ صَوَّرْنَاكُم) أي صوّرناكم على صورة الله كما في التوراة: "26 وقال الله نعمل الإنسان على
    __________________
    1. المصدر (الراوندي-قصص الأنبياء ): ص41
    2. المصدر (القمي-تفسير القمي): ج1ص41.



    صورتنا كشبهنا (1). "27 فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه ذكرًا وانثى خلقهم" (2)، وفي الرواية: عن محمد بن مسلم، قال: [سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) عما يروون أن الله خلق آدم على صورته، فقال: صورة، مُحدَثَة، مخلوقة و اصطفاها الله واختارها على سائر الصور المختلفة، فأضافها إلى نفسه كما أضاف الكعبة إلى نفسه والروح إلى نفسه (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي)] (3).

    فأمر الله الملائكة بالسجود له كما في قوله تعالى: ( فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِين)، و قوله تعالى : (ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ)، فسجد من سجد و تكبر من تكبر فطرد.

    (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) (4).

    (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) (5).



    و من ثمّ إن الله سبحانه وتعالى خَلَق نفس حوّاء (عليها السلام) من نفس آدم (عليه السلام) (6)، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) (7) (8). عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال : [إن الله تعالى خلق آدم من الطين
    ________________
    1. العهد القديم- سفر التكوين- الأصحاح 26:1.
    2. العهد القديم- سفر التكوين- الأصحاح 27:1.
    3. المصدر (الكليني - الكافي ) : ج1ص134؛ و (الصدوق-التوحيد ): ص 103.
    4. القرآن الكريم-سورة الحجر- الآية : 29.
    5. القرآن الكريم -سورة الأعراف -الآية :11.
    6. لم يخلق الله نفس حواء باستقلال كما خلق نفس آدم (عليه السلام) وذلك ليكون بينهم مودّة ورحمة فتكون المودّة أو الحبّ والطاعة موجّه من حوّاء إلى آدم والرحمة موجّه من آدم إلى حواء "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " -الروم:21-
    7. القرآن الكريم -سورة النساء- الآية :1
    8. في مرتبةٍ أعلى يكون المُراد الروح الاولى روح محمد (صلى الله عليه وآله) ومنها خلقت مرتبة الروح التي دونها وهي روح علي و فاطمة (عليهما السلام).



    و خَلَقَ حوّاء من آدم] (1). و من ثمّ أخرج ذريتهما و امتحنهم جميعًا الامتحان الأول في عالم الذرّ (عالم الأنفُس). وكان الامتحان بسؤالٍ واحد: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)(2). والآية واضحة (وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِم) أي أنّه كان عالم أنفس، فالمتقدم في الامتحان و الفائز في السباق هو من يرى و يسمع أولاً ويجيب اولاً.
    ولمّا انتهى هذا الامتحان، شاءَ الله أن يتمّ ما كان في علمه من إنزال آدم (عليه السلام) إلى الأرض وامتحانه فيها، فحصل امتحان آدم (عليه السلام) في السماء الأولى (الجنة الدنيوية) وفشل في الامتحان كما كان مقدّرًا له (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ) (3). فأُنزِل إلى الأرض هو و أُمُّنا حواء صلوات الله عليهما و رزقنا الله شفاعتهما في الدنيا والآخرة.
    و النصّ القرآني واضحٌ أنّ آدم وحواء خُلقا وعاشا ابتداءً في الجنّة الموجودة في السماء الأولى، وهي جنّة دُنيوية ولكنها ليس في الأرض بل في السماء الأولى أو عالم الأنفُس :
    قال تعالى: (وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) (4).
    و قال تعالى: (وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)
    وقال تعالى: (فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى
    ____________________
    1. المصدر (الراوندي-قصص الأنبياء): ص42
    2. القرآن الكريم -سورة الأعراف - الآية: 172.
    3. القرآن الكريم -سورة طه-الآية : 121.
    4. الآية : 35- القرآن الكريم - سورة البقرة
    5. القرآن الكريم -سورة الأعراف - الآية : 19




    فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (1)
    فالآيات واضحة: أنّ آدم (عليه السلام) لم يكن أرضياً، ولم يُخلق في الأرض ابتداءً بل في الجنّة في السماء الأولى، وهي غير جنة الخلد (فلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى)، وهذه الجنة ليست كالأرض التي يمكن أن يجوع فيها الإنسان ويعرى ويعطش و يضْحى و تؤذيه الشمس و الظروف الجوية اذا لم يعمل و يجمع الثمار أو يزرع ويصيد أو يربي الحيوانات ويتّخذ احتياطاته لدفع الضرر، إذن هي شيءٌ آخر غير أرضيّ.
    ثمّ لننظر إلى حال آدم المميّز في هذه الآيات، وهل يتناسب مع حال الأرض والأجسام فيها، فجسم الإنسان الأرضيّ إذا لم يُغطِّ جزءًا منه باللباس سيكون مكشوفًا و أكيدًا يراه صاحبه و يراه غيره، ولو كان آدم يلبس لباسًا أرضيًا فإنّ هذا اللباس الأرضي لا يصبح معدومًا عندما يعصي الإنسان الله، فلو كان آدم وحواء في الأرض وكانا عاريين من البداية لانتبها إلى حالهما منذ البداية وليس عند المعصية، ولو كانا في الأرض ويلبسان ملابس فلا تختفي عنهما بمجرد المعصية.
    Last edited by راية اليماني; 17-02-2016, 11:09.

    Comment

    • راية اليماني
      مشرف
      • 05-04-2013
      • 3021

      #17
      رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

      بداية خلق الله للإنسان (2)


      إذَنْ، فالأمر ليس أرضياً والقصّة ليست أرضيّة، فالأمر كما يذكره الله في القرآن لا يتناسب مع حال الأرض ومن فيها ابدًا، بينما لو كان آدم وحوّاء عند المعصية في الجنّة الدنيوية في السماء الأولى فمن الطبيعي أن تبدو لهما سوءاتهما عندما يعصيان وليس قبل ذلك، لأنّ اللباس الذي يستر العورة هناك هو لباس التقوى وهو لباس تَلبَسه النفس كنتيجةٍ طبيعية لطاعة الله ومخالفة الهوى والشيطان، ولباسُ التقوى أهمّ و أفضل من لباس الجسد؛ لأنّ الله ينظر لنفس وروح الإنسان وما تلبس وليس إلى جسد الإنسان وما يغطّيه (يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (2).



      وعند المعصية يُنزع هذا اللباس وتنكشف عورة الإنسان أمام ربه (3)، أي أن آدم وحواء
      _________________

      1. القرآن الكريم -سورة طه- الآيات: 117-121
      2. القرآن الكريم - سورة الاعراف- الاية: 26.
      3. أي انسان وليس آدم فقط، فتراه الملائكة عار من التقوى وتعرف أنه عاصي، لهذا اهتم آدم وحواء بما حصل


      (عليهما السلام) كانا يلبسان لباسًا منذ البداية في الجنّة، كانا يلبسان لباس التقوى ثم نُزع عنهما؛ فهما لم يكونا عاريَيْن في البداية وانكشف لهما حالهما الأوّلي، بل الذي انكشف لهما هو حالهما بعد المعصية ونَزْع لباس التقوى (يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) (1).


      فالآية واضحةٌ أنّ لباس آدم نُزع عنه بسبب معصيته (لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا)، وهذا اللباس عاد بالاستغفار (فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ).

      والآيات واضحةٌ أنّ هبوط آدم (عليه السلام) وحوّاء من الجنة الدنيوية في السماء الأولى إلى الأرض لا يمكن أن يُقال إنّه هبوطٌ من جنّةٍ في هذه الأرض إلى الأرض (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، فهو هبوطٌ من السماء الأولى إلى السماء الجسمانية و إلى الأرض بالخصوص، والإمام الصادق (عليه السلام) بَيَّن أنّ آدم طلب أن يرجع إلى الجنّة التي كان فيها وقد أجابه الله، وهذا يبيّن بوضوحٍ أنّها جنةٌ سيدخلها بعد انفصال نفسه -بالموت- عن هذا الجسد مرّةً أخرى ويعود كما كان سابقاً.



      عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: [لمّا طاف آدم (عليه السلام) بالبيت مائة عام ما ينظر إلى حوّاء، ولقد بكى على الجنّة حتّى صار على خدّيه مثل النّهرين العجاجين العظيمين من الدّموع، ثمّ أتاه جبرئيل (عليه السّلام) فقال : حيّاك الله وبيّاك، فلمّا أن قال: "حيّاك الله" تبلّج وجهه فرحًا و علم انّ الله قد رضي عنه، ولمّا قال : وبيّاك ، ضحك ـ ومعنى بيّاك : أضحكك ـ قال : ولقد قام على باب الكعبة وثيابُه جلود الإبل والبقر، فقال : ألّلهم أقلني عثرتي وأعدني إلى الدّار الّتي أخرجتني منها، فقال الله جلّ ثناؤه : قد أقلتك عثرتك و غفرت لك ذنبك
      ___________________

      فهو على أقل تقدير أمرٌ مخجل أن يصدر من آدم معلم الملائكة، ولهذا أخذ يستغفر ليُرجع له لباس التقوى "فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّة".
      1. القرآن الكريم- سورة الأعراف - الآية : 27.



      وسأعيدك إلى الدّار الّتي أخرجتك منها] (1).
      هذه قصة خلق آدم (عليه السلام) من الطين المرفوع إلى السماء الأولى ونفخ الروح فيه، فآدم خُلق في الجنّة الدنيوية الموجودة في السماء الأولى (2)، فنحن سماويون وقد خُلقت أنفسنا من الروح المنفوخ في الطين المرفوع لكي يتمّ امتحاننا في هذه الأرض، وتتمكّن الأنفس من التواصل مع الأجسام الأرضية التي ستكون حَيِّز امتحانها في هذا العالم الجسمانيّ المادي.

      _________________
      1. المصدر (الصدوق-معاني الأخبار) : ص269
      2. السماء الدنيا تتكون من جزئين أو مرتبتين وهما؛ السماء الجسمانية: وهي هذه السماء المادية الجسمانية التي فيها المجرات و الشموس والأقمار والأرض التي نعيش فيها، والسماء الأولى : وهي سماء الأنفس، وفيها خلق آدم، وفيها الجنة الدنيوية التي وضع فيها آدم وحواء اول خلقهما قبل أن ينزلا إلى الأرض بعد المعصية، و السماء الأولى هي نفسها سماء عالم الذر.



      وهم الإلحاد 143- 149

      Comment

      • almawood24
        يماني
        • 04-01-2010
        • 2174

        #18
        رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

        جزاكم الله الف خير ونصر بكم دينه على هذه التحف الغاليه التي لاتقدر بثمن والله
        حقيقه ترتيب جميل للمواضيع
        استمرو بل الخير
        من اقوال الامام احمد الحسن عليه السلام في خطبة الغدير
        ولهذا أقول أيها الأحبة المؤمنون والمؤمنات كلكم اليوم تملكون الفطرة والاستعداد لتكونوا مثل محمد (ص) وعلي (ص) وآل محمد (ص) فلا تضيعوا حظكم، واحذروا فكلكم تحملون النكتة السوداء التي يمكن أن ترديكم وتجعلكم أسوء من إبليس لعنه الله إمام المتكبرين على خلفاء الله في أرضه، أسأل الله أن يتفضل عليكم بخير الآخرة والدنيا.

        Comment

        • راية اليماني
          مشرف
          • 05-04-2013
          • 3021

          #19
          رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

          المشاركة الأصلية كتبت بواسطة almawood24 مشاهدة المشاركة
          جزاكم الله الف خير ونصر بكم دينه على هذه التحف الغاليه التي لاتقدر بثمن والله
          حقيقه ترتيب جميل للمواضيع
          استمرو بل الخير

          { وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }

          Comment

          • راية اليماني
            مشرف
            • 05-04-2013
            • 3021

            #20
            رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)




            هََل هُناكَ مَنْ يُنصفْ آل محمّدٍ (عليهم السلام ) ؟


            لو كان هناك من يبحث عن الحق لَكفاهُ أخبار آل محمد قبل أكثر من ألف سنة عن هذه الحقيقة التي أثبتها العلم الحديث، و مخالفتهم للباطل المهيمن في زمنهم و الذي يقول؛ إنَّ البشرية من نتاج زواج اخوةٍ و أخوات (زنا المحارم)، ففي حين أنَّ بقية طوائف المسلمين يقولون بأن البشرية نتاج زواج اخوةٍ و أخوات نجد آل محمد يبينون بوضوح أن هذا غير صحيح وأنَّ اِبْنَيْ آدمَ (عليه السلام) تزوجا نساءً لا تربطهم بهما درجة قرابةٍ تحرم الزواج.


            روى الشيخ الصدوق في علل الشرائع -باب علة كيفية بدء النسل:
            [حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس و محمد بن يحيى العطّار جميعاً قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن أحمد بن إبراهيم بن عمار قال: حدثنا ابن نويه عن زُرارة قال : سُئِل أبو عبد الله (عليه السلام) كيف بدأ النسل من ذرية آدم (عليه السلام) فانَّ عندنا اُناساً يقولون : اِنَّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم (عليه السلام): ان يُزوّج بناتَهُ بنيه، وانَّ هذه الخَلْق كلّه أصله من الاخوة والاخوات؟
            قال أبو عبد الله الامام الصادق (عليه السلام) : تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً يقول من قال هذا اِنَّ الله عز وجل جعل أصل صفوة خلْقِه وأحبائه وانبيائه ورسله و حججه والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من حَرام ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم من الحلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال الطهر الطاهر الطيب، واللهِ لقد نُبئت أنَّ بعض البهائم تنكَّرت له اخته فلمّا نزا عليها ونزَل كُشف له عنها وعلم أنها اخته اخرج غَرموله ثم قبض عليه بأسنانه حتى قلعه ثم خرّ ميّتا.
            قال زُرارة: ثم سُئل عن خلق حواء و قيل له: إنَّ أُناسا عندنا يقولون إنَّ الله عز وجل خلق حوّاء من ضِلْعِ آدم (عليه السلام) الأيسر الأقصى؟
            قال (عليه السلام) : سبحان الله و تعالى عن ذلك كبيرًا ، أَ يَقول منْ يقول هذا إنَّ الله تبارك و تعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم (عليه السلام) زوجتَه من ضعله ، و جعل لمتكلمٍ من أهل التشنيع سبيلاً إلى الكلام ، يقول
            انَّ آدم كان ينكح بعضه بعضًا إذا كانت من ضلعه ما لهؤلاء حكم الله بيننا و بينهم ، ثم قال: اِنَّ الله تبارك و تعالى لما خلق آدم (عليه السلام) من الطين و أمر الملائكة فسجدوا له ألقى عليه السُبات ثم أبتدع له خلقًا ثم جعلها في موضع النُقرة التي بين وركيه و ذلك لكي تكون المرأة تبعًا للرجل ، فاقبلت تتحرك فانتبه لتحرُكِها فلما انتبه نوديت انْ تَنَحِّي عنه، فلما نظر اليها نظر الى خلقٍ حسنْ تشبه صورته غير أنها أنثى فكلمها فكلمته بلغته ، فقال لها: من أنتِ؟ فقالت: خلقٌ خلقني الله كما ترى ، فقال آدم (عليه السلام) عند ذلك: يا ربِّ من هذا الخلْق الحسن الذي قد آنسني قربُه و النظر اليه؟ فقال الله : هذه أَمَتي حواء أ فتُحِبُّ ان تكون معك فتُؤْنسك و تُحدِّثك و تأتمرُ لامرِك، قال : نعم يا رب و لك بذلك الحمد و الشكر ما بقيت ، فقال الله تبارك و تعالى: فاخطِبها إليّ فاِنها أَمَتي و قد تصلح أيضا للشهوة و القى الله عليه الشهوة و قد علمه قبل ذلك المعرفة ، فقال : يا رب فاني أخطبها إليك فما رضاك لذلك ؟ فقال: رضائي ان تعلمها معالم ديني ، فقال: ذلك لك يا رب ان شئت ذلك ، قال : قد شئت ذلك و قد زوجتُكَها فضُمها إليك ، فقال : أقبلي ، فقالت: بل أنت فاقبل إلي ، فامر الله عز و جل آدم ان يقوم إليها فقام و لولا ذلك لكان النساء هنّ يذهبن إلى الرجال حتى خطبنَ على أنفسهن ، فهذه قصة حواء )] (1)
            . المصدر (الصدوق-علل الشرائع) : ج1ص17-18 .


            وروى ايضًا: [ عن أبي رحمه الله قال حدّّثنا محمد بن يحيى العطار عن الحسين بن الحسن بن اَبان ، عن محمد بن أورمة ، عن النوفلي ، عن على بن داود اليعقوبي عن الحسن بن مقاتل ، عمّن سمع زرارةَ يقول: سُئل أبو عبد الله عليه السلام عن بدء النسل من آدم (عليه السلام) كيف كان، و عن بدء النسل من ذرية آدم (عليه السلام) فان أناسًا عندنا يقولون : اِنَّ الله عز و جل أوحى إلى آدم (عليه السلام) ان يزوج بناته ببنيه و ان هذا الخلق كُلّه أصله من الاخوة و الاخوات ؟
            فقال أبو عبد الله عليه السلام : تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، يقول من قال هذا بانّ الله عز و جل خلق صفوة خلقه و أحبائه و أنبيائه و رسله و المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات من حرام و لم يكن له من القدرة ما يخلقهم من حلال و قد أخذ ميثاقهم على الحلال الطهر الطاهر الطيب ، فوالله لقد تبيّنتُ انّ بعض البهائم تنكّرت له أخته فلما نزا عليها و نزل كُشف له عنها فلما علم أنها أخته أخرج غرموله ثم قبض عليه بأسنانه حتى قطعه فخرّ ميتًا ، و آخر تنكرت له أمه ففعل هذا بعينه فكيف الانسان في أنسيته و فضله و علمه! غير ان جيلا من هذا الخلق الذي ترون رغبوا عن علم أهل بيوتات أنبيائهم و أخذوا من حيث لم يُؤمروا بأخذه فصاروا إلى ما قد ترون من الضلال و الجهل بالعلم ، كيف كانت الاشياء الماضية من بدء انْ خلق الله ما خلق و ما هو كائنٌ ابدًا.
            ثم قال: ويحَ هؤلاء أين هم عمّا لم يختلف فيه فقهاء أهل الحجاز و لا فقهاء أهل العراق انّ الله عز و جل أمر القلم فجرى على اللوح المحفوظ بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة قبل خلق آدم (عليه السلام) بالفى عام و انّ كُتُب الله كلها فيما جرى فيه القلم في كُلها تحريم الاخوات على الاخوة مع ما حَرّم. و هذا نحن قد نرى منها هذه الكتب الاربعة المشهورة في هذا العالم التوراة و الانجيل و الزبور و الفرقان أنزلها الله عن اللوح المحفوظ على رسله صلوات الله عليهم أجمعين منها التوراة على موسى ( عليه السلام ) و الزبور على داود ( عليه السلام ) و الانجيل على عيسى ( عليه السلام ) و القرآن على محمد صلى الله عليه و آله و على النبيين عليهم السلام ، و ليس فيها تحليل شيءٍ من ذلك ، حقًا أقول: ما أراد من يقول هذا و شبَهَه إلا تقوية حجج المجوس، فما لهم قاتلهم الله]. (1)
            1 . المصدر (الصدوق-علل الشرائع) : ج1ص17-18

            وهم الالحاد ص 186- 184.

            Comment

            • راية اليماني
              مشرف
              • 05-04-2013
              • 3021

              #21
              رد: مقتطفات من كتاب وهم الإلحاد للإمام أحمد الحسن (ع)

              التاريخ الاُحفوري للإنسان :


              يتصوّر كثيرٌ من الّذين يرفضون نظرية التطور أنّ السّجل الاحفوري يسجّل تطوّر الإنسان عن القردة العليا المعروفة لنا الآن أو عن الاُرونجوتان أو الشمبانزي بالخصوص، في حين أن فرع تطور بقية القردة العليا الحالية منفصل عن فرع تطور الإنسان منذ ملايين السنين، و الاُرونجوتان منفصل عن الإنسان منذ أمدٍ أبعد من الشمبانزي الذي يُعتبر أقرب للإنسان، ومع هذا فهو منفصل عن الإنسان منذ ملايين السنين أيضاً، فيُسجّل التاريخ الاحفوري كائناً يعود إلى (4.4) مليون سنةٍ تقريباً، و اسمه العلمي (آرديبيثيكوس)، و مختصره (آردي)، كان يسير منتصبًا على قدمين في غابات أفريقيا و أنيابه صغيرة كأنياب الإنسان و ليس كأنياب الشمبانزي، و هو علميًا الآن في ضمن شجرة تطور الإنسان، أيْ باختصار أنَّ السجل الاحفوري يسجل سلسلةً منتصبةً على قدمين مثل الإنسان الحالي تمتد من الآن إلى ما قبل 4.4 مليون سنةٍ بل وربما حتى قبل هذا، فتاريخ انفصال الإنسان عن بقية القردة العليا يصل لما يقارب سبعةَ ملايين سنة، وهناك كثير من الاُحفوريات تعود لملايين السنين تؤكد وجود أشباه الانسان، وكَون الإنسان الحديث وإنسان النياندرتال تطور عن إحداها، ومن هذه الاحفوريات التي تعود إلى أكثر من ثلاثةِ ملايين سنة، لوسي و إنسان كينيا.



              والتاريخُ الاُحفوريّ الذي يخصّ الإنسان يُسجّل بداية أشباه الإنسان أو الإنسان ذو الجسم المنتصب (الهومو إركتس) بتاريخٍ يعود إلى الوراء (2) مليون سنةٍ تقريباً، و الهومو إركتس في الأغلب تمكّن من استخدام النار والأدوات البسيطة كالفؤوس الحجرية، ولديه حياةٌ اجتماعية، فقد سجّل التاريخ الاُحفوريّ في جورجيا في القوقاز بقاء عجوزٍ من الهومو إركتس حيًّا لسنتين بعد سقوط أسنانه، وهذا ربما يعني أنهم كانوا يطعمونه -أو يعِدّون له الطعام - أيْ أنَّ هذا يُرجّح ربما إلى أنّ لدى الهومو إركتس الذين هاجروا من أفريقيا حياةً اجتماعية ولو بسيطة


              ويسجّل التاريخ الاحفوري أيضاً نشوء فرع عن الهومو إركتس وهو هومو هايدلبيرغ قبل حوالي (600-800) ألف سنة، وهذا الإنسان أو (أشباه الإنسان) قد تمكّن من صناعة الرمح و صيد فرائس كبيرة، وكان يملك دماغًا كبير الحجم، وهاجر هذا الأخير من أفريقيا وتطور إلى إنسان النياندرتال الذي انتشر في أوربا و بقي إلى أن انقرض قبل (42) ألف عامٍ تقريباً.
              كما و تسجّل الاُحفوريات ظهور الإنسان العاقل (الهومو سابينس) قبل (200) ألف سنةٍ تقريباً منشقًا عن الهومو إركتس أو إنسان هايدلبيرغ، ثمّ تكامل الهومو سابينس إلى شكله النهائي الحالي قبل (100) ألف عامٍ تقريباً.


              ثمّ يسجّل علم الآثار بتَتبّع الأدوات ظهور المهارات لدى الهومو سابينس وهجرته بحدود (70) الف سنةٍ تقريباً، وهذه الهجرة كانت هجرةً ناجحة أدت إلى انتشار البشر في كل الأرض، وقد كانت هجرة مجموعة صغيرة (مُنتقاة) عن طريق باب المندب في البحر الأحمر من أفريقيا إلى الجزيرة العربية، وكانت في تلك الفترة المياه منحسرة، فتمكّنت مجموعة من العبور، وأخذت هذه المجموعة المُنتخبة (1) من هومو سابينس أفريقيا تتقدّم في جنوب شبه الجزيرة العربية؛ لوجود ينابيع المياه على الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة (2) في ذلك الوقت حيث كانت مكشوفةً قبل أنْ تغطيها مياه البحر نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر، وهذه الينابيع ساعدتهم على تجنّب صحراء الجزيرة، وتمكنوا من أن يقطعوا الجزيرة العربية على الخط الساحلي مروراً باليمن وعمان الحاليين حتى وصلوا إلى منطقة الخليج المُغطّاة بالمياه حالياً، وهي لم تكن مُغطّاة بالماء المالح بعدُ في تلك الفترة بل كانت واديًا دافئًا (3) تجري فيه الأنهار التي تدخله من الشمال (أي من جنوب العراق الحالي و جنوب غرب ايران الحالي)، وكان الوادي (الخليج الحالي) مكاناً مناسباً جدًا للعيش فيه، فهو مليئٌ بالأنهار و البحيرات والأهوار و الغابات ودافئ، وهذا أمرٌ مهمٌ جداً في تلك الفترة، حيث مرّت الأرض بفترة صقيع و بردٍ قاسية مع نهاية العصر الجليدي الأخير، فكان هذا الوادي مكاناً مثالياً لنموّ البشر الأوائل، مكان مليئ بالمياه العذبة والثمار والغذاء،




              ويمكن أن نقول: إِنه أفضل مكان لنمو الإنسان العاقل في تلك الفترة، وهنا تكاثرت أعدادهم، وهاجر بعضهم إلى بقية أنحاء العالم، وبقيت مجموعةٌ في هذا الوادي حتى تاريخ فيضان هذا الوادي عندما تسببت مياه البحر بملئه، ويُقدّر تاريخ ملء الخليج بالماء (4) علمياً بين (8-15)

              ____________________________________
              1. مسألة الهجرة يمكن للعلم أن يقطع بها؛ لوجود أدلةٍ كثيرةٍ عليها، ولكن ما لا يمكن تفسيره بدقة هو تمكُّن هؤلاء من عبور باب المندب، فحتى لو كان الماء منحسرًا فستكون هناك بضعة كيلومترات من مياه البحر لا بُدَّ من اجتيازها، وهذا يضع عِدّة تساؤلات يصعب الإجابة عليها دون القول إنّ عملية العبور حصلت بصورةٍ غير طبيعية، فكيف تمكنوا من السباحة لعدّة كيلومترات وهم لا يملكون أيّ تقنية او أداة للطفو و التحرك باتجاه محدد؟! لماذا عبر هؤلاء، وما الذي اضطرهم لهذه المجازفة والعبور إلى المجهول؟! لماذا لم يحصل عبور أعدادٍ كبيرة لو كان الأمر متيسرًا أو سهلا أو حتى فيه فائدةٌ كبيرة مغرية للغريزة الحيوانية للجميع؟! فلا يمكن إذَنْ أن نتصور هذا العبور على أنه عبثيّ وليس فيه أيّ انتقائية أو اصطفاء، وإذا لم نَقُل إِنه اصطفاءٌ غيبي هيّأَ ظروف العبور الملائمة لهذه المجموعة المصطفاة، فعلى الأقل هو اصطفاءٌ طبيعي بحسب نظرية التطور، فالعابرون من باب المندب هم مجموعة متميزة عن الآخرين، وأقل ما يميزها هو قدرتها على عبور عدّة كيلومترات من ماء البحر دون الآخرين.
              2. فديو لتوضيح وجود ينابيع المياه العذبة:
              قناة فيديو كتاب وهم الإلحاد (04/09/2013). رحلة الإنسان من أفريقيا دكتورة اليس روبرتس. متاح على : http://www.youtube.com/watch?v=1QEzv5OE5nA


              3. والدفء كان يعني الكثير خصوصاً في العصر الجليدي الذي مرّت به الأرض وانتهى قبل 10 آلاف عام تقريباً، كان دفء هذا الوادي وتوفّر الغذاء فيه كفيل بنمو أعداد الهومو سابينس فيه وانتشارهم منه بعد ذلك إلى كل أنحاء الأرض.
              4. أي في نهاية العصر الجليدي تقريباً، حيث ذابت الثلوج وارتفع مستوى سطح البحر.



              آلاف سنةٍ قبل الميلاد وبعد الفيضان، فإنَّ المجموعة المُنْتَقَاة أو الناجين من الفيضان انتقلوا إلى أعلى جنوب العراق الحالي و جنوب إيران الحالي مُتَتَبّعين الأنهار التي كانت تجري إلى واديهم الخصب الذي أصبح خليجًا تُغطّيه المياه المالحة (1).

              وبعد هذا الفيضان فإنّ أجزاءً من اقصى جنوب العراق الحالي غطّتها المياه المالحة، وعانت آلاف السنين من هذا الفيضان حتى تمكنت المياه العذبة و فياضانات الأنهار من غسلها من الملوحة وردمها بالتسربات التي تسببت بتكوين أراضي صالحة للزراعة و مُتاخمة للأهوار المليئة بالأسماك، وهذا كان يدفع السكان للزحف باتجاه الخليج مرةً أُخرى واستيطان الأراضي التي تُكشَف او التي تُطمَر بعد الفيضان، وهذا الأمر استمرّ آلاف السنين.
              وعموماً، يمكننا اعتبار سكان هذا الوادي (الخليج الحالي) أصحاب أول حضارةٍ إنسانيةٍ على وجه الأرض، وهم من بدأوا بتكوين القرى السومرية أو الآكادية التي وصلتنا، ولهذا يمكن أن نقول عنهم: إِنهم السومريون الأوائل ، أو هم اولئك الأجداد الذين نقرأ للسومريين كتاباتهم في الرُقَم الطينية وهم يفتخرون بهم وبحضارتهم وقيمهم الأخلاقية العليا.



              وأيضاً هؤلاء السومريون الأوائل أو لِنَقُلْ سلف السومريين انتشروا إلى باقي الأرض، فَهُم انتقلوا إلى مصر وبنوا اُسس الحضارة المصرية القديمة التي سبقت الحضارة المصرية التي وصلتنا، وبحسب الدراسات الجينية الأخيرة فإنّ كلّ إنسان على الأرض الآن إذا لم يكن من الذين بقوا في أفريقيا فهو يعود في أصوله إلى هذه المجموعة الصغيرة المُنْتَقاة التي هاجرت من أفريقيا إلى جنوب الجزيرة العربية (اليمن و عمان و الإمارات الحالية)، ثمّ إلى الحوض الخصب (الخليج حالياً) و إلى العالم، ثمّ إلى جنوب العراق ثمّ منه أيضاً إلى العالم، ولم تساعد الظروف الطبيعية اللاحقة في أفريقيا الكثرة الباقين فيها كما ساعدت القلّة الذين هاجروها، وبهذا فقد تكاثرت المجموعة المُنتقاة وبشكلٍ كبير و ملأوا الأرض (2) ، حتى وصل الأمر إلى أن يهاجروا هجرةً

              ____________________________
              1. فمن غير المعقول مثلاً أن يتجهوا للصحراء وهم يعرفون المنطقة وأنَّ مصدر المياه العذبة هو شمال منطقة الوادي الخصب أو الخليج حالياً.
              2. جديرٌ بالذكر أن الصينيين يعتقدون أنهم من جنس يختلف عن بقية البشر، حيث يعتقد الصينيون أنهم يرجعون إلى الهومو إركتس الذي هاجر من افريقيا منذ وقت مبكراً وهذه النظرية تُدَرّس في الصين بناءً على بعض الاحفوريات التي وُجدت هناك ولكنْ مؤخراً أجرى البروفسور (جِنْ لي) وهو من كبار علماء الوراثة الصينيين بحثاً علمياً حيث أخذ الحمض النووي لأكثر من 160 عرقٍ من شرق آسيا، وقال إنه لم يجد أيّ واحدٍ من آلاف العينات التي اخذها يمكن ان يُعتبر من نسل الهومو إركتس القديم، بل صرّح لقناة (BBC) أنّ كل شخص في الصين وفي شرق آسيا يعود إلى المجموعة الأفريقية المهاجرة من الهومو سابينس المنحدرة من الهومو إركتس، وقال رغم أنّه صيني وكان يدرِّس أنهم الصينيين يختلفون و من جنسٍ مختلف وكان يتمنى أن يجد شيئاً مختلفاً، ولكنَّ النتائج والأدلة العلمية التي وصل لها واضحة تمام الوضوح أنّ الإنسان في كل أصقاع الأرض ليسوا مختلفين، وأننا جميعاً أقارب، فلا بد أن نكون كلنا سعيدين. البحث منشور في مجلة أخبار العلوم الأمريكية sciencenews، الإصدار 154، العدد 14 في 3 اوكتوبر 1998، تحت عنوان : (Asian DNA Enters Human Origin Fray).
              Http://www.sciencenews.org/pages/sn_arc98/10_3_98/fob1.htm
              قناة فيديو كتاب وهم الإلحاد (10/09/2013). البروفسور جن لي جميع الصينيين أصلهم من أفريقيا. متاح على:
              http://www.youtube.com/watch?v=1BNyZR6ohtQ




              عكسية من الوادي الخصب وجنوب العراق إلى شمال أفريقيا، فسكّان شمال أفريقيا - من مصر حتى المغرب العربي بل حتى السودان - هم مهاجرون من الوادي ومن جنوب العراق القديم بحسب بعض البحوث الجينية، وبهذا فقد حصلت الغَلَبة و الهيمنة للمجموعة المُنتقاة (المُنتخَبة)، ونجت من ظروف أفريقيا أولاً ومن غرق الخليج ثانياً وعادت واستعمرت شمال أفريقيا أخيراً.
              وبحسب السجلّ الاحفوري فقد واجه و عاصر الإنسان الحديث (الهومو سابينس) بعد هجرته باتجاه أوربا ولمدة (15) ألف سنة تقريباً إنساناً آخر هو إنسان النياندرتال، والذي كان قد سبقه للظهور من نفس سَلَفه الهومو إركتس أو الهايدلبيرغ في أفريقيا كما بيَّنا سابقاً، ولكنَّ هجرة الهومو إركتس من أفريقيا كانت من الشمال وقد وصل إلى اقصى آسيا ، ووُجدت بقايا أشباه الإنسان المتطورين عن الهومو إركتس حتى في إندونيسيا و الصين، وكان النياندرتال المتطور عن الهايدلبيرغ يستخدم النار و يدفن موتاه أحياناً، ثم انقرض النياندرتال قبل (24) ألف سنة تقريباً ليبقى فقط الإنسان العاقل الحديث منفرداً بالأرض.


              وهم الإلحاد 113-118
              Last edited by راية اليماني; 28-04-2016, 22:05.

              Comment

              Working...
              X
              😀
              🥰
              🤢
              😎
              😡
              👍
              👎